مشاهدة النسخة كاملة : ::: وَمَنْ يُدرِكُ النَّجْمَ ؟ ::: زفرات مكلوم في رثاء الحبيب (سيد بلال)


بنت عائشة
13-01-2011, 07:49 PM
::: وَمَنْ يُدرِكُ النَّجْمَ ؟ :::
زفرات مكلوم في رثاء الحبيب (سيد بلال)




الحمد الله القائل في كتابه العزيز



( اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ )


( وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ
وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)



( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ *
الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ )



الحمد لله الذي شرح صدور أهل الاسلام للهدى

ونكت في قلوب أهل الطغيان فلا تعي الحكمة أبدا


وأشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له

وأصلى وأسلم على خير الخلق وحبيب الحق
... رسول الله -صلوات الله وسلامه عليه-

أما بعد ...



فهذه زفرات مكلوم ونفثات مهموم

أبثها إليكم ، عسى الله ينفع بها


فما يملك العاجز سوى قلب

طال عليه الليل و عياه السهاد



إذا اللَّيلُ طالَ بأَصْفادِهِ فَقُل لي - بِربِّكَ - كَيفَ المَفَرّْ؟!
وَكيفَ الفِكَاكُ؟ وَكيفَ النَّجاةُ؟ وَكيفَ الخَلاَصُ؟ وَكَيفَ الحَذَرْ؟!
دُمُوعُ اللَّيالي هُنا نَازِفَاتٌ وَصَوتُ النُّوَاحِ هُنَا مُسْتَمِرّْ
وَضَوءُ الصَّباحِ بَعِيدٌ، بَعيدٌ وَعَصْفُ الرِّياحِ بَدَا يَنهَمِرْ

وَطَعمُ الحَياةِ مَرِيرُ المَذَاقِ وَطالَ الطَّريقُ, وطالَ السَّفَرْ
شُجونٌ، شُجونٌ، وَبَدرٌ حَزِينٌ وَليلٌ طَويلٌ، وَدربٌ عَثِرْ
أَتَحْيا معَ اللَّيلِ أَحلامُنَا وَوَجهُ الصَّباحِ بَدَا يَندَثِرْ
وَغُولٌ وَأشباحُ سُوءٍ بَدَتْ تُخِيفُ الطُّيورَ بِشَتَّى الصُّوَرْ
تُقِيمُ الحَواجِزَ وَسْطَ الدُّرُوبِ تَسُدُّ الطَّريقَ، تَشُقُّ الحُفَرْ
وَكمْ مِن أَفاعٍ بِلَيلٍ تَجُولُ تُرِيقُ السُّمومَ، تُجَافي الجُحُرْ
فَيَا لَيلُ، رِفقاً بِقَلبٍ ضَعِيفٍ عَيَاهُ السُّهَادُ وَطُولُ السَّهَرْ




- مرحلة المقاومة



يقول الشيخ المحدث / أبو إسحاق الحويني – حفظه الله -



" مرحلة المقاومة تحتاج إلى إعتقاد راسخ ، وكل المؤمنين الذين تبعوا أنبياء الله جميعاً مروا بهذه المرحلة ،
فثبتوا فجاء نصر الله – عز وجل - ، الإبتلاء في الدنيا شديد ، وكم من مصالح لك فقدتها بسبب هذه المنزلة .. منزلة المقاومة ،
ساوموك فرفضت ، وفضلت الجوع والقلة والذلة على أن تضحي بشيء أوجبه الله عليك


وأنت في مرحلة المقاومة استعد للبلاء !
سيرمونك عن قوس واحدة !
لكن من ثمرة هذه المرحلة المباركة ! أنك تخرج منها قوي القلب !



