مشاهدة النسخة كاملة : الحـــدود في الإســـلام


محمد رافع 52
12-11-2011, 08:53 PM
الحدود الشرعية في الإسلام


كادت عقوبات الحدود الشرعية تلتهم مفهوم "تطبيق الشريعة"، لكثرة ما ألح الكثيرون-من مؤيدين ومعارضين- على الحدود، وحجم النقاشات التي دارت حولها، ومدى صلاحيتها والفوارق بينها وبين القوانين الوضعية إلى غير ذلك(1) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn1)، بحجة أن هذه الحدود مخالفة لحقوق الإنسان التي ابتدعوها، لاسيما وأن احترام حقوق الإنسان مقررة قبل أكثر من أربعة عشر قرنًا من الزمان، فهي مقررة بتقرير الله سبحانه وتعالى لها، ليست وليدة ثورة أو انقلابات سياسية فقد قال الله تعالى: ﴿ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثيرٍ ممن خلقنا تفضيلا﴾ [الإسراء: 70], وقال رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم: «سباب المسلم فسوق وقتاله كفر»(2) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn2), وقال الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهمأمهاتهم أحرارًا (3) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn3)؟, كما أن مبادئ حقوق الإنسان وفق الشريعة الإسلامية السمحة، ووفق المفهوم الإلهي لهذه الحقوق وهو ذلك المفهوم الذي يقوم على أسس الدين والأخلاق لا الفردية المطلقة غير المنضبطة. (4) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn4)


تعريف الحد:
الحد في اللغة: المنع, يقال حدني عن كذا أي منعني، ومنه سمي السجان حدادًا، وسميت العقوبات حدودًا، لأنها تمنع من ارتكاب أسبابها كالزنى والسكر وغير ذلك، وأيضًا تسمى حدودًا؛ لأنها أحكام الله التي وضعها وحدها وقدرها(5) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn5).
والحد في الشرع: عقوبة بدنية واستيفاء حق الله تعالى(6) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn6)، أو هو العقوبة المقدرة شرعًا، سواء أكانت حقا لله أم للعبد فلا يسمى القصاص حدًا لأنه حق العبد، ولا التعزير لعدم التقدير.
وركنه: إقامة الإمام أو نائبه في الإقامة .
وشرطه: كون من يقام عليه صحيح العقل سليم البدن من أهل الاعتبار والانتذار حتى لا يقام على المجنون والسكران والمريض وضعيف الخلقة إلا بعد الصحة والإفاقة(7) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn7).

حكم إقامة الحدود الشرعية:
قال تعالى: ﴿وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾ [النساء: 14], وقد حذر الله تعالى من اقتراف الحدود، فقال تعالى: ﴿وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ﴾ [الطلاق:1], وقال -جل شأنه-: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا﴾ [البقرة: 187](8) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn8) .
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «حد يعمل في الأرض خير لأهل الأرض من أن يمطروا ثلاثين صباحًا »(9) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn9), وقد أمر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بإقامة الحدود، فقال: «أقيموا حدود الله في القريب والبعيد، ولا تأخذكم في الله لومة لائم»(10) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn10).
قال شيخ الإسلام: خاطب الله المؤمنين بالحدود والحقوق خطابًا مطلقًا كقوله: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللّهِ ﴾[المائدة: 38] وقوله: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ﴾[النور: 2] وقوله: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً﴾[النور: 4]؛ لكن قد علم أن المخاطب بالفعل لا بد أن يكون قادرًا عليه والعاجزون لا يجب عليهم، وقد علم أن هذا فرض على الكفاية، وهو مثل الجهاد؛ بل هو نوع من الجهاد, فقوله: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ﴾ [البقرة: 216] وقوله: ﴿وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ﴾[البقرة: 190] وقوله: ﴿إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ ﴾[التوبة: 39] ونحو ذلك هو فرض على الكفاية من القادرين و " القدرة " هي السلطان ؛ فلهذا: وجب إقامة الحدود على ذي السلطان ونوابه(11) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn11).
لقد شرع الله تعالى الحدود للانزجار عما يتضرر به العباد، وصيانة دار الإسلام عن الفساد والطهر من الذنب؛ ليست بحكمٍ أصلي لإقامة الحد؛ لأنها تحصل بالتوبة لا بإقامة الحد، ولهذا يقام الحد على الكافر ولا طهرة له(12) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn12).
إن حق الإمام في إسقاط الحد إذا وجد المسقط خاص بما هو حق لله تعالى، أو ما يغلب فيه حق الله، كحد الزنا والسرقة والشرب والحرابة, أما ما هو حق للعبد، أو يغلب فيه حق العبد فليس للإمام إسقاطه، وإنما يكون الإسقاط من صاحب الحق,ووجه ذلك كما يقول الفقهاء: أن حقوق الله تعالى مبنية على التسامح والعفو، فإذا وجد ما يسقطها، فالإمام نائب في الاستيفاء لحق الله تعالى فله إسقاطها. أما حقوق العباد، فإن مبناها على الشح والضيق، والعبد بحاجة إلى استيفاء حقه، فيتوقف الاستيفاء على طلبه(13) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn13).
كما إن الحدود الشرعية كما وجبت بنص شرعي، لا تسقط بعد وجوبها وثبوتها عند الإمام إلا بنص شرعي، أو إجماع، فلا بد فيها من التوقيف أو الاتفاق، فلا مجال فيها للأهواء الشخصية، والأغراض الدنيوية، وليس لذلك سبيل في إسقاط حد أو وجوبه. ومن هنا: شرع التثبت في الحكم على من فعل ما يوجب الحد؛ فشرع الإقرار الصريح، وتعدد الشهود والإمام مندوب إلى الاستفسار عن كل الملابسات الممكنة قبل إصدار الحكم, وفي ذلك تعظيم لأحكام الله، ووقوف عند حدوده، واحترام لحقوق الإنسان؛ لئلا يؤخذ البريء بذنب غيره، ولئلا يعاقب من لا يستحق العقوبة(14) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn14).
إن العقوبات الشرعية المقدرة تتفاوت من حيث الحق الغالب فيها: فقد يكون الاعتداء فيها على حق الجماعة، وأمر الله وشرعه غالبًا، ففي هذه الحالة يكون الغالب فيها حق الله تعالى، فيجب استيفاؤه ولا يحل لأحد إسقاطه, وقد يكون الاعتداء فيها –غالبًا- يخص الأفراد، وحقوق العباد، فيكون حق العبد هو الغالب، وفيها حق لله، وهو: مخالفة أمره، وتعدي حدوده، فمصلحة العقوبة فيها تعود إلى الأفراد، وفي هذه الحالة يصح للعبد إسقاط الحد، كما في حد القذف.
إن ورود النصوص الشرعية في وجوب تنفيذ الحدود معناه أن الإمام ملزم باستيفاء الحد، إذا توفرت الشروط وانتفت موانعه. وورود النص القطعي في وجوب استيفاء الحد، لا يمنع ورود الإسقاط على تلك الحدود، فإذا طرأ على الحد ما يسقطه، وترجح لدى الإمام إسقاطه، فله ذلك سواء قبل الحكم أم بعده.

محمد رافع 52
12-11-2011, 08:55 PM
الحدود رحمة:
الإسلام ينظر لحقوق الإنسان على أنها منحة إلهية، ليست منحة من مخلوق لمخلوق مثله، يمن بها عليه إن شاء أو يسلبها منه متى شاء، بل هي حقوق قررها الله له بمقتضى فطرته الإنسانية، فهي تتمتع بقدر كاف من الهيبة والاحترام والقدسية فلا يتجرأ شخصعلى انتهاكها أو الاعتداء عليها, أما ما يثيره المبطلون من أن إقامة الحدود الشرعية اعتداء على حقوق الإنسان فهذهشبهة باطلة عقلًا وشرعًا، والمتأمل لحال المجتمعات التي تطبق فيها الحدود والأخرى التي لا تطبق فيها ليجد البون الشاسع في استقرار تلك المجتمعات، وانتشار الأمن فيها، فيشعر الإنسان بطمأنينة نفسية، وسكينة قلبية، وأمن مستتب، بل إن تطبيق الحدودالشرعية على المجرمين خير وسيلة للقضاء على الجريمة، وخير وسيلة لحفظ الدماء أن تسفك، والحياة من أن تهدر، والأعراض من أن تنتهك، والأنساب من أن تختلط، والأموالمن أن تضيع أو تؤكل بالباطل، والعقول من أن تختل، والدين من أن يتخذ سخرية وهزوًا(15) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn15)، ولقد أخرج المجتمع الإسلامي الأول أناسًا ارتكبوا حدودًا، وكان لهم أن يستروا على أنفسهم، لكنهم كانوا هم الذين يذهبون بأنفسهم لإقامة الحد عليهم، أفبعد ذلك كله، يأتي من يجهلون الإسلام ويقولون: إن الحدود تعذيب وقسوة! بل إن الحدود حفاظ ورحمة(16) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn16).
والإسلام حين وضع الحدود لم يكن يهدف من ورائها إشباع شهوة تعذيب الناس، بل يطبق الحدود في حدود ضيقة، فيدرأ الحد بأدنى شبهة، ولا يقام إلا إذا وصل إلى الحاكم المسلم، فإن لم يصل، فللذي ارتكب الحد أن يتوب إلى الله تعالى, ثم إن الناظر إلى تطبيق الحدود يعلم أن هذا التطبيق يمنع ارتكابه وتكرره مرة أخرى، وإن إقامة الحدود في عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وعهد الخلفاء الراشدين لم يتعد حدود أصابع اليدين، ثم إن اللِّين لا يجدي في كل موقف من المواقف، بل القسوة والشدة لهما أثرهما في الإصلاح أحيانًا كثيرة. وما تفعله دول العالم المتحضر أدعياء الديمقراطية وحقوق الإنسان لهو أشد مما يمكن أن يوصف بأنه قسوة، وخذ سجن أبو غريب وغوانتنامو مثالاً على عدم القسوة في أعرافهم، كما يحاول البعض من أعداء الإسلام أن يصوروا تطبيق الحدود على أنه تعذيب وقسوة وتنكيل، وهم حين يفكرون في ذلك الأمر، يفكرون في منظر تقطيع اليد، أو الجلد أو الرجم لمن أتى حدًا من حدود الله، ويتناسون تمامًا الأضرار التي نجمت عن ارتكابهم الحدود، من أموال الناس التي انتهبت، والتي ربما تسببت في فقر أصحابها، أو هتك الأعراض واختلاط الأنساب وفساد المجتمع، أليس من الأنفع للمجتمع أن تقطع يد كل عام، ويشيع الأمن بين الناس، ويطمئن الناس على أموالهم وأعراضهم، بدلاً من إشاعة الخوف في نفوسهم وقلوبهم من أولئك الذين يرتكبون جرمًا في حق أنفسهم قبل أن يرتكبوا جرمًا أعظم في حق الناس(17) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn17).
إن إقامة حدود الله في الأرض رحمة للعباد، فلم يشرع في الكذب قطع اللسان ولا القتل، ولا في الزنى الخصاء، ولا في السرقة إعدام النفس، وإنما شرع لهم في ذلك ما هو موجب أسمائه وصفاته من حكمته ورحمته، ولطفه وإحسانه وعدله، لتزول النوائب، وتنقطع الأطماع عن التظالم والعدوان، ويقتنع كل إنسان بما آتاه الله مالكه وخالقه، فلا يطمع في أخذ حق الآخرين, ومتى قضي على الجريمة أو ضاق نطاقها فإن الأمن يستقر، ويتوفر الرخاء، وتتسع الأرزاق ويصبح المجتمع هادئًا مستقرًا لا يعاني من قلاقل أو اضطرابات، فضلاً عن كون ذلك كله وقبل كل شيء هو امتثال لأمر الله عز وجل واحتكام إلى شرعه القويم.
إذا لم تطبق الحدود الشرعية تحولت إلى عقوبات كونية:
قال تعالى: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا ﴾[طه: 124] إن الله تعالى أمرنا نحن المسلمين أن نقيم الحدود على أصحاب المعاصي، فإذا تخلينا عن إقامة الحدود فإن هذه العقوبة الشرعية التي كان من المفروض أن نقوم بها نحن، تتحول بإذن الله تعالى إلى عقوبة كونية عامة، وإذا كان الحد الشرعي إنما يتناول العاصي فقط، فإن العقوبة الكونية العامة قد تشمل المباشر للجريمة وغير المباشر، ولهذا جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لما كُلِّم في المخزومية (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=157&ftp=alam&id=1002856&spid=157) التي كانت تسرق، فقالوا: من يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أسامة بن زيد (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=157&ftp=alam&id=1000103&spid=157) حبَّه وابن حِبّه، فقال: النبي صلى الله عليه وسلم: «أتشفع في حد من حدود الله؟! ثم قال: إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=157&ftp=alam&id=1000071&spid=157) سرقت؛ لقطع محمد صلى الله عليه وسلم يدها»(18) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn18), وحاشاها رضي الله عنها من ذلك، لكن هذا مثال في العدالة، حتى على بنت الرسول عليه الصلاة والسلام، وليس في المجتمع الإسلامي من يجري في عروقه دم مقدس، فهو فوق النظام والعدالة أو -كما يقال- فوق القانون، إنما يخضع الجميع لشريعة الله عز وجل، الكبير والصغير أمام شريعة الله تعالى سواء، وقد جاء عمر (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=157&ftp=alam&id=1000033&spid=157) رضي الله عنه بـابن عمرو بن العاص (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=157&ftp=alam&id=1000236&spid=157)، وطلب من القبطي الأجنبي البعيد بل والكافر أن يأخذ الدرة ويضعها على رأسه ويضربه ويقول: اضرب ابن الأكرمين، خذ حقك، انتصر من ابن الأكرمين، وفي بلاط أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=157&ftp=alam&id=1000033&spid=157) رضي الله تعالى عنه وأرضاه، الذي اشتهر عنه قوله: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا(19) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn19).
إذن: عقوبة الحد -مثلاً- على السارق بالقطع، أو عقوبة رجم الزاني المحصن، أو عقوبة جلد غير المحصن، أو أي حد شرعي أمر الله تعالى به، إذا فعله الناس أمنوا واطمأنوا على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم، وأرغد عليهم الله تعالى بالعيش، فإذا قصروا ولم يقوموا بالحدود، فإن هذه العقوبة الشرعية تتحول إلى عقوبة كونية، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «إنما أهلك الذين من قبلكم...» أهلكوا لماذا؟ لأنهم عطلوا الحدود؛ لم يقيموا الحدود الشرعية، فنـزلت عليهم العقوبات الكونية القدرية التي لا يدلهم في دفعها، وهي عقوبات عامة تشمل الجميع، ثم يبعثون على نياتهم كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم(20) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn20). وهذا مصداق قوله تعالى: ﴿وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [الأنفال: 25]ولا شك أن تعطيل حدود الله من أشد الظلم.

