مشاهدة النسخة كاملة : الأهداف التربوية للعبادة
محمد رافع 52 04-11-2011, 02:40 PM الأبعاد التربوية للعبادة في الإسلام
الدكتور أحمد أبوزيد
http://www.isesco.org.ma/arabe/publications/Initiation%20aux%20Dimensions/large.gif
الأهداف التربوية للعبادة
نتحدث عن الأهداف التربوية للعبادة، ونوضح أننا سنستخدم كلمة العبادة أو العبادات في ثنايا هذا الفصل بمعناها الخاص، وهو المعنى الذي يشمل الصلاة والزكاة والصيام والحج والذكر والدعاء.
محمد رافع 52 04-11-2011, 02:44 PM المقاصد التربوية للعبادات
الحديث عن الأبعاد التربوية للعبادات يندرج ضمن البحث في مقاصد العبادات وأسرارها، والحكمة من مشروعيتها أو فرضها. وهذه مسألة من مسائل مقاصد الشريعة، لا يتسع المجال في هذا المقام للدخول في تفصيلاتها.
ولكن يحسن أن نتساءل: ما هي الحكمة من فرض العبادات؟ هل فرضت لأداء حق الخالق المنعم، أو لتحصيل منافع للعباد أو لتحصيل ثواب الله ومرضاته؟ أو لتغذية الأرواح وتهذيب النفوس؟.
لاشك في أن العبادة هي حق الله تعالى على العباد، حق الخالق الذي أوجد العبد وأنعم عليه.
روى البخاري ومسلم عن معاذ بن جبل، رضي الله عنه، قال: >كنت رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم، على حمار، فقال لي: >يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد؟ أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً "(1).
وفي الحديث القدسي، قال الله عز وجل: >ابنَ آدم خلقتك لنفسي وخلقت كل شيء لك، فبحقي عليك لا يشغلك ما خلقته لك عما خلقتك له<.
خلق الله الإنس والجن لعبادته، قال سبحانه: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدونِ* ما أريد منهم من رزقٍ وما أريد أن يطعمونِ. إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين}(1). ومن الظلم والجهل التام أن يضيع الإنسان الضعيف المحتاج حق خالقه ورازقه والمنعم عليه، فيترك عبادته عز وجل، ويعبد غيرهُ، مما لا يضر ولا ينفع، وقد عجب الله، عز وجل، لظلم الإنس والجن وجهلهم. قال في الحديث القدسي. > إني والجن والإنس في نبأ عظيم. أخلق ويُعبدُ غيري، وأرزق ويشكر سواي. خيري إلى العباد نازل، وشرهم إلي صاعد، أتحبب إليهم بنعمتي، وأنا الغني عنهم، فيتعرضون إلي بالمعاصي، وهم أفقر شيء إلي<.
إن المقصد الأصلي من العبادة هو أداء حق الله تعالى، وهناك مقاصد أخرى تابعة لهذا المقصد الأصلي، منها مقاصد دنيوية، ومنها مقاصد أخروية. قال الشاطبي في كتاب الموافقات:" المقصد الأصلي منها هو التوجه إلى الله الواحد المعبود، وإفراده بالقصد إليه في كل حال. ويتبع ذلك قصد التعبد لنيل الدرجات في الآخرة. أو ليكون من أولياء الله تعالى، وما أشبه ذلك"(2).
وقال : > فالصلاة مثلاً أصل مشروعيتها الخضوع لله سبحانه، وإخلاص التوجه إليه، والانتصاب على قدم الذلة بين يديه، وتذكير النفس بالذكر له. قال تعالى: {وأقمِ الصلاة لذكري} (3). وقال: { إن الصلاةَ تنهى عن الفحشاءِ والمنكرِ، ولذكرُ اللهِ أكبرُ}(4).
يعني أن اشتمال الصلاة على التذكير بالله أعظم وأكبر من نهيها عن الفحشاء والمنكر، لأن ذكر الله هو المقصود الأصلي.
ثم إن لها مقاصد كالنهي عن الفحشاء والمنكر والاستراحة إليها من أنكاد الدنيا كما في الخبر. كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إذا حضر وقت الصلاة يقول للمؤذن. >أرحنا بها يا بلال". وفي الصحيح أنه، صلى الله عليه وسلم، قال: >وجُعِلت قُرّةُ عيني في الصلاة "، وإنجاح الحاجات كصلاة الحاجة، وصلاة الاستخارة، وطلب الفوز بالجنة والنجاة من النار ونيل أشرف المنازل. قال الله تعالى: {ومن الليل فتهجَّدْ به نافلةً لك عسى أن يبعثك ربُّك مقاما ًمحمودا}(1). وكذلك سائر العبادات لها فوائد أخروية، وهي العامة. وفوائد دنيوية، وهي كلها تابعة للفائدة الأصلية، وهي الانقياد والخضوع لله (2).
يتببن من هذا كله أن المقصد الأول من العبادة هو أداء حق الخالق على المخلوق. حق الرب المنعم على العباد. إنها على حد قول الشيخ القرضاوي مطلوبة لذاتها، وغاية في نفسها، وليست مجرد وسيلة لتزكية النفوس ، وإصلاح القلوب. والعبادة غاية المكلفين أنساً وجناً. بل هي مراد الله من خلق السموات والأرض، قال سبحانه: {الله الذي خلق سبعَ سماواتٍ ومن الأرض مِثْلَهُنَّ يتنزلُ الأمرُ بينهن لتعلموا أن الله على كل شيء قديرٌ وأن الله قد أحاط بكل شيءُ علماً} (3).
هذا هو المقصد الأول من العبادة، أما صلاح النفس وزكاة الضمير واستقامة الأخلاق فهي ثمرة لازمة للعبادة، وليست علة غائية لها.
وبهذا كله نعلم أن العبادة مطلوبة في الدين طلب الغايات والمقاصد، لا طلب الأدوات والوسائل، أعني أنها في الدرجة الأولى امتثال لأمر الله تعالى، وأداء لحقه، فهي مطلوبة لذاتها قبل أي شيء آخر في هذه الحياة (4).
وإن من فضل الله تعالى أن جعل في هذه العبادات أسراراً خاصة وآثاراً نفسية واجتماعية طيبة، وفوائد تربوية كثيرة، والإنسان حين يؤدي هذه العبادات على الوجه الصحيح يجمع بعمله بين أداء حق الله تعالى عليه، وبين تحقيق منافعها وآثارها المباركة في نفسه وحياته.
وعلى الإنسان أن يعلم أن الله تعالى غني عن العالمين، لا تنفعه طاعة، ولا تضره معصية، وإنما خلقهم من أجل عبادته ليكملهم ويزكيهم بهذه العبادة، ولعقد صلة دائمة بين العبد وربه، ولتجديد إيمانه، وقد بين الله أن ثمرات العمل الصالح، ومنه العبادة إنما هي لفائدة الإنسان ومنفعته، قال الله تعالى : {ومَنْ جاهدَ فإنما يجاهدُ لنفسهِ، إن الله لغنيُّ عن العالمين} (1) .
وقال: {ولله على الناس حِج ُّ البيتِ من استطاعَ إليهِ سبيلاً ومَنْ كفرََ فإن الله غنيٌّ عن العالمين}(2).
وقال : {من عَمِل صالحا ًفلنفسهِ ومَنْ أساء فعليها وما ربُّك بظلاَّمٍ للعبيد}(3) .
محمد رافع 52 04-11-2011, 03:08 PM العبادة دواء للقلب
ذكرنا أن صلاح القلب يتبعه صلاح الجسد كله، ومعنى ذلك أن الصحة القلبية شرط في وجود الصحة العقلية والصحة النفسية والجسدية، ولذلك فإن التربية الروحية الإسلامية تجعل صلاح القلب من أهدافها الأولى.
ذكر الإمام الغزالي أن القلب الإنساني له أمراضه التي فيها هلاكه، وأن دواءه في معرفة الله وعبادته، قال: > بَانَ لي بالذوق مرة وبالعلم البرهاني مرة، أن الإنسان خلق من بدن وقلب، وأعني بالقلب حقيقة روحه التي هي محل معرفة الله دون اللحم والدم، وأن القلب له صحته وسلامته وله مرضه الذي فيه هلاكه. وأن الجهل بالله سم مُهْلِكٌ وأن معصية الله بمتابعة الهوى داؤه الممرض، وأن معرفة الله تعالى ترياقه المحيي، وطاعته دواؤه الشافي، وأنه لا سبيل إلى معالجته بإزالة مرضه وكسب صحته إلا بأدوية...".
>وبَانَ على الضرورة أن أدوية العبادات بحدودها ومقاديرها المحدودة المقدرة من جهة الأنبياء لا يدرك وجه تأثيرها ببضاعة العقل بل يجب فيها تقليد الأنبياء الذين أدركوا تلك الخواص بنور النبوة".
>وكما أن الأودية تركبت من أخلاط مختلفة، وبعضها ضعف البعض في الوزن، فكذلك العبادات التي هي أدوية القلوب مركبة من أفعال مختلفة النوع والمقدار حتى أن السجود ضعف الركوع، وصلاة الصبح نصف صلاة العصر... وكما أن في الأدوية أصولاً هي أركانها وزوائد هي متمماتها، لكل واحد منها خصوص تأثير في أعمال أصولها، فإن النوافل والسنن متممات لأركان العبادات" (1) .
يستفاد من كلام الغزالي أن القلب البشري معرض لأمراض معنوية مهلكة، وأنه في حاجة دائمة إلى أدوية تزوده بالوقاية من تلك الأمراض، وأن دواءه وشفاءه هو معرفة الله وعبادته.
وهذا يعني أن في الصلاة دواء وشفاء، وفي الصوم دواء وشفاء، وفي الزكاة دواء وشفاء، وفي الحج والجهاد، والذكر والدعاء دواء وشفاء.
ومجموع ما فرض الله، عز وجل، على الإنسان وشرعه له هو الذي فيه دواؤه وعلاجه، فلو حدث أن الإنسان عطل أمراً من أوامر الله، فلابد أن يترتب على ذلك فساد في قلبه ونفسه، وكل فريضة فرضها الله على الإنسان، إذا أتى بها ترتب على ذلك مصلحة لا تتحقق إلا بها، وإذا تركها ترتبت على ذلك مفسدة لا تزول إلا بإقامتها، قال الله عز وجل : {ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيلَ وبعثنا منهم اثني عشرَ نقيباً، وقال الله إني معكم لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي ...} إلى أن قال: {فبما نقضهم ميثاقَهم لعنَّاهم وجعلنا قلوبهم قاسيةً}(2).
فبين سبحانه، أن قسوة القلب كانت عقوبة لهم على نقض الميثاق في أوامر تتعلق بالعبادة، وهي إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والإيمان بالرسل ونصرتهم، ومثل هذا يصح أن يحدث للمسلمين إذا نقضوا ميثاق الله فيما أمرهم به.
إن الله عز وجل فرض على المسلم فرائض متنوعة وأمره بإقامتها، لأن القلب البشري يحتاج إلى أدوية متنوعة، فلكل عمل شرعي آثاره في القلب، وتمام صلاحه مرهون بإقامة تلك الأعمال على الوجه الصحيح. ولكل أمر من أوامر الله حكمته، ولكل عبادة حكمتها، وعلى المسلم أن يعمل كما أمر، وأن يحقق الحكمة التي من أجلها أمر.
لقد بينا في الفصل الثاني من هذا الكتاب أن الهلع، وهو من أمراض القلب التي تلازم الإنسان في حياته، يظهر في الجزع الشديد عند المصيبة، وفي البخل الشديد في وقت الخير.
هذا المرض القلبي لا يتخلص منه الإنسان، إلا إذا اجتمعت فيه الأعمال الإيمانية المذكورة في الآيات الآنفة الذكر، من إقامة الصلاة مع المصلين، والإنفاق على السائل والمحروم، والتصديق بيوم الحساب، والإشفاق من عذاب الله، وحفظ الفروج، والقيام بالشهادة بأمانة. فمن تحلى بهذه الصفات الإيمانية شفي من مرض الهلع، وحل محله الصبر والكرم، وهما من مظاهر الصحة القلبية.
محمد رافع 52 04-11-2011, 03:16 PM العبادة تربية روحية واجتماعية
بين الله عز وجل في القرآن الكريم بعضاً من أسرار العبادات وفوائدها النفسية والتربوية. وقد أوضحنا في الفصل السابق فضل العبادة بوجه عام في تهذيب الانفعالات النفسية كالهلع والخوف واليأس والبطر، وفضلها في تهذيب الغرائز والدوافع الفطرية. ونريد الآن أن نبين فوائد العبادات الإسلامية بشيء من التفصيل.
طريقة الإسلام في التربية الروحية والخلقية هي أن يعقد صلة بين الإنسان وربه، يستشعرها في كل لحظة ومع كل عمل وكل خاطرة. ويستخدم الإسلام لإيجاد هذه الصلة والمحافظة عليها وسائل متنوعة، فهو من ناحية يوجه نظر الإنسان وعقله للنظر في دلائل قدرة الله وجلاله وعظمته في الكون، ومن ناحية أخرى يثير في قلبه الإحساس بأن الله معه حيث كان، مطلع على ما في صدره من النوايا والخواطر.
وإلى جانب هذه الوسائل فرض الله تعالى على العباد نظاماً صارماً من العبادات والقربات التي يجدد بها العبد إيمانه وصلته بربه. لذلك فإن من أبرز سمات المنهج الإسلامي في التربية أنه منهج عبادة. وحين يكون قلب المؤمن على صلة دائمة بربه يحس إحساساً قوياًً بعلمه سبحانه المحيط بكل شيء، فيراقبه في سره وعلانيته، في كل صغيرة وكبيرة من تصرفاته، فينظف مشاعره من الحسد والحقد، ويطهر نفسه وقلبه من الأوصاف الذميمة والميول الدنيئة، وحين تتحقق هذه الأخلاق الطيبة في الأفراد يعيش المجتمع نظيفاًً، وتستقيم أموره على طريق الخير والصلاح.
إن إيجاد الصلة بين القلب البشري وبين الله تعالى هي القاعدة الكبرى للتربية الروحية والخلقية، فهذه الصلة هي الضمان لصلاح القلب وصلاح الفرد وصلاح المجتمع، وقد بين الله تعالى الآثار الطيبة لدوام الصلة بينه تعالى وبين قلب الإنسان، فمدح أولي الألباب بقوله: { إن في خلقِ السموات والأرضِ واختلافِ الليلِ والنهارِ لآياتٍ لأولي الألباب* الذين يذكرون الله قياما ًوقعودا ًوعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض* ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار.* ربَّنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته وما للظالمين من أنصار* ربنا إننا سمعنا مناديا ًينادي للإيمان أنْ آمنوا بربكم فآمنا.. . الآيات}(1).
فَذِكر الله تعالى في القيام والقعود وعلى الجنوب دليلٌ على الصلة الدائمة بين القلوب وربها. وعن طريق هذه الصلة والتفكر في خلق السموات والأرض وصل هؤلاء الصالحون إلى العلم بأن الله خلق السموات والأرض وكل المخلوقات ومنها الإنسان بالحق، وعلموا أيضاً أن هناك ناراً يعذب الله فيها الظالمين، وهذا الدعاء الجماعي الصادق، ما هو إلا تعبير عن الأحاسيس القلبية التي غمرت القلب عندما تحققت الصلة الوثيقة بينه وبين الله. فَطَلَبُ الوقاية من عذاب النار، وطَلَبُ مغفرة الذنوب تعبيرٌ عن الخوف من الله والإحساس بمراقبته. وهو دافع قوي للاستقامة على طريق الخير.
ولكي تبقى صلة المؤمن بربه قوية متجددة على الدوام وضَعَ الله ـ سبحانه ـ لَهُ نظام العبادات وجعلها أركان دينه وقواعده التي يقوم عليها. وحثه على إقامتها وأدائها بإحسان وإخلاص، ففرض عليه خمس صلوات في اليوم ليظل القلب على صلة بربه، وترك باب التطوع والزيادة مفتوحاً لمن أراد التقرب إليه. وفرض صيام شهر رمضان وحث على قيامه، ليكون دورة روحية سنوية يتزود منها قلب المؤمن بالإيمان والتقوى، ويتطهر من الخطايا التي تحجبه عن ربه، وفرض عليه الزكاة لتكون تدريباً سنويا ًأو موسمياً يتطهر به من الشح وحب المال، وفرض عليه الحج مرة في العمر ليهاجر إلى ربه في رحلة إيمانية روحية يتجرد فيها، لمدة من الزمن، من روابط المال والأهل والولد ومتاع الدنيا وزينتها، ويذهب إلى بيت الله الحرام ومهبط الوحي وموطن النبوة حيث تفتح له أبواب القرب والوصال.
لكن أبواب القرب لا تفتح للإنسان إلا بالتزكية والمجاهدة والطهارة الظاهرة والباطنة.
ومن فضل الله أن جعل الطهارة شعيرة من شعائر الإسلام، وعبادة واجبة من عباداته، فرضها على المؤمنين وأثنى بها عليهم، فرض عليهم الوضوء والغسل والتيمم، وجمع في كل من هذه الشعائر بين الطهارة الجسدية والطهارة الروحية الباطنية.
فالمسلم حين يتوضأ ينظف أطرافه وجوارحه من الوسخ الظاهر،ويطهرها كذلك مما اقترفت من الذنوب.
وبين ـ سبحانه ـ أن من مقاصد دينه تطهير الإنسان وإتمام النعمة عليه. قال تعالى: {ما يريدُ اللهُ ليجعلَ عليكم في الدين من خَرَجٍ، ولكن يريدُ ليطهِّركم وليُتَّم نعمته عليكُم لعلكم تشكرون} (1).
إن العبادات التي فرضها الله على العباد أوسَنَّها لهم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من أهم التمرينات الروحية التي تطهر النفوس وتزكيها؛ فالصلاة تطهر النفس والأخلاق. {إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} وشبه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، المسلم الذي يؤدي الصلاة خمس مرات في اليوم بالإنسان الذي يغتسل في نهر يجري بباب داره خمس مرات في اليوم.
ولهذه العبادات أسرار وأبعاد تربوية كثيرة. يكفينا في ختام هذا الفصل أن نسوق مقتطفات منها، فالصلاة هي أم العبادات الإسلامية، وهي العبادة المفروضة التي تكرر يوميا خمس مرات في أوقات محددة، لا يجوز بأي حال من الأحوال إخراجها عن وقتها. إنها عبادة عظيمة جعلها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عماد الدين، من أقامها فقد أقام الدين كله، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع.
وللصلاة أسرار وأهداف كثيرة، فهي التي تقوي صلة العبد بربه، وتجدد إيمانه خمس مرات وأكثر في اليوم، وفيها السجود الذي يجعل العبد أقرب ما يكون إلى ربه، ومنها يتزود المؤمن بالقوة الروحية التي تعينه على تحمل الشدائد، ومواجهة المصاعب والثبات على طريق الحق، وبها يتطهر من خطاياه، ويبتعد عن الفحشاء والمنكر.
ولها فوق كل هذا فوائد تربوية فردية واجتماعية كثيرة.
ما الذي يجعل الإنسان يترك مشاغله ومتعته وراحته ويسرع إلى أداء الصلاة؟ ما الذي يجعله يقطع متعة النوم اللذيذ في ساعة مبكرة من الليل، وينهض لأداء الصلاة؟.
إنه الإحساس بالواجب والمسؤولية بينه وبين خالقه. هذا الإحساس هو الذي يدفعه إلى تقديم أداء حق الله على كل شغل وكل متعة وكل شيء.
محمد رافع 52 04-11-2011, 03:20 PM والصلاة نفسها، إذا داوم عليها الإنسان في أوقاتها المحددة، هي التي تربي فيه هذا الإحساس وتحافظ على قوته ورهافته، وتدربه على النظام والانضباط والالتزام بأداء واجباته في وقتها المحدد، على أحسن وجه ممكن من الإتقان.
وقد تكون هذه الفوائد التربوية وغيرها من الأسرار والمقاصد التي اشتمل عليها أمر النبي، صلى الله عليه وسلم، الذي أرشد فيه إلى أمر الصبيان بالصلاة لسبع سنين وضربهم عليها لعشر.
لننظر هل يمكن أن يكون هناك طريق للتمرين الروحي والخلقي أفضل من الصلاة؟.
إن هذه التمرينات اليومية تذكر الإنسان بعهده وواجباته ومسؤوليته مع الله تعالى. كما تدربه على الوفاء بها وأدائها في وقتها المحدد.
وإذا كان شعور الإنسان بواجباته نحو خالقه مرهفاً بصورة تجعله يقدمها على مصالحه الدنيوية، وعلى رغباته وأهوائه، فإنه سيكون مخلصاً في جميع معاملاته. وسيقوم بواجباته ومسؤوليته في سائر أعماله وأنشطته، وسيلتزم بأوامر الله وشرعه في كل مظاهر حياته بالطريقة نفسها التي يتبعها في أداء واجباته نحو خالقه. وسيكون محل ثقة وأمانة يعتمد عليه في ميادين الأعمال والمسؤوليات الدنيوية.
ومن فوائد الصلاة في مجال التربية الفردية التدريب على تنظيم النشاط الفكري والجهد العقلي، فالمصلي مأمور بأن يجمع قواه العقلية ويركزها في الأفعال والأقوال التي يقوم بها في صلاته، ومدعو إلى إحضار عقله في كل أجزائها. فإذا غاب عقله وسها عن صلاته، كان ذلك نقصاً فيها، لأن النبي، صلى الله عليه وسلم، يقول: > ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت".
واستجماع الفكر وحصره وتركيزه في الصلاة من أولها إلى آخرها، أمر شاق على الإنسان، إلا من رحمه الله، لكن المسلم يحقق قدراً من النجاح في ذلك، بالمحاولة الجادة المتواصلة، والإرادة والعزيمة القوية، وهذا التدريب الذي يكرره المسلم في صلاته خمس مرات في اليوم، يعلمه كيف ينظم عمله الفكري، ويمرنه على استجماع طاقته الفكرية، وتركيزها في الشيء الواحد، والمسألة الواحدة، إلى أن يصل إلى فهمها وحل غوامضها. ويتعلم المسلم في صلاة الجماعة كثيراً من الفضائل الخلقية التي لا يتعلمها من صلاته بمفرده، ولذلك أمر الإسلام بإقامة الصلاة جماعة، ورغب فيها، وفضلها على صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة، وفي رواية بخمس وعشرين درجة.
صلاة الجماعة لقاء بين المسلمين يتكرر خمس مرات في اليوم، يلتقي فيه المسلم مع إخوانه، فيحصل التعارف، وتنشأ روابط الأخوة بينهم ، ويحس كل واحد أنه عضو في جماعة متماسكة متعاونة، وإذا كان المسجد يؤدي رسالته الدينية والاجتماعية على حقيقتها، فإن ذلك الإحساس يتحول إلى تعاون حقيقي، فيجد كل فرد من إخوانه، في وقت الحاجة، المساندة والمؤازرة ، إذا غاب سألوا عنه، وإذا مرض عادوه، وإذا نزلت به محنة أعانوه وواسوه. وهكذا ينخرط المسلم في الجماعة، ويندمج في أعمالها وأنشطتها، ويتدرب على القيام معها بأنواع من الأعمال الاجتماعية ذات النفع العام، ومع مرور الزمن يصبح هذا السلوك الجماعي عادة راسخة، وفي ذلك الخير الكثير للفرد والجماعة معاً.
ويتعلم المسلم من صلاة الجماعة كذلك فضيلة المساواة، ويتخلص من رذيلة التكبر والاختيال كيفما كان موقعه ومركزه الاجتماعي، لأنه مدعو إلى أن يجلس في المسجد حيث تنتهى به الصفوف. ليس في المسجد أماكن مخصصة لأشخاص باعتبار مكانتهم أو مزاياهم الدنيوية، ولأنه مدعو إلى الوقوف مع عامة المسلمين في صف واحد متساوٍ، لا فرق فيه بين غني وفقير ورئيس ومرؤوس، وشريف ومشروف.
والمداومة على صلاة الجماعة يطهر النفس من الكبر والعجب، ويروضها على التواضع واحترام الآخرين والاعتراف بفضلهم.
ويتعلم المسلم من صلاة الجماعة النظام والطاعة لقائد الجماعة وولي أمرها، لأنه مدعو في صلاته إلى الاقتداء بالإمام ومتابعته في أفعاله، كما يتعلم منها المشاركة الإيجابية في تسيير أمور الجماعة، لأن من حقه أن يشارك في اختيار الإمام، وفي عزله، إن ظهر أنه لم يكن أهلاًً للإمامة، أو أن أخل بشرط من الشروط، وإن أخطأ في شيء من صلاته، فإن من واجب الجماعة أن تصحح خطأه. وهذه صورة لما ينبغي أن يكون عليه نظام الحكم، يراها المسلم في صلاة الجماعة ويتدرب عليها يومياً.
ويتعلم المسلم في المسجد آداباً إسلامية كثيرة، ويستفيد فوائد تربوية فردية وجماعية عديدة، إما عن طريق الاندماج في الجماعة، وإما عن طريق الممارسة والمشاهدة المتكررة، وإما عن طريق دروس العلم وخطب الجمعة التي ترغب في الفضائل والأخلاق الإسلامية الكريمة، وترشد إلى طرق الخير والعمل الصالح، وبذلك كانت مكانة المسجد وأهميته في التربية الإسلامية كبيرة.
تلك جملة من الفوائد التربوية التي يتعلمها المسلم من الصلاة، ولا يتسع المجال هنا للإطالة في تعدادها، فهي كثيرة تحتاج إلى كتاب مستقل.
محمد رافع 52 04-11-2011, 03:24 PM وكذلك العبادات الإسلامية الأخرى، لها أهداف تربوية وآثار طيبة نفسية واجتماعية كثيرة.
فالزكاة طهارة لنفس الغني من الشح، وترويض لنفسه على البذل والعطاء، وهي في الجانب الآخر طهارة لنفس المحروم من الحسد والبغض، وطهارة للمجتمع كله من أنواع الفساد التي تنشأ عن الفقر والحاجة من جهة، وعن الترف وعبادة اللذة من جهة ثانية.
وهذا ما يدل عليه قوله تعالى: {خُذْ من أموالهِم صدقةً تطهّرهم وتزكّيهم بها}(17).
ثم هي طهارة وتنمية للمال، فإن المال يظل ملوثاًً مادام حق الفقراء والمساكين معلقاً به، فإذا أدى الغني زكاة ماله فقد طهره وحصنه، وإلى هذا أشار قول رسول الله، صلى الله عليه وسلم :" إذا أديت زكاة مالك فقد أذهبت عنك شرَّه"(18): وقوله في حديث آخر: >حصنوا أموالكم بالزكاة"(19).
وللزكاة فوائد اجتماعية كثيرة، فهي كما قلنا أداة لتطهير المجتمع من أسباب انتشار الفساد، وهي أداة لتحقيق التكافل الاجتماعي، فإن الإسلام لا يرضى أن يوجد بين الجماعة من لا يجد القوت الذي يكفي حاجته ويحفظ كرامته، والمسلم مطالب بأن يحقق لنفسه ضرورات العيش الكريم من القوت والثوب والكساء، فإن لم يستطع فالجماعة تكفله، ولا تدعه فريسة للحرمان والحاجة.
وللصيام كذلك أسرار وفوائد تربوية، نعرف منها ما نعرف ونجهل ما نجهل، ويكشف منها العلم ما يكشف. ومن فوائده تقوية الروح وتصفيته، والروح كما قلنا سابقاً، هو جوهر حقيقة الإنسان، وهو جوهر سماوى أودعه الخالق في هذا الجسد الأرضي، وللجسد مطالبه وغرائزه التي تشد الإنسان إلى الأرض، فإذا استسلم لهذه المطالب والغرائز وانقاد لها، نسي مطالبه الروحية، وأهدر حقيقته الإنسانية، وأضعف قوته الروحانية وصدق عليه قول الشاعر:
يا خادمَ الجسم ِكم تشقى بخدمــتـــــــــــه *** أتطلبُ الربح َمما فيه خــسرانُ
أَقْبِلْ على النفسِ واستكملْ فضائلَها *** فأنت بالنفس لا بالجسم إنسانُ
لهذا فرض الله الصيام، ليتغلب الإنسان على شهواته، ويتحكم في غرائزه الحيوانية، ويصفي روحه ويقويها، ويتشبه بالملائكة، ومن هنا كان من فوائد الصيام تصفية الروح وتطهير النفوس. كان النبي، صلى الله عيه وسلم، يقول لأصحابه، إذا أقبل شهر الصيام >لقد جاءكم المُطَهّر "، يحثهم بذلك على الاستعداد لصيامه وقيامه.
وذكر الله تعالى الحكمة من عبادة الصيام وجمعها في كلمة واحدة جامعة، هي التقوى، قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كُتِبَ عليكمُ الصيام كما كُتِبَ على الذين من قبلكم لعلكم تتقون}(20).
والتقوى هي الإحساس الذي يجعل ضمير الإنسان في صحوة مستمرة، فيراقب الله في سره وعلانيته، ويمتثل أوامره، ويجتنب نواهيه.
والصيام تربية لفضيلة الصبر والإرادة، فالصائم يترك شهوات نفسه. ويصبر على رغباته المعتادة من طلوع الفجر إلى غروب الشمس طيلة أيام شهر رمضان، فيتدرب علي التحكم في زمام النفس، وعلى الصبر على ألم الجوع والعطش، وعلى كف النفس عن الاسترسال مع الشهوات. فأي تدريب أنفع في تعليم الصبر وتربية الإرادة من عبادة الصيام، التي جعلها الإسلام تدريباً سنوياًً إجبارياً في رمضان، وتدريباًً تطوعياً في غير رمضان.
ونبه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إلى أن الصيام عبادة لها حرمتها، وحث الصائم على تجنب كل ما ينافي تلك الحرمة من الرفث والفسق والصخب، فقال: > الصيام جُنَّةٌ فإذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث ولا يفسق ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل، إني صائم. إني صائم"(21).
ولا يخفى أن إمساك الإنسان عن الرفث، وهو كل كلام أو فعل يوقظ في النفس شهوة النساء، كفيل بتدريبه على فضيلة العفة، وإمساكه عن فاحش الكلام والسباب والشتم يدربه على تحمل أخطاء الناس وكظم الغيظ وغض الطرف، وتلك من سمات الصابرين. {وما يُلقَّاها إلا الذينَ صبروا وما يُلقَّاها إلا ذو حَّظٍ عظيم}(22).
والإسلام دين جهاد ومرابطة، وأول عدة الجهاد الصبر والإرادة القوية. والصوم من أبرز وسائل الإسلام في تربية المؤمن الصابر الذي يتحمل ترك شهواته من أجل إعلاء كلمة الله ونيل مرضاته.
ولا يتسع المقام هنا للاسترسال في بيان فضائل الصيام وفوائده التربوية، فهي كثيرة تستحق أن يفرد لها كتاب مستقل، يتناول بالتفصيل أحكامه وآثاره النفسية والاجتماعية.
محمد رافع 52 04-11-2011, 03:26 PM أما الحج فهو الركن الخامس من أركان الإسلام، وهو آخر ما فرض من الشعائر والعبادات التي رسم الله حدودها وبين مناسكها وحدد أوقاتها. والحج هو الرحلة الإيمانية التي ينتقل فيها المؤمنون كل سنة لزيارة بيت الله الحرام والطواف به، ذلك البيت الذي جعله الله تعالى رمزاً لتوحيده، وقبلة للمسلمين، إذ فرض عليهم أن يتوجهوا إليه كل يوم في صلاتهم، وأن يتوجه إليه كل قادر منهم بشخصه ويطوف به مرة في العمر.
وللحج منافع وآثار نفسية وتربوية وأسرار لا نعرف إلا القليل منها. لأنه أكثر العبادات اشتمالاً على الأمور التعبدية التي لا تعرف حكمتها معرفة تفصيلية على وجه التأكيد. ما الحكمة من كون الطواف بالبيت سبعة أشواط؟، وما الحكمة من كون السعي بين الصفا والمروة سبعة أشواط؟، وما الداعي إلى تقبيل الحجر الأسود؟، إن المسلم يفعل هذا كله لأن النبي، صلى الله عليه وسلم، فعله، ولا حرج عليه بعد ذلك إن لم يدرك بعقله الحكمة مما يفعل، ويكفيه أن يتذكر أن سيدنا عمر بن الخطاب لما طاف بالبيت وتقدم لاستلام الحجر الأسود، فكر بعقله، وتوقف وقال مخاطبا إياه: "والله إني أعلم أنك حجر، لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقبلك ما قبلتك"، لقد أعمل عمر عقله ثم أدرك أنه بإزاء شعيرة تتلقى بالتفويض والطاعة لأمر الله.
وللحج منافع كثيرة، ذكرها الله تعالى في قوله: {وأذّنْ في الناسِ بالحَجِ يأتوكَ رجالاً وعلى كل ضامرٍ يأتين من كل فَجٍّ عميق* ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسمَ الله}(23).
فقوله تعالى: {منافع لهم} لفظ مطلق لم يقيد بشيء، وذلك ليدل على أنواع كثيرة من المنافع الدنيوية والأخروية، والمنافع التربوية الفردية والجماعية. هذا الإطلاق في اللفظ يفتح الباب للتأمل في فوائد هذه العبادة.
الحج يبدأ بالإحرام، وهو أول المناسك، وفيه يتجرد الإنسان من زينة الدنيا ومتاعها، ومن شهوات نفسه، ويتوجه إلى الله خاشعاً ضارعاً وما دام في عبادة الحج فهو مدعو إلى ترك الرفث والفسوق والجدال. قال الله تعالى: { الحَجَّ أشهرٌ معلومات فمن فرض فيهِنَّ الحَجَّ فلا رفثَ ولا فسوقَ ولا جدالَ في الحَجِّ }(24) . وهذا تدريب تربوي حكيم، يتجرد به الإنسان من شهواته الدنيوية، ويطهر نفسه ولسانه من فاحش القول، ويطهر سلوكه من سيء الأفعال، ويتدرب على تحمل الأذى والصبر ونكران الذات، ويترك الخصومات التي تنشأ عادة من الأنانية والإفراط في حب الذات.