وفي الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال :

" إذا كان يوم القيامة أذن مؤذن ليتبع كل أمة ما كانت تعبد فلا يبقى أحد كان يعبد غير الله سبحانه من الأصنام والأنصاب
إلا يتساقطون في النار حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله من بر وفاجر وغبر أهل الكتاب فيدعى اليهود فيقال لهم
ما كنتم تعبدون قالوا كنا نعبد عزير ابن الله فيقال كذبتم ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد فماذا تبغون قالوا عطشنا يا ربنا
فاسقنا فيشار إليهم ألا تردون فيحشرون إلى النار كأنها سراب يحطم بعضها بعضا فيتساقطون في النار ثم يدعى النصارى
فيقال لهم ما كنتم تعبدون قالوا كنا نعبد المسيح ابن الله فيقال لهم كذبتم ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد
فيقال لهم ماذا تبغون فيقولون عطشنا يا ربنا فاسقنا قال فيشار إليهم ألا تردون فيحشرون إلى جهنم
كأنها سراب يحطم بعضها بعضا فيتساقطون في النار حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله تعالى من بر وفاجر
أتاهم رب العالمين سبحانه وتعالى في أدنى صورة من التي رأوه فيها قال فما تنتظرون تتبع كل أمة ما كانت تعبد
قالوا يا ربنا فارقنا الناس في الدنيا أفقر ما كنا إليهم ولم نصاحبهم فيقول أنا ربكم فيقولون نعوذ بالله منك لا نشرك بالله شيئا
مرتين أو ثلاثا حتى إن بعضهم ليكاد أن ينقلب "



يقولون ياربنا فارقنا الناس في الدنيا أفقر ما كنا إليهم ولم نصاحبهم
أي لأجلك تركنا أهل الدنيا من أجلك

ساومونا على اللحية ففضلنا ترك الوظيفة
ساومونا على ترك الصلاة ففضلنا أن نصلي ونسف التراب
ساومونا على أي شيء ... رفضنا ، وكنا في أمس الحاجة إليهم لنرتفق بهم !!
هم أصحاب أموال وأصحاب شوكة ونحن لا شوكة لنا ولا مال

وصبرنا على الذل في الدنيا فكفى بما مر بنا بلاءاً ... أنبتلى في ساحة العرض !!!

لطفك يارب ... لو لم تثبتنا لإنقلابنا على أعقاباً


إننا كدنا أن نرى منازلنا في الجنة !!!

يكفينا ما جرى لنا في الدنيا لأجلك !!

وصبرنا على حز الغلاصم وقطع الحلاقم و رأينا أن ذلك أهون من أن نضحي بالإعتقاد



" فيقول هل بينكم وبينه آية فتعرفونه بها فيقولون نعم فيكشف عن ساق فلا يبقى من كان يسجد لله من تلقاء نفسه إلا أذن الله له بالسجود
ولا يبقى من كان يسجد اتقاء ورياء إلا جعل الله ظهره طبقة واحدة كلما أراد أن يسجد خر على قفاه "



أردت بهذا الحديث أن أبين لك منزلة المقاومة
لا مساومة على أي شيء مما أوجبه الله عليك
وصدقني أنت الأقوى مهما فقدت من متاع الدنيا ، لأنه لا يُغلب صاحب إعتقاد



فإن أصعب ما يلقاه المكلف ، أنه يريد الله – عز وجل – في زمان ليس فيه مصباح
ويستشري هذا في زمان الفتن كما قال الصادق المصدوق – صلى الله عليه وسلم –
( يمر الحيٌّ على قبر الميت فيقول ياليتني مكانك )


كفى بك داءاً أن ترى الموت شافيا وحسب المنايا أن يكن أمانيا "




- كيف ينام الألم ؟



توالت الأحزان وكثرت الجراح ، ولبس القلب ثوب الحزن


كيف ينام الألم يوماً .. والدمُ يصرخ في الوريد
بل كيف يسكن الألم يوماً .. وكل وقت جرح جديد



ترى الإسلام حولك وقد قُطعت أوصاله

ومزق شمل ذويه


واسلاماه تكالبوا ليطفوا .. نور الهدى حسدا شديد
واسلاماه تكالبوا فحقدهم .. ملأ الفضاء بل يزيد



ومما يزيد الألم وتضيق به النفس

عداء بني جلدتنا لنا ... أبناء أعدائنا منا

حين يأتي السهم من وراءك

فيشمت أعداءك فيك ، ويكفيهم مأونة حربك


من قبل سلموا ( كامليا )

