مشاهدة النسخة كاملة : الشيخ عبد المنعم الشحات كشف إبراهيم عيسى


Specialist hossam
27-03-2011, 03:22 PM
المقال الأول ردا على تطاوله على الصحابى الجليل أبوهريرة حبيب المؤمنين


البزنس إذ يعمي صاحبه


كتبه/ عبد المنعم الشحات
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فعند تقييم الأشخاص هناك معيار عام يُقيَّم به كل الناس، وهناك معيار يقيم به الأشخاص الأفذاذ بحيث يقومون بالنسبة للائق بهم.
ومِنْ ثمَّ.. فقد يُعتبر الحاصل على مجموع خمسة وتسعين بالمائة مثلاً متفوقًا بالمعايير العامة، بينما قد ينال بعض من يحصل على هذا المجموع نقد ما موجه من أبيه أو أستاذ له؛ لأن المؤمَّل منه كان أكثر من ذلك.
فإذا اتضح هذا المثال انجلى الغبار عن كثير من المواطن التي يثيرها البعض بسوء فهم أو سوء قصد أو كليهما معًا.
ويعتبر أن هذا اللوم المذكور في مثالنا دليل إدانة لهذا الطالب المتفوق، وفي هذا يقول القائل: "حسنات الأبرار سيئات المقربين"، أي: ما يقبل من الأبرار قد يكون دون المقبول من المقربين، وبالتالي يُعتبر سيئة في حقهم بهذا الاعتبار.
ومن أوضح الأمثلة على ذلك ما ورد في الكتاب والسنة من لوم لام الله به على بعض أنبيائه ورسله، فإنه كله دائر بين الاجتهاد والنسيان؛ فلام الله رسله على الخطأ في الاجتهاد كما في قصة الأعمى، وأسرى بدر مع النبي -صلى الله عليه وسلم-.
ولام بعضهم على النسيان كما في حالة آدم -عليه السلام-، وفرض على موسى -عليه السلام- رحلته مع الخضر؛ لإخباره عن حقيقة أنه أعلم أهل الأرض دون أن يثني على الله بهذا الفضل، حتى وإن كان هذا الكلام قد خرج منه جوابًا لسؤال.
وفي هذا الباب قوله -صلى الله عليه وسلم-: (نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ) (متفق عليه)، قال نافع -رضي الله عنه-: "فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ".
ومِنْ هذا جاء عتاب الله -عز وجل- لصحابة رسوله -صلى الله عليه وسلم-: (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ) (الحديد:16).
أنزل الله ذلك العتاب على صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد الهجرة والأمن؛ ففشا فيهم شيء من المزاح، وهو مما لا يحرم لا سيما لمن كان في مثل ما كانوا فيه من شدة وبطش، وهو أشبه ما يكون باستراحة المحارب -كما يقولون-؛ بيد أن اللائق بمثل هؤلاء الأفاضل ألا يبحثوا عن الراحة إلا في الجنة، فكان هذا العتاب من الله لهم.
لقد كان العتاب على قدر المعاتَب، ومن عَلِم قدر الصحابة -رضي الله عنهم- سهل عليه فهم النكتة في المسألة؛ فهم الذين جعل الله إيمانهم ميزانًا لإيمان مَن بعدهم حيث قال: (فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا) (البقرة:137).
وهم الذين رضي الله عن علمهم وعملهم، وشهد بامتلاء قلوبهم رضًا بشرع الله وقدره؛ فقال: (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) (المائدة:119).
وهم الذين جعل النبي -صلى الله عليه وسلم- سنتهم لازمة لمن بعدهم، قارنًا إياها بسنته حيث قال: (فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِى وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ) (رواه أبو داود والترمذي).
وقد كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- من أكثر الصحابة فهمًا لمقاصد التشريع، وعملاً بها وتطبيقًا لها، ومِن ثمَّ عامل نفسه وعامل صحابة رسول الله بنفس المسلك الذي رباهم عليه الشرع حتى يغلق أي باب شبهة يمكن أن يتمسك به منافق أو زنديق أو جاهل مِن بعدهم، وكان يعلم أن الصحابة -رضي الله عنه- موافقون له فيما يأخذهم به من شدة.
وعلى سيرة عمر سار حفيده عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- الذي أخذ نفسه بأشد درجات الورع؛ ففرض لنفسه من بيت المال أقل القليل مما كان لا يكفي لشراء زوجته الحلوى، فلما دبرت من هذا القليل لشراء الحلوى خفض عمر بن عبد العزيز مما فرضه لنفسه بمقدار ذلك الجزء المدخر طالما أنها تقدر على ادخاره.
وذلك أن الأمر لا يقتصر على الصحابة -رضي الله عنهم-، بل يجوز لمن أراد المبالغة في الخير أن يتوسع في إلزام خاصته وأهل بيته الفضيلة الزائدة عن الواجب، إذا علم أنهم يطاوعونه، وأنهم يرغبون في ما يربيهم عليه من مكارم الأخلاق.
وقد ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- قصة الثلاثة الذين أغلق عليهم الغار؛ فتوسل كل منهم بأرجى عمل له، فكان مما توسل به أحدهم تلك الدرجة العالية من البر التي ربَّى عليها أبناءه حتى أنهم باتوا ذات ليلة جائعين انتظارًا لاستيقاظ الجد والجدة حتى استيقظا وشربا من الحليب الذي رجع به الأب، حتى شبعا ثم تقاسم الأب والأم والأولاد الباقي.
وإذا تقرر هذا.. فلننظر الآن هذه التساؤلات:
هل يمكن لرجل مفرط على نفسه يقضى حياته كذبًا وزورًا ومزاحًا، كذبه أكثر من صدقه، أن يقول: إنه هو والصحابة -رضي الله عنهم- في ذلك سواء؛ لأن الله عاتبهم على المزاح؟!
بل هل يمكن لامرأة مبذرة مسرفة تدفع زوجها إلى نهب المال العام وإلى أكل الحرام أن تحتج أنها وزوجة عمر بن عبد العزيز في ذلك سواء؟!
