مشاهدة النسخة كاملة : أبو مسلم الخولاني


abomokhtar
14-11-2011, 12:38 PM
الداراني ، سيد التابعين وزاهد العصر
اسمه على الأصح : عبد الله بن ثوب ، وقيل : اسمه عبد الله بن عبد الله ، وقيل : عبد الله بن ثواب . وقيل : ابن عبيد . ويقال : اسمه يعقوب بن عوف .
قدم من اليمن ، وقد أسلم في أيام النبي -صلى الله عليه وسلم-، فدخل المدينة في خلافة الصديق .
وحدث عن عمر ، ومعاذِ بن جبل ، وأبي عبيدة ، وأبي ذر الغفاري ، وعبادة بن الصامت .
روى عنه أبو إدريس الخولاني ، وأبو العالية الرياحي ، وجُبَير بن نفير ، وعطاء بن أبي رباح ، وشُرَحْبيل بن مسلم -وما أدركاه- وعطية بن قيس ، وأبو قِلابة الجَرْمي ، ومحمد بن زياد الألهاني، وعمير بن هانئ ويونس بن ميسرة ، ولم يلحقوه ، لكن أرسلوا عنه .
قال إسماعيل بن عياش : حدثنا شرحبيل بن مسلم ، قال : أتى أبو مسلم الخولاني المدينة وقد قبض النبي -صلى الله عليه وسلم- واستخلف أبو بكر .
فحدثنا شرحبيل : أن الأسود تنبأ باليمن ، فبعث إلى أبي مسلم ، فأتاه بنارٍ عظيمة ، ثم إنه ألقى أبا مسلم فيها ، فلم تضره ، فقيل للأسود : إن لم تنْفِ هذا عنك أفسد عليك من اتبعك. فأمره بالرحيل فقدم المدينة ، فأناخ راحلته ، ودخل المسجد يصلي ، فبصر به عمر -رضي الله عنه- ، فقام إليه ، فقال : ممن الرجل ؟ قال : من اليمن . قال : ما فعل الذي حرقه الكذاب بالنار ؟ قال : ذاك عبد الله بن ثوب . قال : نشدتك بالله ، أنت هو ؟ قال : اللهم نعم . فاعتنقه عمر وبكى ، ثم ذهب به حتى أجلسه فيما بينه وبين الصديق .
فقال : الحمد لله الذي لم يمتني حتى أراني في أمة محمد من صُنِع به كما صُنع بإبراهيم الخليل . رواه عبد الوهاب بن نجدة ، وهو ثقة ، عن إسماعيل، لكن شرحبيل أرسل الحكاية .
ويُروَى عن مالك بن دينار ، أن كعبا رأى أبا مسلم الخولاني ، فقال : من هذا ؟ قالوا : أبو مسلم ، فقال : هذا حكيم هذه الأمة .
وروى معمر عن الزهري ، قال : كنت عند الوليد بن عبد الملك ، فكان يتناول عائشة -رضي الله عنها- ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، ألا أحدثك عن رجل من أهل الشام ، كان قد أوتي حكمة ؟ قال : من هو ؟ قلت : أبو مسلم الخولاني ، سمع أهل الشام ينالون من عائشة فقال : ألا أخبركم بمثلي ومثل أمكم هذه ؟ كمثل عينين في رأس ، تؤذيان صاحبهما ، ولا يستطيع أن يعاقبهما إلا بالذي هو خير لهما فسكت . فقال الزهري : أخبرنيه أبو إدريس الخولاني عن أبي مسلم .
قال عثمان بن أبي العاتكة : علق أبو مسلم سوطا في المسجد ، فكان يقول : أنا أولى بالسوط من البهائم ، فإذا فتر ، مشق ساقيه سوطا أو سوطين . قال : وكان يقول : لو رأيت الجنة عيانا أو النار عيانا ما كان عندي مُسْتزادٌ .
إسماعيل بن عياش : عن شرحبيل ، أن رجلين أتيا أبا مسلم ، فلم يجداه في منزله ، فأتيا المسجد ، فوجداه يركع ، فانتظراه ، فأحصى أحدهما أنه ركع ثلاث مائة ركعة .
الوليد بن مسلم : أنبأنا عثمان بن أبي العاتكة ، أن أبا مسلم الخولاني سمع رجلا يقول : سبق اليوم [ فلان] فقال : أنا السابق ، قالوا : وكيف يا أبا مسلم ؟ قال : أدلجتُ من داريّا ، فكنت أول من دخل مسجدكم .
قال أبو بكر بن أبي مريم : عن عطية بن قيس ، قال : دخل ناس من أهل دمشق على أبي مسلم وهو غازٍ في أرض الروم ، وقد احتفر جُورة في فسطاطه وجعل فيها نِطْعا وأفرغ فيه الماء وهو يتصلَّقُ فيه فقالوا : ما حملك على الصيام وأنت مسافر ؟ قال : لو حضر قتال لأفطرت ، ولتهيأت له وتقويت ; إن الخيل لا تجري الغايات وهن بُدَّن ؛ إنما تجري وهن ضُمَّر ؛ ألا وإن أيامنا باقية جائية لها نعمل .
وقيل : كان يرفع صوته بالتكبير حتى مع البيان ويقول : اذكر الله حتى يرى الجاهل أنه مجنون .
