تغريد الطيور
04-07-2011, 03:10 PM
أشتقت إليهــــــــا !!!
استيقظتُ على صوتها الجميل و هى تضع يدها الحانية على وجهى الصغير و تمسح بيدها الاخرى شعرى القصير و تقول لى برقة : استيقظى يا بنيتى فقد حان موعد الافطار .. فقلت بإبتسامة خفيفة : حسناً يا أمى سأستيقظ حالاً .. فقمت من على سريرى و ارتديت ملابسى و جائت أمى لتوصلنى إلى مدرستى و حين وصلنا قبلت جبينى و قالت لى و الابتسامة لا تفارق شفتيها : حسناً حبيبتى سآتى لآخذكِ بعد الدوام .. إلى اللقاء J
هكذا كانت علاقتى بأمى الحنونة ؛ علاقة تسودها الحب و المودة و الحنان .. كانت أمى كل شئ فى حياتى ، كانت صديقتى التى أقص عليها حكاياتى ، كانت ملجئى حين أقع فى مشكلة ، و كانت .. أمى !
و بمرور الايام .. لاحظت على أمى اشياء غريبة لم الاحظها عليها قط ؛ فقد كانت لا تلاعبنى كما كانت تفعل فى السابق ، كانت لا تلاطفنى ، كانت تبتعد عنى اذا اقتربت منها لأحضنها ، كانت لا تحدثنى كثيراً حتى إنها أصبحت لا تنام معى على نفس السرير !
و فى ذات ليلة عصيبة ممطرة .. وجدت أمى تجهز نفسها لتلبس و تقول لى :" هيا ارتدى ملابسكِ حالاً ، سنذهب إلى مكانٍ هامٍ " لم اجد وقتاً للتفكير و قمت بارتداء ملابسى ..
و ساد الصمت بيننا و نحن فى الطريق إلى المكان المجهول .. ثـــــم ظهر من بين الامطار مبنى كبير قديم ثم وجت أمى تشدنى من يدى إلى مدخل هذا المبنى و هى تردد عبارت و عيناها ممتلئة بالدموع : وداعاً حبيبتى وداعاً ..
وجدت نفسى باكيةً و اصرخ : أمى أمى انتظرينى يا أمى ..
ثـــم ظهرت سيدة عجوز من المبنى القديم و قالت لى : لابد انكِ الفتاة التى اخبرتنى عنها السيدة ( زينب ) هيا ادخلى الآن !
نعــــم .. كان هذا اسم والدتى و كان هذا المكان هو ملجأ للايتام ؛ تذهب إليه الفتيات اليتيمات اللاتى ليس لديهن اهل ليعشن بقية حياتهن !
أهذا هو مكانى ؟ فى ملجأ للايتام ! و بعد حياتى الرائعة مع مع أمى !
منذ ذلك اليوم العصيب أصبحت اكره أمى و لا أطيق أن اسمع اسمها ابداً لما فعلته لى ؛ فقد جعلتنى اذهب الى دارٍ للايتام مع انى لست يتيمة و ما الذى فعلته انا حتى تفعل بى هذا ؟ انا لم افعل شيئا ً .. بل انى كنت اعاملها افضل معاملة و كنت احبها جداً و افعل اى شئٍ لاسعادها !
( أفقتدتكِ يا أماه ! )
قضيت فى ملجأ الايتام ايام كثيرة لا تطاق ما بين الدراسة و التنظيف ، و طاعة الاوامر و مخالفتها ، و التعرض للعقوبات .. حتى صرت فى الخامسة عشر من العمر .
و فى يوم ميلادى الخامس عشر .. جلست على سريرى القديم البالى الذى يغطيه اقمشة بالية مقطعة و صرت ابكى و ابكى و اتذكر يوم ميلادى العاشر الذى احتفلناه انا و امى معاً و الهدية الجميلة التى احضرتها امى لى و هى ذلك الخاتم الذى لازلت ارتديه الى اليوم و ظللت اتذكر انه مر خمس سنوات و لم تسأل امى علىّ مرة واحدة و ظللت ابكى و ابكى .. و فى ظل انهيارى فى البكاء .. نادتنى مديرة الملجأ حتى احضر لها .. فمسحت دموعى و ذهبت اليها مسرعة .
