إيساف
01-03-2011, 03:24 PM
http://www.baladnews.com/imagebig/a3363729dd8c1246146b8fc9e967988c.jpg (http://www.baladnews.com/imagebig/a3363729dd8c1246146b8fc9e967988c.jpg)
بعد نجاح ثورة 25 يناير.. متي يتم حسم قضية الدولة المدنية في مصر؟ سؤال يطرح نفسه وبقوة فلابد من وقفة جادة أمام تلك القضية التي أصبحت تؤرق فئات كثيرة داخل المجتمع المصري الذي يعد أقدم مجتمع مدني في التاريخ ولا يمكن أن يكون به اتجاهات أو تنظيمات تعتدي وبأي شكل من الأشكال علي الشرعية أو حقوق الغير ولن نقول أقلية بل شركاء في الوطن، وفي الحقوق والواجبات حيث أصبح حجم المشاكل في مصر كبير وبلا حصر!! ويحتاج إلي تكاتف كل عناصر المجتمع للخروج من الأزمات المتوالية حيث إن السلطة التنفيذية لن تستطيع حل الأزمات بمفردها بما أنها أصبحت مسئولة عن كل شيء في مصر من توفير الاحتياجات اللازمة من سلع وخدمات.. وهذا يحتاج إلي سلطة تنفيذية قوية تستند إلي شرعية الصناديق الانتخابية الحقيقية بما يعني احتياج المجتمع إلي تداول للسلطة بين الأحزاب الشرعية لتخفيف حدة الضغوط داخل المجتمع وهذا لن يحدث إلا في إطار الدولة المدنية الحديثة وعدم تأرجح الدولة بين المدنية والدينية وتوصيف الأحداث بمسمياتها وعدم الالتفاف حولها حتي يتم العلاج.. فهل آن الأوان لحسم قضية الدولة المدنية؟
لإنهاء حالات الاحتقان الطائفي الذي قد يتحول مع أي انفجار إلي فتنة طائفية غير مستبعدة أم أن مصر بالفعل دول مدنية بنصوص الدستور؟
يؤكد جمال البنا الداعية الإسلامي علي أنه لم يحن الوقت بعد لحسم قضية مدنية الدولة لأنه لا يوجد إيمان حقيقي بفكرة مدنية الدولة من غالبية الشعب المصري بذلك، والذين يؤمنون بمدنية الدولة هم النخب المثقفة، وهؤلاء عددهم قليل، وعديمو التأثير علي الجماهير رغم مطالبتهم بها، والدعوة إليها لم ولن تكون ناجحة.. بسبب عدم إيمان الشعب واقتناعه بالدولة المدنية.
وعن سؤاله هل يستطيع الأقباط وجموع المثقفين والدولة التأثير؟ أجاب قائلا إن الأقباط مثلهم مثل المسلمين عند الضرورة سيكونوا أول من يكفروا بها إذا اختلف الدستور مع الإنجيل سيقولون أنهم مع الإنجيل.. والتفسير الشائع في مصر أن الإنجيل والقرآن مع الدولة الدينية ودائما لديهما علات بأنه علي الدولة حماية الدين وكيف يكون المقصد الأول للدولة هو حماية الدين ولا تكون مصر دولة دينية؟!
ولا يتم تطبيق الشريعة إلا في دولة إسلامية فالمسلمون لديهم حجتهم والأقباط سيكونوا أيضا لهم حجتهم.
مضيفا أن الدولة المدنية لن يؤمن بها الشعب ويطالب بها إلا بعد أن يتحضروا ويتثقفوا ويفهموا أصول الدولة المدنية، لكن طالما أن المستوي الثقافي لجموع الشعب هابط ومتدنا فلا قيمة لأي إصلاح منشود.
ويري أن إخراج جماعة الإخوان المسلمين من مجلس الشعب 2010 نتيجة للتزوير العام الذي تبنته الدولة ضد المعارضة بشكل عام والإخوان المسلمين بشكل خاص.. وجزء من صراعات الدولة من الجناح الإسلامي.. والحفاظ علي مصالحها وكراسيها في السلطة.. وليس اتجاه دولة وسعيها إلي إقامة دولة مدنية عصرية لا فرق بين أحد من الشعب وتسود دولة القانون علي أساس المواطنة فقط.
