Specialist hossam
30-04-2011, 06:23 AM
http://www.almesryoon.com/images/%D9%83%D8%A7%D8%AA%D8%A8-%D9%84%D8%A5%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A.jpg
علي حسن فراج | 30-04-2011 00:28
أعجب، وحُقّ لي العجب، من هذه الضجة الكبيرة والزوبعة المثارة حول " كاميليا شحاته" ؛ فقد أخذت القضية حجما فوق حجمها، ومنحنى لم يكن يليق بها من تنظيم وقفات احتجاجية وتظاهرات ومرافعات في المحاكم وغير ذلك. ولعله لم يعد خافيا على أحد أن أناسا كثيرين يتاجرون بهذه القضية وتكسبون من وراء هذا الملف.
وقبل أن تكيلوا لي الاتهامات المختلفة بأني علماني أو عميل ....إلخ ، امنحوني الفرصة حتى نهاية المقال لأبين لكم وجه الحق في هذه القضية المثيرة للجدل.
إنني أزعم أنه ليس من العدل والإنصاف التعاطف مع هذه القضية وجعلها قضية رأي عام ومصادرة حريات على هذا النحو الذي يصوره السلفيون. وذلك لأمور:
الأمر الأول : سدنة الحرية وحراس الديمقراطية و قادة التنوير من النخبة العلمانية واللبرالية في مصر – سكتوا عن قضية كاميليا ولم يتكلم واحد منهم ببنت شفة فيها ، لماذا؟!
لماذا لم يكتبوا عنها في مقالاتهم وزواياهم ؟ لماذا لم يهيبوا بالكنسية أن تفرج عنها ؟ لماذا لم يجعلوا منها قضية رأي عام كما يفعل السلفيون؟
هل السلفيون أو غيرهم من الإسلاميين أحرص أو أعلم بمعاني الحرية وحقوق الإنسان من أولئك الأساطين من العلمانيين واللبراليين؟ ومعروف لدى القاصي والداني أن تلك النخبة العلمانية عندها من الغيرة على الحريات العامة والخاصة ما لا يحتاج إلى برهان، وأنها على استعداد تام للتضحية بأرواحها فضلا عن مناصبها وكراسيها من أجل أن يتنفس المصريون عبق الحرية – فبماذا نفسر سكوتهم إلا إذا كانت قضية كاميليا ليست داخلة في الحريات وحقوق الإنسان. وكما نعلم فلكل إنسان تخصصه ، وعلى الآخرين أن يحترموا ذلك ، فإذا كنا في الطب نسأل الأطباء ، وفي الهندسة نسأل المهندسين ، ففي الحرية وحقوق الإنسان نسأل العلمانيين واللبراليين ، فما قالوا هو من الحرية قبلناه ، وما قالوا ليس من الحرية أو سكتوا عنه رفضناه.
أمر آخر: لو كانت القضية لها مساس من قريب أو بعيد – ولو قيد أنملة- بحقوق الإنسان لما سكت عنها المجلس القومي لحقوق الإنسان ، وأصحابه بالمنزلة العليا من الحرص على الحريات العامة والخاصة .أليس كذلك ؟
لماذا لم يتبنَّ المجلس القومي هذه القضية ؟ هبوا أنه كان فيه قصور وتقصير وخضوع وخنوع للنظام في العهد السابق ، فكيف يسكت الآن- أيضا – لا سيما أن أعضاءه قد اختيروا بطريقة هي الغاية في النزاهة والشفافية والحياد ، بعناية الحقوقي المناضل الفقيه الدستوري الذي تفتقت عبقريته السياسية بعد بلوغه الثمانين، العلامة الفهامة" يحيى الجمل "؟!
هل يتصور أن يسكت هذا المجلس العظيم عن مثل قضية كاميليا لو كانت قضية مشروعة أو لها نصيب- ولو دقيق- من الحقوقية؟!