محمد رافع 52
12-11-2011, 08:57 PM
مميزات الحدود في الشريعة الإسلامية:
إن الشريعة الإسلامية شريعة متكاملة، صالحة لكل زمان ومكان، عادلة في تشريعاتها وأحكامها، وهذا يتجلى في موازنة التشريع لأنواع العقوبات الشرعية بأنواع موجباتها، فجعل شدة العقاب مقابل شدة أثر الجريمة، وخطرها على المجتمع الإسلامي أفرادًا وجماعات, وهذا يتجلى لنا واضحًا في عقوبة الزاني المحصن، وعقوبة المحارب، فشدة العقوبة فيهما نظرًا لشدة الجريمة البشعة، وفي مقابل ذلك: عقوبة القذف، فهي أخف الحدود ضربًا، لأن جريمة القذف أقل أثرًا من الزنا والحرابة. ومن مميزات هذا التشريع: المساواة بين مستحقي العقوبة الشرعية المقدرة، فلا تسقط عن الشريف لمنـزلته بين الناس أو جاهه أو سلطانه، ولا تسقط عن الغني لكثرة أمواله، وهذا يتجلى لنا واضحًا في قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث:«لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها»(21) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn21).
كما إن ورود الإسقاط على الحدود الشرعية لا يضعف من قطعيتها في الوجوب، ولا يؤدي إلى تعطيلها –كما يقوله بعض المتأخرين- وإنما الإسقاط الشرعي يعني: استثناء حالة الإسقاط من حكم النص الدال على وجوب الحد، وهذا أمر له شواهد كثيرة في الأحكام الشرعية؛ كما في الصلاة، والصيام والحج والكفارات، فمثلاً: الصلاة واجبة على كل مسلم ومسلمة، وتسقط عن المرأة في أيام حيضها فتركها للصلاة في هذه الفترة ليس تعطيلًا للنص الدال على الوجوب المطلق، وإنما تمشيًا مع النصوص الأخرى الدالة على استثناء هذه الحالة من الحكم العام. وهذا هو الشأن في الحدود إذا ورد ما يسقطها بنص أو إجماع(22) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn22), بالإضافة إلى أن الأخذ بقاعدة درء الحدود بالشبهات يؤدي غالبًا إلى تبرئة المتهم من الجريمة المنسوبة إليه، ودرء العقوبة الحدية عنه كأن تكون الشبهة قائمة في ركن من أركان الجريمة، أو في طرق إثباتها، وقد تستدعي الحال أحيانًا بعد درء الحد إلى استبدال ذلك بعقوبة تعزيرية بدلاً من الحد المشتبه فيه، كمن أقر بحد من الحدود الشرعية، ثم عدل عن إقراره لشبهة قوية، فإن الإمام يدرأ عنه الحد، وله أن يعاقبه عقوبة تعزيزية ليكون أبلغ في ردعه وزجره.

محمد رافع 52
12-11-2011, 09:00 PM
الحدود في جميع الشرائع:
ثم إن هذه الحدود التي نتحدث عنها لم تكن بدعًا من الأمر ولا هي فقط في شريعتنا نحن المسلمين ليتصدى لها أعداء الإسلام؛ بل قد أمر الله تعالى بها في جميع الشرائع السماوية، فقد أمر الله بإقامة الحدود في التوراة المنزلة على موسى عليه السلام، فعن نافعٍ عن ابن عمر أنه قال: «إن اليهود جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا أن رجلاً منهم وامرأةً زنيا فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما تجدون في التوراة في شأن الرجم ؟" قالوا: نفضحهم ويجلدن, قال عبد الله بن سلامٍ: إن فيها لآية الرجم, فأتوا التوراة فنشروها, فوضع أحدهم يده على آية الرجم, فقرأ ما بعدها وما قبلها, فقال له عبد الله بن سلامٍ: ارفع يدك, فرفع يده, فإذا فيها آية الرجم، فقالوا: صدق يا محمد فيها آية الرجم، فأمر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجما, قال عبد الله بن عمر: فرأيته رجلاً يجنأ على المرأة يقيها الحجارة»(23) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn23) .
قال القاضي أبو بكر بن العربي جاءوا محكمين له في الظاهر ومختبرين في الباطن هل هو نبي حق أو مسامح في الحق فقبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم إفتاءهم وتأمل سؤالهم وهذا يدل على أن التحكيم جائز في الشرع انتهى, كما أن فيه وجوب حد الزنا على الكافر, وبه قال الشافعي وأحمد وأبو حنيفة والجمهور ؛ قال ابن عبد البر: قال مالك وإنما رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهوديين ؛ لأنه لم تكن لليهود يومئذ ذمة وتحاكموا إليه ، وقال الطحاوي -لما ذكر كلام مالك- هذا: لو لم يكن واجبًا عليهم لما أقامه النبي صلى الله عليه وسلم قال وإذا كان من لا ذمة له قد حده النبي صلى الله عليه وسلم في الزنا فمن له ذمة أحرى بذلك(24) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn24).

محمد رافع 52
12-11-2011, 09:28 PM
شبهات وردود:
أما ما يثار بين الفينة والأخرى من أن العقوبة غيرمنضبطة وأنها ترجع لهوى القضاة وشهواتهم؛ فهذا غير صحيح؛ ذلك أن العقوبة على جرائم الحدود (وهي الزنا، والقذف، وشرب المسكر، والسرقة، والحرابة، والردة، والبغي) مقننة ومحددة لا يزاد فيها ولا ينقص، وليس للقاضي أي سلطة تقديرية في ابتداع عقوبات جديدة لم ينص عليها الشارع الحكيم، وكذلك عقوبات جرائم القصاص والديات، أما ما عداها من الجرائم التي لم ينص على عقوبتها في الشريعة الإسلامية وهي جرائمالتعازير، فللقضاة حق الاجتهاد فيها وأن يختار القاضي العقوبة الملائمة للمتهم، وهذا يختلف باختلاف أحوال الناس، فلا يشترط أن يتساوى المتهمون في نوع العقوبة وقدرها، وإنما المطلوب أن يتساووا في أثر العقوبة عليهم، والأثر المرجو من العقوبة هو الزجر والتأديب، فبعض المتهمين ينزجر بالتوبيخ، وبعضهم لا ينزجر إلا بالجلدوالسجن، وهكذا(25) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn25).
كما زعم بعضهم أن إقامة الحدود الشرعية بصفة عامة (من قتل وقطع ورجم ) على المجرمين فيه من القسوة البالغة والوحشية التي لا تتناسب مع عصرنا الحاضر.
والجواب على هذه الشبهة من وجوه:
1-إن هذه الحدود ثابتة في الشريعة الإسلامية لحكم عظيمة قد تظهر لقوم وتخفى على آخرين, فلا يضرنا نحن المسلمين أن عرفنا الحكمة أو جهلناها, فلله الحكمة البالغة في كل تشريع.
2-إنه مما هو مسلم به بين العقلاء أن كل عقاب لابد فيه من شدة وقسوة, حتى لو ضرب الرجل ولده مؤدبًا له لكان في ذلك نوع من القسوة, فالزعم بوجود عقاب من دون شيء من القسوة مكابرة ظاهرة, فليسموها ما شاؤا, وإذا لم تشتمل العقوبات على شيء من القسوة والشدة فكيف ستكون رادعة وزاجرة للمجرمين وضعاف النفوس ؟! .
3-إننا لو تركنا إقامة الحدود الشرعية لما تزعمونه من القسوة لأوقعنا أنفسنا والمجتمع في قسوة أشد منها, فمن الرحمة بالمجتمع وبالمحدود أن نقيم الحد عليه, ولنضرب مثالاً يقرب المراد: ما قولكم في الطبيب الذي يجري عملية جراحية فيستأصل بمشرطه المرهف بضعة من جسم المريض ليعالجه, أليس في هذا مظهر من مظاهر القسوة؟ بلى, ولكنها قسوة في الجزء المستأصل, رحمة وشفقة في باقي أجزاء الإنسان؛ وكذلك نقول في قسوة الحدود, فحرصًا على سلامة جسم المجتمع من الفساد والمرض كان من الحزم والعقل القسوة على الجزء الفاسد منه, ليسلم باقي أعضاء المجتمع .
4-إن الإسلام قبل أن يحكم عليه بالحد قدم له من وسائل الوقاية ما كان يكفي لإبعاده عن الجريمة التي اقترفها لو كان له قلب حي وضمير, لكنه لما أغلق قلبه وألغى عقله ونزع من ضميره الرحمة استحق أن يعاقب من جنس صنيعه.

محمد رافع 52
12-11-2011, 09:30 PM
قسوة حد السرقة:
كما زعم بعضهم أن تطبيق حد السرقة امتهان لكرامة الإنسان وتشويه لخلقته وسمعته, بل فيه تعطيل لجزء من المجتمع وتمثيل له . والجواب على هذه الشبهة من وجوه:
1- حد السرقة حكم ثابت في الشريعة الإسلامية لا يحل لأحد تعطيله علمنا الحكمة منه أم لم نعلم, قال الله تعالى: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [المائدة: 38], وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ فِي رُبُعِ دِينَارٍ»(26) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn26).
2-إنه من الرحمة بالمحدود وبالمجتمع استئصال اليد الفاسدة منه؛ منعًا لانتشار الفساد والفوضى واختلال الأمن في المجتمع .
3-إطلاق السارق من دون عقاب رادع له؛ يجعل الناس في شغل شاغل لحماية ممتلكاتهم بأنفسهم أو بواسطة شركات الأمن, وفي هذا من الهدر للأموال والأوقات الشيء الكثير.
4-ولنتحاكم إلى الواقع: فمن المسلمات عند من عنده أدنى حد من الاطلاع أن إهمال هذا الحد أو استبداله بغيره يصّير المجتمعات غابة لا أمن فيها ولا أمان, ولننظر إلى المجتمعات الغربية, فبالرغم مما وصلوا إليه من الحضارة المدنية إلا أن جرائم السرقة عندهم في ازدياد كبير, بخلاف المجتمعات التي تقيم الحدود, فإن الأمن فيها واضح, ولا يمكن مقارنة ما فيها من السرقات بغيرها من المجتمعات.
5-إننا نشاهد ما جعلوه عقابًا للسرقة من السجن لمدة معينة فلا نرى له أثرًا على السرَّاق, بل هو بمثابة المدرسة والجامعة التي يتبادل فيها المجرمون الخبرات الإجرامية.
قال معترض على قطع يد السارق:

يد بخمسين عسجد وديتما بالها قطعت في ربع دينار

فأجابه آخر:

عز الأمانة أغلاها وأرخصهاذل الخيانة فافهم حكمة الباري




6- على أنه لا يتم تنفيذ حد السرقة في الإسلام إلا بعد تحقق شروط وضوابط معينة كبلوغ النصاب في المال المسروق, وانتفاء الشبهة التي تمنع إقامة الحد كسرقة من أشرف على الهلاك ولم يجد ما يبقيه على قيد الحياة .

محمد رافع 52
12-11-2011, 09:31 PM
قسوة حد الزنا:
وزعم بعضهم أن في جلد أو رجم الزاني قسوة بالغة, واعتداء على الحرية الشخصية للناس, كما أن استخدام الرجم وسيلة للقتل وحشية لا تتناسب والقرن العشرين.
والجواب على هذه الشبهة من وجوه:
1- حد الزنا حكم ثابت في الشريعة الإسلامية لا يحل لأحد تعطيله علمنا الحكمة منه أم لم نعلم. قال الله تعالى: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾[النور: 2].
2- إن الله تعالى حرم الزنا وغلظ عقوبته لما له من الآثار الوخيمة على الفرد والمجتمع فمن ذلك: تفشي الجرائم الخلقية والانحلال، وتفشي الأوبئة والأمراض الفتاكة كمرض نقص المناعة (الإيدز)، وتفكك أهم رابطة اجتماعية وهي الأسرة، فإنها تهدم النسيج الاجتماعي والرابط التكافلي بين مجموعاته، وفيه تقويض لدعائم الأمم وهدم لمجدها لما فيه من تعطيل النسل الصالح, وقتل النخوة, والشهامة, وقطع الروابط الإنسانية من أبوة وأخوة وبنوة وأمومة، ولما يفرزه الزنا من ضياع أنفس ومهج في المجتمع دون ذنب منها, فابن الزنا ضائع منبوذ في المجتمع, يقاسي صنوف الحرمان والمهانة, مما يولد أشخاصًا يكرهون مجتمعاتهم ويحقدون على أهلها, ولما فيه من الخلط في الأنساب, وإلحاق الأبناء بغير آبائهم, وأخذهم حقوقًا لا يستحقونها.
3- الغريزة الجنسية مركبة في الإنسان, فإذا لم يجعل العقاب الرادع للزنا تحولت المجتمعات إلى بؤرة فساد وانحلال، وعُزِف عن الزواج الذي أحله الله وأراده لعباده.
4- كما شدد الشارع في عقوبة الزنا إلا أنه جعل له من الاحتياطات والشروط ما يضيق معه إقامة الحد, فلم يجعل الشارع السبيل إلى إثبات الحد إلا في حالتين:
الأولى: اعترافهما اعترافًا صريحًا لا رجعة فيه ولا إكراه.
والثانية: شهادة أربعة عدول بأنهما رأياهما حال الزنا رؤية صريحة (أي رؤية الإيلاج) مع اتفاق رؤيا الجميع, وهذا العدد من الشهود يصعب توافره, إلا إذا كانا مجاهرين أمام الناس بفعلتهما, ولذلك قل ثبوت الزنا بهذه الطريقة جدًا عبر التاريخ.
5- ثم إن الشارع الحكيم فرق بين المحصن وغير المحصن في العقوبة, فجعل على غير المحصن مائة جلدة وتغريب عام, وحكم على المحصن بالرجم حتى الموت, ولا يخفى ما بين الاثنين من فرق.
6- أما عن العقوبة بالرجم حتى الموت فليس المراد منها مجرد القتل- والله أعلم - بل المراد من ذلك الزجر والردع عن الإقدام على هذه الجريمة الشنعاء في حقه وحق مجتمعه, وكذلك فيها من العبرة لمن تسول له نفسه الزنا, لذا أمر الشارع بأن يحضر حال تنفيذ الحد جماعة من المؤمنين, قال الله تعالى: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النور: 2].
7- ثم إن الإسلام لم يوجب هذه العقوبة على الزاني إلا بعد أن سد الطرق والوسائل المفضية إلى الزنا, ومن ذلك: تحريم النظر إلى المرأة الأجنبية, وتحريم الخلوة بها, وغيرها من العوامل المؤدية إلى إثارة الغرائز وتأجيج الشهوات. وعمل على علاج ذلك بالحث على التبكير بالزواج, وتيسير أموره ومتطلباته, حتى يتم تفريغ هذه الغريزة بالشكل المناسب(27) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn27).

محمد رافع 52
12-11-2011, 09:34 PM
شدة حد القذف:
زعم بعضهم أن حد القذف وهو الجلد ثمانين جلدة شديد قاسي لا يصلح لزماننا هذا.
والجواب على هذه الشبهة من وجوه:
1- حد القذف حكم ثابت في الشريعة الإسلامية لا يحل لأحد تعطيله علمنا الحكمة منه أم لم نعلم. قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ^ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [النور4-5] .
2-حد القذف يرد للمجني عليه اعتباره, ويعيد عليه كرامته .
3-ما في هذا الحد من وقاية أعراض الناس بمنع إلصاق التهم بهم وتشويه سمعتهم .
4-ترك إقامة الحد يجرئ السفهاء على اتهام الشرفاء, مما يزرع في المجتمع بذور الحقد والبغضاء والكراهية بين الناس, وربما أفضى بالمجني عليه إلى الانتقام بالقتل أو غيره حتى يسترد كرامته.
5-إن القاذف حين يقذف أخاه فإنه يؤلمه إيلامًا نفسيًا, فكان من المناسب إيلام القاذف بدنيًا, ونفسيًا جزاء صنيعه.
6-ولما كان القاذف يريد بقذفه تحقير المقذوف كان جزاؤه أن يحقر من الجماعة كلها, وذلك بإسقاط عدالته؛ فلا تقبل له شهادة, ويوصف بالفسق حتى يتوب توبة نصوحًا.
7-أن الإسلام يسد جميع الأبواب المفضية إلى الزنا ويعالجها بشتى الطرق, فالرمي بالزنا وكثرة سماعه قد يهونه في النفوس مما قد يغري بهذه الجريمة, فإذا كانت نادرة الذكر في المجتمع فإنها تبقى مرهوبة لدى الناس, مستبشع الوقوع فيها, وبذلك نحافظ على نزاهة المجتمع وطهارته.

