طارق69
24-05-2011, 06:07 AM
لا* يمكن لأحد أن* ينزع عن ثورة* 25* يناير في* مصر أو بقية الثورات العربية صفة الثورة الشعبية،*
ففي* مصر بشكل خاص،* شاركت كل فئات الشعب في* تلاحم رائع من أجل القضاء علي نظام فاسد استمر* 30* عاما،* استحل خيرات البلاد وقهر العباد،* وأغرقهم في* الفقر والجوع والجهل،* فقط من أجل أن* يحافظ علي وجوده*.
ولكن هل كان الغرب الحليف للنظام المصري* السابق بعيدا عن الأحداث التي* وقعت في* مصر؟،* هل فوجئت واشنطن والعواصم الأوروبية بالثورة ونزلت علي رؤوس قادة تلك الدول كالصاعقة؟ أم أنها كانت تعلم بوجود بوادر للثورات العربية عامة والثورة المصرية بشكل خاص؟*.
تلك تساؤلات* يصعب الإجابة عنها بصورة قاطعة،* فعلي سبيل المثال ذكر كاتب أمريكي* يدعي* "ديفيد اجناتيوس*" في* مقال نشرته صحيفة* "الواشنطن بوست*" الأمريكية في* مارس الماضي* أن الرئيس الأمريكي* باراك أوباما توقع المد الثوري* العربي،* وأمر الوكالات الأمريكية بالاستعداد لحدوث تغير في* الأنظمة العربية وذلك في* أغسطس* 2010* أي* قبل اندلاع الثورة التونسية،* باكورة الثورات العربية بـ5* أشهر تقريبا*.
ربما* يكون ما ذكره الكاتب الأمريكي* الشهير محاولة لحفظ ماء وجه الإدارة الأمريكية،* التي* بدت مرتبكة وغير قادرة علي التعامل مع تصاعد أحداث الثورة في* مصر،* والتي* أدت إلي سقوط نظام مبارك الحليف الطويل لواشنطن،* وربما* يكون العكس هو الصحيح،* وأن واشنطن كانت علي علم أو دراية بوجود مقدمات للثورة المصرية*.
التقرير الذي* نستعرضه في* السطور المقبلة مهم وخطير للغاية،* وتنبع خطورته من أن واشنطن اخترقت الداخل المصري* منذ سنوات،* وأنها قامت بإعداد ما* يطلق عليهم الجيل الجديد للقادة الديمقراطيين علي مدار أكثر من* 5* سنوات،* والغريب أن من شاركوا في* تلك البرامج الأمريكية اعترفوا في* هذا التقرير بالدور الأمريكي* في* إعدادهم،* ولكنهم في* نفس الوقت أكدوا أن الثورة لم تكن وليدة الخارج*.
فقد أكدت وكالة* "الأسوشيتدبرس*" الأمريكية،* في* احد التقارير التي* تناولت خلالها الثورة المصرية،* أن الولايات المتحدة الأمريكية لعبت دورا مزدوجا في* الشرق الأوسط من خلال تأييد الأنظمة الديكتاتورية في* المنطقة من أجل مصالحها،* ثم إعداد جيل من الشباب العربي* لقيادة التحرك نحو الديمقراطية في* تلك الدول*. وأضافت بقولها إن عدد من شباب الثورة في* مصر والعالم العربي* تدربوا في* أمريكا منذ عام* 2005* علي برامج الديمقراطية ومهارات التنظيم السياسي* ووسائل الاتصال الاجتماعي*.
وأشارت إلي أن عددا ممن شاركوا في* تلك البرامج سبق لهم مراقبة الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي* أقيمت في* مصر عام* 2005* حيث شاهدوا بأنفسهم عمليات التزوير الفاضحة خلال تلك الانتخابات*. وقالت*: "أكد المشاركون في* تلك البرامج أن الثورات العربية اندلعت نتيجة الأوضاع الظالمة التي* شهدها العالم العربي* علي* مدار عقود،* وأن الثورات لم تكن مستلهمة من الخارج،* إلا أنهم أشاروا أيضا إلي تدريبات بناء الثقة التي* تلقوها علي أيدي* مدربين أمريكيين وأوروبيين أيضا كانت عاملا محفزا للنجاح* ".
