مستر .سعد الحجرى
08-03-2010, 11:21 PM
حفظ الوقت واستثماره
دخل رجل ٌعلى أحد الخلفاء فقال : يا أمير المؤمنين أنا رجل لدي حرفة ومهارة أريد أن تطلع عليها .
قال : نعم تفضل .
فقام الرجل وأخرج كيـساً فيه إبر فغرز 100 إبـرة في الأرض ، ثم أمسك إبـرة في يـده ورمـاهـا في الإبرة الإولى فدخلت في ثُقْبِ الإبرة ، ثم رماها في الثانيــة فدخلت والثالثــة والرابعــة ، إلى أن أدخلها في جميع فتحات الإبر !
وعندما انتهى التفت الى الخليفة مبتسماً وهو يرتقب جائزته السَنِيَّـة .
فقال الخليفة : أعطوه 100 دينار لمهارته ، وأجلدوه 100 جلدة لأنه أضاع وقته وجهده في علم لا ينفع !
إنَّ الحرص على الأوقات ودفعها نحو الإتجاه السليم دليلاً على رجاحة العقل والشعور بقدر الذات ، ومما لاشك فيه أن تبديدها في ما لا طائل وراءه كتحصيل العلوم الغير نافعة يُعدُّ من الحرمان والخذلان ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله : ( من علم لا ينفع ) ، كما أنَّ تضييع العمر بلا هدف يُعدٌّ من السفه وقلة العقل ، وقد ظهرت في أعوامنا هذه مقولات باردة ، تثبط الهمم وتُشعر بالأسى على الحال التي وصلنا إليها كمقولة : قم بنا لنضيع الوقت هنا وهناك !
والوقتُ أولى ما عُنيتَ بحفظهِ ... وأراه أهْوَن ما عليكَ يضيعُ
ألا يعلم صاحب هذه المقولة أنَّ هناك مَـن يعد الوقت الزائد في يومه ثروة لا تقارن بثروة ، فإذا كان الإنسان لديه استفاضة في الوقت وليس يمنعه في استثماره مانع فهو من أهل النعم الذين جاء الحديث بذكرهم .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس ، الصحة والفراغ ) .
وقد أقسم الله تعالى بالعصر وهو الدهر ولا يقسم جل في علاه إلا بعظيم
ومما رويَ عن ابن مسعود رضيَ الله عنه قولــه : إني لأمقت الرجل أن أراه فارغاً ليس في شيء من أمر الدنيا ولا الآخرة .
وقال الحسن البصري : يا ابن آدم إنما أنت أيام إذا مضى يوم مضى بعضك .
وقال أيضاً : أدركت أقواماً كانوا على أوقاتهم أشد منكم حرصاً على دراهمكم ودنانيركم .
وقال شوقي :
دقاتُ قلبِ المَرء قائلةٌ لهُ ... إنَّ الحياةَ دقائقٌ وثواني
وإذا تأملنا مدى حرص عقلاء الناس على أوقاتهم لرأينا عجباً ، فهذا ابن عقيل يختار أكل الكعك على أكل الخبز لما بينهما من تفاوت في المضغ ولا يستغرب على من مثله أن تكون محافظته على وقته الى هذا الحد ، فقد ذُكر أن أحد مصنفاته كتاب الفنون ويقع في 600 مجلد !!
هذا كتاب واحد فقط من كتبه وهو من الكتب التي أغرقها التتار في النهر عند سقوط بغداد .
ومما ذُكر عن ابن النفيس الطبيب أنه إذا أراد التصنيف توضع له أقلام مبرية ويدير وجهه الى الحائط ويأخذ في الكتابة إملاءً من خاطره فيصبح كأنه السيل إذا تدفق ، فإذا احتاج القلم الى بري رماه وتناول قلما من الأقلام المبرية وكتب ، كل هذا لئلا يضيع عليه الوقت في بري القلم !
فحريّ بالعاقل أن يتجنب ما يؤدي إلى تضييع سنين عمره بلا فائدة مرجوة ، والأسباب المؤدية لذلك كثيرة ومنها ما ذكره ابن الجوزي ( بتصرف يسير ) :
1 - طول الأمل : فالإنسان يعد نفسه بأنه سيعمل ، وقد قيل أن أكبر جنود إبليس :( سوف ) .
فالمبادرة أصل قويم في حفظ الوقت واستثماره الإستثمار السليم .
2 - تعجل الراحة : أي قصر النفس وانعدام الصبر على مكاره التعب والجهد .
