مشاهدة النسخة كاملة : لكل من خالف منهج أهل السنة ولكل صوفى هلم إلى معرفة ما هى البدعة ؟
أهل السنة 07-08-2010, 06:05 AM ماهية البدعة
مدخل:
لقد جاء الرسول صلى الله عليه وسلم فهدى الله به من الضلالة ، وأكمل به الدين فكانت النعمة السابغة العظيمة التامة ،ونزل قوله تعالى : [اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا..]، فما من خيرٍ إلا وقد جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما من شيء إلا وقد نُهَّى عنه، وعلى هذا تجتمع الأمة فهو أمرها ودينها، والعقول الصحيحة تتوافق مع النقول الصريحة، والنفوس السوية والقلوب الطاهرة تُقبل على هذا الحق وترى فيه خيرها وهداها، ولكن هناك من تحركه نوازعه أن يُحدث وينشأ في دين الله ما لا دليل عليه من كتابٍ ولا سنةٍ ، فهل يظن هؤلاء أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يبلغ الدين كما أنزل عليه، أم يظنون أن الله أنزله ناقصاً؟!، إن ما بفعله هؤلاء لجريمة عظيمة في حق أنفسهم وفي حق أمتهم ودينهم ، والأمة لا تستفيد بذلك إلا تفرقاً وتناحراً ، فهم بذلك قد احتملوا أوزاراً فوق أوزارهم وأعمالهم التي أحدثوها لن تنفعهم في الدنيا ولا في الآخرة ،ففي الدنيا لهم الذلة لمخالفة أمره صلى الله عليه وسلم وسنته، وفي الآخرة يأتون سود الوجوه ويُردَّون عن الحوض ويقال لهم ( سحقاً سحقا ً لمن بدل بعدي ) ، فإذا لجأوا لأعمالهم وجدوها كسرابٍ بقيعة إذا أتوها لم يجدوا إلا الظمأ والعذاب الأليم ذلك لأنها أعمالٌ مردودة غير مقبولة ، وهم مأزورون غير مأجورين ، فكليهما في الإثم سواء ولن ينفعهم أن يقولوا [إنا وجدنا آباءنا على أمة].
أحاديث ذم البدعة:
- والأصل عند الكلام عن البدعة البدء بحديث عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) ([1] (http://www.muslm.net/vb/#_ftn1)). وفي رواية مسلم : ((من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)) ([2] (http://www.muslm.net/vb/#_ftn2)).
- قال أحمد – رحمه الله – : (أصول الإسلام على ثلاثة أحاديث: حديث عمر (إنما الأعمال بالنيات)، وحديث عائشة رضي الله عنها (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)، وحديث النعمان بن بشير (الحلال بين والحرام بين) )، وذلك لأن الدين كله يرجع إلى فعل المأمورات وترك المحظورات والتوقف عن المشتبهات (حديث النعمان) وهذا لا يتم إلا بأمرين: (1) قصد الله بالعمل (النية الصالحة) (حديث عمر)، (2) موافقة السنة (حديث عائشة).
- قال النووي – رحمه الله – (هذا الحديث مما ينبغي حفظه ، واستعماله في إبطال المنكرات وإشاعة الاستدلال به) ([3] (http://www.muslm.net/vb/#_ftn3)).
- قال ابن رجب – رحمه الله – (وهو كالميزان للأعمال في ظاهرها ، كما أن حديث (الأعمال بالنيات) ميزان للأعمال في باطنها ، فكما أن كل عمل لا يراد به وجه الله تعالى ، فليس لعامله فيه ثواب، فكذلك كل عمل لا يكون عليه أمر الله ورسوله فهو مردود على عامله) ([4] (http://www.muslm.net/vb/#_ftn4)).
- ومن الأحاديث التي تعضد وتكمل معنى هذا الحديث: حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه : ((صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغةً ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب، فقال قائل: يا رسول الله كأن هذه الموعظة موعظة مودع فماذا تعهد إلينا، فقال صلى الله عليه وسلم : أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن عبداً حبشياً ، فإنه من يعش منكم بعدي فسيري اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة)) ([5] (http://www.muslm.net/vb/#_ftn5)).، وفي حديث جابر بن عبد الله مرفوعاً وفيه ((وشر الأمور محدثاتها)) ([6] (http://www.muslm.net/vb/#_ftn6)).
تعريف البدعة:
- في اللغة ترجع لمعنيين :
الأول: ابتداء شيء وصنعة لا على مثال سابق ، ومنه قوله تعالى : [بديع السماوات والأرض]،
والثاني: الانقطاع والكِلال: فالعرب تقول: أبدَعت الإبلُ: أي كلَّت وعَطِبت ،
وهما متفقين مع المعني الشرعي فالبدعة إحداث في دين الله ما لم يأتي به الشرع، وهي انقطاع عن السير في طريق الهدي وميلٌ عن السنة.
- وفي الشرع يعرفها الشاطبي بأنها (طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية يقصد بالسلوك عليها ما يقصد بالطريقة الشرعية) ([7] (http://www.muslm.net/vb/#_ftn7)).
فقوله (طريقة) : أي كل ما رسم للسلوك عليه أو اتخذ للتعبد به سواءً كان في المسائل العلمية أو العملية.
وقوله (في الدين) : لأنها لو كانت في الدنيا لم تكن بدعة ، وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم : ((في أمرنا هذا)).
وقوله (تضاهي الشرعية) : أي تشابهها من غير أن تكون في الحقيقة كذلك ، بل هي مضاهاة للشرع وتكون المضاهاة بالالتزام أو المنع ، كمن يُلزم نفسه بما لم يلزمه الشرع به أو يمنع نفسه من شيء لم يمنع منه الشرع على وجه القربة والديانة، وتكون كذلك بتخصيص زمان أو مكان أو هيئة بصفة أو عمل لم يخصصها الشرع وغير ذلك من صور المضاهاة.
وقوله (يقصد بالسلوك عليها ما يقصد بالطريقة الشرعية) : فالشريعة تُقصد لمصالح العباد في الدنيا والآخرة ، وهو ما يقصد المبتدع ببدعته، وهذا واضح في العبادات ، وإما بالنسبة للعادات فإن الابتداع يدخلها من حيث أنه لابد في كل عاديٍ من شائبة تعبد فالبيع والشراء والطلاق والإجارات والجنايات تعتبر كلها عاديات ، ولابد فيها من تعبد إذ هي مقيدة بأمور شرعية لا خيرة للمكلف فيها سواء كانت واجبات أو مستحبات أو مكروهات أو محرمات أو كانت تخييراً للمكلف في المباحات. فإذا جاء الابتداع من هذا الوجه صح دخوله في العادات كالعبادات وإلا فلا.
أنواع البدعة:
والبدعة نوعان باعتبار تعلقها بالدليل الشرعي وعلاقتها بالعمل من حيث الالتصاق والانفراد:
1- بدعة حقيقية : (هي التي لم يدل عليها دليل شرعي ، لا من كتاب ولا من سنة ولا إجماع ولا استدلال معتبر عند أهل العلم ، لا في الجملة ولا في التفصيل) ([8] (http://www.muslm.net/vb/#_ftn8)).
2- بدعة إضافية : (هي التي لها شائبتان : إحداهما لها من الأدلة متعلق فلا تكن من تلك الجهة بدعة ، والأخرى ليس لها متعلق إلا مثل ما للبدعة الحقيقية ، فلما كان العمل الذي له شائبتان لم يتخلص لأحد الطرفين وضعنا له هذه التسمية وهي (البدعة الإضافية) أي أنها بالنسبة إلى إحدى الجهتين سنة لأنها مستندة إلى دليل ، وبالنسبة إلى الجهة الأخرى بدعة لأنها مستندة إلى شبهة لا إلى دليل أو غير مستندة إلى شيء.
والفرق بينهما من جهة المعني أن الدليل عليها من جهة الأصل قائم ، ومن جهة الكيفيات أو الأحوال أو التفاصيل لم يقم عليها،مع أنها محتاجة إليه لأن الغالب وقوعها في التعبديات لا في العاديات المحضة) ([9] (http://www.muslm.net/vb/#_ftn9)) ،وأمثلة ذلك :
(1)الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم قبل الآذان بدعة حقيقية إذ ليس لها أصل ، أما الصلاة بعد الآذان فسنة، أما الجهر بالصلاة عليه مع رفع الصوت بعد الآذان فبدعة إضافية.
(2)قراءة سورة الكهف يوم الجمعة سنة مستحبة، ولكن الجهر بها في المسجد بدعة إضافية.
(3)ومن ذلك من حرم على نفسه النساء ، أو أوجب على نفسه القيام بلا نومٍ والصيام بلا فطر ، كما قال صلى الله عليه وسلم لمن ظن أنه يسعه فعل ذلك مع أن هديه صلى الله عليه وسلم خلافه: ( فمن رغب عن سنتي فليس مني )
ولقد ذكر الشاطبي من أنواع البدع الإضافية : المتشابهات – التبرك بالصالحين وآثارهم – و(أن يكون أصل العبادة مشروعاً إلا أنها تخرج عن أصل شرعيتها بغير دليل ،توهماً أنها باقية على أصلها تحت مقتضى الدليل ،وذلك بأن يقد إطلاقها أو يطلق تقييدها ) وهو ما ضرب له مثلاً بتخصيص زمان أو كيفية زائدة بقصد التعبد لعبادة شرعت على العموم كالنفل المطلق من الصيام والصلاة إذا خصص له زمان بقصد التعبد
حكم الابتداع: التحريم لأمر الشرع بالاتباع وشدة ذمه للابتداع ، وذم البدعة في أن:
1-البدعة ضلال عن الحق يهدي إلى النار : قال تعالى : [فماذا بعد الحق إلا الضلال]، [وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله]، ويقول صلى الله عليه وسلم : ((إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار)) ([10] (http://www.muslm.net/vb/#_ftn10)).
2-البدعة خروج عن اتباع النبي صلى الله عليه وسلم : وقد قال تعالى : [قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم]، فبدون الاتباع يخسر المرء حب الله ومغفرته.
3-البدعة تتضمن طعناً في الإسلام: لأن الكامل لا يحتاج إلى إضافة لكن الناقص أو القاصر هو الذي يحتاج إليها.
4-البدعة تضمن طعناً في الرسول صلى الله عليه وسلم : لأنه إما أن يكون جاهلاً بها أو كاتماً لها وكلاهما طعن فيه صلى الله عليه وسلم .
5-البدعة سبب تفرق الأمة : [كل حزب بما لديهم فرحون]، فتجد التفرق يدب في الأمة بسببها.
6-أن انتشار البدعة سبب لضعف الالتزام بالسنة: فما من بدعة تحيا إلا أماتت سنة مقابلة لها مكانها.
وجوب الاتباع:
- قال ابن تيمية (وأنتم تعلمون – أصلحكم الله – أن السنة التي يجب اتباعها ويحمد أهلها ويذم من خالفها: هي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمور الاعتقادات وأمور العبادات وسائر أمور الديانات ، وذلك إنما يعرف بمعرفة أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم الثابتة عنه في أقواله وأفعاله وما تركه من قول وعمل ثم ما كان عليه السابقون والتابعين لهم بإحسان) ([11] (http://www.muslm.net/vb/#_ftn11)).
- قال تعالى : [يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر] ([12] (http://www.muslm.net/vb/#_ftn12)).
-ولقد قال صلى الله عليه وسلم : ((كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبي، قيل: ومن يأبي يا رسول الله؟!، قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبي)) ([13] (http://www.muslm.net/vb/#_ftn13)).
والعمل يجب أن يكون موافقاً للشرع في ستة أمور وإلا دخله الابتداع:
1-السبب : كالاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم فسبب هذا العيد لم يرد في الشرع فهو احتفال بدعي، وكإحياء ليلة السابع والعشرين من رجب ، فالتهجد عبادة ولكن لما قُرِنَ بهذا السبب كان بدعة لأنه سبب لم يرد في الشرع.
2-الجنس : كأن يضحى إنسان بفرس فهذا بدعة، لأن الأضاحي تكون من جنس الأنعام فقط (الإبل والبقر والغنم).
3-القدر : كما لو صلى أحدهم الظهر ستاً.
4-الكيفية: فلو نكس إنسان الوضوء أو الصلاة لما صح وضوءه أو صلاته لأن عمله مخالف للشرع في الكيفية.
5-الزمان: كتخصيص ليلة الجمعة بعبادات خاصة أو تخصيص أيام معينة بصيام خاص بدون دليل.
6-المكان: كما لو وقف أحدهم في مزدلفة يوم عرفة، لم يصح وقوفه وكان بدعة وكذلك لو اعتكف مثلاً في منزله بدلاً من المسجد.
أدلة أهل البدع:
- بعضهم يستدل بحديث ((من أحدث)) على أن التحريم واقع في أول من أحدثها فقط وليس من اتبعه وفي رواية ((من عمل عملاً)) رد على هذه الشبهة ، ففيها التصريح بأن كل المحدثات سواء أحدثها الفاعل أو سبقه أحد بإحداثها مردودة غير مقبولة.
-وأهل البدع يستدلون بحديث ((من سن سنة حسنة وله أجرها وأجر من عمل بها)) وأثر عمر ((نعمت البدعة هي)) والحديث في السنة الحسنة والسيئة وليس البدعة، والسنة تطلق على الطريقة والعادة والخلق والحديث له سبب ورود ، وهو الصدقة التي كانت سبباً في تكاثر الصدقات ، وللحديث كذلك لفظ آخر هو ((من أحيا سنة من سنتي قد أميتت فله أجر من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيئاً)).
- وأما قوله عمر رضي الله عنه فكان في صلاة التراويح جماعة في المسجد والرسول صلى الله عليه وسلم قد فعلها من قبل وقد تركها لئلا تُفرض على الناس، فالمقصود إذاً المعني اللغوي لا الشرعي لأن فعله لا يندرج تحت البدعة الحقيقية أو الإضافية فلا دليل لهم به.
فأدلة أهل البدع:
1- أدلة غير معتبرة شرعاً:
أ- غير شرعية فاسدة الأصل والثبوت: فلا يستدلون بآية ولا حديث، ولا فعل صحابي أو قوله أو إجماع للسلف ، بل أدلتهم عقولهم وأذواقهم وقلوبهم ، وما ذنب الدين إن كانت عقولهم فاسدة، وأذواقهم ماجنة ، وقلوبهم ميتة.
ب- شرعية غير ثابتة: فتجدهم يستدلون بأحاديث موضوعة مكذوبة أو ضعيفة مهترئة مسلسلة بالانقطاع أو الكذب أو الوهم أو غير ذلك كاستدلالهم على التوسل بالأموات بحديث أن آدم عليه السلام لما اقترف الخطيئة قال: يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي، فقال الله : يا آدم وكيف عرفت محمد ولم أخلقه؟ قال: يا رب لأنك لما خلقتني بيدك ونفخت في من روحك رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوباً لا إله إلا الله محمد رسول الله ، فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك، فقال الله (صدقت يا آدم إنه لأحب الخلق إلى، أدعني بحقه، فقد غفرت لك ولولا محمد ما خلقتك) وهذا حديث موضوع مكذوب.
2- أدلة معتبرة شرعاً: وهي آيات وأحاديث يحرفون معانيها ويتلاعبون بمرادها بالشبهات مثلهم كمثل نصاري نجران لما استدلوا بقوله تعالى : [نحن] أنها للجمع وإنما هي للتعظيم الذي يستحق الله سبحانه كماله المطلق فقال تعالى في حقهم : [هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وآخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله]، ومن ذلك استدلالهم بطلب عمر رضي الله عنه من العباس رضي الله عنه عم الرسول صلى الله عليه وسلم أن يدعو لهم توسلاً بدعائه على جواز التوسل بالأموات وهو دليلٌ عليهم لا لهم ذلك أن الصحابة تركوا التوسل بالرسول صلى الله عليه وسلم وطلبوا دعاء العباس فدل ذلك عدم جواز التوسل بالأموات، وكل استدلالاتهم من هذا الوجه باطلة فاسدة..
رحم الله مالك إذ يقول أن السنة (مثل سفينة نوح ، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق) فالاعتصام بالسنة نجاة .... فالسنة السنة يا عباد الله
([1]) البخاري 2697.
([2]) مسلم 1718.
([3]) شرح صحيح مسلم 12/16.
([4]) جامع العلوم والحكم.
([5]) أبو داود 4606 ، ابن ماجة 1425 ، أحمد (6/73، 240، 270) ، والبخاري في الصحيح 697، ومسلم 1718.
([6]) مسلم 867.
([7]) الاعتصام للشاطبي ، ص 28.
([8]) الاعتصام للشاطبي ، ص 210.
([9]) الاعتصام للشاطبي ، ص 210.
([10]) مسلم 3/153، والنسائي 3/188.
([11]) مجموع الفتاوى 4/436.
([12]) [النساء : 59].
([13]) البخاري 7280، ومسلم 1835.
أهل السنة 07-08-2010, 06:06 AM المسألة الثانية : هل ترك النبي صلى الله عليه وسلم لعبادة يجعل فعلها بدعة ؟
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : (إذا ترك الرسول صلى الله عليه وسلم فعل عبادة من العبادات مع كون موجبها وسببها المقتضي لها قائماً ثابتاً والمانع منها منتفياً ، فإن فعلها بدعة) ([1] (http://www.muslm.net/vb/#_ftn1)). فترك الرسول صلى الله عليه وسلم يكون حجة بشرطين:
1-وجود السبب المقتضي للفعل في عهده صلى الله عليه وسلم : فإذا لم يوجد السبب في عهده صلى الله عليه وسلم كان الفعل مشروعاً غير مخالف لسنته ، كقتال أبي بكر صلى الله عليه وسلم لمانعي الزكاة ، ويشترط في هذا الفعل الذي وجد سببه ولم يكن في عهده صلى الله عليه وسلم ألا يكون بسبب تفريط الناس وتقصيرهم في السنة ، مثل أن يُقدم البعض العيد على الصلاة لكن لا ينفض الناس ، فإنه لو التزم هدي النبي صلى الله عليه وسلم وسنته في الخطبة لم ينفضوا ويتركوه.
2-انتفاء الموانع، لأنه صلى الله عليه وسلم قد يترك عملاً ما مع وجود مقتضاه لمانع، كتركه التراويح مع الصحابة جماعة خوفاً أن تُفرض عليهم، ولذا كان جمع عمر صلى الله عليه وسلم لهم على الجماعة مشروعاً بل مستحباً. ومنه جمع أبي بكرٍ للمصحف.
- وعلى ذلك فما كان من جنس المصالح المرسلة فليس بدعة وهي المنفعة والفائدة التي يصلح بها أمر العباد ، وقد أطلقها الشرع فلم يقيدها باعتبار أو يهدرها بإلغاء، ويشترط فيها أن يوجد للمعني المناسب فيها جنس اعتبره الشرع في الجملة وأمثلتها استخدام مكبرات الصوت في المساجد للآذان والتعليم وغير ذلك.
- وضابط تمييز المصلحة المرسلة من البدعة المحدثة كما قال ابن تيمية رحمه الله:
(والضابط في هذا والله أعلم أن يقال : إن الناس لا يحدثون شيئا إلا لأنهم يرونه مصلحة إذ لو اعتقدوه مفسدة لم يحدثوه فإنه لا يدعو إليه عقل ولا دين فما رآه الناس مصلحة نظر في السبب المحوج إليه :
فإن كان السبب المحوج إليه أمرا حدث بعد النبي صلى الله عليه وسلم من غير تفريط منا ، فهنا قد يجوز إحداث ما تدعو الحاجة إليه ، وكذلك إن "كان المقتضي لفعله قائما على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لكن تركه النبي صلى الله عليه وسلم لمعارض زال بموته
وأما ما لم يحدث سبب يحوج إليه أو كان السبب المحوج إليه بعض ذنوب العباد ، فهنا لا يجوز الإحداث ، فكل أمر يكون المقتضي لفعله على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم موجودا ، لو كان مصلحة ولم يفعل ، يعلم أنه ليس بمصلحة . وأما ما حدث المقتضي له بعد موته من غير معصية الخالق فقد يكون مصلحة ...........
فأما ما كان المقتضي لفعله موجودا لو كان مصلحة ، وهو مع هذا لم يشرعه ، فوضعه تغيير لدين الله ، وإنما دخل فيه من نسب إلى تغيير الدين ، من الملوك والعلماء والعباد ، أو من زل منهم باجتهاد ، كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وغير واحد من الصحابة : « إن أخوف ما أخاف عليكم زلة عالم ، وجدال منافق بالقرآن ، وأئمة مضلون »
- فمثال هذا القسم : الأذان في العيدين ، فإن هذا لما أحدثه بعض الأمراء ، أنكره المسلمون لأنه بدعة ، فلو لم يكن كونه بدعة دليلا على كراهته ، وإلا لقيل : هذا ذكر لله ودعاء للخلق إلى عبادة الله ، فيدخل في العمومات . كقوله تعالى : {اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا } ، وقوله تعالى : {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ } ، أو يقاس على الأذان في الجمعة ، فإن الاستدلال على حسن الأذان في العيدين ، أقوى من الاستدلال على حسن أكثر البدع . بل يقال : ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم مع وجود ما يعتقد مقتضيا ، وزوال المانع ، سنة ، كما أن فعله سنة . فلما أمر بالأذان في الجمعة ، وصلى العيدين بلا أذان ولا إقامة ، كان ترك الأذان فيهما سنة ، فليس لأحد أن يزيد في ذلك ، بل الزيادة في ذلك كالزيادة في أعداد الصلوات أو أعداد الركعات ، أو صيام الشهر ، أو الحج ، فإن رجلا لو أحب أن يصلي الظهر خمس ركعات وقال : هذا زيادة عمل صالح ، لم يكن له ذلك . وكذلك لو أراد أن ينصب مكانًا آخر يقصد لدعاء الله فيه وذكره ، لم يكن له ذلك ، وليس له أن يقول : هذه بدعة حسنة ، بل يقال له كل بدعة ضلالة)
ولقد قال الشافعي رحمه الله (ولكننا نتبع السنة فعلاً أوتركاً)
ومما ذُكر في التفريق بين البدعة الإضافية والمصلحة المرسلة أن المصالح المعتبرة لا تكون في المقاصد وإنما في الوسائل أما البدعة فيُقصد بها التقرب
أسأل الله أن يتقبل منا ومنك صالح الأعمال وأن يوفقنا لإتمام هذا الرد...
بعض المراجع التي استفدت منها :الاعتصام للشاطبي ،وجامع العلوم والحكم لابن رجب ،وحقيقة البدعة لسعيد الغامدي ،وقواعد البدع للجيزاني ،وشرح العقيدة الواسطية لابن عثيمين مع عدد من كتيباته ،وشرح الأربعين النووية لمحمد يسري ،ووقفات مع متصوفة اليوم لخالد عقدة ،وغيرها...
([1]) مجموع الفتاوى 26/172.
أهل السنة 07-08-2010, 06:09 AM المسألة الثالثة:هل قوله - صلى الله عليه وسلم - : (كل بدعة ضلالة) على عمومه أم لا؟!
مما أثاره مصطفى حسني مسألة (مش كل بدعة ضلالة) وحاول اثبات ذلك ببعض الأدلة والآثار ليوهم أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يحدثون دون إذن الرسول صلى الله عليه وسلم ما يشبه البدع لاثبات وجود البدع الحسنة واثبات أن (كل بدعة ضلالة) ليست على اطلاقها ،ومما استدل به :
1-عن رفاعة بن رافع الزرقي قال:كنا يوما نصلي وراء النبي صلى الله عليه وسلم فلما رفع رأسه من الركعة قال: سمع الله لمن حمده، قال رجل وراءه :ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه فلما انصرف قال من المتكلم ،قال :أنا، قال: رأيت بضعة وثلاثين ملكا يبتدرونها أيهم يكتبها أول (أخرجه البخاري)
وهو يستدل بأن الصحابي قال قولاً تركه النبي صلى الله عليه وسلم (في الصلاة مش براها) ثم أقره عليه الرسول ليثبت أن الصحابة يرون إحداث بعض التعبدات من عندهم دون إذن الرسول وهي دعوى عريضة لن يجد عليها دليلاً ، فقول الصحابي داخل في عموم قوله صلى الله عليه وسلم : (( إذا كبر الإمام فكبروا ، وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا : ربنا ولك الحمد)) متفق عليه ،
وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا قال (سمع الله لمن حمده) قال (ربنا ولك الحمد) ، فدعوى الإحداث لا تسلم ولكن الصحابي زاد في صيغة الحمد ثم اقره الرسول صلى الله عليه وسلم أما أصل الحمد في الرفع من الركوع فلم يحدثه الصحابي ،فلا دليل له على ما أراد..
2-ومما استدل به صلاة ركعتين بعد الوضوء وحديث بلال رضي الله عنه ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلال عند صلاة الفجر: ((يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة ، قال: ما عملت عملا أرجى عندي أني لم أتطهر طهورا في ساعة ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي )) ، قال أبو عبد الله (أي البخاري): دف نعليك يعني تحريك. (متفق عليه) ،ويزعم أن بلال أحدث هاتين الركعتين ، مع أنه ثبت في صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال :(ما من مسلم يتوضأ فيحسن وضوءه ثم يقوم فيصلي ركعتين مقبل عليهما بقلبه ووجهه إلا وجبت له الجنة) ،فأصل الصلاة بعد الوضوء ثابت في الشرع وليس إحداثاً تحت أصل الصلاة بل هو اجتهاد فيما ثبت الحث عليه في السنة...
3-ومما استدل به حديث أبي سعيد الخدري قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية فنزلنا بقوم فسألناهم القرى فلم يقرونا (أي يضيفونا)فلدغ سيدهم فأتونا فقالوا :هل فيكم من يرقي من العقرب ،قلت: نعم أنا ولكن لا أرقيه حتى تعطونا غنما ،قال: فأنا أعطيكم ثلاثين شاة ،فقبلنا فقرأت عليه الحمد لله سبع مرات فبرأ وقبضنا الغنم قال فعرض في أنفسنا منها شيء ،فقلنا: لا تعجلوا حتى تأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فلما قدمنا عليه ذكرت له الذي صنعت قال وما علمت أنها رقية اقبضوا الغنم واضربوا لي معكم بسهم ، وهويستدل به أن الصحابي أحدث موضوع الرقية بالفاتحة ، في حين أن أصل العلاج بالرقية وارد في الشرع ففي صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله يقول: لدغت رجلا منا عقرب ونحن جلوس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رجل: يا رسول الله أرقي ،قال: من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل ، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة أنه قال :جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ما لقيت من عقرب لدغتني البارحة ،قال:" أما لو قلت حين أمسيت أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم تضرك"،وأصل أن القرآن شفاء ثابت في قوله تعالى :{ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ}..
بل الحديث دليلُ عليه وليس له لأن الصحابي لما طلب عوضاً لبخل القوم معهم توقف الصحابة حتى يأتوا الرسول فيسألوه وفيه دليل على أن الصحابة كانوا يرون عدم الإحداث من تلقاء أنفسهم ...
4- وما استدل به آثار عن أبي هريرة في الاستغفار بمقدار معين كل ليلة ،وهو ما يستدل به الصوفيه على الأوراد المبتدعة ولو راجع تعريف البدعة عند الشاطبي (كما نصحه الشيخ إبي إسحاق) لعلم أن شرط البدعة أن تكون (بقصد التقرب) ولذلك أخرجوا منها قصد التنظيم وهو ما لا يتوفر في أوراد الصوفية التي تنص على التقرب بأعداد وأذكار ليس عليها نص ،ولقد أفتى ابن عثيمين – رحمه الله – بأن الموظف الذي لا يقدر بسبب ظروف عمله على الصيام إلا يوم الجمعة له أن يصومه وأن ينتظم في صومه لأنه لا يقصد التقرب بصيامه ولم يقصد مخالفة النهي ،ولشيخ الإسلام كلام قريب من هذا في مسائل أخرى والشاهد أن استدلاله في غير موضعه ،بل إن في أثر أبي هريرة نصه أن هذا العدد يخصه وهو احتراز من أن يظنه الناس سنة ،فهو داخل في ترتيب المرء لنفسه وليس بنية التقرب
فمجموع الأدلة التي استدل بها لا تُثبت ما أراده من كون الصحابة كانوا يُحدثون في الدين عبادات لا دليل عليها دون إذن الرسول صلى الله عليه وسلم ،وبذلك يبقى قوله صلى الله عليه وسلم ( كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ) على اطلاقه
ومما يُثبت تقرير كون كل بدعة ضلالة ما ذكره صاحب كتاب (حقيقة البدعة) من أن :
-عموم الأدلة في ذم البدعة وجميعها جاءت مطلقة (كل) دون استثناء والأصل يقول أن القاعدة الكلية أو الأصل الكلي إذا لم يقترن بتقييد أو تخصيص يبقى على عمومهيقول ابن تيمية : ( ..إن المحافظة على عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم " كل بدعة ضلالة " متعين وإنه يجب العمل بعمومه ) .... يبقى يا أخ مصطفى مين اللي مش عارف كلام ابن تيمية .. ومين اللي يروح يشوف الأول ابن تيمية قال ايه في البدعة قبل ما يتكلم ...مش عيب تجيب كلام ابن تيمية في السبحة علشان تستدل به أن مش كل بدعة ضلاله مع أن كلامه غير كده...أعتقد أن ده مسلك مش أخلاقي...
- إجماع السلف على ذم البدع وعموم ما ورد منهم في ذم البدعة وما نقل على خلاف ذلك كقول عمر(نعمت البدعة هي) محمول على المعنى اللغوي (راجع المسألة الأولى) ، ومن ذلك قول معاذ بن جبل يوما : إن من ورائكم فتنا يكثر فيها المال ويفتح فيها القرآن حتى يأخذه المؤمن والمنافق والرجل والمرأة والصغير والكبير والعبد والحر فيوشك قائل أن يقول ما للناس لا يتبعوني وقد قرأت القرآن ما هم بمتبعي حتى أبتدع لهم غيره فإياكم وما ابتدع فإن ما ابتدع ضلالة ..
بل إن عمر بن عبد العزيز كتب رجل إليه يسأله عن القدر فكتب: ( أما بعد أوصيك بتقوى الله والاقتصاد في أمره واتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم وترك ما أحدث المحدثون بعد ما جرت به سنته وكفوا مؤنته فعليك بلزوم السنة فإنها لك بإذن الله عصمة ثم اعلم أنه لم يبتدع الناس بدعة إلا قد مضى قبلها ما هو دليل عليها أو عبرة فيها فإن السنة إنما سنها من قد علم ما في خلافها ولم يقل ابن كثير من قد علم من الخطإ والزلل والحمق والتعمق فارض لنفسك ما رضي به القوم لأنفسهم فإنهم على علم وقفوا وببصر نافذ كفوا وهم على كشف الأمور كانوا أقوى وبفضل ما كانوا فيه أولى فإن كان الهدى ما أنتم عليه لقد سبقتموهم إليه ولئن قلتم إنما حدث بعدهم ما أحدثه إلا من اتبع غير سبيلهم ورغب بنفسه عنهم فإنهم هم السابقون فقد تكلموا فيه بما يكفي ووصفوا منه ما يشفي فما دونهم من مقصر وما فوقهم من محسر وقد قصر قوم دونهم فجفوا وطمح عنهم أقوام فغلوا وإنهم بين ذلك لعلى هدى مستقيم.)
- قوله صلى الله عليه وسلم (كل بدعة ضلالة) من صيغ العموم والأصوليين (الذي طلب منا صاحب الحلقة الرجوع إليهم) يعرفون العام بأنه (اللفظ المستغرق لكل ما يصلح له دفعة واحدة )
فدلالة العموم كلية وليست مجملة
ومطلقة تشمل الأزمان والبقاع والأحوال ،
وهي قطعية إذا انتفت القرائن المخصصة...
بل إن الأصوليين يقررون أن اللفظ العام يجب اعتقاد عمومه في الحال والعمل به مياشرة من غير توقف لأن اللفظ للعموم فيجب العمل بمقتضاه ،
ولأن الدليل نزل للإعمال لا للإهمال فقوله صلى الله عليه وسلم ( كل بدعة ضلالة ) دلالته كليه ويدخل تحته كل بدعة
- ولفظ (كل) كما ذكر السبكي من ألفظ العموم الصريحة وهو يحيط بكل الجزئيات المندرجة تحته ومستغرق لها ،وما ود عن الصحابة من ألفاظ أو آثار يتعلق بها لا تخصص هذا الإطلاق لأنها أما تدخل تحت المعنى اللغوي وإما أنها من باب الإجتهاد فيما عليه أصل (دليل) في الشرع..
والله أعلى وأعلم
أهل السنة 07-08-2010, 06:10 AM المسألة الرابعة:هل منهج أهل السنة والجماعة سبب تفرق الأمة؟!
وهل منهج (البدعة الحسنة) سبب اجتماع ؟!
مما أثاره مصطفى حسني في حلقته (خدعوك فقالوا دي بدعة) ثم كرر التأكيد عليه والدندنة حوله في حلقته ( خدعوك فقالوا الاختلاف عذاب) فرقة الأمة والاختلاف الحاصل وأن سببه الناس (اللي بيقولوا على كل حاجة بدعة ) (وان كل بدعة ضلالة ) والذين (مش عاوزين يعترفوا بان فيه كلام علماء تانية) (وان اختلاف العلماء رحمة) (وان لكم علماؤكم ولينا علماءنا )....
ومما يُلاحظ خاصةً في الحلقة الثانية أن مصطفى حسني يحاول اسقاط المنهج السلفي على محورين :
المحور الأول : المحور الأخلاقي فهم لا يعرفون إلا الإساءة للمخالفين ،ولا يلتزمون بآداب الحوار وهم متعصبون لآرائهم ويحتكرون مطلق الحق
المحورالثاني : المحور العلمي: فهم لا يعرفون أن هناك اختلاف ولا يعرفون الآراء المختلفة ويتبعون علماء معاصرين في آرائهم وليس لهم قراءة في كتب السلف
ولكن مصطفى حسني لم يكن يوجه كلامه لهم – أصلاً – ولكنه وجه كلامه للجمهور وركز على اسقاط المنهج بمحاولة تثبيت هذه الدعاوي مع محاولة تثبيت أصول بدعية (ليس كل بدعة ضلالة) (فيه بدعة حسنة ) (لا تنكر علي ولا تبدعني – يا صاحبي – ما دام معايا فتوى أن بدعتي حسنة)
وللرد على شبهة الاتهام بالتفريق وللإجابة على استفسار : هل دعاة السنة دعاة التفرق ودعاة (البدعة الحسنة ) دعاة اجتماع؟! ينبغي استحضار بعض الأصول الشرعية والانطلاق منها:
أولاً : من هم مسببي الفرقة والاختلاف بنص الكتاب والسنة؟:
1- جاءت الأدلة على كون الافتراق حادث في البشر وأن الابتداع هو سببه وأن النجاة منه بالتمسك بالسنة :
-فأخبر سبحانه بحدوث الافتراق في البشر قال سبحانه: ) كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه ([1] (http://www.muslm.net/vb/#_ftn1) والمراد أنهم كانوا أمة واحدة على الحق فاختلفوا بالباطل فأرسل الله الرسل من أجل رد الناس للحق والحكم بينهم فيما اختلفوا فيه ..
-وذكر سبحانه في كتابه أن الاختلاف – على عكس ما نتصور – يكون مع العلم أيضاً ولكن إذا صاحبه الهوى والبغي قال الله سبحانه:{وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم}[2] (http://www.muslm.net/vb/#_ftn2) ..
-وذكر سبحانه أن الاختلاف سنة باقية وأن الناجي منها من نال رحمة الله وهو ما يكون بالتمسك بما جاء به الأنبياءقال تعالى: {ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين } [3] (http://www.muslm.net/vb/#_ftn3) ،يقول ابن تيمية : (ولست تجد اتفاقا وائتلافا إلا بسبب اتباع آثار الأنبياء من القرآن والحديث وما يتبع ذلك ولا تجد افتراقا واختلافا إلا عند من ترك ذلك وقدم غيره عليه قال تعالى : {ولا يزالون مختلفين} {إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم } فأخبر أن أهل الرحمة لا يختلفون وأهل الرحمة هم أتباع الأنبياء قولا وفعلا وهم أهل القرآن والحديث من هذه الأمة فمن خالفهم في شيء فاته من الرحمة بقدر ذلك )..
- ولقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بافتراق الأمة بسبب البدعة وأن النجاة في التمسك بالسنة: ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( تفرقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة أو اثنتين وسبعين فرقة ، والنصارى مثل ذلك ، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة )[4] (http://www.muslm.net/vb/#_ftn4) ..
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل حتى إذا كان منهم من أتى أمه علانية كان من أمتي من يصنع ذلك وإن بني إسرائيل تفرقت على اثنتين وسبعين ملة وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة كلهم في النار إلا واحدة ) ، قالوا من هي يا رسول الله ؟ قال: ( ما أنا عليه اليوم وأصحابي )[5] (http://www.muslm.net/vb/#_ftn5) ..
وقال صلى الله عليه وسلم: ( تركتكم على المحجة البيضاء لا يزيغ عنها إلا هالك )[6] (http://www.muslm.net/vb/#_ftn6)
فذكر النبي صلى الله علييه وسلم الافتراق وبين أن النجاة بالتمسك بهديه وفهم الصحابة للوحي ...
-وإذا جمعنا بين حديث ابن عمر وحديث ثوبان "وأني سألت ربي أن لا يهلك أمتي بسنة عامة، وأن لا يسـلط عليـهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيـح بيضتهم وإن ربي قال: "يا محمـد إني إذا قضيت قضاء فإنـه لا يرد، وإني أعطيتـك لأمتـك أن لا أهلكهم بسنـة عامة، وأن لا أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيـح بيضتهم ولو اجتمع عليهم من في أقطـارهـا حتى يكون بعضهم يهلك بعضا"[7] (http://www.muslm.net/vb/#_ftn7). يتبين أن الابتداع الذي هو سبب الافتراق في الأمة ومن أسباب هزائم الأمة والعذاب النازل عليها..
2- فأهل البدع هم من يفرق الأمة (وليس من يحارب البدعة) إذ هم يتعصبون للأشخاص ويوالون ويعادون عليهم وكل من فعل ذلك فقد شابههم في طريقتهم بل بلغ الأمر بـ (علي جمعة ) أن يقول (نعم ، الصحابة كانوا أشاعرة )، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : ( وليس لأحد أن ينصب للأمة شخصا يدعو إلى طريقته ، ويوالي ويعادي عليها غير النبي صلى الله عليه وسلم ولا ينصب لهم كلاما يوالي عليه ويعادي غير كلام الله ورسوله وما اجتمعت عليه الأمة ، بل هذا من فعل أهل البدع الذين ينصبون لهم شخصا أو كلاما يفرقون به بين الأمة يوالون به على ذلك الكلام أو تلك النسبة ويعادون) . ويقول في موضع آخر : ( ومن نصب شخصا كائنا من كان فوالى وعادى على موافقته في القول والفعل فهو : [ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا ] [الآية]
3-مع التنبيه على أنه ليس كل من يقع في بدعة يدخل في هذا الوعيد ويدخل ضمن الفرق النارية (على عكس ما أوهم حسني فيه الناس أن المخالفين له يجعلون المرء مبتدعاً بمجرد الوقوع في بدعة) يقول الشاطبي رحمه الله: ( وذلك أن هذه الفرق إنما تصير فرقا بخلافها للفرقة الناجية في معنى كلي في الدين وقاعدة من قواعد الشريعة ، لا في جزئي من الجزئيات ، إذ الجزئي والفرع الشاذ لا ينشأ عنه مخالفة يقع بسببها التفرق شيعا وإنما ينشأ التفرق عند وقوع المخالفة في الأمور الكلية لأن الكليات (تقتضي عدد ) من الجزئيات غير قليل ، وشاذها في الغالب أن لا يختص بمحل دون محل ولا بباب دون باب. ...... ويجري مجرى القاعدة الكلية كثرة الجزئيات ، فإن المبتدع إذا أكثر من إنشاء الفروع المخترعة عاد ذلك على كثير من الشريعة بالمعارضة كما تصير القاعدة الكلية معارضة أيضا وأما الجزئي فبخلاف ذلك بل يعد وقوع ذلك من المبتدع له كالزلة والفلتة ) ([8] (http://www.muslm.net/vb/#_ftn10))..
4- ولقد ذكر الشاطبي ثلاثة أسباب للاختلاف عند المبتدعة، والمتأمل فيها يرى أنها السبب الرئيسي لتفرق الأمة هي:
الأول:الاختلاف في أصل النحلة وقواعد الدين الكلية : وبين رحمه الله أنه قد يلحق بهذا الاختلاف من حيث شموله قوله تعالى في سورة هو ] وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ [ مع الاتفاق في أصل الدين ووقوع الاختلاف في بعض قواعد الكلية ، وهو المؤدي إلى التفرق شيعا ، وبه افترقت الفرق عن جماعة المسلمين([9] (http://www.muslm.net/vb/#_ftn11)).
الثاني: اتباع الهوى :ولذلك سمى أهل البدع أهل الأهواء لأنهم اتبعوا أهواءهم فلم يأخذوا الأدلة الشرعية مأخذ الافتقار إليها ، والتعويل عليها ، حتى يصدروا عنها ، بل قدموا أهواءهم واعتمدوا على آرائهم ، ثم جعلوا الأدلة الشرعية منظورا فيها من وراء ذلك([10] (http://www.muslm.net/vb/#_ftn12)) .
الثالث: التصميم على اتباع العوائد وإن فسدت أو كانت مخالفة للحق : وهو اتباع ما كان عليه الآباء والأشياخ وأشباه ذلك وهو التقليد المذموم وهذا الوجه هو الذي مال بأكثر المتأخرين من عوام المبتدعة ، ويحتجون به على من يرشدهم ويقولون : كان الشيخ فلان من الأولياء وكان يفعله فيكون قولهم هذا من جنس قول منن قالوا لأنبيائهم : ] إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ [ [الزخرف: 22] ، وقالوا : ] بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ [ [الشعراء: 74] على تفاوت ما بين الفريقين في مراتب الضلال .
- ثم ذكر رحمه الله أن جماع هذه الأسباب هو الجهل بمقاصد الشريعة ، والتخرص على معانيها بالظن من غير تثبت ...
- ومن هنا يتبين أن:
أولاً : أن الأصل في الناس التفرق والاختلاف إلا من سار على هدي الأنبياء والرسل...
ثانيا: أن سبب تفرق الأمة هم أهل البدع ، وأن فتح باب تحسين البدعة قسم الأمة إلى بضع وسبعين فرقة وليس الانكار على البدع (وإن كان له ضوابط يجب مراعاتها ) ،وهذا نص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو ما نسي الداعية مصطفى حسني التنبيه عليه طيلة 3 ساعات كاملة هي مدة الحلقتين ..