وأشارت إلي أن أحد نشطاء المعارضة الذين ساهموا في* الثورة المصرية ويدعي* "بلال دياب*" كان أحد المشاركين في* "مدرسة القادة الجدد*" بأمريكا،* حيث تدرب هناك لمدة* 6* شهور وقطع دراسته لينضم للثورة*. ونقلت عن بلال دياب قوله*: "لقد ساعدنا التدريب الأمريكي* علي تنظيم الثورة،* الناس كانوا مشتتين ولكننا تعلمنا كيف نقوم بتجميعهم ونجحنا بالفعل في* ذلك*".
وعلقت الوكالة علي تصريحات بلال بقولها* :"إنه أمر* يثير تناقضا كبيرا،* وهو أن الولايات المتحدة الأمريكية تؤيد حسني* مبارك وحلفاء عرب آخرين،* وفي* نفس الوقت ساهمت في* برامج لعبت دورا في* إسقاط هؤلاء الحلفاء وهناك قائمة أخري منهم في* الانتظار*". ونقلت عن المعارض المصري* "عبد الله حلمي*" قوله إنه استفاد من التدريب الذي* استمر مئات الساعات في* إدارة الحملات الانتخابية واستخدام مواقع مثل فيس بوك وتويتر في* التواصل السياسي* والاجتماعي* مع الآخرين*.
وقالت إن المدون المصري* "باسم سمير*" راقب أيضا الانتخابات في* 2005* وتلقي تدريبا مكثفا في* منظمة* "فريدم هاوس*" الأمريكية علي التواصل الاجتماعي* وزار مكاتب جوجل،* واطلع بواسطة متخصصين علي الحملة الانتخابية للرئيس الأمريكي* باراك أوباما عام* 2008*.*
وأشارت الوكالة إلي أن ما* يقرب من* 10* آلاف مصري* شارك في* برامج الديمقرطية والحكم التي* رعتها الوكالة الأمريكية للتنمية* * USAIDوأكدت أن واشنطن خصصت ما* يقرب من* 800* مليون دولار من أجل برامج المنافسة السياسية والمجتمع المدني* في* 67* دولة علي مستوي العالم*.
من جانبه أكد المعهد الديمقراطي* الوطني* الأمريكي* أن سياسة الرئيس الأمريكي* جورج بوش الابن في* دعم الديمقراطية في* مصر مهدت الطريق أمام ثورة* يناير*.
وقال المعهد في* تقرير نشره في* أعقاب تنحي* مبارك إن البرنامج أرسل ما* يقرب من* 13* ألف مراقب للانتخابات البرلمانية في* مصر في* ديسمبر الماضي،* وأن المراقبين أصيبوا بخيبة أمل عارمة نتيجة عمليات التزوير الفاضحة التي* شهدته الانتخابات،* وأشار إلي أن بعض هؤلاء أصبحوا قادة في* الثورة،* واستخدموا مهارات الاتصال التي* تعلموها في* واشنطن في* تنسيق وتنظيم المسيرات التي* شهدتها الأيام الـ18* للثورة*.
وأشار تقرير المعهد إلي أن تلك المعلومات ربما تعزز ادعاءات نظام مبارك بأن أيادي* خارجية لعبت دورا في* الثورة المصرية*. من جانبه قال* "ستيفن ماك اينرني*" المدير التنفيذي* لمشروع ديمقراطية الشرق الأوسط إن الحركة الاحتجاجية دون شك كانت نشطة حتي دون الدعم الأمريكي،* ولكنها لم تكن لتصبح علي هذا القدر من التنظيم*.
وأضاف بقوله* "نحن لم نمولهم كي* يبدأوا المظاهرات،* ولكننا ساعدناهم علي تطوير مهاراتهم واتصالاتهم بالآخرين*".
الغريب في* الأمر أن بعضا ممن* يحصلون علي التمويل الأمريكي* يعترفون بدور واشنطن في* الثورة،* فقد نقل التقرير الذي* نشره موقع المعهد الديمقراطي* الوطني* الأمريكي* عن أحد المنظمات المصرية المطالبة بالديمقراطية والتي* تتلقي دعما أمريكيا قوله* "لقد ساعد البرنامج الأمريكي* للديمقراطية بصورة أو أخري علي حدوث الثورة في* مصر*".
