علاء كامل علي
17-07-2010, 11:09 AM
اسعد الناس
في الصلاة من جمع سبعة أمور
مقدمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين،،، وبعد :-
الصلاة عمود الدين فمن أقامها أقام دينه ومن حفظها حفظه الله ولا يزال العبد يحافظ على صلاته حتى تكون له نورا في حياته ونورا في قبره ونورا له بين يدي الله ونورا على الصراط يوم لا يعبر إلا أهل النور ففي الحديث ( الصلاة نور ) ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور ومن أقام الصلاة حفظه الله من الفواحش والمنكرات وأفضل شيء بعد الأيمان وتقوى الله الصلاة ففي الحديث عن ثوبان رضي الله عنه مرفوعا ( استقيموا ولن تحصوا واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة ) رواه الحاكم وابن حبان في صحيحه وصححه الباني في صحيح الترغيب ورواه الطبراني بلفظ( واعلموا أن أفضل أعمالكم الصلاة ) وهي افضل من الصيام والزكاة لأنها عمود الإسلام وعند الطبراني في الأوسط من حديث أبي هريرة مرفوعا ( الصلاة خير موضوع فمن استطاع أن يستكثر فليستكثر ) قال الألباني حسن وعليه فالصلاة افضل الأعمال لظاهر النص ولا يلزم التفضيل من بعض الوجوه لبعض الأعمال التفضيل المطلق فقد ورد بعض الفضائل لبعض الصحابة ولكن أبو بكر جاءته الفضيلة المطلقة ومن اجل أن أجلي لك أهميتها ومنزلتها العظيمة سأذكر لك هذه القلائد الحسان وهي ست وصايا من النبي صلى الله عليه وسلم
1- نصح رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبان عندما قال يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة فقال ( عليك بكثرة السجود فانك لن تسجد لله سجدة إلا رفعك بها درجة وحط عنك بها خطيئة ) رواه مسلم
2- ونصح رسول الله ربيعة بن كعب الاسلمي لما قال له يا ربيعة سلني قال أسالك مرافقتك في الجنة فقال( اعني على نفسك بكثرة السجود ) رواه مسلم
3- ونصح رسول الله أبا فاطمة عندما قال يا رسول الله صلى الله عليه وسلم اخبرني بعمل أستقيم عليه فقال ( عليك بكثرة السجود فانك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك بها درجة وحط عنك خطيئة ) رواه ابن ماجة بسند جيد
4- وشاهد مطرف ونفر من قريش صلاة رجل بالحرم وهو يصلي ويطيل القيام ويكثر الركوع والسجود ولا يقعد فقلت والله ما أرى هذا يدري أينصرف على شفع أم على وتر فقالوا ألا تنصحه فقمت له وقلت يا عبد الله ما أراك تدري تنصرف على شفع أم على وتر فقال ولكن الله يدري سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( من سجد لله سجدة كتب الله له بها حسنة وحط عنه خطيئة ورفع له درجة فقلت من أنت فقال أنا ابوذر) رواه احمد قال المنذري وهو بمجموع طرقه حسن أو صحيح
5- ونصح أبو الدرداء زائره يوسف بن عبدالله بن سلام في مرضه الذي قبض فيه فقال أبو الدرداء بئس ساعة الكذب هذه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( من توضأ فأحسن الوضوء ثم قام فصلى ركعتين يحسن فيهن الركوع والخشوع ثم يستغفر الله غفر له ) رواه احمد بسند حسن
6- وسمع عقبة بن عامر رسول الله يخطب في الناس ويقول ( ما منكم من احد يتوضأ فيحسن الوضوء ثم يقوم فيركع ركعتين يقبل عليهما بقلبه ووجهه فقد اوجب فقلت بخ بخ ما أجود هذه ) رواه مسلم زاد مسلم (إلا أنفتل وهو كيوم ولدته أمه ) وإذا عرف هذه فقد كتبت لك أخي الحبيب هذا المبحث اللطيف في اسعد الناس في الصلاة وهو من جمع سبعة أمور سائلا المولى أن يجعل قرة أعيننا وسرورنا وراحة قلوبنا في الصلاة وان يقوينا عليها أما الوعد فقد حان انجازه وآن إبرازه ونحب أن نقدم بين يدي المقصود حديث حريث كما سيأتي
كتبه عبد الرحمن اليحيا ص ب 20064 أبها الواديين
عن حريث بن قبيصة قال قدمت المدينة فقلت اللهم ارزقني جليسا صالحا قال فجلست إلى أبي هريرة فقلت إني سألت الله أن يرزقني جليسا صالحا فحدثني بحديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته فان صلحت فقد افلح وانجح وان فسدت فقد خاب وخسر ) رواه الترمذي وقال الألباني صحيح في صحيح الترغيب
وعن عبد الله بن قرط رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة فان صلحت صلح سائر عمله وان فسدت فسد سائر عمله ) رواه الطبراني في الأوسط قال الألباني صحيح.
وقد اخترت هذين الحديثين لأمرين :-
الأمر الأول :-كثرة الحركة في الصلاة من قبل بعض المصلين حتى إن بعض الفضلاء ذكر بأنه رأى رجلا يصلى فعد له اكثر من ثمانية عشرة حركة ولاشك أن العلماء اجمعوا على أن الأصل في المصلي ألا يتحرك إلا بحركات الصلاة وعلى قدر سكونه وخشوعه يكون اجره في الصلاة واستثنى منها حركات لمصلحة الصلاة أو دفع الضرر وعليه فالحركة التي ليست من جنس الصلاة تنقسم إلى خمسة أقسام
واجبة ومندوبة مباح و ومكروهة ومحرمة
أما الحركة الواجبة :- فهي التي يتوقف عليها صحة الصلاة كما لوان رجلا اخطأ في اتجاه القبلة ثم جاءه شخص وقال القبلة يمنيك كم في حديث صلاة أهل قباء ومنها لو ذكر في ملابسة نجاسة ويستطيع إزالتها ومنها لو وقف يسار الإمام وهو واحد فانتقاله لليمين واجب في اصح القولين
أما الحركة المندوبة :- يعني مستحبة فهي التي يتوقف عليها كمال الصلاة كما لو لم يستر احد عاتقيه أو تقدم على الصف أو كان هناك فرجة أمام في الصف وأمكنه سدها
أما الحركة المباحة :- كاليسيرة للحاجة أو الكثيرة للضرورة أما الحركة اليسيرة كمن صلى في الظل واشتد عليه البرد فتقدم أو تأخر
أما الحركة المكروهة :- فهي اليسيرة لغير حاجة كالنظر في الساعة أو اخذ القلم وزر الزرار
أما الحركة المحرمة:- فهي الكثيرة والمتوالية لغير ضرورة
أما الحركات لمصلحة الصلاة كما في قصة المنبر عندما قال صلى الله عليه وسلم (لامرأة من الأنصار انظري غلامك النجار يصنع لي أعوادا أكلم عليها الناس) فقام على هذا المنبر عليه صلى الله عليه وسلم فكبر ثم قراء ثم ركع ثم رفع رأسه ثم نزل القهقرى حتى سجد على اصل المنبر ثم رفع ثم سجد ثم قام للركعة الثانية وصعد المنبر ثم قرأ ثم ركع ثم رفع ثم سجد فهذه الحركات من الطلوع والنزول إنما هي لمصلحة الصلاة ثم بين صلى الله عليه وسلم ذلك فقال (إنما فعلت ذلك لتأتموا بي ولتتعلموا صلاتكم )
كذلك الحركة من اجل مصلحة صلاة الغير وذلك أن ابن عباس في صلاة القيام وقف عن يسار النبي صلى الله عليه وسلم فاخذ بأذنه وأداره عن يمينه .
كذلك حمله صلى الله عليه وسلم امامة بنت بنته في الصلاة وهذا تشريع للامة فان الأم إذا شرعت في الصلاة وتركت صغيرها فقد يشتعل بكاء عند دخولها في الصلاة جاز لها حمله لان مصلحة حمله أهون من تركه يشوش عليها فلا تستطيع عندها الخشوع فجوزت الشريعة هذه الحركة اليسيرة في الصلاة دفعا لما هو اعظم ويقاس عليه إذا دخل في الصلاة ومعه جهاز الجوال واتصل عليه احد فلا بأس بإخراج الجهاز وإغلاقه لان تركه يزعج الناس اعظم مفسدة من إخراجه وإغلاقه ولنا وقفة حول إزعاج الجوالات بالمساجد وعدم مبالاة البعض بحرمة المساجد حتى قرعت هذه الأجهزة بالمزامير في بيوت الله فوق ما يحصل من العبث داخل المساجد هذا يزعج برائحة والآخر بكثرة حركته وهذا يزعج برفع صوته حتى أصبح البلاء بهم عظيم بالمساجد والادهى من هذا أن يجلس البعض بالمسجد ويفتح الجوال ويرفع صوته ويتكلم ويضحك ونتساءل أي جراءة هذه وأي غفلة. إن من عظم البلاء عدم المبالاة بحرمة المكان والزمان ومشاعر المسلمين وعليه فلا بأس من إخراج جواله وإغلاقه إذا نسيه وتغتفر هذه الحركة لان المقصود الأعظم في الصلاة هو حضور القلب
كذلك لوان مصلى صلى وتذكر أن عمامته نجسة جاز خلعها وجواز دفع الضرر عن نفسه كالحية والعقرب إذا أمكن دفع ضررها بعمل لا يخرجه عن كونه مصلي أما إذا كان عملا يخرجه عن كونه مصلي جاز قطع الصلاة فمن مجموع هذه الروايات كلها نخرج بعدة أمور أن الأصل في الصلاة عدم جواز الحركة كما في الحديث ( اسكنوا في الصلاة) وحديث ( إن في الصلاة لشغلا) فلا ننشغل بقول غير قول الصلاة ولا بفعل غير فعل الصلاة ومن هنا نقول لمن يعبث بلحيته أو شماغه أو أظفاره أو بالساعة وهو يصلي أي مصلحة تعود على الصلاة كثرة هذا العبث انه لما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يكثر الحركة قال ( لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه) ولذلك يقول العلماء من سعادة العبد أن يجمع الله له بين خشوع الظاهر والباطن .