ويشير د. رفعت سيد أحمد مدير مركز يافا للدراسات والأبحاث إلي أننا عندما نطالب في مصر بدولة مدنية حديثة خاصة بعد أكثر من مائة عام علي دعوات ومطالب المستنيرين من علماء الإسلام مثل الإمام "محمد عبده" إلي "سعد باشا زغلول" وغيرهم الكثيرون الذين طالبوا بدولة مدنية منذ أوائل القرن الماضي فإننا نطرح السؤال مرة أخري وكأننا نبدأ من جديد وهذه مصيبة كبري لأننا مازلنا محلك سر بعد مرور هذه السنوات.. ولكن يري أنه قد آن الآوان لتغير المجتمع المصري ونظرته إلي الدولة المدنية، خاصة بعد أحداث ثورة 52 يناير.. وكنا لا ننظ إلي مفهوم الدولة المدنية نظرة جادة وموضوعية ولا نتجه إلي تطبيقه نتيجة لانتشار ثقافة الغلو السلفي الذي استفحل في المجتمع ولهذا نشعر بالحسرة عندما نعيد الأسئلة بذاتها.
ويري د. رفعت أن تطبيق مفهوم الدولة المدنية الحديثة لن يتم إلا بعد ما تقوم بتخفيف منابع الفكر المتطرف سواء التطرف الإسلامي أو التطرف المسيحي ولابد أن يكون التخفيف شاملا وخالقا لبدائل حتي لا نترك الأرض عطشي وقد تستقبل فكرا آخر وهذا لا يجوز أن يحدث في مصر لأن الأديان والثقافات تتميز بالتعامل الناضج المحترم ولكن ما يحدث حاليا هو تمويل الفكر السلفي بما يقرب من خمسة مليارات دولار سنويا لنشر دعوته عبر الفضائيات والجمعيات الشرعية والمساجد الأهلية.. وعليه فلابد من العمل علي تأكيد ثقافة المواطنة بمعناها الحقيقي وليس الزائف كما كان يحدث ويقدم في الإعلام الحكومي أو كما كان يحدث في مصر بما أنها كانت دولة بوليسية قبل 25 يناير.
ويطالب بإعطاء الأحزاب والنقابات ومنظمات المجتمع المدني أدواراً حقيقية وعدم حبسهم في أطر واختيارات محدودة.. حتي تقوم هذه المنظمات بأدوارها تجاه مجتمعها ولا يتكرر ما حدث من جرائم مثل جريمة حادث كنيسة القديسين في الإسكندرية حتي لو كان الفاعل من الخارج كما صرحت وزارة الداخلية المهم هو أن نستفيد من هذه الجريمة ونحاول التغيير حتي لا تتكرر، ولن ينجح الخارج حينها طالما لا يجد تربة خصبة للفتن والدسائس تستقبله بدعم لوجيستي من القوي المتطرفة ويسهل لها التنظيم والتدبير.. وقد وجدنا من يعبر عن هذا داخل التيارات المتشددة متحججا بأنه لو أن البيئة الداخلية المصرية غير حاضنة وصالحة وراعية للتطرف والفتن فلن ينجح الطرف الخارجي في نشر إرهابه وزرع الفتن الطائفية وتأجيجها. ولهذا يؤكد د. رفعت علي إعادة ثقافة المواطنة والتأكيد عليها بإطلاق الحريات الشخصية والسياسية والفكرية، والعلمية والاجتهادات الدينية المستنيرة من معقلها حتي تتفاعل في المجتمع المصري حتي لا يكون مجتمعا مغلقا لأن أنشطة المجتمع المدني معتقلة.
ولا يستغرب من تدبير جريمة كنيسة القديسين بعد تزييف الانتخابات وتزويرها فيراها ليست مصادفة أن تحدث هذه الجريمة في تلك الفترة التي تلت انتخابات مجلس الشعب وظهور هذه النتيجة التي لم يرضي عنها أحد عاقل.. ويشدد علي إطلاق الحريات لتشترك قوي المجتمع السياسية والفكرية والدينية في إدارة المجتمع نحو الأفضل.