أمر ثالث: النسوة الناشطات في مجال حقوق المرأة اللاتي أفنين أعمارهن في الدفاع عن المرأة عانسا ومتزوجة ومطلقة وأرملة ، وما برحن يعقدن الندوات ، ويسافرن إلى أقاصي الأرض لحضور المؤتمرات المتعلقة بالمرأة وقضاياها. .كيف سكتن جميعهن عن قضية داخلية تحت أعينهن دون أن يتخذن موقفا رسميا حاسما منها ، اللهم إلا إذا كان في القضية شيء يفهمنه هن ولا يفهمه البسطاء من السلفيين وغيرهم من المشهرين بقضية كاميليا ؟
أجل ! لو حلف المرء أنهن ما سكتن إلا لعلة لكان صادقا، فنضالهن وجهادهن في قضايا المرأة يمنع أن توجه لهن ريبة ، فكيف ننسى نضالهن في قضية رفع السن القانوني للزواج ، وقضية منع ختان الإناث، حتى تم لهن ما أردنه ، وجهادهن الحالي من أجل تجريم تعدد الزوجات ، وتحريم الطلاق ، وغير ذلك كثير من قضايا المرأة الحيوية .
لماذا تسكت هؤلاء المجاهدات عن قضية كاميليا ولا يُعرنها أي اهتمام؟!
أمر رابع: كيف سكتت الصحف العلمانية اللبرالية التحررية التقدمية عن مثل هذا الانتهاك البشع لحقوق امرأة في اختيار عقيدتها ؟!
تلك الصحف النزيهة الشفافة التي كشفت المخطط السلفي للانقضاض على الثورة المصرية و" تسليف" مصر ، ورصدته لحظة بلحظة وخطوة بخطوة من أول قطع أذن المواطن القبطي في قنا، وانتهاءً بحرق ضريح سيدك " أبي الخرافة السكندراني".
كيف لها - لو كانت قضية كاميليا قضية حقوقية عادلة- أن تسكت ، وهي التي تقيم الدنيا وتقعدها إذا أقيمت دعوى قضائية- مثلا- ضد فيلم ما ل*****ة فيه، أو صودرت رواية فيها قدح في الإسلام أو حتى في الذات الإلهية ؛ فتلك الصحف تناصر حرية الرأي والفكر والتعبير ، فكيف لا تتبنى قضية حرية عقيدة كقضية كاميليا لو كانت حقا؟!
بعض السذج من الناس يقول : إن المال الطائفي والكرم الساويرسي هو الذي يحدد لتك الصحف ما تتبنى وما تترك ، وما تركز عليه وما تهمله ، ويستشهد – مثلا- بتغطية بعض الصحف ك " المصري اليوم" و " اليوم السابع" لأحداث الفتن الطائفية ، وكيف توضع العناوين وتكتب المانشتات باحتراف كبير ليظهر أن الجاني والظالم دائما طرف بعينه وأن المضطهد والمظلوم دائما هو طرف بعينه، حتى إن إحدى الصحيفتين كتبت- مؤخرا- اسم الرجل القبطي "علاء رضا " المتسبب في أحداث أبي قرقاص الأخيرة التي قتل فيها أربعة من المسلمين سوى الجرحى - كتبته " علاء الدين رضا" ليفهم القارئ المسكين أنه مسلم.
لكن كما قلت لكم هذا البعض ساذج ، ولا قيمة لكلامه واسمعوا لي إلى النهاية.
أمر خامس: مَن المتهم في قضية خطف كاميليا ؟ ! هل هم الإخوان المسلمون أو السلفيون الإرهابيون أو الأزهريون الرجعيون؟!
لو كان المهتم طرفا من هؤلاء لربما صدقنا القضية وناصرنها ، ولكن انظروا مَن المتهم؟
إنه قداسة البابا شنودة ، وقداسة الكنسية الأرثوذكسية!
يا للهول ! هل يتصور أحد أن تُتَهم هاتان الجهتان أصلا فضلا عن أن يقوما بعملية اختطاف؟
البابا شنودة هل يمكن أن يتورط في شيء كهذا ؟! حاشا للإنسانية والعدالة أن يكون هذا قد وقع !
هل من الممكن أن نشكك في وطنية البابا الذي يتفجر " مصرية" وسماحة وبعدا عن التعصب ؟!
