مشاهدة النسخة كاملة : الكهف


ميدان التحرير
02-09-2011, 09:07 PM
الكهف

الزمان:18 من يناير عام 2011
كان عائدا من عمله كالمعتاد, متجها صوب منزله ممنيا نفسه بقسط من الراحة, قبل أن يعود مرة أخرى الى عمله الأضافى, وعندما هم ليعبر الطريق هجمت على عقله فكرة البحث عن عمل ثالث ؛ليستطيع تدبير نفقات منزله وأولاده فى هذه الأيام المضنية, دون أن ينتبه الى تلك السيارة المسرعة التى اتجهت نحوه بشكل مخيف ,وفقد قائدها السيطرة عليها فارتطمت بالرجل الذى طار بعنف, قبل ان يرتطم جسده بالأرض والدماء تسيل من رأسه بغزارة..
واحتشد الناس حول جسده المسجى بلا حراك
..................................................
..............................................
......................................
الزمان :23 من يناير عام 2011
المكان:احدى المستشفيات
التف أفراد أسرته حول الطبيب الذى تفحص فى وجوههم قليلا قبل أن يقول:
-لقد فعلنا كل ما فى وسعنا ولكن....
صمت لحظات ثم اردف فى أسف:
- ولكنه واقع فى غيبوبة عميقة...
سألت الزوجة فى انهيار :
وماذا يعنى هذا هل ضاع زوجى؟
سألت أبنته والدموع تنهمر من مقلتيها:
- ومتى يفيق ياسيدى؟
مط الطبيب شفتيه وقال:
-هذا الأمر يبدو مجهول للطب يا ابنتى فربما يفيق اليوم أو غدا او بعد عام أو......
لم يكمل الحديث فقال الأبن فى انفعال:
او لا يفيق ابدا؟
صمت الطبيب قليلا ثم ربت على كتف الابن فى هدوء ثم قال:
- كن مؤمنا يافتى.... فالله رحيم بعباده ولطيف بهم المهم لا نفقد الامل
- فلسنا ندرى ماذا تخبئه لنا الأقدار.
.................................................
........................................
.............................
- الزمان:1 من أغسطس 2011
- المكان :
- حجرة الطبيب
هرعت الممرضة الى حجرة الطبيب وكل جسدها ينتفض وقالت بتلعثم:
لق... لقد أفاق المريض ياسيدى أفاق
وقف الطبيب وقال بانفعال :
أفاق...انها معجزة..... معجزة حقيقية...
واتجة بخطوات مسرعة ليجد الرجل ينظر اليه بضعف وشحوب ويقول فى وهن:
أين انا؟ أين أولادى وزوجتى؟
ابتسم الطبيب فى سعادة وقال بخشوع :سبحان الذى يحيى ويميت واليه المصير
...............................
.........................
..................
الزمان: 3 من أغسطس عام 2011
المكان: حجرة المريض
التفت الاسرة حول الرجل الذى تماثل الى الشفاء قليلا وبدأ يسترد عافيته و عادت الضحكات السعيدة تتردد فى المكان وحلت محل الدموع التى اغرقت الوجنات...
قال الرجل الذى وقع فى الغيبوبة ايام طويلة:
عجيب أمر هذا الزمن لا أكاد اصدق اننى لبثت سبعة اشهر فى غيبوبتى... ان شعورى انها ساعات قليلة مرت على منذ لحظة الحادث وحتى عودتى للحياة مرة اخرى
قال الابن:
نحن عكسك تماما ياأبى لقد عشنا أحداثا جساما فى هذه الشهور القليلة شعرنا انها عشرات السنين...........
تساءل الأب فى حيرة:
أي احداث؟
أشارت الأبنة الى أخيها بيدها اشارة تعنى ألا يندفع بسرد الأحداث بشكل مباغت فأومأ الابن برأسه متفهما قبل أن يقول:
يأأبى ستعرف كل شىء الآن ........
نظر الى ساعته ثم نهض واشعل التلفاز وأضاءت شاشته على قاعة واسعة وفخمة فتساءل الأب :
هذا المكان يبدو أننى رايته قبل هذا أين لا اذكر
قالت الابنه :
نعم يا ابى انها اكاديمية الشرطة........
قال الاب :
نعم نعم هى تشبهها كثيرا لولا بعض التغييرات يبدو ان الرئيس مبارك سيلقى خطابا اليوم....
تبادل الجميع النظرات والابتنسامات قبل أن تقول الزوجة:
سيحضر الرئيس مبارك فعلا اليوم.......
سال الاب :
ولكن لماذا تخفضون الصوت أنا لا اسمع شيئا
قالت الأبنه:
هذه اوامر الطبيب
صمت الأب قليلا ثم عاد الى مشاهدة التلفاز متفحصا القاعة والحاضرين ثم صاح فجأة فى دهشة:
ولكننى ألمح قفصا يخيل لى أن هذه محاكمة ...
قال الابن فى حذر:
يبدو انك قد اصبت كبد الحقيقة يا ابتاه انها فعلا محاكمة....
ردد الاب مندهشا :
محاكمة فى اكاديمية الشرطة.......
دخل فى هذه اللحظة المتهمون قفص الاتهام وصرفت ابصار الجميع -عدا الاب-تلقاء المشهد فى وجل وسرت فى اجسادهم قشعريرة باردة واغرورقت اعينهم بالدموع وتمتمت الأم بآيات قرانية تختلط بالبكاء:

