omzoda
30-06-2011, 08:45 PM
http://www.elaosboa.com/artsys00/Images/Articles/img_l_4051.jpg
مصطفي بكري:
كان الوقت مبكرا، أطفال ليبيا لا ينامون، يتسللون إلي فراشهم بهدوء، لكن عيونهم البريئة تبقي يقظة، وقلوبهم الخضراء تظل مرتعدة.
أطفال ليبيا تركوا القلم والكراس، أصبحوا يتابعون حكايات الموت والصواريخ المنهمرة من السماء، ثم ينتظرون الأقدار.
في هذا اليوم الاثنين 20 من يونيو الماضي، كانت الطفلة 'خالدة' 6 سنوات كريمة المهندس خالد الخويلدي الحميدي ترقد إلي جوار شقيقها الطفل الخويلدي خالد '4 سنوات'، احتضنا والدتهما المهندسة صفاء وبقيت عيون الجميع ساهرة.
أزيز الطائرات يكاد يصم الآذان.. القلوب ترتعد، أمسكت الأم بطفليها، فالأب غائب في مهمة بعيدا عن المنزل، صوت الطائرات يقترب، يدوي، وفجأة انطلقت الصواريخ الحارقة.
كانت الساعة قد بلغت الرابعة فجرا وكان المكان مدينة صرمان الواقعة علي مسافة 70 كيلو مترا غرب طرابلس، وكانت الغارة تستهدف مدنيين، أطفالا ونساء، إنهم يعرفون أن هذه المنطقة سكنية، ولا توجد بها مواقع أو معسكرات للجيش.
في دقائق معدودة، تحولت أجساد الأطفال إلي أشلاء، تبعثرت وتطايرت، اختلطت الدماء وسالت لتكسو الغرفة باللون القاني، لم يستطع أي منهم أن يصرخ، تحجرت الدموع قبل أن تسقط ثمانية من صواريخ النار والموت والخراب، لتنهي كل شيء.
لم تعط الصواريخ للأم فرصة للمضي بعيدا بالأطفال، لقد كانت موجهة إلي حيث هذا المنزل تحديدا، إنهم يريدون بث الذعر في النفوس، وكأنهم يقتلون الأطفال والنساء عن عمد.
في لحظات حصدوا أرواح خمسة عشر طفلا وسيدة من الأبرياء الذين لم يرتكبوا جرما ضد أحد، ولم يعلنوا الحرب المقدسة ضد الناتو أو يقتلوا الآمنين في باريس أو روما أو برلين أو غيرها من عواصم الغرب.
في البداية أعلن مسئول بحلف الناتو أن الحلف ينفي بشدة مسئوليته عما جري في منطقة صرمان، قائلا: 'لم ننفذ عمليات بهذه المنطقة، وبعدها بدأت حملات التبرير الكاذبة، بقصد امتصاص غضبة الرأي العام'!!
ونسي هؤلاء الجبناء أن 13 ألف غارة شنت علي ليبيا منذ صدور قرار مجلس الأمن رقم 1973، وأن عمليات القتل والدك بالطائرات التي انطلقت منذ 19 مارس الماضي لم يكن هدفها فقط تدمير القوة العسكرية للجيش الليبي.. وإنما كان هدفها هو تدمير ليبيا وحرقها وقتل كل من يعيش علي أرضها.
قبل هذه الغارة الإجرامية بساعات قليلة كانت طائرات الناتو قد قتلت أطفالا ونساء، وشيوخا في سبها بالجنوب الليبي واطلقت صواريخها علي سيارات الإسعاف التي حاولت انقاذ ما يمكن انقاذه، فقتلت أربعة مسعفين وأصابت عشرة آخرين.. وكالعادة أيضا أعلن حلف 'الشيطان' الناتو في بيان من بروكسيل مسئوليته عن مقتل مدنيين بطريق الخطأ صباح يوم الأحد 19 يونيو.
أكثر من ثلاثة أشهر والغارات لا تريد أن تتوقف، تدك البيوت والمنشآت، تحرق وطنا، وتبيد شعبه بزعم القضاء علي كتائب القذافي حماية للمدنيين.
