مسترسمير إبراهيم
26-06-2010, 07:18 PM
بساط الريح(1)
أمر بحبسنا في الباخرة!
بقلم: صلاح منتصر
http://www.ahram.org.eg/MediaFiles/ssalah3_16_12_2009_57_14.jpg
الإثنين22 ديسمبر: جاء هذا الصباح هادئا بعد عاصفة الليل التي انتهت قرب الفجر وبعد أن رسونا إلي الشاطيء وبدأنا نستعد للنزول الي المدينة
والقيام بالجولة المعتادة التي تم تنظيمها مقدما عن طريق الميني باص الذي اتفقنا مع إدارة الرحلات بالباخرة علي إعداده. إلا أن مفاجأة من النوع الثقيل فاجأتنا عندما أبلغونا أن ثلاثة من أفراد مجموعتنا لا يستطيعون مغادرة الباخرة لعدم حصولهم علي فيزا بدخول شيلي من سفارتها في مصر, وبالتالي سيبقون محبوسين طوال وجود الباخرة في مياه شيلي. وكانت المفاجأة الأخري اكتشاف أن ساحل شيلي يمتد علي المحيط الهادي أكثر من ستة آلاف كيلو متر تقطعها الباخرة في سبعة أيام تتوقف خلالها ــ بعد فالباريسو ــ في: بورتو مونت, وبونتا أرينا مما كان يعني بقاءنا علي الباخرة طوال هذه الأيام لا نري فيها الأرض. وكان الوحيد الذي اكتشفنا أنه يحمل فيزا لشيلي اللواء طيار سمير رمضان والسيدة زوجته لأنهما كانا ينويان أن يبدآ الرحلة من فالباريسو ثم غيرا رأيهما من القاهرة وقررا بدأها من لوس أنجلوس. أما الثلاثة الذين صدر الأمر بحبسهم علي الباخرة فكانواء المهندس نبيه برزي رجل الاعمال والذي تولي ترتيب الرحلة وهمزة الوصل مع الشركة الوكيلة في لندن, والمهندس كمال علام رئيس شركة مقاولات علام, وأنا.
وفي مثل هذه المواقف فقد علمتنا خبرات السنين تقبل الامر بهدوء فإذا لم يكن ممكنا عمل أي شيء فلا أقل من تقبل الواقع ومحاولة الاستمتاع بما هو متاح. وقد خفف من صدمتنا استثناء الزوجات وتسليمهن تصاريح النزول من الباخرة رغم انهن مثلنا ولكننا التزمنا الصمت, وأصبح علي اللواء طيار سمير رمضان أن يكون الرجل الوحيد المسئول عن مرافقة زوجته وثلاث سيدات تم احتجاز أزواجهن علي الباخرة لايرون من فالباريسو سوي الميناء المكدس بحاويات البضائع, فهو الميناء الرئيسي لشيلي بجانب أنه أيضا ميناء حربي يقف في مياهه عدد غير قليل من السفن الحربية.
وهي أول مرة يواجهنا هذا الموقف في أي رحلة, فالمعتاد في جميع المواني والمدن التي نقف فيها النزول ببطاقة الباخرة الخاصة التي تسلم لنا بعد احتجاز إدارة الباخرة جواز السفر من بداية الرحلة ولا تعيده إلينا إلا في المحطة الأخيرة. بالإضافة إلي أن الشركة الوكيلة التي تعاقدنا معها علي الرحلة لم تبلغنا بأي شرط خاص بالحصول علي فيزا شيلي, وهو درس مهم أن يتأكد الراكب من تفاصيل الفيزات التي قد تكون مطلوبة أو تشترطها بعض الدول التي نتوقف فيها.. وقد كنت أتصور أن مسئولي الباخرة سيتفهمون الموقف لثلاثة ركاب, كل منهم تجاوز السبعين وأمتعتهم وجوازات سفرهم في الباخرة, ولكن تعنت ضابط جوازات شيلي قطع علي مسئولي الباخرة كل محاولة, وفي النهاية اضطررنا لتقبل المشكلة خوفا من أن يكتشفوا عدم حصول الزوجات علي تصاريح, فيكون الأمر بحبسهن معا, وإذا كان ممكنا نحن الأزواج تحمل الحبس فإن الأمر بالنسبة للزوجات كان يدخل في باب النكد الذي لا نتمناه!
