كركركوكو
16-02-2008, 09:25 PM
للمرة العاشرة، وربما العشرين، يلقي مواطن مصري حتفه واقفاً في طابور العيش، بما يذكرك بمقولة: «الأشجار تموت واقفة»، مع التصرف. ذلك أنه جرت في الأقصر مشاجرة بين اثنين من المواطنين بسبب أسبقية الحصول علي الخبز، قام خلالها أحدهما بضرب الآخر بماسورة حديدية علي رأسه محولاً إياه إلي جثة هامدة.. أرداه قتيلاً والسبب رغيف عيش.
السبب سياسة المسؤولين عن رغيف العيش.. ذات يوم قال وزير الزراعة: «زراعة الكنتالوب أكثر ربحية من زراعة القمح» (وهذا صحيح بالطبع)، وذات أسبوع قال وزير حالي: «فدان الأرض الزراعية يدر دخلاً لا يزيد علي عدة آلاف جنيه سنوياً، لكن نفس الفدان عند تحويله إلي أرض مبان فوقه عمارات سكنية سوف يدر مئات الآلاف» (وهذا صحيح أيضاً)، كل كلامهم حكم ياحضرات!!
وفات كليهما أن الإنسان لا يحيا بالكنتالوب أو كتل الأسمنت، وإنما يموت بنقص الدقيق، وإنما تنكب أسرته ويترك أرملة أو ثكلي أو يتامي بسبب الصراع الدامي في مجال الفوز بمجرد رغيف شبه آدمي، فات السادة الوزراء -خبراء الزمن الرديء-
أن مبدأ الربح والربح فقط يمكن أن يجعلنا نترك زراعة القمح بل الكنتالوب الإسرائيلي ونزرعها «بانجو» (عذراً.. عذراً) ونهجر الزراعة عموماً متحولين -أو متحورين- إلي مقاولين من الباطن أو الظاهر والوايلي.. وتصبح مصر هبة الأبراج بعد البناء مكان ميدان التحرير، بل ربما مجري نهر النيل بعد ردمه،
وكله مكسب، أما القمح والذرة وأمثالهما فهي «حاجات بسيطة ومش مهمة بالمرة»! ومقولات مثل «القمح سلعة استراتيجية»، «من لم يوفر قوته لا يبحث عن حريته»، وغيرهما هي مجرد بلاغة لفظية ليس إلا.
غريبة، الناس تموت دفاعاً عن وطن أو مبدأ، عن المال أو الشرف أو الحق، لكننا هنا في مصر وتلك قصة أخري!! حيث يتم ويستمر التخفيض، تخفيض سعر المواطن الذي أصبح كالماء: لا لون ولا طعم ولا رائحة، اللهم لون الأيام، وطعم الحرمان، ورائحة الإفساد.
غريبة.. ذكر لي صديقي جورج أن عدد قتلي الطابور بلغ خمسة عشر خلال عام واحد!! لنتصور - مجرد تصور- أن ذلك قد وقع في دولة تحترم مواطنيها؟! كم وزيراً كان سوف يتقدم باستقالته خجلاً وحزناً؟ وربما كم محاكمة كانت سوف تجري لمسؤولين «غير مسؤولين»؟ يبرع الواحد منهم في تجديد ديكورات مكتبه، وتحديث طراز سياراته، مع زيادة الحراسات والمخصصات في تناسب عكسي مع واقع حال شعب يعاني قبل الطابور وبعده.
ياسادة.. الصين لديها اكتفاء ذاتي من القمح، وكذلك الهند، بل كذلك إيران والسعودية وغيرها، الصين والهند بمئات الملايين ياحضرات، ونحن نتسول رغيف الخبز وبعدها نتكلم بكل فخر عن التكنولوجيا والهاي تك والقرية الذكية والمدينة الرقمية.. طحن بلا عجن.. ياه.. حتي رغيف العيش، وكلهم دكاترة!! ياه!! كل العزاء لأسر قتلي الطابور، وعليه العوض
السبب سياسة المسؤولين عن رغيف العيش.. ذات يوم قال وزير الزراعة: «زراعة الكنتالوب أكثر ربحية من زراعة القمح» (وهذا صحيح بالطبع)، وذات أسبوع قال وزير حالي: «فدان الأرض الزراعية يدر دخلاً لا يزيد علي عدة آلاف جنيه سنوياً، لكن نفس الفدان عند تحويله إلي أرض مبان فوقه عمارات سكنية سوف يدر مئات الآلاف» (وهذا صحيح أيضاً)، كل كلامهم حكم ياحضرات!!
وفات كليهما أن الإنسان لا يحيا بالكنتالوب أو كتل الأسمنت، وإنما يموت بنقص الدقيق، وإنما تنكب أسرته ويترك أرملة أو ثكلي أو يتامي بسبب الصراع الدامي في مجال الفوز بمجرد رغيف شبه آدمي، فات السادة الوزراء -خبراء الزمن الرديء-
أن مبدأ الربح والربح فقط يمكن أن يجعلنا نترك زراعة القمح بل الكنتالوب الإسرائيلي ونزرعها «بانجو» (عذراً.. عذراً) ونهجر الزراعة عموماً متحولين -أو متحورين- إلي مقاولين من الباطن أو الظاهر والوايلي.. وتصبح مصر هبة الأبراج بعد البناء مكان ميدان التحرير، بل ربما مجري نهر النيل بعد ردمه،
وكله مكسب، أما القمح والذرة وأمثالهما فهي «حاجات بسيطة ومش مهمة بالمرة»! ومقولات مثل «القمح سلعة استراتيجية»، «من لم يوفر قوته لا يبحث عن حريته»، وغيرهما هي مجرد بلاغة لفظية ليس إلا.
غريبة، الناس تموت دفاعاً عن وطن أو مبدأ، عن المال أو الشرف أو الحق، لكننا هنا في مصر وتلك قصة أخري!! حيث يتم ويستمر التخفيض، تخفيض سعر المواطن الذي أصبح كالماء: لا لون ولا طعم ولا رائحة، اللهم لون الأيام، وطعم الحرمان، ورائحة الإفساد.
غريبة.. ذكر لي صديقي جورج أن عدد قتلي الطابور بلغ خمسة عشر خلال عام واحد!! لنتصور - مجرد تصور- أن ذلك قد وقع في دولة تحترم مواطنيها؟! كم وزيراً كان سوف يتقدم باستقالته خجلاً وحزناً؟ وربما كم محاكمة كانت سوف تجري لمسؤولين «غير مسؤولين»؟ يبرع الواحد منهم في تجديد ديكورات مكتبه، وتحديث طراز سياراته، مع زيادة الحراسات والمخصصات في تناسب عكسي مع واقع حال شعب يعاني قبل الطابور وبعده.
ياسادة.. الصين لديها اكتفاء ذاتي من القمح، وكذلك الهند، بل كذلك إيران والسعودية وغيرها، الصين والهند بمئات الملايين ياحضرات، ونحن نتسول رغيف الخبز وبعدها نتكلم بكل فخر عن التكنولوجيا والهاي تك والقرية الذكية والمدينة الرقمية.. طحن بلا عجن.. ياه.. حتي رغيف العيش، وكلهم دكاترة!! ياه!! كل العزاء لأسر قتلي الطابور، وعليه العوض