والحج لقاء سنوي عالمي يلتقي فيه المسلمون لتجسيد الوحدة الإسلامية، وللتعارف وتبادل المنافع والمصالح، والتشاور حول القضايا الإسلامية المشتركة. وفيه تدريب عملي على المبادئ الإنسانية العليا التي جاء بها الإسلام، فقد أراد الإسلام ألا تكون مبادئه مجرد شعارات، بل ربطها بعبادته لتكون جزءاً من حياة المسلم العملية، وفي الحج يتدرب المسلمون على المساواة والوحدة والسلام، فالمساواة تتحقق في أجلى صورها في لباس الإحرام، عندما يطرح الجميع الملابس والأزياء المزخرفة التي تختلف باختلاف الطبقات، ويلبسون جميعاً لباساً بسيطاًً موحداً. يلبسه الملك والأمير والغني والفقير.
وأما الوحدة فإنها تتجلي في وحدة الشعائر ووحدة الهدف. فالمسلمون الحجاج على اختلاف أجناسهم وألسنتهم، يؤمنون برب واحد، ويطوفون ببيت واحد، ويؤدون أعمالاً موحدة.
وأما السلام فإن البلد الحرام بلد الأمن والسلام ومن دخله كان آمناً، والمسلم حين يحرم بالحج يظل زمن إحرامه في سلام حقيقي مع جميع الكائنات، لا يجوز له أن يدخل في خصام مع أحد، ولا أن يقتل صيداً، ولا أن يقطع شجراً أو نباتاً. ففي هذه الهدنة الإجبارية الشاملة، يتدرب المسلم على السلام وتتشرب روحه مبادئ السلام وأخلاقه الكريمة.
وخلاصة القول إن العبادات الإسلامية لها أسرار وفوائد تربوية كثيرة، تجعل كل واحدة منها جديرة بأن يفرد لها كتاب خاص، يجمع أحكامها وأسرارها وآثارها الطيبة.
ـــــــــــــــ
(1) الحديث رواه البخاري ومسلم.
(2) سورة الذاريات58-56/51 .
(3) الموافقات، ج2، ص ص 400- 398.
(4) سورة طه 15/20.
(5) سورة العنكبوت 45/29.
(6) سورة الإسراء :79/17.
(7) الموافقات، ج 2، ص 400-398.
(8) سورة الطلاق 12/65.
(9) العبادة في الإسلام، ص 109.
(10) سورة العنكبوت 5/29.
(11) سورة آل عمران 97/3.
(12) سورة فصلت 46/41.
(13) المنقذ من الضلال، ص 59-58.
(14) سورة المائدة،13-12/5.
(15) سورة آل عمران 193-190/3.
(16) سورة المائدة 6/5.
(17) سورة التوبة 103/9.
(18) رواه الحاكم في المستدرك.
(19) رواه أبو داود في المراسيل.
(20) سورة البقرة 183/2.
(21) حديث متفق عليه.
(22) سورة فصلت .35/41
(23) سور الحج .27-26/22
(24) سورة البقرة .197/2
*
منشورات المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة ـ إيسيسكو ـ 1421هـ/2000م
محمد رافع 52 05-11-2011, 01:11 AM خصائص التربية الإسلامية
نود في هذا الفصل أن نلقي الضوء على أهم خصائص التربية الإسلامية، إذ أن التربية هي مناط تنشئة الأجيال علي الاستقامة حتى تؤتي العبادات ثمراتها. وقد فرَّق أئمة المسلمين بين التربية على الاستقامة التي هي بمثابة الوقاية من الفساد وشروره، وبين التوبة بعد الانغماس في الحياة المادية وترهاتها، فهي، وإن كانت تحقق نفعا ًومصلحة أكيدة للتائب، إلا أنها بمثابة علاج للمريض. وفرق كبير بين من نشأ صحيحاً، وبين المريض الذي يتناول الدواء للشفاء، فالأخير يحتاج إلى وقت ومثابرة وجهد، بينما الأول يعيش في تلقائية ويسر في المُناخ النقي، وفي كلٍّ خير.
أهم خصائص التربية الإسلامية
1. تربية إيمانية : أولى خصائص التربية الإسلامية هي أنها تربية إيمانية تهدف إلى تكوين الإنسان المؤمن الذي يوحد الله تعالى، ويراقبه في سره وعلانيته، ويسارع في الخيرات، لذلك تبدأ بغرس كلمة الإيمان في النفس، وتعمل بوسائل شتى على ترسيخها وتثبيت جذورها في القلب، لأن الإيمان إذا تغلغل في القلب كان قوة ذاتية تدفع الإنسان إلى السلوك القويم، والتحلي بالأخلاق الحميدة، والاستقامة على طريق والصلاح.
على هذا المنهج قامت دعوات الأنبياء عليهم السلام، بدأ كل واحد منهم بتقرير قاعدة الإيمان والتوحيد، وجاهد بكل الوسائل من أجل ترسيخها.
وعلى ذلك النهج قامت الدعوة الإسلامية في المرحلة المكية، جاهد النبي، صلى الله عليه وسلم، سنوات طوالاً في سبيل تقرير معاني التوحيد ومبادئ الإيمان وتخليص نفوس المؤمنين من رواسب الشرك والوثنية، وذلك لأن العقيدة السليمة إذا تمكنت ورسخت في النفوس، كانت كافية لجعل الإنسان مستعدّاً تمام الاستعداد للقيام بالتكاليف وامتثال الأوامر عن طواعية.
الإيمان الراسخ هو الأساس الذي يرتكز عليه منهج التربية الإسلامية، وهو الأصل الذي تنبثق منه سائر الفضائل الخلقية. قال الله عز وجل : {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحساناً وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجُنُبِ والصاحب بالجنْبِ وابنِ السبيل وما ملكت أيمانُكم إن الله لا يحب من كان مختالاً فخوراً}(1).
في هذه الآيات الكريمات ما يدل على أن مظاهر السلوك وفضائل الأخلاق ومحاسن المعاملات مرتبطة بالعقيدة، فإفراد الله تعالى بالعبادة يتبعه الإحسان إلى الوالدين وذوي القربى واليتامى والمساكين. فالباعث على الخلق الطيب والعمل الطيب هو الإيمان بالله واليوم الآخر والتطلع إلى رضا الله وجزاء الآخرة.
والكفر بالله واليوم الآخر يتبعه الاختيال والفخر والبخل وكتمان فضل الله ونعمته وسائر الرذائل.
من هذا المنهج التربوي الرباني انطلق لقمان الحكيم في نصائحه التربوية الحكيمة التي نصح بها ولده، فقد بدأها بدعوته إلى الإيمان والعقيدة الصافية، وذلك ما دل عليه النهي عن الشرك والتحذير منه في قوله كما ورد في القرآن الكريم. {يا بُنيَّ لا تُشركْ باللهِ إن الشركَ لظلمٌ عظيم}(2).
ومنه انطلق كذلك رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حين وجه نصيحته التربوية الحكيمة لسيدنا عبد الله بن عباس وهو غلام يافع. >عن عبد الله بن عباس، رضي الله عنهما، قال: كنت خَلْفَ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على دابة فقال: يا غلام إني أعلمك كلماتٍ: احفظِ اللهَ يحفظْك، احفظِ الله تجدْهُ تجاهَك، إذا سألتَ فاسألِ الله، وإذا استعنتَ فاستعنْ بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضرُّوك لم يضرُّوك إلا بشيٍء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفَّتِ الصُّحُفِ< (3) .
أراد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بهذا الحديث أن يصفي عقيدة ذلك الغلام من كل ما قد يعكرها من الشوائب. إن من طبيعة الإنسان أن يبحث لنفسه عن سند قوي، يحميه وقت الحاجة، ويعينه على بلوغ مقاصده، ويجلب له المنافع ويدفع عنه المضار. ورسول الله، صلى الله عليه وسلم، يعلم أن هذا هو المَنْفَذُ الذي يتسرب منه الشرك إلى القلوب، فيفسد العقيدة، ويبطل الإيمان، فأراد، صلى الله عليه وسلم، أن يعلم هذا الغلام العقيدة الصافية، ويبين له أن الحافظ والمعين والنافع والضار هو الله تعالى.
وهذه الوصية التربوية النبوية تدل على أن العقيدة هي أساس التربية في المنهج الإسلامي، فالإيمان بأن الله تعالى هو وحده الحافظ والمعين والنافع والضار، يحرر فكر الإنسان من الأوهام والخرافات، ويوجهه في طريق التفكير السليم، فلا يطلب العون إلا من الله، وإن جاءه نفع أو ضر من قبل مخلوق، أيقن أنه بإذن الله وقضائه.
وإن للعقيدة لأثراً طيباً في تكوين الضمير الأخلاقي، قال الشيخ القرضاوي، > فعقيدة المؤمن في الله أولاً، وعقيدته في الجزاء والحساب ثانياً تجعل ضميره في حياة دائمة، وفي صحوة مستمرة، إنه يعتقد أن الله معه حيث كان في السفر أو في الحََضَر، في الخلوة أو الجلوة، ويعتقد أنه محاسب يوم القيامة على عمله. بهذه العقيدة يصبح ويمسي مراقباً لربه محاسباً لنفسه، لا يظلم ولا يخون، ولا يتطاول ولا يستكبر ولا يفعل في السر ما يستحي منه في العلانية. هذا الضمير الديني هو الركيزة الأولى للأخلاق، وهو الأساس لحياة اجتماعية فاضلة"(4).
محمد رافع 52 05-11-2011, 01:15 AM 2. تربية متوازنة : من أهم خصائص التربية في المنهج الإسلامي أنها تربية تهتم ببناء شخصية الإنسان من جميع جوانبها، تقدم له حاجته من التربية الروحية والعقلية والجسدية، وتسعى لتنمية طاقاته المتنوعة وصقل مواهبه.
غير أن التربية الروحية تحظى في المنهج الإسلامي بعناية خاصة، لأن الروح في نظر الإسلام هو مركز الكيان البشري، وجوهر حقيقة الإنسان، ولأن التربية الروحية هي الأساس لسلامة العقل والنفس معاً.
الإسلام يولي عناية كبيرة للصحة القلبية، ويؤكد أن في صلاحه صلاح الجسد كله، كما في الحديث النبوي الشريف: >ألا وإن في الجسدِ مُضْغَةٌ، إذا صَلُحَتْ صَلُحَ الجسدُ كله ألا وهي القلب" (5).
ويبين أن سبيل الفلاح التام هو تزكية النفس، وأن سبب الخسران التام هو تدنيسها. {قد أفلحَ من زكَّاها* وقد خاب من دسَاها}(6).
وتظهر العناية التامة بالتربية الروحية في المنهج الإسلامي في الطريقة التي أدب الله بها رسوله، صلى الله عليه وسلم، وأعده لتحمل أعباء الرسالة وتبليغها، فقد جاءت الآيات القرآنية الأولى التي نزلت عليه، صلى الله عليه وسلم، في بداية بعثته بأوامر وتوجيهات تربوية صارمة تندرج كلها في إطار التربية الروحية. قال الله عز وجل: {يا أيها المُدَّثر * قم فأنذر *وربك فكبر *وثيابك فطهر* والرُّجز فاهجر *ولا تمنُن تستكثر* ولربك فاصبر}(7).
فنداء رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بصفة "المدثر"، نداء تنبيه وتأديب، لأن القعود تحت الدثار، وهو الغطاء، لا يليق بمقام الرسالة، لأنه مقام جهاد وحزم وعزم، ولكن الجهاد في سبيل تبليغ رسالة الله ونقل الناس من معتقدات راسخة إلى الإيمان الصحيح، ومن عادات سيئة متأصلة إلى الأخلاق الفاضلة، تكليف ضخم يحتاج إلى إعداد وتربية روحية متينة، ومن ثم أردف الله أمر رسوله بالإنذار، الذي يتضمن في هذا السياق معنى التبليغ والجهاد، بمجموعة من مبادئ التربية الروحية، وهي قوله، عز وجل: {وربك فكبر* وثيابك فطهر* والرجز فاهجر*ولا تَمْنُنْ تستكثْر* ولربك فاصبر } .
المبدأ الأول هو تخصيص الله تعالى بالتكبير، وهو يشمل إفراده تعالى بالتوحيد والعبادة، والمبدأ الثاني هو تطهير النفس وتطهير السلوك {وثيابك فطهر* والرُّجْزَ فاهجر}، فالمراد بالثياب هنا النفس أو القلب، والمراد بالرّجْز هو الأعمال السيئة والأوصاف الذميمة. والمبدأ الثالث: هو نكران الذات. {ولا تَمْنُنْ تستكثر}، لأن تبليغ الرسالة الإلهية، ودعوة الناس إلى دين الله يستلزمان التضحيات الجسام بالنفس والمال والجهد، ويستلزمان أيضاً هجر حياة الراحة واللذة النفسية. كل ذلك في سبيل الله ونشر دينه، لا لمنفعة ذاتية، ولا لأجر دنيوي عاجل.
والمبدأ الرابع: هو الصبر. وهو زاد الأنبياء وسلاح الدعاة.
وللعبادة فضل كبير في التربية الروحية، فهي أنجع وسائلها، وأنفع أدواتها، ويظهر هذا، أيضا، في تأديب الله تعالى لرسوله وللمؤمنين الأوائل الذين سبقوا إلى الإيمان وذلك بقوله الله عز وجل: {يا أيها المزَّمل قم الليل إلا قليلاً* نصفه أو انقص منه قليلاً* أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلاً* إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً}(8).
فرض الله على رسوله ومن آمن معه في المرحلة الأولى من بعثته قيام الليل ، وترتيل القرآن وبين له العلة في ذلك فقال: إنا سنلقى عليك قولا ثقيلاً، والمراد بالقول الثقيل التكليف بأمانة تبليغ الرسالة، والجهاد لتكون كلمة الله هي العليا. عن عائشة أم المؤمنين، رضي الله عنها، قالت: >إن الله افترض قيام الليل في أول هذه السورة، فقام رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأصحابه حولاً حتى انتفخت أقدامهم، وأمسك الله خاتمتها في السماء اثْنَى عشر شهراً. ثم أنزل الله التخفيف في آخر هذه السورة، فصار قيام الليل تطوعاً من بعد فريضة"(9).
والتخفيف المذكور في كلام عائشة، رضي الله عنها، هو قوله تعالى: {إن ربك يعلم أنك تقومُ أدنى من ثلثي الليل ونصَفهُ وثُلثُه وطائفةُ من الذين معك والله يقدّر الليل والنهار علم أن لن تُحْصوه فتابَ عليكم فاقرأوا ما تيسَّرَ من القرآنِ} (10).
إن فرض الصلاة الليلية وترتيل القرآن على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وعلى طائفة المؤمنين معه، هو تربية روحية، قصد بها إعدادهم لتحمل تبعات الإيمان، والصمود في وجه صناديد الكفر، والصبر على الابتلاء، والثبات على طريق الجهاد الطويل الشاق.
إن هذا المنهج الإسلامي منهج عبادة، والعبادة فيه ذات أسرار، ومن أسرارها أنها زاد الطريق، وأنها مدد الروح، وأنها جلاء القلب، وأنه حيثما كان تكليف كانت العبادة هي مفتاح القلب لتذوق هذا التكليف في حلاوة وبشاشة ويسر.
إن الله تعالى حين أمر موسى، عليه السلام، بالذهاب إلى فرعون ومواجهته بالدعوة إلى الحق، تهيب موسى من مواجهة طغيان فرعون، فدعا الله تعالى أن يشرح صدره ويحل عقدة لسانه، ويؤيده بأخيه هارون، فأعطاه الله كل ما سأل، ثم أرشده إلى العبادة والإكثار من ذكر الله، للتزود بالقوة الروحية اللازمة للموقف الرهيب، فقال سبحانه : {اذهبْ أنت وأخوك بآياتي ولا تََنِيا في ذكري* اذهبا إلى فرعون إنه طغى}(11).
نخلص من كل هذا أن التربية الروحية تحظى بالأولية في المنهج الإسلامي، وأن العبادة والذكر وترتيل القرآن من أهم وسائل هذه التربية.
محمد رافع 52 05-11-2011, 01:18 AM 3. تربية مستمرة: ومعنى مستمرة أنها ليست محصورة في مرحلة معينة من العمر، بل تستمر مدى الحياة، في مرحلة الصغر يقوم بها الأبوان أو من يستعينان به من المؤدبين، وفي مرحلة الرشد يواصل الإنسان نفسه تربيته. وكل فرد مسؤول عن تزكية نفسه، وتهذيب أخلاقه وسلوكه، وتنمية مواهبه، وتحسين مستواه الفكري والعلمي، ومواصلة طلب العلم حتى اللحد. كما أنه مسؤول عن مجاهدة نفسه ومحاسبتها ومراقبتها ومقاومة أهوائها ونزعاتها السيئة، ومسؤول عن الإسهام مع إخوانه المومنين، في إصلاح المجتمع ونشر الفضائل ومقاومة الرذائل.
والنهوض بهذه المسؤولية يقتضي التدريب التربوي الذي يجعل النفس الإنسانية مستعدة لاحتضان الفضائل وتجنب الرذائل وحب الخير، ونظام العبادة يحقق هذا التدريب.
4. تربية جماعية: التربية في المنهج الإسلامي ليست محصورة في المسجد أو الكُتَاب أو المدرسة، ولا في البيت والأسرة، إنها عمل جماعي تتعاون عليه الجماعة بكل مؤسساتها ووسائلها. تشارك فيه الأسرة والأبوان والمدرسة والكتاب، والمسجد والجماعة ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة وغير ذلك.
وتقع المسؤولية في المرحلة الأولى منها على الأسرة، يتحملها الأبوان، عليهما أن يستقبلا الطفل ويهيئا له في البيت الجو التربوي الصالح، والوسائل الضرورية للحفاظ على فطرته سليمة، بعيدة عن المؤثرات الضارة. وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم، قوة تأثير الأبوين في حياة الطفل وتوجيهه، إذ قال : >كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه"(12).
والأبوان الواعيان اللذان يقدران هذه المسؤولية حق قدرها، يحرصان أشد الحرص على تطهير البيئة المنزلية، من كل المؤثرات التي من شأنها أن تفسد فطرة طفلهما، ويجعلان من البيت روضاً يفوح بطيب الفضائل، ومحاسن الأخلاق، يعطيان بسلوكهما ونظام حياتهما اليومية القدوة الحسنة لأبنائهما.
وبعد الأسرة تقع المسؤولية في تربية الناشئة على المدرسة والمعلم. والنهوض بهذه المسؤولية يقتضي أن يكون جو المدرسة جوّاًً تربويّاً سليماً، يشارك في إيجاده الإدارة والمدرسون والتلاميذ والمناهج التربوية وما يصاحبها من الأنشطة، ويقع القسط الأوفر من هذه المسؤولية على المعلم. وذلك لأنه أوثق اتصالاً بالتلاميذ، وأعمق تأثيراً في نفوسهم. يحمل الأطفال الصغار لمعلمهم احتراماً وإجلالاً كبيراً، ويضعون فيه الثقة الكاملة، ويرون فيه المثل الأعلى، وقد تكون سلطته المعنوية على نفوسهم أقوى من سلطة الأبوين، وهذا ثابت بالتجربة، ومن ثم كانت مسؤولية المعلم كبيرة.
وللمسجد في المنهج التربوي الإسلامي أهمية لا تقل في شيء عن أهمية المدرسة، بل إن المسجد هو المجال الصالح للتطبيق العملي لما تعلمه الإنسان من مبادىء الفضائل والأخلاق في المدرسة.
فالمسجد هو المكان الطاهر الذي يلتقى فيه أفراد الجماعة المسلمة خمس مرات في اليوم، لإقامة صلاة الجماعة، وتلاوة كلام الله، وحديث رسوله، صلى الله عليه وسلم، وتعلم دينهم، وتطبيق شعائره، وتعاليمه، وفي هذا اللقاء الجماعي بين المسلمين من الفوائد التربوية الفردية والاجتماعية الشيء الكثير.
ففي المسجد يحصل التعارف بين أفراد الجماعة، وتتوثق روابط الإخاء والتعاون والتعاضد بينهم، وينشأ الوعي الجماعي الذي يجعل كل فرد يشعر أنه جزء من الجماعة، يسوؤه ما يسوء كل فرد من أفرادها ، ويسره ما يسره.
وفي المسجد يتعلم المسلم بطريقة عملية فضيلةَ التواضع والمساواة، لأنه مدعو إلى الوقوف مع إخوانه في صف واحد متراص لأداء الصلوات، لا فرق فيه بين الغني والفقير، والشريف والوضيع، ولا بين الرئيس والمرؤوس . يتكرر هذا الوقوف في صلاة الجماعة خمس مرات في اليوم فترضخ له النفس، وتتخلص من العجب والكبرياء، وتتزين بخلق التواضع والمساواة، ويزداد فضل المسجد في التربية الجماعية، وترسيخ الوعي الجماعي، إذا كان يقوم برسالته كاملة. ورسالة المسجد في الإسلام تشمل أداء الشعائر الدينية، ونشر العلم، وتدبير أمور الجماعة وحل مشاكلها، وإصلاح أحوالها، والتعاون على إقامة دينها.
والذي يؤسف له أن المسجد تخلى عن القيام برسالته كاملة، واقتصر على جزء منها هو إقامة الصلوات، ولذلك تقلصت مكانته التربوية في هذا العصر.
ـــــــــــــــ
(1) سورة النساء .36/4
(2) سورة لقمان 13/31.
(3) الحديث رواه الترمذي.
(4) الإيمان والحياة، ص 230.
(5) الحديث السادس من الأربعين النووية.
(6) سورة الشمس 10-9/91.
(7) سورة المدثر 7-1/74.
(8) سورة المزمل5-1/73 .
(9) رواه مسلم في صحيحه .
(10) سورة المزمل 20/73.
(11) سورة طه 43-42/20.
(12) تقدم الحديث في فصل سابق.
*
منشورات المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة ـ إيسيسكو ـ 1421هـ/2000م
محمد رافع 52 05-11-2011, 01:35 AM http://www.yanabeea.net/up_Words/yana602.gif
أهداف الحلقة (http://www.yanabeea.net/vb)التربوية
1- تحقيق الثواب والنجاة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما من قومٍ يجتمعون على كتابِ الله يتعاطونه بينهم إلا كانوا أضيافًا لله، وإلا حفتهم الملائكة حتى يقوموا ويخوضوا في حديثٍ غيره".
2- تكوين شخصية إسلامية متكاملة .
3- الاهتمام بالجانب الحركي؛ حيث لا تربية بدون حركة ولا حركة بدون تربية، وهذا هو ما وجدناه من أصحاب حركة حماس.. تربية أفصحت عن حركة وجهاد وصمود ليس له مثيل.
4- تعويد الفرد على التربية الذاتية، فلا يكن الأخ إلى التربية الجماعية، ولكن لا بد أن يكون هناك جهدٌ شخصيٌّ في الارتقاء بنفسه، ويكون له برنامج تعليمي عملي مع النفس.
5- تحقيق التعاون بين أفراد الحلقة (http://www.yanabeea.net/vb)من أجل الارتقاء في كل المجالات وتبادل الخبرات التربوية (http://www.yanabeea.net/vb)والاجتماعية، بل الاستفادة من كل خبرةٍ موجودة داخل الحلقة.
6- التدريب على حريةِ الرأي والمناقشة والتعبير عن الرأي وحسن العرض والاستماع، وهذا يمكن اكتسابه من خلال الحلقة (http://www.yanabeea.net/vb)التربوية.
7- التعاون بين الأفراد على حلِّ المشكلات؛ مثل الحساسية الزائدة، سرعة الغضب، الكبر، ترك النوافل، إهمال تربية الأبناء أو سوء المعاملة.
8- توثيق الروابط بين الأفراد عن طريقِ تحقيق أركان الأسرة، وهي:
أ- التعارف.. قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا﴾ (الحجرات: من الآية 13).
* تعارف من قرب، وهذا يكون بمعرفة أحواله الشخصية والاجتماعية.
* معرفة ما يحب وما يكره والميول والاتجاهات.
* معرفة نظام حياته والظروف الاجتماعية والاقتصادية والإيمانية؛ ليسهل على المربي إعانته فيما يحتاج.
ب- التفاهم.. بحيث يظهر على الأفراد وحدة اللغة والتفاهم عند مناقشة القضايا المحلية والعالمية.
* تفاهم ينتج منه تناصح بلا جفوة ولا تنابز ونبذ الفرقة.
* تفاهم يظهر في الاتفاق على أولويات المرحلة الخاصة والمحلية والعالمية.
* تفاهم يجعل الأخ يفهم أخيه قبل أن يتحدث إليه.
ج- التكافل.. ولا ننسى أن التكافل قد يكون معنويًّا أو ماديًّا؛ بحيث يكفل كل أفراد الحلقة (http://www.yanabeea.net/vb)بعضهم بعضًا، بل يمكن أن تتسع الدائرة لتصل إلى باقي أخوانهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".
محمد رافع 52 05-11-2011, 01:36 AM http://t1.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcRADluilt-gmfN5D0zIdc3wQZmfGeLupT0Uo9OESissrhUlRd_L
محمد رافع 52 05-11-2011, 01:39 AM معيار نجاح الحلقة (http://www.yanabeea.net/vb)التربوية
إن التربية المتميزة هي التي حقَّقت هذه المظاهر من خلال الحلقة (http://www.yanabeea.net/vb)التربوية؛ وهي:
* إخوة متحابون متفقون فيما بينهم.
* مؤمنون مخلصون متقون لربهم.
* فاهمون لدينهم بالإلمام بالقضايا الكلية في الإسلام.
* ملمُّون بما يدور حولهم من أحداث.
* يبذلون طاقاتهم للعمل من أجل هذا الدين.
* تنجح الحلقة (http://www.yanabeea.net/vb)في تربية الأفراد وتفعيل طاقاتهم وتوظيفها.
ولا ننسى.. أن المعايشة والمتابعة الفردية الثنائية للأفراد في أوقاتٍ أخرى غير وقت الحلقة (http://www.yanabeea.net/vb)مهمة جدًّا.
لأن هذا يحقق لنا:
* توثيق العلاقة والانفتاح بين المربِّين والأفراد.
* وضوح الرؤية للمربين للتعرف على عيوب النفس فيسهل علاجها.
* اكتشاف طاقات الأفراد وإمكاناتهم فيسهل التوظيف.
* استكمال الدور التربوي مع الفرد.
محمد رافع 52 05-11-2011, 12:21 PM مفهوم العبادة في الشريعة الإسلامية
العبادة (http://www.thanwya.com/wiki/%D8%B9%D8%A8%D8%A7%D8%AF%D8%A9) في الشريعة الإسلامية (http://www.thanwya.com/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%8A%D8%B9%D8%A9_%D8%A7% D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%A9) هي الهدف الأساسي من خلق الإنسان (http://www.thanwya.com/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%86%D8%B3%D8%A7%D9%86)، ففي القرآن الكريم (http://www.thanwya.com/wiki/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86_%D8%A7%D9%84% D9%83%D8%B1%D9%8A%D9%85) كتاب المسلمين المقدس قال الله :«وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ»، وعلى هذا فإن العبادة تشمل كل الأعمال الصالحة التي يحبها الله وترضيه، والاتصاف بكل الصفات والأخلاق الحميدة، وكذلك حب الله والرسول (http://www.thanwya.com/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%B3%D9%88%D9%84) والصالحين، ومعاملة الناس معاملة حسنة، مما يجعل الإنسان المسلم في عبادة طوال حياته وفي جميع تصرفاته كما جاء في القرآن الكريم (http://www.thanwya.com/wiki/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86_%D8%A7%D9%84% D9%83%D8%B1%D9%8A%D9%85): «قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ» آية 162 سورة الأنعام.
يقول بن تيمية (http://www.thanwya.com/wiki/%D8%A7%D8%A8%D9%86_%D8%AA%D9%8A%D9%85%D9%8A%D8%A9) في رسالته "العبودية (http://www.thanwya.com/w/index.php?title=%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A8%D9%88%D8% AF%D9%8A%D8%A9_(%D8%B1%D8%B3%D8%A7%D9%84%D8%A9)&action=edit&redlink=1)": «العبادة هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة فالصلاة والزكاة والصيام والحج وصدق الحديث والامانة وبر الوالدين وصلة الأرحام والوفاء بالعهود والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد للكفار والمنافقين والإحسان للجار واليتيم والمسكين وابن السبيل والمملوك من الآدميين والبهائم والدعاء والذكر والقراءة وأمثال ذلك من العبادة. وكذلك حب الله ورسوله وخشية الله والإنابة إليه وإخلاص الدين له والصبر لحكمه والشكر لنعمه والرضى بقضائه والتوكل عليه والرجاء لرحمته والخوف من عذابه وأمثال ذلك هي من العبادة لله».[1] (http://www.thanwya.com/vb/#cite_note-0)
محمد رافع 52 05-11-2011, 12:23 PM أهداف العبادة في الإسلام
يقول الدكتور محمد البهي (http://www.thanwya.com/wiki/%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%87% D9%8A) عميد كلية أصول الدين (http://www.thanwya.com/wiki/%D9%83%D9%84%D9%8A%D8%A9_%D8%A3%D8%B5%D9%88%D9%84_ %D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86) بجامعة الأزهر (http://www.thanwya.com/w/index.php?title=%D8%AC%D8%A7%D9%85%D8%B9%D8%A9_%D8 %A7%D9%84%D8%A3%D9%87%D8%B1&action=edit&redlink=1) سابقاً :«تستهدف العبادات من الصلاة (http://www.thanwya.com/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%84%D8%A7%D8%A9)، والزكاة (http://www.thanwya.com/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%B2%D9%83%D8%A7%D8%A9)، والحجّ (http://www.thanwya.com/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%AC)، والجهاد (http://www.thanwya.com/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%87%D8%A7%D8%AF) في سبيل الله تصفية النفس الإنسانية والحيلولة بينها وبين اتباع الشرك والوثنية، وكذلك بينها وبين مباشرة الجرائم الاجتماعية من الفواحش والمنكَرات التي هي الزنا (http://www.thanwya.com/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%B2%D9%86%D8%A7) وهتك العِرض، وسرقة الأموال، وقَتْل النفس التي حرَّم الله قتلَها إلا بالحق.
تستهدف هذه العبادات كذلك ـ بجانب الحيلولة دون هذا كله ـ الحَدَّ من أنانية الذات في السلوك والتصرُّفات، وتقوية الإحساس الجماعيّ بالآخرين في المجتمع. حتى يخرج العابد عن طريق عبادته من دائرة الذات في نشاطه وأثر هذا النشاط في الانتفاع بما في هذه الدنيا من مُتع مادِّيّة، إلي دائرة المجتمع أو الأمّة أو الآخرين. فما يُصيبه من أرزاق فهو له وللآخرين، وما يقع من مآسٍ فعليه كما على الآخرين».[2] (http://www.thanwya.com/vb/#cite_note-1)
محمد رافع 52 05-11-2011, 12:26 PM شروط العبادة في الإسلام
كل عمل يصدر من الإنسان المسلم ممكن أن يكون عبادة في حالة توافر بعض الشروط وهي:
أن يكون العمل خالصاً لله فمن العبادة مثلا أن يعيل العامل أسرته وينفع الناس لأجل أن ينال الأجر من الله تعالى.
أن يكون العمل ضمن حدود الشرع فلا يجوز للمسلم أن يعمل فيما حرم الله، فمثلاً لا يجوز للمسلم أن يسرق ليعطي الفقراء أو يغني أسرته، فينبغي ان يكون العمل على حسب ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله.
أن يكون عمله غير شاغل له عن القيام بما أوجب الله عليه فلا يجوز للمسلم أن يترك فرضاً واجباً عليه ليقوم بعمل آخر بنية العبادة.
فإذا تحققت هذة الشروط الثلاثة يعتبر العمل الصادر من الإنسان عبادة.[3] (http://www.thanwya.com/vb/#cite_note-2)
المصادر
^ (http://www.thanwya.com/vb/#cite_ref-0) رسالة العبودية لابن تيمية ص 38
^ (http://www.thanwya.com/vb/#cite_ref-1) معنى العبادة في الإسلام (http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?pagename=IslamOnline-Arabic-Ask_Scholar/FatwaA/FatwaA&cid=1122528614008)
^ (http://www.thanwya.com/vb/#cite_ref-2) مفهوم العبادة في الإسلام (http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?pagename=IslamOnline-Arabic-Ask_Scholar/FatwaA/FatwaA&cid=1122528618432)
محمد رافع 52 05-11-2011, 12:29 PM العبادة تجلب للعبد الولاية :
ينبغي أن نعلم بأننا إذا أخلصنا العبادة لله سبحانه و تعالى نفوز بمحبته و نعيش في كنفه و حفظه و هذا ما جاء جليا في الحديث القدسي قال رب العزة : " من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب و ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه و ما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به و بصره الذي يبصر به و يده التي يبطش بها و رجله الذي يمشي عليها و لئن سألني لأعطينه و لئن استعاذني لأعيذنه " البخاري و مسلم .
محمد رافع 52 05-11-2011, 12:31 PM فالعبادة تحمي العقيدة و تقوي الجانب الروحي في الإنسان و تجعله ثابتا في معارك الحياة و تنمي عنده شعور المراقبة لله و هي وسيلة شكر و اعتراف بعميم فضل الله تعالي .
*و العبادة تجعل المسلم شخصية إنسانية متكاملة متوازنة عندما تحقق فيه الكمال البشري فهي تطهره ذاته و تقوي روح الإرادة فيه و تجعله يشعر بالعزة و الاستعلاء و التميز فتحمي الفرد و المجتمع من القلق و الأمراض النفسية .
*و لي هنا سؤال : كيف يقلق من يكون دائم الصلة بالله و يلتجيء إليه و يستمد العون منه سبحانه و تعالى ؟
*و العبادة طريق إلى التحلي بالفضيلة و التخلي عن الرذيلة و طريق إلى إصلاح النفس و تزكيتها و ترسيخ مباديء الإسلام في حياة المسلم و تعمل على إيجاد مجتمع متحاب غير متباغض .