الأمر الثاني :- السرعة في الصلاة وكم رأينا من مصلين ينقرون صلاتهم نقر الغراب
وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثالا رائعا لمن لا يحسن صلاته فقال ( مثل الرجل الذي لا يتم ركوعه وينقر في سجوده مثل الجائع يأكل تمرة والتمرتين لا يغنيان عنه شي)رواه الطبراني وحسنة الألباني و قال عمر بن عبد العزيز لرجل وهو يسيء صلاته (كم من رجل شابت عارضاه في الإسلام وما قبلت له صلاة) بل إن احد العلماء رأى رجلا يصلي فقال له منذ كم تصلي هذه الصلاة فقال منذ عرفت عمري فقال أنت ما صليت منذ عرفت عمرك كيف لا وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم الرجل المسيء في صلاته يعيد الصلاة أربع مرات كل مرة يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فيرد عليه وعليك السلام ( ارجع فصلي فانك لم تصلي ) رواه البخاري وغيره وكان بامكانه صلى الله عليه وسلم أن يقول له من المرة الأولى هذه الصلاة غير صحيحة والصحيح كذا لكن يريد أن يعطيه درسا عمليا له ولمن كان على شاكلته بأنه لو صلى مئة مرة أو أكثر أو اقل وبهذه الصورة فان هذه الصلاة غير مقبولة ومن هنا وقف الرجل المسيء صلاته بعد المرة الرابعة وقال والذي بعثك بالحق ما احسن غيرها وفي رواية لا ادري ماذا عبت علي يا رسول الله فقال ( إذا قمت إلى الصلاة فتوضئ كما أمرك الله ثم استقبل القبلة ثم كبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القران ثم اركع حتى تطمئن راكعا ثم ارفع حتى تطمئن واقفا ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم ارفع حتى تطمئن جالسا ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم ارفع حتى تطمئن جالسا ثم افعل ذلك في صلاتك كلها ) رواه البخاري وغيره وإذا تأملنا هذا الحديث وجدنا أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر المسيء بإعادة صلاته وذلك لفقدان الطمأنينة وهذا أمر يلاحظ على كثير من المصلين
الأمر الثالث الالتفات في الصلاة حتى انك لترى الرجل يصلى وتقول انه لا يصلي ومن هنا نقول أن الأصل إن يرمي المصلي ببصره في موضع سجوده كما صح الأثر بذلك ولكن هناك ثلاثة أمور تخرج عن هذا الأصل
1- أن يحرك عينيه يمينا وشمالا
2- أن يلتفت يمينا أو شمالا
3- أن ينصرف بجسمه عن القبلة كاملا
أما تحريك البصر في الصلاة وهو اللحظ قل أن يسلم منه مصلي فهذا أمره اخف ولاشك أن تمام الصلاة هو رمي البصر موضع السجود أما الالتفات يمينا وشمالا والانصراف بجسمه فيبطل الصلاة
و إذا عرف هذا كله فقد حان بيان من هو اسعد الناس في الصلاة؟
والجواب هو من جمع في صلاته سبعة أمور :-
1- التهيؤ للصلاة قبل الأذان يقول عدي ابن حاتم والله ما دخل وقت صلاة إلا وقد أخذت أهبتها وإلا أنا إليها بالأشواق فيتوضأ على أتم الوجوه وهو وضوء الإسباغ فلا يتوضأ مرة أو مرتين بل ثلاث مرات لكل عضو ولا شك أن الوضوء شرط لصحة الصلاة لقوله صلى الله عليه وسلم ( لا يقبل الله صلاة بغير طهور) رواه البخاري وورد في فضل الطهور ففي الحديث ( أن أمتي يدعون يوم القيامة غرا محجلين من اثر الوضوء) رواه البخاري فيعرف أمته يوم القيامة بآثار الوضوء
والوضوء عند الفقهاء : هو طهارة مائية تتعلق بالوجه واليدين والرأس والرجلين. وله سبعة فروض لا يصح إلا بها وهي
أولا: النية وهي شرط لصحة سائر العبادات فلو أن رجلا غسل أعضاء الوضوء من شدة الحر ليتبرد ولم ينوي الوضوء لم يصح وبعضهم عده شرطا وليس ركنا
ثانيا :غسل الوجه وجعل بعض العلماء منه المضمضة والاستنشاق وله حدود من منابت الشعر حتى أسفل الذقن ومن الأذن إلى الأذن
ثالثا:غسل اليدين ومنهما المرفقين
رابعا:- مسح الرأس ومنه الأذنين
خامسا : غسل الرجلين
سادسا: الترتيب على ما تقدم وهو فرض واذكر أن بعض العمالة سألته كيف تتوضأ فقال اغسل رجلي أولا فقلت ما شاء الله ثم ماذا فقال يدي ثم رأسه ثم وجهه ثم قال ثم استنجي وعكسة الترتيب تماما وهذا وضوء باطل
سابعا الموالاة ومعناها ألا يؤخر غسل عضو حتى ينشف الذي قبله
وصفته هي المذكورة في حديث عثمان رضي الله عنه المتفق عليه كما رواه مولاه حمران أن عثمان رضي الله عنه سئل فقيل له صف لنا وضوء النبي صلى الله عليه وسلم فدعاء بتنور فأفرغ على يديه فغسلها ثلاث مرات ثم ادخل يمينه في الوضوء ثم تمضمض واستنشق واستنثر ثم غسل وجهه ثلاثا ويديه إلى المرفقين ثلاثا ثم مسح برأسه ثم غسل كلتا رجليه ثلاثا ثم قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم توضأ نحو وضوئي هذا وقال ( من توضأ نحو وضوئي هذا وصلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه )
أما سنن الوضوء : السواك قبله والتسمية في أوله والابتداء بغسل الكفين ثلاثا وتخليل اللحية الكثيفة حتى يبلغ داخلها وتثليث الغسلات والتيمن وهو البدء باليمنى من اليدين والرجلين قبل اليسرى والاقتصاد في الماء وعدم الإسراف ( فائدة المقصود من الوضوء وصول الماء إلى أعضاء الوضوء دون إسراف والقدر الذي يتوضأ به يختلف بحسب الأشخاص والأحوال والظروف وقد اغتسل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصاع وهو أربعة أمداد وهذا دليل على البركة وما وضع الله له من البركة صلى الله عليه وسلم والمؤمن الموفق يبارك له في كل أحواله وتقوى الله مظنة البركة وعلى كل المقصود من الاغتسال والوضوء أن يراعي وصول الماء إلى بدنه وأعضاء الوضوء ولو افتقر أو توقف صحة الوضوء على الدلك لوجب عليه )ثم يأتي بالذكر بعد الانتهاء من الوضوء وتقول ( اشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم اجعلني من التوابين ومن المتطهرين إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية )رواه البخاري ففي الحديث ( إن من قال هذا الذكر بعد الوضوء ) فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء ) رواه مسلم
أما نواقض الوضوء فهي خمسة
أولا: الخارج من السبيلين ( القبل والدبر ) ويشمل البول والغائط وريح الدبر
ثانيا: النوم الذي لا يبقى معه إدراك
ثالثا: زوال العقل سواء كان بالجنون أو الإغماء أو السكر أو البنج لأنه اشد من النوم
رابعا: مس الفرج بدون حائل
خامسا أكل لحم الإبل
فوائد تتعلق بالوضوء:-
1- إذا شك المتوضئ هل انتقض وضوءه أم لا ؟ لا يضره الشك حتى يتيقن انه احدث
2- يجب الوضوء على من أراد الصلاة مطلقا فرضا كانت أو نفلا وعلى من أراد الطواف واختلف العلماء في وجوبه على من أراد مس المصحف
3- يستحب الوضوء عند ذكر الله تعالى وإذا أراد النوم وللجنب إذا أراد أن ينام أو يأكل أو يشرب أو يعاود أهله وكذلك قبل الغسل سواء كان غسلا واجبا أو مستحبا
4- يستحب الوضوء لكل صلاة ولو لم ينقض وضوءه لحديث بريدة ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ لكل صلاة ) رواه مسلم
5- إذا وجد الحائل مثل الشمع على أعضاء الوضوء فانه يبطله أما اللون وحده كالحناء فانه لا يؤثر لأنه يحول بين البشرة ووصول الماء إليها
6- يجوز الاستعانة بالغير في الوضوء ويباح للمتوضىء أن ينشف أعضاءه بمنديل ونحوه صيفا وشتاء
الأمر الثاني التبكير للصلاة والأفضل قبل الأذان فلا يؤذن المؤذن إلا وهو في المسجد يقول سعيد بن المسيب ما أذن المؤذن بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم منذ أربعين سنة والا وأنا في المسجد تقول عائشة رضي الله عنها كان النبي صلى اله عليه وسلم يحدثنا ونحدثه فإذا سمع الله اكبر ما كأنه يعرفنا ولا نعرفه وأين هذا ممن لا تحلو له الأحاديث إلا بعد الأذان بل إن البعض تقام الصلاة وهو لم يتوضأ أصلا بل انه يتشاغل عنها بحديث تافه أو أمر ملحوق عليه ولكن هان عليهم أمر الآخرة فتشاغلوا عنها قال احد السلف (هم الرجل حيث تكون قرة عينه) ولذلك قال عليه الصلاة والسلام ( وجعلت قرة عيني في الصلاة )
ومن هنا لا يحل لرجل يؤمن بالله واليوم الأخر يسمع نداء الله حي على الصلاة ثم يتقاعس أو يتأخر ولا شك انه بعد الأذان الثاني يوم الجمعة آثم في التخير فينبغي على المسلم إذا عرضت له قربة أو طاعة فالحزم كل الحزم في اغتنامها ومن هنا لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد ووجد أناسا متأخرين في أخر الصفوف وقد جاؤوا مبكرين وتعمدوا ألا يملأوا الصف الأول فقال ( لا يزال أقوام يتأخرون حتى يؤخرهم الله) رواه مسلم عن أبي سعيد.
