الشاعر اسماعيل بريك
23-08-2010, 09:29 PM
محمد السيد شحاتة - شاعر البراري
…. ضاع وسط الزحام
بقلم : إسماعيل بريك .
من كتاب " اضواء علي احزان الشعراء "
صدر سنه 2000 للشاعر اسماعيل بريك
شاعر البراري محمد السيد علي شحاتة من الجرايدة مركز بيلا محافظة كفر الشيخ من مواليد الحادي عشر من شهر ابريل سنة 1901 م وقد توفي بتاريخ 19 يناير سنة 1963م .
حصل علي إجازة المعلمين وعين مدرساً بقريته ثم نقل إلي مدينة بلقاس وظل يعمل بها خمسة عشر عاما ثم نقل للعمل بمكتبه طنطا العامة سنة 1943 م وقضي بها خمسة عشر عاما أخرى حتى عام 1958م حيث أحيل إلي المعاش بناءً علي طلبه وفي خلال رحلة الثلاثين عاما بين بلقاس وطنطا أصدر ثلاثة عشر ديوانا من شعر الفصحى أهمها : خمر وجمر – نجوم ورجوم – أسئلة وأجوبة – بين أحضان الطبيعة – مع مجلس الأمة – بين الماضي والحاضر .
وخلال سبعة وخمسين عاما من حياة شاعر البراري تزوج من أربع زوجات – أنجب ولداً واحدا وست بنات وقد خرجت من حياته مطلقات تباعاً وعاش سنواته الأخيرة وحيداً بعيدا عن أهله بأحدي فنادق بلقاس مؤثراً إياها علي إقامته ببلده حتي وافته المنية ليلة الاثنين الموافق 19 يناير سنة 1963 م وقد قامت ابنة شاعر البراري " توبة " بجمع تراث والدها وطبعة في كتاب بالكويت في الآونة الأخيرة ولم يصل هذا الكتاب إلي مكتبات الثقافة والمكتبات العامة التي اعتاد الباحثون الرجوع اليها بصفتها مصدراً رئيسيا للمعلومات . ولقد استغرقت سنوات طويلة في البحث عن تراث شاعر البراري محمد السيد علي شحاتة حتى تمكنت أخيراً من الحصول علي نسخة من ديوان " بين أحضان الطبيعة " لشاعر البراري محتفظ بها لدي شاعر قلين الرقيق عبد الرحيم الشهاوي وهي مطبوعة منذ أكثر من ستين عاما طباعة رديئة لكنها تحتوي علي درر نفسية فهل تبادر الأجهزة المعنية بحفظ التراث وبخاصة سلسلة " القراءة للجميع " إلي إعادة طبع الأعمال الكاملة لشاعر البراري محمد السيد علي شحاتة الذي كاد شعره أن يندثر وسط الصراع القائم بين الاصالة والمعاصرة ويكفي شاعر البراري ما قاله في حقه اثنان من أعلام الفكر والأدب في الأربعينيات الميلادية هما الأديب انطون الجميل والأديب محمد فريد أبو حديد يقول عنه الأديب انطون الجميل : " لا تجد شاعر البراري ينظم إلا في مناظر قريته وقد غني بها وبما فيها عن الدنيا باسرها وكل ما فيها يوحي اليه الشعر ويلهمه طريف الفكر فينظم في شروق الشمس وغروبها . في كل فصل من فصول السنة وفي الليل والنجوم والقمر وفي نسمات الصباح وقطرات الندي وشاطيء النهر وفي الفلاح والمحراث والساقية وفي الغراب والبعوضة والسمكة والضفدعة وفي زهرة القطن وزهرة الفول وسنبلة القمح وفي الصفصافة والبطيخة والبرتقالة . يستلهم جميع هذه الموضوعات التي يقع عليها نظره كل يوم معاني ناصعة كزهرة اللون وقوافي منسجمه كالماء المترقرق يجد قوافيه في كل شيء ".
ويقول الأستاذ / محمد فريد أبو حديد عن شاعر البراري : " عرفت " شاعر البراري " منذ سنين قبل أن أراه كنت اقرأ له ما ينشره في الأهرام وفي الثقافة وفي غيرهما من الصحف التي كانت تفسح لشعره صدرها وكنت كلما اطلعت علي قطعة من نفثاته القصيرة أقف عندها ساعة لا أقف مثلها عند طوال القصائد فقد كان شيء لا أستطيع تحديده يستوقفني عندها فلا أكاد اهتدي إلي جواب إلا أن في ذلك الشعر روحا يشيع من ثنايا ألفاظه وصوره ".