وبعد نجاح الثورة،* بدأ الإعلام الأمريكي* نفسه في* كشف بعض الأمور،* ومن بينها ما ذكرته صحيفة* "النيويورك تايمز*" الأمريكية بأن جماعة* 6* إبريل حصلت علي دعم مالي* أمريكي،* إضافة إلي اختيار مجلة* "التايم*" الأمريكية للناشط وائل* غنيم في* قائمة الشخصيات الأكثر تأثيرا في* العالم،* بل ووصل الأمر إلي قيام الرئيس الأمريكي* باراك أوباما بترشيح* "فتي جوجل*" وائل* غنيم ليكون رئيسا مستقبليا لمصر*.
من جانبه فقد كشف الرئيس الكوبي* السابق فيدل كاسترو عن حقيقة السياسة الأمريكية،* وقال كاسترو*: الولايات المتحدة تتلاعب بخبث في* الأوضاع المصرية،* الأجهزة الرسمية الأمريكية كانت تمد الحكومة المصرية بالسلاح،* وفي* الوقت نفسه تساعد المعارضة بالمال،* المكيافيللية الأمريكية قامت علي تزويد الحكومة المصرية بالأسلحة،* وفي* الوقت نفسه طلبت من الوكالة الأمريكية للتنمية الدوليةUSAID* * تمويل المعارضة*."
ربما* يفتح ذلك الباب أمام ملف أكثر اتساعا،* وهو المتمثل في* مشروع الشرق الأوسط الكبير*.
ظهر مشروع الشرق الأوسط الكبير للمرة الأولي في* عهد الرئيس الأمريكي* السابق جورج بوش الابن عام* 2003* إلا أن المصطلح نفسه* يعود إلي الثمانينيات من القرن الماضي،* حيث نشر الكونجرس الأمريكي* دراسة تهدف إلي العمل علي إلغاء الخرائط الاستعمارية القديمة التي* أنشأها الاستعمار الفرنسي* والبريطاني* في* بداية القرن العشرين لانتفاء الحاجة إليها بسبب المتغيرات القومية والطائفية الجديدة للبلدان المعنية بالتقسيم*.
مصطلح الشرق الاوسط الجديد لم* يكن أمريكيا فقط،* بل تحدث عنه أيضا الرئيس الإسرائيلي* الحالي* شيمون بيريز،* الذي* قال إن علي المنطقة العربية أن تجرب نموذج القيادة الإسرائيلي* بدلا من النموذج المصري* الذي* سيطر علي الشعوب والدول العربية منذ عقود*.
التقسيم المفترض في* مشروع الشرق الأوسط الكبير* يقوم علي تقسيم الدول العربية إلي دويلات علي أسس طائفية ومذهبية،* ووفقا للوضع الذي* تشهده منطقة شبه الجزيرة العربية،* كانت العراق هي* العائق الأساسي* الذي* يمنع هذا التقسيم،* وبالتالي* كان الغزو الذي* قادته الولايات المتحدة الأمريكية علي العراق في* عام* 2003* والذي* بني* علي أسس وادعاءات باطلة لا داعي* لسردها حاليا الآن*.
وفي* عام* 2006* نشرت مجلة* "القوة العسكرية*" الأمريكية خريطة جديدة للشرق الاوسط في* تقرير تحت عنوان* "حدود الدم*"،* حددت ملامح جديدة لخريطة شرق أوسطية جديدة*.
ووفقا للتقرير الأمريكي،* فإن الدول المستهدفة بالتقسيم والاستقطاع هي* إيران،* تركيا،* العراق،* السعودية وباكستان وسوريا والإمارات*.
ووفقا لتقسيم العراق،* فستكون هناك* 3* دويلات من تقسيم العراق تنشأ ثلاث دويلات سنية وشيعية وكردية،* ويشمل المخطط أيضا السعودية،* حيث ستعاني* من التقسيم إلي دولتين،* دولة دينية* (الدولة الإسلامية المقدسة*) علي* غرار الفاتيكان،* تشمل علي كل المواقع الدينية المهمة لمسلمي* العالم،* ودولة سياسية وسيقتطع منها أجزاء لتمنح إلي دول أخري مثل اليمن والأردن*.
ووفقا للتقرير فإن هناك دولة أخري ستنشأ علي الأردن القديم بعد أن تقتطع أراض لها من السعودية وربما من فلسطين المحتلة لتشمل كل فلسطينيي* الداخل وفلسطينيي* الشتات وهو ما* يسمي بـ"الأردن الكبير*".