أم يمكن للراسب في الامتحان أن يزعم أنه وذاك المتفوق الملام سواء؟!
بل هل يمكن لبغي أن تقيم الأفراح وتنصب الزينات لتعلن أنها قد نجحت في مقصودها ونالت مرادها، وهو: "أن تزني النساء جميعًا" إذا ما سمعت من يعظ النساء في المسجد ألا يرفعن أصواتهن خشية أن يسمعهن الرجال؟!
من المعلوم قطعًا أن مثل هذه الأحوال لا تصدر قطعًا إلا ممن فقد عقله.. أو فقد حياءه.. أو فقدهما معًا!
ولكن هذا ما حدث فعلاً.. ! وتحديدًا في جريدة الدستور الصادرة يوم الثلاثاء 22 يونيو 2010م، وفي مقال لرئيس تحريرها "إبراهيم عيسى" بعنوان: "بزنس أبي هريرة".
تدور فكرة المقال حول التعليق على قضايا الاستيلاء على المال العام المثارة حاليًا، بالتذكير أن عمر -رضي الله عنه- قد ضرب أبا هريرة -رضي الله عنه-، ونزع عنه ماله؛ لما وجد أنه تربح من ولايته، واعتمد الكاتب على رواية متهالكة لم يذكرها المؤرخون إلا لبيان عورها! فنقلها ودمج معها ترجمة عامية سوقية من جنس "البزنس" وخلافه، من اللغة التي يبدو أن الكاتب لا يجيد غيرها!
هذا وقد أحسن الدكتور "عبد الرحمن البر" -أستاذ الحديث في جامعة الأزهر وعضو مكتب الإرشاد في جماعة الإخوان المسلمين- عندما دبج مقالة علمية رصينة في الرد على الكاتب منوهًا بأنه استمد هذه الروايات المغلوطة من افتراءات الشيعة وغيرهم من الطاعنين على أبي هريرة، وبعد أن بيَّن تهافت الرواية التي استند إليها كاتب الدستور ساق القصة المسندة الصحيحة، فقال: "أخرج ابن سعد بسند صحيح في "الطبقات الكبرى 4/335"، وأبو نعيم في حلية الأولياء "1/380- 381"، وعزاه ابن كثير في "البداية والنهاية" لعبد الرزاق:
"عن محمد بن سيرين: أن عمر استعمل أبا هريرة -رضي الله عنه- على البحرين، فقدم بعشرة آلاف، فقال له عمر: استأثرتَ بهذه الأموال يا عدوَّ الله وعدوَّ كتابه! فقال أبو هريرة: فقلت: لستُ بعدوِّ الله وعدوِّ كتابه، ولكني عدوُّ مَنْ عاداهما، قال: فمن أين هي لك؟ قلت: خيلٌ نَتَجَتْ، وغَلَّةُ رقيقٍ لي، وأَعْطِيةٌ تتابعتْ، فنظروا فوجدوه كما قال.
فلما كان بعد ذلك دعاه عمر؛ ليُوَلِّيَه، فأبَى، فقال: تَكْرَهُ العملَ -يعني الولاية- وقد طلب العمل مَنْ كان خيرًا منك، يوسفُ -عليه السلام-؟ فقال: يوسف نبيٌّ ابنُ نبيٍّ ابنِ نبيٍّ، وأنا أبو هريرة ابن أميمة- اسم أمِّه-، وأخشى ثلاثاً واثنتين، قال: فهلاَّ قلتَ خمسًا؟ قال: أخشى أن أقولَ بغير علمٍ، وأقضيَ بغير حكمٍ، وأن يُضْرَبَ ظهري، ويُنْتَزَعَ مالي، ويُشْتَمَ عرضي". اهـ من مقال الدكتور البر بعنوان: "إبراهيم عيسى وأبو هريرة.. مرة أخرى"(1).
كان يمكن أن نتعامل مع الكاتب كغيره من حطاب الليل الذين يملئون السهل والوادي، فننبهه إلى خطئه في حق صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ممثلين في أبي هريرة -رضي الله عنه- ناصحين إياه أن "يحاول" قدر "جهده"، أو قدر "فهمه" أن يلم ولو إلمامًا مجملاً بقواعد نقد الأخبار، وتمييز مقبولها من مردودها.
بيد أن بصمة "البزنس" في المقالة أوضح بكثير من بصمة الجهل! وجريمة القصد إلى الطعن في الصحابة أظهر من أن تخفف بجريمة الجهل بالتاريخ! وذلك للأسباب التالية:
أولاً: لو كان مقصود الكاتب هو إبراز نموذج محاسبة العمال "الموظفين العموميين بمصطلح هذا الزمان"، ونعي غيابه في هذا الزمان؛ لوجد لذلك عشرات العناوين مثل: "عدل عمر"، أو "هدي عمر في محاسبة الولاة"، أو "الحفاظ على المال العام في عصر الخلافة الراشدة"، أو "الخلافة الراشدة وتطبيق قاعدة من أين لك هذا مع الولاة"، أو "عدم جواز قبول الولاة للهدية في الدولة الإسلامية".
وكل هذه عناوين من المفترض أنها أقرب للمقصود من عنوانه المنصب تمامًا على ذم أبي هريرة -رضي الله عنه-!
ولو أن الكاتب فعل هذا لأدى الغرض المقصود، وربما غفر له الناس جهله بالحديث والتاريخ؛ اعتمادًا على حسن قصده، أو ربما بيَّن له البعض الرواية الصحيحة التي تدل على عدل عمر -رضي الله عنه-، ولا تدين أبا هريرة -رضي الله عنه-، وهي رواية يميل المحب للصحابة -رضي الله عنهم- إلى تصديقها -وإن لم يصح سندها-؛ فكيف إذا كانت صحيحة السند بينما الأخرى لا سند لها البتة؟!
ثانيًا: الكاتب له تاريخ طويل في "بزنس" بيع الدين بعَرض من الدنيا قليل، وبالتالي فقد حول جريدته "العالمانية" للدفاع عن كل ما يهدم دين الأمة!
