مشاهدة النسخة كاملة : قصه قصيره2


bdr
21-08-2007, 11:22 AM
كان سيموت على اي حال ...
كح كح كح ... كحكح
اهدا يا اخي حرام عليك ... امنحني بعض الهدوء
كحكح
حسنا اريد نقطة ... نقطة هدوء ... فقط انتظر لاغفوا ثم الفظ كل ما تحب من الهواء
قالها لرفيق زنزانته و هو يتقوقع على الارض الرطبة
تجاهله السجين الذي ما عاد يبالي بشعور الآخرين و استمر في السعال ... كح كح
وقف و قد فقد الآمل في النوم ساعة و ما النوم الا وسيلة لينسى بها الهموم هاربا من سجنه البغيض الى عالم من صنع الخيال...
تذكر و كم تذكر و كم يكره ان يتذكر ... انه في يوم من الايام شبعت عيناه من مراى اشعة الشمس الدافئه ... تذكر كيف انه كان يرتدي البلاستيك في قدمه ... تذكر انه كان يدفن نفسه تحت اغطية الفراش ... لكنه ايضا تذكر كيف انه لم يكن راض عن فتات حياته كما سماه ... و ألآن ...ها هو يتامل نفسه بلا مرآه ... سجينا وحيدا صديقه الوفي البلاط العفن البارد .. و رفيقه الذي يسليه حوائط صماء ... حتى الكائن العاقل الذي يكلمه ما هو الى فار كالملك يخرج من شق صغير في الحائط المصمت .... فقد وضعوه عمدا مع اخرس اطرش مصاب دوما بالسعال
كح كح
( اتى على السيره) هكذا فكر المسكين ... هاهاها
نظر اليه الآخر نظرة استغراب و لسان حاله يقول : كيف لك يا احمق ان تضحك و غدا يوم اعدامك ؟
- انظر الى كما تشاء ايها العجوز الذي اهترا بين مطاحن الحياة
- -كحكح
- لست اعبا الآن بسعالك الذي عوضني عن غناء عبد الحليم ... هل تعلم لماذا ... هل تريد ان تعرف ما الذي تغير في لحظات ؟
- كحكح
- لاني يا رفيقي العزيز لن احلس معك دقيقة اكثر من بلايين الدقائق التي منحتها لك
- كح كح
اجل تساؤلك في محله ... ساهرب

كان سيموت على اي حال ( الجزء الثاني)
ساهرب ,..
ولم يكن السجين الآخر بحاجة الى حاسة السمع ليعرف معنى الذبذبات التي اصدرها صاحبه المرغم على مرافقته ...
كيف لا و هذا الاخير قد طار بلا انذار و هو يجره من الشيئ الوحيد الذي يربطهما معا ... ليس التعاطف او الصداقة بل هي سلسلة حديدية قيدت الاثنين من معصميهما
كحكحكح
لالا يا صديقي الغبي ... لا تعترض ... لقد سامت البقاء هنا ... ساهرب او اموت في سبيل حريتي
كحكح
آه ... تتسائل اين كان هذا الحماس منذ زمن ... كان موجودا يا صاحبي حيا يغمر كل قلبي و مشاعري ... لكنها قلة الحيلة و عدم توافر الحظ

صمتت رئته المريضه قليلا فانتهز صاحبنا الفرصة ليكمل و لاول مرة منذ فجر تاريخ سجنه جملة تامة من مبتدأ و خبر:

لكن اليوم ... اليوم اشعر انه لا عائق امامي ... حتى هذه الجدران التي تحاصرني ... لن تمنعني
و لا تلك القضبان الحديدية ... و لا حتى انت يا من ربطتني بك الحياة بدون اي صلة قرابة

ثم تنبه كمن يفيق من حلم ... ووقف بسرعة جاذبا الاخرس من ذراعه بعنف ... قائلا في صرامة : ( انهض هيا)
ونهضا معا
اتعلم اول شيئ سافعله بعد خروجي من هذا السجن البغيض ؟
كحكح
لم ينتظر الاجابة الغير آتيه لا محاله ثم استطرد : ساقطع هذه السلسلة الحديدية ... و انعم بالتخلص منك بعض الوقت قبل ان اتنفس الهواء النقي ... هواء غير هذا الذي تتنفسه
كح
صه ... ( خانقا فم زميله باصابع يديه ) ... هناك احد قادم
فعلا اتى السجان البدين تسبقه خطوات اقدامه المدويه
فتح باب الزنزانه كعادته كل يوم ... ثم رمى السجينين بسهام الاحتقار من اشعة عينيه ... و بقدمه ركل بعض الخبز الجاف حتى استقر بجانب المقيدين
هم بالمغادرة لكه تذكر ان يقول : الحمد لله ... آخر مرة ازوركم فيها ... فالموتى كما سمعت ... لا ياكلون
انطلق صاحبنا يرد عليه كالصاعقة : ولا يتكلمون
نظر اليه الحارس شذرا ثم اهداه ضربة من سوط يتسلح به دوما في يديه قبل ان يقول بتهكم : و السجناء كالموتى تماما ... لا يتكلمون و الا
ثم القى نظرة اخيرة على جسد السجين بعد ان تهاوى على الارض ... لكن هذا الاخير قام و قد تعود ضرب السياط حتى ما عادت بشرته تشعر باثرها ... و بلا انذار قفز على ظهر السجان و قد لف السلسلة حول رقبته البدينة ثم اقترب من اذنه قائلا : من ضحك اخيرا ؟
ثم احكم الحديد حول رقبته و زميله المريض يسعل و قد ارغمته القيود على المشاركة في ذلك
كحكحكح ... (لا ذنب لي الا اني مربوط في وحش متالم)
قال صاحبنا بعد ان ترك السجان يلفظ انفاسه الاخيرة : هو من اخطا اذ قد صور له غروره بان قوتي قد خارت ... او اني ساستسلم للموت بسهولة ...
كحكحكح
استطرد بسخرية بعد ان قاطعة كالعادة السعال العنيف : ارى انك تسعل بصوت اعلى من ذي قبل ... قد لا تريد ان تلفت الانظار الينا ... فذكائي المتوسط ينبئني انك قد تخشى ان اسكت سعالك المرطب للهواء للابد ... فانت تعلم جيدا انك لا تقدر على الهرب مني ... و انى لك ان تتركني و قد ربطتني بك حبال المحبة

