hossamhamed
20-11-2011, 07:20 PM
متى حدث هذا ؟! بل كيف حدث ؟!!، لقد استيقظ ذات يوم ليجد نفسه في دوامة كبيرة تتسع كلما مر عليه يوم بل كل دقيقة . حقيقة . . لم يدر كيف حدث هذا الأمر ؟! ، هل كان غائبا عن الوعي أم فاقد الذاكرة ؟! ، وكيف عاش في هذا الأمر كل هذه المدة دون أن ينتبه إليه ولو مرة واحدة ؟! ، ألم تكن مدة سنة كاملة كافية بأن تعيد إليه رشده !! ، ألم تكفه سنة كاملة ضاعت من عمره هباءً منثورا حتى يضيف إليها عامين آخرين !! ، بل على ما يظن أنه كان تحت تأثير تنويم مغناطيسي أو قوى سحرية مجهولة أفقدته الشعور بالوقت والزمن ، أو ربما ظن أنّ عمره ما زال فيه الكثير فأخذ يبذر ويسرف في إنفاقه بلا حساب .
مضى من عمره ثلاث سنوات دون أن يشعر بهم بالتمام والكمال ، والحال كما هو الحال ، فمن المحال أن يأمل دوام الحال ، ولكن أي حال الذي يأمل أن يدوم ، حاله الشبيه بالميت الذي يحيا بين الناس ! ، أم حاله كأراجوز ظنّ أنه يُضحّك الناس ولكنه كان يُضْحِك الناس عليه . صحيح أنه أفاق من غيبوبته ولكن بعد فوات الأوان ، عمره الآن تجاوز العشرين بشهور ولكنه يشعر في قرارة نفسه أنّ الثلاث سنوات اللائي فقدهم في غيبوبته تلك قد زادوا عمره عشرين عاما دفعة واحدة ، ولعل السبب في شعوره هذا ، هو الكاهل والسر الثقيل الذي أخفاه في قلبه طيلة هذه السنوات الثلاث ، لم يجرؤ على البوح به لأي أحد ، بل وصل به الأمر أنه لم يبح به لنفسه خشية أن تفضح سره وتكشف أمره ، وهو الذي يحاول عبثاً أن يواريه عن أعين أصدقائه وأقرب الناس إليه والده ووالدته ، وتساءل في قرارة نفسه هل كان يجب أن يحدث هذا ؟! ، ولِمَ حدث له بالذات دوناً عن أناس آخرين !! ، والعجيب في الأمر أنه كلما روادته هذه الأسئلة وجد سؤال يكمل هذه الأسئلة ألا وهو هل السخط على القضاء والقدر كُفر ؟! ، ولو كان كذلك فقد هلك لا محالة ، ولكنه من آن لآ خر يُمني نفسه بأنّ كل ما يحدث له إنما هو من تدابير القدر ، وأنّ الله الذي ابتلاه بهذا لن يخذله أبداً ولن يتركه يسقط في الهاوية .
*******************************************
وما يأسف عليه حقا ويحزّ ُ في نفسه أنه كيف أضاع ثلاث سنوات من عمره لا في جمع المال أو التمتع بلذّة من ملذات الحياة ، بل ضاعت _ للأسف _ في لهو عارض ولعب زائل ، ولا يدري كيف أصبح حاله هكذا لا يسر عدوا ولا حبيبا بل لا تسر به نفسه ، وتساءل هل المال الذي غيّر حاله وبدّل أحلامه ، بعد ما كان يحلم بأن يصبح كاتبا مشهورا أو حتى أستاذا بسيطا في مدرسة حكومية ، أين أحلامه التي كافح من أجلها وسهر الليالي لنيلها ؟! ، أين كان عقله ووعيه عندما فقد أعزّ ما كان يملك ؟! ، ولِمَ لا وقد كانت القراءة والعلم واللغة العربية أعز ما كان يملك ؟! ، وهل كان يملك غيرهما وهو الفقير المعدم الذي يجد قوت يومه بشق الأنفس ؟! ، لقد عاش طول عمره يحلم بأن يلتحق بكلية التربية قسم اللغة العربية ، وعندما تحقق حلمه والتحق بها ركل النعمة وحلمه معا ، وعلّق يومئذ أخطاءه وفشله وتقصيره على عمله الذي كان يزاوله بجانب دراسته ، ولعل هذا ما أتاح له التجرؤ على فشله الذي لحق به .