و فى المكتب ..وجدت ما لم اتوقعه فى حياتى ابداً ؛ لقد وجدت تلك المرأة التى لها مكانة خاصة فى قلبى .. تلك التى كانت تحضننى بحضنها الدافئ .. تلك التى كانت تقبلنى على جبينى .. تلك التى كانت تحبنى و احبها .. تلك هى ( أمى ! ) .
نعـــــم أمى .. أبعد خمس سنوات لازالت تذكرنى أم ماذا ؟؟؟
قابلتها بكل حقارة و لم انظر الى وجهها و قطع تفكيرى صوتها الرقيق : حبيبتى لقد لفتقدتك كثيراً و افتقدت حضنكِ الجميل ..
خرجت دمعة ساخنة من عينى و تظاهرت بعدم المبالاه لكلامها ثم اكملت حديثها :
انى اعلم انكِ غاضبةٌ منى و لكنكِ لا تفهمين ..
فصحت بوجهها : لا أفهم !!! ما الذى لا افهمه ؟ انى جئت الى ملجأٍ للايتام و ظللت اعذب فيه مدة خمس سنوات و لم تجيئى مرو واحدة كى تسألى علىّ ! أهذا الذى لا افهمه يا أمـ.. لا انى لن اناديكى بهذا الاسم فانتِ لا تستحقينه .. انا اكرهك !
و خرجت من المكتب ز جريت بعيداً و الدموع تبلل عينى ، حتى وصلت الى النهر ، فقررت ان ان القى الخاتم الذى اهدته لى و لكنى لا استطيع رميه لا اعرف لماذا و لكن فجأة احسست ان رأسى تدور و تلف و لا استطيع الحفاظ على توازنى حتى اصبحت واقعةً على الارض و فى يدى الخاتم امسكه بقوة و لا استطيع الحركة !
وجدت نفسى فى مصحة الملجأ و يدى ما زال بها الخاتم و بجانبى مديرة الملجأ و على الناحية الاخرى تجلس الممرضة و عندما افقت ، بادرت المديرة بالكلام : حمداً لله على سلامتك يا سلوى .. انى اريد ان اخبركِ شيئاً .
فصمتُ و اشرت لها بان تكمل الحديث ، فقالت : ان والدتكِ كانت منذ خمس سنوات تعانى من مرض خطير جداً و هو يعدى كل من يقترب منها أو يلمسها و قد احضرتكِ الى هذا المكان حتى تبتعدى عنها و لا يصل اليكِ المرض .. لذلك فهى تطلب العذر منكِ و الصفح و تقول لكِ انها آسفة جداً و لن تريها ثانيةً فهى ذاهبة الى مدينة اخرى لتواصل حياتها و هى الان فى محطة القطار ( .....)
أحسست ان سكيناً كبيرة تتوغل داخل اعماقى عند سماعى لكلام المديرة كما شعرت بان دموعى تنهمر من عينى رغماً عنى ، و بحركةٍ تلقائية وجدت نفسى اجرى و اجرى باتجاه محطة ( ..... ) و انا ابكى و ابكى و اردد : انا آسفة جداً يا أمى سامحينى ، إن آخر كلمة قلتها لكِ انى اكرهكِ انا حقاً حقاً آسفة انا لا اكرهك بتاتاً انا احبكِ من اعماق قلبى لا اريد ان تذهبى ارجوكِ انتظرينى يا أماه !!
وقفت امام القطار و انا ابحث فى كل مكان عنها و لكن بصعوبة بسبب هذه الدموع التى تبلل عينى ثم وجدت شخصاً يقول لى : أهذا انتِ حبيبتى ؟!
انجذبت بشدة اليها و قد ضمتنى اليها بحضنها الجميل الدافئ و قلت لها بصوتٍ اجش يخالطه الدموع : لقد افتقدت حضنكِ يا امى .. سامحينى على كل شئ لا تغضبى منى !
فقالت لى : و أى امٍ اكون حتى اغضب من بنيتى قرة عينى !
و قالت لى و هى تمسك يدى : ألا زلتِ تحتفظين بهذا الخاتم ! إن هذا الخاتم هو الشئ الوحيد الذى اهداه لى والدكِ قبل ان يموت .
عندها ادركت مدى كونى محظوظة بأن لدىّ أم مثل تلك الام الحنونة .
رجعنا معاً الى منزلنا الصغير و فى يدى الخاتم و انا فى غاية السعادة بل انى اشعر انى طائر احلق فى السماء و يدى تمسك بيدها الدافئة الحانية و على وجهها ابتسامة جميلة لا تفارقها .