هذا المخطط ربما لا* يبدو بعيدا عن الاضطرابات التي* تشهدها منطقة الشرق الأوسط،* ففي* البحرين خرج الشيعة الذين* يمثلون ثلثي* السكان في* احتجاجات ضد أسرة آل خليفة السنية الحاكمة،* وهو ما استدعي السعودية والإمارات للتدخل من أجل وقف المد الشيعي* في* شبه الجزيرة العربية،* وهو ما أدي إلي توتر العلاقات بين الدول العربية السنية في* الخليج وبين إيران الشيعية*.
وهناك أيضا الاضطرابات التي* تشهدها سوريا،* وتهدد استمرار نظام الرئيس السوري* بشار الأسد،* حيث توجد تقارير وخرائط معدة تشير إلي مخططات تهدف إلي تقسيم سوريا لـ4* دويلات،* سنية وشيعية وعلوية ودرزية*.
ولا تقف اليمن بعيدة أيضا عن مخططات التقسيم في* ظل الانتفاضة الشعبية التي* تشهدها ضد نظام الرئيس علي* عبد الله صالح المستمر في* الحكم منذ* 32* عاما*.
تلك التطورات والمخططات الاستعمارية تقودنا إلي مصر،* التي* وصفها نائب الرئيس الأمريكي* السابق ديك تشيني* بأنها الجائزة الكبري،* في* تصريحه الشهير بأن* "العراق هدف تكتيكي،* والسعودية هدف استراتيجي،* ومصر هي* الجائزة الكبري*".
ولكن مصر لها وضع خاص،* ولا* يمكن تقسيمها وفقا للمخططات التقليدية،* التي* أسفرت عن تقسيم السودان إلي دولتين شمالية جنوبية،* وفي* الطريق دولة دارفور،* وليبيا التي* تحولت إلي دولتين إحداهما في* أيدي* الثوار والأخري في* أيدي* نظام معمر القذافي،* ثم المغرب التي* يمكن أن تشهد انفصال الصحراء الغربية وهي* الدولة التي* تطالب بها جبهة البوليساريو،* وبالتالي* فكان مخطط التقسيم في* مصر* يجب ان* يقوم علي أساس طائفي*.
لاحظوا مثلا أن الأحداث الطائفية في* مصر،* التي* حاولت وسائل الإعلام المحلية والعالمية إلقاء اللوم فيها علي عاتق التيار الإسلامي،* سواء كان سلفيا أو إخوانيا أو أصوليا،* لم تحدث في* الفترة التي* أعقبت ثورة* 25* يناير،* بل بدأت قبلها بشهرين*.
في* نوفمبر الماضي،* وقعت اشتباكات بين مسيحيين والشرطة في* منطقة العمرانية بالجيزة،* نتيجة نزاع حول مبني تم ترخيصه علي أنه مبني خدمي* وقرر المسيحيون تحويله إلي كنيسة*.
وفي* ليلة رأس السنة شهدت مدينة الإسكندرية اعتداء إرهابيا لم تشهده مصر من قبل،* عندما فجر مجهولون كنيسة القديسين،* وهو ما أوقع مجزرة حقيقية بحق أبرياء،* وأدي إلي حالة من التوتر والاحتقان الطائفي* في* البلاد*.
قامت الثورة،* وبعد نجاحها كانت أحداث كنيسة صول،* وما تبعها من صدامات بين مسلمين ومسيحيين في* طريق الاوتوستراد،* ثم أحداث إمبابة،* واشتباكات ماسبيرو،* وأخيرا وليس آخرا أحداث كنيسة عين شمس*.
هذه الفتنة الطائفية لا تخدم مصر بأي* حال من الأحوال،* وبالتالي* فإن قاعدة* "فتش عن المستفيد*" ستقودنا إلي مخطط تقسيم مصر طائفيا،* خاصة في* ظل دعوات بعض المتشددين للتدخل الأمريكي* والغربي* لحماية الأقباط المسيحيين في* مصر تحت شعار حماية الأقليات،* وهي* دعوة خطيرة تتماشي تماما مع مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي* يهدف إلي تقسيم الدول العربية طائفيا ومذهبيا،* وبالتالي* فإن المخطط الذي* يستهدف مصر من خلال إشعالها طائفيا* يجب ألا* يخفي علي أي* عاقل محب لهذه الأرض
اقرأ المقال الأصلي علي بوابة الوفد الاليكترونية أمريكا دعمت مبارك وسعت لتقسيم مصر (http://www.alwafd.org/index.php?option=com_content&view=article&id=48460:أمريكا-دعمت-مبارك-وسعت-لتقسيم-مصر&catid=144:ملفات%20محلية&Itemid=337#ixzz1NEexfO2y)
ففي* مصر بشكل خاص،* شاركت كل فئات الشعب في* تلاحم رائع من أجل القضاء علي نظام فاسد استمر* 30* عاما،* استحل خيرات البلاد وقهر العباد،* وأغرقهم في* الفقر والجوع والجهل،* فقط من أجل أن* يحافظ علي وجوده*.