3 - اللهو مع الشباب : أي تضييع سنين الفتوة والشباب التي تعدُّ أفضل المراحل للحفظ والجِدِّ بتحصيل العلوم النافعة .
والناظر الى سِيَر من نقشوا أسمائهم على جدار التاريخ سيجد أنهم مِمَن شُغفوا بالمحافظة على أوقاتهم من الضياع وصرفوها الى ما فيه نفع سواء كان عاجلاً أم آجل ، وقاموا بوضع جدولاً لأهدافهم وتمسكوا فيه حق التمسك ، وتخيلوا الساعة سبيكة ذهب وضنوا بالتفريط فيها ، والساعة بل الدقيقة لايستقلها إلا أحمق جاهل فإن للدقيقة قيمة كبيرة ومؤثرة ففيها على سبيل المثال تُوقَد شرارة الحروب ، وفيها تُعزل الملوك ، وفيها تُنتَهز الفرص الخاطفة التي تغير من حياة الإنسان ، وفيها مكالمة مهمة فاصلة تُقضى ، وفيها قراءة صفحة من كتاب الله ، وفيها حفظ حديث أو مراجعته ، وفيها تسبيح وتحميد وتهليل ، وفيها وفيها وفيها ... الخ .
فهؤلاء العقلاء تعلموا لغة الدقيقة وأنصتوا لحكمتها المأثورة : أنا لك مالم أمُر ، فقاموا بوضع كل دقيقة في مكانها المناسب على خريطة أعمارهم ، فجزء للعمل وجزء للنوم وجزء للمطالعة والتأمل وجزء لأداء العبادات وجزء للحقوق والواجبات الاجتماعية وجزء للفسحة واللهو المباح وهكذا .
جاء في كتاب ( إدارة الوقت ) من مطبوعـات كلية هارفـرد لإدارة الأعمــال :
( إن وضع جدول زمني محدد ومحاولتك الجادة للتمسك به هو سبيلك الأكثر فاعلية للوصول الى هدفك ) .
أجل فالجدول الزمني المحدد كفيل بتحقيق الأهداف التي قررت المضي للوصول إليها بعد توفيق الله تعالى ، فإنَّ هذا الجدول سيوفر عليك الوقت و يحفظه من التشتت والضياع وسيرسم لك صورة مستقرة في الذهن تتراءى لك مع كل خطوة في طريقك نحو طموحك .
دخل رجل ٌعلى أحد الخلفاء فقال : يا أمير المؤمنين أنا رجل لدي حرفة ومهارة أريد أن تطلع عليها .
قال : نعم تفضل .
فقام الرجل وأخرج كيـساً فيه إبر فغرز 100 إبـرة في الأرض ، ثم أمسك إبـرة في يـده ورمـاهـا في الإبرة الإولى فدخلت في ثُقْبِ الإبرة ، ثم رماها في الثانيــة فدخلت والثالثــة والرابعــة ، إلى أن أدخلها في جميع فتحات الإبر !
وعندما انتهى التفت الى الخليفة مبتسماً وهو يرتقب جائزته السَنِيَّـة .
فقال الخليفة : أعطوه 100 دينار لمهارته ، وأجلدوه 100 جلدة لأنه أضاع وقته وجهده في علم لا ينفع !
إنَّ الحرص على الأوقات ودفعها نحو الإتجاه السليم دليلاً على رجاحة العقل والشعور بقدر الذات ، ومما لاشك فيه أن تبديدها في ما لا طائل وراءه كتحصيل العلوم الغير نافعة يُعدُّ من الحرمان والخذلان ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله : ( من علم لا ينفع ) ، كما أنَّ تضييع العمر بلا هدف يُعدٌّ من السفه وقلة العقل ، وقد ظهرت في أعوامنا هذه مقولات باردة ، تثبط الهمم وتُشعر بالأسى على الحال التي وصلنا إليها كمقولة : قم بنا لنضيع الوقت هنا وهناك !
والوقتُ أولى ما عُنيتَ بحفظهِ ... وأراه أهْوَن ما عليكَ يضيعُ
ألا يعلم صاحب هذه المقولة أنَّ هناك مَـن يعد الوقت الزائد في يومه ثروة لا تقارن بثروة ، فإذا كان الإنسان لديه استفاضة في الوقت وليس يمنعه في استثماره مانع فهو من أهل النعم الذين جاء الحديث بذكرهم .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس ، الصحة والفراغ ) .
وقد أقسم الله تعالى بالعصر وهو الدهر ولا يقسم جل في علاه إلا بعظيم
ومما رويَ عن ابن مسعود رضيَ الله عنه قولــه : إني لأمقت الرجل أن أراه فارغاً ليس في شيء من أمر الدنيا ولا الآخرة .
