مشاهدة النسخة كاملة : الرئيس محمد أنور السادات


محمد حسن ضبعون
21-06-2010, 05:19 PM
الرئيس محمد أنور السادات

رئيس جمهورية مصر العربية
١٩٧٠ - ١٩٨١

ولد محمد أنور السادات أو أنور السادات، كما عرف في ٢٥ ديسمبر ١٩١٨، في قرية ميت أبو الكوم، مركز تلا، محافظة المنوفية، لأسره مكونه من ١٣ أخ وأخت, والتحق بكتاب القرية ثم انتقل إلى مدرسة الأقباط الابتدائية بطوخ دلكا وحصل منها على الشهادة الابتدائية .
http://sadat.bibalex.org/images/school_thumb.jpg (http://sadat.bibalex.org/images/school.jpg)
عام ١٩٢٥، انتقل محمد أنور السادات إلى القاهرة بعد عودة أبيه من السودان، على اثر مقتل السير لي ستاك، قائد الجيش الانجليزي في السودان، حيث كان من تداعيات هذا الحادث أن فرضت بريطانيا على مصر عودة الجيش المصري من السودان، فقد كان والد السادات يعمل كاتبا بالمستشفى العسكري بالسودان.
التحق السادات بالعديد من مدارس القاهرة، مدرسة الجمعية الخيرية الإسلامية، ثم مدرسة السلطان حسين بمصر الجديدة، فمدرسة فؤاد الأول الثانوية، ثم مدرسة رقى المعارف بشبرا، وحصل من الأخيرة على الثانوية العامة.

http://sadat.bibalex.org/images/school2_thumb.jpg (http://sadat.bibalex.org/images/schoo2l.jpg)http://sadat.bibalex.org/images/student_thumb.jpg (http://sadat.bibalex.org/images/student.jpg)عام ١٩٣٦ أبرم مصطفى النحاس باشا، رئيس وزراء مصر، معاهدة ١٩٣٦ مع بريطانيا، والتي سمحت بأتساع الجيش المصري ودخل على أثرها أنور السادات وجمال عبد الناصر ومجموعه كبيرة من رموز ثورة يوليو إلى الكلية الحربية .

عام ١٩٣٨تخرج السادات من الكلية الحربية وألحق بسلاح المشاة بالإسكندرية، وفى العام نفسه (١٩٣٨) نقل إلى منقباد وهناك التقى لأول مره بالرئيس جمال عبد الناصر، وانتقل فى أول أكتوبر عام ١٩٣٩ لسلاح الإشارة ، وبسبب اتصالاته بالألمان قبض عليه وصدر في عام ١٩٤٢ النطق الملكي السامي بالاستغناء عن خدمات اليوزباشي محمد أنور السادات .
اقتيد السادات، بعد خلع الرتبة العسكرية عنه، إلى سجن الأجانب ومن سجن الأجانب إلى معتقل ماقوسه، ثم معتقل الزيتون قرب القاهرة، وهرب من المعتقل عام ١٩٤٤ وظل مختبئا حتى عام ١٩٤٥، حيث سقطت الأحكام العرفية وبذلك انتهى اعتقاله حسب القانون .

أثناء فتره هروبه عمل السادات تباعا على عربه لوري، كما عمل تباعا ينقل الأحجار من المراكب النيلية لاستخدامها في الرصف، وفى عام ١٩٤٥ انتقل إلى بلدة أبو كبير في الشرقية حيث اشترك في شق ترعة الصاوي .
عام ١٩٤٦ اتهم السادات في قضيه مقتل أمين عثمان، الذي كان يعد صديقا للانجليز ومساندا قويا لبقائهم في مصر، وبعد قضاء ٣١ شهرا بالسجن حكم عليه بالبراءة , ثم التحق بعد ذلك بالعمل الصحفي، حيث عمل بجريدة المصور، واخذ في كتابة سلسله مقالات دوريه بعنوان ٣٠ شهرا في السجن بقلم اليوزباشي أنور السادات، كما مارس بعض الأعمال الحرة .

http://sadat.bibalex.org/images/30month_thumb.jpg (http://sadat.bibalex.org/images/30month.jpg)
عام ١٩٥٠ عاد إلى القوات المسلحة ( بمساعدة زميله القديم يوسف رشاد طبيب الملك الخاص ) برتبه يوزباشي، على الرغم من أن زملاؤه في الرتبة كانوا قد سبقوه برته الصاغ والبكباشي , وقد رقى إلى رتبه الصاغ ١٩٥٠ ثم إلى رتبه البكباشي عام ١٩٥١، وفى العام نفسه اختاره عبد الناصر عضوا بالهيئة التأسيسيه لحركه الضباط الأحرار .
شارك السادات فى ثورة يوليو ١٩٥٢ والقي بيانها، وكانت مهمته يوم الثورة الاستيلاء على الإذاعة ، كما حمل مع محمد نجيب إلى الإسكندرية الإنذار الذي وجهه الجيش إلى الملك للتنازل عن العرش.

محمد حسن ضبعون
21-06-2010, 05:20 PM
خلال الفترة ١٩٥٣ – ١٩٧٠ تولى أنور السادات العديد من المناصب :

١٩٥٤عين السادات سكرتيرا عاما ورئيسا لمنظمة المؤتمر الإسلامي .(محكمة الشعب ) ١٩٥٧تقلد السادات منصب الأمين العام للإتحاد القومي، حزب الحكومة ، وظل بذلك الموقع
حتى حل محله الإتحاد الإشتراكى العربي في عام ١٩٦٢.
١٩٥٥- ١٩٥٦تولى السادات منصب رئيس تحرير جريدة الجمهورية .١٩٥٧-١٩٦٠تولى السادات منصب نائب رئيس مجلس الشعب .١٩٦٠- ١٩٦٨تولى السادات منصب رئيس مجلس الشعب .١٩٦١تولى السادات منصب رئيس مجلس التضامن الافرو أسيوى . ١٩٦١ وبعد تكوين الجمهورية العربية المتحدة أصبح السادات رئيساً لمجلس الأمة الموحد ١٩٦٢انضم السادات للجنة التنفيذية العليا للإتحاد الإشتراكى العربي ، وصار عضواً في المجلس الرئاسي (٢٧ من سبتمبر ١٩٦٢- ٢٧ من مارس ١٩٦٤)١٩٦٢على أثر انفصال سوريا عن الجمهورية العربية المتحدة، عمل السادات كرئيس مشارك للجمعية التأسيسية المكونة من (٢٠٠) عضواً التي تقدمت بميثاق العمل الوطني ١٩٦٩- ١٩٧٠عين السادات نائبا لرئيس الجمهورية .
عام ١٩٧٠ تولى السادات رئاسة مصر خلفا للرئيس جمال عبد الناصر
عام ١٩٧١ قاد حركة التصحيح لمسار ثورة ٢٣ من يوليو ١٩٥٢، في ١٥ من مايو ١٩٧١.
عام ١٩٧٣ تولى رئاسة الوزارة وكذلك فى أعوام ١٩٧٤ و ١٩٨١.
عام ١٩٧٣ قاد السادات مصر والعرب نحو تحقيق نصر حرب أكتوبر التى أدت إلى استرداد مصر كامل أراضيها المحتلة .
عام ١٩٧٤ اتخذ السادات قرار الانفتاح الاقتصادي ، الذي أعاد النظام الرأسمالي للاقتصاد المصري
عام ١٩٧٥ قام السادات بافتتاح قناة السويس بعد تطهيرها من أثار العدوان
عام ١٩٧٧ قام السادات بمبادرة شجاعة من اجل إحلال السلام فى الشرق الأوسط، وأعلن فى مجلس الشعب المصرى انه على استعداد للسفر إلى إسرائيل وإلقاء خطاب فى الكنيست الاسرائيلى، فكانت زيارة القدس فى العشرين من نوفمبر ١٩٧٧
عام ١٩٧٨ وقع الرئيس السادات على إطار السلام لاتفاقيه كامب ديفيد بحضور الرئيس الامريكى جيمى كارتر ورئيس الوزراء الاسرائيلى مناخيم بيجين .
عام ١٩٧٨ نال الرئيس السادات مناصفة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي مناخيم بغين جائزة نوبل للسلام (http://sadat.bibalex.org/Images/Nobel.jpg) للجهود الحثيثة في تحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط .
عام ١٩٧٩ وقع الرئيس السادات على إطار السلام النهائي بين مصر وإسرائيل -معاهدة كامب ديفيد- بحضور الرئيس الامريكى جيمي كارتر ورئيس الوزراء الاسرائيلى مناخيم بيجين .
انتهى حكم السادات باغتياله أثناء الاحتفال بذكرى حرب ٦ أكتوبر عام ١٩٨١، إذ قام خالد الاسلامبولي وآخرون بإطلاق النار عليه أثناء الاستعراض العسكري .
يعد أنور السادات الرئيس الثالث لجمهورية مصر العربية حيث استمر حكمه ما بين عامي ١٩٧٠ و١٩٨١.
عام ١٩٧٦ أعاد السادات الأحزاب السياسية لمصر بعد أن ألغيت بعد قيام الثورة المصرية, حيث أسس الحزب الوطني الديمقراطي وترأسه وشارك في تأسيس حزب العمل الاشتراكي .

محمد حسن ضبعون
21-06-2010, 05:21 PM
أنور السادات له العديد من المؤلفات :
http://sadat.bibalex.org/Images/books%20by%20Sadat.jpg
١٩٥٣القاعدة الشعبية ١٩٥٤صفحات مجهولة .١٩٥٧أسرار الثورة المصرية .١٩٥٧قصة الوحدة العربية .١٩٥٧ثوره على النيل . (احدث ضجة فى الأوساط الصهيونية فى الولايات المتحدة وطالبت بمنعه )١٩٦١قصة الثورة كاملة .١٩٦٣نحو بعث جديد .١٩٦٤معنى الاتحاد القومى .١٩٦٥يا ولدى هذا عمك جمال ١٩٧٠٣٠ شهرا فى السجن .١٩٧٨http://sadat.bibalex.org/Images/lastbook.jpgالبحث عن الذات . (يعد من أشهر الكتب إلى ألفها أنور السادات وحصد الكثير من الجوائز )
http://sadat.bibalex.org/Images/movie1.jpghttp://sadat.bibalex.org/Images/movie2.jpg
عام ١٩٨٣ تم إنتاج أول فيلم عن الرئيس السادات، وهو فيلم امريكى بطوله النجم الأسمر الامريكى لويس جويس جونيور الحاصل على جائزة اكاديميه ايمى، وكان اسم الفيلم "سادات" (sadat ) وقد حصل الفيلم على جائزة سينمائيه بالاضافه إلى انه رشح إلى جائزة ايمى، وفي عام ٢٠٠١ تم إنتاج أول فيلم مصري عن الرئيس السادات وهو فيلم "أيام السادات" بطوله النجم المصري أحمد زكى، ويعد أداء احمد زكى لشخصيه الرئيس السادات هوا لأفضل حتى الآن وقد حقق الفيلم نجاح جماهيري كبير في مصر .

محمد حسن ضبعون
21-06-2010, 05:24 PM
تزوج الرئيس السادات مرتين.... المرة الأولى كانت من السيدة إقبال ماضي وأنجب منها ثلاث بنات هم رقيه, راويه, كاميليا وطلقها ١٩٤٩وفى العام نفسة تزوج من السيدة جيهان رؤف صفوت (أطلق عليها بعد ذلك جيهان السادات ) ، وأنجب منها 3 بنات وولد هم لبنى و نهى و جيهان و جمال .

http://sadat.bibalex.org/Images/Jehan.jpg (http://sadat.bibalex.org/Images/Jehansadat.jpg)
جيهان السادات زوجه السادات كانت تعد في فتره من الفترات سيده مصر الأولى وهى الفترة التي تولى فيها السادات رئاسةالجمهورية ١٩٧٠-١٩٨١ وهى بذلك تعد أول سيده تحمل هذا الاسم منذ قيام ثوره يوليو، وتميزت السيدة جيهان السادات خلال فتره حكم زوجها بارتباطها ودعمها للأعمال والمشاريع الخيرية والاجتماعية، بالاضافه إلى النشاط الكبير الذي مارسته خلال فتره حرب أكتوبر من تجميع الدعم المادي والخيري وتنظيمه وتوزيعه على جرحى ومصابى حرب أكتوبر المجيدة .

محمد حسن ضبعون
21-06-2010, 05:25 PM
بيان الرئيس محمد أنور السادات
أمام مجلس الأمة
في ٧ أكتوبر ١٩٧٠



أيها الإخوة المواطنون أعضاء مجلس الأمة
لقد جئت اليكم على طريق جمال عبدالناصر . وأعتبر أن ترشيحكم لى بتولى رئاسة الجمهورية ، هو توجيه بالسير على طريقجمال عبد الناصر ، وإذا أبدت جماهير شعبنا رأيها فى الاستفتاء العام بنعم ، فإننىسوف أعتبر ذلك أمرا بالسير على طريق جمال عبد الناصر ، الذى أعلن أمامكم بشرف ،أننى سأواصل السير فيه على أى حال ، ومن أى موقع ، ان الايام الماضية من حياتناكانت ايام حزن عظيم ، ولكن هذه الأمة الخالدة استطاعت بصمودها الفذ أن تحول مشاعرحزنها العظيم إلى طاقة قوة عظيمة ، فخرجت مما عانت بأسرع مما قدر أحد ، وقررت وصممتوحسمت فى عبارة واحدة شاملة قاطعة قائلة فى نفس واحد : طريق جمال عبد الناصر
أيها الإخوة
، لقد كنت أفكر طويلا خلال الايام الاخيرة فيما يمكن أن نقوم بهفى مواجهة ما قضت به ارادة الله عز وجل ، وقد وضعت لتفكيرى كله قاعدة واحدة ، هى أنأبدأ كل تصرف بسؤال محدد هو : ماذا كان يطلب منا لو أنه كان مازال بيننا ، وكنت علىضوء معرفتي به ، رفقة ثلاثين سنة ، وزمالة نضال وراء معركة بعد معركة ، وفهم صديقلصديق ، كنت أقدر الخطى والمواقع ، باحثا على هذا النحو ، ومستلهما ، ولو كان جمالعبد الناصر بيننا هذه اللحظات لقال لا تحزنوا ولكن تحركوا ! لا تقفوا ولكن تقدموا ،لا تترددوا ولكن أكملوا الطريق ، وذلك ما فعله شعبنا العظيم ، وذلك ما فعلته تعبيراعن كل المؤسسات السياسية والدستورية التى تمثل سلطة الشعب
أيها الإخوة
اننى لست بحاجة ان اطيل عليكم فى وصف معالم طريق جمال عبدالناصر، فأنتم تعرفونه وشعبنا يعرفه ، وأمتنا العربية تعرفه ، والدنيابأثرها تعرفه، انه طريق طويل بمسافة آمالنا ، وهو طريق شاق بمقدار ما نواجه من خطر، وآمالنا علىالأفق العريضة ، والخطر من أعدائنا وصل الى احتلال بعض من ترابنا الوطنى المقدس ،وأريد أن أحدد أمام حضراتكم مجموعة من النقاط أرى لها أهمية خاصة قبل ان نصل الىمجمل طريق جمال عبد الناصر ، هذه النقاط ذات الاهمية الخاصة ، هى كما يلى
اولا : اننا مطالبون بالدرجة الاولى ، وبكل الوسائل بمواصلةالنضال من أجل تحرير كل الأرض العربية المحتلة فى عدوان سنة ١٩٦٧ ، وهى القدسالعربية وغزة والضفة الغربية للأردن والمرتفعات السورية وصحراء سيناء المصرية ،وذلك مع الحرص الكامل على حقوق الشعب الفلسطينى ، وعلى استمرار نضاله فى سبيل أرضه، ومن أجل مصيره والضمان الحقيقى لهذا الهدف المشروع من نضالنا يتمثل فى مطلب أساسىواحد ، هو تعزيز القدرة القتالية للقوات المسلحة المصرية لتكون حماية للسلام القائمعلى العدل أو أداة لفرضه
ثانيا : اننا مطالبون بمواصلة النضال من أجل وحدة الأمة العربية . وإن متناقضات هذه الأمة وتأزمها طبيعى فى مرحلة الماضى التى تعيشها الأمة لا يجب لهان يلهينا عن جوهر الحقيقة التى طالما نادى بها وعمل من أجلها جمال عبد الناصر ،وهى أننا أمة واحدة تاريخها واحد ونضالها واحد ومصيرها واحد
ثالثا : اننا مطالبون بتحديد اعداء امتنا تحديدا لا شبهة فيه . وأعداؤنا هم اسرائيل والصهيونية الدولية والاستعمار العالمى . ونحن فى صراع مصيرىمعهم جميعا وهو صراع لا يستهدف الغزو ولكن يطلب الأمن ، لا يستهدف السيطرة ولكنيطلب الحرية . لا يستهدف الحرب للحرب ولكن يطلب السلام كما يجب ان يكون السلام
رابعا : اننا مطالبون بالتمسك بسياسة عدم الانحياز ، ولكن سياسة عدمالانحياز كما علمنا جمال عبد الناصر ليست موقفا سلبيا وانما سياسة عدم الانحياز علىطريقته هى انحياز لاستقلالنا وانحياز لحريتنا وانحياز للسلام وانحياز للتقدم
و بالتالى فهى سياسة تعد للأخطار التى تهدد هذه القيم كلها وانصداقتنا الخاصة مع الاتحاد السوفيتى وشعوبه العظيمة ووراءه مجموعة الشعوبالاشتراكية الكبيرة لتتسق اتساقا كاملا مع سياسة عدم الانحياز وهى تطبيق عملىوواقعى لشعار من أبرز شعارات قائدنا العظيم وهو القائل : نصادق من يصادقنا ونعادىمن يعادينا
خامسا : اننا مطالبون دواما بأن نذكر ولا ننسى أننا جزء من حركةالتحرر الوطنى العظيمة باتجاهها التقدمى الاشتراكى واننا جزء من حركة التقدمالعالمى الضخمة واننا بشعبنا وأمتنا تيار حضارى مؤثر يعطى ويأخذ ويفعل ويتفاعل
سادسا : اننا مطالبون أولا وأخيرا بالحفاظ على المكاسب الاشتراكيةالتى تحققت لجماهير قوى شعبنا العامل ، وبالمضى فى هذا الطريق الذى رسمه وحدده لناقائدنا جمال عبد الناصر ترجمة أمينة لآمال جماهير الشعب العامل وحتمية مصير ووجود
أيها الإخوة
بعد هذه الملاحظات أجئ الى مجمل طريق عبد الناصر ولن تسمعوافيه منى جديدا وكل ما أفعله فيه هو أن أؤكد عهدا . اننى جئت ومعى إلى هذا المجلسوثيقة واحدة اودعها فيه وأمشى قائلا لكم هذا برنامجى أيضا لأنه إرادة الشعب . اننىأودع فى هذا آخر الجلسة بيان ٣٠ مارس فذلك آخر برنامج متكامل قدمه جمال عبد الناصرلأمته وصدقت عليه جماهير شعبه فى استفتاء عام حر واعتمدته طريقا للنضالوامتداداعضويا للميثاق على ضوء الظروف الطارئة التى واجهت نضالنا ابتداء من يونيوسنة ١٩٦٧ ان بيان ٣٠ مارس يمثل فى هذه المرحلة وحدة أمتنا . ونحن فى حاجة الى هذهالوحدة ، وبيان ٣٠ مارس يمثل فى هذه المرحلة أهدافنا الواضحة ، ونحن فى حاجة الىوضوح الهدف
و بيان ٣٠ مارسو بيان ٣٠ مارس تجسيد لارادة شعبية لا يرقى اليها شك .. وفوق كلذلك فإن بيان ٣٠ مارس امتداد عضوى للميثاق وهو العلامة التى كتبها جمال عبد الناصربنفسه على رأس طريقه
أيها الإخوة
لكننى أود أن أضيف شيئا إلى ذلك وأقول لكم بأمانةالاحساس بالمسؤلية ذلك أن العمل من أجل تطبيق برنامج ٣٠ مارس فى وجود جمال عبدالناصر شئ والعمل والتطبيق فى غياب جمال عبد الناصر شئ آخر ان جمال عبد الناصر كانبطلا تاريخيا ، والبطل لا يصنع ولكنه يولد من ضمير أمته . ولهذا فإن قدرته لا يمكنأن تقاس بما تواضع عليه الناس من معايير ، ان غياب البطل يعنى شيئا لا ينبغى له انيغيب عنا وهو أن المسؤلية تصبح كلها واجب الجماهير بقواها العاملة ومؤسساتهاوتنظيماتها وأجيالها الحرة المتصلة اتصالا مباشرا بكفاح كل يوم لذلك فإن تأكيدناللعهد يجب أن يصحبه استعدادنا جميعا لتحمل مسؤليات كان وجوده يعفينا منها . وأصارحكم القول انه ليس بمقدورى ولا بمقدور أى شخص أن يتحمل ما كان يتحمله جمال عبدالناصر ولذلك فإنه من الضرورى إعادة توزيع المسؤليات ضمانا لأداء الأمانة كما يجبأن تؤدى الأمانة وفاء لحق الشعب وتكريما لذكرى قائده
يمثل فى هذه المرحلة ارادة شعبية تعلو أى إرادة غيرها
أيها الإخوة
انكم أضفيتم على شرفا يعلم الله أنه لم يخطرببالى فى حياتى ولا سعيت اليه واننى أقدر مسؤلية ما ترون . لكن عونى فى تحملالمسؤلية أن تكونوا كلكم والأمة بأسرها معى قولا وعملا على طريق جمال عبد الناصرالذى نعيشه الآن فى قلب أمته العربية بقدر ما عاشته أمته العربية فى قلبه إلى لحظةسلمنا فيها علم الكفاح
ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينااصرا كما حملته على الذين من قبلنا ، ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عناواغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين
والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته

محمد حسن ضبعون
21-06-2010, 05:28 PM
بيان الرئيس محمد أنور السادات
أمام مجلس الأمة
في١٨اكتوبر١٩٧٠

أيها الإخوة المواطنون
لقد تلقيت أمركم وأدعو الله سبحانه وتعالى أن يكون أدائى للمهمة التى كلفتمونى بها على نحو يرضاه شعبنا وترضاه أمتنا ، ويرضاه المثل الأعلى الذى وضعه القائد الخالد ، وأعطاه كل شئ من الحياة الى الموت اننى اعتبر النتيجة التى أسفر عنها الاستفتاء الشعبى على رئاسة الجمهورية أمانة ومسـؤلية
أعدكم بدورى أن أعطيها كل شئ بلا تردد ، وبلا تحفظ ، وبكل ما يملكه الجهد ، وتتسع له القدرة ، وأثق ثقة كاملة مستمدة من إيمانى بالله وإيمانى بالشعب .. انكم جميعا سوف تكونون معى على الطريق الذى يمتد فيه نضالنا نحو آفاق الأمل المرتجى
لقد قلت لكم من قبل انكم لتعرفون ان الأمانة والمسؤلية الكبيرة وقلت لكم من قبل - وانكم لتعرفون- إن الطريق طويل وشاق ، وقلت لكم من قبل - وانكم لتعرفون - إن آمالنا رحبة وواسعة ، والوفاء بذلك كله فوق طاقة أى فرد
وتحقيق ذلك كله يتعدى احتمال أى انسان ، ووصولنا الى ما نريد - بمقاييس العصر وقيمته وأحلامه - يحتاج الى الأمة بأسرها تزحف زحفا على الطريق ، تؤمن بنفسها وتؤمن بهدفها ، وتؤمن بالتطور والتقدم وتؤمن بحتمية انتصار الحياة : وتنتصر لكل ما تؤمن به
ان ثقتى بهذه الأمة الخالدة لتتأكد الى غير ماحد ، حين أرجع البصر مستذكرا ما واجهنا وعانيناه خلال الاسابيع الاخيرة لقد أراد الله عز وجل - ولا اعتراض على حكمه أو حكمته - أن يمتحن صلابتنا فى أغلى ما كان عندنا ، وأعز ما كنا نملك .. وجاء ذلك فى أعصب الأوقات وأحرج الظروف و لو وهن عزمنا لكان لنا العذر .. ولو أخذتنا الصدمة لشفعت لنا قسوة المفاجأة، لكن شعبنا كان عظيما .. عظيما .. عظيما . لقد حمل أحزانه بنبل وكبرياء وعبر الجسر من مرحلة كنا فيها مع القائد الخالد إلى مرحلة نحن فيها بغيره .. مستمرا على نفس الطريق ، متوجها إلى نفس القصد لا يثنيه عائق ، ولا ترده قوة . مدركا فى وعى عميق أنه بذلك لا يؤكد استمرار مبادئه فحسب .. وانما يثبت فى نفس الوقت ضرورة انتصارهأيها الإخوة المواطنون
لابد أن أصارحكم أننى اعتز بالنتيجة التى أسفر عنها الاستفتاء الشعبى .. أى أكثر من ستة ملايين قالوا نعم لترشيحى .. وأكثر من سبعمائة ألف قالوا لا و أعتبر بأمانة أن هذه ظاهرة صحية وإن كنت أود أن أضيف اعتقادى الشخصى بأن الذين قالوا لا لم يقولوها اعتراضا على الثورة .. ولا على استمرار الطريق ، وانما كان قولهم لها تحفظا على المرشح لرئاسة الجمهورية نفسه ان ذلك - وأصارحكم القول - لم يسبب لى أى ضيق .. ولا اعتبرته مدعاة للأسف.. إنما اعتبرته ظاهرة صحية . فإن هذا الشعب لا يجب ان يمنح ثقته المطلقة لفرد بعد جمال عبد الناصر .. بل ولقد كان جمال عبد الناصر نفسه أعلى الأصوات تحذيرا من اعتماد الأمة على الفرد و اننى اعدكم أننى سأكون للجميع . للذين قالوا نعم والذين قالوا لا ، ان الوطن للجميع، والمسئول فيه مؤتمن على الكل بغير استثناء . لقد شرفنى ان يقول أكثر من ستة ملايين رأيهم بنعم .. واعتبرت ذلك حسن ظن مسبق اعتز به ، وأرجو الله أن يمنحنى القدرة على أن أكون أهلا له وجديرا به و لقد شرفنى فى نفس الوقت ان يقول أكثر من سبعمائة الف رأيهم بلا ، ولم اعتبر ذلك رفضا ، وانما اعتبره حكما مؤجلا .. وأرجو الله أن يمنحنى القدرة على أن أصل بالأمانة إلى حيث يجب أن تصل الأمانة .. وأن يجئ الحكم المؤجل قبولا حسنا ، ورضا من الناس والله فى نهاية المطاف ا ضد كل قوى الظلم والعدوان
أيها الإخوة المواطنون
فلنتوجه الآن بكل قوانا إلى مسيرتنا المستمرة ان هناك عملا كبيرا يجب ان نقوم به وأن نحسن القيام به . ان هناك معركة تنتظرنا .. ويجب أن نعطيها شعبا وجيشاكل ما تفرضه علينا من تبعات وتضحيات
ان هناك امة عربية تناضل على طريقه .. وسوف نكون خير رفقة فى النضال ان هناك عالما بأسره فيه الأصدقاء وفيه الأعداء وسنكون أوفى الأصدقاء للصديق ، وأشرف المقاتلين ضد العدو . ان هناك بناء سوف نواصل اقامته ، وهناك تقدما سوف نواصل اللحاق به ، وهناك قضايا انسانية سوف نكون لها الحماية والسند ، وهناك أعلاما عالية فوق رؤوسنا وسوف يكون جهدنا ـ بمشيئة الله عزا لمبادئنا وكرامة لأعلامنا
والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته

محمد حسن ضبعون
21-06-2010, 05:29 PM
خطاب الرئيس محمد انور السادات
في الجلسة الختامية لمجلس الشعب
لتكريم ابطال اكتوبر
فى١٩ فبراير ١٩٧٤




بسم الله
وما النصر الا من عند الله
ايها الاخوة والاخوات ٠ ٠
اطلب منكم ان نقف معا دقيقة تحية لشهدائنا الابطال
ايها الاخوة والاخوات ٠ ٠
جرت العادة والتقاليد بعد المعارك الكبري ان يقدم القائد العام للقوات المسلحة تقريره إلي رئيس الدولة ٠ تقرير عن المعارك التي خاضتها هذه القوات يعرض فيه الجهود التي قامت بها القيادات ويسجل أعمال البطولة التي قام بها الجنودوالضباط ٠ ولقد طلبت من القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول أحمد اسماعيل أن يقدم هذا التقرير التاريخي إلي تحالف قوي شعبنا العامل فهذا الشعب هو صاحب الاسلحة التي حققت المعجزة ، هي اسلحة لم تصنع من الفولاذ فقط وانما صنعت ايضا بالإيمان والاصرار صنعت بالعناد والعرق ، صنعت بالدم والتضحية وقوة الاحتمال ، هذا الشعب الذي حرم نفسه لسنوات طويلة الحياة ليوفر لجيوشه المال والسلاح ، هذا الشعب الأبي الذي يأكل اليوم بالبطاقات ويقف في الطوابير ويتحمل عذابا يوميا في حياته من أجل أن يحقق النصر لامته العربية كلها
ايها الاخوة والاخوات ٠ ٠
ان تضحيات الشعب المصري هي التي زادت من فاعلية الصواريخ وهي التي ضاعفت من قــــوة انطلاق المدافع وهـــي التي ضاعفــت ايضا من صلابة الدبابات وشــراســة الطائرات ٠ ولقد عاش شعبنا وأمتنا العربية خمسة قرون في أحضان الهزيمة ٠ سارت مواكب النصر في شوارعه ولكنها كانت مواكب جيوش الغزاةالاجانب وليست جيوشه ٠ ورفعت اعلام النصر في الميادين ولكنها كانت أعلام الدول المحتلة ولم تكن اعلامه ٠ واليوم اعلن لشعبنا ولأمتنا العربية كلها أن قرون التخلف والهزيمة قد انتهت بعد أن حققت القوات المسلحة في مصر وسوريا تؤيدها قوات الشعوب العربية أول نصر حقيقي للعرب منذ عدة قرون ، ولاول مرة منذ خمسمائة سنة تمشي مواكبالنصر المصرية في شوارعنا وترفع اعلام النصر المصرية في مياديننا ٠ هذه القوات ردت للعرب كبرياءهم واعادت اليهم ثقتهم في أنفسهم ٠ بل استردت لهم احترام شعوب الدنياكلها ٠ وهنا أيها الاخوة والاخوات يهمني أن اقدم شكري وشكر بلادي وتقديرها لاشقائناالعرب ملوكا ورؤساء شعوبا وقوات مسلحة ، اشكر الذين حاربوا معنا بأرواحهم وبذلواالدم مشاركة لنا في معركتنا ، واشكر الذين حاربوا معنا بامكانيتهم واضافوا بمواقفهم وتضامنهم قوة رائعة جديدة للمعركة ٠ ونحمد الله ، نحمد الله ، فقد اطلت انوار الفجرالجديد علي كل شبر من الارض العربية ، فجر العرب الأحرار بعد ظـلام طويل دامس ، فجرللانسان العربي الجديد بعد ليل طويل حالك ، فجر للأرض التي اختارها الله سبحانه وتعالي للهداية والحكمة والرشاد ، فجر تتدعم فيه قلاع الحرية لتدك فيه كل دعاوي واطماع الاقوياء ، فجر الحب والبناء ، فلا مكان هنا اليوم للحقد أو الضغينة والبغضاء ، فجر لاذل فيه ولا اذلال ولا ظلم ولا طمع ولا استغلال ، فجر السيادة فيه للتحالف العظيم لقوي شعبنا العامل ، الارض لاصحابها والخير كل الخير لمن يزرع الخيرويرعي القيم ويحفظ الوفاء ، فجر يرفع كل مواطن رأسه في كبرياء ويحني فيه الحاكم رأسه طاعة للشعب بعد أن اصبحت القيادة للشعب ، فجر السلطان فيه للقانون صيانة لكرامة الافراد وانصافا لكل مظلوم والاولوية فيه للوطن حبا وعملا وتفانيا واداء ،فجر للعاملــين والمجاهدين لكل من بذل قطرة دم أو حبة عرق من أجل أن يرتفع البناءإلي السماء ، فجر نعوض فيه مع أخوة لنا ما ضاع من العرب من أمجاد ونرد فيه لأمتناالعربية بالوحدة والتضامن مكانها العالي في عالم لم يعد يعترف إلا بالأقوياء ٠ ولقدعرفنا جيدا ماذا يستطيع أن يفعل العرب باتحاد كلمتهم وكيف أن الخلاف والصراع بين العرب كان هو دائما طريقهم إلي الهزيمة والبوار ٠ ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك أنت الوهاب
أيها الاخوة والاخوات
اذا كان لي أن ادعو القائد العام لكي يقدمتقريره عن مرحلة المعركة فيجب ألا ننسي أو نغفل لحظة عما عاهدنا عليه الله وعاهدنا شعوبنا عليه من أهداف ٠ عهدنا أن نظل نحمل السلاح حتي تتحرر كل الاراضي العربية من العدوان والاحتلال ، عهدنا الا نفرط أو نساوم علي حقوق أهلنا شعب فلسطين ٠ وتحية منا في هذا اليوم لرفاقنا في الســـــلاح علي الجولان ، تحية منا لاخوتنا في الارضالمحتلة ، تحية الصمود والثبات ، فقد طلع الفجر وعهدنا لهم الا نفرط أبدا فيالامانة ، و منذ أكتوبر يعرف أخواننا أن عهدنا هو عهد المحاربين الشرفاء ٠
والسلام عليكم ورحمة الله

smsma81
21-06-2010, 05:35 PM
الله الله الله موضوع ممتاز جدددددددددددا:022yb4::022yb4:
الراجل قعد 11سنه عمل اللي معملوش غيره في 30وكان راجل نظرته للمستقبل بعيده وافادت احفاده واحفادهم .

محمد حسن ضبعون
21-06-2010, 05:39 PM
حديث الرئيس محمد أنور السادات
فى الاجتماع المشترك للجنة المركزية ومجلس الشعب
لمناقشة ورقة أكتوبر
فى١٨ ابريل ١٩٧٤


بسم الله ٠٠
نجتمع اليوم بعد أحداث مجيدة ومرحلة من أروع وأمجدما عشنا فى حياتنا من مراحل ٠ فى هذه المرحلة تحركت قواتكم المسلحة ومن خلفها الشعبكله فى وقفة صامدة بطولية رائعة شكلتها أعمال القوات المسلحة ومن خلفها صمود شعببأكمله ٠ كان ٦ أكتوبر الذى غير التاريخ ليس فى بلدنا أو أمتنا أو منطقتنا فقطوأنما غير تاريخ العالم كله ، يجئ هذا الاجتماع وكان لابد أن ننظر إلى المستقبل منأجل هذا أعددت ورقة العمل التى وزعت على حضراتكم كرؤية للمستقبل٠
وقبل أن نتكلم فى ورقة العمل يهمنى أن أطرح أمام مؤسساتنا الدستوريةالاساسية موقفين : الموقف الاول هو وقف اطلاق النار لأننى تحدثت عن ٦ أكتوبر يوم ١٦أكتوبر أمام مجلس الشعب٠ الموقف الذى لم أتحدث عنه هو موقف وقف اطلاق النار والموقفالثانى هو اتفاقية فك الارتباط والرؤية أو الموقف الذى نحن فيه الآن ، وبعد ذلكنستطيع أن نتعرض لورقة العمل هذه بالمناقشة ٠ بالنسبة للنقطة الاولى وهى وقف اطلاقالنار ، زى ما تحدثت فى مجلس الشعب يوم ١٦ أكتوبر فى ذلك الوقت طرحت مشروع السلام ٠وكانت انتصاراتنا فى أوجها ٠
بعد ذلك حدث مايسمى بمعركة الدفرسوار اللى هى الثغرة ، ولابد أنكمسمعتم اجتهادات كثيرة عن معركة الدفرسوار كعادتنا فى تأصيل كل شئ وإن أنا طلبت منالمشير اسماعيل أن تعقد ندوة عسكرية علمية تنافش فيها هذه المعركة لكى تكون تحت نظرالجميع ، وانما استطيع أن ألخص هذا الموضوع ببساطة ، لما أقول إنه فى يوم ٥ رمضان ،أى قبل المعركة بخمسة أيام كان اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة و كانت وصيتىالأخيرة لقيادة القوات المسلحة فى هذا الاجتماع هى أن لا تستجيب اطلاقا إلى الحركاتالمسرحية التى لابد ان يقوم بها العدو للتأثير علينا نفسيا ومحاولة كسب رخيص بدونثمن لمجرد أن احنا نفقد أعصابنا ٠ وهو تعود على هذا٠ تعود أنه عن طريق تحركاتمسرحية أكثر منها حقيقة أنه يصيبنا بتجمد فى التفكير ، كانت نصيحتى لقادة القواتالمسلحة آخر نصيحة قلتها ، قلت لهم كل انسان فى مكانه يكون هادئ الاعصاب جداوحاننتظر حركات مسرحية من العدو ٠ فليتمسك كل واحد منكم بالخطة واتركوا هذا للقيادةالعامة حاتتصرف مع الحركات المسرحية اللى حاتجرى ٠
وماحصلتش على النطاق اللى كنت متوقعه ، وأنا كنت متوقع مسرحيات أكبر، واحنا اتعودنا عليها قبل كده زى ما تذكروا فى يوم من الايام جم مثلا عل شاطئالبحر الاحمر وجابوا معاهم التليفزيون وتلفزيون أمريكى وأذاعوا قالوا احنا الآن علىأرض مصر ده الكلام ده من كام سنه فى أثناء الفترة الكثيفه المظلمة بتاعة الست سنواتالعجاف وجابوا الاذاعة والتليفزيون وقالوا احنا الآن على ارض مصر و ٠٠ و و٠٠ وبعدينراحوا راجعين تانى بعد ست ساعات لميين نفسهم وراجعين .... حركات من هذا القبيل دهكان متوقع الكثير منها ولكن زى ما متوقع قلت لأنه فى الست الساعات الاولى العدو فقدتوازنه مالحقش يعمل هذا إلا هناك فى الآخر عملية الدفرسوار٠
عملية الدفرسوار فى ذاتها حتى لغاية وقف اطلاق النار ، لغاية
يوم ٢٢ أكتوبر والخط اللى انتهى اليه الاسرائيليون فى الجيب غرب القناة والخطاللى هو
خط ٢٢ أكتوبر ، هذا الخط كان مصيدة تماما للاسرائيليين وعشان كده بعدذلك زى ماحاجى لكم فى الكلام عن فك الارتباط لما طالبت وقلت ارجعوا لخط ٢٢ وطالبتالقوتين الكبار اللى ضامنين قرار مجلس الامن بوقف اطلاق النار ، لما طالبت أنيعودوا لخط ٢٢ قالوا لا احنا نفضل نروح الشرق ولا نقعدش فى خط ٢٢ أكتوبر لأنه مصيدةزى ما بقول رغم كل هذه الحركة المسرحية التليفزيونية البهلوانية اللي وقفنا اطلاقالنار عنده كان مصيدة زى احنا ماتوقعنا تماما اطلاق ولوأنه فى تقديراتنا القيادة لونفذ التخطيط اللى وضع كان حايكون الخط مصيدة أكبر كمان ، لكن برغم هذا الخط ٢٢ كانمصيدة ٠ أما وجدوا أن خط ٢٢ مصيدة فعلا وقرار من مجلس الامن وضمان القوتين الكباربوقف اطلاق النار انتهزوا الفرصة بعد ساعات من وقف اطلاق النار وخرقوا وقف اطلاقالنار بهدف الاستيلاء على مدينتى السويس والاسماعيلية عشان يبقوا خلف الجيشينالاثنين وخلف قواتنا وبرضه لازلت أقول إنها حركة مسرحية ٠ يبقوا خلف قواتناويستطيعوا أن يحققوا أو ينفذوا شيئاً لنفسهم فى المرحلة المقبلة للى تتلو ذلك لأنالهزيمة كانت واضحة تماما بالنسبة لهم ما أمكنش ياخدوا الاسماعيلية ولا السويس وملوا العالم إذاعات حتىعينوا أسماء المحافظين بتوع السويس والاسماعيلية وانهم استسلموا ومادخلوش ولامحافظين اتعينوا ولاحاجة وكان المحافظون المصريون موجودين ودخلوا ، استطاعت عناصرمنهم فعلا أنها تدخل السويس ولكن زى ماتعلموا جميعا قضى عليها جميعا بمصفحاتهاومدرعاتها وأفرادها وخرجوا جرى ووقفوا بعيداً على مشارف السويس ، الاسماعيلية مااستطاعوش اطلاقا أن يقتربوا منها ٠
ولكن نشأ عن هذا الاختراق ، اختراق خط ٢٢ نشأ وضع هو أن عناصر منالقوات الاسرائيلية جت خلف فرقتين من الجيش الثالث اللى فى شرق القناة فبقى الوضعللقوات متداخلة فى بعضها فى الجنوب تحت عند السويس - فرقتين مصريتين فى شرق القناةوبعدين قوات اسرائيلية جت وقفت وراها وبعدين بقية فرق الجيش الثالث وقفت قدامها ٠بقى فيه تداخل بين القوات ٠ كيف اتخذ قرار وقف اطلاق النار ٠ زى ماسمعتونى قبل كدهحكيت فى يوم ١٩ كان يوم جمعة ، يوم ١٩ أكتوبر فى الساعة واحدة صباحا اتصل بى القائدالعام المشير إسماعيل وطلب حضورى إلى غرفة العمليات ورحت الساعة واحدة صباحاً إلىغرفة العمليات لانه كان فيه رأى بيحبذ أن نستجيب حرصا على قواتنا للعملية المسرحيةبتاعة الدفرسوار بمعنى أننا نسحب قواتنا كلها من الشرق وكان الرأى الغالب عندالمشير اسماعيل والفريق الجمسى وقادة الاسلحة انه مفيش مدعاه لهذا اطلاقاً وإنالتعامل مع القوات اللى جت فى الدفرسوار فى غرب القناة هذا أمر يصير التعامل معاهمنفصلا وتبقى قوات الشرق كاملة وفى هذا اليوم بعد ما استمعت لتقارير القادة جميعااتخذت قرارى بأن لا يسحب من الشرق لا عسكري ولا بندقية ولاشئ اطلاقا لان ده معناهإن احنا بنستجيب للمسرحية وقلت لهم أنا نبهتكم لهذا ان احنا حانواجه مسرحيات وحركاتبهلوانية كثيرة ٠
كان معنى هذا أنه لابد أن نتعامل مع الجيب اللى فى الغرب بواسطةقوات غير قوات الشرق بالكامل ومشى التخطيط على هذا الاساس ٠
إلا أنى تركت غرفة العمليات وعدت الى المقر اللى كان مجهز للمعركةوكنت بأراقب الوضع بقى لى عشرة أيام قبل هذا التاريخ ، أمريكا أعلنت عن مساندتهاوالجسر الجوى اللى بيروح لاسرائيل ٠ تخطيط عملية الدفرسوار ومن قبل عملية الدفرسوارمباشرة كان وضع اليهود الاسرائيلىين واضح أمامى فى سينا واعترفوا هم به ماكانش يسمحلهم اطلاقاً بهذا لولا الامداد الجديد اللى جالهم والإمداد بيجى فين باراقب بييجىفى أرضى على أرضى فى مطار العريش خلف الجبهة مباشرة ٠
أكثر من هذا لقيت أسلحة جديدة تماما دخلت المعركة ورمت أمريكابثقلها كله زى ما أنتم عارفين من أول لحظة والقوتين بيطالبوا بوقف إطلاق النارالأول أمريكا قالت وقف اطلاق النار والعودة إلى الخطوط وبعدين بعد ذلك قالت طيب وقفاطلاق النار على الخطوط الحالية وده كان حوالى يوم ١١ أكتوبر ٠٠ وزى يمكن ما قرأتمأبلغت عن طريق السفير البريطانى فى فجر يوم ١٣ إن أمريكا أعدت لانها تلقت معلوماتإنى قبلت وقف اطلاق النار فأعدت لوقف إطلاق النار على المواقع الحالية ولكنى أبلغتالسفير البريطانى إن ده ماحصلش وأنه احنا ما بنقبلش وقف اطلاق النار إلا بعد ماتنفذ المهام المطلوبة والموكولة لقواتنا المسلحة ٠
بعد هذا العون الامريكى اللى تدفق على اسرائيل وزى ما قرأتم يمكنعشرة أيام وأنا بأراقب الموقف ، وباراقب التدفق بالنسبة لاسرائيل لما وجدت أن فيهأسلحة جديدة دخلت المعركة وإمدادات جديدة دخلت المعركة وتصميم على أن اسرائيل تحاولأن تستعيد شيئاً بعد الهزيمة اللى منيت بها أمام العالم كله ٠ فى يوم ١٩ وبعدما شفتالموقف مع القادة واديت قرارى وعدت إلى المقر اتخذت قرارى بقبول وقف اطلاق الناربضمان القوتين الاكبر والتنفيذ الفورى لقرار ٢٤٢ أيضا بضمان القوتين الاكبر ٠٠ قلتلهم إذا كنتم موافقين على هذا أنا موافق قالوا موافقين ٠ وتم وقف اطلاق النار ثم ماحدث بعد ذلك اللى حكيته لكم عن محاولة الاختراق لمحاولة ايجاد موقف يخرجهم من مأزقخط ٢٢ أكتوبر إلى موقف مساومة جديد ما حصلوش فيه على شئ زى ما قلت لكم الا وجودهمخلف فرقتين من الجيش الثالث عندى فى شرق القناة ٠٠ جه كيسنجر فى نوفمبر وضعنا النقطالستة
كان من مقتضى هذه النقط الستة أن تثبيت وقف اطلاق النار بالعودة لخط ٢٢ أكتوبر فى اطار ما يسمى بفك الارتباط لانه واحنا بنناقش الست نقط كان واضحاًلامريكا وواضحاً للاتحاد السوفييتى وكما هو واضح للاسرائيليين وواضح لنا تماما أنخط ٢٢ أكتوبر ليس إلا مصيدة خطيرة بنتناقش فى هذا توصلنا أنه اذا كان مابيقبلوش
خط ٢٢ أكتوبر طيب يبقى فك ارتباط وفك الارتباط لابد أنه يتم بالصورة اللى احنانقبلها ٠ ده سبب ان احنا حطينا فى النقط الستة النقطة الثانية وهى خط ٢٢ أكتوبر فىإطار فك الاشتباك بين القوتين اما بيقبلوا خط ٢٢ أما بيدخلوا فى مسألة فك الارتباطليس الا تثبيتاً لوقف اطلاق النار لسه ما دخلناش القضية الاساسية إحنا عايزين قبلهوقف إطلاق النار ثم ندخل القضية الأساسية وهى حل مشكلة الشرق الاوسط والسلام ثم ماتم بعد النقاط الست محادثات الكيلو ١٠١ بين العسكريين وألغيتها لما لقيت أنها غيرمجدية - محادثات فى لجنة عسكرية بعد ذلك فى جنيف وأيضا استدعيت وفدنا لما لقيتهاغير مجدية إلى أن جاء يوم ٢٤ ديسمبر - فى يوم ٢٤ ديسمير اجتمع عندى - جمعت المجلسالاعلى للقوات المسلحة وعلى مدى ثمانى ساعات تم انجاز الخطة الكاملة لتصفية الجيبوصدقت عليها بوصفى القائد الاعلى للقوات المسلحة وبعدها بيومين سافرت إلى أسوان
فى ٢٦ ديسمبر لانه كان جهاد السنة السابقة شديداً جدا وكل شئ كان جاهزاً فىمكانه ولم يعد إلا أنى اتصل بالقائد العام وأعطيه الاشارة علشان ننفذ الخطة لتصفيةالجيب٠
وانتظرت ، اتصل الدكتور كيسنجر بى فى أسوان وقال إنه عايز ييجى رحبتعلشان فك الارتباط بين القوتين ، وصل إلى اسوان ، وبدأنا المناقشات وابتدأت رحلاتهاللى قرأتم عنها وتابعتوها بين أسوان وبين إسرائيل لإعداد اتفاق فك الارتباط
زى ما حكيت الاساس فى هذا الاتفاق ليس الا تثبيت وقف اطلاق النار لميدخل إلى صميم المشكلة اطلاقا لأن قرار مجلس الأمن يؤكد على أمرين ، الأمر الأولإيقاف اطلاق النار واحترامه ٠ البند الثانى التنفيذ الفورى للقرار ٢٤٢ وضمانالقوتين الاعظم لهذا التنفيذ الفورى٠ ما زلنا فى النقطة الاولى وهى إيقاف اطلاقالنار واحترامه ٠
- سافر الدكتور كيسنجر وعاد زى ماشفتم وتابعتم أكثر من مرة ولم نتفق ٠٠ كان لنا وجهة نظرنا ٠٠ وكان للاسرائيليين وجهة نظرهم ... أنا طلبت منه رسمىاًقلت له أنا لا أطالب بفك الارتباط إن كل اللى باطلبه خط ٢٢ أكتوبر فقط مش عايز أكثرمن هذا ، أنا عايزهم فى الغرب عندى بس على خط ٢٢ اكتوبر رسميا ، عندئذ فكر الدكتوركيسنجر فى فكرة وهى أن قال ٠٠ طيب أنا باسمع كلامكم باروح اسرائيل هناك باسمعكلامهم والواضح ان كل منكم له وجهة نظره وكل واحد مش عايز يتنازل عن وجهة نظره ولكنأنا شايف فى الناحيتين أنه فيه ميل إلى احترام وقف اطلاق النار - طيب - أمريكاتتقدم بعرض للطرفين فقال لى هل عندك مانع ما عنديش مانع اذا كان هذا العرض يناسبناويتفق مع وجهات نظرنا ماعندناش مانع فقلت له أبداً وعلى استعداد لمناقشته ٠٠ راحاسرائيل وعرض نفس العرض ٠٠ قالوا ماعندهمش مانع ٠٠ ووضعت أمريكا العرض الخاص بنقطةالخلاف وهى الخطين شرق القناة ٠٠ الخطين المصرى والاسرائىلى اللى شرق القناة ٠
ده بقى العرض الامريكى اللى انتهى الأمر بقبولنا ليه احنا الطرفينبعد أن عرض علينا الدكتور كيسنجر ، هذا العرض حاول البعض أن يشوه الموقف ويقول إنهناك اتفاقات سرية ، ماحصلش اتفاقات سرية وإلا كان لابد أن أخطر المؤسسات بها ولوأنها ذات طبيعة عسكرية قد لا يصح الكشف عنها الا بعد فترة ،ولكن ما حصلش اتفاقاتسرية ما يقال عنه اتفاقات سرية هو العرض الامريكى اللى تقدمت به أمريكا -- ليه ؟لان وجهات النظر للطرفين مختلفة وكل واحدة عنده وجهته ٠
مجمل هذا العرض الامريكى أن الخطين شرق القناة كل خط منهم لا يزيدمجموع القوات فيه عن سبعة آلاف جندى بأسلحتهم ٠ آدى مجمل الاتفاق اللى بيقولوا عليهاتفاق سرى ٠٠ اتحط هذا العرض الامريكى قدامنا وأمام اسرائيل ٠٠ حصل عليه تعديلات منجانبنا ومن جانبهم وفى النهاية العرض الامريكى انحط لنا فى صيغة نهائية وكان يتفقمع وجهة نظرنا ٠٠ اتفقنا ووقعت اتفاقية الفصل بين القوات على الكيلو ١٠١ بواسطةالعسكريين ايضا لان هذا الاتفاق ليس الا اتفاق ذو طبيعة عسكرية بحتة لتثبيت وقفاطلاق النار لسه لم ندخل على صلب القضية ده فيما يختص بقرار وقف اطلاق النار وما يختص باتفاقية الفصل بينالقوات ٠ ما خلا ذلك لا توجد هناك أية اتفاقيات أخرى ٠ قالوا فى وقت من الاوقات إناسرائيل اشترطت أنها تعمر مدن القناة وتفتح القناة كذب ماحصلش ولو حصل هذا كنارفضنا ببساطة كلام كثير وفى محاولات كثيرة من بعض اخواننا العرب ٠٠ عناصر قليلة فىبعض البلاد العربية تحاول تشويه مصر ، برضه ما فلحوش لإن احنا بنشتغل بوضوح كاملومافيش شئ بنخبيه اطلاقا ، احنا جاهزين نفصح عن كل شئ ٠٠ بس نفصح بالطريق السليموأنا مـــش ملزم بأن أفصـــح أمــــام حد قبل ما أفصـــح أمــــام المؤسساتالدستــــوربة هــنا داخـــل مـــصر ٠ بانتهاء أو باتمام الفصل بين القوات فى أولشهر مايو حسب الاتفاق أو العرض اللى احنا قبلناه والاسرائيليين أنا باعتبر ان احنادخلنا مرحلة جديدة مش مرحلة أن المعركة انتهت لا ، وده واضح فى الورقة اللى قرأتوهادى ٠٠ لا ٠٠ المعركة لم تنته . ولكن تضاعفت المهمات الملقاه علينا لانه أصبح أمراًحتمىاً أن نبدأ فورا إعادة البناء والتعمير اللى خلال ست سنوات ونصف تخلفنا فيهونبدأ فى حل المشاكل اللى بيواجهها شعبنا اللى صدم وعمل هذا التحول التاريخى الرائعفى حياة العالم كله مش فى حياة أمته أو فى حياة المنطقة بس زى ما قلت وانما هذاالتحول كان فى حياة العالم كله ٠ استحق شعبنا أن نبدأ دخول مرحلة إعادة البناءوالتعمير جنبا إلى جنب مع مسئوليتنا عن المعركة إلى أن ينتهى احتلال اسرائيل للارضالعربية ٠ علينا مهمة مزدوجة لابد أن نسير فى الاتجاهين على التوازى بكل ما نستطيعأن نعيد البناء والتعمير وأن نحافظ على قواتنا المسلحة ونكفل سير المعركة إلى أنينتهى جلاء آخرا جندى اسرائيلى عن الارض العربية ويتحقق السلام بإعادة حقوق شعبفلسطين ٠ فى هذا أنا بآجى للنقطة الاخيرة وهى ما هو الموقف اليوم ؟ أو ما هى الرؤيةاليوم ؟ بدون أى التفات ٠ زى ما قلت هنا - الى محاولات التشكيك والمزايدات ٠ احناتركنا كل هذا وماشيين فى طريقنا بثبات ٠ الموقف اليوم ببساطة يتلخص فى الاتى : انالبند الاول من قرار مجلس الامن وهو وقف اطلاق النار واحترامه نفذ على الجبهةالمصرية باتمام فض الاشتباك ، على الجبهة السورية لسه لم يتم اتمام هذا البند ، الىأن يتم تنفيذ هذا البند وهو تثبيت وقف اطلاق النار ٠
بدون فك الاشتباك على الجبهة السورية لن نستطيع أن نتحرك إلى النقطةنمرة اثنين وهى التنفيذ الفورى لقرار ٢٤٢ بضمانة القوتين الاعظم وهذا أدى ببساطةالى الموقف اللى احنا فيه ٠ خرج البعض وشكك وقالوا إن مصر اتهزمت وأن أنا ماكانشعندى الشجاعة أقول إنى انهزمت - لا - مصر ما انهزمتش ٠ مصر انتصرت أروع انتصار ٠شككوا ولا زالوا بيشككوا حتى هذه اللحظة ولكن أنا زى ما قلت كل ده بندوسه بأقدامنالان احنا شايفين أمامنا طريقنا واضح ، وواضح أمام الكل وخطواتنا ثابتة على هذاالطريق نحو اتمام حل المشكلة ٠
وهنا أحب أن أذكر فى هذه القاعة وأمام شعبنا وأمام أمتنا العربيةكلها ومن قبل ستة أكتوبر ٠ طالما ناديت أن القضية ماهش قضية معركة حانعملها وتحلالقضية وتنتهى فى ساعة ٠ أنا قلت ده صراع طويل ... صراع أجيال - لو تذكروا - قلتههنا ، وقلته لشعبنا وقلته لآمتنا العربية كلها خلال سنة ٧٣ وقبل وقت طويل قبلالمعركة ٠ دى قناعتى إلى اليوم ٠
القضية صراع أجيال مش معركة وتنتهى أبدا ٠ وأنا قلت لو تذكروا أيضاأن التحرك العسكرى على قناة السويس وفى الجولان ليس إلا الشرارة الاولى لبدء الصراعالطويل من أجل حل القضية ٠ البعض - جهلا أو تعمدا - بيتصور أن المسألة بتنتهى فىيوم وليلة - ده مش عايش معانا ولا عارف أيه اللى بيجرى فى العالم من حولنا والانسانبيشفق عليهم لان مصائر الشعوب ماتتاخدش ببساطة أو بانفعال أو بحركات مسرحية أوحركات مزايدات ٠
مصر هنا لم تزايد على حل - ومصر هنا لم تفتح معركة مع حد لنا معركةواحدة فقط احنا فيها إلى أن تتم ان شاء اللّه٠
لكن زى ما قلت أصبح علينا بعد اتمام فك الارتباط وتثبيت وقف اطلاقالنار إنه ننطلق بقوة فى إعادة البناء والتعمير من أجل إسعاد شعبنا بعد الالموالظلام اللى عشناه فى الست سنوات الماضية بعد يونيو ٦٧
يهمنى أن أبلغ مؤسساتنا الدستورية الاساسية أنه بعد فض الاشتباك فىأوائل مارس الماضى أن قواتكم المسلحة فيما عدا بعض الطلبات التى لم يستجب لهاالاتحاد السوفيتى - قواتكم المسلحة فى مارس الماضى أقوى تماما مما كانت فى ٦ أكتوبرسنة ١٩٧٣ وباقول هذا ليه - لأن البعض بيتساءل احنا لسه مادخلناش لصلب القضية وهوالتنفيذ الفورى لقرار ٢٤٢ والمضمون بالقوتين الاعظم لسه مادخلناش٠ البعض بيتساءل ،طيب - ماهو الضمان ان اسرائيل حاتنفذ الانسحاب ٠٠ أو ٠٠ أو ٠٠ أو ٠٠ وأنا رديت علىهذا وعلشان كده بأقول لكم ضماننا الأول هو فى شعبنا وفى قواتنا المسلحة وعلشان كدهباطمنكم أن قواتكم المسلحة فيما عدا الطلبات التى لم يستجب لها الاتحاد السوفييتى - فيما عدا هذه الطلبات قواتكم عادت أقوى مما كانت فى ٦أكتوبر ٧٣ لان دى ضمانه أساسيةعلشان نكمل معركتنا ٠ ليس معنى هذا إن احنا مابنحترمش توقيعنا لا - احنا بنحترمتوقيعنا ونحترم اتفاقنا ونحترم وقف إطلاق النار إلى أن يثبت أن الطرف الآخر لايحترم وقف إطلاق النار - عندئذ يكون لنا موقف آخر ٠ يتبقى نقطة بعد ذلك فى الواقعأخيرة قبل أن نأتى إلى الورقة وهذه النقطة فى علاقتنا مع القوتين الاعظم ٠
علاقتنا أولا مع الاتحاد السوفييتى بوصفه صديقاً لنا - زى ما قلتلكم دلوقت فيه لنا بعض الملاحظات على هذه العلاقة ٠ وده أمر طبيعى حتى بين اللىبيدخلوا حرب حلفاء مع بعض بيبقى بينهم ممكن هذا وبيحصل وأكثر - انما احنا أصدقاءمجرد أصدقاء وممكن أن يحدث شئ أو أشياء فيما بيننا أو سوء فهم فى المرحلة الحاليةانا ما اعرفش ليه فيه سوء فهم على الأقل انا اريد ان أؤكد أمامكم وعلى مسمع منشعبنا كله انه من جانبنا احنا هنا ومن جانب مصر احنا مابنعملش على سوء التفاهم بلعلى العكس نحن نعمل على استمرار هذه الصداقة ، ومابنستجبش أبدا لاى استفزازات أو أىنرفزات من أى جهة - مابنستجبش أبدا : ولكن للاسف بأجد سوء فهم يتمثل أو يترجم أمامىبتصرفات لا أجد لها تفسير٠ يعنى سمعتونى دلوقت بأقول إنه فيما خلا بعض الطلبات اللىطلبناها من الاتحاد السوفيتتى ولم ترد بعد ٠ قواتنا عادت كاملة تماما - بس هذهالطلبات فيها حاجات جوهرية أساسية ٠ هذه الطلبات مثلا - بتترجم سوء الفهم من جانبهم .. أنه أبعث أربع رسائل للرئيس بريجينيف منى كرئيس لمصر وأطلب فيها هذه الطلبات علىمدى الست شهور الماضية فلا يصلنى رد إلا من شهرين مع السفير السوفييتى ان الطلباتتحت الدراسة ثم من شهر مع وزيــــر خارجيـــة الاتحـــاد السوفيتى ، لما زارنا نفسالرد أيضا أن الطلبات تحت الدراسة ٠
مش معقول تكون تحت الدراسة ستة أشهر وأنا أعلم أن هذه الطلبات ليسفيها خوارق أو أشياء مستحيلة - أبدا - وانما عادية تماما ٠ تحت الدراسة ستة أشهرومن الستة أشهر دول كان فيه عندى شهر خــــرج اللى هو الشهر الاول للجيب اللى هـــوشهر نوفمبر ٠ ما أعرفش أن ده يكــــون يعــــنى أمر لسه يحتــاج لدراســــة ٠ أناباترجمه أن فيــه ســــوء فهم ٠ خرج أيضا كلام من عندهم أن مصر خلاص سأمتالاشتراكية ٠ بس الاشتراكية أنا ارجو إنه يكون مفهوم للكل إن إحنا ما اخترناشالاشتراكية لإرضاء حد ما اخترناش وما نختاره لانفسنا هو من صميم مسؤليتنا حسبظروفنا ومقتضيات المرحلة اللى احنا بنمر بيها احنا ما بنحتاجش تعليقات من حد علىاشتراكيتنا ولا على نظامنا كل هذا واضح فى الورقة اللى عند حضراتكم احنا منذ يوم ٢٣يوليو ٥٢ لنا إرادة حرة خالصة هذه الإرادة مصرية مائة فى المائة وستظل أن شاء اللهمصرية مائة فى المائة ، قبل هذا حقيقة بأسف لسوء الفهم هذا قد يكون لان أسباب أخرىأيضا انه بدأت علاقتنا تتحسن وتنفتح على الولايات المتحدة ومع الغرب وايضا معالانفتاح الاقتصادى قيل عنه ما قيل ٠
برضه أنا باقول إن كل دى أمور من صميم شئوننا ولانقبل حتى التعليقلأن التعليق حتى فيه شئ من المجافاة للذوق - يعنى مش عايز أقول كلمة أكثر - لإنىمابحبش أستخدم هذه الالفاظ٠ احنا احرار وأحب أقول لكم إنه زى ما سمعتم منى اللى ضمنقرار وقف اطلاق النار القوتين الاعظم ، ولا مصلحة لنا فى أن نعادى أحداً - لا منالقوى العظمى ولا من الدول اللى ماهش عظمى احنا علاقتنا لابد أن تكون طيبة مع الكللصالح مصر ٠ من يبادرنا العداء نرد عليه لكن لا نبادر أحد بعداء٠ احنا فعلا فىمرحلة إعادة تشكيل علاقاتنا على أساس مبادئنا ، وهى الحياد الايجابى الواضح الكامل، بين المعسكرين فى هذا العالم ٠ واللّه اذا كان هذا لا يلقى قبولاً من البعض ماهشذنبنا - احنا كده - واختارنا لنفسنا كده - كون تعود علاقاتنا ، طيب ماهى المتغيراتالعالمية من حولنا كلها بتنبئ بهذا فى أوربا مؤتمر الامن الاوربى بيجتمع علشان الشرق و الغرب ليوجدواصيغة لأسلوب التعايش ٠ الأيديولوجيات المختلفة المتصارعة اللى هى كانت الرأسماليةوالشيوعية فى روسيا تقابلوا فيما يسمى بالوفاق الدولى - العالم فيه متغيرات ضخمةكتبت لكم عنها - اللى مايعيش هذه المتغيرات يبقى ماهش عايش العصر اللى احنا فيه ٠العالم نبذ الحرب الباردة واتجه الى سياسة الوفاق حتى بين النظامين اللى كانوا مشمتعادين بس ، بل دول كانوا فى صراع ، بقى فيه وفاق ٠ احنا من مصلحة مصر الا يكونلها اى صراع مع قوة كبرى أو أى قــوى أخــرى الا إذا بــادرتــنـا هــذه القوةبالعــداء أو بالصـــراع
وده خط واضح تماما من أجل هذا بيهمنى أبلغكم أنه أمام هذا الوضع أنااخذت قراراً مع القوات المسلحة بتاعتنا بضرورة تنويع مصادر الاسلحة لنا وتنفيذ هذاالقرار فى مثل المرحلة اللى احنا بنمر بها من الصعب على جدا وأنا مسئول ليس أمامشعبنا فقط دائما امام أمتنا العربية كلها أنى أقف مكتوف الايدى أمام ستة شهور طلباتأسلحة لا يرد عليها وأترك قواتنا المسلحة وأترك شعبنا وأمتنا وقضيتنا بدون حمايةوضمان لاستمرار القضية وحلها ٠٠ ده وضعنا ٠٠ أنا باقول بارحب كل الترحيب بأننا نصلالى الموقف اللى نقعد فيه مع بعضنا احنا والاتحاد السوفييتى كاصدقاء ونتصارح مفيششئ عندنا بنخبيه ومفيش خلفيات ولعلهم يكونوا فهمونى كويس من درس الخبراء سنة ٧٢ - اعتقدوا أنى كنت باعمل هذا ، بالاتفاق مع أمريكا أو غيرها وثبت لهم بعد ثمانية شهورأنه ما كانش فيه اتفاق لا مع امريكا ولا مع حد ده كان قرار وطنى بحت وكان وقفة معالصديق زى ما قلت ، قد أيه حناخد على ما نوصل بهذا أرجو أن الوقت ما يطولش ونقعد معبعض ونناقش أموورنا بصراحة ٠
للأسف كل نقط الخلاف السابقة عادت كما هى تماما بدون داعى وسوءالفهم عاد كما هو بدون داعى من جانبنا أنا باقول نحن لا نريد صداقة حد على حساب حدبصراحة ما بنصادقش أمريكا على حساب الاتحاد السوفييتى ولن نصادق الاتحاد السوفييتىعلى حساب امريكا كده بصراحة لإن اللى بيمد ايده بالصداقة لنا بنمد ايدينا بالصداقةله ولان ما يحكمنا هو كلمة واحدة مصر ومصلحة مصر ٠
بيأتى بعد ذلك موقفنا مع أمريكا بدأ بلا شك التحول أو التغيير فىسياسة أمريكا ولعل يوم أن تقدم كيسنجر كما حكيت لكم فى أسوان بعرض أمريكى بينناوبين اسرائيل فى الوقت اللى كانت أمريكا ١٠٠ فى المائة منحازة الى اسرائيل أو فىأحسن الفروض كانت تقول اتكلموا مع اسرائيل ٠٠ يا إما منحازة ١٠٠ فى المائة على وقتجونسون - وجونسون للأسف كانت فترة سوداء فى تاريخ أمريكا زى ما هى فى تاريخنا احناكمان هنا عشناها الايام ما بعد يونيو الاسود أيضا كانت فترة جونسون فى أمريكا سوداءعلى الشعب الامريكى ومعلقيهم الكبار قالوا هذا الكلام قبل احنا ما نقوله - حصل تحولجذرى بدل ماأمريكا تكون منحازة ١٠٠ فى المائة فى جانب اسرائيل أو فى أحسن الفروضتقول لنا اتكلموا لا لما لقى الدكتور كيسنجر المسألة توقفت عاد الرئيس الامريكى ضدموافقته على أن تتقدم أمريكا بعرض بين الاثنين وباعتبر ده تحول جذرى بالنسبة لموقفأمريكا عشان كده كانت بعد ذلك الخطوات اللى تمت بيننا إعادة العلاقات الدبلوماسيةوتطور العلاقات واللقاءات المستمرة اللى فيما بيننا واللى بتحصل ٠٠ بيحلوا للبعض - وأنا كاتب فى الورقة دى - لازم نخلص بقى من عقدة أنه أمريكا حاتضحك علينا أوالاتحاد السوفييتى حايضحك عليكم أو نتعامل مع أى حد يقول أوعوا لحسن حيضحكواعليكم٠٠ احنا نتحرر من العقدة دى ٠ بقى احنا بنعرف مصلحتنا اللى بيوافقنا بنوافقعليه - اللى يتفق مع مصلحتنا بنوافق عليه اللى لا يتفق مع مصلحتنا بنرفضه وده يتمبطريقة علنية لانى مسئول أن أضع أمامكم كمؤسسات دستورية فى البلد وأمام الشعب وأمامأماتنا العربية كل الحقائق واضحة بلا اتفاقات سرية ولا اتفاقات جانبية ، بعد ذلكبنكون أتممنا زى ما قلت لحضراتكم المواقف اللى ما قدمتش لكم عنها تقرير وهى: وقفاطلاق النار 0 ثم اتفاقية فك الارتباط بين القوات 0 ثم صورة الموقف اليوم 0 ثمعلاقتنا مع القوتين الأعظم 0 يتبقى علاقاتنا العربية وأنا أريد أن أطمئنكم أنالموقف العربى ثابت برغم كل المحاولات اللى بنسمعها من حوالينا 0 الموقف العربىثابت وصلب ومستمر إن شاء اللّه00

محمد حسن ضبعون
21-06-2010, 05:42 PM
كلمة الرئيس محمد انور الساداتفى حفل ( المعادى ) لتكريم الأبطال المعاقين
فى حرب اكتوبر
فى٩ مايو ١٩٧٤


