مشاهدة النسخة كاملة : تفسير سورة الاحقاف


صوت الامة
27-12-2010, 11:04 PM
تفسير سورة الأحقاف

الآيات 1 ـ 6
( حم * تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم * ما خلقنا السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى ، والذين كفروا عما أنذروا معرضون * قل أرءيتم ما تدعون من دون الله أرونى ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك فى السموات ، ائتونى بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم إن كنتم صادقين * ومن أضل ممن يدعوا من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون * وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين )


حم : من الحروف فى بداية السور وقد تكلمنا عنها من قبل فى البقرة وآل عمرانالعزيز: له العزة والقوة التى لا ترام.ولا يظن أن يتمناها أحد
الحكيم: له الحكمة فى الأقوال والأفعال.
ما خلقنا السموات والأرض ومابينهما إلا بالحق: ليس عبثا او باطلا – وإنما لمده معينه.
معرضون : لاهون.

قل : لهؤلاء المشركين العابدين مع الله غيره.

أرونى: أرشدونى إلى ما خلقوا من الأرض.
لم لهم شرك فى السماوات: لهم تصرف فى السماوات.

ائتونى بكتاب من قبل هذا: أى هاتوا كتابا مما ينزل على الانبياء فيه الأمر بعبادةالأصنام.أثاره من علم: دليل واضح يبين ما سلكتموه أو يكون سلكه من قبلكم.وهم عن دعائهم غافلون: ليس هناك أضل ممن يدعو أصناما هى غافله لاتسمع ولا تبصر فهى حجارة صماء.ويوم القيامة يتبرؤن منهم ويعرضون عن عبادتهم لهم
الآيات 7 ـ 9
( وإذا تتلى عليهم ءاياتنا بينات قال الذين كفروا للحق لما جاءهم هذا سحر مبين * أم يقولون افتراه ، قل إن افتريته فلا تملكون لى من الله شيئا ، هو أعلم بما تفيضون فيه ، كفى به شهيدا بينى وبينكم ، وهو الغفور الرحيم * قل ما كنت بدعا من الرسل وما أدرى ما يفعل بى ولا بكم ، إن اتبع إلا ما يوحى إلىّ وما أنا إلا نذير مبين ) كفروا بالحق: كفروا بما جاء بالقرآن.
أم يقولون افتراه: أى أن محمدا أفترى الكذب بالقرآن.

سحر مبين : سحر واضح.

قل إن افتريته فلا تملكون لى من الله شيئا: أى إذا زعمت أن الله أرسلنى وانا كاذب لعاقبنى ولا يقدر أحد لا انتم ولا غيركم ان يجيرنى من عذابه.ماكنت بدعا من الرسل: لست بأول رسول فى العالم بل جاءت رسل من قبلى.

ما أدرى ما يفعل بى ولا بكم : قال ابن عباس : " لما اشتد البلاء بأصحاب رسول اللهصلى الله عليه وسلمرأى فى المنام أنه يهاجر إلى أرض ذات نخل وشجر وماء فقصها على أصحابه فاستبشروا ورأوا فيها الفرج مما أصابهم من أذى المشركين وانتظروا فترة ثم سألوا الرسول فقالوا : يارسول الله متى نهاجر إلى الأرض التى رأيتها ؟ فسكت رسول اللهصلى الله عليه وسلمفأنزل الله تعالى : ( وما ادرى مايفعل بى ولا بكم ) يعنى لا أدرى اخرج إلى الموضع الذى رأيته فى منامى أو لا ؟ ثم قال : انما هو شىء رأيته فى منامى ما أتبع إلا ما يوحى إلىّ.

وقال ابن كثير فى تفسيره : لا ادرى ما يفعل بى وبكم فى الدنيا أأخرج كما خرجت الأنبياء من قبلى ؟ أم أقتل مثلهم؟ وهذا اللائق بالرسولصلى الله عليه وسلمأنه فى الآخرة جازم أنه يصير إلى الجنة هو ومن اتبعه أما فى الدنيا فلا يدرى ماذا كتب الله له وما يؤول إليه أمره ومن معه مع المشركين.