ولكن هل كان الغرب الحليف للنظام المصري* السابق بعيدا عن الأحداث التي* وقعت في* مصر؟،* هل فوجئت واشنطن والعواصم الأوروبية بالثورة ونزلت علي رؤوس قادة تلك الدول كالصاعقة؟ أم أنها كانت تعلم بوجود بوادر للثورات العربية عامة والثورة المصرية بشكل خاص؟*.
تلك تساؤلات* يصعب الإجابة عنها بصورة قاطعة،* فعلي سبيل المثال ذكر كاتب أمريكي* يدعي* "ديفيد اجناتيوس*" في* مقال نشرته صحيفة* "الواشنطن بوست*" الأمريكية في* مارس الماضي* أن الرئيس الأمريكي* باراك أوباما توقع المد الثوري* العربي،* وأمر الوكالات الأمريكية بالاستعداد لحدوث تغير في* الأنظمة العربية وذلك في* أغسطس* 2010* أي* قبل اندلاع الثورة التونسية،* باكورة الثورات العربية بـ5* أشهر تقريبا*.
ربما* يكون ما ذكره الكاتب الأمريكي* الشهير محاولة لحفظ ماء وجه الإدارة الأمريكية،* التي* بدت مرتبكة وغير قادرة علي التعامل مع تصاعد أحداث الثورة في* مصر،* والتي* أدت إلي سقوط نظام مبارك الحليف الطويل لواشنطن،* وربما* يكون العكس هو الصحيح،* وأن واشنطن كانت علي علم أو دراية بوجود مقدمات للثورة المصرية*.
التقرير الذي* نستعرضه في* السطور المقبلة مهم وخطير للغاية،* وتنبع خطورته من أن واشنطن اخترقت الداخل المصري* منذ سنوات،* وأنها قامت بإعداد ما* يطلق عليهم الجيل الجديد للقادة الديمقراطيين علي مدار أكثر من* 5* سنوات،* والغريب أن من شاركوا في* تلك البرامج الأمريكية اعترفوا في* هذا التقرير بالدور الأمريكي* في* إعدادهم،* ولكنهم في* نفس الوقت أكدوا أن الثورة لم تكن وليدة الخارج*.
فقد أكدت وكالة* "الأسوشيتدبرس*" الأمريكية،* في* احد التقارير التي* تناولت خلالها الثورة المصرية،* أن الولايات المتحدة الأمريكية لعبت دورا مزدوجا في* الشرق الأوسط من خلال تأييد الأنظمة الديكتاتورية في* المنطقة من أجل مصالحها،* ثم إعداد جيل من الشباب العربي* لقيادة التحرك نحو الديمقراطية في* تلك الدول*. وأضافت بقولها إن عدد من شباب الثورة في* مصر والعالم العربي* تدربوا في* أمريكا منذ عام* 2005* علي برامج الديمقراطية ومهارات التنظيم السياسي* ووسائل الاتصال الاجتماعي*.
وأشارت إلي أن عددا ممن شاركوا في* تلك البرامج سبق لهم مراقبة الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي* أقيمت في* مصر عام* 2005* حيث شاهدوا بأنفسهم عمليات التزوير الفاضحة خلال تلك الانتخابات*. وقالت*: "أكد المشاركون في* تلك البرامج أن الثورات العربية اندلعت نتيجة الأوضاع الظالمة التي* شهدها العالم العربي* علي* مدار عقود،* وأن الثورات لم تكن مستلهمة من الخارج،* إلا أنهم أشاروا أيضا إلي تدريبات بناء الثقة التي* تلقوها علي أيدي* مدربين أمريكيين وأوروبيين أيضا كانت عاملا محفزا للنجاح* ".