هذا ما حظي به شاعر البراري من رأي علمين من أعلام الفكر والأدب في عصره هما انطون الجميل ومحمد فريد أبو حديد فلنتجول في عالم شاعر البراري محمد السيد علي شحاتة نقدم نماذج من شعره بين أحضان الطبيعة .
يقول شاعر البراري عن البراري في الأربعينيات الميلادية مخاطبا الربيع:
قف يا ربيع على البراري وقفة
مشكورة الإصباح والإمساء
وانظر " ضياع " المترفين وقل لها
كم من ضياع فيك للفقراء .
* كما يتضامن مع الفلاح في حرمانه وشقائه في هذه الفترة فيقول :
سل يا ربيع علي فلاح مصر أسى
فشيئه لم يزل في مصر مبخوسا
ما باله يلبس الدنيا سعادتها
ويكتفي هو بالحرمان ملبوسا
* ويقول مخاطبا الربيع :
اهتف " لفلاح البرا ري " يا ربيع علي جداره
ودع القصور القائمات علي " القصور " وحي داره
* ويصف شاعر البراري " المحراث " فيقول :
هو " اليراع " الذي اختار الإله له
من أرض مصر – حماها الله – قرطاسا
يمده عرق الفلاح متصلا
لرد إيحاش وجه الأرض إيناسا
يغزو الحقول فلا تبدي مقاومة
لأن ذلك غزو ينفع الناسا
* كما يصف شاعر البراري فلاح مصر بأنه حسام الحقول قائلا :
حسام الحقول ولا تشعرون
به قد تمكن منه الصدأ
وأي حسام كفلاح مصر
إذا ما انتهي من جهاد بدأ
يغذي الوري ويقاسي الطوي
يروى الثري ويعاني الظمأ
وأمراضه فوق هذا وذاك
تناهبنه كمباح الكلأ
ورث الجديدان من حوله
ولم يلق بينهما ملتجأ
فياليت شعري متي يعتني
به يضاء له ما انطفأ
* ترى لو عاش شاعر البراري محمد السيد علي شحاتة حتي يومنا هذا ورأي فلاح مصر وهو يستخدم التكنولوجيا الحديثة ويحمل المحمول ويشاهد القنوات الفضائية ويمثل نسبة خمسين بالمائه في مجلسي الشعب والشوري والمجالس الشعبية المحلية ماذا كان سوف يكتب عن الفلاح ؟!
وشاعر البراري وقف كل شعره علي وصف الطبيعة فنراه يطرب لنقيق الضفدعة فيقول :
أطيلي نقيقك يا ضفدعة
فصوتك يهتز قلبي معه
إذا نفر الناس منه فبي
حنين وشوق لأن أسمعه
تبيتين ليلك تستغفرين
للناس في الترعة المترعة
وتبتهلين إلي الله أن
يبارك في الزرع والمزرعة
لك البر والبحر يا جارتي
ولم تنسك الله تلك السعة
ولم تتعالي بهذا الغني
ولم تلبسي غير ثوب الدعة
تركت أغاني الغواني لهم
وحسبي نقيقك يا ضفدعة
* ويصف شاعر البراري شجرة " الصفصافة " فيقول :
لا النحل يسعى إليها يبتغي عسلا
ولا الطيور عليها تبتني أملا
علت ولم يصلها زهر ولا ثمر
لذاك قد أطرقت بين الوري خجلا
تقول : لو كان لي شيء لجدت به
لمبتغيه ولا أبغي به بدلا
خزيت من أن أغصاني علت عبثا
يا ليت ما قد علا من اغصني سفلا
صفصافة النيل لا تخزي ولا تهني
ما الخزي إلا لمثر بيننا بخلا
* ونرى شاعر البراري يتحدث علي لسان نبات البطيخ فيقول :
لو صار أمري في يدي
