اسد السنه
11-03-2011, 10:01 AM
سقوط دولة الرعب
محمود سلطان | 06-03-2011 00:21
ثورة 25 يناير ـ اليوم ـ قد انتصرت..بسقوط ما تبقى من مقار لمباحث أمن الدولة تباعا في يد المحتجين أو في قبضة الجيش.. تكون "جمهورية الرعب" التي أسسها مبارك وعصابته قد انهارت وانتصرت الثورة حقا لا مجازا.
لم يكن بوسعنا أن نصدق، بأن مصر ستُمسي "دولة ديمقراطية".. طالما ظل هذا الجهاز الدموي والوحشي، موجودا ولو رمزيا من خلال مقار أسمنتية خالية من أي مضمون.
انتصار الثورة، ظل مرهونا بمستقبل هذا الجهاز.. فوجوده كان يعني أن مصر ستظل على حالها الذي كانت عليه في عصر الجهل والظلمات الذي فرضه عليها نظام الرئيس المخلوع.
لقد باتت مصر هي البلد الأكثر تخلفا في محيطها الإقليمي، بسبب هذا الجهاز، الذي أفسد كل شئ بها.. لم يترك أية مؤسسة إلا واستباحها وأفسدها وأحالها إلى بيئة شديدة الكآبة والبؤس.. لم يترك بيتا إلا واستباح حرمته، ولا إنسانا إلا وأهدر كرامته.. نشر الرعب والفزع والترويع في ربوع مصر.. ضحاياه من المعذبين يفوق قدرة البشر على الإحصاء.. تغول بمضي الوقت إلى أن بات هو الحاكم بأمره في البلد كلها، يرسم للمصري حياته من الميلاد إلى أن يوارى الثرى.. توحش بشكل غير مسبوق، حتى تجرأ على القوات المسلحة وتجسس على الجيش، ونشرنا هنا في "المصريون" وثائق إدانته بهذه الجريمة التي يستحق عليها المحاكمة أمام المحاكم العسكرية، لتقضي قياداته بقية عمرها داخل السجن الحربي.
البعض يتحدث عن إعادة هيكلة هذا الجهاز سيئ السمعة.. ولا ندري ماذا يقصدون بما يصفونه بـ" الهيكلة"؟!.
أخشى أن يكون هذا الكلام من قبيل المناورة والتحايل، للإبقاء عليه ولا يتغير منه إلا الإسم فقط.. هذا الجهاز لم يعد ينفع أن يظل موجودا ـ مهما أدخل عليه من تعديلات ـ في أية دولة تريد أن تكون ديمقراطية.. فهو ضد الديمقراطية، وحقوق الإنسان.. هو في ذاته مؤسسة عدوة لكل ما هو حر وديمقراطي وإنساني.. هذا الجهاز الذي نشأ في بيئة سياسية فاسدة .. وأمنية تعتمد على الوحشية وإهدار كرامة البشر والاعتداء على حرماتهم وأعراضهم .. لا تنفع معه حكاية "الهيكلة" التي يتحدثون عنها.. لا ينفع معه ـ والحال كذلك ـ إلا الإزالة والتخلص من وجوده بالكامل وتطهير البلاد منه، بل ومحاكمة ضباطه الذين تورطوا في التعذيب والقتل وترويع الآمنين وحرمان الناس من حقوقهم الاجتماعية والسياسية والمهنية.
لا ننسى أن هذا الجهاز، فرض على كثير من زوجات المعتقلين الإسلاميين طلب الطلاق من أزوجهن.. بل إني سمعت كيف تعمد إحالة بعضهن إلى "بغايا" إمعانا في إذلال المعتقلين..وهو أحد الملفات المسكوت عنها حتى الآن، لصلته بالأعراض، ولكن بات من الضروري ـ الآن ـ أن يفتح بلا خجل، لنبين للناس حجم الجرائم التي ارتكبها هذا الجهاز الوحشي واللاأخلاقي في حق المواطنين المصريين.