فمن جهة بيع دينه للشيعة؛ فقد خصص الكثير من برامجه في الفضائيات في الطعن في الصحابة، والنبش في الروايات المتهالكة التي فيها طعن فيهم، وكأن معيار القبول والرد عنده هو ذاك؛ فكلما كانت الرواية أكثر طعنًا في صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كلما كانت عليه بردًا وسلامًا، وأما جريدته فتبنت الأجندة الشيعية السياسية والمذهبية حتى حجب مقالاً سياسيًا ينتقد فيه كاتبه سلوك إيران السياسي، وعندما تشجع وكتب ما ينفي به عنه نفسه تهمة التشيع كتب مقالاً مليء بالثناء على الشيعة مذهبًا وعلى إيران دولة، وكال الذم والقدح للسنة التي يزعم الانتماء إليها، واستعمل مصطلح "الوهابية" -التي لا تَرقى عنده أن تكون مذهبًا يحق لمن شاء أن يتبعه كما فعل مع الشيعة-؛ لكي يطعن من خلاله على السنة ككل.
ولا تسأل: أين العالمانية التي يدعيها في وجه كل من يطالب بالدعوة إلى السنة إذا كان فيما يتعلق بالشيعة قد جعل نفسه أحد "آيات الله"؟! ولا تعجب.. ! فإنه "البزنس" الواضح الجلي، لا "البزنس" الذي لا تجده إلا في روايات التاريخ الساقطة.
ثالثًا: بعدما أثبت "إبراهيم عيسى" براعته في "بزنس الشيعة"، اختبر "ساويرس" ولاءه؛ فوجد شخصًا "البزنس" عنده فوق كل اعتبار؛ فعينه عنده في فضائيته؛ ليواصل الطعن في دين الأمة، والدفاع عن الكنيسة حتى في مواقفها السياسية!
حتى وهي تتحدى القانون وترفض تطبيقه؛ وجدنا المناضل "العالماني " يحنى رأسه -كهيئة من يلتقط الدراهم من على الأرض-، ويعلي مفاهيم كنيسة العصور الوسطى، ويرفع لها القبعة!
بل إن الرجل استطاع أن يرتدي ثوب المناضل السياسي عن طريق معارضته "للتوريث"؛ بيد أنه متى أيدت الكنيسة التوريث أصيب صاحبنا بصمت أصحاب القبور.
ومن هذا العرض نخلص إلى أن "إبراهيم عيسى" أراد أن يضرب ثلاثة عصافير بحجر واحد:
الأول: ارتداء ثوب المناضل السياسي الذي يكشف فساد رجال الحكومة.
الثاني: ارتداء ثوب العميل الشيعي الذي يطعن في الصحابة.
الثالث: تقديم فروض الطاعة والولاء لـ"ساويرس"؛ لعله يرفع راتبه الشهري أكثر من الراتب الحالي -الذي يبلغ أربعين ألف جنيه وفق ما أوردته جريدة "المصريون" الإلكترونية-.
رابعًا: قد يعترض على ما سبق بأن القصة فيها ثناء على عمر -رضي الله عنه-، وهذا يخالف مذهب الشيعة، ولا يخدم المنصِّرين، وأن هذه القراءة منا مجافية للواقع!
قلنا: فلنترك الواقع يحكم بيننا، والأمر يسير؛ فإذا قمنا بعمل بحث سريع على شبكة الإنترنت سوف تجد كيف طارت بها منتديات التنصير، ومنتديات الشيعة فرحًا فور نشرها، وكأنهم كانوا في انتظارها في ذات الوقت الذي لم يعبأ فيه بها أحدٌ مِن المعنيين بالشأن السياسي!
إن "إبراهيم عيسى" لم يمدح عمر -رضي الله عنه-، وإنما ذم أبا هريرة، ولو أراد مدح الاثنين معًا؛ لاختار الرواية الصحيحة على تلك الواهية.
وإنما اضطر الكاتب اضطرارًا إلى رواية هذه الرواية؛ لما فيها من ذم أبي هريرة -رضي الله عنه-، وكان مدح عمر -رضي الله عنه- أشبه بالآثار الجانبية للدواء، تحتمل مع محاولة تقليل آثارها قدر الإمكان!
وهو ما فعله الكاتب الذي جعل عنوان مقالته: "بزنس أبي هريرة"، لا "عدل عمر" -رضي الله عنهما وأرضاهما، وقطع دابر مبغضهما-.
ثم إن الشيعة والمنصرين، وسائر شياطين الإنس والجن يرضون من كل أحد بما يمكن أن يقدمه في إطار تكامل الجهود الشيطانية، بل ربما كان من يمزج حقًا بباطل
له دوره؛ لكي يسهل تمرير هذا الباطل.
- فمن الأعداء وأذنابهم من يطعن في القرآن.
- ومنهم من يطعن في النبي -صلى الله عليه وسلم-.
- وبعض من ينتمي إلى هذين الصنفين يصر على أن يعتبره الناس مسلمًا، وما خبر "نصر أبي زيد"، و"القمني" عنا ببعيد -وكلاهما مدعوم من المنصرين-!
- ومنهم من لا يطعن في النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولكنه يطعن في حجية سنته إجمالاً وتفصيلاً.
- ومنهم من يكثف جهوده؛ لتوهين المكثرين من الرواية عن النبي -صلى الله عليه وسلم- كأبي هريرة -رضي الله عنه-، إدراكًا منه بأن توهينهم توهين للسنة.
- ومنهم من يتجه إلى مصنفي كتب السنة، وعلى رأسهم البخاري.
والقصد في النهاية واحد، والدعم الشيعي والتنصيري واقف وراء الجميع بلا خجل.
ثم تعال فلنجاري "إبراهيم عيسى"، ولنفترض أنه صادق في افتقاده لعدل عمر -رضي الله عنه-، ومحاسبته لولاته في "بزنسهم"، ومقتضى الحال أنه يود أن يبعث في الأمة مثله, وأن يطبق في الأمة هديه.
