Mr Mohamed Alaswany
26-08-2010, 02:35 PM
خلت المدرسة علينا بعد يوم دراسي ليس بالطويل
تنهد وقال لي بعد أن اعتدل في جلسته وارتشف الشاي متحسسا بأنامله دفء الكوب :
كنت أذهب للعمل في الصباح وأعود في المساء للبيت البعيد في هذا الطرف القصي من تلك المدينة المكتظة الراقدة بين تلوث وضجيج .. يحدث ذلك خمسة أيام في الأسبوع .. وحين كنت أنزل في الصباح كثيرا ما أجد على محطة الأتوبيس كثيرا ما أجد فتاة خمرية في خدها طابع الحسن عسلية العينين وبمجرد أن تراني قادما من بعيد تحول وجهها للناحية الأخرى ولا تنظر في وجهي أبدا مهما طال وقوفنا
عندما أعود إلى البيت في المساء . أتجول في الشقة الخالية إلا من بقايا جرائد قديمة ودوواين شعر ملقاة في كل جانب .. أبحث عن شيء يؤكل .. أكلم نفسي في المرآة قليلا .. أفتح التلفاز وأغلقه وأعود لأفتحه ولاشيء يستفز عيني للفرجة .. أجلس قليلا في شرفتي الساكنة وأتذكر أن أروي صبارتي اليتيمة
ألمح طيفها في الشارع الطويل ..قدها المتناسق ومشيتها الواثقة .. كانت تأخذ في يدها طفل لم يتعد الخامسة أو السادسة وكأنه البودي جارد يمشي معها في ثقة ليذود عنها ويدفع بأي مضايقة قد تعترضها
تقبع ملامحها الرقيقة في ذاكرتي وتتلاشي كل الصور القديمة .. وبعد أن تغيب عن النظر وتضيع في الأفق الممتد إلى آخر الشارع أعود لأبحث في التلفاز عن أغنية قديمة.. أضناني البحث حتى وجدتها قاربت على النهاية
سهر الشوق في العيون الجميلة
حلم آثر الهوى أن يطيله
وحديث في الحب إن لم نقله
أوشك الصمت حولنا أن يقوله...
استسلمت للنوم أبغي حلما ورديا أن يجيء ودعوت الله أن يقصر أيام وحدتي وأشفى من البحث عن هذا الإحساس الخاطف الذي يحكون لي عنه ..
في الصباح ذهبت إلى العمل وكنت سريعا نشيطا على غير المعتاد لأقاوم لفحة برد بعيدة ولكن في محطة كانت السمراء هناك وحولت وجهها .. دهشت من نفسي لأنني أهتم بذلك
ولكن حدثت مفاجأة
كان يوم السبت حيث لا عمل .. قمت من نومي على صوت هاتفي المحمول متوترا وكانت المكالمة من مديرة المدرسة تطالبني بتودد ورجاء بأن أذهب للمدرسة في الحال لأرافق البنات في رحلة المتحف المصري فالمدرس الذي كان سيرافقهم زوجته تضع مولودها لأول في المستشفى .. وافقت على مضض فأنا لا أحب جو الرحلات وأكره الدوشة وأمقت دلع البنات وانتظر العام الدراسي ينتهي لأرحل من هذه المدرسة إلى مدرسة للبنين قريبة من شقتي الجديدة
المهم ارتديت ملابسي وسارعت لألحق بهم ووجدتهم جميعا بانتظاري وكيل المدرسة وإحدى الزميلات والسائق ينظر لساعته والشرر يتطاير من عينيه تحاشيت نظرته وصعدت أبحث عن أقرب مكان وأنا لم أفق إلا بعد أن ناولني الوكيل كوب من الشاي
بدأ التصفيق والغناء ولم أدخل بعد في أجواء الرحلة وبدأ الخبط والرزع تدق أصداؤه في أحشاء رأسي ولكني خفت من أن أطلب من السائق من أن يقف عند أقرب صيدلية لاشتري أي شيء للصداع
تناسيت بقراءة أخبار اليوم وحاولت أن أتشاغل عنه بالقراءة حتى نصل للتحرير وأذهب لأقرب صيدلية ولما وصلنا تركت الوكيل ينهي إجراءات الدخول للمتحف واستأذنته بأن أذهب لأقرب صيدلية لأجد ما يداوي صداعي الرهيب الذي يشق رأسي .