البابا الذي بلغت وطنيته ذروتها بلا مجاملة ولا محاباة لأحد حتى كان له الموقف المعروف من العداوة الشديدة والمعارضة التي لا هوادة فيها للنظام الديكتاتوري السابق الذي أزاحته الثورة .
البابا الذي ...
البابا الذي....
لا داعي لإكثار الكلام في شيء مفروغ منه ، لا ينتطح فيه عنزان أو خروفان.
بعض الماكرين يستغل تاريخ البابا ويتهمه بالتعصب والطائفية ، ويستشهد بتاريخه السياسي كالمقال الذي كتبه نيافته في مجلة ” مدارس الأحد ” عام 1952م ، يقول فيه عن أقباط مصر : " إنهم يحرقون أحياء في الشوارع " ، ويستشهد أيضا بما جاء في المحاضرة المسجلة بلسانه بالإسكندرية فى 18/7/1972م، على هامش مؤتمر عقدته الكنيسة المرقصية الكبرى ، وقامت المخابرات بتسجيلها وتفريغها ، وهي موجودة في الكتاب الشهير للشيخ محمد الغزالى - رحمه الله - " قذائف الحق" وفيها يدعو البابا إلى: تحريم تحديد النسل أو تنظيمه بين الأقباط ، وتشجيع ذلك بين المسلمين ، كما يدعو إلى مقاطعتهم اقتصاديا وزعزعة عقيدتهم، مع العمل الدؤوب وتكريس الجهود من أجل طرد العرب الغزاة من مصر لترجع إلى أهلها الأقباط.
ولقد عزل البابا نتيجة لخططه ومشاريعه الطائفية، ونفي إلى وادي النطرون. لكن أقول لكم: هذا الكلام إن ثبتت صحته ربما كان في قديم الدهر أيام عبد الناصر والسادات قبل أن تنزل الوطنية والتسامح على قداسته في عهد مبارك. وقبل ذلك وبعده؛ فالرجل خط أحمر ، ومعلوم ما وراء الخطوط الحمراء!!
وعلى كلٍ، فهذا البعض المشار إليه ماكر كما قلت لكم ، فدعونا من مكره.
ومهما يقال عن تورط البابا في قضية كاميليا فليس لنا أن نصدق ذلك فضلا على أن ندين قداسته ، لأنه مثلا لم يأمر عصابة باختطافها من الأزهر وإيداعها الدير.
أبدا ! كل ما هنالك أنه لما علم بتلك الضجة ، وأن زوجة كاهن " دير مواس" تريد أن تشهر إسلامها لتلحق بزوجة كاهن دير" أبي المطامير" ، دخل قداسته اعتكافا مفتوحا في وادي النطرون ، لا ليضغط على النظام السابق كما يروج البعض ، ولكنه – كما صرح بعض الأساقفة- يسكت ليتكلم الله!
وكان الكلام أن أرسل "زكريا عزمي" الذي كان متخصصا في رد المسلمات الجدد إلى البابا- أرسل إلى رجال جهاز أمن الدولة – وهم من النزاهة والرحمة بما هو معلوم- فقاموا بالقبض على كاميليا التي ضبطت في الأزهر متلبسة بارتكاب جريمة شنعاء هي إشهار إسلامها ، وقاموا بتسليمها إلى الكنيسة ، فهل على البابا في كل ذلك من جناح؟!
أمر أخير: على افتراض أن كاميليا اختطفتها الكنيسة حقا ؛ لأن الدير أو الكنسية ليسا جهة احتجاز للمواطنين ، وليس البابا والكنسية من اختصاصهم تطبيق القانون على المواطنين ،فيكون الحاصل أن مجرد احتجازها هو اختطاف ، وإذا نظرنا في أسبابه وهو رغبة المرأة في اعتناق عقيدة ما بكامل إرادتها فهذه جريمة حقوقية كبرى.