فنقول له: أتدري أن هدي عمر -رضي الله عنه- متى طبق سوف تغلق الجامعة التي تخرجت منها -أعني "روزا اليوسف"- التي انضممت إليها وأنت ما زلت طالبًا في الصف الأول في كلية الإعلام، وكأنك الطفل المعجزة؟! لأنها من المؤسسات التي يصدق فيه قوله -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ) (النور:19).
بالمناسبة "روزا اليوسف" مؤسسة قومية، وتعيين طالب بها أمر يستحق تحقيقًا حول "البزنس" الذي وراء هذا التعيين المريب!.
وإذا طُبق هدي عمر -رضي الله عنه-؛ فربما سُمح لـ"ساويرس" أن يتاجر فيما شاء شريطة أن يحترم دين الدولة وشريعتها التي ستكون شريعة الإسلام بلا شك، ولن يُسمح له بالعمل في الإعلام؛ لأن الإعلام وإن لم يشترط أن يؤدي كله رسالة دينية؛ فعلى الأقل يجب أن يكون محكومًا بمبادئ الإسلام، ووقتها سوف تخسر أنت وظيفتك ذات الأربعين ألفًا في الشهر -وتضطر إلى الرجوع إلى بزنس آخر، ولا ندري هل تحسن في حياتك غير هذا أم لا؟!-.
وإذا طُبِق هدي عمر -رضي الله عنه-؛ فسيكون العاملون في إعلام الجنس، والخضوع للغرب والعمالة للكنيسة تارة، وللشيعة تارة أخرى هم أول الخاسرين.
رضي الله عن عمر، أتعب من جاء بعده بشدته في الحق، واستبرأ لعرضه وعرض أصحابه.
ورضي الله عن -راوية الإسلام- أبي هريرة؛ ترك الإمارة اختيارًا مبالغة في الاستبراء لعرضه.
وقبَّح الله أعينًا أعماها "البزنس"، وآذانًا أصمها "البزنس"، وعقولاً طمسها "البزنس"!
وهدى الله الجميع إلى ما اختلفوا فيه من الحق بإذنه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ
1))رب ضارة نافعة.. إن خروج مثل هذا الإنكار من رمز من رموز الإخوان المسلمين على مثل هذا الكاتب الذي حاول مغازلة الجماعة أكثر من مرة؛ بالتضامن "الكلامي" مع بعض رموزهم في محنتهم مما ظن معه أنه سيكون بمأمن من نقد الجماعة له، وربما نال بعضًا مما أراد حتى جاء هذا الرد! لعل الله أن يرد به كيد هذا الكاتب إلى نحره.
كما أن تصريح الدكتور "عبد الرحمن البر" بأن الشيعة هم الذين يتولون كبر الطعن في صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورضي الله عنهم، وأن هذا الكاتب وأمثاله من العالمانيين ما هم إلا مجترين لأكاذيب الشيعة أمر له دلالته وخطورته، وأهميته في تبصير شباب الإخوان في: مصر، وفلسطين، وغيرها من دول العالم الإسلامي؛ لخطورة المد الشيعي. فجزا الله الدكتور "البر" على هذه المقالة خير الجزاء، وفي انتظار مزيد من المقالات التي تتصدى لحملة تشويه السنة التي ارتفعت وتيرتها في هذه الآونة.

www.salafvoice.com
موقع صوت السلف

Specialist hossam
27-03-2011, 03:26 PM
المقال الثانى ردا على إنزعاجه من "ميكروفونات المساجد"

رفع صوت الإسلام والمنزلة ما بعد الأخيرة

كتبه/ عبد المنعم الشحات

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فـ(الْمُؤَذِّنُونَ أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْنَاقًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ) (رواه مسلم)، (لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلاَّ أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لاَسْتَهَمُوا) (متفق عليه)، أحاديث نبوية تقر بها أعين المؤذنين، ويغبطهم عليها غيرهم من المؤمنين ممن لم تتح لهم الفرصة أن يكونوا ممن يرفعون صوت الحق: "الله أكبر.. الله أكبر"، وممن ينادون الناس للقاء ربهم ومولاهم.
وقد جعل الله في ترديد الأذان عقب المؤذن تسلية لمن فاته هذا الفضل، ومِن ثمَّ فكل المؤمنين يسعدون بصوت الأذان مؤذنين أو مرددين، ثم ساعين إلى الصلاة؛ والتي كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول في شأنها: (يَا بِلاَلُ أَقِمِ الصَّلاَةَ أَرِحْنَا بِهَا) (رواه أبو داود، وصححه الألباني).
قد تبدو هذه القضية من المسلمات إلا أن هاهنا قصة لرجل رضي لنفسه بالمرتبة ما بعد الأخيرة في هذا الباب، ثم لم يقنع بذلك حتى فضح نفسه على رؤوس الأشهاد، وفي قناة فضائية جعلت طمس الهوية الإسلامية للأمة هدفها الرئيسي، ولها في ذلك وسائل شتى؛ منها: نشرة الأخبار العامية، ومنها لأفلام الأجنبية الغير محذوف منها شيء، ومنها برنامج الصحفي: "إبراهيم عيسى".
وفي إحدى حلقات هذا البرنامج والتي أراد لها البعض مزيدًا من الانتشار فوضعها على موقع شهير على الإنترنت صب صاحبنا نار غضبه على ما أسماه بـ"ميكروفونات المساجد" -يقصد بها بالطبع الأبواق الخارجية "الهورنات" وليس الميكروفون الذي تقتصر وظيفته في أنظمة تكبير الصوت على التقاط صوت المتحدث-، وأبدى استياءه الشديد من رفع الأذان بواسطتها على اعتبار أن الأذان في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم كان بدون "ميكروفون"، واستغرب من استثناء من أسماهم بـ"الوهابيين" والأصوليين لمكبرات الصوت من قائمة البدع الطويلة التي تشمل كل وافد من عند الغرب على حد علمه أو فهمه!
وقد تخطى صاحبنا في هذا البرنامج دور المذيع إلى دور الممثل الكوميدي الذي يمثل نصًا من تأليفه وإخراجه، ثم يتولى هو أيضًا نيابة عن المشاهدين الضحك الهستيري على "كوميدياه"!