*و العبادة تعمل على صيانة قيم الحياة و المساواة و التعاون و التوحيد و تعمل على احترام النظام و احترام الوقت فالوقت هو الحياة .
كما أن للعبادات آثارا طيبة على جسم الإنسان و صحته ففي الغسل و الوضوء و الصوم و الركوع و السجود الشيء الكثير .
محمد رافع 52 05-11-2011, 12:32 PM أسأل الله أن نكون جميعا من الذين يعلمون فيتعلمون و يعملون فيخلصون فلقد ذم الله أقواما فقال في حقهم " يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون " الصف 2،3.
وقال في حق آخرين " أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم و أنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون " البقرة44.
و الله تعالى من وراء القصد
محمد رافع 52 05-11-2011, 12:35 PM http://quran.al-islam.com/QuranImageGenerator.aspx?pageid=610&PageNum=377
محمد رافع 52 05-11-2011, 12:40 PM أهداف العبادة في الإسلام_الدكتور يوسف القرضاوي.mp3 (http://almessa.blogspot.com/2009/10/mp3_1589.html)
http://lh5.ggpht.com/_n7jYzl8YqMc/StyoV3WZOKI/AAAAAAAAP4M/5xuMzIORfqU/image_thumb.png?imgmax=800 (http://lh3.ggpht.com/_n7jYzl8YqMc/StyoUdDVD2I/AAAAAAAAP4I/fzJNU_EiIiU/s1600-h/image%5B2%5D.png)
تحميل (http://www.4shared.com/file/141822349/c2cf6b62/______.html)
أيمن حافظ 05-11-2011, 01:37 PM جزاكم الله خيراً
محمد رافع 52 05-11-2011, 11:00 PM جزاكم الله خيراً
بارك الله فيك أخى الكريم
محمد رافع 52 09-11-2011, 09:45 AM اعبد الله حق عبادته وتمتع في دنياه
نحن خلقنا من أجل العبادة .. كما قال سبحانه في كتابه الكريم ..
(( وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون )) .
نصلي .. نصوم .. نذكر الله ..
أنواع كثيرة من العبادات بعضنا يكون حريص عليها .. والبعض إذا تذكر يفعلها ..
والبعض لايهمه ..
المخلوقين متفاوتين في عبادة الخالق ..
فمنهم من يكون ولياً من أولياء الله .. ومنهم من يكون مجاهداً في سبيله ..
أسأل الله لي ولكم أعلى منازل الجنة ..
...
أبـدأ في موضوعي ..
...
هناك أشخاص .. يعبدون الله حتى يصلوا إلى الغلو في الدين ..
نعلم أن الله خلقنا لعبادته .. ونقوم بطاعته لكي نكسب رضاه وجنته ..
لكّـن .. لا نمنع أنفسنا من الضحك والفرح في الدنيا
أعبد الله فيها وأيضـاً تمتع فيها ..
بعضكم سيقول .. الدنيا دار الفناء ..
إذا كانت الدنيا دار فناء نمنع أنفسنا من السعادة ..؟؟
...
لاتكون حياتك .. صوم بلا إفطار ..
لاتكون حياتك .. بلا زوجة ..
لاتكون حياتك .. بلا نوم ..
...
لا .. تحبس نفسك في غرفة تحيط بك جدارنها وتعبد الله
لانك ستنفر من العبادة بسبب ماتعمله لنفسك ..
الدين.. دين يُسر وليس بعُسر ..
فاأنتبهوا ..!!
من الغلو في الدين لأن رسولنا سوف يتبرأ منّـا إذا فعلنا ذلك ..
فعن أنس رضي الله عنه جاء ثلاثة رهط إلى بيوت النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم فلما أخبروا كأنهم تقالُّوها - أي عدوها قليلة-، فقالوا: وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم قد غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر
قال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبداً. وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر..وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً.
فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله، إني لأخشاكم لله واتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي، وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني).. رواه البخاري
محمد رافع 52 09-11-2011, 09:50 AM كيف أعبد الله وأنا نائم
يظن معظم الناس أن أوقات النوم ما هي إلا أوقات ميتة ضائعة لا ثواب فيها و الحقيقة غير هذا
فالإسلام هو الدين الوحيد الذي يربط العبد بربه طوال الأربع و العشرين ساعة من حياته اليومية عند الأكل عند اللبس عند الخروج من المنزل ..
لكل حدث ذكر خاص به كما ورد في سنة عظيمنا و حبيبنا و نبينا الكريم صلى الله عليه و سلم
حتى أثناء النوم فمنكم من يسال كيف أثاب و أنا نائم و الجواب
احتسب النوم سويعات يرتاح فيها بدنك من تعب اليوم لتواصل عبادتك لله حق عبادته في الحياة اليومية فمن نام على طهارة و ذكر لله تعالى قام لصلاة الفجر نشيطاً
احتسب ترديدك الأذكار الخاصة بالنوم مع استشعارك المعاني العظيمة وراء كل كلمة
احتسب وضوئك للنوم وضوئك للصلاة حتى تنام طاهره و يصحبك ملك يدعو لك بالمغفرة طول وقت نومك
و بذلك تتحول ساعات نومك إلى عبادة تؤجري عليها حسنات توضع في ميزان حسناتك كل فترة نومك
"إذا أتيت مضجعكي فتوضأ وضوئك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن وقل:
"اللهم أسلمت نفسي إليك، وفوضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك رهبةً ورغبةً إليك، لا ملجأ ولا منحا منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت" فإن متَّ متَّ على الفطرة واجعلهن آخر ما تقول".متفق عليه
احتسب أنك ستموتي الموتى الصغرى – النوم - و ترد روحك إلى خالقكي فترة نومك و حيينها تقولي:
"اللهم باسمِكَ أحيا وباسمك أموت".متفق عليه
احتسب تسبيحك عند نومك "ثلاث وثلاثون تسبيحة وثلاث وثلاثون تحميدة، وثلاث وثلاثون تكبيرة".متفق عليه
احتسب إقتداؤك بقائدك و معلمك حبيب الرحمن صلى الله عليه وسلم:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما فقرأ فيهما
"قل هو الله أحد" و"قل أعوذ برب الفلق" و"قل أعوذ برب الناس" ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده؛ يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات".متفق عليه
احتسب ترديد أذكار النوم كما وردت عن الحبيب المصطفى صلى الله عليه و سلم
محمد رافع 52 10-11-2011, 10:32 PM http://media.nas.mbc.net/media/images/sharingImages/1119591.jpg
محمد رافع 52 10-11-2011, 10:35 PM http://t3.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcRVk1KM2AXI_55k5_b04HrMAlKWr4nOo Zfo5I8Qie5nukw6MSwK
محمد رافع 52 10-11-2011, 10:40 PM http://www.maktoobblog.com/userFiles/m/s/msd145/images/1227963659.jpg
محمد رافع 52 10-11-2011, 10:55 PM http://www.nourislamna.com/up/images/efz5f2jyde8qaziqwin5.gif
محمد رافع 52 10-11-2011, 11:11 PM بسم الله الرحمن الرحيم
الصلاة والمناجاة هي الرابطة الوثيقة بين الإنسان وربّه، بين المخلوق وخالقه. الصلاة هي المهدئ والباعث على اطمئنان القلوب المضطربة والمتعبة، والمنزِّهة للباطن والمنيرة لروح الإنسان.
إنّها الباعث والميثاق للتحرك والاستعداد، بنحو واقعي بعيد عن التلون والخداع، للتخلص ممّا هو سيّئ ورديء، والتزود بكل ما هو صالح وجميل، وهي برنامج للعثور على النفس ومن ثمّ صناعتها وتهذيبها.
وبكلمة موجزة: هي رابطة وإفاضة دائمة مع منبع ومظهر كل ما هو جميل، مع الله. لماذا عدَّت الصلاة أفضل وأهم من جميع الواجبات، واعتبرت أساس الدين وعموده؟
لماذا تردّ جميع الأعمال من دونها؟ ما هو السرّ الخارق الكامن فيها؟
بوسعنا ملاحظة الصلاة من أبعاد مختلفة:
أولاً: لابدّ من الإشارة إلى الهدف من خلق الإنسان، إلى الشيء الذي يعدّ من الخطوط الأساسية في الرؤية الكونية للإسلام، كون الإنسان مخلوقاً، والاعتقاد بأن هناك قدرة حكيمة أوجدته، يستلزم أن يكون هناك هدف وقصد من خلقه وإيجاده.
يمكن أن نعدّ هذا الهدف قطع مسافة للوصول إلى محطة، قطع طريق بواسطة مخطط دقيق وبوسائل معينة للوصول ــ في النهاية ــ إلى تلك المحطة وذلك المنزل، وفي هذه الصورة لابد لنا من تعرف الطريق المنتهي إلى تلك الغاية، وتحديد المسير وجعل الهدف دوماً نصب أعيننا، لنتمكن من بلوغ تلك النتيجة الموعود بها. إنّ الذي يضع قدمه على الطريق، لا تشغله الطرق الملتوية والحركات التي تعيقه عن الاتجاه الصحيح؛ ولأجل حفظ الاتجاه الصحيح عليه أن لا يتمرد على أوامر القائد والمرشد (الرسول) الذي عيّن له.
وذلك الهدف هو رفعة الإنسان وتكامله اللاّمتناهي، والعودة إلى الله، وبروز الخصال الحسنة فيه، وتفجير طاقات الإنسان وقابلياته الكامنة، وتوظيفها بأجمعها في طريق إصلاح نفسه والعالم والإنسانية.
على الإنسان ــ إذن ــ أن يعرف الله، وأن يسلك الطريق الذي حدّده الله لتساميه، دون أيّ تباطؤ أو تأنٍّ.
إنّ ما يجعل معنى لحياة الإنسان هو أن يفعل الأشياء التي تقربه من هدفه، وأن يتجنب كلّ ما يضره، أو يعيقه عن الهدف؛ هذه هي فلسفة الحياة، ودونها تغدو الحياة تافهة لا معنى لها.
وبعبارة أخرى: إنّ الحياة مدرسة ومختبر لابدّ أن نطبق فيها جميع القوانين والنظريات التي أوجدها خالق العالم والحياة، ليمكن الوصول إلى نتيجة عالية ومرضية. هذه القوانين التي هي سنن الله في خلقه، يجب معرفتها وصياغة حياتنا وفقاً لها، ولابد أيضاً من معرفة النفس واستكشاف ذخائرها واحتياجاتها. تلك هي مسؤولية الإنسان وواجبه العظيم الذي بمجرد أدائه يكون الإنسان قادراً على التحرك الواعي الناجح، ولولاه لا يمكن التحرك، أو يكون عن غير وعي، فلا يحالفه التوفيق.
والدين عبر تحديده للهدف والاتجاه والطريق والوسيلة يمنح الإنسان أيضاً القدرة والزاد الضروري لقطع الطريق، وإنّ أهم متاع يحمله سالكو هذا الطريق هو "ذكر الله"، وإنّ روح الطلب والرجاء والاطمئنان ــ وهي أجنحة هذا التحليق ــ إنّما تتفرع وتتولد من ذكر الله.
إنّ ذكر الله يجعل الهدف، وهو الاتصال به تعالى، أي منتهى الكمال والحسن، نصب العين دوماً، ويحول دون الضياع، ويجعل السائر حاساً وحذراً بالنسبة إلى الطريقة والوسيلة، ويمنحه قوّة القلب والاطمئنان والنشاط، ويحفظه من الانزلاق والانخداع بالمظاهر الخلابة، أو الخوف من المنغصات.
إنّ المجتمع الإسلامي وكل مجموعة أو فرد مسلم، يمكنه أن يخطو في الطريق الذي حدده الإسلام ودعا إليه جميع الأنبياء، باستقامة ودون توقف أو تراجع إذا لم ينس الله. ومن هنا يسعى الدين جاهداً وبمختلف الطرق والوسائل لإحياء ذكر الله في قلوب المتدينين بشكل دائم.
ومن أهم الأعمال المفعمة بالدوافع لذكر الله، ويمكنها أن تجعل الإنسان مستغرقاً بذكره تعالى، وأن تكون موقظة للإنسان، وشاخصاً وعلامة ترشد السائر إلى الصراط المستقيم، وتحفظه من الضياع والانحراف، وأن تمنع من حدوث لحظة غفلة في حياة الإنسان هي الصلاة.
في غمرة الانشغالات الفكرية التي تعتري الإنسان، نادراً ما يلتفت إلى نفسه، وهدفه في الحياة، أو يفكر بمضي الساعات والأيام؛ فما أكثر الأيام التي تترك مكانها للّيل، وللأيام الأخرى التي ستسرع من جديد! ما أكثر الأسابيع والأشهر التي تمضي دون أن يلتفت الإنسان إلى بدايتها ونهايتها، أو يشعر بمضي الحياة ومعناها أو بطلانها!
الصلاة جرس منبّه، ومنذر في مختلف ساعات اللّيل والنهار، إنها تزود الإنسان ببرنامج وتريد منه عهداً، وتعطي لليله ونهاره معنى وتشعره بقيمة الزمن. إنّها تدعوه خلال الزمان الذي يكون فيه منشغلاً غير ملتفت إلى مضي الزمن وانقضاء العمر وترشده إلى انقضاء يوم وشروع آخر، وأنّ عليه أن يجدّ ويتحمل مسؤولية أكبر وأن يفعل ما هو أهم؛ لقد انقضى جزء من العمر بلا استثمار فيجب أن يكون أكثر سعياً وعطاءً، إذ انّ الهدف عظيم، فلنسع لنيله قبل فوات الأوان.
ومن جهة أخرى، فإنّ نسيان الهدف تحت ضغط المشاغل الماديّة هو أمر واضح وطبيعي، وإن إمكانية الوفاء بجميع التعهدات الملقات على عاتق الإنسان والواقعة في طريق بلوغ الهدف، في كل يوم أمر شبه مستحيل، والسماع ممّن حرفته هذه أشدّ محالاً.
علاوة على ذلك لا يتوفر أبداً الزمن الكافي لنيل جميع متطلبات وأفكار هذه الرسالة ــ الإسلامية التي تصنع حياة الإنسان وسعادته ــ في اليوم واللَّيلة، فهذه فرصة يستحيل أن تقع في متناول اليد.
الصلاة تتضمن خلاصة أصول هذه العقيدة، وما فيها من الأقوال والحركات المتناسقة والمنظمة هو علامة الإسلام.
بوسعنا تشبيه الصلاة بالسلام الوطني للدول، مع فارق في المعنى ونوع العطاء، لأجل أن ترسّخ الدولة أصولها ومتبنياتها الفكرية في ذهن الشعب، وبنائه على هذا النمط الفكري، تعمد إلى تكرار قراءة السلام الوطني الذي يمثل خلاصة الشكل المقبول لنمط الحياة وأهدافها لدى الدولة.
تكرار السلام الوطني سبب لتثبيت الناس على هذا النحو من الفكر، وتلقينهم أنهم أتباع هذا الوطن، والسائرون باتجاه تلك الأهداف؛ إذ إنّ نسيان أصول وأهداف الدولة، يعني تغيير المسار وعدم انتهاجه. هذا التكرار يجعلهم مستعدين للخدمة في هذه الجبهة، ويعلمهم المخططات والطرق، ويرشدهم إلى المسؤوليات والواجبات ويحيي في أذهانهم أسس الدولة، ويعيّن لهم الوظيفة، ويزودهم ــ حينئذ ــ بالشجاعة والجرأة والإقدام، ويهيّئهم للعمل.
محمد رافع 52 10-11-2011, 11:15 PM الصلاة خلاصة أصول العقيدة الإسلامية، والمضيئة لطريق المسلمين، والمرشدة إلى المسؤوليات والتكاليف والطرق والنتائج.
الصلاة دعوة للمسلم في مطلع النهار، وفي أثنائه، وعند الليل، وإفهامه على لسانه للأسس والطريق والهدف والنتيجة ودفعه إلى العمل بقوة معنوية. هذه هي الصلاة، إنّها تأخذ بالإنسان خطوة فخطوة ودرجة فدرجة حتى تصل به إلى قمة الإيمان، والعمل الكامل، وتجعل منه عنصراً ذا قيمة ومسلماً سوياً. أجل، الصلاة هي معراج المؤمن.
إنّ أمام الإنسان طريق طويل وشاق يؤدي به إلى الاستقامة والواقعية، ويوصله إلى ذلك الهدف الذي وجد من أجله، ولكن هذا الطريق ليس هو الوحيد الذي وضع أمام البشر، فهناك أيضاً الكثير من الطرق الملتوية والمنحرفة والخطرة تعتري طريقه الرئيسي، وأحياناً تكون هذه الطرق خلاّبة جداً بحيث توقع المجتاز في حيرة وتردد في تمييز الطريق الصحيح.
فلابد ــ لأجل التخلص من هذه الحيرة ــ من الحفاظ على الموجّه الصحيح نحو الهدف والمقصود النهائي، أي نحو الله، وأن نمتلك مخططاً للطريق والمسار؛ وما الصلاة إلاّ موجّه دائم نحو الله ومخطط إجمالي للطريق الأصلي. إذن الصلاة هي المؤمِّن للارتباط الدائم والاتصال الدائب للمؤمن بالله، وقد أدرج ضمنها مجمل التفكير الإسلامي.
وبذلك تتضح علة توزيع الصلاة على هذه الأوقات الخمسة ومدى أهميته، إنّه كتوزيع وجبات الطعام على أوقات الليل والنهار المختلفة.
ومع غضّ النظر عن احتواء الصلاة على خلاصة أهداف الإسلام وغاياته، وأنّ تلاوة القرآن أيضاً من الأعمال الواجبة في الصلاة، لأنّها تعرّف المصلي ببعض مضامين القرآن وتعوّده التفكير في مفاهيم القرآن والارتباط به فكرياً[1] (http://www.alseraj.net/maktaba/kotob/akhlagh/ammaqalsalat/maktabah/book/khamnee/007/1.htm#_ftn1)، فالصلاة أساساً بمجموع حركاتها تعدّ مظهراً ومثالاً مصغراً للإسلام.
الإسلام في صميم الأمّة يحث الجسم والفكر والروح الإنسانية على العمل، ويستخدم هذه الثلاثة بأجمعها لإسعادها، والصلاة أيضاً تصنع هذا الشيء نفسه مع الفرد، إذ إنّه عند الصلاة يكون كلّ من جسمه وروحه وفكره في حال العمل والفعالية:
الجسم: بحركات اليدين والرجلين واللسان والركوع والجلوس والسجود.
الفكر: بالتفكر في مضامين ألفاظ الصلاة التي تشير عموماً إلى الأهداف والوسائل واجتياز دورة من التأمل والرؤية الإسلامية بشكل مجمل.
الروح: بذكر الله والتحليق في جوّ من المعنويات الروحية، ومنع القلب من الركون إلى التفاهات والفراغ، وغرس بذرة الخشوع وخشية الله في الروح.
قالوا: إنّ الصلاة في كل دين هي خلاصة ذلك الدين، وصلاة الإسلام كذلك تماماً.. الجمع بين الروح والجسم، بين المادة والمعنى، بين الدنيا والآخرة، سواء في اللّفظ أو في المحتوى أو في الحركات، من خصوصيات الصلاة الإسلامية.
كذلك المسلم في الصلاة عندما يقيمها بشكل كامل فإنّه يعمل جميع طاقاته في طريق تعاليه، يعني أنّه يستعمل في آن واحد جميع امكانياتها الجسمية والفكرية والروحية في هذا الأمر.
إنّ مقيم الصلاة كما أنه يوظف جميع قواه بحثاً عن طريق الله، فإنه يميت جميع بواعث الشر والفساد والانحطاط في ذاته.
في عدّة آيات من القرآن عدّت إقامة الصلاة من علامات التدين، واستند في أكثر الآيات إلى إقامة الصلاة.
يظهر أنّ إقامة الصلاة شيء أكثر من امتثالها، أي أنّها ليست فقط أن يقوم الشخص بامتثال الصلاة وأدائها، بل هناك أيضاً الاسترسال نحو الجهة والناحية التي تدعو إليها الصلاة، وبعث الآخرين نحوها. قالوا: إقامة الصلاة، أن يعيش المصلي ومن حوله أجواء المصلين، أي الباحثين عن الله وعبادته، ويحيا الجميع في خط الصلاة وجهتها.
فالمؤمن ــ إذن ــ والأمة المؤمنة بإقامتها للصلاة تحرق جذور الانحطاط والمعاصي والفساد في النفس والمحيط الاجتماعي، وتميت النزوع إلى ارتكاب المعاصي وبواعثه الداخلية والخارجية (العوامل النفسية والبيئيّة). حقّاً إنّ الصلاة تحول بين الفرد والمجتمع وممارسة الأعمال الصالحة والرذيلة: {إنّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر}[2] (http://www.alseraj.net/maktaba/kotob/akhlagh/ammaqalsalat/maktabah/book/khamnee/007/1.htm#_ftn2).
في ساحة النزاع وصراع الحياة، هناك حيث استعدت جميع قوى الشر بجميع ما لديها من مكائد، لكي تعدم بواعث الصلاح والاحسان في كل مكان وفي كل شخص، فإن أول سد يقوم بصد الهجوم وتدميره هو قوّة العزم والقدرات النفسية للبشر، إذ بتحطيم هذا السدّ المنيع يغدو من اليسير احتلال قلعة شخصية الإنسان ونهب كنوزها التي تحفظ فيها أصالة الإنسان الذاتية ومدخراتها من القيم والمعارف والعلوم.
وأولئك الذين يحملون هتافاً جديداً ومخططات بديعة للزمان وللتاريخ، هم أكثر من غيرهم عرضة لهجوم قوى الشر، وهم بحاجة أكثر من غيرهم إلى حفظ هذا الحصن الفولاذي، حصن العزم والإرادة التي لا تقهر.
إنّ صلاة الإسلام بما فيها من تلقين وتكرار لذكر الله، تربط الإنسان الضعيف والمحدود بالله المطلق المسيطر، وتجعله مستعيناً به؛ وعن طريق ربط الإنسان بمدبر العالم، يصنع منه قدرة غير محدودة ولا زائلة. ويجب عدها أفضل علاج لضعف الإنسان، وأنفع دواء للعزم والإرادة.
إنّ الرسول الأكرم (ص) الذي كان يشعر بثقل المسؤولية في مجال التغيير الإسلامي العظيم أمام الجاهلية المستشرية، أمِر بالصلاة في منتصف الليل {يا أيّها المزّمّل * قم الليل إلاّ قليلاً * نصفه أو انقص منه قليلاً * أو زد عليه ورتّل القرآن ترتيلاً * إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً}[3] (http://www.alseraj.net/maktaba/kotob/akhlagh/ammaqalsalat/maktabah/book/khamnee/007/1.htm#_ftn3).
ندخل الآن في بيان محتوى الصلاة، ودون أن نخرج عن محتوى الترجمة الواسعة، نسعى للإقتراب من هدف الصلاة من الناحية التربوية.
تبدأ الصلاة باسم الله، وذكر عظمته وسعة ذاته، وأنّها أسمى من كل ما يتصوره الإنسان.
[1] (http://www.alseraj.net/maktaba/kotob/akhlagh/ammaqalsalat/maktabah/book/khamnee/007/1.htm#_ftnref1) إنّما أمر الناس بالصلاة وأن يقرأوا القرآن فيها لئلاّ يكون القرآن مهجوراً مضيّعاً، وليكون مدروساً فلا يضمحل ولا يجهل.
[2] (http://www.alseraj.net/maktaba/kotob/akhlagh/ammaqalsalat/maktabah/book/khamnee/007/1.htm#_ftnref2) سورة العنكبوت، الآية: 45.
[3] (http://www.alseraj.net/maktaba/kotob/akhlagh/ammaqalsalat/maktabah/book/khamnee/007/1.htm#_ftnref3) سورة المزّمّل، الآيات: 1 ــ 5.
محمد رافع 52 10-11-2011, 11:19 PM أهداف الصلاة
1_إقرار الروبوبيه لله عز وجل
أي أن الإنسان يعترف أن الذي رباه هو الله
(الحمد لله رب العالمين )
2 - خلع الأنداد
(إياك نعبد وإياك نستعين)
أي هو وحدة الذي يستحق العبادة ليس له ند ولا شريك
فهناك نوعان من الأنداد
النوع الأول:أنداد خارجية
كعبادة الصخور والظواهر الطبيعية وغيرها
النوع الثاني:أنداد داخليه
كأتباع الهوى والعصبية
3- ليطلب الإنسان من ربه ويعطيه
أن الله عز وجل يحب من عباده أن يسألوه ويعطيهم
فعندما يقول الإنسان (أهدنا الصراط المستقيم)فالإنسان يطلب من الله
فالوقوف والطلب من الله عز وجل عزة وليس بذل
4- إن الإنسان يقف بالذل والمسكنة بين يدي الجبار
فالجبار هو الذي لا يعتريه ذل ولا حاجة فالكبرياء والعظمة لا تليق إلا لله عز وجل
5- السجود على التراب تواضعا لله لنشعر أن هذا الخد لا يليق له أن يكون مصعر فمصيره إلى التراب
وحتى يشعر الإنسان أن العزيز الذي لا يذل هو الله الباقي إذ لا باقي غيرة
(وكل من عليها فان *ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام )
محمد رافع 52 10-11-2011, 11:24 PM الأبعاد التربوية للحج
د. حمدي شعيب
الحلقة الأولى (http://www.saaid.net/mktarat/hajj/17.htm)
اسـتـعـرض الـكـاتــب في الحلقـة الأولى رحلة الحج مستنبطاً من مسيرتها الدروس والعبر، وإشــارات للـسـاري في طـريــق المــلــة الحنيفـية، وقد ختم الحلقة بدور المرأة في المشروع الحضاري عندما توقف عند ركن السعي والرمل بـيـن الصفا والمروة؛ حيث ذكرنا بهاجر ـ عليها السلام ـ. وفي هذه الحلقة يتابع الكاتب نظراته التربوية في مسيرة الحج وما يستفاد منها في المشروع الحضاري لأمتنا الإسلامية.
ـ البيان ـ
أ - أما بالنسبة للقضايا الفرعية:
فأولها: عندما يتأمل الحاج أنه قد كُتب عـلـيه السعي على النهج نفسه وبالخطوات التي قامت بها أم إسماعيل ـ عليهما السلام ـ نرى أن الله ـ عز وجل ـ يريد أن يذكِّر كل مسلم، أن هــذه الأمة واحدة؛ لأنها تملك كل مقومات هذه الوحدة: من جذور تاريخية، وأرض، وأفكار موحدة، وأنها تتجذر في التاريخ عمقاً يربطها بأبي البشر آدم وأبي الأنبياء إبراهيم ـ عليهما السلام ـ أوائل من بنوا البيت، وأنـهـــا كذلك تتجذر في التاريخ عرضاً لتضم كل الأمم وكل أجناس الأرض؛ فهي أمة واحدة ورسالتها واحدة.
ثانيها: كيف أن الماء الذي كان في سقاء هاجر ـ علـيـهــا السلام ـ قـد نـفـــد لتتعرض هي ووليدها الحبيب لهذه المحنة العظيمة التي تضطرها لهذا السعي والركض الشاق والمتكرر، وهو الملمح الذي يبين أنه قد كتب على ابن آدم عامة حظه من الكد والـنـصـــب، تحقيقاً لسنته ـ سبحانه ـ أن حياة هذا المخلوق هي سلسلة من الكد والتعب: ((لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسَانَ فِي كَبَدٍ)) [ البلد: 4]، وأن الإنسان مخلــوق مبتلى: ((إنَّا خَلَقْنَا الإنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً)) [الإنسان: 2].
وكتب كذلك على الدعاة وحاملي الأفكار النبيلة خاصة تحقيقاً لسنته ـ سبحانه ـ: ((الّـم . أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وهُمْ لا يُفْتَنُونَ )) [العنكبوت: 1، 2].
إذن لا بد من الجهد والمحنة من أجل الاختبار والتمحيص، ومن أجل التمييز والانتقاء: ((مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ المُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ)) [آل عمران: 179].
وهذا المـبـدأ ـ مـبــدأ الابتلاء ـ لم يُستثن منه أحد حتى هاجر الصابرة الممتحنة ووليدها ـ عليهما السلام ـ بل كل الأنبياء ـ عليهم الـسـلام ـ والصالحون والمصلحون على دربهم.
ثالثها: تدبر وصف الحديث الشريف لحال هاجر ـ عليها السلام ـ: "فانطلقت كراهية أن تنظر إليه" أي كان هـنـالك شـعــور داخلي عارم يدفعها للعمل والبذل إحساساً بالمسؤولية والإيجابية لعمل شيءٍ مَّا لتدفــع به تلك المحنة، ولم تقعد وتولول تواكلاً وكسلاً وأن هذا شيء مقدر؛ بل نستشعر من طريـقـة سـعـيها ـ عليها السلام ـ معنى التصميم والعزم، وهو الشعور الذي يغيب عن بعض الدعاة؛ الشعور الداخلي بالمسؤولية لعمل شيء مَّا من أجـــل الفكرة التي يحملونها.
رابعاً: كانت هاجر ـ عليها السلام ـ تسعى وتركض، ولا تريد أن تعود حتى تحصل على بغيتها حتى إنها كررت سعيها سبع مرات! أي كان هنالك تصميم وثبات وعدم يأس من تحقيق بغيتها. ولقد كان بإمكانها أن تعذر إلى الله ـ سبحانه ـ بأن تسعى مرة أو مرتين.
وهو الملمح الذي يذكِّر الدعاة بطرْق أبواب الخير مرات ومرات حتى تفتح، وأحــرى لـمـن
داوم على قرع الباب أن يُفتح له.
فالداعية صاحب قضية، وهو دوماً يتطلع إلى المعالي، ولا تعوقه مغريات الأرض، ولا ثقلة الطين حتى يتحقق هدفه العظيم، كما قال أحمد محمد الصديق:
يتعالى عــن أراجـيــف الثــرى نافضـــاً عنــه غـبارَ التهــــــم
مـــن تكــن عينــاه للأرض فلن يتسامــــــــى أبــداً للأنجــــم
خامسها: بعد هذا المجهود المتكرر، والسعي الشاق المضني، والأخذ بكل الأسباب لا يسفر ذلك عن شيء، حتى كان الفرج بيده ـ سبحانه ـ المطَّلع على هذا الأمر، فأرسل جبريل ـ عليــه السلام ـ ليضــرب بعقبـه أو بجناحه الأرض فتتفجر زمزم.
وهو الملمح الذي يذكِّر الدعــاة بالفقــه الجيــد لقضية التوكل على الله؛ وذلك بأن يسـعـوا في الأسباب ـ وبأفضل الأسباب ـ مع القناعة الداخلية بعدم الركون إليها، ثم مـع الـيـقـين فيما عنده ـ سبحانه ـ: ((مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ ومَا عِندَ اللَّهِ بَاقٍ)) [النحل: 96]
والـفـرج بـيــده ـ سـبـحـانــه ـ وحــده مالك الملك، ومقدِّر الأقدار؛ لذا فإن الجوارح تعمل
بالأسباب، والقلب يناجي رب هذه الأسباب: ((بِيَدِكَ الخَيْرُ إنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)). [آل عمران: 26].
وثمرة هذه القضية هو الخلوص والتجرد للحق ـ سبحانه ـ ((وظَنُّوا أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إلاَّ إلَيْهِ)). [التوبة: 118].
ب - أمـا بالـنـسـبة للقضية الكبرى والمغزى العظيم من ركن السعي؛ فإن هذا العمل الذي يقوم به كل حـــاج ومعتمر يكاد يكون بكل دقائقه هو ما قامت به هاجر ـ عليها السلام ـ نفسه، وكأنها رســمت الخُطا للاَّحقين في كل عصر وفي كل جيل؛ فلا تتم لهم عمرة ولا حج إلا به، ثم لـيـتـدبروا بعض الدروس التربوية منه. ولا يكاد يخلو هذا المكان من ساع ومهرول في أي لـحـظــــة، من اليوم والنهار، وكأننا بالحق ـ سبحانه ـ يريد أن تظل تلك القضية ودروسها حية دوماً في وجـدان الأمـــة حتى يرث الأرض ومن عليها؛ عرفاناً بدور هاجر ـ عليها السلام ـ وتذكيراً للأمة، ورداً على أباطيل أعدائها وشبهاتهم.
وعندما نتدبر هذا الركن من خلال زاوية دراستنا نجد أنه رد عملي، وبرهان جلي، حول قضية طالما أثار حولها المــعـارضــــــــون للمشروع الحضاري الإسلامي الكثير من الشبهات والاتهامات؛ بل العجب في الأمر أنه قد يـُـشــارك بـعــض المسلمين في إثارة الغبار حولها بحسن نية، أو بجهل، أو بهما معاً! وهي قــضــيـة مــكـانة المرأة في الإسلام، ودورها في المشروع الحضاري.
ويكفينا في هذا المقام أن نقتطف بعض ما جاء في الــرأي الـشـامـل الجامع والراقي للحركة الإسلامية المعاصرة حول هذه القضية؛ فالمرأة (هي الأم التي ورد في شأنها الأثر الكريم: أن الجنة تحت أقدامها، والتي قدمها الله ـ تعــالى ـ على كل من عداها في حق صحبة الأبناء لها، وأنهن شقائق الرجال. والمرأة هي نصف المجتـمـع ونصف الأمة والقائمة على تنشئة الأجيال. ومسؤولية المرأة الإيمانية كالرجل سواءاً بسواء؛ فهي مأمورة ـ كالرجل ـ بالإيمان بالله، وبالعمل بالأركان، وعليها ما على الرجل من واجـــب التفقه في الدين. والحدودُ في الشريعة واحدة بالنسبة للرجل والمرأة، ونفس المرأة في القصــاص كنفس الرجل. وهي أول من آمن، وأول من استشــهد في سبيل الله. ولقد شاركت في الجهـاد والغزوات. ولا يصــح زواج في الشـــريعة إلا بموافقتها ورضاها وإجازتها، ولا يجوز شرعاً إجبارهـا علـى الزواج ممن لا ترضاه. وللمــرأة ذمة مالية كاملة لا تنقص شيئاً عن ذمة الرجل المالية. ونقصها في الدين ليس نقصاً في الإيمان ولا لأنها مخلوق متدنٍّ غير أهل للرقي، بـل لـرفـــع العبادات عنها في أوقات معينة. ونقص الحظ هو في بعض أنصبة الميراث فقط. أما نقص العـقــل فهو مـحـــدد بالشهادة على أمور معينة أهمها الدَّيْن أي القرض، وعقود البيع والحدود. أمـــا قوامة الـرجــل عليها فلا يجوز أن تُفهَم على أنها مطلقة في كل الأمور ولعامة الرجال، بل إن هذه القوامة خاصة بالأسرة فقط، وفيما يتعلق بالأمور المشتركة بين الزوج والزوجة.