لقد أدنا منذ اليوم الأول هجمات قوات الجيش والأمن الليبي الحكومي علي المتظاهرين في بنغازي والمدن الليبية وطلبنا بالتغيير الجذري لمصلحة الشعب الليبي وليس لمصلحة أمريكا أو إسرائيل أو حلف الناتو.
كان موقفنا واضحَا، ولكن التدخل الغربي - الأمريكي - الصهيوني أكد أن المؤامرة أبعد من الإصلاح والتغيير السلمي، إنها مؤامرة تستهدف ليبيا ووحدتها وقوتها ومنشآتها ونفطها وثرواتها وشعبها.
إنهم يكررون ذات السيناريو الذي سبق أن نفذوه علي أرض العراق، فقسموا البلاد ونهبوا الثروة وأطلقوا حملات إعلامية مسمومة ضد كل من ينادي بمقاومة الغزاة الجدد، وراحوا يتهمونهم بأنهم أيتام صدام، فإذا بالأيام تثبت أن ما جري في العراق لم يكن دفاعا عن الحرية أو الديمقراطية وإنما مؤامرة استهدفت الوطن والشعب.
لقد أعطت الجامعة العربية غطاء شرعيا لحلف الناتو ليبدأ الحرب المدمرة ضد الشعب الليبي دون خجل أو حياء وراحت بعض القنوات الفضائية تتحول إلي آليات عسكرية تمهد للحرب وتحشد الرأي العام الذي صمت علي جرائم الناتو التي اطلقت آلاف الصواريخ والقنابل الحارقة علي الليبيين، فدمرت أكثر من نصف القوة العسكرية الليبية وقتلت الآلاف من الأبرياء وتسببت في خسائر اقتصادية بلغت 480 مليار دولار حتي الآن.
لقد قال الناتو إن الأمر لن يستغرق سوي 72 ساعة فإذا بالحرب تستمر لأكثر من ثلاثة أشهر دون أن يسقط القذافي، رغم ضرباتهم التي استهدفت مقار القيادة وكافة مؤسسات الدولة بلا استثناء.
إن موقفنا هو مع الثورة والثوار، إذا كانت تستهدف مصلحة الشعب الليبي، ولكن أي خراب هذا الذي يحدث، وأي جريمة وتواطؤ ذلك الذي نشهده علي حساب ليبيا ووحدتها.
لقد كنا نتمني أن يتحرك العرب منذ اليوم الأول دفاعا عن الحل السلمي، وكنا نتمني أن يستجيب القذافي لدعوات الإصلاح، ولكن الجميع صم آذانه عن صوت العقل، فوقعت الكارثة وارتضي البعض الاستعانة بالأجنبي لقتل أشقائه وتدمير بلاده، بينما بقينا جميعا نتفرج علي المشهد وكأننا غير عابئين.
إننا لا نستطيع أن نشكك في نبل مقاصد الثوار الحقيقيين الذين انطلقوا من بنغازي، ولكن قطعا لا يمكن لهؤلاء الثوار أن يبقوا صامتين إلي أن تحرق ليبيا من شمالها إلي جنوبها لحساب حفنة من المارقين الذين تآمروا علي ليبيا ليس لحساب الشعب الليبي وإنما لحسابات أبعد بكثير.
لقد بدأت مصر حوارا بين الطرفين، نتمني أن يستمر، ليس فقط لأن ليبيا وقفت مع مصر كثيرا واحتضنت ملايين العاملين علي أراضيها، ولكن لأن ما يجري هو خطر يهدد الأمن القومي المصري والعربي في الصميم، ناهيك عن الدمار والخراب الذي لحق بليبيا ولايزال والذي يحتاج إلي عشرات السنين لإصلاحه.
إن ما يجري هو مخطط يستهدف تقسيم ليبيا إلي شرق وغرب، المستفيد الوحيد هم هؤلاء الذين لا يريدون خيرا بالوطن الليبي شرقه وغربه.
يا أهلنا في ليبيا، ويا عقلاء وحكماء الأمة، تدخلوا لإنهاء هذا الصراع، أغلقوا هذه الصفحة لتسدوا الأبواب أمام الغزاة المجرمين.