وقال الحسن البصري : يا ابن آدم إنما أنت أيام إذا مضى يوم مضى بعضك .
وقال أيضاً : أدركت أقواماً كانوا على أوقاتهم أشد منكم حرصاً على دراهمكم ودنانيركم .
وقال شوقي :
دقاتُ قلبِ المَرء قائلةٌ لهُ ... إنَّ الحياةَ دقائقٌ وثواني
وإذا تأملنا مدى حرص عقلاء الناس على أوقاتهم لرأينا عجباً ، فهذا ابن عقيل يختار أكل الكعك على أكل الخبز لما بينهما من تفاوت في المضغ ولا يستغرب على من مثله أن تكون محافظته على وقته الى هذا الحد ، فقد ذُكر أن أحد مصنفاته كتاب الفنون ويقع في 600 مجلد !!
هذا كتاب واحد فقط من كتبه وهو من الكتب التي أغرقها التتار في النهر عند سقوط بغداد .
ومما ذُكر عن ابن النفيس الطبيب أنه إذا أراد التصنيف توضع له أقلام مبرية ويدير وجهه الى الحائط ويأخذ في الكتابة إملاءً من خاطره فيصبح كأنه السيل إذا تدفق ، فإذا احتاج القلم الى بري رماه وتناول قلما من الأقلام المبرية وكتب ، كل هذا لئلا يضيع عليه الوقت في بري القلم !
فحريّ بالعاقل أن يتجنب ما يؤدي إلى تضييع سنين عمره بلا فائدة مرجوة ، والأسباب المؤدية لذلك كثيرة ومنها ما ذكره ابن الجوزي ( بتصرف يسير ) :
1 - طول الأمل : فالإنسان يعد نفسه بأنه سيعمل ، وقد قيل أن أكبر جنود إبليس :( سوف ) .
فالمبادرة أصل قويم في حفظ الوقت واستثماره الإستثمار السليم .
2 - تعجل الراحة : أي قصر النفس وانعدام الصبر على مكاره التعب والجهد .
3 - اللهو مع الشباب : أي تضييع سنين الفتوة والشباب التي تعدُّ أفضل المراحل للحفظ والجِدِّ بتحصيل العلوم النافعة .
والناظر الى سِيَر من نقشوا أسمائهم على جدار التاريخ سيجد أنهم مِمَن شُغفوا بالمحافظة على أوقاتهم من الضياع وصرفوها الى ما فيه نفع سواء كان عاجلاً أم آجل ، وقاموا بوضع جدولاً لأهدافهم وتمسكوا فيه حق التمسك ، وتخيلوا الساعة سبيكة ذهب وضنوا بالتفريط فيها ، والساعة بل الدقيقة لايستقلها إلا أحمق جاهل فإن للدقيقة قيمة كبيرة ومؤثرة ففيها على سبيل المثال تُوقَد شرارة الحروب ، وفيها تُعزل الملوك ، وفيها تُنتَهز الفرص الخاطفة التي تغير من حياة الإنسان ، وفيها مكالمة مهمة فاصلة تُقضى ، وفيها قراءة صفحة من كتاب الله ، وفيها حفظ حديث أو مراجعته ، وفيها تسبيح وتحميد وتهليل ، وفيها وفيها وفيها ... الخ .
فهؤلاء العقلاء تعلموا لغة الدقيقة وأنصتوا لحكمتها المأثورة : أنا لك مالم أمُر ، فقاموا بوضع كل دقيقة في مكانها المناسب على خريطة أعمارهم ، فجزء للعمل وجزء للنوم وجزء للمطالعة والتأمل وجزء لأداء العبادات وجزء للحقوق والواجبات الاجتماعية وجزء للفسحة واللهو المباح وهكذا .
جاء في كتاب ( إدارة الوقت ) من مطبوعـات كلية هارفـرد لإدارة الأعمــال :
( إن وضع جدول زمني محدد ومحاولتك الجادة للتمسك به هو سبيلك الأكثر فاعلية للوصول الى هدفك ) .
أجل فالجدول الزمني المحدد كفيل بتحقيق الأهداف التي قررت المضي للوصول إليها بعد توفيق الله تعالى ، فإنَّ هذا الجدول سيوفر عليك الوقت و يحفظه من التشتت والضياع وسيرسم لك صورة مستقرة في الذهن تتراءى لك مع كل خطوة في طريقك نحو طموحك .