بسم الله
ابنائى .. هذه الاوسمة التى سأضعها على صدوركم بإسمالشعب كله ... الشعب الذى لن ينسى ابدا ما قدمتم له .. والذى يرى فيكم الوسامالأعظم المعلق على صدر امتنا كلها ... لقد انطلقتم يوم ٦ اكتوبر المجيد تحت شعارالنصر او الشهادة تردون لمصر اعتبارها وتسترجعون لها امجاد تاريخها وتشقون لها عبرحصون العدو واستحكاماته طريقا عريضا نحو مستقبل جديد تماما . لقد كان من حظ كل منكمان يقوم بدور فى هذه الصفحة المشرفة كما كان من حظ مصر ان يكون لها ابناء مثلكم حينازفت ساعة الامتحان الكبير
كل فرد منكم مر فى اثناء القتال المجيد باللحظة الحرجة التى رأىفيها دما ينزف او زميلا يستشهد وآخرين يواصلون الاقتحام ولكن كل واحد منكم فى هذهاللحظة المجيدة الخاصة به كان يساهم فى صنع تلك الملحمة البطولية الرائعة ويرسمبدمه اقدار بلاده لمئات مقبلة من السنين
وانتم بالاشتراك مع اخوة لكم فى القوات المسلحة السورية قد دفعتمضريبة الدم نيابة عن الامة العربية كلها فارتفع بكم رأسها وزادت بكم مكانتها ووجدتعلى وهج تضحياتكم مكانها العزيز تحت الشمس بل ان العالم كله يدرك أبعاد ما حققتم ،قبل أن آتى اليكم كنت اقرأ بالصدفة التقرير السنوى لمعهد الدراسات الاستراتيجيةالدولية فى لندن ... هذا التقرير الذى يصدر غدا يقول: إن حرب اكتوبر بسلاحيهاالعسكرى والبترولى قد جعلت من العرب قوة سادسة فى العالم بعد امريكا وروسيا والصينواليابان وكتلة أوروبا الغربية ويقول ايضا هذا التقرير ان حرب اكتوبر جعلت بقاءاسرائىل فى أى أرض عربية ترفا باهظ الثمن لن تقدر عليه بعد اليوم أبدا
ايها الابناء الابطال .. ايها الابطال أريدكم ان تعرفوا جميعا انكمابناء لكل ام واب واخوة لكل شاب وشابه ومثل اعلى لكل طفلة وطفل فى هذا البلد اريدكمان تعرفوا ان شعبكم لن ينسى جميلكم عليه ابدا
وانه كما كان مستقبل هذا الشعب كله امانة فى اعناقكم وانتم تخوضونالمعارك وتواجهون الموت فإنكم الآن امانة غالية فى اعناقنا جميعا وانتم تضمدونجراحكم وتواجهون الحياة .. لذلك فقد اتخذت اليوم قرارا ان اسند الى كل واحد منكمعملا يحبه بعد شفائه وتأهليه وستأتى اليكم هنا لجان من الخبراء لتقابلكم وتساعدكمعلى اختيار العمل الذى يريده كل منكم ... فمصر اليوم فى حاجة إلى كل واحد منكمليبنى معها بناء الغد
ابنائى الابطال .. ان وجودكم بيننا هو تجسيد حى ومستمر لانتصاراتناوتذكير دائم لنا بمسئوليتنا نحو شعبنا وبلادنا .. وقد حاربتم لكى تفتحوا امام هذاالشعب باب الأمل وصار علينا اليوم ان نعمل بكل جهد لكى نجعل من هذا الامل حقيقة ،اننى ارجو لكم جميعا الصحة والسعادة حتى يستطيع كل فرد منكم ان يروى لأكبر عدد مناهله وابناء بلده قصة ملحمتكم الخالدة وان يقول لأكبر عدد من الاجيال الصاعده انامن الذين عبروا
وفقكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

محمد حسن ضبعون
21-06-2010, 05:43 PM
حديث الرئيس محمد أنور السادات
الي إذاعة الشعب
في ٢٥ أكتوبر ١٩٧٥



المذيع : بالنسبة لمعارك أكتوبر أثبتت هذه المعارك بالفعل قدرة الانسان المصري علي التنفيذ والتخطيط علي أعلي مستوي عالمي معاصر ما هو تصور الرئيس السادات للمنهج الذي يمكن عن طريقه أن تسري روح أكتوبر في كل مجالات العمل الوطني الداخلي في بلدنا؟
الرئيس : هو أحنا نجحنا في حرب أكتوبر ليه ؟ نجحنا في حرب أكتوبر لانه أولا أعددنا لها الارضية في جميع الاتجاهات بمعني الارضية عربيا كان لا يمكن ندخل وأحنا ممزقين ومعارك جانبية بيننا أعددنا لها أفريقيا أعددنا لها أمام العالم وأخذنا قرارا في مجلس الامن بـ ١٤ صوتا ضد صوت واحد سنة ١٩٧٣ أعددنا لها في دول عدم الانحياز أعددنا لها بوضوح الرؤية ووضوح الخط أمام العالم كله وده اللي خلي العالم احترمنا ، كان فيه اعداد كامل ده بخلاف الاعداد الداخلي يمكن ماحدش يعرف النهاردة اعداد واحد مجهول وأحب أن ده يتقال أحب أن الناس تعرف كيف اعددنا الجبهة الداخلية شعبنا في منشآتنا ومصانعنا وكل مرافقنا للحرب لا يقل عن الاعداد اللي أنا خليته في المرافق الاخري وبعدين كان العنصر الرئيسي جيش مؤمن بالله ، مؤمن بوطنه ، مؤمن برسالته ، تدريب شاق عنيف علي أحدث ما في العصر من علم عسكري بكل هذه العناصر مجتمعة استطعنا أننا نكسب حرب أكتوبر معني هذا لما تيجي ننقله للقطاع المدني وفي البناء معني أن احنا محتاجين لإعادة تنظيم كامل ، خاصة وأن احنا قفلنا زي ما قلت علي نفسنا حطينا ستار حديدي من حولنا ، من حولين نفسنا وتصورنا أن احنا بمعزل عن العالم سنأتي بالمعجزات ودا أثبت أنه خطأ وكانت النتيجة أن أحنا استنزفنا استنزافا كاملا مش بس استنزاف اقتصادي وانما استنزاف معنوي نفسي في سبع سنين سنين الصمود الرهيبة اللي أحنا قعدناها وجفت ونشفت موارد البلد بالكامل وتحقيق الستار الحديدي اللي انا بحكي عليه بيضاف اليه روتين الحكومة كنا نشكو منه طول عمرنا ولكن زاد عليه مشاكل مرحلة من سنة ٦٢ مشاكلنا اللي احنا بنعانيها النهاردة محدش يظن انها نتيجة صمود السبع سنوات بس ، لا دي من سنة ٦٢ وإحنا بنرحل مشاكلنا في المرافق مثلا في اللي بيقولوا عنه اللي هو البناء الاساسي للدولة اللي هو بيطلق علي المواصلات والاسكان والمياه والتليفونات والنور المياه شبكة المياه محتاجة لتغييرها منذ عشرين سنة ، وكان لازم ابتدينا الكلام ده في سنة ،٦٢ فكنا بنرحل اللي بنعانيه النهاردة شبكة التليفونات نفس الشئ الكهربا نفس الشئ معدلات التنمية في النواحي زي الاسكان وغيرها اترحلت من سنة لسنة علشان نبني للانتاج فترحيل المشاكل من سنة ٦٢ لغاية ما ابتدينا بعد ٧٣ بنعيد البناء مرة أخري هو ده اللي مسبب لنا الاختناقات اللي احنا بنعيشها ، وأنا احمد الله انها يعني بعد ما يعرفها الناس أنها اختناقات بترحل من سنة ٦٢ احمد الله انها في حجمها الحالي اللي احنا بنشكو منه ما هيش في حجم أخطر كما كان يجب أن تكون لانه فيه جهد بيبذل أنا أملي كبير جدا لان ممدوح سالم اليوم عاش معايا أولا معركة مايو اللي هي تصفية مراكز القوي وعاش معايا معركة ٧٣ اللي هي معركة ٦ أكتوبر ، وكان القائد للدفاع الشعبي في الجمهورية كلها وفي عملية السويس كان له دور رائع أنا باقول أني باحمد الله انه النهاردة علي قمة الجهاز التنفيذي في الحكومة لانه عاش معايا ده كله وعاش معايا التحضير لمعركة أكتوبر وهو بسبيله الان لتطبيق ما اتخذناه لكي ننجح في معركة أكتوبر في الداخل علي النهج الداخلي علشان ننجح في معركة التعمير واعادة البناء إن شاء الله
المذيع : اخلاقيات القرية وروح الاسرة الفلسفة التي نادي بها الرئيس والتي ترسخت اخيرا في الوجدان المصري ماهو الاسلوب الذي يري الرئيس اتباعه لتحقيق هذه الروح وتأصلها في مجال الاسرة العربية علي امتداد الوطن العربي كله خاصة بعد أن ظهرت نتائج هذه الروح العائلية في حرب أكتوبر ؟
الرئيس : فرصة كويسة علشان أرد علي بعض الكلام اللي بيتقال النهاردة البعض يقول إن الامة العربية في مأزق بعد اتفاقية فك الاشتباك الثاني ، التضامن العربي في مأزق ، أنا باضحك كل ما بقرأ هذا الكلام لانه ما عادش ابدا التضامن العربي بعد أكتوبر يكون في مأزق اللي يكون في مأزق هو العقلية الحزبية الضيقة الاقليمية اللي بتنظر تحت رجلها بس ما بتبصش للامام لن يستطيع أحد أن ينال من التضامن العربي أو من الوقفة العربية اللي احنا واقفينها النهاردة ، لن يستطيع أي حزب ، لن يستطيع أي حاكم ، لن يستطيع أي فرد في الامة العربية أن ينال من هذا التضامن يجوز يحصل سحابات من أن لاخر ولكن لابد أن تزول هذه السحابات وهذه الغيوم لسبب بسيط اللي انت قلته ان التضامن العربي لم يبن علي اساس فرض ارادة دولة علي بقية العرب أو فرض ارادة رئيس علي بقية الملوك والرؤساء او ملك علي الملوك والرؤساء لا التضامن العربي بنُي علي اساس ما ورثناه احنا العرب من قيم اللي انا باعبر عنها هنا في مصر بأخلاق القرية
إن التضامن العربي بنُي علي اساس التقاء الاخوة علي الهدف بمحض اختيارهم وبدون فرض أي زعامة أو سيطرة عليهم زي اللي بيحاولوا البعض اليوم في حزب البعث العربي الاشتراكي للاسف بتاع سوريا بيظنوا ان الاسلوب القديم بتاع محاولة فرض الارادة علي الامة العربية بيعطيهم زعامة دول غلطانين .. لن يعطيهم زعامة ولن يهتز التضامن العربي شعرة اطلاقا لانه قائم علي مفهوم الاسرة اللي احنا بنقدسه واللي له قيم عندنا في تاريخنا العربي له قيم وله ابعاد زي معني العيب زي معني ان كل انسان بيعرف حده وبيقف عنده حده ، زي احترام الكبير زي الشوري النابعة من الاختيار والارادة الحرة والواعية لمصلحة الاسرة جميعا المذيع : سيادة الرئيس المعروف أن سيادتك بدأت في عام ١٩٣٨ الكفاح الوطني الرافض لكل خطايا الحكم قبل الثورة وحتي خلال الثورة هذا الكفاح امتد سنوات فما هي نوعية العلاقة العضوية بين صمودكم الشخصي في سنوات الكفاح أيام السجن والاعتقال والتشريد وبين صمودكم القومي والوطني منذ توليكم المسئولية؟
الرئيس : أكثر ما اعتز به في حياتي هو ما تعلمته في القرية لما تفتحت عيني لأول مرة علي الحياة في القرية وفي الحقول الواسعة والسماء الصافية والايمان اللي بنتعلمه ان الحبة بنضعها فبتطلع بإرادة الله وتدينا شجرة وثمار اعتز بهذا ، وده اللي بني الصلابة بدون هذه الصلابة أنا اتعرضت لمحن صعبة جدا كان اقساها محنة السجن ولما ييجي اليوم اللي اكتب فيه عن السجن حقول أن الستة شهور الاخيرة من ٣١ شهرا قضيتها في الزنزانة رقم ٥٤ في سجن قراميدان تحت رقم ٢١٥١ السجين رقم ٢١٥١ وفي الزنزانة ٥٤ لمدة ٣١ شهرا كانت تجربة محنة وآلام احمد الله اني خرجت منها سليما فأضافت الي ما صنعته بي القرية احكي لك قصة صغيرة ازاي أول ماجيت القاهرة من القرية المذيع : كان سن سيادتك كام ؟
الرئيس : أول ما جيت كان والدي الله يرحمه في السودان ، نزل مع الجيش المصري اللي نزل في سنة ٢٤ فخدنا في مصر سنة ٢٥ وأنا مولود في آخر سنة ١٨ لانه ٢٥ ديسمبر يعني يبقي من ١٩ الي ٢٥ يعني حوالي ٦ سنين جيت مصر أنا جيت مصر وأنا كنت من عائلة نعيش فيها تقريبا في خط الفقراء وتحته بشوية لكن جاي وأنا اشعر من القرية اني في اصالة وفي نوع من التفوق كل اللي في المدينة دول ، كل اللي شايفه ده شاعر أنا بنوع من التفوق لانه في القرية لنا هناك دارنا ، بيتنا ، واعتزازنا بالارض والعلاقات اللي بتخلي القرية كلها اسرة واحدة وتحط كل واحد في مكانه وتدي كل واحد حقه والحدود والعيب والمعاني والايمان والقيم
كل ده أول ما جيت القاهرة وأنا شاعر بهذا التفوق ، ونزلت اشتري من البقال اللي أمام بيتنا نزلت اشتري كبريت في القرية عندنا ما نقلش كبريت نقول عليه " كسفريت" قلت له هات علبة كسفريت ، الاولاد واقفين حولي هاجوا من الضحك علي ، والبقال قال ما عنديش كسفريت
أنا استغربت أيه الحكاية ؟ قالوا ده اسمة كبريت أمام هذا الاحساس أولا بالتفوق قلت لهم لا هو اسمه كسفريت وظليت مصرا علي انه كسفريت لغاية ما باع لي الراجل العلبة وانه كسفريت برغم تهريجهم وضحكهم علي القرية بتدي مناعة ، بتدي اصالة ، بتحمي الانسان داخل نفسه بأصالة لما ييجي المدينة ويشوف مظاهر المدينة المادية والمظاهر اللي في كثير منها بتنسي القيم والمثل بتاعة مجتمعنا ، بيحس ، هنا الفلاح متفوق لانه ينتمي الي الارض ولو انه تحت خط الفقر
أنا بقول ان الفضل كله لما تعلمته من القرية لانها في كل مراحل حياتي وأنا تحت خط الفقر أشعر أني متفوق علي كل دول اللي في المدينة ، دول مع كل مظاهر الثراء وكانوا اصدقائي في الثانوي اغنياء ، وبيجوا بعربيات انما كنت في قرارة نفسي أحس بتفوق، علي كل دول لاني انتمي للارض الصلابة اساسها القرية ، زادتها المحنة ، محنة التشريد والسجن والمعتقل وزي ما قيل دي حكمة كبيرة جدا لا يبني الامم العظيمة الا الالام العظيمة كذلك لا يبني الفرد من داخله بصلابة وقوة الا آلام عظيمة وأنا مارستها طول حياتي
المذيع : الحكم في العصر الحديث اصبح الان علم قائم بذاته سيادة الرئيس نادي بضرورة ربط العلم بالايمان ما هو دور الايمان بالنسبة لفلسفة الحكم عند الرئيس السادات ؟
الرئيس : برضه سؤال استطيع اني اتحدث فيه ساعات وساعات أنا أحكي مثل بسيط جدا عليه من واقع الحياة اللي احنا عايشنها علشان يكون قريب الي ذهن الناس وقريب الي ذهن من احبهم واعنيهم بالذات وهم شبابنا لان دول املنا في المستقبل وعليهم ستشكل به احلامهم ووجدانهم وأمالهم وطموحهم ، عليه سيكون مستقبل مصر نأخذ مثل بسيط جدا بالعلم المجرد كان لا يجب أن اتخذ قرار ٦ أكتوبر العلم المجرد بيقول كومبيوتر دخل حسبتنا في الكومبيوتر احنا واسرائيل يخرج لك الكومبيوتر والعلم المجرد بأن قرار ٦ أكتوبر وأي قرار للحرب ليس الا جنون مطبق محكوم عليه مائه في المائة بالفشل التام والضياع حكيت وأنا بحكي بعض ذكرياتي في ( الاهرام ) أن أنا توصلت علشان يكون الانسان متوازن بعد المحن والالام اللي عشتها داخل الزنزانة ٥٤ ، والست شهور الاخيرة في هذه الزنزانة كانت أسعد ما عشت في حياتي، سيندهش الناس لما يسمعوا أن أسعد ٦ شهور عشتها في حياتي برغم اني رئيس النهاردة ابدا لا عشت ولن اعيش احلي من الست شهور الاخيرة في الزنزانة ٥٤ ليه؟
المذيع : حتي بالمقارنة الان ؟
الرئيس : قطعا والي أن اموت بالمقارنة
المذيع : قطعا فيه سر يهمنا اننا نعرفه من سيادة الرئيس الرئيس : بعد المعاناة الطويلة اللي قلت لكم عليها والآلآم الرهيبة الي بتصهر وتصقل الانسان توصلت الي معادلة غريبة جدا هذه المعادلة لكي يكون الانسان في توازن دائم ودي بقولها لاولادنا شبابنا يجب ان يحرص علي التوازن بين ثلاثة اشياء العقل بالقراءة والقراءة المستمرة لان ده الغذاء اللي ينمي العقل لان العقل زي الجسم في حاجة الي الغذاء والا يضمر تماما كما يضمر الجسم والقراءة والبحث المستمر ليس لمجرد القراءة وانما التمعن والفكر والخروج بالدروس من كل كلمة تقرأ لابد أن يحدث توازن بين العقل بهذا أو بين الجسم بأن يحتفظ الانسان به علي درجة من اللياقة علشان يخدم العقل وبيني الروح والروح هنا غذاؤها هو الايمان واذا استطاع الانسان ان يجد هذا التوازن بين الثلاثة ابعاد دول بيكون انسان اكتمل التوازن له ، ويستطيع أن يواجه أي شئ في الحياة لدرجة أن في الستة الاشهر الاخيرة في السجن اللي حكيت عنها شعرت انني فوق الزمان وفوق المكان لم اكن اشعر أني في اربع جدران متر ونصف في مترين وجردل لمياه الشرب وجردل علشان استعمله بدل بيت الراحة كما يقول الفلاحين دي كان كلها زنزانة عشت ٦ شهور فيها لا الزمان ولا المكان بيشكل لي كما بيشكل لاي انسان عادي ارتفعت فوقهم ، ليه ، لانني استطعت اني اوجد هذا التوازن
سؤالك عن الايمان وانماط الحكم لو أنني في الحكم وانا حاكم ويأخذ بالعلم فقط واروح علي الكمبيوتر واحط مشكلتنا أنا واسرائيل سيكون الجواب المؤكد القطعي أن هذه عملية انتحار وجنون ولكن فيه بعد آخر وهو الايمان جونسون اللي تحالف مع اسرائيل ضدنا واللي اداها اشارة الهجوم علينا طرد وزير الحربية بتاعه اللي هو ماسك البنك الدولي دلوقتي وزير الحربية ماكنمارا طرده لانه في وسط معركة فيتنام قال له الاسلوب اللي احنا ماشيين به ده غلط احنا ناسيين بعد اساسي مش مدخلينه في حسابنا وهو ارادة الشعوب فطرده جونسون علي طول وثبت أن ماكنمارا كان علي حق بعد ذلك نفس الشئ حصل في ٦ أكتوبر لو اني اخترت بالعلم فقط لما دخلت هذه المعركة العلم يقول بحسابه انها جنون وانتحار مطبق لكن فيه بعد آخر هو ارادة الشعوب صلابة هذا الشعب الايمان بتاريخ مصر وبقداسة كل حبة تراب في مصر والايمان اللي يصل الي حد اشرف لي الف مرة وأنا كان في حساباتي اني ادفن انا وعساكري في القناة
ويجي الجيل اللي بعدي يقول السادات وجيله رفضوا حائط الهزيمة والاستسلام وحائط الرعب والخوف رفضوا كل هذا ودخلوا وماتوا أنا واثق ان الاجيال اللي بعدنا كانت حتكمل وحتنجح انما لو قبلت انا حائط الرعب والاستسلام والانهزامية كان معناها اني مش ححارب ابدا وكان يسبب للاجيال أسوأ مثل بعدي هنا بقي بعد الايمان هو اللي تدخل في قرار 6 أكتوبر

محمد حسن ضبعون
21-06-2010, 05:46 PM
حديث الرئيس محمد أنور السادات
الي اذاعة الشعب
في ٢٧ أكتوبر ١٩٧٥




المذيع : الشباب ياسيادة الرئيس هو أمل بلدنا .. أمل شعبنا.. املمستقبلنا كله الشباب له حقوق وعليه واجبات هل يتفضل السيد الرئيس بمخاطبة الشباب فيهذا الاطار ليعرف حقوقه علي مجتمعه وواجبات مصر عليه ؟
الرئيس : زي ماقلت مافيش حقيقة عندي اغلي من هذا الحديث لابنائناالشباب لانهم مصر المستقبل احنا خلاص جيلنا اوشك انه يسلم للجيل اللي جاي خلاصانتهي انا بدي ان شبابنا يعرف مثلا انه زي ماله حقوق عليه واجبات باديء ذي بدء انااريد شبابنا انه يقرأ تاريخ بلده وكل الشباب لابد انه يتزود بحقيقة المراحل اللي مربها كفاح بلده علشان يقدر يكمل هو المسيرة لان مسيرة الشعوب وتاريخ الشعوب حلقاتمتصلة لايمكن ان تنفصل ابدا يوم ما بتنفصل او ييجي الاستعمار ويفصلها هنا بتكونكارثة وبتتأخر البلاد وهذا ينطبق علي الاستعمار البريطاني لما جه من ٧٤ سنة او ٧٥سنة وقطع تاريخنا زي ماهو عايز واللي حتصححه ان شاء الله اللجنة بتاعة حسني ان شاءالله عايز شبابنا أولاً يعرف تاريخ بلده ثانياً عاوز شبابنا يقرأ وبودي في يوم اكتبلهم اللي اتعلمته داخل السجن
اول مايبدأ الفرد حياته الشريفة يوم ان يعلن استقلال نفسه كما يحدثللامم تماما لاتبدأ حياة الامة حياة شريفة الا باعلان استقلالها يجب ان يعلن كل شاباستقلال نفسه مش استقلال نفسه عن مجتمعه ولا عن قيمه ولاعن قواعده لا استقلال نفسهأنه يمتليء بالثقة اولا بعد ما يقرأ تاريخ بلده ويعي تاريخه ويفتح عقله كاملا لكلمايجري من حوله مايخدش زوايا ويسيب زوايا في اعلان الاستقلال ده قريت فيه وانا فيالسجن كتاب لقرانك كرين أرجو ان الفوائد اضعها امام ابنائي ان شاء الله علشان ازاييبتدوا حياتهم واستقلالهم استقلال شخصياتهم بدي اقول لشبابنا كمان انه ما ينفصلشاطلاقا عن اصله وعن جذوره تحت أي شعارات ومذاهب ومعتقدات لا خلينا متمسكين لكي نظلعلي اصالتنا للشباب حق علي الدولة ان احنا نوفر له الفرص المتكافئة لكن لازم يعرفانه مش زي ماكان مراكز القوي زمان عايزه توهم الشباب ان الشباب يطلع يلاقي كل شيءجاهز قدامه ومافيش حاجة مش حيتعب في حاجة لا الحياة كفاح ولذة الحياة ان الانسانفعلا يحقق بكفاحه وبعرقه ماراود خياله وماتصوره او ما يحقق له حياة احسن باستمرارفي كل جيل بمعني انه لازم اخلي اولادي يكونوا احسن مني واعلمهم علشان يخلوا اولادهمأحسن منهم وبذلك ترتقي الاجيال كلها
انا سعيد جدا وبقولها لاول مرة برغم كل اللي حصل في السنوات السابقةلـ ٧٣ من انحرافات من بعض شبابنا في الجامعات القاعدة الطلابية الاساسية كانت سليمةمائة في المائة مع انه التمزق والمرارة والهزيمة وابعادها والتشاؤم والانهزاميةاللي كان بيبشر بها بعض الكتاب في مصر وخارج مصر وفي الامة العربية والحرب النفسيةالشرسة اللي كانت موجهة لنا من امريكا واسرائيل والغرب وكله برغم هذا ماحصلش عنديخسائر استطيع ان اقول انها خسائر كانت بعض العناصر بأقول عليها انها عناصر منحرفةفي وقت من الاوقات قدرتهم كلهم كانوا بمائتين عندي وانا في الوقت ده كان عندي فيالجامعات كلها ٢٥٠ الف طالب فمائتين من ٢٥٠ الف شيء لايذكر علي الاطلاق لكن نصيحتيفي كل هذا ان اولادنا يكونوا واعيين ولهم علينا حق انهم يعبروا عن رأيهم ويشتركوافي امور بلدهم ويحرسوا حقوقهم كمواطنين الي جانب طلب العلم ولكن بالاسلوب السليم منخلال المؤسسة واحنا دولة بلغنا الرشد النهارده محناش دولة متخلفة تعتمد عليالانفعال
المذيع : مع التسليم الكامل بحرية الانسان في التعبير عن رأيه ماهيفي تصور السيد الرئيس النغمة الصحيحة للاعلام المصري بمختلف اجهزته من صحافة واذاعةوتليفزيون بحيث يخدم هذا الاعلام المصري أهداف شعبنا المصري وأمته العربية ؟ الرئيس : أنا لي تجربة في هذا بعد ١٩٧٣ انا طبقت كاملا حرية الصحافة بالكامل حصل رد فعلكلنا حسينا بيه يوم ماجه واحد بيقول الثورة حتقوم امتي ليه ده انا باقرأ الصحفبتاعتكم مافيش حاجة في البلد كلها منهارة وكل شيء منهار والجهاز الحكومي منهاروالدنيا كل حاجة راحت في داهية والرشاوي وكله اندفعت الصحافة نتيجة كبت اربعين سنةاو اكثر اندفعت في اتجاه خاطيء ونبهتهم الي هذا في قصر رأس التين مرة لكن انا برضهفي تقديري في النهاية ان المكسب اكثر من الخسارة بالحرية وعلشان كده انا في كلالمراحل اللي فاتت بعد ١٩٧٣ ابدا لا لجأت ولن الجأ لاي حد من حرية لا في الصحافةولا في وسائل الاعلام ولا حاجة لكن انا ليه ملاحظة علي الصحافة وعلي وسائل الاعلامعندنا لسه برده هناك ميل من البعض الي انه يجسم الامور بأكثر من حقيقتها سواء فيالناحية التفاؤلية او في الناحية التشاؤمية والاثنين غلط مانكون وسط احسن فيالتفاؤل والانفتاح البعض يتطرف تتولد امال عند الناس بيجوا يطالبوني بها اقول لهمياناس ربنا خلق الدنيا في ست ايام وكان قادر يخلقها في لحظة يعني بيعطينا حكمهواحنا طالعين من معاناة من ١٩٦٢ زي ماقلت لكم مش من سبع سنين الصمود بس بعد ١٩٦٧ لاأبداً من١٩٦٢ واحنا بنرحل مشاكلنا اللي بنواجهها النهاردة دي كل وبعدين بتيجيمناسبات كثيرة وسائل اعلامنا ما بتديهاش العناية الكافية . مثلا. نعم كمثل مثلا : مايتم من عودة المهجرين ٦٠٠ الف الي المدن الثلاثة والمأساة اللي عانوها وهم مهجرينثم عودتهم بمشاكلهم حتي بمشاكلهم هناك في موقعهم لكن مجرد عودتهم لموقعهم دهماتصورش التصوير الكامل مخدش حقه معركة ٦ اكتوبر مخدتش حقها لغاية النهارده فياعلامنا حقيقة
المذيع : في الوقت اللي العدو وفي ٥ يونيو استغل هذه الضربة يعني ماكتبه عن الضربة يعني غير معقول عشرات ومئات الافلام والكتب نزلت علي طول بحيث بدتصورتها كأسطورة وخرافة وكادت ترسب في عقل الانسان العربي ان دي معجزة وان الانسانالعربي عليه أن يستسلم لها استسلام كامل
الرئيس : تمام ٦ اكتوبر مناسبات مثلا بالضبط كفاح السويس يوم ٢٤ فياكتوبر ٧٣ الكفاح الرائع اللي ده نقطة تحول ليه .. ده نقطة تحول لأن اسرائيل بتقوللها طيب امال لو جيتي للكثافة السكانية الكبيرة بقي ده هنا ماكنش فيه كثافة سكانيةوحصلك اللي حصل لك ده درس ودرس التاريخ العبرة واللي جره وبعدين مثلا تراثنا عايزبعد كده انه شعراءنا لما بتيجي ذكراهم بيتقال عليهم ونقول عنهم وبنحكي قصصهم تراثنااهملنا احنا تراثنا في الفن عندنا في مختلف فروعه انا شايفه متخلف لانه انا عايز فنالجموع يعني مثلا في وقت من الاوقات قلتلهم الفرقة اللي نجحت فرقة الموسيقي العربيةدي انا عايز لها بدل ما الكورال يبقي ٢٠ او ٣٠ انا عايز لها ٢٠٠ كورال والاوركسترابدل مايبقي ٢٠ او ٣٠ يبقي ٨٠ اوركسترا
المذيع : الفردية
الرئيس : في كل النواحي في كل الفروع محتاجينلنظرة جديدة انا بقول احنا وسائل اعلامنا مقصره فيها وبعدين ربط المعركتين معركةالتحرير ومعركة البناء والتعمير مع بعض وتتبعهم يوميا تتبعهم في وسائل الاعلامالمرئية والاذاعة او الصحافة ، الي جنبها كمان مشاكلنا انا عايز مشاكلنا بس مش عايزمبالغة زي ماقلت لك اهم وقت من الاوقات طلعوا وقالوا البلد كلها رشاوي والبلد كلهاوالبلد قام مشروع يعني ان أهوه علي انه من الـ ١٥ مليون دولار اللي كنت هاجيبهمكباية لبن لكل طالب ووفر جنيه واكتفاء ذاتي لشعبي كله يروح منها ٣ مليون دولار عليالارض زي بعضه بس في النهاية في سنة واحدة ها اكسبهم انما الخوف كتف الناس وسائلالاعلام لو فتحتوها وقرأتوها الرشاوي وما فيش حاجة بتمشي من غير رشوة والمشاريعورجال الاعمال بيتابعوا ده والموظفين بيخدوا عموله واللي صفقة الاتوبيسات بتاعتايران كان شيء مذهل جايبين الف اتوبيس من ايران والعملية واضحة ومعلنة ومكشوفةوتماما ومافيش حاجة ابدا وقامت قيامه الدنيا في وسائل الاعلام حتي التشكيك بيخليالناس تحجم وتخلي الجهاز الحكومي اللي هوه تعبان من الروتين المهبب اللي احناوارثينه بيزيد تزمت
مشكلة زي مشكلة فلسطين اللي هي مشكلتنا كلنا مشكلة الامة العربيةكلها كم واحد كتب عن التاريخ الحقيقي لفلسطين وتاريخ المشكلة منذ خمسين سنةوالاجتماعات اللي عقدت في لندن من لندن الي ان حدثت كارثة ٤٨ والحقائق ليه هم بعدده مابيوضحوش ويتكتب فيه وتتحلل لشعبنا ولإمتنا العربية احنا عايزين صحوة جديدة فيوسائل الاعلام عندنا
المذيع : ان شاء الله يافندم العالم كله الان يترقب النتائج التيستسفر عنها زيارة السيد الرئيس للولايات المتحدة الامريكية ياتري ايه توقع سيادتكلهذه النتائج واثارها بالنسبة لشعبنا ولعلاقاته بالنسبة للعالم الخارجي عموما يعنياقتصاديا وسياسيا ؟ الرئيس : الحقيقة الزيارة اولا رد علي زيارة نيكسون لنا سنة ١٩٧٤ وثانيا بيهمني فيها انه نعمل مباحثات في أمرين مهمين اولا الاول هو القضيتينقضية النزاع العربي الاسرائيلي اللي احنا جزء منها والرؤية بالنسبة للمرحلة المقبلةعلي ضوء ماتم من خطوات ومالدي من تعهدات امريكية وما استطيع ايضا ان احصل عليه منرؤية امريكا وخاصة وانه انا احمد الله انه استطعنا ان امريكا بدلا من ان تحتكرهااسرائيل بنفسها تماما استطعنا ان نزحزح هذا الاحتكار أو تحدث فيه خلخلة بحيث اصبحتامريكا تري الامور بنظرة موضوعية وكما قلت انا السياسي العربي الذي لايعرف او يحاولان يتجاهل ان امريكا طرف اساسي ان لم تكن الطرف الاساسي في هذه المشكلة فلا يصح انيطلق علي نفسه اسم سياسي عربي لان امريكا هي اللي بتدي اسرائيل الخبز والمدفعوالدبابة والطائرة كله ده طبعا موجود
وزي ماقلت انا طبعا داخل اطار استراتيجيتنا اللي احنا رسمناها فيمؤتمرات القمة وهي انه لاتفريط في شبر من الارض العربية ولا مساومة علي حقوق شعبفلسطين الجزء الثاني : هو العلاقات الثقافية بين امريكا وبيننا وآن الاوان بقي انهاتأخذ شكلا خصبا يعبر عما يقوم به البلدين الان وزي ماقلت انا في مجلس الشعب مافيشبقي هناك مجال انه نعمل خصومة تقليدية مع امريكا وصداقة تقريبية مع الاتحادالسوفيتي مابيبقاش ده سفارتنا لا نحن اصدقاء الجميع وعلاقتنا متوازية مع الجميعولكن في المجالات اللي نستطيع ان تساعدنا فيها امريكا في هذه الزيارة لابد ان حيكونلها بحث شامل وعلاقتنا مع امريكا زي علاقتنا مع الاتحاد السوفيتي بيحكمها شعار واحدهو احترام ارادتنا الوطنية طالما بيحترموا ارادتنا الوطنية فنحن علي الرحب والسعةتماما لامريكا الاتحاد السوفيتي أو اي قوة اخري
وارجو ان تتاح لي الفرصة بعد ما ارجع ان شاء الله لاني اقول او احكيعما تم انجازه في هذه الزيارة ان شاء الله

محمد حسن ضبعون
21-06-2010, 05:47 PM
حديث الرئيس محمد أنور السادات
مع مجلة الهلال
عن اسرار هزيمة يونيو و انتصار اكتوبر
فى٣٠ سبتمبر ١٩٧٦