رحت وأتيت واتصلت به على المحمول لأسأله في أي مكان هم بالتحديد قال لي : اصعد إلى قاعة توت عنخ آمون .. تجاوزت قاعات وطالعات وجوها لسائحين تقفز نظراتهم انبهارا ومررت على غرف وقاعات وصعدت سلالم حتى وصلت إليهم .
وجدتها تتحدث عن الملك الصغير الذي تجاوزت شهرته الآفاق .. تلك الفتاة الخمرية ..الآن لن تستطيع أن تحول وجهها بعيدا .. وكلما حاولت سألت إحدى الطالبات سؤالا يجبرها بأن تنظر لنا بعينيها الواسعتين اللتين ما استطعن الهروب من نظراتي المتوهجة المتسائلة .. كيف جئنا إلى هنا لنتقابل
كانت هي مرشدتهم لطريق الحضارة الفرعونية ومرشدتي أنا لطريق تلاشت فيه كل الحضارات ومسحت من على جدرانها تاريخا لتخط تاريخا آخر .. تاريخ به التيجان تنحني للحظ الإحساس الخاطف والشعور اللطيف بأنك عصفور مندس بين الخيالات البعيدة
لقد علمتني في هذا اليوم إحساسا جديدا .. لقد ذهب صداع رأسي بلا رجعة ليبدأ صداع جديد بقلبي .. لقد ذهبنا معها للمدرسة المتحفية بعد انتهاء الزيارة المقررة
وقامت الطالبات بممارسة النحت والرسم والكتابة على أوراق البردي وانشغل الوكيل بطريقة عمل الفسيفساء وانشغلت زميلتي بصنع عقد من حجارة
وبقيت أنا معلق بخيوط خيالاتي ولا تفارقني أصداء ضحكتها الرقيقة حين واجهتها بأنها لن تستطيع الهروب بوجهها بعيدا وصار اليوم من أجمل أيام حياتي
ولكن !!!
بعد أن قضيت اليوم في حلمي الوردي الذي يرفل بشتى ألوان الزهور وتعبق أنفاسه بشذا الورود عرضت عليها أن ترجع للبيت معنا في أتوبيس الرحلة بدلا من أن تتكبد عناء المواصلات .. احمر وجهها خجلا ووافقت بعد إلحاح مني مدعيا بأنها ستستمتع في طريق العودة بأهازيج البنات وجو المرح الذي سيحوطنا وخصوصا وأنهن استمتعن بالزيارة أيما استمتاع ( ولكن ليس أكثر منى )
وكأنها سمعتني وأنا أغمغم بالكلمة الأخيرة وقالت في ترو بحروف هادئة تداري بريق عينيها اللامعتين بعد أن عانقها شعاع الضوء المنفلت من النافذة الضيقة
_ لقد أسعدتمونا بزيارتكم اليوم للمتحف عموما وللمدرسة المتحفية بشكل خاص
_ لست بأكثر منا سعادة فهذا اليوم يجب أن تسجل تفاصيله على مسلة وتوضع في ميدان عام
ليراها كل الناس و يقروا ما سننحته عليها بأنك أنت سر السعادة التي طوقتنا اليوم
جاءني الوكيل هاجما ليوقظني من حلمي الناعم المضيء وقرأت في عينيه نظرة ارتياب بعيدة
وعرفته قائلا : الآنسة مـريم ..... جارتي وهي تدرس في كلية الآثار وتعمل متطوعة في جمعية أصدقاء المتحف المصري !!
وان شاء الله هاتنورنا وتركب معانا الأتوبيس ( قلتها لأضعهما تحت ضغط سياسة الأمر الواقع )
وكأنني في عالم آخر من الحلم ولا أريد أن ينتهي .. تحدثنا في كل شيء .. كانت كما حلمت بها جذابة مثقفة لبقة .. جميلة نحيلة ذات عينين عسليتان واسعتين كانت طفلة أكثر من أي وقت مضى .. تحدثنا في الشعر والفن والسياسة والحب و .......
وحين سألت عن عمل والدها بدا وجهها النضير الخالي من المساحيق متوردا مرتبكا
رفعت رأسها لي وازداد وجهها احمرارا وهي تقول :
أبي يعمل قسيسا ..