محمد رافع 52
12-11-2011, 09:36 PM
إقامة حد السكر معارض لحرية الإنسان:
زعم بعضهم أن تنفيذ حد السكر فيه انتهاك صارخ لحرية الإنسان الشخصية, وتدخّل في خصوصياته, فضلاً عن ما فيه من الغلظة والقسوة التي يأباها عالمنا المتحضر اليوم.
والجواب على هذه الشبهة من وجوه:
1-حد السكر حكم ثابت في الشريعة الإسلامية لا يحل لأحد تعطيله علمنا الحكمة منه أم لم نعلم. قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ^إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ﴾ [المائدة90-91]. وعن أنس بن مالك قال: «إن نبي الله صلى الله عليه وسلم جلد في الخمر بالجريد والنعال, ثم جلد أبو بكر أربعين, فلما كان عمر ودنا الناس من الريف والقرى قال: ما ترون في جلد الخمر؟ فقال عبد الرحمن بن عوف: أرى أن تجعلها كأخف الحدود, قال: فجلد عمر ثمانين»(28) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn28).
1-إن الإنسان في الشريعة الإسلامية ليس له الحرية المطلقة في مأكله ومشربه, بل هنالك ما هو ممنوع من تناوله لسبب من الأسباب كالضرر والقذارة ونحوهما.
2- اهتم الشارع بالحفاظ على سلامة العقل البشري, فقطع كل الوسائل المؤدية إلى تغييبه أو إتلافه والخمر من أخطر هذه الوسائل.
3-إن الخمر تضع متعاطيها في وضع مزرٍ مهين غير لائق بالحيوان, فضلاً عن الإنسان, فتخرجه عن احتشامه ووقاره بل وعن بشريته في بعض الأحيان, فالخمر تحدث تغييرًا ضارًا في نفسية الإنسان, فتولد فيه الشعور بالنقص والاحتقار والقلق والاضطراب النفسي .
4-إنها إسراف للمال فيما يضر ولا ينفع, يكلف الفرد والدول الخسائر الفادحة .فقد ذكرت بعض التقارير التي نشرت عام 1980م أن فرنسا تخسر على الخمور في العام الواحد ما يربو على (سبعة آلاف مليون دولار), وأن الولايات المتحدة الأمريكية تخسر ما يربو على (ثلاثين ألف مليون دولار) سنويًا، كما إنها تلهي الإنسان عن عمله وتشغله عما ينفعه ويعود عليه وعلى مجتمعه بالنفع والفائدة.
6-إنها تحول الإنسان إلى شخص أناني ينفق ماله على ملذاته وشهواته ويترك زوجته وأولاده دون رعاية واهتمام، فمن ذلك كله يعلم لماذا جاء الشرع بتحريم الخمر وترتيب العقوبة الرادعة على من شربها(29) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn29).

محمد رافع 52
12-11-2011, 09:38 PM
نتائج حول البحث:
ولعل من الضروري أن نعرّج على بعض النتائج التي يمكن أن تستفاد من هذا البحث وكذلك من خلال اطلاعنا على كلام الفقهاء حول الحدود الشرعية وتفاصيلها ونجعلها بشكل نقاط موجزة لئلا يطول بنا البحث، وليلم القارئ ببعض أهم المعلومات حول هذا الموضوع لما فيه من الأهمية، لاسيما ونحن نتصدى للرد على المخالفين وأصحاب الأهواء:
1- إن العفو من العبد لا مدخل له في الحدود الشرعية، الواجبة لحق الله تعالى، كالزنا والسرقة والشرب وهو خاص بما هو حق للعبد، أو يغلب فيه حق العبد كحد القذف.
2- التوبة لا تعفي صاحبها من حد القذف.
3- التوبة تعفي صاحبها من الحد في الزنا، والسرقة والشرب إذا كانت قبل الرفع إلى الإمام، بشرط الإصلاح معها، فلا يجب على الإمام إقامة الحد في هذه الحالة، إلا أن يصر صاحب الحد على إقامته، فيقيمه عليه تطهيرًا له من الذنب, أما التوبة بعد الرفع إلى الإمام فلا تعفي صاحبها من الحد بل تجب.
4- التداخل يسقط الحد إذا تكررت الحدود من جنس واحد قبل الحد فيجزئ عن الجميع حد واحد، وتسقط عقوبة ما سواه, أو بعبارة أخرى إذا تعددت العقوبة الشرعية في محل واحد، فإن استيفاء أحدها مسقط لما سواه ضرورة لفوات المحل.
5- التقادم الزمني لا أثر له على استيفاء الحدود الشرعية، سواء تقادمت الجريمة قبل ثبوتها أم تقادمت العقوبة قبل استيفائها.
6- الرجوع عن الإقرار بعد الحكم مسقط للحد عن المقر، إذا دل دليل على صحة رجوعه، وأمكن تصديقه فيه لشبهة راجحة.
7- رجوع الشهود عن شهادتهم بعد الحكم وقبل الاستيفاء مسقط للحد عن المشهود عليه.
8-إن من أصاب حدًا في دار الحرب لا يستوفى منه فيها، وإنما يؤخر إلى رجوعه إلى دار الإسلام، فيستوفى منه فيها، ولا أثر لدار الحرب على سقوط الحد عنه.
9- الحدود الشرعية تجب حيث وجدت مسبباتها، ولا أثر لتعدد الجناة، واختلاف أحوالهم؛ فمن استحق العقوبة منهم لتوفر الشرط، وزوال المانع، يستوفى الحد منه, ومن وجد به مانع من الحد، أو شبهة فيختص به، ولا يتعداه إلى غيره ممن شاركه في فعل الجناية الموجهة للحد.
10- الشبهة القوية تسقط الحد سواء وجدت في الفعل أو الفاعل، أو الطريق المثبت للجناية فالحدود لا تقام مع الشبهات، وعلى الإمام أن يحتاط في الإثبات فدرء الحد بالشبهة خير من إقامته معها.
11- إذا ثبت حد الزنا على الزاني المحصن بشهادة الشهود، وحكم على المشهود عليه بالرجم، فإن بداءة الشهود بالرجم ليست شرطًا في الاستيفاء وامتناعهم عن الرجم لا يسقط الحد عن المشهود عليه(30) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn30).

محمد رافع 52
12-11-2011, 09:41 PM
صور من انعدام الحدود الشرعية:
لنرى واقع الحال في بعض الدول التي تركت العمل بشرع الخالق، وعاقبت على الجريمة بالقوانين الوضعية، لنرى حالهم بصورة إحصائيات لأعداد أطفال الزنا وجرائم السرقة وغيرها من الجرائم، هذه الجرائم أرقامها تتحدث بالتالي، في عام 1970م كانت إحصائية عدد الجرائم أكثر من مليون جريمة، وفي عام 1971م أي بعد عام واحد أصبحت عدد الجرائم إحدى عشر ونصف مليون جريمة، وعندما نأتي إلى التحديدات الأكثر في إحصائيات متأخرة؛ فإننا نجد - على سبيل المثال - في إحصائية 1988م عدد الذين قتلوا في جرائم القتل في مدينة نيويورك وحدها 1849 شخص، وفي عام 1970م كان هناك 16800 جريمة قتل، بينما تضاعفت في عام1974م إلى 21500 جريمة قتل, وهكذا نجد أن الجرائم تتضاعف؛ حتى كانت بعض الإحصائيات تدل على أنه في أمريكا تحصل جريمة قتل كل دقيقتين، وجريمة ****** كل عشرين دقيقة ثم يدخل المجرم إلى السجن ليأكل ويشرب، ويكون هذا أقصر طريق للبطالين والعاطلين عن العمل؛ لا يجدون قوتًا ولا مأوى فيقتل له أي إنسان حتى يدخل إلى السجن ويعيش مرفّهًا ومنعمًا، وفي ألمانيا القتل بالرصاص تضاعف عشرة أضعافأي في عام 1969م كان هناك ألفي جريمة بينما في عام 1970م ألفي وخمسمائة جريمة بينما في عام 1971م ثلاثة آلاف جريمة - والزيادة مضطردة حتى وصلت إلى عشرة أضعاف العددالأول,وفي بريطانيا عدد جرائم القتل 15759 جريمة عام 1969م، وفي عام 1970م قفز الرقمإلى 41088 جريمة قتل، ثم وصل بعد ذلك إلى 50000, والزيادة أيضًا باستمرار.
ولقد وجدت في ألمانيا طفلة مشوهة ومعتدى عليها،وفي حالة يرثى لها ونقلت إلى المستشفى، ورغم الإسعاف والنقل إلى المستشفى ماتت ولما كانت مجهولة الهوية أعلنت المستشفى عن أوصاف الطفلة التي وجدت فيحالة سيئة وقتلت، وعلى من فُقدِت له ابنة أن يتصل، فاتصل بهذه المستشفى أكثر من500أسرة في نفس هذه المدينة فقط، تقول إنها فقدت بنات لها في مثل في هذا السن،في مثل هذا الوصف ولا يعرفون عنهم شيئًا، وهذا تقرير يلخص جرائم يوم واحد في أمريكا، يقول هذا التقرير إن الجرائم التي قبض فيها على مرتكبيها بالأعداد في يوم واحد على مستوى أمريكا 2253 من متعاطي الحشيش، ال****** 180 امرأة، القتل 53 شخص، السرقة2618سيارة، شرب الخمور 90بليون زجاجة بيرة، الهروب بالأطفال 2740 طفل، حمل النساءالمراهقات -من غير زواج طبعًا- 2740 ، الإجهاض 3231 ، الإصابات بالأمراض الناتجة عنمثل هذا 68493 شخص، هكذا تجد أن الجريمة صارت هي الأساس في مثل هذه المجتمعات من القتل إلى ال****** إلى السرقة ، وهذه الأعداد هي التي تضبط أما التي لا تضبط فهي أكثر من ذلك بكثير, أما لجنة تابعة للأمم المتحدة فقد كتبت في تقاريرها أن هناك عصابات كثيرة متخصصة في اختطاف الأطفال وممارسة الجنس، واستغلالهم في الدعارة بالصور، ولبيعهم أيضًا إلى عصابات أخرى تتولى مثل هذه الأمور، وفي إحدى المجلات في أغسطس 1983م، تقول هذه المجلة أن هناك أطفال يستخدمون في هذه الجرائم ويستخدمون في البيع، وأن هذه تجارة أصبحت رائجة ورابحة،وفي بحث أعده أحد دكاترة علم النفس- وهو أمريكي- على عينة من الأطفال الذين ينشأون في هذه المؤسسات، هؤلاء الأطفال الذين يولدون بطريقة غير شرعية وعندما أجري بحث على 22 من هؤلاء وجد أن نفسياتهم تتشكل بصورة عجيبة، فعندهم عدوان وأنانية، وسلبية وصعوبات في الأكل والكلام؛ لأنهم ينشأون في غير المحضن الأسري.
وفيعالم العلاقة بين الجنسين، تقولالإحصائياتأن واحد من كل أربعة أطفال يولدون لأم مراهقة غير متزوجة، يعني ولادة غير شرعية، ربع السكان طبعًا، هذا الذي يتجاوز وسائل منعالحمل وتجاوز عمليات الإجهاض؛ وإلا فإن النسبة تبلغ إلى أكثر من النصف، ولكن هؤلاءهم الذين يصلون إلى مرحلة الاكتمال والولادة، وفي مجلة التايم نشرت في غلاف عددها بعنوان [الأطفال يولدون الأطفال] نشرت فيه تحقيقًا عن فتيات في سن التاسعة والعاشرة والحادية عشرة، وهن قد أنجبن أطفالاً، طبعًا هؤلاء لا يعرفن أساليب منع الحمل والإجهاض، ولذلك هذه الطفولة مع الجريمة بين الجنسين تجتمعان معًا، ومن عام 1972م إلى عام 1974م ذكرت الإحصائيات في أمريكا 643 حالة إجهاض قانونية في السنة الواحدة في كل سنة من هذهالسنوات، أما في عام 1976م فقد شهدت أكثر من مليون حالة إجهاض، وتضيف الإحصائية أن 70%من عمليات الإجهاض تتم من قبل نساء غير متزوجات.
وفي مجلة واشنطن بوست ذكرت أن أعداداً كبيرة من النساء الأمريكيات يقبلن على قتل البنات بالإجهاض وهذا هو الوأد الجاهلي الذي يمارس في القرن العشرين بأبشع مما كان يمارس في الجاهلية(31) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn31) .
إن القوانين الوضعية الحديثة التي يعتبرها أهلها أكثر القوانين إحكامًا في مجال مكافحة الجريمة لم تنجح بعد فيما وضعت من أجله وهو مكافحة الجريمة بعد مرور أكثر من قرنين على تاريخ وضعها، وهذا باعتراف أهلها الأصليين ومنهم قاض في محكمة النقض الفرنسية الذي تعتبر بلاده قبلة العالم اليوم في مجال التشريع خصوصاً مستعمراتها السابقة ومنها الجزائر .
قال السيد موريس باتان رئيس محكمة النقض الجزائية الفرنسية في افتتاح مؤتمر الوقاية من الإجرام المنعقد في باريس سنة 1959م: أنا لست إلا قاضٍ في جهاز العدالة لم يخطر على بالي في أي وقت من الأوقات الاهتمام بأسس الوقاية من الإجرام لأن وظيفتي لم تكن هناك بل على العكس فقد كانت ولا تزال في العقاب لا في الحماية، كرست حياتي تبعاً لمهنتي القضائية الطويلة في محاربة المنحرفين حرباً سجالاً لا هوادة فيها، سلاحي الوحيد الذي وضعه القانون تحت تصرفي سلاح العقاب التقليدي، أوزع الأحكام القاسية والشديدة أحياناً على جيوش المجرمين والمتمردين ضد المجتمع، ساعياً ما أمكن إلى التوفيق بين نوعية العقاب وماهية الجريمة، وكنت أسأل نفسي دوماً كما كان الكثيرون من زملائي يتساءلون أيضاً عما إذا كان هذا السلاح قد أصبح في يدنا غير ذي شأن، وقد شعرت ولا أزال أشعر بكثير من الألم والمرارة بما كان يشعر به أولئك الذين تحدثنا الأساطير عنهم، أنهم كانوا يحاربون المسخ فكانوا كلما قطعوا رأساً من رؤوس هذا المسخ تنبت محله رؤوس ورؤوس، وقد تعاقبت السنوات وأنا ألاحظ بدهشة أن عدد المجرمين لا يزال مستقراً إن لم يصبح متزايداً، وأنه كلما كنا نرسل الكبار منهم إلى السجن أو إلى المنفى أو إلى المقصلة كان غيرهم يخلفهم في نفس الطريق بأعداد أكثر منهم(32) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn32).