إلى الكفار ليفتنوها عن دينها

واليوم تولوا كِبْرَ هذا الإثم بأيديهم



كيف ينام الألم يوما .. والدمُ يصرخ في الوريد
بل كيف يسكن الألم يوما .. وكل وقت جرح جديد




يقول الشيخ محمد إسماعيل المقدم – حفظه الله – :

" كم من واقعٍ آلامنا وأفزعنا تلاه واقع أمر منه كما قال الشاعر:
يا زماناً بكيت منه فلما كنت في غيره صرت أبكي عليه

فكم من واقعٍ أفزعنا بمرارته وآلآمه وجراحه تولاه واقع أمرُ منه
كما قال – صلى الله عليه وسلم – ( فتن يرقق بعضها بعضا ) "



- حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ



يقول الشيخ ياسر برهامي – حفظه الله - :



" نحن فينا من الصفات الكثيرة اللتي تحتاج إلى تغيير ، ربما كانت السبب في أن يعاملنا الله - سبحانه وتعالى – بتسليط من يسلطه علينا ،
لا نعني أن كل واحد لابد وأن يكون ظالماً ، ولكن إذا إنتشر الفساد أدى إلى حصول هذه المآسي في المشارق والمغارب


لابد من تغيير في أنفسنا أولاً وفي من حولنا
حتى يغير الله ما بنا ، القاعدة ثابته لا تتغير
(إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ )

فإن لم يغير الله ما بنا ، فذلك يعني أننا لم نتغير أو أن التغير لم يكن كافياً "



- وظيفة شاغرة



الوظيفة :



- أن تحقق العبودية لله واحده

- أن تقبض على الجمر في زمن الفتن

- أن تلتزم بهدي النبي – صلى الله عليه وسلم –

- أن تهتم بأمر المسلمين

- ألا ترضى بالظلم والذل والهوان

- أن تعي معنى إنتماءك للإسلام

- أن تكون رجلاً في زمن قل فيه الرجال

- أن تعيش ذخراً لدينك ولأمتك



المقابل :



أن تحارب في كل وقت وكل مكان

أن تعذب وتُذل وتهان

أن يستباح دمك وترمل زوجتك وييتم بنيك

ولا يكفي هذا

لابد أن يحاصر أهلك ويعتقلوا ويهددوا

إلا أن تمر القضية بسلام

بل لربما أجبروا أن ينفوا صلتهم بك

فأنت من أخترت هذا الطريق

وعليك أن تدفع ثمن إختيارك



كيف تنعم بالحياة و صُير الإسلام رمّ !
و كيف تسعد بالنعيم و أهل دينك في عمم !
و كيف جرعات المياه و يجرع الإسلام سم !
مـــاذا فـــعلت مـــباذلاً ديناً و مـــالاً أو بـــعلــــم ؟!
خــذهـا و لا تـتـرددن فاهنأ بنومك أو فـقــم !!
إن لم تعش ذخراً لدينك موت مثلك لا يهم !





-ومن يُدرك النجم ؟


يقول أحد كتاب الشبكة – جزاه الله خيراً -

" قضت حكمة الله - عز وجل - أن جعل ظهور الحق وتمكنه موقوفاً على ثبات الرجال وصبرهم في سبيل الحق الذي يعتقدونه
وإلا فالله قادر على أن يرسل ملائكة بالنصر من عنده ولكن الله شرف هؤلاء المؤمنين وجعلهم قدوة ومثلاً
لإعلاء كلمة الله في الأرض والصبر في سبيل تحقيق العبودية لله وحده "


نعم لقد إصطفاك الله – عز وجل -

لقد جعلك الله – عز وجل – قدوة في الصبر وتحقيق العبودية لله وحده


ولسان حالك يقول


فَإِنّي سَيِّدٌ وَأَبِي بِلَالٌ ... وَهُمْ يَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأمْتَا


أرادوا أن يخمدوا صوتك

فأعلى الله ذكرك


كنت تمشي بين الناس

فما أظلمت الدنيا

حتى صرت نجماً ... يضاهي نجوم السماء

ومن يُدرك النجم ...