ما اخترت حالا غير حالي
فلقد نعمت بحالتي
وضآلتي وارتاح بالي
لا الريح تعبث بي
ولا الأطيار تشكو همها لي
ومع انخفاضي قد علا
قدري وقدري في نوالي
ثمري بفضل الله اكبر
ما نما تحت الليالي
* وكأن شاعر البراري محمد السيد علي شحاتة قد تنبأ بما سوف يحدث لشعره من إهمال وضياع علي يد المسئولين عن الثقافة وحفظ التراث فيخاطب البراري بوصيته قائلا :
للشعر فيك آذان ملء آذانك
أحسنت قبلا فلم يكفر بإحسانك
أعطاف بانك قد هزت عواطفه
والهمته الهوى اجفان غزلانك
ماجنة الخلد في ظني وكوثرها
الا كوديانك الخضرا وغدرانك
فان أمت فانسجي زهر الربي كفنا
لي وادفنيني في ثري بانك
وغسليني برقراق الندي وكلي
إلي طيور الربي تأبين حسانك
* ويقول شاعر البراري عن " القمر "
يا ليل في واديك جا
معة لتعليم السهر
مفتوحة الأبواب من
بعد الغروب إلي السحر
طلابها هم من تحكـ
ـم في شعورهم القدر
ومدرسوها هم نجو
مك والعميد هو القمر
* ويبدو أن شاعر البراري كان مقلا في غزلياته ونراه في حقبة الخمسينات الميلادية يبدي رأيه في ارتداء الفتيات الملابس القصيرة وكانت بداية ظهور موضة جديدة فيقول :
إن ليلي بعريها ضربت لي
مثل الآكلات في مصر تبنا
قل لليلي البسي ثيابك ياليـلي
وقولي : تبنا إلي الله تبنا
* ونراه يخاطب الشيخ احمد حسن الباقوري عضو مجلس الأمة ووزير الأوقاف سنة 1957 قائلا :
يا نائب العهد المفد
ي لا تخيب فيك ظني
ليلي تعرت في الطريق
وعريها قد نال مني
كشفت عن " الجسد الرخيص "
واتقنت فن التثني
فاطلب لها ثوبا يميزها
لنا عن بنت " يني "
اطلب لها " الثوب الطويلا "
مخففا عنها وعني
* وبعد كانت هذه إطلالة علي إبداع شاعر البراري محمد السيد علي شحاتة فهل تنهض الهيئات الثقافية وتقوم بجمع تراث هذا الشاعر الكبير وطبعه من اجل الحفاظ علي تراثنا الأدبي في محافظة كفر الشيخ فكراسي السلطة لا تدوم إنما يدوم الإبداع الجيد .
…. ضاع وسط الزحام
بقلم : إسماعيل بريك .
من كتاب " اضواء علي احزان الشعراء "
صدر سنه 2000 للشاعر اسماعيل بريك
شاعر البراري محمد السيد علي شحاتة من الجرايدة مركز بيلا محافظة كفر الشيخ من مواليد الحادي عشر من شهر ابريل سنة 1901 م وقد توفي بتاريخ 19 يناير سنة 1963م .
حصل علي إجازة المعلمين وعين مدرساً بقريته ثم نقل إلي مدينة بلقاس وظل يعمل بها خمسة عشر عاما ثم نقل للعمل بمكتبه طنطا العامة سنة 1943 م وقضي بها خمسة عشر عاما أخرى حتى عام 1958م حيث أحيل إلي المعاش بناءً علي طلبه وفي خلال رحلة الثلاثين عاما بين بلقاس وطنطا أصدر ثلاثة عشر ديوانا من شعر الفصحى أهمها : خمر وجمر – نجوم ورجوم – أسئلة وأجوبة – بين أحضان الطبيعة – مع مجلس الأمة – بين الماضي والحاضر .