لا تتركوا ليبيا تحترق، واجهوا الجميع بأخطائهم، لا نريدكم تقفوا مع النظام أو مع المجلس الانتقالي، قفوا مع ليبيا وأنقذوا شعبها العربي العظيم.
http://www.elaosboa.com/artsys00/ArticleDetails.aspx?Aid=4051
مصطفي بكري:
كان الوقت مبكرا، أطفال ليبيا لا ينامون، يتسللون إلي فراشهم بهدوء، لكن عيونهم البريئة تبقي يقظة، وقلوبهم الخضراء تظل مرتعدة.
أطفال ليبيا تركوا القلم والكراس، أصبحوا يتابعون حكايات الموت والصواريخ المنهمرة من السماء، ثم ينتظرون الأقدار.
في هذا اليوم الاثنين 20 من يونيو الماضي، كانت الطفلة 'خالدة' 6 سنوات كريمة المهندس خالد الخويلدي الحميدي ترقد إلي جوار شقيقها الطفل الخويلدي خالد '4 سنوات'، احتضنا والدتهما المهندسة صفاء وبقيت عيون الجميع ساهرة.
أزيز الطائرات يكاد يصم الآذان.. القلوب ترتعد، أمسكت الأم بطفليها، فالأب غائب في مهمة بعيدا عن المنزل، صوت الطائرات يقترب، يدوي، وفجأة انطلقت الصواريخ الحارقة.
كانت الساعة قد بلغت الرابعة فجرا وكان المكان مدينة صرمان الواقعة علي مسافة 70 كيلو مترا غرب طرابلس، وكانت الغارة تستهدف مدنيين، أطفالا ونساء، إنهم يعرفون أن هذه المنطقة سكنية، ولا توجد بها مواقع أو معسكرات للجيش.
في دقائق معدودة، تحولت أجساد الأطفال إلي أشلاء، تبعثرت وتطايرت، اختلطت الدماء وسالت لتكسو الغرفة باللون القاني، لم يستطع أي منهم أن يصرخ، تحجرت الدموع قبل أن تسقط ثمانية من صواريخ النار والموت والخراب، لتنهي كل شيء.
لم تعط الصواريخ للأم فرصة للمضي بعيدا بالأطفال، لقد كانت موجهة إلي حيث هذا المنزل تحديدا، إنهم يريدون بث الذعر في النفوس، وكأنهم يقتلون الأطفال والنساء عن عمد.
في لحظات حصدوا أرواح خمسة عشر طفلا وسيدة من الأبرياء الذين لم يرتكبوا جرما ضد أحد، ولم يعلنوا الحرب المقدسة ضد الناتو أو يقتلوا الآمنين في باريس أو روما أو برلين أو غيرها من عواصم الغرب.
في البداية أعلن مسئول بحلف الناتو أن الحلف ينفي بشدة مسئوليته عما جري في منطقة صرمان، قائلا: 'لم ننفذ عمليات بهذه المنطقة، وبعدها بدأت حملات التبرير الكاذبة، بقصد امتصاص غضبة الرأي العام'!!
ونسي هؤلاء الجبناء أن 13 ألف غارة شنت علي ليبيا منذ صدور قرار مجلس الأمن رقم 1973، وأن عمليات القتل والدك بالطائرات التي انطلقت منذ 19 مارس الماضي لم يكن هدفها فقط تدمير القوة العسكرية للجيش الليبي.. وإنما كان هدفها هو تدمير ليبيا وحرقها وقتل كل من يعيش علي أرضها.
قبل هذه الغارة الإجرامية بساعات قليلة كانت طائرات الناتو قد قتلت أطفالا ونساء، وشيوخا في سبها بالجنوب الليبي واطلقت صواريخها علي سيارات الإسعاف التي حاولت انقاذ ما يمكن انقاذه، فقتلت أربعة مسعفين وأصابت عشرة آخرين.. وكالعادة أيضا أعلن حلف 'الشيطان' الناتو في بيان من بروكسيل مسئوليته عن مقتل مدنيين بطريق الخطأ صباح يوم الأحد 19 يونيو.
أكثر من ثلاثة أشهر والغارات لا تريد أن تتوقف، تدك البيوت والمنشآت، تحرق وطنا، وتبيد شعبه بزعم القضاء علي كتائب القذافي حماية للمدنيين.
لقد أدنا منذ اليوم الأول هجمات قوات الجيش والأمن الليبي الحكومي علي المتظاهرين في بنغازي والمدن الليبية وطلبنا بالتغيير الجذري لمصلحة الشعب الليبي وليس لمصلحة أمريكا أو إسرائيل أو حلف الناتو.