- أرملة الشهيد تهدهد طفلها


فكأني بها تقول :



نم يا صغيري إن هذا المهد يحرسه الرجاء
من مقلة سهرت لآلام تثور مع المساء
فأصوغها لحناً مقاطعه تَأَجَّج في الدماء
أشدو بأغنيتي الحزينة ثم يغلبني البكاء
وأمد كفي للسماء لأستحث خطى السماء
***
نم لا تشاركنــي المرارة والمحـن
فلسوف أرضعـك الجراح مع اللبن
حتى أنال على يديك من وهبت لها الحياة
يا من رأى الدنيا ولكن لم يرَ فيها أبـاه
***
ستمر أعوام طويلـة في الأنين وفي العذاب
وأراك يا ولدي قوي الخطو موفور الشباب
تأوى إلى أم محطمة مُغَضـَّنَةِ الإيهــاب
وهنا تسألني كثيراً عن أبيك وكيف غــاب
***
هذا سؤال يا صغيري قد أعد له جواب
فلئن حييت فسـوف أسرده عليك
أو مت فانظـر من يُسرُّ به إليك
***
غدك الذي كنا نؤَمل أن يصاغ بالورود
نسجوه من نار ومن ظلم تدجـج بالحديد
***
فلقد ولدت كي ترى إذلال أمــة
غفلت فعاشــت في دياجيـر الملمة
مات الأبيُّ ولم نسمع بصوت قد بكـاه
وسعوا إلى الشاكي الحزين فألجموا بالرعب فاه
***
الحرُ يعرف ما تريد المحكمة
وقُضاته سلفاً قد ارتشفــوا دمه
لا يرتجي دفعاً لبهتان رماه به الطغاة
***
كذبوا وقالوا عن رجولته خيانة
وأمامنا التقرير ينطق بالإدانة
هذا الذي قالوه عنه غداً يردد عـن سواه
ما دمت تبحث عن أبِيٍّ في البلاد ولا تراه
***
هو مشهد من قصة حمراء في أرض خضيبة
كُتبت وقائعها على جدر مضرجة رهيبة
مشت الكتيبة تنشر الأهوال في إثر الكتيبة
والناس في صمت وقد عقدت لسانهم المصيبة
***
هذا الذي كتبوه مسموم المـــذاق
لم يبق مسموعـاً سوى صوت النفــاق
صوت الذين يقدسون الفرد من دون الإله
ويسبحون بحمده ويقدمون له الـصلاة




- قالوا مالك واجماً ؟


يقول صاحب تيسير العلام :

" لا بأس من الحزن والبكاء، فهو لا ينافي الصبر على قضاء الله
وإنما هو رحمة جعلها الله في قلوب الأقارب والأحِبَّاء
والنبي صلى الله عليه وسلم حزن وذرفت عيناه وقال: لا نقول إلا ما يرضى الرب "

وجاء في (مجموع الفتاوى) :

" قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم { إن الله لا يؤاخذ على دمع العين ولا على حزن القلب ولكن يؤاخذ على هذا أو يرحم
وأشار بيده إلى لسانه }
وقال صلى الله عليه وسلم { تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول إلا ما يرضي الرب }
ومنه قوله تعالى { وتولى عنهم وقال يا أسفى على يوسف وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم } ،

وقد يقترن بالحزن ما يثاب صاحبه عليه ويحمد عليه فيكون محمودا من تلك الجهة لا من جهة الحزن
كالحزين على مصيبة في دينه وعلى مصائب المسلمين عموما
فهذا يثاب على ما في قلبه من حب الخير وبغض الشر وتوابع ذلك

ولكن الحزن على ذلك إذا أفضى إلى ترك مأمور من الصبر والجهاد وجلب منفعة ودفع مضرة نهي عنه
وإلا كان حسب صاحبه رفع الإثم عنه من جهة الحزن وأما إن أفضى إلى ضعف القلب واشتغاله به عن فعل ما أمر الله ورسوله به
كان مذموما عليه من تلك الجهة وإن كان محمودا من جهة أخرى "