وخلال سبعة وخمسين عاما من حياة شاعر البراري تزوج من أربع زوجات – أنجب ولداً واحدا وست بنات وقد خرجت من حياته مطلقات تباعاً وعاش سنواته الأخيرة وحيداً بعيدا عن أهله بأحدي فنادق بلقاس مؤثراً إياها علي إقامته ببلده حتي وافته المنية ليلة الاثنين الموافق 19 يناير سنة 1963 م وقد قامت ابنة شاعر البراري " توبة " بجمع تراث والدها وطبعة في كتاب بالكويت في الآونة الأخيرة ولم يصل هذا الكتاب إلي مكتبات الثقافة والمكتبات العامة التي اعتاد الباحثون الرجوع اليها بصفتها مصدراً رئيسيا للمعلومات . ولقد استغرقت سنوات طويلة في البحث عن تراث شاعر البراري محمد السيد علي شحاتة حتى تمكنت أخيراً من الحصول علي نسخة من ديوان " بين أحضان الطبيعة " لشاعر البراري محتفظ بها لدي شاعر قلين الرقيق عبد الرحيم الشهاوي وهي مطبوعة منذ أكثر من ستين عاما طباعة رديئة لكنها تحتوي علي درر نفسية فهل تبادر الأجهزة المعنية بحفظ التراث وبخاصة سلسلة " القراءة للجميع " إلي إعادة طبع الأعمال الكاملة لشاعر البراري محمد السيد علي شحاتة الذي كاد شعره أن يندثر وسط الصراع القائم بين الاصالة والمعاصرة ويكفي شاعر البراري ما قاله في حقه اثنان من أعلام الفكر والأدب في الأربعينيات الميلادية هما الأديب انطون الجميل والأديب محمد فريد أبو حديد يقول عنه الأديب انطون الجميل : " لا تجد شاعر البراري ينظم إلا في مناظر قريته وقد غني بها وبما فيها عن الدنيا باسرها وكل ما فيها يوحي اليه الشعر ويلهمه طريف الفكر فينظم في شروق الشمس وغروبها . في كل فصل من فصول السنة وفي الليل والنجوم والقمر وفي نسمات الصباح وقطرات الندي وشاطيء النهر وفي الفلاح والمحراث والساقية وفي الغراب والبعوضة والسمكة والضفدعة وفي زهرة القطن وزهرة الفول وسنبلة القمح وفي الصفصافة والبطيخة والبرتقالة . يستلهم جميع هذه الموضوعات التي يقع عليها نظره كل يوم معاني ناصعة كزهرة اللون وقوافي منسجمه كالماء المترقرق يجد قوافيه في كل شيء ".
ويقول الأستاذ / محمد فريد أبو حديد عن شاعر البراري : " عرفت " شاعر البراري " منذ سنين قبل أن أراه كنت اقرأ له ما ينشره في الأهرام وفي الثقافة وفي غيرهما من الصحف التي كانت تفسح لشعره صدرها وكنت كلما اطلعت علي قطعة من نفثاته القصيرة أقف عندها ساعة لا أقف مثلها عند طوال القصائد فقد كان شيء لا أستطيع تحديده يستوقفني عندها فلا أكاد اهتدي إلي جواب إلا أن في ذلك الشعر روحا يشيع من ثنايا ألفاظه وصوره ".
هذا ما حظي به شاعر البراري من رأي علمين من أعلام الفكر والأدب في عصره هما انطون الجميل ومحمد فريد أبو حديد فلنتجول في عالم شاعر البراري محمد السيد علي شحاتة نقدم نماذج من شعره بين أحضان الطبيعة .
يقول شاعر البراري عن البراري في الأربعينيات الميلادية مخاطبا الربيع:
قف يا ربيع على البراري وقفة
مشكورة الإصباح والإمساء
وانظر " ضياع " المترفين وقل لها
كم من ضياع فيك للفقراء .
* كما يتضامن مع الفلاح في حرمانه وشقائه في هذه الفترة فيقول :
سل يا ربيع علي فلاح مصر أسى
فشيئه لم يزل في مصر مبخوسا
ما باله يلبس الدنيا سعادتها
ويكتفي هو بالحرمان ملبوسا
* ويقول مخاطبا الربيع :
اهتف " لفلاح البرا ري " يا ربيع علي جداره
ودع القصور القائمات علي " القصور " وحي داره
* ويصف شاعر البراري " المحراث " فيقول :
هو " اليراع " الذي اختار الإله له
من أرض مصر – حماها الله – قرطاسا
يمده عرق الفلاح متصلا
لرد إيحاش وجه الأرض إيناسا
يغزو الحقول فلا تبدي مقاومة
لأن ذلك غزو ينفع الناسا
* كما يصف شاعر البراري فلاح مصر بأنه حسام الحقول قائلا :
حسام الحقول ولا تشعرون
به قد تمكن منه الصدأ
وأي حسام كفلاح مصر
إذا ما انتهي من جهاد بدأ
يغذي الوري ويقاسي الطوي
يروى الثري ويعاني الظمأ
وأمراضه فوق هذا وذاك
تناهبنه كمباح الكلأ
ورث الجديدان من حوله
ولم يلق بينهما ملتجأ
فياليت شعري متي يعتني
به يضاء له ما انطفأ
* ترى لو عاش شاعر البراري محمد السيد علي شحاتة حتي يومنا هذا ورأي فلاح مصر وهو يستخدم التكنولوجيا الحديثة ويحمل المحمول ويشاهد القنوات الفضائية ويمثل نسبة خمسين بالمائه في مجلسي الشعب والشوري والمجالس الشعبية المحلية ماذا كان سوف يكتب عن الفلاح ؟!