وأشارت إلي أن أحد نشطاء المعارضة الذين ساهموا في* الثورة المصرية ويدعي* "بلال دياب*" كان أحد المشاركين في* "مدرسة القادة الجدد*" بأمريكا،* حيث تدرب هناك لمدة* 6* شهور وقطع دراسته لينضم للثورة*. ونقلت عن بلال دياب قوله*: "لقد ساعدنا التدريب الأمريكي* علي تنظيم الثورة،* الناس كانوا مشتتين ولكننا تعلمنا كيف نقوم بتجميعهم ونجحنا بالفعل في* ذلك*".
وعلقت الوكالة علي تصريحات بلال بقولها* :"إنه أمر* يثير تناقضا كبيرا،* وهو أن الولايات المتحدة الأمريكية تؤيد حسني* مبارك وحلفاء عرب آخرين،* وفي* نفس الوقت ساهمت في* برامج لعبت دورا في* إسقاط هؤلاء الحلفاء وهناك قائمة أخري منهم في* الانتظار*". ونقلت عن المعارض المصري* "عبد الله حلمي*" قوله إنه استفاد من التدريب الذي* استمر مئات الساعات في* إدارة الحملات الانتخابية واستخدام مواقع مثل فيس بوك وتويتر في* التواصل السياسي* والاجتماعي* مع الآخرين*.
وقالت إن المدون المصري* "باسم سمير*" راقب أيضا الانتخابات في* 2005* وتلقي تدريبا مكثفا في* منظمة* "فريدم هاوس*" الأمريكية علي التواصل الاجتماعي* وزار مكاتب جوجل،* واطلع بواسطة متخصصين علي الحملة الانتخابية للرئيس الأمريكي* باراك أوباما عام* 2008*.*
وأشارت الوكالة إلي أن ما* يقرب من* 10* آلاف مصري* شارك في* برامج الديمقرطية والحكم التي* رعتها الوكالة الأمريكية للتنمية* * USAIDوأكدت أن واشنطن خصصت ما* يقرب من* 800* مليون دولار من أجل برامج المنافسة السياسية والمجتمع المدني* في* 67* دولة علي مستوي العالم*.
من جانبه أكد المعهد الديمقراطي* الوطني* الأمريكي* أن سياسة الرئيس الأمريكي* جورج بوش الابن في* دعم الديمقراطية في* مصر مهدت الطريق أمام ثورة* يناير*.
وقال المعهد في* تقرير نشره في* أعقاب تنحي* مبارك إن البرنامج أرسل ما* يقرب من* 13* ألف مراقب للانتخابات البرلمانية في* مصر في* ديسمبر الماضي،* وأن المراقبين أصيبوا بخيبة أمل عارمة نتيجة عمليات التزوير الفاضحة التي* شهدته الانتخابات،* وأشار إلي أن بعض هؤلاء أصبحوا قادة في* الثورة،* واستخدموا مهارات الاتصال التي* تعلموها في* واشنطن في* تنسيق وتنظيم المسيرات التي* شهدتها الأيام الـ18* للثورة*.
وأشار تقرير المعهد إلي أن تلك المعلومات ربما تعزز ادعاءات نظام مبارك بأن أيادي* خارجية لعبت دورا في* الثورة المصرية*. من جانبه قال* "ستيفن ماك اينرني*" المدير التنفيذي* لمشروع ديمقراطية الشرق الأوسط إن الحركة الاحتجاجية دون شك كانت نشطة حتي دون الدعم الأمريكي،* ولكنها لم تكن لتصبح علي هذا القدر من التنظيم*.
وأضاف بقوله* "نحن لم نمولهم كي* يبدأوا المظاهرات،* ولكننا ساعدناهم علي تطوير مهاراتهم واتصالاتهم بالآخرين*".
الغريب في* الأمر أن بعضا ممن* يحصلون علي التمويل الأمريكي* يعترفون بدور واشنطن في* الثورة،* فقد نقل التقرير الذي* نشره موقع المعهد الديمقراطي* الوطني* الأمريكي* عن أحد المنظمات المصرية المطالبة بالديمقراطية والتي* تتلقي دعما أمريكيا قوله* "لقد ساعد البرنامج الأمريكي* للديمقراطية بصورة أو أخري علي حدوث الثورة في* مصر*".
وبعد نجاح الثورة،* بدأ الإعلام الأمريكي* نفسه في* كشف بعض الأمور،* ومن بينها ما ذكرته صحيفة* "النيويورك تايمز*" الأمريكية بأن جماعة* 6* إبريل حصلت علي دعم مالي* أمريكي،* إضافة إلي اختيار مجلة* "التايم*" الأمريكية للناشط وائل* غنيم في* قائمة الشخصيات الأكثر تأثيرا في* العالم،* بل ووصل الأمر إلي قيام الرئيس الأمريكي* باراك أوباما بترشيح* "فتي جوجل*" وائل* غنيم ليكون رئيسا مستقبليا لمصر*.
