مشاهدة النسخة كاملة : :::السلفيون وعورات الاعلام المصرى:::


Specialist hossam
17-04-2011, 09:37 PM
كتب/ يوسف محمد





"انصهار ثلجي في القارة القطبية الجنوبية ... وأنباء عن تورط سلفيين."


"سقوط نيزك محدثا هلعا بين مواطني كوكب المريخ ... وأصابع الاتهام تشير إلى الجماعة السلفية."

"ويكيليكس تنشر وثائق تؤكد مسؤولية السلفيين عن إعصار تسونامي الذي ضرب اليابان."

لن يكون من قبيل المفاجأة – بالنسبة لي على الأقل – أن أستيقظ ذات صباح لأجد أحد هذه العناوين يتصدر الصحف المصرية،
وحينئذ لن يكون من المبالغة أن تؤكد النيابة وجود لحى و(طواقي) سلفيين بين الأحراز في مواقع الجرائم؛ إذ لابد أن تكون هذه العناوين هي التطور الطبيعي لسلسلة الأخبار التي انهالت علينا بها الصحف من كل فج عميق عن اقتراف شباب ينتمون للجماعة السلفية جرائم لا حصر لها، حتى كدت أشعر أن شباب السلف أصبحوا أخطر على الناس من عصابات المافيا وتجار المخدرات والسلاح.
والحقيقة أن الحملة التي شنها الإعلام الصحفي خلال الأيام القليلة الماضية ضد الجماعة السلفية وشبابها، والتي لا يزال صدها يتردد في العديد من الصحف والمجلات لا تكشف إلا عن مزيد من العورات المتغلغلة في الإعلام المصري – الحكومي منه والمستقل – وأن المهنية التي يتشدق بها الكثير من الكتاب والصحفيين - لاسيما كتّاب الصحف المستقلة – غير موجودة أساسا في قاموس تلك الصحف، ولا في أذهان هؤلاء الكتاب. بل إن التفسير الوحيد لهذه الحملة يتمحور في مفهوم واحد هو "السّفه"؛ إما سفه إعلامي يصل إلى حد الحماقة المهنية، أو افتراض السفه في المتلقي إلى حد البلاهة، وهو ما أميل إليه. والحقيقة أن هذا الوصول إلى هذا التفسير لا يحتاج إلى جهد مضن؛ إذ يكفي أن تتابع مجموعة التهم التي ألصقتها الصحف بالسلفيين لترى أن أحدا لم يأت بدليل واحد على تورط سلفي في واحدة من هذه التهم، بل أكدت كل المصادر الموثوق بها – ليس من بينها الإعلام المصري بطبيعة الحال – براءة السلفيين من كل هذه التهم براءة الذئب من دم ابن يعقوب.

الأمر المضحك إلى حد البكاء هو التدليس المهني فائق الحد والوصف؛ فالتهم تنشر (بالنبط العريض) على الصفحات الرئيسية دون دليل أو توثيق، وحين يثبت كذبها لا تخرج صحيفة واحدة ذات مصداقية، أو احترام لعقلية قرائها لتعتذر لهم، أو لتنفي تهمة باطلة ألصقتها جزافا. وكم ذا بمصر من المضحكات ولكنه ضحك كالبكاء.

وحين تسألني عن سبب يقينك بزيف التهم أقول إن هناك أسبابا عدة، أبرزها :لم يقدم أحد دليلا واحدا على تورط سلفي في تهمة واحدة، فجاء في تحقيقات النيابة في قضية الأضرحة " : استمعت نيابة قليوب برئاسة محمود مصطفى إلى أقوال النقيب أمثل حرحش معاون مباحث قليوب، فى واقعة هدم الأضرحة، والذي أكد أن هدم الأضرحة ببعض المساجد مجرد عمل تخريبي من مجموعة بلطجية ليس لهم أي انتماءات دينية أو سياسية ولا علاقة لهم بالسلفيين، ولم يتم القبض على أي منهم. وأضاف فى أقواله أن مباحث القسم تلقت حتى الآن بلاغات بهدم وتكسير تسعة أضرحة بالمساجد، والأهالي لم يجزموا أثناء تقديمهم البلاغات بأنهم شاهدوا أحدا يقوم بالهدم وإنما معظمهم قدم البلاغ، وقال فيه : إنه سمع أن السلفيين هم الذين وراء هدم الأضرحة، والبعض قال : إنهم اكتشفوا هدمها.
ويمكنكم أيضا العودة إلى مقال بلال فضل بعنوان "محمد حسان رئيسا للجمهورية" الذي نشر فيه رسالة الروائي محمد شمروخ يحكي فها تفاصيل قصة قطع أذن قبطي قنا، ويبرئ فيه السلفيين تماما. كما برأت النيابة العامة فى تقريرها السلفيين من هدم الأضرحة ( و كذلك الشيخ أبو العزايم شيخ مشايخ الطرق الصوفية. وهو ما فعلته لجنة تقصى الحقائق التى شكلها شيخ الأزهر في قضية قطع أذن المواطن المسيحي.

طبيعة علاقتي بالإعلام المصري تدفعني يقينا إلى تبني فكرة التشويه المتعمد لصورة الجماعة السلفية؛ إما لإرهاب المواطن المصري وتفزيعه من كل ما له علاقة بالإسلام، وهو أسلوب متبع منذ زمن بعيد، أو لتوصيل رسالة إلى السلفيين أنفسهم – بوصفهم إسلاميين - مفادها أن دخولهم المعترك السياسي غير مرحب به، وأنهم سيواجهون حربا ضارية حال تفكيرهم في دخوله، في الوقت الذي لم تتجرأ فيه صحيفة واحدة لتنتقد الدور الدائم للكنيسة في الحياة السياسية، هو ما ذكرني بأبيات للشاعر قريط بن أنيف التميمي،
يقول فيها :
لو كنت من مازن لم تستبح إبلي بنو اللّقيطة من ذهل بن شيبانا
إذن لقام بنصري معشر خشنٌ عند الكريهة إن ذو لوثةٍ لانا
قوم إذا الشرّ أبدى ناجذيه لهـم طاروا إليه زرافاتٍ ووحدانــــا
لكنّ قومي وإن كانوا ذوي عـدد ليسوا من الشرّ في شيء وإن هانـا
يرجون من ظلم أهل الظلم مغفرةً ومن إساءة أهل السوء إحسانـــا

كنت أنتظر بعد كل هذا أن تخرج صحفية واحدة تحترم قراءها وتعتذر لهم عن نشر أخبار غير مؤكدة، أو ثبت زيفها، وهو الانتظار الذي طال، وأظنه سيطول أبدا، لتؤكد لي الأيام فكرتي عن العورات المتغلغلة في الإعلام المصري، وهي عورات لا نسأل سوى الله أن يطهرها...
منقول