روميو 2007
22-12-2007, 05:08 AM
--------------------------------------------------------------------------------
هل لبنان مشكلة عربية؟
خلال الاجتماع الأخير لوزراء خارجية الدول العربية في القاهرة، وصف الأمين العام للجامعة عمرو موسى لبنان بأنه "مشكلة عربية". وهذا ليس صحيحاً. ولأننا نعرف صدق محبة عمرو موسى للبنان وعمق إلمامه بحقائق أوضاعه الداخلية وارتباطاتها الخارجية، فإننا لا نسمح لأنفسنا بأن نعتبر ما قاله مقصوداً أو مترجِماً لحقيقة ما يعرف، أو معبِّراً عن صدق ما يشعر به. فلبنان ليس مشكلة عربية. بل إن في لبنان مشكلة عربية.
وهناك اختلافات واسعة بين التوصيفين. فعندما يكون لبنان مشكلة عربية فإن معنى ذلك أنه يثير من الاضطرابات ويتسبب من المتاعب كمّاً ونوعاً ما يقلق العالم العربي ويسيء الى مصالمه الستراتيجية. ولكن عندما تكون هناك مشكلة عربية في لبنان فإن معناها أن الخلافات العربية العربية، والعربية الإيرانية، والعربية الإسرائيلية، والعربية الأميركية، تتخذ من لبنان، مستغلّة نظامه الديموقراطي الحر، صندوق بريد لتوصيل رسائل الى هذه الجهة أو تلك وتستخدمه مسرحاً للتصارع أحياناً، ومنبراً للتشاتم أحياناً أخرى، الأمر الذي يلحق بأمنه واستقراره واقتصاده وحتى بوحدته الوطنية أفدح الأضرار والخسائر.
إن لبنان هو الذي يعاني من المشاكل العربية. وليست الدول العربية هي التي تعاني من المشكلة اللبنانية، وفي مقدمة هذه المشاكل العربية غياب التضامن وغياب الرؤيا وغياب الستراتيجية الواحدة. وإذا كانت هناك نوايا عربية مخلصة لمساعدة لبنان على تجاوز الصعوبات التي تعصف به الآن، فإن الدول العربية معنية بمعالجة مشاكلها التي تنعكس على لبنان وبالاً وشراً مستطيراً.
طبعاً لا يعني ذلك أن العلاقات اللبنانية * اللبنانية سمن وعسل، وأنها كامرأة قيصر فوق شبهات الاختلافات وحتى الخلافات، ولكن ما كان للبنان أن يصل الى حافة الهاوية لو لم تدفعه اليها الصراعات الاقليمية. وإذا لم يسقط في الهاوية حتى الآن، فذلك لأن المتصارعين الاقليميين يعرفون أن انهياره لن يقتصر عليه وحده، وأن سقوط حجر الدومينو سوف يتبعه تساقط بقية الحجارة.
من هنا الاهتمام العربي، أو لنقل بعض العرب بلبنان. فهو ليس اهتماماً خالصاً لوجه لبنان فقط، ولكنه إضافة الى ذلك هو اهتمام بالدول العربية نفسها وبالمصير العربي المشترك. من أجل ذلك يرحب لبنان بمسعى جامعة الدول العربية ويتطلع اليه ثقة منه بصدق نوايا الأمين العام عمرو موسى. ولكن لبنان يعرف جيداً في الوقت نفسه أن عين الجامعة بصيرة ويدها قصيرة. وهو يرى كيف أن الدول العربية لم تستطع أن تعالج أي مشكلة من مشاكلها الخطيرة: من العراق الى السودان.. الى فلسطين حتى الصحراء الغربية.
فلو نجحت الدول العربية في معالجة القضية العراقية خاصة بعد اجتياح الكويت لما تطورت الأمور الى الاجتياح الأميركي.
ولو نجحت الدول العربية في معالجة قضية جنوب السودان والآن قضية دارفور (وغداً لا ندري أين)، لما تدخلت الدول الغربية والافريقية من خلال الأمم المتحدة ومن وراء ظهرها.
ولو نجحت الدول العربية في معالجة قضية الصحراء الغربية لما نشبت سلسلة الصراعات المسلحة التي سفكت دماء الآلاف من المغاربة والجزائريين والصحراويين منذ عام 1975 حتى اليوم، ولما وجد أطراف النزاع أنفسهم في حضن الولايات المتحدة التي تطرح نفسها الوسيط الوحيد لهذه الأزمة.
وكذلك لو نجحت الدول العربية في معالجة قضية العلاقات اللبنانية * السورية في إطار ميثاق الجامعة، لما وصلت الأمور الى الحد الذي وصلت اليه.
