غاربله
18-06-2011, 01:27 PM
يرى كثير من المراقبين - سواء من معسكر الخصوم أو حتى معسكر الأتباع والمؤيدين - أن الأداء السلفي كان كارثياً في تواضعه وتخبطه ومستواه ، وأن الدعوة السلفية ربما تكون فقدت كثير من رصيدها في الشارع ، وفقدت كثيراً من الأتباع المتوقعين ، بعد أن تركوا الملايين في بحر الحيرة والتخبط ، وهم بين صامت وخابط ومائع إلا من رحم الله حتى كاد الشباب أن يفتن في دينه ، وكادت السلفية أن تكون منقصة .
وحيث إنني واحد من هؤلاء الأتباع ، وأدعي وأزعم أنني سلفي حتى النخاع ، فأنا الذي كتبت (الحويني الذي أعرفه) وأنا الذي كتبت (الرد الدامي في الدفاع عن الشيخ ياسر برهامي) وأنا الذي كتبت (أنا وهابي فكان ماذا؟) وأنا الذي كتبت (السلفية والأمر الأول) وكتبت (التغيير الذي يريده السلفيون) وأنا الذي أؤمن إيماناً جازماً أن السلفية هي الحل ، أسوق هذه المقدمة ، وأُذكر بهذه العناوين حتى أقطع الطريق على من سيكتب أنني علماني أو إخواني أو زلبانى ، ولأثبت أنني لا أكتب بقلم المبغض ، بل بقلم المحب .
أقول أنا ككثير من السلفيين (http://forum.khyaam.com/showthread.php?t=4726) ، ومن الناس العاديين ، الذين أصابهم زلزال 25 يناير (http://forum.khyaam.com/showthread.php?t=4726) في مقتل ، وبعثر أوراقهم ، وأحرجهم حرجاً بالغاً ، وألقاهم في بحر من التساؤلات ، وجعلهم على وشك بدء مراجعات شاملة ، كما أقول: إنني لا أكتب اليوم ما أكتب إلا بعد أن حملت حيرتي وذهبت بها إلى شيخ هو وإن كان غير مشهور لكنني أدين لله أنه من أفقه من رأيت بعيني ، ولم أكتف بذلك بل حملت حيرتي ، وذهبت بها أول أمس إلى جلسة اجتمع فيها ثلاثة من أقطاب سلفية القاهرة ، وهم من القلائل الذين قالوا الحق في عز بطش النظام ، وتحملوا لأجل ذلك ما لا يعلمه إلا الله ، وهم أيضاً ممن شارك في الثورة فحفظ لنا بعض ماء الوجه .
وقد خرجت من هذه الجلسات بأنني لست وحدي ، بل إن هناك حالة تذمر واسعة في المجتمع السلفي وأنه قد آن أوان الجهر بما بين الحنايا ، وآن أوان المصارحة ، وآن أوان ثورة 25 يناير (http://forum.khyaam.com/showthread.php?t=4726) سلفية ، لا تسعى لإسقاط النظام ، بل إلى مساعدته على التقويم والتصحيح ، وصولاً إلى حقيقة المنهج السلفي ، الذي هو أعظم منهج في الدنيا ، وهو أصلح بل هو المنهج الوحيد الصالح لإصلاح العالم ، وصولاً لسعادة الدارين ، لكن الخلل وقع حين قام البشر بتنزيل هذا المنهج الرباني على واقعنا المعاصر شديد التعقيد،الذي يتغير بسرعة خارقة وهو ما يستلزم آليات بالغة الدقة والحساسية لمسايرة هذا الواقع .
من أجل هذا كانت هذه السلسلة حول نقد الخطاب السلفي نقداً سلفياً ، وأعتذر عن صراحتي التي ربما ستكون تامة ، وأحياناً مؤلمة ، لكن والله ثم والله ثم والله هي قسوة المحب ، مع العلم أنني أحمل هذه التساؤلات بداخلي منذ زمن بعيد ، لكني قاومتها رغبة في وحدة الصف ، لكن جسامة الحدث ، وبشاعة الأداء ، لم يدعا للكتمان مسلكاً .
هذا وأكرر أن ما أكتبه قد وافقني بل وشجعني عليه من يُجمع أبناء جناحنا السلفي على أنه أفقه أهل هذه البلاد ، وشجعني عليه من وضعته بيني وبين ربى وأنا أرجو بذلك النجاة .