سؤال : ذكرتم أكثر من مرة ان قواتنا المسلحة كانت كبش فداء عام ١٩٦٧ و انها لم تحارب معركتها الحقيقية و انها تحملت الظلم الذي وقع عليها بالرغم منها . ما هي في رأيكم تلك العوامل التي جعلت من قواتنا المسلحة كبش فداء في جولة يونيو ١٩٦٧ ؟
الرئيس : لكي أروي هذه القصة لابد ان أعود الي الوراء قليلا . ففي أول يونيو سنه ١٩٦٧ كان واضحا كل الوضوح ان إسرائيل قررت ان تقوم بعدوان علينا و ان تدخل معركة ضدنا ففي ذلك اليوم شكلت اسرائيل حكومة ائتلافية دخلها " موشي ديان " كوزير للحربية وكانت هذه الحكومة تعني شيئا واحدا هو الحرب وفي هذا الوقت كانت قواتنا كلها محتشدة في سيناء و كنت أذهب الي القيادة و احضر الاجتماعات التي كان يعقدها جمال عبد الناصر - رحمه الله و قد امتدت هذه الاجتماعات طيلة الاسبوع الأخير من مايو وانتهت يوم ٢ يونيو و كنا نراجع كل شيء في هذه الاجتماعات ومعنا قادة القوات المسلحة و هذا ما جعلني أخيرا أشير علي لجنة التاريخ ان يأخذوا شهادة هؤلاء القادة العسكريين الذين مازالوا احياء ان هذه الشهادات ستكون مهمة جدا حتي تصبح المسائل مؤصلة
كنا نجتمع - كما قلت - مع قادة القوات المسلحة و كان واضحا منذ يوم الخميس أول يونيو ان المعركة قادمة لا ريب فيها . و كان آخر اجتماع لنا في القيادة قبل الحرب هو الاجتماع الذي عقدناه يوم الجمعة ٢ يونيو و في هذا الاجتماع صدق جمال عبد الناصر بوصفه القائد الأعلي للقوات المسلحة علي الخطة العسكرية الكاملة
في يومي السبت و الاحد لم نذهب الي القيادة . و في يوم الاثنين ٥ يونيو صباحا استيقظت من نومي كالمعتاد في وقتي الطبيعي ، استيقظت لأسمع ان اسرائيل هجمت، و عندما سمعت الخبر كنت في قمة السعادة فقد قلت لنفسي " طيب خليهم ياخذوا الدرس و العلقة اللي احنا محضرينها لهم "
واستمعت و انا في البيت الي بيانات القيادة المصرية : الطائرات الاسرائيلية تسقط . واعداد هذه الطائرات تتكاثر من بيان الي بيان .. قلت لنفسي مرة أخري " جميل جدا " لقد بدأت اسرائيل تتلقي الدرس و تأخذ العلقة المناسبة . و أكملت برنامجي الصباحي العادي . ثم ركبت عربتي و ذهبت فورا الي القيادة في العباسية حيث كنت أسكن أيامها في الهرم و علي باب القيادة قابلني أحد الضباط و صحبني إلي الدور الخامس تحت الارض حيث يوجد مقر قيادتنا . وفي الطريق كان الضابط يحكي لي بفخر عن اعداد الطائرات الاسرائيلية التي اسقطناها . وقد لاحظت ان هذه الاعداد قد تضاعفت عن الاعداد التي سمعت بها و انا في منزلي في الهرم . أي ان الاعداد الجديدة من الطائرات الاسرائيلية التي سقطت قد تم اسقاطها في الوقت القصير الذي قطعته من الهرم الي العباسية ، شعرت بمزيد من السعادة و الاطمئنان. و قد زادني شعورا بالاطمئنان ما تذكرته في تلك اللحظة عن اجتماعاتنا المتعددة في القيادة و التي استمرت حتي ٢ يونية أي قبل العدوان بيومين فقط فقد كانت خططنا جاهزة في هذه الاجتماعات و لم يكن هناك ما يبرر مفاجأتنا ، فقد كنا ندرك منذ أول يوم في يونيو ان الحرب قادمة . كل هذا زادني اطمئنانا و انا في طريقي الي القيادة
ووصلت الي الدور الخامس تحت الارض حيث مكتب المشير عبد الحكيم عامر القائد العام للقوات المسلحة و دخلت عليه . وجدته واقفا وراء مكتبه ينظر الي الامام بعيون زائغة تائهة . ومرت أكثر من ثلاث دقائق و انا اقف امام عبد الحكيم عامر دون ان يراني قلت له "صباح الخير يا عبد الحكيم " لم يرد .. و اخيرا تنبه الي وجودي و قال " صباح الخير يا انور " و كانت عيونه لا تزال زائغة مضطربة
هذه الصورة جعلت الاطمئنان الذي جئت به الي القيادة يهرب من قلبي .. أحسست ان هناك خطأ خطيرا في الأمر و بدأت أشك في احساسي باننا ضربنا الاسرائيليين العلقة المنتظرة حسب الخطة الموضوعة جلست علي >الكنبة الموجودة في مكتب عبد الحكيم عامر . سألت : ماذا حدث ؟ فسمعت الاجابة التي اذهلتني . قيل لي ان سلاح الطيران المصري كله ضرب علي الارض و ان مدير سلاح الطيران جالس يبكي في القيادة .. وما فائدة دموع قائد الطيران ؟ ما فائدة هذه الدموع ؟ ان المصيبة تكمن في ان قائد سلاح الطيران تكرر منه هذا الخطأ الرهيب فما حدث في ٥ يونيو حدث في ١٩٥٦ و كان قائد سلاح الطيران واحدا في المركزين وقد تمسك عبد الحكيم عامر بهذا القائد رغم ان رأينا جميعا بعد سنة ١٩٥٦ - بما فينا جمال عبد الناصر - هو ضرورة تغيير قائد سلاح الطيران ، و لكن عبد الحكيم عامر تمسك بهذا القائد الذي ضربت طائراته علي الارض سنة ١٩٥٦
وها نحن الآن أمام الكارثة نفسها سنة ١٩٦٧ .. الطائرات المصرية تضرب كلها علي الارض دون ان تدخل معركة أو ترتفع مترا فوق سطح الارض مكتب عبد الحكيم عامر كان الي جواره صالون .. بعد قليل من وصولي فوجئت بجمال عبد الناصر يخرج من الصالون المجاور و يظهر في مكتب عامر . و كان عبد الناصر قد سبقني الي القيادة حيث لا يبعد بيته عن القيادة اكثر من دقيقتين فبيته في منشية البكري الي جوار القيادة . اما بيتي ففي الهرم ، و لذلك تأخرت عن الوصول بعد سماعي بخبر اندلاع الحرب
خرج جمال عبد الناصر من الصالون و قال يا جماعة اتركوا عبد الحكيم يعمل خرجت من المكتب و خرج عدد من اعضاء مجلس قيادة الثورة الذين كانوا حضروا الي القيادة ايضا صعدت بالاسانسير من الدور الخامس تحت الارض الي ردهة القيادة فوجدت هناك محمد فوزي الذي كان في ذلك الوقت رئيس اركان حرب الجيش ثم اصبح بعد ذلك وزيرا للحربية و قائدا عاما للقوات المسلحة .. قلت له " يا فوزي ما هي الصورة الحقيقية للموقف .. انني لم اسأل كثيرا بعد ما وجدته في مكتب عبد الحكيم عامر من اضطراب ؟ قال لي فوزي . الطيران ضرب كله بالكامل . و لكن قواتنا في سيناء متماسكة .. قلت ان شاء الله خير .. ارجو ذلك
اخذت عربيتي وعدت الي البيت وتوالت الأنباء بعد ذلك .. علمت ان الطيران ضرب والقائد العام في الجو مع قادة القوات المسلحة صباح الاثنين ٥ يونيو . و الادهي من ذلك و الامر . اننا بعد ان تأكدت منذ اول يونيو بان الحرب لم يعد فيها شك وأنها يمكن ان تقوم في أي لحظة كنا مازلنا في تدريباتنا بالمواعيد والاساليب المتبعة في وقت السلم.. ففي ساعة محددة يقوم الطيارون بطلعاتهم و ينزلون في الساعة الثامنة والنصف حيث يكونون في هذا الوقت في " الميسات " يتناولون افطارهم . لم يتغير هذا الاسلوب و لا هذه المواعيد رغم ان هناك معركة و اعداد للمعركة و اليهود بالطبع كانوا يرصدون تحركاتنا و هذا - كما قلت من قبل مرارا - اصبح امرا سهلا علينا وعليهم . فنحن نستطيع ان نرصد ما يجري داخل اسرائيل . و اسرائيل تستطيع ان ترصد ما يجري عندنا . و هكذا لا حظت اليهود ان طائراتنا في الثامنة و النصف تماما تكون علي الارض و ان الطيارين يكونون علي موائد الافطار و لاحظوا ان الطائرات المصرية ليس لها مخابئ ، و لذلك حددوا وقت الضربة في الثامنة و النصف صباحا
في هذا الوقت نفسه كان القائد العام في الجو و معه قادة القوات المسلحة .. و الذين لم يكونوا معه من القادة في الطائرة كانوا ينتظرون في المطار الذي كان متوجها اليه و هو مطار المليز في سيناء .. و علي ذلك ضرب اليهود ضربتهم و القائد العام " معلق بين السماء و الارض " و معه معظم قادة القوات المسلحة . و من الطبيعي ايضا انه عندما يكون القائد العام في الجو ان تصدر الاوامر للصواريخ بعدم الضرب حتي لا ينطلق صاروخ ليصيب طائرة القائد العام
و هكذا استطاع اليهود ان يقضوا علي الطيران المصري ببساطة في ضربة واحدة وعندما نزل قائدنا العام من طائرته التي كانت في الجو في ذلك الوقت كان في استقباله حقيقة محددة هي ان سلاح الطيران المصري انتهي
من يوم ٥ يونيو الي يوم ٩ يونيو لم اعد الي القيادة . و كنت اتصل بعبد الناصر فقط وكنت اتصل به من حجرة مكتبي في البيت . اما انا فكنت في هذه الفترة لا اخرج و لا اري احدا كنت اتحرك ما بين غرفة مكتبي في البيت و حجرة نومي .. كانت أياما قاسية مرة
بعد المعركة جاء الينا " بودجورني " وكان معه " زخاروف" الذي كان رئيسا لاركان الحرب السوفيتي انذاك رحمه الله فقد توفي منذ فترة - و اجتمعنا مع بودجورني وزخاروف في قصر القبة و كان الوفد المصري برئاسة جمال عبد الناصر و في هذا الاجتماع الذي اذكر تفاصيله جيدا - قال لنا زخاروف لو ان كل سلاح في القوات المسلحة المصرية اطلق طلقة واحدة لا نتهت اسرائيل . كان كلام زخاروف صحيحا فلو رجعنا الي تقرير الأمم المتحدة في تلك السنة ( سنة ١٩٦٧ عن التسليح في العالم ، لوجدنا هذا التقرير يقول ان له أعلي نسبة سلاح الي الافراد توجد في الجيش الامريكي ، و يلي الجيش الامريكي مباشرة الجيش المصري . و معني هذا الكلام ان كمية السلاح في يد المقاتل المصري في سنة ١٩٦٧ كانت كبيرة جدا ، فلو ان كل سلاح عندنا - كما يقول - زخاروف - قد اطلق طلقة واحدة لانتهي الامر
مضي ٢١ يوما بعد ٥ يونيو و انا لا اكلم احدا .. حتي اولادي لم اكن اكلمهم .. و كانوا هم من جانبهم مقدرين للكارثة و للموقف الذي اعانية
فوجئت فقط يوم ٩ يونيو بعد ان تنحي عبد الناصر و خرج الشعب و عاد عبد الناصر الي تولي سلطته مرة أخري .. و في ٩ يونيو بت الليل في مجلس الشعب ( مجلس الأمة في ذلك الوقت ) و ذلك لاني لم استطع ان اعود الي بيتي
و بعد ان عاد جمال عبد الناصر عدت الي البيت و كانت حالتي النفسية كما هي كنت حزينا الي أبعد حد ، بل كان ما في نفسي شيء اكبر من الحزن بكثير كنت اذهب الي مكتبي كل صباح و كنت اتصل بعبد الناصر وحده . و كنت في مكتبي اقرأ بعناية كل ما يكتب في العالم عن المصيبة التي حلت بنا . ماهي ابعادها الحقيقية ؟
و بعد ٢١ يوما بدأت اتمالك نفسي
في هذا الوقت خرجت " جيهان لزيارة المصابين و كان في عملها نوع من التخفيف ، فقد كانت تحكي لي قصصا عن مشاهداتها . وبقدر ما اعادت الي هذه القصص بعض الآمال فانها كانت احيانا تمزقني . كانت تحكي لي ان اولادنا الجرحي في مستشفي المعادي كانوا يدخلون غرفة الانعاش و هم في حالة هذيان و " هلوسة " و كانوا يقولون " عايزين نقوم .. عايزين نضرب هكذا حالة الضابط المصري و الجندي المصري و هو يموت في غرفة الانعاش يريد ان يقوم و ان يضرب .. كانوا جميعا في حالة عصبية فظيعة
و عرفت من جيهان ان كل اولادنا الذين ضربوا و جرحوا يقيمون في مستشفي " المعادي " .. طلبت مدير المستشفي في التليفون .. قلت له : مين عندك من قادة المدرعات؟ قال لي هنا كمال حسن علي
وكمال حسن علي كان قائد لواء في ١٩٦٧ .. و كان في سيناء . قام بهجوم مضاد يوم ٧يونيو باللواء الذي يقوده وكان هجومه بالطبع بعد ان فقدنا الطيران و لو عدنا الي الصحف في تلك الفترة لوجدنا ان " موشي ديان " حاول ان يستغل هذا الهجوم المضاد في الدعاية المعهودة لنفسه ولإسرائيل و جيشها . حاول " ديان " ان يقول ان هناك هجوما مصريا مضادا و انه هجوم عنيف و رهيب ، و ذلك لكي يكسب لنفسه امتياز التغلب علي هذا الهجوم المصري الكبير ، وبذلك يكون قد أحرز انتصار صعبا و ليس انتصار سهلا ، و هكذا حاول ديان ان يبدوا و كأنه "ثعلب صحراء سيناء" الثعلب المنتصر القادر علي كل شيء .. هذا الثعلب الذي قطعنا ذيله في اكتوبر ١٩٧٣ ففي رابع يوم من ايام حرب اكتوبر وقف منهارا أمام الصحفيين و قال و هو يبكي " اننا لم نستطيع ان نزحزح المصريين بوصة " و بالفعل لم يتزحزح المصريون بوصة واحدة
بالرغم من الثغرة و من الانهزاميين الذين خافوا من الثغرة هنا ، و في الامة العربية المهم .. بعد ٢١ يوم من ٥ يونيو اي حوالي يوم ٢٦ يونيو ، سألت مدير مستشفي المعادي علي الضباط الذين يعالجون هناك فقال ان كمال حسن علي - قائد اللواء - موجود ، و معه عدد من ضباطه و سوف يدخلون بعد قليل حجرة العمليات لاخرج بعض الشظايا التي دخلت رؤوسهم اثناء المعركة . قلت لمدير المستشفي : هل يمكن ان اتكلم مع كمال حسن علي وضباطه ؟ قال ممكن
و اتجهت علي الفور من البيت الي مستشفي المعادي لألتقي بالضباط . و لابد من ان اعترف ان الدعاية الاسرائيلية في ذلك الحين نالت مني انا ايضا كما نالت من الجميع . و قد كان هدفي من زيارة مستشفي المعادي و مقابلة كمال حسن علي و ضباطة ان أعرف شيئا عن سر هذه الكارثة . أسئلة كثيرة كانت تمر بذهني و تبحث عن اجابة عند هؤلاء الذين عاشوا في نيران المعركة علي الطبيعة : هل كان سلاحنا علي مستوي المعركة أم لا ؟
هل كان تدريبنا كاملا أم لا ؟
هل ما تقوله الدعاية الاسرائيلية عن أسلحتها الخطيرة و عن التكنولوجيا التي لايفهمها العرب و علي قدرتها العسكرية التي لا تقهر هل هذا الذي تردده الدعاية الصهيونية صحيح أم لا ؟ هل نحن عاجزون حقا عن استيعاب الأسلحة الحديثة . أسلحة العصر و تكنولوجيا العصر ؟ هل نحن أقل من سائر المتحضرين في هذا العالم ؟
و التقيت بكمال حسن علي في مستشفي المعادي .. و اخذت اسأله و كان معه ضابطان صغيران ملازمان اولان " شابان زي الورد" كانا قد حلقا راسيهما بالموس حتي يفتح الاطباء هذين الراسين لاستخراج الشظايا .
قلت لكمال حسن علي: يا كمال يا أبني قل لي حقيقة المعركة . ماذا حدث بالضبط ؟
قال كمال : يا افندم انا عملت هجوم يوم ٧ قلت له ما انا بسألك علشان كده .. هل كان سلاحنا قاصرا ؟ هل كان تدريبنا ناقصا ؟ هل كانت اسلحة اسرائيلية " خرافية " لا استطاعة لكم بفهمها أو استخدامها ؟
قال لي كمال : ابدا يا افندم .. لا شيء من هذا كله علي الاطلاق .. لانقص في السلاح و لا نقص في التدريب و لا أسلحة خرافية عند اسرائيل . انا اروي لك الحكاية كما جرت ؟ من يوم ٥ الي يوم ٧ يونيو و انا في سيناء مع اللواء الذي اقوده .. رايحين جايين .. في سيناء مئات الكيلو مترات كلما وصلت الي مكان وجدت عندي امرا بالوصول الي مكان اخر .. و هناك كنت اجد امرا بالعودة مرة اخري الي المكان السابق .. و هكذا قطعنا مئات الكيلو مترات ذهابا و ايابا في سيناء ..و اللواء مائة دبابة .. رايحين علي الجنازير
وهنا اتوقف لاعلق علي كلام كمال حسن علي فنحن عادة نري الدبابات تمشي في شوارع القاهرة فاننا نجدها محمولة علي حمالات لماذا ؟ حتي نوفر " الجنزير للمعركة وتتوقف قدرة القوات المسلحة و قوتها علي امكان ان تحمل الدبابة الي اقرب مكان من المعركة علي حاملة وذلك لتوفير " الجنزير " للمعركة نفسها .. هذا ما يحدث في كل جيوش العالم
وفي سنة ١٩٧٣ حدث هذا نفسه عندنا .. و لهذا السبب فقد استهلكت كل حاملات الدبابات عندي في المعركة و الآن نحن نستعين بحاملات جديدة .. و من أجل هذا كانت دباباتنا تخوض معركة ٧٣ بقوة و بسالة . الذي حدث في سنة ٦٧ شئ مختلف الدبابات " رايحة جاية " ثلاث ايام " علي جنازيرها".. من يوم ٥ الي يوم ٧ .. اوامر بقطع مئات الكيلو مترات علي الجنزير .. وهذا عسكريا خطأ . بل هو نوع من التغفيل " و الجنون "
ونعود الي قصة كمال حسن علي كانت دباباته في الحفر استعدادا للقتال . في احد المواقع ، بعد ان راحت هذه الدبابات وعادت في سيناء باوامر متضاربة لا معني لها .. و بعد ان كان كمال حسن علي قد سمع من الاذاعات اخباراً متناقضة .. اذاعتنا تقول نحن نضرب اليهود بشدة . واذاعات تقول ان الطيران المصري قد تم ضربه كله
فوجئ كمال يوم ٧ بكتيبه دبابات اسرائيلية هاجمه عليه .. و لم تكن لديه في تلك اللحظة أي أوامر بأي شيء . و لكنه كأي قائد ممتاز لم ينتظر بل أعطي أوامر لجنوده وضباطه فاخذوا " تشكيل القتال " و في اول طلقة يضربها كمال في المعركة اصاب ثماني دبابات للعدو و لم تصب له أي دبابة
و مثل هذه النتيجة في أي معركة للدبابات تعتبر معجزة و شيئا خارقاً وهو دليل علي البطولة و التدريب الرائع و التشكيل القتالي الرائع و الاستيعاب الرائع
ماذا حدث يا كمال بعد ذلك
انسحبت الدبابات اليهودية فورا بعد هذه الضربة العنيفة . و هذا نفسه ما حدث سنه١٩٧٣ عندما نضرب نحن كانوا يفرون علي الفور
وبعد انسحاب الدبابات الاسرائيلية اطلقت هذه الدبابات اشارة ضوء اخضر فجاء الطيران الاسرائيلي بعد دقيقتين . و اخذ يضرب دباباتنا و هي فوق الارض لان الدبابات و هي في الحفر لا يستطيع الطيران ان يصيبها بشئ ، لذلك لم يصب من دبابات كمال حسن علي في مشاويرها العشوائية في سيناء سوي عشرين دبابة وبقيت ثمانون دبابة . هي التي هاجمت بها الدبابات الاسرائيلية
والشيء الممتاز الذي عرفته ان كمال حسن علي كقائد لواء مدرع استطاع باسلحته ان يسقط من الطائرات اضعاف ما اسقطته الصواريخ في القاهرة
لقد اعتمد هذا الضابط الشجاع علي اسلحته في مواجهة الطيران . فاللواء المدرع عادة ما يملك وحدة متكاملة فيها مدفعية الميدان و فيها المدفعية المضادة للطائرات و الردار
و هكذا - كما قلت لك - خسر كمال حسن علي عشرين دبابة فقط و أسقط عددا من الطائرات الاسرائيلية يبلغ اضعاف ما اسقطته صواريخ القاهرة
علي ان الطيران الاسرائيلي ركز بعد ذلك علي لواء كمال حسن علي و اصطادوا دباباته واحدة واحدة حتي قضوا علي كل دبابات اللواء الشجاع و اصيب كمال حسن علي بصاروخ في جنبه واصيب الملازمان اللذان رأيتهما معه بشظايا في رأسيهما
وقال لي احد هذين الملازمين و اكد كمال علي ما يقول : كان سلاحنا في منتهي الكفاءة. وكان تدريبنا سليما وكانت الطلقة الواحدة من دباباتنا تصيب الدبابة الاسرائيلية ومن عنف الطلقة كانت الدبابة الاسرائيلية تنقلب علي جنبها و تتعطل علي الفور
والمشكلة التي واجهناها .. هي اننا لم تكن عندنا اوامر واضحة . و ما وصلنا من اوامر كان تبديدا لجهدنا ووقتنا و سلاحنا .. وكان تناقضا في تناقض .. لم نكن نعرف من أين تأتي الأوامر و لاندرك لها أي مغزي من هذا كله نخرج بما يلي
نحن أبدا لسنا اقل من غيرنا من الشعوب المتحضرة المتقدمة ، بل ان اولادنا اثبتوا كفاءة رائعة في ١٩٧٣ و ذلك عندما توفرت لهم الخطة و لديهم الاوامر السليمة بالطرق السليمة
ما حدث في لواء كمال حسن علي ١٩٦٧ ينطبق علي جميع وحدات الجيش المصري وفروع
القوات المسلحة الأخري . لم تصدر للجيش المصري في ١٩٦٧ أوامر .. و ان صدرت هذه الأوامر فانها تكون أوامر هوجاء متناقضة لم يكن احد يعرف ما يجري حواليه في الساحة كلها
وكان من الضروري نتيجة لهذا الموقف ان تحدث الهزيمة . لكن عندما قام كمال حسن علي هو واولادنا الضباط و الجنود بالهجوم المضاد علي اليهود و استخدموا مالديهم من سلاح بالاسلوب السليم تمكنوا من ضرب ثماني دبابات اسرائيلية و جري اليهود امامهم . و لولا ان السيادة الجوية كانت لاسرائيل لتغيرت النتيجة تماما . لقد كان كمال حسن علي يستطيع ان يقوم بهجومه ويستمر فيه محميا بالطيران . و بالمقابل في ١٩٧٣ لم ندخل المعركة ضد اليهود الا و كسبناها و بالذات في معارك الدبابات و ذلك لان الخطة كانت كاملة . كل شخص يعرف دوره وواجبه . و الاوامر واضحة امام الجميع .. كل شيء كان يمضي باسلوب عسكري سليم
واليهود حكايتهم بسيطة جدا انهم يطبقون ما يقرأونه في الكتب لا أكثر و لا أقل .. ولكنهم كانوا يشنون علينا حربا نفسية بالغة الخطورة و ذلك ليشلوا تفكيرنا و ليفقدونا الثقة بأنفسنا . وقد حذرت اولادي قبل ٧٣ من هذا كله . و طلبت منهم ان يكونوا هادئين جدا و ألا يسمعوا لبهلوانيات الدعاية الاسرائيلية و الحرب النفسية التي يشنوها ضدنا و قد قلت في اخر اجتماع للمجلس الاعلي للقوات المسلحة " علي كل واحد ان يتمسك بخطته وهدفه ويقوم باكمالها علي خير وجه ، و عندما يلتزم كل واحد بهذا فالخطط الرئيسية كلها سوف تتحقق و هذا ما حدث تماما
ولهذا نجحنا في معركتنا و انتصرنا . من هذه اللمحات و اللوحات التي رسمتها امامك تستطيعين معرفة النتيجة الرئيسيةالعامة
فقواتنا المسلحة لم تكن في ١٩٦٧ سببا للهزيمة بل كانت ضحية
سؤال : شكرا يا سيادة الرئيس علي هذا التوضيح الدقيق الذي يعيد ثقتنا بقواتنا المسلحة . ويعطي لجيلنا الحالي و للأجيال الجديدة تفسيرا واضحا لهزيمة ١٩٦٧ . و لا شك ان هذا الوعي الصحيح لديكم بما حدث سنة ١٩٦٧ كان احد المفاتيح الرئيسية لانتصار ١٩٧٣ المجيد.. واسمح لي يا سيادة الرئيس ان انتقل الي سؤال جديد: فقد تحملتم سيادتكم علي المستوي الشخصي كقائد أعلي للقوات المسلحة و كرئيس للجمهورية مانتج خارجيا و داخليا - من ردود فعل بعد اعلانكم ان عام ١٩٧١ هو عام الحسم . ثم تبريركم لعدم قيامنا بالهجوم بما سميته سيادتكم " بالضباب" و تأثيره علي حركتنا.. تحملتم الموقف كاملا وفضلتم مواجهة كل ردود الفعل بشجاعة بدلا من القذف بقواتنا الي معركة لا يعلم غير الله نتائجها . ألم يحن الوقت يا سيادة الرئيس لاذاعة تفاصيل هذه المرحلة الدقيقة من مراحل الاعداد للحرب و قديما قالوا " ان الاعداد للحرب أهم من الحرب نفسها ". ؟
الرئيس : كانت هذه الفترة التي تشيرين اليها فعلا فترة معاناه اليمة . عندما اشرت الي الضباب في اوائل سنة ١٩٧٢ . لم أكن بهذه الاشارة اتهرب من مسئوليتي أو كما قال بعض الاذكياء جدا في العالم العربي انني كنت بهذا الحديث اهرب من المسئولية أو انني لم اكن انوي ان اخوض معركة او ادخل حربا من أي نوع .. واطلق علينا هؤلاء الاذكياء جدا وصف الانهزامية و التصفوية . و امثال هذا الكلام ظهر في تلك الايام الصعبة و للأسف وجد هذا الكلام بعض الصدي في مصر و وهذا ما كان يحزنني جدا و يؤسفني و يحز في نفسي
عندما تحدثت عن الضباب في اوائل ١٩٧٢ كنت أخص بهذا الكلام موقف الاتحاد السوفيتي . فقد وعدني القادة السوفيت في اكتوبر بان يرسلوا الي الأسلحة التي كانت تنقصني
و قد قلت لهم انني ارتبط امام شعبي و امام العالم . بان تكون سنة ١٩٧١ هي سنة الحسم وقال لي السوفيت : سنرسل اليك السلاح قبل نهاية ١٩٧١. و لم يكن هناك فرق كبير بين ان تكون المعركة في أواخر ١٩٧١ أو في أوائل ١٩٧٣ المهم ان المعركة سوف تقوم و ان التحرير سوف يتم
ولكنني اكتشفت ان الروس لم يكونوا جادين في وعدهم لي .. كان كلامهم كما نقولفك مجالس و فوجئت ان اكتوبر قد مر ، ثم نوفمبر و ديسمبر ، دون ان يصلني أي شيء .. لم يصلني أي خبر عن أي مركب قادمة الينا بالسلاح و كانوا قد تعودوا ان يخبرونا بكل شيء مقدما . و العن من هذا كله انني فوجئت في ٨ ديسمبر بمعركة تقوم بين باكستان و الهند . كان الاتحاد السوفيتي طرفا واضحا في هذه المعركة
وهنا تساءلت : لماذا لم يخبروني و انا كنت عندهم في اكتوبر ١٩٧١ ؟ انني لم أكن اطلب منهم ان يخبروني بان هناك معركة بين الهند و باكستان و لكن كان من الممكن ان يقولوا لي انهم مشغولون في هذا العام و لا يستطيعون تقديم شيء لنا .. كنت ساقول لهم " خلاص" .. حاضر" و اعيد ترتيب اموري علي هذا الأساس فليس في يدي شيء أفعله في هذه الحالة . ولكنهم لو اخبروني كنت استطع ترتيب كل شيء بما يناسب الظروف الجديدة
ولكنهم وعدوني و اخلفوا عامدين ليقولوا لشعب مصر و الأمة العربية و للعالم .. انه لا يستطيع ان يفعل شيء بدون موافقتنا .. كانوا بيكشفوني
ومع ذلك لم اتردد في ان اعمل علي تغطية
موقفهم السئ في اوائل ٧٢ و لذلك تحدثت عن قصة الضباب و مع ذلك فقضية الضباب حقيقية .. و انا لا اكذب علي الشعب أبدا، و حتي و انا احاول تغطية موقف الروس لا يمكن ان اكذب .. انني اكلم شعبي و لا يمكن ان اضع امام شعبي إلا الحقائق هذه طبيعتي مع شعبي بل و مع نفسي و مع الناس و مع كل المحيطين بي .. لا أستطيع ان اقول شيئا غير الحقيقة .. قصة الضباب أيضا كانت حقيقة رغم اني استخدمتها في تغطية موقف الروس . و قد كان هناك سابقة لهذه القصة
في يوليو ١٩٦٧ اي بعد شهرين من هزيمة يونيو .. في هذا الوقت ابلغ محمد فوزي وزير الحربية انذار لجمال عبد الناصر بان هناك لواء اسرائيليا مدرعا وصل الي القنطرة شرق و ان هذا اللواء وصل و معه ادوات العبور . و هذا يعني انه يريد ان يعبر الي غرب القناة . و اصدر عبد الناصر امرا الي محمد فوزي ان يضرب اللواء الاسرائيلي شرق القناة و هو في القنطرة شرق و قبل ان يعبر الي الغرب و ذلك حتي يمكننا القضاء عليه لانه سيعبر ضعيفا بعد ان تعرض للضرب في نقطة انطلاقه في القنطرة شرق . و خرجت القاذفات المصرية بالفعل الساعة الثانية ظهرا
وكنا في يوليو كما قلت .. و تمت عدة محاولات و لكن الطائرات عادت في كل مرة دون ان تفعل شيء لان الرؤية كانت مستحيلة فوق القنطرة شرق حيث خيم " ضباب كامل علي المنطقة . و قد ابلغ محمد فوزي عبد الناصر بذلك و انا كنت موجودا مع عبد الناصر في ذلك الوقت .. قال عبد الناصر لفوزي " خلاص يظهر ربنا مش عايزنا نخش معركة القنطرة .شرق دي .. خلي الطيران يرجع تاني
اذن انا حاولت اغطي موقف الاتحاد السوفيتي بالحقيقة و ليس بالكذب ،. فالضباب كان حقيقة لاشك فيها . و حقيقة لها سابقة في نضالنا ضد اسرائيل
وفي هذا الوقت في اوائل ١٩٧٢ ذهبت الي مجلس الشعب و دافعت عن الاتحاد السوفيتي وكلامي مسجل في مضبطه مجلس الشعب . و قد قلت ان المسئول الذي يريد ان يعمل معي يستطيع ان يواصل الطريق . و الذي لا يريد ان يعمل يستطيع ان يستقيل و قلت ان الاتحاد السوفيتي صديقنا و هو يقف معنا
وهكذا كنت اغطي موقف الاتحاد السوفيتي و لم أكن اغطي موقفي انا .. لقد تحملت الكثير علي نفسي قلت " ان معركتي سوف ادخلها في يوم من الايام ، فليقل الاعداء والشامتون ما يقولون ، و لكنني كنت اريد ان اعطي الفرصة للسوفيت
ومع ذلك فلابد ان اذكر هنا ان هذا الموقف من جانب السوفيت كان مقدمة من مقدمات يوليو ١٩٧٢ و هو طرد الخبراء السوفيت
وعندما قامت المعركة بين الهند و باكستان في ٨ ديسمبر سنة ١٩٧١ و كان من الواضح ان الاتحاد السوفيتي مشتبك كطرف في هذه المعركة الي ابعد حد ، طلبت السفير السوفيتي وقلت له انني اريد زيارة موسكو قبل نهاية ديسمبر فابعث بهذا الطلب الي القادة السوفيت
لم أقل له ارسلوا احدا من القادة السوفيت الي القاهرة رغم انني زرت موسكو مرتين في مارس ١٩٧١ وفي اكتوبر ١٩٧١ .. و كان المفروض ان يأتي احد من القادة السوفيت لا ان اذهب انا اليهم و لكنني كنت مقتنع بالتحمل من أجل وطني
وكان المفروض في لقائي مع القادة السوفيت ان اتحدث معهم بعنف وحدة كيف يعدونني ثم يخلفون بهذه الصورة كيف يحاولون ان يهزوا صورتي بهذا الشكل امام شعبي و امام العالم كله ؟
كان من المفروض احتد ، و لكنني أبدا لم اسمح لنفسي بان احتد علي الاطلاق لا مع السفير السوفيتي ولا مع القادة السوفيت عندما التقيت بهم بعد ذلك لانني تعودت ان اتصرف في القضايا التي تخص وطني بعيدا عن أي حساسيات عابرة .. الوطن أكبر من ذلك بكثير ومن حقه علي ان اتحمل
وبدا لي من ناحية أخري ان من الخير تأجيل معركتنا مع اليهود فلم يكن من المعقول ان تقوم معركتنا في نفس اللحظة مع معركة الهند و باكستان حيث كان العالم مشدودا الي المعركة القائمة في شبه القارة الهندية و نحن بحاجة الي ان ينتبه العالم لمعركتنا حتي نستطيع الحصول علي حقوقنا لان المعركة ليست معركة عسكرية فقط بل هي أوسع مدي من ذلك
طلبت اذن من السفير السوفيتي ان يحدد لي موعد مع القادة السوفيت لزيارتهم في موسكو قبل نهاية ديسمبر سنة ١٩٧١ و كان أملي ان نصدر معا بيانا نغطي فيه الموقف من عام الحسم وكما قلت لم أكن خائفا علي موقفي بقدر خوفي علي موقفهم وحرصي علي تغطية هذا الموقف
هل تعرفين ماذا كان الرد ؟ الطريقة السوفيتية البطئية تواجهني لارد .. استعجلتهم واسأل السفير السوفيتي يقول لي لم يأت الرد بعد . يأتي يوم ١٥ ديسمبر و لارد.. وأخيرا يأتيني الرد يوم ٢٧ ديسمبر ١٩٧١ ويكون الرد هو ان القيادة السوفيتية مش فاضية الا اول و ثاني فبراير سنة ١٩٧٢ و كان سيئا و له نتائج ضارة
ففي اوائل سنة ١٩٧٢ و بالتحديد في يناير من هذا العام وقف روجرز وزير خارجية امريكا في ذلك الوقت يتهكم علينا و علي سنة الحسم و يقول " لقد اعطينا اسرائيل في نوفمبر ١٩٧١ اسلحة كثيرة و سنعطيها مزيدا من السلاح بحيث تتعدي قوتها قوة العرب مجتمعة
وهكذا كنت في موقف عجيب . الامريكان يعلنون التحدي لارادتنا و يتهكمون علينا .. و المزايدون في بلادنا يتهكمون ويسخرون من سنة الحسم
والقادة السوفيت بعد ذلك كله يقولون لي " مش فاضين " الا في ١و ٢ فبراير أدي هذا الي توتر عنيف في داخلي . و لكنني تعودت دائما انني عندما يكون الموضوع مصر ان ابعد ذاتي تماما عن دائرة التفكير و الانفعال .. و لذلك قبلت زيارة السوفيت في الموعد الذي حدوده لي و هو ١ و فى٢ فبراير ١٩٧٢
صحيح انني قبلت علي مضض .. و لكني من أجل مصر مستعد لان أتحمل كل شيء و تمت الرحلة بالفعل الي الاتحاد السوفيتي في فبراير ١٩٧٢ و في الانتخابات وجهت للقادة السوفيت كلاما مثل الكرابيج واوضحت لهم نتائج موقفهم الخاطئ من تسليح الجيش المصري و نتيجة موقفهم الخاطئ من تأجيل زيارتي اليهم قبل ١٩٧١ ، وقال برجنيف انا المسئول وبرجنيف يعلم تماما انني احبه . لانه الرجل الوحيد الذي يمكن التعامل معه من القادة السوفيت وبيني وبينه صداقة يعلمها هو و يقدرها و قد سارع الي القول انه هو المسئول عما حدث حتي لا أدخل انا في معركة مع بقية القادة السوفيت و بالذات مع بودجورني أو كوسيجين
قلت لبريجنيف : انت تعلم انك عندما تقول : انا المسئول فانني تقديرا لصداقتك لن اتكلم وسوف اسكت قال برجنيف انا المسئول و صدقني انها مسالة روتين حكومي و انها أشياء غير مقصودة أبدا هنا تدخل كوسجين - ليقول انا كرئيس وزراء للاتحاد السوفيتي اقول لك انه منذ الآن - منذ فبراير ١٩٧٢ - لن يكون هناك شئ خاص الا ويصلكم في موعده تماما
وانا طبعا لم اصدق كلام كوسيجين ووعده بالانتظام في ارسال مطالب مصر .. كنت أشعر انهم يريدون بكلامهم ان يتخلصوا من المأزق الذي وقعوا فيه .. و الحقيقة التي كانت واضحة امامي تماما هي ان الروس منذ ثورة مايو ١٩٧١ بدأوا يتحفظون في التعاون معي وقد وضعوا خططهم السرية علي اساس عدم التعاون معي و كانوا يحاولون الابقاء علي مجرد الشكل حتي يحدث تغيير من وجهة نظرهم . كل هذا كان واضحا امامي .. و لكني كنت اعاملهم بصبر شديد من أجل مصر علي ان هذا كله كان مقدمة لابد لها من نتيجة . هذه النتيجة هي مجرد طرد الخبراء السوفيت في يوليو ١٩٧٢
سؤال : لاشك انكم يا سيادة الرئيس واجهتم عقبات كثيرة و مواقف معقدة خلال نشاطكم واتصالاتكم المختلفة بعد ان طرحتم علي جماهير الشعب شعار الصبر والصمت عام ١٩٧٢ و قد أخذ البعض يتناول هذا الشعار بالسخرية و النقد حتي وقعت مفاجاة السادس من اكتوبر سنة ١٩٧٣ .
هل يمكننا ان نعرف صورة لما واجهكم في هذه الفترة من مشاكل ؟
الرئيس : والله كانت فترة مليئة بالمعاناه و المرارة و لكنني - كما قلت و اقول دائما - انني اخرج بنفسي و ذاتي من دائرة التفكير و الانفعال حتي لا يكون قراري مشوبا بأي غضب أوا انفعال شخصي فالقضية هي قضية مصر و هي عندي أكبر من كل شيء .. و أكبر من كل انفعال أو غضب
عندما أعلنت شعار الصبر و الصمت واجهتني ألوان من السخرية والتريقة ولم يكن امامي سوي أمر من اثنين
اما ان احكي قصة الاتحاد الاسوفيتي و موقفه كاملا و اكشف كل شيء امام الرأي العام المحلي و العالمي .. و لم يكن هذا الموقف في مصلحة مصر .. لقد كنت أتمني أن اكشف السوفيت حتي يعرف الناس الحقيقة فقد كان موقف السوفيت في سنة الحسم متعمدا للاضرار بي و للاساءة الي
واما ان اكتم انفعالي و ان اتحمل وحدي
واخترت الأمر الثاني و هو السخرية و التريقة . ولم أقم اعتبارا لهذه الصغائر و هذا خط سيري دائما لاشيء يستطيع ان يجرفني أو يشدني الي معركة شخصية أو مواقف انفعالية فانا انظر أولا الي الصالح العام وأضع امامي المعركة الوطنية الاصلية في مبادئها المختلفة و لا أبدد جهدي في معارك جانبية ابدا
ونتيجة هذا الموقف هو الشماته التي ملأت الصحافة الغربية حيث كانوا يقولون ان سنة الحسم انتهت بدون نتيجة . وقد كان الحديث عن سنة الحسم نوعا من الجعجعة ومصر لن تفعل شيئاً و ها هو الشعار الجديد الصبر والصمت يظهر في الأفق ليدل علي ان مصر ليس عندها شيء و لان الأمة العربية عاجزة و لان الشعب المصري اصبح جثه هامدة
و للأسف انتقل الوباء من الصحافة الغربية الي الصحافة العربية و خرج " جهابذة " التحليل السياسي في العالم العربي و اشتركوا في حملة التشهير بي و بمصر ، ثم انتقلت العدوي الي بعض المثقفين عندنا في مصر ، وبين الصحفيين علي وجه الخصوص ، و اخذ هؤلاء المثقفين و الصحفيين المصريون يكررون نفس التعليقات المسمومة في مجالسهم و كانت هذه الصورة مؤسفة جدا
ولقد كان مما يزيد أسفي ان الذي كان يغذي المراسلين بهذه المعلومات الخاطئة والافكار و التعليقات هم صحفيون مصريين و كان وراء هؤلاء الصحفيين من يحركهم ويغذيهم ممن كانوا يحاولون تغطية موقفهم - بالكتابات المختلفة و التحليلات .. و قد انكشف هؤلاء المحركون .. و انتهت صفحتهم
ماذا فعلت انا امام هذا الموقف ؟ لقد قمت بعملية عزل مؤقته لمائه و عشرين صحفيا .. لم ارسل واحدا منهم الي مؤسسات الدواجن أو اللحوم أو الاخشاب ، و لكني نقلتهم الي الاستعلامات . و لم اقطع مليما واحدا من مرتباتهم قلت ؟ فلياخذوا رواتبهم ويتوقفوا عن العمل فترة " و كان هذا انذار ا مني .. كان معناه انني اقول لهم " عيب" كانت صرخة "عيب" من جانبي لهؤلاء الذين يشوهون وجه مصر بغير حق و في ظروف عصيبة
و لو انني فتحت المعتقلات في اول ١٩٧٣ ووضعت فيها هؤلاء بتهمة انهم دعاه هزيمة وتخاذل في وقت الحرب ثم قامت المعركة بعد ذلك في اكتوبر ، كان الشعب كله ايدني وقال لي " معك حق " لانك قمت بالمعركة .. و هؤلاء كانوا يهزمون و يسخرون وينشرون روح الهزيمة .. انهم يستحقون هذه المعتقلات
ولكنني لم افعل ذلك لم افتح المعتقلات و لم اضع فيها أحدا لانني لا انوي الرجوع فيما قررته بيني وبين الشعب في ان تعود لمصر و المصريين حرية كاملة لاشبهة فيها
وهناك حقيقة أخري يجب ان يعرفها الجميع هي انني و انا في مكاني وموقعي هذا لم تكن ولن تكون هناك خصومة بيني وبين أي مصري واحد .. ان ما يربطني بالجميع هو مصر ومصلحة مصر و حب مصر و لذلك لم أتصرف مع الصحفيين الا بنقلهم الي الاستعلامات لبضعة شهور ثم انتهي الأمر بان اعدتهم الي عملهم قبل المعركة بايام أي في ٢٨ سبتمبر سنة ١٩٧٣ ، و هذا طرف من اطراف المعاناه التي شعرت بها قبل المعركة سؤال : فلنترك هذه الذكريات الحزينة يا سيادة الرئيس و يكفينا ان نتذكر دائما موقفك العظيم الذي تعلن فيه انه لن تكون هناك خصومة بينك و بين أي مصري علي الاطلاق .. ولتسمح لي ان ننتقل الي موضوع آخر فقد قيل ان خبراء حلف الاطلنطي وحلف وارسوا اخذوا من المهندسين المصريين بعض انجازاتهم و ابتكاراتهم الهندسية المنفردة في بناء قواعد الصواريخ ودشم الطائرات وممرات الطائرات الحربية .. كما قيل ايضا ان المهندس أو الفني في قواتنا المسلحة اضاف ابتكارات واضافات للسلاح الشرقي والغربي علي مستوي البر و البحر و الجو كل هذا قيل في حرب ٧٣ و بعدها .. نأمل ان تتفضل بشرح الخلفية الخاصة بهذه الانجازات
الرئيس : حقا ان اولادنا في القوات المسلحة يستحقون كل مجد و كل خلود . الطائرة الميج ٢١ والتي استخدمناها في المعركة اشترك اولادنا من الضباط المهندسين في تطويرها في الاتحاد السوفيتي .. الطائرات الأخري غير الميج ٢١ حدث لها تطور كلي باشتراك اولادنا ايضا .. وكان ذلك قبل المعركة و جديد لا يعرفة احد الي الآن .. لقد كانت كباري العبور التي اعطاها لنا الاتحاد السوفيتي هي كباري الحرب العالمية الثانية و هذه الكباري يتم تركيبها في مدة ٥ الي ٦ ساعات و قد استخدمناها فعلا في الحرب .. ولكن الذي لا يعرفه أحد الي اليوم و هو ان ٦٠% من معدات العبور من الكباري و المعديات و غيرها صنعت في مصر وتتم تصميمها بأيد مصرية والـ ٤٠% من المعدات كانت هي هذه الكباري التي اخذناها من السوفيت .. كباري الحرب العالمية الثانية التي يتم تركيبها في مدة ما بين ٥ و ٦ ساعات . وقد جاء كوسجين الي مصر ١٤ اكتوبر حيث طالب بوقف اطلاق النار للمرة الخامسة وكانت المرة الاولي يوم ٦ اكتوبر بعد مرور ٦ ساعات علي بدء المعركة و بالتحديد في الثامنة مساء حيث جاءني السفير السوفيتي ليطلب مني وقف اطلاق النار بناء علي طلب الرئيس حافظ الاسد
وقد تبين ان الاسد قد طلب وقف اطلاق النار من السوفييت حتي قبل ان تبدا المعركة : طلب ذلك يوم الخميس ٤ اكتوبر فقد كنا اتفقنا انا و الاسد علي ان يقوم الاسد بابلاغ السوفيت بموعد المعركة بالضبط و ذلك لان علاقتي بالسوفيت كانت سيئة منذ طرد الخبراء
في يوليو ١٩٧٣ بالاضافة الي ان الخبراء السوفيت كانوا موجودين بالجيش السوري فعلا لابد انهم علي علم بتحركات الجيش السوري و لذلك قررنا ان يقوم الاسد بابلاغهم بموعد المعركة بعد ان ابلغتهم انا بقرار المعركة
و لكنني فوجئت بعد ذلك ان الاسد ابلغ السفير السوفيتي في دمشق بموعد المعركة وهو يوم السبت ٦ اكتوبر ، و طلب منه أيضا وهو يبلغه بالموعد بضرورة و قف القتال بعد ٤٨ ساعة علي الأكثر
هذه هي الحقيقة المذهلة التي اكتشفتها بعد الحرب و عندما جاء كوسيجين الي مصر في ١٤ اكتوبر طلب الموافقة علي وقف اطلاق النار بناء علي طلب السوريين .. هذه كانت المرة الخامسة التي يطلب فيها مني وقف اطلاق النار .. و كانت المرة الرابعة عندما ايقظني السفير السوفيتي فجر يوم ١١ اكتوبر و كان هذا الطلب الرابع لوقف اطلاق النار يسلك طريقا غريبا ، ذلك لان كيسنجر كان قد اتصل بهيث رئيس الوزراء البريطاني و قال له ،، اتصلوا بالسادات لاني لاصلة لي به . فقد ابلغني الاتحاد السوفيتي ان السادات وافق علي وقف اطلاق النار و يجب ان نسارع الي عمل الاجراءات مع الاتحاد السوفيتي لوقف المعركة .. و عن هذا الطريق الغريب الذي يمر بكيسنجر و هيث ثم الاتحاد السوفيتي جاءني السفير السوفيتي يوم ١٣ اكتوبر ليطلب وقف اطلاق النار
قلت للسفير السوفيتي : آسف انا لم أوافق علي وقف اطلاق النار . ولم اوافق الاتحاد السوفيتي علي الطلبات الثلاثة السابقة لوقف اطلاق النار
ثم جاء كوسجين ليطلب نفس الطلب .. وقف اطلاق النار يوم ١٤ اكتوبر و لكنني لم أوافقه.. انني لم أحقق اهدافي من المعركة . و لذلك فلا معني لوقف النار الان
وبقي كوسيجين في مصر .. جاء يوم ١٦ اكتوبر و كانت الثغرة قد حدثت . هنا حاول كوسيجين ان يستغل الثغرة في الضغط لكي أقبل وقف اطلاق النار . قلت لكوسيجين .. انت لست رجلا عسكريا و الثغرة لا تعني شيء .. انما كلام فارغ و هذه الثغرة لا تقوم علي اساس استراتيجي عسكري علي الاطلاق .. انها معركة هدفها الدعاية العسكرية فقط
و انا استطرد قليلا حيث اتذكر ما قاله لي بعد ذلك " الجنرال بوفر " مدير معهد الدراسات الاستراتيجية في لندن عندما زارني بعد حرب اكتوبر و كان معه رئيس تحرير الاهرام في ذلك الوقت . قال لي " بوفر وكانت الثغرة لاتزال قائمة : ارجو ألا تكون هذه الثغرة قد ازعجتك انها عمل لا اساس له من الناحية الاستراتيجية العسكرية. انها معركة تليفزيونية و اذاعية لها هدف سياسي . فقط و اضيف انا . في هذا الاستطراد ان الاسرائيليين كانوا يريدون بالثغرة ان يغطوا مركزهم في الحرب . وكانوا يريدون ان يحتلوا السويس و يقولوا انهم احتلوا السويس .. و يكون لذلك اثر كبير في دعايتهم السياسية بل انهم ركزوا علي بورسعيد و حاولوا الاستيلاء عليها ..
وظلوا ثلاث ايام يحاولون الاستيلاء علي بورسعيد . و حاولوا ثلاث مرات ان ينزلوا فيها و لكن محافظ بورسعيد الممتاز عبد التواب هديب - الذي هو الآن محافظ الاسكندرية لم يعطهم أي فرصة . لقد كان في الأصل ضابط مدفعية ممتاز ولو انهم استولوا علي بورسعيد لكانوا قد استخدموا ذلك في دعايتهم السياسية أيضا و علي نطاق واسع
المهم .. نعود الي موضوع كوسيجين .. حاول ان يضغط بالثغرة حتي أقبل وقف اطلاق النار فرفضت . فعاد يقول " نحن نقيم الآن بيننا و بينكم جسرا جويا " وكأنه بذلك يقول " ان لنا الحق في ان نطلب منكم و تستجيبوا لنا " قلت له - و كنا في مكتب قصر القبة - استني مكانك . الكباري التي ارسلتموها الينا هي كباري الحرب العالمية الثانية التي يتم تركيبها في وقت يمتد الي ٦ ساعات و انتم عندكم كباري يمكن تركيبها في نصف ساعة ، واولادي رأوا هذه الكباري عندكم في الاتحاد السوفيتي و اسم هذه الكباري بالامارة " بي . ام . بي " ولوعندنا هذه الكباري كانت قواتنا قد استولت علي الممرات أول يوم في المعركة .. و بذلك كانت قد انتهيت من الجزء الاساسي من خطتي في معركة اكتوبر وكان يمكننا الآن ان نتحدث حديثا آخر
وسكت كوسيجين و لم يعلق
هذه الحقيقة الكبري التي يجب ان يفخر بها شعب مصر ٦٠% من معدات العبور هي كباري ومعديات مصرية صممها مصريون بايد مصرية
هناك نماذج أخري للاضافات العديدة التي اضافها المصريون في حرب اكتوبر عملية الساتر الترابي لها قصة مضحكة .. ذهبنا الي ألمانيا و طلبنا مضخات مياة قوتها كبيرة جدا : ضحك الألمان لان القوة المطلوبة للمضخات لاتناسب أي حريق في الدنيا .. فأكبر حريق في العالم لا يحتاج الي هذه القوة الرهيبة قلنا لهم " نحن نريدها بهذا الشكل " و هذا هو ثمنها هل توافقون
قالوا : نوافق و انتم احرار
ارسلنا التصميم المصري للمضخطات ونفذه الألمان و هم يضحكون و يعترضون ثم طلبنا نقل هذه المضخات في سبتمبر بالطائرات و عاد الألمان يضحكون مضخات رهيبة لامعني لها ومطلوب نقلها علي وجه السرعة بالطائرات ما هي القصة ؟لقد جعلوها " نكتة " و لكن عرفوا مغزاها بعد اكتوبر
فقد استطاعت هذه المضخات ان تسقط ١٧ متر هي ارتفاع الساتر الترابي " اكلته اكل " وكان تصميم هذه المضخات مصريا .. و قد اخذناه من فكرة سابقة للمهندسين المصريين اثناء السد العالي فقد كان هناك سد رملي ضخم اثناء السد ازلناه بمثل هذه المضخات و في حرب اكتوبر تذكرنا التصميم القديم لمضخات السد العالي و طورناه . و استطاعت هذه المضخات ان تزيل الساتر الترابي الذي اقامه اليهود علي الضفة الشرقية للقناة . وقد كانت هذه المضخات بتصميمها الخاص معجزة مصرية خالصة هناك قصة أخري هي قصة صعود الساتر الترابي من جانب جنودنا الابطال
لقد تسلق اولادنا هذا الساتر بطرق بدائية لا شك انها جعلت اليهود ينفجرون من الغيظ.. لقد استخدم اولادنا سلالم الحبال التي نراها في السينما ،و التي كانت تستخدم أيام القرون الوسطي .. أي و الله ، أي والله . كان بعض اولادنا المدربين تدريبا خاصا يصلون الي الساتر الترابي ثم يفردون السلالم الي تحت و يربطوها "بوتد" من فوق . فتصبح هذة السلالم صالحة للصعود يتسلقها الجنود بعد ذلك " زي القرود زي العفاريت و قد استطاعوا ان يجروا معهم في صعودهم مدافع للدبابات ثقيلة جدا .. فراعنة .. هم الذين بنوا الهرم .. جروا هذه المدافع الثقيلة بان ربطوها في الحبال وهذه الاحبال جعلوا وتدا في اعلي الساتر الترابي ايضا و من جانب السلم شدوا هذه المدافع.. عندما يصعد العسكري السلم يجد مدفعه جاهزا فيدخل المعركة علي الفور
و هكذا ترك النبوغ المصري بصمته علي كل شيء واخترق الصعوبات و انتصر عليها بابتكاراته الجزئية واحب ان اذكر لك هنا ان قاذفات اللهب التي استخدمناها في المعركة كانت كلها مصرية مائة في المائة .. وقاذفات اللهب هذه كانت من أخطر الأسلحة التي استخدمها المقاتل المصري و التي هاجم بها خط بارليف و حطمه و قضي عليه
وبتوع بارليف " من جنود العدو و ضباطه ماشافوش الويل من شويه .. لان أخطر شيء علي من يختبئ في موقع دفاعي هو قاذفات اللهب فالمقاتل في موقعه الدفاعي اما ان يخرج من موقعه فتقتله رصاصة أو يبقي فيحترق .. و لهذا السبب وبفضل الابتكار المصري لقاذفات لهب خاصة بنا ، لم يتحمل خط بارليف وقتا فقد اقتحمناه وحطمناه بسرعة
وهناك أيضا دشم الطائرات .. العالم كله بدا بدشم الطائرات بعد ضربة يونيو ١٩٦٧ ولكن كل جيش كان يبني هذه الدشم حسب اجتهادات خاصة بمهندسيه .. و قد قمنا نحن بمجهود جبار في هذا المجال و لابد ان اذكر فضل " المقاولين العرب " في تصميم هذه الدشم و تنفيذها مع المهندسين العسكريين . لقد كان تصميمنا المصري للدشم و مواقع سام ٣ من أروع الانجازات . و قد حاول اليهود مرارا ان يسرقوا هذه التصميمات و لكنهم فشلوا و لم تنجح محاولاتهم لان مخابراتنا كانت وراءهم بالمرصاد ولم تمكنهم من النجاح في هذه المحاولات
تفتق الذهن المصري أيضا عن أشياء رائعة فيما نسميه باسم " التكتيكات الصغري " هناك ضابط نابغ اسمه " حسن ابو سعده " و هو الذي استولي علي اللواء ١٩٠ اليهودي . لواء عساف ياجوري المشهور . حسن ابو سعده .. قضي علي لواء مدرع بأكمله ، يضم ١٢٠ دبابة ، قضي علي هذا اللواء بكل دباباته في عشرين دقيقة اللواء المدرع عندنا مائة دبابة عند اسرائيل مائة وعشرين .. واللواء المدرع فيه دبابات و مدفعية ميدان و مدفعية مضادة للطائرات . كل هذا قضي عليه ابو سعده في عشرين دقيقة مائة و عشرين دبابة مجهزة بأدق التجهيزات العسكرية .. قضي عليها ابو سعده في عشرين دقيقة
وقد ذهل " عساف ياجوري " قائد اللواء الاسرائيلي المدرع عندما نزل من دبابته وكانت اخر دبابة في اللواء ، فوجد كل دباباته المائة و العشرين محطمة و محترقة تماما .. ذهل الضابط الاسرائيلي وكاد يجن .. و مازالت دبابة عساف ياجوري موجودة مكانها في رمال سيناء حتي الآن ذكري لهذه المعركة المجيدة
أكبر معركة دبابات في الحرب العظمي كان اسمها معركة " كورسك" في روسيا و كان في هذه المعركة ٥٠٠ دبابة نحن قضيناعلي مائة و عشرين دبابة في عشرين دقيقة .. هذه معجزة
وبهذه المناسبة كانت معارك الدبابات بيننا و بين اليهود عنيفة و كانت خسائر الدبابات في هذه الحرب ثلاث آلاف دبابة .. و للعلم خسائر الدبابات المصرية ٥٠٠ دبابة فقط اما الخسائر الباقية و هي الفان و خمسمائة فهي موزعة بين اسرائيل و سوريا .. هذه حقيقة لم اكن أود اعلانها الآن ،.. لكنني اقولها لاولادنا و للتاريخ .. فهذا واجبي ألا اخفي هذه الصفحات المجيدة من تاريخنا . سؤال : هذه حقائق عظيمة جدا يا سيادة الرئيس و هي حقائق مشرفة تذاع لأول مرة .. و يجب ان يعرفها شعبنا ليعرف قيمة الانجاز العظيم الذي تم في اكتوبر ١٩٧٣ تحت قيادتكم و علي يد جنودنا و ضباطنا الابطال
ارجو ان تسمح يا سيادة الرئيس ان اسألكم عن مشاعركم - ادق مشاعر - يوم ٥ اكتوبر وصباح يوم ٦ اكتوبر و قبل ذلك بعشر ايام حين ذهبت قواتنا البحرية الي مهامها في حرب اكتوبر يوم ٢٦ سبتمبر ١٩٧٣ عبر البحر الاحمر الي باب المندب كما اعلنتم سيادتكم من قبل
الرئيس : كان شعورا عاديا جدا و مطمئنا جدا
يوم ٢٨ سبتمبر كانت ذكري عبد الناصر ، القيت فيها خطابا و أعدت فيها الصحفيين المائة والعشرين الي عملهم . فقد تم ما قصدته بابعادهم لبعض الوقت .. كنت اريد ان اقول لهم " عيب " و في هذا الوقت خرج من يقول ان السادات يقوم بعمل مصالحة وطنية لانه لا ينوي ان يخوض المعركة بأي شكل . مصالحة وطنية مع من ؟
كما قلت من قبل ليس بيني و بين أي مصري خصومة و لن يكون ذلك أبدا .. ليس هذا مفهومي للحكم أبدا لن اخاصم احدا من المصريين أو ادخل معه في صراع .. انا اب للجميع كما قلت من قبل
يوم ٤ رمضان دعيت مجلس الأمن القومي المصري للاجتماع و هذا المجلس يتكون من رئيس الوزراء و نوابه ووزير الحربية ووزير التموين و مدير المخابرات و أمين الاتحاد الاشتراكي ومستشار الأمن القومي و هو المنصب الذي كان يشغله حافظ اسماعيل في ذلك الوقت . واستمر هذا الاجتماع ٤ ساعات سمعت فيها آراء الجميع ثم قلت لهم " احب ان اوضح لكم شيئا .. ان اقتصادنا تحت الصفر و ليس عندي العيش لسنة ١٩٧٤ " و كنا في اكتوبر ١٩٧٣ أي ان امامنا شهرين فقط.. و مع ذلك فليفعل الله مافيه الخير..
في اليوم الثاني جمعت المجلس الأعلي للقوات المسلحة لاعطاء الأمر الاخير مني ، و في جلسه امتدت ٦ ساعات قام كل قائد بتقديم خطته امام جميع القادة الاخرين ،و اصبح كل قائد يعرف نصيبه في الخطة بدقة ووضوح قلت : مبروك بااولادي " و اعطيتهم الأمر الأخير
بقي في المعركة امران - حسب ارقي العلوم العسكرية في العالم - الاول هو التوجيه الاستراتيجي و يكون من رئيس الجمهورية . و قد صدر مني هذا التوجيه للمشير احمد اسماعيل قبل المعركة بشهر و هو موجود و محفوظ في وزارة الحربية وهذا التوجيه الاستراتيجي هو الذي اعطاه تشرشل في الحرب العالمية الثانية لايزنهاور
الأمر الثاني : هو أمر القتال و قد أصدرته قبل المعركة بثلاث ايام و سلمته للمشير احمد اسماعيل و هذا الأمر ايضا محفوظ في سجلات المعركة للتاريخ
يوم الاربعاء : أي قبل حوالي ٧٢ ساعة من المعركة طلبت السفير السوفيتي و أبلغته بقرار الحرب و قلت اريد من موسكو إجابة عن هذا السؤال .. ماذا سيكون موقف الاتحاد السوفيتي من المعركة ؟ سألني عن ساعة الصفر قلت له لم تحدد بعد و كنت قد اتفقت مع حافظ الاسد علي ان يقوم بابلاغ السفير السوفيتي بساعة الصفر و هي الساعة ٢ يوم السبت ٦ اكتوبر
يوم الخميس ٤ اكتوبر فوجئت بان السفير السوفيتي عاد يطلب مقابلتي ، و دهشت لان السوفيت لا يجيبون علي الرسائل بسرعة بل يتلكأون . و قد تتأخر الاجابة شهورا بعد شهور . ووافقت علي مقابلة السفير السوفيتي بعد دقيقتين من طلبه في بيته بجوار بيتي في الجيزة . وكنت اتصور انه يحمل رد الحكومة السوفيتية و لكنني فوجئت به يطلب مني الاذن بنزول اربع طائرات سوفيتية في مطار حربي مصري لنقل العائلات السوفيتية يوم ٥ اكتوبر ووافقت علي طلبه فورا و حددت له مطارا عسكريا غرب القاهرة و كان معني كلام السفير وطلبه نقل العائلات السوفيتية من القاهرة اننا سوف نخسر المعركة و لذلك فهم يريدون سرعة الرحيل و مع ذلك وافقت و تم نقل العائلات الروسية في الوقت المحدد
و قبل ان يخرج السفير من مكتبي سألته عن الرد علي رسالتي الخاصة بموقف السوفيت من المعركة . فقال بعد ثلاث سنوات من المعركة
يوم الخميس ٤ اكتوبر انتقلت من بيتي في الجيزة الي قصر الطاهرة الذي كان قد تم تجهيزه بحيث يمكنني منه ان اتصل بجميع انحاء جمهورية مصر ، و بكل مسئول في البلاد فيما لو انقطعت التليفونات . فقد كان في تقديري ان اليهود يمكن ان يركبوا رؤسهم و يهاجموا المدن ويقطعوا المواصلات . علي ذلك فقد كان في قصر الطاهرة غرفة عمليات متصلة بغرفة عمليات الجيش و كل ما يتم في المعركة ينقل اليها فورا بأحدث الوسائل
يوم الجمعة كنت عادي جدا ..بل كنت اسعد انسان مع ان المعركة كانت لا تزال في كف القدر ، ولكن حساباتي كانت علي الوجه الآتي " لو نجحنا في المعركة كان بها و الحمد لله . وان فشلنا فانني ساكون بين جنودي في القتال و اموت معهم شهيدا مع الشهداء " المهم انني اتخذت القرار و كانت البحرية قد بدأت يوم ٥ اكتوبر عملها وانتهي الأمر .. و انتهي الاضطراب و البلبلة .. انتهت اللاحرب و اللاسلم ... و هذا كان مريحا لي الي أبعد حد
و في يوم الجمعة هذا قمت بالصلاة في زاوية صغيرة في منشية الصدر هي الزاوية التي تعلمت فيها الصلاة و انا صغير عندما جئت الي القاهرة مع أبي لأول مرة فلاحا بسيطا : حيث كنا نسكن في كوبري القبة . في ليلة ٦ اكتوبر نمت ملء جفوني وصباح السبت يوم المعركة استيقظت و انا في غاية الراحة و السعادة و كما قلت لك لم يكن امامي الا النجاح أو الاستشهاد حتي تقول الاجيال القادمة ان السادات لم يقبل الذل والانتظار و اللاحرب و اللاسلم .. ثم يكملون من بعدي . جاءني المشير احمد اسماعيل في الواحدة و النصف و ذهبنا معا الي القيادة ووصلنا قبل ساعة الصفر بدقائق
غرفة القيادة التي ارجو ان تشاهديها ان شاء الله في ٦ اكتوبر .. و قد رآها بعض زملائك الصحفيين هذه الغرفة أشبه بغرف العمليات التي تشاهدينها في السينما عن الحرب العالمية الثانية ، و غرفتنا بهذا الشكل و مجهزة بأحدث الأجهزة ، وكانت الخطة معلقة علي الحائط كله . شيء رهيب مثير للانتباه .
و اذكر انني عندما وصلت الي غرفة العمليات وجدت اولادي في الغرفة صائمين .. كنت قد اعطيت أمرا بالافطار لانه لا يحارب احد و هو صائم وحربنا ضد العدو عبادة وليس بعدها عبادة ، و نحن لا نريد ان تحدث أي غلطة .. انا صائم لانني تعودت الالتزام بالصوم في جميع الأحوال .. في السفر في المرض في كل الاحوال أصوم فقد اصبح الصيام عندي له معني خاص منذ أيام القرية بالاضافة الي معناه الديني انه مرتبط بمعني الرجولة
و لكنني عندما وجدت من في غرفة العمليات صائمين ، و شعرت انهم صائمون احتراما لي طلبت : البايب " وكوبا من الشاي و افطرت في الثانية الا عشر دقائق
في الساعة الثانية ميكروفون غرفة العمليات أعلن " الطيران المصري عبر الي سيناء " بعد عشرين دقيقة اتصل حسني مبارك بغرفة العمليات ليقول " ضربة الطيران حققت ٩٩% من اهدافها و هذه روعة حسني مبارك .. روعة حقيقية لقد قال السوفيت ان ضربة الطيران الاولي لن تحقق الا ٣٠% و اننا سوف نخسر ٤٠% من سلاح الطيران كله
و هذا كله سجل للتاريخ ومكتوب وعليه شواهد ثابتة . من ثلاثين قاعدة جوية و بين ثلاثين مطارا علي مسافات مختلفة خرجت طائراتنا في وقت واحد و عبرت القناة في مظلة من ٢٢٢ طائرة و عندما رأي اولادي هذه المظلة من طائراتنا تعبر اصيبوا بنوع من " الهستيريا العظيمة " اذا صح هذا التعبير .. هستيريا عظيمة حقا لانهم لم ينتظروا امر العبور فاندفعوا للعبور . كانت خسائرنا في الطيران في الضربة الاولي ٥ طائرات من ٢٢٢ طائرة . نتيجة رائعة بل مذهلة و كان من بين الطيارين الخمسة الذين سقطوا عاطف السادات اخي الله يرحمه . أصر ان يخرج في الطلعة الأولي و لم يكن فيها فسمح له القائد بذلك ،وكان نصيبه الاستشهاد
في غرفة العمليات بعد ما ابلغنا حسني مبارك بنتيجة ضربة الطيران حدثت فرحة كبيرة حقا .. لقد تذكرت ما قرأته عما حدث في غرفة العمليات في الحرب العالمية الثانية عندما قامت ألف طائرة بضرب برلين لأول مرة و حققت الضربة اهدافها .. و في غرفة العمليات في لندن جري هناك ما جري عندنا بعد نجاح ضربتنا لليهود .. صرخة فرح و سعادة تملا الغرفة .. وبعد اربعين دقيقة سلاح المدفعية ضرب ضربته و حقق اهدافه بقيادة الماحي كبير الياوران الآن .. ان الماحي خلي اليهود يشوفوا الويل ودك خط بارليف علي من فيه . و بدأت الاخبار بانتصارات الجيش والعبور وكان اول لواء عبر ووضع العلم علي سينا هو اللواء السابع .. بعد اربع ساعات تأكدت من النصر . وكنت قد سجلت في اجتماع المجلس الأعلي للقوات المسلحة ان ال ٢٤ ساعة سوف تحدد مصير المعركة . و الآن تحدد مصير المعركة في الساعات الأربع الأولي
سؤال : هل ترك القمر الصناعي و نشاطة فوق مناطق حدودنا العسكرية اثرا من الخوف والحذر لديكم ؟ الرئيس : أبدا أبدا .. هنا لابد ان اقول ان القمر الصناعي مازال الي يومنا هذا يخدم اسرائيل والقمر الصناعي الامريكي هو الذي كان أساسا للثغرة في التخطيط و التنفيذ .. ان الثغرة قد صنعها الامريكان بقمرهم الصناعي و بأسلحة لم تخرج من امريكا إلا إلي سيناء .. أسلحة لم تعط لأي دولة في العالم حتي اكتوبر ١٩٧٣ و من بينها قنبلة " المافريك " التي رأيتها بعد ذلك في مناورات ايران . و بالمناسبة فان القمر السوفيتي لاعلاقة له بنا و لا يقدم لنا أي شيء . بينما القمر الامريكي كان و مازال في خدمة اسرائيل
سؤال : لو كان العدو قام بضربة اجهاض لنا قبل تحركنا فهل كان هذا يمكن ان يمثل خطرا علي حرب اكتوبر ونتائجها أم كان في امكاننا و في تخطيطنا ان نرد الضربة بضربة مضادة؟
الرئيس : ضربة الاجهاض لو انها وقعت قبل ثلاث أيام من المعركة كان يمكن ان تسبب متاعب لنا . رغم اننا وضعنا مثل هذه الضربة في الحساب و كنا سوف نرد عليها بقوة و عنف.. و لكن في الأيام الثلاثة السابقة علي المعركة لم يكن لمثل هذه الضربة من جانب العدو أي قيمة لقد قيل ان قادة الجيش الاسرائيلي اتصلوا بجولدا مائير صباح السبت ٦ اكتوبر لكي يقوم الجيش الاسرائيلي بضربة وقائية . كل هذا كلام لاقيمة و لا أهمية له.. و لم تكن ضربتهم تجدي شيء لا يوم السبت ٦ اكتوبر و لا الجمعة ٥ و لا الخميس ٤ اكتوبر
سؤال : سيادة الرئيس هل كان هناك خوف من انتكاس الوقفة العربية الجماعية الواحدة بعد قيام الحرب نتيجة التناقض بين القول و الفعل عند بعض الزعماء ؟
الرئيس : في حياة الأمة العربية للأسف توجد دائما هذه الخلافات و المشاحنات و رغم ذلك فانا استطيع ان اقول و بكل ثقة ان اخواني و اصدقائي الملوك و الرؤساء العرب قد تجاوبوا معي كل التجاوب اثناء التجهيز للمعركة و ذلك باستثناء بعض الخوارج مثل القذافي مجنون ليبيا وبعض الاصوات الاخري التي لم يكن لها قيمة
وهنا اود ان اسجل دهشتي البالغة من بعض العرب الذين يريدون ان يملاؤا حياة امتنا بالمرارة بالتمزق و الخوف من المستقبل المجهول .. لقد صدرنا هذا كله الي اسرائيل بعد اكتوبر . لماذا يريد هؤلاء ان يستوردوا هذا كله من جديد الي الوطن العربي ؟ ان المواقف السورية و المواقف الليـبـية تعني استـرداد القلق والتمـزق الي صفـوف الأمة الـعربية ، نحن نـرفض هذه المواقف واغلبية الامة العربية ترفض هذه المواقف .. والامة العربية بخير و مانراه هو ظواهر فوق السطح و لا يجوز ان تزعجنا مزايدات سوريا و لا جنون الحاكم الليبي
سؤال : قيل ان بعض قوات الجيش اندفعت لتطوير الهجوم يوم ١٤ اكتوبر لتخفيف الضغط علي الجيش السوري و ان هذه القوات استطاعت بلوغ المنطقة المواجهه لمصر مثلا .. نريد ان نعرف من سيادتكم بعض التفاصيل عن هذه المهمة للحقيقة والتاريخ
الرئيس : بالفعل اندفعت قوات من الجيش الثاني و هي الفرقة ٢١ المدرعة الي الشرق و قد كان ذلك تحت الحاح سوريا . فلم يكن في خطتنا ان ندفع بهذة الفرقة الي الشرق ، كنا قد اعددنا " منطقة قتل " في و كان تقديرنا ان اليهود سيندفعون الي هذه المنطقة من باب الغرور العسكري لان المفروض عسكريا ألا يأتي احد الي " منطقة القتل " ففي هذه المنطقة كل ما يظهر ينبغي القضاء علية .. وكل شيء حتي لو كان نمل . لذلك كل اليهود يندفعون الي هذه المنطقة و قد تعرضوا لضرب عنيف جدا فيها . كما اشرت في جانب من الحديث هناك لواء مدرع بأكمله هو لواء عساف تم القضاء عليه في عشرين دقيقة . و كان المفروض ان مثل هذا اللواء يستمر في الحرب سنة او سنتين و في الأيام الاولي من المعركة كانت نسبة خسائر اليهود الي خـسائرنا هي ٣ الي ١ أي ان خسائر اليهود ٣ و خسائرنا واحد
ثم استغاثت سوريا لانها كانت في اليوم الثالث قد بدأت تخرج من الحرب و كان اليهود علي بعد عشرين كيلو من دمشق ، و امام الحاح السوريين وافقت للمشير احمد اسماعيل علي انتقال الفرقة ٢١ من الغرب الي الشرق حيث اشتبكنا مع اليهود واصبحت خسائر اليهود بالنتـيجة لنا ٢ الي ١ بعد ان كانت ٣ الي ١ أي ان اليهود كانوا يخسرون دبابتين كلما خسرنا نحن واحدة .. و كانت النتيجة ان خسائري في الدبابات بلغت ٥٠٠ بينما بلغت خسائر سوريا ١٤٠٠ دبابة وخسائر
اسرائيل اكثر من الف دبابة . و قد خسرت سوريا ١٢٠٠ دبابة في يوم واحد
اشتباك الفرقة ٢١ من الجيش الثاني مع اليهود عطلنا عن تحقيق بعض اهدافناسؤال : قمنا بتسليم ٣٩ جثة من جثث ضباط وجنود العدو في الصيف الماضي و قالت الصحافة العالمية انها " ضربة معلم " من الرئيس السادات و قيل ان مصر تحتفظ بعدد آخر من الجثث الاسرائيلية عالجها المصريين كيمائيا حتي لا تتحلل ، و انها بعض خسائر اسرائيل في منطقة الثغرة و هي الخسائر التي بلغت أكثر من ألف قتيل ماصحه هذه المعلومات
الرئيس : لقد بدأ الاسرائيليون هذا العام فقط في تسمية .. الثغرة " باسم " وادي الموت " لأن اكبر خسارة لليهود كانت في الثغرة . و في زيارتي لعمان قبل لقائي بفورد في "سالزبورج " ألقيت خطابا تحديت فيه اليهود ان يذكروا خسائرهم في الثغرة .. و لكنهم لن يفعلوا ذلك لان هذه الأرقام سوف تفتح قصة الثغرة كلها . هنا طيار يهودي من الذين كانوا ينقلون القتلي من الثغرة ضربنا طائرته و أسرناه و قد أعطانا هذا الطيار بيانا كامل بخسائر اليهود بالاضافة الي ما نملكه من بيانات دقيقة . و عندما فشلت مفاوضات فض الاشتباك الثاني لأول مرة في مارس ٧٥ اتخذت قراري بفتح قناة السويس
و تسليم اليهود ٣٩ جثة . و قد كان من بينهم ضباط كبار جدا . وقد اقيمت لهم جنازات ضخمة في اسرائيل و تجددت أحزان اسرائيل مع تسليم هذه الجثث وبعد ان رفضوا فض الاشتباك الثاني في المرة الاولي عادوا فقبلوا ،و هذا ما قد يوضح صحة تقديري تماما
لقد تذكروا ما أصابهم في حرب اكتوبر .. و عرفوا ان العناد لن يفيدهم كثيرا فهذه جثثهم شاهد علي هزيمتهم
أما بالنسبة لبقية الجثث فقد اعطيت تعليماتي بالبحث عنها و اذا وجدنا جثثا اخري فسوف نسلمها لليهود ليس عندنا أبدا نية التمثيل بالجثث .. و ليست هذه اخلاقنا او عقائدنا
سؤال : هل يمكن يا سيادة الرئيس ان نتحدث بشئ من التفصيل عن الثغرة ؟ الرئيس : انا سعيد اننا اعددنا دراسة كاملة عن الثغرة تكشف كل الحقائق وقد تم عرض هذه الدراسة في ندوة اكتوبر العالمية التي عقدت في جامعة القاهرة العام الماضي
الثغرة عبارة عن ماذا ؟.. هناك جيشنا الثاني و جيشنا الثالث يحتلان المسافة من السويس الي بورسعيد أي حوالي ١٨٠ كيلو هناك " مفصل بين الجيش والمفصل دائما هو نقطة ضعف فجاء اليهود و ركزوا علي المفصل و فتحوا فيه مسافة ستة كيلومترات . و لم يتزحزح الجيش الثاني أو الثالث بوصة واحدة الي الوراء . و لم يستطيعوا ان يحتلوا السويس . و تحولوا بعد وقت قليل الي " سندوتش " بين الجيش الثاني و الجيش الثالث
ان الثغرة كانت بطلب من امريكا لتحسين وضع اسرائيل في أي مفاوضات وتمت بمساعدة القمر الصناعي الامريكي و بالأسلحة الامريكية الجديدة ، كما ان جولدا مائير قالت لقائدها اليعازر >نحن في القاع < الحقونا بأي عمل ، و قامت الثغرة الفاشلة والتي كان يمكن تصفيتها من البداية لولا خطأ رئيس الاركان في ذلك الوقت فقد كان اولادي في الجيش قد وصلوا الي موقع الثغرة و لكن رئيس الاركان اعطاهم امرا بالرجوع الي الوراء... و هذا خطأ
و مع ذلك فان الصاعقة و المظلات و القوات الخاصة في الجيش المصري جعلت من الثغرة " وادي الموت " بالنسبة لليهود . و كنت قد نبهت في المجلس الأعلي للقوات المسلحة جميع القادة - اولادي - في القوات المسلحة . الي الحركات المسرحية التي تعودت اسرائيل ان تقوم بها ، وطلبت عدم الانزعاج من هذه الحركات أو الخوف منها ، لقد كان هدفهم هو ان يقولوا انهم علي بعد ٩٠ كيلو من القاهرة و هذا هو نفسه ما كان يقوله المجنون معمر القذافي حيث جاء الي القاهرة في فترة الثغرة و هو " لابس مظلة " جاء لينقذ القاهرة .. " ما هم اصحاب العقول في راحة " لقد كانت الثغرة مادة للدعاية الاسرائيلية و مادة للحاقدين و الانهزاميين .. و مع ذلك فلم تكن الثغرة شيء .. كانت عذابا لليهود .. و قد عرف اليهود هذا الأمر وحاولوا الاستيلاء علي السويس ليعوضوا خيبتهم و لكنهم فشلوا تماما .. تصفية الثغرة لم تكن تستغرق ساعات قليلة
سؤال : و لماذا يا سيادة الرئيس لم تتم تصفية الثغرة ؟
الرئيس : كان عدد دبابات اليهود في الثغرة اربعمائة دبابة و استطعت أن أجمع لحصار هذه الثغرة ٨٠٠ دبابة .. طلبت من تيتو ان يرسل بعض الدبابات فارسل هذا الزعيم المناضل علي الفور ١٤٠ دبابة بالذخيرة و الوقود .. الرئيس بومدين ارسل ١٥٠ دبابة فورا و كان هنا ١٠٠ دبابة اخري وضعها معمر القذافي في مرسي مطروح اخذتها علي الفور رغم انف القذافي
و كان الرئيس بومدين قد دفع للسوفيت ١٠٠ مليون دولار اثناء المعركة ثمنا ل ٤٠٠ دبابة . وصلتني ايضا و اصبح عندي ٨٠٠ دبابة تقريبا بفضل الرئيسين تيتو و بومدين . عندما احس اليهود بهذا الرقم من الدبابات اسقط في ايديهم و اضطربوا اشد الاضطراب . وكان القرار هو تصفية الثغرة . وكانت تصفية الثغرة ممكنة تماما و سهلة
و في يوم ١١ ديسمبر ٧٣ جاءني كيسنجر و قال لي " اذا حاربتم من جديد فاننا - امريكا ستقف الي جانب اسرائيل . نحن نعلم انك تستطيع تصفية الثغرة و لكننا سنقف ضدك و نضرب مع اليهود ... و الحل هو ان نعمل فض اشتباك و يعودوا هم الي الشرق بدون قتال
قلت له : متي يمكن ان يتم هذا ؟
قال : في يناير ١٩٧٤
كان هذا الحديث في ١١ ديسمبر .. و لانني بدأت اثق بكيسنجر - الذي اثبت لي دائما،، انه رجل شريف و صريح .. فقد وافقت علي ذلك
و مع ذلك لم اسكت .. عينت قائدا للثغرة هو مأمون " محافظ مرسي مطروح الآن ، وكان قبل ذلك قائدا للجيش الثاني في وقت العبور و
هو عسكري رائع وممتاز ، ثم اعددنا خطة تصفية الثغرة و صدقت عليها يوم ٢٤ ديسمبر ١٩٧٣ .. و كل ذلك حتي أكون مستعد لأي مفاجأت . وسافرت اسوان انتظر كيسنجر . و لو فشل كيسنجر كانت هناك كلمة سر واحدة اقولها للمشير احمد اسماعيل لتهدأ المعركة علي الفور وننتهي من العملية
ولكنني كنت اضع في اعتباري موقف امريكا و خطورته علي اهلي ووطني .. كما كنت أضع في اعتباري ان الاتحاد السوفيتي لن يساعدني أبدا في هذه المعركة .. بل سينتظر ضربي ليفرض شروطه من جديد .. وجاء كيسنجر
ونفذ وعده بفض الاشتباك ورحلت قوات اليهود و انتهت تمثيلية الثغرة سؤال: أود ان أسأل سيادتكم بعد هذه الرحلة الطويلة معكم حول ٦ اكتوبر عن رأيكم باعتباركم كاتبا و مثقفا كبيرا - في الأدب العربي .. هل عبر أدبنا بصدق عن اكتوبر ؟ ثم ما هو رأيكم فيما قدمته السينما المصرية من أفلام عن حرب اكتوبر؟
الرئيس : ان أدبنا لم يعبر حتي الآن عن معركة اكتوبر . ان حرب اكتوبر ليست حدثا محليا وانما حدث عالمي و العالم بعد اكتوبر يختلف تماما عن العالم قبل اكتوبر ،
سياسيا : تأكد مركز العرب كقوة سادسة في العالم بعد اكتوبر . و لنترك ما يبدو علي السطح من زوابع و خلافات فتلك لعنة مكتوبة علي العرب ان يجتمعوا في أيام المحنة ثم يتفرقوا و يتمزقوا ،، و لكنني علي يقين بان الجوهر سليم و نقي .. لقد اصبح العرب بعد اكتوبر قوة رهيبة
اقتصاديا : امتلك العرب ، لأول مرة بترولهم بتأميم شركات البترول بالكامل و استطاع العرب لأول مرة أيضا ان يحددوا انتاج البترول .. و انتقصت الكويت مليون طن من الانتاج .. وارتفع ثمن البترول ثلاثة اضعاف ثمنه قبل اكتوبر . و الغرب كله الآن يقف موقف الرعب من العرب ،
عسكريا : دخلت دروس حرب اكتوبر في تعديل تصميمات السلاح ، و قد التقيت منذ فترة قريبة ببعض - الاوروبيين الذين يعملون في صناعة الأسلحة ، و قد قالوا ان تصميمات الأسلحة تغيرت بعد حرب اكتوبر كما تغيرت المفاهيم العسكرية في العالم كله ،
هذه الاثار الضخمة لحرب اكتوبر تنعكس حتي الآن في أدبنا وربما يحتاج الأمر الي بعض الوقت كما يحتاج الي ازالة آثار الانهزامية التي سيطرت علي بعض الادباء .. وبعدها اعتقد ان من الممكن ان نجعل ادبنا ادبا يعبر عن اكتوبر خير تعبير
بالنسبة للافلام التي ظهرت عن اكتوبر بعضها افلام جيدة . لكنني انوي ان تقوم مصر بعمل فيلم طويل علي غرار فيلم . اطول يوم في التاريخ - و هو الفيلم الذي صور غزو الحلفاء لنورماندي - هذا الغزو الذي كان بداية انهيار هتلر . و قد تكلمت مع عمر الشريف عندما قابلني في امريكا عن مشروع هذا الفيلم . و ارجو ان يحشد هذا الفيلم جميع الممثلين الكبار عندنا . كما حشد فيلم " اطول يوم في التاريخ " جميع الممثلين في كل بلاد الغرب
ان جبهتنا طولها ١٨٠ كيلو متر و عندنا خمسة رؤوس كباري و تفاصيل المعارك كثيرة جدا في الجو و البر و البحر .. و هذا يجعلنا نحتاج الي اكبر حشد سينمائي عرفته السينما العربية لانتاج هذا الفيلم الهام
سؤال : هذه التجارب الضخمة و الذكريات العديدة النادرة . لماذا لا تقومون بتسجيلها في كتاب يكون دليلا حيا للأجيال الجديدة ،، و يتعلمون منه العلوم الكثيرة عن وطنهم و تاريخهم بكل قائد له خبرتك و تجربتك و مواهبك ؟
الرئيس : قبل نهاية السنوات الست الأولي من رئاستي للجمهورية شعرت بانني لابد ان أكتب مثل هذا الكتاب فهناك حقائق لابد ان يعرفها الشعب و لا يجوز ان يكون حولها خلاف بعد ذلك - خاصة و قد لاحظت ان البعض للأسف بدأ يكتب و يشوه أو يصور الحقائق من زاوية واحدة فيها كثير من النقص . ومن أجل هذا اعددت كتابا تحدثت فيه عن سنواتي الست السابقة في الحكم و عن معركة اكتوبر وعن حياتي في القرية .. انه كتاب كبير يشمل الكثير و قد اتفقت مع ناشر امريكي علي اصدار هذا الكتاب و سوف يصدر الكتاب في طبعته الانجليزية العالمية في الربيع القادم ان شاء الله في اوربا و امريكا و العالم كله ،
وقد تبرعت بدخل هذا الكتاب كاملا بحيث يذهب نصف دخله لاعادة بناء ميت ابو الكوم والنصف الآخر للوفاء والامل .. انا لا أريد من دخل هذا الكتاب شيئا لنفسي

محمد حسن ضبعون
21-06-2010, 05:48 PM
تصريحات الرئيس محمد أنور السادات
في غرفة العمليات يوم ٦ اكتوبر
فى٦ أكتوبر ١٩٧٦



قال الرئيس السادات : كل سنة وانتم طيبون . نحمد الله ان التطور فيالقوات المسلحة يسير بخطا واسعة كما استمعتم الي ذلك في خطاب الفريق أول الجمسيأثناء العرض العسكري .. وقد شاهدتم بأنفسكم اننا نتحرك . لسنا واقفين . التطويركبير جدا ومستمر . وهذا أهم شيء . واليوم نتطلع كلنا الي قواتنا المسلحة لنعرف انالتطوير أحسن من العام السابق .. وكما قال القائد العام ، فان المعركة لم تنته هناكالصراع من أجل حل سلمي ، وإذا لم ينته الي السلام القائم علي العدل ، فسوف نعود اليالصراع العسكري .، ان الدبلوماسية و العسكرية تؤديان الي الهدف السياسي الأخير الذينريده . وهو السلام القائم علي العدل
لقد تردد في الفترة الأخيرة ، انه قد تكون هناك محاولة خطوة أخري منأجل السلام .. أي بأسلوب الحل خطوة خطوة . ونحن لانؤيد هذا علي الاطلاق ، وبانتهاءانتخابات امريكا في نوفمبر
ودخولنا عام ١٩٧٩ فان الخطوة يجب ان تكون الحل الشامل، للوصول الي السلام القائم علي العدل . وانا مستعد للاجابة علي اسئلتكم
عبد المنعم الصاوي ( نقيب الصحفيين ) اننا نبارك لسيادتكم في هذاالعيد القومي لمصر والأمة العربية كلها ، في عيد القرار التاريخي . والقرار هودلالة علي تطور العالم العربي كله ، لا الأمة المصرية وحدها . ولكننا نريد اننستفسر للاطمئنان عما أشار اليه القائد العام في خطابه عن استعداد نا علي الجانبالآخر ( يقصد الحدود الغربية مع ليبيا ) .. وماسمعنا من انه لايؤثر علي الكثافةالعسكرية في جبهة قتالنا مع العدو .. لان المعركة متوقعة اذا فشلت الحلول السلمية ؟
الرئيس : الجمسي يرد
الجمسي : الذي تردد موجود فعلا . ونحن مستعدون لأي احتمال
الرئيس : احب ان اوضح لكم ، ان محاولة طعننا من الظهر ليس لها أيقيمة . ولاتشغلنا . واذا حدث أي شيء فنحن قادرون علي الحسم تماما . رئيس ليبيايحاول ان يضخم ويكبر من هذا الموضوع لاستهلاكه الداخلي .. انه يحاول ان يحشد الرأيالعام داخل ليبيا . لانه يعلم ان الشعب الليبي في حالة قرف من تصرفاته ، لقد أدناليبيا في غزو السودان .. وليس من المعقول ان نفعل ماندينه ليس من المعقول ان نغزوليبيا . لقد ذكر القائد العام في خطابه ، هذا الموضوع لكي يظهر هذا المعني أمامالأمة العربية معركتنا مع العدو لاتزال مستمرة ، لم تحرر أرض الأمة العربية كلها .. وهي معركة الأمة العربية .. وبعدين يطلع واحد زي ده عاوز يطعنا في ظهرنا
حسني مبارك : والبرافدا تدافع عنه ؟
الرئيس : سيظل ٦ اكتوبر بمنجزاته كله علامة اساسية في التطور العربي . اننا نعيش الان عالم مابعد ٦ اكتوبر . وسبق ان قلت .. كان المفروض ان تكون سوريافي افراح اليوم .. مثل مصر .. ولكنهم يريدون ان يجلبوا الألم والتمزق والمرارةلشعوبهم مرة أخري . اما نحن في مصر.. فلا لقد صدرنا التمزق الي اسرائيل ولن يعودالينا أبدا . ان كل عربي يجب ان يحتفل بهذا اليوم .. ولكن اسلوب حزب البعث السوريالعاجز المعقد الحاقد .. لايريد الا ان يعود التمزق الي الشعب السوري ويقتل الآنشعب فلسطين صاحب القضية التي من أجلها نضحي ونحارب ويقتل اللبنانيين . وما النتيجةأقول لهم : ان كل انسان مسئول امام التاريخ عن سلوكه
محسن محمد : ماهي آخر تطورات الموقف من ناحية عقد مؤتمر القمةالعربي المحدود ؟
الرئيس : سوريا تريد ان يكون المؤتمر رباعيا . أي تحضره سورياوالسعودية والكويت ومصر، ونحن نرفض هذا الاقتراح .. اذ ماجدوي الاجتماع اذا لميحضره سركيس وعرفات ؟ كما ان حضور سركيس بغير حضور المقاومة لايجدي ايضا وهناك كلاميسري .. أو يراد له ان يسري في الأمة العربية . يعني ان سوريا لو تفاهمت مع مصر .. فان كل شيء سوف يحل . وهذا غير صحيح . أنني تحدثت مع الأسد من قبل في اجتماع الرياضعام ٥٧٩١سبع ساعات ونصفا وتفهمنا علي كل شئ . وللأسف فان تصرفات البعث السوري بعدذلك اصبحت اسوأ مما كانت عليه . مادخل مابين سوريا ومصر .. في مأساة لبنان اننا لمنقل للاسد افرض سيطرتك علي لبنان .والآن نسمع عن مساعي سورية تبذل لكي يحضر الملكحسين المؤتمر وهذا معناه طعن جديد في الفلسطينيين امعانا في المخطط المرسوم
ان خطنا واضح . من أجل لبنان .. من أجل وقف نزيف الدم اننا ندعو الياجتماع سداسي لارباعي ولاخماسي ولاسباعي . نريد ان تحضر الاطراف الاصلية هذاالاجتماع لكي نصل الي حل مأساة لبنان موضوع مصر وسوريا له اساس قديم ، ولا دخل لهبلبنان من بعيد أو قريب
يوسف السباعي - ماهي حقيقة الاتصالات التي أجرتها مصر مع فرنسا بشأنالموقف في لبنان ؟ الرئيس : الذي حدث .. هو أنني عندما التقيت بالزعماء اللبنانيينفي مصر ، وجدت ان البعض منهم يريد ضمانا من فرنسا من أجل المستقبل لان الهدف انيعود لبنان موحد ا كما كان . لما شعرت بهذا .. رأيت أن أرسل وزير الخارجية لاستطلاعرأي الرئيس ديستان .. قبل أن ينعقد اجتماع للقمة العربية .. سواء الاجتماع المحدودأو الاجتماع الموسع وهدفي هو بحث امكانية أن تشترك فرنسا مع الجهد العربي و ليسبديلا للجهد العربي ، وذلك لايجاد طمأنينة وضمانات لأطراف النزاع في لبنان ، يهمناأن يكونوا مطمئنين لتعود الي لبنان وحدته واستقلاله وشخصيته الكاملة
تكلمنا مع الرئيس الفرنسي ديستان وكان رده ممتازا قال انه مستعد أنيشارك بجهد مع الجهد العربي وليس بديلا عنه . وموقف فرنسا هو الموقف الرائد في غرباوروبا ولكن .. هل سترسل مصر قوات مصرية ؟ .. او هل كان الحديث عن ارسال قوات مصريةفرنسية ؟ احب ان اوضح اننا لم نعمل مبادرة مع فرنسا وحدنا . لقد ارسلت وزيرالخارجية لكي استطلع موقف فرنسا وذلك حتي تكون كل الاوراق عندنا جاهزة في اي اجتماععربي مقبل . ولكن بعض الاقوال ، جعلت من هذا مبادرة مصرية فرنسية ، وهذا غير صحيح ،ليست مبادرة . وقد اعلنت من قبل ، وانني ضد ارسال اي جندي مصري الي لبنان . وراييان التدخل العسكري يعقد الامور اكثر مما يسهلها . وهذه هي نتائج التدخل السوريامامنا . كل المشاورات كانت للرد علي السؤال .. اذا اتفقنا في مؤتمر القمة العربيالمحدود او الموسع علي اشتراك فرنسا . بعد هذا تفكر ، كيف تشترك فرنسا بقوات .. اوبغير قوات .. هذا هو موضوع البحث العربي . ان فرنسا مستعدة ان تستجيب لاي قرار غربيباشتراكها ايا كان هذا الاشتراك . و فرنسا محقه في هذا القرار يجب ان يكون عربيا . تدخلها يجب ان يطلب من الرئيس الشرعي وهو الياس سركيس . ونحن لانتخطي العرف الدوليوالاصول الدولية . وانتهي المؤتمر .. وهنأ الرئيس كل الحاضرين بعيداكتوبر ، والقينظرة علي المنصة الموجودة في غرفة العمليات .. وقال اي والله .. هنا كنا نجلس ..