إن أتبع إلا مايوحى إلىّ: إنما أتبع ما ينزله الله علىّ من الوحى.

نذير مبين: أنذر ما يوحى الله بوضوح لكل ذى عقل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

صوت الامة
27-12-2010, 11:05 PM
الآيه 10 :
( قل أرءيتم إن كان من عند الله وكفرتم به. وشهد شاهد من بنى إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم . إن الله لا يهدى القوم الظالمين )
: قل يامحمد للمشركين الذين كفروا بالقرآن ما ظنكم أن الله صانع بكم إن كان هذا كتاب الله وأنتم به تكفرون وتكذبون.

وشهد شاهد من بنى إسرائيل على مثله : عن عوف بن مالك قال : انطلق النبى صلى الله عليه وسلم يوما وأنا معه حتى دخلنا كنيسة اليهود بالمدينه يوم عيد لهم ، فكرهوا دخولنا عليهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "يامعشر اليهود أرونى إثنى عشر رجلا منكم يشهدون أنه لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله يحط الله على كل يهودى تحت أديم السماء الغضب الذى غضب عليه ". فسكتوا فما أجابه أحد منهم ، ثم رد عليهم فلم يجبه أحد ، ثم ثالث فلم يجبه أحد ، فقال صلى الله عليه وسلم : " أبيتم فوالله إنى أنا الحاشر وأنا العاقب وأنا النبى المصطفى آمنتم أو كذبتم ". ثم انصرف وانا معه حتى كدنا نخرج نادى رجل من خلفنا : كما أنت يامحمد . قال: فأقبل ذلك الرجل فقال : أى رجل تعلمونى يامعشر اليهود؟ قالوا : والله ما نعلم انه كان فينا رجل أعلم بكتاب الله ( التوراه) منك ولا أفقه منك ولا من ابيك قبلك ولا من جدك قبل أبيك.

قال : فإنى أشهد له بأنه نبى الله الذى تجدونه فى التوراة.

قالوا : كذبت وردوا عليه قوله وقالوا فيه شرا.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "كذبتم لن يقبل قولكم أما آنفا فتثنون عليه من الخير ما أثنيتم ولما آمن كذبتموه وقلتم فيه ما قلتم فلن يقبل فيه قولكم ".

قال عوف : فخرجنا ونحن ثلاثه ، رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا وعبد الله بن سلام.

وأنزل الله عز وجل الآيه : (قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بنى اسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم . إن الله لا يهدى القوم الظالمين ).
ويذكر الله عبد الله بن سلام هذا فهو من اليهود وقد صدق بما جاء فى كتابه التوراة ولكن اليهود الباقين كفروا وكتموا ما أنزل الله فى التوراة
الآيات 11 ـ 14
(وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم * ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة ، وهذا كتاب مصدق لسانا عربيا لينذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين * إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون * أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون )
وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه . وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا افك قديم : أى قالوا لو كان القرآن خيرا لكان نزل علينا وعلى نبينا فنحن أفضل من هؤلاء الضعفاء مثل بلال وعمار وصهيب وخباب وغيرهم.

هذا إفك قديم : أى القرآن من المأثور عن الناس القدامي.

كتاب موسى : التوراة
وهذا كتاب مصدق : وهذا القرآن مصدقا.
لما قبله من الكتب : بلسان عرضى فصيح واضح.
لينذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين : تعنى ينذر الكفار ويبشر المؤمنين.