وقد جاءت المناقشة الموضوعية لصاحبنا في غاية الضحالة، وإن كان قد دعمها بعدة حكايات حاول فيها استنساخ "وحيد حامد"، وهذه الحكايات إن كانت كاذبة فحسبها ذلك، وإن كانت صادقة كانت فيها إدانة له لو كان يدري؛ فلنبدأ بحكاياته مع الأذان:
- أما الحكاية الأولى: فهو بطلها حيث كان يسكن في عمارة في شارع عرضه ستة أمتار، أسفلها مسجد مؤذنه هو بواب العمارة المجاورة، ومكبر الصوت الخاص به مُركب في شرفته فطلب من بواب عمارته أن يتوسط لدى المؤذن في نقل المكبر إلى مكان آخر فاستجاب الرجلان مشكوران، ولكنه صعق حينما علم أنهم نقلوه إلى شرفة الأستاذ "بطرس" المقابلة مما جعله يتطوع بالتدليل على مشترٍ لشقة الأستاذ "بطرس"!
وإلى هذا الحد سكت "شهريار" عن الكلام، ولم يذكر لنا: هل تحمل الأستاذ بطرس صوت الأذان أم لا؟
وإذا كان لم يحتمله فماذا صنع؟
هل قدم شكوى إلى جمعيات حقوق الإنسان؟
هل كتب شكوى في إحدى صحف "ساويرس"؟ أم أوعز إلى "إبراهيم عيسى" ليقدم هذا البرنامج في فضائية "ساويرس"؟!
سوف نستخدم قواعد المنطق وأصول الفقه في أن عدم النقل في مثل هذه الحالات يدل على العدم؛ مما يعني أن الأستاذ "بطرس" مع أنه غير مخاطب بالأذان قد تحمله، ولم يضق به ذرعًا، بينما ضاق به "مقدم برامج فضائية ساويرس" ذرعًا!!
في الواقع كان من الممكن أن نناقش الحكاية لنسأل مثلاً: كيف تسلل المكبر إلى شرفة الأستاذ "إبراهيم" هل اشتراها وهي على هذا الحال أم أنهم دخلوا شقته بلا إذن؛ ليضعوا المكبر رغمًا عنه؟! من باقي الحكاية تقول إنهم بوابون مغلوبون على أمرهم.
إلى آخر هذه الأسئلة البريئة، ولكن لنترك القصة كما هي ونتساءل من جهة أخرى حول دور صاحبنا وعلاقته بالمسجد الموجود أسفل مسكنه، ولما احتاج إلى واسطة لكي يكلم المؤذن!
وهل كل سكان العقار والعقارات المجاورة على شاكلة "الكاتب المذيع" علاقتهم بالمسجد تقتصر على سماع صوته دون أن يدخلوه؟!
لو كانت الإجابة: بنعم فلم إذن يلوم على "البواب" الخشن الصوت على حد تعبيره أنه تصدى لفرض الكفاية عليهم فرفع فيهم صوت الإسلام؟!
وحتى لو كان هذا البواب أو بواب آخر غيره، أو عم فلان الذي على المعاش على حد تعبير "الكاتب المتحرر" هم من يقومون بالإمامة والخطابة، فما ذنبهم وقد تولى من يظنون أنفسهم مثقفين: أيتركون المساجد شاغرة أم يغلقونها بالضبة والمفتاح، ويعيروا مكبراتها للمسارح المجاورة أم يتصدقوا بها على ساويرس وشيعته؟!
لقد سخر الكاتب من البسطاء الذين تأخذهم حميتهم الدينية فيؤذنون في شارع يسكنه "إبراهيم عيسى" وكأنهم هم يؤذنون في "مالطة"، بل إن مالطة "التي كان يضرب بها المثل" يرفع فيها الأذان بلا نكير، وأما القاهرة فابتليت بـ"ساويرس" وقنواته، و"موظفي قنواته" فحسبنا الله ونعم الوكيل.
وإذا افترضنا أن سكان الشارع يذهبون للمسجد فلا نظن أنهم كانوا حينئذ سيعدمون مؤذنـًا حسن الصوت بوابًا كان أو صاحب وظيفة مرموقة.
لو صحت القصة يا هذا وكنت ممن يخاف الله كما تزعم، فالقضية في عنقكم يا من تركتم المسجد خاليًا، بل ولم تريدوا أن يذكركم أحد أن في شارعكم بيت لله يُنادى عليكم منه في كل يوم خمس مرات.
وأما في اختيار البوابين أكرمهما الله -إن صحت القصة- لشرفة الأستاذ بطرس -على الرغم من أن استضافة المسلمين لأصوت أذانهم أولى بكثير- فأمر قد تكون فرضته ظروف القدرة الفنية المحدودة لهما؛ لا سيما و"الكاتب" يبدو أنه بدا عليه العجلة في قراره فوجدوا أن أقرب الحلول هو نقله إلى الشرفة المقابلة.
ولكن من عجائب التدبير أن تكون الشرفة المقابلة هي شرفة الأستاذ "بطرس"! وأعجب من ذلك أن يسكت الأستاذ بطرس خجلاً أو مجاملة، وهو ما افتقده "صاحب البرنامج"!!
هذا احتمال وثمة احتمال آخر وهو: أن هذا البواب وإن فاته حظه من التعليم فربما لم يفته حنكة أبناء البلد فأراد أن يوجه رسالة ضمنية للأستاذ الذي كل علاقته بالمسجد هو تضرره من صوت أذانه أن ترتيبه بين أبناء شارعه في الصلاحية لرفع صوت الإسلام هو بعد الأستاذ بطرس آخر من يوجَّه لهم الأذان، ولكن الأستاذ لم يفهم رسالة البواب جيدًا! أو فهمها وعرف أن هذه منزلته بالفعل فرضي بها حتى جاءته "فرصة" العمل في فضائية ساويرس فانتقل من محاربة صوت الأذان في شارعه إلى محاربة صوت الإسلام في مصر بأسرها، ورغم أن البواب ليس لديه الفرصة لكي يرد عليه ردًا يناسب جرمه إلا أنه أبى إلا أن يحمل لنا بنفسه رد هذا البواب الحكيم عليه ليعلم أن هذا هو رد الشعب المصري المسلم "طالما كان يتشدق بالديمقراطية والحرية حتى وإن كان المتضرر يلجأ بالفعل إلى أمريكا"!