كذلك أود أن أقول إنه ربما قال قائل: ولماذا الفضيحة؟ ولمَ لم تكن نصيحة تسر بها إلى هؤلاء الأفاضل؟
فأقول: أولاً وللأسف - وهذا من جملة المآخذ - بعضهم لا يمكن الوصول إليه ، وبعضهم إن وصلت إليه لا يرد وإن رد لا يتفاعل ، هذه واحدة ، والثانية أن الأخطاء وقعت على الملأ ، وأن القضية صارت قضية رأي عام سلفي ، وأن الأمر صار يحتاج إلى مساهمة المجتمع السلفي كله في تحديد سائر الأمراض والمشاركة في وضع وتنفيذ خطة العلاج .
بعض الملاحظات على الأداء والخطاب السلفي في الجملة ( مع ملاحظة أن بعض كلامي لو لم يكن صحيحاً فإنه يمثل وجهة نظر الملايين وهو ما نتج عن صمت البعض وتخبط البعض الآخر) :
1- كان موقف كثير من رموز الدعوة السلفية - خصوصاً من يحتلون صدارة المشهد الإعلامي الإسلامي - كان موقفهم يتراوح ما بين فريق الشاشات الذي يخاطب العوام ، فهذا الفريق ساهم - ولو عن غير قصد وبحسن نية وطفولة سياسية لأن معظم رموز هذا الفريق من الوعاظ - ساهم في تغييب الجماهير عن قضايا مصيرية لا تقل في حكمها الشرعي لا تقل أهمية عن كثير من قضايا العبادات ، وما بين التمييع الذي مارسه بعض من الفريق المحجوب عن الإعلام والشاشات ، كان موقف هذين الفريقين ولأسباب تختلف من واحد إلى آخر ، منها قلة حظ البعض من العلم الشرعي المتين والراسخ ، ومنها عدم الفهم الواعي لمقاصد الشريعة ، أو حقيقة التكييف الفقهي لكثير من الأمور التي تعد من النوازل ، وتحقيق المناط ، وحجم المصالح والمفاسد والأكيد أن الأحداث أثبتت الطفولة السياسية لكثير من الرموز السلفية وانعدام آليات تطوير الخطاب ، وإهمال العلوم غير الشرعية ، وضعف الثقافة العامة ، وهو ما ساهم في أن يكون التفاعل مع الأحداث بطيء جداً وبالتالي كان الخطاب ، ورد الفعل بطيء وناقص ومحبط ، ومن المفارقات العجيبة أنها نفس خطايا الرئيس المخلوع ، فقد أخطأ في تقدير حجم الحدث ، وأخطأ في قراءة حقيقة المشهد ، فكانت خطاباته دائماً متأخرة وناقصة ومحبطة .
كان الخطاب السلفي متواضعاً جداً في معظمه ، ولا يتناسب قط - لا مع عظمة وقوة المنهج السلفي ، ولا مع مستوى الأحداث ، ولا مع تطلعات الجماهير ، ولا مع متطلبات المرحلة ، والأسوأ أنه لم يكن متناسباً مع قوة وجزالة ورقي خطاب العلمانيين والمنافقين وطلاب الدنيا ،
أما حين تقارن بأداء الإخوان المسلمين فإنك تموت من الخجل والمرارة ، ولا تملك إلا أن تقف مشدوهاً أمام أداء معجز يكاد يشبه في دقته وترتيبه وكماله أداء الجيش المصري في إنجاز العبور وتحقيق نصر أكتوبر.
أداء الإخوان المسلمين فاق الخيال ، وسبب هذا من وجهة نظري أن الإخوان المسلمين ومنذ زمن بعيد يعرفون ماذا يريدون ، ونظراً لوضوح الهدف فقد استعدوا جيدا لهذه اللحظة فلما جاءت لم يكن هناك أي تردد أو شك ، كانت الخطة جاهزة والكوادر موجودة والطريق واضحاً والغاية معروفة وهو ما يفسر رفضهم التام لكل تنازلات النظام بينما كان كثير من الناس يرون هذه التنازلات كافية ويطالبون الثوار بالرضا والقنوع والرجوع.
جاءت اللحظة للجماعة الجاهزة ، فانقضوا على خيوط النهار قبل أن تفلت من بين أيديهم ، وأنقذوا ثورة الشباب.
كان خطاب وأداء الإخوان مشرفاً واحترافياً بامتياز وشتان بينه وبين خطاب الهواة ، ثم ومع التواضع البالغ للخطاب السلفي والذي سبب حرجاً بالغاً للسلفيين ، فقد كان شديد التأخر ، والتخبط ، والميوعة ، والارتجال ، وكان خطاباً اجترارياً بامتياز ، يعيد ترديد أدبياته ذاتها ، دون أن يقف لحظة مع نفسه ليدرك أنه أمام طوفان أو زلزال وأن كل شيء يتغير ويحتاج الأمر إلى خطاب مختلف ومميز وواضح ، وليس خطاباً ألعوبانياً يحاول أن يمسك العصا من المنتصف ، فيخسر كل شيء .