محمد حسن ضبعون
21-06-2010, 05:49 PM
الي أسرة تحرير مجلة اكتوبر الجديدة
فى٢٩ أكتوبر ١٩٧٦

بسم الله


من كل قلبي أدعو لأسرة مجلة اكتوبر بالتوفيق واذا سئلت عن آمالي ،فان آمالي ان أري في مجلة اكتوبر صحافة في مصر تعتمد أول ماتعتمد علي الخدمةالكاملة لكل ماينشر فيها وبكل الخلفيات حتي يمكن للقاريء ان يخرج من كل عدد منأعدادها بقيمة وإضافة جديدة لثقافته العامة أحلم ان تستأنف مجلة >اكتوبر ذلكالخط الذي كانت تتميز به صحافتنا من قبل ، وكنا نجد فيها مفاتيح الثقافة الحقة
وأذكر انني ، بعد ان تخرجت بشهور وكانت سني ١٩ سنة وشهرا ابتدأتاقرأ . وأول ماقرأت في حياتي كتاب اشتريته من دار المعارف اسمه فيض الخاطر لأحمدأمين والكتاب مليء بالمقالات القصيرة والخواطر المتنوعة التي يخدمها أحمد أمينبمصادر ثقافية متعددة
فاذا استطاعت مجلة اكتوبر ان تخدم ، ولو مواطنا واحدا من كل ألفمواطن ، ليخرج منها بشيء جديد ، فسوف يكون ذلك إنجازا كبيرا . لان هناك أناساكثيرين حريصون مثلي علي الثقافة والتلقي ، فقد كنا نري مفاتيح الثقافة قد أودعهاكتابنا القدماء في الصحافة علي أيامنا
أحلم ايضا ان يجد كل عربي في هذه المجلة الخير المخدوم والخلفيةالمخدومة بحقائق تاريخية ووثائق مؤكدة ، فالمهم هو ان نعلم القاريء العربي كيفيستوعب هذه المعلومات الجديدة والثقافة الجديدة . وأحلم ايضا ان تقوم مجلةاكتوبربتأصيل ٦ اكتوبر بكل أبعاده ، فليس ذلك اليوم مجرد معركة عبور وإنما هو يوم فاصلبين عالم ماقبل ٦ اكتوبر الذي اختلف عسكريا وسياسيا واقتصاديا عن عالم مابعد ٦اكتوبر ، فلم يكن العبور مجرد انتقال من شاطيء الي شاطيء ، وإنما كان هناك أكثر منعبور . هناك عبور ثقافي وعبور اقتصادي وانفتاح
أحلم لمجلة اكتوبر ان تقوم بتأصيل المعاني ، وتحكي للناس عن نتيجةانتصارات اكتوبر في كل الميادين أريد من كل شاب إذا ماقرأ مجلة اكتوبر ان يتصورانها موجهة له ومهتمه بشئونه .. أريد لهذا الشباب التائه ان نعيد له اكتشاف الطريقالذي فقده ، ومع الأسف فان جزءا كبيرا من صحافتنا تعمل علي ضياع الطريق
أريد لمجلة اكتوبر ان تكون صحافة الثقة بالنفس والاقتدار والأمل ،بلا عقد .. وإنما بآفاق متفتحة أحلم ان تضع مجلة اكتوبر حجر الأساس لصحافة عربيةمصرية جديدة ، ولاأريد لمجلة اكتوبر ان تكون قدوة في الصحافة فقط .. كما كنا قدوةفي الثقافة - بل أريد منها تأصيل القدوة ، وخاصة مانبنيه اليوم في الديمقراطيةالاشتراكية لأول مرة حيث لاتناقض بين حرية الفرد وحرية المجتمع كما هو موجود فيالمجتمعات الاشتراكية المعاصرة فانهم هناك لم يجدوا حلا لهذه المشكلة وأعتقد انناوجدنا الحل ونطبقه فعلا ومن المناسب ان أقول ان جزءا كبيرا من سوء الفهم المتعمد منبعض إخواننا العرب . لما يجري في مصر هو سببه خوفهم من التجربة المصرية في بناءالديمقراطية الكاملة . فنحن مجتمع دخل الحرب وليس فيه معتقل واحد لامصري ولا أجنبي،
لان مبدأ الاعتقال انتهي سنة ١٩٧١ الي غير رجعة . وسيادة القانون وقيام دولةالمؤسسات جزء عظيم من التأصيل الذي يجب ان تقوم به مجلة اكتوبر لان هذا إنجاز عظيم
وأخيرا أحلم لمجلة اكتوبر ان تظل قدوة للصحافة في الشموخ والارتفاعفوق التفاهات التي أراها اليوم ، وان تقوم بتأصيل القيم الأساسية وإعطاء المثلكقيادة في الصحافة كما كانت مصر قيادة في الثقافة

محمد حسن ضبعون
21-06-2010, 05:52 PM
حديث الرئيس محمد أنور السادات
لمجلة اكتوبر
فى٧ يناير ١٩٧٨



سؤال : إستحوذت قضية فلسطين او الضفة الغربية بصفة خاصة علي موضوعات هامة من التسوية الشاملة مع اسرائيل وربما كان سبب ذلك هو أن التليفزيون والصحافة الاجنبية قد أخذت الجانب الاسرائيلي في النظرة الي هذه القضية وقد أدي ذلك الي أن تركزت عليها كل التصريحات والتوضيحات والتعقيدات ايضا وسوف يستغرق ذلك وقتا طويلا ولكن في هذا الزحام الإعلامي العالمي انتقلت قضية سيناء المصرية الي الظل فهل سبب ذلك أن حجم الاهتمام بالضفة الغربية أكبر أو لان قضية سيناء تعتبر منتهية وعلي ذلك فليس ثمة مبرر لمناقشتها مع أن الوضوح الشديد الذي أضاء جوانبها قد جعلها غير واضحة تماما كما نفتح عيوننا في الشمس فلا نري شيئا بسبب وضوحها الباهر ؟
الرئيس : ان هذا يذكرنا بالكتاب الذي ألفه مناحم بيجين بعنوان " الليالي البيضاء " وقد اختار له هذا العنوان لان تعبير الليالي البيضاء في اللغة الفرنسية يعني الليالي التي لا يذوق فيها الانسان النوم أي أن عينيه تتعبان لدرجة أن يري كل شئ ابيض اي لا يري شيئا تماما كأن عينيه اصبحتا بياضا بلا سواد ولكن بيجين قصد بهذا العنوان أنه عندما حبسوه في روسيا اضيئت زنزانته ليلا ونهارا فكانت لياليه بيضاء اسما وسوداء حقا
والذي اقصده قريب من هذا المعني فقد كثرت التوضيحات والتوضيحات المضادة والاتجاهات وظهرت فلسفات في الصحف العربية وتكهنات في الصحف الغربية وكل هذا طبيعي وليس غريبا عن حساباتي ولكنني أعلنت كثيرا وسط مناقشات متنوعة أن موقفي لم يتغير وهو ان الانسحاب الكامل عن سيناء مبدأ سوف يطبق حرفيا ولا خلاف عليه بين مصر واسرائيل واكرر ان الانسحاب عن الارض المصرية الي الحدود الدولية حقيقة قد اتفقنا عليها تماما ولا أري مبررا للقلق أو الخوف فنحن نريد السلام والعالم كله يؤيدنا ولا نريد الحرب والعالم كله يتغني بذلك وأنا اعني كل حرف أقوله الآن وقلته في القدس ، وجددته في الاسماعيلية وزعماء اسرائيل يعلنون في كل مناسبة إنني رجل سلام وأنني صادق في ذلك
سؤال : ونحن لا نشك في كلمة واحدة مما تقول ولكننا نتعجل السلام ولأننا نتعجل السلام ، فإذا ظهر شئ في الطريق فإننا نفزع ونخشي أن يعطل المسيرة بعض هذه المخاوف سببها سوء الظن في اليهود وبعضها تردده الصحف العالمية وأكثر من ذلك أننا بعد اربعين يوما لم يتحقق لنا من كل ذلك شئ ولأضرب مثلا واحدا منتشرا بين العسكريين والمدنيين وهو مدينة شرم الشيخ إن اكثر الناس لا يعرفون مكانها علي الخريطة ولكنهم يعرفون فقط أنها ارض مصرية وهذا يكفي جدا لأن يتصوروا أن التهاون في شبر منها هو تهاون في مصر كلها ، وسيادتك أعلنت لاتهاون في شبر واحد من أرض مصر فما هي حقيقة ما يقال عن شرم الشيخ ؟
الرئيس : إن ما قلته عن الانسحاب التام عن الارض المصرية ينطبق علي شرم الشيخ أيضا فهي مصرية ولكن شرم الشيخ هذه نموذج لمجموعة من الأخطاء المتراكمة في السياسة المصرية والسياسة العربية أيضا وهي نموذج لما يجب ألا نفعله اليوم او غدا
فبعد العدوان الثلاثي علي مصر ١٩٥٦ وافق جمال عبد الناصر علي وجود قوات دولية في مدينة شرم الشيخ لأنها تقع عند مدخل خليج العقبة وعن طريقها يمكن التحكم في الملاحة ومنع السفن الاسرائيلية المتجهة من البحر الاحمر الي ميناء ايلات أما لماذا فعل ذلك جمال عبد الناصر فلا أعرف ولم اسأله في ذلك الوقت مع أن خليج العقبة هذا مضيق دولي تقع عليه مصر والسعودية والأردن واسرائيل وكانت شرم الشيخ هي البقعة السوداء في الثوب الأبيض الذي ارتداه جمال عبد الناصر وكان جمال عبد الناصر زعيما وبطلا من أبطال الأمة العربية فقد تحدي الدول الكبري وواجه العدوان الثلاثي وانتصر علي بريطانيا وفرنسا الدولتين اللتين خرجتا منتصرتين في الحرب العالمية الثانية اما اسرائيل فقد تسللت تحت جناحيي بريطانيا وفرنسا ودخلت تحقق أحلامها التاريخية في التوسع وتحقيق الأمان بوضع قواتها خارج أراضيها وهي حتي الآن لم تحارب علي أرضها وانما دائما وفي كل الحروب بعيدا عن أرضها وشعبها فهذا البطل المصري جمال عبد الناصر قد انتصر علي الدول العظمي واسرائيل ، إلا شرم الشيخ هذه فهي علي أرضه ولكن ليست في يده ؟
وتطاول عليه أصحاب الالسنة المسعورة في العراق وسوريا حتي السعودية في ذلك الوقت، وكان يقال إن جمال عبد الناصر الذي يطالب بتحرير الأراضي الآخري عاجز عن تحرير ارضه .. وكان في الشرق زعماء جدد يجلسون علي حجر الاتحاد السوفيتي : صلاح جديد " دلوعة " الاتحاد السوفيتي ونجمه الصاعد الذي يريد ان يضرب به جمال عبد الناصر .. ولم يفلح الاتحاد السوفيتي .. تماما كما فشل في جعل عبد الكريم قاسم الزعيم العراقي المجنون كالقذافي تماما ، بطلا وعملاقا تتضاءل الي جانبه الزعامات الآخري وخصوصا جمال عبد الناصر
ومن المؤكد أن جمال عبد الناصر كان يلعب بورقة القضية الفلسطينية وقد نجح في ذلك تماما وهناك اجتهادات للمؤرخين تقول إنه استخدم هذه الورقة ليضرب الأنظمة في المنطقة مستعينا ببعض الكلمات مثل تقدمي ورجعي وملكي وجمهوري وهي نفس الكلمات التي ما يزال يستخدمها حزب البعث مع الامتنان العظيم لجمال عبد الناصر والسوفيت ايضا. وإن كان الامتنان ليس من صفات حزب البعث السوري أو في العراق ، ولكن التلويح المستمر بشرم الشيخ كان يضايق جمال عبد الناصر دائما ، واذكر انني عندما كنت في موسكو علي رأس وفد برلماني في مايو سنة ١٩٦٧ قابلت سمينوف وكان نائبا لوزير الخارجية وعضوا باللجنة السياسية وكان أهم من جروميكو في ذلك الوقت وجروميكو لم يدخل اللجنة السياسية إلا من ثلاث سنوات قال لي سمينوف ان اليهود قد حشدوا أحد عشر لواء مدرعا لغزو سوريا ردا علي العمليات الفدائية المتصاعدة ، وقد أعلن اشكول رئيس الوزراء في ذلك الوقت ، أن الفدائيين اذا لم يوقفوا نشاطهم فسوف يزحف علي دمشق ، وقلت لسمينوف في ذلك الوقت إن صلاح جديد الفتي المدلل للسوفيت لا يساوي وزنه ترابا وان الوزن الحقيقي لجمال عبد الناصر ولمصر فلا قرار إلا من مصر وانهم سوف يخسرون هذا الحصان الهزيل الذي اسمه صلاح جديد وأنهم دائما يختارون الجانب الخاسر بسبب سوء فهمهم وبسبب حرصهم علي ضرب الزعامات بعضها ببعض وسمينوف هذا كان صديقي ولا أعرف اين هو الان ؟ ميت أو حي يعمل ناظرا لأحدي محطات السكك الحديدية كما هي العادة في روسيا مع من يغضبون عليه
وكان عبد الحكيم عامر في باكستان وأرسل الي جمال عبد الناصر البرقية الشهيرة : اقفل المضايق يقصد أن يقوم جمال عبد الناصر بإقفال مضيق تيران ، وبذلك يصبح خليج العقبة مغلقا علي السفن الاسرائيلية ذهابا وإيابا في ذلك الوقت كانت مصر قد استعدت عسكريا ، ودفعت قواتها الي سيناء ، والعالم كله وقف يرقب ما سوف يحدث ، وكان جمال عبد الناصر يعلم أن الجندي المصري يجئ بعد الجندي الامريكي مباشرة في كمية السلاح الذي يحمله اي في عدد الاسلحة ولكن الخلاف طبعا في كيفية استخدامها
أما اسرائيل في ذلك الوقت فكانت في حالة من الرعب لا مثيل لها . ويكفي أن تقرأ ما كتبه وزير الدفاع الاسرائيلي عيزرا فايتسمان : إنها صورة من الخوف والارتباك لا يمكن ان توصف .. اما الذي اراده جمال عبد الناصر في ذلك الوقت ان يؤكد انه هو " الرجل" الذي يستطيع .. والذي يقرر والذي يحرر .. وانه هو الزعيم ، وانها فرصة لكي يضع نهاية لأحلام اسرائيل المجنونة ، وخصوصا أن جولدا مائير قد اعلنت في ١٩٥٦ ضم سيناء نهائياً الي اسرائيل كمرحلة من مراحل قيام اسرائيل الكبري .. وهي فرصة اخري لكي تعرف اسرائيل حجمها الحقيقي
ثم أنه طلب الي القوات الدولية في شرم الشيخ أن تنسحب فورا وانسحبت ، وهذه الحادثة قد خلقت مشاكل بيننا وبين اسرائيل فيما بعد ولا يزالون يذكرون ذلك في لقاء الاسماعيلية ، ثم أن جمال عبد الناصر أراد أن يتحدي الرئيس جونسون الذي قطع المعونة عن مصر مستسلما للضغط الصهيوني . بعد ان استعان بالأخوين روستو : احدهما في وزارة الخارجية والثاني في الامم المتحدة .. واستعان بارثر جولدبرج - وثلاثتهم من الصهاينة
أي أن جمال عبد الناصر أراد أن يصيب كل العصافير التي علي الشجرة بحجر واحد ثم كانت حرب ١٩٦٧ وراحت شرم الشيخ ومعها كل سيناء ولم تعد هناك قوات طوارئ دولية . وإنما قوات احتلال اسرائيلية .. وأعلن اليهود أن اسرائيل التي ولدت لتبقي سوف تبقي لتتوسع الي غير نهاية ، وفي ذلك الوقت اتخذوا شعار بن جوريون الشهير : أن الأراضي الاسرائيلية هي كل أرض يقف عليها جندي اسرائيلي .. وفي جيب كل جندي اسرائيلي شعار آخر " ان كل ما يقع عليه عينك يجب ان يكون لك " .. اذن حرب سنة ١٩٦٧ فتحت شهية كل اسرائيلي لتبتلع الخريطة العربية من دجلة الي الفرات
سؤال : لقد قال لي وزير الدفاع الاسرائيلي عيزرا فايتسمان علي مسمع من السيد ممدوح سالم رئيس الوزراء والفريق أول الجمسي إنه شخصيا يعتقد أن شرم الشيخ هذه لا أهمية لها الآن .. ولكن الناس في اسرائيل لهم رأي اخر ؟ ونحن لا نعرف ما الذي دار حول "حادثة" شرم الشيخ هذه .. وهل ما يزال اليهود يخافون من أن يتكرر اقفالنا لمضيق تيران ووضع حصار علي الملاحة ذهابا وايابا الي ميناء ايلات الاسرائيلية وثم كيف امكن اقناعهم بعكس ذلك ؟
الرئيس : لقد اثيرت حادثة شرم الشيخ هذه واليهود معذورون الي حد كبير فهم يقولون اننا نصدقك ونعترف انك رجل اذا قلت صدقت ولكن ما الذي نفعله فيمن يجئ من بعدك ويتخذ موقفا كالذي فعله جمال عبد الناصر من الذي يضمن لنا ذلك ؟
وكان ردي علي ذلك ان شرم الشيخ مصرية لا شك في ذلك ولا جدال حول ذلك ولكن امامكم ان تختاروا بين ان نضع في اتفاقية السلام نصا علي ان خليج العقبة ممر دولي بضمان مجلس الامن ، وانه يشبه باب المندب وجبل طارق والبوسفور ومثل هذه الممرات تحكمها اتفاقيات دولية معروفة ، وخليج العقبة دولي فعلا لأن اسرائيل وثلاث دول عربية اخري تطل عليه . وانا موافق تماما علي ذلك والاختيار الثاني أن تكون هناك قوات طوارئ دولية عند شرم الشيخ ، علي ألا يكون من بينها اسرائيلي واحد وقلت للاسرائيليين اختاروا الذي يريحكم لأنه ليست في نيتي أن اعود الي الحرب . وأنما أريد السلام لي ولكم وللعالم . ولكن السلام لن يجئ علي حساب السيادة المصرية ولا علي شبر من أرضها . وأن هذه بديهة لا أقبل النقاش فيها ايضا
ثم ان ميناء شرم الشيخ قد جعلها اليهود ميناء سياحيا اقاموا فيها الفنادق ورصفوا اليها الطرق حتي ايلات ولقد قال الاسرائيليون إن احدا ما كان يجرؤ أن يطلب شرم الشيخ او الطريق الساحلي في سنة ١٩٦٧ ولكن بعد حرب ١٩٧٣ ، أصبح هذا الميناء لا قيمة له فنحن قد اقفلنا عليهم في حرب ١٩٧٣ البحر الاحمر كله من باب المندب ثم ضربنا لهم إحدي السفن دون أن نعلن عن ذلك فما كان من اسرائيل نفسها إلا أن اعلنت أن ايلات ميناء مقفل . فما الذي فعلته شرم الشيخ لاسرائيل في ذلك الوقت - لا شئ - ومن هنا كان ما قاله فايتسمان صحيحا لكن اليهود العاديين يخافون عموما أن يتراجعوا الي أرضهم لانهم قد اعتادوا ان يحاربوا خارجها لأن بلادهم ضيقة وبلا أعماق ومحاطة بجيران أعداء متربصين لها دائما
وهذا الخوف عند اليهود تاريخي لا حيلة لهم فيه ، فقد عاشوا مهددين في كل الدول وكل المدن ولذلك انزووا في " حارات اليهود " وأقفلوها علي أنفسهم .. حتي عندما ذهبوا الي اسرائيل جعلوها " حارة يهود " كبري . وأقاموا في داخلها خائفين . وهذا الخوف هو الذي دفعهم الي كراهية الآخرين ، لأن الآخرين هم مصدر الخوف . أي هم الذين نزعوا من قلوبهم الأمن والآمان . ولذلك فالسلام عندهم حقيقة .. وايمانهم به حقيقي . ولكن مأساتهم أنهم لا يصدقون أحداً ، يتشككون في جميع النيات .. ولذلك فهذا الشك قد حرمهم من أن يحققوا آمالهم وأحلامهم
إن اليهود يتباهون بأن اجيالهم الجديدة من " الصابرا " ومعناها نبات الصبار الذي ينمو في الصحراء ، ويحاولون أن يجدوا معني لذلك بأن يقولوا : إن الصبار نبات شائك وباطنه ناعم طيب . ولكن الحقيقة أن اليهود فعلا مثل نبات الصبار . مع فارق واحد : هو أن اشواكه قد اتجهت الي الداخل .. فالشوك والشك من أهم معالم المواطن الاسرائيلي
وهذه إحدي مشاكل كل من يتفاوض معهم . وأعتقد أن مبادرتي الي القدس قد تجاوزت هذه المرحلة ، وجعلت الشوك والشك وسوء الظن يبعد قليلا عن وخز أعمال المواطن الاسرائيلي . وقد كفاني ما رأيته من شعبهم ومن تلقائيته في الشوارع .. ويكفي ما رأيته أيضا من يهود العالم ومن العالم كله
سؤال : إذن ما يزال هناك عدد من اليهود يري ان عودة شرم الشيخ الي مصر خطر علي اسرائيل كلها ، بل ربما أدي الي تعاظم هذا الخوف في اسرائيل من يعارض مبدأ الانسحاب من الارض التي احتلت بعد ١٩٧٦ ألا يؤدي ذلك الي تعثر خطوات السلام الشامل ؟
الرئيس : لا أري ذلك .. ولكن في اسرائيل اتجاهات كثيرة واختلافات حول كل قضية . وهذا شأنهم مع احزابهم ومع حكومتهم . بل أن مناحم بيجين قبل ان يجئ الي الاسماعيلية ذهب للتظاهر امام بيته جماعة ( جوش امونيم ) اي ( جماعة المؤمنين ) . وهي أقلية دينية متطرفة . راحت تصرخ أمام البيت طوال الليل حتي لا ينام الرجل . وقد اعتقلوهم ولكنهم ظلوا غاضبين علي كل اتفاقيات السلام . وهناك آخرون قد تظاهروا ضد الحكومة الاسرائيلية لأنها قررت الانسحاب من الضفة الغربية انها مظاهرات لا خوف منها ، وهي لذلك لن تعطلنا عن المضي في تحقيق السلام لكل الناس حتي للذين يتظاهرون ضد السلام فلم يعد في استطاعة أحد أن يتوقف . او لم يعد في استطاعة شعوبنا أن تنتظر طويلا فالضغط العالي قد بلغ اشده
سؤال : إذن من أين جاءت فكرة تأجير شرم الشيخ او إعارتها ويقال لمدة عشر سنوات او عشرين عاما وخصوصا ذلك الطريق الساحلي المرصوف المتجه من شرم الشيخ شمالا الي ميناء ايلات ؟
الرئيس : لابد أن هؤلاء الذين يعارضون في عودتها الي مصر قد اختاروا لأنفسهم حلا وسطا بين
إعادتها وبين إعارتها ، فهداهم خيالهم الي استئجارها مفروشة في مصر وقد ساقوا امثلة علي ذلك بين امريكا وبريطانيا في الحرب العالمية الثانية . ونسوا ان ما فعلته امريكا وبريطانيا كان من أجل محاربة طرف ثالث .. ولكننا نريد أن نحقق السلام وليس الحرب .. ثم أننا نرفض من ناحية المبدأ : تأجير شرم الشيخ أو اعارتها لأي احد ، ولأي سبب ولأي وقت : إن بن جورين يحكي في " مذكراته " أنه ركب سيارته متجها الي شرم الشيخ ثم طلب من السائق أن ينحرف بها جانبا فوجد عددا من اليهود يحرثون الارض وقد نصبوا عددا من الخيام وسألهم : ماذا تفعلون ؟ قالوا : نبحث عن جماعة "طيبياس " وسألهم : ومن هؤلاء ؟ فقالوا : إنهم جماعة من أجدادنا عاشوا من ثلاثة آلاف سنة ، وسألهم .. وهل يمكن في هذا الجو الحار والصحراء الجافة ان يعيش احد ؟ فأجابوا : اذا كانوا هم عاشوا هنا فكيف لا نعيش نحن ؟ ويقول بن جوريون إنه لم يقرأ ولم يستمع في حياته عن قبائل يهودية بهذا الاسم ، ولكن لا مانع من ان يمضي اليهود في تطويع الصحراء
سؤال : هل تري أن حادثة شرم الشيخ هذه لم تكن لها ضرورة ، أي لم يكن هناك اي مبرر لأن يشن جمال عبد الناصر حربا من اجلها ؟ إذن فكيف كان في الإمكان تفادي قيام حرب دون أن يجد نفسه مضطرا الي طرد قوات الطوارئ منها ؟
الرئيس : إن حرب ١٩٦٧ قامت لاسباب عديدة من بينها أن العرب قد افتعلوا معركة لا مبرر لها فقد ضايقوا جمال عبد الناصر كثيرا بسبب شرم الشيخ ، وهذه المعارك الداخلية بين العرب هي الورقة التي يلعب بها اليهود ويكسبون دائما . فهم يلعبون ويشجعون وينتظرون الخلافات العربية .. لذلك نعطي لليهود الحبل الذي نشنق به أنفسنا .. إنهم ينتظرون ويترقبون ونحن نواليهم بكل ما فينا من عيوب وضعف
وبن جوريون ايضا هو الذي قال عن جمال عبد الناصر إن جمال عبد الناصر قد ارتكب غلطة كبيرة عندما غيرّ اسم مصر الي اسم " الجمهورية العربية المتحدة " فمسح بذلك اسما عريقا عمره سبعة آلاف سنه .. وهو الذي نقل مصر من التبعية البريطانية الي التبعية الروسية وهو الذي انهك قوي شعبه ، فجعل التبر يتحول الي تراب ، بدلا من ان يتحول التراب الي تبر، ولم يكن بن جوريون يشفق علي جمال عبد الناصر ولا علي مصر، وإنما كان حريصا علي أن يتهمه بأنه هو الرجل الذي يعادي شعبه والشعوب العربية ويرهق الجميع
وفي " مذكرات " بن جوريون أمثلة صغيرة ضربها للشعب اليهودي ولكن لها معني يتفق تماماً مع الذي قلته من أن اخطاءنا قد استفاد منها اليهود يقول بن جوريون : هجوم العرب علي يافا سنة ١٩٢١ هو الذي جعلهم يحولون ضاحية تل ابيب الي مدينة مستقلة ، كما أن إضراب العمال العرب في سنوات ١٩٢١ ، ١٩٢٩ ، ١٩٣٣ هو الذي جعل اليهود يعملون بأيديهم فقد كانوا يحتقرون العمل اليدوي ويتركون ذلك للعمال العرب ثم أنه هو الذي دفعهم الي تنظيم نقابات العمال والأحزاب العمالية ويقول بن جوريون أيضا في كتاب " بن جوريون ينظر الي الوراء " إن العرب لو كانوا قد قبلوا قرار التقسيم في ١٩٤٧ لجعلوا اسرائيل أصغر حجما مما هي الان ، والحمد لله أنهم قالوا : لا ؟
والامثلة علي الاخطاء التي قدمتها الامة العربية هدية لاسرائيل ، لا حدود لها ؟ ثم أننا بعد ذلك لا نتعلم من اخطائنا .. اي اننا لا نقرأ التاريخ ولا نقرأ التاريخ ايضا ولهذا السبب لم يكن موشي ديان مخطئا عندما أعلن من موقع الغرور الشديد : أنه يستطيع ان يحارب مصر بنفس الطريقة التي حاربنا بها في ٥٦ ، و ٦٧ وينتصر علينا ؟
والمعني الذي يقصده أننا لا نستفيد من التجارب واننا ننسي ، ونحن ننسي اخطاءنا لأننا لا نحب ان نخجل من أنفسنا ، مع أنه من الضروري ان نعرف ما الذي وقعنا فيه ، حتي لا نقع مرة آخري أعمق وأفدح واذكر بهذه المناسبة حادثة صغيرة سمعتها وأنا في القيادة سنة ١٩٦٧ فقد دخلت طائرة ميج ٢١ لتصوير المواقع الاسرائيلية وعادت وهبطت وتابعتها طائرات اسرائيلية بعد ١٣ دقيقة
وهذه فترة زمنية طويلة جدا وغير عادية لكي تظهر طائرات اسرائيلية تطارد طائرة معادية ولكن اليهود كانوا يعرفون طائراتنا جميعا وفي مواقعها وانما ارادوا ان يضللونا وان يخدعونا وقد نجحوا في ذلك وأعود الي اخطاء عبد الحكيم عامر . وتردد جمال عبد الناصر .. فنحن قد طالبنا بتنحية قائد الطيران في ذلك الوقت . وكان يشغل هذا المنصب منذ زحد عشر عاما . ولكن جمال عبد الناصر لم يفلح في زحزحة عبد الحكيم عامر عن موقفه .. فكانت كارثة الطيران في ١٩٦٧.. وهي قمة من تراكمات الخطأ وسوء التقدير والجهل والاستخفاف
سؤال : تردد أيضا أن لاسرائيل مستعمرات علي الأرض المصرية .. والمستعمرات عبارة عن أبنية ومزارع ومصانع وترسانة للسلاح ومستوطنين بالمئات وأحيانا بالالوف ومن شعوب مختلفة ، وقيل إن اسرائيل لن تتخلي عن المستعمرات .. وإنما سوف تحتفظ بالمستعمرات وسكانها أيضا .. وقيل ان اسرائيل لن تتخلي عن ابنائها أيضا وإنما سوف تتولي حمايتهم بقوات عسكرية ، وقيل بقوات بوليسية وقيل برجل دين .. وانهم جميعا سوف يخضعون للقانون الاسرائيلي .. وكل هذا يتنافي تماما مع سيادة مصر الكاملة علي الأرض وما عليها ومن عليها ؟
الرئيس : وهذه ايضا من " بالونات الاختبار " التي تطلقها اسرائيل . وأحزابها السياسية والدينية ، فاسرائيل تقيم مستعمرات عديدة في داخلها وعلي حدودها .. مستعمرات عسكرية دينيه ومستعمرات تابعة للأحزاب ومستعمرات خاصة ومستعمرات عسكرية .. وقيام المستعمرات بهذه الصور له اسباب كثيرة عندهم فهم لأول مرة في تاريخهم يملكون أرضا وهم لأول مرة في تاريخهم يشعرون بأنهم أغلبية . وهم لأول مرة يفلحون الأرض او يعملون بايديهم فقد دفعهم الخوف في كل البلاد التي عاشوا فيها ، ألا يملكوا الارض وإنما يملكون السفن ويملكون الذهب .. حتي اذا طردوا إو هربوا كانت حركتهم أسهل .. ثم أن اليهود في هذه المستعمرات يحاولون تحقيق المساواة الكاملة بينهم فقد عاشوا في ظروف قاسية وذاقوا الفوارق الطبقية واللونية والدينية .. وأسباب اخري كثيرة أهمها : أن هذه المستعمرات عبارة عن مواقع عسكرية متقدمة وهذا تفسير لسلوكهم وليس تبريرا له
فعلي الأرض المصرية شمالي العريش توجد مستعمرات ويوجد مطار عند الشيخ زويد، وهذا يؤدي الي بير سبع . وتوجد مستعمرات أيضا عند رفح .. وهناك رفح الفلسطينية ورفح المصرية وبينهما شارع .. اي بينهما حدود وهمية .. وكل ما اذكره عن رفح عندما عشت فيها سنة ١٩٥١ أنها كانت من الصفيح ولا اعرف كيف أصبحت الآن .. وقد أقيمت عند رفح مستعمرات باميت .. وباميت هذه ميناء علي البحر الابيض وأيا ما كان عن هذه المستعمرات فإن هذا لا يهمني مطلقا . لماذا ؟ لأنني قلت لقادة اسرائيل إنني أعرف حاجتكم الي الأمن . ولذلك جئت اناقش معكم الأمن عموما وسوف أحققه لكم . لاني اريد السلام وانا اعرف ان هذه المستعمرات هي محطات إنذار ودفاع مبكر . وأنا علي يقين من ذلك كله وأعرف ان خط بارليف كان شيئا مثل ذلك ، فأين ذهب هو الآن ؟
إن خط بارليف كما قلت هو قلاع أقامها الخوف بالنيابة عن الكراهية وكذلك كل هذه المستعمرات ومادمنا سوف نجلس معا وقد جلسنا معا وبعد أيام يجلس أعضاء اللجنة السياسية واللجنة العسكرية من أجل هدف واحد هو تحقيق الامن فلا معني مطلقا لان نناقش هذه الجزئيات اأي هذه المستعمرات وعلي الرغم من أنها جزئية فإنني اؤكد منذ الآن أنني لا أوافق علي وجود مستعمرة واحدة اسرائيلية علي أرضي ، فليهدموها ولا اسمح بوجود اسرائيلي واحد مدنيا كان او عسكريا ، هذه مسألة حسمتها تماما وانتهينا منهاوقد ظهرت فلسفات قبل مبادرتي الي القدس تقول : ولماذا لا يبقي هؤلاء الاسرائيليون في مستعمراتهم إنهم اجانب ألا يوجد في مصر أجانب من كل الشعوب في مصر فلماذا لا تعتبر مصر هؤلاء الاسرائيليين اجانب ايضا ؟ وهي فلسفة مرفوضة تماما فقد جاءت قبل مبادرتي وبعد مبادرتي قد تغيرت الصورة تماما ، أما الصورة التي تغيرت فهي : أن محاولة اسرائيل أن تجعل الحدود الاستراتيجية حدودا سياسية .. لم تعد كلاما مقبولا .. أو بعبارة اخري اأن ما كانت تدعيه اسرائيل من الحدود الآمنة لم تعد آمنه ففي مصر صواريخ مداها ٣٠٠ كم ، وهذه الصواريخ علي الضفة الغربية للقناة ، وعندما دخلت القوات الاسرائيلية عن طريق الثغرة كانت تقصد قواعد هذه الصواريخ وهذه الصواريخ تستطيع أن تصيب اي عمق في اسرائيل .. فهل تحتل اسرائيل الضفة الغربية للقناة ايضا حتي لا تصيبها هذه الصواريخ ؟ وقد يبدو هذا سؤال غريبا .. وإن كان منطقيا . ولكن هناك في اسرائيل من يرون أنه ليس غريبا أو منطقيا وإنما هو حقيقة تاريخية .. فالتاريخ يقول لهم إن اليهود قد جاءوا الي مصر مع الهكسوس وأقاموا في محافظة الشرقية .. ويقال في أرض جوشن (اي محافظة الجيزة ) وعلي ذلك فهذه أرض يطالبون بها أيضا
ولكن هذه الصورة القديمة لم يعد لها وجود في عالمنا المتحضر أو علي مائدة المفاوضات بين أناس متحضرين وهم متحضرون لأنهم اتفقوا ابتداء علي عدد من المسلمات السياسية والانسانية والسلام واحترام كل الأطراف وتقديس الحياة من أجل أجيال من بعدنا وطرح سوء الظن الذي هو ابن للخوف الذي هو ابن للكراهية التي هي الأم الشرعية لكل الحروب
سؤال : إننا نحتاج الي وقت طويل لإزالة رواسب الأجيال من سوء الظن وسوء التقدير والشك . فإن المبادرة اذا كانت قد غيرت " مسار " الأشياء فإنها لم تغير "طبائع" الاشياء .. فذلك يحتاج الي وقت طويل . وقد ذكرت سيادتك أن حربا كانت تقع بيننا وبين اسرائيل بسبب المناورات التي قام بها الفريق اول الجمسي مما دفع بعض القادة الاسرائيليين الي القول بأن مبادرتك كانت خدعة فهل صحيح ما نشرته الصحف العالمية من أنهم كانوا يتوقعون أن تهبط طائرتك الي مطار بن جوريون دون أن تكون بها وإنما ينطلق من داخلها عدد من قوات الصاعقة المصرية . فما مدي صحة هذه الصورة الرهيبة ؟
الرئيس : لا أعرف بالضبط .. ولكن هم الذين اعتقدوا أنهم بسبب سوء الظن أيضا والشك العميق انني لن اسافر الي القدس ، وانما سوف ابعث .. بمائة وعشرين من رجال الصاعقة .. وتهبط الطائرة وينفتح بابها وتخرج قوات الصاعقة وتطلق نيرانها علي كل زعماء اسرائيل الذين وقفوا صفا واحدا في انتظاري ، ولذلك وضع اليهود اكثر من ألف قناص فوق مطار بن جوريون ومعهم المدافع الرشاشة لنسف الطائرة وقوات الصاعقة في لحظات .. وسمعت أيضا شيئا آخر لم اتحقق منه بعد ، ولكنه يتفق مع سوء الظن هذا أيضا أن الفرقة الموسيقية التي وقفت في المطار كانت تحمل اسلحة ايضا ، وهذا شئ غريب ، ولكن لم الاحظ ذلك فقد كان الموقف أعظم وأروع من أن يشغلني شئ مثل هذا، ولكن الصحف هي التي نشرت هذا السيناريو البوليسي والخوف صانع المعجزات في الأدب والفن عند اليهود ، ويكفي أن يعود أي مثقف الي ما كتبه ادباؤهم من مثل : كافكا وفرفل وتسفايج وهنيئة وخصوصا باشيفا سنجر .. وغيرهم أو حتي اذا قرأ ما كتبه العالم النفسي الكبير فرويد .. سوف يجد أن اعماقهم مليئة بالخوف والرعب ، والذين رأوا لوحات الفنان مارك شاجال يجد أنها صرخات لونيه ثم أن اليهود لا يزالون يقيمون المتاحف الضخمة للحزن والأسي وقد رأيت في القدس المبني الذي يسمونه " يادفاشم " او متحف " الكارثة والبطولة " وكله صور تذكارية باقية للحزن والأسي والخوف وعدم الشعور بالامان
فلا استبعد ان تخطر هذه الصورة المروعة علي رأس احد العسكريين أو السياسيين وهي فكرة لا يمكن ان تخطر علي بال رجل مثلي ، لا يريد الموت ولا اليتم ولا الدم .. ولا أريد أن اري شابا في ريعان حياته يجلس علي مقعد يدفع عجلاته بيديه حتي الموت ، ان في هذه الصورة تلتقي البطولة الوطنية والألم النبيل
سؤال : قيل أيضا إن اسرائيل لها مطارات علي أرضنا بالقرب من حدودهم ايضا .. وقيل إنهم اذا تخلوا عن المستعمرات فسوف يتمسكون بهذه المطارات فهل هذا صحيح ؟
الرئيس : ولا هذا صحيح . فليس من الاستراتيجية أو مبادئ العسكرية أن أضع طائراتي علي مطار في أرض الغير .. واذا ترك لي هذه المطارات . فإنني لا استطيع أن استفيد منها لأن غلطتنا سوف تكون واحدة ، مطاراته وطائراته في متناولي . ومطاراتي في متناوله .. ثم أن وجود المطارات أو المستعمرات مرفوض تماما ولذلك عندما سألوني : وما الذي نفعله بهذه المطارات ؟ اجبت احرثوها قبل ان تخرجوا منها
سؤال : هل من حق اليهود أن يطلبوا من مصر تعويضا عن المنشآت التي أقاموها علي ارضنا ؟
الرئيس : فليطلبوا ، ونحن ايضا سوف نطلب منهم ذلك ، وسوف تكون النتيجة أن اسرائيل ستجد نفسها مدينة بل غارقة في الديون ، المهم أن نجلس وأن نتناقش إنهم يصيدون أسماك بحيرة البردويل ويصدرون أسماك البردويل في علب الي الخارج ، ومعروف أن البردويل مصرية ولكنهم يبيعون المنتجات المصرية بعد تعبئتها وتسويقها لحسابهم وسوف نسترد هذه المصانع سليمة تماما ، كما عادت الينا حقول ابو رديس كاملة سليمة وما دمنا قد ارتضينا مبدأ التفاوض . فهذا لا يعني : التساهل .. وانما يعني ان نزيل كل العقبات التي تقف امام هدف آخر أعظم وأروع هو السلام وهو لا يتحقق إلا بالتسوية الشاملة .. وإلا بتسمية الأشياء باسمائها والا بمعرفة حجم القضايا وهذا لا يتيسر إلا اذا كانت الرؤية واضحة وإلا اذا تحلينا بالصدق والشجاعة ولم يعد الكذب او الإخفاء أسلوبا في الحكم ، فكل ما نقول وما نعمل وما نعلن وما نرفض معروض علي شاشات ألف مليون تليفزيون إن الذي سمعته من إطراء الرئيس الأمريكي كارتر في مطار اسوان قد اخجلني فأنا لم أفعل إلا ما أملاه علي واجبي وضميري وما التوفيق إلا من عند الله وما التأييد إلا من عند الشعب .. والحمد لله الذي ارضيته فارضاني بحب الملايين من ابناء شعبي وحب كل الذين يتطلعون الي الحياة في سلام
سؤال : كنت قد أعلنت بعض انجازاتك الكبري في مصر لتصفية مراكز القوة وثورة مايو وانتصارات اكتوبر وسيادة القانون وحرية الصحافة والانفتاح الاقتصادي وغزو الصحراء وتوسع الوادي الضيق علي شعب مصر .. إن هذا يكفيك . وأنك حققت كل ما تتمني .. وأن الاجيال القادمة عليها أن تمضي أبعد من ذلك فأن تختار من أشكال الحياة وصور التعايش السلمي ما تراه مناسبا لها ولكنك بمبادرتك الأخيرة هذه قد تجاوزت هذا الجيل والذي بعده فما الذي تتصوره لمستقبل مصر ؟
الرئيس : لقد تصورت مصر سنة ٢٠٠٠ ووضعت لذلك برنامجا مدروسا واتجهت الي زراعة الصحراء .. وفتحت الأبواب لرأس المال العربي والأجنبي مع كل الضمانات التي تقدمها دولة متحضرة ومصر دولة متحضرة ولكني اعترف . وليس هذا تواضعا مني ، إن مبادرتي هذه أتت بنتائج أكبر بكثير جدا مما تصورت .. والذي اسمعه واقرؤة لزعماء العالم عن أثر هذه المبادرة علي هذا العصر وعلي الأجيال القادمة يفوق خيالي .. إن عالمنا من أوله لآخره قد تغير أسلوبه في النظرة الي الأشياء وسوف يؤدي ذلك الي تغيير شامل في العلاقات الانسانية .. وسوف يتحقق الرخاء في الشرق الاوسط .. وسوف تكون اجيالنا أحسن حالا منا
أما السبب الحقيقي في هذه المبادرة .. فهو انني رأيت اجيالنا القادمة سوف تكون أسوأ بداية ونهاية لأني عندما نظرت الي مسار الأحداث السياسية في العالم العربي وجدته طريقا أوله ندم وآخره عدم اما الندم فعلي أننا عشنا كل هذه الحروب . وحتي نصر اكتوبر الذي حقق لنا الكرامة لم يأت برخاء بعد ، لأننا ما نزال ننفق علي السلاح .. وآخر الطريق عدم .. لأننا اذا مضينا نحمل السلاح وفي نفس الوقت لا نكف عن ادارة طواحين الكلام الفارغ . فلن نتقدم خطوة واحدة وإنما سنظل في حالة جمود حتي نموت إن السكوت علي هذه المأساة جريمة في حق جيل برئ .. إن نصف سكان مصر دون العشرين لم يعايشوا ويلات مصر .. وإن كان من الواجب القومي أن يعرفوها ويدرسوها.. ولذلك ليس من الضروري أن نطحنهم بالحرب او نسحقهم خوفا من الحرب . فنخلق جيلا عاجزا مشلولا مترددا عن اتخاذ القرار فيكون فريسة لعملاء التخريب وادعياء السلام
لهذا كانت المبادرة واكرر شكري لله سبحانه وتعالي الذي الهمني الصبر والسداد أما شعبي فاني اتوجه الي الله أن يهبني القوة علي أن اجعل حياتي فداء له
سؤال : أعود مرة اخري الي مبدأ الجلاء الشامل عن سيناء .. لقد رفضت سيادتك كلمة "تنازلات" التي تستخدمها اسرائيل عندما تتحدث عن الانسحاب .. وقلت إنها لا تتنازل عن شئ تملكة . إنها تعيد الينا ما كنا نملكه . ولكن عندما بدأت اسرائيل تكف عن استخدام هذه الكلمة الي حد ما . فإنها استخدمت كلمة آخري هي الضمانات .. فما هي الضمانات التي تطلبها اسرائيل لكي نمضي في عملية السلام .. هل سيكون ذلك علي مراحل متباعدة ؟
الرئيس : المشروع الاسرائيلي الذي عرض علينا في الاسماعيلية يجعل الانسحاب علي مرحلتين وأن تكون هناك ارض *****ة السلاح علي الجانب المصري فقط .. ورأينا ان تكون الأرض ال*****ة السلاح علي الجانبين مع مراعاة فارق العمق بين اسرائيل وسيناء .. وسوف نراعي أن عمق الارض ال*****ة علي الجانب المصري اعمق قليلا ، لأن اسرائيل ليس لها عمق ، وسوف تكون هناك محطات انذار مبكر كالمحطات الموجودة الآن .. بشرط الا يكون فيها جميعا اسرائيلي واحد ، وسوف تكون هناك ارض محدودة السلاح .. اي ان الاسلحة الموجودة سوف تكون من المدافع الرشاشة والعربات المدرعة الخفيفة
وان كانت لنا وجهة اخري هي : ان يكون الانسحاب من شرق العريش الي رأس النقب بجوار ايلات . وهذا من شأنه أن يلغي " حكاية " شرم الشيخ والمستعمرات الآخري
والمرحلة الاولي سوف تكون الانسحاب وراء خط شرق العريش وغرب رأس محمد .. والمرحلة الثانية الانسحاب الي الحدود الدولية وسوف تكون هناك ضمانات سياسية ، وان كانت الضمانات هذه عيبها انها تضطرنا الي إدخال دول اجنبية في المنطقة . ولكن لا مانع اذا كانت هذه الضمانات من الدول الخمس الكبري كما كانت مبادرتي الأولي اي بضمان مجلس الامن ، فاليهود لهم تجربة لا ينسونها .. ولا نحن ايضا ففي سنة ١٩٥١ كانت أمريكا وبريطانيا وفرنسا تضمن حدود اسرائيل ولكن كانت هناك صورة مضحكة : فهذه الدول تضمن اسرائيل فقط . فاذا هي اعتدت علينا . قيل انها تدافع عن نفسها .. واذا نحن دافعنا عن انفسنا قيل اننا نعتدي عليها
كما ان هذه الدول قد ضمنت في نفس الوقت ان تضع مظلة جوية في سماء اسرائيل اذا وقع عليها عدوان
سؤال : كم تقدر من الوقت للانسحاب الشامل ؟
اجاب الرئيس : هم يقولون من ثلاث الي خمس سنوات ولكنني أري ان ثلاث سنوات رقم مبالغ فيه
سؤال سيادة الرئيس .. وبعد ذلك ؟
الرئيس : وبعد ذلك وقبل ذلك يجب أن نجند كل قوانا لبناء وتعمير مصر .. وانصاف فئات كثيرة من الشعب وأن معركتنا من أجل البناء صعبة .. ولكنها في ظل السلام والآمان سوف تكون أروع وأبقي

محمد حسن ضبعون
21-06-2010, 05:54 PM
حديث الرئيس محمد أنور السادات
الي مجلة اكتوبر
فى٥ فبراير ١٩٧٨

سؤال : سيادة الرئيس : إن بعض دول الرفض تتحدث عن العودة الي جنيف ، ألا تري أن ذلك شيء غريب وكأن مبادرتك لم تحدث ، وكأن الدنيا لم تتغير بعدها فما الذي يتصوره هؤلاء ؟ وما الذي يتوقعونه ؟ وفي نفس الوقت يتكدس عندهم السلاح ويعترضون علي السلاح الذي تطلبه ولم يأت بعد ، كأنه من المفروض أن نتعري من السلاح وألا نقف وألا نبحث عن أسلوب آخر اذا لم يتحقق السلام بالمفاوضات علي مرأي ومسمع من العالم كله
الرئيس : يبدو غريبا ولكنني لا أتعجب لما أراه فالسوفييت والسوريون يطالبون بالعودة الي جنيف أو بالسير في الطريق الي جنيف ابتداء من مناقشات الكلمات والاجراءات ... الخ ، أي ابتداء من الجلسات اللغوية والشعارات التي جربناها ولم نصل بها او عن طريقها الي أي شيء وكان من الممكن ان تظل كذلك عشرات السنين
ولكن حزب البعث السوري لا يستطيع أن يواجه القضية العربية سافر الوجه ، وإنما لابد أن يقف وراء ساتر ، هذا الساتر هو الاتحاد السوفيتي ... هذا الساتر هو " ولي امره " "ولي نعمته" ، إنها عقدة الشعور بأن الحزب صغير وهو لذلك في حاجة الي سند عالمي واحساس حزب البعث بأنه صغير وانه لا يمثل الا ٢% من الشعب السوري وهي حقيقة سمعتها من الرئيس الاسد شخصيا ، ولذلك فالحزب يلجأ الي العنف والي التصفية الجسدية وفي نفس الوقت لاحظ الاجانب قبل غيرهم أن ٧٥% من الجيش السوري ومن الشعب السوري مع مبادرة السلام ، وكل ذلك قد نشرته الصحف العالمية مما اغضب فلاسفة حزب البعث وسفاحيه ايضا فالذي يتردد في دمشق وفي موسكو ليس معناه أن المبادرة لم تحدث ولكن معناه ان هناك من كان يتمني ألا تحدث وألا يكون لها هذا الدور العالمي وهم يخلطون بين امنياتهم وبين الواقع ، ويفضلون امنياتهم واوهامهم علي هذا الواقع الذي لا يريحهم ولا يحبون له أن يستمر ولا أن تتسلط الاضواء كما كانت وسوف تبقي دائما علي مصر
وسوريا وليبيا وغيرهما قد اعترضوا علي أن تتسلح مصر وأن يكون سلاحها من أي بلد خصوصا من امريكا ولا أظن ان لاحد الحق في الاعتراض ، لأنني لا اعترض علي أن تتسلح هذه الدول من الاتحاد السوفيتي، ولا ازال أري أن التسليح العربي هو دعم لجبهتنا ولقوتنا ، لولا أن هذه القوة قد تمزقت وتفرقت وبدلا من أن يكون سلاح العرب ضد اعداء العرب فانه قد اصبح ضد العرب انفسهم وأسوأ من ذلك أن هذه الدول العربية قد تحولت الي مخازن للذخيرة وتحولت قواتها الي حراس للذخيرة التي تنقلها الطائرات السوفيتية الي حروب صغيرة اخري تمزق العرب وتمزق القارة الافريقية ايضا ومثل هذه الاوهام اوهام اخري عند القذافي الذي يمني نفسه بانهيار اقتصادي في مصر يجيء من بعده انهيار سياسي اجتماعي الي آخر ما توهمه وما يضعونه في راسه الصغير ليسرقوا ما في جيبه الكبير ، ولذلك اتصلت ليبيا بالدول العربية تحتج علي مساندة مصر ودعمها حتي تصبح قادرة علي شراء السلاح ؟ والذي يبعث علي الضحك حقا هو موقف سوريا من ليبيا .. إنني أعلم وغيري أيضا أن القذافي قد أهان سوريا والأسد ، كما لم يفعل احد وتدخلت واعترضت وهي وقائع مشهورة وفظيعة ولكن يبدو أن للذهب بريقا يخطف الشتائم ويزيل الاهانات كأنها بقع باهته علي ثوب ابيض وبمنتهي السهولة وقد اعترف السوريون بأن كل ما يريدونه من القذافي هو الفلوس لأنه في حاجة الي دور، وهم علي استعداد أن يعطوه هذا الدور فيكون الممول لهم أو الغطاء الذهبي لهم بشرط أن يدفع ولايهم كثيرا ما الذي يقوله لهم قبل أو أثناء أو بعد الدفع ولذلك وصفت السخرية المصرية مؤتمر الرفض بأنه مؤتمر " القبض " وهي قفشه تعتبر نموذجا للنكته المصرية او صورة لأسلوب المصريين عندما يفلسفون الاشياء التي لا تعجبهم ولكنها صادقة
سؤال : سيادة الرئيس : عندما تتحدث عن سوريا فإنك تفرق دائما بين الشعب السوري وهذه التفرقة لها دلالة عندك ، هي أن هناك هوة سحيقة بين رأي الحزب وبين إحساس الشعب وتميل الي أن تجد الأعذار للشعب ولا تجدها للحزب و تختار سوريا دائما نموذجا لذلك فهل سوريا تفردت بهذه " الهوة " في العالم العربي فأصبحت هذه الهوة مصيدة لسوء الفهم بين الدول العربية امام القرارات المصيرية او القرارات التي غيرت وجه العالم العربي - كحرب أكتوبر ومبادرتك للسلام ؟
الرئيس : تماما ولكني أريد أن أعود الي هذه التفرقة لادفعها من سوريا الي الجزائر ولكن لاسباب مختلفة فأنا اري أن الجماهير علي حق واحساسها نابع من فطرتها ولم تكذب قط ، ومن تجربتي الطويلة الشاملة لم تخذلني الجماهير بحسها الصادق والزعماء اطباء يضعون أصابعهم علي نبض الجماهير ثم يترجمون ذلك لاتولد في مواطن الداء وطبيعة الشفاء فهذه غريزة سياسية ايضاً لا تولد في يوم وليلة ولاهي مكتسبه وانما هي صفة او موهبة او منحة من عند الله
ولذلك فأنا اقف مع الجماهير وقد حدث في مصر بعد نكسه ١٩٦٧ ما مزق قلوبنا وصفوفنا ايضا واستشري اليأس بين الناس واحست جماهير الامة العربية أن العالم قد انتهي وان العالم العربي ليس الا جثمانا مسجي من الخليج الي المحيط ، وأن صرخاتنا أصداء بلا اصوات ، وأن آمالنا ظلال بلا ضياء ، فقد انتهي كل شيء عندنا في نفس الوقت الذي ابتدأ كل شيء عند اسرائيل فقد عاودتهم أحلامهم الخرافية كلها، اسرائيل الكبري من النيل الي الفرات أو أبعد من ذلك الي الشمال والجنوب أو اسرائيل التي ولدت لتنتصر والعرب الذين عاشوا لينهزموا او كل اسرائيلي بطل او اسرائيل هي الدولة التي تحارب وتنتصر خارج حدودها او الجندي الاسرائيلي هو " الكيف " الممتاز والجندي العربي هو "الكم " المتخلف وتهاوت علي آذاننا كل إذاعات العالم وترامت تحت عيوننا كل الصحف والكتب والاقلام تحفر لنا الارض وتعمقها لعلنا نلقي بأنفسنا فيها ثم تجيء رياح اليأس وتهيل علينا التراب وأخيرا تمتد أيدٍ رحيمة وتضع لافته مكتوب عليها جاءوا وذهبوا الي غير رجعة وأنا اعذر الشعوب فهي بحسها الصادق قد اهينت واهدرت وداستها أقدام الأعداء وأقلام ابنائها ايضا
ولكن لا أجد عذرا للقادة والقيادات السياسية والفكرية لأن أول واجباتها أن تبدد الظلام واليأس وتحارب الموت وأن تأخذ بيد الشعوب وأن تداري جراحها وتجفف دموعها وان تقف وأن تموت واقفة وعند هذا اليأس في مصر وفي العالم العربي كان من واجبي أن اضم الصفوف في مصر وأن اضم القلوب خارج مصر وأن أجمع الأصدقاء الي الاشقاء وأن نواجه الدنيا كلها في اصرار وشجاعة ، فنحن أمة عريقة وعظيمة ، واذا خسرنا معركة فليس معني ذلك خسارة الحرب ولا يعني ذلك أنه وداع الي غير لقاء مع الحياة والأمل حتي النصر
وكانت مهمة شاقة ولكن انتصارات اكتوبر كانت بردا وسلاما علينا وعلي أجيال من بعدنا ولولا انتصارات اكتوبر ما كانت مبادرة السلام ، واذا كانت انتصارات اكتوبر قد أوجدت القلوب علي مصر فإن مبادرة السلام قد أوغرتها
ليست الشعوب ولكن قلوب بعض الحكام ولشد ما أوجعني الرئيس بومدين عندما ذهب إليه رئيس الأركان المصري يخبره بأن مصر قد استعدت للحرب وكان ذلك في سبتمبر ١٩٧٣ أي قبل المعركة بأسابيع، ثم سأله رئيس الأركان عن دور الجزائر في هذه الحرب القادمة هنا فقط أعود الي أنني اجد للشعوب العذر ولكن لا أجد شيئا من ذلك للقيادة العسكرية او السياسية التي تعرف معني الإعداد للحرب ، ومعني أن الحرب علم صعب وشديد التعقيد وقد سمع رئيس الأركان المصري من الرئيس الجزائري ما أفزعه فقد قال له اذا ما قررت مصر دخول الحرب فأرجو إخطاري قبل ثلاثة شهور من التاريخ الذي تحدد للقتال أي أن المطلوب أن نطلعه علي يوم القتال بالضبط ثم تعد علي أصابعنا تسعين يوميا وعندما تسأله ما دورك وما الذي تستطيع ان تقدمه في المعركة ؟
بينما الملك الحسن الثاني عندما سأله رئيس الاركان عن دوره قال : إن المغرب جاهز ومستعد ان يقدم كل ما تطلبه مصر ويتمني لمصر النصر وللعرب ايضا وكنت قد اتخذت قرار الحرب قبل ذلك بأسابيع وانتهي إعداد كل شيء وتدريب قواتنا في مواقع اقرب الي ما تكون الي نفس المواقع وفي نفس الظروف وحتي عندما تصور ذلك طلب شيئا غير معقول وهو أن نخطره قبل ثلاثة شهور من ذلك ان الجماهير معذورة اذا دفعها خوفها ويأسها الي ان ترفض تصديق الإعداد للحرب ولكن سياسيا مقاتلا مثل بومدين لاعذر له ، وقد فعل الرئيس بومدين ما سبق أن فعله القذافي ، فقد طلبت من القذافي الطائرات التي ملأ الدنيا بأنه اشتراها من أجل مصر، فأرسل بعد ان دوخني ٢٥ طائرة نصفها للطيران وهي قصة رويتها كثيرا ومعروفه ومؤكدة
وبومدين كرجل مقاتل يعرف معني الحرب ، ومعني التدريبات الشاقة علي الواجبات ولكن الذي قاله لرئيس الاركان المصري إن لم يكن جهلا بالحرب الحديثة التي تختلف عن حرب العصابات فإنه استمرار في التشكيك في الانهزامية التي كانت سائدة في ذلك الوقت والذين يقرأون تاريخ الحرب العالمية الثانية يعرفون أن الامريكان عندما قرروا الاشتراك في غزو نورمانديا قد ارسلوا قواتهم الي بريطانيا للتدريب علي ذلك قبل الغزو سنة وأكثر ولم تقل امريكا لبريطانيا اخطرونا قبل الغزو بثلاثة شهور؟
ومن بديهيات الاستعداد للحروب أن يتدرب المقاتلون علي أداء واجباتهم تدريبا كاملا حتي اذا نشبت الحرب احسوا أن الحرب نفسها استمرار عنيف للتدريب تماما كما يحدث في المسارح المحترمة ، لابد للفرقة المسرحية أن تقوم ببروفة عامة يرتدي فيها الممثلون ملابسهم وتمتليء الصالة بالمتفرجين ويسمونها البروفة بالملابس الكاملة والتدريبات علي القتال هي بروفه بالملابس الكاملة علي نفس مسرح العمليات مع فارق واحد أنه لا يوجد جمهور وإنما توجد فرقة مسرحية اخري تحاول التدخل بالنار لوقف ماتقوم به الفرقة المسرحية المعادية حتي الشهادة والنصر والمجد وانتهت مناقشة رئيس الاركان المصري وهو حي يرزق حتي الآن بعبارة قالها بومدين لا تقل ايلاما إن عدم دخول المعركة مصيبة ودخولها مصيبتان
سؤال : سيادة الرئيس : ولكن مواقف الرئيس الجزائري قد تغيرت بعد ذلك ، وهذا معناه أنه ظل لا يصدق ماتقول وما نردده نحن وراءك ، وكنا غير مصدقين ثم فجأة تحول الي جانبنا وبأكثر مما كنا نتوقع فكيف حدث التغير في تقديره للموقف وفي سلوكه العام ومن ورائه الشعب الجزائري أيضا ؟
الرئيس : للتاريخ أقول إن الرئيس بومدين كان يتصل بنا يوميا اثناء المعركة ليطمئن علي سيرها وكذلك كان يفعل الملك حسين والاشقاء العرب حتي رأي بومدين القائد الاسرائيلي عساف ياجوري علي التليفزيون المصري يستسلم حتي رأي الأسري الاسرائيليين ايضا وتاكد ان الحرب جادة وان قواتنا قد حققت انتصارات لم يكن يتوقعها احد والباقي معروف لنا وللعالم كله
وبعد وقف إطلاق النار زارنا بومدين وقال شخصيا انه ذهب الي الاتحاد السوفيتي في اليوم السادس للمعركة وقال لي إن مجلس قيادة الثورة الجزائري ظل منعقدا منذ اليوم الاول للمعركة وظلوا ساهرين قلقين علي مصيرنا في نفس الوقت الذي يردد فيه العالم ما قاله قادة اسرائيل من أنهم سوف يحطمون عظامنا فلا تقوم لنا قائمة بعد ذلك ولكن مضي اليوم الأول وجاء الثاني حتي السادس وكانت وكالات الأنباء تنقل اخبار المعركة عن اذاعة اسرائيل وبعد ذلك اكتشفوا أن اسرائيل تكذب علي العالم فاتجهت وكالات الانباء والاذاعات العالمية تنقل عن مصر وقد التزمنا الدقة والموضوعية وكسبنا مجالا كنا قد فقدناه وهو احترام العالم لإذاعاتنا
وقال لي بومدين إننا قلنا لأنفسنا مادامت الحرب قد استمرت كل هذه الايام السته فاننا نعتبر مصر قد انتصرت علي الرغم أن سوريا تراجعت الي ما وراء الابتداء ولذلك سافرت سرا الي الاتحاد السوفيتي دون أن يدري احد بذلك واجتمعت مع القادة السوفييت
وقال بومدين لي شخصيا ولما اجتمعت بالقادة السوفيت بريجنيف وبودجورني وكوسيجين قلت لهم أنتم الآن ترون تطورات القتال ولابد أن تقفوا مع مصر وسوريا فقالوا نحن واقفون مع سوريا وبدأ بريجنيف يهاجمك بمنتهي العنف حتي شعرت بالحرج والضيق والقرف
وقال إن السادات سوف يضيع الدنيا كلها وفي مقدمتها مصر وكل الأنظمة التقدمية في المنطقة ولقد طلبت منا سوريا ثلاث مرات أن توقف القتال لكن السادات اصر علي الرفض ، وهذا الرجل السادات مجنون وصفات اخري لا أول لها ولا آخر ... ولكي اوقف هذه المناقشة الحادة - هذا كلام بومدين أيضا - وجهت النقاش وجهة أوضح فقلت له : انا زبون وجئت اليك اشتري سلاحا ما رايك ؟
قال : موافق
قلت : هذه مائتا مليون دولار نصفها لمصر والنصف الثاني لسوريا ومطلوب أن تبعث بها سلاحا للدولتين
ثم قال لي بومدين وعدت الي الجزائر دون أن يشعر الشعب الجزائري أنني سافرت الي موسكو ، وفي الجزائر وجدت مجلس الثورة لايزال منعقدا واطلعتهم علي ما جري هناك ثم قلت لهم جميعا أريد أن اصارحكم بشيء عجيب اذا كانت اسرائيل وامريكا تريد القضاء علي السادات مرة ، فإن روسيا تريد القضاء عليه ألف مرة ولن انسي لبومدين هذا الموقف الكريم والعربي الأصيل وموقف آخر لبومدين هو انه ارسل ١٥٠ دبابة بعد وقف اطلاق النار فجاءت هذه الدبابات عندما حدثت الثغرة وكان مجيئها برا عبر ليبيا الي مصر في وقت مناسب تماما وجاءت من يوغوسلافيا ١٤٠ دبابة بعث بها الرئيس العظيم تيتو ... هذه الدبابات جاءت ومعها وقودها ايضا ثم سحبنا مائه دبابة كان قد بعث بها القذافي الي مرسي مطروح وكان القذافي كما عرفنا فيما بعد حريصا علي أن تظل هذه الدبابات في موقعها كخطوة لأحلام الغزو والسيطرة علي مصر ؟ وبذلك حشدنا حول الثغرة أكثر من ٨٠٠ دبابة لم انس هذا لبومدين ، ولذلك عندما زارني في الاسكندرية في العام الماضي وكان قد توقف في طرابلس اثناء الضربة التأديبية التي قامت بها قواتنا ضد العبث الليبي لم أكد ازاء ذلك حتي قلت له
إن زيارتك هذه جعلتني أوقف العمليات العسكرية ضد ليبيا ولو كنت تأخرت يومين آخرين لكان لنا موقف أعنف ، وبالفعل أصدرت تعليماتي الي وزير الحربية بوقف العمليات وسحب القوات التي دخلت جغبوب .. فلم يكن في نيتنا أن نحتل أرضا وإنما فقط أن نؤدب القذافي وقد تم ذلك
سؤال : سيادة الرئيس ثم تغير بومدين بعد ذلك وتطرف في اتجاهه ضد مصر حتي دفعه ذلك الي ان يذهب الي طرابلس وان يقبل القذافي رئيسا له ، وأن يذهب الي البلاد العربية يبحث عن مساندة لموقفه ... فما الذي طرأ عليه شخصيا او قوميا ؟ أو ما الذي اسخطه هو الآخر علي مصر؟
الرئيس : ان الصورة قد اتضحت لي بعد ذلك أكثر وانا بطبيعتي ميال الي التفاؤل ولذلك فأنا حسن الظن بالناس وأفضل أن أحسن الظن أولا وأسيء الظن بعد ذلك فأنا حسن الظن حتي يثبت العكس ، وهذا يريحني شخصيا ويريح الذين يعملون معي ، فبدلا من أن أكون مشدودا وكذلك الذين معي فأنا أفضل أن افكر وأن أعمل بهدوء وهم أيضا لأن الذي يكون مشدودا يكون استعداده للوقوع في الخطأ أكبر فاذا كان هذا سلوك رئيس الدولة كانت اخطاؤه أفدح ولذلك فقد استرحت نفسيا وعمليا الي هذا الأسلوب في النظر الي الاشخاص والي معالجة الامور الخاصة والعامة
وربما كان هناك شيء في طبيعة بومدين - لا اعرف - ولكن اذا عدت الي موقفه من بن بيلا وهو زعيم الثورة الجزائرية حقا واول ما طلع العالم منها نجد أن بومدين قد سجنه ولايزال منذ ١٣ عاما مع أن بن بيلا هذا كان في استطاعته أن يدخل بالجيش الجزائري من المغرب الي الجزائر وحده ولكنه آثر أن يدخل ومعه بومدين قائد القوات الجزائرية واثناء الاعداد لمؤتمر القمة الافريقي الآسيوي العاشر في الجزائر اسقطه بومدين واعتقله
هل الذي فعله لبن بيلا هو الذي دفعه بعد ذلك الي موقفه من المغرب الذي ساند الثورة الجزائرية فقد ساهم الملك محمد الخامس كثيرا واحتضنهم وأعطاهم أرضه يحاربون منها ويدخلون منها زاحفين علي بلادهم ضد القوات الفرنسية وضد القوات الفرنسية التي تمردت علي ديجول وضد الحكومة الجزائرية المؤقته برياسة بن خده ، كل ذلك وأكثر فعله الملك المغربي والشعب المغربي ايضا
وسلوك بومدين من المغرب ومن ملكها ، لا يختلف عن موقفه من بن بيلا وهو أن بومدين لا يحب أن يمتن لأحد، اي انه يضيق بأن يكون لأحد فضل عليه وقد انتقل حقد بومدين علي الملك محمد الخامس الي الملك الحسن الثاني
وبومدين عنده مخاوف لأن عنده دعوي زعامة للمغرب العربي فهو يقول إن هناك محاولة لتطويق الثورة الجزائرية ، هذا التطويق يبدأ بمصر وينتهي بالمغرب ، أي موقف مصر المؤيد للمغرب وموقف المغرب المساند لمصر يعتبره حصارا واحتواء الثورة الجزائرية
فهو يخاف من ذلك لأنه يخاف علي زعامته للمغرب العربي أن يمسها أحد او يتهددها احد من الشرق او من الغرب ويري أيضا أن الملك الحسن الثاني يتلقي تسليحه من أمريكا وعلي صلة وثيقة بها ايضا وفي هذه الصلة خطورة علي الثورة الجزائرية ولذلك فالصحراء المغربية قضية افتعلها بومدين ، فهي قضية ليس لها أي اساس هذا باعتراف بومدين نفسه ،لأنه في مؤتمر الرباط سنه ١٩٧٤ وفي جلسة مغلقة للملوك والرؤساء ومسجلة بصوته في هذه الجلسة أعلن بومدين أنه ليس للجزائر أي مطلب في الصحراء المغربية وأن هذه قضية تخص المغرب وموريتانيا
وكان ذلك قبل أن تعلن اسبانيا عن انسحابها من الصحراء المغربية فلما مات فرانكو وجاء الملك كارلوس وقام بتصحيح للسياسة الداخلية والخارجية لبلاده وانسحبت اسبانيا من الصحراء المغربية ثار بومدين وراح يطالب بنصيبه ويساند شراذم المتمردين . مع ان بومدين أعلن امام الملك والرؤساء أن دوسيه قضية الصحراء مغلق وأنه لا شأن له بها من قريب او من بعيد ؟
سؤال : سيادة الرئيس : هذا يبين لماذا اختلف بومدين مع الملك الحسن وبالتالي معنا نحن ايضا وانه سوف يظل كذلك ولكن كيف اتفق بومدين مع القذافي علي ما بينهما من خلافات كثيرة لدرجة انه جاء يتوسط بينه وبين مصر أو لدرجة ان يذهب الي طرابلس ويرضي به رئيسا له ؟
الرئيس : ان موقف بومدين من القذافي قريب من موقفه من الملك الحسن مع الفارق الهائل بينهما وبين الملك الحسن فالملك الحسن سياسي بارع ورجل ذكي وفصيح وعلي ثقافة عربية وعالمية هائلة ولكن بومدين له موقف آخر ، وقد سمعته منه شخصيا ادهشني رأيه، ولكنه الواقع ، لقد قال بومدين إنه لن يسمح بأن تكون حدود مصر متاخمه لحدود الجزائر أي لن يسمح بأن تكون هناك علاقة طيبة بين مصر وليبيا بحيث تعتبر ليبيا بأي شكل امتدادا لمصر ؟
سمعت هذا من بومدين شخصيا ولذلك عندما جاءني في الاسكندرية امضينا ليلة كاملة نتحدث في شأن العالم العربي ولم يطلب مني بومدين سحب قواتي من ليبيا وان كنت اعرف أنه جاء لذلك واعرف ايضا أن رأيه في القذافي في غاية السوء ، ولكنه يفضل هذا الوضع السيء بيننا وبين ليبيا علي أي وضع آخر يجعل مصر وليبيا سمنا علي عسل ان هذا السمن علي العسل يجده بومدين سما زعافا لذلك كان بومدين حريصا علي ان يظل الموقف بين مصر وليبيا سيئا املاً في أن يكون اسوأ بعد ذلك ، فيسعده هذا ايضاً ، ومن هنا كان قبوله لرئاسة القذافي في موتمر طرابلس تدعيما لهذه العلاقة السيئة وتشجيعا عليها ولما انعقد مرة اخري في الجزائر وجاء القذافي متأخرا يوما لم يعترض بومدين علي ذلك أي لم يعترض علي هذه الاهانه التي حرص القذافي علي ان يؤكد بها انهم من غيره هو لا شيء
وابتلع بومدين هذه الاهانه واذكر ان بومدين عندما علم بمؤتمر جربه مع تونس جن جنونه اذ كيف يحدث هذا التقارب بين القذافي وبورقيبه من تحت انفه ودون ان يدري ولذلك طلب سفير الجزائر في طرابلس وتحدث اليه في التليفون ولعن آباء السفير والقذافي معا.. ووصلت الشتيمه الي عبارات نابية جدا .. وقال لي بومدين إنه قصد ذلك لأن المكالمات التليفونية مسجلة وأنه اراد أن تصل الشتائم الي القذافي ووصلته ولكنه مع ذلك أخذ برأي القذافي في كل شيء مادام هذا الرأي معاديا لمصر وللمغرب والمضحك ان بومدين عندما جاءني نقل لي مخاوف القذافي من ان مصر تحاول أن تزحف علي ليبيا من تشاد وأذهلتني هذه الهلوسة كما اضحكت قادتنا العسكريين .. ثم رويت لبومدين حقيقة الموقف في تشاد وانكشف بعد ذلك أن القذافي وبومدين قد تآمر معا علي تشاد والنيجر ايضا
سؤال : سيادة الرئيس : إن الرئيس الجزائري قد تغير موقفه واشتد حده ضد مصر الي درجة انه هو ايضا يعترض علي تسليح امريكا لمصر تماما كبقية الذين رفضوا المبادرة فهل عند بومدين تصور آخر للكيفية التي يمكن بها أن تتسلح مصر دفاعا عن أرضها أو أن بومدين يتخذ أي موقف ضد مصر او ضد مصر والمغرب معا ..؟
الرئيس : إن لهذا الموقف خلفيه تاريخية ترجع الي سنه ١٩٧٦ ، فقد حدثني بومدين وكنا في الاسكندرية عن زيارة وزير الدفاع السوفيتي جريتشكو للجزائر وقال لي بومدين إن الوزير السوفيتي قد مكث في الجزائر أربعة أيام ، امضي منها ثلاثة أيام يناقش موقفي من الاسلحة السوفيتية فقد كنا الغينا المعاهدة واصبح الحظر السوفيتي علي السلاح كاملا فأصدرت قراري بتنويع مصادر السلاح قال لي بومدين إن هذا القرار هو الذي اوجع السوفيت وليس قرار طرد الخبراء السوفيت ولا دخول الحرب ولا إلغاء المعاهدة
ولكن قرار تنويع مصادر السلاح هو الذي أقلق القيادة السوفيتية لأن السلاح السوفيتي كان يجب أن يظل قيدا في ايدينا ، فهم يعطوننا السلاح بشروطهم فإذا لم نخضع لهذه الشروط منعوه عنا ، فاذا منعوه وليس لنا مصدر غيرهم استسلمنا واعطيناهم كل ما يريدون ، ولذلك كان السلاح السوفيتي سلاحا لنا فإذا لم يأت اصبح سلاحا ضدنا وهذا هو المطلوب وادهشني ذلك فقد تصورت أن قرار طرد الخبراء افدح وافضح وتصورت ايضا أن الغاء المعاهدة أعنف ولكن لم يخطر علي بالي أن تنويع السلاح المصري هو أخطر هذه القرارات وادهشني أكثر ان الرئيس بومدين قد اقتنع بوجهة النظر السوفيتية من انه ما كان ينبغي لي أن أذهب لغير الروس وقال لي بومدين ولكنكم انتصرتم بالسلاح السوفيتي وقلت له هذا صحيح ولكن السلاح السوفيتي متخلف عن الاسلحة السوفيتية في أيد أخري ، ثم أنه متخلف عشرين عاما عن الاسلحة الامريكية في أيدي الاسرائيليين ولذلك فقد عوضننا هذا النقص في السلاح بالأداء العظيم والكفاءه الرائعة ثم إن شراءنا للأسلحة السوفيتية لا يكفي مبرراً لأن نعطيهم مرسي مطروح أو غيرها ولايزال هذا موقف بومدين الذي ذهب الي البلاد يردد ماقاله القذافي تصور هذا من استنكاره لموقف الدول العربية التي تؤيد مصر وتبارك المبادرة وتعينها علي شراء السلاح من أي مكان وذهب بومدين يشكوني للقاده العرب يقول لهم : إن السادات قد حرم علي دخول مصر ، الآن أنا ممنوع من دخول مصر
شيء غريب أن يحرص علي دخول بلد أهانه وعرض به وشمت فيه وشنع عليه وليت ذلك رأيه هو إنما هو صدي للقذافي ، شيء مؤسف أن يكون بومدين أقصر قامة من القذافي او يكون صداه أو نسخه مشوهه له ومنذ شهور ذهب زعيم عربي الي موسكو واعجب ماسمعت منه أن بريجنيف قد اثار معه موضوع تنويع مصر لمصادر السلاح
وأننا سوف نشتري اسلحة من أمريكا بالذات إن هذا القرار مازال يوجع القيادة السوفيتية واذنابها في المنطقة ولكن هذا الزعيم السياسي قد نقل لي حوار بينه وبينهم سألهم وانتم مارايكم في مبادرة السادات ؟
قالوا : خيانه
قال : ما رايكم في دولة فلسطينية ؟
قالوا : يجب ان يكون للفلسطينيين دولة
قال : وما رأيكم في الانسحاب ؟
قال : يجب أن يكون شاملا
قال : ولكن هذا كله هو ما أعلنه السادات في الكنيست وفي القدس ولايزال يتمسك به حتي الان ثم كيف تتصورون أن يتصدي لمثل هذه القضايا وأن يكون بلا سلاح منكم او من غيركم ؟ كل ذلك حدث قبل أن يتحدد عدد الطائرات التي سوف تبيعها لنا امريكا او عدد المركبات التي سوف ترسلها الينا وقد سألني رئيس احدي الدول الاوروبية الصديقة عن تسليح امريكا لمصر فكان ردي ان أهم مافي هذه الصفقة هو حرصي علي كسر احتكار اسرائيل للسلاح الامريكي
ولقد ذهبت امريكا خطوة أبعد من ذلك عندما وضعت كل صفقات السلاح في الشرق الاوسط علي المائدة إما ان تبيعها للجميع او لا تبيعها للجميع اسرائيل ومصر والسعودية
وكانت اسلحة امريكا وصداقتها احتكارا لاسرائيل ووقفا عليها ، منذ أيام بن جوريون سنه ١٩٥٣ ، وقد حاول بن جوريون إفساد صداقة أمريكا لمصر وذلك عندما ارسل الارهابيين الي القاهرة لنسف المنشآت الامريكية والصداقة الامريكية أيضا ولايزال مناحم بيجين يحرص علي هذه السياسة ويحاول إفسادها إن أمكن أو نسفها اذا استطاع
وسوف تمضي قافلة السلام ، ومن حولها ومن ورائها اصوات قبيحه لعلها تفسد هذا الأمل الانساني العظيم ولكنهم لن يستطيعوا

