مشاهدة النسخة كاملة : أقوال السلف في حسن الخلق


محمود ابراهيم حامد
25-07-2010, 05:27 PM
لما كان لحسن الخلق شأن عظيم في الأسلام وهو من الأمور المفقوده في هذا الزمان رأيت بعد أن سقت مجموعه من الأحاديث في حسن الخلق تحت عنوان "الأخلاق "أن أبين أراء السلف الصالح ي هذا الباب لكي تكون الأفاده أعم سائلا الله عز وجل الأخلاص في القول والعمل إنه ولي ذلك والقادر عليه.
قال تعالي –وهو يصف خلق المصطفي: - "وإنك علي خلق عظيم"
وفي الصحيحين أن هشام بن حكيم سأل عائشه –رضي الله عنها- عن خلق رسول الله: فقالت "كان خلقه القرأن"
وروي البخاري في الادب المفرد أن النبي : قال إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق"
قال فضل الله الجيلاني :لم تكن الأخلاق الكريمه مجموعه كلها في دين من الأديان السابقه حتي جمع الله في دين الأسلام كل ما كان من أخلاق حسنه فهذا معني أتمم مكارم الأخلاق أي أبلغ نهايتها
قال الحسن :حسن الخلق بسط الوجه وبذل الندي وكف الأذي
قال سهل التستري: أدناه الأحتمال وترك المكافأه والرحمه للظالم والأستغفار والشفقه عليه
وقيل:حسن الخلق بذل الجميل وكف القبيح
وقيل: التخلي عن الرذائل والتحلي بالفضائل
وقال الفضيل:لأن يصحبني فاجر حسن الخلق أحب إليَ من أن يصحبني عابد سيئ الخلق
ويقول ابن القيم:حسن الخلق يقوم علي أربعه أركان الصبر والعفه والشجاعه والعدل
وأختم بقول رسول : "خياركم أحاسنكم أخلاقا الموطئون أكنافا وشراركم الثرثارون المتفيهقون المتشدقون"

مأخوذ من كتاب"التربيه علي منهج أهل السنه والجماعه"


للشيخ /أحمد فريد


سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

هاوى إبداع
25-07-2010, 05:30 PM
جزاكم الله خيرا

ahmos_123
26-07-2010, 02:30 PM
جزاكم الله خيرا

ايه كمال
28-07-2010, 12:08 PM
http://rtoosh.com/up/images/79808733702279700463.gif

prof2007
02-08-2010, 10:28 PM
حديث حول منهج السلف

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا .
من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلي الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه واتباعه الي يوم الدين وسلم تسليما كثيرا . أما بعد
فهذه المحاضرة هي كما سمعتم بعنوان " حديث حول منهج السلف " وهي تنعقد في هذا المسجد مسجد التنعيم بمكة المباركة في هذه الليلة ليلة الثلاثاء العاشر من شهر شعبان من سنة ألف وأربعمائة وثلاثة عشر للهجرة .
يا أيها الأخوة الحضور من أهل مكة البلد الحرام وقاطنيها وساكنيها ويا أيها الحضور الطارئين علي مكة القادمون إليها .
السلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته .
أحبائي يامهوي الفؤاد تحية
تجوز إليكم كل سد وعائـــق

لقد هدني شوق إليكم مبرح
وقرح جفني دافق بعـد دافــق

وأرقني في المظلمات عليكم
تكالب أعداء سعوا بالبوائـــق

فمنهم عدو كاشر عن عدائه
ومنهم عدو في ثياب الاصـادق

ومنهم قريب أعظم الخطب قربة
له فيكم فعل العدو المفـــارق

أردتم رضا الرحمن قلبا وقالبا
ولم يطلبوا إلا حقير الدوانــق

فسدد في درب الجهاد خطاكم
وجنبكم فيه خفــــي المذاق


أيها الأخوة الأحبة . حديثي اليكم في هذه الليلة ينتظم في سبعة عنواين :
· مقدمات

هذا الحديث ليس محاضرة علمية عميقة دقيقة حول هذا الموضوع الكبير الخطير موضوع " منهج السلف " أو موضوع " المنهج " فقد كان أصل عنوان هذه المحاضرة " حديث المنهج " ثم رأى الإخوة الفضلاء المشايخ القائمون على هذه المحاضرة تعديل العنوان كما أعلن وحسنا فعلوا فقد أصابوا مافي النفس وما في القلب فإن المقصود بالمنهج هو المنهج الشرعي الذي كان عليه سلف هذه الأمة وأئمتها رضي الله تعالى عنهم أجمعين فهذا الحديث ليس حديثا علميا عميقا ولكنه حديث من طرف الذهن وفي موضوعات نتذاكر فيها ونتباحث فهو كما يقال تذكير بصوت مسموع فما كان منه من صواب فمن الله تعالي وحده وهو المستحق للحمد وما كان خطأ فمني ومن الشيطان والله تعالي ورسوله منه بريئان واني أسألكم ماوجدتم من حق فاقبلوه قبولا حسنا فأنتم حريون بذلك وهو به حري وما وجدتم من خطأ فردوه على قائلة كائن من كان فإن العبرة بالحق لا بمن قاله .
ثم ان الحديث عن المنهج اصبح اليوم ضرورة لأسباب عديدة منها :
أولا : أن مسألة المنهج مسألة مهمة في اضطراد مسيرة الإنسان سواء كانت مسيرته العلمية أو العملية وسواء كان الإنسان فردا أو جماعة بحيث تنتظم مسيرته وتضطرد ولا تتذبذب فأنت تجد بعض الناس له في كل يوم مشيه وله في كل واد منهج وطريق فهو يهدم اليوم مابني بالأمس ويهدم غدا مبناه اليوم لماذا لأنه ليس له منهج واضح ينطلق منه في عمله فهو يبدأ اليوم بحفظ القرآن فإذا حفظ من القرآن شيئا قال وجدت الناس ذهبوا بعلم الحديث فترك حفظ القرآن وأقبل علي الحديث فإذا أخذ منه شيئا قال المهم علم الفقه والحلال والحرام فترك الحديث وذهب الي الفقه وهكذا يقضي عمره كله يتذوق العلوم ويتذوق الفنون ويتذوق المناهج ويتذوق الطرائق ولا يخرج منها بطائل. إذا المنهج ضروري أولا في اضطراد مسيرة الإنسان وانتظامها وانضباطها وعدم تذبذبها.
ثانيا : والمنهج مهم ثانيا لاننا اليوم نعيش صحوة إسلامية شاملة في كل مجالات الحياة وفي كل بقاع الأرض صحوة تعيشها بلاد الإسلام كلها ومالم تكن هذه الصحوة منضبطه بمنهج شرعي واضح فإنها قد تضيع كما تضيع ماء الأمطار اذا تدفق في الوديان ثم انطلق الي الصحاري فلم ينتفع منه أحد بل قد تضيع كما تضيع مياه الأمطار إذا انطلقت إلي المزارع والحقول والمباني فهدمتها وأغرقتها وأتت علي الأخضر واليابس فيها إذا ان هذه الصحوة الإسلامية تحتاج لتكون صحوة بناءة راشدة قوية مثمرة ناضجة تأتي بالري وتأتي بالخير تحتاج الي منهج يضبطها و يقوم مسيرتها ويوجه صفها ويقود خطاها .
ثالثا :ونحن نحتاج الي المنهج ثالثا لأننا بحاجة الي تجلية هذا المعني وبيان هذه الكلمة كلمة المنهج التي كثر استعمالها الآن دون وضوح في الدلالة فإنني أكاد لا أعرف كلمة أكثر ترددا علي ألسنتنا اليوم من كلمة المنهج " المنهج ، المنهج ، المنهج " ولكن حينما تسأل أي متحدث ما هو المنهج وماذا تقصد بالمنهج وماذا تريد به فربما قلب عينيه وحملق فيك وشعر بأنه فعلا بحاجة الي أن يجلي هذه الكلمة ويوضح معناها .
· أصل الكلمةالشرعي