( النهاية )
By : NouR ElemaN
استيقظتُ على صوتها الجميل و هى تضع يدها الحانية على وجهى الصغير و تمسح بيدها الاخرى شعرى القصير و تقول لى برقة : استيقظى يا بنيتى فقد حان موعد الافطار .. فقلت بإبتسامة خفيفة : حسناً يا أمى سأستيقظ حالاً .. فقمت من على سريرى و ارتديت ملابسى و جائت أمى لتوصلنى إلى مدرستى و حين وصلنا قبلت جبينى و قالت لى و الابتسامة لا تفارق شفتيها : حسناً حبيبتى سآتى لآخذكِ بعد الدوام .. إلى اللقاء J
هكذا كانت علاقتى بأمى الحنونة ؛ علاقة تسودها الحب و المودة و الحنان .. كانت أمى كل شئ فى حياتى ، كانت صديقتى التى أقص عليها حكاياتى ، كانت ملجئى حين أقع فى مشكلة ، و كانت .. أمى !
و بمرور الايام .. لاحظت على أمى اشياء غريبة لم الاحظها عليها قط ؛ فقد كانت لا تلاعبنى كما كانت تفعل فى السابق ، كانت لا تلاطفنى ، كانت تبتعد عنى اذا اقتربت منها لأحضنها ، كانت لا تحدثنى كثيراً حتى إنها أصبحت لا تنام معى على نفس السرير !
و فى ذات ليلة عصيبة ممطرة .. وجدت أمى تجهز نفسها لتلبس و تقول لى :" هيا ارتدى ملابسكِ حالاً ، سنذهب إلى مكانٍ هامٍ " لم اجد وقتاً للتفكير و قمت بارتداء ملابسى ..
و ساد الصمت بيننا و نحن فى الطريق إلى المكان المجهول .. ثـــــم ظهر من بين الامطار مبنى كبير قديم ثم وجت أمى تشدنى من يدى إلى مدخل هذا المبنى و هى تردد عبارت و عيناها ممتلئة بالدموع : وداعاً حبيبتى وداعاً ..
وجدت نفسى باكيةً و اصرخ : أمى أمى انتظرينى يا أمى ..
ثـــم ظهرت سيدة عجوز من المبنى القديم و قالت لى : لابد انكِ الفتاة التى اخبرتنى عنها السيدة ( زينب ) هيا ادخلى الآن !
نعــــم .. كان هذا اسم والدتى و كان هذا المكان هو ملجأ للايتام ؛ تذهب إليه الفتيات اليتيمات اللاتى ليس لديهن اهل ليعشن بقية حياتهن !
أهذا هو مكانى ؟ فى ملجأ للايتام ! و بعد حياتى الرائعة مع مع أمى !
منذ ذلك اليوم العصيب أصبحت اكره أمى و لا أطيق أن اسمع اسمها ابداً لما فعلته لى ؛ فقد جعلتنى اذهب الى دارٍ للايتام مع انى لست يتيمة و ما الذى فعلته انا حتى تفعل بى هذا ؟ انا لم افعل شيئا ً .. بل انى كنت اعاملها افضل معاملة و كنت احبها جداً و افعل اى شئٍ لاسعادها !
( أفقتدتكِ يا أماه ! )
قضيت فى ملجأ الايتام ايام كثيرة لا تطاق ما بين الدراسة و التنظيف ، و طاعة الاوامر و مخالفتها ، و التعرض للعقوبات .. حتى صرت فى الخامسة عشر من العمر .
و فى يوم ميلادى الخامس عشر .. جلست على سريرى القديم البالى الذى يغطيه اقمشة بالية مقطعة و صرت ابكى و ابكى و اتذكر يوم ميلادى العاشر الذى احتفلناه انا و امى معاً و الهدية الجميلة التى احضرتها امى لى و هى ذلك الخاتم الذى لازلت ارتديه الى اليوم و ظللت اتذكر انه مر خمس سنوات و لم تسأل امى علىّ مرة واحدة و ظللت ابكى و ابكى .. و فى ظل انهيارى فى البكاء .. نادتنى مديرة الملجأ حتى احضر لها .. فمسحت دموعى و ذهبت اليها مسرعة .
و فى المكتب ..وجدت ما لم اتوقعه فى حياتى ابداً ؛ لقد وجدت تلك المرأة التى لها مكانة خاصة فى قلبى .. تلك التى كانت تحضننى بحضنها الدافئ .. تلك التى كانت تقبلنى على جبينى .. تلك التى كانت تحبنى و احبها .. تلك هى ( أمى ! ) .