بل إن البعض يسمع النداء حي على الصلاة فيخاطب نفسه بأنه لازال الوقت معه فلا يشعر بالمصلين إلا وهم خارجين والسبب عدم المبادرة والتبكير إلى الصلاة وقد يتكاسل عن الخروج للصلاة لبعد المسجد مع أن أعظم الناس أجرا في الصلاة أبعدهم ممشى إليها ومن احتسب خطاه إلى المسجد جمع الله له اجرين اجر الذهاب والإياب إذا نوى ذلك ففي الحديث( أن رجلا من الأنصار كان بيته ابعد البيوت عن مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وكانت لا تخطئه صلاة فقيل له لو اتخذت دابة تقيك حر الرمضاء أو هوام الأرض فقال 0 والله ما احب أن بيتي طنبه بطنب بيت النبي صلى الله عليه وسلماني والله احتسب ذهابي ورجعتي يعني انه ما يحب أن تكون خيمته بجوار خيمة النبي صلى الله عليه وسلم فقيل للنبي صلى الله عليه وسلم ذلك فقال ( قد جمع الله لك ذلك ) رواه مسلم عن أبي بن كعب
تنبيه حول وجوب صلاة الجماعة في المسجد :-
أقول إن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بصلاة الجماعة بالمسجد والأمر يقتضي الوجوب وكان يتفقد الناس بعد الصلاة ولم يرخص للمسلم أن يتخلف عن صلاة الجماعة إذا سمع النداء ولو كان مخير بين أن يصلي وحده أو يصلي جماعة لكان أولى الناس بذلك الأعمى الذي اجتمع له ستة أعذار كونه أعمى وبعيد الدار والمدينة كثيرة الهوام وليس له قائدا يلائمه وكبير سن وكثرة النخل في الطريق كل هذا لم يشفع له ففي صحيح مسلم عند أبي داود ( يا رسول الله إني رجل ضرير البصر شاسع الدار ولي قائد لا يلائمني فهل لي رخصة أن اصلي في بيتي قال هل تسمع النداء قال نعم قال اجب لا أجد لك رخصه) فماذا بعد الحق إلا الضلال يكفي المسلم التاجر وغيره قوله تعالى ( رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله و إقام الصلاة ) ثم علل ذلك لكونهم يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار
يقول ابن مسعود ( من سره أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن فان الله تعالى شرع لنبيكم سنن الهدى وإنهن من سنن الهدى ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم وفي رواية وما يتخلف عن الصلاة إلا منافق معلوم النفاق أو مريض وان كان الرجل ليمشي بين الرجلين يهادى حتى يوقف بالصف ) رواه أبو داود والفظ له وزاد ( إن رسول الله علمنا سنن الهدى وان من سنن الهدى الصلاة في المسجد الذي يؤذن فيه وفي هذا كفاية لمن له هداية
الأمر الثالث :- سبق الصلاة بخير:- فتجد المصلي إذا بكر على أي خصلة من خصال الخير أما قائما يصلي أو تاليا للقرآن أو مستغفرا أو مسبحا أو مثنيا على الله وهذا أمر مجرب فمن حافظ على التبكير للصلوات يجد الرحمات والبركات والنفحات حتى انه ليبارك له في عمره وأهله وولده اخرج الإمام ابن ماجة عن أبي امامة رضي الله عنه ( ما توطن رجل مسلم المساجد للصلاة والذكر إلا تبشبش الله له كما يتبشبش أهل الغائب بغائبهم إذا قدم عليهم )
الأمر الرابع :- ترسم هدي النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته ففي البخاري من حديث مالك (صلوا كما رأيتموني اصلي ) ونكتفي بضرب مثالين على ترسم هدي النبي في الصلاة وقس عليه المثال الأول الركوع فأولا نذكر كيف رأى الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم ففي الحديث ( رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا ركع سوى ظهر حتى ولو صب على ظهر الماء لاستقر وكان لا يشخص رأسه ولا يصوبه ) رواه ابن ماجة ورغم أن هذا الأمر في الظاهر بسيط إلا أن كثير من الناس لا يتمون الركوع على الوجه الصحيح فترى من يحني ظهره قليلا ووالله لو قيل للناس إن من لم يتم الركوع على الوجه الصحيح ويحني ظهرا كاملا أصابته آفة في ظهره لما اخطأ احد الركوع لأنهم يعرفون كيف يحتاطون لدنياهم وصحتهم
أما المثال الثاني ففي السجود فتعالوا نذكر أولا كيف وصف الصحابة سجود النبي صلى الله عليه وسلم ففي الحديث ( كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد جافى بين جنبيه وبين بطنه وفخذيه ) حتى كان الصحابة يشفقون على النبي صلى الله عليه وسلم من كثرة تجافيه حتى قال الصحابي لو أن صغار البهم يمكن أن تدخل من تحت ذراعيه ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم ( فانك أن فعلت ذلك سجد كل عضو منك معك ) لكن مع مراعاة عدم أذية المصلين في صلاة الجماعة أثناء التجافي
الأمر الخامس أن يحرص المصلي على لزوم مصلاه بعد السلام للأذكار لأمرين ولا يعجل بالقيام ويشابه أهل الغفلة الذين بمجرد ما تنتهي الصلاة خرجوا مسرعين إلى دنياهم وكأنهم في ضيق أو حبس أما الأمر الأول فقد ورد عدة فضائل في فضل الجلوس بعد السلام منها حديث( فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه اللهم اغفر له اللهم ارحمه مادام في مصلاه ما لم يحدث أو يؤذ ) رواه البخاري الأمر الثاني التسبيح ففي الصحيح ( معقبات لا يخيب قائلهن وفاعلهن دبر كل صلاة مكتوبة تسبح ثلاث وثلاثين وتحميد ثلاث وثلاثين وتكبير ثلاث وثلاثين ثم يختمهن بلا اله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شي قدير غفرت ذنوبه وان كانت مثل زبد البحر ) ولاشك أن الشيطان اشد حنقا وغيظا أن يرى الملائكة تستغفر للمصلي فيحرص على أن يزهده في هذا الخير والشيطان اشد حرصا على أن يصرف العبد عن هذا الفضل العظيم وهي مغفرة الذنوب بعد التسبيح فالسعيد من اشتغل بالذكر بعد السلام وأذكار الصلاة بعد السلام لها أربع حالات منها أن يسبح 33ويحمد 33 ويكبر 33ويختمها بالتوحيد كما سبق ثانيا أن يسبح 33 ويحمد 33 ويكبر 34 ثالثا يسبح 10 ويحمد عشر ويكبر 10 والربعة يسبح 25 ويحمد 25 ويهلل 25 ويكبر 25 وينبغي على المصلي التنويع ولا يأتي بها مرة واحده بل يختار نوع ليطبق السنة والمصلين على مراتب فمنهم من لزم الأذكار الصحيحة فأعطاه الله أفضل عطية ولكن من قال هذه الأذكار بحضور قلب وخشوع وتفكر وتوافق اللسان مع القلب فقوله سبحان الله أي معناها تنزيه الله من كل عيب ونقص لان من أسماءه القدوس أي المتطهر من كل عيب ونقص وأما قوله الحمد لله كلمة ثناء وهي اعم من الشكر لان الشكر لآياتي إلا على النعمة أما الحمد فيأتي على الشيء الذي تحب والذي لا تحب فحينما تقول الحمد لله تتذكر النعمة والمنعم لان الله يقول ( وما بكم من نعمة فمن الله ) سورة النحل وقال عليه الصلاة والسلام في أذكار الصباح والمساء كل يوم ( اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك لك الملك ولك الحمد ) أما قوله الله اكبر كلمة تعظيم وورد في الحديث ( السموات السبع والاراضين السبع في يد الله كالخردلة في يد أحدكم ) الم تقرا ( وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه ) ثم إذا انتهى من الأذكار دعاء ربه اللهم اعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك وإذا استجاب الله له فقد افلح وانجح ووالله ما اجتمعت لعبد هذا الخصال الثلاث اعني الذكر والشكر وحسن العبادة إلا سعد في الدنيا والآخرة وجمع الله له الخير بحذافيره
الأمر السادس :-المحافظة على السنن الرواتب بعد الفرائض فاكمل ما تكون الصلاة إذا جمع فيها ما بين الفريضة والنافلة واكمل ما يكون أن يجمع مع الفريضة فضل النافلة وهي ما رغب فيه الشرع وأكده وعددها ثنتي عشرة ركعة ففي صحيح مسلم عن أم حبيبة رضي الله عنها قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( ما من عبد مسلم يصلي لله في كل يوم ثنتي عشرة ركعة تطوعا غير الفريضة إلا بنى الله له بيتا في الجنة)
وزاد الأمام الترمذي والنسائي وأبو داود عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من ثابر على ثنتي عشرة ركعة في اليوم والليلة دخل الجنة 0 أربعا قبل الظهر وركعتين بعدها وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء وركعتين قبل الفجر) ومن هنا نقول للجميع انه لا يترك السنة الراتب إلا رجل سوء وقليل الخير فاحرص على هذه السنة لشدة مواظبة النبي صلى الله عليه وسلم عليها حتى انه قضاها بعد خروج وقتها كسنة الفجر والظهر والأصل في القضاء أن تبدأ أصلا بالسنة البعدية ثم تأتي بالقبلية قضاء بعد أداء البعدية ولاشك أن من حافظ على السنن الرواتب فضل عظيم ولو لم يكن فيها إلا إنها تجبر الفريضة يوم القيامة وقد ورد في الأربع قبل الظهر ( أربع قبل الظهر ليس فيهن تسليم تفتح لهن أبواب السماء) رواه أبو داود وفي بعض الروايات تفتح فيها أبواب السماء فأحب إن يصعد لي فيها عمل صالح وفتح أبواب السماء يشمل قبول العمل وقد ورد ( أن الصلاة إذا كانت مقبولة فتحت لها أبواب السماء حتى تنتهي إلى ما شاء الله أن تنتهي )
بالإضافة إلى المسلم ينبغى له أن يحرص على صلاة السنة في البيت ففي الحديث( افضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة) وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن الله سيجعل من صلاة العبد في بيته خيرا ففي الحديث ( إذا صلى أحدكم فليجعل من صلاته في بيته فان الله جاعل من صلاته في بيته خيرا ) ومن هنا نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تشبيه البيوت بالمقابر فلا يصلي فيها وهذا حال أهل العجز يصلون الفرائض ولا يصلون النوافل في البيوت ومنهم من لا يصلي لا في البيت ولا في المسجد وهذا حال أهل الفجور يقول بعض العلماء أن المحافظة على النوافل في البيوت لها سر عجيب في حصول السكينة والبركة وذهاب المشاكل وشر الشيطان وورد في سنن الترمذي( أنا أناسا قاموا يتنفلون في المسجد فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعلوا راتبة المغرب في البيوت ) فدل على كراهية صلاة النافلة بالمسجد لمن يرجع بيته أما من جلس في المسجد ففي حديث حذيفة عند الترمذي ( أن النبي صلى الله عليه وسلم ما زال يصلي حتى صلى العشاء بالمسجد ) فدل أمره السابق على انه للندب والاستحباب ولذلك قال جماهير العلماء بان صلاة الراتبة القبلية أو البعدية بالبيت افضل.