اسد السنه
11-03-2011, 10:02 AM
في وثائق "أمن مبارك"
فراج إسماعيل | 06-03-2011 21:19
كانت الساعة تجاوزت الثامنة مساء يوم الخميس الماضي عندما ظهر ضباط الشرطة في بعض ميادين القاهرة الرئيسية بشكل غير معتاد خلال حقبة شفيق ووجدي.
المشهد ملفت خصوصا أنه جاء بعد ساعات قليلة من اقالة حكومة أحمد شفيق وتكليف الدكتور عصام شرف بتشكيل الحكومة الجديدة.
تساءل البعض: هل ثمة ضغوط على هؤلاء الضباط منعتهم خلال الأسابيع الماضية من الخروج إلى الشارع لاظهار أن الأمن منعدم؟!
حجة شفيق ووجدي أن الشرطة تخشى على حياتها من الاحتقان تجاهها. إذن ما علاقة شرطة السياحة والآثار بذلك مع أنها لا تتعامل مع الناس، فقد تركت الأثار في منطقة الأهرامات وفي مناطق أخرى تسرق دون تدخل؟!
لم تمض ساعات طويلة حتى بدأ رجال أمن الدولة يحرقون ويفرمون وثائقهم بالغة السرية، والتي تدخل الشعب الواعي الرائع لمنع اتلاف المزيد منها باقتحامه لمقر شارع الفراعنة بالإسكندرية والمقر الرئيسي بمدينة نصر ومقار 6 اكتوبر والدقي ومرسى مطروح وأسوان وكوم امبو وغيرها.
أيام الخميس والجمعة والسبت كانت بالفعل حافلة وحاسمة لثورة مصر وقدرة شعبها على وقف المؤامرة المضادة التي أشرف عليها شفيق ونفذها اللواء محمود وجدي. انتبه لها شباب ميدان التحرير منذ اليوم الأول لظهور رئيس الحكومة صاحب "البلوفر" الذي ظن أنه كفيل بخداع بساطة المصريين.
كان شفيق مراوغاً مناوراً مقاتلا للنفس الأخير دفاعاً عن حسني مبارك ونظامه الفاسد. قاد معه جنباً إلى جنب موقعة الجمل، وحافظ لجهاز أمن الدولة وقائده اللواء حسن عبدالرحمن على مكانته التي تبوأها قبل خلع مبارك، لدرجة أن وثيقة تطالب أحد الفروع بحرق الوثائق موقعة من عبدالرحمن ومؤرخة بتاريخ 27 فبراير، مع أننا كنا نسمع أنه مجمد ولا يمارس مهامه.
طوال الثلاثين يوما التي قضاها جنرال الطيران السابق في حكم مصر حاول أن تفلت عصابة علي بابا بما نهبته من مصر، وأن تستعيد سيطرتها وحكمها المخلوع. وتكشف الوثائق التي تم الوصول إليها جانباً مما كان يجري.
تنسيق كامل بين أمن الدولة وإعلاميين استفادوا واغتنوا منه، بعضهم حصل على برامج في الفضائيات نظير أموال طائلة. ترويج لغرق مصر في الفوضى والبلطجية وانعدام الأمن الذي لم يعد موجودا بعد ذهاب العائلة الحاكمة.
إذا تجولت في القاهرة لا تجد شيئا من هذا. الشعب الرائع يحافظ على أمنه وينظم مروره وينظف شوارعه كما لم نعهده من قبل. تشعر أن العاصمة إلى الأفضل كثيرا بناسها وخلقها.
انتهت تماما اللغة الطائفية. شعب واحد في مؤتمراته واعتصاماته ومطالبه، إلا ما نجحت فيه محاولات أمن الدولة الذي سمح له شفيق ووجدي بالاستمرار في أعماله القذرة على النحو الذي جرى به استحداث فتنة "اطفيح" وحرق كنيستها.
نظرية الفوضى سارت بالتوازي مع فزاعة الإخوان والتي لا تجد لها أثرا في الواقع، فشباب ميدان التحرير الذي استمر في اعتصامه مطالبا بسقوط شفيق، جمعته كل أطياف التيارات السياسية.