هو حديث عن هذه الكلمة في أصلها الشرعي جاءت هذه الكلمة في القرآن الكريم في قوله عز وجل [ لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ] وجاءت أيضا في أحاديث من أشهرها الحديث الصحيح [ تكون فيكم النبوة ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها الله تعالي إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة علي منهاج النبوة ما شاء الله تعالي أن تكون ، ثم يرفعها الله تعالي إذا شاء أن يرفعها ، ثم يكون ملكا جبريا ثم يكون ملكا عاضا ثم تكون فيكم خلافه علي منهاج النبوة ثم سكت صلي الله عليه وآله وسلم ] .
إذاً المنهاج او المنهج يعني بها الطريقة التي كان عليها النبي صلى الله عليه وسلم في حكم الأمه فإنه عليه الصلاة والسلام وإن كان نبيا مرسلا مؤيدا بالوحي من السماء إلا أنه كان حاكما في أمته عليه الصلاة والسلام يقيم الحدود ويجبي الزكاة ويوزعها ويبعث العمال إلي الأمصار ويأمر الناس بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويعقد العقود ويقيم الحروب ويبرم معاهدات السلام كما هو معروف في تفاصيل سيرته فإذا قال عليه الصلاة والسلام في الحديث السابق تكون خلافة على منهاج النبوة فالمعنى أنه عليه الصلاة والسلام زكى الخلفاء الراشدين من أصحابه أنهم يحكمون بهديه وسيرته بالعدل والانصاف والحكم بما أنزل الله وعدم التغيير أو التبديل وهكذا زكى النبي صلى الله عليه وسلم الخلافة الراشدة التي تأتي في آخر الزمان علي منهاج النبوه وقد ذهب بعضهم الي أن المقصود خلافة عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه والأقرب والله أعلم أن الخلافة علي منهاج النبوة قد تكون هي خلافة في آخر الزمان علي يد المهدي الموعود الذي أخبر النبي صلي الله علية وسلم بظهوره فإنه سكت بعدها مما يدل علي أنها آخر الأمر ونهاية المشوار وأنها خلافة يجتمع عليها المسلمون . وهذا لا يمنع أن يوجد في تاريخ الاسلام كله سواء في عهد عمر بن عبدالعزيز أو فيمن بعده من خلفاء بني أمية أو بني العباس أو من بعدهم أو ما يأتي به الله تعالي أن يكون في الأمة من يحكم بالعدل والقسط في رقعة " محدودة " من المكان أو في حيز محدود من الزمان فهذا لامانع منه بل الظاهر والأقرب والله تعالي أعلم أن ظهور المهدي عليه السلام لابد أن يكون له إرهاصات وبشائر ودلائل تسبقه في هداية الناس وصلاحهم وانتظام أمرهم ووجود نوع من الخير فيهم فإن المهدي الذي وعد به النبي صلي الله عليه وسلم لايبعث إلي أمة ميتة لينفخ فيها الحياة كلها فإنه لايحيي الموتي ولكنه يبعث إلي أمة قد دبت فيها الحياة ووجدت فيها الهداية وهي بحاجة إلي قيادة ربانية فيختار الله تبارك وتعالي لها برحمته وقوته هذا الرجل الراشد الذي يقود الأمة تلك الأزمنة المظلمة . فهذا معني قوله ثم تكون خلافه علي منهاج النبوة يعني علي طريقة النبوة علي سنة النبي صلي الله عليه وسلم وعلي هديه في الحكم بالقسط والعدل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقامة شريعة الله تعالي في عباده .
والملحوظ أن معني كلمة المنهاج سواء في الآية الكريمة أو في الحديث أو في غيرهما جاء معني عاما غير محدد فهو يعني الطريقة أو السنة أو السبيل أو ما أشبه ذلك من المعاني. إذا كلمة المنهج أو كلمة المنهاج هي كلمة عامة مجملة وهي تكتسب معناها بحسب ما تضاف إليه فحين نقول مثلا منهاج النبوة نعني به طريقة النبوة في الحكم والسياسة كما جاء في الحديث وحين نقول منهاج السنة كما في كتاب الأمام ابن تيميه رحمة الله منهاج السنة النبوية في نقد كلام الشيعة والقدرية فإن المقصود الطريقة الواردة في السنة النبوية في أبواب الاعتقاد كلها ، في أبواب الإيمان ، في أسماء الله تعالي وصفاته ، في أبواب الصحابة رضي الله عنهم ، في النبوات ، في الإيمان في اليوم الآخر ، في الجنة والنار وما أشبه ذلك في أبواب الاعتقاد المفصلة المعروفة. والمقصود أيضا المخالفة لما عليه أهل البدع من الرافضه والمعتزله والقدريه وغيرهم الذين تنكبوا هدي النبي صلي الله عليه وسلم وهدي أصحابه وخالفوا ماكانوا عليه ، ولهذا كان العلماء يألفون كتبا يسمونها كتب السنة كما في كتاب السنة للإمام اللالكائي ولابن نصر المروزي ولعبدالله ابن الإمام أحمد وللأشرم ولغيرهم يصنفون كتبا في السنة ولابن ابي زمانين أيضا يقصدون بها تدوين أبواب الاعتقاد التي كان عليها النبي صلي الله عليه وسلم وأصحابه والتي خالف فيها المخالفون الذين غيروا وبدلوا وهكذا حين نقول منهاج فلان من الناس فإن المقصود طريقته وقواعده وأسسه التي سار عليها في مصنفاته أو في علمه أو في عودته فحين نقول مثلا منهاج الإمام الطبري في التفسير نقصد بها الأسس التي سار عليها الطبري في تفسير كتاب الله تعالي وفي تأليف كتابه العظيم المعروف في ذلك من الأخذ من القرآن ومن الحديث ومن أقوال السلف والسياق بالإسناد وأختيار الراجح وما أشبه ذلك من القواعد الأساسية الكلية التي سار عليها . وهكذا حين نقول مثلا المنهج المدرسي أو المنهاج المدرسي نقصد به المقررات التي يراد من الطلاب أن يدرسوها في مكان أو زمان أو مدرسة أو مستوي معين إذا كلمة المنهج كلمة عامة تكتسب معناها بحسب ماتضاف إليه ، بل إن هذه الكلمة قد تستخدم في الخير أو في الشر فأنت تقول هذا منهج الصالحين . وهذا منهج الضالين ولهذا قال الشاعر :
أمامك فانظر أي نهجين تنهجو
طريقان شتي مستقيما وأعوج
ألا أيها الناس طال ضريركم
لآلرسولاللهفاحشواأوأرتج


إذا فهو يقول طريقان ومنهجان ، منهج الحق ومنهج الباطل ، منهج الهدي ومنهج الضلال منهج الخطأ ومنهج الصواب ، منهج الإيمان ومنهج الكفر منهج التقوي ومنهج الفجور ، كلاهما يسمي منهج وبهذا ندرك أن هذه الكلمة كلمة عامة تكتسب المعني بحسب ماتضاف إليه فإذا قلنا منهج السلف كما هو ظاهر في العنوان فالمقصود الطريقة التي كان عليها السلف رضي الله عنهم ، لكن في ماذا ؟ في كل شيئ ، منهج السلف رضي الله عنهم في الاعتقاد ، في أبواب الإيمان بالله ، والأسماء والصفات ، وتوحيد الألوهيه ، وتوحيد الربوبية ، منهج السلف الصالح في الإيمان بالدار الآخره ، منهج السلف الصالح في الصحابه ، منهج السلف الصالح في الخلق والسلوك منهج السلف الصالح في العباده ، منهج السلف الصالح في التعليم ، منهج السلف الصالح في الجهاد ، منهج السلف الصالح في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فإن المقصود به حينئذ المنهج والطريقة العامة التي تحكم كل شئون الحياة ، ولاتغادر منها صغيرة ولا كبيرة ، ولا تترك منها شاذة ولافاذة ، فإن السلف الصالح رضي الله عنهم كان منهم من يعقدون مجالس العلم في المساجد ، ومنهم من يذهبون الي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في كل مجالات الحياة ويحتسبون علي الصغير والكبير ، وكان منهم من يذهبون الي ميادين القتال ، ويجاهدون في سبيل الله ويرابطون علي الثغور ، وكانوا جميعا مثل عليا بأخلاقهم مع أهلهم ، في تعليمهم ، في عبادتهم في تقواهم ، في أخلاصهم ، في دعوتهم الي الله ، وفي كل أعمال الخير ، فهذا هو المنهج الذي كانوا عليه .
· الكلمةالمظلومة

إنه لايكاد يضاهي هذه الكلمة كلمة أخري في ترددها علي الألسن ، ألسن الكبار والصغار ، العلماء وغير العلماء ، المختصين وغير المختصين ، حتى إنك تجد الكثيرين يرددون هذه الكلمة وكأننا حين نرددها نريد أن نعوض في هذا الترديد عن الشعور بالحاجة إلي ضبط المسير ، فكلنا متفقون علي ضرورة تصحيح المسير ، وضبط الخطوات ، والمراجعه والإنضباط ، وعدم التردد أو التذبذب ، أو تكرار الأخطاء التي وقع فيها غيرنا ، ولكن الكثيرين أيضا ربما يحتاجون مزيد من التوجيه في هذا ،فيظن البعض أن مجرد ترديد المنهج يغني في هذا والواقع أنه لايغني ، فنحن أحيانا مثل المريض الذي يذهب الي الطبيب ، فيقول له الطبيب مثلا بإمكانك ان تشتري نوعا معينا من العلاج وليكن الإسبرين فبدلا من أن يتعاطي هذا العلاج ويشتريه فإنه يلجأ الى يردد هذه الكلمة اسبرين اسبربن اسبرين ويظن ان هذا الترداد ربما شافاه من الصداع . وأحيانا نردد هذه الكلمة وكأننا نعوض بها عن فقد الدليل الشرعي ، فإن الجميع متفقون أو يجب أن يكونوا متفقين علي أن العبره ليست بكلام فلان مهما كان قدرة أوعلمه أو منزلته أو جاهه أو مكانته الواقعية أو التاريخية ، وانما العبرة بالدليل قال الله قال رسول الله أو بإجماع علماء هذه الأمة . فإذا لم يكن لدي أحيانا دليلا صريحا صحيح فإنني قد أزين هذا المنهج وأزركشه لأحتمي به ، وربما أحاول أن أجعل كلمة من شخصا ما من السابقين أو اللاحقين ولو كان إماما أو حجة فضلا عن أن يكون شخصا عاديا ربما أحاول أن أجعل هذه الكلمة دليلا . كيف أجعلها دليلا وهي كلام بشر يحتاج الي أن يستدل له ، لاتستدل به ، أحاول أن أجعلها دليلا حين أربطها بكلمة المنهج ، فأقول المنهج كذا ، ولهذا قال فلان كذا وقال فلان كذا ثم أظن بذلك أنني صنعت شيئا ولا أدل علي كون هذه الكلمة مظلومة من حديث مثلي عنها في هذا المجال والله تعالي وحده هو المستعان .
نعم إن الاصطلاح أمر سائغ فبإمكانك ان تصطلح كما تشاء وكما يقول العلماء [ لا مشاحة في الاصطلاح ] يعني أي طائفة من الفقهاء أو الأصوليين أو المفسرين أو المؤرخين أو علماء الاجتماع أو علماء النفس أو غيرهم بإمكانهم ان يتفقوا علي مصطلحات معينه لعلمهم ، تعبر عن بعض المعاني التي تتكرر لضمان عدم التكرار وما أشبه ذلك ، فهذا أمر لابأس به بل لايوجد علم قط إلا فيه مصطلحات خاصة بأهله يتداولونها فيما بينهم وقد يتداولها الناس ولكنها تظل مصطلحات لا تتحول الي شريعة ملزمة ، ولا تتحول الي نص واجب الإتباع علي كل أحد ، ولاتتحول الي دعوة قائمة لايسع أحد أن يخالفهما بحال .
· مناهجشتى