فكيف لا يحزننا فقد أخٍ حبيب ، قُتل ظلماً وغدراً


الدمع يجري والقلوب تنهد ... والحزن يملأ مهجة تتوقد
وعلى الوجوه كآبة لا حيلة ... في رفعها ترجى هناك ولا يد
أمصاب فرد ذاك أم هي أمة ... فجعت بجرح غائر لا يضمد ؟
من لي بمن فعل الجريمة قائلا ... ماذا جناه و ما أتاه سيد ؟




- وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا


يقول الشيخ ياسر برهامي – حفظه الله - :


" لا يوجد مسلم يرضى بسفك دم مسلم يشهد ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ،
ومن رضي بذلك وأقره ، فهو خارج عن ملة الإسلام يستحل دماء المسلمين ويستبيحها ، ونعوذ بالله من ذلك


ولم يزل في الأرض منذ خلقها الله - عز وجل – ما ذكرته الملائكة :
( قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ )

ولا حول ولا قوة إلا بالله ، وذلك لحكمة الله البالغة ،
ليوجد من يعبد الله - سبحانه وتعالى - وسط على الركام من الكفر والظلم والفساد


نقول الذي قاله موسى لقومه ، وقد قتل فرعون من قتل من إخوانهم المؤمنين وقتل السحرة آلفاً في يوم واحد
وقال (سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ )

قال – عز وجل – : (قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ *
قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا )

الأذى مستمر قبل وجود الدعوة الموسوية وبعدها وفي كل دعوات الأنبياء ، فلما زاد بهم الأذى كان جواب موسى :

( قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ )


ولا يلزم أن يكون هناك عمل مباشر في مواجهة الظلم والإعتداء والتجبر والفساد والصد عن سبيل الله

وهناك أعمال كثيرة ربما التفريط فيها كان سبباً لتصلت الأعداء


الصلاة ... الصبر ... ذكر الله – عز وجل - ... الاستعانة به سبحانه وتعالى ... اللجوء إليه ... الدعاء


سنظل هكذا ليس عندك ما تقول لنا إلا أن نفعل هذه الأشياء ؟!!!!!


نقول :

قد أجلت الرسل ليوم الفصل ، فما بالكم تأبون ذلك ،
أعني قد يكون هناك أوقات لا يملك المؤمن أن يدفع عن نفسه ولا عن إخوانه
، ويراهم يعذبون كما رأى النبي – صلى الله عليه وسلم – آل ياسر ،
ولا يزيد على أن يقول " صبراً آل ياسر ،فإن موعدكم الجنة " ،
حتى يقتل ياسر وتقتل سمية ويعذب عمار ، والرسول – صلى الله عليه وسلم – لا يجد ما ينصرهم


ويدعوا نوح – عليه السلام – (فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ )

هذا عمل ، هذا دفع ، هذا من أعظم ما ينزل الله به – عز وجل – عقوبته على الظالم المجرم ويدفع به عن عباده المؤمنين


الآلام كانت أكثر بكثير عبر الزمان ، تذكروا يوم أن دخل التتار بغداد ،
ويوم أن دخل الصليبيون بيت المقدس ، ويوم أن أبيدت دولة المسلمين في الأندلس ،
كم من الآلام كم من الدماء والأرواح ، ومع ذلك إستمر الإسلام ولم ينتهي ،
كان المسلمون في حالات ضعف شديد وعجز في كثير من الأحيان


ليس الأمر شجاعةً أن يتقدم المرء في أمر يعلم ويتأكد أن عاقبته ، أن تكون هناك عشرات ومئات الضحايا بدلاً من ضحية واحدة ،
نعم أمر مؤلم أن يؤمر بالصبر في هذا المقام ، ولكن قد لا يملك الإنسان غيره ،
لأنه يريد أن يعبد الله – سبحانه وتعالى – وأن يطاع فلا يعصى ،
لا يريد أن تمنع أنواع من العباة ، من الصلاة .. من الصيام ... من الذكر ... من العلم ... من قراءة القرآن