محمد رافع 52
12-11-2011, 09:43 PM
وجه الإعجاز:
إن حقوق الإنسان في الإسلام ليست مطلقة بل هي مقيدة بعدم التعارض مع مقاصد الشريعة الإسلامية، وبالتالي بعدم الإضرار بمصالح الجماعة، والتي يعتبر الإنسان فردًا منأفرادها ومن ذلك أن الإسلام كفل للإنسان حرية الرأي والتعبير عن رأيه، فله الجهربالحق وإسداء النصيحة للعامة والخاصة فيما يحقق نفع المسلمين ويصون مصالح الفرد والمجتمع ويحفظ النظام العام، لكن هناك قيودوضوابط لا ينبغي تجاوزها في هذا الأمر ومنها:
أن تمارس حرية الرأي بأسلوب سلمي قائم على الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، فلا يجوز التعبير عن الرأي إذا كان في ذلك ضرر على الآخرين، أو اعتداء على حرماتهم وأعراضهم، أو اجتراء على الدين وأهله، أو تهييج للعامة على ولاة الأمور، وإيغار صدورهم عليهم(33) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn33).. .
إن الشريعة الإسلامية اعتبرت بعض الأفعال جرائم وعاقبت عليها لحفظ مصالح الجماعة ولصيانة النظام الذي تقوم عليه الجماعة، ولضمان بقاء الجماعة قوية متضامنة متخلقة بالأخلاق الفاضلة، والله الذي شرع هذه الأحكام وأمر بها، لا تضره معصية عاص، ولو عصاه أهل الأرض جميعًا، ولا تنفعه طاعة مطيع ولو أطاعه أهل الأرض جميعًا، ولكنه كتب على نفسه الرحمة لعباده، ولم يرسل الرسل إلا رحمة للعالمين لاستنقاذهم من الجهالة،وإرشادهم من الضلالة، ولكفهم عن المعاصي وبعثهم على الطاعة(34) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn34), كما أن العقوبة في الشريعة الإسلامية منضبطة بضوابط عدة من أهمها:
أن الشريعةالإسلامية تأخذ بقاعدة « لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص » منذ بزوغ فجر الإسلام, أما الأنظمة الوضعية فلم تعرف هذا المبدأ إلا في أعقاب القرن الثامن عشر الميلادي؛ إذ أدخلت في قانون العقوبات الفرنسي كنتيجة من نتائج الثورة الفرنسية،وتقررت لأول مرة في إعلان حقوق الإنسان الصادر سنة 1789م، ثم انتقلت إلى التشريعاتالوضعية الأخرى(35) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn35).
ويروي التاريخ أن هشام بن عبد الملك من خلفاء بني أمية عطل حد السرقة والحرابة سنة، فتضاعفت حوادثها وصار الناس غير آمنين على أنفسهم ولا على أموالهم من النهب والسلب، واستشرى خطر اللصوص في البوادي والحواضر، فلما تفاقم الأمر واضطربت الأحوال أعاد هشام بن عبد الملك العقوبة كما شرعها الله تعالى، فكان الإعلام بالإعادة وحده كافيًا لردع المجرمين وصيانة الحقوق وحفظ الأموال والنفوس(36) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn36).
ونجد أنه في الأربعين سنة الأولى من الدولة الإسلامية قطعت ستة أيادي فقط، وفي الجانب الآخر: الآلاف في السجون الأميريكية والأوروبية والملايين من الأحرار يخشون التجول بعد الثامنة مساءًا بسبب اللصوص والمجرمين, فأي الحكمين أصوب في مكافحة الجريمة؟
منذ مدة قررت حكومة أوكلاهوما الإفراج عن أعداد كبيرة من السجون لأنهم ارتكبوا أعمال بسيطة وذلك لإفساح المجال أمام المجرمينالأكثر خطورة حيث إن السجون قد أضحت مكتظة بالمجرمين!فالمجرم يكلف الدولة سنويًّا 30000 دولار أميريكي فأي الحكمين هو الأصوب ؟
هل هو القانون الوضعي أم الشريعة الإسلامية؟
إن المتأمل لنظامنا الجنائي في شرعنا الإسلامي ليعلم علم اليقين أنه لا يمكن أن تستقيم حياة الناس إلا بنظام يضعه خالقهم سبحانه وتعالى.

فلله الحمد أولاً وآخرًا أن هدانا للإسلام ولتحكيم شريعة الله تعالىفي البلاد وبين العباد.



إعداد: قسطاس إبراهيم النعيمي


مراجعة: علي عمر بلعجم



(1) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref1) إعداد معتز الخطيب - http://www.islamonline.net/Arabic/contemporary/2005/06/article03.shtml (http://www.islamonline.net/Arabic/contemporary/2005/06/article03.shtml)

(2) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref2) - صحيح البخاري:1/ 27, برقم: 48.

(3) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref3) - كنز العمال: 12/873, برقم: 36010.

(4) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref4) مشاهدات في مؤتمر القضاء والعدالة - http://www.alriyadh.com/2005/12/30/article119219.html (http://www.alriyadh.com/2005/12/30/article119219.html)

(5) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref5) شبكة التربية الإسلامية الحديثة. - http://2bac.medharweb.net/moamalat/index508c.html?book=16&id=35 (http://2bac.medharweb.net/moamalat/index508c.html?book=16&id=35)

(6) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref6) - التاج المذهب لأحكام المذهب: 6/472.

(7) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref7) - الفتاوى الهندية: 15 / 57.

(8) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref8) شبكة التربية الإسلامية الحديثة- http://2bac.medharweb.net/moamalat/index508c.html?book=16&id=35 (http://2bac.medharweb.net/moamalat/index508c.html?book=16&id=35)

(9) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref9) - سنن النسائي: 8/75، قال الشيخ الألباني: ( حسن ) انظر حديث رقم: 3130 في صحيح الجامع.

(10) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref10) - ابن ماجة2/846, برقم: 2540 قال الشيخ الألباني: صحيح انظرالسلسلة الصحيحة 2/274, برقم: 670.

(11) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref11) - مجموع فتاوى ابن تيمية 9/138.

(12) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref12) - المرجع السابق.

(13) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref13) مسقطات الحدود في الشريعة الإسلامية [رسالة ماجستير] د. إبراهيم بن ناصر بن محمد الحمود موقع الإسلام اليوم- http://islamtoday.net/questions/show_ResearchScholar_content.cfm?Res_ID=226 (http://islamtoday.net/questions/show_ResearchScholar_content.cfm?Res_ID=226)

(14) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref14)- المرجع السابق.

(15) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref15) مشاهدات في مؤتمر القضاء والعدالة - http://www.alriyadh.com/2005/12/30/article119219.html (http://www.alriyadh.com/2005/12/30/article119219.html)

(16) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref16) شبكة التربية الإسلامية الحديثة- http://2bac.medharweb.net/moamalat/index508c.html?book=16&id=35 (http://2bac.medharweb.net/moamalat/index508c.html?book=16&id=35)

(17) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref17) - المرجع السابق.

(18) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref18) - صحيح البخاري: 11 / 294, برقم: 3216.

(19) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref19) - تقدم تخريجه في مقدمة هذا البحث.

(20) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref20)مطارق السنن الإلهية (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=FullContent&audioid=14001))للشيخ: (سلمانالعودة (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=lecview&sid=157)
( -http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=FullContent&audioid=121951 )

(21) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref21) مسقطات الحدود في الشريعة الإسلامية [رسالة ماجستير] د. إبراهيم بن ناصر بن محمد الحمود موقع الإسلام اليوم-http://islamtoday.net/questions/show_ResearchScholar_content.cfm?Res_ID=226 (http://islamtoday.net/questions/show_ResearchScholar_content.cfm?Res_ID=226)

(22) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref22) - المصدر السابق.

(23) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref23) - صحيح البخاري: 11 / 465، برقم: 3363

(24) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref24) - طرح التثريب: 8 / 152.

(25) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref25) مشاهدات في مؤتمر القضاء والعدالة - http://www.alriyadh.com/2005/12/30/article119219.html (http://www.alriyadh.com/2005/12/30/article119219.html)

(26) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref26) - صحيح البخاري: 21/ 52, برقم: 6292.
(27) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref27) شبهات حول حقوق الإنسان في الإسلام - http://faculty.kfupm.edu.sa/IAS/DRSAEEDQ/ias3227.doc (http://faculty.kfupm.edu.sa/IAS/DRSAEEDQ/ias3227.docشبهات)
(28) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref28) - صحيح مسلم: 9/83، برقم: 3219.

(29) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref29) شبهات حول حقوق الإنسان في الإسلام. - http://faculty.kfupm.edu.sa/IAS/DRSAEEDQ/ias3227.doc (http://faculty.kfupm.edu.sa/IAS/DRSAEEDQ/ias3227.doc%20%20%20شبهات)
(30) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref30) مسقطات الحدود في الشريعة الإسلامية [رسالة ماجستير] د. إبراهيم بن ناصر بن محمد الحمود موقع الإسلام اليوم, بتصرف - http://islamtoday.net/questions/show_ResearchScholar_content.cfm?Res_ID=226 (http://islamtoday.net/questions/show_ResearchScholar_content.cfm?Res_ID=226)

(31) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref31) - جريمة الحضارة الماديةhttp://islameiat.com/main/?c=247&a=1535&sid=5480100ff18dc103f272d45862859dcc (http://islameiat.com/main/?c=247&a=1535&sid=5480100ff18dc103f272d45862859dcc)
(32) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref32) - القاضي فريد الزغبي –الموسوعة الجزائية –دار صادر بيروت –الطبعة الثالثة 1995،1 /40

(33) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref33) مشاهدات في مؤتمر القضاء والعدالةأخذا من مومقع: http://www.alriyadh.com/2005/12/30/article119219.html (http://www.alriyadh.com/2005/12/30/article119219.html)

(34) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref34) موقع http://www.islamicfeqh.com/al-menhaj/Almen24/almin204.htm (http://www.islamicfeqh.com/al-menhaj/Almen24/almin204.htm)

(35) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref35) - مشاهدات في مؤتمر القضاء والعدالة http://www.alriyadh.com/2005/12/30/article119219.html (http://www.alriyadh.com/2005/12/30/article119219.html)

- . http://www.smsma4law.com/vb/showthread.php?t=368 (http://www.smsma4law.com/vb/showthread.php?t=368) (36) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref36)

محمد رافع 52
12-11-2011, 10:02 PM
محمد العريفي العقوبة في الاسلام

http://youtu.be/T8lawgKCVsU

محمد رافع 52
12-11-2011, 11:10 PM
2- محمد العريفي العقوبة في الاسلام
http://youtu.be/WCBRmaJFv9w

محمد رافع 52
12-11-2011, 11:12 PM
3- محمد العريفي العقوبة في الاسلام
http://youtu.be/5l6Caf5dEEw

محمد رافع 52
12-11-2011, 11:14 PM
4- محمد العريفي العقوبة في الاسلام
http://youtu.be/eA7cLUd_dYo

محمد رافع 52
13-11-2011, 11:08 PM
الحدود الشرعية
الحد في اللغة: المنع. وسميت العقوبات حدودًا، لأنها تمنع من ارتكاب أسبابها كالزنى والسكر وغير ذلك، وأيضًا تسمى حدودًا؛ لأنها أحكام الله التي وضعها وحدها وقدرها.
والحد هو العقوبة المقدرة شرعًا، سواء أكانت حقَّا لله أم للعبد.
وقد حذَّر الله - تعالى- من اقتراف الحدود، فقال تعالى: (وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه) [الطلاق:1].
وقال أيضًا: (ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله ناراً خالداً فيها)[النساء: 14].
وقال -جل شأنه-: (تلك حدود الله فلا تقربوها) [البقرة: 187].
وقال (: "حد يُعْمَل في الأرض خير لأهل الأرض من أن يمطروا أربعين صباحًا)[النسائى، وابن ماجة].
وقد أمر الرسول ( بإقامة الحدود، فقال: (أقيموا حدود الله في القريب والبعيد،ولاتأخذكم في الله لومة لاِئم)[ابن ماجة].

محمد رافع 52
13-11-2011, 11:11 PM
الحدود رحمة:
إقامة حدود الله في الأرض رحمة للعباد، فلم يشرع في الكذب قطع اللسان ولا القتل، ولا في الزنى الخصاء، ولا في السرقة إعدام النفس، وإنما شرع لهم في ذلك ما هو موجب أسمائه وصفاته من حكمته ورحمته، ولطفه وإحسانه وعدله، لتزول النوائب، وتنقطع الأطماع عن التظالم والعدوان، ويقتنع كل إنسان بما آتاه الله مالكه وخالفه، فلا يطمع في أخذ حق الآخرين.ويحاول البعض من أعداء الإسلام أن يصوروا تطبيق الحدود على أنه تعذيب وقسوة وتنكيل، وهم حين يفكرون في ذلك الأمر، يفكرون في منظر تقطيع اليد، أو الجلد أو الرجم لمن أتى حدًا من حدود الله، ويتناسون نهائيا الأضرار التي نجمت عن ارتكابهم الحدود، من أموال الناس التي انتهبت، والتي ربما تسببت في فقر أصحابها، أو هتك الأعراض واختلاط الأنساب وفساد المجتمع، أليس من الأنفع للمجتمع أن تقطع يدٌ كلَّ عام، ويشيع الأمن بين الناس، ويطمئن الناس على أموالهم وأعراضهم، بدلا من إشاعة الخوف في نفوسهم وقلوبهم من أولئك الذين يرتكبون جرمًا في حق أنفسهم قبل أن يرتكبوا جرمًا أعظم في حق الناس.
ثم إن الناظر إلى تطبيق الحدود يعلم أن هذا التطبيق يمنع ارتكابه وتكرره مرة أخرى، وإن إقامة الحدود في عهد الرسول ( وعهد الخلفاء الراشدين لم يتعد حدود أصابع اليدين، ثم إن اللين لا يجدي في كل موقف من المواقف، بل القسوة والشدة لهما أثرهما في الإصلاح أحيانا كثيرة.
والإسلام حين وضع الحدود لم يكن يهدف من ورائها إشباع شهوة تعذيب الناس، بل يطبق الحدود في حدود ضيقة، فيدرأ الحد بأدنى شبهة، ولا يقام إلا إذا وصل إلى الحاكم المسلم، فإن لم يصل، فللذى ارتكب الحد أن يتوب إلى الله تعالى.
ولقد أخرج المجتمع الإسلامى الأول أناسا ارتكبوا حدودًا، وكان لهم أن يستروا على أنفسهم، لكنهم كانوا هم الذين يذهبون بأنفسهم لإقامة الحد عليهم، أفبعد ذلك كله، يأتى من يجهلون الإسلام ويقولون: إن الحدود تعذيب وقسوة ؟! بل إن الحدود حفاظ ورحمة

محمد رافع 52
13-11-2011, 11:16 PM
الحدود في الإسلام

عن عائشة رضي الله عنها أن قريشا أهمنهم المرأة المحرومة التي سرقت فقالوا: من يكلم فيها رسول صلى الله عليه و سلم؟ و من يجترئ عليه إلا أسامة حب رسول الله صلى الله عليه و سلم؟ فكلم رسول الله فقال: "أتشفع في حد من حدود الله؟ ثم قام فخطب، قال: "يا أيها الناس إنما ضل من كان قبلكم انهم كانوا إذا سرق الشريف تركوه و إذا سرق الضعيف فيهم أقاموا عليه الحد، و أيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها". رواه البخاري
عن الشائب بن يزيد قال: "كنا نؤتى بالشارب على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم، و إمرة أبي بكر، فصدرا من خلافة عمر، فنقوم إليه بأيدينا و نعالنا و أزديتنا، حتى كان آخر إمرة عمر، فجلد أربعين جلدة حتى إذا عنوا و فسقوا، جلد ثمانين". رواه البخاري
عن معاد أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال له لما أرسله إلى اليمن: "أيما رجل ارتد عن الإسلام فادعه، فإن عاد و إلا فاضرب عنقه، و أيما امرأة ارتدت عن الإسلام فادعها، فإن عادت و إلا فاضرب عنقها". (نيل الأوطار، ج. 7 ص 204)

يقول الله تعالى:
الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ(2) الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ(3) وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ(4) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ(5)
سورة النور الآيات :2-5

Observer
21-11-2011, 08:06 PM
جزاك الله خيراً
وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

محمد رافع 52
21-11-2011, 08:35 PM
جزاك الله خيراً
وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
اللهم صلى وسلم وبارك على محمد
بارك الله فيك