إذا كان الشعب الرائع قد أسقط بنفسه أمن الدولة ووضع يده على الوثائق التي تجرم النظام المخلوع قبل حرق المزيد منها، فإن أحمد شفيق نجح في منح زكريا عزمي عشرة أيام في قصر العروبة بعد خلع مبارك تمكن خلالها من تهريب كل الوثائق الهامة.
الثورة معناها سرعة القرار لمنع هروب المجرمين وهذا ما لم يتم خلال الأسابيع الماضية، لدرجة أن وجدي وجد الشجاعة في مكافأة ضباط متهمين بالقتل واطلاق الرصاص الحي على الثوار، كما حدث مع أسرة اتهمت ضابطا بعينه فقام بترقيته.
لم يستبعد الوزير محمود وجدي، اللواء حسن عبدالرحمن عندما تم تغييره بقرار من الجيش بل أبقاه مساعدا له رغم ملفه المفعم بقصص الفساد والمحسوبية والرشوة، وعين في منصبه نائبه في الجهاز المسئول معه عن التعذيب والسحل وقتل الأبرياء.
كان يبدو من الأمر أن طبخة تُنضج بثقة متناهية للالتفاف على الثورة، ولولا براعة الشعب وصدق حدسه لنجحوا في ذلك. إننا أكثر ثقة الآن بأن ما تم خلال الأيام الأخيرة هو إسقاط حقيقي للنظام وفلوله المرتعشة المتآمرة.
وهنا نسأل عن المقصود باعادة الهيكلة لجهاز قذر.. هل نعيد هيكلته مع ملابس الرقص التي عثر عليها المتظاهرون في مقره بمدينة 6 أكتوبر؟!
ما العلاقة بين أمن الوطن وهذه الملابس؟!.. لم يخبرنا التاريخ قبل ذلك إن "الهشك البشك" من لوازم حراسة الحدود وصد الإرهاب وحماية المحروسة من الغزاة والمتآمرين!
وما علاقة ذلك بـ"البرنس" الحريمي الموجود في غرفة نوم العادلي الفاخرة التي جهز بها مكتبه في المقر الرئيسي لمباحث أمن الدولة في مدينة نصر؟!
جهاز أمن عائلة مبارك، وهو اسمه الحقيقي طوال الثلاثين عاما الماضية، لا يجب أن يستمر بأي حال. لقد عاش باشعال الحرائق في الوطن وانتهى عهده على أيدي الشعب بالحرائق أيضا.
تقول وثائق التجسس التي قام بها الجهاز لصالح العائلة الحاكمة إن جمال مبارك أمين لجنة السياسات بالحزب الوطني السابق وحسين سالم رجل الأعمال وسامح فهمي وزير البترول قاموا بإتمام صفقة تصدير الغاز المصري لإسرائيل مقابل عمولة 5% من قيمة العقد بواقع 2.5% لحسين سالم و2.5% لسامح فهمي، وبعد مفاوضات حول النسبة التي كان يتفاوض عليها جمال مبارك وهي 10%، تم إقصاء سامح فهمي من الصفقة ليحل محله علاء مبارك بنسبة 2.5% مقابل إقناع شقيقه بإتمام الصفقة مقابل 5%.
وتقول الوثيقة الأولى المؤرخة بتاريخ 5 يناير 2005 وموجهة من المقدم 'ح . ص' إلى اللواء حبيب العادلي تحت بند 'سري جدا' إنه 'بناء على التكليف رقم 11 بتاريخ 5/1/2005 بخصوص مراقبة السيد حسين سالم فقد تبين أنه اجتمع مع سامح فهمي وزير البترول السابق وشالوم كوهين المرشح لتولي منصب السفير بالقاهرة خلال ذلك الشهر وإسحق مزراعي مبعوث التفاوض الإسرائيلي، وتناقش المجتمعون حول صفقة تصدير الغاز إلى إسرائيل وقيمة العقد وقيمة عمولة الأطراف المشتركة في تنفيذ الصفقة وتسهيل إتمامها.