الأمر السابع :- استشعار عظمة الله في الصلاة فجوهر الصلاة ولبها وأساسها الخشوع وما انتصبت أقدام المصلين إلا للخشوع وحضور القلب لذلك جعل الله الثواب في الصلاة على قدر الخشوع قال العلماء يخشع المصلي في صلاته إذا علم أن الله يأجره في صلاته على قدر خشوعه ويخشع في صلاته من عرف هدي النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته ويخشع في صلاته من عرف الله بأسمائه وصفاته ومن عرف الله هابه وصدق في محبته فاكمل الناس خوفا من الله من عرف الله بأسمائه وصفاته قال العلماء عظمة الخالق في الأسماء والصفات ( إنما يخشى الله من عباده العلماء ) والمراد بالعلماء هم العالمون بالله وأحكامه ولو سئلت بماذا تعرف الله فقل بأسمائه وصفاته ومن علم أن الله بكل شيء عليم لا يمكن أن يلتفت لشيء غيره ومن علم أن الله يسمعه ويراه ومطلع على ضميره خافه وهابه ومن علم أن أجره في الصلاة على قدر خشوعه خشع وجاهد نفسه.
الكثير يصلي أو يصوم أو يتصدق لكن ربما كان عادة فتراه يؤدي بعض الشعائر التعبدية ولكنه لا يقف عند حدود الله والسبب انه قد يصلي ولكنه لا يرجوا ثوابها ولا يخاف من عقابها ولذلك لو نظرت إلى صلاته لوجدته مواظبا عليها ولكنه ينقرها نقر لغراب ولا يذكر الله فيها إلا قليلا فتراه يصلى ويخل بركوعها وخشوعها هل ممكن أن يرجوا ثوابها ويصليها بهذه الصورة وتراه أيضا يصوم ولا يحرص على البعد عن المعاصي وتراه يتصدق لا تطيب بها نفسه ومن هنا فقد الكثير طمأنينة الطاعات ولم يجدوا لذتها بسبب ضعف الإخلاص أو نقصه وحينئذ أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن أثقل الصلوات على المنافقين صلاة العشاء والفجر ) لأنهم لا يرجون ثوابا ولا يخافون عقابا
ومن هنا قال العلماء من جمع ثلاث خصال رزق الخشوع :-
1- من حفظ لسانه وقل كلامه فقد صان نفسه وحفظ دينه ولذلك قال عيسى عليه السلام ( العبادة عشرة أجزاء تسعة منها في الصمت (لان الصمت يجمع القلب والهم ) والعاشر في اعتزال الخلق
2- أكل الحلال
3- ترك المعاصي فحرام على قلب مشحون بالشهوات أن يجد الخشوع وأخشى ما أخشاه علينا أن يقال لنا عندما نقول ( إياك نعبد وإياك نستعين ) أن يقال لنا كذيتم عبادتكم لا تتجاوز دقائق معدودة وبقية يومكم تعبدون أهواكم وشهواتكم فكونوا على حذر
ولاشك أن وقوف العبد بين يدي الله وهو ساهيا لاهيا حرمان وخيبة وخسران وان انصراف القلب عن الله في الصلاة بلاء عظيم وإذا التفت العبد في الصلاة فهو من اجهل الناس بمقامه بين يدي الله كيف لا والعبد إذا كبر فانصرف قلبه عن الله قال الله له ( آالى خير مني ) ولذلك لا يخشع بين يدي الله إلا المتقون وهي اعظم نعمة بعد نعمة الدين فلا يعطي الله الخشوع إلا لمن أحبه وأحب صلاته وقد زكى الله الخاشعين وانهم اعرف الناس بالآخرة( فقال وأنها لكبيرة إلا على الخاشعين الذين يظنون انهم ملاقوا ربهم وانهم إليه راجعون) ولما كانت هذه النعمة عزيزة سال النبي صلى الله عليه وسلم ربه أن يرزقه قلبا خاشعا ( اللهم انس أسالك قلبا خاشعا واستعاذ بالله من حرمان الخشوع ووالله انه لو دعي احدنا إلى الوقوف بين يدي عظيم من عظماء الدنيا والله اعظم من كل شيء لخاف.
فإليك أخي الحبيب الأسباب التي تعين المصلي على الخشوع:-
1- تذكر الآخرة فمن كان اكثر خوفا من الآخرة كمل خشوعه
2- يتذكر العبد انه إذا صلى فلن يعود إليها أبدا ولا يجوز لها أعادتها
3- قصر الأمل فان قصر أمله دعاه للخشوع 0( صل صلاة مودع ) فيصلي صلاة من الموت اقرب إليه من شراك نعله
4- كثرة الدعاء بان يجعله الله من الخاشعين
5- كثرة النوافل قبل وبعد حتى يتهيء للفريضة
6- معرفة الله فإذا قال الله اكبر ملء قلبه ولسانه فأحس بعظمة الله ولذلك جعلت أقوال الصلاة وأفعالها منصبة في قالب التعظيم وهو تعظيم الله جل جلاله فإذا قال الله اكبر فالله اكبر من كل شيء( فله اسم من في السموات والأرض ) فلا يخرج احد عن قهره وأمره وإذا قال الله اكبر فيتذكر معناها وانه يقف بين يدي جبار السموات وارض
7- ترك المعاصي فكم من عبد حرم الخشوع بسبب الذنوب ولذلك إذا دخل المصلي في صلاته (قال اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب) لان من أعظم ما يبتلى به العبد الغفلة وأذية المؤمنين فكم من مجالس حصل فيها جدال ومراء وسب وشتم للمسلمين كانت سببا في حرمان العبد الخشوع ولذلك شرع الاستفتاح بالتوبة جلس بعض الناس في مجلس جدال فذكر ذلك لأحد العلماء فقال له كيف وجدت بعدها الخشوع في صلاتك فقال والله ما ادري ماذا صليت من كثرة الوساوس
8- التدبر في معان ما تقرأ في صلاتك لان البعض اصبح حاله كحال المسجل بمجرد ما تفتحه يقرأ بلا تدبر حتى انه وصل الحال بالبعض انه يصلي سنين عديدة
وما يعرف ما معنى الفاتحة أصلا.
يا هذا انك إذا قلت ( الحمد لله رب العالمين) فتذكر النعمة والمنعم وانه ليس لأحد عليك فضل إلا الله وحده فتذكر فضله ونعمته عليك وإذا قلت (مالك يوم الدين) فهو يوم واحد سماه الله اليوم الأخر لأنه لا يوم بعده الم تقرا وما أدراك ما يوم الدين ثم ما أدراك ما يوم الدين يوم لا تملك نفس لنفس شيئا تذكرت يوم القصاص يوم يقتص المظلوم من الظالم والضعيف من القوي يوم يلتق العبد وربه ويلتقي العبد وعمله ويرى كل عبد ما قدمت يداه
أما (إياك نعبد وإياك نستعين) فهذا هو العهد المقدس بينك وبين الله وهو حقيقة التوحيد.
أما سؤال الهداية فمعناها اللهم زدنا هدى وزدنا ثباتا وعندما تطلب الهداية فتتذكر الظلم والظلمات وتتذكر الفتن والشهوات عندما تدعو بالهداية تتذكر الأمم التي ضلت في عقائدها فتتذكر عابد الحجر والساجد للبقر وتتذكر العاكف على القبر وتتذكر من يعبد من دون الله ما لا ينفع ولا يضر فتفزع إلى الله وحده في كل ركعة أن يهديك إلى صراطه المستقيم
نسال الله العظيم كمال الخشوع وان يجعل الصلاة قرة أعيننا وسرور أرواحنا وطمأنينة أرواحنا اللهم ارزقنا كمال الوقوف بين يديك ومراعاة هيبته اللم كمل نقصنا في كل صلاة أنقصناها واجبر كسرنا في كل صلاة ضيعناها
فاسعد الناس في الصلاة أهل الصف الأول إذا أقاموا خشوعها وسجودها وركوعها وطهارتها على الوجه الذي يرضي الله وراعى حقها وحقوقها فلاشك أن من صلحت صلاتة فقد افلح وانجح وصلح سائر عمله وحفظه الله كما حفظ صلاته ففي الحديث ( من صلى الصلوات الخمس لوقتها وأسبغ لها وضوءها وأتم لها قيامها وخشوعها وركوعها وسجودها خرجت وهي بيضاء مسفرة تقول حفظك الله كما حفظتني )رواه الطبراني في الأوسط
وإذا فسدت صلاته فقد خاب وخسر وهذا من اعظم البلاء ومن فساد الصلاة أن يضيع حقوقها وواجباتها فلا يبالي بوضوئها ولا بستر عورته ومن فساد الصلاة حينما لا يتم ركوعها ولا سجودها ولا خشوعها فتجده يصلي وكأنه لا يصلي ومن فساد الصلاة انه إذا سمع النداء للصلاة لم يبالي بالصلاة ولم يبالي بهذا النداء ولا يحس انه يقرع أذنيه وربما تشاغل عنها بحيث تافه فلم يشعر إلا وقد خرج الناس من صلاتهم وكلها أمارات على فساد صلاة العبد وإذا تكرر منه التهاون بالصلاة واحتقارها ولم يعظم شانها جره ذلك إلى خسارة الدنيا والآخرة ففي الحديث ( ومن صلى الصلوات لغير وقتها ولم يسبغ لها وضوءها ولم يتم لها خشوعها ولا ركوعها ولا سجودها خرجت وهي سوداء مظلمة تقول ضيعك الله كما ضيعتني حتى إذا كانت حيث شاء الله لفت كما يلف الثوب الخلق ثم ضرب بها وجهه )نسال الله العظيم أن يعافينا وان يزيدنا من معرفته وتعظيمه ومحبته ما نبلغ به أعلى الدرجات
تمت هذه الرسالة المباركة حول اسعد الناس في الصلاة سائلا المولى أن يجعلنا ممن حافظ على الصلاة وراعى حقها وحقوقها على الوجه الذي يرضي الله أبدا ما أحيانا والحمد لله أولا وأخرا وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد عليه أفضل صلاة وأزكى تسليم
منقول للأفادة
في الصلاة من جمع سبعة أمور
مقدمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين،،، وبعد :-