لقد حاول الأستاذ أن يقنع نفسه "أو يقنع المشاهدين" بأن الصوت الذي تبرم منه ليس "صوت الإسلام"، وإنما هو صوت "عم فلان البواب" أو عم فلان الذي على المعاش؛ ألا فليقل لنا أين وكيف نسمع صوت الإسلام وكل متكلم يتكلم بصوت نفسه من جهة الصوت المسموع وبصوت أفكاره أو أفكار الكيان الذي ينتمي إليه من جهة الكلام الذي يردده؛ فمثلاً: نحن حينما استمعنا إلى صوت صاحب هذا البرنامج استمعنا من جهة إلى صوت إبراهيم عيسى "وهو بالمناسبة صوت أجش خشن لا أظنه يختلف كثيرًا عن صوت البواب الذي يزعم أنه أزعجه"، ومن جهة استمعنا إلى صوت "قناة ساويرس"، ونوعية الفكر الذي تقدمه للناس؟!
والأمر في الأذان أعلى وأوضح فأنت تسمع الأذان فتعرف أن هذا نداء للمسلمين للصلاة وليس لصاحب الصوت فيه إلا رفع الصوت به.
إن الأذان هو صوت الإسلام؛ لأنه شعيرة من شعائره يرفعها أي ابن من أبنائه، فالمسلمون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، واختيار الأندى صوتـًا مطلوب، ولكن صاحبنا لا يريد لصوت الأذان أن يعلو لا بصوت خشن، ولا ندي؛ لأنه يزعج "ساويرس" تمامًا كما يزعجه رؤية المحجبات في الطريق!!
- ولنترك الآن الأستاذ فرحًا مسرورًا بالمرتبة ما بعد الأخيرة في رفع صوت الإسلام لنأخذ حكاية أخرى من حكاياته، ولكن بطلها هذه المرة صديقه "والمرء على دين خليله"، و"الطيور على إشكالها تقع"، أزمة هذا الصديق أنه على حد تعبير صاحبه كان "فلاتي"! ثم تاب وتزوج، ولكنه كلما همَّ بجماع زوجته أتاه صوت الأذان فظن أن المؤذن يظن أنه ما زال على زناه، وأنه لم يدر أن التي معه زوجته فخرج إليهم في الشرفة؛ ليقسم لهم أن التي معه زوجته!!
ولا ندري من أين أتى "الأستاذ" بهذا الصديق "الفلتة الفلاتي... " الذي لا يعرف مواقيت الصلاة، وأنها غير مرتبطة بزنى زان أو عربدة سكير، والذي لم يكتشف أن هناك في ديار المسلمين، ومنها مصر أذان منذ أربعة عشر قرنـًا من الزمان، والذي لم يسأل نفسه إذ ظن ما ظن: لماذا لم يكونوا يؤذنون له حال زانه حتى يظن أنهم يؤذنون له في زواجه؟!
ثم ما هذا الصديق الذي يتحرى وقت الصلاة بالضبط لقضاء شهوته؟!
إن وجود مثل هذا الصديق على فرض وجوده يدل على أن هناك قصورًا كبيرًا في رفع الأذان، وأن هناك من أبناء المسلمين من لا يعرف مواقيت الصلاة فلو كان صاحبنا من الأمة لبكى حال صديقه الذي لا تدري تبكي "فلتانه" أم تبكي "جهله الفاضح"؟! أم تبكى صديقه الذي رضيه صديقـًا فلاتيًا جاهلاً بمواقيت الصلاة؟! ثم جاء يطالب بمزيد من تجهيل أبناء الأمة!
أما ثالث حكاياته: فجاءت في صورة افتراض لما يمكن أن يكون عليه الحوار لو أن أحدًا طلب من المؤذنين ألا يؤذنوا في مكبرات الصوت فراح يقتبس بعض أقوال الكفار التي قالوها عن آلهتهم فينسبها إلى المتطرفين مدعيًا أنهم سيقولون: "من هذا الذي يذكر ميكرفوناتنا بسوء" إلى آخر هذا التهكم، مع أن تجربته الشخصية تقول: إن المكبر الذي ضاق به ذرعًا نقل فور اعتراضه إلى شرفة الأستاذ "بطرس"! هذه حكايات "الأستاذ" فماذا عن حججه؟!
لقد تذرع صاحبنا بثلاث حجج:
الأولى: تسجيلات صوتية لبعض العلماء فيها فتاوى بقصر استخدام مكبر الصوت على الأذان فقط، ثم علق على ذلك قائلاً: "أبشر شيوخنا الأجلاء أن كلامهم لا يعمل به"، وفي هذه النقول تدليس ظاهر حيث إن المشايخ الأجلاء الذين نقل فتاواهم أفتوا باستخدام مكبرات الصوت في الأذان، وطالبوا بعدم إزعاج السكان بما وراء ذلك؛ لأن منهم المريض وذا الحاجة، والحلقة من أولها إلى آخرها والبواب الخشن الصوت، والصاحب "الفلاتي" يطالب فيها الأستاذ بمنع استخدام مكبرات الصوت في الأذان.
يؤيد هذا الحجة الأخرى: التي ساقها من أن الأذان في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- كان بدون مكبر، وهكذا أذن بلال -رضي الله عنه-.
وقريب منها حجته الثالثة؛ والتي ساقها في صورة اعتراض على الإسلاميين والمتطرفين والوهابيين الذين يصرون على الأذان في المكبر فأورد عليهم سؤالاً: لماذا لم يقولوا ببدعية مكبرات الصوت كما يقولون ببدعية أمور كثيرة لا سيما وأنه قادم من عند الغرب؟!