ويري د. أمين إسكندر وكيل مؤسسي حزب الكرامة تحت التأسيس أن التحول إلي دولة مدنية حديثة لن يتم إلا بالاقتناع من الطرفين وهو الطرف الأول أجهزة الدولة والسلطة وهذا من اليسير الآن بعدما تغير المجتمع بعد ثورة 52 يناير والطرف الثاني وهو المجتمع وهذا أيضا لم يعد مستحيلا لأن المجتمع بجميع طوائفه هو الذي قام بالثورة وطالب بالحريات والديمقراطية والعدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد.. ولكن لابد من أن يستمر المجتمع ويضغط لتطبيق مفهوم الدولة المدنية وإذا لم يقم بدوره في هذا الاتجاه فلن يكون هناك دولة مدنية في مصر.
ويشير إلي أنه في السابق تمت صياغة تقرير "العطيفي" عام 1972 وهذا التقرير يري أن به الحلول الجيدة للقضاء علي الفتن والتطرف وذلك بتطبيق توصيات تقرير لجنة "العطيفي" والذي ضرب به عرض الحائط وتم تجاهله تجاهلاً تاماً من الدولة منذ 72 وحتي الآن.. لأن الدولة لم تكن جادة في تطبيق الدولة المدنية ولهذا فقد تم وقوع 6500 حادث طائفي منذ 72 وحتي حادث كنيسة القديسين.. ولم يكن يتصرف أحد من أجهزة الدولة بتصرف عاقل أو بمنطق دولة مدنية لها أركان وضوابط ودستور يحترم أو من منطلق دولة القانون بل كانت الدولة تنحي القانون جانبا وتقوم بعمل جلسات صلح عرفية أمام مشاكل طائفية كبري! إذن فنحن كنا أمام دولة ليس لها مشروع قومي قبل ثورة 25 يناير، ولم يكن لها أي أهداف تخطيطية غير الفساد وتزوير الانتخابات وتكريس السلطة في يد رئيس الجمهورية،ثم لم يكن يشغلها خلال الفترة الأخيرة إلا توريث السلطة إلي نجل الرئيس.
وقالت د. آمنة نصير أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر أنها لا تري شيئا اسمه دولة دينية في الإسلام بل لم تراها في بدايات الإسلام.. وعندما شكلت مدينة "يثرب" في عهد الرسول "صلي الله عليه وسلم" كان الذي يحكمها هو صحيفة المدينة، وهذه الصحيفة جميع نصوصها تتسم بأهمية القوانين المدنية وتنص علي أهمية الشركاء في المدنية علي اختلاف عقائدهم وكانت المدينة تضم في ذلك الوقت يهوداً ونصاري مشركين ومسلمين، ولكن جميعهم انضموا تحت قيادة النبي "صلي الله عليه وسلم" راضين ببنود صحيفة المدينة التي يحتفظ ببنودها التاريخ ولكن في هذا الزمن الكل يمشي حسب هواه ومزاجه خاصة قبل ثورة 25 يناير كان الكل يرفع شعار حسب ما يري هو أو يريد فالكل علي هواه، وحسب الوقت المناسب لهذا الهوي.وتؤكد أنه بعد ثورة 25 يناير لابد من أن نخرج من هذا التيه الذي كانت مصر تعيش فيه وتكون لنا أوصاف واضحة جامعة مانعة تحمي حقوق الشعب بجميع طوائفه ودياناته.. لأن مصر فريق حسب قدراته وقربه من مراكز القوي ليأخذ ما يشاء أو يخطف ما يخطف ولكن في حقيقة الأمر جاءت 25 يناير لننتفض وليعلم الجميع أن جميع أطراف الدولة هيمنت علي مقدرات الشعوب بحزب واحد ينفرد ويهمين علي مجتمع به 08 مليون نسمة كيف كان ذلك مع أنه كان إنكارا علي الحزب قبل أن يكون إنكارا علي الدولة.. واعتبروه انتصارا ولكننا اعتبرناه انتكاسة وبالفعل صدق حدسنا وتوقعنا وكانت انتكاسة عليهم وتطالب فقهاء القانون بأن يضعوا قانوناً مانعاً لدولة قوية الأركان حتي تستمر ثورة 25 يناير بنجاح ولا تضيع هباء.