إننا اليوم امام مناهج شتي في كل مجالات الحياة ، ولو حصرنا الحديث في المجال الشرعي لوجدنا أن للعلماء مناهج مختلفة ، فمثلا في الفقه هناك مناهج كثيرة في الاستنباط فطريقه الامام الشافعي في الاستنباط ليست كطريقة مالك وطريقة أبي حنيفه ليست كطريقة أحمد وطريقة الأوزاعي ليست كطريقة سفيان الثوري وهكذا ، ففي مجال الفقه واستنباط الأحكام الشرعية من القرأن والسنة يختلفون في ذلك أختلافا واسعا ، ومثل ذلك الحال في الدراسات الأصولية فأصول الأحناف غير أصول الشافعية مثلا ومثله أيضا في التفسير فتفسير القرطبي ليس كتفسير الطبري ، وتفسير أبي عطيه ليس كتفسير ابي حيان ولكل واحد منهم منهج خاص يميزه في الدراسه والاستنباط ويختلف به عن غيره من العلماء سواء كانوا من علماء فنه أو من علماء آخرين.
بل وحتي حين تنظر في مناهج الدعوة والعمل تجده أن منهاج العلماء تختلف ، ولاضرب لك مثلا فقط هذا الأمام ابن تيميه رحمه الله تعالي إن الذي يقرأ سيرته وتاريخه وعلمه وجهاده يبدوا له جليا واضحا أن شيخ الأسلام ابن تيميه متفرغا لدعوته ، ولعلمه ، لجهاده ينتقل من بلد الي بلد بل ينتقل أحيانا من سجن الي آخر وناظر كثيرا من الفقهاء واختلف معهم واتفق مع آخرين وناقشهم وناقشوه وناظرهم وناظروه بل وفيهم من قال فيه ما قال وحاربه وتسبب له ، بل بعضهم سعي في الوشاية به إلي أن يقتل ومع ذلك ظل شيخ الإسلام ابن تيميه ملتزما سنن العدل والبعد عن الظلم والعدوان والإنتقام والإنتصار للنفس وغير ذلك من المعاني ، ومن المعلوم أن شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله لم يتقلد وظيفة قط طيله عمره ، لم يتولي القضاء ولم يتولي عملا آخر ليس لأنه يعتقد أن الوظائف حرام ، كلا بل يعتقد أن الوظائف قد تصل الي حد الوجوب أحيانا كما صرح في فتاويه بذلك ، ولكن لأنه يري أنه بالنسبة له هو شخصيا أن بقاءه في الميدان الطلق يذهب الي هنا وهناك ويقول كلمة الحق ويأمر بالمعروف وينهي عن المنكر ، يحتسب علي الكبراء وعلي الصغار وعلي العلماء وعلي العامة وعلي الخاصة وعلي الجميع رأي أن هذا هو الأليق بحاله ، وكان له تلاميذ ومريدون يذهبون معه وينقلون علمه ويكتبون عنه ويأمرون بالمعروف وينهون معه المنكر حتي أنهم ذهبوا الي جبال النصيريه وقطعوا أشجارهم واحتسبوا عليهم والزموهم بالسنة ، وحتي أنهم يرون الخمور فيريقونها في الشوارع ويرون المنكرات فيكسرونها وما ذلك إلا أن السلطة المركزية ضعفت في عهد ابن تيمية رحمه الله فلم تكن تغير المنكرات ولم تكن تأمر بالمعروف كما يجب وأصبح بإمكان العلماء أن يقوموا بذلك والله تعالي يقول " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم " وأولوا الأمر كما هو معروف هم العلماء والأمراء فطاعة العلماء واجبة أيضا كما يطاع الأمير في طاعته الله تعالي طاعة بالمعروف.
المهم أن ابن تيميه رحمه الله كان له منهج واضح متميز في علمه وفي دعوته وفي جهاده وفي أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر وهذا هو المقصود أما تميزه رحمه الله من المجالات الأخرى فهذا ظاهر معروف لكنه ليس هو مجال حديثنا وإلا فإنه رحمه الله كان شجاعا في الدعوة إلى عقيدة السلف الصالح، وتجريتها والاستدلال لها بطريقه لم يكد يسبق إليها إلى غير ذلك من ألوان العلوم التي فتح الله بها على هذا الإمام الذي ندر أن يوجد مثله، واليوم نجد أن مناهج الدعوة إلى الله قد تنوعت وتعددت وكثرت في معظم بلاد الإسلام، بل في كل بلاد الإسلام، فكل له منهج وطريقة يدعو بها إلى الله تعالى أو يأمر بها بالمعروف وينهى بها عن المنكر أو حتى يعلم الناس فيها القرآن والسنة فما هو ياترى الأنسب أمام هذه المناهج المختلفة، هل الأنسب والأقرب بمقاصد الشرع هو هدم هذه المناهج على رؤوس أصحابها كما يقال والقضاء عليها و اعلان الحرب أم إن الأنسب هو السعي في الإصلاح والتعديل لتكون منسجمة مع النص مع القرآن مع الحديث مع الدليل الشرعي. أيها الأحبه إنني و أنا أتحدث إليكم في مثل هذا لأمر فإنه يعلم الله تعالى أن ليس في قلبي إلا المحبة للمؤمنين المخلصين لدينهم مهما تعددت مناهجهم واختلفت طرائقهم وتباينت اجتهاداتهم متى ما كانوا ملتزمين بالقاعدة العظمى التي هي قاعدة الرد إلى الله والرسول " فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر " فهذا هو بيت القصيد وهذا هو المحل الذي يجب أن ندعوا الناس إليه لأنه من الخطأ أن أدعوا الناس إلي شخصي أو إلي طريقتي أو إلى مذهبي أو إلى اجتهادي أو إلى رأيي فإنه على احسن الأحوال كما كان يقول الإمام الشافعي رحمه الله هو صواب يحتمل الخطأ ورأي الغير خطأ يحتمل الصواب والواحد منا قد يقول اليوم كلمة ويرجع عنها غداً إذا القضية هي الدعوة إلى الكتاب والسنة " فردوه إلى الله والرسول " أما رأيي أنا ورأيك أنت ورأي زيد ورأي عبيد فهو كلام وقول قد يوافق الكتاب والسنة فيؤخذ به لا لأنه رأي فلان ولكن لأنه يوافق الكتاب والسنة وقد يكون اجتهاداً في غير محله فيرد على قائله كما أسلفت.
ولأضرب لذلك مثلا يتعلق أيضا بموضوع المذاهب الفقهية وإنما اخترت موضوع المذاهب الفقهية لأنه أوضح وأظهر، فإن من الممكن و نحن الآن أمام مذاهب مختلفة أشهرها المذاهب الأربعة ولكن هناك أكثر من عشرة مذاهب غالبها موجود أو كلها موجود في العالم الإسلامي، فهناك مذهب الاوزاعي وهناك المذهب الظاهري وهناك مذهب سفيان بطبيعة الحال فهناك مذهب أهل الحديث إلى غير ذلك من المذاهب الفقهية. هذه المذاهب من الممكن أن يعلن إنسان الحرب عليها بصورة واضحة على دعاتها و على فقهاتها لماذا؟ لأنه هناك تعصب مذهبي يعصف بالعالم الإسلامي . نعم لا أقول على مستوي العامة بل على مستوي الفقهاء و المفتين في معظم بلاد العالم الإسلامي يوجد تعصب مذهبي ويوجد تمسك بالموروث حتى ولو كان مخالفاً لما تدل عليه ظاهر النصوص، من القرآن والحديث ولكن بسبب الالف والعادة والتلقي في الصغر وكون هذا الأمر معروف في المجتمع يصعب على الإنسان يغير رأيه أو قناعته بهذا الحكم أو بهذه المسألة الفقهية وربما صار هذا التعصب بلاءً حتى أنه ليس من الأسرار انه كان هناك معارك تاريخية وهدمت بيوت وقدمت معارك وقتل أشخاص وسالت دماء بسبب ألوان التعصب المذهبي الذي حصـل بين بعض الطوائف في بغداد وفي بلاد المشرق وفي غيرها فقد يقول قائل هذا بسبب هذه المذاهب إذن فلا بد من الحرب عليها وتحريم الانتساب المجرد إليها ودعوة الناس إلى نبذهـا ورفضها و هـذا علي كل حال هو رأي أو نستطيع أن نعبر عنه بأنه منهج، منهج يدعو إلى نبذ المذاهب كلها، حتى مجرد الانتساب إلى هذه المذاهب والأخذ من الكتاب والسنة فحسب و نحن جميعا متفقون على أنه يجب الأخذ من الكتاب والسنـة واجماع الأمة فحسب ولكن هل ترفض هذه المذاهب ويدعى الناس إلى أخذ الكتاب والسنة أما أنه يمكن أن يرى الناس على الأخذ من الكتاب والسنة ولو كانوا منتسبين فمجرد الانتساب لا يضر، يعني كونك تقول مثلاً أنا شافعي أو أنا حنبلي أو أنا مالكي، أو حنفي، ليست العبرة بمجرد الاسم فهذا مثل ما تقول أنا من قبيلة كذا أو أنا من بلد كذا، ولكن العبرة أنت إذا كنت شافعيا ثم عرفت دليلاً مخالفاً لمذهب إمامك هل تتبع الدليل أم تتبع مذهب الإمام فإن كنت تتبع الدليل فهذا لا يضر أما إن كنت تتبـع مذهب الإمام وتترك الدليل فهذا يضرك ولو تخليت عن الاسم ولو خلعت النسبة لكنك تركت الرجوع إلى الدليل الشرعي.
إذن العبرة بالطواعية والانقياد للدليل الشرعي وليست بمجرد الأسماء مع أننا نقول أن الأسماء ليست ملزمة ولا شريعة قائمة ولا قال أحد من أهل العلم أنه يجب على أحد أن يتسمى باسم معين أو أسم خاص اللهم إلا الأسماء الشرعية "الإيمان، الإسلام وما شابه ذلك أما هذه الأسماء وهذه النسب أمور ليست واجبة على أحد بحال من الأحوال، على كل حال قد يرى إنسان أن يعلن الحرب على هذه المناهـج كما أشرت وهذا منهج ولكنـه قد يستنفر عداوات كثيرة وعداوات ضخمة وأحيانا يواجه مع الاسف حججاً علمية في كثير من البلاد و تصبح المسالة بين شد و جذب ويصبح معظم الناس لا يفقهون من الأمر شيئا ولكن هناك بالمقابل منهج آخر، منهج لا يعلن الحرب على الاسم لأن المشكلة ليست في الاسم بذاتـه ولكن يعلن الحـرب على الانحراف الموجـود في المضمون الموجود في الواقع الذي هو ترك الدليـل الشرعي إلي قول فلان ورأي فلان فهذا المنهـج لا يستهدف الإطاحة بالمذاهب كأسماء و عنوانين ولا فتات ولا يحاربها لذاتها ولكنه يحارب التعصب الممقوت ويحارب التقليد خاصة التقليد الأعمى غير المبصر الذي اتباع بالدليل ولكنه تقليد لفلان وفلان بغير حجة شرعية ويدعو هـذا المنهج إلى العناية بالدليل الشرعي بكلام الله عز وجل وكلام الرسول المصطفى عليه الصلاة والسلام ويحـارب أشد الحرب تلك الفئة التي تعرف الدليل الشرعي ثم تعرض عنه تعصبا لمذهب أو إمام أو قول.
عذيرى من قوم يقولون كلمـا
طلبت دليلاً هكذا قال مـالـك
فان عدت قالوا هكذا قال أشعب
وقد كان لا تخفى عليه المسـالك
فإن عدت قالوا قال سحنون مثله
ومن لم يقل مثلـه فهـو آفـك
فإن قلت قال الله ضجوا واعولوا
وصاحوا و قالوا أنت قرن مماحك
وإن قلت قد قال الرسول فقولهم
أتت مالك في ترك ذلك المسالك