في هذه المرة ابتلع سعاله مرغما تاركا صديقه المجبر عليه يجره بين الاروقة المظلمه و قد خرج كلاهما من الزنزانه غير مصدقين
بعد ان تحولت اقدامهما الى مجرد اطراف رقيقة تتحسس طريقها خارج ظلمة هذا السجن غير ان الرياح احيانا كثيرة تاتي بما لا تشتهي السفن ... لان آذانهما تنبهت بان وابل من الطلقات الناريه تلاحقهما لا تنشد غير اختراق قلوبهم او الاستقرار بين عظام جمجمتهم
فاستبدل كل منهما اطرافه الهامسه بشهب جمح و انطلقا يعدوان ... و الكل يفكر ... صاحبنا في كيفية العدو دون ان يوقعه زميله المربوط ... الاخرس في حظه العثر الذي الحقه بزميل مجنون ... و الحراس في العقاب الذي ينتظرهم نتيجة الاهمال
و استيقظ وعيهم جميعا على صوت انفجار ...
فقد داس احد ما على لغم مدفون حول حزام السجن ...
و دفع الانفجار بجميع الاحزاب للتوحد تحت راية النجاه ...
انفجار ثاني ... و هذا ثالث ... و ذاك رابع ... شظايا و دماء ... ثم

--------------------------------------------------------------------------------


اخيرا بدا يفيق ... : اين انا ؟
في الجنه ؟
ثم رد على نفسه ببلاهه : الجنه ... و هل انا من اهل الجنه ...
تقلب على جنبه ... فاذا بقدمه اليسرى لا تلبي امره على غير العاده ... فما ملك الا ان يجرها جرا حتى بلغ موضعا شعر بغريزته انه سيامن فيه ...
قال في عقله باستغراب : لماذا اشعر اني تخلصت من حمل ما ؟ ... آه صحيح ..
حرك يديه فاذا بها حرة طليقة على غير العادة
لكنها تحمل آثار اشلاء الاخرس العجوز
و ضحك في عقله حتى لا يسمعه احد من بين الدخان : اخيرا سانعم بالهدوء ... اخيرا ستنال اذني بعض الراحة
و استدار مغادرا بيته الذي حواه سنين طوال
غير ملقي نظرة اخيره كمن يتركون بيوتهم ... و ما ان نظر الى الامام حتى تاوه في نفسه : اين سارحل ... اهذه هي الحرية التي ابتغيها .. و ما هي الحريه ... ان اصير فارا مطاردا طيلة حياتي ! ... اخرجت من سجن لادخل سجن اكبر ؟ اين سارتحل ؟ ... يال كآبة هذه الحياة ... ليتني لم اخرج من بيتي ... على الاقل كان هناك حوائط تضمني ... و ارض تناديني لانام عليها ... و ماذا يعني لو كانت رطبه دائما ؟ ... او لو كنت استمع ليل نهار الى سعال ذلك العجوز ,... على الاقل كان افضل من الصمت ال ..
تشش
تحرك بحركة مباغته ناظرا خلفه : ما هذا الصوت ...
ثم هز كتفيه بلا مبالاه سائرا يجر قدمه قائلا : اشعر اني سافقد هذه القدم ... يا ليتني ما خرجت على الاقل ان كنت ساعدم غدا فذلك افضل من الحياة في ...
و جعل يصدر هذه الهمهمات بينما من خلفه اطل راس مصدر الصوت الخفي من بين الاحراش ... تقول لصديقتها ذات الاذنين المرتفعتين : اترين ما اراه يا اختاه ؟
ردت الثانيه و ذيلها يهتز فرحا : فريسه جريحة ... يسهل نيلها
زأرت الاخرى : لنقتسمه معا ... لكن ما ادراكي ان لا احد يتبعه ؟
اجابت الثانيه : لا عليك لا احد يتبعه فلنهجم عليه
قال بصوت عالى اودعه كل التذمر: حتى اني لا املك ماوى ...
تسللت من خلفه اللبوة و هي تهمس لصديقتها : كان سيموت على اي حال !

النهاية (اخيرا
ظلام ...
ظلام اليم يتاوه ... منقووووووووووووووووووووووووووووووول

احمد رضا
22-08-2007, 01:18 PM
تسلم ايدك يا بدر بس ايه الخط ده كله انا عيني وجعتني بس قصه جميله انا قريت جزئيه منها حلوة جزاك الله كل خير