مشاهدة النسخة كاملة : ### ما كانت النصوص الدستورية مشكلة لمصر يوما ، ولكن الفرعنة وسلب إرادة الشعب ###


أ / طارق عتمان
28-06-2011, 05:07 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

وهل كانت محنة مصر في "النصوص" !!

جمال سلطان | 28-06-2011 02:07

بافتراض عدم وجود استفتاء تاريخي للشعب المصري على خارطة طريق
تبدأ بالانتخابات البرلمانية لإنجاز أول برلمان وطني حر
وأول حكومة مصرية يختارها الشعب
وأول رئيس جمهورية ينصبه الشعب نفسه ،

بافتراض عدم وجود ذلك كله
ثم يخير أي شعب بين أن يبدأ بانتخابات حرة لصياغة أول مؤسسة برلمانية حرة
وبين البدء بنقاش قانوني وسياسي لصياغة دستور جديد تمهيدا لطرحه على استفتاء ،
فإن البديهة المحض ،
بدون فذلكة وشنشنات خبراء ،
تعطي الاختيار الأول الأولوية القصوى ،
لأن الديمقراطية ـ في جوهرها ـ مؤسسات وواقع منتزع وشعب يقرر ، قبل أن تكون نصوصا تكتب ، مهما كانت قيمتها وجمالها ودقة صياغتها .

كثير من دول العالم الثالث تمتلك نصوصا دستورية رائعة وتضاهي الدستور الفرنسي أو الدستور الألماني ،
ولكن الممارسة العملية لا تدع لك أي مجال في اليقين بأنك أمام نظام ديكتاتوري لا صلة له بالديمقراطية ،
وأنك أمام شعب مسلوب الإرادة ومنظومة سياسية واقتصادية مترعة بالفساد والقمع والاستباحة وإهدار حقوق الإنسان ،

وفي المقابل هناك دول تعيش بلا دستور مكتوب أصلا ،
ومع ذلك تمارس أعرق وأرقى حراك ديمقراطي عرفته الإنسانية حتى الآن ، مثل بريطانيا ،

وذلك لأن البديهة السياسية والواقعية تقول بأن أساس الديمقراطية ليس "النص" وإنما الواقع ،
حضور مؤسسات قوية وأحزاب فاعلة ومجتمع أهلي وقضاء مستقل وآليات انتخابية شفافة وبرلمان قوي منفصل عن السلطة التنفيذية ومؤسسات رقابية قوية ومستقلة ،
هذه هي الديمقراطية في الواقع ،
ويبقى أن "النص" الدستوري هو تحصين لذلك الواقع الجديد الذي تشكل وربما تطوير له ، ولا يوجد في أي صراع سياسي محلي أو دولي أن كانت النصوص هي التي تصنع المعادلة السياسية ، وإنما الواقع والإرادة والقدرة ، ثم تأتي النصوص بعد ذلك أو تعدل لتواكب هذا الواقع .

ومن هنا تكون الأمانة مع ثورة شعبنا الرائعة ، أن نسارع بانتزاع مؤسساتنا الديمقراطية ، وفي أعلاها برلمان مصر الحرة ، حتى لو أتى هذا البرلمان بتوازن غير كاف بين القوى السياسية ، فإن الممارسة ستعدل الميزان وتصحح أي خلل جزئي ، لكن المهم أن تنتزع برلمانك ، وأن تنتزع حكومتك الحرة المستقلة ، وأن تنتزع منصب رئاسة الدولة من الفرعونية إلى الديمقراطية ، إلى الشعب ، ينصب رئيسه ويعزله إذا شاء ، وعندما ترسم دستورا جديدا لبلدك بعد ذلك ، فكن على يقين من أن هذا الدستور سيكون تعزيزا لهذه المؤسسية الجديدة ، وترسيخ لتلك الممارسة الديمقراطية التي استقرت ، ودعم قانوني نهائي للانتصار الديمقراطي الذي تحقق على أرض الواقع .

أما أن تدخل من الآن في صراع سياسي وحوار حزبي طويل أو قصير من أجل "نص" يمكن أن يطاح به إذا عجزنا عن صياغة مؤسساتنا الديمقراطية ويمكن التلاعب به إذا لم توجد قوالب ومؤسسات وبرلمان يحميه ، فإن هذا إهدار عمدي للفرصة التاريخية ، وخداع للشعب عن جوهر احتياجه الآن ، وأولويات مطالبه ، والحقيقة أنه لم تكن مشكلة مصر فيما سبق في "النصوص" الدستورية ، رغم عوجها ، ولكن مصيبتنا كانت في الممارسات ، وغياب المؤسسية لصالح الفرعون الفرد ، غياب مؤسسات سياسية قوية وبرلمان حر مستقل ، وانتخابات نزيهة وأدوات انتخابية فوق الشبهات ، وسلطة قضائية مستقلة ، وأحزاب حرة ومطلقة الحركة ، وصحف وفعل إعلامي جاد ومؤثر ، ومؤسسات رقابية حقيقية مستقلة ومهابة ومجتمع مدني قوي وفاعل وراسخ الجذور ، غاب كل ذلك .

لا أحد في مصر الآن مستعد لكي يتراجع خطوة واحدة عن مطالب الثورة وأهدافها ،
لا أحد مستعد بعد الآن أن يضع رأسه تحت حذاء أي طاغية ،
أيا كان منبعه أو خطابه ،
ولا أحد مستعد لأن يقبل بأي نصوص تعيد إنتاج الطغاة والمستبدين ، سواء كانوا إسلاميين أو يساريين أو ليبراليين ، فالطاغية هو الطاغية ، واللوحة التي يضعها فوق رأسه أو بوابة حزبه لن تغير من كونه طاغية ، وكم شهد العالم طغاة مستبدين أذلوا شعوبهم ، بعضهم باسم الدين وبعضهم باسم اليسار وبعضهم باسم الليبرالية والحداثة ، وهم في النهاية طغاة ، لم يسترهم بشيء مسوح الأيديولوجية التي يخفون بها عورتهم الإجرامية ، .. لا أحد في مصر سيقبل أن يسلم لأي نص أو إجراء يسمح أو يمهد ـ ولو من بعيد ـ لمولد طاغية جديد ، مصر ولدت من جديد ، والمصريون على أبواب مجد تاريخي حقيقي ، والذين يشنشنون الآن باسم "الدستور أولا" وتأجيل "انتزاع" برلمان مصر الحر يمثلون ضررا فادحا بمسيرتنا نحو الديمقراطية ، عن عمد أو بسوء تقدير .

أيها الأحباب ، انتزعوا مؤسساتكم الديمقراطية أولا ، واليوم قبل غد ، وشكلوا حكومتكم الحرة واختاروا رئيسكم بأنفسهم للمرة الأولى ، واكتبوا بعد ذلك ما تشاءون من نصوص دستورية ، فلن تكون إلا تتويجا للنصر الذي تحقق ـ حينها ـ بالفعل في الواقع العملي .

جهاد2000
28-06-2011, 12:14 PM
بارك الله فيك أخى الفاضل .

أ / طارق عتمان
28-06-2011, 02:08 PM
جزاكم الله خيرا و وفقنا لما يحب ويرضي

Mr.Salama
29-06-2011, 12:20 AM
جزاكم الله خيرا
اللهم ولي من يصلح

أ / طارق عتمان
06-07-2011, 07:08 AM
جزاكم الله خيرا
اللهم ولي من يصلح

اللهم آمين