محمد رافع 52
09-12-2011, 07:07 PM
حكم إقامة الحدود الشرعية:
قال تعالى: ﴿وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾ [النساء: 14], وقد حذر الله تعالى من اقتراف الحدود، فقال تعالى: ﴿وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ﴾ [الطلاق:1], وقال -جل شأنه-: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا﴾ [البقرة: 187](8) (http://www.jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn8) .
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «حد يعمل في الأرض خير لأهل الأرض من أن يمطروا ثلاثين صباحًا »(9) (http://www.jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn9), وقد أمر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بإقامة الحدود، فقال: «أقيموا حدود الله في القريب والبعيد، ولا تأخذكم في الله لومة لائم»(10) (http://www.jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn10).
قال شيخ الإسلام: خاطب الله المؤمنين بالحدود والحقوق خطابًا مطلقًا كقوله: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللّهِ ﴾[المائدة: 38] وقوله: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ﴾[النور: 2] وقوله: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً﴾[النور: 4]؛ لكن قد علم أن المخاطب بالفعل لا بد أن يكون قادرًا عليه والعاجزون لا يجب عليهم، وقد علم أن هذا فرض على الكفاية، وهو مثل الجهاد؛ بل هو نوع من الجهاد, فقوله: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ﴾ [البقرة: 216] وقوله: ﴿وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ﴾[البقرة: 190] وقوله: ﴿إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ ﴾[التوبة: 39] ونحو ذلك هو فرض على الكفاية من القادرين و " القدرة " هي السلطان ؛ فلهذا: وجب إقامة الحدود على ذي السلطان ونوابه(11) (http://www.jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn11).
لقد شرع الله تعالى الحدود للانزجار عما يتضرر به العباد، وصيانة دار الإسلام عن الفساد والطهر من الذنب؛ ليست بحكمٍ أصلي لإقامة الحد؛ لأنها تحصل بالتوبة لا بإقامة الحد، ولهذا يقام الحد على الكافر ولا طهرة له(12) (http://www.jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn12).
إن حق الإمام في إسقاط الحد إذا وجد المسقط خاص بما هو حق لله تعالى، أو ما يغلب فيه حق الله، كحد الزنا والسرقة والشرب والحرابة, أما ما هو حق للعبد، أو يغلب فيه حق العبد فليس للإمام إسقاطه، وإنما يكون الإسقاط من صاحب الحق,ووجه ذلك كما يقول الفقهاء: أن حقوق الله تعالى مبنية على التسامح والعفو، فإذا وجد ما يسقطها، فالإمام نائب في الاستيفاء لحق الله تعالى فله إسقاطها. أما حقوق العباد، فإن مبناها على الشح والضيق، والعبد بحاجة إلى استيفاء حقه، فيتوقف الاستيفاء على طلبه(13) (http://www.jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn13).
كما إن الحدود الشرعية كما وجبت بنص شرعي، لا تسقط بعد وجوبها وثبوتها عند الإمام إلا بنص شرعي، أو إجماع، فلا بد فيها من التوقيف أو الاتفاق، فلا مجال فيها للأهواء الشخصية، والأغراض الدنيوية، وليس لذلك سبيل في إسقاط حد أو وجوبه. ومن هنا: شرع التثبت في الحكم على من فعل ما يوجب الحد؛ فشرع الإقرار الصريح، وتعدد الشهود والإمام مندوب إلى الاستفسار عن كل الملابسات الممكنة قبل إصدار الحكم, وفي ذلك تعظيم لأحكام الله، ووقوف عند حدوده، واحترام لحقوق الإنسان؛ لئلا يؤخذ البريء بذنب غيره، ولئلا يعاقب من لا يستحق العقوبة(14) (http://www.jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn14).
إن العقوبات الشرعية المقدرة تتفاوت من حيث الحق الغالب فيها: فقد يكون الاعتداء فيها على حق الجماعة، وأمر الله وشرعه غالبًا، ففي هذه الحالة يكون الغالب فيها حق الله تعالى، فيجب استيفاؤه ولا يحل لأحد إسقاطه, وقد يكون الاعتداء فيها –غالبًا- يخص الأفراد، وحقوق العباد، فيكون حق العبد هو الغالب، وفيها حق لله، وهو: مخالفة أمره، وتعدي حدوده، فمصلحة العقوبة فيها تعود إلى الأفراد، وفي هذه الحالة يصح للعبد إسقاط الحد، كما في حد القذف.
إن ورود النصوص الشرعية في وجوب تنفيذ الحدود معناه أن الإمام ملزم باستيفاء الحد، إذا توفرت الشروط وانتفت موانعه. وورود النص القطعي في وجوب استيفاء الحد، لا يمنع ورود الإسقاط على تلك الحدود، فإذا طرأ على الحد ما يسقطه، وترجح لدى الإمام إسقاطه، فله ذلك سواء قبل الحكم أم بعده.

محمد رافع 52
09-12-2011, 07:09 PM
مميزات الحدود في الشريعة الإسلامية:
إن الشريعة الإسلامية شريعة متكاملة، صالحة لكل زمان ومكان، عادلة في تشريعاتها وأحكامها، وهذا يتجلى في موازنة التشريع لأنواع العقوبات الشرعية بأنواع موجباتها، فجعل شدة العقاب مقابل شدة أثر الجريمة، وخطرها على المجتمع الإسلامي أفرادًا وجماعات, وهذا يتجلى لنا واضحًا في عقوبة الزاني المحصن، وعقوبة المحارب، فشدة العقوبة فيهما نظرًا لشدة الجريمة البشعة، وفي مقابل ذلك: عقوبة القذف، فهي أخف الحدود ضربًا، لأن جريمة القذف أقل أثرًا من الزنا والحرابة. ومن مميزات هذا التشريع: المساواة بين مستحقي العقوبة الشرعية المقدرة، فلا تسقط عن الشريف لمنـزلته بين الناس أو جاهه أو سلطانه، ولا تسقط عن الغني لكثرة أمواله، وهذا يتجلى لنا واضحًا في قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث:«لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها»(21) (http://www.jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn21).
كما إن ورود الإسقاط على الحدود الشرعية لا يضعف من قطعيتها في الوجوب، ولا يؤدي إلى تعطيلها –كما يقوله بعض المتأخرين- وإنما الإسقاط الشرعي يعني: استثناء حالة الإسقاط من حكم النص الدال على وجوب الحد، وهذا أمر له شواهد كثيرة في الأحكام الشرعية؛ كما في الصلاة، والصيام والحج والكفارات، فمثلاً: الصلاة واجبة على كل مسلم ومسلمة، وتسقط عن المرأة في أيام حيضها فتركها للصلاة في هذه الفترة ليس تعطيلًا للنص الدال على الوجوب المطلق، وإنما تمشيًا مع النصوص الأخرى الدالة على استثناء هذه الحالة من الحكم العام. وهذا هو الشأن في الحدود إذا ورد ما يسقطها بنص أو إجماع(22) (http://www.jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn22), بالإضافة إلى أن الأخذ بقاعدة درء الحدود بالشبهات يؤدي غالبًا إلى تبرئة المتهم من الجريمة المنسوبة إليه، ودرء العقوبة الحدية عنه كأن تكون الشبهة قائمة في ركن من أركان الجريمة، أو في طرق إثباتها، وقد تستدعي الحال أحيانًا بعد درء الحد إلى استبدال ذلك بعقوبة تعزيرية بدلاً من الحد المشتبه فيه، كمن أقر بحد من الحدود الشرعية، ثم عدل عن إقراره لشبهة قوية، فإن الإمام يدرأ عنه الحد، وله أن يعاقبه عقوبة تعزيزية ليكون أبلغ في ردعه وزجره.

محمد رافع 52
09-12-2011, 07:13 PM
الحدود في جميع الشرائع:
ثم إن هذه الحدود التي نتحدث عنها لم تكن بدعًا من الأمر ولا هي فقط في شريعتنا نحن المسلمين ليتصدى لها أعداء الإسلام؛ بل قد أمر الله تعالى بها في جميع الشرائع السماوية، فقد أمر الله بإقامة الحدود في التوراة المنزلة على موسى عليه السلام، فعن نافعٍ عن ابن عمر أنه قال: «إن اليهود جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا أن رجلاً منهم وامرأةً زنيا فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما تجدون في التوراة في شأن الرجم ؟" قالوا: نفضحهم ويجلدن, قال عبد الله بن سلامٍ: إن فيها لآية الرجم, فأتوا التوراة فنشروها, فوضع أحدهم يده على آية الرجم, فقرأ ما بعدها وما قبلها, فقال له عبد الله بن سلامٍ: ارفع يدك, فرفع يده, فإذا فيها آية الرجم، فقالوا: صدق يا محمد فيها آية الرجم، فأمر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجما, قال عبد الله بن عمر: فرأيته رجلاً يجنأ على المرأة يقيها الحجارة»(23) (http://www.jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn23) .
قال القاضي أبو بكر بن العربي جاءوا محكمين له في الظاهر ومختبرين في الباطن هل هو نبي حق أو مسامح في الحق فقبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم إفتاءهم وتأمل سؤالهم وهذا يدل على أن التحكيم جائز في الشرع انتهى, كما أن فيه وجوب حد الزنا على الكافر, وبه قال الشافعي وأحمد وأبو حنيفة والجمهور ؛ قال ابن عبد البر: قال مالك وإنما رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهوديين ؛ لأنه لم تكن لليهود يومئذ ذمة وتحاكموا إليه ، وقال الطحاوي -لما ذكر كلام مالك- هذا: لو لم يكن واجبًا عليهم لما أقامه النبي صلى الله عليه وسلم قال وإذا كان من لا ذمة له قد حده النبي صلى الله عليه وسلم في الزنا فمن له ذمة أحرى بذلك(24) (http://www.jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn24).

محمد رافع 52
24-12-2011, 09:46 AM
ما أحوجنا لحفظ الله ورعايته وصيانته في وقت كثرت فيه الفتن من شهوات وشبهات ومغريات، أمام طوفان هذه المغريات والفتن نحتاج أن نحتمي بحمى الحفيظ العليم -سبحانه وتعالى-: (فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)، ولكن كيف نحتمي بحماه؟! وكيف ندخل تحت حفظه سبحانه وتعالى؟! دونك وصية النبي -صلى الله عليه وسلم- الشهيرة التي ألقاها من فوق دابة ..

محمد رافع 52
24-12-2011, 09:47 AM
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
[آل عمران: 102]،
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)
[النساء: 1]،
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)
[الأحزاب: 70، 71].

محمد رافع 52
24-12-2011, 09:50 AM
إخوة الإسلام: ما أحوجنا لحفظ الله ورعايته وصيانته في وقت كثرت فيه الفتن من شهوات وشبهات ومغريات، أمام طوفان هذه المغريات والفتن نحتاج أن نحتمي بحمى الحفيظ العليم -سبحانه وتعالى-: (فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) [يوسف: 64]، ولكن كيف نحتمي بحماه؟! وكيف ندخل تحت حفظه سبحانه وتعالى؟! دونك وصية النبي -صلى الله عليه وسلم- الشهيرة التي ألقاها من فوق دابة، لم يلقها في فندق ضخم، ولا صالة كبيرة، ألقاها من فوق ظهر دابة بكلمات موجزة فيها قواعد مهمة، يقول -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي رواه الترمذي في سننه وصححه جمع من أهل العلم منهم المحدث الشيخ الألباني -رحمه الله تعالى-، يقول -عليه الصلاة والسلام- لابن عباس: "إني أعلمك كلمات"، كلمات محدودات، والنبي أُعطي جوامع الكلم، تجدها كلمات ملغومة بمعانٍ كبيرة تعجز الأذهان عن تفسير ما فيها من معان عظيمة، "إني أعلمك كلمات"، والمقصود بالتعليم هنا ليس مجرد الثقافة، والتزود بالمعلومات، إنما ترجمتها إلى واقع، لذلك تعوذ النبي -صلى الله عليه وسلم- كما روى مسلم في صحيحه من حديث زيد بن أرقم: "تعوَّذ من علم لا ينفع"، بل ربما يكون العلم وبالاً، لا يتعدى فقط أنه لا ينفع، بل يتجاوزه أن يكون وبالاً على صاحبه، والقرآن حجة لك أو عليك. رواه مسلم.

والقرآن هو أساس العلم.

محمد رافع 52
24-12-2011, 09:52 AM
"إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك"، هذا الذي يهمنا من الحديث، والحديث بإمكاننا تسنيده إن شئتم، "احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك"، وفي رواية عند أحمد صحيحة: "تجده أمامك، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة". هذه رواية أحمد. "إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف".

فضاء كوني شرعي محسوم لا يقبل التغير: (مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) [ق: 29]، احفظ الله يحفظك، أسأله -سبحانه وتعالى- أن يبارك في هذه الدقائق لنقل ما خلف هذه الكلمة من معانٍ عظيمة.

احفظ الله يحفظك، يقول -سبحانه وتعالى- ممتدحًا العفيفات حفيظات الفروج: (حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ) [النساء: 34]، في قراءة: (لما حفظ الله)، أي إن الله حفظهن بحفظ الله لهن، وبتفسيرها بقراءة أخرى ثابتة كذلك أي بسبب توحيدهن وحفظهن التوحيد بلا رياء ولا سمعة حفظهن الله -عز وجل-.

(حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ): حافظات أزواجهن في غيباهن، لم يقربن الزنا ولم يطلعن لشخص آخر في حفظ الله لهن، في قراءة الضم.

"احفظ الله يحفظك"، إذن حفظ الله -سبحانه وتعالى- ليس في حفظه ذاته، فالله هو الحفيظ: (فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) نحفظ ماذا؟! نحفظ شرعه، نعظم دينه، نحفظ أوامره، نحفظ قلوبنا عن أن تفسد بالمعاصي، هذا هو حفظ الله -سبحانه وتعالى-.

فإذا حَفِظْنَا الله -عز وجل- حَفِظَنَا الله، عهد وميثاق، والله قال: (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ) [البقرة: 40].

"احفظ الله يحفظك"، فالله لا يخلف الميعاد، والمنافقون يخلفون الميعاد، إذا وعد أخلف، والله إذا وعد وفّى سبحانه وتعالى: (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ)، (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ)، يقول: اذكروني فقط وأنا أذكركم، بالحفظ بالرعاية بالتوفيق بالتسديد، لذلك قال بالمعنى العام: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً) [النحل: 97]، حفظه الله بحياة علم وسعادة، حياة طيبة بما تحمل الكلمة من معنى، ليست حياة رخيصة ذليلة: (وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ -هذا في الدنيا- أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ). رزقنا الله وإياكم حفظه.

نحفظه بماذا؟! نحفظه بالتوحيد كما سمعتم، الحافظ الله، حفظنا الله بالتوحيد، اللهم -سبحانه وتعالى- استأمنا على التوحيد، أعظم حفظ نحفظه أن نحفظه بالتوحيد، لذلك جعله عهدًا وميثاقًا في صُلب أبينا آدم وأخذ علينا العهد: (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ) [الأعراف: 172].

إذًا عهد التوحيد، لذلك ضمن النبي -صلى الله عليه وسلم-، في حديث معاذ وعند غيره "أن من مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة"، توحيد نقي، ما فيه ملوثات، ليس توحيدًا منقوصًا ربما يورث المفاسد والمهالك، نعوذ بالله.

حفظ التوحيد أن نعظم الله، أن نعرف قدر الله، أن لا نخشى إلا لله، أن لا نصدق إلا لله، أن لا نصلي إلا لله.

نحفظ الله -سبحانه وتعالى- بعد التوحيد في الصلاة، أكثر من آية في موضوع الصلاة من أشهرها: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ) [المؤمنون: 1، 2]، (وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ) [المؤمنون: 9]، (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ) [البقرة: 238]، ففي حديث الترمذي الشهير: "خمس صلوات فرضها الله علينا في اليوم والليلة، من حافظ عليهن كانت له نورًا وبرهانًا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليهن لم تكن له نورًا ولا برهانًا ولا نجاة يوم القيامة، إن شاء غفر له وإن شاء عذبه".

يتخلف عن الصلاة، تارة يصلي وتارة لا يصلي، أما الذي لا يصلي فهو كافر أصلاً، وإن سُمِّي عبد الله ومحمدًا فهو ليس من عباد الله، هو من عباد الشياطين، ليس قدوته محمدًا –صلى الله عليه وسلم، بل قدوته التافهون الذين يعيشون حياة رخيصة.

أنا أتكلم عن المحافظة الآن، حافظوا عليها بأركانها، بشروطها، بواجباتها، بروحها، بخشوعها، هؤلاء يحفظهم -سبحانه وتعالى-، وتكون لهم نورًا ومنهاجًا وطريقًا واضحًا ونجاة يوم القيامة، والصلاة الوسطى مخصوصة بالحفظ -صلاة العصر-، اللهم اجعلنا ممن يحافظون على صلواتهم.