ثالثاً: أن الاجتماع المقصود والممدوح في الشرع إذا تفرقت الأمة هو ما وافق الحق ولو كنت وحدك كما قال صلى الله عليه وسلم (ما أنا عليه وأصحابي) قال تعالى [وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا] فبين أن التأليف إنما يحصل عند الائتلاف على معنى واحد وخلاف ذلك التفرق والبغضاء والعداوة لأن كل شيعة ستتعلق بحبل غير ما تعلقت به الأخرى فلابد من التفرق وهو معنى قوله تعالى [ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ]([11] (http://www.muslm.net/vb/#_ftn13)) ..
ثانياً : منهج أهل السنة في التعامل مع المخالف هو العدل والانصاف:
- فالناجون من هذا الاختلاف هم أهل السنة والجماعة الذين اجتمعت كلمتهم على الكتاب والسنة وما أجمع عليه سلف الأمة فهم أهل [ما أنا عليه وأصحابي ] وهم سفينة النجاة في خضم هذه الفتن المتلاطمة كما قال مالك رحمه الله : السنة سفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلف عنها غرق([12] (http://www.muslm.net/vb/#_ftn14)) .
- ومن تأمل كلام أهل السنة وجدهم ينصون على أن الأصل في التعامل فيما بينهم الألفة والاجتماع ، وأن الأصل مع المخالفين العدل والرحمة ، لذا نراهم فرقوا في التعامل بين أهل البدع ،وأصلوا ضوابط لهجر المبتدع والتحذير منه فلم يكن شيئاً من أقوالهم عن هوى وبغي كحال أهل البدع معهم..
- ومن ذلك ما حكاه ابن تيمية فقال : (وإذا اجتمع في الرجل الواحد خير وشر وفجور وطاعة ومعصية وسنة وبدعة : استحق من الموالاة والثواب بقدر ما فيه من الخير واستحق من المعادات والعقاب بحسب ما فيه من الشر فيجتمع في الشخص الواحد موجبات الإكرام والإهانة فيجتمع له من هذا وهذا كاللص الفقير تقطع يده لسرقته ويعطى من بيت المال ما يكفيه لحاجته . هذا هو الأصل الذي اتفق عليه أهل السنة والجماعة وخالفهم الخوارج والمعتزلة ومن وافقهم عليه)..
- ومنه تفريقهم بين الساكت عن البدعة والداعية إليها كما قال ابن تيمية : (ولهذا قال الفقهاء :إن الداعية إلى البدع المخالفة للكتاب والسنة يعاقب بما لا يعاقب به الساكت)
- ومن ذلك ما روي أن أحمد كان يستغفر ويترحم على من حبسه وضربه مع كونهم عنده مبتدعة
- ومن ذلك ما قاله ابن تيمية عن الأشاعرة (فإنهم أقرب طوائف أهل الكلام إلى السنة والجماعة والحديث، وهو يعدون من أهل السنة والجماعة عند النظر إلى مثل المعتزلة والرافضة وغيرهم، بل هم أهل السنة والجماعة في البلاد التي يكون أهل البدع فيها هم المعتزلة والرافضة ونحوهم )، ويقول : (يقول:إن الكلابية والكرامية والأشعرية أقرب إلى السنة والحق من جهمية الفلاسفة والمعتزلة ونحوهم باتفاق جماهير المسلمين ) ، ومدح ما فيهم من خير قال : ( فحسناتهم نوعان إما موافقة أهل السنة والحديث ، وإما الرد على من خالف السنة والحديث ببيان تناقض حججهم) ،هذا مع أنه رحمه الله تتبع زلاتهم وبين تناقضاتهم ، وعلى عكس ذلك تجد تعامل الأشاعرة مع منهجه رحمه الله ومع أهل السنة الذي ينتمي إليهم..
- ومنه أنهم جعلوا درجة الإنكار تابعة لدرجة المخالفة :يقول الشاطبي رحمه الله : ( إن القيام عليهم بالتثريب أو التنكيل أو الطرد أو الإبعاد أو الإنكار هو بحسب حال البدعة في نفسها من كونها عظيمة المفسدة في الدين أم لا ، وكون صاحبها مشتهرا بها أو لا ، وداعيا إليها أو لا ومستظهرا بالأتباع وخارجا عن الناس أو لا وكونه عاملا بها على جهة الجهل أو لا وكل من هذه الأقسام له حكم اجتهادي يخصه إذ لم يأت في الشرع في البدعة حد لا يزاد عليه ولا ينقص منه([13] (http://www.muslm.net/vb/#_ftn15)) .
- وتأمل مقالة شيخ الإسلام بن تيمية : ( فإذا لم يكن في هجرانه انزجار أحد ولا انتهاء أحد بل بطلان كثير من الحسنات المأمور بها لم تكن هجرة مأمورا بها كما ذكر أحمد عن أهل خراسان إذ ذاك : أنهم لم يكونوا يقوون بالجهمية فإذا عجزوا عن إظهار العداوة لهم سقط الأمر بفعل هذه الحسنة وكان مداراتهم فيه دفع الضرر عن المؤمن الضعيف ولعله أن يكون فيه تأليف الفاجر القوي ، وكذلك لما كثر القدر في أهل البصرة فلو ترك رواية الحديث عنهم لا ندرس العلم والسنن والآثار المحفوظة فيهم ) ([14] (http://www.muslm.net/vb/#_ftn16))
- ومن هنا يتبين أن :
أولاً:منهج أهل السنة في التعامل مع أهل البدع ليس السكوت عن البدعة ولا تحسينها ولا ترك كل مبتدع وهواه ...
ثانياً: منهج أهل السنة في التعامل مع أهل البدع هو العدل فالانكار على قدر المخالفة مع مراعاة المآلات واعتبار حال المبتدع ، وأهل السنة يدورون حول المصلحة الشرعية ، ولا يجعلون الانكار على البدعة مانعاً من إقامة مصالح المسلمين العامة كالجهاد والصلاة ، هذا مع كونهم يفتحون باب التوبة والرجوع للمخالف..
ثالثاً: بغي أهل البدعة على أهل السنة وتعصبهم للأشخاص:
- فأهل البدع يتعصبون لأئمتهم فيفرقون الأمة كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : ( وليس لأحد أن ينصب للأمة شخصا يدعو إلى طريقته ، ويوالي ويعادي عليها غير النبي صلى الله عليه وسلم ولا ينصب لهم كلاما يوالي عليه ويعادي غير كلام الله ورسوله وما اجتمعت عليه الأمة ، بل هذا من فعل أهل البدع الذين ينصبون لهم شخصا أو كلاما يفرقون به بين الأمة يوالون به على ذلك الكلام أو تلك النسبة ويعادون) ([15] (http://www.muslm.net/vb/#_ftn17)) ، ثم يعادون أهل السنة والجماعة تكفيراً وتفسيقاً واستحلالاً وكذباً وافتراءً..
- فالجهمية ومن تبعهم من المعطلة سموا أهل السنة ( مشبهة ) زعما منهم أن إثبات الأسماء والصفات يستلزم التشبيه .
-والروافض سموا أهل السنة ( نواصب ) لأنهم يوالون أبا بكر وعمر كما كانوا يوالون آل النبي صلى الله عليه وسلم والروافض تزعم أن من والى أبا بكر وعمر فقد نصب العداوة لآل البيت ، ولذلك كانوا يقولوا : ( لا ولاء إلا ببراء ) أي لا ولاية لآل البيت إلا بالبراءة من أبي بكر وعمر .
- والقدرية النفاة قالوا : أهل السنة ( مجبرة ) لأن إثبات القدر جبر عند هؤلاء النفاة .
- والمرجئة المانعون من الاستثناء في الإيمان يسمون أهل السنة ( شكاكا ) لأن الإيمان عندهم هو إقرار القلب والاستثاء شك فيه عند هؤلاء المرجئة ويسمونهم ( مخالفة ونقصانية) لأن أهل السنة يقولون الإيمان يزيد وينقص والمرجئة يقولون إن الإيمان لا يتجزأ أي لا يزيد ولا ينقص ولهذا يسمون أهل السنة نقصانية .
- وأهل الكلام والمنطق يسمون أهل السنة ( حشوية ) من الحشو وهو ما لا خير فيه ، ويسمونهم ( نوابت ) وهي بذور الذرع الذي تنبت معه ولا خير فيها ويسمونهم (غثاء) وهو ما تحمله الأودية من الأوساخ ، لأن هؤلاء المناطقة زعموا أن من لم يحط علما بالمنطق فليس على يقين من أمره بل هو من الرعاع الذين لا خير فيهم .
- والأشاعرة هم من حاولوا استخراج فتوى لقتل ابن تيمية – رحمه الله - ..فقارن بين عدله فيه وبين بغيهم عليه..
- أما (علي جمعة) يقول عن علماء الحرمين: ( وهو ده طلع من السعودية بصراحة .. طيب ما السعودية دول طلعوا على الخلافة بهمّا الكلمتين دول وعيب..عيب لما نطلع على الخلافة اللي سيدنا رسول الله قال (ولو ضرب ظهرك وأخذ مالك) ومش عاوزين نحدث فتنة بين المسلمين بحيث اول ما اشوف واحد سعودي اكرهه ..مش عاوز اعمل انا كده ..فبنخبي الحته ده .. عاوزين نجمع الأمة...بس مافيش داعي دا هم تلت مسائل ..التوسل بالنبي ، وحلق الذكر ، وزيارة الأوليا ، والصلاة اللي فيها قبور ...ايه هذا الكلام الفاضي ده..الامة كلها اجمعت على كده من طانجا لجاكرتا ومن غانا لفرغانا ....واقف لي زي المسمار فيها ليه ..ايه الحكاية..والادلة اهي من الكتاب والسنة واجماع الناس..الاجماع الفعلي والاجماع النظري ...ما لكم..أصل كده قلبي مش مطمن..ويعملك ...يفحفح زي اللـ...البتاع كده...) ،وفي موضع تاني يقول (انا عاوز افهم هم مضيقين من علماء الازهر ليه؟..قالي لسبب بسيط...اخواننا بيقولهم انت بقيتو علما بعد اسبوعين...اسبوعين بس...يدخل معاهم الواد من دول..يربي لحيته..يقصر جلبيته..ينقب مراته..يقرا نيل الاوطار او لابن عثيمين او يقرا لابن باز..او يقرا الاحاديث الضعيفة والصحيحة للاباني ..ويبقى عالم...فهو بيقولو اخليك عالم في اسوعين وانت بتقولوا اخليك عالم في تلاتين سنة .. يبقى يطاوع مين....قلته لأه، يطاوع ابو اسبوعين..اسرع..احلى..اجدع..بس هي اقرب طريق الى النار..لانه سيتكلم في دين الله من حيث لا يدري بغير علم...ويحسب انه يحسن صنعا (ويمطها).. ياهوو ايوة صحيح يا هووو ..يا لطيف...)
طبعاً أنا اتذكر الآن مصطفى حسني وهو في الحلقة بيقول (بتتمهزأ بي..)لمن قال عن خطئه (ومما يُضحك الثكلى) ثم يقول ( اقولك معلومة..ده اللي اتفق عليه العلماء ان دي اللي بدعة....منهج النبي صلى الله عليه وسلم انه كان بيصحح خطأ المخطيء..وكان بيطبطب على المخطيء..وكان بيلتمس العذر للمخطيء..لكن مكانش بيتمهزأ بالمخطيء..اللي انت عملت يا صديقي هو اللي بدعة)..
ومش عارف فين الاتفاق ده ؟.. ومين من العلماء قال به؟ ..
وهل كلمة (مما يضحك الثكلى) داخل في حد البدعة ولا ممكن تكون على حسب كلامك بدعة حسنة (داخله تحت أصل عام في الدين وهو اختلاف معاملة النبي للمخطئين باختلاف أحوالهم)...؟!
وبعدين يا استاذ مصطفى ..ليه بتبدع مخالفيك ؟!..علشان ردوا عليك وخالفوك ...مش ده اللي بتحذر منه ..طيب ليه بتعمله مع اول واحد يخالفك؟!
ومش عارف رأيك ايه في كلام علي جمعة عن علماء بلاد الحرمين مع إن الرسول قال إن الدين يأرز إلى ما بين مكة والمدينة (يعني تزكية من الرسول لعلماء مكة والمدينة) ؟...وهل علي جمعة هو المقصود بـ (العالم المؤدب اللي العيبة لا تطلع من فمه) الذي تكلم عنه ...؟!
- وعلى منوال البغي على أهل السنة يتهم (علي صبيح) (الحركة الوهابية) بأنهم كانوا عملاء للإنجليز ،في حين ان الانجليز هنأوا إبراهيم باشا بالقضاء عليها....ويقول عن ابن تيمية: ( وقد قال لي أحد الناس بعفوية شديدة :أين علماء المسلمين،وقال آخر بلغة عامية شديدة هل أصبح ابن تيمية (طرزان)؟ وكلمة عامية جداً هي كلمة (دكر) وبقية علماء المسلمين قبل ابن تيمية وبعده (طراطير)؟)!
- فهل هذا الإسفاف من (علي ) هو الذي سيوحد المسلمين ويجمع كلمتهم ؟! وهل هذا هو المحتوى الأخلاقي لمنهج يريد أن يُصور نفسه على أنه الامتداد للصحابة.؟؟!!
- ويقول آخر عن الشيخ أبي إسحاق – حفظه الله وجعله غصة على أهل البدع – (يعني بياع جبنة هو المتخصص؟)
- وبمناسبة تفريق المسلمين نذكر إن (علي جمعة) هو العالم الوحيد في الأمة الإسلامية الذي أفتى لعمرو خالد بنقض المقاطعة المفروضة على الدانمارك والاستجابة لطلب رسمي من حكومتها الصليبية ... بينما كان علماء السنة على قمة المنادين بمقاطعة الدانمارك وطرد سفرائها....
فأي الفريقين أحق بدعوى حب رسول الله صلى الله عليه وسلم..؟!
وأي الفريقين يمثل الأمة...؟!
وأي الفريقين نشاز عن الأمة من طانجا لجاكرتا ومن غانا لفرغانا..
وأختم بتذكير (مصطفى حسني ) بتقرير رند 2006 والذي نص على محاربة المنهج السلفي بظاهرة الدعاة الجدد مع الطرق الصوفية ..
وأتساءل من الذي يفرق الأمة ؟..ومن الذي يريد هدم الآخر ؟
[1] (http://www.muslm.net/vb/#_ftnref1) -سورة البقرة الآية 213 0
[2] (http://www.muslm.net/vb/#_ftnref2) -سورة آل عمران ، الآية 19 0
[3] (http://www.muslm.net/vb/#_ftnref3) -سورة هود ، الآيتان : 118-119 0
[4] (http://www.muslm.net/vb/#_ftnref4) -المسند (2/332) ، وسنن أبي داود كتاب السنة (38) ، وسنن ابن ماجه المقدمة باب (12)، سنن الترمذي كتاب الفتن باب (34)0
[5] (http://www.muslm.net/vb/#_ftnref5) -سنن الترمذي كتاب الإيمان باب (8)0
[6] (http://www.muslm.net/vb/#_ftnref6) -رواه الإمام أحمد في مسنده (4/126) ، وابن ماجه في سننه رقم (43) باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين ، وقد صححه ابن أبي عاصم وقال إسناده حسن0
[7] (http://www.muslm.net/vb/#_ftnref7) رواه مسلم جـ 4 رقم 2889.
([8]) الاعتصام للشاطبي 2/200-201.
([9]) المرجع السابق : 2/166-176.
([10]) المرجع السابق : 2/176.
([11]) المرجع السابق : 2/192.
([12]) مجموع فتاوى ابن تيمية : 4/57.
([13]) الاعتصام للشاطبي : 1/175.
([14]) مجموع فتاوى ابن تيمية : 28/212.
(يتبع إن شاء الله)
أهل السنة 07-08-2010, 06:11 AM المسألة الخامسة : هل اختلاف أهل البدع يدخل في مقولة (اختلافهم رحمة )؟!
مما أكثر من ذكره مصطفى حسني في الحلقتين كون الاختلاف رحمة وليس عذاب ، وعدم جواز الانكار في مسائل الخلاف ، وهنا نوضح - إن شاء الله - أن اختلاف أهل البدعة ليس داخلاً في تمام الرحمة ، مع ضبط مسألة الانكار على المخالف وتصحيح المفهوم المرتبط بها....
يقول تعالى :{وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ .إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ } [هود: 118- 119]
فذكر سبحانه قسمان : أهل الاختلاف وأهل الرحمة:
- ذهب بعض أهل العلم أن أهل الاختلاف المجوس والنصارى واليهود ،وذهب البعض إلى أن المقصود أهل الباطل ،و(ذهب جماعة من المفسرين إلى أن المراد بالمختلفين في الآية أهل البدع ، وأن من رحم ربك أهل السنة .....) ([1] (http://www.muslm.net/vb/#_ftn1)) ،
وعن عكرمة " ولا يزالون مختلفين " يعني في الأهواء "إلا من رحم ربك " هم أهل السنة .
- ويكثر في كلام أهل العلم تنزيل بعض آيات الوعيد - كهذه الآية - على المبتدعة (وهذا كله من إعطاء بعض أحكام المعنى الذي فيه حكم شرعي أو وعيد لمعنى آخر فيه وصف من نوع المعنى ذي الحكم الثابت . وهذا يرجع إلى أنواع من الشبه في مسالك العلة للقياس فإن الأشياء متفاوتة في الشبه) ([2] (http://www.muslm.net/vb/#_ftn2)) ،ومستندهم في ذلك ما ورد في السنة من أحادبث ذمت أهل البدع وذكرت أوصافهم
- وجعل الله أهل الاختلاف قسيم لأهل الرحمة لكون اختلافهم عذاب وليس رحمة ،يقول الشاطبي : (وبين هذين الطريقين واسطة أدنى من الرتبة الأولى وأعلى من الرتبة الثانية ، وهي أن يقع الاتفاق في أصل الدين ، ويقع الاختلاف في بعض قواعده الكلية ، وهو المؤدي إلى التفرق شيعاً . فيمكن أن تكون الآية تنتظم هذا القسم من الاختلاف ، ولذلك صح عنه صلى الله عليه وسلم : "أن أمته تفترق على بضع و سبعين فرقة "، وأخبر : "أن هذه الأمة تتبع سنن من كان قبلها شبراً بشبر وذراعاً بذراع "، وشمل ذلك الاختلاف الواقع في الأمم قبلنا ، ويرشحه وصف أهل البدع بالضلالة وإيعادهم بالنار ، وذلك بعيد من تمام الرحمة.......)
- فأهل الرحمة هم أهل الاجتماع على آثار الأنبياء ،كما قال ابن تيمية : (ولست تجد اتفاقا وائتلافا إلا بسبب اتباع آثار الأنبياء من القرآن والحديث وما يتبع ذلك ولا تجد افتراقا واختلافا إلا عند من ترك ذلك وقدم غيره عليه قال تعالى :{ولا يزالون مختلفين} {إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم } فأخبر أن أهل الرحمة لا يختلفون وأهل الرحمة هم أتباع الأنبياء قولا وفعلا وهم أهل القرآن والحديث من هذه الأمة فمن خالفهم في شيء فاته من الرحمة بقدر ذلك)
- فإذا حصل الاختلاف بين أهل الرحمة كان ذلك رحمة ، يقول الشاطبي : (... ثم إن هؤلاء المتفقين قد يعرض لهم الاختلاف بحسب القصد الثاني لا القصد الأول ، فإن الله حكم بحكمته أن تكون فروع هذه الملة قابلة للأنظار ومجالاً للظنون ، وقد ثبت عند النظار أن النظريات لا يمكن الاتفاق فيها عادة ، فالظنيات عريقة في إمكان الاختلاف ، لكن في الفروع دون الأصول وفي الجزئيات دون الكليات ، فلذلك لا يضر هذا الاختلاف .
وقد نقل المفسرون عن الحسن في هذه الآية أنه قال : أما أهل رحمة الله فإنهم لا يختلفون اختلافاً يضرهم . يعني لأنه في مسائل الاجتهاد التي لا نص فيها بقطع العذر ، بل لهم فيه أعظم العذر ، ومع أن الشارع لما علم أن هذا النوع من الاختلاف واقع ، أتى فيه بأصل يرجع إليه ، وهو قول الله تعالى : "فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول" الآية ، فكل اختلاف من هذا القبيل حكم الله فيه أن يرد إلى الله ، وذلك رده إلى كتابه ، وإلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . وذلك رده إليه إذا كان حياً وإلى سنته بعد موته ، وكذلك فعل العلماء رضي الله عنهم )
- فأهل الرحمة يختلفون اختلافاً ليس داخلاً تحت قوله تعالى : {ولا يزالون مختلفين} من أوجه : أن الله وصف القسم الآخر أن الاختلاف لازم لهم ،وأهل الرحمة مبرأون من ذلك ،ولأن الخلاف في مسائل الاجتهاد واقع ممن حصل لهم محض الرحمة وهم الصحابة فكان اختلافهم رحمة وسعة...
- ويجدر هنا إيراد تنبيهين يخصان الخلاف في المسائل الفقهية:
التنبيه الأول : في حقيقة المراد بالمسائل الاجتهادية وعدم الخلط بينها وبين المسائل الخلافية :
فالمسائل الاجتهادية كل أمر لم يرد فيه دليل قاطع [أي نص صحيح أو إجماع صريح] ،ويعرفها الشاطبي بقوله : ( محال الاجتهاد المعتبر هي ما ترددت بين طرفين وضح في كل منهما قصد الشارع في الإثبات في أحدهما والنفي في الآخر فلم تنصرف البتة إلى طرف النفي ولا إلى طرف الإثبات ) ([3] (http://www.muslm.net/vb/#_ftn3)) . ويذكر من أمثلتها : زكاة الحلى ، فقد أجمع أهل العلم على عدم الزكاة في العروض ، وعلى وجوب الزكاة في النقدين لكونهما معدين للتعامل والثمنية بخلقتهما فصار الحلي المباح دائرا بين الطرفين لأنه أخذ وصفا واحدا من النقدين ، وهو كونه من الذهب والفضة ، وباستعماله للزينة لا للثمنية فقد الوصف الآخر ، وشارك العروض في عدم قصده بالثمنية فجاء فيه الخلاف . كما ذكر من أمثلتها قبول رواية مجهول الحال وشهادته لأنهم قد اتفقوا على قبول رواية العدل وشهادته ، وعلى عدم قبول ذلك من الفاسق وصار مجهول الحال دائرا بينهما فوقع الخلاف فيه .. ) ([4] (http://www.muslm.net/vb/#_ftn4)) .
أما المسائل الخلافية فهي أعم من ذلك فهي تشمل كل ما وقع فيه الخلاف ، وإن كان الخلاف ضعيفا أو شاذا أو مما اعتبر من زلات العلماء ولهذا فإن كل ما كان من مسائل الاجتهاد فهو من مسائل الخلاف وليس العكس .
ومن أجل هذا استثنى العلماء من عدم الإنكار على المخالف في المسائل الخلافية ما ضعف فيه الخلاف وكان شاذا ، أو اعتبر من زلات العلماء([5] (http://www.muslm.net/vb/#_ftn5)) . فخلاف ابن عباس رضي الله عنه في ربا الفضل ونكاح المتعة لا يجعل هذين الأمرين من مسائل الاجتهاد لضعف مأخذه من ناحية ولما ثبت عنه من رجوعه إلى رأي الجماعة من ناحية أخرى ....
هذا وليس في خروج المسألة عن مجاري الاجتهاد طعن على من خالف فيها من المجتهدين ، لأن المعتمد عند أهل السنة أن زلات أهل العلم كما لا يعتد بها ولا يعول عليها في الخلاف لا يشنع بها على أصحابها وإنما هي مغمورة في بحر جهادهم وفضلهم غفر الله لهم أجمعين ، وحشرنا في زمرتهم يوم يقوم الناس لرب العالمين . يقول الشاطبي : ( إن زلة العالم لا يصح اعتمادها من جهة ولا الأخذ بها تقليدا له ، وذلك لأنها موضوعة على المخالفة للشرع ولذلك عدت زلة ، وإلا فلو كانت معتدا بها لم يجعل لها هذه الرتبة ولا نسب إلى صاحبها الزلل فيها ، كما أنه لا ينبغي أن ينسب صاحبها إلى التقصير ، ولا أن يشنع عليه بها ، ولا ينتقص من أجلها ، أو يعتقد فيه الإقدام على المخالفة بحتا ، فإن هذا كله خلاف ما تقتضي رتبته في الدين ) ([6] (http://www.muslm.net/vb/#_ftn6)) .
التنبيه الثاني : مفهوم قولنا ( لا إنكار في مسائل الاجتهاد ) :
فصَّل شيخ الإسلام ابن تيمية فيما نقله عن ابن مفلح في الآداب الشرعية حيث قال : ( وقولهم : ومسائل الخلاف لا إنكار فيها ، ليس بصحيح ، فإن الإنكار إما أن يتوجه إلى القول بالحكم أو بالعمل .
أما الأول : فإن كان القول يخالف سنة أو إجماعا قديما ، وجب إنكاره وفاقا وإن لم يكن كذلك ، فإنه ينكر – بمعنى بيان ضعفه – عند من يقول : المصيب واحدا ، وهم عامة السلف والفقهاء .
وأما العمل : إذا كان على خلاف سنة أو إجماع وجب إنكاره أيضا بحسب بدرجات الإنكار .
ثم قال : وأما إذا لم يكن في المسألة سنة ولا إجماع ، وللاجتهاد فيها مساغ ، فلا ينكر على من عمل به مجتهدا أو مقلدا .
ثم قال مشيرا إلى الاختلاف واللبس الواقع في هذه المسألة ما نصه :
وإنما دخل اللبس من جهة أن القائل يعتقد أن مسائل الخلاف هي مسائل الاجتهاد كما اعتقد ذلك طوائف من الناس .
والصواب الذي عليه الأئمة : إن مسائل الاجتهاد – ما لم يكن فيها دليل يجب العمل به وجوبا ظاهرا : مثل حديث صحيح لا معارض له من جنسه – فيسوغ إذا عدم ذلك الاجتهاد فيها لتعارض الأدلة المقاربة ، أو لخفاء الأدلة فيها([7] (http://www.muslm.net/vb/#_ftn7))
ومما سبق يتبين :
1-أن أهل البدعة من الداخلين في قوله تعالى (ولا يزالون مختلفين ) ،وهم بذلك بعيدين عن تمام الرحمة ..
2- أن الاختلاف الذي يوصف بأنه رحمة هو الدائر بين أهل الرحمة وهم أهل السنة والجماعة..
3- ليس كل مسألة خلافية يكون خلافها سائغ ...
4- تبيين الحق بالدليل ليس داخلاً في الانكار الذي ذمه العلماء ..
ملحوظة : استفدت في تخريج وتجميع الأقوال في هذه المسألة والمسألة السابقة من كتب : الاعتصام للشاطبي ، مجموع فتاوى شيخ الاسلام ، (مدخل إلى ترشيد العمل الإسلامي ) للدكتور صلاح الصاوي ، ( موقف ابن تيمية من الأشاعرة ) للدكتور عبد الرحمن المحمود ، (أهل السنة والجماعة ) محمد عبد الهادي المصري ،الرد الفصيح على المدعو علي صبيح لدكتور عطية عدلان
([1]) الاعتصام للشاطبي .
([2]) التحرير والتنوير لابن عاشور .
([3]) الموافقات للشاطبي : 4/155.
([4]) راجع الموافقات للشاطبي : 4/155-160.
([5]) راجع كلام ابن رجب السابق ، وكلام السيوطي في الأشباه والنظائر وقد سبق أيضا .
([6]) الموافقات للشاطبي : 4/171 / 172.
([7]) نقلا عن الاختلافات الفقهية : د/ محمد أبو الفتوح البيانوني : 84-85.
أهل السنة 07-08-2010, 06:12 AM المسألة السادسة : الأئمة الأربعة وقولهم أن (كل بدعة ضلالة)
إهداء للأستاذ مصطفى حسني ومساعديه الذي لم يرى مثلهم !!
أفرد مصطفى حسني فترة طويلة في الحلقة الثانية للرد على اعتراض وهمي وهو أن الإمام أحمد بيقول بقول وبعض شباب المنهج السلفي اتصلوا به يسألوه: ما دليل أحمد ؟! وكان رده (وازاي نقول للامام احمد ايه دليله ... الامام احمد امام اهل السنة ...ومن يسأل الامام احمد عن دليله لازم يكون على مستوى الامام احمد والا لا يسأل ) وانكر بشدة ان يُطلب من احمد الدليل لان احمد عارف كل الادلة ده وكان بيحفظها وزيادة ....
وعلى نفس المنوال نورد أقوال الأئمة الأربعة (بما في ذلك قول الامام احمد أيضاً !) في فهم أن (كل بدعة ضلالة) على عمومها وأن الاستحسان في دين الله تشريع في دين الله بما لم يشرعه الله، وهو عكس الأصل الذي أراد إثباته وهو ( تقسيم البدعة لحسنة ومذمومة):
1- قال ابن الماجِشون: سمعت مالكا يقول: "من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة؛ فقد زعم أن محمدا صلى الله عليه وسلم خان الرسالة؛ لأن الله يقول:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ } فما لم يكن يومئذ دينا؛ فلا يكون اليوم دينا"...
إيه رأي الاستاذ مصطفى في الامام مالك ..وهو شيخ الشافعي ... صاحب الهيبة والتعظيم للسنة ... ؟!
وايه رأيه في اعتبار الامام مالك من يقول (بدعة حسنة) أنه بهذا القول يتهم الرسول..؟!
2- والإمام الشافعي - رحمه الله - له كلمته المشهورة "من استحسن فقد شرع " ، وهي كلمة شديدة في مسألة الاستحسان في دين الله ، وقد أجراها مجرى القاعدة المطردة...
فهل يصلح أن نفهم كلام الشافعي في المحدثات مجتزئاً دون رده إلا هذه الأصل الذي أصله....
خاصةً وقد وصف في تعريفه للمحدثات النوع الأول المذموم بقوله (يخالف كتاباً أو سنة أو أثراً أو إجماعاً ) وهو منطبق على البدع كلها ، ثم وصف الثاني وحدَّه بقوله ( لا خلاف فيه لواحد من هذا) وهو ما تدخل تحته المصالح المرسلة..إذ هي محدثه ولا تخالف الأدلة وليست داخلة في الاستحسان الذي ذمه..(راجع الردود السابقة لمزيد تفصيل فيها)
3- أما الإمام أحمد فقال :[ أصول السنة عندنا : التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والاقتداء بهم وترك البدع وكل بدعة فهي ضلالة ] ...الامام احمد بيقول (كل بدعة ضلالة ) من أصول السنة ....
بس يا ترى..هل الامام احمد لم يكن يعلم الادلة التي ساقها الاستاذ مصطفى في أنه ليست كل بدعة ضلالة...؟!! .. يكفي ما قاله الاستاذ مصطفى في الحلقة الثانية عن مكانة أحمد وكونه امام أهل السنة ..وحفظه وفهمه..فكيف نخالفه بمن جاؤوا بعده..إلى آخر كلام الاستاذ مصطفى في الحلقة...
ويا ترى ما حكم من يخالف هذا أصل من أصول أهل السنة عند أحمد ..؟..
وأخيراً ..مش مفروض يا أستاذ مصطفى تذاكر كويس (زي ما بتطلب من مخالفيك في الحلقة ) لأن العلم (زي ما بتقول برده ) لا ينال براحة الجسد...قبل ما تتكلم على لسان أحمد في مسألة لتثبت أصل يعتبره الامام احمد مخالفاً لأصول السنة ..؟!
4- والإمام أبو حنيفة بيقول :[ علـيـك بـالأثـر وطريقة السلف وإياك وكل محدثة فإنها بدعة ] ...
يعني الأئمة الأربعة كلامهم بينص على إن (كل بدعة ضلالة) على إطلاقها ، إلا تقسيم الشافعي للمحدثات والذي ينبغي فهمه في ضوء قوله ( من استحسن فقد شرع) ...
وبعدين معاك يا استاذ مصطفى...بتنقل كلام العلماء في مسألة فرعية علشان تأصل أصل والعلماء نفسهم بيرفضوا الأصل الذي تريد تأصيله ...طيب حتى قول ...
عموماً العيب مش على حضرتك...العيب على العالم الحاصل على إجازات في كل العلوم متصلة .. ازاي يخليك تحضر حلقة وتطلع تقولها وترجع ترد في حلقة تانية ..من غير ما ينبهك إلى قاعدة بسيطة من قواعد الأمانة العلمية ، وهي أنه لا يجوز أن تأتي بقول عالم في مسألة لتوهم أنه يوافقك في مسألة أخرى ..وأنت تعلم أنه لا يوافقك فيها ..
(طبعاً المفروض إنه عارف آراء الأئمة الأربعة في المسائل المختلفة وإلا كان مدحك له زائف)..
وبالمناسبة اذكرك أن (كل بدعة ضلالة) والتي كررت أن القائلين بإطلاقها مخالفين لكلام أئمة كبار - مع إن الأئمة الأربعة على أن (كل بدعة ضلالة) - هي نص كلام الرسول صلى الله عليه وسلم مش كلام (ناس أحياء)!! ...
فلماذا لم توضح في حلقتك أن الجملة هي نص في حديث وأن أدلتك التي أوردتها علشان تقول إن النبي ...النبي صلى الله عليه وسلم...لم يكن يقصد...وإنه لما قالها كده باطلاق كان قصده انها مش مطلقة...!!!
يقول الشاطبي - الأصولي - : (وقد ثبت في الأصول العلمية أن كل قاعدة كلية أو دليل شرعي كلي؛ إذا تكررت في مواضع كثيرة وأوقات متفرقة وأحوال مختلفة، ولم يقترن بها تقييد ولا تخصيص فذلك دليل على بقائها على مقتضى لفظها العام المطلق. وأحاديث ذم البدع والتحذير منها من هذا القبيل، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يردد من فوق المنبر على ملأ من المسلمين في أوقات كثيرة وأحوال مختلفة أن ( كل بدعةٍ ضلالة ) ولم يأت في آية ولا حديث تقييد ولا تخصيص ولا ما يفهم منه خلاف ظاهر الكلية من العموم فيها، فدل ذلك دلالة واضحة على أنها على عمومها وإطلاقها. وقد اجمع السلف الصالح على ذمها وتقبيحها والهروب عنها وعمن اتسم بشيء منها، ولم يقع منهم في ذلك توقف ولا استثناء، فهو - بحسب الاستقراء - إجماع ثابت يدل دلالة واضحة على أن البدع كلها سيئة ليس فيها شيء حسن)
ايه رأيك ...في كلام الناس الأحياء دول..؟!!...واجماع الناس الأحياء...؟!(ابتسامة)
ولا أقول إلا : حسبنا الله ونعم الوكيل
أهل السنة 07-08-2010, 06:13 AM المسألة السابعة: الاستدلال بتقسيم العز بن عبد السلام
مما يكثر الاستدلال به عند محسني البدع ما نقله القرافي عن العز بن عبد السلام ...
ومع أن الأصل مناقشة هذا التقسيم كأي مسألة علمية تعرض على أصول الفهم والاستدلال الشرعي إلا أن محسني البدعة يحاولون تقوية ما يصيب أدلتهم من ضعف وجانبهم من هزال بالإيحاء – زوراً وبهتاناً – أن سلطاااان العلمااااء في صفهم ...
فدعونا أولاً ننقل كلام العز كما أورده الشاطبي – رحمه الله- ،ثم ننقل تعليقه وفيه الرد الوافي على من استدل بكلام العز – رحمه الله- .. يقول رحمه الله: (ومما يورد في هذا الموضع أن العلماء قسموا البدع بأقسام أحكام الشريعة الخمسة ولم يعدوها قسماً واحداً مذموماً ، فجعلوا منها ما هو واجب ومندوب ومباح ومكروه ومحرم ، وبسط ذلك القرافي بسطاً شافياً ـ وأصل ما أتى به من ذلك شيخه عز الدين بن عبد السلام ، وها أنا آتي به على نصه ـ فقال :
اعلم أن الأصحاب ـ فيما رأيت ، متفقون على إنكار البدع ، نص على ذلك ابن أبي زيد وغيره ، والحق التفصيل وأنها خمسة أقسام :
قسم واجب . وهو ما تناولته قواعد الوجوب وأدلته من الشرع ، كتدوين القرآن والشرائع إذا خيف عليها الضياع ، وأن التبليغ لمن بعدنا من القرون واجب إجماعاً ، وإهمال ذلك حرام إجماعاً فمثل هذا النوع لا ينبغي أن يختلف في وجوبه .
القسم الثاني المحرم : وهو كل بدعة تناولتها قواعد التحريم وأدلته من الشريعة ، كالمكوس والمحدثات من المظالم ، والمحدثات المنافية لقواعد الشريعة ، كتقديم الجهال على العلماء ، وتولية المناصب الشرعية من لا يصلح بطريق التوريث ، وجعل المستند في ذلك كون المنصب كان لأبيه ، وهو في نفسه ليس بأهل .
القسم الثالث : أن من البدع ما هو مندوب إليه ، وهو ما تنالولته قواعد الندب وأدلته ، كصلاة التراويح ، ولإقامة صور الأئمة والقضاة وولاة الأمور على خلاف ما كان عليه الصحابة رضوان الله عليهم ، بسبب أن المصالح والمقاصد الشرعية لا تحصل إلا بعظمة الولاة في نفوس الناس . وكان الناس في زمن الصحابة رضي الله عنهم معظم تعظيمهم إنما هو بالدين وسبق الهجرة .
ثم اختل النظام وذهب ذلك القرن ، وحدت قرن آخر لا يعظمون إلا بالصور فتعين تفخيم الصور حتى تحصل المصالح .
وقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يأكل خبز الشعير والملح ، ويفرض لعامله نصف شاة كل يوم ، لعلمه بأن الحالة التي هو عليها غيره لهان في نفوس الناس ولم يحترموه ، وتجاسروا عليه بالمخالفة ، فاحتاج إلى أن يضع غيره في صورة أخرى تحفظ النظام . ولذلك لما قدم الشام وجد معاوية بن أبي سفيان قد اتخذ الحجاب واتخذ المراكب النفسية والثياب الهائلة العلية ، وسلك ما سلكه الملوك ، فسأله عن ذلك ، فقال : إنا بأرض نحن فيها محتاجون لهذا . فقال له : لا آمرك ولا أنهاك . ومعناه أنت أعلم بحالك هل أنت محتاج إليه . فدل ذلك من عمر وغيره على أن أحوال الأئمة وولاة الأمور تختلف باختلاف الأمصار والقرون وأحوال . فكذلك يحتاج إلى تجديد زخارف وسيايات لم تكن قديمة ، وربما وجبت في بعض الأحوال .
القسم الرابع : بدعة مكروهة وهي ماتناولته أدلة الكراهة من الشريعة وقواعدها كتخصيص الأيام الفاضلة أو غيرها بنوع من العبادة . ولذلك ورد في الصحيح ـ خرجه مسلم وغيره :
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن تخصيص يوم الجمعة بصيام ،أو ليلة بقيام.
ومن هذا الباب الزيادة في المندوبات المحدودات .
كما ورد في التسبيح عقب الفريضة ثلاثاً وثلاثين ، فتفعل مائة .
وورد صاع في زكاة الفطر فيجعل عشرة أصواع ، بسبب أن الزيادة فيها إظهار الاستظهار على الشارع وقلة أدب معه . بل شأن العظماء إذا حددوا شيئاً وقف عنده وعد الخروج عنه قلة أدب .
ولازيادة في الواجب أو عليه أشد في المنع ، لأنه يؤدي إلى أن يعتقد أن الواجب هو الأصل والمزيد عليه ، ولذلك نهى مالك رضي الله عنه عن إيصال ستة أيام من شوال ، لئلا يعتقد أنها من رمضان وخرج أبو داود في سننه "أن رجلاً دخل إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى الفرض وقام ليصلي ركعتين ، فقال له عمر بن الخطاب رضي الله عنه : اجلس حتى تفصل بين فرضك ونفلك ، فهكذا من قبلنا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اصاب الله بك يا ابن الخطاب" يريد عمر أن من قبلنا وصلوا النوافل بالفرائض واعتقدوا الجميع واجباً ، وذلك تغيير للشرائع ، وهو حرام إجماعاً .
القسم الخامس : البدع المباحة ، وهي ما تناولته أدلة الإباحة وقواعدها من الشريعة ، كاتخاذ المناخل للدقيق ، ففي الآثار : أول شيء أحدثه الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم اتخاذ المناخل . لأن تليين العيش وإصلاحه من المباحات فوسائله مباحة .
فالبدعة إذا عرضت تعرض على قواعد الشرع وأدلته ، فأي شيء تناولها من الأدلة والقواعد ألحقت به من إيجاب أو تحريم أو غيرها . وإن نظر إليها من حيث الجملة بالنظر إلى كونها بدعةً مع قطع النظر فيما يتقاضاها كرهت ، فإن الخير كله في الاتباع ،والشر كله في الابتداع .
وذكر شيخه في قواعده في فصل البدع منها ـ بعد ما قسم أحكامها إلى الخمسة ـ أن الطريق في معرفة ذلك أن تعرض البدعة على قواعد الشريعة ، فإن دخلت في قواعد الإيجاب فهي واجبة إلى أن قال : وللبدع الواجبة أمثلة .
أحدها : الاشتغال بالذي يفهم به كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم ، وذلك واجب لأن حفظ الشريعة واجب .
والثاني : حفظ غريب الكتاب والسنة من اللغة .
والثالث : تدوين أصول الفقه .
والرابع : الكلام في الجرح والتعديل لتمييز الصحيح من السقيم .
ثم قال : والبدع المحرمة أمثلة ( منها ) مذهب القدرية ومذهب الجبرية والمرجئة والمجسمة . والرد على هؤلاء من البدع الواجبة .
قال : وللمندوب أمثلة . منها ( إحداث الربط والمدارس وبناء القناطر . ) ومنها ( كل إحسان لم يعهد في الصدر الأول . ) ومنها ( الكلام في دقائق التصوف والكلام في الجدل .) ومنها ( جمع المحافل ، للاستدلال في المسائل ، إن قصد بذلك وجهه تعالى .
قال : وللكراهة أمثلة .( ومنها ) زخرفة المساجد وتزويق المصاحف . وأما تلحين القرآن بحيث تتغير ألفاظه عن الوضع العربي فالأصح أنه من البدع المحرمة .
قال : وللبدع المباحة أمثلة . ( ومنها ) المصافحة عقب صلاة الصبح والعصر ، ( ومنها ) التوسع في اللذيذ من المأكل والمشرب والملابس والمساكن ، ولبس الطيالسة وتوسيع الأكمام . وقد اختلف في بعض ذلك ، فجعله بعض العلماء من البدع المكروهة ، وجعله آخرون من السنن المفعولة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فما بعده كالاستعاذة والبسملة في الصلاة . انتهى محصول ما قال . )انتهى النص وفيه بيان ما مقصود العز بالتقسيم مع الأمثلة ...