ورياسة الرجـــــل لـيـسـت ريـاســـة قهر وتحكم واستبداد، ولكنها تراحم وتواد ومعاشرة بالحسنى، وتقوم على التشاور؛ فالأصل هو المساواة، ولكن الاستثناءات ترد منه ـ سبحانه ـ. وقد وردت النصوص بأن جسد المــرأة كله عورة، ولا يجوز أن يظهر منه لغير محارمها سوى الوجه والكفين، وأن خلوة المرأة بالرجل غيـر المحرم لها غير جائزة. وللمرأة وظيفة أساسية هامة وسامية خصها ـ ســبـحـانـه ـ بهــا وهي وظيفة الحمل والأمومة، وهي ربة البيت وملكته. وللمرأة حق المشاركة في انتخاب أعضاء المجالس النيابية وما ماثلها. ولها الحق في تولي مهام عضوية المجالس النيابية وما يماثلها. والوظيفة المتفق على عدم جوازها لها هي الولاية العامة، أي رئاسة الدولة. أما القـضاء فقد اختلف الفقهاء بشأن توليها له، وهذا يحكمه فقه الموازنات والترجيح. أما ما عدا ذلك من الوظائف فما دام أن للمرأة شرعاً أن تعمل فيما هو حلال لم يرد فيه نص بتحريمه. وهذه الحقوق وكيفية استعمالها تحكمها ظروف وأخلاقيات كل مجتمع)(1) (http://www.saaid.net/mktarat/hajj/18.htm#(1)).
وهـكـــذا فــإن ركـــن السعي يفتح أفقاً رحيباً للمشاركين في المشروع الحضاري حول قضية المشارِكــات ودورهــن، فـلا يـبـخـسـن، ولا يُهـمـلن. ويكفي أن النبي صلى الله عليه وسلم سماهن: الشقائق.
محمد رافع 52 10-11-2011, 11:29 PM مع المؤتمرين!
فـضـــل الجماعية وأهميتها: ثم بعد طلوع الشمس من يوم عرفة يتوجه الحاج من منى إلى عــرفــــة، وهو يلبي ويكبر: "الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر ولله الحمد". ويرفع بها صوته. ويـكـره له الصيام في هذا اليوم. ومن السنَّة النزول في نمرة إلى الزوال إن أمكن. فإذا زالت الشـمس سُنَّ للإمام أو نائبه أن يخطب خطبة تناسب الحال، ويبين للحاج ما يشرع في هذا الـيـوم وبـعده. وبعدها يصلي الظهر والعصر جمع تقديم وقصراً؛ وذلك ليطول وقت الوقوف والدعاء بـعـد الـصـــلاة؛ حيث يتفرغ للذكر والدعاء والتضرع إلى الله، ويدعو بما أحب من خيري الدنيا والآخـــرة، وليس لعرفة دعاء مخصوص، ويستحب أن يرفع يديه حال الدعاء، ويستقبل القبلة. والأفضل أن يجعل الجبل بينه وبين القبلة، إن تيسر ذلك.
ووقت الوقوف يمتد إلى طلوع الفجر من يوم العيد. وعليه أن يتثبت من كونه داخل عرفة، ولا يخرج من عرفة إلا بعد غروب الشمس.
وبتأمل أعمال هذا اليوم العظيم نقـتـطـف بـعـض الـملامح التربوية؛ وذلك من منظور دوره ركيزةً من ركائز المشروع الحضاري:
أ - "الحـج عـرفـة"(2) (http://www.saaid.net/mktarat/hajj/18.htm#(2)) بـهـاتـين الكلمتين وضح صلى الله عليه وسلم أهمية هذا الركن من أعمال الحج، ولقد أجمع العلماء على أن الوقوف بعرفة هو ركن الحج الأعظم؛ فهو اليوم الذي يجتمع فيه كل الحجيج في مكان واحد، وفي يوم واحد، وإن امتد وقت الوقوف.
وكأن المقصود هو اجتماع ممثلي الأمـــة من كل جنس ولون، ومن كل أرض وصقع، وكأنه مؤتمر سنوي يناقش هموم الأمة، ويعطي الدليل على كيفية اجتماعها.
وعندما نتدبر مغزى حديثه صلى الله عـلـيـه وسلم أن الحج الصحيح هو من أدرك الوقوف يوم عرفة فإننا نستشعر أن جمع الأمة على هــذه الـصـيـغـة مــن الأهمية العظيمة بمكان، ويبرهن أيضاً على أن حضور هذا المؤتمر السنوي الكبير يجب ألاَّ يتخـلـف عـنه أحد ممن حضر من ممثلي الأمة.
وكـم هـــو منهج عظيم عندما يدعو في كل مناسبة إلى الوحدة، ويشيد بالجماعية وبركتها، وينبذ أفكار التشتت والتشرذم!
ب - في توجه الحجيج إلى عرفات تحت راية التكبير والتوحيد والتهليل يفهم منه أهمية الفكرة الربـانـيـة ودورهــــا أن ركيزة التجميع لهذه الأمة هي كلمة التوحيد؛ فهي الفكرة الربانية التي رشحها الحــق ـ سبحانه ـ لأن تجتمع عليها الأمة ـ كل الأمة ـ وهي الراية التي من الممكن أن يتجمع حـولـهـا كــل الـنـاس؛ فـتـنـطلق بهم إلى سيادة الدنيا، وسعادة الآخرة.
ونحن في هـذا المقام نضيف دليلاً آخر يؤكد ما قلناه؛ وهو ما أورده (ابن خلدون) في مقدمته ( أن العرب لا يحصل لهم الملك إلا بصبغة دينية من نبوة أو ولاية أو أثر عظيم من الدين على الجـمـلــــة؛ والسبب في ذلك أنهم ـ لخُلُق التوحش الذي فيهم ـ أصعب الأمم انقياداً بعضهم لبعض. فإذا كان فيهم النبي أو الولي الذي يبعثهم على القيام بأمر الله يذهب عنهم مذمومات الأخــلاق، ويـأخـذهـم بمحمودها، ويؤلف كلمتهم لإظهار الحق ـ تم اجتماعهم وحصل لهم التغلب والملك، وهم مع ذلك أسرع الناس قبولاً للحق والهدى والسلامة)(3) (http://www.saaid.net/mktarat/hajj/18.htm#(3)).
ج- وفي قصر الصلاة وجمعها نسـتـشـعـر مــنـه وكـأن الـمقـصـــود أن يطـول وقت الوقوف والتضـرع إلى الله ـ عز وجل ـ وذلك من شأنه أن يحقق الهدف الثاني من أهــداف ركــــن الـحـج وهو قطف ثمرته الروحية من ذكر ودعاء واستغفار؛ فهو فرصة سانحة لا تتكرر إلا كل عـام، ولمن سعدوا بحضورها؛ حيث تبدو سويعات الوقوف وكأنها دورة تربوية روحية مركَّزة قدَّرها ـ سبحانه وتعالى ـ لمعالجة بعض جوانب تلك الحالة الاعتلالية التي تحدثنا عنها في (ظاهرة التآكل الروحي)؛ حيث تتسرب إلى بعض النفوس.
وتدبر كيف أن المربي العظيم صلى الله عليه وسلم قد عمم الترغيب في آثار الحج الروحية عموماً، ثم خصص أهمية يوم عرفة، من ذلك: "من حج هذا البيت؛ فلم يرفث، ولم يفسق رجع كـيـوم ولـدتـــه أمه"(4) (http://www.saaid.net/mktarat/hajj/18.htm#(4))، "العمرة إلى العمرة كفارة لم بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة"(5) (http://www.saaid.net/mktarat/hajj/18.htm#(5))، "مــا مـن يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ـ عز وجل ـ ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء؟"(6) (http://www.saaid.net/mktarat/hajj/18.htm#(6)).
د - في هذا اليوم، وفي أثناء فــرحــة الحـجـيـج بموقفهم، وبمؤتمرهم الجليل، وبينما هذا الجمع الطيب مشغول في دورته الروحية كان مــن الفقه العميق أن يُعرِّج الحبيب صلى الله عليه وسلم إلى التحذير من العدو المبين ذلك الذي يـتـأذَّى حـسـداً وحقداً من مجرد سجود المؤمن وطاعته لربه، فما بالك بهذا الموقف العظيم؟!
عـن أبـي الدرداء ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما رُئِيَ الشيطان يوماً هو فيه أصغر، ولا أدحر ـ أي أذل وأهون ـ ولا أغيظ منه في يوم عرفة، وما ذاك إلا لما رأى من تَنَزُّل الرحمة، وتجاوُزِ الله عن الذنوب العظام، إلا ما أري من يوم بدر. قيل: وما رأى يوم بدر يا رسول الله؟ قال: أما إنه رأى جبريل يَزَع ـ أي يقود ـ الملائكة"(7) (http://www.saaid.net/mktarat/hajj/18.htm#(7)).
وهو العدو الذي لا ينام، ولا يغفل عن الدس والوسوسة. قال رجل للحسن: يا أبا سعيد! أينام الشيطان؟! فتبسم وقال: لو نام لاسترحنا(8) (http://www.saaid.net/mktarat/hajj/18.htm#(8)).
وهذه اللمحة النبوية العظيمة تذكرنا بباب عظيم من الفقه ألا وهو علم الشر، وسبل الوقاية منه، وهــــو الباب الذي لا يغني عنه ولا ينفي أهميته أن نفقه علم الخير، وسبل الوصول إليه.
محمد رافع 52 10-11-2011, 11:33 PM مع السائرين!
تـنـمـية الجوانب الأخلاقية: بعد غروب شمس يوم عرفة تبدأ الإفاضة، فينطلق الحاج إلى مزدلفـة بهدوء وسكينة، مهللاً ومكبراً وملبياً، ثم يُصلي المغرب والعشاء قصراً وجمعاً بأذان واحد وإقـامـتـيــن. ثـم يوتر ويبيت بمزدلفة. فإذا تبين الفجر صلى مبكراً، ثم قصد المشعر الحرام فوحَّد الله وكــبَّـر واستقـبل القبلة، ثم دعا بما أحب حتى يُسفر جداً، أو يدعو في مكانه إن لم يتيسر له. ثم يلتقط حـصـيـات مــــن مزدلفة ليرمي جمرة العقبة، ثم بعد ذلك يتجه إلى منى. وإذا وصل إلى وادي محسر ـ وهو بين مزدلفة ومنى ـ استحب له الإسراع.
وعندما نتأمل هذه المسيرة من خلال بُعدها التربـــوي وما ترمز إليه نستشعر بعض الوقفات واللمحات التربوية التي تدور حول بعض الأخلاقـيات الـمـنـشـودة للسائرين على درب المشروع الحضاري:
أ - كان الحبيب صلى الله عليه وسلم يوصي بالسكينة والهدوء فيقول: "أيها الناس! عـلـيـكـم بالـسـكـينة؛ فإن البر ليــس بالإيــضاع ـ أي بالإسراع ـ"(9) (http://www.saaid.net/mktarat/hajj/18.htm#(9)) وكان صلى الله عليه وسلم يسير العَنَق ـ أي سيراً رفيقاً ـ فإذا وجد فجوة ـ أي مكاناً متسعاً غير مزدحم ـ نَصَّ ـ أي أسرع ـ "(10) (http://www.saaid.net/mktarat/hajj/18.htm#(10)).
والأمــــر بالسـكـيـنـة وصية يُستشعر منها معانٍ عظيمة منها: الهدوء، والنظام، والطاعة، ومراعاة حقوق الآخــر، ومراعاة جلال الموقف؛ وذلك من خلال سمات المنهج الذي يربي أتباعه على النظام والطاعــة، وعدم التخلق بأخلاقيات الغوغائيين التي تبرز دوماً مع أي تجمعات كبيرة.
ب - كان من هديه صلى الله عليه وسلم أثناء الإفاضة أن يستمر الذِّكر والتهليل والتكبير والتلبية والاستغفار حتى تُرمى جمرة العقبة.
وكـذلك كـانــت توجيهات الحق ـ سبحانه ـ: (( فَإذَا أَفَضْتُمْ مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِندَ المَشْعَرِ الـحَـــــرَامِ واذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وإن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الـــضَّـالِّــيـنَ . ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حـَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ واسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ . فَإذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً )). [البقرة: 198 - 200].
وهذا الهدي وتلك التوجيهات تـوحــي بـأهـمـية المتابعة والاستمرار على الحالة الروحية الرفيعة المكتسبة من الدورة الروحية العظيمة أثـناء الوقوف بعرفات، وكذلك نستشعر معها أهمية المحافظة على المكتسبات الربانية، والـثـمـــرة الروحية للحج؛ فلا تذهب مع مشقة المسير. كما نستشعر مدى عمق التحذير الإلهي من خطر العودة إلى الضلال السابق؛ فالموفق من تذكَّر ماضيه وقارنه بالحالة الربانية التي هو فــيـهـــا، فـشكر الله ـ عز وجل ـ ظاهراً بالمتابعة والاستمراريـــة، وباطناً بالخوف من خطــر النكــوص والارتكـاس، والانتكـاس.
ونـسـأل الله ـ سـبـحـانه ـ العفو والعافية، لا نحصي ثناءاً عليه ـ سبحانه ـ، هو كما أثنى على نفسه.
ج - في وصـفــه ـ ســبحانه ـ لحالة الذِّكر المنشودة: ((فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً)) [البقرة: 200] نسـتـشـعر مدى أهمية تنقية النية وتصفيتها؛ فإذا كانت الغاية هي الله ـ سبحانه ـ فيجب ألاَّ تختلط بغايات أو رايات أخرى.
كذلك يتبين لنا أهمية وجود العقلية المسلمة المرتبة التي تفقه أولوياتها؛ فمن كان همه رضا خالقه ـ سبحانه ـ فينبغي ألاَّ تـعـيـقـه أي اهتمامات أخرى حتى وإن كان الوالد أو الولد؛ ففي تلك المواقف يصبح الاهتمام بالموروثــــــات القبلية مثل مجد الآباء والأجداد، والفخر بالأبناء والأموال من قبيل النزول من القمة إلى السفح، ومن الاهتمام والتمحور حول الأفكار والمبادئ إلى التفاخر بالـوســائل الماديــة كالأرض والطين. والحـق ـ سبحانه ـ يحب معالي الأمور.
د - ثم يبين الحق ـ سبحانه ـ خلقاً آخر يوصي به السائرين:((ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ)) [البقرة: 199]. هذا وإن كــانت هذه وصيته ـ سبحانه ـ بأن تلتزم قريش بالوقوف مع الناس، وعدم التمايز المكاني؛ فقد كانت قريش ومن دان دينها يقفون بالمزدلفة ـ وكانوا يُسَمَّوْن: الحُمْس ـ وسائر العرب يقـفــون بعرفات؛ فلما جاء الإسلام أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يأتي عرفات، ثم يقف بها؛ ثم يفيض منها؛ فذلك قوله: ((مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ))"(11) (http://www.saaid.net/mktarat/hajj/18.htm#(11)).
ولكننا نستشعر هنا المعنى التربوي البعيد للنص؛ حيث يدعو السائرين في كل درب وفي كل مجال إلى التخلق بخلق المساواة والعــدل والتسوية بين الأفراد وعدم التمايز الذي من شأنه أن يمنع تولد الحقد والبغضاء والحـســـد داخل أي تجمع؛ فما بالك بالسائرين على درب المشروع الحضاري؟!
ولقد كان الحبيب صلى الله عليه وسلم يتتبع هذا الخلق في كل مجال.
وتـدبَّـرْ هذا السلوك النبوي التربــوي الرفيع؛ فعــن النعمان بن بشير ـ رضي الله عنهما ـ "أن أباه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني نحلت ابني هذا غلاماً كان لي.
فقال رســـول الله صلى الله عليه وسلم: أكلَّ ولدك نحلته مثل هذا؟ فقال: لا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأرجعه". وفي رواية: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفعلت هـــذا بولدك كلهم؟ قال: لا، قال: اتقــوا الله واعدلــوا في أولادكــم. فرجـع أبي فـردَّ الصدقة". وفـي روايــة: فـقال رســول الله صلى الله عليه وسلم: "يا بشير! ألك ولد سوى هذا؟ قال: نعم. قال: أكلـهـم وهـبت له مثل هذا؟ قال: لا، قال: فلا تُشهدني إذاً؛ فإني لا أشهد على جَوْر. ثم قال: أيسرُّك أن يكونوا لك في البر سواء؟ قال: بلى! قال: فلا إذاً"(12) (http://www.saaid.net/mktarat/hajj/18.htm#(12)).
وكــذلـك كان شعور كل فرد من الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ، وكأنه هو المقرب والمفضل عنده صلى الله عليه وسلم.
ويستشعر الداعية أيضاً كيف أن بعضاً من داخل أي مؤسسة ـ خاصة المؤسسات الدعوية ـ قد يصـيـبـه حالة اعتلالية يرى فيها نفسه فوق الآخرين، فينظر إلى موقعه التنظيمي ويقيِّم الآخرين على أساس تقدمه عليهم، ولا يفيض في الحركة الدعوية من حيث أفاض الناس، وهي (ظاهــرة الغرور التنظيمي)، ولو تدبر قليلاً لوجد الرد الإلهي واضحاً في سورة عبس؛ وهي السورة التي وضعت أساسات وموازين تقييم الناس.
هـ - وفي قـولــه ـ سبحانه ـ: ((فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا ومَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ . ومِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وقِنَا عَذَابَ النَّارِ . أُوْلَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُوا واللَّهُ سَرِيعُ الحِسَابِ)) [البقرة: 200 - 202].
(إن هناك فريقين: فريقاً همه الدنيا، فهو حريص عليها مشغول بها، ويذكرها حتى حين يتوجه إلى الله بالـدعــــاء؛ لأنها هي التي تشغله، وتملأ فراغ نفسه، وتحيط عالمه وتغلقه عليه. هؤلاء قد يعطيهم الله نصيبهم في الدنيا ـ إذا قدر العطاء ـ ولا نصيب لهم في الآخرة على الإطلاق. وفريقاً أفــســــح أفقاً وأكبر نفساً؛ لأنه موصول بالله يريد الحسنة في الدنيا ولكنه لا ينسى نصيبه في الآخـــرة؛ فهم يطلبون من الله الحسنة في الدارين، ولا يحددون نوع الحسنة، بــل يَدَعون اختيارها لله، والله يختار لهم ما يراه حسنة وهم باختياره لهم راضون. وهؤلاء لهم نصيب مضمون لا يبطئ عليهم؛ فالله سريع الحساب)(13) (http://www.saaid.net/mktarat/hajj/18.htm#(13)).
ونـحـن نــدور مــع الـبـعـد التربوي البعيد للنص، وهو التركيز على علاج (ظاهرة القصور الفكري) التي تصيب بعضاً من اللحظيين ذوي النظرة المحدودة التقدير القاصرة القريبة من حواسهم ضيقي الأفق؛ فلا يدركون الأبعاد البعيدة للقضايا والأمور.
وعلاجها يتم بضرورة تشجيع ذوي النظرة المستقبلية للأمور البعيدة التقدير، والاستشرافية للقضايا.
وكم من مكاسب عظيمة أضاعها المحدوديون! ولم يكن لهم نصيب في فقه سراقه بن مالك ـ رضـي الله عـنـه ـ عـنـدمــا تـنـاقش مع الرسول صلى الله عليه وسلم أثناء مطاردته له في الـهـجـرة، ونـظـر إلى المكاســب العـظـيـمـة البعيدة التي تفوق جائزة قريش، فكسب نعمة الإسلام، والنجاة في الآخرة، وفوق هذا حصل على الوعد بسواري كسرى بعد سنوات أثناء حكم الفاروق ـ رضوان الله عليه ـ.
محمد رافع 52 10-11-2011, 11:39 PM عوائق.. وتضحيات:
أهـمـيـة مـعـــرفة عوائق الطريق: ثم نأتي إلى اليوم العظيم، يوم النحر؛ يوم العيد؛ حيث ينطلق الحاج قبل طلوع الشمس إلى منى ملبياً وعليه السكينة، ثم يرمي جمرة العقبة بسبع حصيات مـتـعـاقـبـات، ويكبر مع كل حصاة، ويقطع التلبية عندها، ثم يذبح الهدي، ثم يحلق أو يقصر. وبـذلك يـتـحـلل التحلل الأول، فيلبس الثوب ويتطيب، ويحل له جميع محظورات الإحرام إلا النساء، ثـم يـذهــب إلى مكة لطواف الإفاضة بدون رَمَل. ثم يصلي ركعتي الطواف، ويسعى المتمتع والقارن أو المـفـرد الـذي لـم يـسـع. وبذلك يتحلل التحلل الكامل. ويشرب من زمزم، ويصلي الظهر ـ إن أمكن ـ، ويكبر، ثم يـذهـب للمبيت في منى باقي الليالي.
وحول الأبعاد التـربـويـة لأعمال يوم النحر نقتطف بعض هذه الملامح التي ترمز إلى معرفة السائر لعوائق الطريق، وتصميمه على الانتصار عليها:
أ - عـنـدمـــا يـبتدأ الحاج بالرمي فإنما هو من باب دخول البيوت من أبوابها؛ حيث إن الرمي هو تحية منى.
وكذلك هو من باب الـبـدايــة بالأصل الكبير في كل قضية؛ فبعد سفر طويل وتعبئة كبرى، وشحن داخلي يتجه الحاج إلى العدو الأول، ذلك الذي حذره منه الحبيب صلى الله عليه وسلم فعرَّفه عليه ليتجنبه؛ كـيـف لا وهــو عينه ذلك العدو الذي لم يَرُقْهُ جلال سويعات الوقوف بعرفات، وكان في أغيظ مواقفه؟!
وعندما يرمي الحاج سبعاً من الحصيات فإنه يبدو كأنه تصميم على جدية المواجهة ضـــد شبهات الشيطان وشهواته.
وفي دعاء الحاج ربه عقيب الرمي يتبين أهمية سلاح الدعاء في كل موقف، وكذلك يتـبـيـن معنى فقر العبد دوماً إليه ـ سبحانه ـ؛ فبعونه ـ عز وجل ـ تأتي القوة والمنعة والـنـصـر في معركته ضد عدو الله وعدوه.
وبتدبر البعد التربوي الشامل للرمي نستشعر أن أصل كل معركة أن تعرف من هو الـعــدو الحقيقي، فتواجهه.
فمن العوائق الرئيسة عدم معرفة العدو، وعدم معرفة أسلحته، ونقط ضعفه، ومعرفة كيفية التغلب عليه.
ب - وفي الـنـحــر دلالات عـظـيـمـة للسائر: فهو يرمز إلى أن السائر الذي يعرف طريقه، ويعرف هدفه، ويعرف أيضاً عدوه، وأن عـلـيه ألاَّ تعيقه أي تضحيات في سبيل تحقيق ما خطط له.
يتأمل الداعية ذلك وهو يتذكر رواده على الـطـريـق، يتذكر الخليل ـ عليه السلام ـ وكيف أنه ضحى بولده الوحيد الحبيب ـ عليه السلام ـ وذلك في سبيل رضاه ـ سبحانه ـ وامتثال أمره.
والله ـ عز وجل ـ لا يريد العنت بعباده، وإنما يـريــد لهم تجربة واقعية تثبت وتبرهن أن الـعـبـــد قد رتب أولوياته جيداً، وعندما يثبت ذلك للعبد نفسه وليس للحق ـ سبحانه ـ الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، عند ذلك فقط يكون النجاح في الاختبار.
كيف لا والحق ـ سـبحانه ـ قد أخبر أن إبراهيم وولده ـ عليهما السلام ـ قد نجحا بالرغم من عدم ذبح إسماعـيـل ـ عليه السلام ـ؟ فالقضية لم تك هي الذبح، بل هو مجرد اختبار واقعي لجدية الاستعــداد للتضحية: ((ونَادَيْنَاهُ أَن يَا إبْرَاهِيمُ . قَدْ صَدَّقْتَ الرُّءْيَا إنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي المُحْسِنِينَ)).[ الصافات: 104، 105].
والموفق هو من يعرف عـوائق طريقه، فيتـغـلب عليها مضحياً في سبيل هدفه الأسمى، وهذا هو الفيصل والفارق: ((ومِـنَ الـنَّـاسِ مَـــن يَـتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ والَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُباً لِّلَّهِ)). [البقرة: 165].
فرحم الله من أرى أعداء الله مـنـه قـوة، ورحــم الله من أظهر لربه منه جدية وبذلاً وحباً وتضحية، وترتيباً صحيحاً لأولوياته.
ج - وفي ذهاب الحاج إلى مكة لطواف الإفــاضــة أبعاد تربوية عظيمة منها أنه تأكيد على أن السائر لم يزل على عهده، ولم تزل القضية المحورية التي يدور حولها وبها ومعها هي شغله الشاغل.
ومنها أيضاً أنه فوق كونه تجديداً للعهد، فـهـو تجديد للزاد الذي من شأنه أن يقويه على أي عقبة في الطريق.
ومـنـهـا أهـمـيـة تـذكـير الأمة بضرورة توحيد الغاية والهدف والهموم لتكون أشبه بمحور تطوف كل فئات الأمة حوله حتى تتجمع القوى حول الأهداف العظام، ولا تتفرق.
فمن عوائق الطريق الـتـشرذم تحت رايات متعددة، والتمحور حول أفكار غير موحدة؛ لأن من أهم ركائز المشروع الحضاري الإسلامي هو الحركة الجماعية المنظمة والمتوافقة.
د - وعندما ينهي الـحـاج أعـمـــال يوم النحر بالحلق أو التقصير، وهو من باب استعداد الحاج لأعمال منى، التي ستكون أشبه باللجان المصغرة التي تعقد ورش عمل لمتابعة أعمال
المؤتمر السنوي الذي عقد في عرفة.
وعندما يقرر صلى الله عليه وسلم صـحـة كلٍ من الحلق والتقصير، ثم يرتب الحلق ويفضله على التقصير فإنما هو من باب يسر المـنـهج ومرونته، وكذلك له مغزى تربوي آخر وهو من ركائز المشــروع الحضاري ألا وهــو قـبـول الآخـــر، أو بمعنى أشمل هو من باب التعددية الـفـكـريــة والمـذهـبـية؛ وذلك كما بينا ذلك عند الحديث عن أهمية إعادة صياغة العقلية المسلمة على أصول منها: قضية تعدد الصواب.
فمـن عوائق الطريق وجــود بعض من ذوي الاعتلالات التربوية والحــركية بل والفكريــة، فلا يرى إلا رأيه، ولا يستمع للآخر، بل يبلغ به الأمر إلى أن يسفه رأي الآخر، ويتمادى به الاعتلال حتى يسفه الآخر نفسه.
وقـديـمـــــاً من وراء السنين أنصفنا المربون عندما حملوا لنا نصيحة الشافعي ـ رحمه الله ـ عندما وضــــع قـاعــدة ذهبية من قواعد حرية الفكر: "رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي الآخر خطأ يحتمل الصواب".
بل إن الحق ـ سبحانـه ـ ذم رائد هؤلاء (الدكتاتوريين) عندما وضع قاعة بغيضة من قواعد كبت الفكر: ((قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إلاَّ مَا أَرَى ومَا أَهْدِيكُمْ إلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ)) [ غافر:29].
محمد رافع 52 10-11-2011, 11:42 PM مع لجان منى!:
أهمية بث روح المؤسـسـيـة: بعد ذلك تبدأ أيام منى أو أيام التشريق. وأعمالها تتلخص في رمي الجمرات الثلاث، والـمـبـيت بمنى، وهي أيام قال عنها المعلم العظيم صلى الله عليه وسلم: "أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله"(14) (http://www.saaid.net/mktarat/hajj/18.htm#(14)).
وحول أيام منى والأعمال الخاصة بها نقتطف بعض الملامح التربوية؛ وذلك من باب هذه الدراسة وقيمتها وما ترمز إليه:
أ - حول لزوم المبيت للحاج بمنى، وأن يبقى أكـثــر الليل في أوله أو آخره. وكأن من فقه المتابعة أن يشارك الحاج في حضور اجتماعات منى المصغرة والتي هي أشبه بفرق العمل أو اللجان المنبثقة عن مؤتمر عرفات السنوي الكبير، وذلك لمدارسة التوصيات.
وهذا يبين لنا أهمية المتابعة لكل أمر.
ب - ومن أعمال منى رمي الجمرات الثلاث، كل واحـــــدة بسبع من الحصيات، ووقت الرمي مسألة خلافية، ولكن المختار أن يبتدئ من الزوال إلى الغروب.
والبعد التربوي للرمي هو أنه يبدو كأنه تأكيد على أن المجـتـمـعـيـن عليهم ألا يغفلوا عن العدو المتربص بهم، ومحاربته وصد ما يلقيه من شبهات وشهوات سواء للنفس أو الزوج أو الولد، وألا يغفلوا أيضاً عن العدو الخارجي.
ورمي كل جمرة بسبع من الحصيات هو أيضاً من باب التصميم والجدية في المعركة.
وفي اختلاف وقت الرمي؛ حيث يبدو الحجيج بين ذاكر لله ورام ودارس وطــائــف وآكل وشارب، وفي الوقت نفسه يبدو حالهم كأنه من باب تكامل الجهود وتنوع الأعمال وتوافق الوظائف، وكأنهم في حركة جماعية مؤسسية تقوم على لجان متوافقة متناسقة ومـتـكاملـة ومـتـعاضدة. وهو من باب أهمية المؤسسية في الحركة الجماعية الهادفة إلى تحقيق المشاريع الحضارية. وهو أيضاً من باب الاعتراف والتقرير بل والتقدير لكل عمل سواء قل أو عظم، ما دام يتوافق مع الحركة المؤسسية.
ج - كــان الـقـائـد صـلـى الله عـليه وسلم في هذه الحركة الجماعية أيام منى مثالاً للقيادة الواعية؛ فعن ابن عـبـاس ـ رضــي الله عـنـهـما ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له في الذبح والحلق والرمي والتقديم والتأخير، فقال: "لا حرج"(15) (http://www.saaid.net/mktarat/hajj/18.htm#(15)).
وأهم سمة قيادية في مثل هذه المواقف ينبغي أن تتمثل في المرونة واليسر.
وهاتان السمتان ـ سواء المرونة القيادية، أو التخلق بخلق التيسير ـ إنما تنبثقان وتنبعان من القاعدة الربانية الكبرى للمنهج الإســــلامـي: ((يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ ولا يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ)) [البقرة: 185].
وهذه السمة القيادية تبدو بارزة عند القادة الربانيين في كل المواقف.
ولـعـلـنـا نـذكـــر ذلك القائد الرباني طالوت الذي كان يتمتع بهذه المرونة القيادية، فكان رحيماً في تجربـتـه الجهاديةالتغييرية؛ عندما قال لأتباعه: ((إلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ)) [البقرة: 249].
والموفق من يكون متوازناً بين الحزم والمرونة، وبين الشدة والتيسير بشرط أن لا يخل ذلك بروح الانضباط؛ فيحافظ على شعرة معاوية.
د - (http://www.saaid.net/mktarat/hajj/18.htm#(16)) ومن الـسـنـة الـصــلاة فـي مـسجد الخيف أيام التشريق؛ حيث ورد أنه صلى في هذا المسجد سبعون نبياً. وهو من باب استشعار عمق جذور الحركة الدعوية، وأصالتها في عمق التاريخ؛ فالمشروع الحضاري لــيــس بـدعـاً؛ بل هو بعث لروح الأمة وتجديد لدينها، أو بالمعنى الأبسط: هو مجرد إزالة للركام المركــب الـذي طـمس معالم المنهج سواء من جانب ضياع المفاهيم، أو من جانب سوء طريقة عرضه ومعاصرة طرحه.
أو بمعنى آخر: هو جولة حضارية تغييرية جديدة تـقــوم عـلـى مـرتـكـز عظيم وهو رصيد التجربة.
هـ - ورد عن الحبيب صلى الله عليه وسلم أن أيام منى أكل وشرب وذكر لله.
وهـذا يـشـعـرنـــا بأهـمـية تنمية الجانب الروحي، ومتابعة ذلك عند السائرين على درب المشروع الحضاري، حتى في سويعات الراحة المباحة من الأكل والشرب.
محمد رافع 52 10-11-2011, 11:44 PM وداعٌ .. وأمل:
أهـمـيـة الـحـركـــة وبث روح الأمل: ثم نأتي إلى نهاية رحلة الحج المباركة التي تنتهي بذهاب الحاج إلى مكة لطواف الوداع، وذلك قبل غروب شمس يوم الثاني عشر للمتعجل، أو يوم الثالث عشر للمتأخر، ثم بعد ذلك يعود إلى بلده مباشرة.
وحول بعض الملامح الـتـربـويـــة للنهاية الجليلة لتلك الرحلة العظيمة نقتطف بعض هذه القطوف التربوية.
لمـا كان الهدف هو حضور المؤتمر السنوي العام بعرفات، ومعرفة العدو الواحد، ثم حضور لجـان منى وفرق العمل المنبثقة عن المؤتمر العام، واستشعار روح المؤسسية، وفوق ذلك كله الـتـزود بــزاد التقوى: ((وتَزَوَّدُوا فَإنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى)) [البقرة: 197]، وبلوغ درجات رفيعة من التربية الروحية ـ كان الأصل أن يعود المؤتمرون إلى بلادهم للقاء من يمثلونهم من الأمة ومتابعتهم.