محمد رافع 52
24-12-2011, 09:54 AM
الوضوء مقدمة الصلاة، يقول -عليه الصلاة والسلام-: "لا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن"، فالعلماء حكموا على الوضوء تارة يكون واجبًا، وتارة يكون مستحبًا، الواجب أن تؤدي الصلاة في وضوء، أن تغتسل من الجنابة، وهذا هو الواجب، والمستحب أن تكون على وضوء دائمًا، تتوضأ عند نومك، عند سفرك، تتوضأ في الضحى وتصلي ما كُتب لك، هذا من المحافظة على الوضوء وليس واجبًا بل هو مستحب، فإذا لقي الله -عز وجل- يكون في أحسن أحواله، نسأله -سبحانه وتعالى- أن يجعلكم ممن يعنَوْنَ بطهارة الباطن والظاهر.

حفظ البطن وحفظ الرأس، يقول -عليه الصلاة والسلام- في حديث أحمد الصحيح: "الاستحياء من الله حق الحياء: أن تحفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى". حديث صحيح.

من يستطيع أن يحفظ رأسه وبطنه؟! إنه تحدٍّ كبير، النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: "من يحفظ ما بين فكيه -وفي رواية لحييه- وما بين رجليه دخل الجنة".

من يستطيع أن يحفظ ما بين فكيه؟! أن يحبس هذا اللسان، الذي قال الصديق قديمًا: "ما رأيت أحق بطول سجن من هذا اللسان". أحسن سجن هذا، سجن مبارك.

يقول -صلى الله عليه وسلم- في حديث أبي هريرة الثابت عن مسلم: "ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت". إذا ما قدرت أن تقول خيرًا فالله يعذرك، احفظ ما بين فكيك من الغيبة، من النميمة، من السخرية، من الكلام الفارغ الذي يولد المهالك، وقديمًا قال -صلى الله عليه وسلم-: "وإن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالاً يهوي بها في النار سبعين خريفًا".

وعندما سأل معاذ أعلم الناس بالحلال والحرام عن أصول الإسلام سأل عن أشياء كثيرة، ثم أراد النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يودعه بوصية جامعة، قال: "أنا أخبرك بملاك ذلك كله"، فقال: بلى يا رسول الله، قال: "كف عليك هذا"، وفي رواية: "أمسك عليك هذا"، قال: أو نحن مأخوذون بما نتكلم به يا رسول الله؟! معاذ يسأل هذا السؤال، قال: "ثكلتك أمك يا معاذ"، يعني هلكت إن كنت لا تعرف هذا المعني، فقال: "وهل يكب الناس في النار على وجوههم، أو قال: على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم". نعوذ بالله.

من يحفظ لي ما بين فكيه وما بين رجليه دخل الجنة: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ) [المؤمنون: 5]، نفس السياق، سياق سورة المؤمنون التي هي خاصة بالمؤمنين، الإيمان ليس شعار، ليس المؤمن عبد الله: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ -من هم يا ربي- الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ) [المؤمنون: 1، 2]، (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) [المؤمنون: 5، 6].

إذًا ملومون في اللواط، في الزنا، في السحاق، في العادة السرية، هكذا علماء السنة، علماء الفقه، علماء الشريعة، وليس علماء الفضائيات، وليس كلهم في سلة واحدة، علماء السنة، علماء القرآن يقولون: كل من تعدى هذا المطلب الشرعي فهو معتدٍ: (فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ) [المؤمنون: 7].

احفظ فرجك، لذلك قال -سبحانه وتعالى-: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ) [النور: 30]، ليتك تحفظ فرجك وتغض بصرك، لا تحفظ mbc عندك الله يحفظك، الملابس الساخنة والقبلات الساخنة، أنت مخطئ، الله يقول: أنت مخطئ، والواقع والعقل يقول كذلك، أغلق هذا البصر عن مواقع النت الخبيثة والمواقع ال*****ة، وأبشر بسكون الشهوات: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ).

إذًا حفظ الفرج، حفظ اللسان، وحفظ البصر، وحفظ السمع، كل ذلك داخل في حفظ الله، مجمع الحواس، مجمع منافذ المعرفة، طل على القرآن، لا تطل على الفحشاء والمنكر، اسمع الكلام الطيب قبل أن تقول لو كنا نسمع الكلام الطيب ما كنا في أصحاب السعير: (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا) [الإسراء: 36].

حفظ اليمين: (وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ) [المائدة: 89]، الحديث عن اليمين يطول، ويحتاج إلى خطبة كاملة، وأسوأ اليمين ما فيه أخذ حق المسلمين، وما به كذب على رب العالمين، وهذا تعريف اليمين الغموس عند العلماء، الذي يؤخذ به الحقوق أو الذي يُكذب به على الله، يكذب ثم يحلف، والله صار كذا وما صار، ما أجرأ هؤلاء على الله!! يمين غموس تغمسهم في الإثم، تغمسهم في جهنم، اليمين الغموس غير الحلف على شيء مستقبل، والله إن حصل كذا لتأكلن ذبيحة، وهكذا، فهذا إن قام بها وإلا كفّر عن يمينه وانتهى الموضوع، لكن اليمين الغموس لا ينفع معها ألف كفارة ولا مليون كفارة؛ لأنه حلف على خلاف الواقع، تحتاج إلى توبة صادقة، فما إلا أن تقطع قلوبهم التوبة، تقطعها التوبة، يشعر بعظمة الجريمة كيف يحلف على كذب!!

(وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ): مِنْ حِفْظ اليمين أن لا تحلف بكذب في قضية لا تحلف إلا في الحقوق، كما قال -عليه الصلاة والسلام-: "لو يعطى الناس بدعواهم، لادعى رجال أموال قوم ودماءهم، لكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر".

يقول: أنا أرفع الظلم عن نفسي، أنا أرفع الاتهام، أنا مضطر أحلف، هذا يدل على رقة الديانة، لا تعرض بالله إلا في أشياء توجب ذلك من تعظيم الله، من تعظيم شعائر الله، من تعظيم الأيمان.

(وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ): وقال عنهم: (وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ) نعوذ بالله من الحلف الكذب.

نسأله -سبحانه وتعالى- بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يحفظنا وإياكم بحفظه، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.

محمد رافع 52
24-12-2011, 09:56 AM
إذا حفظنا الله -عز وجل- حفظنا، في ماذا؟! يحفظنا في أنفسنا، يحفظنا في عقولنا، يحفظنا في أموالنا، يحفظنا في صحتنا، يحفظنا في ذريتنا، يحفظنا في دنيانا، في ديننا، في آخرتنا، لعموم قوله -صلى الله عليه وسلم-: "احفظ الله يحفظك"، النص مطلق، الحفظ فيه يتواصل حتى تصل إلى الجنة، أسأله -سبحانه وتعالى- أن يحفظنا وإياكم بحفظه.

لذلك فإن أحد شيوخ الإسلام المحب الطبري -وكان شيخًا كبيرًا قيل: وصل الثمانين وقيل: المائة- أراد أن يركب البحر، فقفز من الشاطئ إلى السفينة، فتعجب طلابه، قالوا: يا إمام: هذه قفزة شاب، قال: "هذه الجوارح حفظناها في الصغر فحفظها -عز وجل- في الكبر"، حُفظت بأن كانت تمشي إلى المساجد، ما كانت تمشي إلى أماكن أخرى!

الحفظ من كيد الأعداء، حفظ إبراهيم بحفظه للتوحيد: (وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ) [الأنبياء: 70]، بنى النمرود نارًا عظيمة عانقت رؤوس الجبال، ولم يكن إبراهيم بحاجة إلى هذه النيران، كانت تكفيه حزمة حتى يحترق، ولكنه الطغيان، ألقوه من بُعد وهو يهوي وينتظر أن تبتلعه ألسنة النار، ينزل عليه جبريل بأمر الله أعظم ملك، وسأله: تريد مني شيئًا؟! هل من حاجة؟! قال الموحد صاحب الحنيفية الذي ارتبط التوحيد باسمه: "أما منك فلا، أما من الله فنعم"، فأطلق الكلمة الملغومة بالتوحيد: "حسبنا الله ونعم الوكيل"، حسبك الله، فقال خالق النار وخالق الإحراق فيها: (كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ) [الأنبياء: 69]، فيسقط في النار وألسنة النار بجانبه وهو في جو مشبع بالبرودة بأمر الله -سبحانه وتعالى-.

محمد رافع 52
24-12-2011, 09:59 AM
http://ezzabdo.files.wordpress.com/2009/03/mohamed-rasoul-allah.png?w=364&h=503

محمد رافع 52
24-12-2011, 10:06 AM
http://a6.sphotos.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-ash4/310807_10150294176661226_114150946225_8209944_1855 504005_n.jpg

http://a2.sphotos.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-ash4/315941_10150294176781226_114150946225_8209946_1463 011853_n.jpg

http://a8.sphotos.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-ash4/292737_10150294176881226_114150946225_8209947_1428 927751_n.jpg

محمد رافع 52
07-01-2012, 12:16 AM
بين قول الله تعالى: تلك حدود الله فلا تقربوها؛ وقوله تعالى: فلا تعتدوها!


ما كان من الحدود نهيًا؛ أمر بترك المقاربة
وما كان أمرًا؛ أمر بترك المجاوزة
وهو الاعتداء
قوله تعالى: تلك حدود الله فلا تقربوها [البقرة: 187]
وقال تعالى: تلك حدود الله فلا تعتدوها [البقرة: 229]
ذلك لأنّ الحدود ضربان:
حدّ هو منع ارتكاب المحظور
وحدّ فاصل بين الحلال والحرام
فالأوّل أي (الحدّ الّذي هو منع لارتكاب المحظور) ينهى عن مقاربته
قال تعالى: ولا تباشروهنّ وأنتم عاكفون في المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها
وما كان من الحدود نهيًا أمر بترك المقاربة
والثاني أي (الحدّ الفاصل بين الحلال والحرام) فهذا ينهى عن مجاوزته
قال تعالى: فلا جناح عليهما فيما افتدت به تلك حدود الله فلا تعتدوها
فهذه الآيات جاءت ببيان عدد الطلاق بخلاف ما كان عليه العرب من المراجعة بعد الطلاق من غير عدد.

محبه للرسول وال بيته
07-01-2012, 12:41 PM
بارك الله فيك

محمد رافع 52
07-01-2012, 04:30 PM
بارك الله فيك
جزاك الله خيرا وتوفيقا

محمد رافع 52
13-01-2012, 10:26 AM
القول في تأويل قوله تعالى ( تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون (http://www.thanwya.com/vb/#docu)( 229 ) )

قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بذلك : تلك معالم فصوله ، بين ما أحل لكم ، وما حرم عليكم أيها الناس ، فلا تعتدوا ما أحل لكم من الأمور التي بينها وفصلها لكم من الحلال ، إلى ما حرم عليكم ، فتجاوزوا طاعته إلى معصيته . [ ص: 584 ]

وإنما عنى تعالى ذكره بقوله : تلك حدود الله فلا تعتدوها (http://www.thanwya.com/vb/#docu)، هذه الأشياء التي بينت لكم في هذه الآيات التي مضت : من نكاح المشركات الوثنيات ، وإنكاح المشركين المسلمات ، وإتيان النساء في المحيض ، وما قد بين في الآيات الماضية قبل قوله : تلك حدود الله (http://www.thanwya.com/vb/#docu)، مما أحل لعباده وحرم عليهم ، وما أمر ونهى .

ثم قال لهم تعالى ذكره : هذه الأشياء - التي بينت لكم حلالها من حرامها - " حدودي " يعني به : معالم فصول ما بين طاعتي ومعصيتي ، فلا تعتدوها ، يقول : فلا تتجاوزوا ما أحللته لكم إلى ما حرمته عليكم ، وما أمرتكم به إلى ما نهيتكم عنه ، ولا طاعتي إلى معصيتي ، فإن من تعدى ذلك - يعني : من تخطاه وتجاوزه إلى ما حرمت عليه أو نهيته - فإنه هو الظالم وهو الذي فعل ما ليس له فعله ، ووضع الشيء في غير موضعه . وقد دللنا فيما مضى على معنى " الظلم " وأصله بشواهده الدالة على معناه ، فكرهنا إعادته في هذا الموضع .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل وإن خالفت ألفاظ تأويلهم ألفاظ تأويلنا ، غير أن معنى ما قالوا في ذلك [ يؤول ] إلى معنى ما قلنا فيه .

ذكر من قال ذلك :

4879 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي ، قال : حدثني عمي ، قال : حدثني أبي ، عن أبيه عن ابن عباس قوله : " تلك حدود الله فلا تعتدوها (http://www.thanwya.com/vb/#docu)" يعني بالحدود : الطاعة .

4880 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا أبو زهير عن جويبر عن الضحاك في قوله : " تلك حدود الله فلا تعتدوها (http://www.thanwya.com/vb/#docu)" يقول : من [ ص: 585 ] طلق لغير العدة فقد اعتدى وظلم نفسه " ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون (http://www.thanwya.com/vb/#docu)" .

قال أبو جعفر : وهذا الذي ذكر عن الضحاك لا معنى له في هذا الموضع ، لأنه لم يجر للطلاق في العدة ذكر ، فيقال : " تلك حدود الله " ، وإنما جرى ذكر العدد الذي يكون للمطلق فيه الرجعة ، والذي لا يكون له فيه الرجعة دون ذكر البيان عن الطلاق للعدة .

محمد رافع 52
13-01-2012, 10:32 AM
تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله


http://youtu.be/dIXeo28QdT8 (http://youtu.be/dIXeo28QdT8)

محمد رافع 52
17-02-2012, 07:40 AM
الحدود في الفقه الإسلامي تعني العقوبة التي قدّرها المشرِّع على فعلٍ خاطىء. ولم يقتصر الأمر على العقوبات التي قدّرها القرآن، بل زيدت عليها جزاءات رُويت عن النبي، وجزاءات اجتهد فيها الصحابة، فاتّسع معنى المشرِّع ليشمل الاجتهاد والقياس بجوار أقوال القرآن ومحمد

والحدود - على هذا المعنى - ستة: حد السرقة، وحد القذف، وحد الزنا، وحد شرب الخمر، وحد قطع الطريق (الحرابة)، وحد الردة وهي ترك الإسلام



حد السرقة


المقصود بحدّ السرقة هو العقوبة المفروضة على من أخذ مال أو متاع شخصٍ آخر على وجه الخفية والاستتار، قاصداً بذلك تملّك الشيء المأخوذ. ولا يدخل في ذلك الاختلاس لأنه استلاب المال دون وجه حق، لكن دون خفية أو استتار، بل قد يكون ذلك علناً. وكذلك النهب، وهو أخذ مال الغير بالقوة، فيدخل تحت حد قطع الطريق. وأيضاً خيانة الأمانة، وتعني جحود وإنكار شخص لأخذه متاعاً أو مالاً من آخر، وادّعاءه ملكيته له.
وطبقاً لهذه التعريفات ورد حديث عن محمد يقول ليس على الخائن، ولا على المختلس، ولا على المنتهب قطع, وأيضاً لا يدخل في ذلك العبيد والإماء وأهل الكتاب، فقد قال محمد: ليس على العبد الآبِق إذا سرق قطع ولا على الذمي. وعن ابن عباس قال: إنه لا يرى على العبد حداً ولا على أهل الأرض من اليهود والنصارى حداً,
ولم يترك المسلمون هذا التحديد فيمن تُحدد عليه العقوبة، بل حددواً أيضاً مقدار المال المسروق. فعن محمد قال: لا يقطع السارق إلا في ربع دينار فصاعداً. ورُوي أيضاً عنه: لا يقطع السارق إلا في عشرة دراهم. وعلى ذلك فإذا سرق شخص ربع دينار طبقوا عليه الحد. أما إذا اختلس أو انتهب مليون دينار فليس عليه عقاب! وكذلك أهل الكتاب من اليهود والمسيحيين ليس عليهم حدود، بالرغم من أن محمداً رجم يهوديين زنيا في المدينة