-قل اللهم مالك الملك تؤتى الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير انك على كل شىء قدير.
نظر الاب اليهم اجمعين وفى عينيه امارات الدهشة والتساؤل فربت الابن على كتفيه قائلا:
-انظر يا ابى الى المتهمين جيدا وحملق اكثر فى المتهم الذى يرقد على هذا السرير الطبى....
تفرس الاب فى شاشة التلفاز لعله يتبين الوجوه الا ان ضعف بصره حال دون ذلك فقال فى سرعة:
اين منظارى الطبى اعطونى منظارى...
اسرعت الام وناولته المنظار فوضعه على عينيه فى سرعة وعاد ليشاهد الوجوه من جديد
وفى اللحظة التى تلت ذلك تبدلت احوال الرجل
لقد فغر فاه واتسعت عيناه وخفق قلبه فى عنف وارتعدت يداه واخذ يحدق فى وجوة المتهمين غير مصدق
وبشفتين مرتجفتين وبنبرات مذهولة غمغم:
ما هذا؟ ..........هاه.... ما هذا؟
ثم نظر الى ابنه وردد :
اخبرنى هل ما أراه حقيقة ام ان عيناى تخدعانى أخبرونى هل مازلت فى غفوتى....؟
قال الابن فى انفعال:
نعم ياابى هذه محاكمة الرئيس السابق
ردد الاب :
الرئيس السابق........... الرئيس السابق
قالت الابنة تحاول تهدئته :
اهدأ يا أبى ان مانشاهده الان معجزة تشبة معجزات الانبياء
نفض الرجل رأسه وكأنه يحاول أن يفيق من حالة الذهول التى سيطرت على عقله قبل ان يقول:
ماذا تقولون بل ماذا أرى بأم عينى أى هراء هذا الذى أسمعه واراه.......
رفع الابن صوت التلفاز فبدا صوت القاضى عاليا مجلجلا وهو ينادى على المتهمين:
المتهم الاول محمد حسنى السيد مبارك
وفى هذه اللحظةالتاريخية خفقت القلوب....
واقشعرت الاجساد....
وتنبهت الحواس ...
ودمعت العيون ....
وبرقت الابصار
وكانت لحظة مرت كالدهر الطويل أعقبها صوتا مألوفا لا تجهله الآذان من فرط مكث صوته فى وجدان الملايين :
-افندم أنا موجود
حينئذ أجهش الاب فى بكاء مرير واخذ يردد فى خشوع:
سبحانك يارب
سبحان المعز المذل
أخبرونى ماذا حدث أخبرونى بالله عليكم
؟
وانطلق الجميع يقصون على مسامعه أحداث العهد الجديد.
..................................................
...............................
..................
جلس الاب امام شاشة الكمبيوتر وبدأ يكتب على صفحته الخاصة على الفيس بوك التى انشاها له أبنه :
لقد لبثت فى كهفى بضعة أشهر ثم افقت ؛ لأجد نفسى وقد تخلفت عن أحداث غيرت التاريخ مما جعلنى أشعر أننى قد لبثت فى كهفى ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا



بقلم :
خالد عبد الفتاح عبد العزيز
مدرسة الصحوة ع بنين

الاستاذ محمود حميد
03-09-2011, 11:47 AM
أسجل اعجابي بما خطة قلمكم الرائع
قصة جميلة وفكرتها مبتكرة ومشوقة
أحيك علي اسلوبك السلس في تسلسل الاحداث
أستمر علي هذا النهج المتميز
تقبل مروري

ميدان التحرير
03-09-2011, 04:28 PM
أسجل اعجابي بما خطة قلمكم الرائع
قصة جميلة وفكرتها مبتكرة ومشوقة
أحيك علي اسلوبك السلس في تسلسل الاحداث
أستمر علي هذا النهج المتميز
تقبل مروري

لقد اثلجت صدرى بكلماتك الرشيقة المشجعة
أنت أول من يعلق عليها وقد فرغت من كتابتها قبل رفعها فى المنتدى بدقائق وكنت أظنها دون المستوى
بارك الله فيك وألف شكر

سعاد اقتصاد منزلى
03-09-2011, 04:40 PM
قصه رائعه وهادفه مثل سلاسل الذهب فى تدفقها وانسيابها وتصوير رائع لحقيقه أغرب من الخيال حتى لمن عاشوها وعاصروها لحظه بلحظه تقبل اعجابى ودومت مبدعا

ميدان التحرير
03-09-2011, 04:54 PM
قصه رائعه وهادفه مثل سلاسل الذهب فى تدفقها وانسيابها وتصوير رائع لحقيقه أغرب من الخيال حتى لمن عاشوها وعاصروها لحظه بلحظه تقبل اعجابى ودومت مبدعا
انت اللى كلامك سلاسل ذهب والله
الف ألف شكر

جهاد2000
03-09-2011, 08:49 PM
قصة رائعة جداً

جزاكم الله خيرا .