يعودون إلى حـيـث يـنـشــرون فكرتهم في أرجاء المعمورة، وكأن الانتشار بالفكرة هو الهدف المطلوب، أو أن الحركة بالفكرة هي قضية الساعة الآن.
وكذلك يدل على عالمية الرسالة؛ فهي مشروع لا يعرف حدوداً من جنس أو أرض.
ولكن قبل العودة كان لا بد من مِسك الختام فيِ الطوافِ الأخير طوافِ الوداع.
وتدبر مغزى كلمة وداع وأثرها على النفس.
وتدبر كيف كان الختام وكـأنـــــه تأكيد عملي أخير يركز على ضرورة فقه الهدف الواحد والهم الواحد الذي تطوف حوله جموع السائرين، والذي ستحمله القلوب إلى بلادها، تلك القلوب التي هوت شوقاً إلى هذا المكان، فأتت من كل فج عميق.
ولكن هذه القلوب لم يمنعها هذا الـربــاط الـروحي ولـن يمنعها من أن تعود فتنشر فكرتها، وتدعو إلى مشروعها الذي تحقق على أرض فـأصـبـح لــه مرتكز ومركز إشعاع ثابت وقاعدة صلبة توضع عليها راية التجميع ليؤوبوا إليها كل حين، ثم يعودون للانتشار من جديد.
فحركة التاريخ وناموسية التغيير الحضاري من سماتها الـتـبـديــل والحركة التي لا تعرف السكون: بين مد وجزر، أو بين امتداد وانحسار.
وكذلك الأفكار؛ فالحركة تمنع نمو جراثيم التأسُّن الفكري في العقليات.
وأيـضــــاً بالنسبة للأمم والجماعات والمؤسسات؛ فإن الحركة أيضاً تهاجم حشرات التعفن الحضاري عند الأمم.
وإن الحركة في كل تلك المجالات مثلها مثل حركة الكون التي تجري مكوناتها في ديمومة حركية، لا تهدأ حتى المستقر النهائي الذي يقرر منتهاه ومستقره العزيز العليم:((والشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ العَزِيزِ العَلِيمِ)) [يس: 38].
والحركـــة الحضارية من شأنها التداول: ((وتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ )) [آل عمران: 140].
وعندما يفقه الدعاة وكل من يشارك في مسيرة الدعوة إلى المشروع الحضاري تلك الإشكالية، ويدركون مــغـزى السـمـة التداولية للحركة الحضارية، ويعون الناموسية التغييرية للتاريخ فإن ذلك من شأنه أن يمدهم بزاد آخر، زاد ضروري، ألا وهو زاد الأمل.
ذلك الزاد الذي يعطي الدفعة العظيمة للسائرين، ويُضاعف روح البذل.
وخير ما ورد عن ذلك الزاد تلك البشارات التي كان يطلقها الحبيب صلى الله عليه وسلم أثناء أصعب المواقف؛ عـنـدمـا حوصرت الدعوة وجففت منابعها، وحوصر الداعية، وذلك
أثناء غزوة الأحزاب، وكان هـنـاك مــــن يسجل لنا هذا الموقف الاستشرافي العظيم للقيادة الربانية الواعية؛ كان هناك البراء ـ رضـي الله عـنـه ـ فقال: "لما كان يوم الخندق عرضت لنا في بعض الخندق صخرة لا تأخذ منها المعاول، فـاشـتـكـيـنـا ذلك لرسول الله صلى الله عـلـيـه وسلم، فجاء وأخذ المعول، فقال: بسم الله، ثم ضرب ضربــة، وقــال: الله أكـبـر أُعـطـيـتُ مـفـاتـيـحَ الشام، والله إني لأنظر قصورها الحمر الساعة. ثم ضرب الثانية فقطع آخر، فقال: الله أكبر أُعطِيتُ فارس، واللهِ إني لأُبصر قصر المدائن الأبيض الآن. ثم ضرب الثالثة، فقال: بسم الله، فقطع بقية الحجر. فقال: الله أكبر أُعطيتُ مفاتيح اليمن، والله إني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني"(16) (http://www.saaid.net/mktarat/hajj/18.htm#(16)).
ومرت الأحداث، وتـعـاقـبـت الأيـام، وتداولت الحركة الحضارية، واسْتَعْلت الدعوة على الحصار الشيطاني، ومكَّن الله لها فـي الأرض، وتحقــق ما بشر به القائد العظيم صلى الله عليه وسلم.
وبـعـد: فهذه لمحات متواضعة حول الأبعاد التربوية لتلك الرحلة المباركة وما تمثله من ركائز للمشروع الحضاري الإسلامي؛ وهي محاولة نرجو من الله بها القبول؛ فمنه وحده ـ سبحانه ـ التوفيق؛ وإن كان بها من الزلات فهي مني ومن الشيطان.
============
الهوامش:
(1) رسالة المرأة في المجتمع المسلم، 5/ 29 بتصرف.
(2) رواه أحمد، ح/ 58220.
(3) المقدمة: ابن خلدون بتصرف.
(4) رواه البخاري، 2/ 164، ومسلم، 4/ 107.
(5) رواه مسلم، 4/ 107.
(6) رواه مسلم، ح/ 2402.
(7) رواه مالك، ح/ 840.
(8) إحياء علوم الدين: الغزالي، 3/ 147.
(9) رواه البخاري،ح/ 1559.
(10) رواه البخاري، ح/ 1555.
(11) رواه البخاري عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ، ح/ 4158.
(12) رواه مسلم، ح/ 3509.
(13) في ظلال القرآن: سيد قطب، 2/ 201 بتصرف.
(14) رواه مسلم، ح/ 1926.
(15) رواه البخاري، ح/ 1619.
(16) رواه أحمد، ح/ 17946، والنسائي، ح/ 3125..
محمد رافع 52 10-11-2011, 11:51 PM الدور التربوي للحلقات القرآنية
الحمد لله الذي أعلى بالقرآن قدراً، وأعظم به أجراً، ووضع به وزراً، ورفع به ذكراً، والصلاة والسلام على أشرف من علمه، وأذكى من فهم وأفهمه، وعلى آله وصحبه الذين ترجموا القرآن واقعاً، واتخذوه إلى جميع المكرمات دافعاً، فسعدوا به في الدنيا ونهجاً في الآخرة شافعاً، أما بعد:
فما أحوج الناس اليوم إلى العودة إلى القرآن الكريم فهو النور الذي لا يخبو، والطريق الذي يسلكه لا يكبو، وهو المائدة التي تشبع من أقبل عليها وتسعد من جلس إليها، وهو الحل لكل مشكلة، والمخرج من كل معضلة، وهو طمأنينة للنفس وراحة للقلب.
كانت البشرية تعيش قبله في دروب مظلمة متخبطة، إلا جاء هذا القرآن فأضاء له الطريق، وأرشدها إلى الصراط المستقيم.
وما هي إلا سنوات قلائل حتى سار الصحابة الكرام يجوبون الفيافي ويقطعون القفار حاملين مشعل الهداية والتوحيد للبشرية .. فكانت أبدانهم ودماؤهم وأموالهم وأرواحهم ثمناً لذلك.
ثم دار الزمان دورته، وبدأت بشائر النور تلوح في الأفق، تشعر جيل الصحوة وحاملي لوائها أن نجاة الأمة وفلاحها وطريق عزها هو في العودة إلى القرآن الكريم وتدارسه وتعلمه وتعليمه.
يشهد لهذا الإقبال المتميز المتزايد على الحلقات القرآنية، وعلى الدور النسائية، وهذا يزيد من عظم المسؤولية الملقاة على عاتق المعلمين والقائمين على هذه الحلقات.
ومع هذه الشعبية المباركة لها لانريد أن ينحصر دور حلقات تحفيظ القرآن الكريم في تخريج أكبر عدد من الحفاظ فحسب ـ مع أن هذا هدف من الأهداف ، ومطلب من مطالب الحلقات القرآنية ـ بل نتمنى أن يتعدى هذا الأمر إلى تخريج أناس تمثلوا القرآن واقعاً وسلوكاً وتربية في حياتهم وإن لم يحفظوا القرآن كاملاً.
وإن معلم القرآن لا ينحصر عمله في كونه محفظاً (آلة رد)، بل هو في مكانة دينية، فعمله عبادة، والتربية عبادة، فالمعلم مؤتمن على الطالب أن يربيه على الأخلاق الفاضلة والآداب الإسلامية، فلا نريد طالباً يتخرج آله يردد ما لا يفهم.
فالقرآن الكريم جاء ليربي أمة، وينشئ مجتمعاً ويقيم نظاماً، والتربية تحتاج إلى زمن وإلى تأثير وانفعال بالكلمة، وإلى حركة تترجم التأثير والانفعال إلى واقع.
وفي هذا التحقيق سنحاول تسليط الأضواء على الدور التربوي الذي تتحمله الحلقات القرآنية ، من حيث الأهداف والغايات التربوية ، والأطراف اللازم توافرها وتظافرها لإنجاح هذا الدور المهم ، وعن المقومات التربوية لمعلم الحلقة القرآنية ، وختاماً : ماهي الأساليب والبرامج التربوية في الحلقات القرآنية .
ويشاركنا في طيات هذا التحقيق بعض المختصين والباحثين والعاملين في مجال الحلقات القرآنية .
محمد رافع 52 10-11-2011, 11:53 PM الأهداف التربوية في الحلقات القرآنية:
الدكتور / أحمد محمد حسبو ( عضو جمعية تحفيظ القرآن الكريم بالطائف )
يرى تصنيف هذه الغايات والأهداف التربوية في الحلقات، ومن الحلقات، ويقول :
أ- في الحلقات:
1- انضباط في الحضور يدفعهم شوق الطير الظامئ يهفو إلى الماء.
2- جو إيماني عظيم يشعر الرائي – حقاً – أن الملائكة تحفهم، والرحمة تغشاهم والسكينة تنزل عليهم.
3- دموع تترقرق من خشية الله _عز وجل_ في هذا الجو الإيماني.
4- معلم يفيض على طلابه علماً وحلماً وخلقاً، وهم يفيضون عليه توقيراً وتبجيلاً واحتراماً وحباً.
5- تقدم في حفظ، وازدياد في إتقان، وبشائر خير بحفظة جدد.
6- أخوة تجمع الطلاب ومحبة تؤلف بينهم.
7- انصراف وقور ينطق بأثر القرآن على أهله حتى لو عادوا إلى بيوتهم.
8- آثار القرآن تبدو في سمت الطالب في أخلاقه وسلوكه وعبادته.
9- تزود بزاد العلم من أحكام وآداب إسلامية، وإضاءات من سير الأنبياء والصحابة والعلماء، إضافة إلى جوانب الثقافة الإسلامية،
ويضيف الدكتور / أحمد حسبو :
ب- والأهداف التربوية من الحلقات، هي :
1- تربية جيل مسلم على القرآن، تلاوة وأخلاقاً ومنهجاً.
2- استنقاذهم من وطأة الأخلاق الذميمة والعادات المشينة.
3- شغل الشباب بمعالي الأمور ورفيع المنازل.
4- تنمية روح الاعتزاز لدى الطالب بإسلامه وهويته وكتاب ربه.
5- فتح آفاق جديدة وواسعة أمام الشباب على معاني القرآن الآسرة، وحقائقه الفذة تفجر الطاقات الإبداعية.
6- إمداد الأمة والمجتمع بحفظة القرآن – ليبقى فيها الميزتان – حفظ الصدور، وحفظ السطور، أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى، فلا ثقة لنا بحفظ حافظ حتى يوافق الرسم المجمع عليه من أصحاب النقول إلينا جيلاً بعد جيل.
7- مداواة مرضى العقوق الذي يشكو منه الوالدان، وقد استشرى في الأمة، ودواؤه من صيدلية القرآن.
8- تقديم القرآن بطريقة مشوقة فيها أسلوب العصر وسرعته وإغراؤه، وفيها أصالة التراث الإسلامي وخلوده وعظمته،
ومن الأهداف أيضاً :
9- عمارة المساجد بتلاوة القرآن الكريم، وتعليم العلم الشرعي، وإحياء رسالة المسجد.
10- تخريج دفعات مؤهلة للتدريس والتربية على ضوء القرآن الكريم، وتولي إمامة المصلين في المساجد.
11- تقويم ألسنة الطلاب والعمل على إجادة النطق السليم للغة العربية وإثرائهم بجملة وافرة من مفرداتها وأساليبها.
محمد رافع 52 10-11-2011, 11:54 PM كيف نحقق هذه الأهداف التربوية؟
لكي نصل إلى الثمرة المرجوة، ونستطيع أن نحقق أهدافنا التربوية في الحلقات، لا بد أن تتكاتف وتتظافر أربعة أطراف يسند بعضها بعضاً، ويأخذ بعضها برقاب بعض:
(إدارة الحلقة، والمعلم ، والطالب ، ووالده) أربعة أطراف لها بصماتها المؤثرة في إنجاح الدور التربوي للحلقة القرآنية،
فلا بد أن تسعى إدارة الحلقة أولاً إلى اختيار المعلم الناجح الذي يجمع بين الكم العلمي والحس التربوي، وأن يكون الإشراف على الحلقة متكاملاً في كل النواحي، من الناحية الفنية والشكلية، وأيضاً من الناحية التربوية والعلمية التي كثيراً ما تتجاهلها إدارة الحلقة ، وأن تسعى الإدارة مع المعلم في إقامة مدارسة فكرية ونفسية تربوية للطفل والمراهق لمعرفة المدخل التربوي لكل مرحلة عمرية، ولكل نوع من الأمزجة حتى تؤتي التربية مفعولها.
وفي علاقة الإدارة مع المعلم ينبغي أن يراعى جانب التربية والكيف بالإضافة إلى الكم، وأيضاً يكون الذي يتابع المعلم أعلى رتبة علمية وتربوية من المعلم، فيكون قد عمل معلماً مدة زمنية طويلة بحيث يعرف معاناة المعلمين واحتياجاتهم.
ويأتي بعد ذلك دور المعلم التربوي المباشر في علاقته مع الطالب (الطرف الثالث) بأن يسعى إلى غرس القيم القرآنية، والعمل على تربيته تربية صادقة، يشعر فيها الطالب بأن المعلم أخ كبير له يتابع أحواله برفق ولين، ويسعى لمصلحته في كل حين.
وللمعلم المربي الناجح مقومات يلزم توفرها فيه من أجل إتمام بناء دور تربوي متماسك سنأتي على بعضها بالإيضاح.
ويأتي في الأخير دور الطرف الرابع في إتمام المسيرة التربوية، وهو (أب الطالب) حيث يسعى الأب إتمام علاقته مع جميع من سبق بدءاً من ابنه الذي استودعه في هذه الحلقة، وأيضاً مع معلمه وإدارته.
فيراقب الأب تطور ابنه التربوي، ويسعى إلى تعزيز القيم والأخلاق الفاضلة التي تلقاها في الحلقة، حتى تتكامل الثمرة وتنضج.
وينبغي أن تسعى الإدارة والمعلم إلى التواصل المستمر مع ولي أمر الطالب لمناقشة حال الطالب واطلاع الأب على المستوى الذي وصل إليه.
حين تتكامل هذه الأطراف ، ويؤدي كل طرف دوره المناط به فإنه أدعى لإنضاج الثمرة .
محمد رافع 52 10-11-2011, 11:56 PM المقومات التربوية لمعلم الحلقة:
المقومات الشخصية لمعلم الحلقة كثيرة لكن في هذا الصدد سوف نركز على المقومات التربوية لمعلم الحلقة القرآنية وهي كثيرة ، لذا سنأتي على أهمها وألصقها بالحلقات القرآنية .
فمن المقومات التربوية:
1- أن يحترم المعلم شخصية الطالب: فالمعلم الحريص على بناء شخصية قرآنية متكاملة متوازنة حفظاً وعملاً ينبغي أن يراعي جهود الطالب الكبيرة التي قدمها في الحفظ والمراجعة؛ لأن المحبة والاحترام شرط من شروط الإفادة من المربي، ومتى فُقد هذا الشرط فلا تربية ولا مربي.
2- الاتزان العاطفي: فالاعتدال والاتزان هو الذي يضفي على الجهود التربوية دفعة قوية إلى التأثير، فالنفس المحبة السمحة غير الحاقدة المتشائمة، والنفس المطمئنة الراضية، والوجه المشرق والثغر الباسم له أثر في النفوس غير الوجه البائس العابس الكئيب.
3- التدرج في الثواب والعقاب: فلا تفرط في العقوبة؛ لأن النفس تنفر من ذلك بل وتصر على الخطأ، وفي نفس الوقت فإن تجاهل الخطأ مخالف لأمر الله، وحين يفرط المربي في العقوبة ينقلب الأمر إلى تأثير مضاد، فيندفع المتربي شعوره بأنه المظلوم إلى الإصرار على الخطأ وتبريره وينشغل بالعقوبة التي وجهت له عن الاعتناء بإصلاح الخطأ، وكثيراً ما يصر عليه ويكره الحق وأهله.
4- مراعاة أحوال النفوس المختلفة: فعلى المعلم أن يعرف مفتاح شخصية تلاميذه ليقدر على التأثير الإيجابي، فالنفس البشرية لها مسالك متشعبة ودروب وعرة، تحتاج من المعلم الواعي أن يفهم طلابه حق الفهم حتى يمكن له أن يغرس التربية والإيمان وحب القرآن وحب العلم، وأن يحرص على مراعاة النفوس المختلفة، ويعرف مداخلها ومخارجها.
5- إيجاد الدوافع ثم استخدام وسائل الحفز والتنشيط الملازمة: فالمعلم يحتاج إلى إيجاد الإقبال من المتعلم على القرآن والإسلام، ثم ينشط ويزيد من الدافعية بحوافز تزيد من حماسة للحفظ والمراجعة في دوائرها الأربع المادية والنفسية والعقلية والغيبية، فالمادي مثل الهدايا، والنفسي مثل الثناء، والعقلي مثل تحفيزه ومقارنته مع زملائه أو التحدي والمحاجة، والغيبي بتحفيزه بالأجر الأخروي لمن يحفظ ويتلو ويعمل بالقرآن.
والمقومات التربوية لمعلم الحلقة كثيرة جداً اقتصرنا على ما سبق لأهميتها وفاعليتها في إنجاح الدور التربوية داخل الحلقات القرآنية، ومن المقومات التربوية بصورة عامة: الورع، الرفق، العدل بين المتعلمين، الصبر على التعليم، والتواضع للمتعلم، وتقدير المحسن وإعانة المخطئ على تجاوز الخطأ.
وحول أثر هذه المقومات التربوية على الطالب وعلى الحلقة، يقول الأستاذ أمين صبحي جلبي (المحاضر بمعهد الإمام الشاطبي، والمدرس بجمعية تحفيظ القرآن الكريم بجدة): المربي الذي امتلك هذه المقومات التأهيلية ليكون معلماً مربياً هو الذي يقوم بعملية التفاعل التربوي على أتم وجه، وهو الذي سوف يساهم في نشر دعوة الله _عز وجل_ وبناء جيل قرآني قوي.
محمد رافع 52 10-11-2011, 11:58 PM الأساليب والبرامج التربوية في الحلقات القرآنية:
حينما يعلم ويدرك المعلم ما هي الأهداف والغايات التربوية من هذه الحلقات، وحين يأتي لدينا معلم قد استكمل مقوماته التربوية، يأتي هنا دور الأسلوب والبرنامج التربوي العملي الذي من خلاله نستطيع الدخول إلى أغوار نفس الطالب والتأثير فيها.
فمن الأساليب التربوية التي تساعد على غرس الصفات الحسنة ونزع الصفات السيئة لدى الطالب، وتساهم أيضاً في تخريج جيل قرآني قوي ما يلي:
1- التربية قدوة: نعم التربية قدوة قبل أن تكون توجيهاً، وعمل قبل أن تكون قولاً، والمربي ينبغي عليه أن يربي الناس بفعله قبل قوله، فحين يجاوز حدود ا لشرع كيف سيربي غيره على الورع والتقوى ورعاية حدود الله، والمتربي يرى المخالفة الشرعية ممن يربيه ويقتدي به؟ بل إنه بذلك قد يخرج جيلاً يتهاون بحرمات الله ويتجاوز حدوده ويقصر في أوامره في سائر ميادين الحياة.
2- الخوف والرجاء: من غرس للخوف من الله _تعالى_ لأنه شديد العقاب على العاصين لأمره التاركين لفرائضه، فقد توعد العصاة بالنار المحرقة يوم القيامة، وفي المقابل وعده للمؤمنين الطائعين المؤدين لحقوق الله بالجنة الواسعة التي فيها الأنهار والأشجار... إلى غيره مما يساعد في بناء الخوف والرجاء منه _سبحانه_.
3- القصص الهادفة، فالقصة لها تأثير على النفس، فعلى المعلمين أن يكثروا من القصص النافعة لطلابهم فهو خير عون لهم على تربية الأجيال، والقرآن والسنة يحملان في طياتهما عدداً من القصص العظيمة.
4- المحافظة على صلاة الجماعة في المسجد: وذلك لربط الطالب بالمسجد وتعويده على ارتياده ليعتاد عليه كبيراً، ويسهل عليه الذهاب إليه، وهذا مما ينمي السمات الإيمانية لدى طالب الحلقة القرآنية.
5- ترغيب الطلاب في حفظ القرآن الكريم: فينبغي حث الطلاب على الحفظ، وتدعيم ذلك بالآيات والأحاديث التي فيها ذكر فضائل تلاوة القرآن وحفظه، وذكر الأجر المترتب عليه، وإيراد هدي السلف في الحفظ والتلاوة مما يشحذ الهمم ويقوي العزائم.
6- احتواء الطالب داخل الحلقة، وإشعاره بأهميته وقيمته داخل الحلقة يساعد على تغليب جانب الحلقة في حياته ومعيشته مما يجعله يقدم الحلقة على كثير من مشاغله والصوارف التي تصرفه، فلا يستطيع رفقاء الشارع التأثير عليه وانتزاعه من حضن الحلقة؛ لأنها حصن قوي يحمي كل من ينادي إليه.
7- المكافأة لمن أخطأ: فلماذا فقط المكافأة للطالب المثالي؟ أوليس الهدي النبوي أحياناً مكافأة المخطئ إغراء وإكراماً وتألفاً لقلبه؟ لماذا لا نسلكه؟ فلنجرب وسنرى عجباً.
8- الحنان الفياض: لماذا لا تمتد أيدينا لتربت على كتف طالب في حب، بدلاً من أن تمتد للضرب والمعاقبة.
9- الدعاء المبارك: لدعوة مباركة صادقة من معلم قد تكفيك كثيراً مما تعاني وتجلب لك أكثر مما ترجو.
10- النصح والتوجيه غير المباشر: وهذا له فوائد عديدة تؤثر في نفس الطالب من أنه سوف يزداد حبه للمعلم، حيث يشعر أنه يعلم أخطاءه، وأيضاً شعور الطالب بحفظ كرامته وشخصيته عند مدرسه وزملائه، كما يساعد ذلك إلى تصحيح أخطاء مشابهة للخطأ الذي وقع فيه الطالب لدى طلبة آخرين دون علم المدرس، ومن صور النصح والتوجيه غير المباشر: القصة، التعريض، تكليف من وقع منه الخطأ بكتابة موضوع مختصر عن حكم ذلك... وغيرها من الصور.
وهناك مع الأساليب التربوية داخل الحلقة برامج تربوية مساندة للدور التربوي الذي تقدمه الحلقة وهي كثيرة جداً، ولها أشكال وأنواع متعددة ( والباب فيها مفتوح على مصراعيه للإبداع والتجديد والابتكار وفق الضوابط الشرعية والتربوية )، وهذه مجموعة من البرامج التربوية المقترحة :
- البرامج التعبدية: ومنها تشجيع الطلاب على المحافظة على أداء الصلاة المفروضة في المسجد مع الجماعة، والقيام ببعض نوافل العبادات ،وتربيتهم على ذلك بهدف تدريبهم على المحافظة عليها.
- البرامج الثقافية: ومن صورها: المسابقات القرآنية التي تطرح بين الطلاب سواء في الحفظ أو في علوم القرآن، وكذلك المسابقات والأسئلة الثقافية، وكذلك إلقاء كلمات موجزة ومتنوعة على بعضهم البعض تحت إشراف معلمهم أو مشرف النشاط عليهم، وأيضاً الكتابة في بعض الموضوعات المتعلقة بالقرآن وعلومه أو أبواب العلم أو الأخلاق والأدب ونحوه، وكذلك تكليفهم بتلخيص بعض الكتب النافعة، وكذلك اصطحاب نخبة من الطلاب الجادين لحضور المحاضرات العامة والدروس لتعويدهم على جو طلب العلم، واحترام العلماء.
- البرامج الاجتماعية: وهي من أهم البرامج التي يمكن أن تقوم بها الحلقة من أجل نزع الرتابة والملل من نفوس الطلاب والترويح عنهم وإدخال السرور على نفوسهم، وتوثيق أواصر الأخوة بين بعضهم البعض ومع معلمهم.
فمن البرامج الاجتماعية المعروفة القيام برحلة (نصف يوم) بين فينة وأخرى يكون فيها بعض الفوائد والبرامج التربوية النافعة، وكذلك زيارة الأماكن التاريخية والجغرافية المختلفة، وأيضاً زيارة بعض الحلقات المميزة بالتنسيق مع الجهة المشرفة عليها والتعرف على طلابها، كذلك الزيارة الميدانية لأحد العلماء وتكون خاصة بالمتميزين في دروسهم وحلقاتهم.
ولن نطيل في تعديد البرامج التربوية؛ لأن ذلك راجع بالدور الأول إلى طبيعة الحلقة وطبيعة الطلاب ، والحرص على التجديد المواكب لتطور العصر السريع في تقديم مثل هذه البرامج التربوية .
ولطرح بعض الأسس العامة لموضوع البرامج التربوية يتحدث الأستاذ مصطفى بن خليل ( المدرس بجمعية تحفيظ القرآن الكريم بالطائف ) عن أهمية البرامج التربوية، فيقول : البرامج التربوية المتنوعة والمناسبة لمجتمع الحلقات القرآنية لها مردود إيجابي على نفوس الطلاب ، يتمثل في إقبالهم على الحلقات والاهتمام بالحفظ والمراجعة والانضباط داخل الحلقة وخارجها ؛ لأن البرامج والأنشطة التربوية تعالج قضية الرتابة والملل الذي قد يتسرب إلى نفوس الطلاب ، وتدخل السرور على نفوسهم ، وتحقق التوازن بين متطلبات الحلقة ومتطلبات النفس وحقوقها .
ويضيف الأستاذ مصطفى : إننا يمكن أن نلخص أهم أهداف البرامج التربوية في أنها تسهم في تبصير المستفيدين من البرامج بمفاهيم الدين وتعاليمه ، وتساعد على التعاون مع أولياء أمور الطلاب في استصلاح المنزل وتكوين بيئة إسلامية ، كما أنها تعطي الحلقة مكانة جيدة في مجتمعها ، وأيضاً تروح عن الطلاب وتدخل السرور عليهم وتساعد في تجديد نشاطهم ، وهي تعمل على إكساب الطالب بعض المهارات العلمية والاجتماعية والثقافية .
ويضع الأستاذ مصطفى ضوابط للأنشطة والبرامج التربوية، فيقول : ينبغي أن تكون البرامج مباحة من الناحية الشرعية ، وأن تكون مناسبة لقدرات واستعدادات الدارسين ، ويجب أن تسهم في تنمية الجوانب الروحية والعقلية والاجتماعية والعاطفية والثقافية لدى الدارسين ، ويحسن لأن توظف هذه البرامج لخدمة كتاب الله ، وأن تكون هذه البرامج شاملة للأنشطة التعبدية والثقافية والعلمية والاجتماعية والرياضية .
محمد رافع 52 11-11-2011, 12:00 AM الأساليب والبرامج التربوية في الحلقات القرآنية:
حينما يعلم ويدرك المعلم ما هي الأهداف والغايات التربوية من هذه الحلقات، وحين يأتي لدينا معلم قد استكمل مقوماته التربوية، يأتي هنا دور الأسلوب والبرنامج التربوي العملي الذي من خلاله نستطيع الدخول إلى أغوار نفس الطالب والتأثير فيها.
فمن الأساليب التربوية التي تساعد على غرس الصفات الحسنة ونزع الصفات السيئة لدى الطالب، وتساهم أيضاً في تخريج جيل قرآني قوي ما يلي:
1- التربية قدوة: نعم التربية قدوة قبل أن تكون توجيهاً، وعمل قبل أن تكون قولاً، والمربي ينبغي عليه أن يربي الناس بفعله قبل قوله، فحين يجاوز حدود ا لشرع كيف سيربي غيره على الورع والتقوى ورعاية حدود الله، والمتربي يرى المخالفة الشرعية ممن يربيه ويقتدي به؟ بل إنه بذلك قد يخرج جيلاً يتهاون بحرمات الله ويتجاوز حدوده ويقصر في أوامره في سائر ميادين الحياة.
2- الخوف والرجاء: من غرس للخوف من الله _تعالى_ لأنه شديد العقاب على العاصين لأمره التاركين لفرائضه، فقد توعد العصاة بالنار المحرقة يوم القيامة، وفي المقابل وعده للمؤمنين الطائعين المؤدين لحقوق الله بالجنة الواسعة التي فيها الأنهار والأشجار... إلى غيره مما يساعد في بناء الخوف والرجاء منه _سبحانه_.
3- القصص الهادفة، فالقصة لها تأثير على النفس، فعلى المعلمين أن يكثروا من القصص النافعة لطلابهم فهو خير عون لهم على تربية الأجيال، والقرآن والسنة يحملان في طياتهما عدداً من القصص العظيمة.
4- المحافظة على صلاة الجماعة في المسجد: وذلك لربط الطالب بالمسجد وتعويده على ارتياده ليعتاد عليه كبيراً، ويسهل عليه الذهاب إليه، وهذا مما ينمي السمات الإيمانية لدى طالب الحلقة القرآنية.
5- ترغيب الطلاب في حفظ القرآن الكريم: فينبغي حث الطلاب على الحفظ، وتدعيم ذلك بالآيات والأحاديث التي فيها ذكر فضائل تلاوة القرآن وحفظه، وذكر الأجر المترتب عليه، وإيراد هدي السلف في الحفظ والتلاوة مما يشحذ الهمم ويقوي العزائم.
6- احتواء الطالب داخل الحلقة، وإشعاره بأهميته وقيمته داخل الحلقة يساعد على تغليب جانب الحلقة في حياته ومعيشته مما يجعله يقدم الحلقة على كثير من مشاغله والصوارف التي تصرفه، فلا يستطيع رفقاء الشارع التأثير عليه وانتزاعه من حضن الحلقة؛ لأنها حصن قوي يحمي كل من ينادي إليه.
7- المكافأة لمن أخطأ: فلماذا فقط المكافأة للطالب المثالي؟ أوليس الهدي النبوي أحياناً مكافأة المخطئ إغراء وإكراماً وتألفاً لقلبه؟ لماذا لا نسلكه؟ فلنجرب وسنرى عجباً.
8- الحنان الفياض: لماذا لا تمتد أيدينا لتربت على كتف طالب في حب، بدلاً من أن تمتد للضرب والمعاقبة.
9- الدعاء المبارك: لدعوة مباركة صادقة من معلم قد تكفيك كثيراً مما تعاني وتجلب لك أكثر مما ترجو.
10- النصح والتوجيه غير المباشر: وهذا له فوائد عديدة تؤثر في نفس الطالب من أنه سوف يزداد حبه للمعلم، حيث يشعر أنه يعلم أخطاءه، وأيضاً شعور الطالب بحفظ كرامته وشخصيته عند مدرسه وزملائه، كما يساعد ذلك إلى تصحيح أخطاء مشابهة للخطأ الذي وقع فيه الطالب لدى طلبة آخرين دون علم المدرس، ومن صور النصح والتوجيه غير المباشر: القصة، التعريض، تكليف من وقع منه الخطأ بكتابة موضوع مختصر عن حكم ذلك... وغيرها من الصور.
وهناك مع الأساليب التربوية داخل الحلقة برامج تربوية مساندة للدور التربوي الذي تقدمه الحلقة وهي كثيرة جداً، ولها أشكال وأنواع متعددة ( والباب فيها مفتوح على مصراعيه للإبداع والتجديد والابتكار وفق الضوابط الشرعية والتربوية )، وهذه مجموعة من البرامج التربوية المقترحة :
- البرامج التعبدية: ومنها تشجيع الطلاب على المحافظة على أداء الصلاة المفروضة في المسجد مع الجماعة، والقيام ببعض نوافل العبادات ،وتربيتهم على ذلك بهدف تدريبهم على المحافظة عليها.
- البرامج الثقافية: ومن صورها: المسابقات القرآنية التي تطرح بين الطلاب سواء في الحفظ أو في علوم القرآن، وكذلك المسابقات والأسئلة الثقافية، وكذلك إلقاء كلمات موجزة ومتنوعة على بعضهم البعض تحت إشراف معلمهم أو مشرف النشاط عليهم، وأيضاً الكتابة في بعض الموضوعات المتعلقة بالقرآن وعلومه أو أبواب العلم أو الأخلاق والأدب ونحوه، وكذلك تكليفهم بتلخيص بعض الكتب النافعة، وكذلك اصطحاب نخبة من الطلاب الجادين لحضور المحاضرات العامة والدروس لتعويدهم على جو طلب العلم، واحترام العلماء.
- البرامج الاجتماعية: وهي من أهم البرامج التي يمكن أن تقوم بها الحلقة من أجل نزع الرتابة والملل من نفوس الطلاب والترويح عنهم وإدخال السرور على نفوسهم، وتوثيق أواصر الأخوة بين بعضهم البعض ومع معلمهم.
فمن البرامج الاجتماعية المعروفة القيام برحلة (نصف يوم) بين فينة وأخرى يكون فيها بعض الفوائد والبرامج التربوية النافعة، وكذلك زيارة الأماكن التاريخية والجغرافية المختلفة، وأيضاً زيارة بعض الحلقات المميزة بالتنسيق مع الجهة المشرفة عليها والتعرف على طلابها، كذلك الزيارة الميدانية لأحد العلماء وتكون خاصة بالمتميزين في دروسهم وحلقاتهم.