الصلاة عمود الدين فمن أقامها أقام دينه ومن حفظها حفظه الله ولا يزال العبد يحافظ على صلاته حتى تكون له نورا في حياته ونورا في قبره ونورا له بين يدي الله ونورا على الصراط يوم لا يعبر إلا أهل النور ففي الحديث ( الصلاة نور ) ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور ومن أقام الصلاة حفظه الله من الفواحش والمنكرات وأفضل شيء بعد الأيمان وتقوى الله الصلاة ففي الحديث عن ثوبان رضي الله عنه مرفوعا ( استقيموا ولن تحصوا واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة ) رواه الحاكم وابن حبان في صحيحه وصححه الباني في صحيح الترغيب ورواه الطبراني بلفظ( واعلموا أن أفضل أعمالكم الصلاة ) وهي افضل من الصيام والزكاة لأنها عمود الإسلام وعند الطبراني في الأوسط من حديث أبي هريرة مرفوعا ( الصلاة خير موضوع فمن استطاع أن يستكثر فليستكثر ) قال الألباني حسن وعليه فالصلاة افضل الأعمال لظاهر النص ولا يلزم التفضيل من بعض الوجوه لبعض الأعمال التفضيل المطلق فقد ورد بعض الفضائل لبعض الصحابة ولكن أبو بكر جاءته الفضيلة المطلقة ومن اجل أن أجلي لك أهميتها ومنزلتها العظيمة سأذكر لك هذه القلائد الحسان وهي ست وصايا من النبي صلى الله عليه وسلم
1- نصح رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبان عندما قال يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة فقال ( عليك بكثرة السجود فانك لن تسجد لله سجدة إلا رفعك بها درجة وحط عنك بها خطيئة ) رواه مسلم
2- ونصح رسول الله ربيعة بن كعب الاسلمي لما قال له يا ربيعة سلني قال أسالك مرافقتك في الجنة فقال( اعني على نفسك بكثرة السجود ) رواه مسلم
3- ونصح رسول الله أبا فاطمة عندما قال يا رسول الله صلى الله عليه وسلم اخبرني بعمل أستقيم عليه فقال ( عليك بكثرة السجود فانك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك بها درجة وحط عنك خطيئة ) رواه ابن ماجة بسند جيد
4- وشاهد مطرف ونفر من قريش صلاة رجل بالحرم وهو يصلي ويطيل القيام ويكثر الركوع والسجود ولا يقعد فقلت والله ما أرى هذا يدري أينصرف على شفع أم على وتر فقالوا ألا تنصحه فقمت له وقلت يا عبد الله ما أراك تدري تنصرف على شفع أم على وتر فقال ولكن الله يدري سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( من سجد لله سجدة كتب الله له بها حسنة وحط عنه خطيئة ورفع له درجة فقلت من أنت فقال أنا ابوذر) رواه احمد قال المنذري وهو بمجموع طرقه حسن أو صحيح
5- ونصح أبو الدرداء زائره يوسف بن عبدالله بن سلام في مرضه الذي قبض فيه فقال أبو الدرداء بئس ساعة الكذب هذه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( من توضأ فأحسن الوضوء ثم قام فصلى ركعتين يحسن فيهن الركوع والخشوع ثم يستغفر الله غفر له ) رواه احمد بسند حسن
6- وسمع عقبة بن عامر رسول الله يخطب في الناس ويقول ( ما منكم من احد يتوضأ فيحسن الوضوء ثم يقوم فيركع ركعتين يقبل عليهما بقلبه ووجهه فقد اوجب فقلت بخ بخ ما أجود هذه ) رواه مسلم زاد مسلم (إلا أنفتل وهو كيوم ولدته أمه ) وإذا عرف هذه فقد كتبت لك أخي الحبيب هذا المبحث اللطيف في اسعد الناس في الصلاة وهو من جمع سبعة أمور سائلا المولى أن يجعل قرة أعيننا وسرورنا وراحة قلوبنا في الصلاة وان يقوينا عليها أما الوعد فقد حان انجازه وآن إبرازه ونحب أن نقدم بين يدي المقصود حديث حريث كما سيأتي
كتبه عبد الرحمن اليحيا ص ب 20064 أبها الواديين
عن حريث بن قبيصة قال قدمت المدينة فقلت اللهم ارزقني جليسا صالحا قال فجلست إلى أبي هريرة فقلت إني سألت الله أن يرزقني جليسا صالحا فحدثني بحديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته فان صلحت فقد افلح وانجح وان فسدت فقد خاب وخسر ) رواه الترمذي وقال الألباني صحيح في صحيح الترغيب
وعن عبد الله بن قرط رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة فان صلحت صلح سائر عمله وان فسدت فسد سائر عمله ) رواه الطبراني في الأوسط قال الألباني صحيح.
وقد اخترت هذين الحديثين لأمرين :-
الأمر الأول :-كثرة الحركة في الصلاة من قبل بعض المصلين حتى إن بعض الفضلاء ذكر بأنه رأى رجلا يصلى فعد له اكثر من ثمانية عشرة حركة ولاشك أن العلماء اجمعوا على أن الأصل في المصلي ألا يتحرك إلا بحركات الصلاة وعلى قدر سكونه وخشوعه يكون اجره في الصلاة واستثنى منها حركات لمصلحة الصلاة أو دفع الضرر وعليه فالحركة التي ليست من جنس الصلاة تنقسم إلى خمسة أقسام
واجبة ومندوبة مباح و ومكروهة ومحرمة
أما الحركة الواجبة :- فهي التي يتوقف عليها صحة الصلاة كما لوان رجلا اخطأ في اتجاه القبلة ثم جاءه شخص وقال القبلة يمنيك كم في حديث صلاة أهل قباء ومنها لو ذكر في ملابسة نجاسة ويستطيع إزالتها ومنها لو وقف يسار الإمام وهو واحد فانتقاله لليمين واجب في اصح القولين
أما الحركة المندوبة :- يعني مستحبة فهي التي يتوقف عليها كمال الصلاة كما لو لم يستر احد عاتقيه أو تقدم على الصف أو كان هناك فرجة أمام في الصف وأمكنه سدها
أما الحركة المباحة :- كاليسيرة للحاجة أو الكثيرة للضرورة أما الحركة اليسيرة كمن صلى في الظل واشتد عليه البرد فتقدم أو تأخر
أما الحركة المكروهة :- فهي اليسيرة لغير حاجة كالنظر في الساعة أو اخذ القلم وزر الزرار
أما الحركة المحرمة:- فهي الكثيرة والمتوالية لغير ضرورة
أما الحركات لمصلحة الصلاة كما في قصة المنبر عندما قال صلى الله عليه وسلم (لامرأة من الأنصار انظري غلامك النجار يصنع لي أعوادا أكلم عليها الناس) فقام على هذا المنبر عليه صلى الله عليه وسلم فكبر ثم قراء ثم ركع ثم رفع رأسه ثم نزل القهقرى حتى سجد على اصل المنبر ثم رفع ثم سجد ثم قام للركعة الثانية وصعد المنبر ثم قرأ ثم ركع ثم رفع ثم سجد فهذه الحركات من الطلوع والنزول إنما هي لمصلحة الصلاة ثم بين صلى الله عليه وسلم ذلك فقال (إنما فعلت ذلك لتأتموا بي ولتتعلموا صلاتكم )
كذلك الحركة من اجل مصلحة صلاة الغير وذلك أن ابن عباس في صلاة القيام وقف عن يسار النبي صلى الله عليه وسلم فاخذ بأذنه وأداره عن يمينه .
كذلك حمله صلى الله عليه وسلم امامة بنت بنته في الصلاة وهذا تشريع للامة فان الأم إذا شرعت في الصلاة وتركت صغيرها فقد يشتعل بكاء عند دخولها في الصلاة جاز لها حمله لان مصلحة حمله أهون من تركه يشوش عليها فلا تستطيع عندها الخشوع فجوزت الشريعة هذه الحركة اليسيرة في الصلاة دفعا لما هو اعظم ويقاس عليه إذا دخل في الصلاة ومعه جهاز الجوال واتصل عليه احد فلا بأس بإخراج الجهاز وإغلاقه لان تركه يزعج الناس اعظم مفسدة من إخراجه وإغلاقه ولنا وقفة حول إزعاج الجوالات بالمساجد وعدم مبالاة البعض بحرمة المساجد حتى قرعت هذه الأجهزة بالمزامير في بيوت الله فوق ما يحصل من العبث داخل المساجد هذا يزعج برائحة والآخر بكثرة حركته وهذا يزعج برفع صوته حتى أصبح البلاء بهم عظيم بالمساجد والادهى من هذا أن يجلس البعض بالمسجد ويفتح الجوال ويرفع صوته ويتكلم ويضحك ونتساءل أي جراءة هذه وأي غفلة. إن من عظم البلاء عدم المبالاة بحرمة المكان والزمان ومشاعر المسلمين وعليه فلا بأس من إخراج جواله وإغلاقه إذا نسيه وتغتفر هذه الحركة لان المقصود الأعظم في الصلاة هو حضور القلب
كذلك لوان مصلى صلى وتذكر أن عمامته نجسة جاز خلعها وجواز دفع الضرر عن نفسه كالحية والعقرب إذا أمكن دفع ضررها بعمل لا يخرجه عن كونه مصلي أما إذا كان عملا يخرجه عن كونه مصلي جاز قطع الصلاة فمن مجموع هذه الروايات كلها نخرج بعدة أمور أن الأصل في الصلاة عدم جواز الحركة كما في الحديث ( اسكنوا في الصلاة) وحديث ( إن في الصلاة لشغلا) فلا ننشغل بقول غير قول الصلاة ولا بفعل غير فعل الصلاة ومن هنا نقول لمن يعبث بلحيته أو شماغه أو أظفاره أو بالساعة وهو يصلي أي مصلحة تعود على الصلاة كثرة هذا العبث انه لما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يكثر الحركة قال ( لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه) ولذلك يقول العلماء من سعادة العبد أن يجمع الله له بين خشوع الظاهر والباطن .