وكأن دشا باردا نزل على رأسي وصارت كلماتي لا تخرج وكأن أحبالى الصوتية تقطعت .. وأنا على هذا الحال الصعب بين مداراة مفاجأتي وبين تأكدي من أن قصر الرمال الذي بنيته هجمت عليه موجة عاتية .. كيف للزائر اللطيف الذي انتظرته أياما انسحب وغاب بلا رجعة في لحظة ؟!
ما حدث لي في هذا اليوم أوقف الدم في عروقي لكن قلبي لم يكف عن النبض .. هل لنا في حبنا اختيار .. هل اخترت قبل أن أحبها لون عينيها وحجم ابتسامتها ودرجة رقة صوتها .. هل اخترت قبل أن أحبها اسمها ولون بشرتها ودينها .. لقد أحببتها مخلوقا له قلب يشعر بي .. مخلوقا يشاركني لحظاتي بكل ما فيها..
هل اخترت أبي أو أمي لأمنحهم كل هذا الحب .. إنني أحببت أبي كما هو بعصبيته .. بدخان سجائره .. بلون بشرته الغامق .. وأحببت أمي بوزنها الزائد .. بطيبتها المفرطة .. هل لنا في حبنا اختيار
مضت تحدثني وأنا غائب في لجة تساؤلاتي وكأننا استشعرت أننا مضينا وراء طيف عبر وضوء سطع للحظات في قلبينا وانطفئ لمجرد أن نبيي محمد ونبيها المسيح
تشاغلت عنها بالتظاهر بأنني أعد الطالبات ولكني كنت ألمحها في عيني كل تلميذة من تلميذاتي نورا بعيد من الحلم
عدت إليها بقلب مطعون وعقل يفكر في مواجهة تحديات لا حصر لها إذا استمر القلب في نبضه فآثرت السلامة وأعطيته طعنة أخرى لكي أعدمه على مقصلة الواقع
نزلت من الأتوبيس ومشينا في طريق واحد ولكنه في منتهاه تفرع لطريقين
ومضى كل منا في طريق
على أمل اللقاء
يوما ما
ولو في الأحلام
ربما لم يكن حلما بل حقيقة
انتــــــــــهى
تنهد وقال لي بعد أن اعتدل في جلسته وارتشف الشاي متحسسا بأنامله دفء الكوب :
كنت أذهب للعمل في الصباح وأعود في المساء للبيت البعيد في هذا الطرف القصي من تلك المدينة المكتظة الراقدة بين تلوث وضجيج .. يحدث ذلك خمسة أيام في الأسبوع .. وحين كنت أنزل في الصباح كثيرا ما أجد على محطة الأتوبيس كثيرا ما أجد فتاة خمرية في خدها طابع الحسن عسلية العينين وبمجرد أن تراني قادما من بعيد تحول وجهها للناحية الأخرى ولا تنظر في وجهي أبدا مهما طال وقوفنا
عندما أعود إلى البيت في المساء . أتجول في الشقة الخالية إلا من بقايا جرائد قديمة ودوواين شعر ملقاة في كل جانب .. أبحث عن شيء يؤكل .. أكلم نفسي في المرآة قليلا .. أفتح التلفاز وأغلقه وأعود لأفتحه ولاشيء يستفز عيني للفرجة .. أجلس قليلا في شرفتي الساكنة وأتذكر أن أروي صبارتي اليتيمة
ألمح طيفها في الشارع الطويل ..قدها المتناسق ومشيتها الواثقة .. كانت تأخذ في يدها طفل لم يتعد الخامسة أو السادسة وكأنه البودي جارد يمشي معها في ثقة ليذود عنها ويدفع بأي مضايقة قد تعترضها
تقبع ملامحها الرقيقة في ذاكرتي وتتلاشي كل الصور القديمة .. وبعد أن تغيب عن النظر وتضيع في الأفق الممتد إلى آخر الشارع أعود لأبحث في التلفاز عن أغنية قديمة.. أضناني البحث حتى وجدتها قاربت على النهاية
سهر الشوق في العيون الجميلة
حلم آثر الهوى أن يطيله
وحديث في الحب إن لم نقله
أوشك الصمت حولنا أن يقوله...