وبتفريغ التسجيل الصوتي بمعرفة الإدارة طبقا للوثيقة تبين أن حسين سالم قد أبلغ شالوم كوهين ورفيقه الإسرائيلي أن الجهات السياسية العليا وافقت بشكل نهائي على إتمام الصفقة كما هي مقترحة من الجانب الإسرائيلي، وبنفس القيمة بشرط حصول جمال مبارك على نسبة 10% من قيمة الصفقة، وحسين سالم على 5 في المئة وسامح فهمي على 2.50%.
اعترض إسحق مزراعي على نسبة العمولة وقال إن القيادة الإسرائيلية لن توافق بأي حال على هذه الصفقة، وقال إن الصفقة بالكامل مهددة بالإلغاء بسبب العمولة المطلوبة المبالغ فيها، وقال شالوم كوهين إن عمولة جمال مبارك مبالغ فيها، وإن الإدارة الإسرائيلية اعتمدت نسبة 2.5% لجمال مبارك، ونسبة 1% لحسين سالم ومثلها لسامح فهمي، وعلق سامح فهمي معترضا على نسبة العمولة التي اقترحها الجانب الإسرائيلي وقال إن الصفقة مهددة بالإيقاف من جانب الإدارة المصرية، وأن نسبة العمولة غير قابلة للنقاش لأنها ثمن بسيط مقابل الجهد الكبير الذي بذله جمع أطراف الصفقة لإتمامها سياسيا وإداريا.
وقال حسين سالم إن نسبة العمولة ستقسم في ما بعد بين أطراف أخرى تم اختصارهم في شخص المتفاوضين، وأن هذه الأطراف ستتحمل المسئولية الكاملة عن إتمام هذه الصفقة، ولن تتم إلا بتنفيذ شرط دفع العمولة المقترحة كاملة ودون مماطلة.
وانتهى الاجتماع بعد أن طلب شالوم كوهين مهلة يومين لعرض الأمر على الجانب الإسرائيلي قبل الرد على حسين سالم.
وتقول الوثيقة الثانية المؤرخة بتاريخ 19 يناير 2005 إنه اجتمع حسين سالم وشالوم كوهين سفير إسرائيل الجديد بالقاهرة، وإسحق مزراعي مبعوث التفاوض الإسرائيلي على تصدير الغاز المصري إلى إسرائيل، وتناقشوا حول صفقة تصدير الغاز إلى إسرائيل وقيمة العقد وقيمة عمولة الأطراف المشتركة في تنفيذ الصفقة وتسهيل إتمامه.
أبلغ شالوم كوهين حسين سالم أن القيادة الإسرائيلية وافقت على دفع عمولة قدرها 5 في المئة لحسين سالم مقابل إقناع السيد جمال مبارك بقبول عمولة 5 في المئة بدلا من نسبة 10% المطلوبة، 1% لسامح فهمي، وطلب كوهين ومزراعي من السيد حسين سالم بذل جهد لإتمام الصفقة بهذه النسبة.
رد حسين سالم بأنه متأكد من أن جمال مبارك سيرفض العرض، وأنه لن يتمم الصفقة إلا بعد الحصول على نسبة العمولة لأن الصفقة بالكامل تحت إشراف سيادته شخصيا، لكن شالوم كوهين توسل إلى حسين سالم لكي يبذل جهوده لإتمام الصفقة بنسبة العمولة المقترحة.
وانتهى الاجتماع، بعد أن طلب حسين سالم مهلة 72 ساعة للتفاوض لإبلاغهم ما وصلت إليه المفاوضات.
وتقول وثيقة ثالثة إن جمال مبارك تقابل مع حسين سالم في أحد الفنادق بحضور علاء مبارك، وقام جمال بتوبيخ حسين سالم على خيانته له وقيامه بالتحايل عليه لتخفيض عمولته مقابل رفع نسبة عمولة سالم، ثم انصرف غاضبا بعد أن كلفه بالاتصال بالجانب الإسرائيلي لإنهاء التعاقد على الصفقة.