نعـــــم أمى .. أبعد خمس سنوات لازالت تذكرنى أم ماذا ؟؟؟
قابلتها بكل حقارة و لم انظر الى وجهها و قطع تفكيرى صوتها الرقيق : حبيبتى لقد لفتقدتك كثيراً و افتقدت حضنكِ الجميل ..
خرجت دمعة ساخنة من عينى و تظاهرت بعدم المبالاه لكلامها ثم اكملت حديثها :
انى اعلم انكِ غاضبةٌ منى و لكنكِ لا تفهمين ..
فصحت بوجهها : لا أفهم !!! ما الذى لا افهمه ؟ انى جئت الى ملجأٍ للايتام و ظللت اعذب فيه مدة خمس سنوات و لم تجيئى مرو واحدة كى تسألى علىّ ! أهذا الذى لا افهمه يا أمـ.. لا انى لن اناديكى بهذا الاسم فانتِ لا تستحقينه .. انا اكرهك !
و خرجت من المكتب ز جريت بعيداً و الدموع تبلل عينى ، حتى وصلت الى النهر ، فقررت ان ان القى الخاتم الذى اهدته لى و لكنى لا استطيع رميه لا اعرف لماذا و لكن فجأة احسست ان رأسى تدور و تلف و لا استطيع الحفاظ على توازنى حتى اصبحت واقعةً على الارض و فى يدى الخاتم امسكه بقوة و لا استطيع الحركة !
وجدت نفسى فى مصحة الملجأ و يدى ما زال بها الخاتم و بجانبى مديرة الملجأ و على الناحية الاخرى تجلس الممرضة و عندما افقت ، بادرت المديرة بالكلام : حمداً لله على سلامتك يا سلوى .. انى اريد ان اخبركِ شيئاً .
فصمتُ و اشرت لها بان تكمل الحديث ، فقالت : ان والدتكِ كانت منذ خمس سنوات تعانى من مرض خطير جداً و هو يعدى كل من يقترب منها أو يلمسها و قد احضرتكِ الى هذا المكان حتى تبتعدى عنها و لا يصل اليكِ المرض .. لذلك فهى تطلب العذر منكِ و الصفح و تقول لكِ انها آسفة جداً و لن تريها ثانيةً فهى ذاهبة الى مدينة اخرى لتواصل حياتها و هى الان فى محطة القطار ( .....)
أحسست ان سكيناً كبيرة تتوغل داخل اعماقى عند سماعى لكلام المديرة كما شعرت بان دموعى تنهمر من عينى رغماً عنى ، و بحركةٍ تلقائية وجدت نفسى اجرى و اجرى باتجاه محطة ( ..... ) و انا ابكى و ابكى و اردد : انا آسفة جداً يا أمى سامحينى ، إن آخر كلمة قلتها لكِ انى اكرهكِ انا حقاً حقاً آسفة انا لا اكرهك بتاتاً انا احبكِ من اعماق قلبى لا اريد ان تذهبى ارجوكِ انتظرينى يا أماه !!
وقفت امام القطار و انا ابحث فى كل مكان عنها و لكن بصعوبة بسبب هذه الدموع التى تبلل عينى ثم وجدت شخصاً يقول لى : أهذا انتِ حبيبتى ؟!
انجذبت بشدة اليها و قد ضمتنى اليها بحضنها الجميل الدافئ و قلت لها بصوتٍ اجش يخالطه الدموع : لقد افتقدت حضنكِ يا امى .. سامحينى على كل شئ لا تغضبى منى !
فقالت لى : و أى امٍ اكون حتى اغضب من بنيتى قرة عينى !
و قالت لى و هى تمسك يدى : ألا زلتِ تحتفظين بهذا الخاتم ! إن هذا الخاتم هو الشئ الوحيد الذى اهداه لى والدكِ قبل ان يموت .
عندها ادركت مدى كونى محظوظة بأن لدىّ أم مثل تلك الام الحنونة .
رجعنا معاً الى منزلنا الصغير و فى يدى الخاتم و انا فى غاية السعادة بل انى اشعر انى طائر احلق فى السماء و يدى تمسك بيدها الدافئة الحانية و على وجهها ابتسامة جميلة لا تفارقها .
( النهاية )
By : NouR ElemaN