الاستاذ محمود حميد
05-08-2011, 11:35 PM
شجرة المانجو
لم أعد أطيق العيش في هذه المدينة بعيداً عنها.....
وكطفل تائة تحركة رغبة قوية في العودة إلي منزلة بعد فترة طويلة من البحث والضياع !
ركبت سيارتي وبداخلي تلك الرغبة القوية في العودة إلي قريتي حيث نشأت وحيث تركت العديد من الذكريات وحيث تتواجد هي ......
لم اشعر بطول الطريق فقط أريد العودة إلي حيث تركت طفولتي فقد مللت من ارتداء تلك الملابس الخانقة
اشتقت إلي ارتداء الجلباب الذي طالما كنت امقت ارتدائة !
سنوات كثيرة مرت منذ رحلت عن القرية تركتها قبل أن تغزوها مظاهر الحداثة وقبل أن تحل الأطباق اللاقطة محل أبراج الحمام
لم تستهويني حياة القرية في صغري فكنت دائم التطلع إلي الإقامة في المدينة الكبيرة حيث تسكن هند .
***
أستطيع أن اعزوا تلك الرغبة الجامحة التي كانت تجتاحني لترك القرية والعيش بالمدينة إلي هند ابنة خالي التي تصغرني بعامين
ربما لم اعرف الكرة أو المكر في سنوات عمري الأولي فقد كنت أحب العديد من الأشياء و عندما كنت ألمحها تجري وتمرح وسط الحقول كنت اشعر بشعور مختلف كانت لدي رغبة عارمة في أن أضمها إلي وأقول لها أنها أجمل تلك الأشياء التي اعشقها ولكن لم تكن لدي الجرأة لأفعل شيئاً كهذا
كانت تأتي في كل صيف لزيارة بلدتنا لتلهو وتستمتع في إجازة الصيف أما أنا فقدر لي أن أعيش فيها كل فصول السنة إلي أن قررت العيش في المدينة بعد الانتهاء من دراستي الجامعية ولأكون قريباً من عملي
حاولت كثيراً أن أنساها ربما عجزاً مني !!
***
من بين أحضان الرمال وأشجار السنط والأثل لاحت لي قريتي
طرق معبدة وبيوت من الطوب الأحمر وأطفال يلهون بملابسهم الغير تقليدية فلقد اختفت الجلابيب واندثرت أزياء الفتيات التقليدية !
***
مازالت تقف في شموخ أمام بيت جدي ظلالها تمتد إلي كل مكان ....
لم تكن مجرد شجرة مانجو عادية كانت أشهر شجرة في قريتنا كانت بمثابة محطة يتواعد الفلاحين عندها ربما للذهاب الي السوق أو إلي حقولهم ربما تسمع احدهم يقول للأخر سأنتظرك في الظهيرة عند شجرة صابر وصابر هذا لم يكن سوي جدي أو الكاهن الأكبر كما كنا ننادية أنا وأقراني
فهذا الكاهن البخيل ظل يمنعني كثيراً من الاقتراب من معبدة الأثير أو شجرة المانجو كان دائم الجلوس أسفلها حتى في وقت القيلولة يفضل أن ينام تحت ظلالها لم يكن يبتعد كثيراً عنها
حتى لا يقترب احد من ثمارها الشهية
ظل مخلصاً لها كثيراً ككاهن لا يترك معبدة
حتى وجدوة بعد سنوات عدة ميتاً تحت ظلالها
لم يكن يسمح لأي منا أن نقترب من شجرتة أو نلتقط واحدة من ثمارها الخضراء الساقطة علي الأرض
***
في الصباح كنا نتجمع أنا وزملاء المدرسة تحت ظلالها قبل أن نذهب إلي المدرسة كانت بمثابة محطة ننتظر قدوم الجميع من منازلهم قبل الانطلاق إلي المدرسة وعند العودة نعرج علي الزير الذي شد وثاقة حول جزعها الضخم المليء بالنتوءات فنروي عطشنا من ماءة البارد اقتربت من هذا الزير العتيق نظرت بداخلة لم أجد به ماء لم يعد احد يعتني به بعد أن غزت (الكولديرات) شوارع القرية !
كنا دوماً نتسابق علي جمع ثمارها الخضراء القليلة الساقطة علي الأرض نخطفها سريعاً قبل أن يلحقنا جدي والذي كان يرمينا بالطوب والأحجار وهو يلعننا ويسب ابائنا وأمهاتنا !
علي الرغم من ذلك لم تكن تعجبني ثمارها الخضراء فقد كانت حمضية ذات طعم لاذع يسبب لي قشعريرة عندما ااكلها
كنت دوماً أتطلع إلي ثمارها الصفراء الناضجة الموجودة في فروعها البعيدة والتي تميل للون الأصفر
نظرت لأعلي الشجرة لم تعد فروعها تحمل شيئا سوي الأوراق الخضراء وبعض الثمار الناضجة القليلة !