على التسليم بكل هذا وأن كاميليا مختطفة ، هل هذا توقيت الكلام في كاميليا وقضيتها ؟ وهي قضيةٌ تهيج الرأيَ العام وتهدد بإحداث فتنة طائفية ، ومصر ومصلحة مصر أهم من كاميليا ، فماذا لا ينتظر السلفيون عشر سنوات مثلا حتى يأتي الرئيس الجديد وتستتب الأمور ويكون الأقباط قد نسوا قضية كاميليا فلا نؤذي مشاعرهم ، وربما تكون كاميليا ماتت، فنستريح جميعا؟!
أليس هذا رأيا وجيها كما أوحى به بعض المحررين الأفذاذ في الصحف الطائفية ؟!
لكن بعض أهل المكر يعكر على هذا الرأي العبقري ، ويتساءل : فلماذا إذن اعتصم الأقباط في قضية " إطفيح" حول ماسبيرو ، ولم يفكوا اعتصامهم إلا بعد الوعود من المجلس العسكري ومجلس الوزراء بحل الأزمة ، بل وإجابة بعض المطالب التي لا علاقة لها بالقضية ، كإطلاق سراح القس المزور الذي حكمت عليه محكمة مدنية بالسجن خمس سنوات؟ لماذا لم ينتظر الأقباط رغم حساسية الوقت ، ولماذا نفذت طلباتهم ولم ينتظر أحد إلى انتهاء المرحلة الانتقالية لتحل الأزمة .
لكن أقول لكم: هذا كلام لبعض أهل المكر ، ولا التفات لهم كما لا التفات لصاحبي الماكر الذي تمنى لو كانت القضية منعكسة ، لننظر كيف كانت ستسير الأحداث؟
يقصد : لو أن كاميليا كانت مسلمة وأرادت اعتناق النصرانية ، فقام الإسلاميون أو حتى شيخ الأزهر بمنعها من ذلك عن طريق احتجازها في مقر المشيخة بالدَّرّاسة . كيف كانت الصحف والعلمانيون واللبراليون ومجلس حقوق الإنسان سيتعاملون مع القضية، وكيف كان يكون توصيفهم لها؟
يقول ذلك الماكر : تخيلوا معي وقوع ذلك ؟! كانت القيامة ستقوم على الأزهر وشيوخه وعلمائه، وستُدرِجهم وزارة الخارجية الأمريكية ضمن المنظمات الإرهابية ، وكان " البان كي مون"سيطالب مصر بتحرير المرأة الأسيرة في " الدَّرّاسة" لتمارس حياتها كبقية المواطنين وتختار ما تشاء من عقيدة، وكانت الأمم المتحدة ستلوح بتعليق عضوية مصر فيها ما لم تتحرر السيدة كاميليا ، ولَعقدت منظمة العفو الدولية اجتماعا طارئا للنظر في حل قضيتها .
وربما زعم البعض أن قيام الثورة المصرية إنما كان من أجل تحرير هذه السيدة وأشباهها من المعتقلات في النظام البائد، ومن المؤكد أن المجلس العسكري كان سيصدر أوامر صارمة لقوات الجيش بالتوجه إلى الأزهر لتحرير الرهينة التي اعتقلتها ميلشيات الأزهر الإرهابية.
أما النخبة العلمانية فكان أفرادها سيقسمون" بأمون رع" و "إيزيس" و أوزوريس" أنهم لن تكتحل أعينهم بنوم ولن يغتسلوا من جنابة قبل الإفراج عن السيدة المناضلة كاميليا.
قال ذلك الماكر :أحلف صادقا غير حانث أن هذا وأكثر منه كان سيحدث لو كانت كاميليا امرأة مسلمة أرادت الدخول في النصرانية ، لكن مشكلة كاميليا الآن أنها كانت قبطية وأرادت الدخول في الإسلام، بمعنى أنها أرادت الانضمام إلى المضطهدين والمهمشين الحقيقيين ، وتركت الأقلية المتمتعة بالنفوذ والسطوة الحقيقية والمؤازرة الكاملة إعلاميا وحكوميا ودوليا.
لكني أقول :هذا كلام بعض الماكرين فدعوه!!