كان موقفنا واضحَا، ولكن التدخل الغربي - الأمريكي - الصهيوني أكد أن المؤامرة أبعد من الإصلاح والتغيير السلمي، إنها مؤامرة تستهدف ليبيا ووحدتها وقوتها ومنشآتها ونفطها وثرواتها وشعبها.
إنهم يكررون ذات السيناريو الذي سبق أن نفذوه علي أرض العراق، فقسموا البلاد ونهبوا الثروة وأطلقوا حملات إعلامية مسمومة ضد كل من ينادي بمقاومة الغزاة الجدد، وراحوا يتهمونهم بأنهم أيتام صدام، فإذا بالأيام تثبت أن ما جري في العراق لم يكن دفاعا عن الحرية أو الديمقراطية وإنما مؤامرة استهدفت الوطن والشعب.
لقد أعطت الجامعة العربية غطاء شرعيا لحلف الناتو ليبدأ الحرب المدمرة ضد الشعب الليبي دون خجل أو حياء وراحت بعض القنوات الفضائية تتحول إلي آليات عسكرية تمهد للحرب وتحشد الرأي العام الذي صمت علي جرائم الناتو التي اطلقت آلاف الصواريخ والقنابل الحارقة علي الليبيين، فدمرت أكثر من نصف القوة العسكرية الليبية وقتلت الآلاف من الأبرياء وتسببت في خسائر اقتصادية بلغت 480 مليار دولار حتي الآن.
لقد قال الناتو إن الأمر لن يستغرق سوي 72 ساعة فإذا بالحرب تستمر لأكثر من ثلاثة أشهر دون أن يسقط القذافي، رغم ضرباتهم التي استهدفت مقار القيادة وكافة مؤسسات الدولة بلا استثناء.
إن موقفنا هو مع الثورة والثوار، إذا كانت تستهدف مصلحة الشعب الليبي، ولكن أي خراب هذا الذي يحدث، وأي جريمة وتواطؤ ذلك الذي نشهده علي حساب ليبيا ووحدتها.
لقد كنا نتمني أن يتحرك العرب منذ اليوم الأول دفاعا عن الحل السلمي، وكنا نتمني أن يستجيب القذافي لدعوات الإصلاح، ولكن الجميع صم آذانه عن صوت العقل، فوقعت الكارثة وارتضي البعض الاستعانة بالأجنبي لقتل أشقائه وتدمير بلاده، بينما بقينا جميعا نتفرج علي المشهد وكأننا غير عابئين.
إننا لا نستطيع أن نشكك في نبل مقاصد الثوار الحقيقيين الذين انطلقوا من بنغازي، ولكن قطعا لا يمكن لهؤلاء الثوار أن يبقوا صامتين إلي أن تحرق ليبيا من شمالها إلي جنوبها لحساب حفنة من المارقين الذين تآمروا علي ليبيا ليس لحساب الشعب الليبي وإنما لحسابات أبعد بكثير.
لقد بدأت مصر حوارا بين الطرفين، نتمني أن يستمر، ليس فقط لأن ليبيا وقفت مع مصر كثيرا واحتضنت ملايين العاملين علي أراضيها، ولكن لأن ما يجري هو خطر يهدد الأمن القومي المصري والعربي في الصميم، ناهيك عن الدمار والخراب الذي لحق بليبيا ولايزال والذي يحتاج إلي عشرات السنين لإصلاحه.
إن ما يجري هو مخطط يستهدف تقسيم ليبيا إلي شرق وغرب، المستفيد الوحيد هم هؤلاء الذين لا يريدون خيرا بالوطن الليبي شرقه وغربه.
يا أهلنا في ليبيا، ويا عقلاء وحكماء الأمة، تدخلوا لإنهاء هذا الصراع، أغلقوا هذه الصفحة لتسدوا الأبواب أمام الغزاة المجرمين.
لا تتركوا ليبيا تحترق، واجهوا الجميع بأخطائهم، لا نريدكم تقفوا مع النظام أو مع المجلس الانتقالي، قفوا مع ليبيا وأنقذوا شعبها العربي العظيم.
http://www.elaosboa.com/artsys00/ArticleDetails.aspx?Aid=4051