ولن نطيل في تعديد البرامج التربوية؛ لأن ذلك راجع بالدور الأول إلى طبيعة الحلقة وطبيعة الطلاب ، والحرص على التجديد المواكب لتطور العصر السريع في تقديم مثل هذه البرامج التربوية .
ولطرح بعض الأسس العامة لموضوع البرامج التربوية يتحدث الأستاذ مصطفى بن خليل ( المدرس بجمعية تحفيظ القرآن الكريم بالطائف ) عن أهمية البرامج التربوية، فيقول : البرامج التربوية المتنوعة والمناسبة لمجتمع الحلقات القرآنية لها مردود إيجابي على نفوس الطلاب ، يتمثل في إقبالهم على الحلقات والاهتمام بالحفظ والمراجعة والانضباط داخل الحلقة وخارجها ؛ لأن البرامج والأنشطة التربوية تعالج قضية الرتابة والملل الذي قد يتسرب إلى نفوس الطلاب ، وتدخل السرور على نفوسهم ، وتحقق التوازن بين متطلبات الحلقة ومتطلبات النفس وحقوقها .
ويضيف الأستاذ مصطفى : إننا يمكن أن نلخص أهم أهداف البرامج التربوية في أنها تسهم في تبصير المستفيدين من البرامج بمفاهيم الدين وتعاليمه ، وتساعد على التعاون مع أولياء أمور الطلاب في استصلاح المنزل وتكوين بيئة إسلامية ، كما أنها تعطي الحلقة مكانة جيدة في مجتمعها ، وأيضاً تروح عن الطلاب وتدخل السرور عليهم وتساعد في تجديد نشاطهم ، وهي تعمل على إكساب الطالب بعض المهارات العلمية والاجتماعية والثقافية .
ويضع الأستاذ مصطفى ضوابط للأنشطة والبرامج التربوية، فيقول : ينبغي أن تكون البرامج مباحة من الناحية الشرعية ، وأن تكون مناسبة لقدرات واستعدادات الدارسين ، ويجب أن تسهم في تنمية الجوانب الروحية والعقلية والاجتماعية والعاطفية والثقافية لدى الدارسين ، ويحسن لأن توظف هذه البرامج لخدمة كتاب الله ، وأن تكون هذه البرامج شاملة للأنشطة التعبدية والثقافية والعلمية والاجتماعية والرياضية .
محمد رافع 52 11-11-2011, 12:03 AM خاتمة .. الدور التربوي يفيض:
لا يعني مما سبق أن يقتصر الدور التربوي فقط داخل الحلقة وفي نطاقها زمنياً ومكانياً، بل الذي تمليه الأهداف والوسائل التربوية هو تهيئة الجو ليفيض الدور التربوي للحلقات إلى خارجها، ويحمله طلابها.
فأهالي الطلاب، وجماعة المسجد، يترقبون هذا العطاء الذي ستقدمه لهم هذه الحلقات القرآنية، ويستعجلون الثمرة التي يريدون أن يروها بأعينهم في ذويهم.
فهناك أنشطة يحسن أن يقوم بها طلاب الحلقة خدمة لأهالي الطلاب، ويكون دور المعلم توجيه الطالب وإفادته حول هذا العمل ليتقنه ويقوم به على بصيرة، فمن ذلك:
1- تلقين سورة الفاتحة وبعض سور القرآن لمن لا يجيد ذلك.
2- تعليم الكيفية الشرعية للوضوء والغسل والصلاة لمن يجهلها.
3- دعوة أفراد الأسرة لحضور بعض أنشطة الحلقة التي تقيمها كالدروس والمحاضرات العامة، وحفلات التكريم.
4- توجيه الطالب ليكون قدوة حسنة لإخوانه وذويه في بر الوالدين وصلة الرحم والالتزام بالسلوك الإسلامي الحميد في سائر تصرفاته.
إنها إشارات وتدريبات تمهد لدوره التربوي القادم -بإذن الله- في المجتمع .
المصدر : موقع المسلم
محمد رافع 52 11-11-2011, 08:11 AM الآثار التربوية للزكاة
يقول تعالى " خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها "
· فالزكاة تطهر النفس وتزكيها ويغفر بها الذنب , ويخلف للمتصدق بخير
· وكما يقول القرطبي " الزكاة دليل على صحة إيمان صاحبها وصدق باطنه مع ظاهره "
· الزكاة تطهير من الشح
· الزكاة تدريب على الإنفاق والبذل
· الزكاة تجعل الفرد متخلقا بالأخلاق الإسلامية كالكرم والصدق والشجاعة
· الزكاة شكر على نعم الله
· الزكاة علاج للقلب من حب الدنيا
· الزكاة مجلبة للمحبة
· الزكاة تطهير للمال
· الزكاة نماء للمال "اللهم أعط منفقا خلفا "
· الزكاة تحرير لآخذها من ذل الحاجة
· الزكاة تطهير للمجتمع من الحسد والبغضاء فلا يحسد الفقير الغني على ما لديه من مال لأنه سينال من هذا المال بالزكاة والصدقة, فلكثرة مال الغني انعكاسا على الفقراء من حوله
الآثار التربوية للصيام
· شرع الله الصوم لأجل التقوى " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون "
· والتقوى الحاصلة من الصيام هي التي تحرس القلوب من إفساد الصوم بالمعصية
· الصوم ينمي المراقبة والخوف من الله سبحانه وتعالى وخصوصا في الخلوات فالصائم بإمكانه أن يأكل ويشرب دون أن يراه أحد ولكن لا يمنعه إلا الخوف من الله وعلمه باطلاعه عليه
· الصوم يغرس الإخلاص في النفس فلا يريد بعمله إلا وجه الله سبحانه
· الصوم جنة أي يعين الصائم على ترك الصخب والشتم والمشاجرة حرصا منه على قبول صومه
· الصوم يقوي في المسلم الإرادة ويجعله صلبا قويا في مواجهة مشاكل الحياة وصعوباتها
· الصوم يملأ النفس باليقين والرضا فيثق بوعد الله سبحانه ونصره لأوليائه
· الصوم مدرسة أخلاقية إلى جانب فوائده الصحية المختلفة , لكن الانضباط النفسي والأخلاقي هو الدرس الأول والمهم في هذه المدرسة المقدسة
· الصوم يعلم المسلم الصبر وتحمل الجوع والعطش وضبط النفس طمعا فيما أعده الله للصائمين
· الصوم صورة واضحة لوحدة الأمة فالكل يمسك عن الطعام والشراب في وقت واحد والكل يفطر في وقت واحد " كمثل الجسد الواحد "
· الصوم يؤكد أهمية الوقت في حياة المسلم فلو أكل أو شرب بعد الفجر بدقيقة لبطل صومه وكذلك لو استعجل وأفطر قبل الغروب بدقيقة لبطل صومه , فالوقت والزمن له أهميته البالغة في الصوم
محمد رافع 52 11-11-2011, 08:17 AM الآثار التربوية للصلاة
http://i3.makcdn.com/wp-content/blogs.dir/128980/files//2009/06/d8a7d984d8aad988d8add98ad8af-d981d98a-d8a7d984d8add8ac.jpg (http://i3.makcdn.com/wp-content/blogs.dir/128980/files//2009/06/d8a7d984d8aad988d8add98ad8af-d981d98a-d8a7d984d8add8ac.jpg)
· لابد من الطهارة قبل الصلاة ولهذا شرع الوضوء ففيه طهارة للجسم والنفس كما أن فيه طهارة من الذنوب التي اكتسبتها الجوارح , مما يحدث ارتياحا نفسيا لدى المسلم بعد الوضوء , وقد وضع الله أوقات الصلاة موزعة على ساعات اليوم حسب نشاط الإنسان فيبدأ يومه بالصلاة ( الفجر ) ثم يذهب إلى عمله وبعد منتصف النهار يدخل وقت الصلاة ( الظهر ) ليجدد المؤمن علاقته واتصاله بربه ويستريح من عناء العمل , ثم يعود للعمل في زمن يقارب نصف الزمن السابق فتحين بعده وقت الصلاة ( العصر ) فيعود المؤمن للصلة بربه وتستريح نفسه وترتخي أعصابه وعضلاته ,….وهكذا يبدأ يوم المؤمن ويختم بالصلاة .
· وقد كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا حزبه أمر صلى , وفي هذا دليل على أن الصلاة سبيل للارتياح النفسي والسعادة القلبية لقوله تعالى " واستعينوا بالصبر والصلاة …"فالصلاة تعين على تحمل المصائب وتطمئن القلب وفيها تقوية للقلب والبدن لقول الله تعالى " واستعينوا بالصبر والصلاة " وخاصة صلاة الليل فأهل الصلاة الخاشعة أبعد الناس عن الأمراض النفسية والاكتئاب .
· والصلاة تعين على التعبير بأمانة عما يشغل النفس ويثقل عليها , فإذا أردنا حلا لمشكلاتنا فليكن أول ما نفزع إليه الصلاة وليست أي صلاة بل الصلاة الخاشعة
· والصلاة تشعر الإنسان بالراحة لعلمه أن هناك من يسمع شكواه ويقدر على حلها وبيده الأمر والقلوب بين إصبعين من أصابعه يقلبها كيف شاء " إنما أشكو بثي وحزني إلى الله "
· والصلاة تحفز على العمل والإقدام وحسن استغلال الوقت , فأحرص الناس على تكبيرة الإحرام هم أنجح الناس في حياتهم العملية وذلك لدقتهم في مواعيدهم وتقديرهم لقيمة الوقت , ولا أدل على هذا من حال العلماء فإن المرء ليندهش متى تعلموا كل هذه العلوم ؟ ومتى كتبوا ما كتبوا ؟ والإجابة إنها الصلاة والحفاظ على الوقت فالصلاة تنمي الشعور بقيمة الوقت وتعين على تنظيمه ومن ثم حسن استغلاله
محمد رافع 52 11-11-2011, 08:20 AM الآثار التربوية للحج
· في الحج والعمرة يتخلى الإنسان عن مظاهر وزخارف الحياة الدنيا , فالجميع بلباس واحد وعلى صعيد واحد فيكون التواضع والمودة والرحمة بين المسلمين بعضهم البعض
· الحج يكفر الذنوب " من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه " مما يجعل المؤمن بعد الحج طيب النفس سعيدا مقبلا على الحياة بتفاؤل وإيجابية يشعر بالسعادة لكونه عمل عملا تغفر به الذنوب السابقة
· الحج فيه دعوة للوحدة بين المسلمين وتوحيد الصفوف وجمع الكلمة فالكل يلبي والكل يسعى والكل يقف بعرفة في وقت واحد
· الحج ينمي في المسلم الشعور بأهمية الوقت وعدم إهداره فيما لا يفيد , فلو تكاسل الحاج عن الوقوف بعرفة وقال أقف غدا لقلنا له لا حج لك وقد أخر الوقوف بعرفة يوما واحدا فما بالنا بمن يؤجل ـ لا نقول عمل اليوم إلى الغد ـ بل عمل اليوم إلى الشهر والشهرين أو السنة عافانا الله وإياكم من الغفلة , يقول الشيخ بن حميد ـ حفظه الله ـ "من علامة المقت ضياع الوقت "
· الحج يربي المسلم على الصبر وتحمل مشاق العبادة وأذى الآخرين
· وفي رمي الجمرات كما يقول الشيخ الهبدان ـ حفظه الله ـ تذكير للأمة بأهمية الرمي ففي الحديث " ألا إن القوة الرمي " فالكل يرمي رجالا ونساء , صغارا وكبارا و وفي هذا دلالة على أهمية تعلم الرمي ولا غنى للأمة عن تعلم الرمي مهما تطورت الأسلحة , فلا قيمة لسلاح مطور ومزود بأحدث التقنيات مع
جندي لا يحسن الرمي وإصابة الهدف
· والحج تربية جهادية للرجال والنساء وإعدادا للأمة لتتحمل الحياة الصعبة حال الحروب والابتلاءات , نبيت في مخيمات بلا أسرة أو فراش وثير ويعاني الفرد ليصل إلى دورات المياه ـ أكرمكم الله ـ أيما معاناة من شدة الزحام , ويكفينا القليل من الطعام
· الحج يعلم الإنسان البذل والكرم من خلال ما يدفعه من تكاليف للحج فهو عبادة بدنية مالية
· الحج فيه تربية على ضبط النفس وشهواتها وغرائزها والدوافع للمعصية وحسن الخلق والبعد عن الصخب والشتم وغيره من مساوئ الأخلاق حرصا على قبول الحج " من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه "
· الحج يغرس في نفس المسلم تعظيم شعائر الله من أماكن مقدسة وأيام مباركة " ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم "
محمد رافع 52 11-11-2011, 08:26 AM تأملات تربوية في قصة موسى والرجل الصالح
د: عثمان قدري مكانسي
القصة هذه من بدايتها إلى نهايتها نبع ثرٌّ من المعاني التربوية القرآنية الرائعة . في كل كلمة منحى بديع ولفتة راقية . فهلم إليها من بدايتها :
- " وإذ قال موسى لفتاه : لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو امضي حقباً " إن لموسى عليه السلام هدفاً محدداً يسعى لتحقيقه ..
ا- يريد أن يلقى معلماً يتعلم منه صلاح أمره في دنياه وآخرته .
ب- في مكان محدد يلتقيان فيه .
ج- في وقت ينتظره المعلم فيه .
- وعلى التلميذ أن يسعى إلى العلم لا أن يسعى المعلم إليه فهذا أكرم للعلم والمعلم والمتعلم فالعلم إن جاء سهل المتناول زهد المتعلم فيه . وأعظم للمعلم في عين المتعلم أن يسعى الأخير إلى الأول ليعرف قدره وقدر ما يحمله ، فيتعلق بهما .
- ونرى الإصرار العجيب على لقاء المعلم والنهل من علمه في قوله : " لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقباً " فهو مصمم على بذل الجهد ليصل إلى مبتغاه – لقاء الأستاذ في المكان المنشود - ولو امضى عمره يبحث عنه " أو امضي حقباً " والحقبة أربعون سنة كما قال العلماء ، فما بالك بذكر الجمع " حقباً " ؟! .إنه دليل على الهمة العالية والسعي الحثيث إلى العلم والعلماء . وما يزال العلم بخير مادام طالبوه يطلبونه في مجالسه ويوقرون حامليه . ألم يرد في الأثر :" نعم الأمراء على أبواب العلماء ، وبئس العلماء على أبواب الأمراء " ؟ ... وهذا نبي كريم موسى عليه السلام على جلال قدره وعلوّ مكانته يسعى إلى الرجل الصالح حين علم أن لديه علماً يُستفاد لم يحزْه موسى " وفوق كل ذي علم عليم " .
- مصاحبة الكبيرِ الصغيرَ فائدة لكليهما فالأول يشرف على تربيته ، ويعلمه الحياة ، ويصوب أخطاءه ، ويسدد خطاه . والثاني يخدمه ، ويعينه على قضاء حوائجه . وقد أفلح موسى في تربية الفتى " يوشع بن نون " عليه السلام إذ بعثه الله تعالى نبياً، فقاد مسيرة المؤمنين وحمل لواء الدعوة بعد أستاذه ، وفتح الله على يديه القدس الشريف .
- " فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما ، فاتخذ سبيله في البحر سرباً " وكلمة " مجمع بينهما " حار فيه كثير من المفسرين فمنهم من جعله الأرض الشاسعة بين بحر قزوين وخليج فارس !، ومنهم من قال : إنه بين خليج الإسكندرون وبحر إيجة ! ومنهم من ذكر أنها الأرض بين بحر غزة وخليج العقبة ! وقد ظنوا بكلمة " البحرين " المياه المالحة ، فتاهوا في أقوالهم ... إنه ليس من الممكن أن يلتقي أحد بمن يريد على مساحات ضخمة شاسعة تبلغ آلاف الكيلومترات تضيع فيها الجيوش والأمم !! وهل من المعقول أن يُضْرَبَ موعدٌ لرجلين في صحراء سيناء الواسعة الشاسعة ، أو أن يشد موسى الرحال إلى إيران ، أو أسيا الوسطى وهو في فلسطين ؟! وقد غاب عن كثير منهم أن البحر يطلق على الماء المالح والماء الحلو في قوله تعالى : " وهو الذي مرج البحرين ، هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج " والنهر يصب في البحر ، فهو مجمعهما . أي : في قطعة من الأرض لا تتجاوز عشرات الأمتار، قريبة من مقام موسى عليه السلام يقطعها إن جدّ السيرَ بساعات قليلة أو ببعض يوم . وسياق الحديث يدل على ذلك . وهل يجوز لموسى أن يدع قومه اليهود أياماً وشهوراً وهم على ما هم عليه من ضعف الإيمان وشوائب العقيدة ، ويلتقي رجلاً مدة ليست باليسيرة ، قد تطول أياماً وشهوراً أيضاً فيعود ليجدهم قد تاهوا في الضلالة وهو العالم بشؤونهم الحريص على هدايتهم ؟!
- الإنسان ضعيف على الرغم من جلده في كثير من أموره ، ولو كان من أولي العزم . وأول دليل على ذلك أنّ موسى أصر على لقاء الرجل ولو طوى الأرض في سبيل هذا الهدف . لكنه إذ شعر بالجوع بعد السير الطويل واجتياز مكان اللقاء دون أن ينتبها إليه قال لفتاه " آتنا غداءنا ، لقد لقينا من سفرنا هذا نصباً " وكان غداؤُه السمكة المشوية التي تحركت بعد أن عادت إليها الروح بإذن الله تعالى حين استلقى نائماً على الصخرة التي كان من المفروض أن يلتقي صاحبه عليها وغابت في شقوقها عائدة إلى الماء بقدرة خالقها وبارئها الذي يعيد الخلق كما بدأه وقتما يشاء . والدليل الثاني أن النسيان ضعف يضيّع على الإنسان كثيراً مما خطط ودبّر . فقد نام موسى على الصخرة حين سرب الحوت إلى الماء ولم يكن الفتى نائماً فرأى بأم عينه الأمر الغريب ، ولم يشأ أن يوقظ نبيه الكريم احتراماً وتقديراً ولسوف يخبره حين يستيقظ .
- ولا بد أن نشير هنا إلى الأدب الذي ربّيَ عليه الصغير في التعامل مع الكبير، وإلى آفة النسيان التي ابتلي بها الإنسان للدلالة على ضعفه . فلما استيقظ موسى عليه السلام وسارا بحثاً عن الرجل الصالح نسي الفتى قصة السمكة على غرابتها وعجيب أمرها .
- ومن الأدب أيضاً مع الله تعالى أنْ نسَب الفتى نسيانه أمر السمكة إلى الشيطان ، واعتبر هذا النسيان عيباً. والعيب كله في الشيطان عدو الإنسان . مع أن الله تعالى كان أخبر نبيه موسى أنه سيلقى الرجل الصالح في المكان الذي يفقد فيه الحوت . فهو أمر مخطَّط له كي يحدد المكان فلا يخطئه .
- والحقيقة أن موسى وفتاه نسيا المكان وسارا لأنهما لم يقولا " إن شاء الله " فيما عزما عليه ، فموسى أخبر فتاه عن عزمه على بلوغ مجمع البحرين دون أن يربط ذلك بمشيئة الله تعالى ، وكذلك فعل فتاه فدمجهما الله تعالى بذكرهما في النسيان " .... نسيا حوتهما ..." وكان النبي صلى الله عليه وسلم قال لمن سأله عن الروح والفتية – أصحاب الكهف – وذي القرنين إنه سيعطيهم الجواب غداً دون أن يربط ذلك بمشيئة الله فتأخر الجواب خمسة عشر يوماً ثم نزل عليه قوله تعالى : " ولا تقولنّ لشيء : إني فاعل ذلك غداً إلا أن يشاء الله " وأمره أن يذكر الله تعالى ، فقال : " واذكر ربك إذا نسيت ، وقل عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشداً " .
- ومن الأدب التربوي في هذه القصة كذلك أن موسى حين علم بخطئه وخطأِ فتاه لم يشغل نفسه بلوم نفسه أو لوم صاحبه فهناك أمر مهم جداً عليهما تداركه قبل فواته . إنه لقاء الرجل المعلم . فماذا فعلا ؟ إنهما
أ – عادا سريعاً لم يضيعا الوقت ، والدليل على ذلك قوله تعالى : " فارتدا ..." وهذه الكلمة مع الفاء – حرف العطف والترتيب والتعقيب - تدلان على سرعة الحركة والعزم على الوصول بقوة إلى الهدف .
ب- عادا من حيث جاءا ، يستهديان بآثار الخطوات التي مشياها كي لا ينحرفا عن الصخرة " ... على أثارهما قصصاً ..." .
جـ - فكان عاقبة سرعتهما وجَدِّهما أن وصلا إلى الهدف فوراً " فوجدا عبداً من عبادنا ..." .
محمد رافع 52 11-11-2011, 08:29 AM - بعض صفات المعلم الرباني :
أ- هو عبد من عباد الله تعالى ، والعبودية لله أعلى مراتب الإنسانية ، لأن صلة العبد بربه تسمو به، وتفتح له مغاليق الأمور . وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا الرجل الصالح هو الخضر ، فقد روى الترمذي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إنما سمي الخضر لأنه جلس على فروة بيضاء فإذا هي تهتز تحته خضراء " هذا حديث صحيح غريب ، والفروة هنا وجه الأرض . ... قيل : إنه عبد صالح غير نبي ، والآية تشهد بنبوته لأن بواطن أفعاله لا تكون إلا بوحي . والإنسان يتعلم عادة ممن فوقه ، ولا يتعلم نبي إلا من نبي ، ولا يجوز أن يكون فوق النبي من ليس بنبي . وقيل غير ذلك ، ولا يهمنا هذا الأمر بشيء ، وذكرناه للعلم به فقط .
ب- " آتيناه رحمة من عندنا " قيل هي النبوة . وقيل النعمة أيضاً . فهو رحيم . والمعلم الرحيم بتلاميذه يعمل على تعليمهم برفق ، ويتقرب إليهم ، ويتحبب إليهم ليأنسوا إليه فيحبوه ويأخذوا عنه علمه .
جـ- كان علم موسى بظواهر الأحكام ، وعلم الخضر معرفة بواطنها . كما أن العلم اللدني من الله مباشرة ، ليس لأحد من البشر فضل تعليمه .
محمد رافع 52 11-11-2011, 08:37 AM - من أدب التعلم :
أ- التلطف في الطلب ، فلم يفرض موسى عليه السلام نفسه على الخضر عليه السلام على الرغم أن الله تعالى أخبر الخضر بلقائه ليتعلم منه . إنما تلطف في عرضه بصيغة الاستفهام التي تترك مجالاً للمسؤول أن يتنصل إن أراد .
ب- جعل نفسه تابعاً حين سأله " هل أتبعك .." فالتلميذ تابعٌ أستاذه مسلمٌ إليه قياده ، وهذا أدعى إلى التناغم بينهما .
ت- العلم يرفع صاحبه . وهذا ما أقرّ به موسى للخضر حين عرض عليه أن يتابعه شرط أن يعلمه " على أن تعلمن .. " وهذه التبعية ترفع المتعلم . أما التبعية من ذل أو لعاعة من دنيا يصيبها فسقوط للمتبوع ، وكبر للتابع .
ث- الواقعية في الطلب : فهو لم يطلب منه أن يعلمه كل شيء ، إنما طلب أن يعلمه شيئا مما علمه الله تعالى : " ... مما عُلّمْتَ .. " وهذا تواضع في الطلب فهو عليه السلام لم يكلف أستاذه شططاً ... لقد طلب العلم المفيد الذي تسمح به نفس معلمه .
ج- طلب النفيس من العلم : فالله تعالى علم الخضر علماً لدنياً نفيساً يريد موسى بعضه ، ولم يطلب العلم الدنيوي ، وإن كان مفيداً إنما طلب الهدى والرشاد الذي يبلغه المقام الأعلى في الدنيا والآخرة ، وحدد نوع العلم فقال :" مما علمت رشداً " وضد الرشد الهوى والضلال ، وهذا ما لا نريده .
ح- قوله تعالى " مما عُلّمْت رشداً " تذكير للمعلم أن الله تعالى أنعم عليه بالرشاد والهدى والسداد . ومن شُكْرِ النعم أن يعلّم عبادالله بعضاً مما أكرمه الله به ، فتزداد حظوته عند خالقه ، ويزيده علماً. ومن دل على خير كان له مثل أجر فاعله .
- وقد يشترط المعلم على تلميذه أن لا يستعجل في السؤال عن أمر من الأمور إلى أن
يحين الوقت المناسب لشرحه " قال : فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكراً " . فقد لا يرغب بالتوضيح حتى يستكمل الأمر . وقد يرى المعلم اختبار
تلميذه في الصبر . وقد يكون المعلم نفسه قليل الكلام . وقد يكون ممن يعتمدون في التعليم على الملاحظة ... ولكل شيخ طريقته ، إن جاريته فيها تعلمت منه ، وإن خالفته فارقك وفارقته .
- لابد أن يخطئ الإنسان فقد خلق من عَجَل ، أي من النقصان فوجب أن يترك له فسحة يستدرك فيها خطأه فقد اتفق النبيان في صحبتهما على أن يرى موسى عليه السلام مايجري دون أن يتدخل مستنكراً أو معلقاً على ما يراه إلى أن يرى الأستاذ رأيه في توضيح بعض الأمور . لكن التلميذ لم يف بالوعد فقال في الأولى " لقد جئت شيئاً إمراً " وشدد النكير في الثانية حين قال : " لقد جئت شيئاً نكراً " وقال في الثالئة معترضاً ومقترحاً" لو شئت لاتخذت عليه أجراً " .
ونبهه أستاذه في الأولى " ألم أقل : إنك لن تستطيع عليه صبراً ؟ " وعاتبه في الثانية بزيادة " لك " في قوله : " ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبراً؟ " وأعلن في الثانية أن الفرصة الممنوحة انتهت فلا بد من الفراق لأنه استنفدها " هذا فراق بيني وبينك " . ولكنه لم يشأ أن يتركه يجهل أسباب الحوادث فأخبره بها " سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبراً "
- زيادة المبنى لزيادة المعنى : قبل أن يخبره بالأسباب اضاف للفعل تاء التعدية " تستطع " على وزن تفتعل وحين أخبره بها حذف التاء لأن المعنى انتهى " تسطع " على وزن تفعل . وسوف نجد هذا في قصة ذي القرنين " فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقباً " فعلوّ الجدار على صعوبته أسهل من نقبه فحذف التاء مع علو الجدارفي قوله " فما اسطاعوا " وأثبتها في صعوبة النقب " وما استطاعوا " .
- وانظر إلى أدب الأستاذ مع ربه فقد نسب عيب السفينة إلى نفسه " فأردت أن أعيبها " كما فعل إبراهيم عليه السلام ذلك في المرض وأسند الشفاء إلى الله تعالى تأدباً " وإذا مرضْتُ فهو يشفين " . وفي قتل الغلام نسب الخير في البدلية إلى الله تعالى " فأردنا أن يبدلهما ربهماخيراً منه زكاة وأقرب رحماً " ولما كان العمل في الثالثة كله بناء وخيراً نسي تفسه وأفرد الله تعالى بالخير " فأراد ربك أن يبلغا أشدّهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك " مع أن الأمر كله من الله تعالى ، وهو لم يفعل إلا ما أمره الله به " وما فعلته عن أمري " .
- قيل إن الخضر لما ذهب يفارق موسى قال له موسى : أوصني : قال : كن بسّاماً ولا تكن ضحّاكاً ، ودع اللجاجة ، ولا تمش في غير حاجة ، ولا تعِب على الخطّائين خطاياهم ، وابك على خطيئتك يابن عمران . وقيل : إن موسى لما أنكر خرق السفينة نودي : يا موسى أين كان تدبيرك هذا وأنت في التابوت مطروحاً في اليم ؟! فلما أنكر قتل الغلام قيل له : أين إنكارك هذا من وكزك القبطي وقضائك عليه ؟! فلما أنكر الجدار نودي : أين هذا من رفعك حجر البئر لبنات شعيب دون أجر ؟! .. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " رحمة الله علينا وعلى موسى ، لو لبث مع صاحبه لأبصر العجب ، لكنه قال : " إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذراً " .
- صلاح الآباء يُرى في الأبناء فقد حفظ الله تعالى الولدين بصلاح أبيهما " وكان أبوهما صالحاً " فأمر الخضر عليه السلام أن يرفعه إلى أن يكبرا فلا يأخذ الكنزَ أحدٌ وهما صغيران ، ويظل بعيداً عن أعين الآخرين حتى يشتد عودهما فيكون لهما . وحين علم الله أن الولد خلق مطبوعاً على الكفر، وانه سيسيء إلى والديه المؤمنَيْن ويجعل حياتهما جحيماً أماته ، وأبدلهما خيراً منه فتاة مؤمنة طيبة كانت زوجة لنبي كريم .
- ونرى التدرج في هذه القصة - وهو أسلوب تربوي راقٍ- في تعامل الخضر مع موسى ،فقد أبى موسى عليه السلام إلا أن يصاحب الخضر عليه السلام فكان التخلص من هذه الصحبة – إن جاز لنا هذا التعبير فصاحب الشريعة غير صاحب الحقيقة – على قول الصوفية – لا بد له من الوضوح والتعليل والتفكير المنطقي . والخضر يفعل اموراً غير مفهومة وغير معللة ، لا تعرف إلا بعد شرحها - ولا بد أن ينفرط عقد هذه الصحبة عاجلاً أم آجلاً ... فكانت اعتراضات موسى وتنبيه الخضر المتسلسلة في إيقاعاتها التي ذكرناها آنفاً تدرّجاً واضحاً في ذهاب كلٍّ منهما في سبيله الذي رسمه الله له في دورة الحياة المنتظمة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها .
- لماذا كان الملك وراءهم؟ " وكان وراءهم ملك " لقد كانت السفينة تحمل أصحابها ومعهم موسى والخضر إلى الميناء التالي .. كانوا متوجهين إلى " أمام " .. فقد كان الملك في الميناء الذي يقصدونه فهم متجهون إلى " الأمام " فلماذا قال القرآن الكريم " وكان وراءهم ملك ؟" .. أعتقد أن الجواب على شقين . أما الأول : فلأنهم متجهون إلى غيب لا يدرون ما ينتظرهم . وكل غيب وإن كان أمامهم فهو " وراء " إن كان لا يُرى ، وأما الثاني فلأن الملك ظالم متجبر مغتصب لحقوق العباد " يأخذ كل سفينة غصباً " والملك ينبغي أن يكون رحيماً برعيته عطوفاً عليها ، يريد بها الخير ويسعى لصلاحها ن فإن كان على عكس ذلك فلا يستحق أن يكون في " الأمام " ومكانه الحقيقي في الخلف ، ولذا كان " وراء وراء " .
محمد رافع 52 14-11-2011, 11:40 PM أهداف العبادة في الإسلام
يقول الدكتور محمد البهي (http://www.thanwya.com/wiki/%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%87% D9%8A) عميد كلية أصول الدين (http://www.thanwya.com/wiki/%D9%83%D9%84%D9%8A%D8%A9_%D8%A3%D8%B5%D9%88%D9%84_ %D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86) بجامعة الأزهر (http://www.thanwya.com/w/index.php?title=%D8%AC%D8%A7%D9%85%D8%B9%D8%A9_%D8 %A7%D9%84%D8%A3%D9%87%D8%B1&action=edit&redlink=1) سابقاً :«تستهدف العبادات من الصلاة (http://www.thanwya.com/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%84%D8%A7%D8%A9)، والزكاة (http://www.thanwya.com/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%B2%D9%83%D8%A7%D8%A9)، والحجّ (http://www.thanwya.com/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%AC)، والجهاد (http://www.thanwya.com/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%87%D8%A7%D8%AF) في سبيل الله تصفية النفس الإنسانية والحيلولة بينها وبين اتباع الشرك والوثنية، وكذلك بينها وبين مباشرة الجرائم الاجتماعية من الفواحش والمنكَرات التي هي الزنا (http://www.thanwya.com/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%B2%D9%86%D8%A7) وهتك العِرض، وسرقة الأموال، وقَتْل النفس التي حرَّم الله قتلَها إلا بالحق.
تستهدف هذه العبادات كذلك ـ بجانب الحيلولة دون هذا كله ـ الحَدَّ من أنانية الذات في السلوك والتصرُّفات، وتقوية الإحساس الجماعيّ بالآخرين في المجتمع. حتى يخرج العابد عن طريق عبادته من دائرة الذات في نشاطه وأثر هذا النشاط في الانتفاع بما في هذه الدنيا من مُتع مادِّيّة، إلي دائرة المجتمع أو الأمّة أو الآخرين. فما يُصيبه من أرزاق فهو له وللآخرين، وما يقع من مآسٍ فعليه كما على الآخرين».
محمد رافع 52 14-11-2011, 11:42 PM شروط العبادة في الإسلام
كل عمل يصدر من الإنسان المسلم ممكن أن يكون عبادة في حالة توافر بعض الشروط وهي:
أن يكون العمل خالصاً لله فمن العبادة مثلا أن يعيل العامل أسرته وينفع الناس لأجل أن ينال الأجر من الله تعالى.
أن يكون العمل ضمن حدود الشرع فلا يجوز للمسلم أن يعمل فيما حرم الله، فمثلاً لا يجوز للمسلم أن يسرق ليعطي الفقراء أو يغني أسرته، فينبغي ان يكون العمل على حسب ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله.
أن يكون عمله غير شاغل له عن القيام بما أوجب الله عليه فلا يجوز للمسلم أن يترك فرضاً واجباً عليه ليقوم بعمل آخر بنية العبادة.
فإذا تحققت هذة الشروط الثلاثة يعتبر العمل الصادر من الإنسان عبادة
محمد رافع 52 14-11-2011, 11:45 PM أهداف العبادة
العبادة تجلب للعبد الولاية :
ينبغي أن نعلم بأننا إذا أخلصنا العبادة لله سبحانه و تعالى نفوز بمحبته و نعيش في كنفه و حفظه و هذا ما جاء جليا في الحديث القدسي قال رب العزة : " من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب و ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه و ما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به و بصره الذي يبصر به و يده التي يبطش بها و رجله الذي يمشي عليها و لئن سألني لأعطينه و لئن استعاذني لأعيذنه " البخاري و مسلم .