ما رأيكم الآن ؟ هل اقتنعتم بوجهة نظري حول هذه القضية ؟
علي حسن فراج
جريدة المصريون :http://www.almesryoon.com/news.aspx?id=57558
علي حسن فراج | 30-04-2011 00:28
أعجب، وحُقّ لي العجب، من هذه الضجة الكبيرة والزوبعة المثارة حول " كاميليا شحاته" ؛ فقد أخذت القضية حجما فوق حجمها، ومنحنى لم يكن يليق بها من تنظيم وقفات احتجاجية وتظاهرات ومرافعات في المحاكم وغير ذلك. ولعله لم يعد خافيا على أحد أن أناسا كثيرين يتاجرون بهذه القضية وتكسبون من وراء هذا الملف.
وقبل أن تكيلوا لي الاتهامات المختلفة بأني علماني أو عميل ....إلخ ، امنحوني الفرصة حتى نهاية المقال لأبين لكم وجه الحق في هذه القضية المثيرة للجدل.
إنني أزعم أنه ليس من العدل والإنصاف التعاطف مع هذه القضية وجعلها قضية رأي عام ومصادرة حريات على هذا النحو الذي يصوره السلفيون. وذلك لأمور:
الأمر الأول : سدنة الحرية وحراس الديمقراطية و قادة التنوير من النخبة العلمانية واللبرالية في مصر – سكتوا عن قضية كاميليا ولم يتكلم واحد منهم ببنت شفة فيها ، لماذا؟!
لماذا لم يكتبوا عنها في مقالاتهم وزواياهم ؟ لماذا لم يهيبوا بالكنسية أن تفرج عنها ؟ لماذا لم يجعلوا منها قضية رأي عام كما يفعل السلفيون؟
هل السلفيون أو غيرهم من الإسلاميين أحرص أو أعلم بمعاني الحرية وحقوق الإنسان من أولئك الأساطين من العلمانيين واللبراليين؟ ومعروف لدى القاصي والداني أن تلك النخبة العلمانية عندها من الغيرة على الحريات العامة والخاصة ما لا يحتاج إلى برهان، وأنها على استعداد تام للتضحية بأرواحها فضلا عن مناصبها وكراسيها من أجل أن يتنفس المصريون عبق الحرية – فبماذا نفسر سكوتهم إلا إذا كانت قضية كاميليا ليست داخلة في الحريات وحقوق الإنسان. وكما نعلم فلكل إنسان تخصصه ، وعلى الآخرين أن يحترموا ذلك ، فإذا كنا في الطب نسأل الأطباء ، وفي الهندسة نسأل المهندسين ، ففي الحرية وحقوق الإنسان نسأل العلمانيين واللبراليين ، فما قالوا هو من الحرية قبلناه ، وما قالوا ليس من الحرية أو سكتوا عنه رفضناه.
أمر آخر: لو كانت القضية لها مساس من قريب أو بعيد – ولو قيد أنملة- بحقوق الإنسان لما سكت عنها المجلس القومي لحقوق الإنسان ، وأصحابه بالمنزلة العليا من الحرص على الحريات العامة والخاصة .أليس كذلك ؟
لماذا لم يتبنَّ المجلس القومي هذه القضية ؟ هبوا أنه كان فيه قصور وتقصير وخضوع وخنوع للنظام في العهد السابق ، فكيف يسكت الآن- أيضا – لا سيما أن أعضاءه قد اختيروا بطريقة هي الغاية في النزاهة والشفافية والحياد ، بعناية الحقوقي المناضل الفقيه الدستوري الذي تفتقت عبقريته السياسية بعد بلوغه الثمانين، العلامة الفهامة" يحيى الجمل "؟!
هل يتصور أن يسكت هذا المجلس العظيم عن مثل قضية كاميليا لو كانت قضية مشروعة أو لها نصيب- ولو دقيق- من الحقوقية؟!