وحيث إنني واحد من هؤلاء الأتباع ، وأدعي وأزعم أنني سلفي حتى النخاع ، فأنا الذي كتبت (الحويني الذي أعرفه) وأنا الذي كتبت (الرد الدامي في الدفاع عن الشيخ ياسر برهامي) وأنا الذي كتبت (أنا وهابي فكان ماذا؟) وأنا الذي كتبت (السلفية والأمر الأول) وكتبت (التغيير الذي يريده السلفيون) وأنا الذي أؤمن إيماناً جازماً أن السلفية هي الحل ، أسوق هذه المقدمة ، وأُذكر بهذه العناوين حتى أقطع الطريق على من سيكتب أنني علماني أو إخواني أو زلبانى ، ولأثبت أنني لا أكتب بقلم المبغض ، بل بقلم المحب .
أقول أنا ككثير من السلفيين (http://forum.khyaam.com/showthread.php?t=4726) ، ومن الناس العاديين ، الذين أصابهم زلزال 25 يناير (http://forum.khyaam.com/showthread.php?t=4726) في مقتل ، وبعثر أوراقهم ، وأحرجهم حرجاً بالغاً ، وألقاهم في بحر من التساؤلات ، وجعلهم على وشك بدء مراجعات شاملة ، كما أقول: إنني لا أكتب اليوم ما أكتب إلا بعد أن حملت حيرتي وذهبت بها إلى شيخ هو وإن كان غير مشهور لكنني أدين لله أنه من أفقه من رأيت بعيني ، ولم أكتف بذلك بل حملت حيرتي ، وذهبت بها أول أمس إلى جلسة اجتمع فيها ثلاثة من أقطاب سلفية القاهرة ، وهم من القلائل الذين قالوا الحق في عز بطش النظام ، وتحملوا لأجل ذلك ما لا يعلمه إلا الله ، وهم أيضاً ممن شارك في الثورة فحفظ لنا بعض ماء الوجه .
وقد خرجت من هذه الجلسات بأنني لست وحدي ، بل إن هناك حالة تذمر واسعة في المجتمع السلفي وأنه قد آن أوان الجهر بما بين الحنايا ، وآن أوان المصارحة ، وآن أوان ثورة 25 يناير (http://forum.khyaam.com/showthread.php?t=4726) سلفية ، لا تسعى لإسقاط النظام ، بل إلى مساعدته على التقويم والتصحيح ، وصولاً إلى حقيقة المنهج السلفي ، الذي هو أعظم منهج في الدنيا ، وهو أصلح بل هو المنهج الوحيد الصالح لإصلاح العالم ، وصولاً لسعادة الدارين ، لكن الخلل وقع حين قام البشر بتنزيل هذا المنهج الرباني على واقعنا المعاصر شديد التعقيد،الذي يتغير بسرعة خارقة وهو ما يستلزم آليات بالغة الدقة والحساسية لمسايرة هذا الواقع .
من أجل هذا كانت هذه السلسلة حول نقد الخطاب السلفي نقداً سلفياً ، وأعتذر عن صراحتي التي ربما ستكون تامة ، وأحياناً مؤلمة ، لكن والله ثم والله ثم والله هي قسوة المحب ، مع العلم أنني أحمل هذه التساؤلات بداخلي منذ زمن بعيد ، لكني قاومتها رغبة في وحدة الصف ، لكن جسامة الحدث ، وبشاعة الأداء ، لم يدعا للكتمان مسلكاً .
هذا وأكرر أن ما أكتبه قد وافقني بل وشجعني عليه من يُجمع أبناء جناحنا السلفي على أنه أفقه أهل هذه البلاد ، وشجعني عليه من وضعته بيني وبين ربى وأنا أرجو بذلك النجاة .
كذلك أود أن أقول إنه ربما قال قائل: ولماذا الفضيحة؟ ولمَ لم تكن نصيحة تسر بها إلى هؤلاء الأفاضل؟
فأقول: أولاً وللأسف - وهذا من جملة المآخذ - بعضهم لا يمكن الوصول إليه ، وبعضهم إن وصلت إليه لا يرد وإن رد لا يتفاعل ، هذه واحدة ، والثانية أن الأخطاء وقعت على الملأ ، وأن القضية صارت قضية رأي عام سلفي ، وأن الأمر صار يحتاج إلى مساهمة المجتمع السلفي كله في تحديد سائر الأمراض والمشاركة في وضع وتنفيذ خطة العلاج .
