مشاهدة النسخة كاملة : أهمية التنشئة الإسلامية


سمير عبد اللطيف
21-05-2010, 02:16 PM
عن ابن عباس، رضي الله عنهما، قال‏:‏ ‏"‏ كنت خلف النبي، صلى الله عليه وسلم، يوماً فقال‏:‏
‏"‏ يا غلام إني أعلمك كلمات‏:‏ ‏"‏احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم‏:‏ أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء، لم يضروك بشيء إلا بشيء قد كتبه الله عليك؛ رفعت الأقلام، وجفت الصحف‏"‏
‏(‏‏(‏رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح‏)‏‏)‏

اصطفى الله تعالى هذه الأمة من بين سائر الأمم ، ليكتب لها التمكين في الأرض وهذا المستوى الرفيع لا يتحقق إلا بوجود تربية إيمانية جادة تؤهلها لمواجهة الصعوبات التي قد تعتريها ، والأعاصير التي قد تحيق بها ، في سبيل نشر هذا الدين ، وإقامة شرع الله في الأرض .

ومن هذا المنطلق ، حرص النبي صلى الله عليه وسلم على غرس العقيدة في النفوس المؤمنة ، وأولى اهتماما خاصا للشباب ولا عجب في ذلك!
فهم اللبنات القوية والسواعد الفتية التي يعوّل عليها نصرة هذا الدين وتحمّل أعباء الدعوة .

وفي الحديث أعلاه مثال حيّ على هذه التنشئة الإسلامية الفريدة
بما يحتويه هذا المثال على وصايا عظيمة لا غنى للمسلم عنها

وأولى الوصايا التي احتواها هذا الحديث قوله صلى الله عليه وسلم :
احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك

إنها وصية جامعة ترشد المؤمن بأن يراعي حقوق الله تعالى ، ويلتزم بأوامره ، ويقف عند حدود الشرع فلا يتعداه

الثاني : حفظ الله للعبد في دينه فيحميه من مضلات الفتن ، وأمواج الشهوات ، ولعل خير ما نستحضره في هذا المقام :
حفظ الله تعالى لدين يوسف عليه السلام ، على الرغم من الفتنة العظيمة التي أحاطت به وكادت له .

يقول الله تعالى في ذلك
: كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين ) يوسف : 24 )

وتستمر هذه الرعاية للعبد حتى يلقى ربّه مؤمنا موحدا .

ولكن الفوز بهذا الموعود العظيم يتطلب من المسلم إقبالا حقيقيا على الدين واجتهادا في التقرب إلى الله عزوجل
وهذا هو المقصود من قوله صلى الله عليه وسلم في الرواية الثانية لهذا الحديث
: تعرّف إلى الله في الرخاء ، يعرِفك فـي الشدة

فمن اتقى ربه حال الرخاء ، وقاه الله حال الشدّة والبلاء

ثم انتقل الحديث إلى جانب مهم من جوانب العقيدة ، ويتمثّل ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم لابن عباس
: إذا سأَلت فاسأَل الله
وسؤال الله تعالى والتوجه إليه بالدعاء من أبرز مظاهر العبوديّة والافتقار إليه ، بل هو العبادة كلها كما جاء في الحديث : الدعاء هو العبادة

وإن من تمام هذه العبادة ترك سؤال الناس ، فإن في سؤالهم تذلل لهم ومهانة للنفس ، ولا يسلم سؤالهم من منّة أو جرح للمشاعر ، أو نيل من الكرامة

وقد أثنى الله على عباده المتعففين فقال :
للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا
البقرة : 273




وفي قوله :
وإذا استعنت فاستعن بالله
أمر بطلب العون من الله تعالى دون غيره ، لأن العبد من شأنه الحاجة إلى من يعينه في أمور معاشه ومعاده ، ومصالح دنياه وآخرته ، وليس يقدر على ذلك إلا الحي القيوم الذي بيده خزائن السموات والأرض ، فمن أعانه الله فلا خاذل له ، ومن خذله الله فلن تجد له معينا ونصيرا

وإذا قويت استعانة العبد بربّه ، فإن من شأنها أن تعمّق إيمانه بقضاء الله وقدره والاعتماد عليه في كل شؤونه وأحواله وعندها لا يبالي بما يكيد له أعداؤه ويوقن أن الخلق كلهم لن ينفعوه بشيء لم يكتبه الله له ، ولن يستطيعوا أن يضرّوه بشيء لم يُقدّر عليه ، ولم يُكتب في علم الله ، كما قال سبحانه :
ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير
الحديد : 22

ولما وعى سلفنا الصالح هذه الوصية أورثهم ذلك ثباتا في العزيمة ، وتفانيا في نشر هذا الدين ، غير مبالين بالصعوبات التي تواجههم والآلام التي تعتريهم ، لأنهم علموا أن طريق التمكين إنما يكون بالعمل بهذه الوصية النبوية ، وأن الفرج يأتي من بعد الكرب وأن العسر يعقبه اليسر ، وهذا هو الطريق الذي سلكه أنبياء الله جميعا عليهم السلام ..

سمير عبد اللطيف
23-05-2010, 01:05 PM
جزاكم الله خيرا

لا تظهر عندي أيقونة ( تحرير ) أو تعديل
الرجا العمل على تنشيطها لكى أتمكن من تعديل الموضوع وعرضه
كما ينبغي ...