المهم هؤلاء الذين يرفضون الدليل أو يقولون كل نص خالف المذهـب فهو منسوخ أو مؤول وانما نقرأ القرآن والسنة لمجرد التبرك لا شك أن هذا إلغاء للنص الشرعي، وتعبيدهم للناس بما لم يعبدهم الله تعالى به ومن نعم الله على هذه الأمة في هذا الوقت أنها أصبحت تبحث عن الدليل وتبحث عن قال الله قال الرسول، وإذا تكلمت مع إنسان بقول أو أفتيته بفتوى قال لك أين الدليل أو ما هي الحجـة أو ما أشبه ذلك وهـذه لا شك من ظواهر الصحوة الإيجابية التي يجب العمل على تعميقها وتنميتها وتوسيعها بقدر المستطـاع. إذن نحن أمام منهجـان أو طريقان المنهج الأول الذي يدعو إلى تحطيم المذاهب والقضاء عليها وإعلان الحرب عليها جملة و تفصيلاً من دون تمييز وهذا المنهـج قد ينجح بإخراج البعض من المـذاهب ولكنـه ينجح أيضا في غرس عداوات عند آخرين.
المنهج الثاني هو الذي يقول لا نحارب المنهـج باسمـه ضرورة لأن الاسم مباح مجرد ولكننا نحارب اتباع أقوال الأئمة وترك الكتاب والسنة أو إتباع قول فلان إذا تبين أنه مخـالف للدليل وهكذا هـذا المثال يمكن أن نطبقه بالنسبة لوسائل الإصلاح والتغيير والدعوة الموجودة اليوم فمن الممكن إعلان الحـرب على مناهجها المختلفـة بالنظر إلى الحزبيات القائمة والموجودة والتي أقول إنها تعصف بشباب هـذه الأمة كالإعصار وتشق صفوفهـم وتمزق وحدتهم وتوقر قلوب بعضهم على بعض، وكذلك إلى الأخطاء الموروثة التى تتكرر مرة بعد مرة والنظر إلى التجارب الفاشلة الموجودة هنا وهنـاك وفي بلاد كثيرة، إذا من الممكن أن ينظـر الإنسان إلى هذه السلبيات فيعلن الحرب عليها كلها جميعا وهذا منهج في مواجهة هذا الواقع على كل حال هناك منهج آخر يستطيع أن يميز في هذه المناهج والطرائق ووسائل الدعوة بين الحـلال والحـرام وبين النافـع والضار فيشيد بالنافع والمباح أو المشروع ويثنى عليه ويمنع الضار أو المحرم وينكره ويدعو إلى تركه ومباعدته بالأسلوب الحسن بالقدر المستطاع فإن الحرام لا يجامل فيه أحد بل يجب النهى عنه بدليله وما عند الله تعالى لا ينال بمعصيته قط فلا يمكن أن تكون الدعوة بوسيلة محرمة أبدا ولا يمكن أن يكون الأمر بالمعروف أو الجهاد بأسلوب لا يحله الله تعالى ورسوله بل الله تعالى يقول "قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني" والدعوة إلى الله على بصيرة تعني الـدعوة بعلم و بمعرفة بالحلال والحرام ومعرفة بنصوص الشرع ويقول الله تعالى لرسوله عليه الصلاة والسلام "أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة" فقال ادع إلى سبيل ربك فلا بد أن تعرف سبيل الله وسبيل الله تعالى هو دينه هو منهجه هو طريقته التي أمر بها عباده ولا يمكن أن يدعو إليها إنسان وهو لا يعرفها إذن لا بد أن يعرف الإنسان الحرام فينهى عنه ويحذر منه ولا يجوز أن يفعل الإنسان الحرام حتى ولو كان بنية صالحة فإن النية الصالحة لا تقلب الحرام إلى الحلال بأي حال من الأحوال، بل يبقى الحرام حراما والنية أمرها عند الله تعالى.
نحن ليس لنـا بقلبك علاقة علاقتنا بعلمك هذا انه حرام ولا يجوز قال الله تعالى قال رسول الله صلى الله عليـه وسلم أما نيتك وقصدك فنحن منه براء لا ندري منه شيء وأنت أمرك إلى الله تعالى فالحرام إذن ما حرمه الله تعالى ورسولـه اما بنهي صريح لا صارف له أو وعيد على فاعله أو ما أشبه ذلك سواء كان من صغائر الذنوب أو من كبائرها فما كان حراما فلا يجوز أن نتذرع به إلى دعوة ولا إلى علم ولا إلى جهاد ولا إلى أمر ولا إلى نهي أما ما لا يدخل في دائرة الحرام ولكننا لم نعبد به أو لا نراه أو لا يتفق مع قناعات ذاتية موجودة عندنا أو لا يتفق مع تربية تربينا عليها أو لا يتفق مع ما تلقيناه فهـذا من الممكن أن نتركه نحن وندعـه ولا نستخدمـه و نعرض عنه ولكننا لا نحتسب على فاعله بالإنكار والعيب والذم ما دام اننا لا نستطيع أن نقول أنه حرام أما إذا كان الأمر اننا نقول هو حرام وطرف آخر يقول لا ليس حرام فها هنا وجد خلاف هل هو من باب الحرام فيجب تركه أم من المباح فيجوز فعله فهنا بإمكاننا سلوك أحد السبيلين: السبيل الأول الجدال بالتي أحسن لا مانع ناقشني وأناقشك بدون رفع أصوات ولا مغاضبة ولا مساخطة ولا يسـوء ظنك بي ولا تجد على في نفسك لكن ناقشني بالتي هي أحسن وبالكلمة الطيبة وربك جل وعلا قال "ولا تجادلوا أهل الكتـاب" يعني اليهود والنصارى "إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم" إذن المسلمـون أولى بأن يجادلوا بالتي هي أحسن قال الله تعالى " ادع إلى سبيـل ربك بالحكمة وبالموعظـة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن " الكلمة الطيبـة "وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن" فالمناقشة والأخذ والعطـاء ربما يتبين لك فيها شيئـا لم يكن واضحاً أو على الأقل تعذر الآخر أو ربما يتبين لـه الحق فيأخذ به فإذا لم يكن النقاش ممكنا أو لم يوصل إلى نتيجة فهنا الحل الثاني وهو الرجوع إلى العلماء للاستنارة بعلمهم كما قال عز وجل من موضعين في كتابه "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون" وأهل الذكر هو أهل العلم بالقرآن والعلم بالسنة وفي حديث عن رسول الله صلى الله عليـه وسلم عند أهل السنـة في قصة صاحب الشجـة أنه عليه الصلاة والسلام قال لبعض أصحابـه قتلوه قتلهم الله الا سألـوا إذ لم يعلموا فإنما شفاء العي السؤال فالرجوع إلى أهل العلم ومناقشتهم والاجتماع عندهم والأخذ من علمهم هذا من أسباب توحيد الكلمة والوصول إلى الحق وأحيانا قـد يكون الخلاف لفظيا أو شبه لفظي واضرب لذلك مثلا واحدا "ان الخلاف قد يطول ويعرض ولو تأملـه العاقل لوجـد انه قريب من قريب أو أن الخلاف يسير يحتمل ويحتمل" . مسألة وسائل الدعوة هل وسائل الدعوة إلى الله تعالى وسائل توقيفية بمعنى أنها من عند الله ومن عند الرسول صلى الله عليه وسلم ولا يجوز وسيلة من وسائل الدعوة إلا ويكون جاء إذن شرعي بها ؟ أم أن وسائل الدعوة مبنية على الإباحة ويجوز إستخدام ما لم تكن محرمة ؟ القائلون بالتوقيف أن وسائل الدعـوة توقيفيـة يعنون والله أعلم أن جوهر الدعوة من عند الله تعالى فلا بد من الدعوة إلى توحيد الله تعالى وإفراده بالعبـادة ولا بد من تربية الناس على هذا المعنى العظيم الذي بعث من أجله الرسل وأنزلت من أجله الكتاب وعقدت من أجله ألوية الجهاد ألا وهو دعوة الناس إلى عبادة الله تعالى "اعبدوا الله مالكم من إله غيره" "ألا تعبدوا إلا الله" "وقولوا لا إله إلا الله تفلحـوا" هذا المعنى يجب دعوة الناس إليه وتربيتهم عليه وتعليمهم له والدندنه حول هذا المعنى دون كلل ولا ملل هذا لا شك انه حق كله ويجب أن يكون موضع اتفاق بين الجميع.
أما القائلون بعدم التوقيف يعني أن وسائل الدعوة مباحة الأصل فيها الإباحة وكل وسيلة ليست محرمة يجوز أن تستخدم للدعوة إذا ظن الإنسان انها تنفع فإنهم يوافقون أو يجب أن يوافقون على ما سبق ولكنه يرون جواز استخدام كل وسيلة أو ذريعة تؤدي إلى الغرض مالم تكن حراماً ومن ذلك اسلوب تأليف قلوب الناس على الخير تأليف قلوبهم بالدعوة إلى الطعام أو السفر معهم أو الرحلة أو المشاركة في بعض أعمالهم المباحة أو تطييب خاطرهم وإزالة الوحشة منهم بكل أمر مباح لا يمكن أن يقال منه تأليف القلوب والدعوة إلى الله أن تذهب إلى قوم على لهو ولعب ورقص وسكر وعربده وفجور وتكون معهم على ذلك لأنك تألف قلوبهم، أو لأن هذه وسيلة دعوة، هذا لا يجوز ولا يمكن أن يكون أبداً لأن الأمر محرم ومفروغ منه ، لكن هب أنهم على أمر مباح أنت لا تريده لنفسك ولكن رأيت أن مشاركتهم فيه قد تكون سبباً في تأليف قلوبهم أو تقريبها أو تحبيبها إلى الخير أو ما أشبه ذلك من الأمور، يعني من بابب تأليف القلوب الذي عمل به الرسول عليه الصلاة والسلام . ولهذا يتفق الطرفان معاً، القائلون بأن وسائل الدعوة توقيفية أو الذين يقولون بأنها ليست توقيفية، يتفقون معاً على أنه لا يشترط للوسيلة من وسائل الدعوة أن يكون منصوص عليها بذاتها وعينها، مع أننا لو قلنا أن الوسائل توقيفية محضة، كالقرب المحضة كالعبادات، لم يكن كافيا أن تكون الوسيلة لها أصل في الشرع مثلا، بل يجب أن يكون منصوص عليها في وقتها وفي سببها وفي صفتها وفي زمانها وفي مكانها مثال الصلاة، الصلاة عبادة والعبادات توقيفية يعني ما يجوز أن يأتى أحد من جيبه بصلاة لم تشرع ويأمر الناس بها، بل يجب أن تكون الصلاة مأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم مأثورة في عدد ركعاتها، مأثورة في صفة ركوعها وسجودها وقيامها وقعودها، مأثورة في سببها كصلاة الضحى مثلا أو صلاة الوضوء أو صلاة الاستخارة أو صلاة الفتح أو ما أشبه ذلك . مأثورة في زمانها مأثورة في مكانها إلى غير ذلك.
فها هنا بالنسبة للصلاة كل هذه الأشياء محدودة، لكن لو نطرنا إلى مثال آخر وهو : التعليم هل يمكن أن نقول إن التعليم وسائله توقيفية مثل ماهى الحال بالنسبة للصلاة لو قلنا ذلك لو جدنا أن الصورة اليوم، بل الموجودة منذ سنوات بل منذ قرون في العالم الإسلامي للتعليم لم تكن موجودة في الصدر الأول فالمراحل الدراسية والمناهج الدراسية والكتب والشهادات والامتحانات وطريقة التدريس وطريقة السكن وتسجيل الطلاب وتدوينهم وتصنيفهم وغير ذلك كل هذه الأشياء لم تكن موجودة بتفاصيلها في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بل لم تكن الكتب ألفت آنذاك ولما هم الصحابة رضى الله عنهم بتدوين السنة احتج بعضهم لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال كما في حديث أبي سعيد "لا تكتبوا عني شيئا غير القرآن ومن كتب عني شيء غير القرآن فليمحه" ولكن يرجع الرأي القائل بمشروعية الكتابة بل بوجوبها لنصوص كثيرة معروفة وللحاجة الماسة خشية ضياع السنة النبوية.
إذاً لو نظرنا إلى التعليم واعتبرناه أمرا عبادياً توقيفياً يجب أن يكون منصوصا في زمانه ومكانه وصفته وسببه وعدده وما أشبه ذلك، لم نجد أن الصورة القائمة هي الصورة الموجودة في العهد الأول ولكن نقول نعم العلم الشرعي عبادة يجب أن يقصد فيه وجه الله ويراد به ما عند الله تعالى ولا يقصد به عرض من أعراض الدنيا ويخلص الإنسان فيه النية ويرافقه بالعلم النافع بالعمل الصالح بالدعوة بالخلق الفاضل وما أشبه ذلك، لكن لا يلزم أن تكون كل هذه التفاصيل منصوص عليها بذاتها، وإن كان لها أصل في ما هو موجود في عهد النبي عليه الصلاة والسلام، لكن لو قلنا أن الأمر تعبدي محض لم يكن كافيا وجود الأصل بل لابد من وجود النص على التفاصيل أرأيت لو نظم أحد أمر الصلاة كما ينظم التعليم مثلا فجعل لكل فئة من الناس زمانا خاص لصلاة خاصة ومكان خاص وطريقة خاصة يتعبدون بها أفيجوز هذا، كلا لا يجوز، إذن نخلص من هذا إلى أن السعي في إصلاح المناهج الدعوية وإعادتها إلى الكتاب والسنة فيه خير كثير إن شاء الله تعالى ثم لا يمنع بعد ذلك أن تتنوع النشاطات فهذا ينشط مع العامة وهذا ينشط مع الخاصة، وهذا يتحرك في أوساط الشعب ، وهذا يتحرك في الدوائر الرسمية، وهذا يشتغل بالمال، وهذا يشتغل بالجهاد والجميع متفقون على المنهج الشرعي الصحيح على الكتاب والسنة، على الرد إلى الله والرسول، على عدم التعصب، وعلى عدم ازدراء الآخرين أو تنقصهم أو الاستخفاف بجهدهم، إننا نحتاج إلى هذا كله ونحتاج إلى الصبر، وسعة البال، والحلم، والحكمة، وأن نقابل الإساءة بالإحسان والمنكر بالمعروف، وأن يكون لسان حال الواحد منا كما أمر الله تعالى"إدفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم" إننا أحياناً أيها الأخوة نغضب لأنفسنا و أشخاصنا أكثر مما تغضب لمناهجنا أتدري كيف؟ أضرب لك مثالا: لك جار لا يصلي الصلوات وأنت اليوم صابر عليه، على مدى سنوات ربما سنتين أو ثلاث وأنت تقول نصبر عليه ندعوه إلى الله تعالى نسلك معه الأسلوب الحسن بالمراسلة، بالاتصال، بالزيارة وبذلت معه مجهوداً كبيراً وأنت صابر، ثم لقيته يوما من الأيام فدعوته إلى الله فقال لك: ما لك بي علاقة مالك ولي، دعني وشأني أنت فيك كذا، وفيك كذا ثم طفق يسبك ويشتمك ويتكلم فيك، فتجد أنك حينئذ غضبت أشد الغضب وفار دمك، وانشدت أعصابك ثم قلت لا يمكن أن نصبر عليه أبداً هذا الإنسان ليس فيه خير، هذا من سنوات لا يصلي، لا بد أن يخرج هذا اليوم من المنزل، طيب لماذا هذا الغضب ادخرته لموقف شخصي، لماذا ما غضبت يوم كان هذا الإنسان مفرط في شعيره من أعظم الشعائر، وربما كان أهل بيته أحيانا يشتكون منه أنه لا يؤدي الصلاة أو ربما يشرب الخمر، أو ربما يقع في معاصي، وكله كنت صابراً، فلما مسك في شخصك بعض الأذى، تجد أن الواحد منا أنشدت أعصابه وغضب، فها هنا تبين لك أن غضبي وغضبك حينئذ كان للشخص انتصاراً للنفس أكثر من كونه انتصاراً للمنهج يجب أن يكون لسان حالك كما قال الأول وإن الذي بيني "اعني بالنسبة لإخوانك من الدعاة وإخوانك من طلبة العلم وزملائك
أن الذي بيـني وبين بني أخـي
وبين بنـي عمي لمختلف جــدا
فإن أكلوا لحمي وفرت لحومهم
وإن هدموا مجـدي بنيت لهم مجدا
ولا أحمل الحقد القديم عليهـم
وليس رئيس القوم من يحمل الحقدا