في الحادية عشرة نزلت الزوجات يصاحبهن سمير رمضان الي فالباريسو وهي مدينة كبيرة تعد ثاني مدينة في شيلي بعد العاصمة سنتياجو وقد عادوا منها في السادسة مساء يحكون لنا عن جمال المدينة بينما بقينا نحن سجناء الباخرة سواء في هذه المدينة أو بعد ذلك في المرتين اللتين توقفت فيهما الباخرة في شيلي. ونتيجة لذلك تعين علينا نحن الثلاثة: نبيه وكمال وأنا ألا نري الأرض عشرة أيام متتالية بقينا خلالها فوق الباخرة سجناء فيها وإن كان سجنا عالي المستوي, ورغم ذلك فإن مجرد الإحساس بالبقاء مضطرا في هذا المكان يختلف كثيرا عن أن تختار أنت البقاء, وهذا هو السجن الحقيقي.. ألا يكون الإنسان حر نفسه وملك إرادته! وقد حكت الزوجات بعد عودتهن في السادسة مساء أنها مدينة جميلة جدا وهي في الواقع مصيف مشهور ببلاجاته وشواطئه الجميلة.. والمدينة تقع فوق أرض جبلية مرتفعة وهناك أسانسير يحمل السكان من أعلي إلي أسفل وبالعكس كالموجود في مدينة لوزان في سويسرا.. وليست هناك ناطحات سحاب نتيجة لطبيعة الأرض الجبلية. واسم المدينة من كلمتين باللاتينية: فالي وتعني وادي وباريسو وتعني الفردوس, وبالتالي فإن اسم المدينة هو وادي الفردوس وعدد سكانها نحو300 ألف إلا أنه بإضافة المناطق العديدة التي تحيط بها يرتفع سكانها الي نحو900 ألف وتصبح ثاني أكبر مدينة بعد العاصمة سنتياجو. وفي كل الأحوال فقد حرمنا نحن الثلاثة من النزول الي وادي الفردوس!
أمر بحبسنا في الباخرة!
بقلم: صلاح منتصر
http://www.ahram.org.eg/MediaFiles/ssalah3_16_12_2009_57_14.jpg
الإثنين22 ديسمبر: جاء هذا الصباح هادئا بعد عاصفة الليل التي انتهت قرب الفجر وبعد أن رسونا إلي الشاطيء وبدأنا نستعد للنزول الي المدينة
والقيام بالجولة المعتادة التي تم تنظيمها مقدما عن طريق الميني باص الذي اتفقنا مع إدارة الرحلات بالباخرة علي إعداده. إلا أن مفاجأة من النوع الثقيل فاجأتنا عندما أبلغونا أن ثلاثة من أفراد مجموعتنا لا يستطيعون مغادرة الباخرة لعدم حصولهم علي فيزا بدخول شيلي من سفارتها في مصر, وبالتالي سيبقون محبوسين طوال وجود الباخرة في مياه شيلي. وكانت المفاجأة الأخري اكتشاف أن ساحل شيلي يمتد علي المحيط الهادي أكثر من ستة آلاف كيلو متر تقطعها الباخرة في سبعة أيام تتوقف خلالها ــ بعد فالباريسو ــ في: بورتو مونت, وبونتا أرينا مما كان يعني بقاءنا علي الباخرة طوال هذه الأيام لا نري فيها الأرض. وكان الوحيد الذي اكتشفنا أنه يحمل فيزا لشيلي اللواء طيار سمير رمضان والسيدة زوجته لأنهما كانا ينويان أن يبدآ الرحلة من فالباريسو ثم غيرا رأيهما من القاهرة وقررا بدأها من لوس أنجلوس. أما الثلاثة الذين صدر الأمر بحبسهم علي الباخرة فكانواء المهندس نبيه برزي رجل الاعمال والذي تولي ترتيب الرحلة وهمزة الوصل مع الشركة الوكيلة في لندن, والمهندس كمال علام رئيس شركة مقاولات علام, وأنا.