أمر ثالث: النسوة الناشطات في مجال حقوق المرأة اللاتي أفنين أعمارهن في الدفاع عن المرأة عانسا ومتزوجة ومطلقة وأرملة ، وما برحن يعقدن الندوات ، ويسافرن إلى أقاصي الأرض لحضور المؤتمرات المتعلقة بالمرأة وقضاياها. .كيف سكتن جميعهن عن قضية داخلية تحت أعينهن دون أن يتخذن موقفا رسميا حاسما منها ، اللهم إلا إذا كان في القضية شيء يفهمنه هن ولا يفهمه البسطاء من السلفيين وغيرهم من المشهرين بقضية كاميليا ؟
أجل ! لو حلف المرء أنهن ما سكتن إلا لعلة لكان صادقا، فنضالهن وجهادهن في قضايا المرأة يمنع أن توجه لهن ريبة ، فكيف ننسى نضالهن في قضية رفع السن القانوني للزواج ، وقضية منع ختان الإناث، حتى تم لهن ما أردنه ، وجهادهن الحالي من أجل تجريم تعدد الزوجات ، وتحريم الطلاق ، وغير ذلك كثير من قضايا المرأة الحيوية .
لماذا تسكت هؤلاء المجاهدات عن قضية كاميليا ولا يُعرنها أي اهتمام؟!
أمر رابع: كيف سكتت الصحف العلمانية اللبرالية التحررية التقدمية عن مثل هذا الانتهاك البشع لحقوق امرأة في اختيار عقيدتها ؟!
تلك الصحف النزيهة الشفافة التي كشفت المخطط السلفي للانقضاض على الثورة المصرية و" تسليف" مصر ، ورصدته لحظة بلحظة وخطوة بخطوة من أول قطع أذن المواطن القبطي في قنا، وانتهاءً بحرق ضريح سيدك " أبي الخرافة السكندراني".
كيف لها - لو كانت قضية كاميليا قضية حقوقية عادلة- أن تسكت ، وهي التي تقيم الدنيا وتقعدها إذا أقيمت دعوى قضائية- مثلا- ضد فيلم ما ل*****ة فيه، أو صودرت رواية فيها قدح في الإسلام أو حتى في الذات الإلهية ؛ فتلك الصحف تناصر حرية الرأي والفكر والتعبير ، فكيف لا تتبنى قضية حرية عقيدة كقضية كاميليا لو كانت حقا؟!
بعض السذج من الناس يقول : إن المال الطائفي والكرم الساويرسي هو الذي يحدد لتك الصحف ما تتبنى وما تترك ، وما تركز عليه وما تهمله ، ويستشهد – مثلا- بتغطية بعض الصحف ك " المصري اليوم" و " اليوم السابع" لأحداث الفتن الطائفية ، وكيف توضع العناوين وتكتب المانشتات باحتراف كبير ليظهر أن الجاني والظالم دائما طرف بعينه وأن المضطهد والمظلوم دائما هو طرف بعينه، حتى إن إحدى الصحيفتين كتبت- مؤخرا- اسم الرجل القبطي "علاء رضا " المتسبب في أحداث أبي قرقاص الأخيرة التي قتل فيها أربعة من المسلمين سوى الجرحى - كتبته " علاء الدين رضا" ليفهم القارئ المسكين أنه مسلم.
لكن كما قلت لكم هذا البعض ساذج ، ولا قيمة لكلامه واسمعوا لي إلى النهاية.
أمر خامس: مَن المتهم في قضية خطف كاميليا ؟ ! هل هم الإخوان المسلمون أو السلفيون الإرهابيون أو الأزهريون الرجعيون؟!
لو كان المهتم طرفا من هؤلاء لربما صدقنا القضية وناصرنها ، ولكن انظروا مَن المتهم؟
إنه قداسة البابا شنودة ، وقداسة الكنسية الأرثوذكسية!
يا للهول ! هل يتصور أحد أن تُتَهم هاتان الجهتان أصلا فضلا عن أن يقوما بعملية اختطاف؟
البابا شنودة هل يمكن أن يتورط في شيء كهذا ؟! حاشا للإنسانية والعدالة أن يكون هذا قد وقع !
هل من الممكن أن نشكك في وطنية البابا الذي يتفجر " مصرية" وسماحة وبعدا عن التعصب ؟!