****************************************
والآن وبعد ما انقلبت حياته رأسا على عقب ، عايش الكذبة التي إخترعها وأوهم الناس أنها حقيقة لا مراء فيها وأحاطها بغلاف من النجاح والتفوق . كل هذا وهو ينجرف مع التيار ، تقذفه أمواج وتلقي به أمواج ، وهو بين ذلك مستسلم يائس ، لم يعد لديه شئ يبكي عليه ، كل يوم يمر يلعن نفسه ألف مرة في اليوم والليلة ، ويؤرقه التفكير متى تنتهي أكاذيبه ؟! ، وكيف يواجه الحقيقة المؤلمة ؟! ، حقيقة أن الكلية فصلته عنها لتغيبه المستمر عن الامتحانات ، ولكنه يرى كل هذا هين يسير لو ..........
*******************************************
لو استطاع فقط أن يصارح أقاربه بالواقع . . بالحقيقة ، ولكن أنّ تأتي له هذه الشجاعة وهو الذي عاش طول عمره منطويا على نفسه ، كلما غضب ويأس لجأ إلى قلمه وورقته يبث فيهما لواعج صدره وأشجانه ، صحيح أنه لديه أصدقاء تسد عين الشمس _ كما يقولون _ ولكنه آثر ألا يبوح بأسراره لأحد مخافة أن يخذله صديق ويكشف سره . لا يدري حقا لِمَ يُعقّد الأمور على هذا النحو !! ، لِمَ لا يأخذها ببساطة ويعلن للناس حقيقته التي ينكرها هو شخصيا عن نفسه ، هل يخشى أن يفقد الصورة التي رسمها لهم ويسقط من نظرهم ويفقد حبهم !! ، ولو ظل يخفي عليهم هذه الحقيقة ألن يأتي يوم ويرفع الستار عن الحقيقة . ولكم دعا الله أن يفرج عنه ما هو فيه ، ولكنه ليس بالشخص الذي يصبر على الإجابة حتى ينال ما يتمنى ، فدائما كان متسرعا على النضوج وعلى الشهرة وعلى الثراء وعلى الحب وعلى . . وعلى . . الخ .
****************************************
لم يكن الصبر من سيماته القليلة ، حتى عندما كثر المال في يده مرة باع حلمه ودراسته ومستقبله من أجل لذة زائلة ، ولعل هذا يعود إلى حرمانه من ملذات الحياة التي لم يوفرها له والده الموظف البسيط . وهنا توقف فجأة عن الكتابة وأطرق برأسه برهة وكأن فكرة قد تجلت له من بين السطور ، فعاد يخط ببنانه الفكرة قبل أن تتلاشى من ذاكرته القصيرة المدى ، فكتب ألم يكن كل شئ باختيارك أنت !! ، ألم تختر كلية التربية وقسم اللغة العربية بالذات رغم نصائح والدك لك ، ومن قبلها الثانوية العامة ألم تخترها أيضا فقط لتكون برفقة حبيبتك من المدرسة الإعدادية ؟! ، وأيضا ألم يكن غيابك من الكلية والإعراض عنها بكامل إرادتك !! ، لقد كانت لك الحرية الكاملة في كل قراراتك ، لِمَ إذا تلقي اللوم على غيرك !! ، وتحمله مسئولية فشلك في تشكيل حياتك ، لِمَ تدّعي أنّ القدر هو الذي يتربص بك ، لقد كان كل شئ باختيارك ، إذا فلتتحمل مسئولية إختيارك وتكن رجلا لمرة واحدة وتواجه الحقيقة . صحيح أن الحقيقة _ في بعض الأحيان _ تكون مؤلمة ولكن السراب والوهم أكثر ألما ولا يزولا ألمهما مع مرور الزمن، من الآن فصاعدا واجه نفسك أولا ولتختر أي طريق ستسلك ، وكن مؤمنا بأنه لن يصيبك إلا ما كُتبَ لك ، وأنّ الحياة كلها مجرد إختيار سواء شئت أم أبيت .