بعض الملاحظات على الأداء والخطاب السلفي في الجملة ( مع ملاحظة أن بعض كلامي لو لم يكن صحيحاً فإنه يمثل وجهة نظر الملايين وهو ما نتج عن صمت البعض وتخبط البعض الآخر) :
1- كان موقف كثير من رموز الدعوة السلفية - خصوصاً من يحتلون صدارة المشهد الإعلامي الإسلامي - كان موقفهم يتراوح ما بين فريق الشاشات الذي يخاطب العوام ، فهذا الفريق ساهم - ولو عن غير قصد وبحسن نية وطفولة سياسية لأن معظم رموز هذا الفريق من الوعاظ - ساهم في تغييب الجماهير عن قضايا مصيرية لا تقل في حكمها الشرعي لا تقل أهمية عن كثير من قضايا العبادات ، وما بين التمييع الذي مارسه بعض من الفريق المحجوب عن الإعلام والشاشات ، كان موقف هذين الفريقين ولأسباب تختلف من واحد إلى آخر ، منها قلة حظ البعض من العلم الشرعي المتين والراسخ ، ومنها عدم الفهم الواعي لمقاصد الشريعة ، أو حقيقة التكييف الفقهي لكثير من الأمور التي تعد من النوازل ، وتحقيق المناط ، وحجم المصالح والمفاسد والأكيد أن الأحداث أثبتت الطفولة السياسية لكثير من الرموز السلفية وانعدام آليات تطوير الخطاب ، وإهمال العلوم غير الشرعية ، وضعف الثقافة العامة ، وهو ما ساهم في أن يكون التفاعل مع الأحداث بطيء جداً وبالتالي كان الخطاب ، ورد الفعل بطيء وناقص ومحبط ، ومن المفارقات العجيبة أنها نفس خطايا الرئيس المخلوع ، فقد أخطأ في تقدير حجم الحدث ، وأخطأ في قراءة حقيقة المشهد ، فكانت خطاباته دائماً متأخرة وناقصة ومحبطة .
كان الخطاب السلفي متواضعاً جداً في معظمه ، ولا يتناسب قط - لا مع عظمة وقوة المنهج السلفي ، ولا مع مستوى الأحداث ، ولا مع تطلعات الجماهير ، ولا مع متطلبات المرحلة ، والأسوأ أنه لم يكن متناسباً مع قوة وجزالة ورقي خطاب العلمانيين والمنافقين وطلاب الدنيا ،
أما حين تقارن بأداء الإخوان المسلمين فإنك تموت من الخجل والمرارة ، ولا تملك إلا أن تقف مشدوهاً أمام أداء معجز يكاد يشبه في دقته وترتيبه وكماله أداء الجيش المصري في إنجاز العبور وتحقيق نصر أكتوبر.
أداء الإخوان المسلمين فاق الخيال ، وسبب هذا من وجهة نظري أن الإخوان المسلمين ومنذ زمن بعيد يعرفون ماذا يريدون ، ونظراً لوضوح الهدف فقد استعدوا جيدا لهذه اللحظة فلما جاءت لم يكن هناك أي تردد أو شك ، كانت الخطة جاهزة والكوادر موجودة والطريق واضحاً والغاية معروفة وهو ما يفسر رفضهم التام لكل تنازلات النظام بينما كان كثير من الناس يرون هذه التنازلات كافية ويطالبون الثوار بالرضا والقنوع والرجوع.
جاءت اللحظة للجماعة الجاهزة ، فانقضوا على خيوط النهار قبل أن تفلت من بين أيديهم ، وأنقذوا ثورة الشباب.
كان خطاب وأداء الإخوان مشرفاً واحترافياً بامتياز وشتان بينه وبين خطاب الهواة ، ثم ومع التواضع البالغ للخطاب السلفي والذي سبب حرجاً بالغاً للسلفيين ، فقد كان شديد التأخر ، والتخبط ، والميوعة ، والارتجال ، وكان خطاباً اجترارياً بامتياز ، يعيد ترديد أدبياته ذاتها ، دون أن يقف لحظة مع نفسه ليدرك أنه أمام طوفان أو زلزال وأن كل شيء يتغير ويحتاج الأمر إلى خطاب مختلف ومميز وواضح ، وليس خطاباً ألعوبانياً يحاول أن يمسك العصا من المنتصف ، فيخسر كل شيء .