الآيات 15 ـ 16
( ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا ، حملته أمه كرها ووضعته كرها ، وحمله وفصاله ثلاثون شهرا ، حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعنى أن أشكر نعمتك التى أنعمت علىّ وعلى والدى وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لى فى ذريتى ، إنى تبت إليك وإنى من المسلمين * أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم فى أصحاب الجنة ، وعد الصدق الذى كانوا يوعدون )
بعد أن دعا الله للتوحيد له وإخلاص العمل له وصى بالوالدين والإحسان لهما فى المعاملة حيث ان الأسباب هى تعب الأم فى الحمل والوضع والرضاعة والتربية وإنفاق الأب والرعاية والتأديب
وأشار إلى أن سن العقل والقوة والفهم المكتمل هو سن الأربعين

" حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة "

قال ابن عباس فى رواية عطاء :

صحب أبو بكر الصديق رسول اللهصلى الله عليه وسلموهو ابن ثمانى عشرة ، والرسولصلى الله عليه وسلمابن عشرين سنة ، وهم يريدون الشام فى التجارة ، فنزلوا منزلا فيهسدرة ، فقعد رسول اللهصلى الله عليه وسلمفى ظلها ، ومضى أبو بكر رضى الله عنه إلى راهب هناك يسأله عن الدين ، فقال له الراهب : من الرجل الذى فى ظل السدرة ؟

فقال : ذاك محمد بن عبد الله بن عبد المطلب .

فقال : هذا والله نبى ، وما استظل تحتها أحد بعد عيسى بن مريم إلا محمد نبى الله .

فوقع فى قلب أبو بكر اليقين والتصديق ، وكان لا يفارق رسول اللهصلى الله عليه وسلمفى أسفاره وحضوره .فلما نبئ رسول اللهصلى الله عليه وسلموهو ابن أربعين سنة وأبو بكر إبن ثمان وثلاثين سنة أسلم وصدق رسول اللهصلى الله عليهوسلم .فلما بلغ أربعين سنة قال وأخبر الله بقوله فى القرآن الكريم : ( رب أوزعنى أن أشكرنعمتك التى أنعمت علىّ) الأحقاف 15.


معنى الآيةأنه عندما كمل عقله وشب وكمل فهمه ، قال اللهم ألهمنى أشكر نعمتك وأصلح لى فى نسلى

وهذا إرشاد لمن بلغ الأربعين أن يجدد توبته وإنابته إلى الله ، فهؤلاء هم التائبون الذين يتقبل الله عنهم أحسن ما عملوا ويغفر لهم ذنوبهم والزلل وهم أصحاب الجنة .
وبالتالى يذكر بعد أن يوضح أصحاب الجنة ، يوضح من هم أصحاب الجحيم الأشقياء فى الآيات ( 17 ـ 20 ) وهم العاقين للوالدين ، الخاسرين أنفسهم وأهليهم يوم القيامة .

صوت الامة
27-12-2010, 11:06 PM
الآيات 17 ـ 18

(والذى قال لوالديه أف لكما أتعداننى أن أخرج وقد خلت القرون من قبلى وهما يستغيثان الله ويلك آمن إن وعد الله حق فيقول ما هذا إلا أساطير الأولين * أولئك الذين حق عليهم القول فى أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس ، إنهم كانوا خاسرين)
وهذا النوع الآخر وهو الذى انشغل بالحياة الدنيا عن الآخرة وقد كفر بالله ومهما قيل له اتق الله يعرض عن الطاعة فهذا الصنف من الناس له النار وبئس المصير
الآيات 19 ـ 20
( ولكل درجات مما عملوا ، وليوفيهم أعمالهم وهم لا يظلمون * ويوم يعرض الذين كفروا على النارأذهبتم طيباتكم فى حياتكم الدنيا واستمتعتم بها فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون فى الأرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون )
ولكل عذاب على قدر عمله ومن فى النار فى دركات وفقا لإختلاف أعمالهم ولمن دخل الجنة درجات وفقا لأعمالهم
ثم يوبخ الله الجبارين فى الأرض ويقول أنه كما كانوا يستكبروا عن اتباع الحق وفسقوا فيجازيهم الله عذاب ( الهون ) الإهانة والخزى والآلام والحسرات والمنازل فى دركات النار