البابا الذي بلغت وطنيته ذروتها بلا مجاملة ولا محاباة لأحد حتى كان له الموقف المعروف من العداوة الشديدة والمعارضة التي لا هوادة فيها للنظام الديكتاتوري السابق الذي أزاحته الثورة .
البابا الذي ...
البابا الذي....
لا داعي لإكثار الكلام في شيء مفروغ منه ، لا ينتطح فيه عنزان أو خروفان.
بعض الماكرين يستغل تاريخ البابا ويتهمه بالتعصب والطائفية ، ويستشهد بتاريخه السياسي كالمقال الذي كتبه نيافته في مجلة ” مدارس الأحد ” عام 1952م ، يقول فيه عن أقباط مصر : " إنهم يحرقون أحياء في الشوارع " ، ويستشهد أيضا بما جاء في المحاضرة المسجلة بلسانه بالإسكندرية فى 18/7/1972م، على هامش مؤتمر عقدته الكنيسة المرقصية الكبرى ، وقامت المخابرات بتسجيلها وتفريغها ، وهي موجودة في الكتاب الشهير للشيخ محمد الغزالى - رحمه الله - " قذائف الحق" وفيها يدعو البابا إلى: تحريم تحديد النسل أو تنظيمه بين الأقباط ، وتشجيع ذلك بين المسلمين ، كما يدعو إلى مقاطعتهم اقتصاديا وزعزعة عقيدتهم، مع العمل الدؤوب وتكريس الجهود من أجل طرد العرب الغزاة من مصر لترجع إلى أهلها الأقباط.
ولقد عزل البابا نتيجة لخططه ومشاريعه الطائفية، ونفي إلى وادي النطرون. لكن أقول لكم: هذا الكلام إن ثبتت صحته ربما كان في قديم الدهر أيام عبد الناصر والسادات قبل أن تنزل الوطنية والتسامح على قداسته في عهد مبارك. وقبل ذلك وبعده؛ فالرجل خط أحمر ، ومعلوم ما وراء الخطوط الحمراء!!
وعلى كلٍ، فهذا البعض المشار إليه ماكر كما قلت لكم ، فدعونا من مكره.
ومهما يقال عن تورط البابا في قضية كاميليا فليس لنا أن نصدق ذلك فضلا على أن ندين قداسته ، لأنه مثلا لم يأمر عصابة باختطافها من الأزهر وإيداعها الدير.
أبدا ! كل ما هنالك أنه لما علم بتلك الضجة ، وأن زوجة كاهن " دير مواس" تريد أن تشهر إسلامها لتلحق بزوجة كاهن دير" أبي المطامير" ، دخل قداسته اعتكافا مفتوحا في وادي النطرون ، لا ليضغط على النظام السابق كما يروج البعض ، ولكنه – كما صرح بعض الأساقفة- يسكت ليتكلم الله!
وكان الكلام أن أرسل "زكريا عزمي" الذي كان متخصصا في رد المسلمات الجدد إلى البابا- أرسل إلى رجال جهاز أمن الدولة – وهم من النزاهة والرحمة بما هو معلوم- فقاموا بالقبض على كاميليا التي ضبطت في الأزهر متلبسة بارتكاب جريمة شنعاء هي إشهار إسلامها ، وقاموا بتسليمها إلى الكنيسة ، فهل على البابا في كل ذلك من جناح؟!
أمر أخير: على افتراض أن كاميليا اختطفتها الكنيسة حقا ؛ لأن الدير أو الكنسية ليسا جهة احتجاز للمواطنين ، وليس البابا والكنسية من اختصاصهم تطبيق القانون على المواطنين ،فيكون الحاصل أن مجرد احتجازها هو اختطاف ، وإذا نظرنا في أسبابه وهو رغبة المرأة في اعتناق عقيدة ما بكامل إرادتها فهذه جريمة حقوقية كبرى.