* أخي القاريء أعتذر إليك عن الإطالة في هذه الرسالة و لكني وددت أن أسطر لك هذه الأهداف الجوهرية المجملة لنعبد الله عز وجل و نحن على يقين بأننا سنجني أغلى الثمار من العبادة .
فالعبادة يا أخي تحمي العقيدة و تقوي الجانب الروحي في الإنسان و تجعله ثابتا في معارك الحياة و تنمي عنده شعور المراقبة لله و هي وسيلة شكر و اعتراف بعميم فضل الله تعالي .
*و العبادة تجعل المسلم شخصية إنسانية متكاملة متوازنة عندما تحقق فيه الكمال البشري فهي تطهره ذاته و تقوي روح الإرادة فيه و تجعله يشعر بالعزة و الاستعلاء و التميز فتحمي الفرد و المجتمع من القلق و الأمراض النفسية .
*و لي هنا سؤال : كيف يقلق من يكون دائم الصلة بالله و يلتجيء إليه و يستمد العون منه سبحانه و تعالى ؟
*و العبادة طريق إلى التحلي بالفضيلة و التخلي عن الرذيلة و طريق إلى إصلاح النفس و تزكيتها و ترسيخ مباديء الإسلام في حياة المسلم و تعمل على إيجاد مجتمع متحاب غير متباغض .
*و العبادة تعمل على صيانة قيم الحياة و المساواة و التعاون و التوحيد و تعمل على احترام النظام و احترام الوقت فالوقت هو الحياة .
كما أن للعبادات آثارا طيبة على جسم الإنسان و صحته ففي الغسل و الوضوء و الصوم و الركوع و السجود الشيء الكثير .
و لأهداف العبادة تفصيل لا أتطرق إليه .
*و أخشى عليك أخي القاريء من الملل و السأم فهذا قليل من كثير و أسأل الله أن أكون قد وفقت ، و أسأل الله أن نكون جميعا من الذين يعلمون فيتعلمون و يعملون فيخلصون فلقد ذم الله أقواما فقال في حقهم " يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون " الصف 2،3.
وقال في حق آخرين " أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم و أنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون " البقرة44.
و الله تعالى من وراء القصد
محمد رافع 52 15-11-2011, 12:01 AM ما هي العبادة ؟
ولماذا أمرنا الله بالعبادة مع أنه غني عنا لا تنفعه الطاعة ولا تضره المعصية؟
والجواب على السؤال الأول ، ما العبادة ؟
العبادة : أصل معناها الذل ، يقال : طريق معبد أي طريق مذلل قد وطأته الأقدام هذا هو تعريف العبادة .
لكنَّ العبادة التي أمرنا بها تتضمن معني الذل ومعني الحب ، قال شيخ الإسلام بن تيميه رحمه الله : فمن خضع لإنسان مع بغضه له فليس عابدا له ، ومن أحب شيئا دون أن ينقاد له فليس عابدا له ، فالعبادة التي أمرنا بها تتضمن معني الذل ومعني الحب .
فبعض الناس يقول نحن نعبد الله بالحب دون أن يمتثل الأمر ودون أن يجتنب النهي ودون أن يقف مع حدود الله تبارك وتعالي .
نقول : أنت كاذب في دعواك ، ليست هذه عبادة على مراد الله سبحانه ولا على مراد رسول الله صلي الله عليه وسلم ، بل العبادة التي أمرت بها هي كمال الذل لله ، كمال الانقياد ، والخضوع والتسليم والخشوع والرهبة والجلال ، مع كمال الحب .
عرفها شيخ الإسلام رحمه الله بتعريف شامل جامع فقال :
العبادة: هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة.
إذن العبادة بشرطين :
الأول أن تصح النية ، والثاني أن يكون عملك هذا موافقاً لسنته سيد البشرية صلي الله عليه وسلم .
ما رواه مسلم من حديث أبي ذر رضي الله عنه قال : جاء أناس إلي النبي صلي الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله ! ذهب أهل الدثور بالأجور ، ذهب أهل الدثور بالأجور أي ذهب أصحاب الأموال بالأجر كله لماذا ؟ قالوا يصلون كما نصلي أمرتنا بالصلاة فصلوا معنا ويصومون كما نصوم أمرتنا بالصيام فصام أهل المال معنا فأخذوا الأجر كله ذهب أهل الدثور بالأجور فقال يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ويتصدقون بفضول أموالهم أي بما زاد من أموالهم فقال النبي صلي الله عليه وسلم : (أو ليس الله جعل لكم ما تصدقون به ؟ إن بكل تسبيحة صدقة ، وكل تهليلة صدقة ، وكل تكبيرة صدقة ، وكل تحميدة صدقة ، وأمر بالمعروف صدقة ، ونهي عن منكر صدقة ، وفي بضع أحدكم صدقة )
والبضع لغة : هو الفرج أو الجماع يعني يصح المعنيان في لفظ البضع .
قال " (وفي بضع أحدكم صدقة ) قالوا : يا رسول الله ! أيأتي أحدنا شهوته فيكون له فيها أجر ؟! قال : ( أرأيتم لو وضعها في الحرام أيكون عليه وزر؟) قالوا: بلي . قال : (وكذلك لو وضعه في الحلال فله بها أجر ) .
مقتضى العبادة : أن يسلم العبد عقله وقلبه وجوارحه كاملة لله سبحانه الذي خلقه لعبادته ﴿قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي﴾ الأنعام:162) يعني ذبحي ﴿قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾162﴿ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾[الأنعام:162- 163]
محمد رافع 52 15-11-2011, 12:04 AM ومقتضى العبادة : أن يسير العبد ليصل إلي الله تبارك وتعالي خلف رسول الله صلي الله عليه وسلم ،
نعم قد تصل إلي توحيد الربوبية بالعقل لكن الغاية ليست توحيد الربوبية ، ولكن الغاية هي توحيد الألوهية أن تفرد الله بالعبادة.
- صورة من صور العبادة لغير الله جل وعلا ، روى الإمام الترمذى والإمام البيهقي في سننه بسند حسنه شيخنا الألباني رحمه الله تعالي أن عدي بن حاتم رضي الله عنه لما أسلم وكان نصرانيا لما أسلم دخل على النبي عليه الصلاة والسلام فقرأ النبي قول الله تعالي ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾[التوبة: من الآية31] فقال عدي : لم يعبدوهم يا رسول الله لم يعبدوهم أي لم يعبدوا الأحبار والرهبان . فبين النبي لعدي معني العبادة فقال له صلي الله عليه وسلم : ( ألم يحرموا عليهم ما أحل الله ويحلوا لهم ما حرم الله فأطاعوهم قال بلي قال فتلك عبادتهم إياهم ) هذا تفسير النبي عليه الصلاة والسلام للآية (ألم يحرموا عليهم ما أحل الله ويحلوا لهم ما حرم الله فأطاعوهم ) وفي لفظ (فاتبعوهم ) قال بلي فعلوا ذلك . قال : (فتلك ) هذا القائل سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : (فتلك عبادتهم إياهم فتلك عبادتهم إياهم ) .
- ومن الناس من صرف صورا كثيرة من صور العبادة لغير الله فذبح لغير الله نذر لغير الله حلف بغير الله استعان بغير الله استغاث بغير الله طاف بغير بيت الله والله سبحانه وتعالي يقول ﴿ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ ﴾[آل عمران: من الآية154] .
- ومن الناس من فهم العبادة فهما مبتورا ناقصا جزئيا فالعبادة عنده لا تتعدى أداء الشعائر التعبدية كالصلاة والصيام والزكاة والعمرة والحج هذه العبادة ، فلا حرج بعد ذلك أن ينقل الربا أو أن يعاطن الزنا أو أن يشرب الخمر أو أن يترك بناته متبرجات عاريات أو أن يسب والديه.
هذا خلل ، هذا فهم مبتور منقوص لحقيقة العبادة
والسؤال الخطير ، عرفنا العبادة ، أتريد أن تقول بأن القضية كلها تتلخص في هذه المسألة ؟ نعم تتلخص في العبادة نعم ، الله ما خلق الكون إلا من أجل هذه العبادة نعم ، لماذا ؟
محمد رافع 52 15-11-2011, 12:06 AM لماذا أمر الله الخلق جميعا بعبادته ؟
أقول ابتداء بين يدي الجواب على هذه المسألة : لو تخلي الخلق جميعا في الكون كله ، خلي بالكم من هذا التأصيل ، لو تخلي الخلق جميعا في الكون كله أو في الأرض عن عبادة الله سبحانه ، فالله جل وعلا غني عن كل خلقه لا تنفعه الطاعة ولا تضره المعصية ، بل لا يزيد ملكه توحيد الموحدين ولا حمد الحامدين ولا شكر الشاكرين ، ولا ينقص ملكه كفر الكافرين ولا عصيان العاصين ولا إذناب المذنبين ، أبدا قال الله جل وعلا ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ﴾[فاطر: من الآية15] نداء عام ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ ﴾[فاطر:15] .
والفقر نوعان ، كما قال بن القيم في كتابه الماتع طريق الهجرتين :
فقر اضطراري وفقر اختياري .
الفقر الاضطراري : هو فقر كل الخلق في الأرض فقر أكثر الكافرين بالله هذا مضطر إلي الله جل وعلا هو فقير اضطرارا إلي الله فقير إلي الشمس إلي النور إلي الهواء إلي الماء إلي الأرض إلي آيات الله وهي خلق الله تبارك وتعالي فقير اضطرارا إلي الله جل جلاله ﴿ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً ﴾[آل عمران: من الآية83] ولما خلق الله السماوات والأرض ﴿ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ﴾[فصلت : من الآية11].
الفقر الاختياري هو فقر العبودية والذل والانكسار لله تبارك وتعالي وكلما ازددت فقرا من هذا النوع الثاني ازددت عند الله غنى كلما ازددت فقرا اختياريا لله ازددت عند الله غنى فكلما ازدادت عبوديتك لله ازددت عزا عند الله كلما ازداد فقرك لله زادك الله غنى وزادك الله رفعه وزادك الله علوا ومكانة وشأنا عنده في الدنيا والآخرة ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾15﴿إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ﴾16﴿ وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ ﴾[فاطر:15- 17 ]
إذن لماذا امرنا الله بعبادته والجواب :
أولا: لأن العبادة حق الله على عباده روى البخاري ومسلم من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه قال كنت رديف النبي صلي الله عليه وسلم يوما على حمار فقال النبي لمعاذ ( يا معاذ قلت لبيك يا رسول الله وسعديك قال أتدري ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله قال معاذ الله ورسوله اعلم فقال صلي الله عليه وسلم حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا وحق العباد على الله ألا يعذب من لا يشرك به شيئا قال معاذ قلت أفلا أبشر الناس يا رسول الله قال لا ، لا تبشرهم فيتكلوا)
فأخبر بها معاذ بن جبل عند موته تأثما أي خشية من وقوعه في إثم لكتمان العلم عن رسول الله صلي الله عليه وسلم .
ثانيا: من أرق وأجل صور الرحمة من الحق بالخلق أن أمرهم بعبادته .
نحن نقول بأن الله رحيم ، من أسماءه الرحيم والرحمن ، ومن صفاته الرحمة ونؤمن بأن رحمته سبقت غضبه ،
لأن العبادة غذاء لأرواحنا وحياة لقلوبنا وسبب لتفريج كروبنا ، لأنها تقربنا من ربنا تبارك وتعالى .
ثم بعد ذلك نعبد الله لذاته لأنه يستحق أن يعبد وطلبا لجنته وخوفا من ناره .
نعبد الله لأن العبادة غذاء للأرواح : أنت بدن وروح ، الإنسان مخلوق بدن وروح ، جسد وروح .
ومن هنا يقول ربنا ﴿وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيل﴾ [الإسراء:85] .
aashraf-hussen 18-01-2012, 06:11 PM مشكور علي هذا الموضوع
محمد رافع 52 19-01-2012, 12:31 AM مشكور علي هذا الموضوع
جزاكم الله خيرا اخى الكريم
abdoelged12 18-05-2012, 04:53 AM جزاكم الله خيرا
محمد رافع 52 18-05-2012, 08:36 AM جزاكم الله خيرا
بارك الله فيكم
Mohamed..Gamal 25-07-2012, 08:03 PM بارك الله فيكم
علي هذا الطرح الرائع
محمد رافع 52 26-07-2012, 12:12 AM بارك الله فيكم
علي هذا الطرح الرائع
بارك الله فيك ورضى عنك
نسيــــــم الجنـــــــــة 31-07-2012, 03:25 PM جزاكم الله خيرا
طرح اكثر من راااائع
محمد رافع 52 31-07-2012, 05:07 PM جزاكم الله خيرا
طرح اكثر من راااائع
بارك الله فيك وفى والديك
محمد رافع 52 01-08-2012, 02:45 PM من المقاصد التربوية للصيام
عبد العزيز كحيل
رمضان مدرسة تربوية إيمانية فذه لتخريج الربانيين والربانيات إذا صام المسلمون أيامه وقاموا لياليه وتخلقوا بالأخلاق المناسبة له وفقا للأحكام والضوابط الشرعية ، بعيدا عن الرتابة التي تبلّد الحس وتلغي المقاصد
ومازال الشهر الفضيل في حاجة إلى اقتراب مقاصدي يوازي الطرح الشعائري القائم على تناول الجزيئات الفقهية والأخلاقية ليخوض في آفاق الغايات الكبرى ويبرز الأهداف التربوية للفرد والمجتمع والإنسانية كلها،ومعلوم أن الكتابات في المجال ألمقاصدي نادرة بالمقارنة للأبحاث الفقهية المستفيضة لا تتعدى بعض مؤلفات ابن تيمية وابن القيم والعز بن عبد السلام والشاطبي وولي الله الدهولي والطاهر بن عاشور و حسن البنا وأحمد الريسوني وجماعة من أمثالهم من القدامى والمحدثين، لذلك يبذل العلماء الراسخون في عصرنا جهودا كبيرة لاستدراك النقص ودراسة شرائع الإسلام وشعائره وأخلاقه_ ومنها الصوم _ليس دراسة فقهية أو حديثية فحسب وقد أشبعت بحثا من هذه الناحية عبر القرون وإنما دراسة علمية أصولية مقاصدية في إطار البناء الديني المتكامل الجامع بين الالتزام الفردي والمنظومة الاجتماعية وصناعة الحياة في ضوء المرجعية الإسلامية.
وأتناول في هذا المقال المختصر أمثلة من مسائل متعلقة بالصيام نعرفها من ونمارسها لكن من غير أن نعنى بمقاصدها التربوية إلا قليلا.
فتصفيد الشياطين في شهر رمضان - مثلا - مسألة غيبية تثير الجدل لكن يتعلم منها المسلمون أن رمضان فرصة مواتية للدعوة فينشطون في استمالة القلوب وتفتيق الأذهان وكسب النفوس إلى صف الحق بعد أن خف ضغط الشياطين وتوفرت الأجواء الإيمانية ، وبعبارة أخرى يكون داعي الشر خلال هذا الشهر في حالة تراجع مما يتيح لداعية الخير أن يكر ويهاجم ويدمغ الباطل ويرفع راية الهداية
وأما تفطير الصائم الذي يترتب عليه أجر كبير فما ينبغي أن نقصره على مجرد الفعل الفردي الكمالي بل يجب تناوله في إطار العمل التضامني الواعي الذي يستهدف محاربة الفاقة وإشاعة روح الأخوة من خلال تقاسم الأعباء المعيشية ولا يكون ذلك إلا بالتغلب على هوى النفس والتحرر من حظوظها ،وفهم الحديث النبوي بمثل هذه الكيفية يحقق القيمة الأخلاقية وفي الوقت نفسه يعطي صورة من صور البديل الإسلامي في المجالين الاقتصادي والاجتماعي،وعندما تفقه هذا المعنى جماهير الأمة المتعطشة لنيل الثواب فإنها تكون أكثر بذلا وعطاء وينعكس ذلك إيجابيا على المجتمع وينوّع أساليب الدعوة ويبرز للرأي العام وجها آخر من محاسن الإسلام الكفيلة بأن تجعله يدخل القلوب بغير استئذان.
وإذا انتقلنا إلى مثال ثالث نقف عند عبارة "اللهم إني صائم" التي لا تبرح في الغالب الميدان الفردي الجزئي الضيق بل والشعاراتي أيضا رغم أنها تشكل ضمن النسق الإسلامي العام قاعدة دينية وكلية اجتماعية ودافعا دعويا تعصم المسلمين الواعين من الاستدراج على كل المستويات بحيث يتربون ليس على رد الفعل السريع الأهوج وإنما على رد الفعل المدروس الهادئ ومعاني الحلم والمسامحة والتحكم في العواطف مهما كانت الاستفزازات ، فيكتب لهم الفوز أخلاقيا ودعويا وسياسيا وحضاريا.
أما صلاة التراويح فهي لقاء سنوي حي مع دستور المسلم الأكبر ودليل حياته – القرآن الكريم – في رحلة تتجاوز عدد الركعات لتكون تلقيا مباشرا غضا طريا لكلام الله تعالى وكأنه يتنزّل للتو على المؤمن يخاطب قلبه وعقله وحواسه لتكتمل العبودية لله ويتجدد الإيمان فتدمع العين ويقشعرّ الجلد ثم يطمئنّ القلب لذكر الله وتنتشر بين المسلمين معاني الأخوة والمحبة والرحمة فيزداد ارتباطهم بخالقهم وببعضهم
هذه أربعة أمثلة من قيم رمضانية كان يمكن تجسيدها في أبعادها المقاصدية لمعالجة أدواء الأمة وتكوين الفرد الفعال الصالح وبناء المجتمع المنشود،غير أن الذهنية المتسمة بالشعائرية والجزئية والسلبية اكتفت بالنظر السطحي وفوتت علينا قطف ثمار الصيام الطيبة – وعلى رأسها التقوى كما ورد في آية الصيام " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون " - وقد كرس هذه الذهنية الموروثة عن عصور الانحطاط كثير من الدروس المسجدية والإذاعية والتلفزيونية ونحوها التي لا تلتفت إلى رمضان إلا من خلال كلام متكرر يحشد الفروع بدون رابط بينها تضيع في خضمها المقاصد الشرعية والأهداف التربوية ،ولنا أن نقارن بين هذه الدروس- التي تبقى ضرورية من غير شك لتعليم الناس أمور دينهم - وتلك التي يلقيها علماء ودعاة أفذاذ يربطون الفروع بالأصول والجزئيات بالمقاصد فيثلجون الصدور ويحببون الصيام- والإسلام كله - للعباد باعتباره عبادة لله من جهة ومدرسة تربوية سلوكية من جهة أخرى ،وهذا هو التناول التربوي الواعي الذي ننشده لدفع الشبهات وإلجام الشهوات ، وإذا لم ندرك نحن ذلك فقد أدركه المتحكمون في الإعلام والتوجيه التربوي والاجتماعي من العلمانيين فعملوا على تقزيم الحصص الدينية في الإذاعة والتلفزيون والمدرسة ليفرغوا الصيام – والشعائر كلها – من الشحنة الإيمانية التي تغير الإنسان وتدفعه نحو الأفضل... إنها دعوة لفقه مقاصد الصيام وغيره من شعائر الإسلام لإصلاح النفوس وبناء المجتمع واستلهام النبع القرآني أكثر ضمن عملية دعوية واعية،وهذا هو الرجوع إلى القرآن والسنة عينه و هو خطوة ضرورية لتكوين القاعدة الصلبة وإيجاد الربانيين واستئناف الحياة الإسلامية.
محمد رافع 52 01-08-2012, 02:53 PM ملامح الفكر التربوي عند الإمام البخاري، علي إبراهيم سعود العجين
يُعدُّ "الجامع الصحيح" للإمام محمد بن إسماعيل البخاري أصحَّ كتاب بعد كتاب الله تعالى، وأجمعت الأمة على تلقيه بالقبول، ولم يلق كتاب –بعد كتاب الله- العناية التي أولتها الأمة لهذا الكتاب، من حفظ ونشر وشرح وتدريس وتلخيص ودراسة. وبالرّغم من اتفاق الأمة على مكانة "الجامع الصحيح"، وعلى إمامة البخاري، إلا أننا لا نجد عناية واضحة في استجلاء الفكر التربوي للإمام البخاري من خلال جامعه الصحيح، ولا سيّما أنه استقى فكره من صحيح حديث النبي
وتأتي هذه الدراسة لتجلية الفكر التربويّ لدى هذا الإمام الجليل، والبحث في آراء البخاري وتصوّراته التربوية في كتاب "العلم".
فقد ذكر بعض شرّاح كتاب البخاري ودارسيه الجوانبَ التربوية المستنبطة من تراجم "الجامع الصحيح" والأحاديث الواردة فيه. ولم يقف الباحث –حسب اطلاعه- على دراسة متخصصة في بيان الفكر التربوي عند الإمام البخاري. وثمة دراستان تناولتا بشيء من التخصص بعض الجوانب التربوية في "الجامع الصحيح"؛ دون أن تبين الفكر التربوي للإمام البخاري بوجه عام؛ درست إحداهما الجوانب التعليمية في كتاب العلم من صحيح البخاري، ودرست الثانية دلالات الفقه التربوي في بعض تراجم صحيح البخاري.
أولاً: الفكر التربوي عند الإمام البخاري: مفهومه ومصادره وميزاته
محمد رافع 52 01-08-2012, 02:54 PM 1. مفهوم الفكر التربوي عند الإمام البخاري:
يختلف تعريف التربية اصطلاحاً باختلاف المنطلقات الفلسفية التي تخضع لها النظرية التربوية. وباختلاف الطرق والوسائل التي تسلكها الجماعات الإنسانية في تدريب أجيالها وإرساء قيمها ومعتقداتها. وباختلاف الآراء في مفهوم العملية التربوية وطرقها ووسائلها.
، والتي تتصل بتربية الإنسان في جوانب شخصيته المختلفة.".والتربية الإسلامية هي: "المفاهيم والقيم والأساليب والاتجاهات المتضمنة في آيات القرآن الكريم وسنة الرسول العظيم
أما الفكر فهو "عمل الذهن تدبُّراً وتأمُّلاً في أي شأن من شؤون الحياة الدنيا أو الدين. وهو نشاط بشري أداؤه العقل، وثمراته الرأي والعلم والمعرفة."
وعلى ذلك فإن على الباحث -الذي يجهد نفسه في سبيل بيان موقف التربية الإسلامية من هذه القضية أو تلك من قضايا التربية والتعليم، من خلال كتابات المفكرين- أن يصحح عبارته وينسب الموقف إلى العالِم الذي يدْرسه، أو المدرسة الفكرية التي يبحث في فكرها. فالقول بأن موقف التربية الإسلامية هو موقف هذا أو ذاك من المفكرين، ربما لا يكون صحيحاً. فالذي يبحث عن موقف التربية الإسلامية من قضية ما، عليه أن يتجه مباشرة إلى مصدري الإسلام الأساسيين وهما: القرآن الكريم والسنة المطهرة.
وبناء عليه يُعرّف الفكر التربوي الإسلامي بأنه "مجموعة الآراء والأفكار والنظريات التي احتوتها دراسات الفقهاء والفلاسفة والعلماء المسلمين، وتتصل اتصالاً مباشراً بالقضايا والمفاهيم والمشكلات التربوية". وبذلك "فالفكر التربوي الإسلامي" هو رؤية العلماء المسلمين وتفسيراتهم للتربية الإسلامية.
وبهذا يكون الفكر التربوي المقصود في هذه الدراسة، عند الإمام البخاري: "مجموعة الآراء والنظريات التي احتواها كتاب "العلم"من "الجامع الصحيح" مما يتعلق بالقضايا والمفاهيم والمشكلات التربوية". وبذلك "فالفكر التربوي الإسلامي" هو رؤية العلماء المسلمين وتفسيراتهم للتربية الإسلامية.
وبهذا يكون الفكر التربوي المقصود في هذه الدراسة، عند الإمام البخاري: "مجموعة الآراء والنظريات التي احتواها كتاب "العلم"من "الجامع الصحيح" مما يتعلق بالقضايا والمفاهيم والمشكلات التربوية". وإنما ذكرنا كتاب "العلم" لأنه الميدان الأصيل لدراسة الجوانب التربوية، التي تمثل آراء الإمام البخاري وأفكاره. وهذا لا يعني –بأي حال من الأحوال- أن الفكر التربوي للبخاري يقتصر على ذلك، ولكن كتاب العلم يعكس ملامح هذا الفكر بشكل واضح أكثر من غيره.
يحدث. فقال بعض القوم: سمع ما قال فَكَرِه ما قال، وقال بعضهم: بل لم يسمع. حتى إذا قضى حديثه قال: أين أراه السائل عن الساعة؟ قال: ها أنا يا رسول الله. قال: فإذا ضُيِّعت الأمانة فانتظر الساعة. قال: كيف إضاعتها؟ قال: إذا وُسِّد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة." في مجلس يحدِّث القوم جاءه أعرابي فقال: متى الساعة؟ فمضى رسول الله .فعلى سبيل المثال، بَّوب البخاري أحد أبواب كتابه بـ: "باب: من سئل علماً وهو مشتغل في حديثه فأتم الحديث ثم أجاب السائل". وأخرج فيه حديث "أبي هريرة" رضي الله عنه: "بينما النبي
قال ابن حجر تعليقاً على هذا الحديث: "محصلة التنبيه على أدب العَالِم والمتعلِّم، أما العالم فلِما تضمنه من ترك زجر السائل، بل أدَّبه بالإعراض عنه أولاً حتى استوفى ما كان فيه، ثم رجع إلى جوابه لأنه من الأعراب، وأما المتعلِّم فلِما تضمنه من أدب السائل أن لا يسأل العَالِم وهو مشتغل بغيره، لأن حق الأول مقدّم."
محمد رافع 52 01-08-2012, 02:57 PM 2. مصادر الفكر التربوي عند الإمام البخاري:
من تعاليم سماوية وسنة، وما عمل به وأمر صحابته والتابعين له أن يعملوا به، وأيضاً بما جاء به من بعده تنفيذاً لأوامره واجتناباً لما نهى الله عنه ورسوله، واجتهاداً في توضيح منهجه في التربية، وأسلوبه في المعاملة، الذي انطلق من تربية سماوية روحية وجسدية، كانت وما تزال منهج عبادة ومنهج فكر ومنهج عمل..ينطلق الفكر التربوي الإسلامي مما جاء به الرسول
وهذا ما سار عليه الإمام البخاري في فكره التربوي، في اعتماده القرآن الكريم والسنة المطهرة وأقوال الصحابة والتابعين واجتهاد الأئمة من بعدهم، وهو على النحو الآتي:
أ. القرآن الكريم:
لقد أكثر الإمام البخاري من استشهاده بالقرآن الكريم، نصاً وتفسيراً، فاعتنى في صحيحة بآيات الأحكام؛ إذ انتزع منها الدلالات البديعة، وسلك في الإشارة إلى تفسيرها السبل الوسيعة.
ففي كتاب "العلم" ذكر البخاري عدداً من الآيات في عناوين الأبواب، ومن ذلك:
(الباب الأول): فضل العلم، وقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) "المجادلة: 11"، وقوله عزّ وجل: فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا ( طه:114)، لتحقيق دافعية المتعلم للعلم، وبيان مصدرية العلم وغايته.
(الباب السادس): باب ما جاء في العلم وقوله تعالى: وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا (طه: 114).
(الباب العاشر): باب العلم قبل القول والعمل، لقوله تعالى: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ (محمد: 19). فبدأ بالعلم، إشارة لاستناد العمل على العلم، وقال جلّ ذكره: "أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ" (فاطر: 28)، للتذكير بغاية العلم، وقال ابن عباس: مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللَّهِ وَلَكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ (آل عمران: 79) علماء فقهاء، ويقال: الرباني: الذي يربي الناس بصغار العلم قبل كباره، توضيحاً لصفات العالم وأسلوب التعليم الناجح.
ب. السنة النبوية:
يتخوَّلنا بالموعظة في الأيام كراهة السآمة علينا." يتخوَّلهم بالموعظة والعلم كي لا ينفِروا." وأورد فيه حديث ابن مسعود رضي الله عنه "كان النبي من المعلوم أن "الجامع الصحيح" للإمام البخاري هو أصح كتاب للسنة النبوية، وأن أي مفكر تربوي إسلامي إذا أراد أن يستدل من السنة النبوية، لا يستغني بوجه من الوجوه عن هذا الكتاب الجليل. وسنلحظ فيما يأتي أن الإمام البخاري جعل السنة النبوية أساساً لفكره التربوي. ومثاله: ما استنبطه البخاري من عدم إيقاع الملل على المتعلم. فقد عنون (الباب الحادي عشر) "ما كان النبي
ت. أقوال الصحابة رضوان الله عليهم:
أودع الإمام البخاري أقوال الصحابة في عناوين كتابه، واستدل منها على آرائه وأفكاره، ومن ذلك ما سبق أن ذكرناه من تفسير ابن عباس –رضي الله عنه- لكلمة "الربانيين".
قبل أن تجيز عليّ لأنفذتها." ففيه تحمل مسؤولية العلم والحرص والشجاعة في تبليغه. وفي (الباب العاشر): نقل عن أبي ذر رضي الله عنه: "لو وضعتم الصمصامة، أي؛ السيف، على هذه، وأشار إلى قفاه، وظننت أني أنفذ كلمة سمعتها من النبي
: نعم النساء نساء الأنصار، لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين. أمّا (الباب الخمسون) فخصّصه لموضوع: الحياء في العلم، ونقل فيه عن عائشة رضي الله عنها قال
ث. أقوال التابعين والأئمة من بعدهم:
ومن ذلك ما نقله عن مجاهد في (الباب الخمسون): الحياء في العلم: "لا يتعلم العلم مستحي ولا مستكبر." ونقل عن الإمام سفيان بن عيينة في (الباب الرابع): باب قول المحدث: حدثنا وأخبرنا وأنبأنا، قال ابن عيينة: (حدثنا وأخبرنا وأنبأنا وسمعت واحداً) ليدلّل أنه أي لا فرق بين هذه الصيغ في التحديث، سواء سمع التلميذ من الشيخ أو قرأ عليه.
محمد رافع 52 01-08-2012, 02:59 PM 3. ميزات الفكر التربوي عند الإمام البخاري:
، وإن كان هناك من يرى جواز العمل بالأحاديث الضعيفة؛ لأنَّ القائلين بهذا الرأي قيدوا جواز ذلك في "فضائل الأعمال"، ونحن هنا نتحدث عن "التربية" و"بناء الأجيال"، وهي مسألة ليست من فضائل الأعمال، بل هي جوهر الأعمال. أ. الاعتماد على صحيح الحديث النبوي منطلقاً لفكره، فبنى فكره على أساس متين. وهذه قضية مهمَّة نحتاج الوقوف عليها في زماننا؛ إذ إن هناك من التربويين -الذين يتخذون من الإسلام أساساً لفكرهم التربوي- يبنون دعاواهم وأفكارهم على الأحاديث الضعيفة، ويؤصلون مبادئ وأسساً عليها، ثم نرى أن هذه التأصيلات غير سديدة، وتنسب -بغير حق- للنبي
ب. يعد "الفكر التربوي" للإمام البخاري، وليد تجربة تربوية حافلة، مارسها تلميذاً وشيخاً. فالميدان التعليمي هو الذي أفرز هذا الفكر وأنتج هذه التصورات من خلال ما عايشه الإمام البخاري في تجربته التعليمية، فقد طلب العلم وهو صغير السن؛ إذ سئل: "كيف كان بدء أمرك؟ فقال: أُلهمت حفظ الحديث وأنا في الكُتّاب، فقيل: كم كان سنك؟ فقال: عشر سنين."
وفي مرحلة مبكرة، نجده يقوم بدور المعلم "الشيخ"، فيجتمع عليه آلاف الطلبة طلباً للعلم على يديه، فقد كان أهل العلم من البصريين يعدون خلفه في طلب الحديث وهو شاب حتى يغلبوه على نفسه، ويُجْلِسوه في بعض الطريق، فيجتمع عليه ألوف، أكثرهم ممن يكتب عنه، وكان شاباً لم يخرج وجْهُه.
في خضم هذه التجربة، تشكلت آراء البخاري التربوية، ونضجت تصوراته التعليمية. فبعض المشكلات التي كانت تواجهه في ميدان طلب العلم والتدريس، هي التي كوّنت "فكره التربوي". وهذا ما نلمحه في تبويباته وعناوينه في كتاب "العلم". فقد ناقش طرق تحمُّل الحديث كالسماع والقراءة والمناولة والكتابة، ودلَّل على مشروعيتها من السنة النبوية.
كما ذكر موضوع تحمّل الصغير للحديث هل هو صحيح أم لا، وأدرجه في (الباب الثامن عشر): (متى يصح سماع الصغير). وتطرق لمشكلة تربوية عميقة وهي: ما اتهم به رواة الحديث بأنهم نقلة أخبار من غير تدبُّر وفهم، فبوب: (الباب الرابع عشر) بـ(الفهم في العلم)، إلى غير ذلك من القضايا التربوية التي أبرزها في "كتاب العلم".
ت. ومن ميزات الفكر التربوي للإمام البخاري شموليته وترابطه؛ فالقضايا التربوية التي ناقشها الإمام البخاري، شاملة لكل جوانب العملية التعليمية بترابط محكم بين كل باب من أبواب كتاب "العلم" والكتاب الذي يليه. فهو يذكر الأهداف التربوية من خلال ما بدأ به وهو (الباب الأول): "فضل العلم"، ثم ينتقل إلى آداب العلم فيبوب بها (الباب الثاني): "من سئل علماً وهو مشتغل في حديثه"، ثم يتحدث عن البيئة التعليمية الناجحة، وذلك من خلال (الباب الثالث): "من رفع صوته بالعلم". وفي هذه الأثناء يتطرق إلى مسائل متخصصة في رواية الحديث في (الباب الرابع) بقوله: "قول المحدث "حدثنا" و"أخبرنا"... . ويذكر لنا أنواع تحمّل الحديث، كما في (الباب السادس): "القراءة والعرض على المحدث" ونحوها، ثم يعود لذكر آداب العلم وأصناف المتعلمين في (الباب الثامن): "من قعد حيث ينتهي به المجلس"، ثم يذكّر بأهمية العلم بقوله في (الباب العاشر) "العلم قبل القول والعمل".