أ/رضا عطيه
21-06-2010, 06:00 PM
الله عليك ياأستاذنا
وبارك الله فيك

أريــــ الجنة ــــد
21-06-2010, 06:03 PM
طبعا ليا الفخر اني أكون من المحافظة اللي اتولد فيها بطل الحرب والسلام

بجد لو فضلنا طول عمرنا ندور على رئيس زيه .. مش هنلاقي

الف شكر لحضرتك أستاذ محمد

missgana
21-06-2010, 06:06 PM
رحمة الله علي الرئيس الراحل محمد أنور السادات لقد فقدت مصر رجل من أعظم الرجال

روميو
21-06-2010, 06:09 PM
بجد موضوع ممتع

انا بعشق السادات
وكتاب البحث عن الذات بتاعه رائع جدا

وبجد من افضل الرؤساء اللى حكمت مصر

بجد يستحق لقب

رجل هذا الزمان

اسطورة كتبها بنيران الحب وخلدها بورود السلام

واتشرف انى من المنوفية بلد السادات

العبقرى

عبد الله الرفاعي
21-06-2010, 06:22 PM
السادات ان لم يكن افضل رئيس فى تاريخ مصر ولكنه بحق هو افضل سياسى فى تا ريخ مصر

محمد حسن ضبعون
21-06-2010, 06:34 PM
أعضائنا الأفاضل

BlakBlak66 (http://www.thanwya.com/vb/member.php?u=379214)


أريــــ الجنة ــــد (http://www.thanwya.com/vb/member.php?u=242090)


missgana (http://www.thanwya.com/vb/member.php?u=215483)


روميو (http://www.thanwya.com/vb/member.php?u=11154)


عبد الله الرفاعي (http://www.thanwya.com/vb/member.php?u=348418)

أشكركم خالص الشكر
شعور نبيل
بارك الله فيكم
تابعو معنا

محمد حسن ضبعون
21-06-2010, 06:35 PM
حديث الرئيس محمد أنور السادات
لمجلة اكتوبر
فى١٨ فبراير ١٩٧٨



سؤال : لقد حدث شئ من الانزعاج في الشرق الاوسط بسبب ما أعلنته امريكا عن تسليحها لمصر مع أن نوعية السلاح الذي وعدت به امريكا لا يرقي الي مستوي ما تعطيه لاسرائيل بغير حساب مع أن السلاح السوفيتي يتدفق علي المنطقة كلها فما هو تفسيرك لهذا الانزعاج من جانب اسرائيل أو من جانب بعض الدول العربية ؟ وهل عدم تسليح مصر وتعميم الحظر عليها هو الشئ الذي يبعث علي الطمأنينة عند الأعداء وبعض الاشقاء الذين لم يصبحوا أصدقاء ... ألا تري سيادتكم أن هذا شئ غريب حقا ؟
الرئيس : إن الامر يبدو غريبا فعلا .. ولكنه يبدو فقط . ولكن هذا الذي نراه اليوم له أساس من التاريخ البعيد والقريب وأنا أجد لإسرائيل العذر في أن تنزعج . فهي تريد ان تكون الدولة الأقوي في المنطقة وأن تظل بهذه القوة مصدرا للخوف في المنطقة وخوفها وعدم شعورها بالأمان الطويل هو الذي يحملها أن تتسلح من أصابع القدم الي آخر شعرة في الرأس ، هذا مفهوم واعرفه جيدا ، ومفهوم أيضا أنها بسبب هذا الخوف الذي دفعها الي التسلح فإنها تكون مصدرا للتخويف أيضا فإذا أخافت جيرانها ظلت في موقعها الذي تزايدت مساحته حربا بعد حرب
ولكني أريد أن اعود الي الأسباب العميقة القديمة .. أريد أن أقوم بتأصيل هذا الذي نراه اليوم ومهما سردت من أحداث ووقائع مأخوذة كلها مما يقوله اليهود الذين جاءوا الي فلسطين أو الذين قامت بهم وعلي اسلحتهم دولة اسرائيل فإنني استمد هذا كله من كتبهم ومن خططهم وهذا معروف للعالم كله ولكني سوف اربط ذلك ربطا منطقيا وهو ما لا يبدو واضحا عند العرب أو عند الامريكان انفسهم ويحاول الاسرائيليون أن يقوموا بتعمية عامة لجذور هذه الحقائق . أو الخطة المحبوكة التي وضعوها في أواخر القرن التاسع عشر ويطبقونها حرفيا حتي اليوم
سؤال : استأذن قبل أن تعرض لهذه الخطة المحبوكة التي وضعها اليهود فأقول .. إن اليهود يغضبون اذا قيل إن لهم خطة وأنهم طبقوها حرفيا ، والذي يغضبهم هو نفس الشئ الذي يرضي غرورهم ، وهو أن لهم هذه القدرة الهائلة علي تطبيق خططهم في كل الظروف ومهما كانت الظروف ، وكان العالم من أوله لآخره لا يقاومهم ولا يمارئهم .. وهم يغضبون من ذلك لا تواضعا .. فهم بتكوينهم في غاية الغرور والغطرسة وانما يغضبهم أن يظهروا للعالم علي أنهم اقوياء وهذا يبطل حجتهم الآخري من أنهم مساكين وأنهم أقلية مضطهدة وأنهم يستحقون الشفقة وأن العالم كله يجب أن يعطف عليهم بالمال والعتاد . لأن العرب أخيرا يريدون أن يبتلعوهم ، وأنهم فقط يريدون أن يدافعوا عن انفسهم وعن حقهم في الحياة ، ككل مخلوقات الله .. الي آخر ما يزعمون ؟
الرئيس : إنهم أذكياء ويعرفون جيدا أن تماسكهم وتفاهمهم التام ووضوح الهدف عندهم يجعلهم أقوياء ثم أن اصرارهم علي أهدافهم وتفرغهم لدراسة خصومهم ومعرفتهم لاتجاه الريح شرقا وغربا ودرايتهم بنقط الضعف ومصادر القوة قد جعلت إدراكهم لظروف المنطقة واضحا وقويا
وشئ آخر لا يقل عن هذا اهمية وهو إدراكهم لطبيعة العرب أو الصفات العربية ، أو المزاج العربي أو الخلق العربي فهم يعرفون أن العرب بتكوينهم لا يتفقون كثيرا واذا اتفقوا اليوم فلكي يختلفوا غدا ولذلك فقد ادركوا أنه لا بد أن يدخل في حسابهم دائما أن العرب مختلفون أو من الضروري أن يظلوا كذلك ، ففي اختلاف العرب إضعاف لهم وفي تضامن اليهود قوة لهم ، لذلك كان اليهود حريصيين في كل العصور علي أن يطبقوا مبدأ انجليزيا قديما هو تفريق الناس لكي يتسلطوا عليهم ، وقد نجحوا في ذلك.. وأسوأ من ذلك قد عرفه اليهود اللذين عاشوا في فلسطين، فقد عرفوا أنه لا أحد من العرب لا يمكن شراؤه كل واحد له ثمن ، ومبدأ آخر اكتشفوه أيضا أنه لا يوجد عربي لا يمكن شراؤه هو والارض التي يقف عليها ولذلك فقد باعت عائلات عربية كثيرة ارضها ليهود فلسطين وتسلل اليهود الي فلسطين عن طريق شراء الأرض وبناء المستعمرات اليهودية التي كانت زراعية أول الامر ثم صناعية ثم عسكرية وكل هذا معروف في التاريخ
أما الخطة المحبوكة عند اليهود فهي التي تحولت الي نظرية بعد ذلك عند "بن جوريون " هي نظرية الأمن الاسرائيلي أي أن اسرائيل تستطيع أن تحقق لنفسها الأمن بأن تكون دولة وان تكون دولة معترفا بها ، وأن تكون محاطه بعرب ضعاف ، وأن تكون هي قوية .. أما كيف تكون قوية .. فلا بد إذن أن أعود الي بدايات الخطوط التاريخية التي تحولت فيما بعد إلي نسيج او مصيدة سياسية اقتصادية دينية عالمية في المؤتمر الصهيوني الأول الذي انعقد في" بان " بسويسرا في أغسطس سنة ١٨٩٧ وكان من المفروض أن يعقد في ميونيخ بألمانيا . في هذا المؤتمر أعلن الصحفي النمساوي "تيودور هرتزل " عبارته المشهورة إن الدولة اليهودية قد قامت وأنه لن تمضي سوي خمس سنوات أو خمسين عاما لتصبح هذه حقيقة ، وكانت نبوءة أو كان تصميما وصل الي درجة النبوءة ، فقامت اسرائيل في الموعد الذي خططوا له ومن أهم مقررات هذا المؤتمر أن اليهود أو أن الصهيونية العالمية او الدولة اليهودية يجب أن تكون في حماية دولة عظمي ، أي أن تكون في حماية أعظم دولة في أي وقت
أو بعبارة اخري .. لكي تكون اسرائيل الصغري دولة كبيرة يجب أن تستند الي ساعدي وكتفي دولة عظمي في ذلك الوقت كانت الدولة العظمي هي ألمانيا وعلي رأسها القيصر " فيلهلم الثاني " "غليوم الثاني " في ذلك الوقت كانت المانيا قد اتخذت لها شعاراً توسعيا هو الزحف نحو الشرق ، وهنا تقدم اليهود ليؤكدوا للقيصر أن هذا ممكن عن طريق التجارة والمعاملات وفتح الأسواق والتسلل الي كل دول المنطقة ، من تركيا حتي الهند مارين ببغداد أو دمشق أو القدس حتي الخليج الفارسي . ولم تكن للخليج هذه الأهمية الخطيرة .. فالبترول لم يكن قد اكتشفه احد بعد والتاريخ يعيد نفسه ، فقد طبق هتلر فيما بعد خطة وأحلام الامبراطور فيلهلم الثاني ، عندما زحف شرقا الي روسيا وشمال افريقيا حتي مصر ولكن الامبراطور فيلهلهم الثاني رفض ما تقدم به اليهود فلم يكن يثق بهم ، ولذلك اتجهوا بسرعة الي السلطان عبد الحميد الثاني يعرضون عليه خدماتهم واستعدادهم لإعطائه المال وتسديد ديونه . فقد كانت تركيا هي الدولة التي تحتل الدول العربية واحتلالها قد استمر اربعة قرون حتي قضت علي كل خيرات الدول العربية ، فلم تعرف أسوأ من الاستعمار العثماني في كل العصور
وكان واضحا أن اليهود قد طلبوا مقابلا لهذه المساعدات بأن يعطيهم السلطان عبد الحميد الثاني فلسطين وطنا قوميا ، واختلف اليهود فيما بينهم حول الوطن القومي ، هل هو فلسطين بالذات او اي مكان علي سطح الارض ؟ ولكن بن جوريون قد أكمل بتخطيط وإصرار ما كان يحلم به اليهود الذين اجتمعوا في بال بسويسرا ، واتجه اليهود بعد الحرب العالمية الأولي الي بريطانيا العظمي وهي الدولة التي تألقت بعد الحرب ، وطلب اليهود ثمنا لاختراع المواد الكيماوية المهلكة التي قدمها حاييم فايتسمان للجيش البريطاني ومن بين هذه الاختراعات الغازات السامة
وطلب اليهود أن يكون الثمن وعدا بوطن قومي وهذا الوعد هو الذي دخل التاريخ تحت اسم وعد بلفور في سنة ١٩١٧ وقبل صدور هذا الوعد كان اليهود قد استعدوا جيدا لساعة قيام الدولة فاستعدوا لها بالارض التي اشتروها وبالمهاجرين الذين تسللوا الي فلسطين سرا وعلنا ، واستعدوا لذلك بالسلاح والعتاد ، واستعدوا لذلك كله بغزو العقول العربية ، وتفريق القيادات العربية ، وفي نفس الوقت بالتأثير علي بريطانيا العظمي
وقامت الدولة واعترفت بها امريكا وأعلن الرئيس ترومان في مذكراته بمنتهي الصراحة والوضوح أن في امريكا اصواتا لليهود في الانتخابات فهل للعرب اصوات ؟ والجواب طبعا لا .. ليست للعرب اصوات ، إذن لابد أن يشتري اصوات اليهود باعترافه بقيام دولتهم في اسرائيل واتجهت اسرائيل الي الارتباط بالدولة التي تألقت بعد الحرب العالمية الثانية وهي الولايات المتحدة الامريكية . أما المعني الذي أريد أن اصل إليه الآن فهو أن خطة اسرائيل هي أن ترتبط دائما بالدولة العظمي وبذلك تضمن حياتها وتضمن أمنها ايضا .. أو ما دامت قد ضمنت أمنها فقد ضمنت حياتها كذلك
وهذا هو جوهر نظرية الأمن الاسرائيلية التي وصفها بن جوريون ولا تزال اسرائيل تطبق هذا المخطط بمنتهي الدقة ولا يختلف بن جوريون عن مناحم بيجين رغم ما أصبح بينهما من خلافات حادة بعد ذلك إن اسرائيل لا تريد ان تكون لمصر أو أية دولة اخري أية صلة قوية بالولايات المتحدة وإنما يجب ان تحتكر اسرائيل هذه الصلة وحدها ولكن قد اشرت كثيرا الي أن هذه الصلة الخاصة جدا بين امريكا وبين اسرائيل ، لا اعتراض لي عليها فأنا اعرفها وأقدرها ولكني في نفس الوقت ادعو للسلام .. وهذا واضح وضوحا عالميا . عاطفيا وعملياً ايضا فكيف تساند امريكا اسرائيل وتغدق عليها السلاح بهذه الكثرة والوفرة ثم تساند دعوتي للسلام ، إن السلاح الكثير لدي اسرائيل هو الذي يغريها ويدفعها الي اللعب بالسلام والحرب ويستدرجها وهي معذورة الي التهديد والتخويف بالثأر
واذا كنت اعترف بهذه العلاقة الخاصة بين امريكا واسرائيل فإنني أيضا صديق لامريكا، فاذا لم تكن امريكا قادرة علي العدل بين الأصدقاء ، فلا أقل من أن توازن بين الطرفين ، وألا تقوم بتصفية الموقف وفي نفس الوقت فليس معقولا ولا مقبولا ان تنضم امريكا الي روسيا تفرض هي الآخري حظراً علي تسليح مصر
ثم ان هذه الطائرات " ف ٥ " التي سوف تتسلح بها مصر لا تقارن بما لدي إسرائيل او بما سوف تعطيه أمريكا لإسرائيل ، لأن هذه الطائرات من الدرجة العاشرة ، ولكن الذي أزعج اسرائيل هو أن يكون هناك اتصال بين مصر وامريكا وأن يصل هذا الاتصال الي حد تسليح مصر ولو عدنا الي قيام ثورة يوليو ، لوجدنا أن اسرائيل قد أزعجها اتصالنا بالسفارة الامريكية منذ اليوم الاول . فقد اتصلنا بالملحق العسكري الامريكي لنؤكد للولايات المتحدة أن ثورتنا داخلية . وفي الوقت الذي كان السفير الامريكي يدعونا فيه الي السهر كل ليلة كانت السفارة البريطانية تحاول أن تتصل بنا لعلها تعرف من الذين قاموا بالثورة ، ولم تفلح في ذلك الوقت ولما لاحظ بن جوريون أن هناك نوعا من الغزل بين مصر وامريكا ضايقه ذلك لنفس السبب الذي ذكرته، وخطط بن جوريون لافساد هذه العلاقة المبكرة بين مصر وأمريكا والتي أكمل إفسادها تماما وزير خارجية أمريكا فوستر دالاس وكذلك جونسون
ودبر بن جوريون الحادثة الشهيرة باسم " فضيحة لافون " وكان " بنحاس لافون " هذا وزيرا للدفاع الاسرائيلي فأرسل بن جوريون اثنين من العملاء اليهود لنسف المؤسسات الامريكية في مصر واعترف " لافون " بأنه لا يعلم عن هذا الحادث أي شئ واعُتقل العميلان وانتحرا في السجن واضطر لافون أن يستقيل من جميع مناصبه الحكومية و الحزبية
سؤال : بمناسبة الحديث عن المخطط الواحد والمحبوك للصهيونية العالمية وأنهم جميعا لا يختلفون علي المبادئ إنما فقط علي التطبيق ، فان هناك حرصا عند الكتاب الاسرائيليين المعاصرين يؤكدون فيه أن هناك أوجه كثيرة للخلاف بينهم جميعا ، كأنهم يؤكدون ان هناك نوعا من المرونة أو تمشيا مع المتغيرات الإقليمية والدولية فقد صدر في اسرائيل كتاب بعنوان " اسرائيليون وفلسطينيون .. تعايش سلمي وإلا " وهو أول كتاب صدر بعد مبادرتك للسلام ، في هذا الكتاب نقرأ عن أحد اليهود المتطرفين ولكنه في نفس الوقت يدعو للسلام والتعايش مع الفلسطينيين منذ خمسين عاما ، هذا الرجل يقول إن بن جريون هو صاحب العبارة المشهورة " لو خيروني بين السلام والأرض لاخترت السلام " وينقل ايضا عبارة اخري " لموشي ديان " يقول فيها " لو خيروني بين أرض بغير سلام وسلام بغير أرض لا خترت الأرض بغير سلام " وفي نفس الوقت فإن "بيجين " يطلب السلام والأرض معا اي انه يطلب المستحيل ثم إن " ابا ابيان " في كتابه الاخير الذي أسماه " قصة حياتي " في الفصل الذي كتبه عن حرب اكتوبر يراجع كل القادة والساسة في اسرائيل وكأنه لا يوافق علي تشدد موشي ديان الذي أعلن قبل حرب اكتوبر أنه لا شئ اسمه فلسطين تماما كما قالت " جولدا مائير " ثم الفلسطينيين اذا ارادوا أن يكون لهم وطن فليذهبوا الي العراق او الاردن ... ألا تري سيادة الرئيس ان القيادة الاسرائيلية حريصة علي أن تبدو متضاربة متناقضة محيرة للعرب ؟
الرئيس : إن هذا يعود بنا الي صميم المخطط الذي وضعه بن جوريون لنظرية ألا تكون اسرائيل محدودة الحدود أي أن اسرائيل يجب أن تكون فضفاضة لا حدود ولا خريطة وانما عليها أن تترك أرضها بلا حدود قابلة للزيادة وليست قابلة للنقصان
أما وجهة نظر بن جوريون فهي أنه اذا جعل الارض محددة فقد حصر نفسه وشعبه في أرض ضيقة واصبح في وسع أي أحد من جيرانه أن ينازعه علي الحدود او يطالبه بوضع تحديد للحدود ، ولكن ما دامت اسرائيل بلا خريطة فلا احد يعرف إن كانت اسرائيل تقف عند هذا الحد أو انها سوف تضيف اليه . وما دامت الدول العربية مختلفة وممزقة فلن تتفق علي مناقشة هذا الواقع الغامض وانما ستعرض اسرائيل علي العرب ، أملا كاذبا " هذا الأمل الكاذب هو أن تعرض اسرائيل خريطتها لكي يعرف العرب ما لها وما عليها . او أين تقف منهم . او علي اي أرض تقف قواتها ومستعمراتها ولذلك تضاربت عن عمد آراء الساسة الاسرائيليين في كل العصور تماما كما تعرض إسرائيل الف خريطة وتوزع هذه الخريطة في كل عواصم اسرائيل مشروعات متعددة للحل أو التسوية ، او كما عرضت اسرائيل وجهات نظر متضاربة لإقامة او لإزالة او استبقاء المستعمرات علي الأرض العربية المحتلة . وبن جوريون هو الذي قال أيضا أن كل أرض يقف عليها أي جندي اسرائيلي هي حدود لاسرائيل وهو نفس الشعار الذي اعلنته اوروبا كلها بعد اكتشاف كولمبس لأمريكا، فكل أرض يوضع عليها العلم فهي ملك للدولة صاحبة العلم
ومعني ذلك أن اسرائيل تحرص ألا تكون جافة فتكسر أو " لينه " فتعصر كما تقول الحكمة القديمة وإنما تعطي لنفسها لون الزئبق وخصائصه وانتشاره وصعوبة أن تمسك به ، والحكمة من ذلك ألا يقيد أحد حركتها علي أرض الغير
سؤال : لو كان بن جوريون حيا فهل كان في استطاعتك التوصل معه الي شئ أفضل ؟
الرئيس : كان من الممكن التوصل الي شئ أفضل مما يمكن الوصول اليه في أية مفاوضات مع بيجين وحكومته
سؤال : في حديث لتليفزيون أمريكي - لم يذع بعد - سمعتك تقول إنه كان من الممكن الوصول الي شئ أفضل مع جولد مائير لو كانت لا تزال علي رأس الحكومة فما تفسيرك لذلك ؟
الرئيس : سئلت أكثر من مرة عن رأيي في السيدة جولدا مائير وقد كانت لي معها تجارب عند فك الاشتباك بعد حرب اكتوبر ، ولاحظت أنها سيدة قوية الشخصية وأنها قادرة علي أن تتخذ القرار وأن تواجه الشعب وقد قابلتها في القدس وتحدثت اليها في الكنيست وتأكد لي من ذلك أنها كانت تستطيع أن تذهب الي أبعد وأفضل مما ذهب اليه مناحم بيجين
سؤال : ان ليبيا ايضا قد انزعجت من تسليح أمريكا لمصر مع أن ليبيا لديها هي الاخري اكثر مما تستطيع أن تستوعب من السلاح السوفيتي المتطور جدا ، كما أن ليبيا ليست في حاجة الي شئ من ذلك كله فما الذي أغضب ليبيا أو ازعجها ؟
الرئيس : أن بينها وبين الاتحاد السوفيتي علاقة خاصة ايضا قد أدهشني أن يبعث القذافي الي مندوبه في الامم المتحدة ليحتج علي تسليح أمريكا لمصر كأن سلاحنا سيوجه ضد ليبيا او كأن مصر يجب أن تظل عارية من السلاح حتي يتفضل القذافي فيعطينا بعض مالديه ، أو كأن مصر يجب أن تكون عاجزة عن الدفاع عن نفسها حتي يتفضل السوفيت فيعرضون علينا أسلحتهم المتخلفة بغير غيار، ولا أعرف بعد ذلك ما الذي يمكن أن نفعله بهذه الاسلحة المتواضعة التي سوف يتفضلون بها علينا - هذا ان فعلوا - ولا أضيف جديدا اذا عدت فذكرت أن رئيس وزراء روسيا كوسيجين عندما ذهب الي ليبيا فإنه قد اتخد صورة الجدة الغنية مع ابن البنت المدلل فكان يقول للقذافي انت تطلب دبابات ٦٢ لا سأعطيك دبابات ٧٢ ، انت تطلب طائرات كالتي في مصر سوف أعطيك طائرات أكثر تطوراً لم أعطيها لأحد بعيدة المدي لإخافة كل الدول الافريقية أطلب تجد كأننا أمام مشاهد من قصص ألف ليله وليله
اما سبب ذلك فهو بسيط جدا الحقد علي مصر لا شئ آخر غير ذلك ، وهي حكاية طويلة عريضة نحن جميعا نعرف التفاصيل الكثيرة عنها وهذا يؤكد ما قلته من أن القذافي مجنون وقد ثبت أخيرا طبيا وبصورة قاطعة أن الرجل مجنون ، بل أنه قد ذهب في جنونه أن أعلن مقاطعة ناقلات البترول التي تستخدم خط أنابيب شركة " سوميد" المصرية بين السويس والاسكندرية أي أن هذه الناقلات لن تزود بشئ مما تحتاج اليه من موانئ ليبيا ، إنه يريد - بسذاجته - أن يفرض حظرا علي مصر ولكن الذي قرره وتصوره لن يؤثر فينا ولن يهز لنا شعره
فبعد محاولاته اليائسة في مصر وحولها من الداخل والخارج وبعد أن انفق مئات الملايين من الدولارات وبعد أن أرسل العبوات الناسفة والعملاء ، لم يهز مصر كما تمني ولا زعزع بنيانها كما قالوا له ، ولا يزال يعيش هو والذين وراءه علي هذا الأمل المجنون. ولكن لن يتحقق له أو السوفيت شئ من ذلك بفضل الله وقوة شعبنا وعدالة قضيتنا وأمل مئات الملايين في العالم بأن يتحقق السلام في الشرق الاوسط بمبادرة مصر التاريخية
والسوفيت يرددون في كل مناسبة أن لدي مصر ٣٥٠طائرة وأن هذه الطائرات نائمة علي الأرض وأنها لن تطير كأنها طيور قصت أجنحتها فتحولت من نسور الي دواجن. ولكن الذين شاهدوا العرض العسكري في أكتوبر الماضي يعرفون أن كل هذه الطائرات ارتفعت في الجو ولو كنت قد اعتمدت علي السوفيت كما خططوا لذلك لظلت طائراتنا علي الأرض ، وتحت الأرض ، وانما اتجهت إلي الاصدقاء في الصين الشعبية وفي العراق وفي امريكا وفي بريطانيا ، فقامت امريكا وبريطانيا بإجراء العمرة للطائرات اما الصين فقدمت لنا موتورات الميج ١٧ والعراق قدم لنا قطع الغيار فشكراً للسوفيت أن كشفوا لنا عن غير قصد عن أصدقاء جدد في الشرق والغرب

smsma81
21-06-2010, 06:36 PM
السادات ده رئيس راءع في كل شئ وحكيم
اما عن المشكله اللي وقع فيها السادات مع اللي هي مصر والاتحاد السفيوتي بعد ما صاروا اصدقاء كانت بسبب اسرائيل لانها ,لان مفيش حد كان حيساعد مصر في استيراد الاسلحه وتدريب الطايرين غير السفويت زي ما حصل واستعان بيهم السدات ,فكان لازم اسرائيل تصرف بعتت ملفات غلط عن السفويت لمصر وبعتت بالمثل للسفويت ولو كنتم ناسين ان مصر لما اممت القناه علي عهد عبد الناصر اللي كان بيساعد السوفيت بخبرتهم مبارك نفسه كان طيار مدرب بايد السوفيت .وشوف قناه روسيا وهي بتحكي .
لكن دي نيه مبيته من اسرائيل تمهيدا للحرب والتعجيز ,ده غير المصلحه اللي حطتلهعها دي تراجعت عن الخطوط بالحرب وبعدين في مصالح تانيه لحد دلوقتي وعايزه تضغط علي مصر كفايه انها عايزه تشغلها بقضيه ميه النيل وتبعدها عن القضيه الاساسيه يعني دول يهود ملهمش عهد وبيستعملوا كل الوسايل مع مصر والموضوع مش سهل .هي عايزه تضعف القوي بتاعه الشعب ومن بعدها الجيش وترجع تاني تاخد سينا

محمد حسن ضبعون
21-06-2010, 06:37 PM
حديث الرئيس محمد أنور السادات
لمجلة اكتوبر
فى٢٦ فبراير ١٩٧٨



سؤال : في حديث تليفزيوني امريكي لم يذع بعد ابديت رأيك في عدد من الزعماء السياسيين في العالم .. ولكن ثلاثة منهم كان رأيك فيهم متشابها وكان رأيك أقرب ما يكون الي الشعور بالآسي والاسف عندما تحدثت عنهم وان كانت رنة الاسي هذه قد اختلفت حدتها وأسبابها عندك ثلاثتهم هم : الرؤساء نيكسون وبريجينف وحافظ الاسد .. فما هي بالضبط اسباب ذلك .. ؟
الرئيس : قلت هذا فعلا .. وكانت للثلاثة مكانه خاصة عندي ولأسباب مختلفة حقا اما الرئيس الامريكي نيكسون فقد كان صديقا وصادقا معنا لم يكذب في شئ ولم يخذلني في شئ طلبته ولذلك كانت حفاوة الشعب المصري به عندما جاء الي القاهرة قمة في الصدق لم يرها في حياته باعترافه هو - ولم ير الشرق لمثل هذه الحفاوة نظيراً أيضاً
وقد أحزنني ما اصاب الرجل في بلاده وبأيدي مساعديه وأقلام الصحف الامريكية ، وقد حاولت الاتصال به في امريكا في رحلتي الاخيرة ولم اتمكن ولكن عندما سافرت الي ميونيخ اتصلت به وبالرئيس فورد ايضا اما الرئيس بريجينيف فهو الرجل السياسي الوحيد في القيادة السوفيتية وهو الرجل الذي اشهد له بأنه كان يتدخل في حل الازمات التي كثيرا ما وقعت بيني وبين بودجورني وكوسيجين وكليهما من خبراء السياسة الحزبية او أنهما حزبيان فقط وكثيرا ما اختلفت معهما بشدة وبحدة وكان بريجنيف هو الذي يستطيع في الوقت المناسب أن يتدخل وأن يفصل في المنازعات بذكاء و فهم سليمين وقد احسن السوفييت تقدير مواقفهم عندما استبعدوا بودجورني هذا .. فقد كان عنصر تشويش وتعكير صفو لأية علاقة بين السوفييت ومصر ولابد أن السوفيت سوف يفعلون نفس الشئ مع رجل آخر اسمه بونامرييف فهو اسوأ الناس عندهم وهو أسوأ الادوات التي يستخدمونها في نقل المعلومات الخاطئة والاحكام المتعجلة وقد ثبت خطؤه عشرات المرات في مصر وفي غيرها ومن أخطائه انه كان يتوقع انقلابا شيوعيا يطيح بي واذا به يفاجأ بان كل عملائه علي صبري وشركائه قد اودعوا السجن ولا يزال بريجنبف هو احسنهم جميعا واذا عادت العلاقات العادية مع مصر الي حجمها العادي وعلي اساس من الاحترام المتبادل فسوف يكون الفضل في ذلك الي هذا الرجل والي حكمته وحنكته السياسية
يبقي حافظ الأسد وإن حزني عليه عظيم فليس كثيرا في الدنيا ان يكون للانسان صديق ، فما أقل الاصدقاء ولكن القليل منهم كثير جدا بل أن الف صديق يجعل الدنيا مشرقة بالأمل والحب والوفاء ، وان عدوًا واحدا لكثير جدا هكذا يقول لنا شعراؤنا وحكماؤنا ولم يفهم الناس كثيرا مدي حزني علي فقد جمال عبد الناصر فقد كان صديق العمر كله ولكن الظروف كانت قاسية عليه وعلينا وشاء القدر أن ارث متاعبه وهمومه ، وقد اختلط علي الناس فلم يفرقوا بين ضيقي بالظروف وبين حزني عليه فلم يعرفوا إن كنت حزينا عليه أو حزينا علي مصر ولكني طبيعتي تؤكد كل يوم أن أروع ما في الناس الصديق الصدوق ، وكان جمال عبد الناصر ذلك الطراز النادر من الزعماء ، وقد اتخذت حافظ الأسد صديقا وعندما اشتدت الخلافات بين مصر وحزب البعث السوري كنت حريصا علي ان يظل حافظ الأسد بعيدا عن دائرة الخلاف الحزبي الضيق او حزبيا فقط فكان لهم ما أرادوا ولم يكن لي ما أردت معظم الوقت
وقد امضيت سنوات عديدة افصل بين حزب البعث أو حافظ الأسد وكان سبب ذلك انني اعرف حافظ الاسد واعرف الظروف القاسية الملتوية التي تدفعه في كل اتجاه والتي تتحكم في علاقاته وصداقاته وكنت اري ان التركيبة السياسية في سوريا مختلفة تماما عن البنية السياسية والاجتماعية في مصر ..وكنت اعرف جيدا ان تاريخ الخلافات بين البلدين من أيام جمال عبدالناصر عنصر هام جداً في تشكيل مجري الأحداث وتعقيد العلاقات وتقييم المعاني والاهداف بين البلدين
ورغم هذا الضباب والرعد والبرق والجليد والطوفان بين مصر، وسوريا فإنني كنت اجد الف سبب لكي اعذر حافظ الأسد كنت ارمي له بأطواق النجاة وكنت اقيم له جزرا من الأعذار والمبررات انقله اليها سالما كريما وكنت حريصا دائما علي أن استبقي حافظ الاسد عاليا كبيرا في عيني واعتقد ان هذا ما تحتمه الصداقة بيني وبينه
ولهذه الاسباب كان اسفي عليه عميقا عندما تقلص حجمه ، وخف وزنه وضاق انفه وارتضي ان يكون حزبيا وان يتضاءل حتي أصبح بعثيا وليس بعد ذلك هو ان لرجل مثل حافظ الاسد إنها صورة بشعة ان يتحول اعز الاصدقاء الي معسكر الاعداء
سؤال : سيادة الرئيس هناك اسباب كثيرة تساق لتفسير موقفك من الرئيس حافظ الاسد من بين هذه الاسباب ، التفسير النفسي للعلاقات بين الزعماء وبسرعة يتحول هذا الموقف النفسي الي موقف قومي وذلك لما لهؤلاء الزعماء من مقدرة خاصة علي تحويل الرأي العام وفقا لوجهات نظرهم فهل يمكن أن يقال أن الاسباب النفسية عند حافظ الاسد قد تحولت الي أسباب قومية فكان هذا الموقف العدائي لحزب البعث وحافظ الاسد من مصر والسادات..؟
الرئيس : ان التفسير النفسي للأحداث هو عنصر هام في تقدير الموقف ، غير أنه ليس التفسير الوحيد ، ولكن دعني ارتب توالي الاسباب والنتائج في عبارة واحدة موجزة وعلي المؤرخين والمجتهدين أن يجدوا ما يشاءون من المقدمات والنتائج ، وأن ينتقوا ما يروقهم من مصادر الضوء يلقونها علي العلاقات بيننا
إنني اضع حزب البعث أولا فهو مصدر كل انواع سوء الفهم المتعمد الحقد علي مصر، علي فلاسفة هذا الحزب من يردد هذه المعاني ويجد في الحقد تلك البؤر السوداء التي تنبع منها كل العلاقات بين البلدين منذ وقت طويل ولا أريد ان ادخل في متاهات التاريخ وترتيبا علي موقف حزب البعث وسيطرته علي كل شئ في سوريا يجئ موقف الرئيس الاسد
وفي عصر جمال عبد الناصر ما يؤكد ذلك ثم يضاف الي ذلك عنصر هام جدا هو الاتحادالسوفيتي الذي حرص أيضا علي أن يفصل بين مصر وسوريا يفاضل بين مصر وسوريا ويجعل المسافة أبعد والخلاف اعمق ومعني ذلك أنه يستغل حقدا قائما ويضيف اليه أبعاداً أخري أسوأ فاذا وصلنا الي هذه النتيجة لم يكن غريبا بعد ذلك ان يكون موقف الرئيس حافظ الاسد لا مبالياً او معادياً وفي استطاعتي أن أضيف أسباباً اخري متعددة ومؤكدة ولكن علي عادتي من النظر الي الاشخاص والعلاقات والاشياء لا أحب أن احرق كل السفن ولا أن اقطع الخيوط ويكفي هذا القدر والباقي اعرفه كما يعرفه حافظ الاسد ، ولا أحب ان انظر اليه والي ما كان بيننا علي انه ماض لن يعود
سؤال : هناك من يقول إن السوفييت حاولوا في موازنة علاقتهم بمصر وسوريا أن يطبقوا قاعدة جربوها في بلاد كثيرة وأنها نجحت ايضا في الشرق الاوسط هذه القاعدة تقول اعط السلاح لمن لا يستطيع ان يحارب ولا تعطيه لمن يستطيع فهل هذه هي القاعدة التي استند اليها السوفييت في تعويض سوريا عن خسائرها وعن ترك مصر بلا استعواض في أشد اللحظات حرجا قبل واثناء وبعد حرب اكتوبر ..؟
الرئيس : لا بأس من التسليم بهذه القاعدة لبعض الوقت ،ولكن هذا يقتضي أن أعود قليلا الي موقف السوفيت بين البلدين .. كيف اعطوا باليمين وبلا حساب لسوريا ؟ وكيف منعوا باليسار وعن عمد كل سلاح وقطع غيار عن مصر ؟
والكلام معروف وهو لذلك معاد . ولكن وضعه في اطاره النفسي والاستراتيجي يجعل له دلالة جديدة مختلفة .. ففي يوم السبت ٨ يوليو سنة ١٩٧٢ جاءت رسالة من سفارتنا في موسكو تقول بأن الرئيس حافظ الاسد سوف يصل الي القاهرة في اليوم التالي ولم اكن اعلم انه في زيارة سرية لموسكو ، ولابد أن يكون لديه شئ هام اضطره الي ان يسافر سرا ودفعه أيضا الي ان يتوقف في القاهرة كان ذلك في الصيف وكنت في القاهرة فقد قررت ألا أذهب الي الاسكندرية منذ نكسة ١٩٦٧ فلم تطاوعني نفسي أن اصطاف واستحم واسترخي بينما الحالة النفسية عند الشعب والقوات المسلحة بهذا السوء فالهزيمة قد مزقت نفوسنا واجسامنا وعقولنا فراح لون كل شئ أسود إلا قليلا من الامل وسار طعم كل شئ مرا وليس لنا إلا هدف واحد هو الاخذ بالثأر جاء حافظ الاسد ، وقابلته ، وفي الطريق إلي قصر القبة سألته :
خيرا إن شاء الله لم اكن أعلم أنك في موسكو حتي جاءت هذه الرسالة من سفارتنا -
لقد حصلت علي صفقة أسلحة من السوفييت ... صفقة عظيمة -
مبروك عليك هذه الصفقة ، ومبروك علينا نحن ايضا ، فكل سلاح نحصل عليه هو اضافة الي قوتي وما-
عندك هو عندي تماما . واي سلاح تحصل عليه هو سلاح لمصر تسلمته الايدي السورية -
انا اعلم ذلك يقينا-
ياحافظ -
نعم -
لعلمك -
نعم ..-
لقد استدعيت السفير السوفيتي أمس ، وحددت له عشرة أيام منذ أمس لخروج جميع الخبراء السوفيت من - مصر ... هذا قرار نهائي
والعمل بعد هذه الصفقة التي وعدوني بها ؟-
لا شئ .. انت تمضي علي علاقتك بالسوفييت وتحرص علي هذه الصفقة ولا تدخل في هذا النزاع بيني وبين السوفييت ،إنها أزمة سوء فهم وسوف تنتهي بشكل ما فالسوفييت يحتاجون الي وقت مضاعف لفهم أي موقف ولوقت آخر لاستيعابه ووقت ثالث للرد عليه ، ثم وقت أطول لتصحيح مواقفهم الخاطئة انا اعرف اسلوبهم هذا، ولذلك سوف العب معهم لعبة الصبر وضبط الاعصاب ولا داعي مطلقا لأن تدخل طرفا وبذلك تفقد الصفقة ويضيع عليك السلاح الذي لم تفلح مصر في الحصول علي واحد من مائه منه، انها ليست صفقة سلاح فقط وانما هناك مشروع بناء سد الفرات ايضا
هذا يضاعف سروري وتمنياتي ، لك بالتوفيق ، وسافر حافظ الاسد عائدا الي بلاده -
ولم يصدق السوفييت أول الامر أنني جاد في إخراج ١٥ الف خبير في اسبوع .. وسفيرهم في القاهرة بعث إليهم يقول إنها مناورة وتهويش سياسي مصري .. وصدقوه ولم يصدقوني
وحاولت أن يكون قرار إخراجهم ملفوفا في عبارة سياسية لا تجرحهم أكثر من ذلك ، وطلبت إليهم أن نصدر بيانا معا ويجئ في هذا البيان أن مهمتهم قد انتهت وأن خروجهم كان بالاتفاق والتراضي بين الطرفين ولكن السوفييت أصروا علي أن يكون البيان من جانبنا نحن واننا الذين يجب أن نلف هذا القرار في الصيغة التي نراها ولم يطلب السوفييت سوي أن يكون خروجهم من أحد المطارات العسكرية وكان لهم ما ارادوا .. وكان خروجهم قبل الموعد المحدد بيوم كامل
وانتهت هذه العملية التي أوجعت السوفييت وأحرجتهم في العالم كله .. والقصة كلها معروفة وهي نهاية لطريق الآلام الذي سرت فيه وحدي ومن ورائي قواتنا المسلحة والشعب المصري كله .. وقد احتملت الكثير من الإهانة الشخصية والهوان القومي وحاولت أن اجد للسوفييت عذرا ، فلم يسعفني إلا عذر واحد وهو أنهم لم يفهموني ، ولم يحاولوا ذلك ، ولهذا قامت حساباتهم كلها علي أنني لست رجلهم ، وهذا حساب صحيح ولكنهم رتبوا علي ذلك أشياء كثيرة خرافية ووهمية
فقد زرت موسكو أربع مرات ، ولم اتلق ما يدل علي أن هناك أية نية في رد هذه الزيارات وإن كانوا قد أبلغوني أن الرئيس بريجنيف سوف يزور مصر، قد اضطررت تحت الحاح شديد منهم أن ازور موسكو للمرة الرابعة .. وكنت اعلم سبب هذه الزيارة وكان ذلك قبل طرد الخبراء وكان من أسباب هذه الزيارة انهم يريدون أن يقولوا للأمريكان أنهم موجودون في الشرق الاوسط كله ، وفي مصر بصفة خاصة .. وكان قد تحدد موعد زيارة نيكسون
وعلي الرغم من أنني أعلم هذا المعني ، وأن هذه الزيارة ليست الا استعراضا للنفوذ السوفيتي في المنطقة فقد وافقت ورأيت في ذلك نوعا من المرونه هذا اذا اخترت التعبير المهذب ولكن التعبير الصحيح هو استمرار في الهوان الشخصي من أجل الحصول علي السلاح، شئ غريب بعد ذلك وقبل ذلك أيضا ٠٠٠ أن يتكدس السلاح في سوريا وفي اسرائيل ايضا ، اما في اسرائيل فمفهوم ومنطقي ، فبين امريكا واسرائيل هذه العلاقة الخاصة جدا ، والتي تجددها امريكا في جميع المناسبات الانتخابية والسابقة علي الانتخابات ولكنها في الأصل .. علاقة شرعية ... علاقة أم برضيعها الذي لن ينفطم ابدا
اما الذي يحدث في سوريا فشئ عجيب وقد قال لي حافظ الاسد شخصيا في أوائل سنة ١٩٧٢ إنه لا يعرف أين يضع السلاح السوفيتي ولا متي يستوعبه ، إن الجيش السوري يشكو من التخمة ، والجيش المصري يعاني من التضورالعسكري
وهذا يؤكد موقف السوفييت الثابت .. أن يعطوا لسوريا اولا ، ولا يعطوا لمصر .. ولنفس الاسباب التي ذكرتها
سؤال : ولكن حدث بعد ذلك أن تغير السلوك السوفيتي ، فقد وعدوا مصر بصفقة من السلاح ونفذوها في أسرع وقت وقد اعترفت سيادتك بأن هذه هي المرة الاولي التي يفي فيها السوفييت بوعد ، ألم يكن السوفييت في حاجة الي تشجيع من مصر لكي يمضوا في هذه السياسة الجديدة ؟
الرئيس : حدث ذلك ولكن الدوافع مختلفة ، فقد اعلن السوفييت عن رغبتهم في لقاء مع الفريق احمد اسماعيل وكان وزيراً للحربية في ذلك الوقت ، واحمد اسماعيل هو الرجل الذي أقام الخط بين بورسعيد والسويس بعد ١٩٦٧ ، وهو الذي أدار معركة رأس العش ، وهو الذي أغرق المدمرة ايلات .. ثم انه رجل عسكري منضبط
سافر احمد اسماعيل الي موسكو ، وقد حكي لهم قصة العذاب الطويل في علاقاتنا مع السوفييت وفعلا وعدوه بإرسال أسلحة ، وجاء نصف الصفقة في موعده بل في موعد مبكر ، وكان ذلك شيئا مدهشا ولم يسبق له نظير في كل الصفقات بين مصر وروسيا
أما الدوافع فهي التي لم يكن في الإمكان تشجيعها فأحمد اسماعيل تعلم في موسكو وكان صديقا لرئيس الخبراء في مصر ،ثم هو أيضا صديق لاندريوف الذي يرشحونه اليوم خلفا لبريجنيف وقد تصور السوفييت أنه في الإمكان أن يجعلوا احمد اسماعيل رجلهم المقبل في مصر، كما حاولوا ذلك مع عبد الحكيم عامر أيام جمال عبد الناصر، ولكنهم لم يعرفوا احمد اسماعيل جيدا فهو اولا صديق قديم ثم انه رجل عسكري ، وليس رجل سياسة ، ولذلك اخطأوا في حساباتهم عندما تصوروا أن احمد اسماعيل هو الذي سوف يحقق لهم الانقلاب الشيوعي القادم في مصر ، وقد صارحهم المرحوم أحمد اسماعيل بأنه رجل عسكري ولا شأن له بالسياسة ولكنهم لم يفهموه هو ايضا ، وكانت الصفقة التي بعثوا بها نوعا من تدعيم مركز احمد اسماعيل واستدراجا له في نفس الوقت ، فلم تكن هذه الصفقة لوجه الله .. وانما كانت لسبب لم يشجعه احمد اسماعيل بل خذلهم فيه ولذلك لم يكملوا الصفقة بل أنهم قد قرروا أن يجعلوها نصف صفقة انتظاراً لما سوف يكون عليه رد فعل أحمد اسماعيل أي أنهم اختاروا احمد اسماعيل ولكنه لم يخترهم ، اختاروه وفي نفس الوقت لم يثقوا به وفي هذه الأثناء وحتي قيام حرب اكتوبر توالت الأسلحة السوفيتيه علي سوريا بغير حساب
سؤال : أليس غريبا أن تكون العلاقة بين مصر وسوريا بهذه القوة والعمق ، ثم يقوم السوفييت بصدع هذه العلاقة ؟ فلا تحاول سوريا التوسط او ربط ما انقطع وبعد ذلك تتخذ المواقف الغامضـة في حرب اكتوبر بما يعطي انطباعا بالتواطؤ مع السوفييت ضد مصر ؟
الرئيس : هذا السؤال فيه الإجابة ايضا فقد حدث في اكتوبر ١٩٧٣ أن تلقيت برقية من حافظ الاسد بأنه في موسكو وأنه سوف يمر بالقاهرة ولكن لم يكن من الصعب أن أتأكد من أن السوفييت قد طلبوه ليتوسط بيننا وأن ينقل إلينا رغبة السوفييت في لقاء مع رئيس الوزراء المصري ووعد بأن يزورنا بريجنيف في أوائل ١٩٧٣ رداً علي زياراتي الأربع وعندما سافر حافظ الأسد إلي موسكو كانت في جيبه نسخة من الخطاب الذي يعثت به الي القادة السوفييت في أغسطس ١٩٧٢ وبعثت به ايضا الي الرئيس بومدين ، ونص هذا الخطاب منشور بالكامل في كتابي " البحث عن الذات " الذي سوف يصدر في امريكا في نهاية مارس القادم ،اما الذي حدث في حرب اكتوبر فيمكن إضافته الي الألغاز في العلاقات المصرية السورية والعلاقات السورية السوفييتية ، فقد نقل لي السفير السوفيتي فلاديمير فينوجرادوف نداء عاجلا من السوفييت وقف إطلاق النار استجابة لرغبة سوريا وأرسلت الي سوريا وتباطأت في الرد ٢٤ ساعة لتقول إن شيئاً من ذلك لم يحدث ، ولكنها لا تفهم لماذا يفتري عليها السوفييت ثم جاء السفير السوفيتي يؤكد طلب سوريا وأكدت له أن حافظ الاسد ينكر ذلك تماما
وفي نفس الوقت نري السوفييت يسمحون لعدد أكبر من المهاجرين اليهود بالسفر الي اسرائيل وفي نفس الوقت تغرق اسرائيل سفينة سوفيتية في ميناء طرطوس أثناء تفريغ شحنات من الذخائر والسلاح لسوريا، ونسمع أن السوفيت يتهمون اسرائيل بالاجرام لأنها قد اصبحت علي مدي ٢٥ ميلا من دمشق ولم يعد سرا عسكريا اليوم أن يقال إن سوريا قد خرجت من الحرب في يوم ٨ اكتوبر ١٩٧٣ أي في اليوم الثالث للمعركة ، وبينما ظلت مصر ١٧ يوما من بينها عشرة ايام في مواجهة عسكرية مع امريكا بل إننا اسقطنا طائرات اسرائيلية وقطعنا ذيولها بعد ذلك واكتشفنا أن هذه الطائرات من امريكا وجنوب افريقيا ويكفي في الدليل علي ما حدث في اليوم الثالث للمعركة أن نتذكر ما قاله موشي ديان لرؤساء تحرير الصحف فقد فاجأهم بقوله الآن فقط لم تعد لدنيا أيه قوة لكي نلقي بالمصريين في قناة السويس دون أن يكون في ذلك القضاء التام علي قواتنا واذا فعلنا ذلك فسوف نفقد جيشنا كله وتصبح اسرائيل بلا جيش أما في جنوب سيناء فالطريق كله مفتوح تماما في اتجاه ابو رديس وأشك كثيرا في قدرة قواتنا علي سد هذه الهوة الواسعة ويمكنني أن اقول الآن وامام العالم كله إننا لم نعد في قوة المصريين
وقال موشي ديان إنه سوف يعلن بيانا بهذا المعني علي الشعب في نشرة أخبار الساعة الحادية عشرة ولكن منعته جولدا مائير من إلقاء هذا البيان وقال ديان في ذلك الوقت ، وإن كان يتنصل الآن من كثير من انعكاساته العصبية في أثناء الحرب : إن الروح لم تعد ترد له إلا عندما اصبحت قواته علي مدي ٢٥ ميلا من دمشق
وقد صارحني حافظ الاسد ولابد أنه فعل ذلك مع زعماء عرب آخرين بأنه فقد في يوم واحد ١٢٠٠ دبابة أما هذه الخسارة الفادحة فقد استعوضها من السوفييت بعد ذلك بل أن العراق بعثوا بدبابات لمساعدة سوريا وحاول حافظ الاسد توريط الملك حسين وقد نصحت الملك حسين ألا يتورط .. وأن يكتفي بإرسال قواته لتساعد سوريا فبعث اليها بلواء مدرع والصورة كانت هكذا السوفييت عوضوا حافظ الأسد عن خسارة وأضافوا الي ذلك الكثير .. والعراق ساعدته والاردن أيضا
وقبل وقف اطلاق النار يوم ٢٢ اكتوبر كان لدي سوريا اكثر مما تحتاج من السلاح والذخيرة .. ولا شئ من ذلك لمصر .. ولا أحد يحتاج الي مجهود كبير ليستخرج المعني من هذا التمييز في المعاملة والإصرار علي ذلك .. وما زلت أقول إنه لو كان عندي لواء واحد مدرع لتغير وجه الحرب تماما . وهذه حقيقة يعرفها العسكريون وقد عقدت الندوات العسكرية في اسرائيل ، وفي بريطانيا وامريكا ، علي رأيي هذا وأقروني عليه ، حتي كانت مبادرتي بالسلام في الشرق الاوسط فخلقت هذه المبادرة وضعا غريبا في سوريا ، ولابد أن الفكر
السياسي يتساءل : ماهو الممكن لتحقيق السلام العادل وما هو المستحيل ؟ كيف يمكن تحريرالارض مع حظر السلاح علي مصر من السوفييت ، ومن امريكا ، ولو كان السوفييت لا يعطون السلاح لكل الدول العربية لأصبح ذلك حظرا شاملا علي المنطقة وفي نفس الوقت كيف يقبل السوفييت فرض هذا الحظر في مواجهة الإغداق الامريكي الهائل علي اسرائيل ؟ ولكن السوفييت يعطون لسوريا وغيرها بلا حساب ولأسباب مختلفة ، إذن هم يعطون أي يبيعون ، ثم إن مصر ما تزال دولة حرة وتحاول أن تسترد ارضها وفي نفس الوقت تساعد كثيرا من الدول علي نيل حريتها
وموقف مصر هذا لا يرضي السوفييت ، اذن ما الذي يرضي السوفييت ؟ لابد ان الذي يرضيهم هو الموقف السوري، والموقف السوري هو التبعية الكاملة للسوفييت وفي نفس الوقت العداء لمصر ، وأما موقف أمريكا فلابد أن يتغير بعد مبادرتي للسلام ، فليس معقولا ولا مقبولا كما ذكرت من قبل ان نقع تحت الحظر السوفيتي والحظر الامريكي معا ، صحيح أن مصر قد وجدت وسيلة للحصول علي سلاح من موارد مختلفة ولكن ليس منطقيا أن تكون امريكا طرفا وضمانا للسلاح في المنطقة مع استمرارها في تصعيد الاستعداد للقتال وتشجيع اسرائيل علي العدوان او التهديد به
والشئ الممكن في الموقف هو أن نحرك الركود الذي أدي الي فرض الأمر الواقع علينا نحن العرب ، والأمر الواقع هو استسلام عاجز ولسنا عاجزين ، ويجب ألا نكون ، والذي فعلته هو تحريك منظم وشامل للموقف كله
ومع أننا جميعا دعاة سلام عربا وغير عرب فقد تقاربت بعض وجهات النظر العربية ووجهات النظر المتطرفة في اسرائيل ولدرجة تجعل الانسان يتخيل أن هناك ما يشبه الاتفاق علي تعويق جهود السلام وحتي لا يكون سلام فلا تبقي إلا أبواق الحرب وتجارة السلاح أليس هذا شيئاً يبعث علي الأسي والاسف

محمد حسن ضبعون
21-06-2010, 06:39 PM
حديث الرئيس محمد أنور السادات
لمجلة أكتوبر
في ١١ مارس ١٩٧٨


سؤال : سيادة الرئيس .. الصورة التي امامنا في العالم العربي غير واضحة وقد وصفها احد المحللين السياسيين بأنها لوحة ******ية وانها مجموعة من البقع السوداء والحمراء وأنها متداخله غامضة وقال محلل اخر إن مايجري في الشرق الاوسط أقرب الي الحفلات التنكرية ، فالاقزام يرتدون ملابس العمالقة وهم لذلك يتعثرون فيها، أما العمالقة فيمشون وصدورهم عارية وبقية الأوصاف لا تخرج عن معني واحد ان الضباب يلف الشرق الأوسط ، وأن الضياع نهايه مؤكدة .... فكيف تري ذلك ؟
الرئيس : من الممكن أن يقال ذلك ولكن عيب هذه الصورة أنها تبسيط شديد ومخل ايضا و هذا التبسيط فادح الثمن علي حساب الحقيقة او خصما منها ومن الممكن أن تكون مثل هذه التعبيرات كالضباب كلاما نضعه تحت هذه اللوحه ولكنه لايفيد ولايريح احدا من المتفرجين أو القراء اما تصحيح هذا الموقف فهو أن نسأل انفسنا قبل ان نسأل الذين جعلونا متفرجين علي بلادنا وعلي مصيرنا ما معني هذه اللوحه ؟ وما مدي انطباقها علي الواقع ؟ وما الذي شعرنا به ونحن نتفرج عليها؟ وهل هذا هو دور الرسام والمحلل السياسي ؟ هل دوره أن يضيف الضياع الي الضباب ويقدم الاثنين معا في لوحه واحدة فاذا فعل ذلك فما الذي اضافة الي الحقيقة ؟ أو ما الذي كشفه لنا من الحقيقة لأننا سوف نطالبه بعد ذلك بالعلاج ؟ ثم هل من الممكن ان يكون هناك علاج بلا تشخيص ؟ ومن الذي يشخص الداء ؟ ومن الذي يعالجه ؟ إن هناك غلطة يقع فيها المحللون السياسيون وهي أنهم يستعيرون أقلام الكتاب الاجانب وعيونهم ايضا وينظرون الي واقعنا العربي ثم بعد ذلك وبسبب ذلك يحدثوننا عن شيء لا وجود له
وكصحفي قديم اقول لك إن هناك نوعين من الكتابه السياسية التحرير السياسي و التحليل السياسي ، فالتحرير السياسي هو أن يلتقط الانسان خبرا ثم يعلق عليه بسرعة وهذا مطلوب ، ولكن عيبه أن يكون الكاتب عبدا لوكالات الانباء والإذاعات لأنها هي التي تهزه وتثيره وتحرك قلمه ويده
أما التحليل السياسي فهو أن يتلقي الكاتب أخباراً ومقالات ومعلومات ويحللها ويدرسها ويفرز الصحيح بعيدا عن الكاذب ثم يري الارضية التاريخية وبعد ذلك يكتب علي مهل وبمنتهي العقل والتحليل السياسي ليس تشخيصا فقط وانما هو تشخيص وعلاج ايضا
فاذا كان المحرر السياسي كالنمله تكدس احتياجاتها فإن المحلل السياسي كالنحلة تنتقل بين المصادر وتجمع من كل مكان ماتقدر عليه ثم تفرز شرابا سائغا مقبولا ولا أقول إننا ضحايا اخطاء مهنيه أي اننا لا نفرق بين التحرير السياسي والتحليل السياسي ولكننا ضحايا ما يكتبه الاجانب بحسن نية او بسوء نية فالمحللون السياسيون الأجانب ربما كانوا علي درجة أكبر من البراعة والشمول ولكن عيبهم انهم اجانب عنا وانهم يرون من بعيد وانهم لا يخلون من غرض وان الذي يفعلونه ليس تحليلا سياسيا وإنما هو تشهير سياسي أي تحليل شرير عنيف لأن الامر لا يعنيهم في الدرجة الاولي ولكنه يعنينا في المقام الاول ولذلك استعرنا أساليبهم في الكتابة واستعرنا نظراتهم في انفسنا ونسينا أننا نحن ايضا يجب أن نري وأن نحلل ولكن مع الاحترام العظيم لانفسنا ومع الامل الكبير في مستقبلنا فتلك امانه قلم وضرورة حياة وواجب قومي ايضا
سؤال : سيادة الرئيس ولكن هل تري أنه اذا قيل مثلا إن الامة العربية ممزقه وأنه لا توجد شقيقتان متجاورتان متفقتان علي خطة او هدف ... هل تري أن هذه الصورة الواضحه جدا غامضة ايضا واننا نقلناها عن الغرب واننا بذلك نتجني علي الحقيقة فلا اتفاق بين سوريا والعراق بل أنهما أشد عدواه من روسيا والصين ولا اتفاق بين ليبيا والجزائر او بينهما وبين تونس الي آخر الدول العربية ؟
الرئيس : حتي هذا لا اراه جديدا فهناك فارق بين أن تقول إن العالم العربي ممزق وبين أن يقال إنه ازداد تمزقا والذين يقولون ذلك يجب ان نسألهم ومتي كان العالم العربي موحدا او متحدا اتحاداً فيدراليا او كونفيدراليا ، انه لم يكن قط وإن كنت لا استبعد أن يكون متحدا بشكل اقوي في المستقبل
فالعالم العربي كان ممزقا قبل المبادرة بل كان ممزقا قبل حرب اكتوبر واثناءها وبعدها ، ولننظر الي الدول التي تسمي نفسها دول الرفض ... ليبيا مثلا عارضت حرب اكتوبر قبل قيامها وبعد قيامها وبعد انتصارنا ولا تزال ولم تكتف بمجرد رفض حرب اكتوبر وانما اتخذت موقفا ايجابيا ، صحيح أنه موقف تافه لاقيمه له ولكنه كان موقفا رفضت فيه الدعم ورفضت أي عمل حربي موحد وشوهت أي إنجاز حقيقي ورغم حماس القذافي الهائل لاستخدام البترول سلاحا في الحرب لم يشترك في حظر البترول وربما كان العراق اشرف من ليبيا لأن العراق قد اعلن بصراحة احترمها أنه لن يشترك في حظر البترول وموقف العراق لا يختلف عن موقف ليبيا إلا في درجة الصراحة ، فليبيا ادارت وجهها وقالت لا ، والعراق حملق في وجوهنا وقال لا
والعراق لم يشترك في الدعم إلا بمائه مليون ولا اعرف يقينا إن كان قد سدد هذا المبلغ حتي الآن والذين يستعيرون أسلوب الاجانب في التفكير يقولون لك إن ليبيا تملك من عائدات البترول تسعه مليارات دولار وهذه قوة هائلة صحيح أنها قوة هائلة ، ولكن كم منها يعود علي المعركة أو يبذل في الدعم ... لاشيء فهي بفلوسها وبغيرها ليست قوة وإنما هي انعدام قوة وانعدام وزن ايضا . والجزائر تقع علي مدي أربعه آلاف كيلومترات من خط المواجهة وقد كان للرئيس بومدين دور اشدت به اثناء المعركة وهي محاولة منه ليكون له دور زعامي عربي في الشرق او الغرب ، ولكن المشكلة بالنسبة لبومدين أنه لا يستطيع أن يؤثر في الموقف العربي ، فهذا طموح غير معقول وهو دور أكثر منه بكثير أما سوريا فقد دخلت وخرجت بعد أيام وكانت سوريا لاتريد أن تدخل الحرب ، فقد طلبت وقف إطلاق النار قبل اطلاق النار بيومين هذه حقيقة مؤكدة وقد اشرت الي ذلك كثيرا وإن كنت حاولت تخفيفها ، ولكن سوريا طلبت وقف إطلاق النار ثلاث مرات ولم اصدق ذلك وجاء رد من حافظ الاسد يؤكد أن الروس يكذبون ، ولكن عندما ذهب وزير خارجيتنا الي موسكو استقبله بريجنيف وسأله لماذا يغضب السادات منا ؟ لماذا تصور اننا نخدعه ؟
ثم مد يده وأعطي وزير الخارجية المصري نص الطلبات الثلاثة التي بعث بها الرئيس لوقف إطلاق النار ثم ادعي حزب البعث ... إنني أنا الذي اوقفت إطلاق النار واعترض علي فك الاشتباك الاول ثم باركه ، واعترض علي فك الاشتباك الثاني ثم هلل له ، أي أنه اعترض علي كل ماتقوم به مصر ورفضه واخيرا ايده وارتمي عليه فلم يتغير شيء فالذين وقفوا مع مصر مايزالون معها والذين عارضوا واعترضوا عليها مايزالون كذلك وسوف تظل هذه القاعدة التاريخية النفسية صحيحة أبدا كلما كانت الدول صغيرة كانت عقدها كبيرة
سؤال : سيادة الرئيس .. شكرا علي هذا التوضيح فأنت تؤكد وجود هذا التمزق وبذلك ترد علي الذين توهموا أنهم اكتشفوه ففرحوا بهذا الاكتشاف ، وردده من ورائهم ببغاوات التحليل السياسي ولكن لو عدنا الي القول معهم إن بين الدول العربية دولا تقدمية ودولا رجعية وانها اتخذت موقفها من حرب اكتوبر ومن المبادرة استنادا الي معتقداتها السياسية فهل نحن خاطرنا مرة اخري بكلمات التقدمية والرجعية كما خاطرنا قبل ذلك عندما استخدمنا التمزق والضياع والضباب ؟
الرئيس : لابد من التوضيح والتصحيح فكل كاتب او مفكر حر في أن يستخرج من القاموس ما يعجبه من الكلمات بشرط أن يكون واضحا وأن نتفق معا علي مدلولات الالفاظ أو علي نوع العملة التي نتدوالها ، وهذا مطلب معقول ومطلوب معا في كل حوار بل انه شرط اساسي لإجراء الحوار بقصد الوصول الي معني عام ولنسأل انفسنا ايضا : هل ليبيا والجزائر وسوريا والعراق دول تقدميه ؟ هل استطاعت دولة واحدة من هولاء أن تفعل ماتفعله مصر ؟ كأن تطلق حرية الكلمة وأن تهدم المعتقلات وأن تجعل الدولة قائمة علي المؤسسات وأن تسمح بقيام الاحزاب ؟ هل التقدمية معناها أن نقف ضد الدولة التي تريد أن تحرر إرادتها من أي سلطان اجنبي ؟ هل التقدمية إلغاء الدعم او وقفه؟ هل التقدمية هي الإرهاب وخطف الطائرات واغتيال الحمامي في لندن ، ويوسف السباعي في نيقوسيا ؟
هل التقدمية ان يقوم الاتحاد السوفيتي بحظر السلاح علي مصر كبري الدول العربية واقدرها علي التأثير في مسار برجنيف ؟
ان الغلطة التي نقف امامها ومن الضروري أن نقف امامها طويلا هي غلطة عقلية ، غلطة اطال الكل عمرها فهناك مسلمات خاطئه قد تمسكنا بها سهوا او عمدا
من ضمن هذه المسلمات الخاطئه أن قيل لنا ان مصر دولة زراعية ويجب ان تبقي كذلك بينما اصبحت مصر دولة صناعية وزراعية أيضا وقيل لنا إن مصر هبة النيل وحده هو الذي يرويها ووسع رقعتها الزراعية ولكننا استطعنا بعد ذلك أن نجعل النيل هبه مصر وأهل مصر ، فأقمنا عليه السدود وتصرفنا في مائه بالعقل وولدنا منه الطاقة وسوف نوسع الارض الزراعية وقيل إن الجندي الاسرائيلي لا يقهر، وقيل أن قناه السويس أكبر عائق مائي لا يمكن ان نتخطاه وتخطينا وهدمنا عائقا مسلحا هو خط بارليف
وقيل لنا دول رجعية ودول متقدمة وقد راينا ما فعله ادعياء التقدمية أما الذين وصموهم بالرجعية كالسعودية وإمارات الخليج فهي التي وقفت معنا قبل الحرب واثناءها وبعدها وهي التي دعمت المعركة ولاتزال وهي التي استخدمت سلاح البترول فهل هؤلاء رجعيون لأنهم يساندون كفاحنا من أجل تحرير ارضنا وارادتنا ؟ وقبل ذلك كنا نقول إن اسرائيل دولة مزعومة وتعاطينا هذا التعبير ثلاثين عاما وصدقناه حتي استرخينا عسكريا وسياسيا وفي اثناء هذا الاسترخاء جاءت اسرائيل وسحبت من تحت اقدامنا فلسطين والجولان والضفة الغربية وغزة وسيناء
إننا ضحايا ادمان الشعارات الكاذبة والتعبيرات المخدرة باختيارنا او دون أن ندري فكل ذلك موجود في الصحف والاذاعات العربية ، واذا كان أحد يريد أن يفتك بالأمة العربية وأن يهزمنا علي أرضها وبسلاحها فهم هؤلاء المضللون المأجورين أصحاب الاقلام المستعارة ، وهذه الدول التي يتهمونها بالرجعية هي التي أقامت الهيئة العربية للتصنيع ، إن هذه الهيئة في اجتماعها الاخير الذي رأسه الامير سلطان ولم يتمكن الفريق الجمسي من حضوره لانشغاله بأحداث قبرص كانت قمة القومية العربية ، فقد قررت هذه الهيئة استراتيجية علي أعلي المستويات ، وهي بذلك تحقق اغلي آمال الأمة العربية كلها دون ضوضاء أو ادعاء ودون شعارات خرافية
سؤال : سيادة الرئيس هناك اجتهادات كثيرة في تفسير مبادرة السلام .. مقدماتها.. وطبيعتها ونتائجها .. من بين هذه الاجتهادات أن المبادرة تتفق تماما مع طبيعتك حتي ليمكن أن يقال إنها بدأت مع حياتك السياسية فأنت ضد العنف كأسلوب وحيد في حل المشاكل وانت مع القانون ومع الحرية ومع العدل ... وكلها أشجار زيتون علي جانبي طريق السلام ... فهل السؤال علي بداية الطريق الحقيقي لمبادرتك بالسلام يكون سؤالا متأخرا بعض الشيء لأن المفروض أن اسالك عن نتائج المبادرة وليس عن مقدماتها ؟
الرئيس : هناك اجتهادات كثيرة سببها طبيعة المبادرة وضخامة حجمها واتساع انعكاساتها وتجددها المستمر الذي يفوق كل ما تصورت وكثير من هذه الاجتهادات سمعتها شخصيا واحرجتني جدا فقد البستني اثوابا ضافية أكثر وأكبر مما استحق
ولكني استطيع أن اؤكد هذا معروف في ٤ فبراير سنة ١٩٧١ أي بعد ٢٢ سنة علي بداية الصراع الاسرائيلي العربي أعلنت استعدادي لاتفاق سلام واشترطت ان تنسحب اسرائيل علي مراحل وناديت بأن يجيء يارنج مبعوث الامم المتحدة يكمل هذا الانسحاب بين العرب واسرائيل في سته شهور اعلنت ذلك بمنتهي الوضوح ولكن هذه الدعوة ذهبت مع الريح لم ينتبه لها أحد او ظنوها كلاما في الهواء أو عبارة طائشه او احلام يقظة وكانت دعوتي معناها أن نواجه الواقع ، أن نفهم بوضوح أن اسرائيل دولة ليست مزعومة ، وأن احدا لن يرميها في البحر ،لا استطعنا في الماضي ولانستطيع في العصر الحاضر وأن اسرائيل تقف وراءها أم غنية قوية ترضعها بالصواريخ والذهب وتحميها الي غير حد ، هذه حقيقة ، وطلبت بأن نذهب الي أبعد من الواقع وذلك بتحريكه وأن يكون تحريكه من أجل السلام
وعندما طردت الخبراء السوفييت إنما حررت إرادتي وضربت بذلك مثلا لغيري وفي نفس الوقت أكدت فلسفتي السياسية فروسيا دولة استعمارية لها اهداف ومطامع في المنطقة انها نفس أهداف روسيا السوفيتية كلتاهما تبحث عن المياه الدافئه في البحر الابيض او الاحمر
وامام ما يحدث في القرن الافريقي تتكور نفس عيوبنا العقلية فنحن نغرق انفسنا في المسلمات الخاطئه فالذين يأخذون الجانب السوفيتي يقولون حركة تحررية والذين يأخذون الجانب الامريكي يقولون إن الدولتين تقتسمان القرن الافريقي وأفريقيا والكرة الارضية والكواكب الاخري ليكن هذا هو موقف الدولتين العظمتين فما موقفنا نحن ؟ لماذا لانحرر أقلامنا وعقولنا قبل ذلك من تعبيرات وشعارات مسمومة ... شعارات تخدر عقولنا فتتساقط اقلامنا فوق منشورات كتبت وطبعت في بلاد اخري غير بلادنا واذا اخطأت امريكا في موقفها من القرن الافريقي فإن خطأ السوفييت أفظع وأبشع
سؤال : سيادة الرئيس .. هل كررت السؤال عن المبادرة يكون سؤالي واقعيا ؟ أي هل من طبيعة المبادرة في مرحلتها هذه أن تكون لها اخبار مثيرة ٠ ام أن الجانب المثير فيها قد انطوي ٠٠ او اذا كان لي أن استخدم تعبيرا حديثا فاقول ان المبادرة مثل سفن الفضاء تحتاج الي قوة دفع هائلة تصاحبها نار ودخان ودوي حتي أذا اخذت مدارها حول الارض هدأت النيران وسكن الدوري ٠٠ ثم وإن روادها يحتاجون الي وقت لكي يضبطوا عدساتهم استعدادا لتصوير الارض والشمس والنجوم علي مهل هل تري أن هذه المعاني ينطبق مدلولها علي ديناميكية المبادرة الآن ؟
الرئيس : تماما ٠ واذا كانت حرب اكتوبر زلزالا في اسرائيل فإن المبادرة زلزال في العالم كله وقد ارتفع مع الزلزال غبار وسالت حمم ملتهبة وانعقدت سحب وهطلت امطار ولابد من مرور بعض الوقت لتستقر الارض ويسكن الغبار وتصفو السماء وتظهر الشمس وقد اعلنت في امريكا أن امريكا نفسها لا يمكن أن تكون مجرد " شاهد " علي عقد يتم بين مصر واسرائيل ولا مجرد ضامن لمؤتمر جنيف وإنما هي طرف وهذه حقيقة وإلا فكيف نفسر احياءها وانعاشها وحمايتها لاسرائيل والي غير حد ، إنها طرف وسوف تبقي كذلك وهذا يجرني مرة اخري الي تصحيح التعبيرات الخاطئة التي كانت مصايد منصوبة لاقلامنا عندما قلنا إن امريكا مع اسرائيل عدلا وظلما وأنها ليست علي استعداد لعمل شيء ، واذا استعدت فإنها لا تريد ، واذا ارادت فإنها لا تضغط واذا ضغطت فلكي تعانق اسرائيل او تقبلها الي آخر ما يقال ويبعث علي اليأس بينما الواقع يكذب هذا كله فأمريكا قد اتخذت دورا وهي جادة في التقريب بين الأطراف . وكنت قد دعوت الاتحاد السوفيتي لحضور مؤتمر القاهرة فلم يحضر فلست انا الذي منعته من المجيء ٠ ولكن الاتحاد السوفيتي هو الذي نحي نفسه عن المشاركة في التحضير للسلام ولا انا امريكا ولا كنت روسيا ٠ وإنما مصري وإردات مصرية وسوف أبقي كذلك وسوف تبقي مصر كذلك ما حييت وبمنتهي الوضوح دون حرج اقول إنني أقدمت علي هذه المبادرة لأن احدا قبلي لم يجرؤ عليها ، ولن يجرؤ احد من بعدي ، والمبادرة هي قمة انتصارات اكتوبر بل إن المبادرة تاج علي رأس اكتوبر لا يعرفه إلا الذين انتكسوا في حرب ١٩٦٧
سؤال : سيادة الرئيس استأذنك في أن استخدم تعبيرا اجنبيا شائعا في وصف ما يدور في المنطقة العربية وصفوه بأنه إناء يغلي ، ولأنه يغلي ، ففيه الاشياء تتقلب تعلو وتهبط وتطفو وترسب وكل شيء في حركة دائبة وفي تدفق حيوي مستمر ... فهل تري هذا الوصف صحيحا ؟
الرئيس : هذا التعبير او هذا الوصف صحيح الي حد ما ولكنه ليس دقيقا فالذي يحدث أخطر وأعمق من أن الإناء تتقلب فيه الاشياء ، إن هذه الحركة مغلقة محدودة أو أنها علي الأصح تتحرك في دائرة ضيقة مفرغة وهي لذلك حركة عقيم ، ولكن الذي أراه الآن اروع وأعظم فاذا كانت للتاريخ قوانين حتمية فأول هذه القوانين : ديناميكية التاريخ اي حركته الي الأمام الآن التاريخ لا يعرف النكوص او الانتكاس ٠ وانما هو يتقدم دائما ، والذي حدث في مصر لا رجعة فيه .. لا رجعة في الحريات ..لا رجعة في سيادة القانون .. لا رجعة في الديمقراطية ٠ لا رجعة في نتائح انتصارات اكتوبر النفسية والاجتماعية والعسكرية المصرية والقومية .. ومبادرة السلام لا رجعة فيها ، لقد اتخذت مدارها عاليا واختارت اسلوبها وهي ماضية الي الامام بسرعة او بطء ولكنها في حركة نشيطة ٠٠ ولن ترجع الي الوراء
ولكي نكمل هذه الحيوية الدافقة في مصر فنحن نتجه الآن الي إكمال البناء وإكمال تحرير الانسان من القهر والظلم والفقر والمرض والجهل والخوف ، اي الي الأمن العام والشعور بالآمان المطلق ، ولم يبق أمامنا الا تأمين الانسان من الجوع ولهذا سوف نتجه الي الصحراء ننقب فيها ونزرعها ونضيف مساحة خضراء الي أرض مصر لتكون الأرض الجديدة هبة المصريين الي أمهم العزيزة مصر ، ويجب أن ننفض عن رؤوسنا وهماً آخر هو أن الشعب عبء علي بلده وأن الاربعين مليونا يجب اختصارهم بالهجرة أو التهجير أو بالحرب أو بالمرض أو بالقهر ، إن الشعب عبء اذا كان كسولا ، بليدا ، جاهلا ، متراخيا ٠ إن هذه الطاقة الانسانية تصبح مادة خاما اذا لن نستغلها ، اذا لم نصقلها في نار العمل وبرد الأمل ، إن الذهب والفضة والبترول في الأرض مادة خام الي أن يتم تصنيعها وتحليلها أي إلي أن يتم استغلالها وبيعها
إن بلادا كثيرة بلا موارد طبيعية ولكن عندها موارد بشرية ، اليابان مثلا بلا مناجم فحم او حديد ولكنها تستورد المادة الخام وتصقلها بقدرتها الإبداعية اي باستغلال طاقتها البشرية ، إن الفرق بين المادة الخام الصماء الخرساء العمياء وبين الطاقة المواجهة المستنيره كالفرق بين البخار يخرج من ماء علي نار ، وبين البخار الذي يدفع القاطرة علي عجلات ووراءها عشرات العربات .. ان بخار الإناء أعمي تلقائي ، ولكن بخار القاطرة قوة واعية لها قواعد واصول والشاعر العربي القديم يقول : " العود في أرضه نوع من الحطب " أي أن عود البخور حطب في الأرض ، ولكن اذا دخل النار كانت له هذه الرائحة الزكية والذي نفعله الآن هو إكمال لمستقبل مصر الذي يجب أن يعتمد علي سواعد ابنائها ، نبني المدن ونرصف الطرق ونشق القنوات ونعمق التربة
في كلمة واحدة : إن مصر في حالة مخاض ، أي أنها في الحالة التي تسبق الولادة الصحيحة المؤكدة وكل الاطباء يؤكدون أن مصر أمنا في صحة جيدة وأن مولودها سليم صحيح معافي بإذن الله ونعرف المخاض ، أي تلك الآلام التي تسبق الولادة والتي يصر الأطباء علي أنها ضرورية وعلي أن الأم يجب أن تصرخ لأن الصراخ والتنفس العميق يساعد علي الولادة نفسها فهي سابقة علي الولادة وشرط لسلامة الوالدة والمولود ، ولذلك فليست المبادرة هي آخر ما حققته مصر ٠ ولكن هذه العوامل معا هي أعظم وأروع ما استطاع شعب مصر أن ينجزه وليس غريبا ولا عجيبا علي أبناء مصر أن يحلموا بمستقبل أروع في الثمانينات عندما تضاعف عائدات القناة وثروتنا البترولية مع وفرة الطعام لكل فم والسلام لكل أم
ودول الرفض أخوف ما تخافه هو هذا المخاض الذي في مصر ٠ لأن دول الرفض لم تحقق شيئا ، إنها تخاف أن تمشي وراء مصر ٠ إن أحداً من حكاما المستميتين علي مقاعدهم بأي ثمن لا يجرؤ علي إطلاق الحريات ولا أن يجعل القانون سيد الجميع ، ولا أن يدع الزهور من كل نوع تتفتح كما قال ماوتسي تونج ٠ فالذي تحقق في مصر هو أعظم ما يفزع هؤلاء الذين يحكمون شعوبهم بالارهاب ، واذا كان الأطباء يقولون إن المرض يعدي فإن المؤرخين يرون أن الصحة تعدي أيضا ٠ ولذلك فلا مفر من أن تنتقل عدوي الصحة والتصحيح الي كل اتجاه ٠ واذا نظرنا الي المبادرة وجردناها من كل مزاياها وكنا قساة علي انفسنا فإن اقل ما نرضي به هو أن المبادرة قد أرتنا انفسنا في سنة ١٩٧٩ أي بعد عشرين عاما من إعلانها وما دمنا قد اختصرنا هذه السنوات العشرين من عمرنا السياسي وأضفناها الي أعمارنا وأعمار أجيال من بعدنا فعلينا أن نمضي في دفعها ورعايتها ومن المؤكد أننا لم نخسر شيئا ٠ ولن نخسر شيئا ٠ وقرار المبادرة لم اتخذه كرئيس لدولة أو زعيم لحزب او فيلسوف لمذهب ، وانما اتخذته كرئيس لعائلة مصرية كريمة شريفة يسعدني انها اختارتني وكان اختيارها شرفا ٠
واذا كان هناك بعض الصغار بين أفراد العائلة ، فلكي يتأكد لدينا دائما أنها عائلة طبيعية وأنها ليست عائلة حزبية مصطنعة أو مزورة ولكن في النهاية لم يصح ولن يصح إلا الصحيح ، وما كان أسهل علي نفسي أن اتوقف عند انتصارات اكتوبر وتخطيط الدولة حتي نهاية القرن ، ثم أجيء عند نهاية ولايتي في سنة ١٩٨٢ إن كان لي عمر واترك كل شيء للرئيس الذي بعدي فأترك له بلدا متطورا وجيشا عظيما منتصرا بدلا من ان اترك له ميراثا ثقيلا أسوأ من الذي ورثته وإن كان من المستحيل أن يكون شيء اسوأ من ذلك٠ غير أن نفسي لم تطاوعني فأتوقف لحظة واحدة عن القيام بما أراه واجبا اخلاقيا ووطنيا وقوميا ، إنني حريص علي أن تكمل مصر معالم عملقتها في الداخل والخارج ، مصريا وعربيا وعالميا ٠
سؤال : سيادة الرئيس ... في حديث سابق قلت وأنت تتحدث عن قادة الكرملين إن بربجنيف أفضلهم لأنه اكثرهم حكمة سياسية وقلت إنه اذا عادت العلاقة بين مصر والاتحاد السوفيتي فسوف يكون الفضل في ذلك لهذا الرجل ، وقد فسرها السياسيون والدبلوماسيون الأجانب علي أنها إشارة الي احتمال عودة العلاقات بين مصر والاتحاد السوفيتي أو مقدمة لذلك ... فهل هناك تقارب بين مصر والسوفييت او بين السوفييت ومصر؟
الرئيس : إننا لم نقطع العلاقات مع الاتحاد السوفيتي رغم كل ما حدث ، وإنما نحن سحبنا السفير المصري فقط ، وإن كنا قد فعلنا شيئا آخر مع دول الرفض فقد اضطررنا أسفين الي قطع العلاقات معها لأن رؤساء هده الدول قد تجاوزوا حدود الأدب وعمدوا الي اهانة مصر وشعبها والتنكر لدورها التاريخي ولذلك لم نجمد العلاقات معها وانما قطعناها نهائيا لننظر ما الذي يمكن أن تفعله هذه الدول بأحجامها الحقيقية دون سند من مصر ٠
ولكن اذا اراد الاتحاد السوفيتي أن يستأنف علاقاته معنا علي أساس من الاحترام المتبادل فليس عندي مانع مطلقا ، وحتي بالنسبة لدول الرفض ليس عندنا أي مانع ٠ ولكنهم كما هو واضح لم يؤثروا في المعركة لا قبل وقوعها ولا أثناءها ولا بعدها، وعليهم من الآن أن يواجهوا- أرادوا او لم يريدوا - آلام المخاض والمخاض والولادة فيما بعد٠٠ وهذه حتمية التاريخ
سؤال : سيادة الرئيس ... فإذا لم تستجب الحكومة الاسرائيلية في الشهور القادمة لروح المبادرة فما الذي يعقب ذلك ؟
الرئيس : إن هذا لا يعني أن مبادرة السلام قد توقفت أو حتي تعثرت ولكن يعني أنها في حاجة الي وقت وأن الطبخة ما تزال في حاجة الي نار هادئة ، ثم أن العلاقة بين مصر واسرائيل ما تزال قائمة حتي اكتوبر المقبل ، ففي هذا الشهر تنتهي اتفاقية فض الاشتباك ووجود قوات الطوارئ الدولية بين مصر واسرائيل فلننظر لنري ما سوف يحدث

