مشاهدة النسخة كاملة : قتيل الحياة ( قصة قصيرة )


ميدو الشاعر
17-01-2011, 02:47 PM
قتيل الحياة




بدأت أحداث سريعة تمر أمام عيناى ، لحظة ميلادى كم كنت لا اقوى على رعاية ذاتى ، لحظة صباى كيف كان تعنتى وعنادى، لحظة الدراسة كيف كنت مهملا لواجباتى ، لحظة الصلوات كيف كنت الهو وألعب مع اشتاتى ، لحظة مراهقة كيف كنت أسهر لفسادى ، كيف كان اللهو حياتى، كيف كان الحب فى بلاد غير بلادى فى قلب ظل بجانبى طيلة أوقاتى فى العصيان وقليل من الطاعات ِ ،ولحظة علو صوتى على أمى وكيف كان ذلك من شيمى ، وكيف أردت العاريات والمسكرات وأهملت طاعة ربى .
وكأن شريط ذكريات يذكرنى بأوقاتى يذكرنى بإهمالى ورغبتى فى الحياةِ يذكرنى بعصيانى وكيف كانت سماتى


فإذا بــــــ



ومضة برق طرفت عيناى ، لا لا صوت يدوى فى ظلام قاتم ممتزجا بنشيج ولطم الخدود ، أفتح عيناى بروية للضوء الساطع فأرى صندوقين على أكتف رجال يكبرون ، دموعهم قد سلكت طريقها فى وجنتيهم ، وخلفهم نساء يتشحن بالسواد لصوتهن صدى فى القلوب ، حرام حرام كلمة يصرخون بها ولكننى لا أدرى لما يرددونها بل لا أعلم لمن هذا الموكب المهيب ومن يرقد بهذين الصندوقين ، الذى كان أحدهما يسير فى هدوء سلاسة وكأنه يصير على صفحة الماء ، بينما الأخر وكأنه صخرة يحركها الهواء فلا تتزحزح .

ولكننى ليس بينهم غير متواجد وسط الرجال السائرين بوجوه يعلوها الوجوم أو هؤلاء الحاملين للتابوت ، ولكن كنت أثق اننى أستطيع رؤيتهم كلهم من مكان لا أعلمه يكشف لى كل روح منهم وجسد فأشعر بشعورهم وأتبينه فى وجوههم ، ولكننى أتساءل بأعلى صوت لماذا تنتحبون ومن مات ، فلا اجد إجابة ولا أتلمس سوى صمت صموت وما أشعر إلا وان الضوء فى خفوت .

فإن من يعلوهم الصندوقين نازلين بهما سلالم حجرية ويخرجون منهما جثمانين أبيضين بلا ملامح ويدوى فى المكان لفظ الجلالة بصدى يدمى القلوب ويضعونهما وضع المستريح فى نومته لعلهم يلقان الراحة الأبدية ، وشرعوا فى الخروج فجاهدت للخروج معهم فلم أستطع وكأننى علقت ، فأغلق النور وعاد الظلام ليصافح وحشة القبور فتملكنى الفزع أنا !!أنا من كانوا يحملونه أنا قتيل الحياة ورأيت نورا من بعيد لأناس غرباء الملامح غرباء الهيئة .
ورأيتهم ملكين.. لا أدرى لم أقل عليهم ملائكة ؟؟ربما للضوء الممتزج بهما ، فمظهرهما يدب الرعب فى القلوب ، والرعشة فى الأوصال ، فكان شعر رأس من رأيته مسافة سير ثلاثة أيام ولن تصل لنهايته .

نظروا إلى رفيقى الذى أعتقد إنى قد رأيته قبلا قائلين اهلا بالكريم ابن الكريم قد عدت إلى أكرم الأكرمين فلا تخف فاأنت فى حما الله فقد كنت نعم العبد ، قائم للصلاة مسرعا للزكاة متطوعا فى الصيام مجاهدا فى الحياة مطمئناً بالإيمان مستعيناً بالقران متبعا لسنة حبيب الرحمن ، فلسوف تلقى النعيم برحمة العظيم .

ورأيت كأن رفيقى تحول الى القمر فى ليلة تمامه وكأنه استحم بالمسك والعنبر وكأن القبر أحالته أعماله إلى قصر فتمنيت لو كنت مثله .

فألتفتوا لى و حدثونى قائلين من أنت ؟ فلم أجب . من هو ربك ؟ فلم أنطق . ماهو دينك ؟ من هو نبيك ؟ ما هو كتابك ؟ فأردت الإجابة ولكن تحجرت الكلمات بحلقى وتحشرج صوتى ولم أنبس بكلمة فنظرت إلى من يتحرك بعيدا فوقعت عيناى على أبشع مخلوق كان يختلس النظر ليرانى كان يضحك قائلاً لى : قل لهم أنت نصرانى ، لا لا بل يهودى ، لا بل قل أنت مسلم ..لا لا لا أنت بهائى .