وللجواب على هذا الكلام ننقل من كلام الشاطبي النقاط التالية:
1- (أن هذا التقسيم أمر مخترع لا يدل عليه دليل شرعي بل هو نفسه متدافع ، لأن من حقيقة البدعة أن لا يدل عليها دليل شرعي لا من نصوص الشرع ولا من قواعده ، إذ لو كان هنالك ما يدل من الشرع على وجوب أو ندب أو إباحة لما كان ثم بدعة ، ولكان العمل داخلاً في عموم الأعمال المأمورة بها أو المخير فيها . فالجميع بين عد تلك الأشياء بدعاً ، وبين كون الأدلة تدل على وجوبها أو ندبها أو إباحتها جمع بين متنافيين)
2- (فما ذكر القرافي عن الأصحاب من الاتفاق على إنكار البدع صحيح ، وما قسمه فيها غير صحيح . ومن العجب حكاية الاتفاق مع المصادمة بالخلاف ومع معرفته بما يلزمه في خرق الإجماع ، وكأنه إنما اتبع في هذا التقسيم شيخه من غير تأمل)
وانتبه إلى نقل القرافي الإتفاق على خلاف قوله (تقسيم البدعة) بينما نص مصطفى حسني في حلقته أن تحسين البدعة هو كلام غالب العلماء (9 من 13)
3- (فإن ابن عبد السلام ظاهر منه أنه سمى المصالح المرسلة بدعاً ، بناءً ـ والله أعلم ـ على أنها لم تدخل أعيانها تحت النصوص المعينة . وإن كانت تلائم قواعد الشرع . فمن هنالك جعل القواعد هي الدالة على استحسانها بتسمية لها بلفظ البدع وهو من حيث فقدان الدليل المعين على المسألة ، واستحسانها من حيث دخولها تحت القواعد . ولما بنى على اعتماد تلك القواعد استوت عنده مع الأعمال الداخلة تحت النصوص المعينة . وصار من القائلين بالمصالح المرسلة ، وسماها بدعاً في اللفظ ، كما سمى عمر رضي الله عنه الجمع في قيام رمضان في المسجد بدعة..)
4- (وأما قسم المندوب فليس من البدع بحال وتبيين ذلك بالنظر في الأمثلة التي مثل لها بصلاة التراويح في رمضان جماعة في المسجد . فقد قام بها النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد واجتمع الناس خلفه . فخرج أبو داود عن أبي ذر قال : "صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رمضان ، فلم يقم بنا شيئاً من الشهر حتى بقي سبع ، فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل ، فلما كانت السادسة لم يقم بنا ؟ فلما كانت الخامسة قام بنا حتى ذهب شطر الليل فقلنا : يا رسول الله لو نفلتنا قيام هذه الليلة ؟ ـ قال ـ فقال : إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف حسب له قيام الليلة ، قال : فلما كانت الرابعة لم يقم ، فلما كانت الثالثة جمع أهله ونساءه والناس ، فقام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح ـ قال ـ قلت : وما الفلاح ؟ قال : السحور ". ثم لم يقم بنا بقية الشهر ، ونحوه في الترمذي ، وقال فيه حسنً صحيح
لكنه صلى الله عليه وسلم لما خاف افتراضه على الأمة أمسك عن ذلك ، ففي الصحيح عن عائشة رضي الله عنها : "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في المسجد ذات ليلة فصلى بصلاته ناس ، ثم صلى القابلة فكثر الناس ثم اجتمعوا الليلة الثالثة أو الرابعة فلم يخرج إليهم النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما أصبح قال : قد رأيت الذي صنعتم ، فلم يمنعني من الخروج إلا أني خشيت أن يفرض عليكم " ، وذلك في رمضان ، وخرجه مالك في الموطأ . فتأملوا ففي هذا الحديث ما يدل على كونها سنة ، فإن قيامه أولاً بهم دليل على صحة القيام في المسجد جماعة في رمضان وامتناعه بعد ذلك من الخروج خشية الافتراض لا يدل على امتناعه مطلقاً ، لأن زمانه كان زمان وحي وتشريع ، فيمكن أن يوحى إليه إذا عمل به الناس بالألزام ، فلما زالت علة التشريع بموت رسول الله صلى الله عليه وسلم رجع الأمر إلى أصله ، وقد ثبت الجواز فلا ناسخ له .
وإنما لم يقم ذلك أبو بكر رضي الله عنه لأحد أمرين : إما لأنه رأى أن قيام الناس آخر الليل وما هم به عليه كان أفضل عنده من جمعهم على إمام أول الليل ذكره الطرطوشي ، وإما لضيق زمانه رضي الله عنه عن النظر في هذه الفروع ، مع شغله بأهل الردة وغير ذلك مما هو أوكد من صلاة التراويح .
فلما تمهد الإسلام في زمن عمر رضي الله عنه ورأى الناس في المسجد أوزاعاً ـ كما جاء في الخبر ـ قال : لو جمعت الناس على قارىء واحد لكان أمثل ، فلما تم له ذلك نبه على أن قيامهم آخر الليل أفضل ، ثم اتفق السلف على صحة ذلك وإقراره ، والأمة لا تجتمع على ضلالة .
وقد نص الأصوليون أن الإجماع لا يكون إلا عن دليل شرعي .
فإن قيل : فقد سماها عمر رضي الله عنه بدعة وحسنها بقوله : نعمت البدعة هذه وإذا ثبتت بدعة مستحسنة في الشرع ثبت مطلق الاستحسان في البدع .
فالجواب : إنما سماها بدعة باعتبار ظاهر الحال من حيث تركها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واتفق أن لم تقع في زمان أبي بكر رضي الله عنه ، لا أنها بدعة في المعنى ، فمن سماها بدعة بهذا الاعتبار فلا مشاحة في الأسامي ، وعند ذلك فلا يجوز أن يستدل بها على جواز الابتداع بالمعنى المتكلم فيه ، لأنه نوع من تحريف الكلم عن مواضعه ، فقد قالت عائشة رضي الله تعالى عنها : إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدع العمل وهو يحب أن يعمل به خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم . )
5-(وذكر القرافي من جملة الأمثلة إقامة صور الأئمة والقضاة إلخ ما قال ، وليس ذلك من قبيل البدع بسبيل ، أما أولاً فإن التجمل بالنسبة إلى ذوي الهيئات والمناصب الرفيعة مطلوب ، وقد كان للنبي صلى الله عليه وسلم حلة يتجمل بها للوفود ، ومن العلة في ذلك ما قاله القرافي من أن ذلك أهيب وأوقع في النفوس ، من تعظيم العظماء ، ومثله التجمل للقاء العظماء كما جاء في حديث أشج عبد القيس ، وأما ثانياً : فإن سلمنا أن لا دليل عليه بخصوصه فهو من قبيل المصالح المرسلة ، وقد مر أنها ثابتة في الشرع .)
6-(أما المكروه منها والمحرم فمسلم من جهة كونها بدعاً لا من جهة أخرى ، إذ لو دل دليل على منع أمر أو كراهته لم يثبت ذلك كونه بدعة ، لإمكان أن يكون معصية ، كالقتل والسرقة وشرب الخمر ونحوها . فلا بدعة يتصور فيها ذلك التقسيم البتة ، إلا الكراهية والتحريم حسبما يذكر في بابه )
7-(وذكر في قسم المكروه أشياء هي من قبيل البدع في الجملة ولا كلام فيها ، أو من قبيل الاحتياط على العبادات المحضة أن لا يزداد فيها ولا ينقص منها ، وذلك صحيح ، لأن الزيادة فيها والنقصان منها بدع منكرة . فحالتها وذرائعها يحتاط بها في جانب النهي .)
8-(وذكر في قسم المباح مسألة المناخل ، وليست ـ في الحقيقة ـ من البدع بل هي من باب التنعم ، ولا يقال فيمن تنعم بمباح : إنه قد ابتدع ، وإنما يرجع ذلك ـ إذا اعتبر ـ إلى جهة الإسراف في المأكل ، لأن الإسراف كما يكون في جهة الكمية يكون في جهة الكيفية ، فالمناخل لا تعدو القسمين ، فإن كان الإسراف من ماله ، فإن كره ، وإلا اغتفر مع أن الأصل الحواز .)
9- (وأما ما قاله عز الدين ، فالكلام فيه على ما تقدم ، فأمثلة الواجب منها من قِبَل ما لا يتم الواجب إلا به ـ كما قال ـ فلا يشترط أن يكون معمولاً به في السلف ولا أن يكون له أصل في الشريعة على الخصوص ، لأنه من باب المصالح المرسلة لا البدع)
10-(أما القرافي فلا عذر له في نقل تلك الأقسام على غير مراد شيخه ، ولا على مراد الناس ، لأنه خالف الكل في ذلك التقسيم فصار مخالفاً للإجماع)
11-(وقوله : فكذلك يحتاجون إلى تجديد زخارف وسياسات لم تكن قديمة ، وربما وجبت في بعض الأحوال ، مفتقر إلى التأمل ، ففيه ـ على الجملة ـ أنه مناقض لقوله في آخر الفصل : الخير كله في الاتباع ، والشر كله في الابتداع مع ما ذكره قبله .
فهذا كلام يقتضي أن الابتداع شر كله ، فلا يمكن أن يجتمع مع فرض الوجوب . وهو قد ذكر أن البدعة قد تجب ، وإذا وجبت لزم العمل بها ، وهي لما فاتت ضمن الشر كله فقد اجتمع فيها الأمر بها والأمر بتركها ، ولا يمكن فيهما الانفكاك ـ وإن كانا من جهتين ـ لأن الوقوع يستلزم الاجتماع ، وليسا كالصلاة في الدار المغصوبة . لأن الانفكاك في الوقوع ممكن ، وها هنا إذا وجبت فإنما تجب على الخصوص ، وقد فرض أن الشر فيها على الخصوص فلزم التناقض ، وأما على التفصيل فإن تجديد الزخارف فيه من الخطأ ما لا يخفى .
وأما السياسات ، فإن كانت جارية على مقتضى الدليل الشرعي فليست ببدع ، وإن خرجت عن ذلك فكيف يندب إليها ؟ وهي مسألة النزاع)
ومما سبق يظهر أن تقسم العز رحمه الله أدخل فيه المصلحة المرسلة ، وأنه أعم مما يستدلون عليه إذ ظاهر كلامه - رحمه الله – أنه قصد المعنى اللغوي وليس المعنى الشرعي ،ومما يُثبت ذلك الأمثلة التي أورده رحمه الله ليبين مقصوده ...
هذا والله أعلم
أهل السنة 07-08-2010, 06:15 AM المسألة الثامنة: كبار علماء الأزهر الشريف وفتاويهم الموافقة لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب
وكبداية لنقض الشبهة التي يثرها أفراخ علي جمعة على منهج السلف ،وأنهم أتباع الدعوة النجدية (الشيخ محمد عبد الوهاب) وعلى حد تعبير (علي جمعة ) (عاملين زي المسمار..)...مخالفين لإجماع الأمة من (طنجا لجاكرتا..ومن غانا لفرغانا)...
نبدأ بإيراد بعض فتاوى علماء الأزهر الشريف التي توافق ما يذهب إليه (أهل السنة والجماعة) ويخالف كلام (علي جمعة ) لنتساءل هل عبد المجيد سليم ومحمد شلتوت وحسن مأمون وأحمد الباقوري وعطية صقر..طالعين لعلي جمعة (زي المسمار) ...
ونبدأ أولاً بكلام الشيخ عبد المجيد سليم في (فتاوى كبار علماء الأزهر الشريف ):
الفتوى الأولى : التركيبة والبناء على القبر غير جائز شرعا
المفتي :عبد المجيد سليم .
محرم 1347 هجرية 2 يوليو 1928 م
المبادئ
1 - يحرم رفع البناء بتركيبة أو غيرها على القبر إذا كان ذلك للزينة ويكره إذا كان للإحكام بعد الدفن .
كما تكره الزيادة العظيمة من التراب على القبر لأن ذلك بمنزلة البناء .
2 - الوصية بأن يطين القبر أو يوضع عليه قبة باطلة إلا فى حالة ما إذا كان يخشى على الميت من سبع ونحوه فإن التطيين فى هذه الحالة يكون مباحا ولا شىء فيه .
3 - الوصية بمبلغ لشراء تركيبة ووضعها على القبر باطلة ويصرف المبلغ على الفقراء والمساكين إلا إذا كان بالوصية نص يقتضى الصرف إلى غيرهم
السؤال
من أحمد أفندى الحاضر عنه محمد أفندى فى أن الست عائشة والدتنا بنت عبد الرحمن وقفت وقفا وقررت فيه أنه بعد وفاتها يعمل تركيتين رخام من إيراد الوقف توضع إحداهما فوق قبرها والأخرى فوق قبر المرحوم على أفندى الدالى زوجها المتوفى قبلها وهو والدنا بمبلغ من 30 جنيه إلى أربعين جنيه للتركيبتين الرخام، وبصفتى ناظرا للوقف ومكلفا بالقيام بتنفيذ هذه الوصية سمعت همسا من أحد حضرات القضاة الشرعيين بأن هذا محرم وغير جائز شرعا وكيف يحصل التصرف فى المبلغ الذى تقرر لهذا العمل
الجواب
اعلم أنه يحرم رفع البناء على القبر لو للزينة، وبكره للإحكام بعد الدفن، بل تكره الزيادة العظيمة من التراب على القبر، لأنه بمنزلة البناء وهو منهى عنه، لما فى صحيح مسلم عن جابر قال نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يجصص القبر وأن يبنى عليه ا هجرية من الدر المختار وحاشيته رد المحتار وفى الفتاوى الهندية .
وإذا أوصى بأن يطين قبره أو توضع على قبره قبة فالوصية باطلة إلا أن يكون فى موضع يحتاج إلى التطيين لخوف سبع أو نحوه - وبناء على ذلك فوضع التركيبتين لا يجوز شرعا، ومتى كان الأمر كذلك بطل شرط الواقفة شراءهما بالمبلغ الذى عينته، ووجب صرف هذا المبلغ إلى الفقراء لأن ما بطل صرفه إلى الجهة التى عينها الواقف صرف إلى الفقراء، وهذا إذا لم يكن فى حجة الوقف التى لم يرسلها المستفتى إلينا ما يقضى بصرفه فى جهة أخرى غير الفقراء واللّه أعلم
الفتوى الثانية: الدفن فى المسجد غير جائز
المفتي :عبد المجيد سليم .
جمادى الأولى 1359 هجرية - 22 من يونيه 1940 م
المبادئ
1 - لا يجوز دفن الموتى فى المساجد .
2 - إذا دفن الميت فى المسجد نبش عند الإمام أحمد
السؤال
كتبت وزارة الأوقاف ما يأتى - يوجد بوسط مسجد عز الدين أيبك قبران ورد ذكرهما فى الخطط التوفيقية وتقام الشعائر أمامهما وخلفهما .
وقد طلب رئيس هذا المسجد إلى محافظة مصر دفنه فى أحد هذين القبرين لأن جدة الذى جدد بناء المسجد مدفون بأحدهما .
فنرجو التفضل ببيان الحكم الشرعى فى ذلك
الجواب
اطلعنا على كتاب الوزارة رقم 2723 المؤرخ 21 - 3 - 1940 المطلوب به بيان الحكم الشرعى فيما طلبه رئيس خدم مسجد عز الدين أيبك من دفنه فى أحد القبرين اللذين بهذا المسجد .
ونفيد أنه قد أفتى شيخ الإسلام ابن تيمية بأنه لا يجوز أن يدفن فى المسجد ميت لا صغير ولا كبير ولا جليل ولا غيره .
فإن المساجد لا يجوز تشبيهها بالمقابر .
وقال فى فتوى أخرى إنه لا يجوز دفن ميت فى مسجد فإن كان المسجد قبل الدفن غير إما بتسوية القبر وإما بنبشه إن كان جديدا الخ وذلك لأن فى الدفن فى المسجد إخراجا لجزء من المسجد عما جعل له من صلاة المكتوبات وتوابعها من النفل والذكر وتدريس العلم وذلك غير جائز شرعا .
ولأن اتخاذ قبر فى المسجد على هذا الوجه الوارد فى السؤال يؤدى إلى الصلاة إلى هذا القبر أو عنده .
وقد وردت أحاديث كثيرة دالة على حظر ذلك قال شيخ الإسلام إبن تيمية .
فى كتابه انقضاء الصراط المستقيم صفحة 158 ما نصه إن النصوص عن النبى صلى اللّه عليه وسلم تواترت بالنهى عن الصلاة عند القبور مطلقا واتخاذها مساجد أو بناء المساجد عليها .
ومن الأحاديث ما رواه مسلم عن أبى مرثد قال سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها .
وقال ابن القيم نص الإمام أحمد وغيره على أنه إذا دفن الميت فى المسجد نبش وقال - أى ابن تيمية - لا يجتمع فى دين الإسلام مسجد وقبر بل أيهما طرأ على الآخر منع منه وكان الحكم للسابق إلى آخر ما قال فى كتابه زاد المعاد .
وقال الإمام النووى فى شرح المهذب صفحة 316 ما نصه اتفقت نصوص الشافعى والأصحاب على كراهة بناء مسجد على القبر سواء كان الميت مشهورا بالصلاح أو غيره لعموم الأحاديث .
قال الشافعى والأصحاب - وتكره الصلاة إلى القبور سواء كان الميت صالحا أو غيره قال الحافظ أبو موسى قال الإمام الزعفرانى رحمه اللّه .
ولا يصلى إلى قبر ولا عنده تبركا به ولا إعظاما له للأحاديث وقد نص الحنفية على كراهة صلاة الجنازة فى المسجد لقوله عليه الصلاة والسلام من صلى على جنازة فى المسجد فلا أجر له وعلل صاحب الهداية .
هذه الكراهة بعلتين إحداهما أن المسجد بنى لأداء المكتوبات يعنى وتوابعها من النوافل والذكر وتدريس العلم .
وإذا كانت صلاة الجنازة فى المسجد مكروهة للعلة المذكورة كراهة تحريم كما هو إحدى الروايتين وهى التى اختارها العلامة قاسم وغيره كان الدفن فى المسجد أولى بالحظر لأن الدفن فى المسجد فيه إخراج الجزء المدفون فيه عما جعل له المسجد من صلاة المكتوبات وتوابعها .
وهذا مما لا شك فى عدم جوازه شرعا . وبما ذكرنا علم الجواب عن السؤال متى كان الحال كما ذكر
القتوى الثالثة: حكم النذر على الأضرحة والأولياء
المفتي: عبد المجيد سليم .
محرم 1364 هجرية 25 ديسمبر 1944 م
المبادئ
1 - النذر لأصحاب الأضرحة والأولياء والصالحين باطل بالإجماع لأنه نذر لمخلوق وهو غير جائز لأن النذر عبادة وهى لا تكون لمخلوق أبدا ولأن المنذور له ميت والميت لا يملك .
2 - إذا ظن الناذر أن الميت يتصرف فى الأمور دون اللّه سبحانه وتعالى واعتقده كان ذلك كفرا والعياذ باللّه إلا إذا قال إنه ينذر لله سبحانه وتعالى إذا شفى مريضه أو قضيت حاجته أن يطعم الفقراء الواقفين بباب السيدة نفيسة أو الإمام الشافعى الخ مما يكون فيه نفع الفقراء فيكون جائز .
3 - لا يجوز صرف النذر لغنى غير محتاج ولا لشريف ذى منصب ولا الذى علم من أجل علمه ما لم يكن كل هؤلاء فقراء .
4 - إذا كان النذر لغير اللّه تعالى فهو حرام والمال المنذور يجب رده إلى صاحبه إن علم وإلا يكون من قبيل المال الضائع الذى لا يعلم له مستحق فيصرف على مصالح المسلمين أو على الفقراء .
5 - التنازل عن الحق فى صندوق النذور باطل لأن الحق فيه لم يثبت شرعا حتى يمكن التنازل عنه وعلى فرض أن له حقا فيه فهذا من الحقوق التى لا تقبل التنازل أو التمليك أو التى تنتقل بالإرث
السؤال
سيدة لها حصة فى صندوق النذور والصدقات بضريح أحد الأولياء قد تنازلت هذا السيدة عن هذه الحصة لأولاد بنتها .
فهل يصح هذا التنازل شرعا وهل هذه الصدقات والنذور تورث
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال ونفيد بأنه قد جاء فى البحر قبيل باب الاعتكاف من الجزء الثالث نقلا عن الشيخ قاسم وفى شرح الدرر ما نصه - وأما النذر الذى ينذره أكثر العوام على ما هو مشاهد كأنه يكون لإنسان غالب أو مريض أو له حاجة ضرورية فيأتى بعض الصلحاء فيجعل سترة على رأسه فيقول يا سيدى فلان إن رد غائبى أو عوفى مريضى أو قضيت حاجتى فلك من الذهب كذا، من الفضة كذا، أو من الطعام كذا، أو من الماء كذا أو من الشمع كذا، أو من الزيت كذا .
فهذا النذر باطل بالإجماع لوجوه .
منها أنه نذر لمخلوق والنذر للمخلوق لا يجوز لأنه عبادة والعبادة لا تكون للمخلوق .
ومنها أن المنذور له ميت والميت لا يملك .
ومنها أن ظن (ولعل الصواب أنه ظن) . أن الميت يتصرف فى الأمور دون اللّه تعالى واعتقاده ذلك كفر اللهم إلا إن قال يا ألله إنى نذرت لك إن شفيت مريضى أو رددت غائبى أو قضيت حاجتى أن أطعم الفقراء الذين بباب السيدة نفيسة أو الفقراء الذين بباب الإمام الشافعى أو بباب الإمام الليث أو أشترى حصرا لمساجدهم أو زيتا لوقودها أو دراهم لمن يقوم بشعائرها إلى غير ذلك مما يكون فيه نفع للفقراء والنذر لله عز وجل .
وذكر الشيخ إنما هو محل لصرف النذر لمستحقيه القاطنين برباطه أو مسجده أو جامعه فيجوز بهذا الاعتبار إذ مصرف النذر الفقراء وقد وجد المصرف ولا يجوز أن يصرف ذلك لغنى غير محتاج ولا لشريف ذى منصب لأنه لا يحل له الأخذ مالم يكن محتاجا فقيرا ولا الذى النسب لأجل نسبه مالم يكن فقيرا ولا لذى علم لأجل علمه مالم يكن فقيرا .
ولم يثبت فى الشرع جواز الصرف للأغنياء للإجماع على حرمة النذر للمخلوق ولا ينعقد ولا تشغل الذمة به ولأنه حرام بل سحت ولا يجوز لخادم الشيخ أخذه ولا أكله ولا التصرف فيه بوجه من الوجوه إلا أن يكون فقيرا أو له عيال فقراء عاجزون عن الكسب وهم مضطرون فيأخذونه على سبيل الصدقة المبتدأة، فأخذه أيضا مكروه مالم يقصد به الناذر التقرب إلى اللّه تعالى وصرفه إلى الفقراء بقطع النظر عن نذر الشيخ .
فإذا علم هذا . فما يؤخذ من الدراهم والشمع والزيت وغيرها وينقل إلى ضرائح الأولياء تقربا إليهم فحرام بإجماع المسلمين مالم يقصدوا صرفه للفقراء الأحياء قولا واحدا انتهى - والظاهر لنا أن هؤلاء العوام وإن قالوا بألسنتهم إنى نذرت لله أو تصدقت لله فمقصدهم فى الواقع ونفس الأمر إنما هو التقرب إلى الأولياء والصالحين وليس مقصدهم التقرب إلى اللّه تعالى وحده ولم يبتغوا بذلك وجهه .
ولقد صدق حضرة صاحب الفضيلة الشيخ عبد الرحمن قراعة رحمه اللّه تعالى إذ يقول فى رسالته التى ألفها فى النذور وأحكامها ما أشبه ما يقدمون من قربان وما ينذرون من نذور وما يعتقدون فى الأضرحة وساكنيها بما كان يصنع المشركون فى الجاهلية وما يغنى عنهم نفى الشرك عنهم بألسنتهم .
وأفعالهم تنبئ عما يعتقدون من أن هؤلاء الأولياء لهم نافعون ولأعدائهم ضارون انتهى وقد جاء فى سبل السلام شرح بلوغ المرام ما نصه وأما النذور المعروفة فى هذه الأزمنة على القبور والمشاهد والأموات فلا كلام فى تحريمها لأن الناذر يعتقد فى صاحب القبر أنه ينفع ويضر ويجلب الخير ويدفع الشر ويعافى الأليم ويشفى السقيم وهذا هو الذى كان يفعله عباد الأوثان بعينه فيحرم كما يحرم النذر على الوثن ويحرم قبضه لأنه تقرير على الشرك ويجب النهى عنه وإبانة أنه من أعظم المحرمات وأنه الذى كان يفعله عباد الأصنام .
لكن طال الأمد حتى صار المعروف منكرا والمنكر معروف انتهى وجاء فى الروضة الندية وشرحا ومنه رأى من النذر غير الصحيح النذر على القبور لكون ذلك ليس من النذر فى الطاعة ولا من النذر الذى يبتغى به وجه اللّه تعالى بل قد يكون من النذر فى المعصية إذا كان يسبب عنه اعتقاد فاسد فى صاحب القبر كما يتفق ذلك كثيرا انتهى ولو عبر صاحب الروضة بقوله بل هو نذر فى المعصية إذ يتسبب عنه اعتقاد فاسد فى صاحب القبر لكانت العبارة أو فى بما هو الواقع عند العوام وقد أطال القول فى ذلك الشوكانى فى رسالته المسماة شرح الصدور فى تحريم رفع القبور ولولا خشية الملل لذكرناه .
وما ذكرناه فيه الكفاية . مما ذكر يتبين أن نذر العوام لأرباب الأضرحة أو التصدق لهم تقربا إليهم وهو ما يقصده هؤلاء الجهلة مما ينذرونه أو يتصدقون به حرام بإجماع المسلمين والمال المنذور أو المتصدق به يجب رده لصاحبه إن علم .
فإن لم يعلم فهو من قبيل المال الضائع الذى لا يعلم له مستحق فيصرف على مصالح المسلمين أو على الفقراء ولا يتعين فقير بصرفه إليه فليس لفقير معين ولو كان خادما للضريح أو قريبا لصاحبه حق فيه قبل القبض .
ومن قبض منهما شيئا وكان فقيرا فإنما تملكه بالقبض ولا يجوز لغنى أن يتناول منه شيئا فإذا تنازل منه شيئا لا يملكه ووجب رده على مصارفه .
ومن هذا يعلم أنه ليس للمتنازلة المذكورة حق فيما يوضع فى الصندوق المذكور من الأموال فإذا تنازلت فإنما تتنازل عن شىء لم يثبت لها شرعا .
وعلى فرض أن لها حقا فيه فليس هذا الحق من الحقوق التى تقبل التنازل والتمليك أو التى تنتقل بالإرث عنها لورثتها .
وبهذا علم الجواب عن السؤال .
تاريخ التسجيل: Nov 2005
المشاركات: 844
الفتوى الرابعة :التمائم
المفتي : عطية صقر .مايو 1997
المبادئ:القرآن والسنة
السؤال: ما حكم الدين فى التمائم ؟
الجواب: التمائم جمع تميمة، قال الحافظ المنذرى : يقال إنها خرزة كانوا يعلقونها ، يرون أنها تدفع عنهم الآفات . واعتقاد هذا الرأى جهل وضلالة ، إذ لا مانع إلا اللَّه ، ولا دافع غيره . ذكره الخطابى (الترغيب والترهيب : ج 4 ص 96 ) .
فالنهى عنها عند اعتقاد أنها تؤثر بنفسها ، فذلك شرك وبدون هذا الاعتقاد جهالة ، جاء فى الحديث " من علق تميمة فلا أتم اللَّه له ، ومن علق ودعة فلا أودع اللَّه له " (رواه أحمد وأبو يعلى بإسناد جيد والحاكم وصححه ). وفى حديث آخر ( من علق فقد أشرك "(رواه أحمد برواة ثقات ) وعن عائشة رضى اللّه عنها قالت :
ليست التميمة ما يعلق به بعد البلاء، إنما التميمة ما يعلق به قبل البلاء (رواه الحاكم وصححه) .
ويؤخذ من كلام المنذرى أن التميمة خرزة ، وفى الحديث ذكر التميمة والودعة ، فهل هما شىء واحد؟ وإذا كان ذلك فلملذا التكرار والعطف يقتضى المغايرة ؟ وقد يجاب على ذلك بان الودعة هى الخرزة الصدفية المعروفة التى تتكون فى البحار، والتميمة كل شىء يعلق من أية مادة تكون ، كقطعة خشب أو خرقة أو غيرهما ، مما يعتقد الجهلة منفعته . وتفسير عائشة يدل على أنها كانت للحفظ من الإصابة ودفع الشر، وليست للاستشفاء من مرض واقع .
ومهما يكن من شىء فإن أعتقاد أن هذه الأشياء تؤثر بنفسها دون توقف على إرادة الله تعالى يتنافى مع الإيمان .
ومثل التمائم ما يعرف بالأحجبة ، وهى كتابات تعلق بقصد دفع الشر أو رفعه ، فإن كانت كلمات من القرآن الكريم أو ذكر اللَّه تعالى ، مع اعتقاد أنها لا تؤثر إلا بإرادته سبحانه فلا يؤثر ذلك على الإيمان ، مع التنبيه على صيانة كلام اللَّه تعالى من كل ما يخل بتوقيره ، ومع التوصية بطلب العلاج عند المختصين .
وجاء فى زاد المعاد لابن القيم (ج 4 ص 119) أن جماعة من السلف أجازوا كتابة شىء من القرآن ثم إذابته بالماء والتداوى به سقيا أو غسلا، روى ذلكُ عن مجاهد ومثله عن أبى قلابة ، ويذكر عن ابن عباس أنه أمر أن يكتب لامرأة يعسر عليها ولادها أثر من القرآن ثم يغسل ويسقى .
وجاء فى " الفتاوى الإسلامية " ( ج 10 ص 3567): اختلف العلماء فى جواز كتابة بعض آيات من القراَن أو أسماء لتكون تمائم ، فقالت طائفة بجوازه ، ونسبوا هذا إلى عمرو بن العاص وأبى جعفر الباقر، رواية عن الإمام أحمد، وقالت طائفة بمنعه لحديث أحمد " من علق تميمة . . . " وجزم كثير من العلماء بقول الطائفة الأخيرة، لعموم هذا النص ، وسدا للذريعة حتى لا يكبر الصغار وهم يعتقدون أن التمائم هى التى تشفى وتحفظ دون إرادة اللَّه . ولا يحل لمسلم أن يأخذ أجرا على كتابة هذه الآيات ، وليس هناك حديث يقول " خذ من القرآن ما شئت لما شئت " .
ويراجع فى ذلك تفسير القرطبى ( ج 10 ص 318)
واللّه سبحانه وتعالى أعلم
(استفدت في هذه المسألة بجمع طيب أشرف عليه د.محمد يسري ووقدم له هو والشيخ عبد الله شاكر وعدد من أهل العلم عن فتاوى كبار علماء الأزهر الشريف في الأضرحة والنذور)
أهل السنة 07-08-2010, 06:18 AM ماذا قال الشيخ عطية صقر في تعريف البدعة؟!
استوقفني أن مصطفى حسني ذكر في حلقته أن البدعة لها 19 تعريف وأنه سيذكر 13 منهم...
بينما الشيخ أبو اسحاق قال له أن العلماء لهم تعريفان فقط للبدعة وأن كل ما ذكره هو ما يوافق أحدهم ،وهو تحرير علمي دقيق يغفل عنه من يدافعون عن حسني
وقد وقفت للشيخ عطية صقر في فتاوى كبار علماء الأزهر على كلام يوافق كلام الشيخ أبي إسحاق حفظه الله حيث قال :
( وتحديد مفهوم البدعة التى هى ضلالة فى النار فيه صعوبة. ومن ركام التعريفات التى ملئت بها الكتب أستطيع أن أقول : إن للعلماء فى تعريف البدعة منهجين ، أولهما لغوى عام ، والآخر اصطلاحى خاص .
ا - فأصحاب المنهج الأول نظروا إلى مادة "البدعة " التى تدل على اختراع على غير مثال سبق فعرفوها بأنها ما أحدث بعد النبى صلى الله عليه وسلم وبعد القرون المشهود لها بالخير .
وهذا التعريف يدخل فيه ما كان خيرا وما كان شرا ، وما كان عبادة وما كان غير عبادة ، والذى حملهم على هذا التعريف الشامل ورود لفظ البدعة مرة محمولا عليه الذم ، ومرة محمولا عليه المدح ، وبهذا عرف أن البدعة قد تكون ممدوحة وقد تكون مذمومة ، قال الشافعى رضى الله عنه : المحدثات من الأمور ضربان ، أحدهما ما أحدث يخالف كتابا أو سنة أو أثرا أو إجماعا ، فهذه البدعة الضلالة ، والثانى ما أحدث من الخير وهذه محدثة غير مذمومة .
وعلى هذه الطريقة فى تعريف البدعة وشمولها للممدوح والمذموم جرى عز الدين بن عبد السلام ، فقسم البدعة إلى واجبة كوضع العلوم العربية وتعليمها ، وإلى مندوبة كإقامة المدارس ، ومحرمة كتلحين القرآن بما يغير ألفاظه عن الوضع العربى ، ومكروهة كتزويق المساجد ومباحة كوضع الأطعمة ألوانا على المائدة .
2- وأصحاب المنهج الثانى عرفوا البدعة بأنها الطريقة المخترعة على أنها من الدين وليست من الدين فى شىء ، أو بأنها طريقة فى الدين مخترعة تضاهى الطريقة الشرعية ويقصد بالسلوك عليها ما يقصد بالطريقة الشرعية ، ويدخل فيها العبادات وغيرها وقصرها بعضهم على العبادات ، وعلى هذا التعريف تكون البدعة مذمومة على كل حال ولا يدخل فى تقسيمها واجب ولا مندوب ولا مباح . وعلى هذا المعنى يحمل الحديث "كل بدعة ضلالة" ويحمل قول مالك رضى اللّه عنه : من ابتدع فى الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمدا صلى الله عليه وسلم خان الرسالة ، لأن اللّه قال {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينا} المائدة : 3 ، وأصحاب هذا المنهج يحملون قول عمر فى صلاة التراويح على المعنى اللغوى .)
فالشيخ عطية صقر يقول عن كلام الشافعي والعز أنه تعريف لغوي عام للبدعة ، فما رأي مصطفى حسني ومن يدافع عنه في هذا الكلام؟! أم أن الشيخ عطية صقر ليس أصولياً (محدث بس مثلاً) ،أم أنه كالمعتاد سنقوم بالهروب من هذه النقطة ونأتي بفتاوى أخرى للشيخ عطية للتشويش والتشتيت؟!
منقول
أبو إسراء A 08-08-2010, 06:40 PM جزاك الله خيرا ، وبارك فيك.
Mr. Medhat Salah 08-08-2010, 07:33 PM بارك الله فيك
أهل السنة 08-08-2010, 09:59 PM بارك الله فيكم
Mido Elbaz 10-08-2010, 10:59 AM تحياتي لك وشكرا علي الموضوع
شفاء الأسقام 10-08-2010, 11:04 AM لنا عودة إن شاء الله
شفاء الأسقام 13-08-2010, 10:40 PM لنا عودة إن شاء الله
بعد الشهر الكريم والعيد
أهل السنة 13-08-2010, 10:52 PM جزاكم الله خيرا
eng refa3y 14-08-2010, 12:33 AM حبيب قلبى
الموضوع مقرتهوش
لكن ده عايز يتقرى واحده واحده
لانى كنت محتاجه جدا
وكنت هتعب عشان احضر موضوع زى ده
ممممممممشكووووووووووووووووور
م.الزعيم 14-08-2010, 12:48 AM انا بس اردت توضيح امر للاخ الفاضل
أن الازهر يقوم بتدريس المنهج الاشعرى وليس المنهج الوهابى وهذا امر يعلمه القاصى والدانى وليس معنى ذالك رفضنا المطلق للشيخ محمد عبد الوهاب رحمه الله ولا قبولنا بالشيخ على جمعة لكن الفاصل بيننا هو الدليل
الحقيقة الموضوع محتاج فعلا لقراءاة موسعة ويبدوا ان الاخ الفاضل بذل فيه مجهود رائع جزاه الله خيرا على الجمع الطيب
أهل السنة 15-08-2010, 02:12 PM جزاكم الله خيرا
الإمام محمد ابن عبد الوهاب لم يكن له عقيدة خاصة به ، ولكن عقيدته هى عقيدة أهل السنة والجماعة ، عقيدته عقيدة الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين والأئمة الأعلام ، والفيصل بينه ومخالفيه الكتاب والسنة .
شفاء الأسقام 22-08-2010, 10:09 PM بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أنار للأمة المحمدية السبيل بأئمة الدين, وأخبت نار الفتن بالعلماء العاملين ،وجعلهم حملة لراية سيد الأولين والآخرين, بهم يتبدد ظلام الغواية والضلال وينتهي إلى زوال , أحمده سبحانه حمداً يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه ، وأشهد أن لا إله إلاالله وحده لا شريك له , وأن سيدنا محمد عبده ورسوله سيد السادات وإمام أهل السعادات , أخبر عن الفتن وحملتها وجعل النجاة منها التمسك بكتاب الله وسنته وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعده.
أما بعد
قبل الاستطراد لابد من ذكر تعريف الحفاظ والمحدثين لمعنى البدعة والمحدثة وما هو المراد بها وما هي أقسامها من بيان شيئاً منها والله المستعان.
أولاً: تعريف البدعه عند المحدثين
- يقول الإمام النووي شارح صحيح مسلم رحمة الله في كتابه ( تهذيب الأسماء واللغات ) عند تعريفه للبدعة ما نصه ( البدعة بكسر الباء في عرف الشرع هى إحداث ما لم يكن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم)
وقال في نفس المرجع قال أهل اللغة (هي كل شيء عمل على غير مثال سابق)
- و يقول أميرالمؤمنين في الحديث الحافظ ابن حجر العسقلاني شارح صحيح البخاري عند شرحه لهذا الحديث ما نصه :- ( وكل مالم يكن في زمنه صلى الله عليه وسلم يسمى بدعه)
- وقال الفيومي في المصباح ما نصه ( إبدع الله تعالى الخلق إبداعا . خلقهم لا على مثال وأبدعت الشيء وابتدعته استخرجته وأحدثته)
- وقال الحافظ ابن رجب في شرحه (والمراد بالبدعة ما أحدث ممالا أصل له في الشريعة يدل عليه ،وأما ما كان له أصلمن الشرع يدل عليه ،فليس ببدعه شرعا ،وان كان بدعه لغة0).
وعليهِ يُقال هذا الرجل مبدع أو مبتدع أي أنه أخترع شيء لم يكن على مثال سابق , ويقال فلان اختلق هذه الفكرة أي ابتدعها بأعمال الفكر فيها, ومنها قوله تعالى ( بديع السموات والأرض) أي خالقهما ابتداء على غير مثال سابق. ومنها قوله تعالى ( قل ما كنت بدعاً من الرسل)أي لست أول من أبتدع هذه الدعوة أو أول من جاءه الوحي,فهذا تعريف البدعة عند ألائمه باختصار شديد.
ثانياً: تعريف الأمر المحدث
يقول الحافظ ابن حجر في الفتح ( والمحدثات-بفتح الدال- جمع محدثه, والمراد بها ما أحدث وليس له أصل يدل عليه في الشرع - ويسمى في عرف الشرع بدعه - وما كان [ محدثا ً] وله أصل يدل عليه الشرع فليس ببدعه. فالبدعه في عرف الشرع مذمومة بخلاف اللغة فان كل شيء أحدث على غير مثال سابق يسمى بدعه سواء كان محموداً أو مذموماً)اهـ
وروى البيهقي في مناقب الشافعي عنه, قال: ( المحدثات ضربان: ما حدث مما يخالف كتاباً أو سنه أو أثر أو أجماعاً, فهذه بدعه الضلال. وماأحدث من الخير لا خلاف فيه لواحد من هذا, فهذه محدثه غير مذمومة ). أهـ
وقال الحافظ أبو بكر ابن العربي المالكي في شرحهِ على سنن الترمذي ما نصه: [ السابعة قوله ( وإياكم ومحدثات الأمور) أعلموا علمكم الله أن المحدث على قسمين: محدث ليس له أصل إلا الشهوة والعمل بمقتضى الإرادة فهذا باطل قطعاً ( أي وهو البدعة الضلالة) ومحدث يحمل النظير على النظير فهذه سنة الخلفاء والأئمة الفضلاء . قال وليس المحدث والبدعة مذمومان للفظ-محدث وبدعه- لا لمعناهما فقد قال الله تعالى( ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث) , وقال عمر نعمت البدعه, وإنما يذم من البدعة, ما خالف السنة ويذم من المحدث ما دعا إلى ضلاله ] .اهـ
وبمثل قوله هذا قال القرطبي كما نقله السيوطي في حاشيتهِ على النسائي, فيستنتج مما سبق من تعريف أهل العلم لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) استحباب إحداث كل ما له أصل في الشرع وذلك بخلاف ما يفهمه المتنطعون. وعلى ضوء ما سبق ذكره للقاعدة الأصولية من منطوق الحديث ومفهومه, يقول الحافظ ابن رجب ( أن هذا الحديث يدل بمنطوقه على أن كل عمل ليس عليه أمر الشارع فهو مردود,ويدل بمفهومه أن كل عمل عليه أمر الشارع فهو غيرمردود)
وقد يقول المخالف إن قول ابن رجب ( إن كل عمل عليه أمر الشرع ) المرادبه هو أن الرسول عليه الصلاة والسلام عمله في حياته أو أقر به أحدً من أصحابه.
فنقول إن هذا الاستدلال باطل من جميع الوجوه كما سبق تقريره بأقوال أهل العلم .
قال الإمام الشافعي ( كل ما له مستند من الشرع,فليس ببدعه ولو لم يعمل به السلف.لأن تركهم للعمل به, قد يكون لعذر قام لهم في الوقت, أو لما هو أفضل, أو لعلة لم يبلغ جميعهم علم به)
ففي الصحيحين عن خالد بن الوليد أنه دخل مع النبي صلى الله عليه وسلم بيت ميمونة, فأتُي بضب محنوذ فأهوى إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده فقيل : هو ضب يا رسول الله, فرفع يده, فقلت: أحرام هو يارسول الله ؟ فقال ( لا ولكن لم يكن في أرض قومي فأجدني أعافه), قال خالد, فاجتررته فأكلته والنبي ينظر .
ففي الحديث دليل للقاعدة الأصولية: أن ترك النبي للشيء لايقتضي التحريم وقد أستدل به بعضهم لذلك فيقال في جوابه:
لما رأى الصحابي الجليل خالد إعراض النبي عن الضب بعد أن أهوى إليه ليأكل منه, حصل عنده شبه فسأل , وكان جواب النبي صلى الله عليه وسلم له مؤيداً للقاعدة, مؤكداً لعمومها في أن ترك النبي ولو بعد الإقبال عليه لا يفيد تحريمه.