" تمت بحمـــــد الله " حسام حامد
27/4/2010 مــ
مضى من عمره ثلاث سنوات دون أن يشعر بهم بالتمام والكمال ، والحال كما هو الحال ، فمن المحال أن يأمل دوام الحال ، ولكن أي حال الذي يأمل أن يدوم ، حاله الشبيه بالميت الذي يحيا بين الناس ! ، أم حاله كأراجوز ظنّ أنه يُضحّك الناس ولكنه كان يُضْحِك الناس عليه . صحيح أنه أفاق من غيبوبته ولكن بعد فوات الأوان ، عمره الآن تجاوز العشرين بشهور ولكنه يشعر في قرارة نفسه أنّ الثلاث سنوات اللائي فقدهم في غيبوبته تلك قد زادوا عمره عشرين عاما دفعة واحدة ، ولعل السبب في شعوره هذا ، هو الكاهل والسر الثقيل الذي أخفاه في قلبه طيلة هذه السنوات الثلاث ، لم يجرؤ على البوح به لأي أحد ، بل وصل به الأمر أنه لم يبح به لنفسه خشية أن تفضح سره وتكشف أمره ، وهو الذي يحاول عبثاً أن يواريه عن أعين أصدقائه وأقرب الناس إليه والده ووالدته ، وتساءل في قرارة نفسه هل كان يجب أن يحدث هذا ؟! ، ولِمَ حدث له بالذات دوناً عن أناس آخرين !! ، والعجيب في الأمر أنه كلما روادته هذه الأسئلة وجد سؤال يكمل هذه الأسئلة ألا وهو هل السخط على القضاء والقدر كُفر ؟! ، ولو كان كذلك فقد هلك لا محالة ، ولكنه من آن لآ خر يُمني نفسه بأنّ كل ما يحدث له إنما هو من تدابير القدر ، وأنّ الله الذي ابتلاه بهذا لن يخذله أبداً ولن يتركه يسقط في الهاوية .
*******************************************
وما يأسف عليه حقا ويحزّ ُ في نفسه أنه كيف أضاع ثلاث سنوات من عمره لا في جمع المال أو التمتع بلذّة من ملذات الحياة ، بل ضاعت _ للأسف _ في لهو عارض ولعب زائل ، ولا يدري كيف أصبح حاله هكذا لا يسر عدوا ولا حبيبا بل لا تسر به نفسه ، وتساءل هل المال الذي غيّر حاله وبدّل أحلامه ، بعد ما كان يحلم بأن يصبح كاتبا مشهورا أو حتى أستاذا بسيطا في مدرسة حكومية ، أين أحلامه التي كافح من أجلها وسهر الليالي لنيلها ؟! ، أين كان عقله ووعيه عندما فقد أعزّ ما كان يملك ؟! ، ولِمَ لا وقد كانت القراءة والعلم واللغة العربية أعز ما كان يملك ؟! ، وهل كان يملك غيرهما وهو الفقير المعدم الذي يجد قوت يومه بشق الأنفس ؟! ، لقد عاش طول عمره يحلم بأن يلتحق بكلية التربية قسم اللغة العربية ، وعندما تحقق حلمه والتحق بها ركل النعمة وحلمه معا ، وعلّق يومئذ أخطاءه وفشله وتقصيره على عمله الذي كان يزاوله بجانب دراسته ، ولعل هذا ما أتاح له التجرؤ على فشله الذي لحق به .