***
الوحيدة التي كان يسمح لها أن تتذوق ثمار المانجو الناضجة هي هند !
فقد اعتاد خالي أن يقضي أجازة الصيف في منزل جدي وكان يحضر معه الكثير من الهدايا التي تأسر قلب جدي !
و كانت هند تتعامل معي بطريقة تفوق عمرها كأنسه كبيرة رغم أنها لم تكن قد تجاوزت العاشرة من عمرها !
تعجبني لكنتها القاهرية ......
حاولت كثيراً أن أقلدها فأفشل وكانت تضحك عندما انطق كلمة " منجة " فقد كنت اقسم الكلمة إلي نصفين " مين جة " فترد ضاحكة لم يأتي احد ...........
كنت ارفض ارتداء الجلباب وأصر علي ارتداء البنطلون والقميص رغم أنني لا املك سوا بنطلون وقميص خاصين بالمدرسة ظلا معي طويلاً جداً بفضل التعديلات الكثيرة التي كانت تجريها أمي عليهما
كثيراً ما وبختني أمي قائلة في لهجة محذرة
لو تمزقت ملابسك فلن اشتري لك غيرها فانا لا املك النقود وأبوك عامل أجير لا يملك إلا قوت يومة
لم أكن اهتم بكلامها رغما عني فقد كانت لدي رغبة كبيرة في أن الفت انتباة هند لتعرف مشاعري تجاهها ولكني كنت اجبن من ذلك !
استمر هذا الجبن بداخلي حتي كبرت وحتي بعد أن تبادلنا الأدوار فبعد أن مات جدي وخرج خالي علي المعاش فضل أن يسكن في قريتنا وان يحافظ علي ما ميراثة من جدي , أما أنا فقررت العيش في المدينة
لا ادري لماذا ظللت عاجزاً عن البوح بتلك المشاعر علي الرغم من أنني بداخي رغبة كبيرة في لفت انتباهها
ولم أكن اسمح لشيء يثنيني عن تلك الرغبة حتي وقع المحذور
شاهدتها تمسك فرعاً ً يابساً من نبات الذرة تحاول أن تسقط احدي ثمار المانجو
اقتربت منها متصنعاً البطولة
- أستطيع أن أتسلق الشجرة سريعاً واقطف تلك الثمرة
- ولكن ربما تسقط من علي الشجرة فيحدث لك مكروهاً
وبابتسامه الواثق من نفسه
- لا تخافي فانا معتاد علي تسلقها
- كن حذراً
وضعت يدأي علي فرع قريب مني وبدأت أتشبث به محاولاً الصعود وبعد محاولات من الصعود والهبوط استطعت تسلقها نظرت إلي هند ووجدت في عيناها نظرات لطالما بحثت عنها فلقد كانت تنظر لي بإعجاب كبطل يستطيع أن يحقق لها ما تريدة بدأت أتخلي عن حذري وبدأت أخطو بخطوات واثقة فوق هذا الفرع وقبل أن أميل بجسدي لأقطف ثمرة المانجو زلت قدمي من فوق الفرع ووجدت نفسي اهوي بسرعة نحو الأسفل
تمزقت ملابسي وتلطخ وجهي بالطين
سمعتها تصرخ
الحقوا احمد الحقوووووووو احمد
لا ادري إن كانت تلك الصرخة تتردد بداخي منذ ذلك الحين أم يهيئ لي بأن احدهم ينادي باسمي ..........
نظرت خلفي
كانت هي وقد أصبحت أنسه حقيقة فقط الاختلاف في أنها ربما أصبحت أجمل كثيراً عما كانت
وبصوتها العذب سألتني
- ماذا تفعل هنا ؟
أشرت بأصبعي ناحية احدي الثمار القريبة
- أحاول أن اجلب تلك الثمرة
- لا تؤذي نفسك فربما تسقط مرة أخري
- لا تخافي فلن اسمح لشيء يثنيني عن رغبتي هذه المرة
صعدت سريعاً فوق الشجرة واستطعت أن أتسلق فرعاً اعلي بكثير من هذا الذي أسقطني صغيراً
تناولت واحدة من ثمارها الناضجة ثم هبطت من الشجرة وأنا انظر إليها قائلاً
أتقبلين أن نتقاسم تلك المين جه
هذه المرة لم ترد ضاحكة ( لم يأتي احد)
فقط نظرت إلي الأرض وقد احمر وجهها خجلاً .