ويختلف د. ثروت بدوي مع من سبقه ويؤكد بالبراهين علي أن مصر دولة مدنية.. وليس صحيحا علي الإطلاق عدم الاعتراف بالصفة المدنية للدولة المصرية، ذلك لأن المصريين جميعا علي اختلاف عقائدهم أو دياناتهم أو أفكارهم أو انتماءاتهم الاجتماعية متساوون في الحقوق والواجبات منذ دخول الإسلام إلي مصر وليس صحيحا وصف الدولة المصرية بالدولة الدينية لمجرد النص الدستوري الذي ينص علي أن الإسلام دين الدولة أو أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع.. والدولة الدينية لا توجد إلا إذا كان هناك تمييز لديانة معينة أو للمنتمين لديانة معينة في الحقوق والواجبات.. وهذا لم يحدث منذ دخول الإسلام إلي مصر.
ويصف د. بدوي كل من ينكر علي مصر أنها دولة مدنية بالجهل بسبب هذين النصين لأن مصر منذ دخولها الإسلام قامت أنظمتها المتعاقبة الصالح منها والطالح علي عدم التميز في الحقوق والواجبات بين جميع المصريين وإذا كان هناك تمييز قد حدث بالفعل في بعض فترات التاريخ فقد كان ذلك تمييزا لغير المصريين علي المصريين ووفقا لنظام الامتيازات الأجنبية الذي كان مفروضا علي مصر من قبل الاحتلال الإنجليزي وبعده ومنذ العهد العثماني والتيار الإسلامي في مصر مثل التيار المسيحي الموجود في فرنسا وسويسرا وإنجلترا وهذا لا ينفي عن هذه الدول من نيتها لأن فكرة الدولة المدنية كانت موجودة في أوروبا في ظل نظام الإقطاع الذي ساد أوروبا أكثر من 1000 سنة منذ القرن الخامس الميلادي وحتي نهاية القرن الـ"15" الميلادي.. ثانيا أن الامتيازات التي منحت لرجال الدين في أوروبا قبل الثورة الفرنسية لم يحدث مثله في أي بلد إسلامي في أي مرحلة من مراحل التاريخ.. لكن رجال الدين في فرنسا كانو يتمتعون بامتيازات رهيبة من حيث الإعفاء من الضرائب أو من حيث تمتعهم مع الأمراء والأشراف من الطبقات العليا في المجتمع الأوروبي والذين كانوا يحتكرون المناصب العليا في تلك البلاد علي مدي مئات السنين ولا توجد دولة دينية في العالم الآن غير دولة إسرائيل وحدها لأن تقتصر الحقوق الوطنية علي دين معين أما النص علي أن الإسلام دين الدولة أو أن الشريعة هي المصدر الرئيسي للسلطات فهذه نصوص لا تعني أكثر من ضرورة عدم تعارض التشريعات مع ثوابت الدين الإسلامي فقط وإنما هذا لا يعني أبدا تمييز المسلمين علي غيرهم من المصريين.
ويشير إلي المادة 40 من الدستور الذي يتم تعديل بعض مواده الآن.. وهي تنص علي مبدأ المواطنة دون تفرقة بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الديانة أو اللون وهذه مبادئ صارت عليها مصر منذ مئات السنين علما بأن فكرة المواطنة التي جاءت بها التعديلات المشؤمة في 2007 هي مجرد شعار زائف بلا مضمون له وكان يقصد به مجرد الزعم بأن تعديلات 2007 هي تعديلات تعطي مزيدا من الديمقراطية والمساواة وهذا غير صحيح ولكنها كانت نكسة كبري للديمقراطية وإدخال كلمة المواطنة في 2007 كان مقصودا بها التعديلات الخاصة بالمادة 76 والمواد التي ألغيت وأسقطت ضمانات الحماية للحريات العامة في مصر ويختتم كلامه بقوله: لعن الله ترزية القوانين الذين يصورون الأمور دائما علي عكس حقيقتها.