(اللهم علِّمه الكتاب)." في البحر إلى الخضر". وينتقل إلى مصدر العلم في (الباب السابع عشر): "قول النبي يتخولهم بالموعظة والعلم كي لا ينفِروا". ويتناول: أوقات التعليم في (الباب الثاني عشر): "من جعل لأهل العلم أياماً معلومة"، كما يذكّر بدافعية العلم بقوله في (الباب الثالث عشر): "من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين"، ويربطه بموضوع الفهم؛ إذ يُعَنوِن (الباب الرابع عشر) بـ: "الفهم في العلم"، ثم بحاجة طالب العلم للرحلة في طلبه فيذكر في (الباب السادس عشر): "ما ذكر في ذهاب موسى .ويتطرق إلى البيئة التعليمية الناجحة في (الباب الحادي عشر): "ما كان النبي
وفد عبد القيس على أن يحفظوا الإيمان والعلم ويخبروا من وراءهم".ويخصص (الباب الثامن عشر) لتعليم الصغار: "متى يصح سماع الصغير"، ويعود إلى التذكير بأصناف المتعلمين من حيث تأثرهم بالعلم في (الباب العشرين): "فضل من عَلِم وعلَّم"، محذراً بعد ذلك من خطورة رفع العلم وظهور الجهل كما في (الباب الحادي والعشرين): "رفع العلم وظهور الجهل". ثم ينتقل إلى الوسائل التعلمية بقوله في (الباب الرابع والعشرين): "من أجاب الفتيا بإشارة اليد والرأس". ثم وجوب تبليغ العلم بقوله في (الباب الخامس والعشرون): "تحريض النبي
"..وينتقل إلى (الباب السابع والعشرين): "التناوب في العلم"، وهو مصطلح تربوي انفرد به الإمام البخاري. ويتحدث عن الغضب في التعليم عند الحاجة إليه، فيقول(الباب الثامن والعشرين): "الغضب في الموعظة والتعليم إذا رأى ما يكره". وبعد ذلك ينتقل إلى موضوع تعليم المرأة بقوله في (الباب الحادي والثلاثين): "تعليم الرجل أَمَته وأهله، وَعِظة الإمام النساء وتعليمهن". ويذكّر بدافعية التعليم بقوله في (الباب الثالث والثلاثين) "الحرص على الحديث". ويعود إلى بيان خطورة تفشي الجهل بقوله في (الباب الرابع والثلاثين): "كيف يقبض العلم". ثم يكرر وجوب تبليغ العلم، وينتقل إلى أمر خطير ينبغي التنبّه إليه عند تبليغ العلم، وهو الكذب في العلم، فيقول في (الباب الثامن والثلاثين): "إثم من كذب على النبي
وحتى لا يقع في الخطأ والكذب في العلم يذكر أدوات العلم، فيقول في (الباب التاسع والثلاثين): "كتابة العلم". ثم يتطرق لموضوع أوقات التعليم وخاصة في الليل فيذكر في (الباب الأربعين): "العلم والعظة بالليل". ويؤكد على أدوات العلم بقوله في (الباب الثاني والأربعين): "باب حفظ العلم". ويذكر أدباً رفيعاً آخر مبيناً مصدرية العلم بقوله في (الباب الرابع والأربعين): "ما يستحب للعالم إذا سئل أي الناس أعلم فَيَكِل العلم إلى الله تعالى"، ويُذكِّر بأنه ليس من التكبّر أن يُسأل العالم وهو جالس ويكون السائل قائماً. ويعود إلى بيان مصدرية العلم بقوله في (الباب السابع والأربعين): "قول الله تعالى: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً (الإسراء: 85)". ويتناول البخاري موضوع مراعاة الفروق الفردية في التعليم بقوله في (الباب الثامن والأربعين): "من ترك بعض الاختيار مخافة أن يقصر فهم بعض الناس عنه". ويخصص (الباب التاسع والأربعين) لـ: "من خص بالعلم قوماً دون قوم كراهية أن لا يفهموا". وينتقل إلى ذكر العوائق النفسية التي تمنع العلم بقوله في (الباب الخمسين): "الحياء في العلم"، ويذكر أماكن التعليم بقوله في (الباب الثاني والخمسين): "ذكر العلم والفتيا في المسجد". ويختم كتاب العلم بـ (الباب الثالث والخمسين) الذي خصّصه لـ: "من أجاب السائل بأكثر مما سأله، تنبيهاً على سعة العلم". وكأن لسان حاله يقول: إن العلم واسع، وهذه أسس التعليم ومبادئه قد ذكرتها في كتاب "العلم".
ومما سبق من بيان مصادر الفكر التربوي عند البخاري وميزاته، يتبين لنا انتماء الإمام البخاري إلى مدرسة الفقهاء والمحدثين التربوية، وهي المدرسة التي تتمسك بالإسلام شرعة ومنهاجاً، نظاماً وتشريعاً، وتتمحور حول الكتاب والسنة وتذود عنهما، وتفسر النص التفسير الذي تحتمله لغة الضاد، من غير سرّية ولا رمزية.
ولقد مرت هذه المدرسة بمرحلتين؛ الأولى: مرحلة الاتفاق بين المحدثين والفقهاء خلال القرن الثالث. والثانية مرحلة تباين الطرفين في الرأي في القرن الرابع. وفي المرحلة الأولى تحددت مفاهيمها التربوية المتمثّله في التزام نصوص القرآن الكريم، والسنة وما كان عليه الصحابة، فالقرآن الكريم والحديث الشريف هما المنهاج الديني، والفقه هو فهم القرآن الكريم والحديث الشريف. ويعد الإمام البخاري –رحمه الله- من رواد هذه المدرسة؛ إذ جمع بين النص والفقه، بل وتميز من غيره بالتزامه النص الصحيح من السنة النبوية، ودقة استنباطه الفقهي.
محمد رافع 52 01-08-2012, 03:01 PM ثانياً: الأهداف التربوية في فكر الإمام البخاري
رسم الإمام البخاري أهدافه التربوية من منطلق توحيد الله تعالى، فبوّب (الباب العاشر) تحت عنوان: "العلم قبل القول والعمل، لقوله تعالى: ": فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ "(محمد: 19)" ويمضي في تفصيل الأهداف بقوله: "ومن سلك طريقاً يطلب به علماً سهَّل الله له به طريقاً إلى الجنة." ومن أهدافه العليا ما جاء في قوله تعالى: "أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ" (فاطر: 28)، بل العلم من أسباب النجاة من النار، فيقول الله تعالى: وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (الملك: 10) فالغاية النهائية للتربية الإسلامية هي تحقيق العبودية لله في حياة الإنسان الفردية والجماعية، وهذا ما أوضحه الإمام البخاري ضمن رؤيته التربوية. ويدخل في ذلك عدد من الأهداف من أهمها:
1. العلم أساس في صحة القول والعمل: جعل البخاري (الباب العاشر) بعنوان: "العلم قبل القول أو العمل". وأراد به أن العلم شرط في صحة القول والعمل، فلا يعتبران إلا به. لقوله تعالى": فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ (محمد: 19)، فكلمة التوحيد لا تُقبل بغير العلم.
2. بين العلم والهداية، لأنَّ الهدى هو الدلالة الموصلة للمقصد، والعلم عين المدلول..العلم سبب للوصول إلى الهداية: أورد البخاري في (الباب العشرين) فضل من علِم وعلَّم؛ إذ جاء بحديث أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه-: "مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير. أصاب أرضاً فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكانت منها أجادب أمسكت الماء، فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا، وأصابت منها طائفة أخرى، إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأً، فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلِمَ وعلَّم، ومثل من لم يرفع بذلك رأساً ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به." فجمع رسول الله
3. إنقاذ الناس من الضلالة: جاء (الباب الرابع والثلاثين) بعنوان: "كيف يُقبض العلم"، وفيه حديثُ عبد الله بن عمرو بن العاص: "إنَّ الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يُبقِ عالماً، اتخذ الناس رؤساء جهالاً، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلّوا وأضلّوا". فانتشار العلم وبقاء العلماء يمنع من الوصول إلى هذه النتيجة: "فضلّوا وأضلّوا".
4. تحقيق الخيرية والسمو والرفعة للإنسان: جعل البخاري (الباب الثالث عشر) من كتابه بعنوان: "من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين" وأورد حديث معاوية رضي الله عنه "من يُرد الله خيراً يفقهه في الدين وإنما أنا قاسم والله يعطي، ولن تزال هذه الأمة قائمة على أمر الله لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله." وتأمل في تنكير كلمة "خيراً" لتشمل الخير كله في الدين والدنيا.
5. تحقيق التقدير الذاتي للإنسان: جاء (الباب الحادي والعشرين) بعنوان: "باب رفع العلم وظهور الجهل"، ثم نقل عن ربيعة الرأي قوله: "لا ينبغي لأحد عنده شيء من العلم أن يضيع نفسه." فلا ينبغي للعالم أن يأتي بعلمه أهل الدنيا ولا يتواضع لهم إجلالاً للعلم، ومما يؤدي إليه من قلة الاشتغال بالعلم والاهتمام به لما يرى من ابتذال أهله وقلة الاحترام لهم، احتراماً للعلم الذي يحمله. ومن كان فيه فهم وقابلية للعلم لا ينبغي له أن يهمل نفسه، فيترك الاشتغال بالعلم، لئلا يؤدي ذلك إلى رفعه.
6. : "هي النخلة." لقد فهم ابن عمر أن المسؤول عنه النخلة، فالفهم فطنة يفهم بها صاحبها من الكلام ما يقترن به من قول أو فعل. وبذلك فالتربية الإسلامية تربي الفرد تربية عقلية سليمة..، فأتى بجُمّار –أي ما يكون في لب النخلة- فقال: "إن من الشجرة شجرة مَثَلُها كمَثَل المسلم. فأردت أن أقول هي النخلة، فإذا أنا أصغر القوم فسكتُّ. فقال النبي .التربية العقلية: كما اهتم الإمام البخاري بالبعد الديني للتربية، اعتنى بالبعد العقلي، فهو يجعل (الباب الرابع عشر) بعنوان: "باب الفهم في العلم"، وأورد فيه حديث ابن عمر –رضي الله عنهما- "كنا عند النبي
7. تحقيق السيادة والريادة الفردية والجماعية: جعل البخاري (الباب الخامس عشر) بعنوان: "الاغتباط في العلم والحكمة"، وأورد فيه قول عمر رضي الله عنه: (تفقهوا قبل أن تسودوا) قال البخاري: (وبعد أن تسودوا)، قال ابن المنيّر: "مطابقة قول عمر للترجمة أنه جعل السيادة من ثمرات العلم، وأوصى الطالب باغتنام الزيادة قبل بلوغ درجة السيادة، وذلك يحقق استحقاق العلم بأن يغبط صاحبه، فإنه سبب لسيادته." وقد أدرك عمر بدقيق فقهه دور العلم في الشهود الحضاري وأثره في سيادة الأفراد والأمم وتقدمهم على الآخرين، وهذا هو سر تقدم الغرب في شتى الميادين، فما سادوا الأمم إلا بالعلم.
ملامح الفكر التربوي عند الإمام البخاري: قراءة تحليلية لكتاب "العلم" من "الجامع الصحيح"المصدر: مجلة إسلامية المعرفة "المعهد العالمي للفكر الإسلامي"
محمد رافع 52 01-08-2012, 03:10 PM رمضان والمقاصد التربوية
رمضانُ مدرسةٌ تربوية إيمانية فذة لتخريج الربانيين والربانيات، إذا صام المسلمون أيامه، وقاموا لياليَه، وتخلَّقوا بالأخلاق المناسبة له، وَفقًا للأحكام والضوابط الشرعية، بعيدًا عن الرتابة التي تُبلِّد الحسَّ، وتلغي المقاصدَ.
وما زال الشهر الفضيل في حاجة إلى اقترابٍ مقاصدي يوازي الطرحَ الشعائري القائم على تناول الجزئيات الفقهية والأخلاقية، ليخوض في آفاق الغايات الكبرى، ويبرز الأهداف التربوية للفرد والمجتمع والإنسانية كلها، ومعلوم أن الكتابات في المجال المقاصدي نادرة بالمقارنة بالأبحاث الفقهية المستفيضة، لا تتعدى بعض مؤلفات ابن تيمية، وابن القيم، والعز بن عبدالسلام، والشاطبي، وولي الله الدهلوي، والطاهر بن عاشور، وجماعة من أمثالهم من القدامى والمحدَثين؛ لذلك يبذل العلماء الراسخون في عصرنا جهودًا كبيرة لاستدراك النقص، ودراسة شرائع الإسلام وشعائره وأخلاقه - ومنها الصوم - ليس دراسة فقهية أو حديثية فحسب، وقد أشبعت بحثًا من هذه الناحية عبر القرون؛ وإنما دراسة علمية أصولية مقاصدية، في إطار البناء الديني المتكامل، الجامع بين الالتزام الفردي والمنظومة الاجتماعية، وصناعة الحياة في ضوء المرجعية الإسلامية.
وأتناول في هذا المقال المختصر أمثلةً من مسائلَ متعلقةٍ بالصيام، نعرفها ونمارسها، لكن من غير أن نُعنى بمقاصدها التربوية إلا قليلاً.
فتصفيد الشياطين في شهر رمضان - مثلاً - مسألة غيبية تثير الجدل، لكن يتعلم منها المسلمون أن رمضان فرصةٌ مواتية للدعوة، فينشطون في استمالة القلوب، وتفتيق الأذهان، وكسْب النفوس إلى صف الحق، بعد أن خفَّ ضغط الشياطين، وتوفرت الأجواء الإيمانية، وبعبارة أخرى يكون داعي الشر خلال هذا الشهر في حالة تراجع، مما يتيح لداعية الخير أن يكر ويهاجم، ويدمغ الباطل، ويرفع راية الهداية.
وأما تفطير الصائم الذي يترتب عليه أجرٌ كبير، فما ينبغي أن نَقْصره على مجرد الفعل الفردي الكمالي؛ بل يجب تناوله في إطار العمل التضامني الواعي، الذي يستهدف محاربةَ الفاقة، وإشاعةَ روح الأخوة، من خلال تقاسم الأعباء المعيشية، ولا يكون ذلك إلا بالتغلب على هوى النفس، والتحررِ من حظوظها، وفهمُ الحديث النبوي بمثل هذه الكيفية يحقِّق القيمةَ الأخلاقية، وفي الوقت نفسه يعطي صورةً من صور البديل الإسلامي في المجالين الاقتصادي والاجتماعي، وعندما تفقه هذا المعنى جماهيرُ الأمة المتعطشة لنيل الثواب، فإنها تكون أكثر بذلاً وعطاء، وينعكس ذلك إيجابيًّا على المجتمع، وينوع أساليب الدعوة، ويُبرِز للرأي العام وجهًا آخر من محاسن الإسلام، الكفيلة بأن تجعله يدخل القلوبَ بغير استئذان.
وإذا انتقلنا إلى مثال ثالث، نقف عند عبارة: "اللهم إني صائم"، التي لا تبرح في الغالب الميدان الفردي الجزئي الضيق؛ بل والشعاراتي أيضًا، برغم أنها تشكل ضمن النسق الإسلامي العام قاعدةً دينية، وكلية اجتماعية، ودافعًا دعويًّا تعصم المسلمين الواعين من الاستدراج على كل المستويات، بحيث يتربَّوْن ليس على رد الفعل السريع الأهوج، وإنما على رد الفعل المدروس الهادئ، ومعاني الحلم والمسامحة، والتحكم في العواطف مهما كانت الاستفزازات، فيُكتب لهم الفوزُ أخلاقيًّا ودعويًّا، وسياسيًّا وحضاريًّا.
أما صلاة التراويح، فهي لقاء سنوي حي مع دستور المسلم الأكبر ودليل حياته - القرآن الكريم - في رحلة تتجاوز عدد الركعات، لتكون تلقيًا مباشرًا غضًّا طريًّا لكلام الله - تعالى - وكأنه يتنزَّل للتوِّ على المؤمن، يخاطب قلبَه وعقلَه وحواسَّه، لتكتمل العبودية لله، ويتجدد الإيمان، فتدمع العين، ويقشعرُّ الجلد، ثم يطمئنُّ القلب لذِكر الله، وتنتشر بين المسلمين معاني الأخوة والمحبة والرحمة، فيزداد ارتباطهم بخالقهم وببعضهم.
هذه أربعة أمثلة من قيم رمضانية، كان يمكن تجسيدها في أبعادها المقاصدية؛ لمعالجة أدواء الأمة، وتكوين الفرد الفعال الصالح، وبناء المجتمع المنشود، غير أن الذهنية المتسمة بالشعائرية، والجزئية، والسلبية اكتفتْ بالنظر السطحي، وفوَّتتْ علينا قطفَ ثمارِ الصيام الطيبة، وعلى رأسها التقوى؛ كما ورد في آية الصيام: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183]، وقد كرَّس هذه الذهنيةَ الموروثة عن عصور الانحطاط كثيرٌ من الدروس المسجدية، والإذاعية، والتلفازية، ونحوها، التي لا تلتفت إلى رمضان إلا من خلال كلام متكرر، يحشد الفروع بدون رابط بينها، تضيع في خضمِّها المقاصدُ الشرعية، والأهدافُ التربويةت.
ولنا أن نقارن بين هذه الدروس- التي تبقى ضرورية من غير شك لتعليم الناس أمورَ دينهم - وتلك التي يلقيها علماء ودعاة أفذاذ يربطون الفروع بالأصول، والجزئيات بالمقاصد، فيثلجون الصدور، ويحببون الصيام - والإسلامَ كله - للعباد، باعتباره عبادة لله من جهة، ومدرسة تربوية سلوكية من جهة أخرى، وهذا هو التناول التربوي الواعي الذي ننشده لدفع الشبهات، وإلجام الشهوات، وإذا لم ندرك نحن ذلك، فقد أدركه المتحكمون في الإعلام والتوجيه التربوي والاجتماعي من العلمانيين، فعملوا على تقزيم الحصص الدينية في الإذاعة والتلفاز والمدرسة؛ ليفرغوا الصيام - والشعائر كلها - من الشحنة الإيمانية التي تغيِّر الإنسان وتدفعه نحو الأفضل.
إنها دعوة لفقه مقاصد الصيام وغيره من شعائر الإسلام؛ لإصلاح النفوس، وبناء المجتمع، واستلهام النبع القرآني أكثر ضمن عملية دعوية واعية، وهذا هو الرجوع إلى القرآن والسنة عينُه، وهو خطوة ضرورية لتكوين القاعدة الصلبة، وإيجاد الربانيين، واستئناف الحياة الإسلامية.
محمد رافع 52 01-08-2012, 03:16 PM رمضان... البُعد التّربوي
لا شكَّ أنَّ رسالة الإسلام في غاياتها النّهائيَّة، ترمي إلى بناء الإنسان تربويّاً وأخلاقيّاً، وهي أتت لتنقل الإنسان من عبادة الشّهوات والعباد، إلى عبادة الله تعالى، بما تعنيه من عزّةٍ وكرامةٍ وسموٍّ وكمال، وإذا تعمَّقنا في المنظومة العباديَّة أكثر، لوجدنا أنَّ هدفها المحوريَّ هو بناء شخصيَّةٍ عنوانها الصَّلاح والتَّقوى، لتزكية النَّفس وتربيتها على أعمال الخير، لتحقِّق وجودها وتسير في كمالها. والصّيام كعبادةٍ يهدف فيما يهدف إلى تزكية النَّفس وتصفيتها مما علق فيها من المفاسد والمهلكات والشَّهوات الّتي تعيق سير النَّفس في خطّ الصّلاح والتّقوى.. لذا علينا أن ننتبه إلى هذا الهدف.. فهل نحن في خطّ الصّلاح والتقوى؟ وهل نحن نعمل على تزكية أنفسنا وتربيتها لتحقّق العبادة أهدافها التربويّة؟
سؤال يطرح نفسه بقوّة على الصّائمين، فالمسألة في هذا الشّهر هي كم حقّقت لنفسك من مكاسب معنويّة تسهم في تقوية صلاحها وتربيتها وتهذيبها، وليست المسألة مجرّد تقطيع الوقت وانتظار الموائد، وكأنّنا تحوّلنا إلى آلاتٍ وعدّاداتٍ لحساب الوقت، فلا مكاشفة ولا مصارحة مع الذَّات، لنرى كم من التّقوى والصَّلاح حصَّلت وسلكت!!
علينا الالتفات ولو قليلاً إلى الأهداف التّربويَّة الحقيقيَّة للصّيام، وعدم الاستغراق في المظاهر الّتي تعمل على سلب روحيَّة الصَّوم وإطفاء جذوته الرّوحيّة، فتحوّلنا إلى الشّكليّات الفارغة من العبادة، على عكس ما هي عليه من حقيقةٍ يفترض أن نحافظ على أهدافها...
فأين نحن اليوم من دروس الصّوم وأهدافه؟ وهل هناك من بيئة تربويّة تتغيير فيها أخلاقنا وسلوكيّاتنا أكثر من هذا الشّهر المبارك؛ شهر الهدى والقرآن؟ إنّ علينا أن نعيش الهداية لنبصر طريقنا بوضوح، لنعرف أين نحن سائرون، فرمضان المبارك كان ولا يزال مدرسة الإسلام العليا في تربية النفس وتزكيتها، إن أحسنّا العمل والالتفات إلى رسالتها، لننتبه إلى أوضاعنا الفرديّة والجماعيّة، ونعمل على تصويبها ما أمكن، في زمنٍ كثرت فيه التحدّيات على كافّة الصّعد..
فالإنسان مهدّدٌ في وجوده الأخلاقيّ والرّوحيّ، وعليه أن يحافظ على توازنه في وجه تلك العواصف، وليس هناك أفضل من هذه الأوقات المباركة ليثبت قيمه الرّوحيّة والأخلاقيّة والإيمانيّة ويرسّخها كي لا يسقط...
فهلاّ توقّفنا ولو يسيراً مع أنفسنا، في عمليّة تأمّلٍ ومصارحة، لنرى هل إنّنا نؤدّي زكاة أنفسنا؟
فالعمل على تهذيب النَّفس وتزكيتها هو الدَّرس الأوَّل والأخير لمدرسة رمضان التّربويَّة، فإذا لم يكن الأمر كذلك، فنحن من الرّاسبين في امتحان هذا الشّهر، وبالتّالي نسقط في امتحان الحياة...
محمد رافع 52 18-09-2012, 11:19 AM العبادة تجلب للعبد الولاية :
ينبغي أن نعلم بأننا إذا أخلصنا العبادة لله سبحانه و تعالى نفوز بمحبته و نعيش في كنفه و حفظه و هذا ما جاء جليا في الحديث القدسي قال رب العزة : " من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب و ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه و ما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به و بصره الذي يبصر به و يده التي يبطش بها و رجله الذي يمشي عليها و لئن سألني لأعطينه و لئن استعاذني لأعيذنه " البخاري و مسلم .
* أخي القاريء أعتذر إليك عن الإطالة في هذه الرسالة و لكني وددت أن أسطر لك هذه الأهداف الجوهرية المجملة لنعبد الله عز وجل و نحن على يقين بأننا سنجني أغلى الثمار من العبادة .
فالعبادة يا أخي تحمي العقيدة و تقوي الجانب الروحي في الإنسان و تجعله ثابتا في معارك الحياة و تنمي عنده شعور المراقبة لله و هي وسيلة شكر و اعتراف بعميم فضل الله تعالي .
*و العبادة تجعل المسلم شخصية إنسانية متكاملة متوازنة عندما تحقق فيه الكمال البشري فهي تطهره ذاته و تقوي روح الإرادة فيه و تجعله يشعر بالعزة و الاستعلاء و التميز فتحمي الفرد و المجتمع من القلق و الأمراض النفسية .
*و لي هنا سؤال : كيف يقلق من يكون دائم الصلة بالله و يلتجيء إليه و يستمد العون منه سبحانه و تعالى ؟
*و العبادة طريق إلى التحلي بالفضيلة و التخلي عن الرذيلة و طريق إلى إصلاح النفس و تزكيتها و ترسيخ مباديء الإسلام في حياة المسلم و تعمل على إيجاد مجتمع متحاب غير متباغض .
*و العبادة تعمل على صيانة قيم الحياة و المساواة و التعاون و التوحيد و تعمل على احترام النظام و احترام الوقت فالوقت هو الحياة .
كما أن للعبادات آثارا طيبة على جسم الإنسان و صحته ففي الغسل و الوضوء و الصوم و الركوع و السجود الشيء الكثير .
و لأهداف العبادة تفصيل لا أتطرق إليه .
*و أخشى عليك أخي القاريء من الملل و السأم فهذا قليل من كثير و أسأل الله أن أكون قد وفقت ، و أسأل الله أن نكون جميعا من الذين يعلمون فيتعلمون و يعملون فيخلصون فلقد ذم الله أقواما فقال في حقهم " يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون " الصف 2،3.
وقال في حق آخرين " أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم و أنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون " البقرة44.
و الله تعالى من وراء القصد
الفقير إلي عفو ربه
عبد المجيد دومة
محمد رافع 52 18-09-2012, 11:24 AM اهداف العبادات في الاسلام (http://khaznawi.de/index.php?option=com_content&view=article&id=101:2011-11-30-21-51-31&catid=16:2011-11-07-21-17-58&Itemid=19)
ايها الإحبة : يقول الله تعالى في القرآن الكريم { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}
هذه العبادة لا يحتاج الله اليها ، فالله ليس بحاجة الى عبادتك ، ولكن عبادتك هي بمثابة دورة تدريبية لك حتى تكون رجل أو امرأة صالحا ، لتنظيم علاقتك بالأخرين ، بأخيك ، بجارك ، بوالدك ، بابنك ، بزوجك ، بزوجتك .
النبي صلى الله عليه وسلم يقول { بعت لأتمم مكارم الأخلاق } فالغاية من عباداتك والهدف منه أن تكون رجل صالحا ، صالحاً لنفسك ، صالحاً في معاملاتك وعلاقاتك مع الأخرين .
قصة الكوجر والشيخ معشوق هذه الكتب تقول كن رجل جيداً .
وهكذا هي العبادات كلها لكي تعلمك هذا الخلق الحسن ، لنأخذ مثالأً :
أنت رجل مسلم ؟ . نعم ، طيب لماذا تصلي ، الله فرضها علي ، طيب ما غاية الصلاة ، ما الذي فعله الصلاة في نفسك ، والله لا شيء ، يعني احنا بنصلي ساعات ، وساعات أخرى نبحث عن ملاذات انفسنا ، هنا خلل .
الله تعالى يقول في القرآن الكريم { إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ } [ العنكبوت: 45 ] ، معناها ، إذاً أنت مسلم بتصلي يجب أن يعلمك صلاتك كيف تكون رجلاً جيداً ، يجب أن تنهاك صلاتك عن الفحشاء والمنكر والاعمال الخسيسة ، اذا لم تمنعك صلاتك عن الافعال الخسيسة ولم تحثك على الاعمال الفاضلة فاعلم ان صلاتك مردودة عليك ، بل إن صلاتك تدعوا عليك فتقول ضيعك الله كما ضيعتني .
نحن الآن في شهر فضيل ، شهر الصوم ، تصوم رمضان لما تصوم ، والله ما اعرف لما هذا الصوم نجوع ونعطش وما اعلم ما الفائدة منها اعرف انها ركن من اركان الاسلام فقط ولذلك اصوم لكن لا افهمها ، هذا خطأ ، نعم اصوم امتثالاً لأمر الله لكن للصوم هدف وغاية ، هي دورة تدريبية تؤهلك حتى تمتنع عن الحرام و كيف تمتنع عن الحرام ، كيف ، انت في رمضان تمتنع عن الاكل والشرب وال*** الحلال فيامن استطعت عن تمتنع عن الحلال ثلاثين يوم امسك عن الحرام .
إذا لم يمنعك صومك من ارتكاب الفحشاء ومن الخداع والكذب والحيل فصيامك مردود ، وهكذا كل العبادات لابد أن تفهمها وتتعرف على اهدافها وتتعلم منها كيف تكون رجلا صالحاً ، وحالما اصبحت عباداتك كاعمال روتينية تؤديها دون هدفه فاعلم انك متعب نفسك ، ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم لامثال هؤلاء
{ رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش ، ورب قائم ليس له من قيامه الا السهر والتعب } .
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : { من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه } رواه البخاري
إذا غاية العبادات وهدفها هو لتكون رجلا صالحا وينظم علاقتك مع الآخرين ، وإلا فليس الله بحاجة الى تدع طعامك وشرابك ولن تفيدك اعمالك ، اسمع الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يقول :
يقول : { في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: (بينما بغي من بغايا بني إسرائيل تمشي، فمرت على بئر ماء فشربت، وبينما هي كذلك مر بها كلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فعادت إلى بئر الماء؛ فملأت موقها، -أي: خفها- ماءً، فسقت الكلب فغفر الله لها) كلب عطشان، وهي امرأة زانية، لكنها رحمته فغفر الله لها }
ويقول : { في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (دخلت امرأة النار في هرة)، أي: في قطة. انظر! بغي تدخل الجنة في كلب، وامرأة تدخل النار في قطة، لماذا؟ قال صلى الله عليه وسلم: (حبستها -أي: حبست القطة- فلم تطعمها، ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض)، حبستها، فلم تقدم لها الطعام والشراب، ولم تطلقها لتأكل من رزق الله في أرض الله جل وعلا؛ فدخلت النار } .
ويقول : { عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! إِنَّ فُلَانَةَ - يُذْكَرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلَاتِهَا وَصِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا - غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا ؟ قَالَ : هِيَ فِي النَّارِ .
قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! فَإِنَّ فُلَانَةَ - يُذْكَرُ مِنْ قِلَّةِ صِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا وَصَلَاتِهَا - وَإِنَّهَا تَصَدَّقُ بِالْأَثْوَارِ مِنْ الْأَقِطِ وَلَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا ؟ قَالَ : هِيَ فِي الْجَنَّةِ ) رواه أحمد
وروى مسلم من حديث أبى هريرة – رضى الله عنه- قالوا- المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع قال صلى الله عليه وسم : ولكن المفلس من أمتى من يأتى يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة وحج، ويأتى وقد شتم هذا وقذف هذا وسفك دم هذا وأكل مال هذا، فيأخذ هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى عليه أخذ من سيئات من ظلمهم ثم طرحت عليه فطرح فى النار } .
محمد رافع 52 18-09-2012, 11:30 AM http://t2.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcRjZWxgg23_Ycqh8GGpz5yFPcJx4NhAT tr9_izzOu9IV9dzEbDYuGV84ehL
التقوى غاية العبادة (http://www.al-kashkool.com/%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%82%d9%88%d9%89-%d8%ba%d8%a7%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%a8%d8%a7%d8%af%d8%a9/)
إن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان لأجل عبادته، قال تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ (الذاريات:56)، لذا أكد القرآن أن من أهم أهداف بعثة الأنبياء والمرسلين، الدعوة إلى عبادة الواحد الأحد، قال تعالى: لَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللَّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ (النحل:36)، وقال: وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ (مريم:36).
من الواضح أن هذه العبادات ليست هي إلا استكمال الإنسان بها، وإلا فإنه سبحانه لا نقص فيه ولا حاجة، حتى يستكمل بعبادة أحد وترتفع بها درجته. وببيان آخر: إن العبادة كمال للفعل الذي هو الإنسان، لا كمال للفاعل الذي هو الخالق سبحانه. قال تعالى: إِن تَكْفُرُواْ أَنتُمْ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ(إبراهيم:8).
لكن من جهة أخرى نجد أن القرآن لا يجعل العبادة هي الغاية النهائية لخلق الإنسان، بل يجعلها غاية متوسطة، ويرتب عليها غايات أخرى، من قبيل ما ورد في قوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (البقرة:21)، بحيث جعلت التقوى هي الغاية والهدف من العبادة التي خلق الإنسان لأجلها، وهذا معناه أن التقوى هي الكمال المطلوب للإنسان، والعبادة هي التي تهيئ الأرضية للوصول إلى هذا الكمال.
لكن مع هذا لا يمكن أن تكون التقوى هي الهدف النهائي والغاية القصوى من خلق الإنسان، لما تقدم بيانه بأن التقوى إنما هي زاد المسير إلى لقاء الله تعالى والقرب منه، ولا يمكن لما هو زاد السفر أن يكون هو الهدف. إن الهدف النهائي والغاية الأخيرة من العبادة والتقوى، هو الوصول إلى لقاء الله تعالى: فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (الكهف:110)، لذا نجد القرآن الكريم يعبر عن أولئك الذين كفروا بلقاء ربهم أنهم الأخسرون أعمالا، قال تعالى: قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالا،الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا، أُوْلَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (الكهف:103-105) ، فإذا استطاع الإنسان أن يصل إلى مقام لقاء الله تعالى، ولا يتحقق ذلك إلى من خلال العبادة والتقوى، فقد انتهى إلى الفلاح الحقيقي، حيث جعل الله تعالى الغاية من التقوى الوصول إلى الفلاح، قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا (الشمس:9).
من هنا نقف على السبب الحقيقي وراء جعل التقوى هي الملاك في الكرامة الحقيقية عند الله تعالى، لأن التقوى هي التي تؤدي بالإنسان إلى سعادته الحقيقية وحياته الطيبة الأبدية في جوار رب العزة: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ, فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ(القمر:54-55)، وهي الوسيلة الوحيدة إلى سعادة الدار الآخرة: وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (آل عمران:133)، إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ، وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ، كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ، إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (المرسلات:41-44)
|