إن المروءة والصبر والرجولة والإيمان والخلق الكريم هي التي تحتاج إلى الرجال أما المعاملة بالمثل والشد وما أشبه ذلك فهذه كل أحد قد يحسنها، إننا نحتاج إلى كل الجهود، وإلى كل الطاقات المخلصة المتفقة هنا على الرد إلى الله والرسول وعلى العمل بالكتاب والسنة وعلى المنهج الشرعي السلفي الصحيح نحتاج إلى هذا كله وهو أمر عظيم لا تقوم به فئة، فكيف تستطيع فئة أن تقوم بالجهاد ، وبتعليم الناس العقيدة، في تعليم الأحكام ، في تفقية الناس بدينهم، في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، في الدعوة في الوعظ إلى غير ذلك من الأبواب العظيمة، كل هذا لا يمكن أن يقوم به الا مجموع الأمة و مجموع فئاتها المخلصة القائمة على المنهج الصحيح، التي لم تتلوث أو تتلطخ ببدعة ان انحراف، ومهما أخلصت فئة واحدة أو إجتهدت فإنها لا تستطيع أن تغطى كل هذه الميادين، فلماذا لا تتظافر جهود المخلصين على الإصلاح.
ولماذا لا يتفق المسلمون على كلمة سواء إن الله تعالى يقول في القرآن "قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم الا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله" أفيعجز المسلمون أن يدعوا بعضهم بعضا إلى كلمة سواء على كتاب الله وعلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم. دعني أتخلص من كل قناعاتي الشخصية، وكل آرائي الذاتية، وكل اجتهاداتي دعها خارجاً، وكذلك أنت وتعال إلى القرآن المحفوظ وتعال إلى الحديث الثابت بالإسناد الصحيح، وتعال إلى إجماع الأمة ودعنا من بنيات الطريق فهذا الحق ليس به خفــاء فدعني من بنيات الـطريـق.
إن المسلمين أهل كتاب وسنة، فهم أولى بالدعوة إلى توحيد الله وحده وألا يشركوا به شيئا، ولا يتخذ بعضهم بعضا أربابا من دون الله، لامن السلاطين الطغاة الذين بدلوا نعمة الله كفراً، وبدلوا شريعة الله تعالى، وتلاعبوا بأحكامه، وحكموا الأمة بغير كتاب الله، ولا من العلماء الذين إنما هم أدلاء على طريق الحق يدلون الناس على طريق الحق ويرشدونهم إليه بالكلام الشرعي بالحديث وبالدليل من كتاب أو سنة، "ولا يتخذ بعضنا بعضاً أربابا من دون الله، فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون" بل ماالذي يمنع مادمت ملتزماً بالحق، وبما دل عليه الكتاب والسنة في أبواب الاعتقاد وفي أبواب العبادة، وفي أبواب الخلق، وفي الأمور كلها، ماالذي يمنع من أن يتخصص بعضنا في الدعوة إلى جانب يحسنه ولا يحسن غيره، فتعتني أنت مثلا بالوعظ لأن الله تعالى أعطاك قلبا رقيقاً أعطاك لساناً عذباً أعطاك استحضاراً للنصوص وأعطاك قدرة على التأثير فأنت تشتغل بالوعظ وترقق قلوب الناس مع مراعاة الضوابط ، لا تستدل بحديث موضوع ولا بحديث ضعيف ولا تدخل إلى أبواب الانحراف والغلو، وعليك بمراعاة الضوابط الشرعية، ولو غلب هذا الجانب عليك وعرفت به ولم تعرف بغيره فإن هذا لا يضر، وآخر يعتني بتعليم الناس العقيدة وأبوابها ونصوصها ويدعوهم إليه، ويربيهم عليها، ولا يكل ولا يمل من ذلك ولو غلب هذا الأمر عليه وعرف به ، إخراجاً للكتب وتأليفا وتدريساً، وتعليماً، وخطابة وغير ذلك فإن هذا يسد فراغاً تحتاجه الأمة أيما حاجة، بل هو أعظم حاجة تحتاجها الأمة، أن تقوى قلوبها بالمعتقد الصحيح الذي يربطها بمحبة الله تعالى وخوفه ورجائه وألا يخافوا إلا الله ، وثالث يشتغل بالفقه والفتيا وبيان الحلال والحرام بالدليل، حتى لو عرف بذلك ولم يعرف بغيره، ورابع يشتغل بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بكل وسيلة مباحة ولو ذهبت روحه في ذلك، وقد ذكر للإمام أحمد رحمه الله تعالى ، رجلا عالماً فاضلا من زملائه وخلصائه وهو الإمام محمد بن نصر الخزاعي الذي صلب في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر صلب على الأعواد في الميدان العام، فقال الإمام أحمد بعدما دعا له وترحم عليه وقال ذلك رجل هانت عليه نفسه في ذات الله تعالى، إذا ماالذي يمنع أن ينبرى من الأمة رجال مجاهدون همهم الجهاد في ميدان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والإصلاح بكل وسيلة وبكل سبيل ولو ذهبت أرواحهم في هذا السبيل،فقائلهم يقول:
ربي لك الحمـد لا أحصــي الجميـلا إذا
نفــــثـت يــومــا شكاةالـقلب فــي كــرب
فلا تؤاخذ إذا زل اللســان وما شيء
ســوي الحــمـد فـي الضـراء يحمــل بــي
لك الحياة كما ترضى بشاشتها
فـي مـا تحـــــب وإن باتت على غضبـي
رضيت في حبـك الأيام جائــرة
فعلــقم الدهــــر إن أرضــــــاك كالعــــذب
شكراً لفضلك إذ حملت كاهلنا
ممـــا وثقـــــت بنــا مـا كــــان مــن نـوب