منقول
بعد نجاح ثورة 25 يناير.. متي يتم حسم قضية الدولة المدنية في مصر؟ سؤال يطرح نفسه وبقوة فلابد من وقفة جادة أمام تلك القضية التي أصبحت تؤرق فئات كثيرة داخل المجتمع المصري الذي يعد أقدم مجتمع مدني في التاريخ ولا يمكن أن يكون به اتجاهات أو تنظيمات تعتدي وبأي شكل من الأشكال علي الشرعية أو حقوق الغير ولن نقول أقلية بل شركاء في الوطن، وفي الحقوق والواجبات حيث أصبح حجم المشاكل في مصر كبير وبلا حصر!! ويحتاج إلي تكاتف كل عناصر المجتمع للخروج من الأزمات المتوالية حيث إن السلطة التنفيذية لن تستطيع حل الأزمات بمفردها بما أنها أصبحت مسئولة عن كل شيء في مصر من توفير الاحتياجات اللازمة من سلع وخدمات.. وهذا يحتاج إلي سلطة تنفيذية قوية تستند إلي شرعية الصناديق الانتخابية الحقيقية بما يعني احتياج المجتمع إلي تداول للسلطة بين الأحزاب الشرعية لتخفيف حدة الضغوط داخل المجتمع وهذا لن يحدث إلا في إطار الدولة المدنية الحديثة وعدم تأرجح الدولة بين المدنية والدينية وتوصيف الأحداث بمسمياتها وعدم الالتفاف حولها حتي يتم العلاج.. فهل آن الأوان لحسم قضية الدولة المدنية؟
لإنهاء حالات الاحتقان الطائفي الذي قد يتحول مع أي انفجار إلي فتنة طائفية غير مستبعدة أم أن مصر بالفعل دول مدنية بنصوص الدستور؟
يؤكد جمال البنا الداعية الإسلامي علي أنه لم يحن الوقت بعد لحسم قضية مدنية الدولة لأنه لا يوجد إيمان حقيقي بفكرة مدنية الدولة من غالبية الشعب المصري بذلك، والذين يؤمنون بمدنية الدولة هم النخب المثقفة، وهؤلاء عددهم قليل، وعديمو التأثير علي الجماهير رغم مطالبتهم بها، والدعوة إليها لم ولن تكون ناجحة.. بسبب عدم إيمان الشعب واقتناعه بالدولة المدنية.
وعن سؤاله هل يستطيع الأقباط وجموع المثقفين والدولة التأثير؟ أجاب قائلا إن الأقباط مثلهم مثل المسلمين عند الضرورة سيكونوا أول من يكفروا بها إذا اختلف الدستور مع الإنجيل سيقولون أنهم مع الإنجيل.. والتفسير الشائع في مصر أن الإنجيل والقرآن مع الدولة الدينية ودائما لديهما علات بأنه علي الدولة حماية الدين وكيف يكون المقصد الأول للدولة هو حماية الدين ولا تكون مصر دولة دينية؟!
ولا يتم تطبيق الشريعة إلا في دولة إسلامية فالمسلمون لديهم حجتهم والأقباط سيكونوا أيضا لهم حجتهم.
مضيفا أن الدولة المدنية لن يؤمن بها الشعب ويطالب بها إلا بعد أن يتحضروا ويتثقفوا ويفهموا أصول الدولة المدنية، لكن طالما أن المستوي الثقافي لجموع الشعب هابط ومتدنا فلا قيمة لأي إصلاح منشود.
ويري أن إخراج جماعة الإخوان المسلمين من مجلس الشعب 2010 نتيجة للتزوير العام الذي تبنته الدولة ضد المعارضة بشكل عام والإخوان المسلمين بشكل خاص.. وجزء من صراعات الدولة من الجناح الإسلامي.. والحفاظ علي مصالحها وكراسيها في السلطة.. وليس اتجاه دولة وسعيها إلي إقامة دولة مدنية عصرية لا فرق بين أحد من الشعب وتسود دولة القانون علي أساس المواطنة فقط.