الأمر الثاني :- السرعة في الصلاة وكم رأينا من مصلين ينقرون صلاتهم نقر الغراب
وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثالا رائعا لمن لا يحسن صلاته فقال ( مثل الرجل الذي لا يتم ركوعه وينقر في سجوده مثل الجائع يأكل تمرة والتمرتين لا يغنيان عنه شي)رواه الطبراني وحسنة الألباني و قال عمر بن عبد العزيز لرجل وهو يسيء صلاته (كم من رجل شابت عارضاه في الإسلام وما قبلت له صلاة) بل إن احد العلماء رأى رجلا يصلي فقال له منذ كم تصلي هذه الصلاة فقال منذ عرفت عمري فقال أنت ما صليت منذ عرفت عمرك كيف لا وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم الرجل المسيء في صلاته يعيد الصلاة أربع مرات كل مرة يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فيرد عليه وعليك السلام ( ارجع فصلي فانك لم تصلي ) رواه البخاري وغيره وكان بامكانه صلى الله عليه وسلم أن يقول له من المرة الأولى هذه الصلاة غير صحيحة والصحيح كذا لكن يريد أن يعطيه درسا عمليا له ولمن كان على شاكلته بأنه لو صلى مئة مرة أو أكثر أو اقل وبهذه الصورة فان هذه الصلاة غير مقبولة ومن هنا وقف الرجل المسيء صلاته بعد المرة الرابعة وقال والذي بعثك بالحق ما احسن غيرها وفي رواية لا ادري ماذا عبت علي يا رسول الله فقال ( إذا قمت إلى الصلاة فتوضئ كما أمرك الله ثم استقبل القبلة ثم كبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القران ثم اركع حتى تطمئن راكعا ثم ارفع حتى تطمئن واقفا ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم ارفع حتى تطمئن جالسا ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم ارفع حتى تطمئن جالسا ثم افعل ذلك في صلاتك كلها ) رواه البخاري وغيره وإذا تأملنا هذا الحديث وجدنا أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر المسيء بإعادة صلاته وذلك لفقدان الطمأنينة وهذا أمر يلاحظ على كثير من المصلين
الأمر الثالث الالتفات في الصلاة حتى انك لترى الرجل يصلى وتقول انه لا يصلي ومن هنا نقول أن الأصل إن يرمي المصلي ببصره في موضع سجوده كما صح الأثر بذلك ولكن هناك ثلاثة أمور تخرج عن هذا الأصل
1- أن يحرك عينيه يمينا وشمالا
2- أن يلتفت يمينا أو شمالا
3- أن ينصرف بجسمه عن القبلة كاملا
أما تحريك البصر في الصلاة وهو اللحظ قل أن يسلم منه مصلي فهذا أمره اخف ولاشك أن تمام الصلاة هو رمي البصر موضع السجود أما الالتفات يمينا وشمالا والانصراف بجسمه فيبطل الصلاة
و إذا عرف هذا كله فقد حان بيان من هو اسعد الناس في الصلاة؟
والجواب هو من جمع في صلاته سبعة أمور :-
1- التهيؤ للصلاة قبل الأذان يقول عدي ابن حاتم والله ما دخل وقت صلاة إلا وقد أخذت أهبتها وإلا أنا إليها بالأشواق فيتوضأ على أتم الوجوه وهو وضوء الإسباغ فلا يتوضأ مرة أو مرتين بل ثلاث مرات لكل عضو ولا شك أن الوضوء شرط لصحة الصلاة لقوله صلى الله عليه وسلم ( لا يقبل الله صلاة بغير طهور) رواه البخاري وورد في فضل الطهور ففي الحديث ( أن أمتي يدعون يوم القيامة غرا محجلين من اثر الوضوء) رواه البخاري فيعرف أمته يوم القيامة بآثار الوضوء
والوضوء عند الفقهاء : هو طهارة مائية تتعلق بالوجه واليدين والرأس والرجلين. وله سبعة فروض لا يصح إلا بها وهي
أولا: النية وهي شرط لصحة سائر العبادات فلو أن رجلا غسل أعضاء الوضوء من شدة الحر ليتبرد ولم ينوي الوضوء لم يصح وبعضهم عده شرطا وليس ركنا
ثانيا :غسل الوجه وجعل بعض العلماء منه المضمضة والاستنشاق وله حدود من منابت الشعر حتى أسفل الذقن ومن الأذن إلى الأذن
ثالثا:غسل اليدين ومنهما المرفقين
رابعا:- مسح الرأس ومنه الأذنين
خامسا : غسل الرجلين
سادسا: الترتيب على ما تقدم وهو فرض واذكر أن بعض العمالة سألته كيف تتوضأ فقال اغسل رجلي أولا فقلت ما شاء الله ثم ماذا فقال يدي ثم رأسه ثم وجهه ثم قال ثم استنجي وعكسة الترتيب تماما وهذا وضوء باطل
سابعا الموالاة ومعناها ألا يؤخر غسل عضو حتى ينشف الذي قبله
وصفته هي المذكورة في حديث عثمان رضي الله عنه المتفق عليه كما رواه مولاه حمران أن عثمان رضي الله عنه سئل فقيل له صف لنا وضوء النبي صلى الله عليه وسلم فدعاء بتنور فأفرغ على يديه فغسلها ثلاث مرات ثم ادخل يمينه في الوضوء ثم تمضمض واستنشق واستنثر ثم غسل وجهه ثلاثا ويديه إلى المرفقين ثلاثا ثم مسح برأسه ثم غسل كلتا رجليه ثلاثا ثم قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم توضأ نحو وضوئي هذا وقال ( من توضأ نحو وضوئي هذا وصلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه )
أما سنن الوضوء : السواك قبله والتسمية في أوله والابتداء بغسل الكفين ثلاثا وتخليل اللحية الكثيفة حتى يبلغ داخلها وتثليث الغسلات والتيمن وهو البدء باليمنى من اليدين والرجلين قبل اليسرى والاقتصاد في الماء وعدم الإسراف ( فائدة المقصود من الوضوء وصول الماء إلى أعضاء الوضوء دون إسراف والقدر الذي يتوضأ به يختلف بحسب الأشخاص والأحوال والظروف وقد اغتسل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصاع وهو أربعة أمداد وهذا دليل على البركة وما وضع الله له من البركة صلى الله عليه وسلم والمؤمن الموفق يبارك له في كل أحواله وتقوى الله مظنة البركة وعلى كل المقصود من الاغتسال والوضوء أن يراعي وصول الماء إلى بدنه وأعضاء الوضوء ولو افتقر أو توقف صحة الوضوء على الدلك لوجب عليه )ثم يأتي بالذكر بعد الانتهاء من الوضوء وتقول ( اشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم اجعلني من التوابين ومن المتطهرين إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية )رواه البخاري ففي الحديث ( إن من قال هذا الذكر بعد الوضوء ) فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء ) رواه مسلم
أما نواقض الوضوء فهي خمسة
أولا: الخارج من السبيلين ( القبل والدبر ) ويشمل البول والغائط وريح الدبر
ثانيا: النوم الذي لا يبقى معه إدراك
ثالثا: زوال العقل سواء كان بالجنون أو الإغماء أو السكر أو البنج لأنه اشد من النوم
رابعا: مس الفرج بدون حائل
خامسا أكل لحم الإبل
فوائد تتعلق بالوضوء:-
1- إذا شك المتوضئ هل انتقض وضوءه أم لا ؟ لا يضره الشك حتى يتيقن انه احدث
2- يجب الوضوء على من أراد الصلاة مطلقا فرضا كانت أو نفلا وعلى من أراد الطواف واختلف العلماء في وجوبه على من أراد مس المصحف
3- يستحب الوضوء عند ذكر الله تعالى وإذا أراد النوم وللجنب إذا أراد أن ينام أو يأكل أو يشرب أو يعاود أهله وكذلك قبل الغسل سواء كان غسلا واجبا أو مستحبا
4- يستحب الوضوء لكل صلاة ولو لم ينقض وضوءه لحديث بريدة ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ لكل صلاة ) رواه مسلم
5- إذا وجد الحائل مثل الشمع على أعضاء الوضوء فانه يبطله أما اللون وحده كالحناء فانه لا يؤثر لأنه يحول بين البشرة ووصول الماء إليها
6- يجوز الاستعانة بالغير في الوضوء ويباح للمتوضىء أن ينشف أعضاءه بمنديل ونحوه صيفا وشتاء
الأمر الثاني التبكير للصلاة والأفضل قبل الأذان فلا يؤذن المؤذن إلا وهو في المسجد يقول سعيد بن المسيب ما أذن المؤذن بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم منذ أربعين سنة والا وأنا في المسجد تقول عائشة رضي الله عنها كان النبي صلى اله عليه وسلم يحدثنا ونحدثه فإذا سمع الله اكبر ما كأنه يعرفنا ولا نعرفه وأين هذا ممن لا تحلو له الأحاديث إلا بعد الأذان بل إن البعض تقام الصلاة وهو لم يتوضأ أصلا بل انه يتشاغل عنها بحديث تافه أو أمر ملحوق عليه ولكن هان عليهم أمر الآخرة فتشاغلوا عنها قال احد السلف (هم الرجل حيث تكون قرة عينه) ولذلك قال عليه الصلاة والسلام ( وجعلت قرة عيني في الصلاة )
ومن هنا لا يحل لرجل يؤمن بالله واليوم الأخر يسمع نداء الله حي على الصلاة ثم يتقاعس أو يتأخر ولا شك انه بعد الأذان الثاني يوم الجمعة آثم في التخير فينبغي على المسلم إذا عرضت له قربة أو طاعة فالحزم كل الحزم في اغتنامها ومن هنا لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد ووجد أناسا متأخرين في أخر الصفوف وقد جاؤوا مبكرين وتعمدوا ألا يملأوا الصف الأول فقال ( لا يزال أقوام يتأخرون حتى يؤخرهم الله) رواه مسلم عن أبي سعيد.