وشاعر البراري وقف كل شعره علي وصف الطبيعة فنراه يطرب لنقيق الضفدعة فيقول :
أطيلي نقيقك يا ضفدعة
فصوتك يهتز قلبي معه
إذا نفر الناس منه فبي
حنين وشوق لأن أسمعه
تبيتين ليلك تستغفرين
للناس في الترعة المترعة
وتبتهلين إلي الله أن
يبارك في الزرع والمزرعة
لك البر والبحر يا جارتي
ولم تنسك الله تلك السعة
ولم تتعالي بهذا الغني
ولم تلبسي غير ثوب الدعة
تركت أغاني الغواني لهم
وحسبي نقيقك يا ضفدعة
* ويصف شاعر البراري شجرة " الصفصافة " فيقول :
لا النحل يسعى إليها يبتغي عسلا
ولا الطيور عليها تبتني أملا
علت ولم يصلها زهر ولا ثمر
لذاك قد أطرقت بين الوري خجلا
تقول : لو كان لي شيء لجدت به
لمبتغيه ولا أبغي به بدلا
خزيت من أن أغصاني علت عبثا
يا ليت ما قد علا من اغصني سفلا
صفصافة النيل لا تخزي ولا تهني
ما الخزي إلا لمثر بيننا بخلا
* ونرى شاعر البراري يتحدث علي لسان نبات البطيخ فيقول :
لو صار أمري في يدي
ما اخترت حالا غير حالي
فلقد نعمت بحالتي
وضآلتي وارتاح بالي
لا الريح تعبث بي
ولا الأطيار تشكو همها لي
ومع انخفاضي قد علا
قدري وقدري في نوالي
ثمري بفضل الله اكبر
ما نما تحت الليالي
* وكأن شاعر البراري محمد السيد علي شحاتة قد تنبأ بما سوف يحدث لشعره من إهمال وضياع علي يد المسئولين عن الثقافة وحفظ التراث فيخاطب البراري بوصيته قائلا :
للشعر فيك آذان ملء آذانك
أحسنت قبلا فلم يكفر بإحسانك
أعطاف بانك قد هزت عواطفه
والهمته الهوى اجفان غزلانك
ماجنة الخلد في ظني وكوثرها
الا كوديانك الخضرا وغدرانك
فان أمت فانسجي زهر الربي كفنا
لي وادفنيني في ثري بانك
وغسليني برقراق الندي وكلي
إلي طيور الربي تأبين حسانك
* ويقول شاعر البراري عن " القمر "
يا ليل في واديك جا
معة لتعليم السهر
مفتوحة الأبواب من
بعد الغروب إلي السحر
طلابها هم من تحكـ
ـم في شعورهم القدر
ومدرسوها هم نجو
مك والعميد هو القمر
* ويبدو أن شاعر البراري كان مقلا في غزلياته ونراه في حقبة الخمسينات الميلادية يبدي رأيه في ارتداء الفتيات الملابس القصيرة وكانت بداية ظهور موضة جديدة فيقول :
إن ليلي بعريها ضربت لي
مثل الآكلات في مصر تبنا
قل لليلي البسي ثيابك ياليـلي
وقولي : تبنا إلي الله تبنا
* ونراه يخاطب الشيخ احمد حسن الباقوري عضو مجلس الأمة ووزير الأوقاف سنة 1957 قائلا :
يا نائب العهد المفد
ي لا تخيب فيك ظني
ليلي تعرت في الطريق
وعريها قد نال مني
كشفت عن " الجسد الرخيص "
واتقنت فن التثني
فاطلب لها ثوبا يميزها
لنا عن بنت " يني "
اطلب لها " الثوب الطويلا "
مخففا عنها وعني
* وبعد كانت هذه إطلالة علي إبداع شاعر البراري محمد السيد علي شحاتة فهل تنهض الهيئات الثقافية وتقوم بجمع تراث هذا الشاعر الكبير وطبعه من اجل الحفاظ علي تراثنا الأدبي في محافظة كفر الشيخ فكراسي السلطة لا تدوم إنما يدوم الإبداع الجيد .