وقال ابن العربي المالكي ( ليست البدعة والمحدث مذمومين للفظ بدعه ومحدث ولا معناهما, وإنما يذم من البدعة ماخالف السنة ويذم من المحدثات ما دعى الى الضلالة)
قال الحافظ ابن حجر في الفتح( هذاالحديث معدود من أصول الإسلام, وقاعدة من قواعده, فإن معناها: من أخترع في الدين مالا يشهد له أصل من أصوله فلا يلتفت إليه. )
شفاء الأسقام 22-08-2010, 10:13 PM مما سبق نستنتج أن هذا الحديث مخصوص لحديث كل بدعه ضلاله, ومبين للمراد منها كما هو واضح. إذ لو كانت البدعة ضلاله بدون استثناء كما يقول المتطاولون على أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم, لقال عليه الصلاة والسلام (من أحدث في أمرنا هذا شيئاً فهو رد ) لكن لما قال ( من احدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) أفاد ان المحدث نوعان ما ليس من الدين بان كان مختلفاً لقواعده ودلائله فهو مردود,وهو البدعة الضلالة, وما هو من الدين بأن شهد له أصل, أو أيده دليل, فهو صحيح مقبول, وهو السنة الحسنة.
ومن هذا المنطلق نستعرض أقوال المحدثين والذين يعول على كلامهم في شرح أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك في شرحهم لحديث(كل بدعه ضلالة)
قال النووي( قوله صلى الله عليه وسلم (وكل بدعه ضلالة) هذا عام مخصوص والمراد غالب البدع ) كما في صحيح مسلم (6/221).
وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري ما نصه( وأما قوله في حديث العرباض ( فإن كل بدعه ضلاله) بعد قوله( وإياكم ومحدثات الأمور) فإنه يدل على أن المحدث يسمى بدعه, وقوله ( كل بدعه ضلاله) قاعدة شرعيه كليه بمنطوقها ومفهومها
أما منطوقها فكأن يقال: حكم كذا بدعه وكل بدعه ضلاله فلا تكون من الشرع لان الشرع كله هدى فإن ثبت أن الحكم المذكور بدعه, صحت المقدمتان وأنتجتا المطلوب) .أهـ
وقال كذلك في الفتح في كتاب الصلاة (312/8) في باب ربنا لك الحمد. عن رافعه بن رافع قال كنا نصلي وراء النبي صلى الله عليه وسلم فلما رفع رأسه من الركعة قال سمع الله لمن حمده, قال رجل من وراءه ربناولك الحمد حمداً كثيراً طيباً كثيراً مباركاً فيه, فلم أنصرف قال من المتكلم قال أنا قال رأيت بضع وثلاثين ملكاً يبتدرونها أيهم يكتبها), قال الحافظ في الفتح يستدل به على جواز إحداث ذكر في الصلاة غير مأثور إذا كان غير مخالف للمأثور على جواز رفع الصوت بالذكر مالم يشوش.
من الغريب العجيب أن هؤلاء القوم يزعمون أن لفظة (كل)الواردة في قول النبي صلى الله عليه وسلم( كل محدثه بدعه), تفيد العموم وأن كل أمر مستحدث فهو بدعه ضلالة في النار بدون استثناء. هكذا يعممون القول ضاربين بأقوال علماء الامه عرض الحائط وعلى رأسهم كما سبق ذكره, الإمام الحافظ النووي كما في شرحه لهذا الحديث حيث قال (كل بدعه ضلالة) هذا عام مخصوص والمراد غالب البدع.
فلربما فهم القوم من قول النبي (كل بدعه ضلاله). مالم يفهمه إمام المحدثين الإمام النووي رحمه الله!.
ويا ليت هؤلاء ممن ينظر في كتاب الله نظر المتأمل لكلامه عز وجل لوجد فيه مئات الآيات التي يذكر فيها العموم ويراد به الخصوص.
فمنها قوله سبحانه وتعالى: ( فتحنا عليهم أبواب كل شيء) ولم يفتح لهم أبواب الرحمة
ومنها قولهُ تعالى : (تدمر كل شيء) ولم تدمر الجبال والسموات, أليس كل ما على الأرض شيء ؟
ومنها قولهُ تعالى : ( وأوتيت من كل شيء), ولم تؤت عرش سليمان .
ومنها قولهُ تعالى : ( و كل إنسان ألزمناه طائره في عنقه) ولم يستثني المولى عز وجل منهم المجنون والصبي الذي مات قبل التكليف .
وهنا توضيح جلي لمن يحتج بقول النبي صلى الله عليه وسلم ( كُل محدثةٍ بدعة وكُل بدعة ضلالة)بأن كُل الواردة في الحديث تُفيد العموم ولا تفيد الخصوص, و ذلك من أجل ان لا يُحتج عليهم في قضية تقسيم البدعة والتي قال بها علماء الأمة كما سيأتي توضيحهُ إن شاءالله . ونقول لكل من قال إن ( كُل تفيد العموم ولا تفيد الخصوص ) . حسناً ,إن كانت ( كُل ) من صيغ العموم لا من صيغ الخصوص فكيف سوف يُفسر لنا حديث اختصام الملأ الأعلى الذي خرجهُ الإمام أحمد في مسندهِ والدرامي والترمذي والطبراني – ومماجاء فيهِ … فعلمت ما في السموات وتلا : ( وكذلك نُري إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين ) وفي رواية فتجلى لي كُل شئ وعرفت , وفي رواية الطبراني فعلمني كُل شئ ..... ألخ
إذاً فعلى ضوء القاعدة التي أصلها المخالف والتي تقول أن (كُل الواردة في الحديث تُفيد العموم ولا تفيد الخصوص ) . تُفضي إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم يعلم ما في السموات والأرض بل ويعلم كُل شيء ويتجلى لهُ كُل شيء .
والعجب أن هذا الذي لم يفهم حديث البدعة يتناقض مع نفسهِ بفتوى أخرى يُقرّها و هي جواز قول ( الله ورسولهُ أعلم ) لأن علم الرسول من علم الله، فالله تعالى هو الذي يُعلِّمه ما لايدركهُ البشر، ولهذا أتى بالواو.
فانظر بالله عليك أخي المسلم: أين قول المخالف هداهُ الله أن لفظة (كُل) من ألفاظ العموم تشمل كُل أنواع البدع دون استثناء ؟
وهناك الكثير الكثيرمما لا يتسع المجال لحصره في كتاب الله من الألفاظ التي جاءت في صيغة العموم ويراد بها الخصوص.
أما ما ورد في السنة المطهرة، فأولها هذا الحديث الذي نحن بصدده كما شرحه المحدثين ، بل وأزيد على ذلك ما جاء في البخاري والموطأ( كلبني أدم يأكله التراب إلا عجب الذنب). قال ابن عبد البر في التمهيد ما نصه( ظاهر هذا الحديث وعمومه يوجب أن يكونوا بنو آدم كلهم في ذلك سواء, إلا إنه قد روي أن أجساد الأنبياء والشهداء لا تأكلها)
ومن الأدلة التي أتفق عليها العلماء من تخصيص حديث ( كل بدعه ضلاله) عدة أحاديث أولها ما رواهُ مسلم والنسائي وابن ماجه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من سن في الإسلام سنه حسنه فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غيرأن ينقص من أجورهم شيء ومن سن في الإسلام سنه سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء)
قال النووي( فيه الحث على الابتداء بالخيرات وسن السنن الحسنات و التحذير من الأباطيل والمستقبحات.) وفي هذا الحديث تخصيص قوله صلى الله عليه وسلم (كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة) وأن المراد به المحدثات الباطلة والبدع المذمومة.
وقال السندي في حاشية ابن ماجد ( سنة) أي طريقه مرضية يقتدي بها, والتميز بين الحسنة والسيئة, بموافقة أصول الشرع وعدمها.
بل أنني لو سلمت جدلاً, أقول جدلاً لهؤلاء القوم و من ينحوا منحاهم في تبديع الأمة. من أن المراد من قوله عليه الصلاة والسلام (كل محدثه بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار)أن المراد بـ (كل) هو العموم .
أن يتخلوا عن كل ما أحدث في هذا الزمن ولم يكن في عهده عليه الصلاة والسلام, سواء كان في الدين أو في غيره إذ أنهُ عليهِ الصلاة والسلام قال ( كل محدثه بدعة) ولم يقل عليه السلام(كل محدثة في الدين بدعة وكل بدعة في الدين ضلالة)
فإن أرادوا هؤلاء القوم تخصيص هذا الحديث بالبدع الدينية دون الدنيوية, فنقول لهم لقد وقعتم في شر أعمالكم إذ أنكم خصصتم عام
ثم إن حديث النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد فيه تقسيم البدعة الى دينية ودنيوية كما يزعم هؤلاء القوم !
ثم أليس قولهم بهذا التقسيم في حد ذاته بدعة ؟ , وإن كانوا لايزالون يصرون على أن المراد بما جاء في الحديث هي البدع الدينية فهل يُقرون بجميع البدع الدنيوية الحادثة في هذا الزمان ؟.
فقد وقع هؤلاء المساكين من حيث لا يدرون فيما أرادوا الانفكاك منهُ أيضا وهو تقسيم أهل علم الحديث البدعة الى أقسامها والتي سنستعرضها بعد قليل وذلك لأنهم يصيحون بأعلى اصوتهم قائلين ليس هناك في الدين شيئاً يسمى بدعة حسنة, حاجبين عن الناس اقوال المحدثين والذي لا أشك في إطلاعهم عليها وذلك لما يمليه عليهم خوفهم من الله وتقواه ! ولا حول ولا قوة الا بالله .
ولا تتعجب يا أخي حفظك الله من هذا الفعل الشنيع لأن هذا هو ديدنهم وديدن كل من يفعل به الهوى والشيطان الأفاعيل.
واليك أقوالهم رحمهم الله:
1-قال الإمام المحدث الحافظ النووي شارح صحيح مسلم (6/221) عن البدعة ما نصه ( قال أهل اللغة حتى كل شيء عمل على غير مثال سابق , وهي منقسمة الى خمسة أقسام). وقال كذلك أيضاً في تهذيب الأسماء واللغات (البدعة بكسر الباء في الشرع هي إحداث ما لم يكن في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم, وهي منقسمة الى حسنه وقبيحة)
2-قال إمام المحدثين الحافظ ابن حجرالعسقلاني في شارح صحيح البخاري ما نصه (وكل ما لم يكن في زمنه صلى الله عليه وسلم يسمى بدعه, لكن منها ما يكون حسن ومنها ما يكون خلاف ذلك)
3- وروى أبو نعيم عن إبراهيم الجنيد قال( سمعت الشافعي يقول : البدعة بدعتان, بدعة مذمومة وبدعة محمودة. فما وافق السنة فهو محمود وما خالف السنة فهو مذموم)
4-وقال ابن الأثير في كتابه النهاية ( البدعة بدعتان, بدعة هدى وبدعة ضلاله, فما كان خلاف ماأمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم فهو في حيز الذم والإنكار, وما كان واقعاًتحت عموم ما ندب الله إليه وحض عليه الرسول صلى الله عليه وسلم فهو في حيز المدح)
ومما سبق إيضاحه نعلم أن ما فهمه المحدثين من قوله صلى الله عليه وسلم(كل محدثة بدعة ) أن المراد به كل ما أحدث وليس له أصل في الشرع وأما ما له أصل يدل عليه في الشرع فليس ببدعه, وإن سمى بدعه لغة.
5-وقال سلطان العلماء العز بنعبد السلام رحمه الله في آخر كتابه (القواعد): (البدعة منقسمة الى واجبه, ومحرمه , ومندوبه, ومكروه و مباحة. ثم قال : والطريق في ذلك ان تعرض البدعة على قواعد الشريعة فإن دخلت في قواعد الإيجاب فواجبه او في قواعد التحريم فمحرمة , او الندب فمندوبة , او المكروه فمكروهة او المباح فمباحة . وتبعه في ذلك تلميذة القرافي .)
بل قد استنبط العلماء والمفسرين بأن القرآن يؤيد البدعة الحسنة :
فلقد روى الطبراني في الأوسط عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : إن الله فرض عليكم صوم رمضان ولم يفرض عليكم قيامهُ , وإنما قيامهُ شئ أحدثتموه فدوموا عليه فإن ناساً من بني إسرائيل ابتدعوا بدع فعابهم الله بتركها , فقال ( ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها) وفي سنده زكريا بن أبي مريم ذكره ابن حبان في الثقات,
وقال الدارقطني ( وما استنبطه الصحابي الجليل أبي أمامه رضي الله عنه صحيح فإن الآية لم تعِب أولئك الناس على ابتداع الرهبانية لأنهم قصدوا بها رضوان الله بل عاتبهم على أنهم لم يراعوها حق رعايتها وهذا يفيد مشروعية البدعة الحسنة كما هو ظاهر من نص الآية وفهم الصحابي الجليل لها .)
فانظر بالله عليك أخي المسلم: أين قول المخالف أصلحهُ الله : إنه ليس ثم شيء في الدين يسمى بدعة حسنة وقول أئمة المسلمين كما رأيت وعلى رأسهم الإمام الجليل صاحب المذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه والذي يقول: البدعة بدعتان، بدعة محمودة وبدعة مذمومة، فما وافق السنة فهو محمود، وما خالف السنة فهو مذموم.
وما أجمل ما قالهُ القائل :-
فأعْنَ بهِ ولا تخُـــض بالـظــنِّ ***** ولا تُــلّـد غـير أهـلالـفــنّ
وأنني أقف وقفة بسيطة لتوضيح معنى قولهم ( لهُ أصلٌ في الشرع)واضرب مثالين بسيطين لهم حتى تتضح المسالة بجلاء . فمما احدث في هذا الزمن ما تقوم به الحكومة الرشيدة حفظها الله من العناية بالمساجد وتخصيص أسبوع كاملا لها تحت إشراف هيئات و لجان خاصة ,وذلك لإظهار معنى قوله تعالى ( ومن يعظم شعائرالله.......) فإن هذا الفعل بهذه الكيفية المستحدثة لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم و لا عن صحابته الكرام. و لكن قبل أن نقول ببدعية هذا العمل يجب أن ننظر هل لهذا الفعل وهو العناية بالمساجد ( أصل في الشرع ) ؟
فنقول نعم. فقد جاء في صحيح مسلم (7/36) ( أن امرأة سوداء كانت تقم المسجد ففقدها الرسول صلى الله عليه وسلم فسأل عنها فقالوا ماتت, قال (أفلا كنتم آذنتموني) قال فكأنهم صََغروا أمرهافقال " دلوني على قبرها" فدلوه فصلى عليها .....). فكان من عظم الأمر الذي تقوم به هذه الجارية السوداء وهو نظافة المسجد ما جعل النبي صلى الله عليه وسلم يقوم على قبرها ويصلي عليها وبالمقابل هناك الكثير من البدع المكروهه التي ليس لها أصل في الشرع والتي أخبر عنها عليه الصلاة والسلام أنها من علامات آخر الزمان كزخرفة المساجد.
قال الإمام القرطبي في جامع الأحكام لهُ 2/86 عند شرحهِ لقولهِ تعالى
(بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ )فقال (كُل بِدْعة صدرتْ من مخلوقٍٍ فلا يخلو أن يكون لها أصلٌ في الشرع ِفإن كان لها أصلٌ كانت واقعة تحت عموم ما ندب إليه وحضّ رسوله عليه فهي في حيّز المدح . وإن لم يكن مثالهُ موجوداً كنوع من الجودِ والسخاء وفعل المعروف، فهذا فعلهُ من الأفعال المحمودة ، وإن لم يكن الفاعل قد سُبق إليهِ ) ويَعْضُد هذا قولُ عمر رضي الله عنهُ: نِعْمتِ البدعة هذه ، لمّا كانت من أفعال الخيرِ وداخلة في حيّز المدح ، وهي وإن كان النبيّ صلى الله عليه وسلم قد صلاها إلا أنهُ تركها ولم يُحافظ عليها، ولا جمع الناس عليها، فمُحافظة عمر رضي الله عنهُ عليها، وجمعُ الناس لها، وندبُهم إليها بدعةٌ لكنها بدعة محمودة ممدوحة. وإن كانت في خلاف ما أمر الله به ورسوله فهي في حيزّ الذم والإنكار، قال معناه الخطّابي وغيره.
بل وانظر أخي بارك الله فيك لقول ابن الأثير كما في النهاية عند ذكر البدعة الحسنة حيثُ قال(ومن هذا النوع قولُ عمر رضي الله عنهُ ( نعمت البدعة هذه ) لما كانت من أفعال الخيرِ , وداخلةً في حيز المدح , سماها بدعة ومدحها , لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسُنها لهم , وإنما صلاها ليالي ثم تركها , ولم يُحافظ عليها , ولا جمع الناس لها , ولا كانت في زمن أبي بكر , وإنما عُمر جمع الناس عليها وندبهم إليها , فبهذا سماها بدعة , وهي على الحقيقة سُنة لقوله صلى الله عليه وسلمِ عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهدين ) وقوله ُصلى الله عليه وسلم (اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر ) ثم قال ( أي ابن الأثير) بعد ذلك, وعلى هذاالتأويل يُحمل حديث كُل بدعة ضلالة , وإنما يريدُ ما خالف أصول الشريعة ولم يوافق السنة). انتهى كلام ابن الأثير رحمهُ الله .
و قال ابن رجب في شرحهِ ( والمراد بالبدعة ما أحدث مما لا أصل لهُ شرعاً وإن كان بدعة لفظا .) اهـ وكذلك قال ( إن هذا الحديث يدل بمنطوقة على أن كُل عمل ليس عليهِ أمر الشارع فهو مردود , ويدل بمفهومه ِعلى أن كل عمل عليهِ أمره ُ فهو غير مردود ) اهـ
وقال الإمام الحافظ النووي شارح صحيح مسلم عن هذا الحديث (هذا عام مخصوص والمراد بهِا المحدثات التي ليس لها في الشريعةِ ما يشهدُ لها بالصحة فهي المراد بالبدع)
وقال الحافظ ابن حجرالعسقلاني شارح صحيح البخاري ( هذا الحديث معدود من أصول الإسلام وقاعدة من قواعده , فإن معناهُ من اخترع في الدين ما لا يشهد لهُ أصلٌ من أصولهِ فلا يُلتفت إليه)
وقال أيضاً ( المراد بقولهِ [ كل بدعة ضلالة ] ما أُحدث ولا دليل لهُ من الشرع بطريق خاص ولا عام ) . اهـ
وقال أيضاً في الفتح ما نصهُ (وأما قوله ُصلى الله عليه وسلم {كُل بدعة ضلالة } بعد قولهِ: { وإياكم ومحدثات الأمور } قاعدة كُليّة , بمنطوقها ومفهومها , أما منطوقها فكأن يُقال حُكم كذا بدعة , وكل بدعة ضلالة فلا تكون هذهِ البدعة من الشرع , لأن الشرع كلهُ هدى فإذا ثبت أن حُكم المذكور بدعة , صحت المقدمتان وأنتجتا المطلوب ) . انتهى كلامهُ رحمهُ الله
وروى الإمام البيهقي كما سبق ذكره في مناقب الشافعي رضي الله عنه، قال: ( المحدثات ضربان: ماأحدث مما يخالف كتاباً أو سنة أو أثرا أو إجماعا فهذه بدعة الضلال، وما أحدث من الخير لا خلاف فيهِ لواحد من هذا ). أهـ
( ويقول البيهقي ): وهومعنى قولهِ صلى الله عليهِ وسلم في خطبتهِ: « وشَرُّ الأمور مُحدثاتها وكُل بِدعةضلالة» يريد ما لم يوافق كتاباً أو سُنّة، أو عمل الصحابة رضي الله عنهم، وقد بيّن هذا بقولهِ : «مَن سَنّ في الإسلام سُنَّةً حسنة كان لهُ أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء ومَن سنّ في الإسلام سُنَّة سيئة كان عليه وِزْرُها ووزر من عمل بها من بعدهِ من غير أن ينقص من أوزارهم شيء ». وهذا إشارة إلى ما اُبتدع من قبيح وحسن، وهو أصل هذا الباب، وبالله العصمة والتوفيق، لا رَبَّ غيره .انتهى كلامه رحمهُ الله.
بل وقد تقرر عند العوام فضلا عن العلماء. من قولهِ صلى الله عليه وآله وسلم كما في صحيح مسلم: (( من سن في الإسلام سنة حسنة فلهُ أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شئ..)). أنهُ يُسن للمسلم أن يأتي بسنة حسنة لها أصلٌ في الشرع وإن لم يفعلها الرسول صلى الله عليه وسلم من أجلِ زيادة الخير والأجر. ومعنى سن سنة: أي أنشأها باجتهاد واستنباط من قواعد الشرع أو عموم نصوصه ولذلك قال النووي رحمهُ الله عن هذا الحديث ان فيهِ الحث على الابتداء بالخيرات وسن السنن الحسنات, والتحذير من الأباطيل والمستقبحات. انتهى كلامهُ رحمهُ الله وما ذكرناه من أقوال المحدثين لهو أكبر دليل على ذلك.
نعود إلى تقسيم سلطان العلماء العز بن عبد السلام للبدعة حيث ضرب أمثله لأقسامها الخمسة حيث قال(وللبدع الواجبة أمثله, منها الاشتغال بعلم النحو الذي يفهم به كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وذلك واجب , لأن حفظ الشريعة واجب. ولا يتأتى حفظها إلا بذلك, والا يتم الواجب الا به فهو واجب. الثاني حفظ غريب الكتاب والسنة, الثالث تدوين أصول الدين وأصول الفقه, الكلام في الجرح والتعديل, وتميز الصحيح من السقيم. وللبدع المحرمة أمثله منها مذاهب القدرية والجبرية والمرجئة والمجسمة, والرد على هؤلاء من البدع الواجبة. وللبدع المندوبة أمثله منها إحداث الرباط والمدارس وكل إحسان لم يعهد في العصر الأول ومنها التراويح وللبدع المكروهة أمثله كزخرفة المساجد, وتزويق المصاحف. وللبدع المباحة أمثله, منها المصافحة عقب الصبح والعصر,والتوسع في اللذيذ من المآكل والمشارب والملابس والمساكن وتوسيع الأكمام)انتهى كلامه رحمه الله وكذا نقلهُ الحافظ ابن حجر في الفتح وسلمه ولم يتعقبه بشيءوهو حقيق بالتسليم .
نقول ومن باب الإنصاف يجب أن نذكر من خالف من أهل العلم هؤلاء العلماء. ألا وهو الشاطبي . فقد شذ عنهم كما في كتابه الاعتصام فإنه أنكر هذا التقسيم, وزعم أن كل بدعه مذمومة, لكنه أعترف بأن من البدع ما هو مطلوب وجوباً أو ندباً, وجعلهُ من قبيل المصلحة المرسلة, فخلافه لفظي يرجع الى التسمية. أي البدعة المطلوبة, لا تسمى بدعه حسنه, بل تسمى مصلحه. ولا مشاحة في الاصطلاح. بل يكفي ما تكفل الشيخ السكندري البراء في رده على الشاطبي بكلام تحليلي وتدليل أقوى مما سلكه الشاطبي, فليراجعه من شاء.
فإن كلام الشاطبي في معزلاً مما أخذوه من كتابه الاعتصام وحوروه حيث ذكروا قوله فيه ( كل عمل لم يعمله النبي صلى الله عليه وسلم ولم يعمل في عهده فهو بدعه) يعنون بدعه الضلالة, بناء على مسلكهم في التعميم وعللوا ذلك بأنهم ما تركوه إلا لأمر قام عندهم فيه. فأنهم كانوا أحرص الناس على الخير وأعلم بالسنة. وهذا الذي قالوه مدفوع ومنقوص بمايلي:
أولاً: إن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يترك العمل بالشيء وفعله أحب إليه خشية أن يستن به الناس فيفرض عليهم. متفق عليه.
ثانياً: من المعلوم بالضرورة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل جميع المباحات, لأنها كثيرة , لايستطيع بشراً أن يستوعبها عداً, فضلاً عن أن يتناولها, ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان زاهداً متقللاً يقتصر من المباحات على ما يسد الخلة, وتنسد عليه الحاجة, ويترك ما زاد على ذلك, ومن المعلوم أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل جميع المندوبات, لاشتغاله بمهام عظام, استغرقت معظم وقته : تبليغ الدعوة, جهاد الكفار, لحماية بيضة الإسلام وعقد معاهدات الصلح وإنفاذ السرايا وتبليغ الأحكام, وغير ذلك مما يلزم لتأسيس الدولة الإسلامية وتحديد معالمها.
ولأنه صلى الله عليه وسلم اكتفى بالنصوص العامة الشاملة للمندوبات بجميع أنواعها منذ جاء الإسلام الى قيام الساعة. مثل "وما تفعلوا من خير يعلمه الله", [ من جاء بالحسنة فله عشرة أمثالها ] ,[ وافعلوا الخير لعلكم تفلحون] , [ ومن يقترف حسنة نزد لهُ فيهاحسنا], [ من يفعل مثقال ذرة خيراً يره]
فمن زعم فعل خير مستحدث بدعوة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله بأنه بدعة مذمومة, فقد أخطأ وتجرأ على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم حيث ماندب إليه, في عموميات الكتاب والسنة وكانت دعواه مردودة .
ثالثاً : أن الحوافز الشرعية والترغيبات المطلقة الحاثة على الإكثار من فعل الخير والأعمال الصالحة يجب أن تلغى على هذا الأساس, وهل يرضى بهذا مسلم .
رابعاً : أن إقرارات الرسول صلى الله عليه وسلم وتبريكه لما حدث في زمنه من أعمال الخير وما عمله الصحابة بعده يرُد تأصيلهم هذا.
خامساً: أن مسلكهم هذا يخالف سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وطريقته المتواترة عنه في قبول كل خير ما لم يخالف المشروع وأدلة هذا الباب أدله قطعيه ترد هذا التشديد رداً قاطعاً. وأن الإسلام أوسع من الدائرة التي يريد حصر الإسلام فيها بل إن هذا التضييق والتشديد في التبديع هو البدعة الضلالة الحقيقية لأنها تعارض هدى الرسول صلى الله عليه وسلم وطريقته التي أمرنا بالتمسك بها. ولهذاقال الإمام الشافعي رحمه الله [ كل ما له مستند من الشريعة فليس ببدعه وإن كان محدثاً ] - يعني ليس ببدعه شرعيه .
وإذا كانت كل هذه الأدلة التي سقناها والتي توضح وتثبت سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وطريقته فيما يحدث فليس لدى المانعين والمتشددين إلا مجرد التمسك بالتعميم الذي فسره عمل الرسول صلى الله عليه وسلم وخصصه فلم يبقى الا العناد والعصبية التي يلصقونها بغيرهم وهي بهم الصق .
وإلى هنا أكتفي بهذا العرض المختصر والموجز خوفا من الإطالة لأقوال جهابذة علماء الأمة في شرح معنى حديث البدعة وتقسيمها ، ومن ثمّ أترك الخيار للقارئ العزيز أن يأخذ بقول من أراد من أقوال الأئمة العلماء المحدّثين السابقين أو بقول المتأخرين ، وحتى لا يقع في التبديع لعلماء المسلمين وعامتهم بغيرعلم . والله أعلى وأعلم
العابد لله 22-08-2010, 10:54 PM ففي الحديث دليل للقاعدة الأصولية: أن ترك النبي للشيء لايقتضي التحريم
قولهم أن الترك لا يقتضي التحريم.
هذه الحجة يدندن حولها كثير من المبتدعة، ويتخذونها غرضا لتثبيت بدعهم، فكلما قيل لهم: إنه النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله، والصحابة من بعده، قالوا لك:
الترك لا يقتضي التحريم..
وينسبون مثل هذا الكلام إلى الأصوليين، بل ويبالغ بعضهم ويغلو عندما يزعم أنه إجماع..
ويقال في رد هذه الشبهة: نعم، الأصوليون لم يجعلوا الترك من أنواع التحريم، فالتحريم يكون بالنص ونحوه مما يدل على التحريم، لكن ههنا فرق لابد من التنبه له، هو سبب هذا الإشكال:
كلام الأصوليين إنما هو في العادات لا في العبادات..
فالأصل في العادات الإباحة، في الترك في باب العادات لا يدل على التحريم، فمثلا النبي صلى الله عليه وسلم لم يأكل الضب هل هذا يدل على تحريمه؟.. لا، لأن الترك لا يدل على التحريم، هذا في باب العادات، والنبي صلى الله عليه وسلم لم لم يأكل لحم الغزال؟.. لكن تركه لا يدل على التحريم، وهكذا كل شيء من المنافع الدنيوية الأصل فيها الإباحة، إلا إذا ورد ما يمنع، وهذا من التوسيع والرحمة.
وأما العبادات الأصل فيها التحريم إلا إذا ورد الإذن، وعلى ذلك فما تركه الشارع فهو محرم، إذ لو كان مشروعا لفعل، فالترك دل على عدم المشروعية، فكل ما نوقعه من عبادات، من صلاة وصيام وحج وزكاة كلها لم يكن لنا القيام بها لولا إذن الشارع، وهذا هو مقتضى التسليم وعدم التقدم بين يدي الله ورسوله..
ولو كان لكل إنسان الحق أن يخترع عبادة كيفما شاء، لم يكن من داع لإرسال الرسول لتبليغ رسالة الرب إلى الخلق، بل يترك لكل قوم وكل إنسان أن يخترع ما شاء من العبادات، وهذا باطل.
والدليل على أن الأصل في العبادات المنع قوله عليه السلام: ( وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة)
أبو إسراء A 22-08-2010, 11:20 PM الأخ شفاء الأسقام
أولا:
لا إعتراض على أقوال العلماء ولكن الإعتراض على الفهم السقيم لأقوال العلماء ، فلم يقل أحد من هؤلاء العلماء الأعلام أن يخترع الشخص عبادة مرتبة ويداوم عليها ويتخذها كالسنة ، وهى ليست لها أصل فى الدين كالإحتفال بالمولد النبوى ، والتوسل بالأموات والأذكار والأوراد الصوفية المرتبة ، ولا إحتجاج بما كان يقوم به أبو هريرم من الإستغفار بعدد معين ، فهذا يخصه ولم يقل أن هذا سنة ، ولا إحتجاج بدعاء الصحابى الذى قال ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ، فمطلق الدعاء فى الصلاة مشروع ولكن الممنوع أن نقول أن ذلك سنة قبل أن يقره النبى عله الصلاة والسلام، وأعتقد أن الخلاف بينهم وبين الشاطبى خلافا شكليا، ، فإتضح من ذلك أن أقوال العلماء صحيحة ولكن الغير صحيح هو الفهم السقيم لها ، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ثانيا:فتاوى لتوضيح ما قلته
1) سؤال:
ما حكم تقسيم البدعة إلى بدعة حسنة وبدعة سيئة؟ وهل يصح لمن رأى هذا التقسيم أن يحتج بقول الرسول: "من سن سنة حسنة في الإسلام..." الحديث، وبقول عمر: "نعمت البدعة هذه..."؟ نرجو في ذلك الإفادة، جزاكم الله خيرًا.
الجواب:
ليس مع من قسم البدعة إلى بدعة حسنة وبدعة سيئة دليل؛ لأن البدع كلها سيئة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار" [رواه النسائي في "سننه" (3/188 ـ 189) من حديث جابر بن عبد الله بنحوه، ورواه الإمام مسلم في "صحيحه" (2/592) بدون ذكر: ((وكل ضلالة في النار)) من حديث جابر بن عبد الله. وللفائدة انظر: "كتاب الباعث على إنكار البدع والحوادث" لأبي شامة رحمه الله تعالى (ص93) وما بعدها].
وأما قوله صلى الله عليه وسلم : "من سن في الإسلام سنة حسنة" [رواه الإمام مسلم في "صحيحه" (2/704 ـ 705) من حديث جرير بن عبد الله]، فالمراد به: من أحيا سنة؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قال ذلك بمناسبة ما فعله أحد الصحابة من مجيئه بالصدقة في أزمة من الأزمات، حتى اقتدى به الناس وتتابعوا في تقديم الصدقات.
وأما قول عمر رضي الله عنه: "نعمت البدعة هذه"[رواه البخاري في "صحيحه" (2/252) من حديث عبد الرحمن بن عبد القاري]؛ فالمراد بذلك البدعة اللغوية لا البدعة الشرعية؛ لأن عمر قال ذلك بمناسبة جمعه الناس على إمام واحد في صلاة التراويح، وصلاة التراويح جماعة قد شرعها الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ حيث صلاها بأصحابه ليالي، ثم تخلف عنهم خشية أن تفرض عليهم[انظر: "صحيح البخاري" (2/252) من حديث عائشة رضي الله عنها]، وبقي الناس يصلونها فرادى وجماعات متفرقة، فجمعهم عمر على إمام واحد كما كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم في تلك الليالي التي صلاها بهم، فأحيا عمر تلك السنة، فيكون قد أعاد شيئًا قد انقطع، فيعتبر فعله هذا بدعة لغوية لا شرعية؛ لأن البدعة الشرعية محرمة، لا يمكن لعمر ولا لغيره أن يفعلها، وهم يعلمون تحذير النبي صلى الله عليه وسلم من البدع [للفائدة: انظر: كتاب "الباعث على إنكار البدع والحوادث" لأبي شامة (ص 93 ـ 95)].
مصدر الفتوى: المنتقى من فتاوى فضيلة الشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان، 1/171، رقم الفتوى في مصدرها: 94. 2) سؤال:
عن معنى البدعة وعن ضابطها؟ وهل هناك بدعة حسنة؟ وما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم "من سن في الإسلام سنة حسنة"؟.
الجواب:
البدعة شرعًا ضابطها "التعبد لله بما لم يشرعه الله"، وإن شئت فقل: "التعبد لله تعالى بما ليس عليه النبي صلى الله عليه وسلم ولا خُلفاؤه الراشدون" فالتعريف الأول مأخوذ من قوله تعالى : {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى:21]. والتعريف الثاني مأخوذ من قول النبي، عليه الصلاة والسلام،: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضّوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور"، فكل من تعبد لله بشيء لم يشرعه الله، أو بشيء لم يكن عليه النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون فهو مبتدع سواء كان ذلك التعبد فيما يتعلق بأسماء الله وصفاته أو فيما يتعلق بأحكامه وشرعه. أما الأمور العادية التي تتبع العادة والعُرف فهذه لا تسمى بدعة في الدّين وإن كانت تُسمى بدعة في اللغة، ولكن ليست بدعة في الدين وليست هي التي حذر منها رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
وليس في الدين بدعة حسنة أبدًا، والسنة الحسنة هي التي توافق الشرع وهذه تشمل أن يبدأ الإنسان بالسنة أي يبدأ العمل بها أو يبعثها بعد تركها، أو يفعل شيئًا يسنه يكون وسيلة لأمر متعبد به فهذه ثلاثة أشياء:
الأول: إطلاق السنة على من ابتدأ العمل وبدل له سبب الحديث فإن النبي صلى الله عليه وسلم حثّ على التصدق على القوم الذين قدموا عليه صلى الله عليه وسلم وهم في حاجة وفاقة، فحثّ على التصدق فجاء رجل من الأنصار بِصُرَّة من فضة قد أثقلت يده فوضعها في حجر النبي، عليه الصلاة والسلام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها" فهذا الرجل سنَّ سنة ابتداء عمل لا ابتداء شرع.
الثاني: السُنة التي تركت ثم فعلها الإنسان فأحياها فهذا يقال عنه سنّها بمعنى أحياها وإن كان لم يشرعها من عنده.
الثالث: أن يفعل شيئًا وسيلة لأمر مشروع مثل بناء المدارس وطبع الكتب فهذا لا يتعبد بذاته ولكن لأنه وسيلة لغيره فكل هذا دخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم "من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها". والله أعلم.
مصدر الفتوى: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد صالح العثيمين، 2/291، رقم الفتوى في مصدرها: 346.
3) سؤال:
أخذ الناس يبتدعون أشياء ويستحسنونها، وذلك أخذًا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم : "من سن سنة حسنة في الإسلام؛ فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة..." إلى آخر الحديث؛ فهل هم محقون فيما يقولون؟ فإن لم يكونوا على حق؛ فما مدلول الحديث السابق ذكره؟ وهل يجوز الابتداع بأشياء مستحسنة؟ أجيبونا عن ذلك أثابكم الله.
الجواب:
البدعة هي ما لم يكن له دليل من الكتاب والسنة من الأشياء التي يُتقرب بها إلى الله.
قال عليه الصلاة والسلام: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" [رواه الإمام البخاري في "صحيحه" (ج3 ص167) من حديث عائشة رضي الله عنها]، وفي رواية: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" [رواه الإمام مسلم في "صحيحه" (ج3 ص1343 ـ 1344) من حديث عائشة رضي الله عنها].
وقال عليه الصلاة والسلام: "وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة" [رواه الإمام أحمد في "مسنده" (4/126، 127)، ورواه أبو داود في "سننه" (4/200)، ورواه الترمذي في "سننه" (7/319، 320)؛ كلهم من حديث العرباض بن سارية].
والأحاديث في النهي عن البدع والمحدثات أحاديث كثيرة ومشهورة، وكلام أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن جاء بعدهم من المحققين كلام معلوم ومشهور وليس هناك بدعة حسنة أبدًا، بل البدع كلها ضلالة؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : "وكل بدعة ضلالة".
فالذي يزعم أن هناك بدعة حسنة يخالف قول الرسول صلى الله عليه وسلم : "فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة"، وهذا يقول: هناك بدعة ليست ضلالة! ولا شك أن هذا محادٌ لله ولرسوله.
أما قوله صلى الله عليه وسلم : "من سن في الإسلام سنة حسنة؛ فله أجرها وأجر من عمل بها" [رواه الإمام مسلم في "صحيحه" (2/704، 705) من حديث جرير بن عبد الله رضي الله عنه]؛ فهذا لا يدل على ما يقوله هؤلاء؛ لأن الرسول لم يقل من ابتدع بدعة حسنة، وإنما قال: "من سن سنة حسنة"، والسنة غير البدعة، السنة هي ما كان موافقًا للكتاب والسنة، موافقًا للدليل، هذا هو السنة؛ فمن عمل بالسنة التي دل عليها الكتاب والسنة؛ يكون له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة؛ يعني: من أحيا هذه السنة وعلمها للناس وبينها للناس وعملوا بها اقتداءً به؛ فإنه يكون له من الأجر مثل أجورهم، وسبب الحديث معروف، وهو أنه لما جاء أناس محتاجون إلى النبي صلى الله عليه وسلم من العرب، عند ذلك رق لهم الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأصابه شيء من الكآبة من حالتهم، فأمر بالصدقة وحث عليها، فقام رجل من الصحابة وتصدق بمال كثير، ثم تتابع الناس وتصدقوا اقتداءً به؛ لأنه بدأ لهم الطريق، عند ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : "من سن في الإسلام سنة حسنة؛ فله أجرها وأجر من عمل بها"؛ فهذا الرجل عمل بسنة، وهي الصدقة ومساعدة المحتاجين، والصدقة ليست بدعة؛ لأنها مأمور بها بالكتاب والسنة، فهي سنة حسنة، من أحياها وعمل بها وبينها للناس حتى عملوا بها واقتدوا به فيها؛ كان له من الأجر مثل أجورهم.
مصدر الفتوى: المنتقى من فتاوى فضيلة الشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان، 1/173، رقم الفتوى في مصدرها: 96.
4) سؤال:
ذكرتم فضيلتكم أن كل بدعة ضلالة، وأنه ليس هناك بدعة حسنة، والبعض قسم البدعة إلى خمسة أقسام: بدعة واجبة، وبدعة مندوبة، وبدعة محرمة، وبدعة مكروهة، وبدعة مباحة؛ فما هو الرد على هؤلاء؟
الجواب:
الرد أن هذه فلسفة وجلد مخالفان لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : "كل بدعة ضلالة" [رواه الإمام مسلم في "صحيحه" (2/592) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه، وهو جزء من حديث طرفه: "كان رسول الله ص إذا خطب...".]، وهم يقولون: ما كل بدعة محرمة! فهذه فلسفة في مقابل كلام الرسول صلى الله عليه وسلم وتعقيب على كلامه.
أما ما ذكروه من بعض الأمثلة وأنها بدعة حسنة؛ مثل جمع القرآن ونسخ القرآن؛ فهذه ليست بدعة، هذه كلها تابعة لكتابة القرآن، والقرآن كان يكتب ويجمع على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذه متممات للمشروع الذي بدأه الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ فهي داخلة فيما شرعه.
كذلك ما قالوه من بناء المدارس، هذا كله في تعليم العلم، والله أمر بتعليم العلم، وإعداد العدة له، والرسول أمر بذلك؛ فهذا من توابع ما أمر الله به.
لكن البدعة هي التي تحدث في الدين، وهي ليست منه؛ كأن يأتي بعبادة من العبادات ليس لها دليل من الشرع، هذه هي البدعة.
مصدر الفتوى: المنتقى من فتاوى فضيلة الشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان، 1/176، رقم الفتوى في مصدرها: 97.
بالإستعانة بشبكة فتوى: http://www.fatwanet.net/Home/Default.asp (http://www.fatwanet.net/Home/Default.asp)
العابد لله 22-08-2010, 11:57 PM ذكر البخاري في صحيحه حديثا عن عبدالله بن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة "
وعند مسلم من حديث أبو هريرة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : " صلاة الجماعة تعدل خمساً وعشرين من صلاة الفذ "
الآن ما رأيكم يا شفاء بأن نجتمع بعد صلاة العشاء مثلا ونصلي سنة العشاء جماعة بالمسجد ؟؟؟ أليس هذا مما هو مستحسن لوجود الأحاديث العامة المذكورة بفضل الصلاة في جماعة وعدم وجود أحاديث تعارض هذا الفعل ؟؟؟ ما رأيكم أجيبونا ... أم أن هناك أحاديث تنهى عن ذالك عندكم ؟؟؟
ونحن نقول أحسن الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم فما فعل نفعل وما لم يفعل وليس كما يسوق الأخ أن تركه لا يقتضى التحريم ووضحنا ذلك ولكن إن سير المبتدعه واحد لايتبدل إذا إعترضت على الوصف احتج لك بالأصل الصلاة لها أصل والفضل ثبت لصلاة الجماعة ما يمنعنى من ذلك نقول يمنعك الاتباع لا الابتداع هدانا الله واياكم بأذن الله سنفند قالتك تفنيدا وسنثبت أن ما نقلت ما هو الا استكثار لوهم القارئين وسنبين الحق بدليله
العابد لله 23-08-2010, 12:08 AM الأدلة في ذم البدعة من الكتاب والسنة وأقوال سلف الأمة: جاء في ذم البدعة نصوص كثيرة من الكتاب والسنة، وحذر منها الصحابة والتابعون لهم بإحسان، ومن ذلك على سبيل الإيجاز ما يلي:
أولاً: من القرآن:
1- قوله - تعالى -: وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ35 عن التستري: قَصْدُ السَّبِيلِ طريق السنة، وَمِنْهَا جَائِر يعني: إلى النار وذلك الملل والبدع، يقول الشاطبي: "فالسبيل القصد هو طريق الحق، وما سواه جائر عن الحق: أي عادل عنه، وهي طرق البدع والضلالات"36.
2- قوله - تعالى -: إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ37 وهؤلاء هم أصحاب الأهواء، والضلالات، والبدع من هذه الأمة38، قال ابن عطية: " وهذه الآية تعم أهل الأهواء والبدع والشذوذ في الفروع وغير ذلك من أهل التعمق في الجدال والخوض في الكلام، هذه كلها عرضة للزلل، ومظنة لسوء المعتقد"39.