بل إن البعض يسمع النداء حي على الصلاة فيخاطب نفسه بأنه لازال الوقت معه فلا يشعر بالمصلين إلا وهم خارجين والسبب عدم المبادرة والتبكير إلى الصلاة وقد يتكاسل عن الخروج للصلاة لبعد المسجد مع أن أعظم الناس أجرا في الصلاة أبعدهم ممشى إليها ومن احتسب خطاه إلى المسجد جمع الله له اجرين اجر الذهاب والإياب إذا نوى ذلك ففي الحديث( أن رجلا من الأنصار كان بيته ابعد البيوت عن مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وكانت لا تخطئه صلاة فقيل له لو اتخذت دابة تقيك حر الرمضاء أو هوام الأرض فقال 0 والله ما احب أن بيتي طنبه بطنب بيت النبي صلى الله عليه وسلماني والله احتسب ذهابي ورجعتي يعني انه ما يحب أن تكون خيمته بجوار خيمة النبي صلى الله عليه وسلم فقيل للنبي صلى الله عليه وسلم ذلك فقال ( قد جمع الله لك ذلك ) رواه مسلم عن أبي بن كعب
تنبيه حول وجوب صلاة الجماعة في المسجد :-
أقول إن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بصلاة الجماعة بالمسجد والأمر يقتضي الوجوب وكان يتفقد الناس بعد الصلاة ولم يرخص للمسلم أن يتخلف عن صلاة الجماعة إذا سمع النداء ولو كان مخير بين أن يصلي وحده أو يصلي جماعة لكان أولى الناس بذلك الأعمى الذي اجتمع له ستة أعذار كونه أعمى وبعيد الدار والمدينة كثيرة الهوام وليس له قائدا يلائمه وكبير سن وكثرة النخل في الطريق كل هذا لم يشفع له ففي صحيح مسلم عند أبي داود ( يا رسول الله إني رجل ضرير البصر شاسع الدار ولي قائد لا يلائمني فهل لي رخصة أن اصلي في بيتي قال هل تسمع النداء قال نعم قال اجب لا أجد لك رخصه) فماذا بعد الحق إلا الضلال يكفي المسلم التاجر وغيره قوله تعالى ( رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله و إقام الصلاة ) ثم علل ذلك لكونهم يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار
يقول ابن مسعود ( من سره أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن فان الله تعالى شرع لنبيكم سنن الهدى وإنهن من سنن الهدى ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم وفي رواية وما يتخلف عن الصلاة إلا منافق معلوم النفاق أو مريض وان كان الرجل ليمشي بين الرجلين يهادى حتى يوقف بالصف ) رواه أبو داود والفظ له وزاد ( إن رسول الله علمنا سنن الهدى وان من سنن الهدى الصلاة في المسجد الذي يؤذن فيه وفي هذا كفاية لمن له هداية
الأمر الثالث :- سبق الصلاة بخير:- فتجد المصلي إذا بكر على أي خصلة من خصال الخير أما قائما يصلي أو تاليا للقرآن أو مستغفرا أو مسبحا أو مثنيا على الله وهذا أمر مجرب فمن حافظ على التبكير للصلوات يجد الرحمات والبركات والنفحات حتى انه ليبارك له في عمره وأهله وولده اخرج الإمام ابن ماجة عن أبي امامة رضي الله عنه ( ما توطن رجل مسلم المساجد للصلاة والذكر إلا تبشبش الله له كما يتبشبش أهل الغائب بغائبهم إذا قدم عليهم )
الأمر الرابع :- ترسم هدي النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته ففي البخاري من حديث مالك (صلوا كما رأيتموني اصلي ) ونكتفي بضرب مثالين على ترسم هدي النبي في الصلاة وقس عليه المثال الأول الركوع فأولا نذكر كيف رأى الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم ففي الحديث ( رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا ركع سوى ظهر حتى ولو صب على ظهر الماء لاستقر وكان لا يشخص رأسه ولا يصوبه ) رواه ابن ماجة ورغم أن هذا الأمر في الظاهر بسيط إلا أن كثير من الناس لا يتمون الركوع على الوجه الصحيح فترى من يحني ظهره قليلا ووالله لو قيل للناس إن من لم يتم الركوع على الوجه الصحيح ويحني ظهرا كاملا أصابته آفة في ظهره لما اخطأ احد الركوع لأنهم يعرفون كيف يحتاطون لدنياهم وصحتهم
أما المثال الثاني ففي السجود فتعالوا نذكر أولا كيف وصف الصحابة سجود النبي صلى الله عليه وسلم ففي الحديث ( كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد جافى بين جنبيه وبين بطنه وفخذيه ) حتى كان الصحابة يشفقون على النبي صلى الله عليه وسلم من كثرة تجافيه حتى قال الصحابي لو أن صغار البهم يمكن أن تدخل من تحت ذراعيه ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم ( فانك أن فعلت ذلك سجد كل عضو منك معك ) لكن مع مراعاة عدم أذية المصلين في صلاة الجماعة أثناء التجافي
الأمر الخامس أن يحرص المصلي على لزوم مصلاه بعد السلام للأذكار لأمرين ولا يعجل بالقيام ويشابه أهل الغفلة الذين بمجرد ما تنتهي الصلاة خرجوا مسرعين إلى دنياهم وكأنهم في ضيق أو حبس أما الأمر الأول فقد ورد عدة فضائل في فضل الجلوس بعد السلام منها حديث( فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه اللهم اغفر له اللهم ارحمه مادام في مصلاه ما لم يحدث أو يؤذ ) رواه البخاري الأمر الثاني التسبيح ففي الصحيح ( معقبات لا يخيب قائلهن وفاعلهن دبر كل صلاة مكتوبة تسبح ثلاث وثلاثين وتحميد ثلاث وثلاثين وتكبير ثلاث وثلاثين ثم يختمهن بلا اله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شي قدير غفرت ذنوبه وان كانت مثل زبد البحر ) ولاشك أن الشيطان اشد حنقا وغيظا أن يرى الملائكة تستغفر للمصلي فيحرص على أن يزهده في هذا الخير والشيطان اشد حرصا على أن يصرف العبد عن هذا الفضل العظيم وهي مغفرة الذنوب بعد التسبيح فالسعيد من اشتغل بالذكر بعد السلام وأذكار الصلاة بعد السلام لها أربع حالات منها أن يسبح 33ويحمد 33 ويكبر 33ويختمها بالتوحيد كما سبق ثانيا أن يسبح 33 ويحمد 33 ويكبر 34 ثالثا يسبح 10 ويحمد عشر ويكبر 10 والربعة يسبح 25 ويحمد 25 ويهلل 25 ويكبر 25 وينبغي على المصلي التنويع ولا يأتي بها مرة واحده بل يختار نوع ليطبق السنة والمصلين على مراتب فمنهم من لزم الأذكار الصحيحة فأعطاه الله أفضل عطية ولكن من قال هذه الأذكار بحضور قلب وخشوع وتفكر وتوافق اللسان مع القلب فقوله سبحان الله أي معناها تنزيه الله من كل عيب ونقص لان من أسماءه القدوس أي المتطهر من كل عيب ونقص وأما قوله الحمد لله كلمة ثناء وهي اعم من الشكر لان الشكر لآياتي إلا على النعمة أما الحمد فيأتي على الشيء الذي تحب والذي لا تحب فحينما تقول الحمد لله تتذكر النعمة والمنعم لان الله يقول ( وما بكم من نعمة فمن الله ) سورة النحل وقال عليه الصلاة والسلام في أذكار الصباح والمساء كل يوم ( اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك لك الملك ولك الحمد ) أما قوله الله اكبر كلمة تعظيم وورد في الحديث ( السموات السبع والاراضين السبع في يد الله كالخردلة في يد أحدكم ) الم تقرا ( وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه ) ثم إذا انتهى من الأذكار دعاء ربه اللهم اعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك وإذا استجاب الله له فقد افلح وانجح ووالله ما اجتمعت لعبد هذا الخصال الثلاث اعني الذكر والشكر وحسن العبادة إلا سعد في الدنيا والآخرة وجمع الله له الخير بحذافيره
الأمر السادس :-المحافظة على السنن الرواتب بعد الفرائض فاكمل ما تكون الصلاة إذا جمع فيها ما بين الفريضة والنافلة واكمل ما يكون أن يجمع مع الفريضة فضل النافلة وهي ما رغب فيه الشرع وأكده وعددها ثنتي عشرة ركعة ففي صحيح مسلم عن أم حبيبة رضي الله عنها قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( ما من عبد مسلم يصلي لله في كل يوم ثنتي عشرة ركعة تطوعا غير الفريضة إلا بنى الله له بيتا في الجنة)
وزاد الأمام الترمذي والنسائي وأبو داود عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من ثابر على ثنتي عشرة ركعة في اليوم والليلة دخل الجنة 0 أربعا قبل الظهر وركعتين بعدها وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء وركعتين قبل الفجر) ومن هنا نقول للجميع انه لا يترك السنة الراتب إلا رجل سوء وقليل الخير فاحرص على هذه السنة لشدة مواظبة النبي صلى الله عليه وسلم عليها حتى انه قضاها بعد خروج وقتها كسنة الفجر والظهر والأصل في القضاء أن تبدأ أصلا بالسنة البعدية ثم تأتي بالقبلية قضاء بعد أداء البعدية ولاشك أن من حافظ على السنن الرواتب فضل عظيم ولو لم يكن فيها إلا إنها تجبر الفريضة يوم القيامة وقد ورد في الأربع قبل الظهر ( أربع قبل الظهر ليس فيهن تسليم تفتح لهن أبواب السماء) رواه أبو داود وفي بعض الروايات تفتح فيها أبواب السماء فأحب إن يصعد لي فيها عمل صالح وفتح أبواب السماء يشمل قبول العمل وقد ورد ( أن الصلاة إذا كانت مقبولة فتحت لها أبواب السماء حتى تنتهي إلى ما شاء الله أن تنتهي )
بالإضافة إلى المسلم ينبغى له أن يحرص على صلاة السنة في البيت ففي الحديث( افضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة) وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن الله سيجعل من صلاة العبد في بيته خيرا ففي الحديث ( إذا صلى أحدكم فليجعل من صلاته في بيته فان الله جاعل من صلاته في بيته خيرا ) ومن هنا نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تشبيه البيوت بالمقابر فلا يصلي فيها وهذا حال أهل العجز يصلون الفرائض ولا يصلون النوافل في البيوت ومنهم من لا يصلي لا في البيت ولا في المسجد وهذا حال أهل الفجور يقول بعض العلماء أن المحافظة على النوافل في البيوت لها سر عجيب في حصول السكينة والبركة وذهاب المشاكل وشر الشيطان وورد في سنن الترمذي( أنا أناسا قاموا يتنفلون في المسجد فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعلوا راتبة المغرب في البيوت ) فدل على كراهية صلاة النافلة بالمسجد لمن يرجع بيته أما من جلس في المسجد ففي حديث حذيفة عند الترمذي ( أن النبي صلى الله عليه وسلم ما زال يصلي حتى صلى العشاء بالمسجد ) فدل أمره السابق على انه للندب والاستحباب ولذلك قال جماهير العلماء بان صلاة الراتبة القبلية أو البعدية بالبيت افضل.