على التسليم بكل هذا وأن كاميليا مختطفة ، هل هذا توقيت الكلام في كاميليا وقضيتها ؟ وهي قضيةٌ تهيج الرأيَ العام وتهدد بإحداث فتنة طائفية ، ومصر ومصلحة مصر أهم من كاميليا ، فماذا لا ينتظر السلفيون عشر سنوات مثلا حتى يأتي الرئيس الجديد وتستتب الأمور ويكون الأقباط قد نسوا قضية كاميليا فلا نؤذي مشاعرهم ، وربما تكون كاميليا ماتت، فنستريح جميعا؟!
أليس هذا رأيا وجيها كما أوحى به بعض المحررين الأفذاذ في الصحف الطائفية ؟!
لكن بعض أهل المكر يعكر على هذا الرأي العبقري ، ويتساءل : فلماذا إذن اعتصم الأقباط في قضية " إطفيح" حول ماسبيرو ، ولم يفكوا اعتصامهم إلا بعد الوعود من المجلس العسكري ومجلس الوزراء بحل الأزمة ، بل وإجابة بعض المطالب التي لا علاقة لها بالقضية ، كإطلاق سراح القس المزور الذي حكمت عليه محكمة مدنية بالسجن خمس سنوات؟ لماذا لم ينتظر الأقباط رغم حساسية الوقت ، ولماذا نفذت طلباتهم ولم ينتظر أحد إلى انتهاء المرحلة الانتقالية لتحل الأزمة .
لكن أقول لكم: هذا كلام لبعض أهل المكر ، ولا التفات لهم كما لا التفات لصاحبي الماكر الذي تمنى لو كانت القضية منعكسة ، لننظر كيف كانت ستسير الأحداث؟
يقصد : لو أن كاميليا كانت مسلمة وأرادت اعتناق النصرانية ، فقام الإسلاميون أو حتى شيخ الأزهر بمنعها من ذلك عن طريق احتجازها في مقر المشيخة بالدَّرّاسة . كيف كانت الصحف والعلمانيون واللبراليون ومجلس حقوق الإنسان سيتعاملون مع القضية، وكيف كان يكون توصيفهم لها؟
يقول ذلك الماكر : تخيلوا معي وقوع ذلك ؟! كانت القيامة ستقوم على الأزهر وشيوخه وعلمائه، وستُدرِجهم وزارة الخارجية الأمريكية ضمن المنظمات الإرهابية ، وكان " البان كي مون"سيطالب مصر بتحرير المرأة الأسيرة في " الدَّرّاسة" لتمارس حياتها كبقية المواطنين وتختار ما تشاء من عقيدة، وكانت الأمم المتحدة ستلوح بتعليق عضوية مصر فيها ما لم تتحرر السيدة كاميليا ، ولَعقدت منظمة العفو الدولية اجتماعا طارئا للنظر في حل قضيتها .
وربما زعم البعض أن قيام الثورة المصرية إنما كان من أجل تحرير هذه السيدة وأشباهها من المعتقلات في النظام البائد، ومن المؤكد أن المجلس العسكري كان سيصدر أوامر صارمة لقوات الجيش بالتوجه إلى الأزهر لتحرير الرهينة التي اعتقلتها ميلشيات الأزهر الإرهابية.
أما النخبة العلمانية فكان أفرادها سيقسمون" بأمون رع" و "إيزيس" و أوزوريس" أنهم لن تكتحل أعينهم بنوم ولن يغتسلوا من جنابة قبل الإفراج عن السيدة المناضلة كاميليا.
قال ذلك الماكر :أحلف صادقا غير حانث أن هذا وأكثر منه كان سيحدث لو كانت كاميليا امرأة مسلمة أرادت الدخول في النصرانية ، لكن مشكلة كاميليا الآن أنها كانت قبطية وأرادت الدخول في الإسلام، بمعنى أنها أرادت الانضمام إلى المضطهدين والمهمشين الحقيقيين ، وتركت الأقلية المتمتعة بالنفوذ والسطوة الحقيقية والمؤازرة الكاملة إعلاميا وحكوميا ودوليا.
لكني أقول :هذا كلام بعض الماكرين فدعوه!!
ما رأيكم الآن ؟ هل اقتنعتم بوجهة نظري حول هذه القضية ؟
علي حسن فراج
جريدة المصريون :http://www.almesryoon.com/news.aspx?id=57558