ولا يمنع أيضا أن يكون هناك خامس بتحليل الاحداث السياسية وآثارها على العالم الإسلامي، وسادس يهتم بتحليل الاحداث الاجتماعية وموقف المسلمين منها وهكذا يكمل بعضهم بعضا فهذا الأمر يتحقق وفق شروط.
الشرط الأول: أن يكون الجميع ملتزمين بالمنهج الحق، ما هو المنهج؟ المنهج ثلاثة أمور قال الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، أجمعت الأمة، هذه هي أصول المنهج، ملتزمين بالمنهج، ويبقى لكل فرد منا أو لكل فئة منا إجتهادهم الخاص الذي لا يخالف هذا المنهج، فهذه قاعدة مشتركة عند كل الطوائف أن يكونوا ملتزمين بالمنهج الحق.
الشرط الثاني: أن يكمل بعضهم بعضا ويعزز بعضهم بعضا ويتناصروا فيما بينهم على الحق، ومن التناصر كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح البخاري " أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً" أما إن كان ظالماً فتنصره برده عن الظلم أما إن كان مظلوما فإنك تأخذ حقه وهكذا تنصره مخطئاً أو مصيباً، فإن كان مصيباً فانصره بتعزيز ما قال، وإن كان مخطئاً فخذ على يده وبين له الحق إذا فلا بد من التناصر فيما بيننا، وان تكون العلاقة، علاقة محبه ووئام، وقلوب سليمة متراصة، اليد في اليد، والقلب مع القلب، والنفس مع النفس، لا أن تكون العلاقة علاقة تناحر و تباغض، وتشاحن وتقاطع، وكل أمرء يجاذب الآخر وينازعه، وهذا هو مقتضى نصوص الشريعة قال الله عزوجل "وما كان المؤمنون لينفروا كافة" يعني في العلم أو الجهاد "فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون" إذن لا يمكن أن يخرجوا كلهم للجهاد، ولا للعلم، لكن يخرج منهم طائفة للجهاد وطوائف للعلم ليتحقق بذلك التعليم ويتحقق بذلك الجهاد، وهم يكمل بعضهم بعضا، ويتناوبون القيام بفروض الكفاية، وقال تعالى "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" فأمر سبحانه بأن يتعاون المؤمنون فيما بينهم على كل بر وتقوى، من طاعة الله والدعوة إلى دينه، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وغير ذلك وقال سبحانه "والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر" وقال صلى الله عليه وسلم "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً" والحديث الآخر وكلاهما في الصحيح " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكه منه عضو تداعى له سائرالأعضاء" هل رأيت إنسانا يقطع عضواً أو يجرحه أو يشقه بالسكين أو يؤلمه كلا لا يفعل ذلك، فهكذا المؤمن للمؤمن، هو مثل اليدين تغسل إحداهما الأخرى، إن رأي منه صواباً فرح وسر واستنار وجهه وأشرق قلبه، وإن رأى منه خطأ انزعج، وبئس لذلك وضاق صدره وتمنى ألا يقع ، ثم ناصحه بالأسلوب الذي يظن أنه يؤدي إلى المقصود .
· المنهج وليسالأشخاص

إن من أخطر الأمور أيها الأحبه، أن يكون التعلق بالأشخاص وليس بالمنهج والواقع أن الله تعالى أمرنا بإتباع شريعته، بإتباع الدين، بإتباع الشريعة باتباع الحق لا بالأشخاص، حتى قال سبحانه "وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم" ولهذا لما أشيع في معركة أحد ان النبي صلى الله عليه وسلم قتل، جلس بعض الأنصار ووضعوا رؤوسهم على أيديهم، فمر بهم رجل من الصحابة فقال: لماذا جلستم قالوا: قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قوموا فموتوا على ما مات عليه صلى الله عليه وسلم، وكان بعضهم يحمل الراية كما فعل مصعب رضي الله عنه ويردد هذه الآية الكريمة "وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الشاكرين " ان من صور الردة التعلق بالأشخاص، لا بالدين، لا بالمنهج، ولهذا المرتدون بعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم، كانت شبهتهم أنهم يقولون لا ندفع زكاتنا الا من كانت صلاته سكن لنا "خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصلي عليهم إن صلاتك سكناً لهم" فقالوا مات الذي صلاته سكن لنا فلا ندفع زكاتنا بعد ذلك لأحد، وقال قائلهم:
أطعنا رسول الله إذ كان بينـنـا
فيا لعبـاد الله ما لأبي بكـر
ا يورثها بكراً إذا مات بعـده
و تلك لعمر الله قاصمة الظهر