ويشير د. رفعت سيد أحمد مدير مركز يافا للدراسات والأبحاث إلي أننا عندما نطالب في مصر بدولة مدنية حديثة خاصة بعد أكثر من مائة عام علي دعوات ومطالب المستنيرين من علماء الإسلام مثل الإمام "محمد عبده" إلي "سعد باشا زغلول" وغيرهم الكثيرون الذين طالبوا بدولة مدنية منذ أوائل القرن الماضي فإننا نطرح السؤال مرة أخري وكأننا نبدأ من جديد وهذه مصيبة كبري لأننا مازلنا محلك سر بعد مرور هذه السنوات.. ولكن يري أنه قد آن الآوان لتغير المجتمع المصري ونظرته إلي الدولة المدنية، خاصة بعد أحداث ثورة 52 يناير.. وكنا لا ننظ إلي مفهوم الدولة المدنية نظرة جادة وموضوعية ولا نتجه إلي تطبيقه نتيجة لانتشار ثقافة الغلو السلفي الذي استفحل في المجتمع ولهذا نشعر بالحسرة عندما نعيد الأسئلة بذاتها.
ويري د. رفعت أن تطبيق مفهوم الدولة المدنية الحديثة لن يتم إلا بعد ما تقوم بتخفيف منابع الفكر المتطرف سواء التطرف الإسلامي أو التطرف المسيحي ولابد أن يكون التخفيف شاملا وخالقا لبدائل حتي لا نترك الأرض عطشي وقد تستقبل فكرا آخر وهذا لا يجوز أن يحدث في مصر لأن الأديان والثقافات تتميز بالتعامل الناضج المحترم ولكن ما يحدث حاليا هو تمويل الفكر السلفي بما يقرب من خمسة مليارات دولار سنويا لنشر دعوته عبر الفضائيات والجمعيات الشرعية والمساجد الأهلية.. وعليه فلابد من العمل علي تأكيد ثقافة المواطنة بمعناها الحقيقي وليس الزائف كما كان يحدث ويقدم في الإعلام الحكومي أو كما كان يحدث في مصر بما أنها كانت دولة بوليسية قبل 25 يناير.
ويطالب بإعطاء الأحزاب والنقابات ومنظمات المجتمع المدني أدواراً حقيقية وعدم حبسهم في أطر واختيارات محدودة.. حتي تقوم هذه المنظمات بأدوارها تجاه مجتمعها ولا يتكرر ما حدث من جرائم مثل جريمة حادث كنيسة القديسين في الإسكندرية حتي لو كان الفاعل من الخارج كما صرحت وزارة الداخلية المهم هو أن نستفيد من هذه الجريمة ونحاول التغيير حتي لا تتكرر، ولن ينجح الخارج حينها طالما لا يجد تربة خصبة للفتن والدسائس تستقبله بدعم لوجيستي من القوي المتطرفة ويسهل لها التنظيم والتدبير.. وقد وجدنا من يعبر عن هذا داخل التيارات المتشددة متحججا بأنه لو أن البيئة الداخلية المصرية غير حاضنة وصالحة وراعية للتطرف والفتن فلن ينجح الطرف الخارجي في نشر إرهابه وزرع الفتن الطائفية وتأجيجها. ولهذا يؤكد د. رفعت علي إعادة ثقافة المواطنة والتأكيد عليها بإطلاق الحريات الشخصية والسياسية والفكرية، والعلمية والاجتهادات الدينية المستنيرة من معقلها حتي تتفاعل في المجتمع المصري حتي لا يكون مجتمعا مغلقا لأن أنشطة المجتمع المدني معتقلة.
ولا يستغرب من تدبير جريمة كنيسة القديسين بعد تزييف الانتخابات وتزويرها فيراها ليست مصادفة أن تحدث هذه الجريمة في تلك الفترة التي تلت انتخابات مجلس الشعب وظهور هذه النتيجة التي لم يرضي عنها أحد عاقل.. ويشدد علي إطلاق الحريات لتشترك قوي المجتمع السياسية والفكرية والدينية في إدارة المجتمع نحو الأفضل.