3- قوله - تعالى -:وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ40 قُرئ: فارقوا دينهم، وفُسِّر عن أبي هريرة أنهم الخوارج، ورواه أبو أمامة مرفوعاً، وقيل: هم أصحاب الأهواء والبدع.
3- قوله - تعالى - :إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ41، يقول ابن كثير: "من افترى بدعة فإن ذل البدعة ومخالفة الرشاد متصلة من قلبه على كتفيه كما قال الحسن البصري: إن ذل البدعة على أكتافهم، وإن هملجت بهم البغلات، وطقطقت بهم البراذين ... فقال: هي والله لكل مفتر إلى يوم القيامة، وقال سفيان بن عيينة: كل صاحب بدعة ذليل"42.
4- قوله - تعالى -: وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ43، وقال مالك في الخروج من أرض البدعة: "لا يحل لأحد أن يقيم بأرض يسب فيها السلف"44.
5- قوله - تعالى -: هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ45، وقد ذكر الشاطبي آثاراً تدل على أن هذه الآية في الذين يجادلون في القرآن، وفي الخوارج، ومن وافقهم46، وقد جاء في الحديث تفسيرها فصح من حديث عائشة - رضي الله عنها- أنها قالت: "سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قوله: فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ قال: فإذا رأيتيهم فاعرفيهم، وصح عنها أنها قالت: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن هذه الآية: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ إلى آخر الآية فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه؛ فأولئك الذي سمى الله؛ فاحذروهم))47.
ما جاء في الأحاديث المنقولة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم-:
ما في الصحيح من حديث عائشة - رضي الله عنها - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد))48، وفي رواية لمسلم: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد))49 قال الحافظ ابن رجب الحنبلي: "وهذا الحديث أصل عظيم من أصول الإسلام ... فكل عمل لا يكون عليه أمر الله ورسوله فهو مردود على عامله، وكل من أحدث في الدين ما لم يأذن به الله ورسوله فليس من الدين في شيء"50، وفي الحديث كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يخطب الناس؛ يحمد الله، ويثني عليه بما هو أهله؛ ثم يقول: ((من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل الله فلا هادي له، وخير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة))51، وفي رواية للنسائي: ((وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار))52، وفي الصحيح من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من يتبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من يتبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً))53، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: ((سيكون في آخر أمتي ناس يحدثونكم بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم، فإياكم وإياهم))54، عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لكل أمة مجوس، ومجوس أمتي الذي يقولون: لا قدر، إن مرضوا فلا تعودوهم، وإن ماتوا فلا تشهدوهم))55.
أقوال الصحابة والسلف الصالح:
وإليك ما ورد في شأن البدعة من كلام بعض صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وهي على النحو الآتي:
* أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - يقول: "لست تاركاً شيئاً كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعمل به إلا عملت به؛ إني أخشى إن تركت شيئاً من أمره أن أزيغ"56.
* عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ذات يوم حدث نفسه؛ فأرسل إلى ابن عباس- رضي الله عنه - فقال: "كيف تختلف هذه الأمة ونبيها واحد، وكتابها واحد، وقبلتها واحدة؟ فقال ابن عباس: "يا أمير المؤمنين إنا أنزل علينا القرآن فقرأناه وعلمنا فيم أنزل، وإنه سيكون بعدنا أقوام يقرأون القرآن ولا يعرفون فيم نزل، فيكون لكل قوم فيه رأي، فإذا كان لكل قوم فيه رأي اختلفوا، فإذا اختلفوا اقتتلوا، فزبره عمر وانتهره، فانصرف ابن عباس، ثم دعاه بعد فعرف الذي قال، ثم قال: إيه أعد علي"57، ويقول: "إياكم وأصحاب الرأي فإنهم أعداء السنن، أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها فقالوا بالرأي، ضلوا أضلوا)58.
* عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - يقول: "كل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة"59.
* عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - يقول: "اتبعوا آثارنا ولا تبتدعوا فقد كفيتم"60، وعنه - رضي الله عنه - يقول: "الاقتصاد في السنة خير من الاجتهاد في البدعة"، وعنه أيضاً يقول: "اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم"، ويقول: "تعلموا العلم قبل أن يقبض، وقبضه أن يذهب أهله، ألا وإياكم والتنطع، والتعمق، والبدع، وعليكم بالعتيق"، ويقول: "إنا تقتدي ونتبع ولا نبتدع، ولن نضل ما تمسكنا بالأثر"، ويقول: "أيها الناس إنكم ستحدثون ويحدث لكم، فإذا رأيتم محدثة فعليكم بالأمر الأول".
* ابن عباس - رضي الله عنهما - يقول: "عليكم بالاستقامة والأثر، وإياكم والبدع"، ويقول: "ما يأتي على الناس عام إلا أحدثوا فيه بدعة، وأماتوا سنة، حتى تحيا البدع، وتموت السنن"61.
* عمر بن عبد العزيز كان يكتب في كتبه: "إني أحذركم ما مالت إليه الأهواء والزيغ البعيدة"، ومن كلامه قال: "سن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وولاة الأمر من بعده سنناً؛ الأخذ بها تصديق لكتاب الله، واستكمال لطاعة الله، وقوة على دين الله، ليس لأحد تغييرها ولا تبديلها، ولا النظر في شيء خالفها، من عمل بها مهتدٍ، ومن انتصر بها منصور، ومن خالفها اتبع غير سبيل المؤمنين، وولاه الله ما تولى، وأصلاه جهنم وساءت مصيراً"، وقال يوصي رجلاً: "أوصيك بتقوى الله، والاقتصاد في أمره، واتباع سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وترك ما أحدث المحدثون بعد ما جرت به سنته ... فعليك بلزوم سنته فإنها لك بإذن الله عصمة".
* وقد قال إمام دار الهجرة مالك - رحمه الله -: "من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمداً خان الرسالة لأن الله يقول: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً"62، وعن عبدالله بن وهب قال: كنا عند مالك، فدخل رجلٌ فقال: يا أبا عبد الله الرحمن على العرش استوى، كيف استوى؟ فأطرق مالك، فأخذته الرحضاء، ثم رفع رأسه فقال: "الرحمن على العرش استوى كما وصف به نفسه، ولا يقال كيف، وكيف عنه مرفوع، وما أراك إلا صاحب بدعة، أخرِجوه"63.
* الإمام أحمد يقول: "أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله، والاقتداء بهم، وترك البدعة، وكل بدعة ضلالة، وعنه أيضاً: أخوف ما أخاف على الناس اثنتان: أن يؤثروا ما يرون على ما يعلمون، وأن يضلوا وهم لا يشعرون"64.
* الفضيل بن عياض يقول: "أدركت خيار الناس كلهم أصحاب سنة، وينهون عن أصحاب البدع"65، وقال: "من أتاه رجل فشاوره فدله على مبتدع فقد غش الإسلام، واحذروا الدخول على صاحب البدع فإنهم يصدون عن الحق"66، وقال: "إن لله ملائكة يطلبون حلق الذكر، فانظروا من يكون مجلسك، لا يكون مع صاحب بدعة؛ فإن الله لا ينظر إليهم، وعلامة النفاق أن يقوم الرجل ويقعد مع صاحب بدعة"67، وقال أيضاً: "الأرواح جنوده مجندة فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف، ولا يمكن أن يكون صاحب سنة يمالئ صاحب بدعة إلا من النفاق"، ويقول: "اتبع طرق الهدى ولا يضرك قلة السالكين، وإياك وطرق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين"68، ويقول: "لا تجلس مع صاحب بدعة أحبط الله عمله، وأخرج نور الإسلام من قلبه"69، ويقول: "صاحب البدعة لا تأمنه على دينك، ولا تشاوره في أمرك، ولا تجلس إليه، فمن جلس إلى صاحب بدعة ورثه الله العمى"70.
* عبد الله بن المبارك يقول: "صاحب البدعة على وجهه الظلمة، وإن ادهن كل يوم ثلاثين مرة"، وكان يقول: "اللهم لا تجعل لصاحب بدعة عندي يداً فيحبه قلبي".
* الحسن يقول: "صاحب البدعة لا يزداد اجتهاداً - صياماً وصلاة - إلا ازداد من الله بعداً"71، ويقول: "لا تجالس صاحب بدعة فإنه يمرض قلبك"72.
* وعن عمرو بن قيس: "لا تجالس صاحب زيغ فيزيغ قلبك"73.
* أبو إدريس الخولاني يقول: "لأن أرى في المسجد ناراً لا أستطيع إطفاءها؛ أحب إلي من أن أرى فيه بدعة لا أستطيع تغييرها"74.
* إبراهيم بن ميسرة يقول: "ومن وقَّر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام"75.
* أيوب السختياني يقول: "ما ازداد صاحب بدعة اجتهاداً إلا زاد من الله - عز وجل - بعداً"76.
* مصعب بن سعد يقول: "لا تجالس مفتوناً فإنه لن يخطئك منه إحدى خصلتين: إما أن يفتنك فتتابعه، أو يؤذيك قبل أن تفارقه"77.
* عن أبي قلابة قال: "لا تجالسوا أهل الأهواء فإني لا آمن أن يغمسوكم في ضلالتهم، أو يلبسوا عليكم بعض ما تعرفون"78.
* ويقول الأوزاعي: "اصبر نفسك على السنة، وقف حيث وقف القوم، وقل بما قالوا، وكف عما كفوا عنه، واسلك سبيل سلفك الصالح، فإنه يسعك ما وسعهم".
اللهم وفقنا لكل خير، وادفع عنا كل ضير، والحمد لله رب العالمين.
أهل السنة 23-08-2010, 04:43 AM الأخ الغالى :شفاء
كم كنت أود أن تفهم أقوال العلماء كما قال أخى الكريم أبو إسراء قبل أن تستشهد بها.
الرد على شبهات من قسم البدعة إلى حسنة وسيئة
ٍ
http://www.w6w.net/album/35/w6w200504191940258bb30d67.gif
بسم الله الرحمان الرحيم
مازلنا وإياكم في نتناول الرد على دعاة الباطل وكشف حججهم الواهية التي يخدعون بها عوام المسلمون ليتسنى لهم تمرير باطلهم على قالب حق إلا أنه يأبى الله إلا أن يتم نوره ففي الحين الذي نرى فيه دعاة الباطل من كل أصنافهم ونحلهم إجتمعوا ضد هذه الدعوة المباركة نجد هناك من الشباب من وقف ضد هذه الحملات الإعلامية الشرسة وغيرها سائلين المولى عز وجل السداد التوفيق والعصمة من الفتن ما ظهر منها وما بطن ومن تلكم الحجج الواهية التي قد تبدوا للقارئ هينا وهي عند الله عظيمة تقسيمهم للبدعة إلى حسنة وسيئة مستدلين بخيوط أوهي من بيت العنكبوت ليتمكنوا بذلك فتح المجال لكل بدعة بحجة أنها حسنة والله المستعان.
ولمناقشة هذه المسألة أتطرق إلى عدة نقاط:
http://www.w6w.net/album/35/w6w200504191940258bb30d67.gif
أولا :تعريف البدعة
قال الشاطبي: (طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية، يقصَد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه)(1)
قال ابن رجب: (والمراد بالبدعة ما أحدِث مما لا أصل له في الشريعة يدلّ عليه، وأما ما كان له أصل من الشرع يدلّ عليه فليس ببدعة شرعًا وإن كان بدعة لغة)(2)
قال السيوطي: (البدعة عبارة عن فعلةٍ تصادم الشريعة بالمخالفة أو توجب التعاطي عليها بزيادة أو نقصان)(3)
قال ابن تيمية: (البدعة في الدين هي ما لم يشرعه الله ورسوله، وهو ما لم يأمر به أمر إيجاب ولا استحباب، فأما ما أمر به أمر إيجاب أو استحباب وعلم الأمر به بالأدلة الشرعية فهو من الدين الذي شرعه الله، وإن تنازع أولو الأمر في بعض ذلك، وسواء كان هذا مفعولاً على عهد النبي صلى الله عليه وسلم أو لم يكن"(4)
قلت : وكل هذه التعاريف لها نفس المدلول ولا يوجد إختلاف فيها .
http://www.w6w.net/album/35/w6w200504191940258bb30d67.gif
ثانيا : أنواع البدع :
قال فضيلة الشيخ صالح بن الفوزان الفوزان-كتاب عقيدة التوحيد- :
البدعة في الدين نوعان :
النوع الأول : بدعة قوليّة اعتقاديّة ، كمقالات الجهميّة والمعتزلة والرّافضة ، وسائر الفرق الضّالّة ، واعتقاداتهم .
النوع الثاني : بدعة في العبادات ، كالتّعبّد لله بعبادة لم يشرعها ، وهي أقسام :
القسم الأول : ما يكون في أصل العبادة : بأن يحدث عبادة ليس لها أصل في الشرع ، كأن يحدث صلاة غير مشروعة أو صيامًا غير مشروع أصلًا ، أو أعيادًا غير مشروعة كأعياد الموالد وغيرها .
القسم الثاني : ما يكون من الزيادة في العبادة المشروعة ، كما لو زاد ركعة خامسة في صلاة الظهر أو العصر مثلًا .
القسم الثالث : ما يكون في صفة أداء العبادة المشروعة ؛ بأن يؤديها على صفة غير مشروعة ، وذلك كأداء الأذكار المشروعة بأصوات جماعية مُطربة ، وكالتشديد على النفس في العبادات إلى حد يخرج عن سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - .
القسم الرابع : ما يكون بتخصيص وقت للعبادة المشروعة لم يخصصه الشرع ، كتخصيص يوم النصف من شعبان وليلته بصيام وقيام ، فإن أصل الصيام والقيام مشروع ، ولكن تخصيصه بوقت من الأوقات يحتاج إلى دليل .
http://www.w6w.net/album/35/w6w200504191940258bb30d67.gif
ثالثا :الأدلة على عدم وجود بدعة حسنة
قال الله تعالى "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينا "
سورة المائدة:3
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار" [رواه النسائي في "سننه" (3/188 ـ 189) من حديث جابر بن عبد الله بنحوه، ورواه الإمام مسلم في "صحيحه" (2/592) بدون ذكر: ((وكل ضلالة في النار)) من حديث جابر بن عبد الله. وللفائدة انظر: "كتاب الباعث على إنكار البدع والحوادث" لأبي شامة رحمه الله تعالى (ص93) وما بعدها].
ويقول الصحابي الجليل عبدالله بن عمر رضي الله عنه: { كل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة } [أخرجه الدارمي بإسناد صحيح].
وفي هذا النص دلالة قاطعة على فساد هذا التقسيم الجديد
قال الإمام مالك -رحمه الله تعالى-: ( من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمدا خان الرسالة لأن الله يقول " الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ " فما لم يكن يومئذ دينا لا يكون اليوم دينا ) . .
وقال الإمام أحمـد -رحمـه الله-: ( أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والاقتداء وترك البدع وكل بدعة فهي ضلال ) .
وقال أبو حنيفة -رحمه الله-: ( عليك بالأثر وطريق السلف ، وإياك وكل محدثة فإنها بدعة ) ،
http://www.w6w.net/album/35/w6w200504191940258bb30d67.gif
رابعا : وقفة منهجية عند أثر الصحابي الجليل ابن مسعود
هذا ابن مسعود -رضي الله عنه- ينكر على جماعة من المسلمين كانوا قد جلسوا يذكرون الله بذكر على غير الهيئة التي جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد روى الدارمي في سننه أن رجلا أخبر عبد الله بن مسعود أن قوما يجلسون في المسجد بعد المغرب فيهم رجـل يقول كبروا الله كذا وكذا . وسبحوا الله كذا وكذا . واحمدوا الله كذا وكذا .
قال عبد الله : فـإذا رأيتهم فعلوا ذلك فأتني فأخبرني بمجلسهم ، فأتاهم فجلس فلما سمع ما يقولون قام فأتى ابن مسعود فجاء وكان رجلا حديدا ، فقال: أنا عبد الله بن مسعود ، والله الذي لا إله غيره لقد جئتم ببدعة ظلمـا ولقـد فضـلتم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم علما .
فقال عمرو بن عتبة : أستغفر الله . فقال: عليكم بالطريق فالزموه ولئن أخـذتم يمينا وشـمالا لتضـلن ضلالا بعيدا
فإذا كان ابن مسعود -رضي الله عنه- قد أنكر هذه الهيئة التي يذكرون الله بها رغم أن الذكر الوارد فيها مشروع بيد أنه أنكر عليهـم الشكل والصفة وتخصيص هذا الوقت بالذات للذكر فكيف لو اطلع ابن مسعود على هذه الأذكار التي يذكر بها المسلمون اليوم وهي لا تمت إلى ذكر الله بصلة مما ابتدعه أصحاب الطرق الصوفية وغيرهم من الأذكار الإبليسية التي زينها لهم الشيطان منها ما يرددونه بصوت واحد من قولهم (هو هو) أو (حي حي) وغير ذلك من ألوان الهذيان الـذي يـرددونه ويزعمون أنه ذكر لله في الوقت الذي لو سمعتهم وهـم يتـرنمون بهـذه الأذكار التي لا يفهم منها شيء في كثير من الأحيان لخيل إليك أن أمامك سباعا تتعاوى وتتهارش على فريسة بل تحولت أذكار كثير ممن ينتسب إلى الإسلام اليوم إلى أنواع من الرقصات المختلفة فضلا عما يصحب ذلك من آلات الطرب والمعازف واختلاط الرجال بالنساء وشرب المسكرات وغير ذلك من أنواع الفساد التي يمليها عليهم الشيطان ، فيا ليت شعري ، ماذا سيقول هذا الصحابي الجليل لو اطلع على هذه المناظر أو سـمع تلك الأصوات المنكرة " إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ".
[CENTER]http://www.w6w.net/album/35/w6w200504191940258bb30d67.gif
خامسا : الرد على شبهات المقسمين للبدعة إلى حسنة وسيئة :
الشبهة الأولى : إستدلالهم بحديث مَنْ سَنَّ في الإسلام سُنَّةً حسَنَةً فَلَهُ أجرُها وأجرُ مَن عَمِلَ بها بعدَهُ مِن غير أن يَنْقُصَ من أجُورِهم شَىءٌ، ومَن سَنَّ في الإسْلامِ سُنَّةً سَيّئةً كانَ عليه وِزْرُها ووِزْرُ مَن عَمِلَ بِها مِنْ بَعْدِه مِن غَيرِ أن يَنْقُصَ مِن أَوزَارِهم شَىءٌ" رَواهُ مسلمٌ.
الجواب :
(هذا الحديث لا يدل على ما يقوله هؤلاء؛ لأن الرسول لم يقل من ابتدع بدعة حسنة، وإنما قال: "من سن سنة حسنة"، والسنة غير البدعة، السنة هي ما كان موافقًا للكتاب والسنة، موافقًا للدليل، هذا هو السنة؛ فمن عمل بالسنة التي دل عليها الكتاب والسنة؛ يكون له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة؛ يعني: من أحيا هذه السنة وعلمها للناس وبينها للناس وعملوا بها اقتداءً به؛ فإنه يكون له من الأجر مثل أجورهم، وسبب الحديث معروف، وهو أنه لما جاء أناس محتاجون إلى النبي صلى الله عليه وسلم من العرب، عند ذلك رق لهم الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأصابه شيء من الكآبة من حالتهم، فأمر بالصدقة وحث عليها، فقام رجل من الصحابة وتصدق بمال كثير، ثم تتابع الناس وتصدقوا اقتداءً به؛ لأنه بدأ لهم الطريق، عند ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : "من سن في الإسلام سنة حسنة؛ فله أجرها وأجر من عمل بها"؛ فهذا الرجل عمل بسنة، وهي الصدقة ومساعدة المحتاجين، والصدقة ليست بدعة؛ لأنها مأمور بها بالكتاب والسنة، فهي سنة حسنة، من أحياها وعمل بها وبينها للناس حتى عملوا بها واقتدوا به فيها؛ كان له من الأجر مثل أجورهم.)(5)
[الشبهة الثانية : إستدلالهم بقول عمر رضي الله عنه: "نعمت البدعة هذه"[رواه البخاري في "صحيحه" (2/252) من حديث عبد الرحمن بن عبد القاري]
الجواب :
المراد بذلك البدعة اللغوية لا البدعة الشرعية؛ لأن عمر قال ذلك بمناسبة جمعه الناس على إمام واحد في صلاة التراويح، وصلاة التراويح جماعة قد شرعها الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ حيث صلاها بأصحابه ليالي، ثم تخلف عنهم خشية أن تفرض عليهم[انظر: "صحيح البخاري" (2/252) من حديث عائشة رضي الله عنها]، وبقي الناس يصلونها فرادى وجماعات متفرقة، فجمعهم عمر على إمام واحد كما كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم في تلك الليالي التي صلاها بهم، فأحيا عمر تلك السنة، فيكون قد أعاد شيئًا قد انقطع، فيعتبر فعله هذا بدعة لغوية لا شرعية؛ لأن البدعة الشرعية محرمة، لا يمكن لعمر ولا لغيره أن يفعلها، وهم يعلمون تحذير النبي صلى الله عليه وسلم من البدع.(6)
الشبهة الثالثة:إستدلالهم ببعض أعمال الصحابة رضوان الله عليهم كجمع المصحاف وغيرها
[COLOR=red]الرد:
يقول فقه الجزائر أحمد حماني رحمه الله:
فليس في البدع مستحسن لا يقبحه الشرع, بل كل بدعة فهي مقبوحة.
وأما جمع المصاحف والعلوم الشرعية والمساعدة على خدمة الشريعة فلا يصدق عليها تعريف البدعة.
بل يصدق على جمع المصاحف وكتابته أنه سنة أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم بإلتزامها وحث عليها في قوله صلى الله عليه وسلم (فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين)وجمع المصاحف مما أجمع عليه الخلفاء الأربعة,شرع فيه أبو بكر وعمر وأكمله عثمان وصرح أنه لو لم يفعله قبله لفعله ,فتسميته بدعة -إذا صحت-تسمية مجازية ,كذلك جمع عمر الناس في صلاة التراويح على قارئ واحد سماه بدعة مجازا,وإلا هي سنة بقول الرسول صلى الله عليه وسلم ,وبفعله وتركها النبي صلى الله عليه وسلم شفقة على أمته أن تفرض عليهم فلما أمن الفرض أمر بها عمر, وكذلك وضع علم النحور ,فقد كان بأمر من علي بن أبي طالب لأبي الأسود الدؤلي كما هو مذكور في تاريخ النحو ,ومثل النحو غيره من العلوم العربية ,وكذلك علم أصول الدين,وعلم أصول الفقه,كل هذه لا يصدق عليها انها بدع.
فإن البدعة (عبارة عن طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشريعة بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه).
فالبدعة خاصتها انها خارجة عما رسمه الشارع,وبهذه الخاصة ينفصل عنها كل ما يظهر لبادئ الرأي أنه مخترع مما هو متعلق بالدين ,فعلم النحو ,والصرف, واللغة,وأصول الفقه,وأصول الدين وكل العلوم الخادمة للشريعة ان لم توجد في الزمان الأول,فان أصولها موجودة ,فالنحو يتوصل للنطق الصحيح لألفاظ القرآن, وبعلوم اللسان يهتدي إلى الصواب في الكتاب والسنة,وبأصول الفقه يمكن استقراء كليات الأدلة لتكون نصب عين المجتهد والطالب.
وتصنيفها على الوجه الذي صنفت عليه مخترع خقا,ولكن في الحديث ما يدل على جواز الإقدام وحتى لو سلم انه لا دليل عليه بالخصوص,فالمصلحة المرسلة تقتضيه والشرع -بجملته يدل على إعتباره- فليس ببدعة ألبتة)من كتاب الصراع بين السنة والبدعة
ٍ
الشبهة الرابعة: إستدلالهم بقوله تعالى"وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاء رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ" سورة الحديد 27
الرد:
إن الآية المذكورة لا تعتبر مدحا للنصارى لبدعتهl إنما ذما من وجهين الاول الإبتداع والثاني عدم الإلتزام وفي هذا يقول الإمام ابن كثير في تفسيره(وهذا ذم لهم من وجهين (أحدهما) ـ الابتداع في دين الله مالم يأمر به الله و (الثاني) ـ في عدم قيامهم بماالتزموا مما زعموا أنه قربة يقربهم إلى الله عز وجل)اه
فإن قيل قوله تعالى " فما رعوها حق رعايتها " .. يدل على أنهم لو رعوها حق رعايتها لكانوا ممدوحين .. قيل ليس في الكلام ما يدل على ذلك بل يدل على أنهم مع عدم الرعاية يستحقون من الذم ما لا يستحقونه بدون ذلك فيكون ذم من ابتدع البدعة ولم يرعها حق رعايتها أعظم من ذم من رعاها وإن لم يكن واحد منهما محمودا بل مذموما مثل نصارى بني تغلب ونحوهم ممن دخل في النصرانية ولم يقوموا بواجباتها بل أخذوا منها ما وافق أهواءهم فكان كفرهم وذمهم أغلظ ممن هو أقل شرا منهم والنار دركات كما أن الجنة درجات.
الشبهة الخامسة:إستدلالهم ببعض أقوال أهل العلم كقول الإمام الشافعي:"المحدثات من الأمور ضربان: ما أحدث يخالف كتاباً أو سنة أو أثراً أو إجماعاً، فهذه البدعة ضلالة، وما أحدث لا خلاف فيه لواحد من هذا، فهذه محدثة غير مذمومة، قد قال عمر رضي الله عنه في قيام رمضان "نعمت البدعة هذه"، يعني إنها محدثة لم تكن، وإن كانت فليس فيها رد لما مضى". (ابن عساكر في تبيين كذب المفتري ص 97).
الرد:
الإمام الشافعي أو غيره من اهل السنة يقصدون البدعة في اللغة، وليس الإحداث في الدين، ويدل على هذا أن الإمام الشافعي نفسه يقول: "وهذا يدل على أنه ليس لأحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول إلا بالاستدلال، إلى أن قال: ولا يقول بما استحسن، فإن القول بما استحسن شيء يحدثه لا على مثال سبق". (الرسالة 504) .
وفي هذا يقول ابن رجب: "فكل من أحدث شيئاً ونسبه إلى الدين، ولم يكن له أصل من الدين يرجع إليه، فهو ضلالة والدين بريء منه، وسواء في ذلك مسائل الاعتقادات أو الأعمال والأقوال الظاهرة والباطنة، وأما ما وقع في كلام السلف من استحسان بعض البدع، فإنما ذلك في البدع اللغوية لا الشرعية. فمن ذلك قول عمر رضي الله عنه لمّا جمع الناس في قيام رمضان على إمام واحد في المسجد، وخرج ورآهم يصلون كذلك، فقال: "نعمت البدعة هذه ". (جامع العلوم والحكم ص 252).
وقال الشاطبي في معرض رده على المستحسن للبدع بقول عمر رضي الله عنه، فقال: "إنما سماها بدعة باعتبار ظاهر الحال من حيث تركها رسول الله صلى الله عليه وسلم، واتفق أن لم تقع في زمان أبي بكر رضي الله عنه، لأنها بدعة في المعنى" (الاعتصام 1/195
ويقول شيخ الإسلام ابن تيميةرحمه الله: "كل ما لم يشرع من الدين فهو ضلالة، وما سمي بدعة، وثبت حسنه، بأدلة الشرع فأحد الأمرين فيه لازم، إما أن يقال ليس ببدعة في الدين، وإن كان يسمى بدعة من حيث اللغة كما قال نعمت البدعة هذه". (مجموع الفتاوى 10/471 ـ 22/ 234).
وبهذا يتم الرد على شبهات القوم ولله الحمد والمنة.
---------------------------------
(1)الاعتصام (1/37).
(2)جامع العلوم والحكم (ص 265).
(3) الأمر بالاتباع (ص 88).
(4) مجموع الفتاوى (4/ 107-108).
(5)المنتقى من فتاوى فضيلة الشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان، 1/173، رقم الفتوى في مصدرها: 96.
(6) المنتقى من فتاوى فضيلة الشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان، 1/171، رقم الفتوى في مصدرها: 94
أبو إسراء A 23-08-2010, 05:39 AM أعتقد أن رد أهل السنة كافى لإبطال القول بأن هناك بدعة حسنة ، أو أن هذا قد قال به أحد من الأئمة حاشاهم.
العابد لله 23-08-2010, 08:40 AM الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد كلام أخينا أهل السنة فصل وفيه الكفاية لمن أراد الله به الهداية ولكن من باب وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين نأخذ طرفا من كلامه ونتابع الرد على من قال بوجود البدعة فى الاسلام
استدل المبتدعة ببعض الأحاديث : 1- بحديث جرير.فى مسلم " من سن فى الاسلام ............"
2- حديث أبي هريرة عند مسلم أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال : (( من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا يَنْقُص ذلك من أجورهم شيئا ، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا ))
ووجه الدلالة : أنهم فسروا ((من دعا إلى هدى )) بتفسير البدعة الحسنة .
ونوقش هذان الاستدلالان بما يلي :-
أ - أن حديث جرير السابق لا يدل على هذا التقسيم لأن المقصود بالسنة الحسنة هي السنة التي لها أصل في الشرع بدليل مناسبة الحديث فقد حث النبي - صلى الله عليه وسلم - على السنة الحسنة بعدما رأى ذلك الرجل الذي جاء بصُرَّةٍ كادت كفُّه تعجز عن حملها ليخرجها صدقة ، والصدقة موجودة في أصل الشرع وليست سنة مخترعة ومبتدعة ، وعليه يحمل الحديث الآخر أيضاً .
ب- أن السنة الحسنة والسيئة لا يمكن معرفتهما إلا من جهة الشرع فالتحسين والتقبيح مختص بالشرع لا مدخل للعقل فيه وكذا الدعوة إلى الهدى .
ج- أن الحديث ليس فيه سوى السنة الحسنة والسنة السيئة ، وليس فيه ذكر للبدعة أبداً ، وكذلك الحديث الآخر ففي الحديث الدعوة إلى الهدى وليس في الابتداع والإحداث .
د- أن حديث جرير السابق فيه دليل على محاربة البدع لا الحث عليها ، ووجه ذلك أنه له شقين الأول الحث على السنة الحسنة , وأفضل توضيح لها النظر في مناسبة الحديث فقد جاءت في الصدقة والصدقة مشروعة فالسنة الحسنة تحمل على ما هو مشروع ، والشق الثاني السنة السيئة ويدخل في عمومها البدع من باب الأولى .
[ انظر الاعتصام للشاطبي ( 1/182) وانظر موقف أهل السنة والجماعة من أهل الأهواء والبدع للدكتور إبراهيم الرحيلي (114) ، وانظر البدعة وأثرها لسليم الهلالي ص(26) ، وأنظر أقسام البدعة وأحكامها للدكتور أحمد عبد الكريم ص(232-236) ].
3- استدلوا بما أحدثه الصحابة - رضوان الله عليهم - على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - من السنن المستحسنة ولم ينكر عليهم النبي- صلى الله عليه وسلم - ومن أمثلة ذلك:
أـ حديث أبي هريرة- رضي الله عنه - عند البخاري وقول النبي- صلى الله عليه وسلم - : (( يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام فإني سمعت دفَّ نعليك بين يدي في الجنة فقال : ماعملت عملاً أرجى عندي أني لم أتطهر طهوراً في ساعة ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ماكتب لي أن أصلي))
ب ـ حديث أبي هريرة- رضي الله عنه - عند البخاري في قصة قتل خبيب بن عدي- رضي الله عنه - وقبل أن يقتلوه قال : دعوني أصلي ركعتين فكان أول من سنّ ركعتين عند القتل .
ج ـ حديث رفاعة بن رافع - رضي الله عنه - في قصة الرجل الذي دخل مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال بعد الركوع (( الحمدلله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه )) فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : رأيت بضعة وثلاثين ملكاً يبتدرونها أيهم يكتبها أولاً )) متفق عليه وهناك أمثلة أخرى في السنة النبوية .
ونوقش هذا الاستدلال بمايلي:
1- أن هذه الأعمال من الصحابة - رضوان الله عليهم - ليست من السنن المستحسنة بلا دليل , وإنما من الأعمال التي تُعرض على الشرع فإن أقرَّها وإلا كانت ضلالاً.
2-هذه الأفعال وغيرها بلغت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأقرَّ منها وأنكر , ولو لم يكن باب العبادات مبنيَّاً على التوقيف لأقرَّ النبي - صلى الله عليه وسلم -كل أعمال الصحابة - رضوان الله عليهم - ، فقد ورد أن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنكر على أصحابه الخوض في القدر، وإطراءه بشيء لايليق إلا بالله عز وجل ، وأنكر تزكية الصحابة بعضهم لبعض، والإعتماد على الحبل لدفع النوم في قيام الليل , وترك النكاح , ومواصلة الصيام والقيام , وغيرها من الأمثلة التي فعلها الصحابة مريدين به الله والدار الآخرة ، وهذا يدل على أن فعلهم قد يُقرُّ وقد يُنكر فيما فعلوه استحسانا .
3-أن ما أقرَّه النبي- صلى الله عليه وسلم - من أفعال الصحابة - رضوان الله عليهم - هو من قبيل السنة لا البدعة , فهو سنة تقريرية وإقرار النبي- صلى الله عليه وسلم - سنة من أجل إقراره لا من أجل عمل الصحابي.
4-أن الإقرار انقطع بموت النبي - صلى الله عليه وسلم - وتقريره صلى الله عليه وسلم تشريع انتهى بوفاته.
5- أن قولهم بأن الصحابة ابتدعوا بدعاً حسنة ووافقها النبي - صلى الله عليه وسلم - يلزم منه أن يقال أن ابليس قد ابتدع (أو سن) سنة حسنة ، حينما أرشد لقراءة آية الكرسي لمن آوى إلى فراشه وقصته مع أبي هريرة- صلى الله عليه وسلم - حينما سرق الشيطان من مال الزكاة ثلاث أيام وأن أبا هريرة - رضي الله عنه - يريد أن يرفعه الى النبي- صلى الله عليه وسلم - وفي الحديث أن الشيطان علّمه آية الكرسي وفضل قولها عند النوم مقابل ألا يرفعه إلى النبي- صلى الله عليه وسلم - وفعل , وأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم – وقال (صدقك وهو كذوب) فهل نقول أن هذه سنة نبوية تقريرية , أو بدعة إبليسية (حسنة) لاشك أن القول بالثاني ضلال بعيد لايقوله أحد.
4- استدلوا بما أحدثه بعض الصحابة وصرحوا بأنها بدعة وأقرُّوها ولم تكن ضلالة، وأقوى ما تمسكوا به من الآثار فعل عمر رضي الله عنه حين جمع المسلمين على إمام واحد في رمضان وهو أبيّ بن كعب - رضي الله عنه -، وقوله (( نعم البدعة هذه )) رواه البخاري , من حديث عبدالرحمن بن عبدٍ القاري .
ونوقش هذا الاستدلال من وجهين:-
الأول: أن المراد بذلك البدعة اللغوية لا الشرعية، لأن عمر- رضي الله عنه - فعل ماشرعه النبي - صلى الله عليه وسلم - لكنه ابتدأه في عصره بعدما انقطع فسمي بدعة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله - : " أكثر ما في هذا تسمية عمر - رضي الله عنه - تلك بدعة , مع حسنها, وهذه تسمية لغوية لا تسمية شرعية وذلك لأن البدعة في اللغة تعمُّ كل فعل ابتدأ من غير مثال سابق , وأما البدعة الشرعية : فما لم يدل عليه دليل شرعي ))
[انظر اقتضاء الصراط المستقيم ص 59]
وقال ابن رجب : " ما وقع في كلام السلف من استحسان بعض البدع ذلك في البدع اللغوية لا الشرعية" [انظر جامع العلوم والحكم لابن رجب 1/266]
والوجه الثاني : أن ما فعله عمر - رضي الله عنه - ليس بدعة أصلاً بل هو سنة ووجه ذلك :
أولاً : أن الصلاة في ليالي رمضان له أصل في الشرع فهو من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد خرج وصلَّى بهم الليلة الأولى والثانية والثالثة من رمضان , وصلى معه رجال ثم لم يخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - خشية أن تفترض عليهم الصلاة فيعجزوا ، والحديث متفق عليه من حديث أبي هريرة- رضي الله عنه -.
ثانياً : أن النبي- صلى الله عليه وسلم - حث على أداء الصلاة جماعة في ليالي رمضان فقال : ((من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة )) رواه الترمذي وقال {حديث حسن صحيح} وهذا الحديث فيه الحث على قيام رمضان جماعة وما حث عليه النبي- صلى الله عليه وسلم - لايكون بدعة وهذا هو فعل عمر- رضي الله عنه - فهو سنة نبوية شريفة.
ثالثاً : أن جمع الصحابة - رضوان الله عليهم - على إمام واحد في التراويح وقع في زمن الخلافة الراشدة، وبأمر من خليفة راشد أُمِرنا باتباع سنته وهو عمر- رضي الله عنه - وأعمال الخلفاء الراشدين تندرج تحت السنن لا البدع لحديث العرباص بن سارية- رضي الله عنه - قال النبي- صلى الله عليه وسلم - :((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ )) رواه الترمذي وقال{حديث حسن صحيح}ورواه ابن ماجه .
وهذا الحديث يفيد أن مافعله الخلفاء الراشدون مما لم يكن على عهد النبي- صلى الله عليه وسلم - فهو سنة متبعة وليس بدعة كزيادة عثمان - رضي الله عنه - النداء الثالث يوم الجمعة, وقتال أبي بكر- رضي الله عنه - لمانعي الزكاة ونحوهما من الأعمال.
رابعاً : إجماع الصحابة السكوتي على موافقة عمر - رضي الله عنه - في فعله , فلم يُعرف له منكر على فعله فدل على أنه سنة لا بدعة شرعية.
هذه هي أدلة القول الأول مع مناقشتها .
والقول الثاني : أنه لايوجد في الشرع بدعة حسنة فكل البدع منكرة ، وهذا قول الإمامين أبي حنيفة وأحمد .
قال الامام أبو حنيفة : " عليك بالأثر وطريقة السلف, وإياك وكل محدثة فإنها بدعة "
[انظر ذم التأويل لابن قدامة المقدسي ص (13) ]
وقال الإمام أحمد بن حنبل: " أصول السنّة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله - عليه الصلاة والسلام - والاقتداء بهم وترك البدع، وكل بدعة فهي ضلالة "
[انظر (ذم التأويل) لابن قدامة ص(32)ثم قال:وقال ابن المديني مثل ذلك]
استدل أصحاب هذا القول بأدلة نقلية وأدلة عقلية:-
أولاً : الأدلة النقلية :-
1- حديث العرباص بن سارية- رضي الله عنه - وفيه قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ((فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور ,فإن كل محدثة بدعة ,وكل بدعة ضلالة )) رواه الترمذي وقال{حديث حسن صحيح}ورواه ابن ماجه .
ووجه الدلالة: أن قول النبي - صلى الله عليه وسلم - ((كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة)) نصٌّ في المسألة حيث أن لفظ (كل ) لفظاً عام يستغرق جميع أفراده ولايخرج فرد من الأفراد إلا بمخصص ولا مخصص هنا، وهذا الحديث لم يفرق بين بدعة وبدعة أخرى .
- قال ابن رجب :" (كل بدعة ضلالة) من جوامع الكلم لايخرج عنه شيء، وهو أصل عظيم من أصول الدين"[ انظر جوامع العلوم والحكم 1/266]
- وقال الشاطبي : " قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ((كل بدعة ضلالة)) محمول عند العلماء على عمومه لايُستثنى منه شيء البتة ، وليس فيها ماهو حسن أصلاً , إذ لاحسن إلا ماحسَّنه الشرع ولا قبيح الا ماقبَّحه الشرع ، فالعقل لا يحسِّن ولا يقبِّح ,وإنما يقول بتحسين العقل وتقبيحه أهل الضلال"
[انظر فتاوى الامام الشاطبي ص(181,180)]
وقال أيضاً : " والحاصل....أن البدع لاتنقسم إلى ذلك الانقسام , بل هي من قبيل المنهي عنه إما كراهة وإما تحريماً " [ انظر الاعتصام 1/211]
2- حديث جابر بن عبدالله- رضي الله عنه - قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا خطب احمرّت عيناه وعلا صوته، واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش يقول: صبحكم ومساكم يقول : ((أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله, وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم, وشر الأمور محدثاتها, وكل بدعة ضلالة)) رواه مسلم , وفي رواية لابن ماجه: ((وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة)) وفي رواية للنسائي : (( وكل ضلالة في النار))
2- حديث عائشة – رضي الله عنها - أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال : (( من أحدث في أمرنا هذا ماليس منه فهو رد )) متفق عليه .
- قال ابن رجب : " كل من أحدث شيئاُ ونسبه إلى الدين، ولم يكن له أصل من الدين يرجع إليه فهو ضلالة والدين منه بريء "
[ انظر جامع العلوم والحكم 1/266]
3- إنكار النبي - صلى الله عليه وسلم - لأفعال وتصرفات وقعت للصحابة - رضوان الله عليهم -أرادوا بها التزود في العبادة ، وتقدم بيان ذلك.
4- استدلوا بفهم الصحابة - رضوان الله عليهم - لأحاديث النهي عن البدع وأنها تتناول كل بدعة ومن أمثلة ذلك:-
- قول ابن عمر- رضي الله عنه - : " كل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة " وسنده صحيح كما قال الألباني في تخريج اصلاح المساجد ص(13).
- قول معاذ بن جبل- رضي الله عنه - : " إياكم وما ابتُدع فإن ما ابتدع ضلال " رواه أبو داوود برقم(4611)
ثانياً : الأدلة العقلية : وهي كثيرة منها :
1- أن القول بالبدعة الحسنة مفسدة للدين, ومنفذ لأعداء الدين أن يدخلوا فيه ماليس منه ، فكل ما استحسنته عقولهم أدخلوه بحجة البدعة الحسنة وهم منافقون كاذبون يريدون هدم الدين.
2- إن جازت الزيادة في الدين باسم البدعة الحسنة جاز أن يستحسن مستحسن حذف شيء من الدين ونقصه باسم البدعة الحسنة.
3- أن العقول كثير لاتتوافق فما تراه بدعة حسنة لايراه غيرك كذلك وربما ينكره وهذا يؤدي إلى الافتراق.
4- أن تصرف المخلوقين في الشرائع مغيّر لها لا محالة , وبهذا فسدت كتب الأديان السالفة, واستحسان مالم يكن من الدين بحجة البدعة الحسنة يغيِّر من الشرع ويزيد فيه شيئاً كثيراً.