فقام عليهم الصحابة رضي الله عنهم وقاتلوهم أجمعين، وانما كان من أسباب ردتهم تعلقهم بالأشخاص، والأشخاص يذهبون ويجيئون، وينبغي أن نراعى أمراً مهماً جداً وهو: ان المنهج معصوم أما الأشخاص فغير معصومين ولذلك إذا ارتبطنا في المنهج ضمنا الا نقع في الخطأ، لكن إذا ارتبطنا بأشخاص فإن هؤلاء الأشخاص ربما يتبين منهم أخطاء كثير. يتبين منهم
أولاً: النقص الفطري الجبلي الموجود في الإنسان فإن الإنسان ضعيف بطبعه ، مجبول على النقص بأصل تكوينه وهذا الأمر لا ينفك عن الإنسان بحال، فهو عاجز عن أن يشتمل على أمور الخير كلها، ومن هو من الناس القادر على أن يقوم بكل الواجبات، وكل الفروض الكفايات، وكل السنن،وكل المستحبات لا أحد يقدر على ذلك كله .
الثاني : الذي يتعرض له الناس : الخطأ وكما قال عليه الصلاة والسلام كما في حديث الترمذي "كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون" كل الناس يخطئ حتى أبو بكر رضى الله عنه قال في حديث الرؤيا بأبي أنت وأمي يا رسول الله دعني أعبر هذه الرؤية فعبرها أبوبكر رضى الله عنه فقال والله يا رسول لتخبرني أصبت أم أخطأت قال له النبي صلى الله عليه وسلم يا أبابكر أصبت بعضاً وأخطأت بعضاً والحديث صحيح إذن الخطأ من شيمة الإنسان، ومن طبعه وإذا كان قليلا عند السابقين فما بالك بأهل هذا لزمان، انهم معدن الخطأ ومطنته وليس الغريب أن يخطئوا، بل الغريب ألا يخطئوا إلا من عصمه الله عز وجل ونسأل الله لنا ولكم أن يعصمنا من الخطأ والزلل إنه على كل شيئ قدير، عمر بن الخطاب رضى الله عنه أخطأ وفي الأثر المشهور وقف على المنبر وتكلم فردت عليه إمرأة وهذا الأثر احتج به ابن تيميه رحمه الله وصححه السيوطي و غير واحد من أهل العلم وليس مشكلة أن يصح أو لا يصح، المهم أن الأثر ان عمر قام على المنبر يتكلم في تحديد الصداق والنهى عنه فقامت إمرأة فردت عليه فقال عمر يخاطب نفسه مه يعني كان ماذا أخطأ عمر وأصابت إمرأة، الحق يؤخذ ممن جاء به، والحق لا يعرف صغيرا ولا كبيرا، إذن يجب أن ندرك أن الخطأ من شيمة الإنسان
الأمر الثالث الذي يتعرض له الإنسان أيضا هو : الانحراف فقد يضل والعياذ بالله بعد الهدى، ولهذا استعاذ الرسول صلى الله عليه وسلم من الحور بعد الكور، يعني الضلال بعد الهدى "ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة انكاثا" وكان عليه الصلاة والسلام يكثر أن يقول "يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك" ونعرف أن ممن أسلم مع الرسول صلى الله عليه وسلم وبايعوه من ارتدوا عن دينهم كعبيد الله بن جحش الذي ارتد وتنصر في الحبشة ومات هناك نصرانياً، وكالرجّال بن عنفوه الذي أسلم ثم ارتد في اليمامة، وكان من وزراء مسيلمة الكذاب وقد جاء في الحديث "أن ضرسه في النار أعظم من جبل أحد" وهناك من ارتدوا وعادوا إلى الإسلام مرة أخرى كما هو معروف، المهم أن الانحراف وارد على الإنسان، خاصة مادام في حال الحياة.
فأنت إذا اعتبرت الشخص منهجك، قلت لماذا قال كذا ولماذا لم يتكلم في كذا، ولماذا فعل كذا، ولماذا بالغ في كذا، ولماذا نقص في كذا ولماذا ولماذا؟ ولكنك لو وضعت هذا الشخص في إطارة الطبيعي في إطارة الصحيح ضعه واعظاً، أو فقيها أو مفتياً أو داعياً أو محللا سياسياً أو ما شئت ولا تطالبه بأكثر من ذلك، اطلب منه الشيئ الذي يحسنه والذي يقدر عليه والذي يجيده ولا تطالبه بما لا يجيد، ولا تعتقد أنك تدعو إلى ما دعا إليه فلان، دعا فلان إلى جانب وأنت تحتاج إلى جوانب يكملها غيره، فلا تقصد نفسك على هذا الإنسان، لا تقرأ إلا منه ولا تسمع إلا منه ولا تتلمذ إلا على يديه، لا.. خذ الحق ممن جاء به، ونوع المشارب، وخذ من أهل العلم كلهم ومن الدعاة كلهم، المهم لا تعتقد أن الشخص منهج بحال من الأحوال، فإنك حينئذ تضر نفسك وتضر هذا الإنسان، بل يجب أن تضعه في إطاره الصحيح، فإذا كان هذا الإنسان نافعاً فقل هذه حاله إيجابيه وجود فلان جزاه الله خير واعظ جيد ولكنه غير فقيه، إذا كان وعظه منضبط بالضوابط الشرعية نقول تمام هذا نريده ونحتاجه والقلوب اليوم قد قست فهي كالحجارة أو أشد قسوة فنحتاج إلى هذا الإنسان يرفق قلوب الناس ولا نطالبه بأكثر مما يمكن، نقول هذه حاله ايجابية نثنى عليها ونؤيدها و نزكيها ونطلب من الناس أن يستمعوا إليه في الوعظ، ولكن الفتيا يأخذونها من غيره، إذن أنت إذا نظرت إلى هذا الإنسان على انه حاله إيجابية وظاهرة طيبة أثنيت على الخير وانتقدت الأخطاء والملاحظات والمنهج لا يؤخذ من هذا الإنسان بل يؤخذ من الأمة بجملتها فإن الأمة بجملتها تمثل المنهج.
الأمة أيضا معصومة ولا يمكن أن تجتمع على ضلالة كما جاء في الحديث وله شواهد أن الأمة لا يمكن أن تجتمع أو تتفق أو تجمع على ضلالة، وهذا يغطي جانب وغيره يغطى جوانب أخرى، وإذا كان عنده خطأ فإن الآخرين يصححون هذا الخطأ، إذن العصمة للمنهج للقرآن، للرسول عليه الصلاة والسلام، فالرسل معصومون فيما يبلغون عند ربهم عز وجل أما الأشخاص البشر الناس العاديين، فلا عصمة لهم ولا ينبغي أن يؤخذ المنهج من شخص أبدا، ولا يعتبر أن طريقة فلان منهج يتبع أبدا وانظر في التاريخ تجد ابن الجوزي، وابن الجوزي أين تصنفه؟ هو بالدرجة الأولى واعظ وخبير بشئون النفوس أما ابن قدامه فلا بد انك سوف تضعه في قائمة الفقهاء، ولكن حينما تنتقل إلى ابن الأثير فستجد انه مؤرخ أما المزي فهو في الغالب محدث، ولا يمنع أن لهؤلاء لهم مشاركة أخرى من العلوم، كمن ذكرت فإن كل واحد منهم ما قصر نفسه بعلم بعينه ولكنه اشتهر بعلم أكثر منه غيره وله مشاركات أخرى، وقد يوجد من جمع علوم كثيره، لكن لا يلزم من بروزه في علم أن يبرز في كل علم، ولا يلزم من حديثه في مسألة أو في أمرأن يتحدث في كل أمر، وليس من شرط المعلم أو الداعية أن يكون معصوماً، وإلا لم يدعوا أحد بعد الرسول عليه الصلاة والسلام.
اننا يجب أن نفرق بين الشرع وبين العالم أو الفقيه أو الداعية، فالشرع رباني نص من كتاب أو سنة، أما العالم والفقيه فهو إنسان بشر بذل وسعه في معرفة الحق بالدليل إن كان كذلك، ومع هذا فهو عرضة للخطأ وله أجران إن أصاب وأجر واحد إن أخطأ وفتواه اجتهاد، وقوله اجتهاد وكلامه اجتهاد، وتحليله إجتهاد، فإذا كان يتحدث في قضية شرعية ليس فيها نص نقول هذا إجتهاد، وقد يخالفه غيره من أهل العلم، فما بالك إذا كان يتحدث في نصيحة اجتماعية لحل مشكلة بين الزوجين، هل نستطيع أن نقول أن هذا أمر لا بد منه، قد يجتهد برأي وينصح به ويكون الحق خلافه بل ما بالك إذا كان يتحدث في مسألة إقتصادية، ما بالك إذا كان يتحدث في هذه المسألة من الممكن جداً أن يخطئ، ما بالك إذا كان يتكلم في قضية سياسة يحللها أو يدرس أبعادها، أليس مظنة الخطأ، المختصون في هذا الأمر يخطئون فغيرهم من باب الأولى، وهو لا يجوز أن يكون مترجماً عن الله والرسول عليه الصلاة والسلام ولا متكلما بلسان الشرع، ولا معبراً عن المنهج وإنما هو يمثل نفسه ويعبر عن رأية الشخصي، ولذلك كثيرون إذا وثقوا بشخص أصبحوا يتلقون كل ما يسمعون منه مباشرة أو بواسطه ، يتلقونه بقدر كبير من التسليم والانقياد وعدم التأمل وعدم الدراسة وعدم التحري وعدم التمحيص وهذا خطأ، لأنه يختصر الأمة في أفراد، والأمة التي تختصر إلى أفراد أمة إلى ضياع والى بوار، وما دمر الأمة وقضى على امتيازاتها وإنجازاتها إلا يوم لخصت في أفراد سواء في المجال العلمي أو في المجال السياسي أو في المجال الدعوى، ففى المجال العلمي تجد أن رجلاً أو رجالاً يصبح الناس لا يقبلون إلا كلام فلان، ليس فقط في المسائل الخاصة وإلا هذا طبيعي، لكن حتى في المسائل العادية، لو أراد إنسان مثلا أن يسأل عن كفارة اليمين ، أو عن مسائل معروفة، ثابت بنص من كتاب أو سنة، ربما لا يسأل عنها عالماً معروف في بلده أو فقيها أو مفتياً حتى يسأل غيره، مما ترتب عليه مشقة كبيرة وعبء عظيم على بعض العلماء وبعض المفتين وبعض المشهورين الذين نذروا أنفسهم لله تعالى في هذا السبيل، أما في المجال السياسي فالأمر معروف، فقد أصبحت الأمة رضيت بأن لا تفكر ولا تنظر ولا تتأمل، ولا تدرس المصالح والمفاسد، ولا تستخدم عقلها، ولا سمعها لتسمع ولا بصرها لترى لأنه كما يتردد وينقل الجميع أن الإنسان يستمتع برحلة ممتعة هادئة هانئة وقد ترك الأمر لغيره، حتى دون أن يسأل أو يناقش مع أن الله تعالى جعل الأمة كلها مسئولة ولم يجعل المسئولية العلمية ولا السياسية ولا الدعوية على شخص واحد كذلك الحال بالنسبة للدعوة فقد يجد بعض الناس أو بعض الشباب شخص يعجب به، فيستمع إليه ويتابعه ويقرأ له حتى ينطبع بشخصيته ويعجب بآرائه كلها فلا يصبح لديه قدره على التمحيص ولا على المراجعة ولا على الرد وهذا خطأ لأنه يختصر الأمة كما ذكرت في أفراد، والله تعالى قال "وأمرهم شورى بينهم" وقال تعالى "وشاورهم في الأمر" مع أن الرسول عليه الصلاة والسلام مؤيد بالوحي من السماء، فالمشاورة فيها تعزيز للعقول وتنمية للمواهب، وجعل الجميع بأن الأمر لهم وهو شأنهم وقضيتهم، وهذه لكم أنتم وليست لي وإذا وقع خطأ فستتحملونه جميعاً، لن يتحمله العالم وحده ولا الحاكم وحده، ولا الداعية وحده بل سيتحمله الجميع ولهذا واجب أن يشارك الجميع بالرأي بالمشوره بالنقد البناء الهادف، بالدعاء وبكل وسيلة ممكنة. نعم ان أهل الشريعة علماء أو دعاة هم في الجملة أقدر من غيرهم على معرفة الصواب واتباعه، وهذا لا يلزم منه صوابهم في كل مسألة، ولا يلزم أن يؤخذ قولهم في كل أمر، أو نظرهم على أنه صواب قطعي، بل هو اجتهاد وهو محل نظر ولذلك تجد ان اختياراتنا تتأثر أحيانا بطبائعنا، ببيئتنا، بنمط تفكيرنا ولا تثريب علينا في ذلك، لأنه كما قال الله تعالى "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها" فالنص الشرعي محفوظ "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" لكن عمل الإنسان في الاستنباط والاستدلال، وتطبيق النص على المحل واستخراج، هذا عمل اجتهاد من الإنسان، يتأثر بطبيعته ببيئته بأسلوب تفكيره، ولا تثريب عليه إذا بذل وسعه في ذلك . "لا يكلف الله نفساً إلا وسعها" "لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها" إن من الخطورة أيها الأحبه أن تتمحور الصحوة الإسلامية حول أشخاص، أو ان تتمحور الأمة كلها على أشخاص، سواء على الصعيد السياسي أو على السعيد العلمي أو على الصعيد الدعوي، وقد محضتكم النصيحة بهذا الكلام .
وكم مرة أتبعتكم بنصيحتي
وقد يستفيد البغضة المتنصح