ويري د. أمين إسكندر وكيل مؤسسي حزب الكرامة تحت التأسيس أن التحول إلي دولة مدنية حديثة لن يتم إلا بالاقتناع من الطرفين وهو الطرف الأول أجهزة الدولة والسلطة وهذا من اليسير الآن بعدما تغير المجتمع بعد ثورة 52 يناير والطرف الثاني وهو المجتمع وهذا أيضا لم يعد مستحيلا لأن المجتمع بجميع طوائفه هو الذي قام بالثورة وطالب بالحريات والديمقراطية والعدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد.. ولكن لابد من أن يستمر المجتمع ويضغط لتطبيق مفهوم الدولة المدنية وإذا لم يقم بدوره في هذا الاتجاه فلن يكون هناك دولة مدنية في مصر.
ويشير إلي أنه في السابق تمت صياغة تقرير "العطيفي" عام 1972 وهذا التقرير يري أن به الحلول الجيدة للقضاء علي الفتن والتطرف وذلك بتطبيق توصيات تقرير لجنة "العطيفي" والذي ضرب به عرض الحائط وتم تجاهله تجاهلاً تاماً من الدولة منذ 72 وحتي الآن.. لأن الدولة لم تكن جادة في تطبيق الدولة المدنية ولهذا فقد تم وقوع 6500 حادث طائفي منذ 72 وحتي حادث كنيسة القديسين.. ولم يكن يتصرف أحد من أجهزة الدولة بتصرف عاقل أو بمنطق دولة مدنية لها أركان وضوابط ودستور يحترم أو من منطلق دولة القانون بل كانت الدولة تنحي القانون جانبا وتقوم بعمل جلسات صلح عرفية أمام مشاكل طائفية كبري! إذن فنحن كنا أمام دولة ليس لها مشروع قومي قبل ثورة 25 يناير، ولم يكن لها أي أهداف تخطيطية غير الفساد وتزوير الانتخابات وتكريس السلطة في يد رئيس الجمهورية،ثم لم يكن يشغلها خلال الفترة الأخيرة إلا توريث السلطة إلي نجل الرئيس.
وقالت د. آمنة نصير أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر أنها لا تري شيئا اسمه دولة دينية في الإسلام بل لم تراها في بدايات الإسلام.. وعندما شكلت مدينة "يثرب" في عهد الرسول "صلي الله عليه وسلم" كان الذي يحكمها هو صحيفة المدينة، وهذه الصحيفة جميع نصوصها تتسم بأهمية القوانين المدنية وتنص علي أهمية الشركاء في المدنية علي اختلاف عقائدهم وكانت المدينة تضم في ذلك الوقت يهوداً ونصاري مشركين ومسلمين، ولكن جميعهم انضموا تحت قيادة النبي "صلي الله عليه وسلم" راضين ببنود صحيفة المدينة التي يحتفظ ببنودها التاريخ ولكن في هذا الزمن الكل يمشي حسب هواه ومزاجه خاصة قبل ثورة 25 يناير كان الكل يرفع شعار حسب ما يري هو أو يريد فالكل علي هواه، وحسب الوقت المناسب لهذا الهوي.وتؤكد أنه بعد ثورة 25 يناير لابد من أن نخرج من هذا التيه الذي كانت مصر تعيش فيه وتكون لنا أوصاف واضحة جامعة مانعة تحمي حقوق الشعب بجميع طوائفه ودياناته.. لأن مصر فريق حسب قدراته وقربه من مراكز القوي ليأخذ ما يشاء أو يخطف ما يخطف ولكن في حقيقة الأمر جاءت 25 يناير لننتفض وليعلم الجميع أن جميع أطراف الدولة هيمنت علي مقدرات الشعوب بحزب واحد ينفرد ويهمين علي مجتمع به 08 مليون نسمة كيف كان ذلك مع أنه كان إنكارا علي الحزب قبل أن يكون إنكارا علي الدولة.. واعتبروه انتصارا ولكننا اعتبرناه انتكاسة وبالفعل صدق حدسنا وتوقعنا وكانت انتكاسة عليهم وتطالب فقهاء القانون بأن يضعوا قانوناً مانعاً لدولة قوية الأركان حتي تستمر ثورة 25 يناير بنجاح ولا تضيع هباء.