وفي وثيقة أخرى بتاريخ 30 يناير 2005 اجتمع حسين سالم وجمال وعلاء مبارك وناقشوا خطوات تنفيذ صفقة تصدير الغاز المصري لإسرائيل، وتشاجر جمال مبارك مع حسين سالم واتهمه بالطمع، وأنه يفاوض لتخفيض نسبة جمال مقابل زياة نسبته طبقا لما أوضحته مذكرات مراقبة حسين سالم السابق، وقال له جمال إنه مراقب، وإن كل اجتماعاته مع ممثلي الجانب الإسرائيلي هو على علم بها، وأيضا يعلم بأمر الاتفاق بزيادة نسبة عمولته مقابل تخفيض نسبة جمال.
وبعد أن انتهى جمال مبارك من توبيخ حسين سالم مدة تقترب من نصف ساعة انصرف بعد أن أبلغه موافقته على إتمام الصفقة بالسعر والنسبة المتفق عليها، وطالبه بإبلاغ الجانب الإسرائيلي وتحديد ميعاد لتوقيع العقود وإتمام الصفقة، ثم انصرف جمال مبارك وعلاء مبارك بالرغم من محاولات حسين سالم منعهما من مغادرة الفندق قبل الاعتذار لهما.
فضائح نظام مبارك على يد الجهاز الذي كان لا ينام عن حمايته بكل الوسائل القذرة، أصبحت على عينك يا تاجر وبجنيهين للوثيقة الواحدة على أرصفة القاهرة.
اسد السنه
11-03-2011, 10:05 AM
مستقبل جهاز أمن الدولة
محمود سلطان | 07-03-2011 00:36
في التقرير المجمع لعدد من الوثائق التي حصل عليها المتظاهرون الذين اجتاحوا مقر مباحث أمن الدولة الرئيسي في مدينة نصر، والذي كتبه الزميل والصديق العزيز محمد جمال عرفة في الزميلة "الوفد".. قال : وتكشف وثيقة لـ "الإدارة العامة للنشاط الداخلي" وهي عبارة عن مذكرة للعرض علي رئيس جهاز أمن الدولة ، عن خطة التعامل مع الحملة الشعبية والاعلامية المطالبة بحل جهاز أمن الدولة حيث تقترح بالنص : "الإعلان عن حل جهاز مباحث أمن الدولة بشكل صوري وإعلامي والإعلان عن أن هذا في إطار تغييره " بهدف "امتصاص الدعاوي الإثارية والمناهضة في هذا الشأن " ! كما تقترح الخطة تغيير اسم الجهاز ليسمي ( جهاز الأمن الداخلي) أو (جهاز المعلومات الأمنية) أو (جهاز الأمن الوطني) ! انتهى.
الوثيقة ـ إذن ـ تبين أن جهاز أمن الدولة كان سيقاتل إلى النهاية من أجل البقاء.. وهو القرار الذي اتخذه منذ أيام تقريبا وقبل إقالة وزارة أحمد شفيق.. بمعنى أن الأخير لم يكن حل الجهاز على قائمة أولوياته، بل ربما كان متواطئا مع أمن الدولة ومساندا لهذه الخطة التي وضعت للإبقاء على هذا الجهاز الوحشي وهو على رأس الوزارة.. ولعلنا نتذكر ما قاله شفيق في آخر لقاء له مع الصحفيين، عندما أعلن أننا سنسمع أخبار "مفرحة" بشأن مباحث أمن الدولة.. والكل توقع أن الخبر "المفرح" ربما يكون قرارا بحل الجهاز.. ولكن جاءت الوثيقة الأخيرة لتؤكد أن كلام شفيق كان جزءا من "شائعات" تسوق لفكرة الحل من قبيل تفادي الموجة العالية وكما ردت تفصيلا في وثيقة أمن الدولة التي أشرت إليها في مستهل هذا المقال.. ولعل ذلك يعزز من الرأي الذي كان دائما يميل إلى تأكيد شرعية مطالب الثورة بإقالة هذا الرجل، حيث كان يمثل امتدادا لجمهورية "جنرالات الخوف" التي أسسها الرئيس المخلوع.