وقد أضاف بعضهم شرط العودة، أي تكرار السرقة، حتى يصدق على الشخص وصف السارق الذي ورد في الآية: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ (سورة المائدة 5: 38) وهذا الوصف في الآية لا يتحقق بفعلٍ واحد، وإنما يلزم له التكرار. كما استلزم البعض ألّا تكون بالسارق حاجة لما سرقه. فقد رفض ابن الخطاب أن يُقيم حدّ السرقة على غلمانٍ سرقوا ناقةً لجوعهم

وللتعليق نقول:
يتطلّب حدّ السرقة شروطاً يصعب أن تتحقق فيلزم بها الحد. وهو لا ينطبق أيضاً على من يسرق أموال الدولة، لأن لكل فرد حقاً في مال الدولة، وهذا الحق هو ما يُسمى فقهياً بشبهة الملكية، وهي ما يسقط بها الحد فلا تقوم الجريمة أساساً. كما أن النص لا ينطبق على المختلس - كما ورد سابقاً - الذي يحوز مال الحكومة أو أي مؤسسة ثم يغيّر نيَّته فيحوز لنفسه ما كان يحوزه للحكومة

محمد رافع 52
17-02-2012, 07:42 AM
حدّ القذف

جاء في سورة النور 24: 4 وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلاَ تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ.
وفى نفس السورة آية 23إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاَتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ.
لم تحدَّد عقوبةٌ للقذف السب أو الاتهام بالزنا في الإسلام إلا في سورة النور، بعد اتهام بعض الصحابة لعائشة زوجة محمد بالزنا مع صفوان بن المعطل ، وهي القصة المعروفة في كتب التفسير والحديث بحادث الإفك (راجع الجزء الرابع من هذه السلسلة، فصل تعليقات على سورة النور).
وفضلاً عن عقوبة الجَلد فإن آيتي 4 و23 من سورة النور أَلحقتا بالقاذف وَصف الفسق واللعنة في الدنيا والآخرة، وكذلك إسقاط شهادته. وقال البعض إن الحكم القرآني اقتصر على تأثيم قذف النساء، ولكن البعض الآخر رأى التسوية بين قذف الرجال وقذف النساء، وأوجب الحدّ فيهما معاً، مع مخالفة ذلك لظاهر النص. وهناك بعض الأحاديث في عقوبة قذف الرجال، ولكن أكثر علماء الحديث حكموا بضعفها أو وضعها.
وهذا مثل حديث عكرمة ابن عباس عن النبي قال: إذا قال الرجل للرجل يا مخنَّث فاجلدوه عشرين، وإذا قال الرجل للرجل: يا لوطي فاجلدوه عشرين, وهذا الحديث مطعون فيه من طريق عكرمة، فقال أكثر من واحد إنه متروك الحديث.

محمد رافع 52
17-02-2012, 07:50 AM
حد الزنا

قرر محمد صلى الله عليه وسلم تأثيم الزنا وتقرير عقوبته على ثلاث مراحل:


ا - واللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً (سورة النساء 4: 15) فالعقوبة هنا هي الحبس المطلق، أو قيام سبيل من اللَّهُ




ب - وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَّوَاباً رَحِيماً (سورة النساء 4: 16) والعقوبة هنا هي الإيذاء غير المحدد، المتروك تقديره لولي الأمر.



[جـ - الّزَانِيَةُ وَالّزَانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَائَةَ جَلْدَةٍ وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمْا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (سورة النور 24: 2) . إذن فعقوبة الزنا قرآنياً هي الجَلد مائة جلدة لكلٍ من الزاني والزانية.



د - غير أن النبي صلى الله عليه وسلم عاقب بالرجم، فقد رُوي في ذلك أنه كانت هناك آية في القرآن تُسمَّى آية الرجم لكنها نُسِخَتْ نصاً مع بقاء حكمها




تاريخ الرجم


أول ما أمر محمد صلى الله عليه وسلم بالرجم كان في واقعة زنا حدثت بين يهودي ويهودية احتكم فيها اليهود إلى محمد، فأمر برجمهما بحسب حكم التوراة في التثنية 33: 23,22.
وفي كتابه أصول الشريعة قال المستشار محمد سعيد العشماوي: إذا كان النبي قد سار على حكم التوراة، فأمر بالرجم بعد ذلك مع أنه مشكوك فيه أنه رجم بعد نزول آية الجَلْد فهل يعني ذلك أن النبي نسخ بفعله هذا حكم القرآن، أم أن ما فعله يمكن أن يُحمل على أنه حكم خاص بالنبي وحده!؟ فالثابت قرآنياً أن هناك أحكاماً خاصة بالنبي وحده، كالزواج بأكثر مِن أربعة، وعدم حقه في أن يطلّق أزواجه، وعدم حل أزواجه لأحدٍ مِن المسلمين بعده.
وبالرغم من أن محمداً أمر برجم يهوديين زنيا إلا أن هناك أحاديث تقرر عدم جواز ذلك، فقد ورد عن محمد ليس على العبد، ولا على أهل الكتاب حدود,




شروط تطبيق حد الرجـــم



وضع الإسلام شروطاً لتطبيق حد الزنا تكاد تجعله مستحيلاً إلا إذا اعترف الزاني، فقد اشترطوا رؤية أربعة رجال عدول للزانيَين، ولا تُقبَل شهادة المرأة، وضرورة التأكد من شخصية الزانيين، ورؤية الفعل تفصيلاً وفي وضح النهار, رُوي عن عمر : ارتحل المغيرة وأبو بكرة ونافع بن كلدة وزياد وشبل بن معبد فجمع عمر بينهم (الشهود) وبين المغيرة (الزاني)، فقال المغيرة: سل هؤلاء الأعبد كيف رأوني: مستقبِلهم أم مستدبِرهم؟ وكيف رأوا المرأة وعرفوها؟ فإن كانوا مستقبِليَّ فكيف لم أستتر؟ أو مستدبِريَّ فبأي شيءٍ استحلّوا النظر إليَّ في منزلي وعلى امرأتي؟ والله ما أتيتُ إلا امرأتي، وكانت شبهها (يعني شبه الزانية). فبدأ عمر بأبي بكرة فشهد عليه أنه رآه بين رجلي أم جميل وهو يدخله ويخرجه كالمرود في المكحلة. فسأله عمر : كيف رأيتَهما؟ قال: مستدبرهما، قال: فكيف استثبت رأسها؟ قال: تحاملت. ثم دعا بشبل. فشهد بمثل ذلك، وكذلك نافع. ولم يشهد زياد بمثل شهادتهم، بل قال إنه لم يره كالميل في المكحلة والرشاء (الحبل) في البئر. فأمر عمر بالثلاثة أن يُجلدوا حد القذف



وتقدم الرواية السابقة نموذجاً رائعاً لمذكرة الاتهام. فالشهود متوافرة، وقد رأوا الواقعة نظراً لظروف البناء وقتها والحد كان على وشك أن يُقام لولا تلجلج زياد في جزئية أورثت شبهة، فما كان من عمر إلا أن طبَّق قول محمد ادرأوا الحدود ما استطعتم عن المسلمين، فإن وجدتم للمسلم مخرجاً فأخلوا سبيله، فخيرٌ للإمام أن يخطئ في العفو من أن يخطئ في العقوبة,


فكما ترى أن جريمة الزنا في التشريع الإسلامي بأركانها وشروطها جريمة يصعب إثباتها. فإن حدثت بصورة يمكن إثباتها تكون أقرب إلى الفعل العلني الفاضح الذي يفعله شخصٌ لا يتحرّج عن الظهور أمام الناس بما يخدش الحياء. فالزنا إن حدث في الخفاء، أو بغير أن يشهده أربعة موثوق بهم، فإن الزاني يفلت من الحد!





وكان محمد يحاول أن يجد مخرجاً للزاني. ورد في البخاري عن أنس قال: جاء رجل إلى النبي وأنا عنده، فقال: يا رسول الله، أصبتُ حداً فأقِمْه عليَّ. فلم يسأله النبي عنه. وحضرت الصلاة فصلى مع النبي. فلما قضى النبي الصلاة قام إليه الرجل فقال: يا رسول الله إني قد أصبت حداً فأقم فيَّ كتاب الله. قال النبي صلى الله عليه وسلم : أليس قد صليتَ معنا؟ قال: نعم، قال: فإن الله قد غفر لك ذنبك، أو قال: حدك


وفي حديث ماعز عن ابن عباس قال: لما أتى ماعزُ بن مالك النبيَّ، قال له النبيُّ: لعلك قَبَّلْتَ أو غمزت أو نظرت؟ قال: لا يا رسول الله، قال: أَنِكْتَهَا لا يكني ، قال: نعم، فعند ذلك أمر برجمه (ألم يكن من الأدب أن يقول من أدعى النبوة وكرم الأخلاق لماعز: (هل ضاجعتها) بدل قوله السابق؟)ا


ولم يقرر محمد رجماً على العبيد والإماء، بل قال: إذا زنت الأمَة، فتبيَّن زناها، فليجلدها ولا يثرب، ثم إن زنت فليجلدها ولا يُثَرِّب عليها، ثم إن زنت الثالثة فليبعها ولو بحبلٍ من شعر, فلو كان محمد صلى الله عليه وسلم يقصد قداسة أتباعه لما فرَّق بين أمَة وحُرّة أو أسياد وعبيد.

محمد رافع 52
17-02-2012, 07:55 AM
جريمة الحرابة:
تعريف الحرابة:
اصطلاحا: هي خروج طائفة مسلحة في دار الإسلام لإحداث الفوضى و سفك الدماء و سلب الأموال و الاعتداء على الأعراض.
عقوبة الحرابة:
تتراوح بين القتل أو القتل مع السلب أو القطع بالخلاف و العذاب العظيم في الآخرة، و غاية المشرع من ذلك قطع دابر المحاربين و تخليص الناس و المجتمع من شرورهم.
- هذه العقوبات لا تنفذ إلا بعد استتابة المحاربين و رفضهم التوبة، فمن قتل يقتل أو يصلب، و من أخذ المال حرابة يقتل أو يصلب أو يقطع من خلاف، و من أرعب السبيل فإنه يقتل أو يصلب أو يقطع من خلاف أو ينفى من موطنه.
- تنفيذ إحدى هاته العقوبات متروك لبصيرة الإمام.

محمد رافع 52
17-02-2012, 08:01 AM
حد الحِرابة (قطع الطريق) ا



جاء في سورة المائدة 5: 33 و34 إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ.


مناسبة هذه الآية أن قوماً قاموا من عرينة بقتل راعي أغنام محمد صلى الله عليه وسلم وسرقوا الغنم. فأرسل محمد صلى الله عليه وسلم مَن يأتي بهم. فلما جيء بهم، أمر أن تُقطع أيديهم وأرجلهم وتُفقأ أعينهم وأن يُتركوا في الصحراء حتى يموتوا
1. والواضح من الآية وسبب نزولها أنها تقضي بالجزاء على من يُحارب الله ورسوله. فهل هي بذلك من الآيات الخاصة بشخص النبي، وأنه وحده الذي يوقّع الجزاء على من يحاربه ويحارب الله في شخصه؟


لقد جرى الفقه الإسلامي على اعتبار هذه الآية وهذا الحديث سنداً في إيقاع الحد على مَن يُحارب الجماعة وعلى قطع الطريق4,، مع أن هناك حديثاً يقول مَن حمل علينا السلاح فليس منّا 1. وهناك حديث آخر يقول: مَن خرج من الطاعة، وفارق الجماعة، فمات، مات ميتةً جاهلية. ومَن قاتل تحت رعاية عمية يغضب لعصبيَّة، أو يدعو لعصبيَّة أو ينصر عصبيَّة، فقُتل، فقتلةٌ جاهليَّة. ومن خرج على أمتي بسيفه، يضرب برَّها وفاجرها. ولا يتحاشى من مؤمنها، ولا يفي لذي عهدٍ بعهده. فليس مني ولست منه


وهذان الحديثان لا يقرران حكماً على من يحمل السلاح على الجماعة أو يخرج عليها. فواضح بذلك أن الجزاء المنصوص عليه في الآية ليس جزاءً لمن يحمل السلاح على الجماعة أو يخرج على طاعتها، ولكنه خاص بشخص النبي. يؤيد ذلك سبب نزول الآية وظروف الحديث نفسه




فقهٌ بلا فقه



أوضح مثال للخلط هو توسُّع الفقه الإسلامي في تطبيق الآية على شيء ليست له. ولم يقتصر الأمر على تطبيق الآية والحديث في غير موضوعهما فقط، بل تعدّاهما إلى إعمال اجتهاد الفقهاء أيضاً. وطبقاً لذلك أصبح كل مَن يخالف الحاكم أو الفقيه في الرأي يُتَّهم بالحرابة والخروج على الجماعة. ولو كان الخروج على أية جماعة كفراً، فسوف نجد أن جميع الأنبياء كفار، لأنهم خرجوا على جماعتهم وأتوا بما يخالف اعتقاد هذه الجماعة! بل أن بعضهم حمل السلاح على جماعته. فهل الخروج على أي جماعة يُعتبر كفراً، وإن كانت جماعة فاسدة!؟


قد يُرَدُّ على هذا الكلام بأن الحرابة الموجبة للحد هي حمل السلاح على الجماعة المسلمة


ولكن هذا الكلام لا يخلو من غلط، فالآية والحديث تعاقب مَن يحارب الله ورسوله. وقد يقوم مدعٍ فيقرر أن جميع الأمة خارجة على الله ورسوله، كما تفعل جماعات الإسلام السياسي. فكيف الحل؟ هل تقوم الأمة أيضاً بإلقاء نفس القفّاز في وجوه مخالفيها وتتّهمهم بالخروج على الجماعة، فيستحقون القتل؟ وتكون النتيجة سيولاً من دماء؟

محمد رافع 52
17-02-2012, 08:04 AM
يقول الله تعالى:
الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ(2) الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ(3) وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ(4) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ(5)
سورة النور الآيات :2-5

*****************
يقول الله تعالى:
وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ(38) فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ(39)

سورة المائدة الآيتان 38-39

************************

و يقول الله تعالى:
إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ(33) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ(34)
سورة المائدة الآيتان :33-34

************************

محمد رافع 52
17-02-2012, 08:08 AM
1- مفهوم الحدود:
- لغة: هو المنع و منتهى الشيء.
- اصطلاحا: عقوبة مقدرة شرعا سواء كانت حقا لله او حقا للعباد، و هي لا تقبل الإصقاط لأنها شرعت لصيانة الكليات (الدين، النفس، العقل، العرض، المال).
- الحدود و القصاص من *** واحد، و لا يحق للحاكم أن تأخذه الرأفة في تنفيذها.
2- الحكمة من تشريعها:
هي منع الناس من اقتراف الجرائم و زجرهم عن المخالفات و إبعادهم عن الإفساد في الأرض و حملهم على فعل ما فيه صلاح.
3- أنواعها:
العقوبات في الإسلام نوعان:
 عقوبة فوض المشرع تقديرها لاجتهاد الحاكم المسلم و تسمى التعازير و تتعلق بالجرائم الفرعية.
 عقوبة مقدرة شرعا و هي لا تقبل الاجتهاد لأن فيها اعتداء على الضروريات الخمس التي جاء الشرع بحمايتها (الدين، النفس، العقل، العرض، المال)، و يمكن تصنيفها إلى :
- عقوبات الاعتداء على الأنساب و الأعراض: و تتعلق بالزنى و القذف.
- عقوبات الاعتداء على العقل و الدين: و تتعلق بجريمتي الردة و السكر.
- عقوبات الاعتداء على الأموال و الأمن العام: و تتعلق بجريمة السرقة و الحرابة.