وعند التأمل فإن هناك من الأدلة العقلية الشيء الكثير مايردُّ القول باستحسان أعمال لادليل عليها وادخالها في الشرع ولاشك أن القول الثاني هو الأظهر والله أعلم , ويكفي في ذلك أن نردِّد في قلوبنا وأعمالنا قول نبينا صلى الله عليه وسلم : (( كل بدعة ضلالة )) والله تعالى أعلم وأحكم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
[للإستزادة انظر البدع والحوادث للطرطوشي، والبدع والنهي عنها لابن وضاح ، وتنبيه الغافلين لابن النحاس]
هذا ولله الحمد والمنة وجزاكم الله خيرا
العابد لله 23-08-2010, 09:48 AM هل لفظة كل فى حديث كل بدعة ضلالة تدل على العموم أم على الخصوص ؟
/ لفظ " كل " من ألفاظ العموم، وقد جزم أهل اللغة بأن فائدة هذا اللفظ: هو رفع احتمال التخصيص إذا جاء مضافاً إلى نكرة، أو جاء للتأكيد.
2/ من أحكام لفظ " كل " عند أهل اللغة والأصول: أن " كل " لا تدخل إلا على ذي جزئيات وأجزاء، ومدلولها في الموضعين: الإحاطة بكل فرد من الجزئيات أو الأجزاء.
ومن أحكامها أيضاً عندهم: إذا أضيفت إلى نكرة كقوله تعالى: { كل امرئ بما كسب رهين }، وقوله جل وعلا: { وكل شيء فعلوه في الزبر } .. فإنها تدل على العموم المستغرق لسائر الجزئيات، وتكون نصاً في كل فـرد دلت عليه تلك النكرة مفرداً كان أو تثنية أو جمعا، ويكون مع الاستغراق للجزئيات بمعنى: أن الحكم ثابت لكل جزء من جزئيات النكرة اهـ [2/144].
فاذا علمنا أنها للعموم، فهل يمكن تخصيصها؟ وإذا أمكن تخصيصها، هل وجد هذا المخصص؟
وأقول والله المستعان: أنه لا يمكن أن يخصص هذا العموم إلا بدليل صحيح، يصرح بمنطوقه لا مفهومه على أن هناك بدعة ليست ضلالة، وهذا دونه خرق القتاد [ أصل هذه العبارة أن يقال: خرط القتاد " بالطاء " لا " بالقاف "!! ].
وأقصى ما عندهم في هذا: حديث { أنه من أحيا سنة من سنتي قد أميتت بعدي، فان له من الاجر مثل من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيئاً، ومن ابتدع بدعة ضلالة لا ترضي الله ورسوله كان عليه مثل آثام من عمل بها لا ينقص ذلك من أوزار الناس شيئاً }[رواه الترمذي].
وهم يستدلون بهذا الحديث من جهة مفهوم المخالفة للفظ { بدعة ضلالة }، أي: أن هناك بدعة ليست بضلالة.
ولا يخفى ما في هذا الاستدلال من ضعف، على افتراض صحة الحديث، بل هذا الحديث حجة عليهم لا لهم؛ فمن أوجه ضعف هذا الاستدلال:
أن " الضلالة " هنا ليس تقييد، بل وصف للبدعة بأنها ضلالة، وأن وصف الضلالة لازم لها، ويدل عليه { كل بدعة ضلالة }؛ فهو موافق للحديث في عمومه لا مخصص له.
أن الحديث سيق مساق الذم للبدع لا مدحها.
والحديث حجة عليهم من كونه جعل مقابل البدعة الضلالة إحياء سنة قد أميتت ولم يجعل مقابلها بدعة حسنة. وهذا موافق لمفهوم [ الحشوية: أدعياء ] أهل السنة لحديث { من سن في الاسلام سنة حسنة .. }.
هذا من جهة المتن.
أما السند: ففيه كثير بن عبد الله، قال المنذري في " الترغيب ": فيه كثير بن عبد الله، متروك واه. وقال ابن عبد البر: مجمع على ضعفه.
وعلى هذا: فلا يمكن تخصيص حديث { كل بدعة ضلالة }.
وأما ما يستدلون به على تخصيص الحديث: بقضايا فردية: صلاة التراويح، جمع المصحف، صلاة ركعتين للوضوء، وغيرها:
فما كان فيه إقرار من النبي صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يُقال: أنه بدعة، بل هو سنة بالإقرار.
وما كان موقوفاً أو مقطوعاً، احتاج إلى الاستدلال له بالأدلة الشرعية ( الكتاب، السنة، الإجماع، القياس الصحيح )، فان ثبت دخوله فيها: كان سنةً ولم يكن بدعة، وإن لم يثبت له دليل: دل على أنه باطل. والله اعلم
العابد لله 23-08-2010, 01:17 PM البراهين على أن كل بدعة ضلالة وليس فيها شيء حسن
إن تقسيم البدع إلى حسنة وقبيحة، تقسيم لا مستند له في الشرع، وكيف يكون له أصل وهو ينافي صريح القرآن وصحيح الأحاديث؟!
وهاك البيان على وجه التفصيل:
(أولاً: إن من أصول الدين الواجب اعتقادها، ولا يصح إيمان المرء دونها، أن الإِسلام دين أتقن الله بناءه وأكمله، فمجال الناس التطبيق والتنفيذ "السمع والطاعة" وهذا أمر أدلته ظاهرة)( 1 ).
(يقول الله تعالى ممتناً على عباده: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِينا ]المائدة:3[.
فهذه الآية الكريمة تدل على تمامِ الشريعة وكمالها، وكفايتها لكل ما يحتاجه الخلق الذين أنزل الله قوله فيهم:وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ]الذاريات:56[.
يقول الإمام ابن كثير - رحمه الله - في "تفسيره" (2/19):
"هذه أ كبر نعم الله تعالى على هذه الأمة، حيث أ كمل تعالى لهم دينهم، فلا يحتاجون إلى دين غيره، ولا إلى نبي غير نبيهم صلوات الله وسلامه عليِه، ولهذا جعله الله تعالى خاتم الأنبياء، وبعثه إلى الإنس والجن، فلا حلال إلاَ ما أحله، ولا حرام إلا ما حرمه، ولا دين إلا ما شرعه".
فأي إحداث أو ابتداع إنما هو استدراك على الشريعة، وجرأة قبيحة ينادي بها صاحبها أنَّ الشريعة لم تكف، ولم تكتمل!، فاحتاجت إلى إحداثه وابتداعه!!
وهذا ما فهمه تماما أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والأئمة من بعدهم؛ فقد صح عن ابن مسعود أنه قال:"اتبعوا ولا تبتدعوا؛ فقد كفيتم، وكل بدعة ضلالة" "الاعتصام" للإمام الشاطبي تحقيق سليم الهلالي. دار ابن عفان بالخبر ط1.
وروى البخاري عن حذيفة بن اليمان انه قال:"يا معشر القراء استقيموا فقد سبقتم سبقا بعيدا، فإن أخذتم يمينا وشمالا لقد ضللتم ضلالا بعيدا".
وخلاصة القول:"إن المستحسِن للبدعِ يلزمه عادة أن يكون الشرع عنده لم يكمل بعد،
فلا يكون لقوله تعالى:"الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ" معنى يعتبر به عندهم" "اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم" لشيخ الإسلام ابن تيمية.تحقيق ناصر بن عبد الكريم العقل. مكتبة الرشد بالرياض ط5. .
"فإذا كان كذلك؛ فالمبتدع إنما محصول قوله بلسان حاله أو مقاله: إن الشريعة لم تتم، وإنه بقي منها أشياء يجب استدراكها؛ لأنه لو كان معتقدا لكمالها وتمامها من كل وجه؛ لم يبتدع، ولا استدرك عليها، وقائل هذا ضال عن الصراط المستقيم.
قال الإمام الشوكاني في "القول المفيد" (ص38) مناقشاً بعض المبتدعين في شيء من آرائهم:" فإذا كان الله قد أكمل دينه قبل أن يقبض نبيه صلى الله عليه وسلم فما هذا الرأي الذي أحدثه أهله بعد أن أكمل الله دينه؟!
إن كان من الدين في اعتقادهم؛ فهو لم يكمل عندهم إلا برأيهم (!) وهذا فيه رد للقرآن!
وإن لم يكن من الدين؛ فأي فائدة في الاشتغال بما ليس من الدين ؟!
وهذه حجة قاهرة، ودليل عظيم، لا يمكن لصاحب الرأي أن يدفعه بدافع أبدا، فاجعل هذه الآية الشريفة أول ما تصك به وجوه أهل الرأي،وترغم به آنافهم،وتدحض به حججهم".
إذ " كل ما أحدث بعد نزول هذه الآية؛ فهو فضلة، وزيادة، وبدعة" ( 1 )) ( 2 ).
ثانياًhttp://www.sonna3ma.com/forums/images/smilies/frown.gifإنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان لزاما عليه أن يقوم بحق الرسالة، فيبلغ الإسلام غير منقوص
قال تعالى:"وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ" ]النحل:44[ ولقد فعل صلى الله عليه وسلم وإلا فما بلغ رسالته - وحاشاه - فما أنتقل إلى جوار ربه راضيا مرضيا إلا والدين كامل لا يحتاج إلى زيادة) ( 3 ).
وقد أشار إلى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: إنه لم يكن نبي قبلي إلاَ كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شر ما يعلمه لهم رواه مسلم.
وأخرج الطبراني في "معجمه الكبير"(1647)بسند صحيح عن أبي ذر الغفاري t قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما بقي شيء يقّرب من الجنة ويباعد من النار؛ إلا وقد بين لكم .
وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم: قد تركتكم على البيضاء،ليلها كنهارها،لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك رواه ابن ماجة ( 4 ).
وقد صح عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت:"من حدثك أن النبي صلى الله عليه وسلم كتم شيئاً من الوحي فلا تصدقه، إن الله تعالى يقول:يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَه ]المائدة:67[" رواه البخاري مسلم.
ولهذا لما قال بعض المشركين لسلمان الفارسي t :"إني أرى صاحبكم يعلمكم كل شيء حتى الخراءة؟
قال: أجل، أمرنا أن لا نستقبل القبلة، وأن لا نستنجي بأيماننا، ولا نكتفي بدون ثلاثة أحجار، ليس فيها رجيع ولا عظم" رواه مسلم وأبو داود وابن ماجة.
وقال ابن الماجِشون: سمعت مالكا يقول: "من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة؛ فقد زعم أن محمدا صلى الله عليه وسلم خان الرسالة؛ لأن الله يقول:الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ فما لم يكن يومئذ دينا؛ فلا يكون اليوم دينا"( 1 ).
ثالثاً: إنَّ التشريع حق لرب العالمين، وليس من حق البشر، (لأن الله الذي وضع الشرائع، ألزم الخلق الجري على سنتها، وصار هو المنفرد بذلك؛ لأنه حكم بين العباد فيما كانوا فيه يختلفون.
ولو كان التشريع من مدركات الخلق لم تتنزل الشرائع، ولم تبعث الرسل، وهذا الذي ابتدع في دين الله قد صير نفسه ندا لله، حيث شرع مع الله، وفتح للاختلاف باباً ورد قصد الله في الانفراد بالتشريع)"اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم" لشيخ الإسلام ابن تيمية.تحقيق ناصر بن عبد الكريم العقل. مكتبة الرشد بالرياض ط5.
قال الله عز وجل:اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ ]الأعراف:3[.
وقال تعالى:أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ]الشورى:21[.
وقال عز وجل:وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ]الأنعام:153[.
قال الإمام مجاهد- رحمه الله - وهو من كبار التابعين في تفسير قول الله تعالى:وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ:"البدع والشبهات"(1).
وقال: من أحدث في أمرِنا هذا ما ليس منه؛ فهو رد متفق عليه.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد رواه مسلم.
(والرسول صلى الله عليه وسلم وهو من هو معرفة وحكمة وعلما لم يكن يحكم باستحسانه ويشرع بنفسه؛ قال تعالى:إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّه ]النساء:105[،
وقال الله عز وجل:وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ]النحل:44[؛
وقال: وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ]النجم:3- 4[)(2).
وقال الله تعالى: قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي... ]الأعراف:203[.
وقال تعالى:اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ]الأنعام: 106[.
وقد ذم رسول الله صلى الله عليه وسلم قوما يفعلون أموراً لم يأمرهم بها الله ولم يحثهم عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ففي "صحيح مسلم" عن عبدالله بن مسعود tقال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من نبي بعثه الله في أمة قبل، إِلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره.ثم إِنها تخلف من بعدهم خلوف، يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون. فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن،ومن جاهدهم بِقلبه فهو مؤمن؛ وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل .
(فمن ابتدع عبادة من عنده - كائنا من كان -؛ فهي ضلالة ترد عليه؛ لأن الله وحده هو صاحب الحق في إنشاء العبادات التي يتقرب بها إليه.
لذا؛ فإن صحة الاستدلال بالقواعد العلمية تقتضي أن نقول كما قال العلامة ابن القيم في كتابه العجاب "إعلام الموقعين" (1/344):
"ومعلوم أ نه لا حرام إلا ما حرمه الله ورسوله، ولا تأثيم إلا ما أثم الله ورسوله به فاعله، كما أنه لا واجب إلا ما أوجبه الله، ولا حرام إلا ما حرمه الله، ولا دين إلا ما شرعه الله، فالأصل في العبادات البطلان حتى يقوم دليل على الأمرِ، والأصل في العقود والمعاملات الصحة حتى يقوم دليل على النهي".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في "مجموع الفتاوى " (31/35):
"باب العبادات والديانات و التقربات متلقاة عن الله ورسوله، فليس لأحد أن يجعل شيئاً عبادة أو قربة؛ إلا بدليل شرعي".
وقال الإمام ابن كثير - رحمه الله - في "تفسيره" (4/401) مناقشاً مسألة إهداء ثواب
القراءة للموتى، حيث جزم بعدم وصولها،معللاً سبب المنع :"إنه ليس من عملهم، ولا كسبهم، ولهذا لم يندب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته، ولا حثهم عليه، ولا أرشدهم إليه بنص ولا إيماء،
ولم ينقل ذلك عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم، ولو كان خيراً؛ لسبقونا إليه.
وباب القربات يقتصر فيه على النصوص، ولا يتصرف فيه بأنواع الأقيسة والآراء" وعلى هذا جرى السلَف الصالح رضي الله عنهم من الصحابة والتابعين):
(فعن علي بن أبي طالب tقال:"لو كان الدين بالرأي، لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر خفيه"رواه أبو داود.
وقال عمر بن الخطاب لما قبل الحجر الأسود:"إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك؛ ما قبلتك" رواه البخاري ومسلم.
وقالت امرأة لعائشة رضي الله عنها: أتقضي إحدانا صلاتها إذا طهرت؟
فقالت رضي الله عنها:"أحرورية أنت؟ كنا نحيض في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فلا يأمرنا به،
أو قالت: فلا نفعله" رواه البخاري ومسلم.
وروى الترمذي (2738)، والحاكم (4/265-266) وغيرهما بسند حسن عن نافع أن رجلا عطس إلى جنب ابن عمر رضي الله عنهما، فقال: الحمد لله، والسلام على رسوله! قال ابن عمر:"وأنا أقول: الحمد لله والسلام على رسول الله وليس هكذا علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم علمنا أن نقول: الحمد لله على كل حال".
فهذه أحاديث نبوية وآثار سلفية من صحابة كرام، تبين المنهج الصحيح في تلَقي الشرع،
وأنه لا مجال لتحسين العقل فيه، أو لتزيين الرأي به، وأن مورد ذلك كله النصوص الشرعية.
ولهذا قال الإمام الشافعي رحمه الله في كلمته المشهورة التي نقلها عنه أئمة مذهبه وعلماؤه كالغزالي في "المنخول" (ص374)، والمحلي في "جمع الجوامع-2/395 بحاشيته": "من استحسن فقد شرع ".
رابعاً: إنَّ الابتداع اتباع للهوى لأن العقل إذا لم يكن متبعا للشرع لم يبق له إلا الهوى والشهوة؛ وأنت تعلم ما في أتباع الهوى وأنه ضلال
ألا ترى قول الله تعالى:يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ .
فحصر الحكم في أمرين لا ثالث لهما عنده، وهو الحق والهوى، وعزل العقل مجرداً إذ لا يمكن في العادة إلا ذلك.
وقال:وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ ]الكهف:28[ فجعل الأمر محصوراً بين أمرين، اتباع الذكر؛ واتباع الهوى، وقال:وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّه]القصص:50[)(2).
وقال الله عز وجل:ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ]الجاثية:18[.
وعن عبد الله بن مسعود ٍ قال:"خطَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا خطا، ثم قال: هذا سبيل الله ، ثم خطَّ خطوطا عن يمينه وعن شماله وقال: هذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إِليه وقرأ:وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" رواه احمد والحاكم.
وقال عبدالله بن مسعود t:"إنا نقتدي ولا نبتدي، ونتبع ولا نبتدع، ولن نضل ما تمسكنا بالأمر" أخرجه اللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة" (1/96).
العابد لله 23-08-2010, 01:21 PM البراهين على أن كل بدعة ضلالة وليس فيها شيء حسن
خامساً: إنَّ الإخلاص لا يكفي في العمل حتى يكون متقبلاً لأن
(دين الإسلام مبني على أصلين: أن نعبد الله وحده لا شريك له، وأن نعبده بما شرعه من الدين، وهو ما أمرت به الرسل).
فشروط العمل الصالح المتقبل هي: أولاً: الإخلاص.
وثانياً: متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم.
قال الفضيل بن عياض - رحمه الله -:"إن العمل إذا كان خالصاً ولم يكن صواباً؛ لم يُقبل، وإذا كان صواباً ولم يكن خالصاً لم يُقبل والخالص إذا كان لله عز وجل والصواب إذا كان على السنة".
وقال الإمام ابن كثير- رحمه الله - في "تفسيره"(1/572) عند تفسير قوله تعالى:وَمَنْ
أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ ]النساء:125 [وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ
أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ - أي أخلص العمل لربه عز وجل فعمل إيماناً واحتسابا-ً وَهُوَ مُحْسِنٌ أي اتبع في عمله ما شرعه الله له وما أرسل به رسوله من الهدى ودين الحق، وهذان الشرطان لا يصح عمل عامل بدونهما أي يكون خالصاً صواباً والخالص أن يكون لله، والصواب أن يكون متابعاً للشريعة فيصح ظاهره بالمتابعة، وباطنه بالإخلاص فمتى فقد العمل أحد هذين الشرطين فسد... الخ).
والأدلة على هذين الشرطين كثيرة: فمن أدلة وجوب إخلاص العبادة لله قوله تعالى:
وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ ]البينة:5[.
وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أرأيت رجلاً غزا يلتمس الأجر والذكر؛ ما له؟. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا شيء له فأعادها ثلاث مرات، يقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم:
لا شيء له ثم قال: إن الله لا يقبل من العمل؛ إلا ما كان له خالصاً،وابتغي به وجهه رواه النسائي .
ومن أدلة وجوب متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم :قوله تعالى:قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ]آل عمران:31[.
وقال تعالى:وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ]الأعراف:158[.
وروى البخاري ومسلم عن انس tانه قال:جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم فلما أخبروا بها، كأنهم تقالوها، فقالوا: وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم؟ قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال أحدهم: أما أنا؛ فأنا أصلي الليل أبداً، وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟! أما والله؛ إني لأخشاكم لله، وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي؛ فليس مني .
وقد صح عن معاوية أنه كان يستلم أركان الكعبة الأربعة، فقال له ابن عباس "إنه لا يستلم هذان الركنان"، فقال معاوية: "ليس شيءٌ من البيت مهجوراً" رواه البخاري ومسلم والترمذي وأحمد.
وزاد أحمد:فقال ابن عباس رضي الله عنهما:لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ
حَسَنَةٌ فقال معاوية :"صدقت".
(ولا أدل على ذلك من قصة عبدالله بن مسعود لما جاء إلى أولئك القوم المتحلقين في المسجد، ومعهم حصى، يعدون بها التكبير والتهليل والتسبيح، فقال لهم t:"فعدوا سيئاتكم، فأنا ضامنٌ أن لا يضيع من حسناتكم شيءٌ، ويحكم يا أمة محمدٍ! ما أسرع هلكتكم! هؤلاء صحابة نبيكم rمتوافرونَ، وهذه ثيابه لم تبل، وآنيته لم تكسر، والذي نفسي بيده، إنكم لعلى ملةٍ أهدى مِن ملةٍ محمدٍ أو مفتتحو باب ضلالةٍ".
قالوا: والله يا أبا عبد الرحمن؛ ما أردنا إلا الخير.
قال:"وكم من مريدٍ للخيرِ لن يصيبه" رواه الدارمي في "سننه" (1/68-69) وأبو نعيم
وغيرهما، وسنده صحيح.
قلت: فهذه قصة جليلة، ترى فيها بجلاء كيف كان علماء الصحابة رضي الله تعالى عنهم
يتعاملون مع العبادات بوسائلها ومقاصدها ونيات أصحابها، وبيان ذلك فيما يلي:
أ - قوم يذكرون الله تعالى، تكبيراً، وتهليلاً، وتسبيحاً.
ب - استعملوا في ذكرهم حصى كـ (وسيلة) لعد هذا التكبير والتسبيح.
ج - نياتهم في عملهم هذا حسنة، يريدون به، عبادة الله، وذكره، وتعظيمه.
د - ومع ذلك؛ أنكر عليهم ابن مسعود هذا العمل ضمن هذه الوسيلة؛ لأنه لم يعهد عن رسول الله r؛ رغم وجود المقتضي له في عصره.
هـ - رتب على عملهم المحدث هذا الإثم لمخالفتهم السنة، ومواقعتهم البدعة.
و - لم يجعل - t- حسن نياتهم سبيلاً للتغاضي عن عملهم، أو دليلاً على صحة فعلهم، إذ النية الحسنة لا تجعل البدعة سنة، ولا القبيح حسناً، بل لا بد أن يكون مع النية الحسنة والإخلاص: موافقة للسنة، ومتابعة للسلف) .
وعن سعيد ابن المسيب - رحمه الله -: أنه رأى رجلاً يصلي بعد طلوع الفجر أكثرَ من ركعتين، يكثر فيهما الركوع والسجود، فنهاه! فقال: يا أبا محمد يعذبني الله على الصلاة؟ قال:"لا ولكن يعذبك على خلاف السنة" .
قال الألباني- رحمه الله- في"الإرواء"(2/236):"وهذا من بدائع أجوبة سعيد بن المسيب رحمه الله تعالى، وهو سلاح قوي على المبتدعة الذين يستحسنون كثيراً من البدعِ باسم أنها ذكر وصلاة، ثم ينكرون على أهل السنة إنكار ذلك عليهم، ويتهمونهم بأنهم ينكرون الذكر والصلاة!! وهم في الحقيقة إنما ينكرون خلافهم للسنة في الذكر والصلاة ونحو ذلك" اهـ.
وقال رجل للإمام مالك:يا أبا عبدالله من أين أحرم؟
قال: من ذي الحلَيفة، من حيث أحرم رسول الله .
فقال: إني أريد أن أحرم من المسجد من عند القبر.
قال: لا تفعل؛ فإني أخشى عليك الفتنة.
فقال: وأي فتنة في هذه ؟! إنما هي أميال أزيدها!!
قال: وأي فتنةٍ أعظم من أن ترى أنك سبقت إلى فضيلةٍ قصر عنها رسول الله r؟
قال تعالى:فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ]النور:63[.
فهذه الأدلة تدل على أن إخلاص أولئك في نيتهم لم يمنع الرسول ولا الصحابة
ولا التابعين ومن تبعهم من الإنكار عليهم بسبب عدم متابعتهم في أعمالهم تلك للرسول r.
سادساً: إن الأدلة الصحيحة جاءت بذم البدع مطلقاً، ولم تقسم البدع إلى بدع حسنة مستحبة و إلى بدع سيئة مكروهة:
قال رسول الله : أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمدٍ، وشر الأمور محدَثاتها، وكل محدَثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة؛ "وكل ضلالةٍ في النار" أخرجه مسلم في صحيحه والنسائي والزيادة له.
وقال r: فإن من يعش منكم؛ فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء
الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ،وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم .
وقال r: من أحدث في أمرِنا هذا ما ليس منه؛ فهو رد متفق عليه.
وقال r: من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد رواه مسلم.
(فهذه الأحاديث لم تفرق في الحكم بين بدعةٍ وبين بدعةٍ أخرى، فالنكرة إذا أضيفت؛ أفادت العموم، والعموم لا يخص إلا باستثناء، و أين الاستثناء هنا؟! - وما قد يظنه البعض دليل على الاستثناء سيأتي الجواب عنه فيما بعد إن شاء الله - وهذا ما فهمه السلف الصالح رضي الله عنهم أجمعين: فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال:" كل بدعةٍ ضلالة وإن رآها الناس حسنة ".
وقال عبد الله بن مسعود t:"أيها الناس! إنكم ستحدثون ويحدث لكم، فإذا رأيتم محدثة؛ فعليكم بالأمرِ الأول".
فكلاهما أخذ معنى (البدعة) على عمومه، دون تفريق بين ما يسمى بدعة حسنة
أو بدعة سيئة! وهو الذي لا ينبغي سواه).
(وقد ثبت في الأصول العلمية أن كل قاعدة كلية أو دليل شرعي كلي؛ إذا تكررت في مواضع كثيرة وأوقات متفرقة وأحوال مختلفة، ولم يقترن بها تقييد ولا تخصيص فذلك دليل على بقائها على مقتضى لفظها العام المطلق.
وأحاديث ذم البدع والتحذير منها من هذا القبيل، فقد كان النبي يردد من فوق المنبر على ملأ من المسلمين في أوقات كثيرة وأحوال مختلفة أن كل بدعةٍ ضلالة ولم يأت في آية ولا حديث تقييد ولا تخصيص ولا ما يفهم منه خلاف ظاهر الكلية من العموم فيها، فدل ذلك دلالة واضحة على أنها على عمومها وإطلاقها.
وقد اجمع السلف الصالح على ذمها وتقبيحها والهروب عنها وعمن اتسم بشيء منها،
ولم يقع منهم في ذلك توقف ولا استثناء، فهو - بحسب الاستقراء - إجماع ثابت يدل دلالة واضحة على أن البدع كلها سيئة ليس فيها شيء حسن).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في"مجموع الفتاوى" (10/370)إن المحافظة على عموم قول النبي : كل بدعةٍ ضلالة متعين وأنه يجب العمل بعمومه).
سابعاً: (إن معرفة البدعة المدعى حسنها متعذرة، لأن الأمر قد يكون ظـاهره طاعة وهو
معصية وقد يكون الأمر بالعكس وقد يحسن كثير من العقول بمجر دها أن تصلي الظهر خمساً عند النشاط والرغبة في مناجاة الله ويحسن أن تصلي ركعة عند التعب والإعياء وتراكم الأشغال وهكذا يقال في سائر الفروض.
فيقال لمحسني البدع أنتم في حاجة شديدة أن تميزوا البدعة الحسنة من القبيحة، ونحن على اتفاق أنه ليس كل ما ظـاهره طـاعة يكون في الواقع طـاعة، ولا كل ما ظـاهره معصية يكون في الواقع معصية، وغـاية الأمر أن يكون هذا المحدث المبتدع دائراً بين أن يكون حسنا مثابا عليه، وأن يكون قبيحاً معاقباً عليه، وإذا كان كذلك فلا يجوز أن تدعوا أنه من القسم الأول إلا بدليل خارج، والدليل إذا كان من الكتاب؛ أو السنة الصحيحة؛ أو الإجماع؛ فما هو من البدعة، فظهر أن القول بالبدعة الحسنة باطل لتعذر معرفتها.
وسر البرهان أننا نقول لمن أشار إلى عمل محدث وقال هذه بدعة حسنة: من أين عرفت أنها حسنة ولعلها قبيحة؟
وكم نشاهد من الأعمال ما نظنه حسناً وهو قبيح، فمثلاً ما يدريك لولا ما جاء في "صحيح مسلم"عن عقبة بن عامر tأنه قال: ثلاث ساعاتٍ كان رسول الله r ينهانا أن نصلي فيهن، أو أن نقبر فيهن موتانا؛ حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب أن الصلاة بعد صلاة الفجر وقبل غروب الشمس وفي وقت الظهيرة غير جائزة؟
وما يدريك لولا ما جاء في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت:"أول
ما فرضت الصلاة ركعتين، فأقرت صلاة السفر و أتمت صلاة الحضر" أن إتمام الصلاة في السفر غير جائز، وأن الفاعل لذلك معذب؟ وقد قال بتعذيبه كثير من العلماء.
وما يدريك لولا قول الرسول rبعد أن توضأ ثلاثاً ثلاثاً: هكذا الوضوء، فمن زاد علَى
هذا فقد أساء وظلم -أن الزيادة في الوضوء كأن يغسل المتوضئ خمساً لا تجوز،
وما يدريك لولا ما جاء في صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله قال: ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعا أو ساجدا أن قراءة القرآن في الركوع والسجود غير جائزة بل مكروهة؛ والإمام أبو حنيفة قائل بذلك؟ وكثير في الشريعة ما نظنه طاعة يثاب عليه وهو معصية يعاقب عليه وكذلك العكس).
قال عبدالله القصيمي في كتابه "شيوخ الأزهر والزيادة في الدين" (20- 21):
(خاطبت يوما شيخاً من شيوخ الأزهر الذين يقولون: إن في الدين بدعة حسنة؛ قلت له: ما الفاصل بين البدعة الحسنة والبدعة القبيحة الذي يعتمد عليه المسلم فيأخذ الحسن ويترك القبيح؟ فامتقع لونه وقال (وليته ما قال): البدعة الحسنة هي الجائزة ديناً، والقبيحة هي الممنوعة ديناً! قلت له: ما صنعت شيئاً، بأي شيء نعرف الجائزة والممنوعة؟ وهو سؤالي. فامتقع أكثر وقال: الجائزة هي الحسنة، والممنوعة هي السيئة!! قلت له: هذا هو الدور الممنوع لدى المعممين كافة، إذ لا نعرف الحسن إلا بكونه حلالاً، ولا الحلال إلا بكونه حسناً، ولا القبيح إلا بكونه حراماً، ولا الحرام إلا بكونه قبيحاً. ثم نشط عقله من عقاله وقال: البدعة الحسنة التي لا ضرر فيها، والقبيحة هي ذات الضرر. قلت له: ما تقصد بالضرر؟ أتقصد ضرر الدنيا أم ضرر الدنيا والأخرى، أم ضرر الأخرى فحسب؟ إن قصدت الأول:فأي ضرر في أن نصلي الظهر خمساً والمغـرب أربعاً والفجر ستاً وأن نجعل السجود في الصلاة قبل الركوع، والركوع قبل القيام، والقيام قبل الجلوس، والتشهد قبل الاستفتاح، وأن نصوم شعبان بدل رمضان إذا خفنا أن لا يدركنا رمضان أو يشغلنا شاغل، وأن نصوم في الليل؟
هل في واحدة من هؤلاء ضرر دنيوي تراه؟ لا ضرر سوى مخالفة الشرع.
وإن قصدت الثاني والثالث فما العلامة أن هذه الحادثة فيها ضرر علينا في الدار الآخرة وعقاب لفاعليها؟ هذا وأنت من الذين ينفون التقبيح والتحسين العقليين، فانتهى هنا.
والنهاية أن من لم يأخذ بظواهر هذه الأخبار تحير وقال أقوالاً باطلة) اهـ.
والدليل على هذا أن كثيراً من الذين قالوا بالبدع الحسنة قد أنكروا أعمالا في ظاهرها الحسن، بل إنك لتجد أحد العلماء يقول في بدعة ما أنها حسنة تجد عالماً آخر وهو ممن يقول بالبدع الحسنة ينكرها أشد الإنكار وإليك بعض الأمثلة على ذلك:
1- العز بن عبد السلام وهو من أشهر من قال بتقسيم البدع إلى بدع حسنة وبدع سيئة يقول في كتابه "الفتاوى" (ص392)ولا يستحب رفع اليد في القنوت كما لا ترفع في دعاء الفاتحة، ولا في الدعاء بين السجدتين، ولم يصح في ذلك حديث، وكذلك لا ترفع اليدان في دعاء التشهد؛ ولا يستحب رفع اليدين في الدعاء إلا في المواطن التي رفع فيها رسول الله يديه، ولا يمسح وجهه بيديه عقيب الدعاء إلا جاهل، ولم تصح الصلاة على رسول الله rفي القنوت، ولا ينبغي أن يزاد على صلاة رسول الله في القنوت بشيء ولا ينقص) اهـ.
وقال في"الترغيب عن صلاة الرغائب الموضوعة"(ص7- 8)فإن الشريعة لم ترِد بالتقرب إلى الله تعالى بسجدةٍ منفردةٍ لا سبب لها، فإن القرب لها أسباب، وشرائط، وأوقات، وأركان، لا تصح بدونها. فكما لا يتقرب إلى الله تعالى بالوقوف بعرفة ومزدلفة ورمي الجمار، والسعي بين الصفا والمروة من غير نسكٍ واقعٍ في وقته بأسبابه وشرائطه؛فكذلك لا يتقرب إليه بسجدةٍ منفردةٍ، وإن كانت قربةً، إذا لم يكن لها سبب صحيح وكذلك لا يتقرب إلى الله عز وجل بالصلاة والصيام في كل وقتٍ وأوانٍ، وربما تقرب الجاهلون إلى الله تعالى بما هو مبعد عنه، من حيث لا يشعرون) اهـ.
وهذا الكلام صدر من العز بن عبد السلام - رحمه الله - أثناء إنكاره لصلاة الرغائب المبتدعة؛ وقد أنكر هذه الصلاة بالإضافة إلى العز بن عبد السلام كثير من العلماء القائلين بالبدعة الحسنة مثل الإمام النووي في "فتاوى الإمام النووي" (ص57) وعبد الله الغماري في "حسن البيان في ليلة النصف من شعبان"؛ مع العلم أن بعض العلماء قال باستحبابها مثل ابن الصلاح وأبو حامد الغزالي في "الإحياء" وأبو طالب المكي في "قوت القلوب" وعدوها من البدع الحسنة.
وقال أيضاً العز بن عبد السلام كما في "فتاوى العز بن عبد السلام" (ص289)ومن فعل طـاعة لله تعالى، ثم أهدى ثوابها إلى حي؛ أو ميت لم ينتقل ثوابها إليه إذ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ]النجم:39[ فإن شرع في الطاعة ناوياً أن يقع عن ميت لم يقع عنه إلا فيما استثناه الشرع كالصدقة:والصوم، والحج) انتهى كلامه، ومعروف أن كثيراً من العلماء قالوا بجواز إهداء كثير من الطاعات للأموات وإن لم يرد دليل على ذلك وإنما قياساً على ما ورد!.
وقال أيضاً في (ص197- 199)أما مسألة الدعاء فقد جاء في بعض الأحاديث أن رسول الله عَلم بعض الناس الدعاء فقال في أوله: قل اللهم إني أقسم عليك بنبيك محمد نبي الرحمة وهذا الحديث إن صح فينبغي أن يكون مقصوراً على رسول الله ، لأنه سيد ولد آدم، وأن لا يقسم على الله تعالى بغيره من الأنبياء والملائكة والأولياء لأنهم ليسوا في درجته، وأن يكون هذا مما خُص به تنبيهاً على علو درجته ومرتبته) انتهى كلامه رحمه الله وكثير ممن قلده في تقسيم البدع تجده يخالفه في هذه المسألة! فيقول بجواز الإقسام على الله بغير النبي مع العلم أن الراجح عدم جواز ذلك مطلقاً.
2- الإمام أبو شامة - رحمه الله - أنكر في "الباعث على إنكار البدع والحوادث" كثيراً من بدع الجنائز مثل قول القائل أثناء حمل الجنازة: استغفروا له غفر الله لكم، كما أنكر أن يكون للجمعة سنة قبلية (ص258- 304)، وأنكر كذلك صلاة الرغائب (ص138- 196)، وأنكر كذلك صلاة ليلة النصف من شعبان (ص134- 138)، ومع كل ذلك قال (ص95) بأن الاحتفال بالمولد النبوي يعتبر بدعة حسنة!!.
3- وأما الإمام النووي - رحمه الله - وهو من القائلين بتقسيم البدع، فقد قال في"المجموع" (8/102)قال الشيخ أبو محمد الجويني:رأيت الناس إذا فرغوا من السعي؛ صلوا ركعتين على المروة.
قال: وذلك حسن، وزيادة طاعة، ولكن لم يثبت ذلك عن رسول الله .هذا كلام أبي محمد!!
وقال أبو عمرو بن الصلاح : ينبغي أن يكره ذلك؛ لأنه ابتداء شعار، وقد قال الشافعي - رحمه الله -: ليس في السعي صلاة.
- ثم قال النووي - وهذا الذي قاله أبو عمرو أظهر، والله أعلم) اهـ.
وقال أيضاً في "الأذكار" (ص136)قال الشافعي وأصحابنا رحمهم الله يكرهون الجلوس للتعزية؛ قالوا: يعني بالجلوس لها: أن يجتمع أهل الميت في بيتٍ ليقصدهم من أراد التعزية، بل ينبغي أن ينصرفوا في حوائجهم،ولا فرق بين الرجال والنساء في كراهة الجلوس لها..الخ).
4 - وأما السيوطي- رحمه الله - فقد أنكر في كتابه "الأمر بالاتباع والنهي عن الابتداع" الصلاة في المساجد المبنية على القبور!وكذلك إيقاد السرج على القبور والمزارات (ص134) وأنكر صلاة الرغائب (ص166) وأنكر الاجتماع للعزاء (ص288) وأنكر التلفظ بالنية قبل الصلاة (ص295) وغير ذلك من البدع مع أنه قرر في كتابه هذا بأن البدع تنقسم إلى بدع حسنة وبدع سيئة!.
5 - محمد متولي الشعراوي المفسر المصري أنكر رفع الصوت بالصلاة على النبي بعد الأذان كما يفعله كثير من المؤذنين في كثير من البلاد الإسلامية فقد وجه إليه سؤال كما في "الفتاوى"(ص487) جرت العادة في معظم المساجد أن يؤذن المؤذن وعقب الانتهاء من الآذان يقول: الصلاة والسلام عليك يا سيدي يا رسول الله جهراً، فهل الصلاة على الرسول جهراً عقب الآذان هي من صلب الآذان أم أن هذه زيادة عما ورد نرجو الإفادة؟
ج: هذا حب لرسول الله ؛ لكن أنت تحبه بمشقة، هو قال: إذا سمعتم المؤذن وانتهى من اذانه فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي ، وللمؤذن وللذي سمع نصلي عليه في سرنا، لكن المؤذن ليس له أن يوجد شيئاً بصوت الأذان الأذان الأصيل وبلهجة الأذان الأصلية؛ حتى لا يفهم الناس أن ذلك من صلب الأذان) انتهى كلامه، وفي المقابل نجده يقول بجواز الاحتفال بالمولد النبوي (ص544-545)!.
6 - أما حسنين محمد مخلوف مفتي الديار المصرية سابقاً فيقول بمشروعية رفع الصوت بالصلاة على النبي rمن قبل المؤذنين بعد الأذان في كتابه "فتاوى شرعية وبحوث إسلامية" (ص265-267)؛ مع أنه قال في (ص290) جواباً على سؤال: هل في الشريعة الغراء صلاة تسمى صلاة الشكر؟ لم يرد في الكتاب ولا في السنة نص يفيد مشروعية هذه الصلاة لا فرادى ولا جماعة. وأمر العبادات يقتصر فيه على ما ورد عن الشارع، ولا سبيل فيه إلى القياس، ولا مجال فيه للرأي، وإنما الذي أثر عن النبي rالسجود لله تعالى شكرا إذا أتاه ما يسره أو بُشر به.. الخ).
فظهر بهذه النقول أنه لا يوجد ضابط معين يميز بين البدعة الحسنة - المزعومة - والبدعة السيئة؛ حتى عند القائلين بهذا التقسيم، ولا يسلم الشخص من الوقوع في هذا الاضطراب إلا بمتابعة السنة وترك الابتداع في الدين.
العابد لله 23-08-2010, 01:24 PM البراهين على عدم وجود بدعة حسنة فى الدين
ثامناًhttp://www.sonna3ma.com/forums/images/smilies/frown.gifيستدل كثير من الناس بالنصوص العامة لتسويغ بدعهم، والتدليل على واقعهم!
وهذا خطأ كبير، يناقض قاعدة مهمةً في علم الأصول، سيأتي تقريرها - بعد -.
فمثلاً: لو أن عدداً من الناس قَدِموا مسجداً للصلاة فيه، فما أن دخلوا؛ حتى اقترح أحدهم عليهم أن يصلوا تحية المسجد جماعة!! فجابهه بعض أصحابه بالإنكار و الرد!! فاستدل عليهم المقترِح بحديث صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل )!! فافترقوا رأيين!! بعضهم وافق على هذا الاستدلال، والبعض الآخر خالف؛ لأن هذا الدليل إنما مورده في غير هذا المقام!
فما هو القول الفصل؟
قال الإمام ابن تيمية في "مقدمة في أصول التفسير" (ص8-9)http://www.sonna3ma.com/forums/images/smilies/frown.gifيجب أن يعلم أن النبي بين لأصحابه معاني القرآن كما بين لهم ألفاظه، فقوله تعالى:وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِم ]النحل:44[ يتناول هذا وهذا، وقد قال أبو عبد الرحمن السلمي حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن - كعثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وغيرهما - أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل، قالوا: فتعلمنا القرآن و العلم جميعاً.
ولهذا كانوا يبقون مدة في حفظ السورة.
وقال أنس: كان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جلَّ في أعيننا. وأقام ابن عمر على
حفظ البقرة عدة سنين - قيل ثمان سنين - ذكره مالك.
وذلك أن الله تعالى قال: كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ
]ص:29[.
وقال:أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ]النساء:82[ وقال:أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْل ]المؤمنون: 68[.
وتدبر الكلام بدون فهم معانيه لا يمكن.
وكذلك قال تعالى:إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ]يوسف:2[، وعقل الكلام متضمن لفهمه ومن المعلوم أن كل كلام فالمقصود منه فهم معانيه دون مجرد ألفاظه، فالقرآن أولى بذلك.
وأيضاً فالعادة تمنع أن يقرأ قوم كتاباً في فن من العلم كالطب والحساب ولا يستشرحوه
فكيف بكلام الله الذي هو عصمتهم وبه نجاتهم وسعادتهم وقيام دينهم ودنياهم؟) اهـ.
وقال الإمام الشاطبي في "الموافقات" (3/72) رداً على من يستدل بالأدلة العامة على خلاف فهم السلف والدعاء إلى العمل به على غير الوجه الذي مضوا عليه في العمل به
ما ملخصه: "لو كان دليلاً عليه؛ لم يعزب عن فهم الصحابة والتابعين ثم يفهمه هؤلاء، فعمل الأولين كيف كان مصادم لمقتضى هذا المفهوم ومعارِض له، ولو كان ترك العمل.
فما عمل به المتأخرون من هذا القسم مخالف لإجماعِ الأولين، وكل من خالف الإجماع؛ فهو مخطئ، وأمة محمد صلى الله عليه وسلم لا تجتمع على ضلالةٍ، فما كانوا عليه من فعلٍ أو تركٍ؛ فهو السنة والأمر المعتبر، وهو الهدى، وليس ثم إلاَ صواب أو خطأ فكل من خالف السلف الأولين؛ فهو على خطأ، وهذا كافٍ …
ومن هنالك لم يسمع أهل السنة دعوى الرافضة: أن النبي صلى الله عليه وسلم نص على علي أنه الخليفة بعده؛ لأن عمل كافة الصحابة على خلافه دليل على بطلانه أو عدمِ اعتباره؛ لأن الصحابة
لا تجتمع على خطأ.