الأمر السابع :- استشعار عظمة الله في الصلاة فجوهر الصلاة ولبها وأساسها الخشوع وما انتصبت أقدام المصلين إلا للخشوع وحضور القلب لذلك جعل الله الثواب في الصلاة على قدر الخشوع قال العلماء يخشع المصلي في صلاته إذا علم أن الله يأجره في صلاته على قدر خشوعه ويخشع في صلاته من عرف هدي النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته ويخشع في صلاته من عرف الله بأسمائه وصفاته ومن عرف الله هابه وصدق في محبته فاكمل الناس خوفا من الله من عرف الله بأسمائه وصفاته قال العلماء عظمة الخالق في الأسماء والصفات ( إنما يخشى الله من عباده العلماء ) والمراد بالعلماء هم العالمون بالله وأحكامه ولو سئلت بماذا تعرف الله فقل بأسمائه وصفاته ومن علم أن الله بكل شيء عليم لا يمكن أن يلتفت لشيء غيره ومن علم أن الله يسمعه ويراه ومطلع على ضميره خافه وهابه ومن علم أن أجره في الصلاة على قدر خشوعه خشع وجاهد نفسه.
الكثير يصلي أو يصوم أو يتصدق لكن ربما كان عادة فتراه يؤدي بعض الشعائر التعبدية ولكنه لا يقف عند حدود الله والسبب انه قد يصلي ولكنه لا يرجوا ثوابها ولا يخاف من عقابها ولذلك لو نظرت إلى صلاته لوجدته مواظبا عليها ولكنه ينقرها نقر لغراب ولا يذكر الله فيها إلا قليلا فتراه يصلى ويخل بركوعها وخشوعها هل ممكن أن يرجوا ثوابها ويصليها بهذه الصورة وتراه أيضا يصوم ولا يحرص على البعد عن المعاصي وتراه يتصدق لا تطيب بها نفسه ومن هنا فقد الكثير طمأنينة الطاعات ولم يجدوا لذتها بسبب ضعف الإخلاص أو نقصه وحينئذ أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن أثقل الصلوات على المنافقين صلاة العشاء والفجر ) لأنهم لا يرجون ثوابا ولا يخافون عقابا
ومن هنا قال العلماء من جمع ثلاث خصال رزق الخشوع :-
1- من حفظ لسانه وقل كلامه فقد صان نفسه وحفظ دينه ولذلك قال عيسى عليه السلام ( العبادة عشرة أجزاء تسعة منها في الصمت (لان الصمت يجمع القلب والهم ) والعاشر في اعتزال الخلق
2- أكل الحلال
3- ترك المعاصي فحرام على قلب مشحون بالشهوات أن يجد الخشوع وأخشى ما أخشاه علينا أن يقال لنا عندما نقول ( إياك نعبد وإياك نستعين ) أن يقال لنا كذيتم عبادتكم لا تتجاوز دقائق معدودة وبقية يومكم تعبدون أهواكم وشهواتكم فكونوا على حذر
ولاشك أن وقوف العبد بين يدي الله وهو ساهيا لاهيا حرمان وخيبة وخسران وان انصراف القلب عن الله في الصلاة بلاء عظيم وإذا التفت العبد في الصلاة فهو من اجهل الناس بمقامه بين يدي الله كيف لا والعبد إذا كبر فانصرف قلبه عن الله قال الله له ( آالى خير مني ) ولذلك لا يخشع بين يدي الله إلا المتقون وهي اعظم نعمة بعد نعمة الدين فلا يعطي الله الخشوع إلا لمن أحبه وأحب صلاته وقد زكى الله الخاشعين وانهم اعرف الناس بالآخرة( فقال وأنها لكبيرة إلا على الخاشعين الذين يظنون انهم ملاقوا ربهم وانهم إليه راجعون) ولما كانت هذه النعمة عزيزة سال النبي صلى الله عليه وسلم ربه أن يرزقه قلبا خاشعا ( اللهم انس أسالك قلبا خاشعا واستعاذ بالله من حرمان الخشوع ووالله انه لو دعي احدنا إلى الوقوف بين يدي عظيم من عظماء الدنيا والله اعظم من كل شيء لخاف.
فإليك أخي الحبيب الأسباب التي تعين المصلي على الخشوع:-
1- تذكر الآخرة فمن كان اكثر خوفا من الآخرة كمل خشوعه
2- يتذكر العبد انه إذا صلى فلن يعود إليها أبدا ولا يجوز لها أعادتها
3- قصر الأمل فان قصر أمله دعاه للخشوع 0( صل صلاة مودع ) فيصلي صلاة من الموت اقرب إليه من شراك نعله
4- كثرة الدعاء بان يجعله الله من الخاشعين
5- كثرة النوافل قبل وبعد حتى يتهيء للفريضة
6- معرفة الله فإذا قال الله اكبر ملء قلبه ولسانه فأحس بعظمة الله ولذلك جعلت أقوال الصلاة وأفعالها منصبة في قالب التعظيم وهو تعظيم الله جل جلاله فإذا قال الله اكبر فالله اكبر من كل شيء( فله اسم من في السموات والأرض ) فلا يخرج احد عن قهره وأمره وإذا قال الله اكبر فيتذكر معناها وانه يقف بين يدي جبار السموات وارض
7- ترك المعاصي فكم من عبد حرم الخشوع بسبب الذنوب ولذلك إذا دخل المصلي في صلاته (قال اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب) لان من أعظم ما يبتلى به العبد الغفلة وأذية المؤمنين فكم من مجالس حصل فيها جدال ومراء وسب وشتم للمسلمين كانت سببا في حرمان العبد الخشوع ولذلك شرع الاستفتاح بالتوبة جلس بعض الناس في مجلس جدال فذكر ذلك لأحد العلماء فقال له كيف وجدت بعدها الخشوع في صلاتك فقال والله ما ادري ماذا صليت من كثرة الوساوس
8- التدبر في معان ما تقرأ في صلاتك لان البعض اصبح حاله كحال المسجل بمجرد ما تفتحه يقرأ بلا تدبر حتى انه وصل الحال بالبعض انه يصلي سنين عديدة
وما يعرف ما معنى الفاتحة أصلا.
يا هذا انك إذا قلت ( الحمد لله رب العالمين) فتذكر النعمة والمنعم وانه ليس لأحد عليك فضل إلا الله وحده فتذكر فضله ونعمته عليك وإذا قلت (مالك يوم الدين) فهو يوم واحد سماه الله اليوم الأخر لأنه لا يوم بعده الم تقرا وما أدراك ما يوم الدين ثم ما أدراك ما يوم الدين يوم لا تملك نفس لنفس شيئا تذكرت يوم القصاص يوم يقتص المظلوم من الظالم والضعيف من القوي يوم يلتق العبد وربه ويلتقي العبد وعمله ويرى كل عبد ما قدمت يداه
أما (إياك نعبد وإياك نستعين) فهذا هو العهد المقدس بينك وبين الله وهو حقيقة التوحيد.
أما سؤال الهداية فمعناها اللهم زدنا هدى وزدنا ثباتا وعندما تطلب الهداية فتتذكر الظلم والظلمات وتتذكر الفتن والشهوات عندما تدعو بالهداية تتذكر الأمم التي ضلت في عقائدها فتتذكر عابد الحجر والساجد للبقر وتتذكر العاكف على القبر وتتذكر من يعبد من دون الله ما لا ينفع ولا يضر فتفزع إلى الله وحده في كل ركعة أن يهديك إلى صراطه المستقيم
نسال الله العظيم كمال الخشوع وان يجعل الصلاة قرة أعيننا وسرور أرواحنا وطمأنينة أرواحنا اللهم ارزقنا كمال الوقوف بين يديك ومراعاة هيبته اللم كمل نقصنا في كل صلاة أنقصناها واجبر كسرنا في كل صلاة ضيعناها
فاسعد الناس في الصلاة أهل الصف الأول إذا أقاموا خشوعها وسجودها وركوعها وطهارتها على الوجه الذي يرضي الله وراعى حقها وحقوقها فلاشك أن من صلحت صلاتة فقد افلح وانجح وصلح سائر عمله وحفظه الله كما حفظ صلاته ففي الحديث ( من صلى الصلوات الخمس لوقتها وأسبغ لها وضوءها وأتم لها قيامها وخشوعها وركوعها وسجودها خرجت وهي بيضاء مسفرة تقول حفظك الله كما حفظتني )رواه الطبراني في الأوسط
وإذا فسدت صلاته فقد خاب وخسر وهذا من اعظم البلاء ومن فساد الصلاة أن يضيع حقوقها وواجباتها فلا يبالي بوضوئها ولا بستر عورته ومن فساد الصلاة حينما لا يتم ركوعها ولا سجودها ولا خشوعها فتجده يصلي وكأنه لا يصلي ومن فساد الصلاة انه إذا سمع النداء للصلاة لم يبالي بالصلاة ولم يبالي بهذا النداء ولا يحس انه يقرع أذنيه وربما تشاغل عنها بحيث تافه فلم يشعر إلا وقد خرج الناس من صلاتهم وكلها أمارات على فساد صلاة العبد وإذا تكرر منه التهاون بالصلاة واحتقارها ولم يعظم شانها جره ذلك إلى خسارة الدنيا والآخرة ففي الحديث ( ومن صلى الصلوات لغير وقتها ولم يسبغ لها وضوءها ولم يتم لها خشوعها ولا ركوعها ولا سجودها خرجت وهي سوداء مظلمة تقول ضيعك الله كما ضيعتني حتى إذا كانت حيث شاء الله لفت كما يلف الثوب الخلق ثم ضرب بها وجهه )نسال الله العظيم أن يعافينا وان يزيدنا من معرفته وتعظيمه ومحبته ما نبلغ به أعلى الدرجات
تمت هذه الرسالة المباركة حول اسعد الناس في الصلاة سائلا المولى أن يجعلنا ممن حافظ على الصلاة وراعى حقها وحقوقها على الوجه الذي يرضي الله أبدا ما أحيانا والحمد لله أولا وأخرا وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد عليه أفضل صلاة وأزكى تسليم
منقول للأفادة