من جانبه فقد كشف الرئيس الكوبي* السابق فيدل كاسترو عن حقيقة السياسة الأمريكية،* وقال كاسترو*: الولايات المتحدة تتلاعب بخبث في* الأوضاع المصرية،* الأجهزة الرسمية الأمريكية كانت تمد الحكومة المصرية بالسلاح،* وفي* الوقت نفسه تساعد المعارضة بالمال،* المكيافيللية الأمريكية قامت علي تزويد الحكومة المصرية بالأسلحة،* وفي* الوقت نفسه طلبت من الوكالة الأمريكية للتنمية الدوليةUSAID* * تمويل المعارضة*."
ربما* يفتح ذلك الباب أمام ملف أكثر اتساعا،* وهو المتمثل في* مشروع الشرق الأوسط الكبير*.
ظهر مشروع الشرق الأوسط الكبير للمرة الأولي في* عهد الرئيس الأمريكي* السابق جورج بوش الابن عام* 2003* إلا أن المصطلح نفسه* يعود إلي الثمانينيات من القرن الماضي،* حيث نشر الكونجرس الأمريكي* دراسة تهدف إلي العمل علي إلغاء الخرائط الاستعمارية القديمة التي* أنشأها الاستعمار الفرنسي* والبريطاني* في* بداية القرن العشرين لانتفاء الحاجة إليها بسبب المتغيرات القومية والطائفية الجديدة للبلدان المعنية بالتقسيم*.
مصطلح الشرق الاوسط الجديد لم* يكن أمريكيا فقط،* بل تحدث عنه أيضا الرئيس الإسرائيلي* الحالي* شيمون بيريز،* الذي* قال إن علي المنطقة العربية أن تجرب نموذج القيادة الإسرائيلي* بدلا من النموذج المصري* الذي* سيطر علي الشعوب والدول العربية منذ عقود*.
التقسيم المفترض في* مشروع الشرق الأوسط الكبير* يقوم علي تقسيم الدول العربية إلي دويلات علي أسس طائفية ومذهبية،* ووفقا للوضع الذي* تشهده منطقة شبه الجزيرة العربية،* كانت العراق هي* العائق الأساسي* الذي* يمنع هذا التقسيم،* وبالتالي* كان الغزو الذي* قادته الولايات المتحدة الأمريكية علي العراق في* عام* 2003* والذي* بني* علي أسس وادعاءات باطلة لا داعي* لسردها حاليا الآن*.
وفي* عام* 2006* نشرت مجلة* "القوة العسكرية*" الأمريكية خريطة جديدة للشرق الاوسط في* تقرير تحت عنوان* "حدود الدم*"،* حددت ملامح جديدة لخريطة شرق أوسطية جديدة*.
ووفقا للتقرير الأمريكي،* فإن الدول المستهدفة بالتقسيم والاستقطاع هي* إيران،* تركيا،* العراق،* السعودية وباكستان وسوريا والإمارات*.
ووفقا لتقسيم العراق،* فستكون هناك* 3* دويلات من تقسيم العراق تنشأ ثلاث دويلات سنية وشيعية وكردية،* ويشمل المخطط أيضا السعودية،* حيث ستعاني* من التقسيم إلي دولتين،* دولة دينية* (الدولة الإسلامية المقدسة*) علي* غرار الفاتيكان،* تشمل علي كل المواقع الدينية المهمة لمسلمي* العالم،* ودولة سياسية وسيقتطع منها أجزاء لتمنح إلي دول أخري مثل اليمن والأردن*.
ووفقا للتقرير فإن هناك دولة أخري ستنشأ علي الأردن القديم بعد أن تقتطع أراض لها من السعودية وربما من فلسطين المحتلة لتشمل كل فلسطينيي* الداخل وفلسطينيي* الشتات وهو ما* يسمي بـ"الأردن الكبير*".
هذا المخطط ربما لا* يبدو بعيدا عن الاضطرابات التي* تشهدها منطقة الشرق الأوسط،* ففي* البحرين خرج الشيعة الذين* يمثلون ثلثي* السكان في* احتجاجات ضد أسرة آل خليفة السنية الحاكمة،* وهو ما استدعي السعودية والإمارات للتدخل من أجل وقف المد الشيعي* في* شبه الجزيرة العربية،* وهو ما أدي إلي توتر العلاقات بين الدول العربية السنية في* الخليج وبين إيران الشيعية*.