****************************************
والآن وبعد ما انقلبت حياته رأسا على عقب ، عايش الكذبة التي إخترعها وأوهم الناس أنها حقيقة لا مراء فيها وأحاطها بغلاف من النجاح والتفوق . كل هذا وهو ينجرف مع التيار ، تقذفه أمواج وتلقي به أمواج ، وهو بين ذلك مستسلم يائس ، لم يعد لديه شئ يبكي عليه ، كل يوم يمر يلعن نفسه ألف مرة في اليوم والليلة ، ويؤرقه التفكير متى تنتهي أكاذيبه ؟! ، وكيف يواجه الحقيقة المؤلمة ؟! ، حقيقة أن الكلية فصلته عنها لتغيبه المستمر عن الامتحانات ، ولكنه يرى كل هذا هين يسير لو ..........
*******************************************
لو استطاع فقط أن يصارح أقاربه بالواقع . . بالحقيقة ، ولكن أنّ تأتي له هذه الشجاعة وهو الذي عاش طول عمره منطويا على نفسه ، كلما غضب ويأس لجأ إلى قلمه وورقته يبث فيهما لواعج صدره وأشجانه ، صحيح أنه لديه أصدقاء تسد عين الشمس _ كما يقولون _ ولكنه آثر ألا يبوح بأسراره لأحد مخافة أن يخذله صديق ويكشف سره . لا يدري حقا لِمَ يُعقّد الأمور على هذا النحو !! ، لِمَ لا يأخذها ببساطة ويعلن للناس حقيقته التي ينكرها هو شخصيا عن نفسه ، هل يخشى أن يفقد الصورة التي رسمها لهم ويسقط من نظرهم ويفقد حبهم !! ، ولو ظل يخفي عليهم هذه الحقيقة ألن يأتي يوم ويرفع الستار عن الحقيقة . ولكم دعا الله أن يفرج عنه ما هو فيه ، ولكنه ليس بالشخص الذي يصبر على الإجابة حتى ينال ما يتمنى ، فدائما كان متسرعا على النضوج وعلى الشهرة وعلى الثراء وعلى الحب وعلى . . وعلى . . الخ .
****************************************
لم يكن الصبر من سيماته القليلة ، حتى عندما كثر المال في يده مرة باع حلمه ودراسته ومستقبله من أجل لذة زائلة ، ولعل هذا يعود إلى حرمانه من ملذات الحياة التي لم يوفرها له والده الموظف البسيط . وهنا توقف فجأة عن الكتابة وأطرق برأسه برهة وكأن فكرة قد تجلت له من بين السطور ، فعاد يخط ببنانه الفكرة قبل أن تتلاشى من ذاكرته القصيرة المدى ، فكتب ألم يكن كل شئ باختيارك أنت !! ، ألم تختر كلية التربية وقسم اللغة العربية بالذات رغم نصائح والدك لك ، ومن قبلها الثانوية العامة ألم تخترها أيضا فقط لتكون برفقة حبيبتك من المدرسة الإعدادية ؟! ، وأيضا ألم يكن غيابك من الكلية والإعراض عنها بكامل إرادتك !! ، لقد كانت لك الحرية الكاملة في كل قراراتك ، لِمَ إذا تلقي اللوم على غيرك !! ، وتحمله مسئولية فشلك في تشكيل حياتك ، لِمَ تدّعي أنّ القدر هو الذي يتربص بك ، لقد كان كل شئ باختيارك ، إذا فلتتحمل مسئولية إختيارك وتكن رجلا لمرة واحدة وتواجه الحقيقة . صحيح أن الحقيقة _ في بعض الأحيان _ تكون مؤلمة ولكن السراب والوهم أكثر ألما ولا يزولا ألمهما مع مرور الزمن، من الآن فصاعدا واجه نفسك أولا ولتختر أي طريق ستسلك ، وكن مؤمنا بأنه لن يصيبك إلا ما كُتبَ لك ، وأنّ الحياة كلها مجرد إختيار سواء شئت أم أبيت .
" تمت بحمـــــد الله " حسام حامد
27/4/2010 مــ