مشاهدة النسخة كاملة : بر الوالدين


tones
02-01-2011, 05:20 PM
54097

اهتم الإسلام ببر الوالدين والإحسان إليهما والعناية بهما، وهو بذلك يسبق النظم المستحدثة في الغرب مثل: ( رعاية الشيخوخة، ورعاية الأمومة والمسنين ) حيثجاء بأوامر صريحة تلزم المؤمن ببر والديه وطاعتهما قال تعالى موصيا عباده: وَوَصَّيْنَا الإنسان بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً [الأحقاف:15]، وقرن برهمابالأمر بعبادته في كثير من الآيات؛ برهان ذلك قوله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّتَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [الإسراء:23]، وقولهتعالى: وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِإِحْسَاناً [النساء:36]، وجاء ذكر الإحسان إلى الوالدين بعد توحيده عز وجل لبيانقدرهما وعظم حقهما ووجوب برهما. قال القرطبي رحمه الله في قوله تعالى: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [الأنعام:151]، أي: ( برهما وحفظهما وصيانتهماوامتثال أوامرهما(
أنواع البر:

أنواع بر الوالدين كثيرة بحسب الحالوحسب الحاجة ومنها:

1- فعل الخير وإتمام الصلة وحسن الصحبة، وهو في حق الوالدين من أوجب الواجبات. وقد جاء الإحسان في الآيات السابقة بصيغة التنكير ممايدل على أنه عام يشمل الإحسان في القول والعمل والأخذ والعطاء والأمر والنهي، وهوعام مطلق يدخل تحته ما يرضي الإبن وما لا يرضيه إلا أنه لا طاعة لمخلوق في معصيةالخالق.

2- لا ينبغي للإبن أن يتضجر منهما ولو بكلمة أف بل يجب الخضوعلأمرهما، وخفض الجناح لهما، ومعاملتها باللطف والتوقير وعدم الترفع عليهما.

3- عدم رفع الصوت عليهما أو مقاطعتهما في الكلام، وعدم مجادلتهماوالكذب عليهما، وعدم إزعاجهما إذا كانا نائمين، وإشعارهما بالذل لهما، وتقديمهما فيالكلام والمشي إحتراماً لهما وإجلالاً لقدرهما.

4- شكرهما الذي جاء مقروناً بشكر الله والدعاء لهما لقوله تعالى: وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِيصَغِيراً [الإسراء:24]. وأن يؤثرهما على رضا نفسه وزوجته وأولاده.

5- اختصاص الأم بمزيد من البر لحاجتها وضعفها وسهرها وتعبها في الحمل والولادةوالرضاعة. والبر يكون بمعنى حسن الصحبة والعشرة وبمعنى الطاعة والصلة لقوله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ [لقمان:14]، ولحديث: { إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات } [متفق عليه] الحديث.

6- الإحسان إليهما وتقديم أمرهما وطلبهما، ومجاهدة النفس برضاهماحتى وإن كانا غير مسلمين لقوله تعالى: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَالَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَامَعْرُوفاً [لقمان:15].

7- رعايتهما وخاصة عند الكبر وملاطفتهما وإدخال السرور عليهما وحفظهما من كل سوء. وأن يقدم لهما كل ما يرغبان فيه ويحتاجان إليه.

8- الإنفاق عليهما عند الحاجة، قال تعالى: قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ [البقرة:215]، وتعتبر الخالة بمنزلة الأم لحديث: { الخالة بمنزلة الأم } [رواه الترمذي وقال حديث صحيح].

9- استئذانهما قبل السفر وأخذ موافقتهما إلا في حج فرض قال القرطبي رحمه الله: ( منالإحسان إليهما والبر بهما إذا لم يتعين الجهاد ألا يجاهد إلا بإذنهما).
10- الدعاء لهما بعد موتهما وبر صديقهما وإنفاذ وصيتهما.

فضل بر الوالدين:

دلت نصوص شرعية على فضل بر الوالدين وكونه مفتاح الخيرمنها:

1- أنه سبب لدخول الجنة: فعن أبي هريرة عن النبي قال: { رغم أنفه،رغم أنفه، رغم أنفه }، قيل: من يا رسول الله؟ قال: { من أدرك والديه عند الكبرأحدهما أو كليهما ثم لم يدخل الجنة } [رواه مسلم والترمذي].