والإجابة على هذين الاعتراضين يسيرة -بحمد الله- نجملها له إجمالاً على أن التفصيل موجود -بحمد الله- في مظانه؛ فنقول:
إن أمور الدين دائرة بين السنة وهو ما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وبين البدعة وهي كل ما عدا ذلك، وأما أمور الدنيا فدائرة بين حرام حرمه الله بنهي خاص عنه، أو باندراجه تحت عموم نهي عام، وما عدا ذلك فمباح مستحدثـًا كان أم غير مستحدث؛ فإذا ثبت أن أمرًا ما مباح إذا استعمل في أمور الدنيا فيأتي دور قاعدة: "أن الوسائل لها أحكام المقاصد"؛ ليطبق على استعمال هذا الأمر في خدمة الدين أو في وسائل العبادات.
فيترتب على هذا ما يلي:
1- الأصل في مكبرات الصوت الإباحة.
2- استعمال مكبرات الصوت في إيصال رفع الأذان هو من أجَلّ ما يستعمل فيه هذه النعمة.
3- استعمال مكبرات الصوت في رفع أصوات الموسيقى والرقص، وما شابها من المعاصي المنكرة "كنا نتمنى أن يقص لنا إبراهيم عيسى قصته مع فرح أحد جيرانه وليكن صديقه الفلاتي؟ وهل استعملت فيه مكبرات الصوت؟ وهل استعملت فيه أبواق السيارات؟ وهل جاءته الجرأة مرة أن يمنع شيئا من ذلك"؟؟!!
4- أما الميكروفونات التي تستعمل في استوديوهات القنوات المشبوهة التي تريد أن تطمس هوية الأمة فهي أسوأ أنواع الميكروفونات وأشدها خطرًا، وأولاها بالتحريم!
وأما كون أن هذه مأخوذة عن الكفار فالأستاذ لم يفرق بين الأفكار والمخترعات المادية فظن أن على الإسلاميين الذين يعتبرون كل شيء غزو فكري تنصيري أن يعطوا الميكروفونات نفس حكمها، وفي الواقع أن الأمر يختلف فالاختراعات تنفك عن مخترعها وعن مصنعها، ويبقى حكمها وفقـًا للاستعمال كما بينا، وقد حفر النبي -صلى الله عليه وسلم- الخندق، وهي وسيلة فارسية.
وحتى الأفكار والنتاج الفكري فلا بأس بالاقتباس منه شريطة أن يتم تنقيحه تمامًا ليُصفى من شوائب النجس الاعتقادي لدى أصحابه؛ سواء من الناسبين إلى الله الصاحبة والولد أو من الملحدين الذين لا يؤمنون بوجود الله.
وقد ورثت أمة الإسلام علوم الدنيا يوم ورثتها وهي علوم بدائية خطؤها أكثر من صوابها فاستوت على سوقها على أيدي العلماء التجريبيين المسلمين حتى جاء الغرب فانتحل هذه العلوم، وهذا أمر لا يتسع له المقام هنا.
وأما ما أومأ إليه صاحب البرنامج بأن الميكروفونات شغلت أصحابها عن منافسة الغرب فهو أول من يعلم أن أئمة المساجد ليسوا هم المسؤلون عن التعليم والإعلام، والبحث العلمي، ومع هذا فقد قاموا بما يسعهم من ذلك، وبغض النظر عن مسجد شارعه الذي تركه أهل الشارع للبوابين -على حد زعمه-؛ فمساجد الصحوة تكاد تسمى بمساجد الجامعيين مع أن البسطاء يجدون فيها أيضًا ما يتعلمونه وما يقدمونه لخدمة الدين؛ ولو بالدعاء الصادق لأبنائهم وإخوانهم الذين يؤذنون ويؤمون الناس في الصلاة بأصوات ندية -بحمد الله-، ويقومون بتعليمهم الدين، وتحصينهم من الأفكار الوافدة.
ومن ثمَّ عَرفت المساجد عن طريق هؤلاء "استخدام التكنولوجيا ولو سنحت الفرصة لكانوا من مطوريها"، وحبذا لو كلف الأستاذ خاطره وجاء ليصلي قيام رمضان في مسجد "القائد إبراهيم" في الإسكندرية؛ ليرى كيف يصل الصوت الندي للقارئ ومكبرات الصوت "الإيطالية"، و"اليابانية"، أو "الكورية" على أقل تقدير تمتد كلما امتد المصلون، ويتم ضبطها بأيدي شباب متطوع هاوٍ أتقن ضبط هذه الماكينات؛ لتنقل القرآن للناس.
وأزيده من الشعر أبياتـًا -"وأرجو ألا أكون بذلك أعطيه لحلقاته أفكارًا"-: أخشى يا هذا أنك إن تجولت في المساجد فوجدت معظمها مكيف الهواء؛ لتذلل للناس سبل أداء عبادتهم أن تكتشف أن مكيفات المساجد دون غيرها من المكيفات التي في الدنيا هي المسئولة عن ثقب الأوزون!!
وأما كون أن الأذان كان على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- بلا مكبر، فهل كان المكبر على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- فتركه؟! لو كان كذلك لكان بدعة بلا خلاف، وأما إذ استحدث بعده فالكلام فيه هو ما قدمناه.
ولزيادة توضيح هذا الأمر نقول: إن الأذان عبادة غرضها الإعلام، ومن ثمَّ فلابد وأن تكون من مكلف، وفي ذات الوقت لا بد من الحرص على أن يبلغ الإعلام فيها مداه؛ ولهذا حرص المسلمون على أن يكون الأذان مسموعًا على أوسع نطاق من خلال اختيار المؤذن الذي يجمع بين حسن الصوت وقوته، ومن خلال الأذان من على أسطح البيوت العالية كما كان بلال -رضي الله عنه- يؤذن من على أعلى سطح بيت في المدينة، والذي استبدله المسلمون لما تطورت فنون العمارة عندهم ببناء المآذن العالية.