لابد إذاً أن نعي واجب الوقت وأن ندرك حقائق المواقف ،وليس الإقدام دائماً هو الشجاعة ،
وليست كل الأزمنة والأحوال يتناسب معها ما فعله المعتصم عندما كان هناك قوة وقدرة للمسلمين ،
نحن نعاني ثمرة تسلط الأعداء منذ أكثر من مائتين من السنين بل أكثر من ذلك ،
الأعداء قد تسلطوا على بلاد المسلمين لينتجوا نوعية تتابع في أن تكون أبناء أعدائنا منَّا


ومع ذلك نقول ، لابد من تغيير في أنفسنا أولاً وفي من حولنا ، حتى يغير الله ما بنا ،
القاعدة ثابته لا تتغير (إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ )

فإن لم يغير الله ما بنا ، فذلك يعني أننا لم نتغير أو أن التغير لم يكن كافياً

وهذا لا يعني أن من قضى قبل أن يأتي نصر الله أنه قد ضاع ، بل لعله قد كسب وفاز واستراح .. وبقي التعب على أهل الدنيا

وإنا لله وإنا إليه راجعون ، وحسبنا الله ونعم الوكيل



( اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ )


وأنا على يقين من قول الرسول – عليه الصلاة والسلام –

( إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا )


ومن قوله – صلى الله عليه وسلم –

( إن الله ليملي للظالم ، حتى إذا أخذه لم يفلته . قال : ثم قرأ :
{ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ } )


الدنيا كلها تزول ، ولزوال السموات والأرض أهون على الله - عز وجل - من قتل رجل مسلم ،
والله – عز وجل – قدَّر مع ذلك قتل ملايين المسلمين عبر التاريخ ، لحكمته البالغة

( وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ *
إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ
وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ *
وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ *
أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ )


الله – عز وجل – جعل هذه المحن تمحيصاً ، وكم ترون من الناس يبيع دينه بعرض من الدنيا ،
ويهتف بأنواع الكفر والضلال والنفاق والصد عن سبيل الله ، أنتم ترون أنواعاً من الفتن يغرق فيها أكثر الخلق ،
نريد أن نبقى على الحق ، نكثَّر عبادة الله – عز وجل – في الأرض



الجهاد ليس بالشعارات وليس بالإعلانات وليس برفع الرايات ،
دون أن يكون مقصوده وما يغلب على الظن من حصوله إعلاء كلمة الله وزيادة الطاعات وتقليل المعاصي والمخالفات

أنظر قبل أن تقول نريد أن نفعل شيئاً ، هناك من يأتي إلى صخرة وليس عنده معول يهدمها به
– قدر الله له أن يعيش في هذه الظروف ، هل إخترنا أن نولد في أزمنة ما عقب الإحتلال الذي غير وجه الحياة كثيراً –
نقول قد ولدنا ليس في أيدينا المعول ، كما كان في يد الصحابة - رضوان الله عليهم - عندما قاتلوا بلاد فارس والروم
وفتحوا المشارق والمغارب ،

هناك من يقول لابد أن أفعل شيئاً ، يدق رأسه على الصخر حتى يدمى ، وما أوهن الصخرة
سوف يأتي وقت تكسر فيه صخرة الباطل قطعاً ، هل في حياتنا ؟ الله – عز وجل – يعلم ،
ولكن علينا أن نسعى أن يعبد الله وحده لا شريك له ، من يعمل عملاً يؤدي إلى زيادة الكفر والنفاق والظلم والفساد ..
لا يكون مجاهداً ، ولا يكون مصلحاً لأمته ، وإن تكلم من تكلم وسب من سب وطعن من طعن وأنتقد من أنتقد


لكن أرواح المسلمين ... دماء المسلمين ,,, حرمات المسلمين ... أعراض المسلمين ...بيوت المسلمين .... أمانة ،
أمانة في عنق من يتخذ قراراً معيناً ، ينظر في عواقب الأمر ، هل يترتب عليه تعظيم هذه الحرمات ، أم تضيع هذه الحرمات ،
وماهو أعظم من ذلك فتنة من ليس عنده حصانة أمام الكفر والنفاق