 المحور الثاني: حدود الاعتداء على العقل و الدين
 المستفاد:
- يتضمن الحديث بيان عقوبة شارب الخمر.
- يتضمن الحديث بيان عقوبة الردة.
 التحليل:
• 1- حد شرب الخمر:
أ‌- تعريف الخمر:
الخمر ما خامر العقل و عطل وظيفته، و قد حرمه الإسلام بجميع أشكاله لأضراره المختلفـة، و الإسلام حين وضع عقوبة لشرب الخمر هدف إلى صرف الناس عن أضرارها، قال تعالى: "إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة و البغضاء في الخمر و الميسر و يصدكم عن ذكر الله و عن الصلاة فهل أنتم منتهون".
ب‌- عقوبة شرب الخمر:
هي الجلد ثمانون جلدة لأن شارب الخمر إذا شرب سكر، و إذا سكر هذى و إذا هذى افتـرى و حد المفتري ثمانون جلدة.
ت‌- شروط إقامة الحد:
هي أن يكون الشارب مسلما عاقلا بالغا و أن تثبت عليه جريمة باعتراف منه أو شهادة عدلين او بإحدى وسائل الإثبات و أن يكون غير مكره و لا مضطر، و أن يكون عالما بأن ما شـربه خمـر و أنه محرم.
• 2- حد الردة:
أ‌- تعريف الردة:
لغة: هي الرجوع عن الشيء، و اصطلاحا: هي رجوع المسلم المكلف عن الإسلام طوعا إما بالتصريح أو الفعل يتضمنه.
ب‌- علة عقوبة الردة:
عقوبة الردة هي القتل بعد استتابة المرتد، و لاشك أن الشريعة عاقبت بذلك لأن هذه الجريمة تقع ضد الدين و هو أساس النظام الاجتماعي و الغاية صرف الناس عن هذه الجريمة الشنيعة.

محمد رافع 52
17-02-2012, 08:11 AM
المحور الثالث: حدود الاعتداء على الأنساب و الأعراض
 المستفاد:
بيان عقوبة جريمتي الزنى و القذف
 التحليل:
أ‌- جريمة الزنى:
 تعريف الزنى:
هو كل علاقة غير شرعية خارج إطار الزواج الشرعي، و هو فاحشة عظيمة.
 إثبات جريمة الزنى:
صيانة للأعراض، أكد المشرع أن إثبات هذه الجريمة يتم بالإقرار أو ظهور حمل من غير المتوجة أو شهادة الشهود، و يشترط فيهم:
- أن يكونوا أربعة.
- أن يكونوا عدولا مكلفين.
- أن يكونوا ذكورا.
- أن يشهدوا برؤية الجريمة مجتمعين.
 عقوبة الزنى:
هي الجلد مائة جلدة لغير المحصن، و الرجم حتى الموت للمحصن.
 شروط إقامة حد الزنى:
- أن يكون الزاني مسلما مكلفا.
- أن تثبت عليه الجريمة ثبوتا قطعيا.
- أن يكون عالما بالتحريم.
- أن لا يتراجع عن إقراره.
ب‌- جريمة القذف
 تعريف القذف:
- لغة: الرمي بالحجارة.
- و اصطلاحا: الاتهام بوطء حرام او نفي النسب من الأب او تحريض بذلك.
 علة تحريم القذف:
هي صيانة الأعراض و الأنساب من الاعتداء.
 عقوبة القذف:
الجلد ثمانين جلدة و عدم قبول شهادة القاذف، و إسقاطها أبد الدهر.

 المحور الرابع: حدود الاعتداء على الأموال و الأمن العام
 المستفاد:
- تتضمن الآية بيان عقوبة جريمة السرقة.
- تتضمن الآية بيان عقوبة جريمة الحرابة.
 التحليل:
أ‌- جريمة السرقة:
 تعريف السرقة:
لغة: أخذ الشيء خفية على وجه التستر، و اصطلاحا: أخذ مال الغير من حرجه على وجه الخفية و التستر.
 عقوبة السرقة:
هي قطع يد السارق جزاءا وفاقا و الغاية من ذلك حماية أموال الناس و ممتلكاتهم و محاربة النوازع النفسية التي تدفع إلى الاعتداء على مال الغير.
 ثبوت جريمة السرقة:
تثبت بأحد الأمرين و هما: الاعتراف الصريح من الجاني، أو شهادة عدلين أو إحدى وسائل الإثبات الأخرى، إذا ثبتت السرقة يجب القطع متى توفرت الشروط التالية:
- أن يكون السارق مسلما.
- أن لا تربط بينه و بين صاحب المال المسروق علاقة أبوية أو بنوية أو زوجية، و أن لا يكون المسروق مباحا و أن لا يكون للسارق شبهة في المال المسروق، و أن يكون المال المسروق محفوظا، و أن لا يؤخذ على وجه النهب.

محمد رافع 52
17-02-2012, 08:12 AM
ب‌- جريمة الحرابة:
 تعريف الحرابة:
اصطلاحا: هي خروج طائفة مسلحة في دار الإسلام لإحداث الفوضى و سفك الدماء و سلب الأموال و الاعتداء على الأعراض.
 عقوبة الحرابة:
تتراوح بين القتل أو القتل مع السلب أو القطع بالخلاف و العذاب العظيم في الآخرة، و غاية المشرع من ذلك قطع دابر المحاربين و تخليص الناس و المجتمع من شرورهم.
- هذه العقوبات لا تنفذ إلا بعد استتابة المحاربين و رفضهم التوبة، فمن قتل يقتل أو يصلب، و من أخذ المال حرابة يقتل أو يصلب أو يقطع من خلاف، و من أرعب السبيل فإنه يقتل أو يصلب أو يقطع من خلاف أو ينفى من موطنه.
- تنفيذ إحدى هاته العقوبات متروك لبصيرة الإمام.

محمد رافع 52
17-02-2012, 08:18 AM
الحدود رحمة:
الإسلام ينظر لحقوق الإنسان على أنها منحة إلهية، ليست منحة من مخلوق لمخلوق مثله، يمن بها عليه إن شاء أو يسلبها منه متى شاء، بل هي حقوق قررها الله له بمقتضى فطرته الإنسانية، فهي تتمتع بقدر كاف من الهيبة والاحترام والقدسية فلا يتجرأ شخصعلى انتهاكها أو الاعتداء عليها, أما ما يثيره المبطلون من أن إقامة الحدود الشرعية اعتداء على حقوق الإنسان فهذهشبهة باطلة عقلًا وشرعًا، والمتأمل لحال المجتمعات التي تطبق فيها الحدود والأخرى التي لا تطبق فيها ليجد البون الشاسع في استقرار تلك المجتمعات، وانتشار الأمن فيها، فيشعر الإنسان بطمأنينة نفسية، وسكينة قلبية، وأمن مستتب، بل إن تطبيق الحدودالشرعية على المجرمين خير وسيلة للقضاء على الجريمة، وخير وسيلة لحفظ الدماء أن تسفك، والحياة من أن تهدر، والأعراض من أن تنتهك، والأنساب من أن تختلط، والأموالمن أن تضيع أو تؤكل بالباطل، والعقول من أن تختل، والدين من أن يتخذ سخرية وهزوًا(15) (http://www.jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn15)، ولقد أخرج المجتمع الإسلامي الأول أناسًا ارتكبوا حدودًا، وكان لهم أن يستروا على أنفسهم، لكنهم كانوا هم الذين يذهبون بأنفسهم لإقامة الحد عليهم، أفبعد ذلك كله، يأتي من يجهلون الإسلام ويقولون: إن الحدود تعذيب وقسوة! بل إن الحدود حفاظ ورحمة(16) (http://www.jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn16).
والإسلام حين وضع الحدود لم يكن يهدف من ورائها إشباع شهوة تعذيب الناس، بل يطبق الحدود في حدود ضيقة، فيدرأ الحد بأدنى شبهة، ولا يقام إلا إذا وصل إلى الحاكم المسلم، فإن لم يصل، فللذي ارتكب الحد أن يتوب إلى الله تعالى, ثم إن الناظر إلى تطبيق الحدود يعلم أن هذا التطبيق يمنع ارتكابه وتكرره مرة أخرى، وإن إقامة الحدود في عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وعهد الخلفاء الراشدين لم يتعد حدود أصابع اليدين، ثم إن اللِّين لا يجدي في كل موقف من المواقف، بل القسوة والشدة لهما أثرهما في الإصلاح أحيانًا كثيرة. وما تفعله دول العالم المتحضر أدعياء الديمقراطية وحقوق الإنسان لهو أشد مما يمكن أن يوصف بأنه قسوة، وخذ سجن أبو غريب وغوانتنامو مثالاً على عدم القسوة في أعرافهم، كما يحاول البعض من أعداء الإسلام أن يصوروا تطبيق الحدود على أنه تعذيب وقسوة وتنكيل، وهم حين يفكرون في ذلك الأمر، يفكرون في منظر تقطيع اليد، أو الجلد أو الرجم لمن أتى حدًا من حدود الله، ويتناسون تمامًا الأضرار التي نجمت عن ارتكابهم الحدود، من أموال الناس التي انتهبت، والتي ربما تسببت في فقر أصحابها، أو هتك الأعراض واختلاط الأنساب وفساد المجتمع، أليس من الأنفع للمجتمع أن تقطع يد كل عام، ويشيع الأمن بين الناس، ويطمئن الناس على أموالهم وأعراضهم، بدلاً من إشاعة الخوف في نفوسهم وقلوبهم من أولئك الذين يرتكبون جرمًا في حق أنفسهم قبل أن يرتكبوا جرمًا أعظم في حق الناس(17) (http://www.jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn17).
إن إقامة حدود الله في الأرض رحمة للعباد، فلم يشرع في الكذب قطع اللسان ولا القتل، ولا في الزنى الخصاء، ولا في السرقة إعدام النفس، وإنما شرع لهم في ذلك ما هو موجب أسمائه وصفاته من حكمته ورحمته، ولطفه وإحسانه وعدله، لتزول النوائب، وتنقطع الأطماع عن التظالم والعدوان، ويقتنع كل إنسان بما آتاه الله مالكه وخالقه، فلا يطمع في أخذ حق الآخرين, ومتى قضي على الجريمة أو ضاق نطاقها فإن الأمن يستقر، ويتوفر الرخاء، وتتسع الأرزاق ويصبح المجتمع هادئًا مستقرًا لا يعاني من قلاقل أو اضطرابات، فضلاً عن كون ذلك كله وقبل كل شيء هو امتثال لأمر الله عز وجل واحتكام إلى شرعه القويم.
إذا لم تطبق الحدود الشرعية تحولت إلى عقوبات كونية:
قال تعالى: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا ﴾[طه: 124] إن الله تعالى أمرنا نحن المسلمين أن نقيم الحدود على أصحاب المعاصي، فإذا تخلينا عن إقامة الحدود فإن هذه العقوبة الشرعية التي كان من المفروض أن نقوم بها نحن، تتحول بإذن الله تعالى إلى عقوبة كونية عامة، وإذا كان الحد الشرعي إنما يتناول العاصي فقط، فإن العقوبة الكونية العامة قد تشمل المباشر للجريمة وغير المباشر، ولهذا جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لما كُلِّم في المخزومية (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=157&ftp=alam&id=1002856&spid=157) التي كانت تسرق، فقالوا: من يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أسامة بن زيد (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=157&ftp=alam&id=1000103&spid=157) حبَّه وابن حِبّه، فقال: النبي صلى الله عليه وسلم: «أتشفع في حد من حدود الله؟! ثم قال: إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=157&ftp=alam&id=1000071&spid=157) سرقت؛ لقطع محمد صلى الله عليه وسلم يدها»(18) (http://www.jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn18), وحاشاها رضي الله عنها من ذلك، لكن هذا مثال في العدالة، حتى على بنت الرسول عليه الصلاة والسلام، وليس في المجتمع الإسلامي من يجري في عروقه دم مقدس، فهو فوق النظام والعدالة أو -كما يقال- فوق القانون، إنما يخضع الجميع لشريعة الله عز وجل، الكبير والصغير أمام شريعة الله تعالى سواء، وقد جاء عمر (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=157&ftp=alam&id=1000033&spid=157) رضي الله عنه بـابن عمرو بن العاص (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=157&ftp=alam&id=1000236&spid=157)، وطلب من القبطي الأجنبي البعيد بل والكافر أن يأخذ الدرة ويضعها على رأسه ويضربه ويقول: اضرب ابن الأكرمين، خذ حقك، انتصر من ابن الأكرمين، وفي بلاط أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=157&ftp=alam&id=1000033&spid=157) رضي الله تعالى عنه وأرضاه، الذي اشتهر عنه قوله: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا(19) (http://www.jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn19).

محمد رافع 52
17-02-2012, 08:26 AM
إذن: عقوبة الحد -مثلاً- على السارق بالقطع، أو عقوبة رجم الزاني المحصن، أو عقوبة جلد غير المحصن، أو أي حد شرعي أمر الله تعالى به، إذا فعله الناس أمنوا واطمأنوا على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم، وأرغد عليهم الله تعالى بالعيش، فإذا قصروا ولم يقوموا بالحدود، فإن هذه العقوبة الشرعية تتحول إلى عقوبة كونية، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «إنما أهلك الذين من قبلكم...» أهلكوا لماذا؟ لأنهم عطلوا الحدود؛ لم يقيموا الحدود الشرعية، فنـزلت عليهم العقوبات الكونية القدرية التي لا يدلهم في دفعها، وهي عقوبات عامة تشمل الجميع، ثم يبعثون على نياتهم كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم(20) (http://www.jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn20). وهذا مصداق قوله تعالى: ﴿وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [الأنفال: 25]ولا شك أن تعطيل حدود الله من أشد الظلم.

محمد رافع 52
17-02-2012, 08:30 AM
مميزات الحدود في الشريعة الإسلامية:
إن الشريعة الإسلامية شريعة متكاملة، صالحة لكل زمان ومكان، عادلة في تشريعاتها وأحكامها، وهذا يتجلى في موازنة التشريع لأنواع العقوبات الشرعية بأنواع موجباتها، فجعل شدة العقاب مقابل شدة أثر الجريمة، وخطرها على المجتمع الإسلامي أفرادًا وجماعات, وهذا يتجلى لنا واضحًا في عقوبة الزاني المحصن، وعقوبة المحارب، فشدة العقوبة فيهما نظرًا لشدة الجريمة البشعة، وفي مقابل ذلك: عقوبة القذف، فهي أخف الحدود ضربًا، لأن جريمة القذف أقل أثرًا من الزنا والحرابة. ومن مميزات هذا التشريع: المساواة بين مستحقي العقوبة الشرعية المقدرة، فلا تسقط عن الشريف لمنـزلته بين الناس أو جاهه أو سلطانه، ولا تسقط عن الغني لكثرة أمواله، وهذا يتجلى لنا واضحًا في قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث:«لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها»(21) (http://www.jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn21).
كما إن ورود الإسقاط على الحدود الشرعية لا يضعف من قطعيتها في الوجوب، ولا يؤدي إلى تعطيلها –كما يقوله بعض المتأخرين- وإنما الإسقاط الشرعي يعني: استثناء حالة الإسقاط من حكم النص الدال على وجوب الحد، وهذا أمر له شواهد كثيرة في الأحكام الشرعية؛ كما في الصلاة، والصيام والحج والكفارات، فمثلاً: الصلاة واجبة على كل مسلم ومسلمة، وتسقط عن المرأة في أيام حيضها فتركها للصلاة في هذه الفترة ليس تعطيلًا للنص الدال على الوجوب المطلق، وإنما تمشيًا مع النصوص الأخرى الدالة على استثناء هذه الحالة من الحكم العام. وهذا هو الشأن في الحدود إذا ورد ما يسقطها بنص أو إجماع(22) (http://www.jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn22), بالإضافة إلى أن الأخذ بقاعدة درء الحدود بالشبهات يؤدي غالبًا إلى تبرئة المتهم من الجريمة المنسوبة إليه، ودرء العقوبة الحدية عنه كأن تكون الشبهة قائمة في ركن من أركان الجريمة، أو في طرق إثباتها، وقد تستدعي الحال أحيانًا بعد درء الحد إلى استبدال ذلك بعقوبة تعزيرية بدلاً من الحد المشتبه فيه، كمن أقر بحد من الحدود الشرعية، ثم عدل عن إقراره لشبهة قوية، فإن الإمام يدرأ عنه الحد، وله أن يعاقبه عقوبة تعزيزية ليكون أبلغ في ردعه وزجره.