2- كونه من أحب الأعمال إلى الله: عن أبي عبدالرحن عبدالله بن مسعود قال: سألت النبي أي العمل أحبإلى الله؟ قال: { الصلاة على وقتها }. قلت: ثم أي؟ قال: { بر الوالدين }. قلت: ثمأي؟ قال: { الجهاد في سبيل الله } [متفق عليه].

3- إن بر الوالدين مقدم على الجهاد في سبيل الله عز وجل: عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: ( أقبل رجل إلى النبي فقال أبايعك على الهجرة والجهاد أبتغي الأجر من الله تعالى،فقال : { هل من والديك أحد حي؟ } قال: نعم بل كلاهما. قال: { فتبتغي الأجر من اللهتعالى؟ } قال: نعم. قال: { فارجع فأحسن صحبتهما } ) [متفق عليه] وهذا لفظ مسلم وفيرواية لهما: { جاء رجل فاستأذنه في الجهاد، فقال: أحي والداك؟ قال: نعم. قال: ففيهما فجاهد }.

4- رضا الرب في رضا الوالدين: عن عبدالله بن عمرو بن العاصرضي الله عنهما عن النبي قال: { رضا الرب في رضا الوالدين، وسخط الرب في سخطالوالدين } [رواه الترمذي وصححه إبن حبان والحاكم].

5- في البر منجاة منمصائب الدنيا بل هو سبب تفريج الكروب وذهاب الهم والحزن كما ورد في شأن نجاة أصحابالغار، وكان أحدهم باراً بوالديه يقدمهما على زوجته وأولاده.

التحذير من العقوق:

وعكس البر العقوق، ونتيجته وخيمة لحديث أبي محمد جبير بن مطعم أنرسول الله قال: { لا يدخل الجنة قاطع }. قال سفيان في روايته: ( يعني قاطع رحم ) [رواه البخاري ومسلم]
والعقوق: هو العق والقطع، وهو من الكبائر بل كما وصفهالرسول من أكبر الكبائر وفي الحديث المتفق عليه: { ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنابلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين. وكان متكئاً وجلس فقال: ألاوقول الزور وشهادة الزور، فما زال يرددها حتى قلنا ليته سكت }. والعق لغة: هوالمخالفة، وضابطه عند العلماء أن يفعل مع والديه ما يتأذيان منه تأذياً ليس بالهيّنعُرفاً. وفي المحلى لابن حزم وشرح مسلم للنووي: ( اتفق أهل العلم على أن برالوالدين فرض، وعلى أن عقوقهما من الكبائر، وذلك بالإجماع ) وعن أبي بكرة عن النبيقال: { كل الذنوب يؤخر الله تعالى ما شاء منها إلى يوم القيامة إلا عقوق الوالدين،فإن الله يعجله لصاحبه في الحياة قبل الموت } رواه الطبراني في الكبير والحاكم فيالمستدرك وصححاه].

البر بعد الموت:

وبر الوالدين لا يقتصر على فترةحياتهما بل يمتد إلى ما بعد مماتهما ويتسع ليشمل ذوي الأرحام وأصدقاء الوالدين؛ { جاء رجل من بني سلمة فقال: يا رسول الله. هل بقي من بر أبواي شيء أبرهما بعدموتهما؟ قال: نعم، الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما بعدهما، وصلةالرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما } [رواه أبو داودوالبيهقي].

ويمكن الحصول على البر بعد الموت بالدعاء لهما. قال الإمام أحمد: ( من دعا لهما في التحيات في الصلوات الخمس فقد برهما. ومن الأفضل: أن يتصدق الصدقةويحتسب نصف أجرها لوالديه.

أحكام شرعية خاصة بالوالدين:

لا حد علىا لوالدين في قصاص أو قطع أو قذف. وللأب أن يأخذ من مال ولده إذا احتاج بشرط أن لايجحف به، ولا يأخذ شيئاً تعلقت به حاجته. ولا يأخذ من مال ولده فيعطيه الولد الآخر [المغني:6/522]، وإذا تعارض حق الأب وحق الأم فحق الأم مقدم لحديث: { أمك ثم أمك ثمأمك ثم أباك } [رواه الشيخان]، والمرأة إذا تزوجت فحق زوجها مقدم على حقوالديها.

مسلمة متفائلة
03-01-2011, 09:28 AM
بارك الله فيكِ اختى

جمانة2
03-01-2011, 02:16 PM
بارك الله فيك

tones
03-01-2011, 09:20 PM
جزاكم الله خيرا
شكرا على مروركم