خطط أمن الدولة بشأن مستقبل الجهاز، تضعنا مجددا أمام سؤال "المآلات".. صحيح أن كل المقار باتت تحت سيطرة المحتجين والجيش وبعضها جاري تفتيشه من قبل النيابة العامة، وبات الجهاز محض بنى أسمنتية خالية ومهجورة وتحت ولاية الجيش، إلا أنه لايزال من الناحية القانونية موجودا.. وليس ثمة ضمانات تحول دون عودته مجددا.
تطور الأحداث خلال اليومين الماضيين، يشير بالضرورة أو بالتبعية، إلى أن ثمة قرار بشأن الجهاز، ربما يكون على رأس أولويات السلطات العسكرية الحاكمة الآن ورئيس الوزراء المكلف، لأن الوزير الذي كلف بحقيبة الداخلية بعد اللواء محمود وجدي، رجل شرطة وليس مدنيا، بمعنى أن العقلية الأمنية التي تعايشت مع جهاز مباجث أمن الدولة، من الصعب عليها التخلص من ميراث الأداء الأمني الذي اعتاد العمل وفق منظومة كانت مباحث أمن الدولة تشكل قوامه الأساسي وعمود خيمته الممتدة على اتساع الوطن.
القرار ـ إذن ـ سيادي واستراتيجي بامتياز ولا يملك سلطة اتخاذه إلا الجيش ورئيس الوزراء الجديد لأن كلاهما تولى المسئولية مسنودا بشرعية "ميدان التحرير" أو بشرعية الثورة المصرية التي صنعها المصريون جميعا بمشاركة حضارية من قبل الجيش، انتزعت إعجاب العالم كله بتقاليد المؤسسة العسكرية المصرية العريقة.
قرار حل هذا الجهاز.. ينبغي أن يكون عاجلا ويقطع بعدم عودته مرة أخرى لا باسم جديد ولا قديم ولا بأي شكل من أشكال "الهيكلة".. فمصر الديمقراطية التي نأملها ـ وستكون بإذن الله ـ لا يمكن بحال أن تتعايش مع أعداء كل ما هو أخلاقي أو حقوقي أو إنساني.
المختصر / يبدو أن ثورة 25 من يناير ما زالت تحمل في جعبتها المزيد من المفاجآت التي تتكشف لنا يوما بعد يوم ويبدو أنها ستظل على هذه الوتيرة إلى فترة ليست بقصيرة.
وكانت آخر تلك المفاجآت وأكثرها إثارة للجدل، هو انهيار جهاز امن الدولة المفاجئ، فقد حمل هذا الانهيار تساؤلات، لتزامنه مع الإعلان عن استقالة رئيس الوزراء المصري السابق، الفريق احمد شفيق، الذي أُثيرت حوله الشكوك بشأن حماية الجهاز وعلاقته بالنظام السابق.
جاء انهيار الجهاز ليذكرنا بالانسحاب الغامض الذي طال جهاز الشرطة المصرية في أعقاب الأحداث الدامية التي شهدتها جمعة الغضب ورافق نزول قوات الجيش إلى ميدان التحرير، ليظل المعتصمون في ميدان التحرير يضعون على قمة مطالبهم حل جهاز امن الدولة في مصر والذي كان يمثل عصا البطش التي يمارسها النظام ضد المعارضين .