محمد حسن ضبعون
21-06-2010, 06:41 PM
حديث الرئيس محمد أنور السادات
مع مجلة اكتوبر
فى٢٥ مارس ١٩٧٨


سؤال : فى حديث سابق تكلمت عن " المخاض " أى الالام التى تسبق ولادة شئ جديد فى الشرق الاوسط أو مصر أو بسبب مصر ، وكنت تعنى أن لابد أن يتبلور شئ يغير طبيعة الاشياء وبالتالى يغير مسارها ، وأن هذا واقع لا محالة لان هذا هو منطق التاريخ اردنا ذلك أو لم نرد .. ولم تمضِ سوى أيام حتى سالت الدماء على جنوب لبنان .. فهل هذا من معالم الآلام السابقة على الولادة أو أنك قصدت شيئا أبعد من ذلك ؟
الرئيس : لا اعرف ما هى نوعية الذين خططوا لحادثة تل ابيب .. هل كان دافعهم الجهل او التهوس ؟ هل هم استعاروا عقدة الموساد الاسرائيلية اى الخوف من الانتحار ثم الانتحار ؟ هل هم استعاروا من اليهود أيضا عقدة شمشون الذى هدم المعبد على رأسه وعلى رأس اعدائه ؟ وهل هم حقا قد هدموا كل شئ على رؤوس اعدائهم أو على رؤوسهم وحدهم ، لقد استنكرت إراقة الدماء البريئة فما ذنب المدنيين .. واستنكرت رد الفعل الاسرائيلى الدموى الوحشى .. وعندما اتحدث عن منطق التاريخ " اى حتمية منطق التاريخ فإننى أقصد أن كل شىء رغم أى شىء لابد أن يتجه الى الامام
ولابد ان يتحقق السلام بلا دماء ٠٠ لأن الدم لا يأتى الا بمزيد من الدم ٠٠ والعنف لا يلو إلا المزيد من العنف ٠٠ والذى فعلته اسرائيل فى الثلاثين عاما الماضية وفى الأيام القليلة الأخيرة سيضاعف المرارة والحقد ٠٠ واسرائيل التى اضافت ارضا لم تضف أمنا ٠٠ والتى أراقت دما ، لم تجفف دمعا إنه نفس الطريق الذى يبدأ بالدم والدمع ، وينتهى إن انتهى بدماء بريئة ودموع أكثر براءة ٠٠ وهذا ما أردت أن أضع نهاية له يوم طالبت باتفاق سلام ، يوم طالبت بفك الاشتباك وفتح قناة السويس ، ويوم تقدمت بمبادرة السلام لهذا الجيل من شعبنا وللعالم كله ولأجيال قادمة ويجب ألا نيأس من الدعوة الى السلام ويجب ألا نتوقف ، فهذا قدرنا وكل يوم يمضى هو موعدنا مع القدر وهى أمانة التاريخ تحملناها ومن اجل ذلك فهى شرف اليوم ومجد الغد
سؤال : أنت اعلنت قبولك لمؤتمر قمة جديد ولابد أن هذا المؤتمر سوف ينظر فى الغزو الاسرائيلى لجنوب لبنان ولكن لوحظ أن استجابة مصر لانعقاد المؤتمر كانت فاترة ٠٠ او كان معناها أن انعقاد المؤتمر يعادل عدم انعقاده تماما ٠ وأنه لا شىء يمكن أن يسفر عنه إلا اذا كان هذا الذى أقوله مجرد انطباع شخصى وانسياق عام وراء المواقف السلبية والمتناقضة فى العالم العربى ؟
الرئيس : كان رد مصر أنه لا مانع من انعقاد أى مؤتمر ، فنحن نرحب بذلك وليس جديدا علينا أن نجتمع وننفض وأن نقول ونطيل فى القول وأن نتحمس وأن نرى المزايدات تؤدى الى التناقضات والتناقضات تدفع الى التمزقات ويعود العرب بعد المؤتمرات اسوأ مما كانوا قبل ذلك ٠٠ ما لم يكن كل شىء واضحا تماما ٠٠ مالم تكن النية صادقة والهدف ناصعا ولكن الآن ما الذى نراه ؟
لقد تحدثت قبل ذلك عن التمزق العربى الذى ليس جديدا على أحد كان قبل حرب اكتوبر واثناءها وبعدها وقبل المبادرة واثناءها ولايزال فعلا شىء قد تغير أمامنا عما كان عليه ذلك٠ صحيح أن الدعوة الى عقد مؤتمر للقمة صدرت عن نية طيبة وأن السعودية والكويت واليمن الشمالية صادقة العزم فى ذلك ولكن الحديث يقول أن الطريق الى النار محفوف بالنيات الطيبة وهكذا أرى ماسوف يكشف عنه هذا المؤتمر ان عقد ، فهل تحضر دول الرفض ؟ واذا حضرت هل تغير رأيها فى أن الدول الداعية لانعقاد المؤتمر وبمنتهى حسن النية لاتزال قمة الرجعية والتخلف وعميلة لأمريكا ؟ واذا فعلت ذلك فكيف تواجه شعوبها ؟ هل تنافق الدول الداعية أثناء انعقاد المؤتمر ، فإذا انفض استأنفت حملاتها النابية ضد هذه الدول التى تصفها بالخيانة ؟
إن تجاربنا مع أنفسنا نحن العرب قد كشفت لنا كثيرا جدا ، إننا عادة ندعو الى مؤتمر قمة عندما يضيع الطريق تحت أقدامنا او عندما نجد الطريق ولا تسعفنا أقدامنا فنمشى عليه ، أو عندما نجد انفسنا عاجزين عن التفكير فى شىء أو التدبير لشىء أو عندما نحاول أن نلقى بالمسئولية على أكتاف الآخرين وبذلك نهرب من شجاعة المواجهة ونبل التضحية هنا فقط نجد اناسا منا يتحمسون لارتداء هذا الزى التنكرى الذى اسمه مؤتمر القمة ولا أفهم ما معنى مؤتمر يلتقى فيه قمة العرب بلا خطة واضحة ، بلا سياسة شامله مؤكدة ، بلا هدف عظيم ، إن مثل هذه المؤتمرات ليست إلا مظاهرة على أعلى المستويات ولكن ينبغى ألا نكون هكذا اذا ما نظرنا الى مضمونها، وما هو واجب علينا جميعا أمام شعوبنا وأمام الله وأمام التاريخ ، إن دهشة الأمة العربية لا يصح أن تنتهى وهى تنظر الى الذين خدعوها وضللوها عندما جعلوا مؤتمراتهم مؤامرات واتخذوا شعائرهم شعارات وارتضوا فلسفة خذ وهات ٠٠ فخانوا بذلك الملايين من أبناء امتنا العظيمة
سؤال : هل معنى ذلك أن مصر وافقت على الحضور ، وأنها سوف تراقب دون أن تشارك بشىء ؟ هل هو نوع من الرفض لأعمال المؤتمر أو جدول أعمال او مبرر انعقاده ؟
الرئيس : الموقف يحتاج الى توضيح ، فهذا المؤتمر اذا حضرته دول الرفض فمن الواجب على كل الدول ان تضع أمام العالم ما انجزته او ما تدعو اليه ٠٠ وأن يكون كل شىء اسمه الحقيقى ، أما مصر فلديها كل ما هو ضرورى وزيادة ٠٠ فنحن عندنا استراتيجية واضحة ، عندنا وثائق ثابتة ، عندنا الخطاب الذى القيته فى الكنيست أمام شعب اسرائيل وامام مئات الملايين من المشاهدين للتليفزيون فى العالم كله وطالبت يومها وقبلها ومازلت بأقصى ما تتمناه الأمة العربية كلها واشهدت العالم على ما أقول وشاركنى العالم كله فى مبادرتى الدول الأوروبية كلها حتى دول الشمال الاسكندنافية التى ليس من تقاليدها أن تشارك بصورة قاطعة فى المشاكل السياسية وخاصة اذا كانت اسرائيل طرفا فيها وكذلك امريكا فقد كان موقف الرئيس كارتر وحكومته واضحاً تماما ، موقفه من الانسحاب الشامل وموقفه من الوطن الفلسطينى ، موقفه من المستوطنات ، وموقفه من القرار ٢٤٢ ثم إننى كشفت حكومة اسرائيل وخصوصا مناحم بيجين الذى لايزال يقاوم ويراوغ وهو الآن يلقى معارضة من أشد الناس حماسا له
وعندما يذهب حسنى مبارك نائب رئيس الجمهورية فسوف يضع كل هذه الوثائق الدامغة أمام الملوك والرؤساء واذا كان قد فات البعض أن يسمع ما قلته فى مئات المناسبات العالمية ، فهذه فرصة مواتية ليستدرك ما فات ٠٠ وعلى بقية الدول التى تدعى حماية الحق العربى والوطن الفلسطينى أن تقدم كشف حسابها امام العالم كله
سؤال : ولكن فى مؤتمرى قمة الرياض والقاهرة أضافت الدول العربية " شرعية " على ما قامت به سوريا فى لبنان عشرين شهرا ، ومعنى ذلك أنه من الممكن أن يعقد أكثر من مؤتمر ولا يطلب من أحد أن يقدم حسابا ، وانما يكتفى بأن يبارك ماقام به من أعمال مهما كانت صارخة كالذى فعلته سوريا فى لبنان وفى المقاومة الفلسطينية خوفا من تصدع الوحدة العربية ... فكيف يستطيع مؤتمر القمة القادم أن يلزم أحدا بأن يقدم حسابا عن الذى فعله أو عن الذى امتنع عن فعله ؟
الرئيس : اعترف بأن الملوك والرؤساء قد جاملوا سوريا كثيرا جدا على حساب لبنان والمقاومة الفلسطينية وأرى أننا جميعا بدرجات مختلفة مسئولون عن نتائج ما حدث ولكن حساب الشعوب لقادتها مفتوح دائما واذا أمكن تأجيله بعض الوقت فلا يمكن ان تطوى صفحة لم يجف مدارها الدموى بعد فقد كشفت حوادث لبنان الأخيرة عن نيات اخفاها الزعماء عن الشعوب ، فهل تعرف الشعوب العربية ان اسرائيل قد عرضت فى تليفزيونات العالم كيف ان دبابتهم لقيت ترحيبا فى جنوب لبنان ؟ من المؤكد أن الزعماء السياسيين يعلمون ذلك تماما فهل تدرى الشعوب ؟؟ وهل أدركوا معنى ذلك ؟؟ ان قوات سوريا عندما دخلت لبنان كان لتحقيق هدفين
أحدهما الحفاظ على استقلال لبنان وثانيهما حماية المقاومة الفلسطينية فهل أبقت القوات السورية على شىء من ذلك ؟ هل حققت للبنان وحدة الصف والتراب وهل صانت المقاومة الفلسطينية ؟مطلوب من الرئيس البعثى الرفيق حافظ الاسد أن يشرح ذلك كله للسادة أعضاء مؤتمر القمة وأن يوضح لنا جميعا وبشجاعة ما هى بالضبط أهداف سوريا فى لبنان ؟ ما الذى وما الذى تحقق بعضه؟ وما الذى فى نيته أن يحققه ؟ نريد أن نعرف والشعب العربى كله أيضا ونريد أن يوضح لنا اختياره لكميل شمعون عميلا له ، وهو العميل الأول بين العرب والرجل نفسه قد اعترف بذلك واذا حاول أن ينكر فى ايدينا وثائق حلف بغداد وكيف قاوم حتى سقط ٠
ولايزال كميل شمعون وشركاؤه واتباعه من المارون على علاقة خاصة ممتازة بالرئيس البعثى الرفيق الاسد ولذلك فقد قوبل كميل شمعون كثيرا فى دمشق مقابلة حارة وقد فاتت دلالتها على ملايين العرب الذين لا يحللون الأحداث السياسية تحليلا علميا ، وإنما يستسلمون لما يرون وما يسمعون ، ويكتفون بهذا القدر من العناء اليومى ويتجهون الى شئ آخر يشغلهم أو يسليهم او يلهيهم عما هم فيه ٠
سؤال : هل معنى ذلك أن هناك اتفاقا ما بين كميل شمعون والرئيس الاسد على خطة لم تتضح بعد أو بينهما وبين بيجين خصوصا بعد موقف القوات السورية من الزحف الاسرائيلى على جنوب لبنان وتصفية المقاومة الفلسطينية أم اننى اسرفت فى تبسيط الأحداث أكثر مما تسمح المعطيات اليومية للمعارك فى لبنان ؟
الرئيس : عندما قلت إنه من المحتم على الرئيس البعثى الرفيق الأسد أن يشرح لأعضاء المؤتمر أهدافه بالضبط ، كنت اعنى كل هذا الذى تسأل عنه ٠
وأقولها بمنتهى الوضوح : فقد اطلعنى سيروس فانس وزير خارجية امريكا فى العام الماضى فى جانكليس على تعهد من بيجين رئيس وزراء اسرائيل بأن عليه التزاما اخلاقيا بحماية المارون وبعض المسلمين فى جنوب لبنان ، أى أن هناك اتفاقا بين كميل شمعون والاسد وبيجين على قيام الدولة المارونية بضمان اسرائيل وقد قرأت بنفسى طلب الزعماء الموارنة شركاء كميل شمعون وقرأت أيضا موافقة بيجين على ذلك ٠ وليس هذا شيئا جديدا وإنما هذه نهاية الجهود المبذولة سرا وعلنا بين اسرائيل وجنوب لبنان فمنذ اكثر من سنتين والاتصالات عادية وطبيعية بين جنوب لبنان واسرائيل ، هناك اتصالات تليفونية موحدة وشوارع مفتوحة وبيع وشراء وسياحة بل أنه من المعروف للعالم كله أن عددا كبيرا من الموارنة ومسلمى الجنوب قد ذهبوا الى تل ابيب ويافا وحيفا وسهروا وسكروا ولعبوا القمار ونشرت الصحف الاسرائىلية كل ذلك ٠٠ فلا استنكر أحد فى لبنان ولا اندهش احد فى اسرائيل فقد اصبح هذا النشاط يوميا وعاديا ، فهل هذا الذى فعله الرئيس البعثى الرفيق الاسد هو " توحيد " للبنان أم تمزق للبنان ام تآمر على أهلها وأرضها؟
هل يجرؤ الرئيس البعثى الرفيق الأسد أن يصارخ مؤتمر القمة ببقية أهدافه فى لبنان وغير لبنان ؟ هل فى نية الرئيس البعثى الرفيق الأسد أن يقيم الدولة العلوية ونحن نعلم أن حكم البعث السورى علوى أولا وبعثى ثانيا وسورى ثالثا
فإذا قامت الدولة المارونية والدولة العلوية هل يجرؤ احد مهما كان بعثيا متهوسا ان يقول لنا إن هذا الذى حدث هو توحيد للصف العربى ؟ إن فعل ذلك عدنا الى شكوانا القديمة التى تسبق مؤتمر القمة وتلحقه أيضا : إننا لا نسمى الاشياء بمسمياتها ولهذا السبب كنا دائما مخدوعين او خادعين
سؤال : اذا كانت هذه هى أهداف البعث السورى ولابد أنها واضحة لبعض الزعماء وإن لم تكن كذلك لمعظم الشعوب فما مصلحة الملك حسين فى هذا ؟ وما الذى دفعه الى أن ينحاز الى الرئيس الاسد وأن يتحفظ بعد ذلك فى مواقف عربية اخرى كثيرة ؟
الرئيس : ومطلوب ايضا من الملك حسين أن يوضح للمؤتمر ما الذى جعله ينحاز ثم ما الذى جعله ينأى بجانبه ؟ هل لأن الملك حسين قد أدرك عن يقين تام ٠٠ أن الرئيس الأسد قد عقد العزم على إقامة سوريا الكبرى ، فيضم ما بقى من لبنان بعد قيام الدولة المارونية مضافا إليها الاردن والدولة الفلسطينية وبذلك يجهز نهائياً على المقاومة الفلسطينية ويبتلع الشعب الفلسطينى وهى ولا شك خدمة جليلة نقدمها لاسرائيل
أما تسمية هذا العمل " العظيم " الذى يدخل به الرئيس الاسد التاريخ فعلى الشعب الفلسطينى المخدوع والمفترى عليه أن يختار له الاسم المناسب وحبذا لو وجد فى محاضر جلسات مؤتمر الرفض فى طرابلس اسما يتفق مع هذا المقام
سؤال : اذا كانت هذه هى خطة البعث السورى وكميل شمعون وشركاه ومناحم بيجين ... فلماذا كنا نتوقع من الجيش السورى أن يعترض الغزو الاسرائيلى لجنوب لبنان ؟؟
الرئيس : إن الغزو الاسرائيلى للبنان قد كشف كل دول الرفض وخاصة سوريا ، فقبل ذلك قرر المجتمعون فى طرابلس أن أى عدوان يقع على دولة منهم يعتبر عدوانا على الدول العربية الآخرى وقد وقع العدوان على الشعب الفلسطينى الذى هو طرف فى الرفض .. والذى نراه نحن جوهر المشكلة .. بمعنى أنه اتفقت اسرائىل مع كل دول المواجهة دون أن تحل المشكلة الفلسطينية . فلا سلام فى هذه المنطقة .. هذا موقفنا .. وهو موقف مبدئى ولكن الذى حدث هو ان كميل شمعون قد اتفق مع اسرائىل ، بعلم الرئيس البعثى الأسد .. وطلب حماية اسرائىل بعلم الرئيس الأسد .. ووافقت اسرائىل بعلم الرئيس الأسد .. ودخلت القوات الاسرائىلية واعتدت على جنوب لبنان .. وابادت الفلسطينيين .. ولم تتحرك سوريا فاستحقت سوريا عظيم الامتنان واصدق الشكر من قادة وزعماء اسرائىل ، وهذا معروف للعالم كله ، ثم لم تتحرك دولة واحدة من دول الرفض ، فاذا لم يكن مثل هذا الموقف قادرا على تحريكها جميعا ، فما هو الموقف المنتظر الذى سوف يهز وجدان هؤلاء الحكام الرافضين ؟ ما الذى يتوقعونه اعنف وابشع من ذلك ؟
اذن لقد خدعوا شعوبهم وكذبوا عليها .. وغرروا بالمقاومة الفلسطينية التى اشعر بالاشفاق عليها وارثاء لها .. وان كنت لا أجد مثل هذا القدر من الاحترام لعدد من قيادتها الجاهلة .. المضللة وليس لدى هؤلاء الرافضين جميعاً إلا ذلك التعبير السخيف الذى تعلموه من السوفييت وهو : الحل المنفرد .. أى أن مصر تقوم بحل منفرد مع اسرائىل .. فأين هو الحل المنفرد الآن ؟ ومن الذى يتفق ويتآمر ويقتسم الأرض العربية مع اسرائىل الآن ؟ .. ومن الذى سحق المدنيين فى لبنان والمقاومة الفلسطينية فى تل الزعتر ، وفى صور ؟
ان هذه اسئلة اجاباتها واضحة عند الملايين من ابناء الشعب العربى فى كل مكان .. فهل يجد الرئيس الاسد الشجاعة فى أن يوضح للملوك والرؤساء إن حضر المؤتمر ؟
سؤال : بالضبط ما هى الصلة الآن بين المقاومة الفلسطينية وبين مصر إن كانت هناك صلة ؟
الرئيس : لقد وصلنا النداء الذى وجهه ياسر عرفات الى الملوك والرؤساء العرب ، ولن تنسى مصر التزامها امام الشعب الفلسطينى رغم مواقف المنظمة من فك الاشتباك ومن مبادرة السلام .. وقد قالت مصر كلمتها بعد عملية تل ابيب .. واكدت مصر أنه لا سبيل الى تجنيب المنطقة إراقة الدماء والمرارة الا بالسلام .. ولا سلام إلا بحل القضية الفلسطينية ، وعلى الفلسطينيين أن يعرفوا الآن من الذى يعنى ما يقول فى كل الظروف .. ومن الذى يقف مدافعا عن حقهم فى الحياة وعن وطنهم .. وعن الحياة الكريمة لهم .. ومن الذى يضللهم ويبيعهم ويشتريهم ويسحقهم ويبيدهم ؟
إننى أعرف أن الفلسطينيين مغلوبون على امرهم - قلت ذلك مرارا - وقلت أيضا إن دول الرفض قد اضافت الى ذلك كل مشاكلها الداخلية والسياسية .. وكانت النتيجة هى هذا الاضطراب الفكرى ، وهذه الحيرة بين العواصم العربية ثم سيطرة الانحراف على سلوكهم العام ومع ذلك فمصر رغم اشياء كثيرة لم تغير موقفها ولن تغيره لأن هذا التزام وهذا مبدأ
سؤال : اشرت أكثر من مرة فى أحاديث سابقة الى أن مصر لا تمانع فى أن تعود العلاقات الطبيعية بين مصر والاتحاد السوفيتى واشترطت لذلك أن يكون الاحترام متبادلا بين الطرفين ، فهل طرأ شىء اكثر من مجرد هذا الاستعداد ؟٠ ام ان موقف السوفييت قد كشفته أحداث لبنان الأخيرة مع دول الرفض التى تكرر ما سبق ان اعلنه السوفييت من ان مصر تنفرد بالحل الى آخر التهم التى ترجع الى ما قبل حرب اكتوبر واثناءها وبعدها حتى اليوم ؟
الرئيس : لا شىء قد تغير ٠٠ ولكن حدث أننا اتصلنا بالدول الخمس الكبرى التى تملك حق الفيتو فى مجلس الأمن ولم نغفل الاتحاد السوفيتى طبعا والمضحك حقا انه عندما التقى وزير الخارجية المصرى بالسفير السوفيتى كان راديو موسكو يهاجمنا معلنا أن عملية لبنان هى نتيجة اتفاق بين امريكا واسرائيل ومصر ٠٠ أى أن الغزو الاسرائيلى لجنوب لبنان ووقوف القوات السورية تتفرج على احتلال لبنان وإبادة الشعب الفلسطينى ثم التسلل الذى اصاب كل دول الرفض ، كل هذا من أوله لآخره مؤامرة متفق عليها بين مصر واسرائيل وامريكا هل هناك سخف واستخفاف بعقول الناس اكثر من ذلك؟؟
وقد تحدث وزير الخارجية المصرى الى السفير السوفيتى وطلب اليه أن يبحثوا عن أسلوب آخر غير الاستهانة بعقول الناس وان يتجهوا مباشرة الى حمل مسئوليتهم ووقف المجازر الدموية فى جنوب لبنان فموقف السوفييت لم يتغير انهم يرون مصر ليست ذيلا للسوفييت فهى إذن ذيل لامريكا ونحن لا ذيل للسوفييت ولا ذيل لامريكا ولكننا الذيل والراس والعقل والقلب لمصر ٠٠ وهذه مشكلتنا وبسبب حرصنا على هذه المبادىء دائما كانت متاعبنا مع الاتحاد السوفيتى وغيره فماذا فعل الاتحاد السوفيتى لوقف كل ما حدث فى لبنان ؟ ٠٠ إنه لم يفعل اكثر مما فعلته دول الرفض لا شىء ٠٠ ولو تساءلنا الآن من هى الدولة التى تستطيع أن تؤثر فى اسرائيل لكان الجواب : إنها امريكا بغير شك ؟
ولقد رأينا ما الذى فعله الاتحاد السوفيتى بعد مضى أيام من الغزو الاسرائيلى ٠٠ فالسوفييت على طريقتهم اغلقوا الابواب على انفسهم اربعة ايام يناقشون ويفكرون ويقررون ٠٠ بينما قررت امريكا الانسحاب الفورى من جنوب لبنان ، وإرسال قوات طوارىء دولية مؤقتة الى أن يتولى الجيش اللبنانى السيطرة على الموقف
وهذه هى امريكا التى تآمرت مع اسرائيل ومصر لاكتساح جنوب لبنان ، أليس هذا الذى يرددونه هذياناً فكريا ٠٠ وامتهانا لعقول الناس ؟ بينما نجد الرئيس كارتر قد اتخذ مواقف ايجابية ، وفى غاية الشجاعة وفى نفس الوقت تتهمه دول الرفض بالضعف والسلبية ؟ وعليهم الآن أن يسألوا عن المواقف الأكثر ايجابية والحاسمة التى اتخذها الاتحاد السوفيتى سيدهم ومولاهم فى الأيام الأخيرة وقبلها ! إنهم إناس لا يعرفون الحياء ٠ ولن ينصلح حال هذه الدول التى تسمى نفسها دول الرفض ، إلا اذا قيض الله لها حكاما آخرين اكثر صدقا واشجع قرارا وانبل هدفا
سؤال : هل حددت الدول الداعية الى عقد مؤتمر القمة مدينة القاهرة مكانا للاجتماع ؟ ٠٠ ام أنها لم تفعل ذلك لأنك اعلنت أن الذين شتموا مصر وأهانوا شعبها لن يدخلوها ؟؟
الرئيس : أنا أعلنت أنه لا مانع من الاشتراك فى هذا المؤتمر فى أى مكان ، وفى أى زمان ٠٠ ولم يحدد احد مدينة القاهرة ، وحتى لو اختاروا القاهرة فلا مانع ايضا ٠ ومادامت الجامعة العربية قد اتخذت مقرها القاهرة ٠٠ فلا مانع من دخولهم ولن امنع احدا
ولكن عندما أعلنت أن الذين شتموا مصر من الرؤساء والساسة لن يدخلوا مصر فكان قصدى أننى لن استقبلهم بما يستحقونه من الحفاوة الرسميه والترحيب الشعبى وأنما كأى مواطن عربى او حتى اجنبى لا ترى الدولة ضررا فى دخوله ولذلك سوف يدخلون القاهرة تماما كما يدخل أعضاء الامم المتحدة مدينة نيويورك التى هى مقر المنظمة الدولية واذا انعقد هذا المؤتمر فسوف نرى ما الذى يمكن او يستطيع احد ان يضيفه من مطالب ومواقف لما فعلته مصر عربيا وعالميا

محمد حسن ضبعون
21-06-2010, 06:43 PM
حديث الرئيس محمد أنور السادات
لمجلة اكتوبر
فى٩ أبريل ١٩٧٨


سؤال : سيادة الرئيس إن اللقاء السريع بينك وبين وزير الدفاع الاسرائيلي قد فتح علينا ابواباً للاجتهادات والأستنتاجات الكثيرة فمن بين ما قيل إن فايتسمان هذا هو " رجل السادات المفضل " أو أنه الشخص المرغوب فيه عندنا وفي ذلك إشارة الي أن هناك أشخاصا آخرين غير مرغوب فيهم ، وقيل إن السادات يريد أن يحدث صدعا في الحكومة الاسرائيلية .. وقيل إن بيجين قد أرسل وزير الدفاع الي القاهرة ووزير الخارجية الي أوروبا حتي لا تتسلط الاضواء علي احدهما دون الآخر وإنك تعلم هذه اللعبة جيداً ولذلك كان ترحيبك الشديد بفايتسمان في أي وقت ولأي سبب
الرئيس : لاحظت ذلك وربما كان سبب هذه الاجتهادات انني قد ابديت رأيي في عيزرا فايتسمان بعد زيارتي للقدس ، فقد رأيت الرجل في القدس ، علي إثر حادث أصابة .. وتحدثت اليه .. ثم رأيته في الاسماعيلية وقلت إنه رجل لطيف وإنه محدث مرح وإنني أحب هذا الطراز الجاد من الناس والمرح أيضا ، عندما تحدثت عن موشي ديان قلت إنه في اجتماعات الاسماعيلية كان مرنا ، وكان حريصا علي أن يجد نقط الوفاق وان يؤجل النظر في نقط الخلاف .. لعل هذه الملاحظات علي الرجلين ، أو علي فايتسمان بالذات هي التي جعلت الصحف تري أنه الرجل الذي افضل الحديث اليه .. ولكني اعلم يقينا أن القرار السياسي في النهاية سوف يكون لبيجين وهذا طبيعي وعلي الرغم من أننا اعلنا عن مضمون هذه الزيارة قبل أن يصل فايتسمان الي اسرائيل وقلنا بوضوح إننا نحاول أن نحرك السلام وإن كنا لم نصل الي اتفاق علي المباديء حتي الآن ، بل إنني ذهبت الي ابعد واوضح من ذلك عندما قلت إن رد بيجين علي مبادرتي بالسلام لم يصلني بعد فإن التكهنات لم تعرف لها حدا حتي الآن ، ولا أظن أنه في الامكان ان يقال كلام أوضح أو ما سوف تسفر عنه خيالات المحللين في الشرق أو الغرب بعد ذلك
سؤال : سيادة الرئيس عندما جاء بيجين رئيسا لوزراء اسرائيل أعلنت أن بيجين هو صقر الصقور أو أن اسرائيل ليس فيها حمائم او صقور وإنما كلهم صقور وعندما قابلت شاوسيسكو سمعت منه أن بيجين رجل قوي وانه يمكن التفاهم معه وانه اذا اقتنع فهو قادر علي اقناع شعبه بما يراه وكان رأي شاوسيسكو هذا أحد الأسباب التي عجلت باتخاذ قرار المبادرة لأنه يكفي ان يقتنع بيجين بالسلام ليقنع شعبه بذلك .. ثم قابلت بيجين في القدس وفي الاسماعيلية وانفردت به فهل ما يزال رأيك فيه كما كان في البداية أو أنه تغير في النهاية
الرئيس : كان من الضروري أن أعرف الكثير عن بيجين وهذا طبيعي فهو طرف في قضية السلام في الشرق الاوسط وهو الرجل الذي شاء لي القدر أن اجلس اليه وأن اتحدث معه وأن اعرفه عن قرب ليعرفني هو ايضا عن قرب ، ولابد أن شعبه قد اختاره لمزايا يراها فيه ولقد كان عليه اتخاذ القرار في قضاياه المصيرية فالشعب الاسرائيلي بأحزابه المختلفة لهم حسابات سياسية معقدة انتهت باختيار مناحم بيجين فهذا شأنهم ، وهذا قرارهم ولكن لابد أن نتابع ذلك وأن نرصده وأن نبني ايضا نحن علي ما نراه اليوم وغدا ولقد اعترف لي زعماء سياسيون في اسرائيل وفي امريكا أن المبادرة قد أخذت الرجل علي غير استعداد فلم يكن يتصور أنها ممكنه فلم يستعد للسلام قط .. لأنه رجل متشدد بتكوينه ، ولم يكن قد وضع في حسابه أن نخيره بين الارض التي احتلها والسلام الدائم للشعب الاسرائيلي ، فقد دارت في اسرائيل مناقشات عن الارض والسلام وكان من رأي بن جوريون : السلام اهم من الارض وكان من رأي موشي ديان وآخرين : أن أرضا بغير سلام أفضل من سلام بغير ارض .. يبدو أن مناحم بيجين قد اختار الارض والسلام معا مع أن معه الكثير من الارض المحتلة وليس عنده سلام فالأرض لم تعطه السلام وبارليف لم يعط اسرائيل الامان
ورغم أن مبادرتي قد " زلزلت " اسرائيل وهذا التعبير من عندهم وليس من عندي - فإن بيجين يقاوم الرأي العام في العالم كله من اقصاه الي اقصاه وبالذات الرأي العام اليهودي والرأي العام الامريكي والرأي العام الاوربي وهذا ما يجعلني اقول إن مبادرة السلام بدأت مصرية واصبحت عالمية .. ولا دخل لي فيها الآن ، إنها اصبحت من علامات العصر ومن ضروراته واصبح التزاما اخلاقيا واقتصاديا وسياسيا أن نحرص علي السلام من أجل شعوبنا ومن أجل العالم كله واصبحت هذه عقيدة الملايين من الناس .. وقد يكون من اهداف مناحم بيجين أن يجرنا الي مشاكل فرعية لنشغل تماما عن القضية الاساسية عن المباديء ولكن أري من واجبي أن نصبر قليلا وان نعطيه فرصة ليستوعب المبادرة المفاجئة التي كشفت تشدده وتعنته
ولأضرب لذلك مثلا واحداً : ففي الكلمة التي ألقاها بيجين في الاسماعيلية وصف حرب ١٩٦٧ بأنها حرب دفاعية وانهم من أجل الدفاع عن اسرائيل قد احتلوا سيناء والجولان وقطاع غزة ولم أشأ أن أعلق علي كلامه ورأيت أنه مضطر أن يقول ذلك لاعتبارات حزبية خاصة في اسرائيل ورأيت ان الخلافات الحزبية الكثيرة والائتلاف الحكومي المعقد يحتم عليه أن يقول علنا مالا يقوله سراً وأن هذه اساليب سياسية معروفة ورغم هذا كله فإن الرجل وبمنتهي الصراحة وللأسف لم يدرك أبعاده وفي نفس الوقت لم يدرك الي اي حد قد عرف العالم كله من الذي يريد السلام ومن الذي يخافه ؟ من الذي يريد الارض علي جثة السلام ومن الذي يريد السلام دون حاجة الي جثث ودماء
وليس من سلبيات المبادرة أن يقال : إن المبادرة قد كشفت الحكومة الاسرائيلية ، فعرف العالم ان اسرائيل عندما كانت تتهم العرب بأنهم يريدون الحرب ويريدون إلقاء اسرائيل في البحر كانت واهمة فنحن نريد السلام وعرضناه وذهبت الي ابعد ما يتصوره اي انسان في اي عصر إن بن جوريون نفسه كان يحلم بأن يري زعيما عربيا شجاعا يجاهر بالتفاوض مع اسرائيل وعاش ومات دون أن يري أو يسمع عن هذا الزعيم العربي وكاد بن جوريون يفعل ما كان يفعله الفيلسوف الاغريقي الذي امسك مصباحا في وضح النهار يبحث عن انسان وكانت مبادرتي التي تجاوزت كل حدود الخيال .. والتي انعشت أحلام الناس وجعلتهم يؤمنون بأن السلام ممكن وأن الحياة هبة يجب أن نحرص عليها وأنه ليس من الضروري أن يكون هناك ارامل ويتامي وجنازات وعويل في كل بيت ما دمنا قادرين علي أن نحقق بالعدل سلاماً للجميع
سؤال : سيادة الرئيس تقول ان هناك محاولات لإثارة قضايا جانبية لتشغلنا عن القضية الاساسية وأننا يجب أن ننتبه لذلك فهل تذكر شيئا مما كان يمكن أن نقع فيه ، او لعلنا وقعنا فيه دون ان ندري ؟ الرئيس : إن هناك بعض الحيل السياسية يلجأ اليها الرجال المتمرسون في المناورة والمداورة والمحاورة وهذه الحيل لكسب الوقت أو اضاعته علينا او لعلهم اذا استدرجوا اليها .. فقد ننتقل من خطأ الي خطأ وتستفحل الأخطاء وتتسع الشقة بين الاطراف وبذلك نتعاون علي خلق مساحات من سوء التفاهم الذي يؤدي الي سوء الفهم
مثلا : ما يقال من أن فايتسمان هو شخص اخترته انا ولم اختر سواه وأن بيجين يبعث به من حين الي حين ثم يرتبون علي ذلك نتائج بعيدة او ما يقال - وهذا قرأته من أن بيجين قد استعان باثنين ليست بينهما مودة فهما عديلان : فايتسمان وديان .. وانني عندما " احتضنت " فايتسمان فإنني أحاول أن اضرب ديان أو اضرب بيجين .. الي آخر " التعليقات " السياسية العجيبة ومن ذلك ايضا بعض العبارات أو الصفات التي جاءت علي أقلام الصحفيين المصريين مما اغضب بيجين وحاول أن ينقل ذلك الي الرأي العام الاسرائيلي أو اليهودي العالمي مع أنه من الممكن أن نجد شيئاً مماثلا او أسوأ غير التي اخترناها لحل مشاكلنا

وقد حاول بيجين - بشكل ما - أن يوحي بأن حكومة كارتر لا تريده أو أنها تضغط علي الشعب الاسرائيلي لتنحيته وسبب ذلك أن امريكا قد احسنت استقبال فايتسمان ايضا وقد أعلن الرئيس كارتر أن أحداً لم يقل ذلك وأنه لاشأن له بالسياسة الداخلية لاسرائيل
وكان المطلوب هو استدراج امريكا الي أن تجرح الشعور العام في اسرائيل وذلك بإشاعة تدخلها في شئونه الداخلية وأخطر من ذلك قضية اثيرت في فترة مبكرة وهي قضية المستعمرات الاسرائيلية في الأراضي المحتلة وما دار حولها من خلافات داخل الحكومة الاسرائيلية واختلفوا بشأنها فهناك رأي بضرورة التوسع فيها الآن - أي اثناء الكلام عن مؤتمر القاهرة واللجنتين السياسية والعسكرية
ورأي يقول : لا داعي للتوسع فيها أي أن موضوع بقاء المستعمرات او ازالتها ، ليس واردا ، انما الحوار كله حول الاكتفاء بما أقاموه من مستعمرات الي أن ينكشف الموقف
ورأي يقول : إن هذه المستعمرات ليست لها أية اهمية عسكرية .. إن خط بارليف نفسه لم يمنع طائراتنا ولا صواريخنا ولا جنودنا المشاه من الاختراق والقتال والانتصار بعد ذلك .. وتلقينا نحن . بمنتهي حسن النية قضية المستعمرات واستغرقتنا حتي أغرقتنا .. ونسينا القضية الأهم : الجلاء عن كل الأراضي المحتلة وليس فقط جلاء سكان المستعمرات عنها أو هدم المستعمرات أو فكها فبعض هذه المستعمرات من البيوت الجاهزة التي تم تركيبها ويسهل فكها عند الضرورة .. وعيزرا فايتسمان قد قال لي في الاسماعيلية وقال للفريق الجمسي
إن هذه المستعمرات ليست لها أية قيمة عسكرية .. ورغم كل الضمانات التي تقدمت بها وأعلنتها فإن بيجين ما يزال في حالة خوف شديد وقد تركز خوفه اكثر علي الضفة الغربية فهي مشكلة المشاكل عنده وهو مستعد أن يذهب الي أبعد مدي في التفاهم والاتفاق إلا ما يخص الضفة الغربية
سؤال : سيادة الرئيس .. اذا كان موقف بيجين لم يتغير وموقفنا نحن ايضا .. لأننا نطالب بإعلان مباديء . وهو يرفض ذلك . ونري أن حل مشكلة سيناء لا يستغرق وقتا ولكن لأننا ربطنا سيناء بالقضية الفلسطينية فلا حل لا لسيناء ولا الجولان ولا غزة ولا الضفة الغربية ... فما الذي نتوقعه ؟ وكيف نصل الي حل ؟ واذا كان بيجين يحاول عن طريق ارسال فايتسمان لنا او ديان مستقبلا ، أن يقول لامريكا إنه يريد أن تكون صلته مباشرة مع مصر ورغم ذلك فلم يحدث اي تقدم بل أنك أعلنت أنه لم يظهر " ارضية يمكن الوقوف عليها من جديد للتفاهم مع بيجين .. فما هو الموقف الآن ؟ وماذا بعد ؟
الرئيس : لقد قلت إن مبادرتي لم تعد مصرية .. او لم تعد ملكا لأحد .. إنها للعالم كله ولذلك فالعالم كله طرف بل إنني اذهب الي أبعد وأعمق من هذا فأقول : إنه في قضايا الحرب والسلام لا يوجد شهود عيان أو متفرجون ، وإنما نحن جميعا طرف واحد فالحرب تعم والسلام يعم أيضا .. والذي حدث في قضيتنا قد هز العالم كله
ولذلك لا يصح أن يتفرج العالم علي هذا الذي يجري في الشرق الاوسط ولكن علي الدول والشعوب التي ايدت المبادرة أن تدفع السلام وأن تضغط من أجل أن يتحقق ، ولم يحدث في التاريخ أن اهتز وجدان العالم كله لحدث قام به شخص واحد بالنيابة عن اربعين مليونا من المصريين كما حدث بسبب مبادرتي ، ان بعضهم قد وصفني بأنني ارتفعت بالبشرية الي القمر وأن بيجين قد نزل بها تحت الأرض .. ولكن الصحيح أنني قد اعدت الناس الي الارض .. فقد جاءت مبادرة السلام كالقمر اضاءت لنا الارض واضاءت لنا انفسنا .. وعرف العالم أننا جادون .. وأننا مخلصون .. فلا خوف من أنها كشفت عن وجوهنا المشرقة الصادقة .. وانما يخاف من الضوء : اللصوص والانتهازيون والمضللون ، وليس في كل ما قمنا به شيء واحد يمكن اخفاؤه فقد جاء كل شيء علنا .. الكلمات عالية وعلنية .. حتي الهمسات كانت دويا عبر الاقمار الصناعية .. بل إن هناك رأيا آخر يقول إنني مثل اول انسان نزل علي القمر .. وإن هناك محاولات شديدة من بيجين لإخفاء القمر . او تكذيب هذا الذي حدث .. فكيف يمكن أن نطفيء القمر واذا أمكن فكيف نمحو ذلك من عيون الف مليون من سكان الارض رآوني في لحظة واحدة ؟
الحل هو أن يقف العالم كله يؤدي واجبه الأخلاقي من أجل السلام ومن أجل العدل وفي نفس الوقت يجب ألا نقف نحن ايضا متفرجين لأنها قضيتنا في الدرجة الاولي ولذلك فنحن أولي برعايتها وحمايتها والدعوة لها
ثم إن امريكا هي صاحبة الدور الأكبر في عملية السلام أو التمهيد له وتحقيقه في النهاية فأمريكا ليست حكما في مباراة ولا متفرجا ولا وسيطا متطوعا وإنما امريكا شريك لأنها هي التي تطعم اسرائيل وتنفق عليها وتحميها لاعتبارات خاصة .. وكل ذلك معروف للعالم كله
سؤال : سيادة الرئيس .. أعلنت منذ وقت مبكر جدا أن اوراق اللعبة في يد امريكا .. وأن ٩٩ % من الأوراق في يدها وتضايق كثيرون من هذا التعبير ورأوا فيه إلغاء لدور الاتحاد السوفيتي ودور الدول العربية ودور مصر ايضا وأن مثل هذه العبارة هي مقامرة منك لأنك قد سلمت القضية كلها لامريكا ولم تترك للعالم كله وللعرب ولمصر إلا ورقة واحدة .. فهل لا يزال هذا رأيك أيضا؟ الرئيس : بل إنني اضيف الي ذلك أن ٩٩.٩ % من اللعبة قد أصبح الآن في يد امريكا ولا مبرر لأن يغضب احد خصوصا اذا عدنا الي الحساب السياسي فرأينا معا كيف سارت الاحداث وكيف يمكن أن تسير اليوم وغدا ولنفعل الآن ما نفعله في الريف عندما يريد الواحد منا أن يقفز فوق احدي القنوات فكلما كانت القناة واسعة ، كان لابد أن يتراجع الي الوراء اكثر
فلنرجع الي الوراء ونعيد النظر الي ما نعرفه وإن كنا ننساه في زحام الاحداث والتعليقات والتخمينات والشائعات ونقول : إن امريكا لها علاقة خاصة جدا باسرائيل هذه حقيقة .. ولولا امريكا ما عاشت اسرائيل لا أمس ولا اليوم ولا غدا وهذه حقيقة وتضيق الحكومات الاسرائيلية بهذه الحقائق فليكن ولكنها حقيقة وهناك مئات الامثلة التي تؤكد أن قلب اسرائيل يدق في امريكا ، أي أن شرايين الحياة تجيء من امريكا وعندما كانت حرب اكتوبر تدخلت امريكا وانزلت قواتها وقال لي كيسنجر إن امريكا لن تسمح بهزيمة لاسرائيل وهذا معروف ، وحدثت الثغرة وكان من الممكن أن نبتلع هذه الثغرة بما فيها من ٤٠٠ دبابة وعشرة آلاف جندي ولكن كيسنجر قال لي : وزارة الدفاع الامريكية ستتدخل لا محالة
وعندما حدث فك الاشتباك الأول كان نص السطر الاول يقول : اقتراح امريكي لفض الاشتباك بين الطرفين وبعد ذلك جاءت سياسة المكوك او الخطوة خطوة بين اطراف القتال واسرائيل وتفلسف الانهزاميون وتجار الكلام من اصحاب الأقلام وقالوا : إنها قطعة سلام مقابل قطعة ارض .. وحدث فك اشتباك آخر... وكلها جهود امريكية في الدرجة الاولي وشاء القدر أن أكون صديقا لكثير من زعماء العرب والعالم قبل حرب اكتوبر مما أدي الي تضامن عربي - اوروبي - افريقي وكان هذا التضامن الرائع سندي في القتال حتي تحقق لنا النصر الذي لم يكن يتوقعه احد والزلزال الذي مازال يئن منه

محمد حسن ضبعون
21-06-2010, 06:45 PM
حديث الرئيس محمد أنور السادات
لمجلة اكتوبر
فى١٦ أبريل ١٩٧٨