وكثيراً ما تجد أهل البدعِ والضلالة يستدلون بالكتاب والسنة؛ يحملونهما مذاهبهم، ويغبرون بمشتبهاتهما على العامة، ويظَنون أنهم على شيء".
ثم قال (3/77):"فلهذا كله؛ يجب على كل ناظر في الدليل الشرعي مراعاة ما فهم منه الأولون، وما كانوا عليه في العمل به؛ فهو أحرى بالصواب، وأقوم في العلم والعمل".
وقال الإمام الحافظ ابن عبد الهادي - رحمه الله - في "الصارم المنكي في الرد على السبكي" (ص318)http://www.sonna3ma.com/forums/images/smilies/frown.gifولا يجوز إحداث تأويل في آيةٍ أو سنةٍ لم يكن على عهد السلف
ولا عرفوه ولا بينوه للأمة؛ فإن هذا يتضمن أنهم جهِلوا الحق في هذا، وضلوا عنه، واهتدى إليه هذا المعترض المستأخر) اهـ.
وقال الإمام ابن القيم - رحمه الله - في "الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة"
(2/128 مختصره):"إن إحداث القول في تفسير كتاب الله الذي كان السلف والأئمة على خلافه يستلزم أحد أمرين: إما أن يكون خطأ في نفسه، أو تكون أقوال السلف المخالفة له خطأ ولا يشك عاقل أنه أولى بالغلط والخطأ من قول السلَف ".
إلا عند ساقطٍ رقيعٍ يقول في مثل هذا المقام:"نحن رجال وهم رجال"!!
فمثل هذا المغرور قد سقطَ معه الخطاب، وسد في وجهه الباب!!
والله الهادي إلى نهج الصواب!
قلت: فإذا وضحت هذه القاعدة ظهر لك أي الفريقين أهدى في المثال الذي صدرنا لك الكلام به!
إذ ذاك الدليل العام لم يجرِ عليه عمل السلف رضي الله عنهم أو فهمهم؛ استدلالاً به على الجماعة في غيرِ الوارد؛ كالفرائض أو التراويح ونحوهما. فهو جرى- إذاً - على جزءٍ من أجزاء عمومه لا على جميع أجزائه.
ومثال آخر تطبيقي سلفي:
روى أبو داود في "سننه" (رقم 538) بسند حسن عن مجاهد؛ قال:" كنت مع ابن عمر، فثوب رجل في الظهرِ أو العصر، فقال: اخرج بنا؛ فإن هذه بدعة" !
و"معنى التثويب: هؤلاء الَذين يقومون على أبواب المساجد، فينادون: الصلاة؛ الصلاة".
كما قال الطرطوشي في "الحوادث والبدع" (ص149).
فلو جاء أحد قائلاً: هل من ضيرٍ على من ذكر بالصلاة والله يقول:وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ]الذريات:55[؟!
لما قبل قوله، بل رد عليه فهمه، إذ لم يفهم السلف رضي الله عنهم من هذه الآية هذا الإطلاق وهذا العموم، ومعلوم عن ابن عمر رضي الله عنهما شدة اتباعه، ودقة التزامه.
ومثال آخر وقد مر معنا فيما سبق: وهو ما رواه الترمذي، والحاكم وغيرهما عن نافع أن رجلاً عطس إلى جنب ابن عمر رضي الله عنهما، فقال: الحمد لله، والسلام على رسوله قال ابن عمر:"وأنا أقول: الحمد لله والسلام على رسول الله وليس هكذا علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، علمنا أن نقول: الحمد لله على كل حالٍ " فقد أنكر ابن عمر رضي الله عنهما على هذا الرجل مع أن عموم قولِ الله تعالى:إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ]الأحزاب:56[ تدخل فيه تلك الصلاة ولكن، ما هكذا فهمها الصحابة فمن بعدهم وما هكذا طبقها السلف الصالح رضي الله عنهم، وفهمهم أولى، ومرتبتهم أعلى.
ورحم الله الإمام الأوزاعي حيث قال:"اصبر نفسك على السنة، وقف حيث وقف القوم، وقل بما قالوا، وكف عما كفوا عنه، واسلك سبيل سلفك الصالح؛ فإنه يسعك
ما وسعهم" .
وعليه نقول:"الحذر الحذر من مخالفة الأولين! فلو كان ثَمَّ فضل ما؛ لكان الأولون أحق به، والله المستعان").
تاسعاًhttp://www.sonna3ma.com/forums/images/smilies/frown.gifيستلزم من القول بالبدع الحسنة لوازم سيئة جدا:
أحدها: أن تكون هذه البدع المستحبة - حسب زعمهم - من الدين الذي أكمله الله لعباده ورضيه لهم.
وهذا معلوم البطلان بالضرورة، لأن الله تعالى لم يأمر عباده بتلك البدع، ولم يأمر بها
رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يفعلها ولا فعلها أحد من الخلفاء الراشدين ولا غيرهم من الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان، وعلى هذا فمن زعم أنه توجد بدع حسنة في الدين فقد قال على الله وعلى كتابه وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم بغير علم.
الثاني: أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم قد تركوا العمل بسنن حسنة مباركة محمودة، وهذا مما ينزه عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأصحابه رضي الله عنهم.
الثالث: أن يكون القائمون بالبدع الحسنة المزعومة قد حصل لهم العمل بسنة حسنة مباركة محمودة لم تحصل للنبي صلى الله عليه وسلم، ولا لأصحابه رضي الله عنهم، وهذا لا يقوله من له أدنى مسكة من عقل و دين).
__________________
تمسٌك بحبلِ الله واتٌبـعِ الـهُـدى ** ولا تكُ بِدعياً لعـلٌـك تُـفـلـحُ
ودنُ بكتابِ الله والسٌنـنِ الٌـتـي ** أتت عن رسولِ الله تنجُو وتربحُ
العابد لله 23-08-2010, 02:09 PM الشبهات التى يوردها المستدلين على جواز البدع وتفنيدها والرد عليها و دحضها وبيان خطأهم فى الاستدلال بها
الشبهة الأولى: فهمهم لقول الرسولr : p من سن في الإسلام سنة حسنة، فله أجرها، وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء i رواه مسلم.
والجواب عن هذه الشبه هو (ما قاله الإمام الشاطبي - رحمه الله - في "الاعتصام" (1/233- 236) مختصراً مع بعض الإضافات:
"ليس المراد بالحديث: الاستنان بمعنى الاختراع، وإنما المراد به العمل بما ثبت بالسنة النبوية، وذلك لوجهين:
أحدهما: أن السبب الذي جاء لأجله الحديث هو الصدقة المشروعة؛ بدليل ما في "صحيح مسلم" من حديث جرير بنِ عبدالله رضي الله عنه قال:" كنا عند رسول الله rفي صدر النهار؛ قال: فجاءه قوم حفاةً عراة مجتابي النمار أو العباء متقلدي السيوف. عامتهم من مضر، بل كلهم من مضر. فتمعر وجه رسول الله rلما رأَى بهم من الفاقة. فدخل ثم خرج. فأمر بلالا فأذن وأقام.
فصلى ثم خطب فقال: p ]يآ أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة[
]النساء:1[ إلى آخر الآية ]إن الله كان عليكم رقيبا[ والآية الَتي في الحشر: ]اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغدٍ واتقوا الله[ ]الحشر:18[ تصدق رجل من ديناره، من درهمه، من ثوبه، من صاع بره، من صاع تمره i حتى قالhttp://fm.arabsh.com/images/smilies/tongue.gif ولو بشق تمرةٍ iقال: "فجاء رجل من الأنصار بصرةٍ كادت كفه تعجز عنها بل قد عجزت. قال: ثم تتابع الناس.حتى رأيت كومين
من طعام وثياب.حتى رأيت وجه رسول الله rيتهلل كأنه مذهبة، فقال رسول الله r:
p من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها، وأجر من عمل بها بعده من غيرِ أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنَة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده.من غير أن ينقص من أوزارهم شيءi.
فتأملوا أين قال رسول الله r: p من سن في الإسلام سنة حسنة i؛ تجدوا ذلك فيمن عمل بمقتضى المذكور على أبلغ ما يقدر عليه، حتى بتلك الصرة فانفتح بسببه باب الصدقة على الوجه الأبلغ، فسر رسول اللهr حتى قالhttp://fm.arabsh.com/images/smilies/tongue.gif من سن في الإسلام سنة حسنة..إلخ i. فدل على أن السنة ها هنا مثل ما فعل ذلك الصحابي، وهو العمل بما ثبت كونه سنة.
فظهر أن السنة الحسنة ليست بمبتدعةٍ".
ووجه ذلكhttp://fm.arabsh.com/images/smilies/frown.gifأن كل ما فعله الأنصاري إنما هو ابتداؤه بالصدقة في تلك الحادثة، والصدقة مشروعة من قبل بالنص أفترون هذا الصحابي أتى ببدعة حسنة؟!.
وحث عليها - أي على الصدقة - الرسول rفي القصة نفسها.
وعليه فالسنة الحسنة هي إحياء أمر مشروع لم يعهد العمل به بين الناس لتركهم السنن)( 1 ).
(ويدل على هذا حديث: p من أحيا سنة من سنتي فعمل بها الناس؛ كان له مثل أجر من عمل بها لا ينقص من أجورهم شيئاً، ومن ابتدع بدعة فعمل بها، كان عليه أوزار من
عمل بها لا ينقص من أوزار من عمل بها شيئاًi رواه ابن ماجة)( 2 ).
مع ملاحظة أن النبي rأضاف السنة إليه فقال: p من سنتي i بينما أطلق الكلام في البدعة فقال: p ومن ابتدع بدعة i ولم يقل بدعة سيئة.
ثانياً: أن قوله: p من سن في الإسلام سنةً حسنةً ومن سن في الإسلام سنةً سيئةً i
لا يمكن حمله على الاختراع من أصلٍ؛ لأن كونها حسنةً أو سيئةً لا يعرف إلا من جهة الشرع؛ لأن التحسين والتقبيح مختص بالشرع، لا مدخل للعقل فيه وهو مذهب جماعة أهل السنة، وإنما يقول به المبتدعة - أعني: التحسين والتقبيح بالعقل -.
فلزم أن تكون "السنة" في الحديث: إما حسنةً في الشرع، وإما قبيحةً بالشرعِ، فلا يصدق إلا على مثل الصدقة المذكورة وما أشبهها من السنن المشروعة.
وتبقى السنة السيئة منزلةً على المعاصي التي ثبت بالشرعِ كونها معاصي؛ كالقتل المنبه عليه في حديث ابن آدم، حيث قال rكما في صحيح البخاري ومسلم: pلا تقتل نفس ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها، لأنه أول من سن القتل i ( 1 )وعلى البدع، لأنه قد ثبت ذمها والنهي عنها بالشرع)( 2 ).
ثالثاًhttp://fm.arabsh.com/images/smilies/frown.gifلا يمكن أن يكون معنىhttp://fm.arabsh.com/images/smilies/tongue.gif من سن في الإسلام سنةً حسنة ً iأي من ابتدع في الإسلام بدعة حسنة" لأن بهذا يكون معنى قول النبي rhttp://fm.arabsh.com/images/smilies/tongue.gifكل بدعة ٍضلالة i "كل سنة
ضلالة ".
فمن جعل هذا هو معنى ذاك فقد أبعد النجعة وحرف الكلم عن مواضعه)( 1 ).
رابعاً: (لو كان هذا الذي يفهمه الناس الفهم الصحيح للحديث لصار في قول النبي r:
p فمن رغب عن سنتي فليس مني i تناقضاً واضحاً وتحريضاً على الإعراض عن السنة.
وثناءً منه على من رغب عن سنته.
فبينما يقول: p فعليكم بسنتي iداعياً إلى التمسك بها والعض عليها بالنواجذ والقبض على الجمر يدعونا هنا إلى الأخذ بأي سنة يسنها من شاء من المسلمين لا بالتقيد بسنته rوحده!)( 2 ).
الشبهة الثانية: فهمهم لأثر"ما رآه المسلمون حسناً؛ فهو عند الله حسن، وما رآه المسلمون سيئاً؛ فهو عند الله سيئ " أخرجه أحمد وغيره.
الجواب:
أولاً: هذا الحديث لا يصح مرفوعاً إلى النبي r، بل هو ثابت عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه .
قال الزيلعي في "نصب الراية" (4/133) نقلاً من "اللمع" للسحيباني (ص28):
"غريب مرفوعا، ولم أجده إلا موقوفا على ابن مسعود".
(وقال ابن الجوزي في "الواهيات" (رقم452): "هذا الحديث إنما يعرف من كلام ابن مسعودٍ ".
وقال ابن عبد الهادي كما في "كشف الخفاء" للعجلوني (2/188):
"(وروي) مرفوعاً عن أنس بإسنادٍ ساقطٍ، والأصح وقفه على ابن مسعودٍ".
وقال ابن القيم في "الفروسية" (ص61): "ليس من كلام رسول الله r، وإنما يضيفه إلى كلامه من لا علم له بالحديث، وإنما هو ثابت عن ابن مسعودٍ")( 1 ).
وقال الألباني في "السلسلة الضعيفة" (2/17): "لا أصل له مرفوعاً، وإنما ورد موقوفاً على ابن مسعود" اهـ.
ثانياً: (قال الشيخ الألباني في "السلسة الضعيفة" (2/17):
(إن من عجائب الدنيا أن يحتج بعض الناس بهذا الحديث على أن في الدين بدعةً حسنةً، وأن الدليل على حسنها اعتياد المسلمين لها!!
ولقد صار من الأمرِ المعهود أن يبادر هؤلاء إلى الاستدلال بهذا الحديث عندما تثار هذه المسألة، وخفي عليهم:
أ - أن هذا الحديث موقوف - أي على الصحابي - فلا يجوز أن يحتج به في معارضة النصوص المرفوعة - أي إلى النبي r - القاطعة في أن p كل بدعةٍ ضلالة i كما صح عنه r.
ب - وعلى افتراض صلاحية الاحتجاجِ به، فإنه لا يعارِض تلك النصوص لأمور:
الأول: أن المراد به إجماع الصحابة واتفاقهم على أمر، كما يدل عليه السياق، ويؤيده استدلال ابنِ مسعودٍ رضي الله عنه به على إجماع الصحابة على انتخاب أبي بكر خليفةً (حيث قال: "إن الله نظر في قلوب العباد، فوجد قلب محمد rخير قلوب العباد، فاصطفاه لنفسه، فابتعثه برسالته ،ثم نظر في قلوب العباد، بعد قلب محمد، فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد، فجعلهم وزراء نبيه، يقاتلون على دينه، فما رأى المسلمون حسناً فهو عند الله حسن وما رأوا سيئا، فهو عند الله سيئ" أخرجه أحمد (1/379)، وروى الحاكم الجملة الأخيرة، وزاد: "وقد رأى الصحابة جميعاً أن يستخلفوا أبا بكر")( 1 ).
وعليه؛ فاللام في "المسلمون" ليس للاستغراق كما يتوهمون، بل للعهد.
الثاني: سلمنا أنه للاستغراق، ولكن ليس المراد به قطعاً كل فردٍ من المسلمين، ولو كان جاهلاً لا يفقه من العلم شيئاً؛ فلا بد إذن من أن يحمل على أهل العلم منهم، وهذا مما لا مفر لهم منه فيما أظن) .
قلت: ومما يزيد كلامه - حفظه الله - وضوحاً الأمور التالية:
قال ابن كثير: "وهذا الأثر فيه حكايةُ إجماعٍ عن الصحابة في تقديم الصديق، والأمر كما قاله ابن مسعودٍ".
وقال ابن القيم في "الفروسية" (ص60) بعد إيراده، رداً على المستدلين به: "في هذا الأثر دليل على أن ما أجمع عليه المسلمون ورأوه حسناً؛ فهو عند الله حسن، لا ما رآه بعضهم! فهو حجة عليكم".
وقال ابن قدامة في "روضة الناظر"(ص86): "الخبر دليل على أن الإجماع حجة،
ولا خلف فيه".
وقال الشاطبي في "الاعتصام" (2/655): (إن ظاهره يدل على أن ما رآه المسلمون بجملتهم حسناً؛ فهو حسنٌ، والأمة لا تجتمع على باطلٍ، فاجتماعهم على حسن شيءٍ يدل على حسنه شرعاً؛ لأن الإجماع يتضمن دليلاً شرعياً")( 1 ).
وقال العز بن عبد السلام في"فتاوى العز بن عبد السلام"(ص379): "إن صح الحديث عن رسول الله r، فالمراد بالمسلمين أهل الإجماع" اهـ.
(وهنا نقول لمن استدل بهذا الأثر على أن هناك بدعة حسنة: هل تستطيع أن تأتي ببدعة واحدة أجمع المسلمون على حسنها؟
إن هذا من المستحيل ولا شك، فليس هناك بدعة أجمع المسلمون على حسنها ولله الحمد.
ثالثاً: كيف يستدل بكلام هذا الصحابي الجليل على تحسين شيء من البدع، مع أنه رضي الله عنه كان من أشد الصحابة نهياً عن البدع وتحذيراً منها، وهو القائل كما مر معنا "اتبعوا ولا تبتدعوا؛ فقد كفيتم، وكل بدعةٍ ضلالة" رواه الدارمي في سننه)( 1 ).
الشبهة الثالثة: (يقولون: ليست (كل) في حديث: pكل بدعةٍ ضلالة i على عمومها،
بدليل أن الله سبحانه يقول:]تدمر كل شيء بأمرِ ربها[ ]الأحقاف:25[ والريح لم تدمر (كل) شيءٍ، فدل على أن (كل) ليست على عمومها! .
الجواب: إن (كل) على عمومها هنا أيضاً، إذ هي دمرت (كل) شيءٍ أمرها به ربها،
لا (كل) شيءٍ في الدنيا!!
وعلى هذا قول المفسرين:
قال ابن جريرٍ في "تفسيره" (13/26/27)http://fm.arabsh.com/images/smilies/frown.gifوإنما عنى بقوله: ]تدمر كل شيءِ بأمر ربها[ مما أرسلت بهلاكه؛ لأنها لم تدمر هوداً ومن كان آمن به) اهـ.
وقال القرطبي في "تفسيره" (16/206): "أي كل شيءٍ مرت عليه من رجال عادٍ وأموالها".
وكذا قال آخرون، وانظر "اقتضاء الصراط المستقيم" (ص274-275).
فلا حجة في هذا الاستدلال ألبتة)( 1 ).
الشبهة الرابعة: فهمهم لقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "نعمت البدعة هذه" رواه البخاري.
الجواب:
أولاً: (لو سلمنا جدلاً بصحة دلالته على ما أرادوا من تحسين البدع - مع أن هذا
لا يسلم - فانه لا يجوز أن يعارض كلام رسول الله rالقائل: pكل بدعةٍ ضلالة i بكلام أحد من الناس، كائنا من كان.
قال عبدالله بن عباس رضي الله عنهما: "يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء، أقول: قال رسول الله r ، وتقولون: قال أبوبكر وعمر")( 1 ).
ثانياً: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال هذه الكلمة حين جمع الناس على إمام واحد في صلاة التراويح و (صلاةَ التراويح ليست بدعةً في الشريعة، بل هي سنة بقول رسول الله rوفعله في الجماعة.. ولا صلاتها جماعةً بدعةً، بل هي سنة في الشريعة، بل قد صلاها رسول الله rفي الجماعة في أول شهر رمضـان ليلتين، بل ثلاثا.
وقال: p من قام مع الإمام حتى يَنصرف، فإنه يعدل قيام ليلةٍ i رواه الترمذي وابن ماجة.
كما قام بهم حتى خشوا أن يفوتهم الفلاح. رواه أهل السنن.
وبهذا الحديث احتج احمد وغيره على أن فعلها في الجماعة أفضل من فعلها في حال الانفراد.
وفي قوله هذا ترغيب لقيام رمضـان خلف الإمام وذلك أوكد من أن يكون سنة مطلقة،
وكان الناس يصلونها جماعاتٍ في المسجد على عهده rوهو يقرهم، وإقراره سنة
منه r)( 1 ).
بل إن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يصلون التراويح في عهد عمر رضي الله عنه قبل أن يقول كلمته هذه، فقد روى البخاري ومالك وغيرهما عن عبد الرحمن بن عبدالقارى رضي الله عنه قال: (خرجت مع عمر بن الخطاب ليلة في رمضان إلى المسجد فإذَا الناس أوزاعاً متفرقون، يصلي الرجل لنفسه، ويصَلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط، فقال عمر: إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحدٍ لَكان أمثل، ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعبٍ. ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارِئهم. قال عمر: "نعمت البدعة هذه").
ثالثاً: (إذا علمت - رحمك الله - ما تقدم، فمفهوم البدعة الشرعية لا ينطبق على فعل عمر، وإنما أراد - رضي الله عنه - بقوله المذكور البدعة اللغوية، فالبدعة في الشرع
لا تستخدم إلا في موضع الذم، بخلاف اللغة فإن كل ما أحدث على غير مثال سابق بدعة، سواء أكان محموداً أو مذموماً)( 2 ).
(وعلى هذا حمل العلماء قول عمر رضي الله عنه فقد قال الإمام ابن كثير- رحمه الله-
في تفسيره عند تفسير (سورة البقرة :117): "البدعة على قسمين: تارة تكون بدعة
شرعية؛ كقوله rhttp://fm.arabsh.com/images/smilies/tongue.gif كل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة i وتارة تكون بدعة لغوية؛ كقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب عن جمعه إياهم على صلاة التراويح واستمرارِهم: "نعمت البدعة هذه".
وقال ابن رجب في "جامع العلوم والحكم" (ص233): "وأما ما وقع في كلام السلف من استحسان بعض البدع فإنما ذلك في البدع اللغوية لا الشرعية…" ثم ذكر رحمه الله قول عمر رضي الله عنه.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "اقتضاء الصراط المستقيم" (2/592-593):
"وأما قول عمر رضي الله عنه: "نعمت البدعة هذه" فأكثر المحتجين بهذا؛ لو أردنا أن نثبت حكماً بقول عمر الذي لم يخالف فيه؛ لقالوا: "قول الصاحب ليس بحجةٍ!"، فكيف يكون حجةً لهم في خلاف قول رسول الله r؟!
ومن اعتقد أن قول الصاحب حجة؛ فلا يعتقده إذا خالف الحديث.
فعلى التقديرين: لا تصلح معارضة الحديث بقول الصاحب.
ثم نقول: أكثر ما في هذا تسمية عمر تلك بدعةً، مع حسنها، وهذه تسمية لغوية
لا تسمية شرعية، وذلك أن البدعة في اللغة تعم كل ما فعل ابتداءً من غير مثالٍ سابقٍ، وأما البدعة الشرعية؛ فما لم يدل عليه دليل شرعي.
فإذا كان نص رسول الله rقد دل على استحباب فعلٍ، أو إيجابه بعد موته، أو دل عليه مطلقاً، ولم يعمل به ألا بعد موته، ككتاب الصدقة الذي أخرجه أبوبكر رضي الله عنه، فإذا عمل ذلك العمل بعد موته، صح أن يسمى بدعة في اللغة؛ لأنه عمل مبتدأ،
كما أن نفس الدين الذي جاء به النبي rيسمى محدثاً في اللغة؛ كما قالت رسل قريشٍ للنجاشي عن أصحاب النبي rالمهاجرين إلى الحبشة:" إن هؤلاء خرجوا من دين آبائهم
ولم يدخلوا في دين الملك، وجاؤوا بدينٍ محدثٍ لا يعرف".
ثم ذلك العمل الذي دل عليه الكتاب والسنة ليس بدعةً في الشريعة، وإن سمي بدعة في اللغة.
وقد علم أن قول النبي r: pكل بدعةٍ ضلالة iلم يرد به كل عمل مبتدأ؛ فإن دين الإسلام، بل كل دين جاءت به الرسل؛ فهو عمل مبتدأ، وإنما أراد من الأعمال التي
لم يشرعها هو r).
قلت: وقد سبق بيان أن رسول الله r قد صلى بأصحابه في رمضان ثلاث ليالٍ، ثم خاف أن تفرض عليهم، فتركها.
"فلما كان في عهد عمر رضي الله عنه؛ جمعهم على قارئ واحدٍ، وأسرج المسجد فصارت هذه الهيئة - وهي اجتماعهم في المسجد وعلى إمامٍ واحدٍ مع الإسراج - عملاً لم يكونوا يعملونه من قبل، فسمي بدعةً؛ لأنه في اللغة يسمى بذلك، ولم يكن بدعةً شرعيةً، لأن السنة اقتضت أنه عمل صالح لولا خوف الافتراض، وخوف الافتراض زال بموته r، فانتفى المعارض"( 1 )) ( 2 )
أبو إسراء A 23-08-2010, 02:17 PM جزاك الله خيرا أخى العابد لله على الحجج البالغة والأدلة الدامغة المفحمة لكل مبتدع .
العابد لله 23-08-2010, 02:23 PM الشبهة الخامسة: فهمهم لقول الله تعالى: ]ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغآء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها فاتينا الذين ءامنوا منهم أجرهم وكثيرٌ منهم[ ]الحديد:27[.
الجواب: (ليس في هذه الآية دليل على استحسان البدع من كل الوجوه المحتملة، فإذا كان قوله تعالى: ]إلا ابتغآء رِضوان الله [يرجع إلى قوله تعالى: ]ابتدعوها [؛ فمعناه أن الله
لم يكتبها عليهم؛ إلا أنهم ابتدعوها بقصد زيادة التقرب إلى الله، وفي هذا ذم لها؛ لأن الله
لم يفرضها عليهم، ويزداد التقبيح أنهم مع اختراعهم لها لم يرعوها حق رعايتها، وقصروا فيما ألزموا أنفسهم به، وهذا ضرب من التقبيح والتشنيع المضاعف.
وإذا كان راجعاً إلى قوله: ]ما كتبناها [؛ فمعناه أنهم ألزموا أنفسهم بابتداعها، فكتبها الله عليهم، أي أصبحت ديناً مشروعاً من لدن أحكم الحاكمين، وهذا ضرب من التقرير، وقد حدث مثله في ديننا، فكان الرسول rيقر أصحابه على أقوال وأفعال يأتون بها،
لم تكن مشروعة من قبل، وبتقريره لها تصبح شرعاً يعبد الله به، وأمثلة ذلك في السنة كثير.
أما بعد موت رسول الله r؛ فإن الشرع لم يعد بحاجة إلى زيادة؛ لأن الله أتمه وأكمله، ولم يترك الرسول r شيئاً مما يقربنا من الجنة إلا وقد أمرنا به، ولم يدع أمراً يقربنا من النار إلا وقد نهانا عنه r.
وجملة القول أن هذه الآية من شرع ما قبلنا، والراجح في علم الأصول أنه ليس شرعاً لنا؛ لأدلة كثيرة منها قوله rhttp://fm.arabsh.com/images/smilies/tongue.gif أعطيت خمساً لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي... i فذكرها، وآخرها: p وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة i أخرجه البخاري ومسلم.
وعلى فرض صحة قول من قال: "شريعة من قبلنا شريعة لنا" فذلك مشروط بشرطين:
الأول: أن يثبت أن ذلك شرع ارتضاه الله لهم بنقل موثوق.
الثاني: أن لا يكون في شرعنا ما يخالفه.
وعليه؛ فالآية لا حجة فيها لمحسني البدع،لأن الإسلام بين أن كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار)( 1 ).
الشبهة السادسة: جمع القران بعد وفاة الرسول r.
الجواب:
أولاًhttp://fm.arabsh.com/images/smilies/frown.gifالقرآن كان في عهد النبي rمكتوباً في الصحف؛ لقوله تعالى: ]يتلوا صحفا مطهرة[ ]البينة: 2[ وقول الرسول r: p لا تكتبوا عني. ومن كتب عني غير القرآن فليمحه iأخرجه مسلم، لكنها كانت مفرقة، كما يدل على ذلك قول زيد بن ثابت رضي الله عنه في قصة جمع القرآن التي رواها البخاري: "فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال".
ثانياً: إن جمع القرآن لم يأت به الصحابة من تلقاء أنفسهم،بل هو تحقيق لوعد الله تعالى أيضاً بجمعه؛ كما وعد بحفظه: ]إن علينا جمعه وقرانه[ ]القيامة:17[.
فإذا جمعنا بين الآيتين؛ تبين لنا يقيناً أصل عظيم وهو أن الذي شرع الغاية لم ينس الوسيلة، فكما أن حفظ القرآن غاية شرعها الله، كذلك جمعه وسيلة بينها الله، فكان على عهد النبوة مكتوباً في الصحف التي هي العسب واللخاف وكذلك صدور الرجال، فلما رأى الصحابة أن القتل استحرَّ بالقراء يوم اليمامة؛ لجؤوا إلى الوسائل الأخرى التي كان القرآن مكتوباً فيها، فجمعوها، وكان ذلك إيذاناً من الله بتحقيق جمع القرآن وحفظه.
ثالثاً: إن اتفاق الصحابة وقع على جمع القرآن وذلك إجماع منهم وهو حجة بلا ريب كيف وهم القوم لا يجتمعون على ضلالة؟!
وقد قال النبي r: p لا تجتمع أمتي على ضلالة iرواه الترمذي .
رابعاً: إن حاصل ما فعله الصحابة وسائل لحفظ أمر ضروري، أو دفع ضرر اختلاف المسلمين في القرآن، والأمر الأول من باب "ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب"، والأمر الثاني من باب "درء المفاسد، وسد الذرائع" وهي قواعد أصولية مستنبطة من الكتاب والسنة)( 1 ).
(فإن قيل: فلماذا لم يفعله رسول الله r؟ قلت: لوجود المانع، وهو أن القرآن كان يتنزل عليه طيلة حياته، وقد ينسخ الله سبحانه منه ما يريد، فلما انتفى المانع؛ فعله الصحابة رضوان الله عليهم باتفاق)( 2 ).
و"ما رأى المسلمونَ حسناً؛ فهو عند الله حسنٌ ".
الشبهة السابعة: استدلالهم بما جاء عن غضيف بن الحارث رضي الله عنه أنه قال:
"بعث إلي عبد الملك بن مروان فقال: يا أبا أسماء إنا قد جمعنا الناس على أمرين، قلت: وما هما؟
قال: رفع الأيدي على المنابر يوم الجمعة، والقصص بعد الصبح والعصر.
فقال: أما انهما أمثل بدعكم عندي، ولست مجيبك إلى شيء منهما.
قال: لم؟
قال: لأن النبي rقال: p ما أحدث قوم بدعة إلا رفع مثلها من السنة i فتمسك بسنة خير من إحداث بدعة" أخرجه احمد.
الجواب:
(أولاً: إن هذا الأثر لا يثبت، بل هو ضعيف، لأن في إسناده أبا بكر بن عبدالله بن أبي مريم الغساني وهو ضعيف، ضعفه احمد، وأبو داود، وأبو حاتم، وابن معين وأبو زرعة، وابن سعد، وابن عدي، والدارقطني، انظر ترجمته في "تهذيب التهذيب" (12/28-29)، و"تقريب التهذيب" (2/398)، و"ميزان الاعتدال" (4/498)، و"سير أعلام النبلاء" (7/64))( 1 ).
(ثانياً: على افتراض صحة هذا الأثر، فإنه قد سبق التنبيه على أنه لا يجوز أن يعارض كلام رسول الله rبكلام أحد من الناس كائناً من كان.
ثالثاً: ان غضيف بن الحارث رضي الله عنه رفض الاستجابة لهذه البدع، وردها،
ولو كانت حسنة، لما امتنع من الأخذ بها.
رابعاً: ان قوله: "أمثل بدعكم"، أمر نسبي، أي هي بالنسبة للبدع الأخرى أخف شراً، وأقل مخالفة.
خامساً: استدل غضيف رضي الله عنه - على فرض صحة الأثر والحديث- على ترك هذه البدع بحديثhttp://fm.arabsh.com/images/smilies/tongue.gif ما أحدث قوم بدعة إلا رفع مثلها من السنة i فلو كانت هذه البدعة حسنة، لم يرفع من السنة مثلها، لأن رفع السنة عقوبة، والحسن لا يعاقب عليه)( 1 ).
الشبهة الثامنة: زيادة عثمان بن عفان رضي الله عنه للأذان قبل الأذان الشرعي يوم الجمعة.
الجواب:
أولاًhttp://fm.arabsh.com/images/smilies/frown.gifلقد فعل عثمان ذلك لمصلحة، وهو أن الناس عندما كثروا؛ وتباعدت منازلهم عن المسجد؛رأى هذا الأذان نافعاً لاتساعها وكثرة أهلها، فيدعوهم ذلك إلى الاستعداد)( 1 )، يدل على ذلك ما جاء في صحيح البخاري عن السائب بن يزيد أنه قال:"كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر على عهد النبي rوأبي بكرٍ وعمر رضي الله عنهما. فلما كان عثمان رضي الله عنه وكثر الناس زاد النداء الثالث على الزوراء".
(وقد نقل القرطبي في "تفسيره" (18/100) عن الماوردي قوله: (فأما الأذان الأول فمحدث، فعله عثمان رضي الله عنه ليتأهب الناس لحضور الخطبة عند اتساع المدينة وكثرة أهلها) انتهى كلامه - رحمه الله - فمن صرف النظر عن هذه العلة، وتمسك بأذان عثمان رضي الله عنه مطلقاً لا يكون مقتديا به، بل هو مخالف له حيث لم ينظر بعين الاعتبار إلى تلك العلة التي لولاها لما كان لعثمان رضي الله عنه ان يزيد على سنته عليه الصلاة والسلام وسنة الخليفتين من بعده.
ولهذا قال الإمام الشافعي في كتابه "الأم" (1/173): "وقد كان عطاء ينكر أن يكون عثمان أحدثه ،ويقول: أحدثه معاوية، وأيهما كان فالأمر الذي كان على عهد رسول الله rأحب إلي، فإن أذن جماعة من المؤذنين والإمام على المنبر، وأذن كما يؤذن اليوم أذان
قبل أذان المؤذنين إذا جلس الإمام على المنبر كرهت ذلك له، ولا يفسد شيء من
صلاته" اهـ)( 1 ).
ففعل عثمان رضي الله عنه يعتبر من المصلحة المرسلة (و"المصلحة المرسَلة" في تعريف الأصوليين هي:"الأوصاف التي تلائم تصرفات الشارع ومقاصده، ولكن لم يشهد لها دليل معين من الشرع بالاعتبار أو الإلغاء، ويحصل من ربط الحكم بها جلب مصلحةٍ أو دفع مفسدةٍ عن الناس".
وسميت "مرسلة" ؛ لعدم وجود ما يوافقها أو يخالفها في الشرع؛ أي: أرسلت إرسالاً وأطلقت إطلاقاً.
والضابط الذي تتميز به المصلحة المرسلة من البدع المحدثة هو ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية في "اقتضاء الصراط المستقيم" (2/594)http://fm.arabsh.com/images/smilies/frown.gifوالضابط في هذا- والله أعلم - أن يقال: إن الناس لا يحدثون شيئاً إلا لأنهم يرونه مصلحةً، إذ لو اعتقدوه مفسدةً؛ لم يحدثوه؛ فإنه
لا يدعو إليه عقل ولا دين .
فما رآه الناس مصلحةً؛ نظر في السبب المحوج إليه:
فإن كان السبب المحوج إليه أمراً حدث بعد النبي لكن من غير تفريط منه؛ فهنا قد يجوز إحداث ما تدعو الحاجة إليه.
وكذلك إن كان المقتضي لفعله قائماً على عهد رسول الله r، لكن تركه النبي rلمعارضٍ زال بموته وأما ما لم يحدث سبب يحوج إليه، أو كان السبب المحوج إليه بعض ذنوب العباد فهنا لا يجوز الإحداث.
فكل أمرٍ يكون المقتضي لفعله على عهد رسول الله rموجوداً، لو كان مصلحةٍ ولم يُفْعَل: يُعْلم أنه ليس بمصلحةٍ.
وأما ما حدث المقتضي له بعد موته من غير معصية الخالق؛ فقد يكون مصلحةً..الخ) .
وخلاصةُ القول: أن "حاصل المصالح المرسلة يرجع إلى حفظ أمرٍ ضروري، أو رفع حرجٍ لازم في الدين".
وليست البدع - عند من يدعيها- هكذا بيقين)( 1 ) لأن المبتدع إنما يفعل البدع بقصد زيادة التقرب إلى الله وإن لم يكن هناك حاجة لإحداث ذلك الفعل.
ثانياً: أن عثمان رضي الله عنه من الخلفاء الراشدين وقد قال النبي r: p فإن من يعش منكم؛ فسيرى اختلافاً كثِيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدَثات الأمور؛ فإن كل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة i رواه أحمد وأبو داود.
الشبهة التاسعة: قول الإمام الشافعي - رحمه الله -: "البدعة بدعتان: بدعة محمودة، وبدعة مذمومة، فما وافق السنة، فهو محمود، وما خالف السنة، فهو مذموم" واحتج بقول عمر رضي الله عنه في قيام رمضان: "نعمت البدعة هذه" رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (9/113).
وقوله: المحدثات من الأمور ضربان:
ما أحدث يخالف كتاباً أو سنة أو أثراً أو إجماعاً، فهذه بدعة ضلالة.
وما أحدث من الخير لا خلاف لواحد من هذا، فهذه محدثة غير مذمومة.
قد قال عمر في قيام رمضان: "نعمت البدعة هذه".
يعني أنها محدثة لم تكن، وإذا كانت فليس فيها رد لما مضى.أخرجه البيهقي في "مناقب الشافعي"(1/469).
الجواب:
قال الشيخ سليم الهلالي في "البدعة وأثرها السيئ في الأمة" راداً على من يستدل بقول الشافعي هذا (ص63- 66):
(أولاً: بالنسبة لما أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (9/113) ففي سنده عبدالله بن محمد العطشي، ذكره الخطيب البغدادي في "تاريخه" والسمعاني في"الأنساب" ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً.
وأما بالنسبة لما أخرجه البيهقي ففيه محمد بن موسى الفضل، لم أجد له ترجمة( 1 ).
ثانياً: قول الشافعي إن صح لا يصح أن يكون معارضاً أو مخصصاً لعموم حديث
رسول الله r.
والشافعي نفسه - رحمه الله - نقل عنه أصحابه أن قول الصحابي إذا انفرد ليس حجة، ولا يجب على من بعده تقليده، ومع كون ما نسب إلى الإمام الشافعي فيه نظر بدليل ما في "الرسالة " للشافعي (ص597- 598)، فكيف يكون قول الشافعي حجة، وقول الصحابي ليس بحجة؟!
ثالثاً: كيف يقول الشافعي رحمه الله بالبدعة الحسنة وهو القائل: "من استحسن فقد شرع".
والقائل في "الرسالة" (ص507): "إنما الاستحسان تلذذ".
وعقد فصلاً في كتابه "الأم " (7/293- 304) بعنوان: "إبطال الاستحسان".
لذلك؛ من أراد أن يفسر كلام الشافعي- رحمه الله - فليفعل ضمن قواعد وأصول الشافعي، وهذا يقتضي أن يفهم أصوله، وهذا الأمر مشهود في كل العلوم، فمن جهل اصطلاحات أربابها جهل معنى أقاويلهم، وأبعد النجعة في تفسيرها.
إن المتأمل في كلام الشافعي- رحمه الله - لا يشك أنه قصد بالبدعة المحمودة البدعة في اللغة، وهذا واضح في احتجاج الشافعي- رحمه الله - بقول عمر رضي الله عنه، وعلى هذا الأصل يفسر كلام الشافعي، وأنه أراد ما أراده عمر بن الخطاب رضي الله عنه أي: البدعة اللغوية (كما سبق بيانه) لا الشرعية؛ فإنها كلها ضلالة؛ لأنها تخالف الكتاب، والسنة، والإجماع، والأثر) انتهى كلامه بتصرف.
الشبهة العاشرة: أن بعض العلماء قسم البدعة إلى خمسة أقسام، واجبة كالرد على أهل الزيغ؛ وتعلم العلوم الشرعية وتصنيف الكتب في ذلك، ومندوبة كإحداث الربط والمدارس والأذان على المنائر وصنع إحسان لم يعهد في الصدر الأول، ومكروهة زخرفة المساجد، ومباحة كالتوسع في المأكل والمشرب، ومحرمة وهي ما أحدث لمخالفة السنة ولم تشمله أدلة الشرع العامة ولم يحتو على مصلحة شرعية.
الجواب:
أولاً: بالنسبة إلى تقسيم البدع إلى خمسة أقسام فالجواب عنه: قول النبي r: p كل بدعةٍ ضلالة i وهذا الحديث عام لم يدخله التخصيص كما سبق بيان ذلك.
ثانياً: قال الإمام الشاطبي في "الاعتصام" (1/246) عن هذا التقسيم:
(إن هذا التقسيم أمرٌ مخترع، لا يدل عليه دليلَ شرعي، بل هو في نفسه متدافع؛ لأن من حقيقة البدعة أن لا يدل عليها دليل شرعي؛ لا من نصوص الشرع ولا من قواعده، إذ لو كان هنالك ما يدل من الشرع على وجوبٍ أو ندبٍ أو إباحةٍ؛ لما كان ثَمَّ بدعةٌ، ولَكان العمل داخلاً في عموم الأعمال المأمور بها، أو المخير فيها.
فالجمع بين كون تلك الأشياء بدعاً، وبين كون الأدلَة تدل على وجوبها أو ندبها أو إباحتها جمعٌ بين متنافيين.
أما المكروه منها والمحرم؛ فمسلم من جهة كونها بدعاً لا من جهةٍ أخرى، إذ لو دل دليل على منع أمر ما أو كراهته؛ لم يثبت ذلك كونه بدعة؛ لإمكان أن يكون معصية كالقتل والسرقة وشرب الخمر ونحوها، فلا بدعة يتصور فيها ذلك التقسيم البتة، إلا الكراهية والتحريم حسبما يذكر في بابه) .
هذا بالنسبة إلى التقسيم المذكور، أما بالنسبة إلى الأمثلة التي ذكروها لهذا التقسيم فالجواب عنها ما يلي:
(أما الرد على أهل الزيغ فإنه من إنكار المنكر لأن البدع هي أعظم المنكرات بعد الشرك بالله، وهو أيضاً من الجهاد في سبيل الله ومن النصيحة للمسلمين.
قال رسول اللهr http://fm.arabsh.com/images/smilies/tongue.gif ما من نبيً بعثه الله في أمةٍ قبلي، إِلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته و يقتدون بأمره. ثم إنها تخلف من بعدهم خلوفٌ، يقولون
ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون. فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن؛ وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل iرواه مسلم.
وقد أنكر النبي rعلى الثلاثة الذين قال أحدهم: أما أنا فأصلي الليل أبداً، وقال آخر: أنا أصوم ولا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً، فقال رسول الله r:
p أما والله؛ إني لأخشاكم لله، وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي؛ فليس مني i.