ولعل الفترة التي طالت بين المطالبة وحل الجهاز قد أتاحت الفرصة لكبار مسئولي النظام السابق بإخفاء وحرق وفرم الوثائق التي تكشف عن المخالفات والانتهاكات التي مارسها ضد أبناء الشعب على مدار 30 عاما، فحينما تمكن الثوار من دخول مقرات أمن الدولة أولا في الإسكندرية ثم في مدينة السادس من أكتوبر ثم المقر الرئيسي في مدينة نصر في القاهرة ثم المقر سيء السمعة في منطقة لاظوغلي الملاصق لوزارة الداخلية فوجئوا بكم هائل من الوثائق تم فرمها في ماكينات خاصة حتى لا يتمكن أحد من ملاحقة ضباط الجهاز أو التعرف على طبيعة الأعمال القذرة التى كانوا يقومون بها طوال السنوات الفائتة.
ولعل السؤال المطروح الآن هو: هل كانت الوثائق الخطيرة والسرية التي تم إتلافها أو التي ما زالت موجود الآن بمقار امن الدولة تثير المخاوف لدى أطراف وشخصيات مصرية فقط أم أن هناك بعض الوثائق التي تخشى أطراف غير مصرية الكشف عنها ؟ ولعل ما دفع بنا لهذا التساؤل إلى البحث عن إجابة هو طلب الرئيس الأميركي باراك أوباما من وزير دفاعه روبرت غيتس التوجه فورا إلى مصر إثر اقتحام عدد من مقار جهاز أمن الدولة من قبل المحتجين، حيث تشير تقارير إستخباراتية إلى تخوف الإدارة الأمريكية من تمكن عناصر وصفت بالمعادية لسياسات الولايات المتحدة من الحصول على وثائق سرية لم تكن متاحة من قبل سوى لرئيس جهاز المخابرات المصرية السابق عمر سليمان .
وأشار موقع دبكا فايل المقرب من المخابرات الإسرائيلية بأن واشنطن تلقت معلومات بأن الأوضاع خرجت من سيطرة المجلس العسكري الحاكم، بعدما اندس عدد من الأفراد المقربين من إيران وسط المحتجين، وكانت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون قد أشارت إلى وجود محاولات إيرانية لاستخدام حزب الله اللبناني للتواصل مع حركة حماس الفلسطينية التي تقوم بدورها بالتواصل مع عناصر من المحتجين داخل الأراضي المصرية.
ولهذا لم يكن غريبا أن يسارع أذناب النظام السابق إلى حرق وفرم الأوراق، وأن يدعو اوباما مبعوثه التوجه إلى القاهرة على وجه السرعة لاحتواء الأسرار التى يمكن أن تمس أمن أمريكا، فما جرى في مصر في اقتحام مباني جهاز أمن الدولة، شكّل مخاوف أمريكية وإسرائيلية وأوروبية من أن تصل تلك الأسرار إلى فئات المجتمع لتكون ذريعة لتصعيد العداء.
ومن جانبه نفى جيك والاس، نائب مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لشئون الشرق الأدنى، خلال مؤتمر صحفى عقد بالسفارة الأمريكية بالقاهرة أن يكون هناك تخوفات لدى الإدارة الأمريكية الحالية من التسريبات الخاصة بأمن الدولة مؤخرا، مؤكدا على أن العلاقات بين الولايات المتحدة ومصر تعود إلى عقود وأنه لا يوجد مخاوف من تأثير تلك التسريبات على تلك العلاقات فالبلدين سيواصلا العمل معا في مجال دعم الديمقراطية في مصر، معربا عن ثقته فى قوة تلك العلاقات التى تربط البلدين.
وبحسب صحيفة "الوفد" المصرية فقد كشف محمد الدريني، الأمين العام للمجلس الأعلى لآل البيت، و أحد أقطاب الشيعة في مصر، في تحقيقات النيابة في بلاغه حول التعذيب في عصر مبارك، أنه وجهت إليه اتهامات من قبل الأجهزة الأمنية أثناء احتجازه بأنه سعى للتواصل مع التيار الصدري الذي يقوده الزعيم الشيعي مقتدى الصدر في العراق والزيديين الشيعة في اليمن .