سؤال : سيادة الرئيس : فى أول حديث لك مع " جيروزاليم بوست " الاسرائيلية أعلنت وانت تشير الى بحيرة ناصر أنك تريد السلام لكى تتفرغ لمشاكل الطعام فى مصر .. وقلت إنك تريد أن تبيع أسماك بحيرة ناصر كما تبيع اسرائيل اسماكنا من بحيرة البردويل وفى نفس الوقت أعلنت أيضا فى مجلة "اكتوبر " أنه ليس عندك أى أمل فى ان تعلن اسرائيل مبادىء تحقيق السلام .. فهل كانت مصادفة أن يرتبط الأمن الغذائى بالسلام بمعنى أن يكون السلام شرطا لتحقيق الأمن فى الداخل والخارج ؟
الرئيس : إعلان ذلك فى وقت واحد مصادفة ، ولكن مشاريع التغذية والبناء الداخلى عموما لم تفارقنى لحظة واحدة وقد أعلنت عن آمال مصر سنة ٢٠٠٠ وجاء ذلك فى ورقة اكتوبر وقلت : إن الخطر الحقيقى على أية أمة هو ان تتعثر خطواتها فى الخروج من دائرة التخلف وأنها لمهمة صعبة جدا ولكنها ليست مستحيلة اذا ما نحن نذرنا انفسنا لها جميعا
فعندنا رصيد عظيم من التجارب فى كل المجالات ، ولدينا الكفايات والامكانيات .. لو أننا جندنا كل ما لدينا وكل من لدينا من أجل هذه المهمة وفى الاتجاة الصحيح ، فسوف ننجح بإذن الله ولا شىء يضايق الانسان إلا أن يجد نفسه امام مشكلة صعبة او عسيرة الحل ثم لا يجد لها حلا أو لا يجد منها مخرجا فاذا عرفنا أن الكثير من المشاكل تتراكم بعضها فوق بعض وتصبح عائقاً امام أى حل او أمل فى الحل ادركنا جسامة الصعوبات الفادحة وفداحة اليأس من حلها
ولكننا عرفنا كيف نجتاز الموانع المادية من اجل التغلب على الموانع النفسية ايضا .. وأروع دليل على ذلك عبورنا لقناة السويس مرة اخرى من تحتها الى سيناء .. وفى ذلك اشارة مؤكدة الى اننا اذا عزمنا .. عن علم وايمان .. فسوف نصل الى ما نريد
واسرائيل لم تضيع وقتها فهى الى جانب الاستعداد العسكرى الهائل فانها تستفيد من الارض التى احتلتها ومن البحر والبحيرات .. وهى تستطيع ذلك لأن مواردها من المال والسلاح والخيرات الاجنبية لاتنفد .. بينما نحن مواردنا محدودة .. وهذه الموارد قد استنفدناها فى الاستعداد والإعداد لحرب ضرورية لاسترداد حقوقنا بالقوة .. لكن اذا وجدنا سبيلا آخر الى استرداد الحق فى ظل القوة .. فيجب ألا نتردد فى ذلك .. فكانت مبادرة السلام أسلوبا نبيلا فى تحقيق السلام بغير حرب ، وتحقيق الأمن بغير دم وتوفير المال والعرق لكى ننفقها جميعا من اجل الطعام .. اطعام أربعين مليونا من المصريين . وابن خلدون هو الذى قال لنا إن العمل هو نهاية الفكرة .. أو بعبارة اخرى أن الامل هو بداية الفكرة .. والعمل نهايتها .. فنحن آمالنا فى الله عظيمة أن نزرع ونطعم شعبنا ، ولذلك فكرنا ودبرنا وحشدنا علماءنا فى كل ارض لكى يفتشوها ، تحتها وفوقها لعلنا نهتدى الى مزيد من الطعام لكل هذه الافواه وسوف تنتهى هذه الافكار العلمية المدروسة بالعمل الجاد استنادا الى احدث ما اهتدت اليه بيوت الخبرة العالمية فقد اعطيناها كل تصوراتنا للارض والماء والمعادن والجو والمواصلات والمساكن ولذلك سوف تكون بداية الطريق والطريق نفسه الى الامن من الجوع مشرفة ومذهلة ايضا
سؤال : سيادة الرئيس .. كانت لدينا مشاريع اخرى وتعلقت بها أحلامنا ايضا .. ورأينا فيها تجارب رائدة .. مثل مديرية التحرير والوادى الجديد نفسه ولكن بعد وقت قصير انهارت هذه الآمال العريضة امام التكاليف الفادحة ... فما الذى اتخذناه هذه المرة حتى لا يتكرر ما حدث وحتى لا تصدم الناس فى آمالهم واحلامهم مرة اخرى ؟
الرئيس : اعرف جيداً ويعرف كثيرون غيرى أن مديرية التحرير قد تكلفت اكثر من ٦٠٠ مليون وجاء عائدها تافها واعرف ايضا ان الوادى الجديد كانت له اخطاء رغم أنه مشروع عظيم ومن بين هذه الاخطاء أن جانبا من المشاريع الزراعية كانت بعيدة عن خزان المياه الجوفية ، مما أدى الى بوار الارض التى كان مفروضا أن تتحول الى جنات تتفجر من تحتها عيون المياه الهائلة ومن الاسباب ايضا عدم الاستمرار ، اى عدم المتابعة واغفالها ونسيانها تماما فلم ير ابناء الوادى الجديد لا موظفا كبيرا ولا مسئولا فأحسوا وهم معذورون أنهم خارجون عن مصر او انهم ليسوا منها .. لقد كانوا بعيدين عن عيون مصر .. فأصبحت بعيدة عن قلوبهم - مع الاسف - وبزيارتى هذه المرة وزيارات قادمة لن نقع فى نفس هذه الاخطاء وقد درس الخبراء فى وزارات الزراعة والرى والاسكان ومعهد الصحراء مناطق الوادى الجديد التى رأيتها وحسبوها بمنتهى الدقة ووضعوا الخطط العلمية الشاملة واحتمالات النجاح والفشل بل احتمالات النجاح فقط لأن الوفاء بما تعهدنا به ، الارض والمياه شىء مذهل حقا وما نسميه الوادى الجديد الآن هو هذه المنخفضات المشهورة : واحات الخارجة والداخلة والفرافرة وما بينها من وديان اما واحة سيوة فهى تابعة لمحافظة مطروح وواحة البحرية تابعة لمحافظة الجيزة وهذا الوادى الجديد يساوى بالضبط ٤٠ % من مساحة مصر و٦٥ % من صحاريها .. وهذا الوادى هو كل الارض التى يقل مستواها عن ٢٠٠ متر فوق سطح البحر
أما منخفض القطارة فهو يصل فى انخفاضه عن سطح البحر الى ٨٠ مترا وهذا المنخفض له مشاريع خاصة ولذلك لا علاقة له بالوادى الجديد وقد مررت على هذه الواحات ورأيت أهلها وأرضها وطرقاتها أو على الاصح حاجتها الى مزيد من المواصلات البرية والجوية التى تربطها بعضها ببعض وبالوادى القديم وبالبحر الاحمر .. وتربطها بطريق الاربعين وهو طريق القوافل بين مصر والسودان واذا ما تيسرت المواصلات أقام الناس وترابطوا
وهناك عبارة تقول : إن الحضارة نفسها هى المواصلات ، وهذه العبارة صحيحة ، ولذلك وجدنا الحضارات الشهيرة تقوم فى وديان الانهار حيث يتولى النهر ربط الناس بعضهم ببعض .. فهو طريقهم البرى والمائى وهو ايضا مصدر حياتهم وآمالهم .. ولذلك عبدت الحضارات القديمة الانهار وكل مصادر الحياة الاخرى : كالشمس والهواء والماء والارض وحيوانات الحقل
سؤال : سيادة الرئيس .. هناك ما يشبه المزايدات بين بعض المسئولين بمنتهى حسن النية طبعا.. عن مساحات الارض التى تمكن زراعتها حتى نهاية القرن .. فهاك من يقول إنها مليونان من الافدنة ومن يقول ثلاثة واربعة وستة ملايين مع أننا لو افلحنا فى زراعة مائة الف فدان فى السنة الواحدة لكان انجازا عظيما .. ألا ترى سيادة الرئيس أن مثل هذه الارقام بدلا من ان تدعو الى الأمل فانها تدفعنا الى اليأس لانها تكرر نفس النغمة القديمة التى لم يتحقق بسببها إلا القليل ؟
الرئيس : ولذلك فأنا ادعو الى الاحتراس الشديد فى اعلان مثل هذه الارقام وأرى أنه يجب الا ننساق وراء آمالنا فنجنى بذلك على آمال الناس فالمشكلة التى امامنا خطيرة وجليلة فنحن فى ٢٥ عاما لم نصلح سوى ٩٠٠ الف فدان فى حين أن اسرائيل ارتفعت بارضها المزروعة من ٧٥ الف فدان الى ٤٠٠ الف فدان مع الفارق الهائل فى مساحة ما لدينا واحتياجاتنا وعددنا والكفاءات المتوافرة لدينا
ولذلك يمكن أن نقول دون مجازفة إن من آمالنا زراعة مليونين ونصف فدان حتى نهاية القرن او اكثر قليلا وهذا فى حد ذاته إنجاز عظيم جدا ، وليس هذا فقط بل أن هناك مشاريع اخرى تتعلق بالمعادن والمساحات المائية وكذلك الخدمات كل ذلك من الضرورى أن يتساند بعضه على بعض وأن يأخذ بعضه بيد بعض من أجل تحقيق الوفرة والرخاء لشعبنا فاذا نظرنا الى واحة الفرافرة وحدها نجد أن سكانها ١٢٠٠ نسمة وبها ثلاثة ملايين ونصف المليون من الأفدنة والصالح منها للزراعة ٧٠٠ الف فدان بينما المزروع حاليا حوالى ١٥٠فدانا
وواحة الداخلة بها مليون وربع مليون فدان والصالح منها ٤٠٠ ألف ، والمزروع تسعة آلاف فدان فقط والمسافة واسعة بين الارض التى تصلح للزراعة وبين اصلاحنا لها فعلا فهذا الاصلاح يحتاج الى مجهود فردى وجماعى هائل ويحتاج الى خبرة والى مال والى وقت والى خدمات وما دمنا قد اخترنا التكنولوجيا المعاصرة فيجب أن نحترم العلم الحديث ووسائل تطبيقه لآمالنا فلن يذهب الفلاحون الجدد الى هذه الارض بدون مواصلات ولن يذهبوا دون أدوات زراعية حديثة ولن يقبلوا ولا نحن نقبل أن يكونوا فى عزلة عن مصر وعن العالم بل إن الملاحظ الآن أننا كلما مددنا طريقا من الاسفلت بين الواحات اقام البدو والفلاحون على جانبيه وهذا طبيعى ، وربما أدى ذلك الى تفسير لماذا نجد واحة البحرية التابعة لمحافظة الجيزة لا لشىء الا انها على صلة برية بها وكذلك واحة سيوة وارتباطها بريا بمطروح ولنفس السبب يجب أن ترتبط كل هذه المناطق الرائدة لثورتنا الخضراء بالوادى القديم والبحر الاحمر وكل مصر والعالم ايضا
سؤال : سيادة الرئيس ألا ترى أن هذا الامتداد او هذا التوسع الزراعى والصناعى الى الغرب معتمدا على احدث اساليب العصر يقتضينا أن نعيد النظر فى مضامين كثيرة من بينها العناية بالتعليم الزراعي او الفنى والتوسع فى ذلك او ما يسمى بقانون " الخدمة العامة " الذى هو شرط اساسى يسبق تعيين اى خريج جامعى فى أى مكان وأن تكون الخدمة العامة فى مثل هذه الاماكن الجديدة من مصر وأن تكون الخدمة العامة واجبا قوميا للمساهمة فى بناء وزراعة الوادى الجديد وفى بحيرة ناصر وما حولها وعند شواطىء البحر الاحمر ؟
الرئيس : إن هذه قضايا واردة وسوف يعرض على مجلس الوزراء أن يعيد النظر فى قانون الخدمة العامة وإن كنت ابادر الآن فأدعو ابناء مصر لزيارة هذه المناطق من بلادهم لمعرفتها على حقيقتها ولكى تأخذهم روعة المناظر الجميلة والارض المزروعة والمناجم الغنية واعظم من ذلك أن يجدوا مواطنين قد تفرغوا دون صورة او صوت لهم لخدمة مصر وهم سعداء بذلك إننى ما ازال اتغنى باستاذ كبير فى واحة البحرية أقام لنفسه مزرعة نموذجية وهو سعيد بها - وأنا أيضا - كما أننى رأيت احد ابناء الوادى تخرج فى الجامعة وقرر أن يعيش ليزرع وينتج وهو بذلك نموذج يجب أن يحتذى وأن يتكرر ومصر فى حاجة الى الأيدى العاملة والعقول المفكرة فمشاريعنا كثيرة وآمالنا عريضة وليس من المستحيل أن نحقق كل ما نتمناه لانفسنا ولشعبنا
فهذه ارض مصر لابنائها فليملكوها وبذلك تكون مصر قطعة منهم كما أنهم قطعة منها وسوف نعطى لكل فلاح أرضا لا تقل عن عشرين فدانا وسوف نساعده على زراعتها وحمايتها وسوف نفجر له المياه من الارض واذا اراد احد او شركة او هيئة مصرية او اجنبية أن تختار مساحات أكبر فسوف تضع تشريعا خاصا يرفع الحد الاقصى للملكية تشجيعا على التنافس من أجل رفاهية مصر
ولقد صدق الله العظيم عندما قال : " وجعلنا من الماء كل شىء حى " فالوادى الجديد ليس فى حاجة الى شىء : التربة حمراء قوية والماء متوافر تحت هذه التربة فهناك خزان للمياه الجوفية يكفينا لمدة ٧٠٠ سنة والمياه تخرج من الخزان بالدفع وليس بالرفع - اى بالدفع الطبيعى فترتفع الى اربعين مترا وليس بالدفع بواسطة المضخات وهناك عيون حفرها الناس وهناك آبار عميقة
ومن الغريب ان الفراعنة قد عرفوا ذلك من الوف السنين ، فعرفوا كيف يصونون مياه النيل اى يقيمون هناك أدلة أثرية على أن الفراعنة عرفوا العيون وخزانات المياه ومستودعات الغلال بل إن المؤرخين اطلقوا على مصر اسم " سلة خبز " الامبراطورية الرومانية وقصة النبى يوسف عليه السلام تؤكد أنه عندما حدثت مجاعة الغلال فى فلسطين جاء ابوه واخوته يشترون القمح من مصر ورمسيس الثانى طلب ان ينقش على معبد ابى سمبل أن الالهة قد وعدوه بأن تتغطى الارض بالقمح - وان ترتفع سنابله الى السماء ، ولكن عرفت مصر الجوع بسبب قحط النيل - أى انخفاض منسوبه ولذلك قرأنا انه فى عهد رمسيس التاسع حدثت قصة مضحكة أن احد لصوص المقابر ضبطوه يسرق قمحا فاعترف بأنه دخل المقبرة وسرق القمح وقال لولا أنهم ضبطوه لتركه فى مكانه ولكن شخصا آخر هو الذى غرر به وشجعه على ذلك والقصة مليئة بالمعانى فهى تصور ما الذى يفعله الجوع بالناس وفى نفس الوقت تصور ان التنصل من الغلط وإلقاء اللوم على الآخرين قديم ايضا ؟ ومحافظة الوادى الجديد عندما اختارت لنفسها شعار سنبلة القمح على ارضيه بيضاء فوق موجات زرقاء فقد اكدت هذه المعانى : إن الصحراء تنبت القمح الممتاز من خزانات المياه الجوفية ومن الواجب أن نحتاط وأن نتحفظ فى إطلاق كثير من الاحكام - وليس معنى ذلك أن الأمل الذى نعطيه نسترجعه مرة اخرى بالطبع لا : فقد ذهب العهد الذى تكلفنا فيه جميعا بتأميم آمال الناس .. وانما اردت أن ادعو الى أن نطيل السمع الى الخبراء فى الزراعة والرى والاسكان والصناعة
سؤال : سيادة الرئيس .. هل المقصود بالتحفظ هنا أن تراجع بيانات الزراعة او بيانات الرى .. او التخطيط الاقليمى للمنطقة كلها .. او التهجير السكانى او زراعة القمح دون سائر الغلات الاخرى ؟
الرئيس : اقصد أن هناك اجتهادات بين خبراء المياه فيما يتعلق برى التربة : فالوادى الجديد سوف يعتمد فى الدرجة الاولى على المياه الجوفية وليس على مياه نهر النيل بل إن المياه الجوفية لا علاقة بها بنهر النيل مطلقا لأن هذه المياه تجيء من تشاد وتجىء من اواسط افريقيا .. وهى على مسافات متباعدة من سطح الارض والمستوى القريب منها هو الذى تصل اليه الآبار التى يحفرها الاهالى والمستوى البعيد تبلغه الآبار التى تقوم بحفرها الدولة فالبئر الواحدة كانت تتكلف من عشرين عاما ثلاثين الفا من الجنيهات
أما التحفظ فسببه أن لنا عادات فى رى الارض غير علمية تقوم على الاسراف الشديد فى غمر الارض بالمياه دون أن تكون الارض فى حاجة الى ذلك وهى فى الحقيقة ليست فى حاجة الى ذلك ، فمتوسط ما يروى به فدان القصب مثلا هو ٢٥ الف مترمكعب والحقيقة أن ما يحتاجه هو نصف هذه الكمية بينما نجد أن الأرض فى اسرائىل مثلا تحتاج الى نصف النصف .. بل لو اننا استخدمنا المعدل الاسرائىلى فى رى ارضنا لروينا ٣٥ مليون فدان ولذلك فأكثر مياهنا تتجه الى المصارف ومنها الى البحر بينما يمكن استخدام مياه الصرف مرة اخرى بخلطها بالماء الحلو أو دون خلط ولكننا لا نفعل ثم أننا سوف نستخدم الرى بالرش او التنقيط ويذهب بعض الخبراء الى أن أحد أسباب ضعف التربة وانهيارها فى الصعيد اسرافنا فى استخدام الماء مما أدى الى ارتفاع منسوبه السطحى والجوفى فأضعف التربة وأمات النبات ايضا
ولقدتحولت بعض الاراضى فى النوبارية وفى الوادى الجديد الى مستنقعات بسبب الاسراف فى استخدام مياه الرى وربما كان هذا تحفظاً شديداً ولكن لابد من الاحتياط فى استخدام الكثير ، حتى لا يصبح قليلا بعد ذلك إن الماء مشكلة الشرق الاوسط كله ولكنه ليس مشكلة عندنا فاسرائيل تضخ مياهها وترفعها من بحر الخليل فى انابيب تحت الارض قطرها ١٠٨ بوصات وتستخدم كل قطرة ماء بل إنها تستخدم المياه الشديدة الملوحة فى رى التربة وانواع من النباتات وتشرب من المياه التى قامت بتحليتها كما تفعل دول عربية كثيرة
بل إن هنا مشروعا فرنسيا فادحا لنقل جبال الجليد من القطب الجنوبى الى السعودية عبر المحيط الهندى والبحر الاحمر ويقال إن هذا المشروع سوف ينقل جبالا حجمها ثمانون مليون متر مكعب وسوف تتعرض هذه الجبال الى اشعة الشمس والى الموج والرياح والتيارات البحرية ورغم انها ستكون مغطاه بالبلاستيك الذى سمكه عشرون بوصة فسوف يصل نصفها الى الموانىء السعودية وسوف يتكلف لتر الماء بعد ذلك نصف دولار - وهو مشروع خيالى وفادح الثمن وليست عندنا مشكلة مياه نهرية او جوفية .. وانما المشكلة هى : الانسان او جهد الانسان ولكن مع الامل والعمل وحرصنا على أرضنا ورخائنا ومستقبل اولادنا ، سوف ننتصر على أنفسنا : على الخوف من الجوع والمرض والبطالة فالذى حققناه لانفسنا ولمصر وللامة العربية ليس بالقليل وان كان قد تحقق فى وقت قليل
سؤال : سيادة الرئيس أعود الى أسماك بحيرة البردويل التى تصيدها اسرائىل وتصدرها .. فرغم أننا نعلم هذه الحقيقة وان لدينا بحيرة أكبر وأضخم وأننا فى حاجة الى مزيد من الاسماك فإن الذى قيل عن مشروعات بحيرة ناصر كثير جدا والذى تحقق قليل أو لم يتحقق شىء حتى الآن .. وما زلنا نسمع عن الاسماك المتوحشة التى لا يصيدها احد واذا صادها فلن يتذوق لحمها الجاف
الرئيس : إننى اجد للناس الف عذر فهم فى حاجة الى الرغيف والى السكر والى اللحم والى الكساء والمسكن وأعرف الصعوبات اليومية واعرف تماما جنون الاسعار صاعدة دائما واعرف الطرق الملتوية التى يسلكها التجار ويستدرجون اليها المستهلكين وينفردون بهم
ولذلك فالناس ينتظرون الخلاص من هذا العناء الذى ليس محليا ولكنه عالمى ايضا وربما كان وصف هذا العناء بأنه عالم لا يخفف كثيرا من وقعه على الباحث عن الرغيف والسكن ولكننا يجب ان نحاول وان نتجمل بالصبر ونحن فى الطريق الصحيح الى حل هذه المشاكل سواء فى الوادى الجديد او بحيرة السد العالى او المناجم او على الشواطىء او تحت مياه خليج السويس
فالصيد فى بحيرة ناصر ما يزال بدائيا وما يزال الصيادون يعيشون كما ترى فى الافلام القديمة يأكلون وينامون فى زوارقهم وينتظرون السفن التى تنقل لهم الطعام والشراب وتأخذ صيدهم فى الوقت المناسب فاذا تأخرت عنهم ألقوا بالسمك فى البحيرة ، انهم مثل عمال " التراحيل " وفى الامكان التوسع جدا فى صيد اسماك البحيرة ونقلها الى القاهرة اذا استخدمنا الأساليب الحديثة فى صيد السمك وحفظه ونقله او تنظيفه وتخليصه من الاطراف والاحشاء التى نجعلها علفا للدجاج اذا ما وفرنا السكن والخدمات لعمال البحيرة وانه لشىء طريف حقا أن نجد فى احدى الواحات بحيرة مساحتها عشرون فدانا قد زرعوها بالسمك البلطى إنه نوع من الاكتفاء الذاتى وقد لجأت كثير من الدول الاسيوية حتى المطلة على المحيط الى هذا الاسلوب فنجد كل فلاح قد جعل امام بيته حوضا للاسماك يزرع فيه السمك لاستهلاكه الخاص ومن الغريب حقا أن هذه الاسماك الآسيوية اسمها " الاسماك النيلية " نسبة الى نهر النيل
وصحيح أن هناك قطارات تنقل الاسماك الى القاهرة ولكن حتى هذه الطريقة ما تزال بدائية لانهم يملأون احدى الضربات بالثلج فتصل اسوان بعد ان يكون قد ذاب نصف الثلج ويملأون النصف الباقى بالسمك ولذلك قدمنا مشروعا مدروسا وطرحناه فى عطاء عالمى وتقدمت اكثر من ستين دولة لصيد السمك وتصنيعه وبناء ميناء على البحيرة وسوف نشارك نحن ايضا بتقديم الخدمات والتيسيرات الاخرى وربما بدت هذه المشاريع كلها مساحات صغيرة على الخريطة ولكنها اعباء هائلة على الدولة يجب أن يساهم فيها الشعب والهيئات المصرية والاجنبية
فليس بالحكومة وحدها يمكن إصلاح كل اجهزة ولا زراعة كل الارض ، ولا صيد كل السمك واعود أنا أيضا الى أن اقول إن انشغالى بأسماك بحيرة البردويل التى استولت عليها اسرائيل لن ننساه بسبب انشغالنا باسماك بحيرة ناصر والبحر الاحمر وانما سوف نتذكر ذلك دائما وخير لاسرائيل أن تتذكر ايضا أننا استعدنا مساحة صغيرة من أرضنا ولكن كثيرا جدا من كبريائنا اما اسرائيل فقد استولت على كثير من أرضنا ولا يعادل الارض التى استولت عليها ، إلا القلق الذى استولى عليها فالارض لم تعطها الامان واسماك البردويل لم تحقق لها الأمن الغذائى ولا الأمان فهى تعيش على رغيف امريكا وزيتها وصاروخها وفلوسها ايضا وحتى لا نعتمد على غيرنا فى أكثر ما نحتاج اليه من الضروريات نحن فى حاجة الى تكثيف الجهد لنضاعف الانتاج وقد افلحت دول كثيرة فى زيادة انتاجها اليابان ضاعفته ست مرات وبلغاريا ضاعفته اربعين مرة فالعلم لا يعرف المستحيل ، ولكن لا علم بغير انسان او بغير جهد انسانى وفى ذلك فليتنافس المتنافسون

faten forever
21-06-2010, 06:45 PM
موسوعه رائعه

شكرا لحضرتك على التوبيك

محمد حسن ضبعون
21-06-2010, 07:32 PM
موسوعه رائعه

شكرا لحضرتك على التوبيك
مرور كريم
شكرا جزيلا
بارك الله فيك

محمد حسن ضبعون
21-06-2010, 07:39 PM
رسالة الرئيس محمد أنور السادات
إلى جامعة دار السلام الإسلامية بالهند
بمناسبة احتفالها باليوبيل الفضى
فى١٦ ابريل ١٩٧٧

أيها الإخوة والأخوات
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ٠
فانه يطيب لى أن أبعث إليكم بتحيتى الطيبة فى هذه المناسبة العلمية التى تحتفلون فيها بالعيد الفضى لجامعتكم العظيمة جامعة دار السلام ، بعد أن قطعت شوطا من عمرها المبارك ، وخرجت آلاف الطلاب والطالبات حاملين مشاعل الثقافة والمعرفة فى عصر لا سيادة فيه إلا للعلم وبالعلم ، ولا تقدم أو تنمية أو رخاء إلا بالمعرفة فى أى قطر من أقطار الأرض ٠
وإذا كنتم تحتفلون اليوم بالعيد الفضى لجامعتكم ، فانكم تؤكدون تقديركم للعلم والعلماء ، وتعلمون بما يوجبه الدين على أتباعه من اعزاز للعلم ، واحترام للفكر ، وحفاوة بالعلماء ، وتنفير من الجهل وسخرية من الجهلاء
ولقد تردد هذا كله فى الدين الإسلامى الحنيف ، وفى تراث الهند الروحى وحضارتها العريقة ٠ لهذا لم يكن عجيبا أن ظفر المسلمون وظفر الهنود فى عصور من تاريخهم المشرق من بداوة إلى حضارة ، ومن جهالة إلى ثقافة ، ومن تخلف إلى تقدم ٠
أيها الإخوة والأخوات
لقد سجل تاريخ الهند أغنى بلاد العالم آلاف السنين ، وإن العلوم والفنون الجميلة ازدهرت بها وكانت دلهى فى القرن الثالث عشر الميلادى مقصد رجال العلم والفن ، وكانت تحتفى بالعلماء والأدباء والفنانين ، كما كانت تفعل بغداد من قبل ٠
كما سجل التاريخ أن العرب اتصلوا بالهند منذ زمن بعيد ، وتوطدت بينهم الصلات التجارية فى القرن السابع عشر الميلادى ، حينما كانت أوروبا تشك فى وجود الشرق الأقصى ، ولا تعرف سوى شواطئ افريقية ، ففى هذا الوقت كانت السفن العربية تمخر عباب المحيط وترسو ببلاد اليمن ، ناقلة كثيرا من خيرات الهند إلى بلاد العرب ، لينقلها العرب إلى الشام وإلى أوروبا٠
وحينما يدقق الباحث فى النظر يجد أن حضارة العرب قد امتزجت بحضارة الهند ، وان هذا الامتزاج بدت آثاره فى المذاهب الهندية وفى نواح من التفكير العربى ٠
ولا يستطيع باحث أن يتغافل عن مظاهر هذا الامتزاج فى فن البناء والعمارة ببلاد الهند وبلاد العرب ، كما نرى فى منارة قطب وفي باب علاء الدين الذي تبدو أعمدته هندوكية وتبدو قناطره وزخارفه عربية ، وكما نرى فى تاج محل الشهير فى العالم كله بأنه قائم على الفن الهندوكى والعربى والفارسى ، وكما نرى فى مسجد المعطى والمسجد الكبير فى دلهى ٠
ومن مظاهر امتزاج الحضارتين الهندية والعربية أن العرب درسوا فلسفة الهند وادابها ، وترجموا بعضها إلى العربية ، ومازلنا نقرأ فى اعجاب كتاب كليلة ودمنة الذي ترجمه إلى اللغة العربية الكاتب الكبير عبد الله بن المقفع منذ اثنى عشر قرنا ، ومازلنا نتذكر أن العلامة المسلم البيرونى كان صديقا لسلطان الهند محمود الغزنوى ، وعاش زمنا بالهند ، ونقل إلى الهنود بعض علوم العرب ، كمال نقل الى العرب بعض معارف الهنود منذ تسعة قرون ٠
أيها الأخوة والأخوات
لست أنسى فى هذا المقام أن أنوه بالتعاليم المشتركة بين الديانات الهندية وبين الإسلام ، كالدعوة إلى المحبة والتسامح والسلام والكرم والحلم والوفاء وحب الأسرة ٠
وفى ظل التسامح المشترك أنشئت مساجد كثيرة فى جميع المدن بجوار معابد هندوكية ، وكلما تقدمت الحضارة وانتشرت الثقافة استنار الناس فعم المبدأ القائل بإله واحد وقل التعصب ، وان الهند العريقة والأمة العربية العظيمة قد نهضوا من الرقاد ، وآلوا على أنفسهم أن يجتهدوا لتعويض ما فاتهم ، فيعمروا عقولهم بالعلم ، ويعمروا قلوبهم بالإيمان ، ليتبوأوا المكان الرفيع الذي يرتضونه لأنفسهم فى العالم الجديد ٠
أيها الأخوة والأخوات
إن جمهورية مصر العربية لن تنسى مواقف شقيقتها الهند فى مناصرة قضيتنا العادلة ونضالنا المشروع لاسترداد أرضنا المغتصبة وحقنا المسلوب ، فقد كان لهذه المناصرة اثار طيبة محمودة ٠
واننى اختتم كلمتى بتمنياتى لفخامة الأخ رئيس الجمهورية ولحكومته وللشعب الهندى الشقيق بمزيد من العزة والمجد والازدهار كما اتمنى لجامعة دار السلام العريقة وهى تحتفل بعيدها الذهبى كل التوفيق والسداد فى خدمة العلوم والفنون والاداب ، وفى نشر الثقافة الإسلامية الداعية إلى الحرية والسماحة والسلام ٠
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

محمد حسن ضبعون
21-06-2010, 07:41 PM
رسالة الرئيس محمد أنور السادات
لوزير التعليم ردا علي برقية وزير التعليم
ورجال الجامعة تأييداً لمبادرة السلام
فى١٦ ديسمبر ١٩٧٧

بمزيد الامتنان تلقيت رسالتكم الرقيقة التي بعثتم بها إلي ، انتم ورؤساء الجامعات ، بعد الاجتماع الذي تم عقده برئاستكم وعبرتم فيها عن تقديركم للمبادرة التي اعلنتها والرحلة التي قمنا بها لزيارة القدس من اجل اقرار السلام
ان انتصارنا المجيد في اكتوبر العظيم قد هز مشاعر العالم وغير المفاهيم نحونا واعز جانبنا ، ومن هذا المنطلق ومن موقف القوة اتخذنا القرار النابع من ارداتنا المنفردة الحرة بهذه المبادرة متخطين كل الصعاب والعقبات دفعا لعجلة السلام الي الامام في اقصر طريق وذلك بالحوار الدبلوماسي وبعنصر المواجهة المباشرة لاسرائىل حكومة وشعبا في بلدها حتي تواجه نفسها بلحظات الحق والحقيقة ، وأنه لا سلام مع ****** الارض واستمرار الاحتلال وتوضيح الرؤية عن جوهر المشكلة ، وأساسها في حق الشعب الفلسطيني في العودة وحقه في اقامة دولته علي ارضه وحقه في تقرير مصيره وأن القدس عربية وان القضية ليست مصرية اسرائىلية ولكنها قضية عربية اسرائىلية ترتكز علي أساس الاستراتيجية العربية المقررة في مؤتمر الرباط والقرارات الدولية للأمم المتحدة كما أعلنت أمام الكنيست عن الارادة العربية ازاء قضيتها واكدنا علي مباديء خمسة لابد ان ترتكز عليها اي اتفاقية سلام
ولقد اسمعنا العالم حقائق الموقف وقمنا بواقع جديد بتحريك القضية والانتقال بها من حالة الجمود الي الحركة النشطة الدولية
ولقد اثبتنا للعالم ايضا ان مصر هي الحرب وان مصر هي السلام ونحن العرب نبغض الحروب ونحب السلام ونقدسه وانه بعمق ايماننا يسمو الهدف ونبل المقصد وبالدوافع الانسانية والسلوك الحضاري وبوحي من ضميرنا اجتزنا الطريق وعقدنا العزم علي كسر حواجز الشكوك والارتياب والعوامل النفسية والقضاء علي الحلقة المفرغة والمواقف المتفجرة التي عاشتها المنطقة خلال ثلاثين عاما
لقد قمنا بمبادرتنا ورحلتنا التاريخية ليحدونا كل الأمل ان نجد آذانا صاغية ونفوسا واعية وكلمة حق يتردد صداها لأن قرار السلام الذي ننشره ليس من اجلنا فحسب وانما من اجل جميع شعوب المنطقة التي عاشت في صراع رهيب تحملت فيه كل الويلات والمآسي ولكي تنعم بعد هذا الصراع بالامن والامان والاستقرار ويتاح للانسان في عهد السلم ان يسترد انفاسه وينطلق بطاقته الخلاقة لبناء حياة افضل .. إن المرحلة التي نمر بها الان هي مرحلة مصيرية ومن اهم مراحل النزاع العربي الاسرائىلي ونقطة تحول في تاريخ المنطقة وان الخلافات والمهاترات والمزايدات والشعارات الزائفة ليس لها محل ولا جدوي منها واننا بمشيئة الله ماضون فيما بدأناه بكل الثقة والايمان
لقد كرست حياتي لخدمة وطننا وامتنا ورأيت لزاما علي ان اتخذ هذه الخطوة مستعينا بالله وباذلا غاية جهدي لتجنيب شعوبنا ويلات حرب اخري تراق بها الدماء ويسقط الشهداء ورحمة بالانسانية والبشرية
والله نسأل ان يرعانا بالتوفيق ويشملنا بفيض من عنده ويكلل جهودنا المخلصة بالنجاح حتي يتحقق السلام وتعلو رايته ويعمم الأمن والأمان ونوالي المسيرة كي نحقق ما نبتغيه لاسعاد شعبنا في الخير والرخاء والرفاهية ونصل بوطننا الي ذروة العزة والمجد
تحية اعتزاز وتقدير مني لكم ولرؤساء الجامعات الذين اجتمعوا وأجمعوا علي التعبير الصادق عن المشاعر النبيلة والاحاسيس الخالصة نحو شخصي والتي كان لها ابلغ الاثر في نفسي
ويسرني ان اعرب لكم عن اجمل الشكر القلبي راجيا ان تنقلوا الي رؤساء الجامعات هذا الشكر مقرونا بصادق مشاعري نحوهم واعزازي لهم مع اخلص الاماني بموفور الصحة والمزيد من التوفيق

محمد حسن ضبعون
21-06-2010, 07:42 PM
رسالة الرئيس محمد أنور السادات
الي مؤتمر المواطنة الامريكي بواشنطن
بمناسبة منح سيادته جائزة تقديراً لمبادرته للسلام
فى٢٣ فبراير ١٩٧٨




اعلن الرئيس أنور السادات أن اسرائيل مطالبة بالرد علي مبادرة السلام التي قام بها وذلك بالانسحاب من الاراضي العربية المحتله وتمكين الفلسطينيين من إقامة دولتهم الخاصة بهم وقال الرئيس السادات انه يتعين علي اسرائيل كذلك أن تقدم الضمانات الضرورية من أجل الأمن المتبادل وأوضح ان الأمن طريق ذو اتجاهين خاصة اذا وضعنا في الاعتبار أن الأراضي العربية هي التي تعاني الآن من الاحتلال ، وأضاف الرئيس السادات في رسالة بعث بها الي الحاخام اليهودي " باروخ كورف " مؤسس مؤتمر المواطنة الامريكي الذي منح الرئيس السادات جائزة تقديراً لمبادرته أن اسرائيل يجب أن تستجيب للاجراءات والالتزامات التي اتخذتها مصر وذلك عن طريق الانسحاب من الأراضي العربية التي احتلت في يونيو ١٩٦٧ تطبيقا لمبدأ عدم السماح بالاستيلاء علي الأراضي عن طريق الحرب ، وكذلك تمكين شعب فلسطين من ممارسة حقه في تقرير المصير الذي يعتبر حقا انسانيا
وأكد الرئيس السادات في هذا الصدد أن " فلسطين الحرة " ستكون قوة إيجابية للاستقلال في الشرق الاوسط
وذكر الرئيس السادات في رسالته التي قرأها بالنيابة عنه الدكتور فؤاد محيي الدين وزير الدولة المصري لشئون مجلس الشعب في احتفال المؤتمر بتسليم جائزته للرئيس : أن الرئيس الامريكي كارتر قد اكد لي اثناء زيارتي الاخيرة للولايات المتحدة استمرار الدور الامريكي النشيط من أجل تحقيق السلام في الشرق الأوسط . وأن الولايات المتحدة تملك - بحق - دورا حاسما يمكن أن تقوم به لسد الفجوة بين أطراف النزاع في المنطقة
إن الولايات المتحدة في موقف فريد الآن يمكنها من ممارسة نفوذها ومساعيها الحميدة كما انها في الحقيقة اكثر من مجرد " وسيط " بل هي من وجهة نظري تعتبر " شريكا " بكل معني هذه الكلمة إنني سُررت لأن السفير الفريد اثرتون مساعد وزير الخارجية الامريكي قد بدأ مهمته الجديدة بين مصر واسرائيل بالفعل وإنني اثق بدرجة كبيرة في قدرة اثرتون وحكمته . واعرب عن امله في ان يتم التوصل الي اتفاقية قريبا بشأن إعلان للمبادئ التي سترشدنا طوال الطريق الي السلام إن احد العوامل الهامة هي المحافظة علي قوة الدفع وعدم تضييع الوقت الذي يعد حيويا وهاما في مثل هذه العملية
إنني من جانبي صممت علي أن أثابر في جهودي نحوالسلام وإنني اختار مصيري بتكريس حياتي لتحقيق السلام وإني مُصر علي أنه ينبغي اتاحة كل الفرص لبنود السلام . وأذكر ما سبق أن قلته في الخطاب الذي ألقيته في نادي الصحافة القومي الامريكي أثناء زيارتي لواشنطن من أني أعتقد اعتقادا راسخا أن مبادرتي اصبحت الآن ملكا لكل شعوب الارض كما أنها اصبحت جزءاً من الضمير الانساني ودعونا نجعل من الشرق الاوسط الذي يعد مهد الحضارة ومولد الديانات المقدسة مصدرا متجددا للمعرفة والالهام للعالم بشكل عام ، وحيث يسود السلام والتفاهم إنني منحت اسرائيل كل شئ عندما قمت بزيارة القدس حيث أُعلن قبولنا لاسرائيل في منطقتنا بعد ثلاثين عاما من حروب مريرة
إن هذا يعد خطوة هائلة لا يجب التهوين من قدرها أو التقليل من شأنها من جانب اسرائيل التي تقول إنها " لا تحتاج الي اعترافنا " ومصر قد قبلت تنفيذ قرار مجلس الأمن بكافة جوانبه ، وإنها علي استعداد لقبول وقف حالة الحرب الفعلية وإقامة علاقات سليمة واحترام حقوق السيادة ووحدة الأراضي والاستقلال السياسي وكفالة ضمانات الامن لكل دوله في المنطقة
و بالنسبة لقضية الامن فإني أقترحت خلال زيارتي للقدس ست نقاط هي : اقامة مناطق *****ة السلاح ومناطق محدودة السلاح - ومحطات للإنذارالمبكر - وقوات من الأمم المتحدة علي الحدود مثل شرم الشيخ - ولجان مصرية / اسرائيلية مشتركة - وان تأخذ اسرائيل بالتالي علي عاتقها القيام بتبادل الالتزامات والتعهدات مع مصر
و إنه قد تم تقييم مبادرتي للسلام بعدة طرق ولقد كانت المبادرة بالنسبة لي عملا مخلصا ومهمة مقدسة اردت أن اكسر بها الحلقات المفرغة من الكراهية والشك ، ولم أذهب الي القدس لإبرام صفقة بل لتحقيق السلام ، وقال لقد شعرت بأن هناك حاجة الي عنصر جديد لتغيير الموقف ككل بصورة درامية عنيفة وأردت ان يضمن تحقيق السلام عن طريق احراز تقدم نفسي يجمع بين الامتين اليهودية والعربية بعد سنوات كثيرة من المعاناة وافتقاد الثقة
وقال ان لدي اقتناعا عميقا بأنه لا ينبغي ان تكون الحرب وسيلة لتسوية الخلافات بين الدول بعد ذلك . وإن حرب اكتوبر ١٩٧٣ ينبغي أن تكون آخر حرب في الجزء الذي نشغله من العالم اذا وافق كل من الجانبين علي الوفاء بالتزاماتهما الواردة بميثاق الامم المتحدة ومبادئ القانون الدولي . إنني تأثرت بشدة وما زالت أشعر بهذا التأثير من جراء ردودالفعل الحارة والودية من جانب الشعب الامريكي لمبادرتي للسلام
إن مؤتمر المواطنة الامريكي الذي يمثل ملايين من الأمريكيين الجديرين بالاحترام كان من أول مجموعات المواطنين التي رحبت بزيارته للقدس
إن التجربة قبل زيارتي الأخيرة للولايات المتحدة وأوروبا وبعدها اكدت لي انني اسير في الطريق الصحيح
ويمكنني أن اؤكد لكم إنني لن اخذل ابدا الشعب الامريكي الذي ايد مبادرتي تأييدا ضخما واعرب الرئيس السادات في رسالته - التي لقيت ترحيبا حارا من اعضاء المؤتمر عن امتنانه للدعوة التي تلقاها للاشتراك في الاجتماع للاحتفال بذكري مولد " جورج واشنطن " الاب المؤسس لهذه الامة العظيمة وابدي الرئيس اسفه من أنه لا يستطيع العوده الي الولايات المتحدة بعد ايام قليلة من زيارته التي انتهت مؤخرا مكنته من أن يجري محادثات مثمرة ومكثفة مع الرئيس كارتر وحكومته بالاضافة إلي أعضاء مجلس النواب والشيوخ وقال السادات إنني آمل أن تقدروا الحقيقة التي مفادها أنه في هذه المرحلة الحاسمة من تطورات الشرق الاوسط فإن مسئولياتي تجاه هذا الجزء من العالم تمنعني من القيام بزيارة ثانية الي الولايات المتحدة في مثل هذه الفترة من الوقت
وأشار الرئيس في ختام رسالته الي- المؤتمر الذي هو مؤسسة تعليمية يبلغ عدد اعضائها اربعة ملايين عضو - الي دور المؤتمر وقال : إن مؤسسات ومعاهد التعليم امامها دور كبير تقوم به من أجل الحفاظ علي السلام والمساواة في العالم عن طريق تقدير الحقائق الموضوعية وغير المتحيزة بشأن الدول المتخلفة وتاريخها وثقافتها وتطلعاتها المشروعة وأنه من خلال مثل هذا المنهاج تستطيع الدول أن تقترب بعضها من البعض وأن تعيش في سلام وتوافق

محمد حسن ضبعون
21-06-2010, 07:45 PM
حديث الرئيس محمد أنور السادات
مع الصحفيين والكتاب
بمناسبة الاستفتاء علي صيانة
الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي
فى٢٣ مايو١٩٧٨
باسم الله

يسعدني أعظم سعادة حقيقية أن التقي بهذه النخبة الممتازة من كتابنا وصحفيينا ورجال الإعلام في كل موقع وخاصة في هذه المرحلة بالذات التي أومن أنها نقطة تحول ووقفه لابد لنا جميعا من أن نستوعب أبعادها بعد أن قال الشعب كلمته ، عليكم أمانة وفي يقيني وفي تقديري دائما أن أمانة القلم هي أشرف أمانة وعليكم مسئولية هي أن تضعوا الحقائق امام شعبنا واضحة ومحددة ومبرأة من كل دعوات تريد أن تزيف الحقيقة أو تزيف التاريخ لا لشيء إلا لتحقيق أطماع وأساليب عفي عليها الزمن منذ قيام ثورة ٢٣ يوليو والي الأبد إن شاء الله .. واردت ايضا في نفس الوقت في لقائي بكم أن يستمع معنا مندوبو الوكالات وصحفيو العالم كله فلم يعد هناك ما نخشاه ولم يعد هناك ما نخفيه إطلاقا .. الحلال بيّن والحرام بيّن ، وكلمة الشعب في الاستفتاء اليومين الماضيين حاسمة وقاطعة وباترة ، إن هذا الاستفتاء ليس تأييداً لي ولكنه في المقام الاول تأييد للديمقراطية السليمة التي نادي بها المبدأ السادس من مباديء ثورة ٢٣ يوليو ، تأييد لهذه الديمقراطية بتطهير المسار وتلقين من لم يعلم أو تعمد ألا يعلم أن السلوك الديمقراطي لابد وأن يرتبط بالأمانة ، بالالتزام ، بمقومات هذا البلد التي حفظت عليه بقاءه ووجوده عبر قرون طويلة ، واجه فيها المغيرين والمستعمرين ، وبقي الشعب أصيلا صامدا قويا الي يومنا هذا والي يوم القيامة إن شاء الله
أردت أن يكون لقائي بكم فرصة لكي ندير حوارا ولكي يستمع شعبنا ايضا الي هذا الحوار ولكي يستمع معه العالم كله عالمنا العربي والعالم الخارجي ، فمصر كما تعلمون وكما رددتم مراراً مصر أحق دول هذا العالم كله في حكم ديمقراطي سليم لأنه ليس كما يقول البعض إن الشعب المصري لم يبلغ سن الرشد بعد .. لا .. اطلاقا أول حكومة قامت علي ضفاف النيل وأول دولة في العالم قامت علي ضفاف النيل وشعبنا ناضج واعٍ ، وله الحق الكامل في دولة وحكم واستقرار حضارتنا بدأت منذ سبعة آلاف سنة وقت أن كان كثير من دول العالم المتحضر اليوم كانوا يعيشون في القبور وعلي الأشجار .. مصر ليست كما يدعي البعض في حاجة الي وصايا من احد اطلاقا
استطيع أن اتحدث لكم وسأتحدث بعد أن نبدأ حوارنا معا .. طوال السنوات الثمانية الماضية التي وليت فيها المسئولية الاولي استطيع أن اقرر ، بكل الثقة والاطمئنان ، أنه ما من قرار او ما من عمل قمت به إلا وكانت القاعدة الأساسية لشعبنا في غاية اليقظة والوعي بل لا أكون مبالغا حين أقول في قرارات كثيرة كانت سابقة لكل من حولي
اذكر هذا علي سبيل المثال ، اليوم يوم ٤ فبراير سنة ٧١ يوم أن تقدمت بأول مبادرة الي السلام بعد أن توليت بشهور أربعة ليس إلا ، يوم أن تقدمت بهذه المبادرة الي مجلس الشعب وكان من حولي اللجنة التنفيذية العليا ومراكز القوي ، خرجوا جميعا في مرارة وفي ذهول لأنهم لم يستطيعوا أن يستوعبوا أو أن يكون لديهم الوعي لفهم ما تقدمت به امام المجلس وامام العالم كله في ٤ فبراير ٧١ ، وكانت أول مبادرة للسلام خرجوا جميعا وذهبوا بعد الاجتماع وعقدوا اجتماعا آخر لكي يستغلوا هذه المبادرة واعتبروها فرصة لبدء معركة الخلاص مني ، كما كانوا يخططون ، كان هذا الكلام يوم الخميس ٤ فبراير ويوم الجمعة ٥ فبراير ٧١ ، تجاوب الشعب معي من أقصاه الي أقصاه بفهم ووعي ، يوم السبت ٦ فبراير وفي هذا المكان الذي نجلس فيه جاءوا الي واحداً واحداً يؤيدون ويباركون ، في أقل من ٢٤ ساعة كان وعي شعبنا صادقا واستطيع أن احكي كثيرا عن هذا ، كل ما أريد أن أقوله امامكم هو إن هذا الشعب واع وأصيل وقوي ومؤمن وبغير حاجة الي وصايا أو أوصياء ، كانت هذه هي دلالة الاستفتاء الذي حدث منذ أيام قليلة والذي اعتبره بحق نقطة تحول ونحن نتابع مسيرتنا الديمقراطية البعض انزعج ، والبعض بدأ يعد العدة لمواجهة اجراءات استثنائية وعدول عن الديمقراطية وفتح للمعتقلات من جديد وبدء الحراسات من جديد أبداً ، أبداً ، كل من فكر علي هذا النحو لم يكن حقيقة يعلم ، لم يكن علي مستوي المسئولية ولا علي مستوي الفهم ولا علي مستوي ما لشعبنا من فهم ووعي ، نتيجة الاستفتاء الشعبي الذي تم في جو من الحرية الكاملة ومعنا المراسلون الأجانب وأنتم ايضا شاهدتم بأعينكم نتيجة الاستفتاء وهذا يؤكد أن الديمقراطية المصرية تحترم الرأي والرأي الاخر ، ونحترم من قال لا ومن قال نعم
لا أريد أن اطيل عليكم ، أنا في الواقع كما قلت الآن أريد أن ندير الحوار حواراً نحن في حاجة اليه في مثل هذا الوقت كما قلت الذي نجتاز فيه نقطة تحول اساسية في مسارنا الديمقراطي ، ولعلنا بهذا الحوار نستطيع أن نجلو وأن نناقش كل شيء بكل الحرية وبكل الصراحة وبأسلوب يعرف شعبنا من خلاله كل أبعاد ما تم لكي تستقيم المسيرة من ناحية .. ومن ناحية اخري فأنتم ككتاب وكرجال صحافة وكرجال إعلام مطالبين امام الشعب بأن تضعوا له جميع الحقائق خاصة وأننا نبدأ تجربة فريدة لأول مرة وهي أن تكون الصحافة سلطة رابعة من سلطات الدولة
تعارف العالم كله ورجال القانون علي أن السلطات في الدول الثلاث هي : التنفيذية والتشريعية والقضائية ونبدأ بإرادة الشعب وكلمته تجربة جديدة وفريدة هي أن تكون الصحافة هي السلطة الرابعة ومن أجل هذا كما قلت لا أريد أن اطيل عليكم ولا أريد أن يكون الحديث من جانب واحد بل وإنما أريد أن يكون حواراً علي طريقة العائلة الواحدة التي تناقش كل امورها بوضوح وبصراحة وبحب وبحرص والتزام بالمصلحة العليا لهذا البلد الذي نتشرف جميعا بأننا ننتمي اليه وشكرا
سؤال : حول تصور سياسته للمرحلة القادمة بعد التأييد الشعبي الرائع للمباديء التي أعلنها الرئيس السادات ووافق عليها الشعب في الاستفتاء الاخير
الرئيس السادات : لدي الآن المباديء الستة لاستفتاء الشعب قبل أن احكي عن التصور ، أريد أن اعود الي الوراء قليلا ... كما تعلمون بدأنا تجربتنا الديمقراطية وفي كل مرة كنت اعود فيها الي الشعب تذكرون مباشرة عقب معركة اكتوبر رفعت الرقابة عن الصحافة لأول مرة منذ أربع سنوات الي الآن ثم تقدمت بورقة التطوير للشعب ونوقشت وانتهت الي أن أي عمل سياسي لابد وأن يكون فيه ثلاثة اجنحة يمين ووسط ويسار وليس متصورا أن هناك شيئاً اخر يمكن اضافته الي ذلك
وحسب ما اخترنا في تجربتنا من ناحية وبالمفهوم العلمي في عالم اليوم مارست المنابر في الانتخابات الماضية عام ١٩٧٦ عملها ومارستها بطريقة حزبية كاملة من أجل هذا وفي افتتاح مجلس الشعب في نوفمبر ١٩٧٦ كان لا يجب أن أضيع وقتا ابدا فلتبدأ التجربة وتحولت المنابر الي أحزاب .. بعد ذلك بدأت الممارسة في نوفمبر ١٩٧٦ وكأي ممارسة أو كأي عمل في هذه الحياة ، الدنيا التي نعيشها لابد وأن يكون فيه انجازاته وتجاوزاته كان أول تجاوز اعتبرته أمراً خطيرا أحداث ١٨ و ١٩ يناير ١٩٧٧ .. الي هذا التاريخ كان جناح اليسار قائماً ويمارس .. بل بمساعدة اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي في الانتخابات - شأنه شأن الجناحين الآخرين - اخذ المساعدات المادية وكل المساعدات الآخري علي قدم المساواة ولم يكن لي اعتراض ابداً .. فهذا امر طبيعي ويجب ألا ندفن رؤوسنا في الرمال .. ففي عالم اليوم هناك يمين ووسط ويسار
في هذين اليومين كتب جناح اليسار أو خط جناح اليسار مصيره بيده .. أن يخرج الناس للاعتراض علي قرار صدر من السلطة التنفيذية من الحكومة .. هذا امر مشروع .. أن يذهبوا الي مجلس الشعب نعم .. أن يذهبوا الي مواقع المسئولين وأن يعبروا عن رأيهم . نعم .. أن يذهبوا إلي رئاسة الجمهورية ويعبروا عن رأيهم . نعم .. كل هذا ممكن .. لكن أن يكون التعبير أنه نحن نشكو من هذه القرارات لأنها سترفع أسعار مواد التموين ، اذن الحل أن نذهب الي المجمعات الاستهلاكية لننهبها ونحرقها ده الحل في التموين
في المواصلات .. نحن نعاني أزمة المواصلات حق وعدل الحل هو أن نحطم ٤٠ اتوبيس وقبل كده علشان برضه تعرفوا كيف صبرت وثابرت ؟ الحقيقة في جولة وانا ازور ايران منذ ثلاث او اربع سنوات علمت أن ايران بتصنع الإتوبيسات المرسيدس فسألت الشاه : فقال لي نعم فقلت والله انا عندي أزمة مواصلات تقدر تبعت لي كام اتوبيس قال ابعت لك ٣٠٠ اتوبيس بالشروط اللي في السوق نفسها طيب لما عدت طلبت من رئيس الوزراء والوزراء المختصين يبرموا هذا الاتفاق وابرموا الاتفاق فعلا وبدأ توريد الـ ٣٠٠ اتوبيس علشان نحل أزمة المواصلات
نشوف بقي التجاوز في السلوك الديمقراطي .. يقف نائب ويوزع الاتهامات يمينا وشمالا .. وأن هذه الصفقة فيها كذا وفيها كذا .. وتناقش أمام المجلس .. بعد أن تمتليء مصر شكوكا .. وخط الشكوك هذا بحط تحته خطين لأن ده عملية أساسية من اللي حاتكلم معاكم فيها النهاردة.. في النهاية يثبت أنه مفيش في الصفقة اي حاجة ابدا .. اطلاقا .. بكل المناقشة الحرة .. اطلاقا تشويش وبس وإثارة استغلال للمشاكل اللي احنا فيها .. المصيبة الكبري انه موش بس كده .. التشكيك والإثارة حتي لا يعمل أو يتخذ قرار اي مسئول خوفا من التشهير .. المصيبة الأكبر انه كمان نيجي ونحطم ٤٠ اتوبيس بحجة انه بنحتج علي قرار من قرارات الحكومة
هذا ليس خلق الشعب المصري .. وأنا قلت إن ده اول شعب قامت علي ضفاف النيل أول حكومة في التاريخ أول دولة موش ده أسلوب الشعب المصري وانما ده أسلوب الدهماء أن يخرج اليسار المصري ويصف ما تم .. نهب المجمعات الاستهلاكية وحرقها .. حرق الاتوبيسات ونحن نعاني أزمة مواصلات .. محاولة حريق القاهرة بعمل منظم .. بعمل مخطط بمعني أن اتوبيس يتحرق يروحوا جايبينه وحاطينه أمام المطافيء علشان عربيات المطافيء لا تتمكن من الخروج لإطفاء أي حريق وعلي الصحف في كل مكان ياخدوا الدهماء يحرضوها واللي بيحرضوا يسيبوا الساحة قبل ما تصل قوات الأمن .. طب كل ده حصل .. افاجأ بأنه اليسار المفروض أن يكون يسارا مصريا يخرج بأن ما حدث هذا هو انتفاضة شعبية .. انا بقول إنه من ذلك التاريخ كتب هؤلاء الذين كانوا قائمين علي أمر اليسار كتبوا مصيرهم بأيديهم .. لا يعني هذا أنني ضد وجود اليسار كمبدأ أو في اليسار أو في الوسط لا .. أنا ضد من يحاول أن يستغل الديمقراطية في اليمين أو انا ضد من لا يحتكم الي الالتزام الخلقي في أي جناح من الاجنحة أنا ضد من يحاول أن يزيف التاريخ في أي جناح من الأجنحة وعلي أي صورة من الصور من هذا التاريخ كتب القائمون علي اليسار وانا اعلنت ايامها وبمنتهي الصراحة قلت إني اخطأت أني تركت لعناصر عفنة لأنها قامت وتعلمت وتربت في كنف الاتحاد السوفيتي .. وكل ما يقوله هو الصح .. وكل ما يرفضه هو الخطأ . والوحيد في العالم اللي شارك جماعتنا اللي قالوا علي انتفاضة الحرامية انتفاضة شعبية كان راديو موسكو والاتحاد السوفيتي
فأنا لا اتجني .. لكن منذ ذلك التاريخ كان امرا مبتوتا فيه .. فات ١٨ و ١٩ يناير واستمرت الممارسة ولم اتقدم الي الشعب اللي استنكر بجميع طوائفه .. ولعلكم لا تعلمون أنه من خمسة وعشرين قرشا الي عشرة صاغ الي جنيه الي شهادة استثمار بعتوها الناس البسطاء من الشعب علشان يعبروا عن استنكارهم لما تم من حريق او من تدمير وتخريب للمرافق اللي هي ملكنا كلنا في مصر وتذهلوا عندما تعلموا أن هذه الحصيلة بلغت اكثر من ٨٠٠ الف جنيه باسماء اصحابها وكلفت رئاسة الجمهورية أن ترسل الي مجلس الشعب كل اسم والتبرع الذي تبرع به
برغم هذا وكان لازم من هذا التاريخ .. وبالاستفتاء بتاع فبراير اللي بعد هذه الأحداث كان لازم اضع هذا الموضوع امام الشعب لكي يقول كلمته فيه ولكن التجربة غضة لسه وأنا اريد فعلا أن تنجح هذه التجربة ، أجلت ولكن الكثير بيخطئوا هنا في مصر لما يعتقدوا أني أنسي أو أن الأمور المبدئية تهتز عندي .. ابدا ولو بعد مائة سنة .. ابدا .. مشينا جينا في الصيف وأعلن عن قيام حزب الوفد .. وبدأوا يتكلموا عن قيام حزب من الوفد .. وحذرت في اكثر من خطاب في الصيف الماضي وفي منطقة القناة بالذات ويمكنكم أن تعودوا اليها .. فأنتم طبعتوها عندكم .. حذرت من أنه لا عودة الي الوراء ولا الي اساليب ما كان قبل ثورة ٢٣ يوليو ومجتمع الواحد في المائة ومجتمع الباشوات كل هذا حذرت .. شهوة الأضواء عند البعض بتنسيه الكثير وبتحجب عنه شيء أساسي يجب أن يتمتع به السياسي هو متي يقف علي المسرح ومتي ينزل ويخلي مكانه لأجيال جديدة
البريق غلب وقام ما سمي بحزب الوفد الجديد ولا اعتراض لي علي الإطلاق .. سارت الإجراءات حسبما هو وارد في قانون الأحزاب الذي أصدره مجلس الشعب افاجأ بالعودة بقي الي كل ما كان قبل ٢٣ يوليو ، إقطاع أبداً مصر لم يكن فيها إقطاع هكذا قال كبيرهم .. لم يكن فيها إقطاع ووقف مستشار في نادي القضاة في اكتوبر الماضي بعد أن سمع هذا في المبني اللي بجوار نادي القضاة وهي نقابة المحامين وقف وحكي عن تجربته وهو وكيل نيابة في المنوفية حين دعي الي منزل فلاح يعمل في دائرة الامير محمد علي وكيف أن باشكاتب الدائرة اضطهده .. ونحن نعلم أننا كفلاحين أول ما يتميز به الفلاح هو الايمان .. ايمان عميق يتعلمه من التراب اللي بينشأ عليه في القرية .. والانتحار كلنا نعلم أنه كفر وهذا أمر اذ صح في المدينة فلا مكان له ابدا علي الاطلاق في مجتمع القرية مهما كانت الامور الي يومنا هذا والي أن تقوم الساعة
أنا اتحدث عن هذا وانا واحد منهم . يذهب فيجد فلاح شانق نفسه .. يذهل المستشار .. حكي القصة حكاها امام مصر كلها في احتفال نادي القضاة في اكتوبر الماضي وإما من يصل الأمر أنه الفلاح البسيط يصل الي درجة الكفر لأن باشكاتب الدائرة ضيق عليه الخناق .. وهو عنده كرامة فقاوم وظل يقاوم فقطع عيشه من كل ناحية بحيث بقي يخرج يروح في بلد بعيدة جدا علشان يشتغل ويأكل أولاده وزوجته فيواجه بما يواجه به ، تفتيش ميت خلف بتاع البرنس محمد علي لأن باشكاتب الدائرة غني بأنه في أي مكان يروحه يبعت قبله .. في النهاية بعد كل المقاومة الممكنة شنق نفسه لأنه لقي زوجته وأولاده واطفاله جياع قدامه ومش قادر يجيب لهم أكل ومش قادر يعمل لهم حاجة . بذل المستحيل وقاوم .. يقف ويقول إنه لم يكن في مصر اقطاع .. الله غريبة .. ده الأدهي من هذا أن ثورة ٢٣ يوليو انقلاب عسكري .. قاموا لما لقيوها هاتبقي فجة قالوا انقلاب عسكري ايده الشعب
انا بقول إن ثورة ٢٣ يوليو في أثرها هنا في مصر لا تقل أبدا عن الثورة الفرنسية وستظل الي الأبد .. الثورة الفرنسية انتكست اكثر من مرة ولكن برغم كل الانتكاسات حصل المواطن الفرنسي في أقصي الارض في فرنسا علي حقوقه الي الابد ولم يعد اقطاعي يتحكم في الارض وفيه وفي مصيره وفي كيانه وفي حياته .. وانتهت .. بقت في العالم كله الحرية والإخاء والمساواة وزي ما احنا شايفين في فرنسا علشان ينتخب اي واحد بينزل الفلاح والعامل علشان يديله صوته .. انتهي الي الابد عصر الاقطاع بكل ما فيه في فرنسا من تاريخ قيام الثورة .. هنا في مصر نفس هذا الأثر برضه مش قادرين يستوعبوه انتهي الي الابد هنا في مصر ، انه الفلاح يبقي شُبهه ما هم كانوا اتراك ويشتموا بأيه يقولوا دا انت فلاح .. دي الشتيمة اللي عنده والعامل ليس إلا كمية مهملة وبيتلاعبوا بيه وبمصائره والفصل التعسفي ... لأن طبقة الواحد في المائة هم كبار الملاك .. الأغنياء واللي مفيش مشكلة لواحد منهم في بيته مما يعانيه الشعب مش قادرين يفهموا أنه منذ ٢٣ يوليو ومهما كانت تجاوزات ثورة ٢٣ يوليو .. منذ ٢٣ يوليو والي الابد حصل المواطن المصري في القاعدة العريضة .. الفلاحين والعمال والمثقفين الغلابة ما هو المثقفين مش كلهم زي ما بيدعي بعضهم فيه مثقفين غلابة برضه
حصلوا الي الأبد علي حقوقهم حتي برغم التجاوزات ومع ذلك لما حصلت تجاوزات من ثورة ٢٣ يوليو أعلنت واعلنت في مجلس الشعب اخيرا وامامكم بأعلن الآن مجدداً أنني مسئول عن كل قرار اتخذ خلال ثورة ٢٣ يوليو من قيامها في يوليو ١٩٥٢ الي ولايتي في سبتمبر ١٩٧٠ ومن واقع هذا أنا باتصرف وصلحت كل حاجة ، لميت الجراح وبنبدأ ونرمي الحقد وبنجيب الحب وبنكون مجتمع العائلة المصرية لا ده فيه ناس خلقوا للحكم .. طبقة خلقت لتحكم لأن لهم ميزات ما اعرف يمكن زي زمان .. ما كانوا بيعلمونا في القانون الحق الالهي .. لهم الحق الالهي انهم يتصرفوا في مقادير البشر وأنهم مؤهلون وغيرهم غير مؤهل لهذا .. غريبة ثورة ٢٣ يوليو انقلاب وتجاوزات وبعدين مقارنة بين ثورة ٢٣ يوليو .. عيب أنا قلت عيب عيب .. عيب .. ده في ثورة ١٩ شعبنا قام وهدفه الأساسي هو المستعمر .. انتهت بايه بصراع علي الكراسي والمناصب والسرقة والباشوية وأصحاب المقام الرفيع .. مش هو ده اللي انتهت إليه ثورة ١٩ وسابوا المستعمر نهائيا الشعب بيقول لهم لما قام في ثورة ١٩١٩ أنا قايم ضد المستعمر .. انجلترا .. هم لا ... انتهي الأمر بيهم الي ما جعل قيام ثورة ٢٣ يوليو أمرا حتميا لإزالة كل هذه الآثار والي الابد
ردة الي الخلف وبعدين محاولة لتزييف التاريخ مش محاولة .. مكابرة .. ثورة ٢٣ يوليو انقلاب عسكري الوفد القديم هو الممثل الوحيد للأمة .. وبخلافه مفيش حاجة أبداً .. إن الثورة حتي ما قامتش إلا عشان تخلص من الوفد .. وكأنه كان فيه وفد يوم ٢٣ يوليو لما قمنا وقتها هو كان فيه وفد وقتها واللا حزب تاني .. هم كانوا اهترأوا نهائيا .. وفساد حزب الوفد هو الذي عجل بالثورة لأنه بقية الأحزاب .. أحزاب الأقلية لم يكن لها التأثير علي القاعدة الشعبية كما كان التأثير للوفد وهو حزب الأغلبية .. يوم أن فسد الوفد واهترأ وكلنا نعلم من الذي عمل هذا .. وبعدين فيه مؤامرة صمت غريبة .. مين اللي أفسد الوفد ووصل به الي أنه مهتريء يدفع للملك ويدفع للانجليز ويستعين مرة بالملك علي الانجليز ومرة بالانجليز علي الملك وهكذا بعد ما كان تاريخ الوفد الناصع هو مقاومة المستعمر والسراية الاثنين وكنا كلنا وفديين واحنا صغيرين .. ما حدش فينا شذ عنهم ... ومؤامرة صمت .. الله بقت ثورة ٢٣ يوليو قائمة علشان بتقول إنه هذا الفساد لابد أن ينتهي والي الأبد والقاعدة العريضة المحرومة تأخذ حقها ايضا والي الابد .. وتصبح هناك فرصة متكافئة .. وبأسعد أعظم سعادة في قريتي ماكنش فيه حد متعلم غيري انا واخوتي .. النهارده في قريتي أساتذة جامعة .. وأطباء ومهندسين وكليات علوم وازهر .. ليه .. لأنه فيه فرصة متكافئة .. اللي مجتهد وبيجيب مجموع بيخش ما يسألوش أبوك مين .. وأنت مين .. زي زمان .. أو ادفع كذا .. المصاريف
أمر غريب جدا بقي تجاوزات اليسار اللي حكيت عنها .. تجاوزات الوفد الجديد اللي طلع .. وكل همه شيء واحد .. الردة .. ثم التشكيك بقي التشكيك ده له تاريخ في حياتنا في مصر .. اول ما تعلموا الجماعة اليساريين القدامي دول السياسة واحترفوها .. اتخذوا من التشكيك سلاح قام جه علي دماغهم كلهم لأنه في سنة ٥٢ لما قمنا بثورتنا فقدنا الثقة كاملا في كل واحد فيهم وكانت لابد أن تقوم ثورة دموية علشان تخلص وكانت في سبيلها بدأت بحريق القاهرة كان العلامة الأولي وقمنا احنا كبديل في ٢٣ يوليو منذ ٢٦ سنة وسموها الثورة البيضاء
مارحتش نقطة دم .. حصل صحيح بعدها تجاوزات عالجتها الثورة من داخلها وليس بثورة مضادة لأن اللي انا عملته في ١٥ مايو مش ثورة مضادة ده ثورة بتصحح ثورة الأم ٢٣ يوليو ما حصلتش في التاريخ .. الثورة الفرنسية لما اتنكست من جمهورية قلبت امبراطورية .. لاه .. احنا حصل اخطاء وتجاوزات من داخلنا اصلحناها ، ده حصل أكثر من هذا ده حصل أنه لأول مرة في تاريخ الثورات وأنتم كلكم القيمة الكبيرة في الأقلام . لأول مرة في تاريخ الثورات بتيجي ثورة بعد ٢٥ سنة تقول اتفضل يا شعب الأمانة كاملة بديمقراطية ولا اجراءات ومعتقلات مغلقة من ست سنوات قبل هذا التسليم وحرية وأمن وآمان لكل مواطن وتقوم الشرعية الدستورية بدلا من الشرعية الثورية
الكل رحب بقيام الوفد الجديد .. وانا بالذات زي ما قلت لكم ليس لي اعتراض علي قيام وفد جديد .. وحزب وطني جديد - أي أناس - بس المفهوم اللي خطي به الشعب في ٢٥ سنة خطوات لا رجعة فيها أبدا ... تحت اي كلام .. التشكيك ينال مني .. يصل الي الحكم ازاي ؟ الهدف الاول هو الوصول الي الحكم .. تماماً كما حدث بعد ثورة ١٩ انقسموا .. الانجليز ادونا استقلال ناقص سنة ٢٢ ولهونا بالدستور والمناصب الوزارية قعدوا يتخانقوا .. وفضلوا يتخانقوا لغاية ما قمنا احنا سنة ٥٢ .. لأنه مسكوا قطعوا لحم بعض .. واسلوب العمل السياسي هو التشكيك واضح ده اسلوب زمان نعمله دلوقت .. تشكيك
هضبة الهرم .. ده الدولة باعت آثار مصر وثقافتها وقيمتها .. الشركة اللي عملها عبد المنعم الصاوي بتاعة دور السينما .. ده بيع لعقل مصر وتراث مصر .. نفس الأساليب القديمة .. في الوقت اللي هضبة الهرم قامت وفيه اعتراض عليها .. آه طيب ما يرجع المشروع يتناقش من أول وجديد .. يتلغي ده ويتعمل واحد جديد بداله
اعملوا لجنة في مجلس الشعب مع الحكومة في المشاريع الكبيرة اللي مثلا تتعدي ٥٠ أو ٦٠ مليون جنيه تبقي اللي تقررها لجنة حكومية وشعبية من مجلس الشعب مفيش مانع بتاع الفن .. كل منتج سينمائي وكل موزع .. وكل فنان وممثل مدعو يتفضل يخش الشركة .. ويعملوها هم ويصلحوا دور السينما هم .. ما عندناش مانع إنما العملية راجعة لزمان .. الأسلوب القديم .. تشكيك .. تجريح يفقد الشعب .. ويستغلوا في هذا معاناة البلد في المصاعب اللي احنا عارفينها كلنا .. والازمة الاقتصادية وعنق الزجاجة اللي احنا فيه من فترة وقدامه لسه سنتين علي الأقل الي أن نعبره إن شاء الله كما عبرنا قبل كده ما هو أسوأ من هذا بكثير
يوم ما كان اقتصادنا تحت الصفر زي ما قلت لكم قبل معركة اكتوبر .. اضيف الي تجاوزات اليسار .. تجاوزات قدامي السياسيين المولعين بالأضواء والأسوء بقي كمان طلع مش بس كده طلع إن هناك حسابات بتتصفي وكان الشعب ومصالحه وكيانه ده شيء نسيبه بقي . ونقعد نصفي في حساباتنا مع أنه ٢٣ يوليو .. ثورة ٢٣ يوليو ماصفتش حساباتها معاهم .. بدليل انه بعد ٢٥ سنة بيجدوا حرية وطمأنينة وديمقراطية وشرعية دستورية .. ومعتقلات مغلقة .. وحرية صحافة . ولم يكن واحد فيهم يستطيع أن يحكم بغير كل هذه الاجراءات النهاردة تصفية حساب مع ثورة ٢٣ يوليو .. ليه . أحقاد شخصية .. غل .. نزوات عامة .. أسلوب انتهي .. ده اللي خلاني الحقيقة لما بتسألني وبتقوللي الاستفتاء .. فقلت لكي لازم أرجع لورا .. بقي فيه تجاوز هنا لناس عايزين يقوموا يحولوا .. يتخذوا من مشاكلنا اللي هم اليسار .. قيادات اليسار .. اللي نشأت وتربت في أحضان الاتحاد السوفيتي .. بتجعل من هذا البلد منطلق يقفزوا الي السلطة عن طريق التخريب والدم والتدمير .. ويتباهوا
ولأول مرة في حياتهم لم يكونوا يحلموا ولا أي انسان آخر في مصر في الفترة الماضية ما بعد الاستقلال ما كانش انسان يستطيع أن يصدر صحيفة بدون إدارة المطبوعات والداخلية وحكاية طويلة . لاول مرة .. لأنه فيه ديمقراطية .. ولأني مصر أن تكون ديمقراطية حقيقية يصدر قانون الاحزاب .. ويدي لكل حزب الحق في اصدار صحيفة فلا يسأل حزب اي انسان ويصدر صحيفة فورا ويحصل اليسار لأول مرة علي صحيفة بدون إذن من مخلوق القانون بيديها له .. سيادة القانون بتديها له .. ويصدر أكثر من كام عدد اتناشر .. تلاتاشر .. كم ١٦ .. يعني ١٦ عدد في ١٦ اسبوع - وكل عدد منهم سم وحقد ومرارة وانتفاضة ١٨ و ١٩
هم يعني سبتهم ١٦ اسبوع .. لا اثروا ولا حايأثروا .. لكن هل ده هو المسار الديمقراطي؟ .. هو ده حرية الصحافة ؟.. هو ده الالتزام بأهداف البلد بالسلام الاجتماعي وبالوحدة الوطنية في الوقت اللي بنواجه فيه .. فيه .. في الداخل وفي الخارج معارك مصيرية . ما بصوش علي اسرائيل وشافوا بياكلوا بعض من جوه .. لكن في السلوك أمام الكل .. ابدا .. كله بيقولوا كلنا ورا بيجين
لا يمكن نسمح لأمريكا تضغط علينا مع اختلافهم الجذري معاه - ده حصل - حتي مجرد الوعي القومي ومانيش طالبه كنت لأنه مانيش في حاجة اليه .. شعبي واضح معايا تمام ، بيثق في وانا با أثق فيه مائة في المائة .. لكن علي الأقل يعني نضع لأجيالنا المقبلة تقاليد صدر ١٦ عدد وكلهم .. طيب عملية المنشور السري بتاع زمان ده كان انتوا تحت الارض .. ده انتوا عندكم جورنال علني .. ليس لأحد الحق أن يتعرض له .. إلا القضاء .. طيب ليه بتعملوه منشور تاني - وايه - لهدم السلام الاجتماعي - هدم السلام الاجتماعي
هدم السلام الاجتماعي يعني ايه - وانا باتكلم وبأقول انا عاوز مصر أنا باعمل دولة المؤسسات في مصر، أنا عاوز كل مواطن ومواطنة علي أرض مصر .. يشعر بالأمن والآمان لأنه ده من حقه .. ما هوش قاصر أبدا ، شبع نضوج ولازم يأخذ وضعه تماما الدعاوي دي كلها بتستغل الضائقة اللي احنا بنعيشها - والمشاكل اللي احنا بنعيشها - زي بالضبط برضه أقصي اليسار ده واقصي اليمين اللي طلع في الوفد الجديد الي عاوز يعود بالبلد لورا الاثنين بيشتغلوا نحو إثارة البلد علي بعضها - وتقوم - ونبدأ في عمليات الدم بقي .. عمليات دموية .. وده مش طبيعة شعبنا .. ولا تقاليده ولا قيمه - ابدا - ابدا مشتركين ليه .. لأن الهدف هو السلطة ... زي ما كان أيام فؤاد وفاروق - والكلام اللي كان ماشي - كان كل الهدف هو السلطة يستعينوا بالانجليز علي الملك .. ويستعينوا بمعرفش بمين علي مين .. وحكاية وبعدين الاساس كله .. تلويث .. تشكيك .. تهريج
دي الخلفية اللي خلتني .. نزلت بورقة الاستفتاء اللي اتأخرت سنة فعلا .. ما كانش لازم تتأخر .. دي اتأخرت سنة .. المبدأ الأول فيها بيقول عدم تجاوز تقلد وظائف الإدارة العليا في الدولة أو القطاع العام أو الترشيح لمجالس إدارة النقابات العامة والمهنية والكتابة في الصحف او العمل في أي وسيلة من وسائل الإعلام أو في الدعوة لمباديء تتنافي مع أحكام الشرائع السماوية أو تعرض بها . بوضوح . وبصراحة .. زي أنا ما قلت .. من لا إيمان له .. لا أمان له .. احنا كده طلعنا كده في القرية والقرية هي أساس مصر كلها .. القرية هي اللي بتطلع الفلاح والعامل والمثقف والجندي والرأسمالية الوطنية هي اللي بتطلع كل حاجة .. وهي اللي بتدينا العيش وبتدينا الأكل .. وبتدينا كل حاجة دي تقاليد القرية
في موقع قيادي .. لا .. بصراحة كده وبوضوح .. طب وليه منصوص هنا .. القطاع العام .. كلكم عارفين وعرفتم لما بيمسكوا كانوا في القطاع العام مسئوليات بتتحول كلها لمحاولة لإيجاد قاعدة لهم تنظم للقواعد اللي يقفزوا ويثبوا بها مجالس إدارات النقابات .. كلكم عارفين .. في يوم من الأيام مثل معركة اكتوبر ٧٣ .. يوم ما قالوا .. ما أنا قلت قاهرة ٧٣ وقاهرة ٧٨ .. في ٧٣ في مارس قالوا مصر انتهت .. واتصلوا بالمراسلين الأجانب هنا .. اللي معانا دول .. وقالوا لهم .. واحد يقول لهم ده فيه انقلاب عسكري .. الثاني يقول لهم دا البلد راحت .. السادات لن يحارب .. الاستسلامية .. الانهزامية .. التصفوية .. تعبيرات كثير ، ذهني ما بياخدهاش يعني ما بيستوعبش لانه كثرت زيادة ما بقاش يعني ذهني يستوعبها قوي
وفي مارس ٧٣ قالوا دي الدنيا انتهت فعلا جميعا .. واتلموا علي مراسل اجنبي كتب ثلاث مقالات في الجارديان وثلاث مقالات في نيويورك تايمز اللي يقراهم يقول رحم الله مصر ومن فيها وما فيها .. والعبط أيامها مش عارفين أني كنت في فبراير علي تختة الرمل وفي مارس بادي أمري الإنذاري الأول للمعركة لا .. وما تلتش .... وللأسف كان فيهم مثقفين مصريين أو ممن بيطلقوا علي نفسهم مثقفين .. مصريين وأنا قلت لي رأي يعني الثقافة اذا ما كانتش بتضيف الي الانسان أبعاد معينة ماهش ثقافة دي شهادة
في هذا الوقت عاوز أقول لكم وفي نقابة من النقابات .. باقول هنا ما يمسكش ليه .. وفي نقابة من النقابات وبعد ما الطلبة اترازلوا .. انتم عارفين حركة الطلبة كلها كان اليسار الماركسي بكل فروعه وبكل أشكاله في نقابة من النقابات يبعتوا يجيبوا أمهات الطلبة اللي مقبوض عليهم في النيابة . انا لم استخدم سلطة الحاكم العسكري لا قبل حرب اكتوبر ولا اثناءها ولا بعدها ولا انا في حاجة لأن استخدمها الآن ابدا .. بتديني الحق افتح المعتقلات .. ابدا .. ابدا .. ما فتحتش أنا احلت للنيابة وبعد ايه .. بعد سفالات . أما يروحوا يحتلوا مثلا المجلس الأعلي للجامعات في جامعة القاهرة عشان حيعلنوا بقي لجنة الطلبة والكوميونات اللي بره .. ما هي لجنة الطلبة جوه الجامعة ومن بره بقي الكوميونات في القاهرة تتجاوب مع لجنة الطلبة وتنتهي العملية وتقوم الدولة الماركسية واستخدموا السفالات والبذاءات في ٧٣ نقابة من النقابات المهنية تبعت تجيب امهات المقبوض عليهم .. البذاءة والسفالة .. بتجيبهم ويقعدوا في النقابة علشان يعملوا مظاهرة لأنه بدهم أن يثبتوا أن مصر مفيهاش استقرار ولا نظام .. اتحملت رذايل كثيرة قوي .. قوي قوي .. علشان كده أنا جاي لكم وباتكلم معاكم بمنتهي الصراحة علشان من الآن فصاعدا وبعد ما قال الشعب كلمته بأجلي وضوح لن اساوم ابدا ابدا مهما كان
لن اساوم ولن اقبل بأقل من الالتزام واجراءاتي باتخذها في وضح النهار ما بالجأش ابدا الي اجراءات تحتية ، ولا مخفية ابدا .. بأخذها في وضح النهار أمامكم وأمام الشعب كله .. ادي النص علي عضوية مجالس إدارة النقابات .. لها تاريخ واذا كانوا فهموا من ٧٣ إن أنا نسيت لا ٧٨ بعد خمس سنين ما انساش الآن يبقي كل واحد عارف ويفتح عينه لأنه مهما مضي الوقت ومهما مديت في حبل الصبر بيجي الوقت اللي اذا لم يرتدع لازم اردعه
النقابات العامه المهنية حكيت لكم عنهم .. الكتابه في الصحف .. وبمنتهي الصراحة دخل في جدول الصحفيين شيوعيين في مرحلة ما لكي يكونوا أغلبية بقولها قدامكم بلا أي تردد .. قلت خلاص المسألة تمشي بس يلتزموا انا مفيش بيني وما بين أي واحد شيء إلا الالتزام بأهداف البلد .. أما إنه يخطيء احنا بشر .. اما إنه قد يسيء نحاول نقومه .. لكن مفيش خصومة بيني وبين اي مواطن طالما انه علي هذا الكرسي - ليه .. انا ما بعملش عشان اكسب بها لا - انا خايف من الحساب يوم الحساب
وأنا في هذا الكرسي مسئول عن كل مواطن مصري بل مسئول عن حبة الرمل اللي في اقصي الصحراء وفهمي للمسئولية .. اتحطوا الشيوعيين عشان يكونوا أغلبية في النقابة - واتحطوا الشيوعيين في إدارات الصحف .. واتحطوا الشيوعيين في الإعلام والثقافة .. وبعدين أظن بعد ١٨ و ١٩ اظن يبقي تفريط في مسئوليتي وفي حق هذا الوطن اذا انا سمحت بأن يستمر هذا الوضع بهذا الشكل
مش معني ذلك أنني حقول طلعوا لي ده من الجدول أو دخلوه .. لا ابدا أنا بقول الآتي .. من الآن علي كل انسان أن يلتزم ببلده - فاذا لم يلتزم عليه أن يكون جاهزا للجزاء ومفيش تسيب بقي - ايه اللي جري في الفترة الماضية - صحفيين في العراق يروحوا مكونين مكتب وهيئة ويعلنوا اسماءهم رسمي ، والعراق تخصص لهم محطة إذاعة الي هذه اللحظة وظيفتها الشتيمة في مصر اللي ما فيهاش ديمقراطية بيغرقوهم في دجلة .. هنا واللي بيضعفوهم جسديا هم الديمقراطية - هنا مفيش ديمقراطية وبعدين سبب عشان يقولوا دا المصريين هم اللي بيشتموا في بلدهم من راديو العراق وراديو ليبيا
طيب فيه من دول اعضاء في النقابة - النقابة تقبل أن دول يبقوا اعضاء تاني في النقابة .. آسف .. زمان انا كنت باقول سماح ونحاول نصلح .. من النهاردة آسف وسمعتوني باخطب في مجلس الشعب وقلت أنا حابعت لنقيب الصحفيين نتيجة الاستفتاء بعثتها للأربع مؤسسات الرئيسية في الدولة - السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية والسلطة القضائية وسلطة للصحافة السلطة الرابعة .. هبعت النتيجة لكي تكون وثيقة للتاريخ .. مؤسسات الدولة تحفظها وتعرفها وتطبقها لان دي إرادة الشعب .. لن اسمح بقي بهذا التسيب