وأنكر ابن مسعود وأبو موسى رضي الله عنهما على الذين اجتمعوا للذكر بطريقة غير مشروعة؛ كما سبق بيانه،ولما خرج الخوارج وأظهروا بدعتهم أنكر ذلك الصحابة وقاتلوهم، ولم يخالف أحد من الصحابة رضي الله عنهم في إنكار بدعتهم ووجوب قتالهم.وقد وردت الأحاديث الكثيرة في ذمهم والأمر بقتالهم إذا خرجوا)( 1 ).
وأما بالنسبة للتصنيف في جميع العلوم النافعة فالأصل فيه قول النبي r: p بلغوا عني ولو آية i رواه البخاري، وقولهr : p نضر الله امرءا سمع مقالتي فبلَغها، فرب حامل فقهٍ غير فقيهٍ، ورب حامل فقهٍ إلى من هو أفقه منه i ( 2 )، ومن وسائل التبليغ تصنيف الكتب الشرعية.
(وقد كان بعض الصحابة يكتب الأحاديث في عهد الرسول r؛ فقد جاء في سنن الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: "ليس أحد من أصحاب رسول الله rأكثر حديثاً عن رسول الله r مني إلا عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب وكنت لا أكتب"، وذكر أهل السير أنه كان لرسول الله rكتاب يكتبون له الوحي وغيره)( 3 ).
بل قد حث النبي rعلى كتابة العلم فقال: p قيدوا العلم بالكتابة i ( 4 ).
(أما بالنسبة لإحداث الربط فلا نقول بأنه ليس له عهد لدى سلفنا الصالح، فأين أنتم عن الصفة وأهل الصفة، فهي رباط على فقراء الصحابة، وهي أصل في مشروعية وقف الأربطة على الفقراء)( 5 ).
(وأما المدارس؛ فلا يتعلق بها أمر تعبدي يقال في مثله: بدعة؛ إلا على فرض أن يكون من السنة أن لا يقرأ العلم إلا بالمساجد، وهذا لا يوجد، بل العلم كان في الزمان الأول يبث بكل مكان؛ من مسجد، أو منزل، أو سفر، أو حضر، أو غير ذلك، حتى في الأسواق فإذا أعد أحد من الناس مدرسة يعين بإعدادها الطلبة؛ فلا يزيد ذلك على إعداده له منزلا من منازله، أو حائطاً من حوائطه، أو غير ذلك فأين مدخل البدعة ها هنا؟!
وإن قيل: إن البدعة في تخصيص ذلك الموضع دون غيره والتخصيص ها هنا ليس بتخصيص تعبدي وإنما هو تعيين بالحبس كما تتعيَّن سائر الأمور المحبسة، وتخصيصها ليس ببدعة،فكذلك ما نحن فيه)( 1 ).
(وأما الأذان على المنارة فلا يدخل في مسمى البدعة لأن البدعة في الأذان هي الزيادة في ألفاظه مثل قول الرافضة أشهد أن علياً ولي الله وقول بعضهم أشهد أن علياً حجة الله، وقولهم حي على خير العمل وتكريرهم قول لا إله إلا الله مرتين في آخر الأذان ورفعهم الصوت بالصلاة على النبي rبعد الآذان، فهذا هو المبتدع في الأذان. وأما الأذان على المكان المرتفع فهو مروي عن بلال رضي الله عنه فقد روى أبو داود والبيهقي عن عروة بن الزبير عن امرأة من بني النجار قالت: "كان بيتي من أطول بيت حول المسجد، وكان بلال يؤذن عليه الفجر" وقد ترجم له أبو داود بقوله: "الأذان فوق المنارة" وترجم له البيهقي بقوله: "الأذان في المنارة")( 2 ).
(وأما صنع الإحسان فإنه من المعروف وليس من البدع سواء كان معهوداً في الصدر الأول أو لم يكن معهوداً فيه.
وقد قال الله تعالى: ]إن الله يأمر بالعدل والإحسان[ وقال تعالى: ]وأحسنوا إنَّ الله يحب المحسنين[ ]البقرة:195[ والآيات والأحاديث الصحيحة في الحث على الإحسان كثيرة جداً، ولم يحدد صور معينة للإحسان بحيث لا يجوز فعل غيرها،وإنما يذم منه ما تجاوز الحد وكان من التبذير)( 1 ).
(وأما زخرفة المساجد فكيف يقال أنها من البدع المكروهة، وقد نص رسول الله rعلى النهي عنها، وقد نهى عنها عمر أيضا، فهي منهي عنها نصاً.
فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله rhttp://fm.arabsh.com/images/smilies/tongue.gifما أمرت بتشييد المساجدi قال ابن عباس: "لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى" أخرجه أبو داود ( 2 ) وأمر عمر ببناء المسجد و قال: "أكن الناس من المطر، وإياك أن تحمر أو تصفر فتفتن الناس")( 3 ).
(وأما بالنسبة للتوسع في المأكل والمشرب فهذه من الأمور المباحة ولا يقصد باستعمالها أمر تعبدي، فهي مشمولة بالنص النبوي الكريم: p أنتم أعلم بأمور دنياكم iرواه مسلم؛ وقوله تعالى:]وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين{ فما استحدثه الناس في أمور حياتهم مما لا يتعارض مع النصوص العامة في مراعاة الاقتصاد والإباحة العامة، فلا يعتبر بدعا،فقد عرف العلماء البدعة بأنها طريقة محدثة في الدين)( 1 ).
وأما البدع المحرمة وهي حسب تعريفهم: ما أحدث لمخالفة السنة، ولم تشمله الأدلة العامة؛ ولم يحتو على مصلحة شرعية.
فالجواب عن ذلك: أن هذه الشروط مخالفة للأحاديث النبوية والآثار السلفية التي جاءت في التحذير من البدع عموماً دون تخصيص أو تفصيل بين ما أحدث خلاف السنة أو غيره وإليك البيان:
http://fm.arabsh.com/images/smilies/tongue.gif - قال رسول الله rhttp://fm.arabsh.com/images/smilies/tongue.gif كل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة i وهذا الحديث عام في إنكار جميع البدع كما سبق بيان ذلك.
فسيرى اختلاَفاً كثيراً i وارشد من يدرك هذا الاختلاف بالتمسك بسنته وسنة الخلفاء الراشدين من بعده فقال: p فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ iولم يقل لهم: فعليكم بما يوافق سنتي وسنة الخلفاء الراشدين ولم يخالفها مثلاً، ثم حذرهم من المحدثات عموماً فقال: p واياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة i ولم يقل: وإياكم ومحدثات الأمور المخالفة لسنتي، فإن كل محدثة مخالفة لسنتي وسنة الخلفاء بدعة؛ وكل بدعة مخالفة لذلك فهي ضلالة.
2 - ان النبي rاخبر عن وقوع الاختلاف بعده فقال: p فإن من يعش منكم؛
فسيرى اختلاَفاً كثيراً i وارشد من يدرك هذا الاختلاف بالتمسك بسنته وسنة الخلفاء الراشدين من بعده فقال: p فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ iولم يقل لهم: فعليكم بما يوافق سنتي وسنة الخلفاء الراشدين ولم يخالفها مثلاً، ثم حذرهم من المحدثات عموماً فقال: p واياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة i ولم يقل: وإياكم ومحدثات الأمور المخالفة لسنتي، فإن كل محدثة مخالفة لسنتي وسنة الخلفاء بدعة؛ وكل بدعة مخالفة لذلك فهي ضلالة.
4 - وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:"أيها الناس! إنكم ستحدثون ويحدث لكم، فإذا رأيتم محدَثة؛ فعليكم بالأمرِ الأول". 5 - وقد مر معنا إنكار ابن عمر رضي الله عنهما زيادة الصلاة على النبي rبعد العطاس! بحجة أن النبي r لم يعلمهم ذلك؛ وكذلك إنكار عائشة رضي الله عنها على المرأة التي سألتها عن سبب أن المرأة الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة بحجة أن الرسول rلم يأمرهم بقضاء الصلاة وإنما أمرهم بقضاء الصيام.
وكذلك مر معنا إنكار الإمام النووي- رحمه الله - صلاة الركعتين بعد السعي!.
فهذه الأدلة وغـيرها تبين فساد تلك الشروط التي اشترطـوها في البدعة المنكرة حسب زعمهم.
(والحاصل من جميعِ ما ذكر فيه قد وضح منه أن البدع لا تنقسم إلى ذلك الانقسام
بل هي من قبيل المنهي عنه إما كراهةً وإما تحريماً)( 1 ).
الشبهة الحادية عشر: يقول البعض: إن ترك الرسول r للفعل لا يدل على التحريم إلا إذا جاء في ذلك دليل صريح، فكيف يحتج على إنكار البدع الحسنة - حسب زعمهم - بحجة أن الرسول r لم يفعل ذلك؟
الجواب:
(أولاً: أن الله تعالى قال فيما امتن به على عباده: ]اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً[ ]المائدة:3[ وفي هذه الآية دليل على أنه لا يجوز إحداث البدع لأنها ليست من الدين الذي أكمله الله تعالى لهذه الأمة في حياة نبيها ورضيه لهم.
ثانياً: أن رسول الله r قال: p إن بني إسرائيل تفرقت على ثنتتن وسبعين ملة، وتفترق أمتي على ثلاثٍ وسبعين ملة كلهم في النار إلا ملة واحدةً i قالوا: من هي يا رسول الله؟ قالhttp://fm.arabsh.com/images/smilies/tongue.gif ما أنا عليه وأصحابي i رواه الترمذي( 1 ) وهذا الحديث يدل على أن إحداث البدع لا يجوز لأنها من الأعمال التي لم يكن عليها رسول الله rوأصحابه رضي الله عنهم)( 2 ).
ثالثاً: ("من المقرر عند ذوي التحقيق من أهل العلم أن كل عبادةٍ مزعومةٍ لم يشرعها لنا رسول الله r بقوله، ولم يتقرب هو بها إلى الله بفعله، فهي مخالفة لسنته.
لأن السنة على قسمين: سنة فعلية، وسنة تركية.
فما تركه r من تلك العبادات؛ فمن السنة تركها.
ألا ترى مَثلاً أن الأذان للعيدين ولدفن الميت مع كونه ذكراً وتعظيماً لله عز وجل لم يجز التقرب به إلى الله عز وجل، وما ذاك إلا لكونه سنة تركها رسول الله r.
وقد فهم هذا المعنى أصحابه r، فكثر عنهم التحذير من البدع تحذيراً عاماً؛ كما هو مذكور في موضعه".
ولتقرير قاعدة السنة التركية أقول: أصل قاعدة (السنة التركية) مأخوذ من عدة أدلةٍ؛ منها:
حديث الثلاثة نفر الذين جاؤوا إلى أزواج رسول الله r يسألون عن عبادة الرسول r … الخ وقد ذكرته فيما سبق.
فقد أنكر الرسول r عليهم، ورد فعلهم، مع أن أصل العبادات التي أرادوا القيام بها مشروعة، ولكن لما كانت الكيفية والصفة التي قام بها هؤلاء الثلاثةُ في هذه العبادات (متروكةً) في تطبيق رسول الله r وغير واردةٍ فيه، أنكر ذلك عليهم.
فهذه ترجمة عملية منه r لقوله r: p من عمل عملاً ليس عليه أمرنا (ولم يقل من عمل عملاً عليه نهينا) فهو رد i.
فهذا عمل مشروع الأصل، لكن ليس عليه أمر النبي rوهديه، فهو مردودٌ على صاحبه، غير مقبول منه.
وخلاصة القول: "إن الترك - مع حرصه عليه السلام على إحراز فضيلة النفل - دليل الكراهة" كما قاله الإمام العيني كما في "إعلام أهل العصر" للعظيم آبادي (ص95) ومن أمثلة ذلك ما سبقت الإشارة إليه في أول هذا المبحث: الأذان لصلاة العيد:
فالأذان مشروع في أصله، لكن لم يفعله رسول الله r ولا أصحابه، وتركوه، فتركهم له سنة يجب اتباعهم فيها.
وكذا الأذان للاستسقاء والجنازة ونحوهما.
فمن فعل من التعبديات والقربات ما تركوه؛ فقد واقع البدعة، وتلبس بها.
قال الحافظ ابن رجب في "فضل علم السلف" (ص31):
"... فأما ما اتفق السلف على تركه؛ فلا يجوز العمل به؛ لأنهم ما تركوه إلا على علم أنه
لا يعمل به".
وللشيخ العلامة الشنقيطي في "أضواء البيان" (6/317-320) مبحثاً ماتعاً في أن الترك فعل؛ فهذا يؤكد أن "الترك سنة"، إذ تعريف السنة أنها: "ما وَرَدَ عن النبي r من قولٍ أو فعلٍ أو تقريرٍ أو صفةٍ ".
فتمام اتباع السنة يكون بترك ما وَرَدَ تركه، وفعل ما وَرَدَ فعله، وإلا فباب البدعة يفتح؛ عياذاً بالله تعالى.
ولابن القيم - رحمه الله - تفصيل بديع ماتع فيما نقله الصحابة رضي الله عنهم لتركه r؛ قال رحمه الله :"أما نقلهم لتركه؛ فهو نوعان، وكلاهما سنة:
أحدهما: تصريحهم بأنه ترك كذا وكذا ولم يفعله؛ كقوله في شهداء أحد:"ولم يغسلهم،
ولم يصل عليهم"؛ وقوله في صلاة العيد:"لم يكن أذان، ولا إقامة، ولا نداء"، وقوله في جمعه r بين الصلاتين: "ولم يسبح بينهما ولا على إثر واحدةٍ منهم" ... ونظائره.
والثاني: عدم نقلهم لما لو فعله؛ لتوفرت هممهم ودواعيهم، أو أكثرهم أو واحد منهم، على
نقله، فحيث لم ينقله واحدٌ منهم ألبتة، ولا حدث به في مجمعٍ أبداً؛ عُلم أنه لم يكن…".
ثم ذكر رحمه الله عدة أمثلةٍ على ذلك منها: تركه r التلفظ بالنية عند دخول الصلاة، وترك الدعاء بعد الصلاة على هيئة الاجتماع … وغير ذلك، ثم قال:
"… ومن ها هنا يعلم أن القول باستحباب ذلك خلاف السنة؛ فإن تركه r سنة كما أن فعله سنة، فإذا استحببنا فعل ما تركه؛ كان نظير استحبابنا ترك ما فعله، ولا فرق ")( 1 ).
تنبيه: قال الشيخ علي الحلبي - حفظه الله - في "علم أصول البدع" (ص114- 118):
(كتب الغماري المبتدع رسالةً موجزةً سماها "حُسْنَ التفهم والدَّرْك لمسألةِ الترْك"، تكلم فيها بكلامٍ غير سديدٍ، خالطاً بين المسائل الأصولية خلطاً قبيحاً، يترفع عنه صغار الطلبة.
ومجال تعقبه وتحقيقِ القول في المسائل التي أوردها في رسالته كبير جدا، أفردت له رسالة خاصة، عنوانها "دفع الشك في تحقيق مسألة الترك" يسر الله إتمامها.
ولكي لا أخلي المقام هنا من إشارةٍ تكشف انحرافه وتناقضه أقول:
ذكر في مواضع من كتابه (ص9) وغيرها تأصيل مسألة الترك؛ قائلاً:
" فمن زعم تحريم شيءٍ بدعوى أن النبي r لم يفعله؛ فقد ادعى ما ليس عليه دليل، وكانت دعواه مردودةً ".
وقال (ص124): "ترك الشيء لا يدل على منعه؛ لأنه ليس بنهي".
وقد ذكر (ص151) أمثلةً على الترك مستحسناً لها؛ منها:
- الاحتفال بالمولد النبوي.
تشييع الجنازة بالذكر
إحياء ليلة النصف من شعبان. وغيرها!
لكنه - من قبل و من بعد - ناقض نفسه، فعد بعض المحدثات التي هي جارية على أصوله مساق الحسن والاستحسان: بدعاً قبيحةً، ومحدثاتٍ سخيفةٍ!!
فقد قال (ص37): "وأما المغاربة؛ فزادوا بدعةً أخرى، وهي إقامة الجمعة في المساجد على التوالي والترتيب ... وهذا اتساع في الابتداع، لا يؤيده دليل!!
ولا تشمله قاعدة!!".
كذا قال ناقضاً ما أصله قبل!
وماذا؟! اتساع في الابتداع!!
فأين أدلة استحساناتك وقواعد محدثاتك؟!
وقال (ص38): "بعض الأئمة الجهلة يخطب الجمعة ويصليها في مسجدٍ، ثم يذهب إلى مسجدٍ آخر، فيخطب فيه الجمعة، ويصليها أيضاً، فيرتكب بدعةً قبيحةً، ويصلي جمعةً باطلةً، يأثم عليها ولا يثاب".
كذا!! وهو تناقض عجاب!!
وقال (ص38- 39): "شاع في المغرب الأذان للظهر مرتين، بينهما نحو ساعةٍ، والأذان للعصر مرتين بينهما عشر دقائق، وفي تطوان يؤذن للعشاء مرتين أيضاً، وهذه بدعةٌ سخيفةٌ، لا توجد إلا في المغرب، ولم يشرعِ الأذان؛ إلا عند دخول الوقت للإعلام بالصلاة، والأذان بعده لاغٍ غير مشروعٍ".
وغير هذا وذاك من أمثلةٍ تجعل كتابه كله ]على شفا جرفٍ هَارٍ فانهارَ بهِ[ ]التوبة: 109[.
فما هو الذي جعل هذه المحدثات منكرةً عندك وهي مستحسنة عند أصحابها؟!
فلماذا رفضتها أنت منهم بلا ضابطٍ؟!
ولماذا هم لا يرفضون - أيضاً - مستحسناتك؟!
ثم ألا تدخل هذه المحدَثات كلها التي أنكرتها تحت العمومات القرآنية التي أشرت إليها فيصدر رسالتك الشوهاء (ص11) جاعلاً إياها الأصل في استحسان البدع؛ كمثل قوله تعالى: ]وافعلوا الخير لعلكم تفلحون[ ]الحج: 77[ ... وغيرها؟!
فلماذا تصف تلك الفعال - وهي خير - بالسخافة وتشنع على أصحابها بالإنكار؟!
وأنت القائل (ص11):"فمن زعم في فعل خيرٍ مستحدثٍ أنه بدعةٌ مذمومةٌ؛ فقد أخطأ وتجرأ على الله ورسوله، حيث ذم ما ندبا إليه في عموميات الكتاب والسنة"!
فهذا حكم منه على نفسه أوقعه على أم رأسه! وإبطالٌ لكتابه من أسه وأساسه!
وأوضح من السابق كله ما قاله (ص39) في حكم إرسال اليدين في الصلاة، حيث صرح بقوله:"لم يفعله النبي r ولا الصحابة؛ فهو بدعة لا شك".
ووصفَها (ص40) بأنها:"زلةٌ قبيحةٌ، حيث جعلوا البدعة مندوبة، والسنة مكروهةً!!".
قلت - القائل الشيخ علي الحلبي -: وبيان كبير زلَله في هذا الموضعِ أن (عدم الفعل) هو عين (الترك)!!
فاستدل بمجرد (الترك) على الحكم بالبدعية والوصف بقبح الزلة!!
وهل غير هذا نقول؟!
أم أنه الانحراف عن الجادة؟ والخلط في تخريج الفروع على الأصول!!
وما أحسن كلامه (ص51) مقلوباً على نفسه: "وأغلب أخطاء هؤلاء المبتدعة
- وما أكثرها- تأتي من جهة جهلهم بالأصول، وعدم تمكنهم من قواعده، مع ضيقِ باعهم، وقلة اطلاعهم"!!
فلا قوة إلا بالله، ولا رب سواه.
وصفوة القول في هذه المسألة العظيمة ما قاله الإمام الشافعي رحمه الله تعالى تقعيداً وتأصيلاً كما في "فتح الباري" (3/475): "ولكنا نتبع السنة فعلاً أو تركاً") انتهى كلام الشيخ علي الحلبي جزاه الله خيراً.
الشبهة الثانية عشر: أن بعض الصحابة قد فعلوا أمورا تعبدية ولم يكن فيها دليل خاص؛ ومع ذلك أقرهم الرسول r؛ ولم ينكر عليهم ذلك، كقصة خبيب بن عدي رضي الله عنه التي رواها البخاري وفيها ان المشركين لما أرادوا أن يقتلوه طلب منهم أن يتركوه لكي يصلى ركعتين قبل القتل فقال أبو هريرة راوي القصة:"فكان خبيب هو الذي سن الركعتين لكل امرئ مسلم قتل صبراً"، وقصة بلال رضي الله عنه عندما كان يصلي ركعتين بعد كل وضوء.
فدل ذلك على جواز إحداث أمور تعبدية وإن لم يفعلها الرسول r.
الجواب:
(ان فعل الصحابة موقوفاً على إقرار النبي r له، وكان فعلهم قبل نزول آية كمال الدين وتمام النعمة.
وأما بعدها مما ابتدعه الخلف فمن أين لهم أن يعلموا إن كان النبي r يقره أو ينهى عنه؟
أبالكشف الصوفي؟!
ولئن اقر النبي r فعل خبيب وبلال في الصلاة بعد كل وضـوء فإنه لم يقر البراء بن عازب على خطئه في الدعاء الذي علمه إياه النبي r وفيهhttp://fm.arabsh.com/images/smilies/tongue.gif آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت i فقال البراء:"فجعلت استذكرهن: وبرسولك الذي أرسلت"،فقال النبي r: p لا، وبنبيك الذي أرسلت i رواه البخاري ومسلم.
ولم يقر النبي r عثمان بن مظعون على التبتل وسماه رهبنة، ولم يقر الصحابة الذين سألوا عن عبادةِ النبي r فلما أخبروا بها، كأنهم تقالوها، فقالوا: وأين نحن من النبي r؟ قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال أحدهم: أما أنا؛ فأنا أصلي الليل أبداً، وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً، فجاء رسول الله rفقال: p أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟! أما والله؛ إني لأخشاكم لله، وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي؛ فليس مني i رواه البخاري وقد مر معنا سابقاً.
فمن أين تضمنون إقرار النبي r لبدعكم وقد مات؟ وقد بلغكم قبل موته أن كل بدعة في الدين مردودة؟)( 1).
وكل هذا يدل على ان ما أحدثه بعض الصحابة من أمور تعبدية أصبح سنة بإقرار الرسول rلا بمجرد فعل الصحابة.
وقد قال عبد الفتاح أبو غده( 2 ) ؛ بعد ذكره لقصة خبيب بن عدي رضي الله عنه:
(قال العلامة القسطلاني في "إرشاد الساري" (5/165): "وإنما صار فعل خبيب سنةً، لأنه فعل ذلك في حياة الشارع r واستحسنه".
وقال أيضاً (5/261):"وإنما صار ذلك سنةً، لأنه فعل في حياته r فاستحسنه و اقره".
وقال أيضاً(6/314):"واستشكل قوله: "أول من سن"، إذ السنة إنما هي أقوال رسول الله r وأفعاله وأحواله، وأجيب بأنه فعلهما في حياته r واستحسنهما"انتهى كلام القسطلاني.
- ثم قال أبو غدة -: وواضح من حديث أبي هريرة وقصة قتل خبيب فيه:
"أن لفظ (السنة) ولفظَ (سن) معناه: الفعل المشروع المتبوع في الدين، وعلى هذا فلا يصح لمتفقهٍ أن يستدل على سنية صلاة الركعتين عند القتل، بأن الحديث جاء فيه لفظ "سن"، فتكون صلاتهما سنةً مستحبةً، لأن حكم السنية لصلاة ركعتين هنا استفيد من دليلٍ آخر خارج لفظ "سن" بلا ريب وهو إقرار الرسول r لفعله)( 1 ).
هذا والله تعالى أعلى وأعلم ومنه الهداية والتوفيق وأسأله أن يجعل ما كتبناه زادالحسن المسير وعتادا ليمن القدوم عليه انه بكل جميل كفيل وهو حسبنا ونعم الوكيل
العابد لله 23-08-2010, 02:30 PM جزاك الله خيرا أخى العابد لله على الحجج البالغة والأدلة الدامغة المفحمة لكل مبتدع .
وخيرا جزاك أبا اسراء وأسأله جل وعلا أن يجعلنا مفاتيح للخير مغاليق للشر وما قدمناه ليس الا تواصلا مع جهدكم أنت وأخانا أهل السنة أسأل أن يجزيكم مثوبته ويقر أعينكم بجنته وأسأله الهداية لأخينا شفاء راجيا المولى أن يجعل له نصيبا مما تسمى به وأن يشفيه من خطر البدعة والمبتدعين إنه ولى ذلك والقادر عليه
محمـود محمـد 24-08-2010, 05:14 AM جزاكم الله خيراً
العابدة 25-08-2010, 02:11 PM بسم الله ما شاء الله رد مفحم لكل مبتدع وجزاكم الله خيرا يا العابد فى الزود عن السنة بالبراهين القاطعة والأدلة اللازعة التى لا يبقى لمخالف بعدها اى مستند يتكأ عليه إن كان يرجو الحق وغير متبع لهواه وأسأله أن يجعلنا ممن نسير على صراطه المستقيم وأسأله أن يجازى كل من ساهم فى هذا الموضوع خيرا
شفاء الأسقام 25-08-2010, 03:24 PM بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعتذر عن عدم تواجدي هذه الفترة ، ولى عودة إن شاء الله تعالى للمناقشة حول هذا الموضوع
دمتم بخير
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رمضان كريم 2 25-08-2010, 06:29 PM بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعتذر عن عدم تواجدي هذه الفترة ، ولى عودة إن شاء الله تعالى للمناقشة حول هذا الموضوع
دمتم بخير
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته جزا الله الأخوة ( أبا اسراء وأهل السنة والعابد لله ) كل الخير
والأخ شفاء كل عام وأنت بخير ولى تعليق على ما أوردت ظنى والعلم لله أنك لم تقرأ ما رد به الأخوة على كلامك جيدا ووالله إنى لأرثى لك هذه الغشاوة التى على عينيك وجدالك فى دين الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير طبعا ما أورده الأخ شفاء لو بحثت عن هذا الكلام ستجده منتشر فى كثير من المنتديات نفس الكلام بنصه إذ يقوم به خلوف المبتدعة وليس لهم تعلق الا بما أورد الأخ المهم أن أدنى من عنده مسحة من علم لعلم جهل الستدل بهذا الكلام من نقل قاعدة درج الأصوليون سلفا وخلفا فى ايرادها فى باب العادات وليس فى باب العبادات واستدلاله على تخريج عموم لفظة كل بآيات لها قرينة صرف عن العموم فى ما أورد أما فى الحديث أين القرينة الصارفة لذلك المهم لن أعيد ما حلله الأخوة وفندوه وردوا عليه ثم أتى الأخ العابد بقواعد منها ما هو معلوم من الدين بالضرورة ومخالفة يعظم القول فيه ثم أورد شبه مما أوردت ومما كنت ستورد ورد عليها ونقل تفنيدها وسوء فهم المستدل بها فأما قولك لى عودة للنقاش فلو كنت منصفا لأكتفيت بما ورد عن الأخوة والحق أخى يقبل من أى أحد كائن من كان والدليل قبول النبى لخبر ابليس وتصديقه لقوله فى قصة أبى هريرة الخلاصة لو أنك قرأت الردود بعين الباحث عن الحق لوجدت فيه ما يشفى صدر كل مبتدع ولكنى لا أرى الا أنك ما تريد الا الجدال هداك الله وايانا الى سبيل الحق
Dr.Silent 28-08-2010, 08:43 PM جزاكم الله كل الخير وجعلكم خداما لدينه ودعوته
أهل السنة 02-09-2010, 06:37 AM جزاكم الله خيرا وكل عام أنتم بخير
Observer 12-09-2010, 02:07 AM http://maystery.net/up/uploads/images/domain-6f07493f90.gif
الجويرية 13-09-2010, 04:40 PM رائـــــــــــع بحق
اللهم بارك
جزاكم الله خيرا وبورك بكم
المجاهد فى سبيل الله 15-09-2010, 03:45 PM السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اولا احب ابين واوضح اننى لست مهتم بكلام غيرى ودام ان حضرتك نقلت كلام فعندى كانك انت من قاله
ولهذا سابنى كلامى وردى بناءا على هذا المنهج
اولا حضرتك ذكرت وقولت
عموم الأدلة في ذم البدعة وجميعها جاءت مطلقة (كل) دون استثناء والأصل يقول أن القاعدة الكلية أو الأصل الكلي إذا لم يقترن بتقييد أو تخصيص يبقى على عمومهيقول ابن تيمية : ( ..إن المحافظة على عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم " كل بدعة ضلالة " متعين وإنه يجب العمل بعمومه )
فان كان هذا الكلام صحيح فهذه مصيبه
اتدرى كيف
لان لا يوجد امر فى الدين ولا يستخدم فى امور الدين الان الا هو امر مستحدث
مثل نشر الاسلام عن طريق الغرف الصوتيه
و الشات و غيره
اليس هذه تعد بدعه
ردك فى هذا المنتدى يعتبر بدعه لانه لم يكن فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم نت
ان لم يوجد شئ من التخصيص فى قوله صلى الله عليه وسلم كل يدعه ضلالة وكل ضلالة فى النار
فهذا يعد عيب خطير فى فهم نصوص الدين فينا
لان المساجد على هذا المعنى مليئة بالبدع من اول المكيرفونات الى السجاد الذى نصلى عليه
ان الدين سمح طيب
هيا اريد رد على فى هذه النقط
اولا حكم السجاد وحكم المصابيح الى هى النجف وليس الاضواء العادية
وحكم المكرفونات
علما انها لم تكن فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم
وبنص الحديث الشريف كل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار فهى بدعه صريحة
ولا يوجد اى نص عليهم
ثانيا
ثانياً : منهج أهل السنة في التعامل مع المخالف هو العدل والانصاف:
- فالناجون من هذا الاختلاف هم أهل السنة والجماعة الذين اجتمعت كلمتهم على الكتاب والسنة وما أجمع عليه سلف الأمة فهم أهل [ما أنا عليه وأصحابي ] وهم سفينة النجاة في خضم هذه الفتن المتلاطمة كما قال مالك رحمه الله : السنة سفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلف عنها غرق([12] (http://www.muslm.net/vb/#_ftn14)) .
- ومن تأمل كلام أهل السنة وجدهم ينصون على أن الأصل في التعامل فيما بينهم الألفة والاجتماع ، وأن الأصل مع المخالفين العدل والرحمة ، لذا نراهم فرقوا في التعامل بين أهل البدع ،وأصلوا ضوابط لهجر المبتدع والتحذير منه فلم يكن شيئاً من أقوالهم عن هوى وبغي كحال أهل البدع معهم..
يا اخى الكريم
هل نحن نقول كلام فقط ام نقول كلام وافعال
اين هذه الكلمات المعسولة من باقى الحوار
اخى الكريم
هذا كلامك
أما (علي جمعة) يقول عن
و
فهل هذا الإسفاف من (علي ) هو الذي سيوحد المسلمين ويجمع كلمتهم ؟! وهل هذا هو المحتوى الأخلاقي لمنهج يريد أن يُصور نفسه على أنه الامتداد للصحابة.؟؟!!
مين هو على جمعه
هو الدكتور على جمعه برغم اختلافى معاه فى كثير من فتواه ولكنه مفتى الديار المصرية
وقال تعالى واطيعوا الله واطيعوا الرسول واولى الامر منكم
ولا يجوز لى شرعا التحقير ولا التقليل من شانه
فهذا دينى وهذه هى تكون الرحمة و و العدل و الانصاف للمختلفين معى فى الراى
ثم تقول مصطفى حسنى
و تهزء بالاسلوب منه
وهذا يعد متناقض مع كلام حضرتك
مما اقتبسته فوق
اولا اريد توضيح هذا يعد توضيح لى اولا
عايز دليل مع الربط بين حديث النبى كل بدعه ضلالة وكل ضلالة فى النار وبين النت و السجاد و الماكيروفنات التى تكون داخل المساجد وايضا عن الاقامة و المده بين الاذان و الاقامه
وجزاكم الله خيرا
واتمنى اتمنى انى الاقى شخص يناقشنى ولا ياتينى بكلام رجل مات و توفى من زمن ثم ياتينى بكلامه حكون انا مش فاهمه ولا من نقله يفهمه
وجزاكم الله خيرا
صوت الامة 15-09-2010, 04:00 PM الله يكرمك ويبارك فيك استاذ احمد
ماشاء الله رد جميل جدا
نعم اذا كان كل مستحدث بدعة فكل مافى الدنيا الان بدعة
من وسائل مواصلات الى الحاسوب الذى نجلس علية
الى المصابيح الى البناطيل وكل شئ من الامور الموجودة الان
لو اعتبرناها بدعة لاصبحنا والعياذ بالله جميعا اهل بدعة وضلالة
فيا اخوتى ان الدين يسر كما قال الصادق المصدوق ان الدين يسر ولم يشاد الدين احدا الا غلبة بشرو وقاربو
ويقول الخالق عز وجل لرسولة الكريم ونيسرك لليسرى يعنى الدين يسر ونحن نيسرك للايسر
هدانا الله واياكم لما فية الخير
أبو إسراء A 17-09-2010, 11:36 PM السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اولا احب ابين واوضح اننى لست مهتم بكلام غيرى ودام ان حضرتك نقلت كلام فعندى كانك انت من قاله
ولهذا سابنى كلامى وردى بناءا على هذا المنهج
اولا حضرتك ذكرت وقولت
فان كان هذا الكلام صحيح فهذه مصيبه
اتدرى كيف
لان لا يوجد امر فى الدين ولا يستخدم فى امور الدين الان الا هو امر مستحدث
مثل نشر الاسلام عن طريق الغرف الصوتيه
و الشات و غيره
اليس هذه تعد بدعه
ردك فى هذا المنتدى يعتبر بدعه لانه لم يكن فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم نت
ان لم يوجد شئ من التخصيص فى قوله صلى الله عليه وسلم كل يدعه ضلالة وكل ضلالة فى النار
فهذا يعد عيب خطير فى فهم نصوص الدين فينا
لان المساجد على هذا المعنى مليئة بالبدع من اول المكيرفونات الى السجاد الذى نصلى عليه
ان الدين سمح طيب
هيا اريد رد على فى هذه النقط
اولا حكم السجاد وحكم المصابيح الى هى النجف وليس الاضواء العادية
وحكم المكرفونات
علما انها لم تكن فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم
وبنص الحديث الشريف كل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار فهى بدعه صريحة
ولا يوجد اى نص عليهم
الأخ الحبيب المجاهد فى سبيل الله
كل عام أنتم بخير
أوردت أخى الحبيب مجموعة من الأمثلة
وهى كلها ليست حجة فى الإبتداع ، فمنها ما هو من قبيل المصالح المرسلة مثل إستخدام (الميكروفونات) .... ومنها ما هو من العادات مثل إستخدام سجاد المسجد ، وأنت أخى الحبيب دارس لأصول الفقه وتعرف أن هناك فارق كبير بين المصالح المرسلة والبدع ، فالمصالح المرسلة تتعلق بالوسائل ، وأما البدع فتتعلق بالغايات ،ولا يمكن إحـداث البـدع من جهـة المصالح المرسلة لأن البدع متعبد بها فليست وسائـل بل هي من المقاصـد عن أصحـابهـا،وأما من ناحية العادات فالأصل في العادات أن لا يحظر منها إلا ما حظر الله تعالى.
بارك الله فيك أخى الكريم
رمضان كريم 2 18-09-2010, 12:06 AM الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله جزا الله الأخوة كل الخير ولى توضيح على الأخ المجاهد فى سبيل الله وصوت الأمة فيما أسلفا ويتضح من كلامهم ومعذرة التخبط فى الفهم .
فإن مما أطبق عليه أهل العلم سلفا وخلفا أن المقصود بالبدعة فى أحاديث ذم البدعة هى البدعة فى الدين وليس فى أمور الدنيا فلم نجد عالما مثلا وحاشاهم أن يفتى ببدعية وسائل المواصلات أو البناطيل أو استخدام النجف والسجاد وغير ذلك وحتى المبتدعة أنفسهم لم يستدلوا بمثل هذا الاستدلال لأنهم أفهم للمقصود بالبدعة .
حتى لا نطيل ما الدليل على أن البدعة المقصود بها امور الدين لا الدنيا .
" وردت في السنة المطهرة أحاديث نبوية فيها إشارة إلى المعنى الشرعي للفظ " البدعة " ، فَمِن ذلك :
1- حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه ، وفيه قوله صلى الله عليه وسلم : ( وإياكم ومحدثات الأمور ؛ فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ) أخرجه أبو داود (4067)
2- حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه ، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في خطبته : ( إن أصدق الحديث كتاب الله ، وأحسن الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار ) أخرجه بهذا اللفظ النسائي في سننه (3/188)
وإذا تبيَّن بهذين الحديثين أن البدعة هي المحدثة ، استدعى ذلك أن يُنظر في معنى الإحداث في السنة المطهرة ، وقد ورد في ذلك :
3 - حديث عائشة رضي الله عنها ، وهو قوله صلى الله عليه وسلم : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) أخرجه البخاري (2697) ومسلم (1718)
4- وفي رواية : ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) أخرجه مسلم (1718) .
هذه الأحاديث الأربعة إذا تؤملت وجدناها تدل على حد البدعة وحقيقتها في نظر الشارع .
ذلك أن للبدعة الشرعية قيودًا ثلاثة تختص بها ، والشيء لا يكون بدعة في الشرع إلا بتوفرها فيه ، وهي :
- الإحداث 1.
2- أن يضاف هذا الإحداث إلى الدين .
3- ألا يستند هذا الإحداث إلى أصل شرعي ؛ بطريق خاص أو عام .
وإليك فيما يأتي ما يقرر هذه القيود الثلاثة من كلام أهل العلم :
قال ابن رجب : " فكل من أحدث شيئًا ونسبه إلى الدين ، ولم يكن له أصل من الدين يرجع إليه ؛ فهو ضلالة ، والدين منه بريء " جامع العلوم والحكم (2/128) .
وقال أيضًا : " والمراد بالبدعة : ما أُحدث مما لا أصل له في الشريعة يدل عليه ، فأما ما كان له أصل من الشرع يدل عليه فليس ببدعة شرعًا ، وإن كان بدعة لغةً " جامع العلوم والحكم (2/127)
وقال ابن حجر : " والمراد بقوله : ( كل بدعة ضلالة ) ما أحدث ولا دليل له من الشرع بطريق خاص ولا عام " فتح الباري (13/254)
وقال أيضًا : " وهذا الحديث - يعني حديث : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) - معدود من أصول الإسلام وقاعدة من قواعده ؛ فإن مَن اخترع في الدين ما لا يشهد له أصل من أصوله فلا يلتفت إليه
ما ذكره الأخ من استخدام النت فى الدعوة والنجف فى اضاءة المساجد والميكرفونات فى الآذان وغيرها
وهنا لابد أن نطرح سؤالا فيما تستخدم هذه الأشياء هل فى محرم أم فى حلال ومشروع .
فى مشروع فهذه الأمثلة التى ضربها الأخ ماهى الا وسائل وليست فى حد ذاتها أعمال وانتبه وسائل وليست أعمال فالحكم على العمل لا على الوسيلة والعلماء قرروا قاعدة " الوسائل لها أحكام المقاصد " ما معنى هذه القاعدة أى أن الوسيلة اذا استخدمت فى مشروع فهى مشروعة وإذا استخدمت فى حرام فهى حرام فلو استخدمت الميكرفون فى الأغانى والافراح فهو حرام استخدمته فى الاعلام عن الآذان فهو حلال إذ هو فى ذاته ليس عملا بل وسيلة لتحقيق مقصود والوسيلة تأخذ حكم مقصودها بين الحل والحرمة .
والعلماء يقولون أيضا " ما استوى طرفاه بين الحل والحرمة فحكمه بما أفضى اليه " فلو نتج عنه محرم فهو حرام نتج عنه حلال فهو حلال .
فليس فيما أسلفت أى شئ يعترض مع ما قرره أهل العلم .
وإلا حدث على امثال ما أسلفت فى عهد الصحابة الأوائل ولم يعترض معترض لأنهم يعلمون حقيقة المخالفة فعمر بن الخطاب رضى الله عنه قسم الدولة الى مديريات وجعل الشرطة وأسرج المساجد وكل هذا لم يكن على عهد النبى وعثمان رضى الله عن عثمان شرع الآذان الأول يوم الجمعة فى السوق لإعلام الناس بقرب الصلاة وكل هذا لم يخالفه فيه أحد لأنه فى الحقيقة ليس بمخالفة بل هى وسائل لغايات مشروعة والوسيلة تأخذ حكم مقصودها فالنبى صلى الله عليه وسلم استخدم ما أتيح فى عصره فى الدعوة كإرسال السفراء والرسائل إلى الملوك فهذه الوسائل هى التى كانت موجودة على عهده صلى الله عليه وسلم ولو وجد غيرها لاستخدمها صلى الله عليه وسلم فالحكم بالبدعة والسنة إنما يكون على العمل لا على وسيلة العمل .
والأخ طلب فى نهاية كلامه أن يكون مناقشه لا ينقل كلاما لأحد ونسب من ينقلون الكلام إلى أنهم حتى لا يفهمون ما ينقلون فأقول إن الله عز وجل أمرنا بذلك قائلا جل شأنه " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لاتعلمون "
وما ينقل الأخوة كلام المشايخ الا تبرأة للذمة حتى لا يعترض عليهم معترض قائلا من قال بهذا من علماء المسلمين وحتى يكون أقوى فى الحجة .
وقال الأخ أيضا ولا يأتينى أحد بكلام رجل قد مات فأقول ولكن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه أثر عنه أنه قال " من كان مستنا فليستن بمن قد مات فالحى لا تؤمن عليه الفتنة "
ولى رجاء من كل أخ قبل أن تتكلم عن شئ فى الدين أحط به أولا ما هو وماهيته وحدوده وضوابطه وشروطه حتى نكون ممن يمتثل أمر الله " قل إنما أدعو على بصيرة أنا ومن اتبعنى " والله تعالى أعلى وأعلم وجزاكم الله خيرا .
هامييس 10-10-2010, 10:13 PM جزاكم الله خيراً
mohamed.sebae 29-10-2010, 03:15 PM .................شكرا..............
abedmm 30-10-2010, 10:48 PM بارك الله فيك وجزاك خيرا على مجهوداتك العظيمة
أهل السنة 15-11-2010, 08:21 AM بارك الله فيك وجزاك خيرا على مجهوداتك العظيمة
جزاك الله خيرا
وبارك الله فى كل من أثرى هذا الموضوع
مهندسة كمبيوتر 08-01-2011, 11:18 AM جزاكم الله خيرا
وبارك بك ولك
أهل السنة 08-01-2011, 01:27 PM جزاكم الله خيرا
أهل السنة 26-06-2011, 01:31 PM جزاكم الله خيرا
وبارك بك ولك
وإياكم أختنا الكريمة
|