محمود
اهداء مني الي كل اخواني واخواتي اعضاء وعضوات منتدانا الغالي
لم أعد أطيق العيش في هذه المدينة بعيداً عنها.....
وكطفل تائة تحركة رغبة قوية في العودة إلي منزلة بعد فترة طويلة من البحث والضياع !
ركبت سيارتي وبداخلي تلك الرغبة القوية في العودة إلي قريتي حيث نشأت وحيث تركت العديد من الذكريات وحيث تتواجد هي ......
لم اشعر بطول الطريق فقط أريد العودة إلي حيث تركت طفولتي فقد مللت من ارتداء تلك الملابس الخانقة
اشتقت إلي ارتداء الجلباب الذي طالما كنت امقت ارتدائة !
سنوات كثيرة مرت منذ رحلت عن القرية تركتها قبل أن تغزوها مظاهر الحداثة وقبل أن تحل الأطباق اللاقطة محل أبراج الحمام
لم تستهويني حياة القرية في صغري فكنت دائم التطلع إلي الإقامة في المدينة الكبيرة حيث تسكن هند .
***
أستطيع أن اعزوا تلك الرغبة الجامحة التي كانت تجتاحني لترك القرية والعيش بالمدينة إلي هند ابنة خالي التي تصغرني بعامين
ربما لم اعرف الكرة أو المكر في سنوات عمري الأولي فقد كنت أحب العديد من الأشياء و عندما كنت ألمحها تجري وتمرح وسط الحقول كنت اشعر بشعور مختلف كانت لدي رغبة عارمة في أن أضمها إلي وأقول لها أنها أجمل تلك الأشياء التي اعشقها ولكن لم تكن لدي الجرأة لأفعل شيئاً كهذا
كانت تأتي في كل صيف لزيارة بلدتنا لتلهو وتستمتع في إجازة الصيف أما أنا فقدر لي أن أعيش فيها كل فصول السنة إلي أن قررت العيش في المدينة بعد الانتهاء من دراستي الجامعية ولأكون قريباً من عملي
حاولت كثيراً أن أنساها ربما عجزاً مني !!
***
من بين أحضان الرمال وأشجار السنط والأثل لاحت لي قريتي
طرق معبدة وبيوت من الطوب الأحمر وأطفال يلهون بملابسهم الغير تقليدية فلقد اختفت الجلابيب واندثرت أزياء الفتيات التقليدية !
***
مازالت تقف في شموخ أمام بيت جدي ظلالها تمتد إلي كل مكان ....
لم تكن مجرد شجرة مانجو عادية كانت أشهر شجرة في قريتنا كانت بمثابة محطة يتواعد الفلاحين عندها ربما للذهاب الي السوق أو إلي حقولهم ربما تسمع احدهم يقول للأخر سأنتظرك في الظهيرة عند شجرة صابر وصابر هذا لم يكن سوي جدي أو الكاهن الأكبر كما كنا ننادية أنا وأقراني
فهذا الكاهن البخيل ظل يمنعني كثيراً من الاقتراب من معبدة الأثير أو شجرة المانجو كان دائم الجلوس أسفلها حتى في وقت القيلولة يفضل أن ينام تحت ظلالها لم يكن يبتعد كثيراً عنها
حتى لا يقترب احد من ثمارها الشهية
ظل مخلصاً لها كثيراً ككاهن لا يترك معبدة
حتى وجدوة بعد سنوات عدة ميتاً تحت ظلالها
لم يكن يسمح لأي منا أن نقترب من شجرتة أو نلتقط واحدة من ثمارها الخضراء الساقطة علي الأرض
***
في الصباح كنا نتجمع أنا وزملاء المدرسة تحت ظلالها قبل أن نذهب إلي المدرسة كانت بمثابة محطة ننتظر قدوم الجميع من منازلهم قبل الانطلاق إلي المدرسة وعند العودة نعرج علي الزير الذي شد وثاقة حول جزعها الضخم المليء بالنتوءات فنروي عطشنا من ماءة البارد اقتربت من هذا الزير العتيق نظرت بداخلة لم أجد به ماء لم يعد احد يعتني به بعد أن غزت (الكولديرات) شوارع القرية !
كنا دوماً نتسابق علي جمع ثمارها الخضراء القليلة الساقطة علي الأرض نخطفها سريعاً قبل أن يلحقنا جدي والذي كان يرمينا بالطوب والأحجار وهو يلعننا ويسب ابائنا وأمهاتنا !
علي الرغم من ذلك لم تكن تعجبني ثمارها الخضراء فقد كانت حمضية ذات طعم لاذع يسبب لي قشعريرة عندما ااكلها
كنت دوماً أتطلع إلي ثمارها الصفراء الناضجة الموجودة في فروعها البعيدة والتي تميل للون الأصفر
نظرت لأعلي الشجرة لم تعد فروعها تحمل شيئا سوي الأوراق الخضراء وبعض الثمار الناضجة القليلة !