طبعاً ليس من الإنصاف ولا من الموضوعية في شيء إلقاء التهم على جامعة الدول العربية كمؤسسة أو على أمينها العام الذي ربما يكون من أكثر الأمناء العامين تفانياً في العمل على معالجة المشاكل العربية الكثيرة بإمكانياته القليلة. إلا أن عدم احترام ميثاق الجامعة، والضرب بمعاهدات التضامن والدفاع المشترك وباتفاقات التعاون الاقتصادي والثقافي والإعلامي عرض الحائط، لا بد أن يؤدي ذلك كله الى تضخم وتعقّد المشكلة العربية التي تعاني منها الدول العربية كلها وبخاصة لبنان
هل لبنان مشكلة عربية؟
خلال الاجتماع الأخير لوزراء خارجية الدول العربية في القاهرة، وصف الأمين العام للجامعة عمرو موسى لبنان بأنه "مشكلة عربية". وهذا ليس صحيحاً. ولأننا نعرف صدق محبة عمرو موسى للبنان وعمق إلمامه بحقائق أوضاعه الداخلية وارتباطاتها الخارجية، فإننا لا نسمح لأنفسنا بأن نعتبر ما قاله مقصوداً أو مترجِماً لحقيقة ما يعرف، أو معبِّراً عن صدق ما يشعر به. فلبنان ليس مشكلة عربية. بل إن في لبنان مشكلة عربية.
وهناك اختلافات واسعة بين التوصيفين. فعندما يكون لبنان مشكلة عربية فإن معنى ذلك أنه يثير من الاضطرابات ويتسبب من المتاعب كمّاً ونوعاً ما يقلق العالم العربي ويسيء الى مصالمه الستراتيجية. ولكن عندما تكون هناك مشكلة عربية في لبنان فإن معناها أن الخلافات العربية العربية، والعربية الإيرانية، والعربية الإسرائيلية، والعربية الأميركية، تتخذ من لبنان، مستغلّة نظامه الديموقراطي الحر، صندوق بريد لتوصيل رسائل الى هذه الجهة أو تلك وتستخدمه مسرحاً للتصارع أحياناً، ومنبراً للتشاتم أحياناً أخرى، الأمر الذي يلحق بأمنه واستقراره واقتصاده وحتى بوحدته الوطنية أفدح الأضرار والخسائر.
إن لبنان هو الذي يعاني من المشاكل العربية. وليست الدول العربية هي التي تعاني من المشكلة اللبنانية، وفي مقدمة هذه المشاكل العربية غياب التضامن وغياب الرؤيا وغياب الستراتيجية الواحدة. وإذا كانت هناك نوايا عربية مخلصة لمساعدة لبنان على تجاوز الصعوبات التي تعصف به الآن، فإن الدول العربية معنية بمعالجة مشاكلها التي تنعكس على لبنان وبالاً وشراً مستطيراً.
طبعاً لا يعني ذلك أن العلاقات اللبنانية * اللبنانية سمن وعسل، وأنها كامرأة قيصر فوق شبهات الاختلافات وحتى الخلافات، ولكن ما كان للبنان أن يصل الى حافة الهاوية لو لم تدفعه اليها الصراعات الاقليمية. وإذا لم يسقط في الهاوية حتى الآن، فذلك لأن المتصارعين الاقليميين يعرفون أن انهياره لن يقتصر عليه وحده، وأن سقوط حجر الدومينو سوف يتبعه تساقط بقية الحجارة.
من هنا الاهتمام العربي، أو لنقل بعض العرب بلبنان. فهو ليس اهتماماً خالصاً لوجه لبنان فقط، ولكنه إضافة الى ذلك هو اهتمام بالدول العربية نفسها وبالمصير العربي المشترك. من أجل ذلك يرحب لبنان بمسعى جامعة الدول العربية ويتطلع اليه ثقة منه بصدق نوايا الأمين العام عمرو موسى. ولكن لبنان يعرف جيداً في الوقت نفسه أن عين الجامعة بصيرة ويدها قصيرة. وهو يرى كيف أن الدول العربية لم تستطع أن تعالج أي مشكلة من مشاكلها الخطيرة: من العراق الى السودان.. الى فلسطين حتى الصحراء الغربية.
فلو نجحت الدول العربية في معالجة القضية العراقية خاصة بعد اجتياح الكويت لما تطورت الأمور الى الاجتياح الأميركي.
ولو نجحت الدول العربية في معالجة قضية جنوب السودان والآن قضية دارفور (وغداً لا ندري أين)، لما تدخلت الدول الغربية والافريقية من خلال الأمم المتحدة ومن وراء ظهرها.
ولو نجحت الدول العربية في معالجة قضية الصحراء الغربية لما نشبت سلسلة الصراعات المسلحة التي سفكت دماء الآلاف من المغاربة والجزائريين والصحراويين منذ عام 1975 حتى اليوم، ولما وجد أطراف النزاع أنفسهم في حضن الولايات المتحدة التي تطرح نفسها الوسيط الوحيد لهذه الأزمة.
وكذلك لو نجحت الدول العربية في معالجة قضية العلاقات اللبنانية * السورية في إطار ميثاق الجامعة، لما وصلت الأمور الى الحد الذي وصلت اليه.
طبعاً ليس من الإنصاف ولا من الموضوعية في شيء إلقاء التهم على جامعة الدول العربية كمؤسسة أو على أمينها العام الذي ربما يكون من أكثر الأمناء العامين تفانياً في العمل على معالجة المشاكل العربية الكثيرة بإمكانياته القليلة. إلا أن عدم احترام ميثاق الجامعة، والضرب بمعاهدات التضامن والدفاع المشترك وباتفاقات التعاون الاقتصادي والثقافي والإعلامي عرض الحائط، لا بد أن يؤدي ذلك كله الى تضخم وتعقّد المشكلة العربية التي تعاني منها الدول العربية كلها وبخاصة لبنان