كما أن الولايات المتحدة استعانت بحبيب العادلي في تعذيب معتقلين واستضافتهم تحت مسمى مكافحة الإرهاب ، وأشار أن العادلي صور عمليات التعذيب بكاميرات الفيديو وقال للمعتقلين " أمريكا تريد تسجيلات تفيد بتعذيبكم "، وأدرجت نيابة أمن الدولة العليا بلاغ الدريني ضمن بلاغات الفئة "أ " شديدة الخطورة .
وبينما كانت دول الغرب تنأى بنفسها عن استخدام أساليب الاعتقال والتعذيب فى سجونها وعلى أراضيها، فقد عملت على نقل مسرح عمليات التعذيب والملاحقة إلى الدول العربية والإسلامية، حتى لا تستخدم أراضيها فى عمليات منافية للعدالة والقانون وحقوق الإنسان.
وكانت مصر والأردن واليمن والعراق والمغرب وتونس والجزائر من أوائل الدول التى سمحت باستخدام أراضيها لاستقبال المشتبه فيهم والتحقيق معهم وإكراههم بوسائل غير قانونية على الإدلاء باعترافات ومؤامرات لحساب المخابرات الأمريكية، وأقيمت لذلك مقار أمنية بمساعدة أمريكية، محاطة بجميع إجراءات السرية وتقنيات التعذيب وانتزاع الاعترافات بالصدمات الكهربائية وغيرها من الوسائل.
ولهذا ازدهرت صناعة التعذيب وتشييد السجون والمعتقلات فى أماكن بعيدة لا تخطر على قلب بشر، وأصبح جهاز أمن الدولة هو المفرخة الطبيعية لوزراء الداخلية والمحافظين وكبار المسئولين، واتسعت اختصاصاته وصلاحياته بحيث بات مسئولا عن تعيين الوزراء وملء المناصب الشاغرة والموافقة على السفر أو منعه وتعيين رؤساء التحرير وعمداء الكليات ورؤساء الجامعات والتدخل لحل الخلافات الطائفية أو تأجيجها!!
وكانت صحيفة “فرانكفورتر روندشاو” الألمانية قد كشفت في تقرير لها نشر في منتصف العام الماضي، عن انتشار السجون السرية الأمريكية في 66 دولة على الأقل، ومنها مصر والأردن وسوريا والمغرب وباكستان وجيبوتي وإثيوبيا وتايلند ورومانيا وبولندا وغيرها .
ويرصد تقرير لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية الأمريكية في أحد فصوله السجون السرية في مصر وكيف تعاونت مصر مع الاستخبارات الأمريكية في اعتقال وتعذيب واستجواب بعض الأشخاص الذين اعتقلتهم الولايات المتحدة في إطار سياسات مكافحة الإرهاب التي انتهجتها عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر.
وعلى الرغم من نفي الولايات المتحدة لتخوفها من تسريبات وثائق امن الدولة المصرية، إلا إنها ليست في حالة استرخاء إزاء المفاجآت التي يمكن أن تتكشف عنها تلك الوثائق، التي بدأت أسرارها تكشف عن تجاوزات أمريكية في التعاون الأمني مع النظام السابق بشان مكافحة الإرهاب خاصة في الفترة التي أعقبت هجمات 11 سبتمبر 2011، وتتسبب لها في إحراج ليست في حاجة إليه كما فعلت وثائق ويكليكس في وقت سابق، خاصة فيما يتعلق بمسالة السجون السرية وتعاون النظام السابق وجهازه الأمني مع " السي أي ايه " في تعذيب معتقلين من دول اخرى فالنظام السابق وبالتعاون مع الولايات المتحدة جعل من مصر محطة تعذيب للمعتقلين ومنهم إسلاميون يُعتقد أنهم يقدمون معلومات مفيدة في الحرب التي تقودها أمريكا على ما تسميه بالإرهاب قبل إرسالهم إلى جوانتانامو، بتواطؤ من نظام حسني مبارك وجهازه الأمني الذي كان مسخرا لخدمة وحماية النظام وتجاوزاته داخليا، وبتعاون مشبوه مع الولايات المتحدة .