أما كتابك فهو الأنجيل ، لا ..بل القرآن ، لا بل هو بدون عنوان . فجعلنى فى حيرة من أمرى ؛ إذا أقل لهم ماذا سيصدقون ؟؟ فنظرت إلى ذلك المخلوق نظرة أطلب فيها العون ، فرد لا إلى هنا أنتهى طريقى فقد غويتك وأتبعتنى راضياً .. وتركنى وأنصرف سعيداً ضاحكاً .

فأعدت نظرى إلى منكر ونكير ..فقالوا لى : ألم تعلم بهذا اليوم ؟ أظننت أنك مخلد بها ؟ ألم تتذكر ذلك الوقت فى ساعة من ساعات سهرك الليل أمام مايلهيك ؟ فى صياحك لأمك وأبيك ؟ فى فسادك وإفساد الطيب بأيديك ؟؟ فى نظرة حرام فى جسد ؟ فى إيمانك بالسحر وغليانك بالحقد ؟ فى إهدار وقتك وإهمالك طاعة ربك ؟؟؟؟إذن فالنيران أولى بجسدك .

ففزع ناظرى وانا أرى الحياة تدب فى الجدران ، وذنوبى تحيلها إلى نيران ، وأراها تقترب من كل جانب.. تقترب ...إلى أن مست صدرى وكتفى ...ومازالت تقترب ، أحسست بضلوعى تختلج ..أحسست برأسى يعصر ، وجذعى يسحق ، ووسط كل الألم الرهيب صرخت صرخة قفزت من أحشائى بعد طول صمت .


لأستيقظ من نومى وقلبى كأنه يريد الرحيل من جسدى كم كنت غبياً ..كيف أنسى الله فى حلمى ؟ كيف أنسى إسلامى ؟ كيف انسى محمد عليه السلام ؟ كيف انسى ان كتابى القرآن ؟ كم كنت أحمق لأعير سمعى لذلك المخلوق الدميم الذى جعل الحيرة تتملكنى ؟ ولم يقل لى من أنا .
ولكن منذ ذلك الوقت أقسمت بألا أعير سمعى لأحد .. ألا أنسى ربى لحظة ، وأن أفعل مايرضى والداى.
وشرعت فى القيام فإذا بعويل وصراخ يأتى من الخارج فهرولت إلىَّ أمى قائلة أخيك مات ساجدا فى الصلاة ففزعت إذن أنا قتيل الحياة .

فسقطت على الأرض وطرفت عيناى لومضة برق .







فالحياة كشمس فى العلا**** بعضها نور وبعضها نار
وأناس الأحاجى فى زمن**** قلوب عطنة يعلوها غبار



تأليف : محمد فؤاد عبد السلام

قلم طموح
17-01-2011, 08:26 PM
بوركت اخي الكريم

هو حقا قتيل الحياة
قتيل النور المظلم والبرق الزائف
قتيل المال والشهوة
واه حسرتاه يا قبور هل تضمي



خفقت القلوب ومرت الحياة كما لو كانت شريطا بلا الوان
علي لحظات مليئة بالحزن والاسي والحرمان
وقضبان النفس تصعنها في كل زمان
وسكنات ونبضات من الكتمان
فهلا قد تناست القلوب من يهب النبض للشريان



يا الله يا معين
يا ملاذ التائهين
ارحم ضعفي ونور دربي

______

نعم الكلام اخي
بورك فيك وجزيت خيرا
فهذا رسالة الي كل من قتلته نفسه قبل ان تقتله الحياة
التي اصبحت قبرا وسرمدا لكل عاصي

لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين

الأستاذة ام فيصل
17-01-2011, 08:46 PM
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا

ميدو الشاعر
16-03-2011, 11:48 PM
بارك الله لكما يا القلم الطموح ويا استاذة نغم وجعلكما عونا وذخرا وارجو مسامحتى على تاخرى فى الرد

شيماء20
16-03-2011, 11:54 PM
الحياه كشمس فى اعلا ****بعضها نور وبعضها نار

قصه جميله

LoOoLy El Treikawya
17-03-2011, 12:04 AM
بجد جمية جدا ومؤثرة حقيقى
جزاك الله كل خير

ميدو الشاعر
17-03-2011, 12:39 AM
شكرا لكى ياشيماء وشكرا لك يا looly منتحرمش من مروركما الجميل

Arkenine
17-03-2011, 07:47 AM
بارك الله فيك وعليك ودامت إبداعاتك لنا . فى إنتظار المزيد .

ميدو الشاعر
13-06-2011, 07:47 PM
بارك الله فيك وعليك ودامت إبداعاتك لنا . فى إنتظار المزيد .

شكرا لك ولمرورك وان شاء الله هناك المزيد