· ليس منالمنهج

يبدو جليا أن المنهج يعني الخطوط العريضة، ويعني القواعد الكلية والأساسية التي تندرج تحتها كل التفصيلات، ولهذا ينبغي أن يكون المنهج محل اتفاق، أو على الأقل أن يكون المنهج ثابتا بنص شرعي أو إجماع أحيانا قد يدخل بعض الدعاة المجتهدين في المنهج أشياء لا تثبت في الشرع، ولا يمكن أن نقول بشرعيتها فضلا عن أن نقول بوجوبها، فمثلا أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم إذا تجردت عن الأمر يعني الرسول عليه الصلاة والسلام فعل أمراً أو فعل شيئاً ولم يأمر به هل هذا الفعل المجرد من الرسول عليه الصلاة والسلام يدل على الوجوب ؟
قطعاً و يقينا لا يدل على الوجوب، بل قد يدل على الاستحباب أو على الإباحة والجواز بحسب المقام ونوع هذا الشيء، فقد يدل على الاستحباب كما هي الحال في العبادات، وقد يدل على الجواز كما إذا كان فعلا بعد الحظر أو ما أشبه ذلك المهم أن مجرد الفعل لا يدل على الوجوب فكون إني اعتبر الأفعال المجردة أنها منهج يجب اتباعه واقتفائه حرفا بحرف، وبنفس الترتيب وبنفس التسلسل وبنفس التاريخ فإن هذا فيه نظر، فبعض الناس مثلا يقول المرحلة الأولى الدعوة السرية ثم الدعوة العلانية ثم العرض على القبائل ويسميه بعض الأخوة والمجتهدين طلب النصرة، يعني طلب النصرة للدين من أقوام غير مؤمنين ثم الهجرة ثم الجهاد ثم يرتبون أشياء كثيرة، نقول شيء من ذلك حصل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم لكن لو فرضنا أن قريشاً آمنت بالنبي صلى الله عليه وسلم أسلمت والأمر لله لم يكن حينئذ هناك حاجة إلى العرض على القبائل لأن هذه القبيلة أسلمت وتعهدت بحماية الرسول عليه الصلاة والسلام إذن هذا الأمر أمر دعا إليه في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم ظروف الدعوة ومتطلباتها وحاجاتها فلا يمكن أن نقول أنه نص يجب اتباعه أو انه مبدأ متسلسل في الدعوة بل إن هذه الأشياء هي أفعال تدل إجمالا على وجوب الدعوة وعلى وجوب التبليغ إلى الأمم والقبائل كلها اما اعتباران هذا التسلسل بهذا الترتيب وانه لا يجوز الإخلال به ولا تقديم شيء على شيء فهذا ليس بواجب وليس بصحيح أيضا ومن قال أن هذا التسلسل نفسه أنه تعبدياً بل أن كثير منه هو أمر إتفاقي، حتى خروج النبي صلى الله عليه وسلم من المعروف انهم لم يخرجوا للقتال وانما خرجوا للعير أراد الله تعالى أن يكون القتال "وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم " فكانوا يتمنون أن يدركوا العير ولا يحصل قتال ولكن الله تعالى أراد غير ذلك. إذن لا بد أن ندرك أن المنهج ينبغي أن يضبط بضوابط شرعية صحيحة وأمور متفق عليها. أما اعتبار أن التسلسل التاريخي، حتى بعض الناس يقول مثلا نحن الآن في الفترة المكية، فلا نعمل شيئا مما كان في الفترة المدنية، وهذا في الواقع تجزئة للدين وتبعيض له وقول بوجود نسخ في الشرع بعد وفاة رسول اله صلى الله عليه وسلم.
· الاسم لايكفي

إن أعظم الأسماء التي ذكرها الله في كتابه الإسلام والإيمان "هو سماكم المسلمين" وسمانا الله تعالى المؤمنين "والمؤمنين والمؤمنات بعضهم أولياء بعض" فهذه أعظم الأسماء. ومع ذلك قد يوجد من يتسمى بالإسلام وقد يوجد من يتسمى بالإيمان ويكون عنده خلل عظيم أو تقصير ، بل قد يوجد من يدعى الإسلام من هو كافر وهؤلاء المنافقون كانوا موجودين في ظهراني المؤمنين وكانوا كفاراً وهم في الدرك الأسفل من النار وقد ادعوا الإسلام فلم تنفعهم الدعوى والدعاوي مالم يقيموا عليها بينات أصحابها أوعياء. وادعى قوم الإيمان فأكذبهم الله تعالى "قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا" إذاً يا أخي قد يدعى الواحد منا أنه مؤمن و مسلم وداعية وعالم وكذا وكذا وعلى المنهج الصحيح و على طريقة الأمة السابقة و على طريقة السلف الصالح و على طريقة العلماء وعلى ..وعلى.. والمهم في ذلك كله أن تكون هذه الأشياء يعززها الإنسان بالفعل. يعززها بالتطبيق، يعززها بالخلق يعززها بالعلم لأن هذا هو المعتبر فإذا سمع الناس هذا الكلام وجدوا تطبيقاً يقول صدق. وإن أحسن قول أنت قائله قول يقال إذا أنشدته صدق فأقول إن أحسن دعوى أنت مدعيها هي الدعوى التي إذا قلتها أشار الناس إليك بالأكف وقالوا صدقت صدقت. أما الدعوة المجردة فلا تكفي قال الله تعالى "ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب، من يعمل سوءً يجزى به، ولا يجد له من دون الله ولياً ولا نصيرا ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن". ألمهم أن المسالة ليست بالأماني ولا بالتمني ولا بالتحلي كما قال الحسن البصري رحمه الله "ليس الإيمان بالتحلي ولا بالتمني ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل" .
إذاً العبرة في السلوك، العبرة بالعمل والاسم وحده لا يكفي وقد قال الله تعالى "وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباءه، قل فلما يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء" وقال الله تعالى "وقالوا لن يدخل الجن إلا من كان هوداً أو نصارى تلك أمانيهم" أحلام تطلعات رغبات لكن "قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين"
البرهان هو العمل، البرهان هو التطبيق فعلينا أن نكون عمليين فيما ندعو إليه، ندعو الناس بأفعالنا، ونزكى أنفسنا بالعبادة بالعلم بالعقيدة الصحيحة بالتقوى، ولا مانع بعد ذلك إذا لزم الأمر أن تزكيها بشيء من الكلام ترى أن له حاجه. أسأل الله تعالى أن يغفر لنا أجمعين وأن يسترنا وان يوفقنا للعمل الصالح الذي يقربنا إليه وان يجعل اجتماعنا هذا اجتماعا مرحوماً وتفرقنا بعده تفرقا معصوماً.

prof2007
02-08-2010, 10:29 PM
اللهم انصر الاسلام واعز المسلمين

prof2007
02-08-2010, 10:31 PM
اللهم اني اسألك الشهادة فى سبيلك

mahmmoud_sakr
27-11-2010, 09:07 AM
جزاكم الله كل الخير

فارس المحبة
27-11-2010, 11:42 AM
اللهم ارزقنا حسن الخلق

tones
27-11-2010, 12:39 PM
جزاك الله خيرا

Mr. Medhat Salah
27-11-2010, 02:54 PM
بارك الله فيك

MR.Mamdouh Ramadan
31-12-2010, 08:17 PM
جزاك الله خيرا
جزاك الله خيرا