محمد حسن ضبعون
21-06-2010, 07:46 PM
كلمة الرئيس محمد أنور السادات
في الاحتفال بتسليم جائزة نوبل للسلام
فى١٠ ديسمبر ١٩٧٨

صاحب الجلالة
السادة الضيوف الأجلاء
السلام عليكم
تلك هي الطريقة التقليدية التي يحي بها كل منا الاخر كل يوم ، والتي تعكس آمالنا ومشاعرنا العميقة ، ونحن اذ نرددها نعني مفهومها دائما لقد استقبل شعب مصر قرار لجنة جائزة نوبل باهدائي جائزة السلام ليس كشرف وتكريم فحسب وانما ايضا كتأكيد للاعتراف العالمي بجهودنا الدائبة لتحقيق سلام في منطقة اختارها الله ليهب للانسانية من لدنه رسالات النور والحكمة من خلال موسي وعيس ومحمد
وفي هذا المجال ، فإننا يجب ان نعترف بفضل رجل عظيم هو الرئيس الامريكي كارتر ، الذي قام ولا يزال يقوم بجهود مضنية من أجل التغلب علي العقبات التي تعترض طريق السلام ان الرئيس الامريكي كارتر يستحق منا كل تقدير واعجاب
وخلال تاريخنا الذي تمتد جذوره الي فجر الحضارة الانسانية ذاتها فان طريق السلام هو السبيل الذي اعتبره شعب مصر موافقا وملائما دوما مع عبقريته وقدره ، فليس هناك شعب علي وجه الارض أكثر منه ثباتا مع عبقريته وقدره ، فليس هناك شعب علي وجه الارض اكثر منه ثباتا في اخلاصه لقضية السلام ، ولا اكثر تمسكا بمباديء العدالة التي تشكل حجر الزاوية لاي سلام حقيقي ودائم وهل انا بحاجة الي ان اذّكر مثل هذا الجمع الجليل بأن اول معاهدة سلام سجلها التاريخ قد ابرمت منذ ما يزيد علي ثلاثة آلاف عام بين رمسيس الاكبر وحاتسوليس امير الحيثيين اللذين أتفقا علي حد تعبير المعاهدة ذاتها علي اقامة السلام الحق وحسن الجوار الحق
ومنذ ذلك الحين ، وخلال قرون طويلة ، بل حتي عندما بدت الحروب كشر ضروري ، فان الروح المصرية الحقيقية كانت دائما روح السلام ، وكان طموحها ان تبني ولا تهدم ، تشيد ولا تحطم ، تتعايش ولا تبيد من اجل ذلك كانت ارض مصر دائما مرعية بعناية الله سبحانه وتعالي عاش فيها موسي ، ونزح اليها عيسي هربا من الظلم والسيطرة الاجنبية ، وباركها القرآن الكريم، وأضاف الاسلام دين العدل والمساواة والقيم الروحية أبعادا جديدة لروح مصر الخالدة
وقد أدركنا دائما أن قيم الفروسية والشجاعة والايمان والانضباط التي كانت تحدد ملامح المفهوم الرومانسي للحرب ، ينبغي ان تكون ، في عهد أصبحت فيه الحرب مجرد مرادفات للخراب والدمار الشامل ، وسيلة لاثراء الحياة وليس لنشر الموت
تلك هي الروح التي حدت بالفريد نوبل ان ينشيء الجائزة التي تحمل اسمه والتي تستهدف تشجيع الجنس البشري وحثه علي اتباع سبيل السلام والتنمية والتقدم والرخاء
سيداتي .. سادتي
في ضوء ذلك كله ، فقد قمت منذ عام مضي بمبادرتي مستهدفا استعادة السلام في منطقة مباركة اختارها الله عز وجل ليوحي للانسان بكلماته ، ومن خلالي فإن مصر الخالدة كانت تعبر عن نفسها : دعونا نضع حدا للحروب ، ودعونا نعيد تشكيل الحياة علي اسس ثابتة من الحق والعدل ، وتلك الدعوة التي عكست ارادة الشعب المصري وغالبية كبيرة من الشعب العربي والاسرائيلي ، وملايين الرجال والنساء والاطفال في انحاء العالم هي التي تكرمونها انتم اليوم ، وهؤلاء المئات من الملايين سيكونون الحكم في تقييم الي أي حد استجاب كل زعيم مسئول في الشرق الاوسط لآمال واماني البشرية
أنني أود في هذا المجال ان اذكركم بما سبق وأعلنته خلال زيارتي للقدس لقد قلت يومها : دعونا نصارح أنفسنا اليوم بأننا أمام فرصة نادرة لتحقيق السلام ، فرصة قد لا تتكرر ، واذا كنا مخلصين بالفعل في اقامة السلام فان علينا الا ندع الفرصة تمر . إن ضياع حياة فرد واحد في حرب يمكن تدراكها سواء كان هذا الفرد ، عربيا أم اسرائيليا هي خسارة للانسانية .. واذا كان في مقدرنا ان نوفر علي الاطفال الابرياء الذين يفتقدون آباءهم في الحرب ، هذا الاختيار الصعب ، واذا كان في مقدورنا ان نوفر علي الزوجة ، اختياراً صعبا اخر هو ان تترمل لانها فقدت عائلها في الحرب ، واذا كان في مقدورنا ان نوفر البسمة علي شفاه الاطفال الابرياء في المناطق المحتلة
فمن أجل هؤلاء جميعا ، يجب ان نكرس جهودنا لاقامة السلام ، من اجل انسان المنطقة ومن اجل الانسانية كلها ومن اجل حياة افضل ومستقبل اكثر اشراقا ولقد وصلنا الان في عملية السلام الي لحظة الحقيقة التي تتطلب ان ينظر كل واحد منا نظـرة جديدة الي الموقف ، وانني لواثق انكم جميعا تعلمون انني عندما قمت برحلتي التاريخية للقدس ، لم يكن هدفي عقد صفقة كما يفعل بعض الساسة ، لقد قمت برحلتي لانني آمنت اننا مدينون لجيلنا وللأجيال القادمة بالا ندع اي سبيل مهما كان الا ونطرقه في سعينا نحو السلام
ان امل السلام هو اعظم القيم في تاريخ البشرية ، ولقد قبلنا التحدي حتي نترجمه من امل مرتجي الي حقيقة واقعة ، ولكي نكسب من خلال الرؤية المستقبلية والخيال قلوب وعقول شعوبنا ونتيح لهم ان تتجاوز نظرتهم الماضي المؤلم

محمد حسن ضبعون
21-06-2010, 07:48 PM
حديث متصل مع الرئيس السادات
قيادة حرب ١٩٦٧ تركت السلاح الجوي بلا غطاء
الصاعقة استولت علي الدفرسوار
والشاذلي أمرهم بالانسحاب
الجزء الأول
فى٢٣ أكتوبر ١٩٧٥



الشجرة عمرها أكثر من مائة عام
.. وتحت الظل الوراف الكثيف ، تشعر بنسمة هادئة .. كالهمس
والورق اخضر .. عريض وأخضر .. يتداخل فلا تميز ورقة من ورقة .. كآلاف أهل القرية الطيبين ، تتوه قسماتهم في جو الألفة ، ولا يبقي منهم للناظر من بعيد ، الا ابتسامة عريضة ..راضية وصافية
لكن الشجرة ليست أقدم شئ هنا .. في القناطر الخيرية
لقد تخطت الشجرة مائة عام ، لكنها رضيعة .. لاتزال ! وأمام أبيها تتلعثم ؟ . ربما ! أو تتواري حياء ؟ . ربما ! أو تتخايل ؟ . أو تتمايل ؟ أو تزهو من فرط الاعجـــاب ؟ .. ربما ! وأبوها يتمدد في ثقة واطمئنان ، ويتجدد كل يوم ، في هاته الصغيرات ، ذوات الأعمار ، بالآحاد أو العشرات أو المئات ، وقد فقد شهية العد والتعداد ، بعد أن كاد ينسي كم من آلاف السنوات عاش ، وكم من آلاف السنوات سيمتد به الأجل ليكون له مثل كل هـؤلاء واولئك من الصبايا والصبيات !
.. أنه : النيل العظيم
وألقاه هناك ، تحت الشجرة ، وعيناه علي النيل .. كأنه الحارس ، في لحظات استرخاء .. يعود بعدها إلي نوبات حراسة متصلة ، ليحرس النهر الخالد ، والزرع الأخضر ، وسنابل القمح ، ونوارات القطن ، ومداخن المصانع ، وابتسامات الناس
.. هل طالت المقدمة أكثر مما ينبغي ؟
أشعر أنها مقدمة .. ولكنها في نفس الوقت تقديم
.. الفلاح من إحدي القري المصرية الصغيرة .. أحب الأرض والشجر ، وحفيف الريح ، وهمس الطبيعة ، وعشق الناس ، فتفاني فيهم ، وعاش لهم وبهم
هرب ذات يوم من البوليس ، فتخفي بين الناس ، واذا هم يلتفون حوله . كورق الشجرة ذات المائة عام ، لا تميز فيها ورقة من ورقة
وحاولت السلطة الانجليزية أن تتعقبه ، فاندس بين طيات البشر ، لتتفتح له القلوب لتحميه من السلطة ، وتفسح له فرص العمل ، شيالا للبضائع المنقولة ، أو سائقاً للوري ! وينام مرتاح البال ، مطمئنا إلي صدق الناس
.. ولعل المقدمة بعد هذا أن تؤدي بنا إلي التقديم
إن شخصية أنور السادات ، تتداخل تداخلا شديداً ، مع أرض مصر ، وقرية مصر .. والفلاح المصري ، الوارث الشرعي للصبر والصمت وطول البال ، منذ آلاف السنين ، ولا ييأس مع هذا .. أبداً
وفي قصة الفلاح الفصيح ، منذ آلاف السنين ، ظلموا فلاحا بسيطاً وألصقوا به التهم ، وتآمر عليه " مدير البيت العظيم" فحبسه ، ثم حاول أن يحول بينه وبين صاحب البيت العظيم ، حتي لا تصله منه شكوي
لكنه لم يسكت ، وظل يرسل كلماته ، مرة هادئة كأنها رجاء ، ومرة هادرة كأنها نذير .. حتي ظهر حقه وانتصر ! وفي قصة مراكز القوي ، منذ أربعة أعوام ، أرادوا أن يستعملوه تكأة لأغراضهم ! وطاولهم مرة بعد مرة ، حتي يطمئنوا تماماً إلي سيطرتهم عليه ! .. ولم ييأس ، ولا هو سلم أو استسلم ، حتي وضعوا أنفسهم في سلة واحدة ، هبطت بهم إلي القاع ! من هنا يصبح التداخل في شخصية السادات نوعياً ، فيرتبط بالأرض وبالزرع وبالبيئة .. كما يصبح التداخل زمنياً ، حيث تتداخل مراحل الزمن ، فتشتم عبق التاريخ ، ودخان المصنع وقد تنتشي بحلاوة الاساطير ، تختلط بدراسات المستقبل ! هذه شخصية أنور السادات ، والذين لا يعرفون مفاتيح هذه الشخصية ، سيصبح عسيراً عليهم أن يتعاملوا معه
قلت للرئيس ، بعد أن أخذت إلي جواره مقعدي ، تحت الشجرة القديمة والرضيعة معا - هذه بعض ملامح القرية يا سيادة الرئيس ، وأني لأعرف أنك مفتون بها
قال الرئيس في عشق
هي نبض القرية كما تقول ، أو روح القرية اذا أردت ، وفيها أجد الراحة والهدوء ، وهما من أهم ما أحتاج اليه ، لأستطيع أن أواصل مسئولياتي
ومضي الرئيس يفسر
أنك محتاج بين الحين والحين ، إلي أن تبتعد قليلاً عن قلب الزحام ، وما يسببه للناس من مشكلات ومضايقات لتري المشكلة أوضح ، وفي حجمها الصحيح ، والذين يعيشون في قلب المشكلة دائماً وبإستمرار ، يجدون أنفسهم في النهاية جزءاً منها ، ويصبح همهم كيف يتعايشون معها ، بينما يكون من واجباتهم أن يحلوها
.. وفي حديثه عن القرية ، أخذ الرئيس يتحدث بأسلوب العاشق .. أن مصر بلد أصيل ، لأن روح القرية تسيطر عليها ، بالحب والتسامح والثقة والقناعة والصبر ، والصدق مع النفس ومع الغير .. ولولا هذه الروح لما استطاعت أن تتحمل كل ما تحملته من محن وحرمان ، إنها تبذل من نفسها لجيرانها ، وكأنها تبذل ما تبذله لنفسها ، لا تعرف المن علي أحد ، حتي لو من عليها سواها ، ومصر بلد معطاء ، حتي في ظروف الحاجة ، وفي قريتنا الصغيرة يكرم الفلاح ضيفه بآخر رغيف عنده ، وقد تجوع زوجته ويجوع أولاده ، لكن عار عليه أن يأتيه ضيف .. ثم يجوع أو أن يطلب منه جار عونا ، ثم يخذل هذا الجار
- سيادة الرئيس انك لا شك تعيش امتع ذكرياتك هذه الأيام في ذكريات حرب اكتوبر العظيمة فهل تأذن ان أسأل سؤال غبياً أعرف صعوبة الإجابة عليه وشجعتني ابتسامته فمضيت : ان الأيام ذات الأثر في تاريخ الإنسان كأولاده ، ومن الصعب ان تسأل والدا عن أحب أولاده اليه ومع ذلك فأذن لي أن أسألك عن أحب أيام حرب أكتوبر قربا منك
قال الرئيس ونظراته العميقة علي صفحة النيل العظيم ليس السؤال غبيا كما تظن
ولست أريد ان اتحدث عن ٦ أكتوبر ، فقد تحدثت عنه كثيراً ، وهو بين أيام الحرب باكورة أولادي ، وللولد الأكبر دائما معزة خاصة عند ابيه ، لكني اقول لك بصدق ان أحب أيام الحرب الي قلبي ،
هو يوم ١٩ أكتوبر من عام ١٩٧٣م .. وحكي الرئيس قصه يوم ١٩ أكتوبر لأول مرة
في هذا اليوم ، كانت ثغرة الدفرسوار هي شاغلنا ، وقد كلفت رئيس الأركان السابق ان يتوجه بنفسه لتصفيتها والقضاء عليها ، وبينما كان هو يدرس ، ويجمع المعلومات ، ويشغل نفسه بإلتقاط الأخبار عنها من مختلف المصادر ، ويضيع الوقت في تحريات
بينما كان رئيس الأركان مهموماً بالمعلومات التي يتلقاها ، والثغرة تمرر الدبابات في مجموعات ، وتتكاثر مع ضياع الوقت جمعاً للمعلومات ، وتتغير المعلومات ، مع كل فرصة انتظار يعطيها لهم
في هذه الأثناء وفي ذلك اليوم ، قرر أولادنا في الصاعقة ان يقوموا بعمل فدائي ، وان يغامروا بأنفسهم وبأرواحهم ولايتركوا الثغرة مفتوحة ، تمر منها دبابات العدو
وعندما تلقيت نبأ استيلاء جنود الصاعقة علي الدفرسوار مدخل الثغرة ، وسيطرتهم عليها ، واصرارهم علي ان يسدوها تماماً ، شعرت بعظمة مقاتلينا الأبطال ، واغتبطت أشد الإغتباط لهذه الروح الفدائية الباسلة
لكن رئيس الأركان ، المكلف بالقضاء علي الثغرة ، أعطاهم امراً بالإنسحاب ، حتي يستكمل جمع المعلومات ووضع الخطة اللازمة لمواجهتها ! ولهذا عزلته يوم ١٩ أكتوبر ، وعينت الجمسي مكانه ، ولم اشأ ان اعلن النبأ ، اثناء المعركة
وبرغم أن الثغرة لم تكن الا تمثيلية تلفزيونية كما قال حتي جنرال بوفر ، الا ان عجز رئيس الأركان عن القضاء عليها في حينها ، كان كافياً لعزله
وأقول له
- وأظنه كان قراراً قاسياً ، في أثناء المعركة ياسيادة الرئيس ، ففي أثناء بعض الحروب ، تجاوز الرؤساء والملوك عن بعض الاخطاء ، لصالح المعركة
وأقول له وأظنه كان قراراً قاسياً ، في أثناء المعركة ياسيادة الرئيس ففي أثناء بعض الحروب تجاوز الرؤساء والملوك عن بعض الأخطاء لصالح المعركة قال الرئيس : كان صالح المعركة يقتضي التغيير ، مع عدم اعلانه
والذين يتحملون مسئولية أمة تخوض حرب كرامة وشرف ، لايجاملون الأشخاص علي حساب الناس .. علي حساب دماء الشهداء وتضحيات الأبطال .. علي حساب النصر الذي حقنناه ، ولم اكن اريد ان اجامل ، فقد كلفتنا المجاملة هزيمة ١٩٦٧ ، وما أعقبها من عار
قلت :- هل تعني سيادتك ان تغييراً كهذا كان يجب ان يتم قبل
معركة ١٩٦٧؟
قال الرئيس :عندما تكون القيادة مشغولة بكل شئ الا عملها ، عندما تكون مهمة الجيش نفسها قد انحرفت عن طبيعتها ، واتجه الإهتمام بأشياء أخري غير التدريب علي استعمال الأسلحة في القتال ، والاستعداد الدائم لخوض أية معركة نقررها بإرادتنا او تفرض علينا فرضاً ، فإن تغيير هذه القيادة يصبح ضرورة ، بل ويصبح الإبقاء عليها شيئاً غير مفهوم ، وحالة جيشنا قبل ١٩٦٧ ، كانت علي هذه الشاكلة ، يعمل في كل شئ الا عمله الأصلي ! يتولي الحراسات واستيراد مواد التموين والمساعدة في بعض المرافق ، ومراقبة الأفراد والجماعات ، ومراقبة كل منهم للآخر ! ثم نرسل الجيش علي اعرض الجبهات وسلاحه الجوي بلا غطاء بل مكدس في المطارات لمن يريد تدميره ، الهزيمة اذن نشأت من اكثر من ظرف أحاط بالمعركة ، القيادة لاهية عن القيادة ! والجيش مدرب علي انشطة رقابية تصرفه عن التدريب ! والخطة مكشوفة ، لايحميها غطاء ! ولم توضع الخطط البديلة عند الضرورة ، ولو وضعت لكان من الممكن ان يحتل الجيش الممرات ، فلا تقوي عليه هجمات الاعداء ، كل هذه العوامل ادت الي هزيمة ١٩٦٧
وسألت الرئيس :- وجيش ١٩٧٣ ؟
قال الرئيس : كان جيشاً محترفاً ، وظيفته انه جيش ، يعرف قيمة التدريب ، ويمارس التدريب بكل مشقاته ، ولاينشغل عن وظيفته القتالية بشئ علي الاطلاق
المشير احمد اسماعيل علي كان ضابطاً محترفاً ، لايتدخل في شئ لايعنيه ، بل يرفض ان يؤدي شيئاً لايدخل في سلطات وظيفته ، جنود هم ابناؤه ، وضباطه هم أهله وأصدقاؤه وأعوانه يعيش بينهم ، لا تشغله عنهم عملية سياسية ، ولاتصرفه عن واجباته ، واجبات أخري ، يقرأ ويتعلم ويطبق ما قرأ ، ويعدل في خطط القتال الي ماهو افضل
هذا هو جيش ١٩٧٣ ، ولايزال تحت قيادة الجمسي ، جيشاً محترفاً ، لأن الجمسي نفسه قائد محترف علي شاكلة سلفه المرحوم احمد اسماعيل
قلت للرئيس :- طالما طرقنا موضوع مراكز القوي ، فهل تأذن ياسيادة الرئيس ان اعود الي ثورة التصحيح في ١٥ مايو ١٩٧١ ؟ ان القصة نشرت عدة مرات ، لكن لابد ان هناك اشياء لاتزال تنتظر النشر . قال الرئيس :طبعاً اقالة علي صبري معروفة
انما الجديد انني حين اقلت شعراوي جمعه ، لم اكن اقصد مجرد اقالته ، لكني كنت اريد ان اقف علي ماقد يكون لذلك من اثر ، ولم يكن في تقديري انهم سيضعون انفسهم جميعاً في سلة واحدة ، ليسلموا لي البضاعة جاهزة . لقد استقالوا جميعاً دفعة واحدة ، فأعطوني الفرصة لأجهز عليهم دفعة واحدة
قلت للرئيس : سيادة الرئيس .. تأذن لي ان اضع تحليلاً لهذا الموقف " لقد غادرت القاهرة يوم ١٢ مايو ١٩٧١ ، لإجتماع محدد في هيئة اليونسكو بباريس ، وعندما بدأت اخبار الإستقالات تصل الي باريس ، ظهرت الصحف في شكل مخيف يوحي بإنهيار النظام في مصر ، وانزعج المصريون هناك ، انزعجوا علي مصر وعلي المصير الذي ينتظرها ، وعلي سيادتك
وكنت الوحيد الهادئ الأعصاب بينهم
وكان منطقي واضحاً تماماً ، هؤلاء ناس اتصلوا بالشعب من خلال السلطة ، وعرفوا الشعب من التقريرات ، ولم يرتبطوا بالشعب إلا ارتباطا عكسياً أساسه الكراهية والخوف ، لهذا كانت استقالاتهم موضع ترحيب الشعب ، لأنه كان تواقا الي ان يتخلص منهم ، وعلي الجانب الآخر كنت انت ياسيادة الرئيس .. وميزتك انك لم تدخل الحكومة ، ولم تمارس السلطة التنفيذية أبداً ، وظلت صلتك بجماهيرك مفتوحة ومتصلة > من خلال " جريدة الجمهورية " ، أو " المؤتمر الإسلامي " أو الجهاز السياسي ، أو مجلس الأمة ، إن كل المناصب التي توليتها يا سيادة الرئيس قد كانت مناصب تحتم طبيعتها أن تتصل بالجماهير ، وأن تعرف نبض الناس ، وأن تتعامل معهم ، حتي لو اختلفوا مع السلطة . وهذا بالقطع هو التفسير للرؤيا الشاملة التي تري بها الأمور العامة
ومضيت أقول للرئيس :- ولك في كل عام قرار هام وتاريخي
وأخذت أعدد والسيد الرئيس يشجعني علي المضي أو يتدخل لتصحيح معلوماتي
أن عام ١٩٧٠ ، كان عام رفع الحراسات والظروف الإستثنائية
وعام ١٩٧١ ، كان عام ثورة التصحيح
وعام ١٩٧٢ ، كان عام التخلص من الخبراء السوفييت
وعام ١٩٧٣ ، كان عام المعركة في ٦ أكتوبر
وعام ١٩٧٤ ، كان عام الإنفتاح
وعام ١٩٧٥ ، كان عام فتح قناة السويس
ولما انتهيت قلت للسيد الرئيس
- فماذا عن قرار عام ١٩٧٦ ، اذا لم يكن هذا السؤال .. سخيفا
وضحك الرئيس السادات وهو يقول : * عام ١٩٧٦ وما بعده ، مرحلة من العمل شاقة ، .. فقد أصبح علينا أن ندعم مكاسبنا بالتعمير .. بالبناء والتعمير . ان الناس تعاني من أشياء كثيرة في حياتها تعاني من المسكن ومن المواصلات ومن سوء الخدمات وإني لأفكر ليل نهار في تجدد الحياة علي هذه الأرض الطيبة ، وتسهيلها للناس . لأنهم أصحاب حق حرموا منه سنوات طالت ، وأصبح من حقهم أن يستعيدوا هذا الحق . لكن تعمير الإنسان يسبق أي تعمير آخر . لهذا فقد حرصت دائما علي تحقيق مبدأ سيادة القانون . قلت- منذ تصفية الحراسات
قال الرئيس : * وإلغاء الأوضاع الإستثنائية في نفس الوقت
ومضي الرئيس السادات يقول :* ان الإطمئنان الي العدالة ، والي الأمن ، والي الرزق ، والي اليوم والغد .. كل ذلك يجب أن يسبق كل شئ ، لأنه يمثل تعمير الانسان من الداخل ، وتحرير علاقتـه بالمجتمع ، ومن هنا يستطيع أن يشارك في البناء ، وفي التصدي للوضع القائم ، بمزيد من الإنتاج ، ليتخطي هذه العقبات أولا ، ثم يعبر الي مرحلة الإكتفاء ، ومنها ينتقل الي مرحلة الرخاء . لهذا فإني أتمني أن يشهد العام القادم استكمال مظلة التأمينات ، لتشمل كل عاجز أو مسن أو محتاج أو يتيم أو أرملة ، حيث تكون ، حتي ولو كانت في أطراف الصحراء
وإستدرك السيد الرئيس فقال : * هذه أمنيتي ، ولكن من يدري بم تفاجئنا به الأيام
وشعرت أن الفرصة قد واتت لحديث عن مفاجآت الأيام ، فسألت الرئيس
- أو تنتظر سيادتك .. مفاجأة ؟ حربا خامسا مثلا ؟ قال الرئيس السادات :* لقد أقمت سياسيتي علي ان اكون دائما علي استعداد ، وأيا كان جو السلام ، فإن السلام لايعيش ولا يستقر الا بالإستعداد للدفاع عنه ، بالقتال اذا لم يكن من ذلك بد ولقد كان قدر مصر ، ان تتحمل مسئوليتها عن نفسها ، وعن هذه المنطقة من العالم ، ولم تضق مصر ابداً بهذا القدر ، وهي تشعر بأن هذه المسئولية جزء من طبيعتها ، وأيا كانت الظروف المحيطة بها ، ومهما تنكر البعض لدورها في قيادة حركة التحرر ، ومهما حاول آخرون ان يعزلوها عن انتمائها العربي ، فإن ذلك لن يغير من طبيعتها ، ولن يصرفها عن دورها المقدور عليها ثم ان لنا مبادئنا الأساسية ، وهي لاتتغير بكلمة تصدر من هنا أو من هناك ، أو مزايدة حزبية يراد من ورائها التعمية والكسب الحزبي في الظلام ، ان سياسة مصر ثابتة وهي غير قابلة للإهتزاز ، لكن ذلك لايمنعها من ان تتأثر احيانا بالجحود ، متمنية ان يكون الجميع علي شاكلتها صرحاء وأوفياء
.. وطال الحديث وامتد . وأشعر اني أمام جزء حي من التاريخ ، وان من الوفاء لهذا التاريخ ، ان ابسط له مساحات أخري
الوقفة في حديث ، كالنقطة علي صفحة
والنقطة عند الكاتب ، جزء مما يكتب
الجزء الثاني
... كلحظات الصمت ، في تكوين موسيقي .. أن لحظة الصمت بدورها .. موسيقي! ... وبعد الوقفة عند قدر مصر ومسئوليتها التاريخية عن نفسها ، وعن هذه المنطقة من العالم ، قلت للرئيس السادات : هل كان في تقديرك ، كل ما حققته قواتنا المسلحة من بطولة علي أرض سيناء ؟ وقال الرئيس : كنت متفائلا مرتاح النفس . لقد خططنا للمعركة تخطيطا علميا مدروسا بكل ما تقتضيه الخطة من تفصيلات ، وواجبات ومهام . كانت خريطة سيناء أمامي بكل معالمها . كل تفصيل علي أرض سيناء كان موضوعا في الإعتبار . وكل قائد وكل مقاتل كان يعرف واجباته ، ودرب عليها ، واستعد لها استعداد هائلا
لهذا فقد كنت متفائلا ومرتاح النفس
أولادي في القوات المسلحة كانوا علي أعلي درجات التأهب والاستعداد . وكنت في نفس الوقت أعرف أولادي من أبناء شعبنا الطيب ، أصلاء ورجالا وأبطالا عند الشدة . ثم كان في تقديري أن أبناء الأمة العربية جميعهم مشوقون الي معركة شرف وكرامة وكبرياء ، وأن مثل هذه المعركة ستلهب مشاعرهم وستستبد بكل ما يملكون من الحماسة والطاقات . ولم يكن لدي أدني شك في الانتصار . وكان تخطيطي للمعركة أن تستمر أطول وقت ممكن ، وقد التقي معي في هذا التخطيط المغفور له جلالة الملك فيصل ، فقد طلب مني أن تطول المعركة بالقدر الذي يمكن من تكوين رأي عام عربي
قلت للرئيس : وكان هذا موضع اتفاق مع الرئيس الأسد ؟
قال الرئيس السادات : طبعا .. كل هذه التفصيلات كانت موضع اتفاق ، ولهذا كانت دهشتي بالغة عندما أبلغني الروس بطلب سوريا وقف إطلاق النار ، بعد ست ساعات فقط من بدئها ، وجنودنا يقتحمون أرض سيناء ، بعد المعجزة التي حققوها باقتحام خط بارليف . وزادت دهشتي ، عندما علمت أن السوريين تقدموا بطلبهم للروس قبل بدء المعركة ، وقد حكوا هذه الحقيقة للرئيس تيتو
قلت للرئيس : سيادة الرئيس .. كانت هناك قيادة مشتركة أفلم تكتشف هذه القيادة شيئا من هذا ؟ قال الرئيس السادات : علي العكس . لقد كان المرحوم أحمد إسماعيل علي قائداً عاما للقيادة المشتركة ، ولقد ذهب الي الجبهة السورية قبل المعركة ليضع خبرته تحت تصرف الجيش السوري . وقد فوجيء الرجل بأن الضباط السوريين يقولون له أنهم سيستولون علي كل الجولان ، خلال ثمان وأربعين ساعة من بدء القتال . لكن المشير رحمه الله قد كان جنديا محترفا ، وكان دقيقا في أحكامه ، فنبههم الي خطر الإسراف في التفاؤل علي هذا النحو ، وقال لهم ان الاستيلاء علي الجولان علي وثبات ، مع تحطيم قوات العدو فيما يسمي بمناطق قتل في كل وثبة ، كما نقول في التعبير العسكري . لكنهم أصروا مؤكدين أن ذلك تخطيطهم
قلت للرئيس السادات : إن طلب وقف إطلاق النار بعد ثمان وأربعين ساعة أذن ، كان قائماً علي هذا التوقع ، يستولون علي الجولان في جولة واحدة مدتها ثمان وأربعون ساعة ، وتتدخل الأمم المتحدة من خلال مجلس الأمن لوقف القتال ، بعد أن يكون هذا الاستيلاء قد تم كما قدروا هم
قال الرئيس السادات : .. ربما . لكن المشير أحمد إسماعيل علي كان يعرف قوة العدو ، كما كان يعرف أن قواد إسرائيل قد كسبوا خبرة الحرب العظمي الثانية ، وأنهم بالقطع ليسوا قطعا من الشطرنج ولكنهم مدربون . وخبراء مزودون بأحدث الأسلحة الإلكترونية الأمريكية . وليس عيبا أن تعرف قوة عدوك . وانما العيب ألا تستعد لها بما تستحقه من تدريب وتسليح واستعداد للتضحية
قلت للرئيس السادات : هل تأذن لي أن أسأل ، هل حققت حرب أكتوبر أغراضها ، كما خططت لها ؟ قال الرئيس : بنصف معركة تحققت الأهداف التي استهدفناها منها بينما كان تقديرنا أن نحقق هذه الأهداف بمعركة كاملة
ورآني الرئيس محتاجا الي مزيد من الإيضاح فقال وهو يضحك : رب ضارة نافعة
ومضي الرئيس يشرح : عندما وصلت أول أخبار عن الحرب الي الولايات المتحدة ، أيقظ كيسنجر الرئيس نيكسون من نومه ، ليبلغه النبأ . ثم أتصلت تل أبيب بأمريكا لتقول : أننا سندق عظام العرب خلال يومين ، وسنعطيهم درسا لن ينسوه أبدا
وبعد يومين عادت إسرائيل فإتصلت بأمريكا لتقول لهم أننا قضينا اليومين الماضيين في التعبئة ، خاصة بعد عيد الغفران وموسم الأجازات ، ولا نحتاج إلا ليومين آخرين ، لندق عظام العرب ونعيد عقولهم الي رءوسهم
وسأل المسئولون الأمريكان : وهل تريدون أسلحة أو عتادا ؟ ورد الإسرائيليون عندنا كل شيء الآن ، وسنحتاج الي تعويض مانخسره مستقبلا
ومضي اليومان ، ولم يستطيعوا أن يدقوا عظامنا ، وإنما ظلوا مهزومين ينسحبون في هلع . وقد انهار ديان في الميدان وبكي أمام الصحفيين الأجانب والإسرائيليين ، لأنه أيقن أنه خسر الحرب ، وقال بالحرف الواحد : لن نستطيع أن نزحزح المصريين بوصة واحدة
وهنا انطلق شعار : انقذوا إسرائيل
حملة سفير إسرائيل في واشنطن ، فاتصل كيسنجر مرة أخري بجولدا مائير ، فإعترفت بأن الموقف يحتاج الي انقاذ ، وأدرك كيسنجر بعقله الاستراتيجي أن إسرائيل قد فقدت هذه الجولة ، فكلف البنتاجون بإتخاذ إجراءات انقاذ إسرائيل ، وبدأ القمر الصناعي الأمريكي يعمل لتحديد صورة الموقف ، وعلي أساسها تتحدد كمية المعونة الأمريكية وحجمها
قلت للرئيس : إذن لم تصور الأقمار الصناعية الأيام الأربعة الأولي . قال الرئيس لم تصور الموقف إلا بعد اليوم الرابع
قلت للرئيس : خسارة .. كان يمكن أن نسجل للتاريخ صورا رائعة عن مرحلة من أهم مراحل التطور في حربنا مع عدونا
قال الرئيس السادات : كان الإنطباع الذي أكده القادة الإسرائيليون أنها ليست الا نزوة عربية ، ستردها إسرائيل الي صدور العرب في قسوة وحسم ، فلم يهتم أحد بتسجيلها ، ولم يدركوا حقيقتها بناء علي تقريرات إسرائيل الرسمية . المهم أن الولايات المتحدة بدأت تدخل المعركة ، من خلال جسر جوي أقاموه بسرعة ، وبدأوا يرسلون طائراتهم بطياريها ، ودباباتهم بأطقمها .. يهبط كل ذلك في مطار العريش ، ويتجه علي الفور الي الميدان
من يوم ١٧ أكتوبر وأنا أحارب أمريكا ، وأسلحة أمريكا ، وعتاد أمريكا . ولم يكن هذا ممكنا ، الا إذا كنت أغامر بحياة أبنائي المقاتلين الأبطال ، وهم عندي أغلي عنصر من عناصر القتال الشريف
لكن تدخل أمريكا في جانب إسرائيل ، قد خلق موقفا جديدا ، وأدي بالتالي الي موقف أمريكي جديد ، والي الفصل الأول للقوات ثم الفصل الثاني ، لتتحقق أهداف المعركة بوصولنا الي الممرات ، ولم نكن قد أنجزنا من خطة المعركة إلا نصفها . هم إذن الذين اختصروا معركتنا الي النصف ، لكن نصف المعركة قد حقق أهداف المعركة الكاملة
قلت للسيد الرئيس : ... ولو لم تتدخل أمريكا ؟
قال الرئيس : كنا قد مضينا نتمم معركتنا حتي الممرات ، وحقول البترول ، ثم تصبح بقية أرض سيناء ، بساطا مكشوفا في قبضة أيدينا عندما نريد
قلت للرئيس : وخسائر المعركة الكاملة كانت ستكون الضعف
قال الرئيس السادات : الحمد لله أن خسائرنا محدودة ، حتي لاتكاد تقارن بما كسبناه . ولقد كانت تعليماتي للمشير إسماعيل والقادة العسكريين منذ البداية ، هي أني لا أريد لقواتي أن تتحطم ، ولا لعتادي أن يتبدد ، في مغامرة تؤدي الي استنزاف قوانا وتتركنا - حتي ولو كنا منتصرين - في حالة ضعف قد يفتح احتمالات الهزيمة ، لو استطاع العدو إعادة تجميع قوته ، أو لم صفوفه
وسألت الرئيس : هل أعرف من سيادتك أحد أسرار الموقف ؟ علي أي وضع خرجت قواتنا بعد ٢٢ أكتوبر عام ١٩٧٣ ؟ هل كانت علي نفس الدرجة من الاستعداد لاستئناف القتال ؟
قال الرئيس في ثقة : لقد خرجت قواتنا أقوي كثيرا بخبرة القتال مما دخلت المعركة . وبالنسبة للسلاح والعتاد ، كانت درجة استعدادنا بعد المعركة أكبر برغم فقدنا لبعض الأسلحة وخاصة في الطيران . أما معنويات الرجال ، فقد كانت فوق السحب . لقد استعادوا تاريخهم المجيد ، وعادت اليهم الثقة في قدراتهم ، ولم يعودوا يخافون العدو ، أو يصدقوا دعاياته ، أو يقعوا تحت تأثير المقالات المثبطة للهمة الداعية لليأس
قلت للرئيس السادات : الحرب نوع من اختبار القوي ، وأيام الاختبار تسفر عن مفاجآت - مهما يكن الحساب - فهل لم تكن هناك مفاجآت خلال أيام القتال ... مفاجآت حرجة ومخيفة؟ قال الرئيس ، ونهر النيل أمام عينيه : ما أصعب أن تكون مسئولا عن أرواح آلاف الآلاف ، وهي تقاتل . إن القائد الأعلي الذي يصدر قرار الحرب ، لا يفكر في نفسه ، ولكنه يحسب حساب كل قطرة دم تسيل علي أرض المعركة . كل لحظة خوف قد تزعزع الثقة في قلب مقاتل كل ومضة خطر تحيق بمغامر يقتحم المواقع دفاعا عن شرف التاريخ . معاناة قاسيـة علي النفس ، لولا أنها من أجل هدف أسمي وأبقي وأخلد . من أجل جموع الفلاحين البسطاء ، ممن يريدون أن يزرعوا أرضهم آمنين . من أجل ملايين العمال ، ممن يريدون أن ينتجوا وأن يكسبوا ليعيشوا ويربوا أبناءهم حتي يفرحوا بهم ، ويزوجوا بناتهم مطمئنين . من أجل كل صاحب مهنة أو حرفة . هذه الرغبة في إستقرار الحياة آمنة ورغدة علي أرض الوطن ، هي التي تبرر كل ما يتحمله المسئول عن إصدار قرار الحرب . هذا الي جوار الحرية - وهي عزيزة - والكرامة - وهي غالية - واستقلال الارادة - وهي مظهر كرامة الإنسان
وبرغم كل ذلك ، فإن اللحظة الحرجة التي لا أنساها ، هي تلك التي حدثت عقب اختراق ثغرة الدفرسوار ، واقتراح الفريق الشاذلي أن يسحب المقاتلين من سيناء ، ليواجه بهم آثار الثغرة . ساعتها تصورت أفظع نتائج يمكن أن تسفر عنها الحرب . إن هذا لو تم ، لتكررت مذبحة ١٩٦٧ ، بصورة أقسي وأمر . كان معني هذا الاقتراح أن أقدم أولادي للمذبحة فضلاً عن تعريض قواتي كلها لدمار كامل . وبينما كان رئيس الأركان يقترح هذا ، كان الجنود والقادة ينتظرون القرار وهم في أوج روحهم المعنوية . لم يكن فيهم واحد مستعد لأن يخلي مكانه علي أرض سيناء . ولم يكن فيهم واحد يريد أن يتزحزح عن موقعه
وكان قراري عزل رئيس الأركان الفريق الشاذلي ، وتعيين الجمسي في مكانه ، وألا يترك أحد موقعه أبدا . لحظة اختبار كانت في غاية الدقة والحرج والخطر كذلك ، لكن الله وفق الي اتخاذ القرار السليم في الوقت المناسب تماما
قلت للرئيس : وكان هناك تخوف من أن تمتد قوات الثغرة الي عمق الوادي .. والي القاهرة مثلا ؟
قال الرئيس السادات وهو يبتسم : هل يجرؤون علي دخول القاهرة ؟ اذا كانت السويس ، وهي مدينة هاجر أهلها ، ولم يبق فيها أكثر من بضعة آلاف ، قد أذاقتهم الويل ، واستولت علي كل دبابة دخلت ، وأسرت كل جندي من جنود الأعداء غامر بالدخول . اذا كانت السويس قد فعلت هذا ، فماذا كان يحدث لو اقتربوا من القاهرة ؟ اني لم أتصور لحظة أن ذلك ممكن ، أو أن الجنون قد وصل بهم الي هذا الحد . الثغرة قد كانت معركة تليفزيونية أستغلت للدعاية ، أكثر منها عملا عسكريا يحسب له حساب . بل لقد وضعنا خطة للقضاء عليها نهائيا وتصفيتها ، لولا أن كيسنجر قال لي أن ذلك لو تم فستدخل أمريكا الحرب ضدنا ، بصورة واضحة ومكشوفة . وهذا وحده كاف لإثبات أن الثغرة قد كانت مخططا أمريكيا ، لحفظ ماء وجه اسرائيل أمام العالم لا أكثر ، ولتستعمل بعد ذلك كنوع من الدعاية المكشوفة
قلت للرئيس السادات : بمناسبة كيسنجر ياسيادة الرئيس .. هناك سؤال يراود الناس .. وبعيدا عن التعصب لشيء . فهو وزير خارجية أمريكا ، ولكن ديانته يهودية ، ففي أي الجانبين يقف ؟
قال الرئيس : كيسنجر يقف مع مصالح بلاده ، ويعمل لتحقيقها . والسؤال هو: أين مصالح الولايات المتحدة الأمريكية من هذا الصراع ؟ أن استراتيجية أمريكا قائمة علي المحافظة علي وجود اسرائيل وهنا تلتقي الاستراتيجية الامريكية مع الاستراتيجية السوفيتية . ولكن أمريكا دأبت علي أن تطلق يد إسرائيل في المنطقة تعربد فيها كما تشاء ، وكانت تؤيدها بالنفوذ السياسي ، وبالدعم الاقتصادي ، وبالسلاح والعتاد . لكن حرب أكتوبر خلقت موقفا جديدا ، بدأ يهدد استراتيجية أمريكا في المنطقة ، لو ظلت تطاول اسرائيل وتؤيدها علي طول الخط . ومن خلال واقع جديد ، أحست أمريكا أنها لاتخدم استراتيجيتها هي ، لو ظلت تتبع نفس الصيغة القديمة في إطلاق يد اسرائيل تفعل في المنطقة ما تشاء . ولكي تحافظ أمريكا علي خطوط الاستراتيجية الأمريكية كما هي ، فقد صار عليها ، أن تضع قوة العرب في الاعتبار ، وفي مقدمتها روعة الأداء العسكري للمقاتل المصري . وهنا تزحزحت أمريكا عن موقف التأييد المطلق وبلا حدود لإسرائيل ، وبدأت تفهم أن من صالح اسرائيل نفسها ، أن تواجه الحقائق الجديدة ، من أرض الواقع . ان حرب أكتوبر تمثل واقعا علي أرض هذه المنطقة ، وقد تركت بصماتها علي اقتصاد العالم ، وعلي ما أصاب المجتمع الاسرائيلي من تمزق وانهيار ، وعلي إدراك العالم للحقائق الجديدة . وقد كانت تصرفاتنا بعد الحرب منبثقة من الثقة بالنفس . أعلنا سياسة الانفتاح دون حذر أو خوف ، تأكيداً لقدرتنا علي حماية هذا الانفتاح ، وفتحنا قناة السويس ، دون أن نلقي بالا للتحذير ، لأننا لم نعد ننظر الي الوراء ، بعد أن صار هذا "الوراء" ماضيا لن يتكرر
قلت : معني هذا أن كيسنجر يخدم إسرائيل
قال الرئيس السادات : ويضع قوة العرب في الإعتبار ، بعد أن لم تعد اسرائيل هي القوة الوحيدة في المنطقة ، كما أشاعت في الدنيا كلها ، طوال ربع قرن
قلت للسيد الرئيس : ... والاتحاد السوفيتي ياسيادة الرئيس ؟
قال الرئيس السادات : لقد حكيت مدي المعاناة التي تحملتها من صيغة التعامل التي يتخذها الاتحاد السوفيتي ، لكني رغم كل هذا ، لا أغلق الباب معه ، ولا أظن أن من الحكمة أن تتدهور علاقاتنا مع الاتحاد السوفيتي وقادته . ولعلهم أن يكونوا قد أدركوا الآن مفاتيح الشخصية المصرية ، فنحن لسنا تابعين لأحد ، ولن نقبل التبعية لا لهذا ولا لذاك ، وطالما أن إرادتنا حرة ، وأن الاحترام بيننا متبادل ، فإن الأمور يمكن أن تسير في طريقها الطبيعي
حدث مثلا أن ذهب بودجورني ، رئيس الاتحاد السوفيتي لزيارة تركيا ، وهناك أدلي بتصريحات ضدنا ، حملت كثيرا من الهجوم الرديء
وعندما رغب بعد هذا في الحضور الي مصر لمقابلتي رفضت أن ألقاه أو أقابله لأنه أباح لنفسه أن يهاجمنا بأسلوب غير لائق ، وأنا لا أقابل من يوجه اهانة لمصر
والحديث مع هذا متصل وممتد .. وزاخر
... كنهر النيل
ابن خلدون فيلسوف التاريخ ، اتخذ من الحاضر
وحدة تاريخية ، تصلح للقياس
الجزء الثالث
ذلك أن الحاضر ، قد كان في أمس " أملا " .. وهو للغد " أساس "! والإسراف في تقدير الماضي ، قد يجر الي اراجيف الأساطير " والإسراف في تصورات المستقبل ، قد يصبح نوعا من احلام الشعراء ! والشئ المحقق دائما ، هو ما بين يديك : الحاضر
وعلوم التخطيط كلها - وهي تستهدف المستقبل - تجد نفسها معتمدة علي الحاضر
... بل ان كلمة تخطيط نفسها قد صارت قديمة عند العلماء ، بعد ان ظهرت دراسات المستقبل ، وصارت هذه الدراسات علوما متكاملة الأركان ، وصارت لها في جامعات العالم المتطور كراسي ، يحتلها أساتذة أجلاء
ومع هذا ، فإن دراسات المستقبل ، لا تقوم علي خيال ، ولكنها تستند الي واقع
والواقع هو ابدا هذا الحاضر
ما أصدق ابن خلدون في تحليله للتاريخ ! وأقول للرئيس السادات : بودي ان انقل لقراء " الجمهورية ": وهي جريدتك ، رؤياك للحاضر الذي نحياه .. كيف ياسيادة الرئيس تراه ؟ وقال الرئيس السادات وعيناه تدوران بين مناظر الطبيعة الفسيحة في القناطر ومجري النهر العظيم : بودي ان تعيش اجيالنا في الحاضر بمنطق الحاضر ، وفي حدود احكامه وما طرأت عليه من تغيرات
وأنا ممن يحبون التاريخ اقرؤه ، وأستمع اليه ، وأستمتع به ، واستفيد من عبره ، لكني أوثر أن أعيش يومي ، بكل مقاييس اليوم ومقتضياته
وجمال التاريخ انه تاريخ يروي للناس في صدق ، لكن ان يقيدهم ، ويحدد سلوكهم ، فإن ذلك إذن يصبح نوعا من الأسر ، يشل حركة الفكر ، كما يشل حركة السلوك
ولقد تجاوزنا أوضاعا كثيرة جدا ، يجب ان نلقيها وراء اكتافنا
تجاوزنا الهزيمة ، وكانت نوعا من الكابوس الثقيل ، يصبغ كل تصرفاتنا بالتوجس والخوف من المجهول ، وأخذ الأشياء بإحتياط وحذر .. والريبة في كل ما نسمع ، والتشكك في كل ما يقال
كنا وقتها معذورين ، فحجم الهزيمة قد كان فوق ما كنا نتوقع ، اما وقد حطمنا هذا الحاجز ، فقد صار علينا أن ننظر الي الحياة بمنظار آخر تماما ، أساسه الثقة والتفاؤل والعمل علي زيادة الإنتاج . وكما كانت الهزيمة عبئا علي نفوسنا ، ألقت كثيرا من الإنطواء علي النفس ، فإن النصر لا يعني أن نتصور ان الدنيا يمكن أن تتغير في يوم وليلة ، اننا نحن الذين سنبني المستقبل ، والبناء محتاج لجهد ولمال ولعرق ولصبر ، وإلا سنقع في خطأ تفاؤل مسرف ، في مقابل ما كنا نعانيه من تشاؤم مسرف ، والإسراف خطأ في التفاؤل أو التشاؤم علي حد سواء
لقد درجنا مثلا علي تقديس بعض القوالب . وربما كان لنا عذرنا في هذا التقديس ، لكن ماذا يمنعنا الآن من التفكير الحر في كل هذه القوالب القديمة ، لنصحح ما يحتاج منه التصحيح ، ونبقي علي ما ثبت لنا استمرار صلاحيته ، ونستنبط صيغا جديدة للعمل اذا كان ذلك ضروريا لدعم حياتنا
هذا كلام اظننا نستطيع ان نتفق عليه . انما العبرة دائما بالتنفيذ ، ففي احيان نقتنع بشئ لكنا عند التطبيق نجد انفسنا نطبق شيئا آخر ألفناه واعتدنا عليه . اننا محتاجون الي تغيير نمط حياتنا ، بما يتناسب مع أوضاعنا الجديدة وفكرنا الجديد
قلت للرئيس : والأفكار التي انتشرت بعد حربين عالميتين مدمرتين ياسيادة الرئيس ؟.. أعني ما يسمي بالتقدمية أو اليسار ، او الاشتراكية بمفاهيمها المختلفة ؟
قال الرئيس السادات : اننا نطبق الاشتراكية في بلادنا ، ونتخذها طريقا لحل مشكلاتنا ، لكنها اشتراكية تنبع من مجتمعنا . وترتبط بقيم المجتمع ومقدساته ، وتحترم الأديان وتستوجبها كذلك وبهذا فإن اليسار ، في ضوء هذا التطبيق لا يكون غريبا عن أرضنا . اما التطرف في التطبيق ، أو التبعية لأحزاب خارج بلادنا ، فذلك ما نرفضه تماما ، لأن اضراره ستنصب أولا علي ارادتنا ، فتصبح هذه الإرادة مشلولة ، وقد دخلنا كل مراحل الصراع تحريرا لإرادتنا . هذا مبدأ اساسي مقرر منذ قامت الثورة . علي أن هذا لا يعني أن نكون خصوما لمن يطبقون مبادئ أخري غير مبادئنا . انهم يستوحون مبادئهم من واقع مجتمعاتهم ، وإذا كنا نرفض ان يتدخل أحد في توجيه ارادتنا ، ان علينا ان نعطي الآخرين حق رفض تدخلنا في توجيه اراداتهم ، ولو سلبا .. أعني بمعاداتهم واتخاذ موقف الخصومة منهم
قلت للرئيس:وكيف تري سيادتك تعدد المنابر داخل التنظيم السياسي؟
قال الرئيس السادات : ان حرية التعبير مكفولة داخل التنظيم السياسي ، وأظن ان علينا ان نبدأ بداية طبيعية غير مصطنعة . ولو اننا اقمنا منابر ، وأطلقنا عليها مثلا ، اسماء اليسار والوسط واليمين ، فإن هذه الأسماء ستصبح مجرد لافتات مفروضة علي اعضاء الإتحاد الاشتراكي ويصبح عليهم ان يصطفوا تحت لافتة منها . وهذا ما لم ترده ورقة تطوير الاتحاد الاشتراكي أو تقصد اليه . انما الطبيعي ان يترك لكل عضو حرية التعبير عن رأيه في اية مشكلة مطروحة فإذا تلاقت آراء عدد منهم ، في عديد من القضايا ، فإن الأمر الطبيعي هو أن يندرجوا تحت منبر يقررونه هم ، ويشاركون من خلاله ، في القضايا العامة ، ويساهمون بالرأي وبالتجربة ، في اثراء خطط التنمية ورفع معدلات الأداء
قلت للرئيس : ستكون المنابر اذن متحركة
قال الرئيس السادات : في البداية ، حيث آراء الناس لا تزال غير محددة حول المسائل المطروحة ، فإن تركها هو وسيلة تحديدها والتعرف عليها والالتفاف حولها
قلت للرئيس : فإذا استقرت ياسيادة الرئيس .. أليس هناك احتمال تحولها الي أحزاب ؟ أو في القليل الي كتل سياسية داخل التنظيم ، لكنها كالأحزاب فيما تحدده لنفسها من مبادئ ومناهج وبرامج عمل ؟ قال الرئيس السادات : إن تكونت بالصورة الطبيعية ، وبالصيغة التلقائية ، وبمنطق التطور السياسي المدروس ، وبإقتناع كامل من جماهيرها ، فما الضرر في أن تتشكل في شكل سياسي ما ، أو في صورة احزاب صريحة وواضحة . انني أومن بالتطور ، وبأن تقييد الفكر خيانة للتقدم ، وبأن الناس - والناس وحدهم - هم اصحاب الحق في اتخاذ القرار ، طالما يلتزمون في اتخاذه بالحوار الديموقراطي المستنير وبإحترام الشرعية الدستورية ، وبالاسلوب الوطني الذي يرفض فرض ارادة الغير علينا ، أو شق الصف الوطني تنظيم عميل
قلت للرئيس : وقد كان هذا واضحا منذ ثورة التصحيح في ١٥
مايو ١٩٧١ .. لكن لماذا لم نقطع الشوط الي نهايته منذ ذلك التاريخ ياسيادة الرئيس ؟ لقد كانت جماهير الأمة معك ... أفلم تكن هذه فرصة لتنفيذ المخطط الديموقراطي الشامل الذي وضعته منذ تحملت المسئولية ؟
وقال الرئيس السادات : في ١٥ مايو ١٩٧١ ، كان يكفي أن أتخلص من مراكز القوي ، حتي لا تكون عقبة في سبيل المعركة وكنت قد انتهيت معهم من معركة الغاء الحراسات والظروف الاستثنائية .. وكان من الضروري أن تتقرر حرية الصحافة ، لكني أثرت أن أرجئ ذلك لما بعد المعركة
وقلت للرئيس : سامحني أن سألتك بصفتي صحفيا ، يتحدث إلي صحفي كبير ورائد ، وصل الي رئاسة الجمهورية ، لكني واثق انه لايزال يعتز بصفته الصحفية .. هل ترون ان حرية الصحافة كان يمكن ان تكون عقبة في طريق المعركة ؟
قال الرئيس السادات وهو يضحك : سأروي لك حكاية ، بعد اطلاق حرية الصحافة ، جاءني صديق يسأل في براءة : متي ستقوم الثورة في مصر ؟
وإستغربت السؤال بطبيعة الحال ، لكن الصديق كان قد لاحظ ان الصحافة بعد الحرية ، انطلقت تعدد الاخطاء ، حتي خيل لمن يقرأ الصحف بعد الغاء الرقابة عليها ، ان كل شئ في مصر خطأ ، وفاسد ومرتبك ، وان الحياة لم تعد تطاق ، وان ملايين المصريين ثائرون علي هذه الأوضاع ، فلم يعد باقياً الا ان تقوم ثورة تصحح الأوضاع
لكني ضحكت لملاحظة الصديق ، ولم اضق بها ،
وقلت له : ايا كانت نتيجة حرية الصحافة ، وايا كانت درجة اندفاع الصحف في النقد ، حتي ولو كان جارحاً ، فهي أسلم من الكبت وحبس الرأي ، ومنع الأقلام عن التعبير ، ان التنبيه الي الخطأ ، مهماً يكن قاسياً ، فهو في النهاية نوع من الرقابة الشعبية ، لابد ان تكون له نتائجه الايجابية
وقلت للرئيس : كذلك فإن بعض المسئولين يضيقون بحرية الصحافة ياسيادة الرئيس
قال الرئيس السادات : هذا شئ طبيعي ، الصحافة خرجت من كبت طويل فأسرفت ، وبعض المسئولين خرجوا من صمت طويل فضايقهم الضجيج ، لكن الممارسة كفيلة بالوصول الي صيغة مناسبة تؤكد الحرية بمفهومها الصحيح ، وتشجع المسئولين علي التعرف علي الحقائق من خلال مايذاع
قلت للرئيس : وقد نري نفس الظاهرة في تعدد المنابر ، حين تبدأ الممارسة داخل التنظيم السياسي
قال الرئيس : لكن الممارسة كفيلة بتصويب الخطي علي الطريق السليم والمشروع
قلت للرئيس : فإن حاولت التيارات الحزبية القديمة ان تستغل هذه المنابر ؟
قال الرئيس: انا واثق من وعي الاتجاهات الأخري ، التي تؤمن بالتحالف ، وتتخذه وسيلة الي تفادي الصدام الدموي بين طبقات الشعب ، وأظن ان أحدا لايرضي بأن تدخل تجربة كتجربة البرتغال مثلاً ، حتي يتطور الصراع الحزبي ، الي مايشبه الحرب الأهلية
قلت : ومايدور حول القطاع العام ياسيادة الرئيس ؟
قال الرئيس السادات : القطاع العام هو قاعدة الاقتصاد المصري ، وهو يمثل وسائل الانتاج الرئيسية ، لكن مصلحة هذا القطاع تقتضي تخليصه من عيوبه ومعوقاته ، وليس معني الاهتمام بالقطاع الخاص ، ان ذلك سيكون علي حساب القطاع العام ، فلكل له مجاله ، وله طبيعته ، وله اختصاصه ، وقد تكون المنافسة بينهما وسيلة لتطور كل منهما وجودة ماينتجه كلاهما ، اننا منذ اقمنا القطاع العام ، لم نفكر في الغاء القطاع الخاص ، فإن هذا مستحيل ، وتشجيع الكفايات الفردية ، دعم لجوانب الخلق والابتكار ، وكما ستمضي سياستنا في تشجيع القطاع الخاص ، فستمضي في نفس المستوي نحو دعم القطاع العام وتطويره
قلت للرئيس : هذه النظرة للواقع الوطني ، تحتاج الي نظرة للواقع العربي ، فإنهما واقعان متكاملان ياسيادة الرئيس
قال الرئيس السادات : لقد طلبت من امريكا ضماناً كتابياً لإجراء فك اشتباك ثان علي الجولان ، ولهذا-فبعيدا عن التأثر بالأصوات العالية التي شوشرت علينا - فإن هذا الموضوع منته ، كذلك فإن التعرض لمشكلة حلول لقضية فلسطين ، لن يكون في غيبة ممثلي الشعب الفلسطيني ، ونحن لن نهدأ ولن نستقر الا اذا حلت قضية فلسطين حلا يرضاه شعب فلسطين ، وجبهة التحرير الفلسطينية ، بإعتبارها الممثل الشرعي الوحيد لهذا الشعب
طلبت ايضا من امريكا ضمانا بإشتراك الفلسطينيين في التسوية لأنه بدون حل مشكلة فلسطين لن تكون هناك تسوية
اني اعتبر هذه الموضوعات كلها مقررة وواردة في اية مشروعات تستهدف الحل
انما الشئ المزعج حقيقة هو مايدور في لبنان ، انه شئ خطير ومخيف ، ان تتعرض لبنان لهذه الأعمال الدموية علي ارضه ، وبقدر حرصي علي حركة الفدائيين الفلسطينيين داخل لبنان فإني ، اعتقد انه لو تخلصت لبنان ، من ألوان التدخل في شئونه ، واستغلال الأطراف المتنازعة لزيادة الخلاف وإذكاء روح الصدام لتمكن الاطراف من التفاهم وحل مابينهم من مشكلات ، ان هذه الأطراف تعيش علي ارض واحدة ، واضطراب الأمن تدفع ضريبته كل الأطراف ، ولو ان الأمر اقتصر علي مابين السلطة اللبنانية والمقاومة ، لما تصاعد الخلاف كل يوم علي هذا النحو ، ولست ادري كيف يفكر الحزبيون في ترجيح مصالح حزبهم ، علي المصالح القومية في لبنان ، ان الأحزاب لن تتحمل مسئولية الدمار لو وقع ، وستتهرب من المسئولية ، لو تفجر الموقف ، وأخذ يهدد بكارثة أشد هولا من كارثة الهزيمة في سنة ١٩٤٨ ، ان مسئولية الأمة العربية كلها عما هو جار في لبنان يحتم عليها ، ان تحول بين القوي الخارجية وتخريب بلد عربي شقيق وعزيز ، وتشتيت جهوده ، وانصراف اهله الي الهروب من الخوف والفزع والخطر المستمر ، فلايعود لهم بعد ذلك جهد يبذل في سبيل لبنان وخدمته وتطويره
قلت للرئيس : ولهذا كان نداء سيادتك صريحاً برفع الأيدي من لبنان .. لكن أية أيد ياسيادة الرئيس ؟ قال الرئيس السادات : ان اصحاب الأيدي يعرفون انفسهم ، لأن ايديهم مضرجة بدماء الأبرياء، وبالنهب والسلب والتشويه
قلت للرئيس : هل نمد بصرنا صوب المغرب العربي .. أو بصراحة نحو ليبيا ؟
قال الرئيس السادات : كلهم أبنائي ، وليس بيني وبين أحد سوء ، وبقدر مايحتفظ الأخوة في لبييا بحسن الجوار ، والإلتزام العربي ، فإني لا احتفظ لهم الا بالود والتمني بأن يوفقوا في خدمة شعبهم وبلادهم
قلت للرئيس : وهذا العالم الواسع الذي نعيش فيه ياسيادة الرئيس ؟
قال الرئيس السادات : انه عالم متغير ، سريع الحركة ، متيقظ لمصالحه ، عامل علي صيانتها ، وليس هذا شأننا ، يكفينا من العالم ان يتبادل معنا الإحترام ، وان يؤمن بقضيتنا ، وان يعطينا بقدر ما يأخذ وألا يرجح اعداءنا علينا ، وان تكون نظرته لهذه المنطقة ولقضية فلسطين ، نظرة موضوعية تؤدي الي الحل الشامل الذي نريد ان نصل اليه ، ونحن فوق هذا جزء من العالم الثالث ، وقضايا الحرية والتحرير هي قضيتنا ، والذين يعملون للتحرير ، ينتصرون للثوار والأحرار والمناضلين من أجل أوطانهم في كل مكان .. ولاشك ان لقادة افريقيا مكانة خاصة في قلوبنا فقد تابعنا حركات التحرير فيها حركة بعد حركة وشعورنا الدائم والمتصل ان تحرير اي شبر في افريقيا اضافة الي حصيلة الحرية وزيادة في اعداد الأحرار علي وجه الكرة الأرضية
وفي مجال الصراع بين الكتل الكبري ، فنحن نشعر اننا لسنا طرفاً فيه ، وليست لنا مصلحة في الإنتصار لهذا ضد ذاك اننا دولة محايدة ، تؤمن بعدم الإنحياز ، لكن حيادها الإيجابي لايمنعها من ان يكون لها رأي ، وليس معني الرأي ان تترتب عليه خصومة ، او تقوم من أجله صداقة علي حساب الآخرين
اننا احرار ، وارادتنا حرة ، ومهمتنا لم تنته ، وتحرير كل شبر من أرضنا المحتـلة لم يتم ، وسنمضي نتخذ كل وسيلة لتحرير أرضنا ، واقرار حق شعب فلسطين وسيادته علي أرضه
وإني لعلي ثقة من ان العرب هم دائما عرب ، يختلفون حينا ، ويتفقون حينا ، لكنهم في أول الأمر وآخره عرب فيهم شهامة ونخوة ومروءة ، وطبيعة اغاثة الملهوف جزء من تقاليدهم ، فمن باب أولي ، ان يتحدوا في نضال يعرفون انه طويل ، لكنهم يعرفون كذلك انه حتمي وضروري ، وليس عنه بديل
قلت للرئيس السادات والحديث متصل : سيادتك حرصت علي زيارة مقهي للسائقين في الاسماعيلية ، كنت تجلس عليه أيام شبابك وأيام نضالك ، لتستعيد ذكريات عزيزة عليك وغالية
وضحك ، وانا امضي أقول : واظن ان مكتبك في جريدة الجمهورية يحمل أيضاً ذكريات عبقة وشذية ، وفيه تركت لحظات معاناة ، وانت تكتب ، وانت توجه ، وعلي كراسيه طالما جلست تتحدث الي المحررين
افلا يكون من العدل ، ان تختلي في مكتبك القديم لحظات ، تراجع البروفات ، وتقرأ البرقيات وتملي ماتشاء من تعليمات ، استعادة لهذا التاريخ القديم ؟ وظل الرئيس يضحك ، وهو يستعيد الذكري
ولم يرفض سيادته الدعوة علي كل حال
ولاتزال في الجعبة تصريحات أخري عزيزة ، ولكن اعلانها لم يحن بعد
وستستمر الشجرة ذات المائة عام ، تتسمع الي أقوال القروي الفلاح ، أين البيئة ، وابن القرية ، وعاشق طبيعة مصر ، البسطاء الطيبين من ابناء مصر
وسيظل انور السادات يسترخي لحظة ، تأهبا لنوبات حراسة لاتنقطع .. للأعواد الخضر ، والنهر الخالد ودخان المصانع ، وابتسامات الأمل ، علي وجوه أرقها الصبر

محمد فودى محمد4
21-06-2010, 07:52 PM
نرجو التثبيت للموضوع

محمد حسن ضبعون
21-06-2010, 07:59 PM
نرجو التثبيت للموضوع
شكرا جزيلا
انتماء
بارك الله فيك

أ/رضا عطيه
21-06-2010, 11:37 PM
كل الشكر والثناء لحضرتك
واعزك الله بعلمك وفكرك المستنير

queen84
18-10-2010, 06:06 PM
http://akhawat.islamway.com/forum/uploads/monthly_04_2010/post-121126-1270419751.gif

محمد حسن ضبعون
19-10-2010, 05:41 PM
http://akhawat.islamway.com/forum/uploads/monthly_04_2010/post-121126-1270419751.gif
نشكر مروركم الكريم

استاز جانو
19-10-2010, 07:53 PM
كل الشكر للاستاز ضيعون على هذه المعلومات والتى تعد للجيل الجديد سجلا حافلا بالمعلومات فاشكرا للاستاز القدير ورحم الله الزعيم

محمد حسن ضبعون
21-10-2010, 10:40 AM
كل الشكر للاستاز ضبعون على هذه المعلومات والتى تعد للجيل الجديد سجلا حافلا بالمعلومات فاشكرا للاستاز القدير ورحم الله الزعيم
شكرا لمرورك الكريم

هانى الشرقاوى
21-10-2010, 06:41 PM
موضوع فى غاية الروعة

محمد حسن ضبعون
21-10-2010, 07:59 PM
موضوع فى غاية الروعة
شكرا لمرورك الكريم

محمد حسن ضبعون
06-10-2014, 06:44 PM
كل عام وانتم بخير