استسلمت للنوم أبغي حلما ورديا أن يجيء ودعوت الله أن يقصر أيام وحدتي وأشفى من البحث عن هذا الإحساس الخاطف الذي يحكون لي عنه ..
في الصباح ذهبت إلى العمل وكنت سريعا نشيطا على غير المعتاد لأقاوم لفحة برد بعيدة ولكن في محطة كانت السمراء هناك وحولت وجهها .. دهشت من نفسي لأنني أهتم بذلك
ولكن حدثت مفاجأة
كان يوم السبت حيث لا عمل .. قمت من نومي على صوت هاتفي المحمول متوترا وكانت المكالمة من مديرة المدرسة تطالبني بتودد ورجاء بأن أذهب للمدرسة في الحال لأرافق البنات في رحلة المتحف المصري فالمدرس الذي كان سيرافقهم زوجته تضع مولودها لأول في المستشفى .. وافقت على مضض فأنا لا أحب جو الرحلات وأكره الدوشة وأمقت دلع البنات وانتظر العام الدراسي ينتهي لأرحل من هذه المدرسة إلى مدرسة للبنين قريبة من شقتي الجديدة
المهم ارتديت ملابسي وسارعت لألحق بهم ووجدتهم جميعا بانتظاري وكيل المدرسة وإحدى الزميلات والسائق ينظر لساعته والشرر يتطاير من عينيه تحاشيت نظرته وصعدت أبحث عن أقرب مكان وأنا لم أفق إلا بعد أن ناولني الوكيل كوب من الشاي
بدأ التصفيق والغناء ولم أدخل بعد في أجواء الرحلة وبدأ الخبط والرزع تدق أصداؤه في أحشاء رأسي ولكني خفت من أن أطلب من السائق من أن يقف عند أقرب صيدلية لاشتري أي شيء للصداع
تناسيت بقراءة أخبار اليوم وحاولت أن أتشاغل عنه بالقراءة حتى نصل للتحرير وأذهب لأقرب صيدلية ولما وصلنا تركت الوكيل ينهي إجراءات الدخول للمتحف واستأذنته بأن أذهب لأقرب صيدلية لأجد ما يداوي صداعي الرهيب الذي يشق رأسي .
رحت وأتيت واتصلت به على المحمول لأسأله في أي مكان هم بالتحديد قال لي : اصعد إلى قاعة توت عنخ آمون .. تجاوزت قاعات وطالعات وجوها لسائحين تقفز نظراتهم انبهارا ومررت على غرف وقاعات وصعدت سلالم حتى وصلت إليهم .
وجدتها تتحدث عن الملك الصغير الذي تجاوزت شهرته الآفاق .. تلك الفتاة الخمرية ..الآن لن تستطيع أن تحول وجهها بعيدا .. وكلما حاولت سألت إحدى الطالبات سؤالا يجبرها بأن تنظر لنا بعينيها الواسعتين اللتين ما استطعن الهروب من نظراتي المتوهجة المتسائلة .. كيف جئنا إلى هنا لنتقابل
كانت هي مرشدتهم لطريق الحضارة الفرعونية ومرشدتي أنا لطريق تلاشت فيه كل الحضارات ومسحت من على جدرانها تاريخا لتخط تاريخا آخر .. تاريخ به التيجان تنحني للحظ الإحساس الخاطف والشعور اللطيف بأنك عصفور مندس بين الخيالات البعيدة
لقد علمتني في هذا اليوم إحساسا جديدا .. لقد ذهب صداع رأسي بلا رجعة ليبدأ صداع جديد بقلبي .. لقد ذهبنا معها للمدرسة المتحفية بعد انتهاء الزيارة المقررة
وقامت الطالبات بممارسة النحت والرسم والكتابة على أوراق البردي وانشغل الوكيل بطريقة عمل الفسيفساء وانشغلت زميلتي بصنع عقد من حجارة
وبقيت أنا معلق بخيوط خيالاتي ولا تفارقني أصداء ضحكتها الرقيقة حين واجهتها بأنها لن تستطيع الهروب بوجهها بعيدا وصار اليوم من أجمل أيام حياتي
ولكن !!!