وفي مثل هذه المواقف فقد علمتنا خبرات السنين تقبل الامر بهدوء فإذا لم يكن ممكنا عمل أي شيء فلا أقل من تقبل الواقع ومحاولة الاستمتاع بما هو متاح. وقد خفف من صدمتنا استثناء الزوجات وتسليمهن تصاريح النزول من الباخرة رغم انهن مثلنا ولكننا التزمنا الصمت, وأصبح علي اللواء طيار سمير رمضان أن يكون الرجل الوحيد المسئول عن مرافقة زوجته وثلاث سيدات تم احتجاز أزواجهن علي الباخرة لايرون من فالباريسو سوي الميناء المكدس بحاويات البضائع, فهو الميناء الرئيسي لشيلي بجانب أنه أيضا ميناء حربي يقف في مياهه عدد غير قليل من السفن الحربية.
وهي أول مرة يواجهنا هذا الموقف في أي رحلة, فالمعتاد في جميع المواني والمدن التي نقف فيها النزول ببطاقة الباخرة الخاصة التي تسلم لنا بعد احتجاز إدارة الباخرة جواز السفر من بداية الرحلة ولا تعيده إلينا إلا في المحطة الأخيرة. بالإضافة إلي أن الشركة الوكيلة التي تعاقدنا معها علي الرحلة لم تبلغنا بأي شرط خاص بالحصول علي فيزا شيلي, وهو درس مهم أن يتأكد الراكب من تفاصيل الفيزات التي قد تكون مطلوبة أو تشترطها بعض الدول التي نتوقف فيها.. وقد كنت أتصور أن مسئولي الباخرة سيتفهمون الموقف لثلاثة ركاب, كل منهم تجاوز السبعين وأمتعتهم وجوازات سفرهم في الباخرة, ولكن تعنت ضابط جوازات شيلي قطع علي مسئولي الباخرة كل محاولة, وفي النهاية اضطررنا لتقبل المشكلة خوفا من أن يكتشفوا عدم حصول الزوجات علي تصاريح, فيكون الأمر بحبسهن معا, وإذا كان ممكنا نحن الأزواج تحمل الحبس فإن الأمر بالنسبة للزوجات كان يدخل في باب النكد الذي لا نتمناه!
في الحادية عشرة نزلت الزوجات يصاحبهن سمير رمضان الي فالباريسو وهي مدينة كبيرة تعد ثاني مدينة في شيلي بعد العاصمة سنتياجو وقد عادوا منها في السادسة مساء يحكون لنا عن جمال المدينة بينما بقينا نحن سجناء الباخرة سواء في هذه المدينة أو بعد ذلك في المرتين اللتين توقفت فيهما الباخرة في شيلي. ونتيجة لذلك تعين علينا نحن الثلاثة: نبيه وكمال وأنا ألا نري الأرض عشرة أيام متتالية بقينا خلالها فوق الباخرة سجناء فيها وإن كان سجنا عالي المستوي, ورغم ذلك فإن مجرد الإحساس بالبقاء مضطرا في هذا المكان يختلف كثيرا عن أن تختار أنت البقاء, وهذا هو السجن الحقيقي.. ألا يكون الإنسان حر نفسه وملك إرادته! وقد حكت الزوجات بعد عودتهن في السادسة مساء أنها مدينة جميلة جدا وهي في الواقع مصيف مشهور ببلاجاته وشواطئه الجميلة.. والمدينة تقع فوق أرض جبلية مرتفعة وهناك أسانسير يحمل السكان من أعلي إلي أسفل وبالعكس كالموجود في مدينة لوزان في سويسرا.. وليست هناك ناطحات سحاب نتيجة لطبيعة الأرض الجبلية. واسم المدينة من كلمتين باللاتينية: فالي وتعني وادي وباريسو وتعني الفردوس, وبالتالي فإن اسم المدينة هو وادي الفردوس وعدد سكانها نحو300 ألف إلا أنه بإضافة المناطق العديدة التي تحيط بها يرتفع سكانها الي نحو900 ألف وتصبح ثاني أكبر مدينة بعد العاصمة سنتياجو. وفي كل الأحوال فقد حرمنا نحن الثلاثة من النزول الي وادي الفردوس!