ويختلف د. ثروت بدوي مع من سبقه ويؤكد بالبراهين علي أن مصر دولة مدنية.. وليس صحيحا علي الإطلاق عدم الاعتراف بالصفة المدنية للدولة المصرية، ذلك لأن المصريين جميعا علي اختلاف عقائدهم أو دياناتهم أو أفكارهم أو انتماءاتهم الاجتماعية متساوون في الحقوق والواجبات منذ دخول الإسلام إلي مصر وليس صحيحا وصف الدولة المصرية بالدولة الدينية لمجرد النص الدستوري الذي ينص علي أن الإسلام دين الدولة أو أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع.. والدولة الدينية لا توجد إلا إذا كان هناك تمييز لديانة معينة أو للمنتمين لديانة معينة في الحقوق والواجبات.. وهذا لم يحدث منذ دخول الإسلام إلي مصر.
ويصف د. بدوي كل من ينكر علي مصر أنها دولة مدنية بالجهل بسبب هذين النصين لأن مصر منذ دخولها الإسلام قامت أنظمتها المتعاقبة الصالح منها والطالح علي عدم التميز في الحقوق والواجبات بين جميع المصريين وإذا كان هناك تمييز قد حدث بالفعل في بعض فترات التاريخ فقد كان ذلك تمييزا لغير المصريين علي المصريين ووفقا لنظام الامتيازات الأجنبية الذي كان مفروضا علي مصر من قبل الاحتلال الإنجليزي وبعده ومنذ العهد العثماني والتيار الإسلامي في مصر مثل التيار المسيحي الموجود في فرنسا وسويسرا وإنجلترا وهذا لا ينفي عن هذه الدول من نيتها لأن فكرة الدولة المدنية كانت موجودة في أوروبا في ظل نظام الإقطاع الذي ساد أوروبا أكثر من 1000 سنة منذ القرن الخامس الميلادي وحتي نهاية القرن الـ"15" الميلادي.. ثانيا أن الامتيازات التي منحت لرجال الدين في أوروبا قبل الثورة الفرنسية لم يحدث مثله في أي بلد إسلامي في أي مرحلة من مراحل التاريخ.. لكن رجال الدين في فرنسا كانو يتمتعون بامتيازات رهيبة من حيث الإعفاء من الضرائب أو من حيث تمتعهم مع الأمراء والأشراف من الطبقات العليا في المجتمع الأوروبي والذين كانوا يحتكرون المناصب العليا في تلك البلاد علي مدي مئات السنين ولا توجد دولة دينية في العالم الآن غير دولة إسرائيل وحدها لأن تقتصر الحقوق الوطنية علي دين معين أما النص علي أن الإسلام دين الدولة أو أن الشريعة هي المصدر الرئيسي للسلطات فهذه نصوص لا تعني أكثر من ضرورة عدم تعارض التشريعات مع ثوابت الدين الإسلامي فقط وإنما هذا لا يعني أبدا تمييز المسلمين علي غيرهم من المصريين.
ويشير إلي المادة 40 من الدستور الذي يتم تعديل بعض مواده الآن.. وهي تنص علي مبدأ المواطنة دون تفرقة بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الديانة أو اللون وهذه مبادئ صارت عليها مصر منذ مئات السنين علما بأن فكرة المواطنة التي جاءت بها التعديلات المشؤمة في 2007 هي مجرد شعار زائف بلا مضمون له وكان يقصد به مجرد الزعم بأن تعديلات 2007 هي تعديلات تعطي مزيدا من الديمقراطية والمساواة وهذا غير صحيح ولكنها كانت نكسة كبري للديمقراطية وإدخال كلمة المواطنة في 2007 كان مقصودا بها التعديلات الخاصة بالمادة 76 والمواد التي ألغيت وأسقطت ضمانات الحماية للحريات العامة في مصر ويختتم كلامه بقوله: لعن الله ترزية القوانين الذين يصورون الأمور دائما علي عكس حقيقتها.
منقول