***
الوحيدة التي كان يسمح لها أن تتذوق ثمار المانجو الناضجة هي هند !
فقد اعتاد خالي أن يقضي أجازة الصيف في منزل جدي وكان يحضر معه الكثير من الهدايا التي تأسر قلب جدي !
و كانت هند تتعامل معي بطريقة تفوق عمرها كأنسه كبيرة رغم أنها لم تكن قد تجاوزت العاشرة من عمرها !
تعجبني لكنتها القاهرية ......
حاولت كثيراً أن أقلدها فأفشل وكانت تضحك عندما انطق كلمة " منجة " فقد كنت اقسم الكلمة إلي نصفين " مين جة " فترد ضاحكة لم يأتي احد ...........
كنت ارفض ارتداء الجلباب وأصر علي ارتداء البنطلون والقميص رغم أنني لا املك سوا بنطلون وقميص خاصين بالمدرسة ظلا معي طويلاً جداً بفضل التعديلات الكثيرة التي كانت تجريها أمي عليهما
كثيراً ما وبختني أمي قائلة في لهجة محذرة
لو تمزقت ملابسك فلن اشتري لك غيرها فانا لا املك النقود وأبوك عامل أجير لا يملك إلا قوت يومة
لم أكن اهتم بكلامها رغما عني فقد كانت لدي رغبة كبيرة في أن الفت انتباة هند لتعرف مشاعري تجاهها ولكني كنت اجبن من ذلك !
استمر هذا الجبن بداخلي حتي كبرت وحتي بعد أن تبادلنا الأدوار فبعد أن مات جدي وخرج خالي علي المعاش فضل أن يسكن في قريتنا وان يحافظ علي ما ميراثة من جدي , أما أنا فقررت العيش في المدينة
لا ادري لماذا ظللت عاجزاً عن البوح بتلك المشاعر علي الرغم من أنني بداخي رغبة كبيرة في لفت انتباهها
ولم أكن اسمح لشيء يثنيني عن تلك الرغبة حتي وقع المحذور
شاهدتها تمسك فرعاً ً يابساً من نبات الذرة تحاول أن تسقط احدي ثمار المانجو
اقتربت منها متصنعاً البطولة
- أستطيع أن أتسلق الشجرة سريعاً واقطف تلك الثمرة
- ولكن ربما تسقط من علي الشجرة فيحدث لك مكروهاً
وبابتسامه الواثق من نفسه
- لا تخافي فانا معتاد علي تسلقها
- كن حذراً
وضعت يدأي علي فرع قريب مني وبدأت أتشبث به محاولاً الصعود وبعد محاولات من الصعود والهبوط استطعت تسلقها نظرت إلي هند ووجدت في عيناها نظرات لطالما بحثت عنها فلقد كانت تنظر لي بإعجاب كبطل يستطيع أن يحقق لها ما تريدة بدأت أتخلي عن حذري وبدأت أخطو بخطوات واثقة فوق هذا الفرع وقبل أن أميل بجسدي لأقطف ثمرة المانجو زلت قدمي من فوق الفرع ووجدت نفسي اهوي بسرعة نحو الأسفل
تمزقت ملابسي وتلطخ وجهي بالطين
سمعتها تصرخ
الحقوا احمد الحقوووووووو احمد
لا ادري إن كانت تلك الصرخة تتردد بداخي منذ ذلك الحين أم يهيئ لي بأن احدهم ينادي باسمي ..........
نظرت خلفي
كانت هي وقد أصبحت أنسه حقيقة فقط الاختلاف في أنها ربما أصبحت أجمل كثيراً عما كانت
وبصوتها العذب سألتني
- ماذا تفعل هنا ؟
أشرت بأصبعي ناحية احدي الثمار القريبة
- أحاول أن اجلب تلك الثمرة
- لا تؤذي نفسك فربما تسقط مرة أخري
- لا تخافي فلن اسمح لشيء يثنيني عن رغبتي هذه المرة
صعدت سريعاً فوق الشجرة واستطعت أن أتسلق فرعاً اعلي بكثير من هذا الذي أسقطني صغيراً
تناولت واحدة من ثمارها الناضجة ثم هبطت من الشجرة وأنا انظر إليها قائلاً
أتقبلين أن نتقاسم تلك المين جه
هذه المرة لم ترد ضاحكة ( لم يأتي احد)
فقط نظرت إلي الأرض وقد احمر وجهها خجلاً .
محمود
اهداء مني الي كل اخواني واخواتي اعضاء وعضوات منتدانا الغالي