بعد أن قضيت اليوم في حلمي الوردي الذي يرفل بشتى ألوان الزهور وتعبق أنفاسه بشذا الورود عرضت عليها أن ترجع للبيت معنا في أتوبيس الرحلة بدلا من أن تتكبد عناء المواصلات .. احمر وجهها خجلا ووافقت بعد إلحاح مني مدعيا بأنها ستستمتع في طريق العودة بأهازيج البنات وجو المرح الذي سيحوطنا وخصوصا وأنهن استمتعن بالزيارة أيما استمتاع ( ولكن ليس أكثر منى )
وكأنها سمعتني وأنا أغمغم بالكلمة الأخيرة وقالت في ترو بحروف هادئة تداري بريق عينيها اللامعتين بعد أن عانقها شعاع الضوء المنفلت من النافذة الضيقة
_ لقد أسعدتمونا بزيارتكم اليوم للمتحف عموما وللمدرسة المتحفية بشكل خاص
_ لست بأكثر منا سعادة فهذا اليوم يجب أن تسجل تفاصيله على مسلة وتوضع في ميدان عام
ليراها كل الناس و يقروا ما سننحته عليها بأنك أنت سر السعادة التي طوقتنا اليوم
جاءني الوكيل هاجما ليوقظني من حلمي الناعم المضيء وقرأت في عينيه نظرة ارتياب بعيدة
وعرفته قائلا : الآنسة مـريم ..... جارتي وهي تدرس في كلية الآثار وتعمل متطوعة في جمعية أصدقاء المتحف المصري !!
وان شاء الله هاتنورنا وتركب معانا الأتوبيس ( قلتها لأضعهما تحت ضغط سياسة الأمر الواقع )
وكأنني في عالم آخر من الحلم ولا أريد أن ينتهي .. تحدثنا في كل شيء .. كانت كما حلمت بها جذابة مثقفة لبقة .. جميلة نحيلة ذات عينين عسليتان واسعتين كانت طفلة أكثر من أي وقت مضى .. تحدثنا في الشعر والفن والسياسة والحب و .......
وحين سألت عن عمل والدها بدا وجهها النضير الخالي من المساحيق متوردا مرتبكا
رفعت رأسها لي وازداد وجهها احمرارا وهي تقول :
أبي يعمل قسيسا ..
وكأن دشا باردا نزل على رأسي وصارت كلماتي لا تخرج وكأن أحبالى الصوتية تقطعت .. وأنا على هذا الحال الصعب بين مداراة مفاجأتي وبين تأكدي من أن قصر الرمال الذي بنيته هجمت عليه موجة عاتية .. كيف للزائر اللطيف الذي انتظرته أياما انسحب وغاب بلا رجعة في لحظة ؟!
ما حدث لي في هذا اليوم أوقف الدم في عروقي لكن قلبي لم يكف عن النبض .. هل لنا في حبنا اختيار .. هل اخترت قبل أن أحبها لون عينيها وحجم ابتسامتها ودرجة رقة صوتها .. هل اخترت قبل أن أحبها اسمها ولون بشرتها ودينها .. لقد أحببتها مخلوقا له قلب يشعر بي .. مخلوقا يشاركني لحظاتي بكل ما فيها..
هل اخترت أبي أو أمي لأمنحهم كل هذا الحب .. إنني أحببت أبي كما هو بعصبيته .. بدخان سجائره .. بلون بشرته الغامق .. وأحببت أمي بوزنها الزائد .. بطيبتها المفرطة .. هل لنا في حبنا اختيار
مضت تحدثني وأنا غائب في لجة تساؤلاتي وكأننا استشعرت أننا مضينا وراء طيف عبر وضوء سطع للحظات في قلبينا وانطفئ لمجرد أن نبيي محمد ونبيها المسيح
تشاغلت عنها بالتظاهر بأنني أعد الطالبات ولكني كنت ألمحها في عيني كل تلميذة من تلميذاتي نورا بعيد من الحلم
عدت إليها بقلب مطعون وعقل يفكر في مواجهة تحديات لا حصر لها إذا استمر القلب في نبضه فآثرت السلامة وأعطيته طعنة أخرى لكي أعدمه على مقصلة الواقع
نزلت من الأتوبيس ومشينا في طريق واحد ولكنه في منتهاه تفرع لطريقين
ومضى كل منا في طريق
على أمل اللقاء
يوما ما
ولو في الأحلام
ربما لم يكن حلما بل حقيقة
انتــــــــــهى