وروى محمد بن زياد الألهاني ، عن أبي مسلم الخولاني ، أنه كان إذا غزا أرض الروم ، فمروا بنهر فقال : أجيزوا بسم الله ، ويمر بين أيديهم ، فيمرون بالنهر الغمر ، فربما لم يبلغ من الدواب إلا الرُّكَب ، فإذا جازوا قال : هل ذهب لكم شيء ؟ فمن ذهب له شيء فأنا ضامن له فألقى بعضهم مِخْلاته عمدا فلما جاوزوا قال الرجل : مِخْلاتي وقعت ، قال : اتبعني فاتبعه ، فإذا بها معلقة بعودٍ في النهر ، قال : خذها .
سليمان بن المغيرة : عن حميد الطويل ، أن أبا مسلم أتى على دجلة وهي ترمي بالخشب من مدِّها فذهب عليها ، ثم حمد الله وأثنى عليه ، وذكر مسير بني إسرائيل في البحر ، ثم لهَزَ دابته ، فخاضت الماء ، وتبعه الناس حتى قطعوها ، قال : هل فقدتم شيئا من متاعكم فأدعو الله أن يرده عليَّ ؟
عنبسة بن عبد الواحد : عن عبد الملك بن عمير ، قال : كان أبو مسلم الخولاني إذا استسقى سُقي .
وروى بقية عن محمد بن زياد : عن أبي مسلم ، أن امرأة خَبَّبَت عليه امرأته ، فدعا عليها ، فعميت ، فأتته فاعترفت وتابت ، فقال : اللهم إن كانت صادقة ، فاردُدْ بصرها ، فأبصرت .
ضمرة بن ربيعة عن بلال بن كعب ، أن الصبيان قالوا لأبي مسلم الخولاني : ادعُ الله أن يحبس علينا هذا الظبي فنأخذه . فدعا الله ، فحبسه ، فأخذوه .
وعن عطاء الخراساني ، أن امرأة أبي مسلم قالت : ليس لنا دقيق . فقال : هل عندك شيء ؟ قالت : درهم بعنا به غزلا . قال : ابغينيه وهاتي الجراب ، فدخل السوق ، فأتاه سائل ، وألح ، فأعطاه الدرهم ، وملأ الجراب نشارة مع تراب ، وأتى وقلبه مرعوب منها ، وذهب ، ففتحته ، فإذا به دقيق حُوَّارى . فعجنت وخبزت ، فلما جاء ليلا ، وضعته ، فقال : من أين هذا ؟ قالت : من الدقيق ، فأكل وبكى .
أبو مسهر ، عن سعيد بن عبد العزيز ، أن أبا مسلم استبطأ خبر جيش كان بأرض الروم ، فدخل طائر فوقع ، فقال : أنا رتبابيل مُسْلي الحُزْنَ من صدور المؤمنين ، فأخبره خبر الجيش فقال : ما جئت حتى استبطأتُك ؟.
قال سعيد بن عبد العزيز ، كان أبو مسلم يرتجز يوم صفين ويقول : مــا عِلَّتــي مـا عِلَّتـــي وقـــد لبـِسْتُ دِرْعَتــــي أمـــوتُ عِنْــدَ طاعِتـــي
وقيل : إن أبا مسلم قام إلى معاوية فوعظه وقال : إياك أن تميل على قبيلة فيذهب حَيْفُك بعدلك .
وروى أبو بكر بن أبي مريم : عن عطيه بن قيس ، قال : دخل أبو مسلم على معاوية ، فقام بين السماطين ، فقال : السلام عليك أيها الأجير ، فقالوا : مه . . قال : دعوه ، فهو أعرف بما يقول ، وعليك السلام يا أبا مسلم . ثم وعظه ، وحثه على العدل .
وقال شرحبيل بن مسلم : كان الولاة يَتَيَمَّنُون بأبي مسلم ، ويُؤَمِّرُونه على المقدمات .
قال سعيد بن عبد العزيز : مات أبو مسلم بأرض الروم ، وكان شتا مع بسر بن أبي أرطاة ، فأدركه أجلُه ، فعاده بسر ، فقال له أبو مسلم: يا بسر ، اعقد لي على من مات في هذه الغزاة؛ فإني أرجو أن آتي بهم يوم القيامة على لوائهم .
قال أحمد بن حنبل : حُدِّثنا عن محمد بن شعيب عن بعض المشيخة قال : أقبلنا من أرض الروم مررنا بالعمير على أربعة أميال من حمص في آخر الليل ، فاطلع راهب من صومعة ، فقال : هل تعرفون أبا مسلم الخولاني ؟ قلنا : نعم . قال : إذا أتيتموه ، فأقرِئُوه السلام ؛ فإنا نجده في الكتب رفيق عيسى ابن مريم . أما إنكم لا تجدونه حيا . قال : فلما أشرفنا على الغُوطة ، بلغنا موته .
قال الحافظ أبو القاسم ابن عساكر يعني سمعوا ذلك ، وكانت وفاته بأرض الروم .
وروى إسماعيل بن عيَّاش ، عن شُرَحْبيل بن مسلم ، عن سعيد بن هانئ قال ، قال معاوية : إنما المصيبة كل المصيبة بموت أبي مسلم الخولاني ، وكُرَيب بن سيف الأنصاري .
إسناده صالح . فعلى هذا يكون أبو مسلم مات قبل معاوية ، إلا أن يكون هذا هو معاوية بن يزيد
وقد قال المفضل بن غسان الغلابي : إن علقمة وأبا مسلم ماتا في سنة اثنتين وستين . فالله أعلم . وبداريَّا قبرٌ يُزَار ، يقال : إنه قبر أبي مسلم الخولاني ، وذلك محتمل .
http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=12150