وهناك أيضا الاضطرابات التي* تشهدها سوريا،* وتهدد استمرار نظام الرئيس السوري* بشار الأسد،* حيث توجد تقارير وخرائط معدة تشير إلي مخططات تهدف إلي تقسيم سوريا لـ4* دويلات،* سنية وشيعية وعلوية ودرزية*.
ولا تقف اليمن بعيدة أيضا عن مخططات التقسيم في* ظل الانتفاضة الشعبية التي* تشهدها ضد نظام الرئيس علي* عبد الله صالح المستمر في* الحكم منذ* 32* عاما*.
تلك التطورات والمخططات الاستعمارية تقودنا إلي مصر،* التي* وصفها نائب الرئيس الأمريكي* السابق ديك تشيني* بأنها الجائزة الكبري،* في* تصريحه الشهير بأن* "العراق هدف تكتيكي،* والسعودية هدف استراتيجي،* ومصر هي* الجائزة الكبري*".
ولكن مصر لها وضع خاص،* ولا* يمكن تقسيمها وفقا للمخططات التقليدية،* التي* أسفرت عن تقسيم السودان إلي دولتين شمالية جنوبية،* وفي* الطريق دولة دارفور،* وليبيا التي* تحولت إلي دولتين إحداهما في* أيدي* الثوار والأخري في* أيدي* نظام معمر القذافي،* ثم المغرب التي* يمكن أن تشهد انفصال الصحراء الغربية وهي* الدولة التي* تطالب بها جبهة البوليساريو،* وبالتالي* فكان مخطط التقسيم في* مصر* يجب ان* يقوم علي أساس طائفي*.
لاحظوا مثلا أن الأحداث الطائفية في* مصر،* التي* حاولت وسائل الإعلام المحلية والعالمية إلقاء اللوم فيها علي عاتق التيار الإسلامي،* سواء كان سلفيا أو إخوانيا أو أصوليا،* لم تحدث في* الفترة التي* أعقبت ثورة* 25* يناير،* بل بدأت قبلها بشهرين*.
في* نوفمبر الماضي،* وقعت اشتباكات بين مسيحيين والشرطة في* منطقة العمرانية بالجيزة،* نتيجة نزاع حول مبني تم ترخيصه علي أنه مبني خدمي* وقرر المسيحيون تحويله إلي كنيسة*.
وفي* ليلة رأس السنة شهدت مدينة الإسكندرية اعتداء إرهابيا لم تشهده مصر من قبل،* عندما فجر مجهولون كنيسة القديسين،* وهو ما أوقع مجزرة حقيقية بحق أبرياء،* وأدي إلي حالة من التوتر والاحتقان الطائفي* في* البلاد*.
قامت الثورة،* وبعد نجاحها كانت أحداث كنيسة صول،* وما تبعها من صدامات بين مسلمين ومسيحيين في* طريق الاوتوستراد،* ثم أحداث إمبابة،* واشتباكات ماسبيرو،* وأخيرا وليس آخرا أحداث كنيسة عين شمس*.
هذه الفتنة الطائفية لا تخدم مصر بأي* حال من الأحوال،* وبالتالي* فإن قاعدة* "فتش عن المستفيد*" ستقودنا إلي مخطط تقسيم مصر طائفيا،* خاصة في* ظل دعوات بعض المتشددين للتدخل الأمريكي* والغربي* لحماية الأقباط المسيحيين في* مصر تحت شعار حماية الأقليات،* وهي* دعوة خطيرة تتماشي تماما مع مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي* يهدف إلي تقسيم الدول العربية طائفيا ومذهبيا،* وبالتالي* فإن المخطط الذي* يستهدف مصر من خلال إشعالها طائفيا* يجب ألا* يخفي علي أي* عاقل محب لهذه الأرض
اقرأ المقال الأصلي علي بوابة الوفد الاليكترونية أمريكا دعمت مبارك وسعت لتقسيم مصر (http://www.alwafd.org/index.php?option=com_content&view=article&id=48460:أمريكا-دعمت-مبارك-وسعت-لتقسيم-مصر&catid=144:ملفات%20محلية&Itemid=337#ixzz1NEexfO2y)