وهو أمر لا يفي بالغرض مع تطور العمران وارتفاع الأبنية، ووقوفها حائلاً أمام انتشار الصوت، لا سيما وأن أعلى بنائين في القاهرة مرفوع عليهما صليب "ساويرس"(1)! الذي بثَّ من إحدى قنواته "صوت إبراهيم عيسى"، ومع ذلك فلم ولن ير في رفع شعار ديني صريح على رأس مبنى مدني أي استفزاز لمشاعر الأغلبية المسلمة بينما نسب فيما افترض من إجابات من الممكن أن تسمعها من المتطرفين في تعليل أذانهم في "الميكروفون"، أنهم سيقولون: "أمال حنغيظ الأقباط إزاي"! -لاحظ استخدامه لكلمة الأقباط التي تعني سكان مصر، وهي التسمية التي يحرص إعلام ساويرس على نشرها من باب أنهم أصحاب البلد الأصليين-.
ومن هنا تعرف أن إبراهيم عيسى كان نائبًا عن ساويرس في التعبير عن حالة الغيظ التي أتى بها على لسان محاور افتراضي، ولو أنصف لافتتح برنامجه بالكلمة الإعلامية الشهيرة: "جاءنا نحن العاملين بقناة الملياردير القبطي المصري نجيب ساويرس أن أذان الغزاة العرب يزعج سيادته تمامًا، كما يزعجه ويرعبه منظر المحجبات في الشارع، ويشعر بالغربة في وطنه حين يَراهُن، ونحن العاملين بالقناة بدورنا -وإن كنا مسلمين- فإننا نؤيد سيادته تمامًا فيما قال، وننزعج لانزعاجه أيما انزعاج... "!!
إذن فإبراهيم عيسى جاء بعد الأستاذ بطرس؛ لأنه لا بد وأن يكون في خانة واحدة مع ساويرس، ولكن لماذا لم يكن الأستاذ بطرس هو الآخر مع ساويرس من باب الولاء الديني؟!
فلعله أن يكون من هؤلاء النصارى الذين لديهم عقل يدركون به أن لعبة ساويرس لعبة نارية سيكون لاعبوها هم أول المحترقين بها، أو ممن ما زال لديهم تذكر للتاريخ الماضي حيث كانت الكنيسة الغربية تذيقهم من العذاب ألوانـًا حتى أشرقت مصر بالفتح الإسلامي؛ فدخت الجمهرة الكبيرة من أهل مصر في دين الله أفواجًا، ومن بقي منهم على دينه قيل له: "لا إكراه في الدين"، وهي كلمة لم تعرفها الكنيستان: الشرقية والغربية في حربهما اللاهوتية، والتي دفع أبناؤهما ثمنـًا فادحًا من دمائهم لقضية يعترف الطرفان فيهما أنه ليس مع أي منهما أثارة من وحي ولا علم، وإنما هي مسألة رأى فيها رجلان رأيين مختلفين فاتبع كل رجل شيعته، وجَرَت أنهار الدم التي لم يوقفها في مصر إلا الفتح الإسلامي.
وفي نهاية مناقشته للقضية لم يَفت الكاتب الكبير أن يقوم بحركة من إياهم؛ فأخرج ميكروفون صغير يعمل بالبطارية؛ ليهتف فيه بسقوط الميكروفونات!
وهو مشهد يلخص الكثير والكثير من صفات وتاريخ رجل رأس ماله حنجرته وقلمه: هتف بهما للاشتراكية، ومجد بهما الليبرالية! وأطلق بهما الشائعات السياسية، وطعن في الحكومة والمعارضة معًا، ثم ظهرت عليه أعراض تشيع فجائية، منها: نشر جريدته لطعون في الصحابة -رضي الله عنهم-، وتبني موقف الشيعة منهم، بل بلغ به الحد إلى تبني مواقف إيران الحساسية، وكانت هذه المؤهلات كافية لتلقطته قناة ساويرس، ويكون من نتاجها هذا البرنامج!
ولكن نبشركم جميعًا: سيعلو صوت الإسلام، ولن يقتصر على الأذان، بل سيعم كل مظاهر الحياة: (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (يوسف:21).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)نشرت عدة مواقع إخبارية منها: "موقع المصريون" بتاريخ 15-10-2008 الخبرالتالي:"يعتزم عدد من المحامين التقدم ببلاغ للنائب العام المستشار عبد المجيدمحمود ضد رجل الأعمال "نجيب ساويرس" رئيس مجلس إدارة شركة "أوراسكوم"؛ لوضعه صليبينكبيرين أعلى برجيه المجاورين لفندق "كونراد" بالقاهرة، وهو ما اعتبروه ملمحًا منملامح الشحن الطائفي الذي تشهده مصر حاليًا.
وقال المحامون: عبد الله خليل، ورجب جلال،وسمير إبراهيم: إن الصليبين وضعا منذ فترة قريبة على سطحي البرجين اللذين يعدانالأكبر في مصر، ويحتلان موقعًا بارزًا على كورنيش النيل، مبدين استنكارهم لهذا الأمر،خاصة وأنه جاء في وقت تشهد فيه مصر حالة من الشحن الطائفي بين المسلمين والأقباط.
وعبروا عن رفضهم لاستخدام الشعارات الدينية فوق أسطح المنازل أو في واجهتها؛ لأنهإذا قام كل مالك عمارة أو منزل سواء مسلم أو مسيحي بوضع شعارات دينية أعلى عمارتهأو على بلكونة منزله "فلنقل جميعًا على مصر السلام".
وتساءلوا: عما إذا كان "ساويرس"قام بتحويل البرجين إلى كنيسة، حتى يقوم بوضع الصليبين أعلاهما؟! وأبدوا دهشتهملذلك؛ إذ كيف يدعي العلمانية، وهو يضع صلبانـًا بهذه الضخامة فوق برجيه؟! مثيرين شكوكًاحول دوافعه من تصرفه هذا. وقد لوحظ بالفعل وجود الصليبين أعلى البرجين بالوقوف أعلىمبنى نقابة الصحفيين والأماكن المرتفعة القريبة، حيث يمكن رؤيتهما بوضوح.
www.salafvoice.com (http://www.salafvoice.com/)
موقع صوت السلف (http://www.salafvoice.com/)