الجبن أن يكون عندك ما تواجه به عدوك ، ثم بعد ذلك تفر من المعركة ،
أما أن تفعل مثل ما فعل النبي – عليه الصلاة والسلام – مع آل ياسر ،
وتقول كما قال موسى – عليه السلام – لقومه ( اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا ) ،
فمن يقول عن هذا جبن وهو يعلم وهو يعلم أنه ليس عند المسلمين ما يدفعون به عن أنفسهم ولا عن إخوانهم ،
ويتهم من يأمر وينهى إخوانه و بالجبن والتهاون وأنه لا يتشعر ما يتعرض له المسلمون ،

نقول هذا نكله إلى الله – سبحانه وتعالى – ونحذره من عاقبة الظلم ، فأنت لا تدري ماهي حقيقة المواقف وماهو في القلوب


والله المستعان وحسبنا الله ونعم الوكيل "




قد قلت لمن تقوى على ضعفي ولم يذكر رقيبه

خبئت له سهاماً في الليالي و أرجوا أن تكون له مصيبه




- نم نومة العروس


http://4.bp.blogspot.com/_hgkuTb0bksc/TSf9xYOFo6I/AAAAAAAACAc/04DHMY-kicM/s400/163625_155614214488451_104224996294040_275238_4486 368_n.jpg (http://4.bp.blogspot.com/_hgkuTb0bksc/TSf9xYOFo6I/AAAAAAAACAc/04DHMY-kicM/s1600/163625_155614214488451_104224996294040_275238_4486 368_n.jpg)



ماذا جنى ماذا إقترف.....بعد العذاب هل إعترف
جاءَ إليكم ماشياً.....أرجعتموه قد إرتجف
عاد تغطيه الدماءُ.....وأمام مستشفاً قُذِفْ

........
هل قال آهٍ أو بكى .....إلى الإله هل إشتكى؟؟
ودماه حين تناثرت .....من قلب ٍ لازمه ُ التقى
هل بألإله قد إستجار .....أم للقاءِ تشوقا ؟؟




قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -" يجيء المقتول بالقاتل يوم القيامة ناصيته ورأسه بيده وأوداجه تشخب دما يقول :
يا رب قتلني هذا حتى يدنيه من العرش "

بشرى يزفها إلينا أخونا المدلهم :
" حدثني إخوة ثقة وعلى دين أنهم ذهبوا لتعزية أهل الأخ سيد بلال – رحمه الله- في منزله ،
وقد وجدوا أن الله قد أنزل عليهم الثبات والصبر والاحتساب في أن يكون عند الله من الشهداء ،
لأنه كان يدعو دائماً بالشهادة ، أيضاً زوجه رأته في المنام وقد اُدخل الجنة وضحك لها
وقال : شفتي ازاي ضحكت عليكي وسبقتك ...
نسأل الله أن يتقبله وأن يصبّر أهله "

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( ما أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا وله ما على الأرض من شيء
إلا الشهيد يتمنى أن يرجع إلى الدنيا فيقتل عشر مرات لما يرى من الكرامة )

وقال – صلى الله عليه وسلم – ( للشهيد عند الله ست خصال : يغفر له في أول دفعة ويرى مقعده من الجنة ،
ويجار من عذاب القبر ، ويأمن من الفزع الأكبر ، ويوضع على رأسه تاج الوقار ،
الياقوتة منها خير من الدنيا وما فيها ، ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين ، ويشفع في سبعين من أقاربه )


فنم قرير العين
نم نومة العروس
حتى تزف إلى نعيم لا ينفد
وقرة عين لا تنقطع
رحمك الله .. فقد أتعبت من بعدك


وإنا لله وإنا إليه راجعون
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


كتبه :
أبو طارق السلفي السكندري
6 صفر لعام 1432 هـ
جعله الله في ميزان حسناته