مشاهدة النسخة كاملة : السنة - العام - الحول .. والفرق بينهم !


فكري ابراهيم
21-11-2011, 01:55 PM
السنة - العام - الحول .. والفرق بينهم



يعتقد الكثير من الناس أنّ هذه الكلمات لها معنى واحد
وهناك كتابات كثيرة في هذا الموضوع ولكنّها غير كاملة لأنّها تتعرض للفرق بين السنة والعام فقط ومع ذلك يختلف الشرح من كاتب لآخر بحيث أصبح من الصعب الحصول على شرح واحد متكامل لهذه التعاريف.

وكثير من الناس لا يجدون فرقاً أو ربّما لا يرون فرقا في استخدام كلمات السنة والعام والحول ويعتقدون أنها كلمات مترادفة بحيث لو استبدلت مواقعها لما تغير معناها !

فهل هذا صحيح ؟

القرآن الكريم يوصف بأنّه كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدنّ حكيم خبير .. وإحكام الآيات يعني إحكام الألفاظ والكلمات .. أي أنّ كل كلمة قرآنية تؤدي معناها تماماً في الجملة القرآنية، والجملة القرآنية تؤدي معناها تماماً في الآية القرآنية، وهكذا، ليكون القرآن الكريم كتاب محكم الآيات.


غير أن القرآن الحكيم يحدّد المعنى للكلمة القرآنية بكل دقة ويوحي إلينا هذا المعنى من خلال سياق الجملة القرآنية، ثمّ الآية والسورة. وكذلك من خلال ربط الآيات القرآنية ببعضها البعض، فإذا أوجز المعنى في مكان، فإنّ اللهُ سبحانه وتعالى يفسره لنا في مكان آخر.


السّــنة

لنتدبر بعض الآيات التى تعتبر مفاتيح لمعنى السنة والعام
أو التى تربط بين السنة والعام:

قال تعالى في الآية رقم 14 من سورة العنكبوت:

” وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ“

وقال تعالى في الآيات 47-49 من سورة يوسف:

"قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ (47) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ (48) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ".


في الآيات السابقة نجد أنه حيثما ترد السنة أو السنين فذلك يعني الشدة والتعب والجهد والدأب والظلم، وعلى العكس حيثما يرد العام فذلك يعني السهولة واليسر والرخاء وقصر مدّة الضرر أو فترته.

ففي المثال الأول والخاص بمدة الرسالة التي قضاها نوح عليه السلام في قومه بما فيها من شدّة ونصب وتكذيب واستهزاء، ثم ما كان من يسر ورخاء لنوح عليه السلام بعد الطوفان الذي أغرق الكافرين وبعد أن عاش مع المؤمنين.
فقد ذكر القرآن الكريم أن نوحاً عليه السلام لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً.

أي أنه لبث في الشدة 950 سنة وفي الرخاء بعد إهلاك الكافرين بالطوفان خمسين عاماً.

وفي المثال الثاني من سورة يوسف فقد جاءت”سبع سنين“ مع العمل الدءوب والجهد والتعب ثم جاءت (سبع شداد) وهي صفة للسنين مع الضنك والجدب والجوع والنقص في الإمدادات.

أما لفظ (العام) فقد جاء مع (الغيث) و(المطر) وكثرة الخير واليسر والرخاء..
"عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ"
والمقصود بالعصير هنا هو عصير العنب الذي كانوا يشربونه بكثرة والعنب يحتاج كثيرا من الماء لكي ينمو جيّدا.

أما السنة فحينما نرجع إلى جميع آيات القرآن الكريم التي وردت فيها (سنة) و (سنين) لوجدنا صفة الشدّة والطول هي الغالبة على المعنى وقد وردت في القرآن الكريم 20 مرة نذكر بعضها:

"وَلَقَدْ أَخَذْنَا آَلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ" (الأعراف: 130).

"فَضَرَبْنَا عَلَى آَذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا" (الكهف: 11).

"قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ" (الشعراء: 18).

"فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى" (طـه: 40).

وهذه الآية فيها لفتة عظيمة حيث تدل على الأجل الذي قضاه موسى عليه السلام في مدين وأن هذا الأجل هو عشر حجج حينما خيّره والد الفتاة "قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ“ (القصص: 27).

وقد جاءت الآية بأن موسى عليه السلام قد لبث سنين في أهل مدين وبالمعنى الخاص بالسنين وهو طول المدة مع العمل الشاق حتّى يتمكّن من جمع ما يكفي من المال لكي يمكّن والد زوجته من الذهاب للحجّ 10 مرّات متتالية، مع ملاحظة أنّ الحجّ في ذلك الوقت كان في القدس وليس في مكّة.

العــام

وردت كلمة عام وعامين في القرآن الكريم 10 مرات وهي تعني اليسر والرخاء وقلة المدّة أو قصرها حسب الحالة النفسية للشخص أو الأشخاص ومن أمثلة ذلك:

"أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ" (التوبة: 126).
والمقصود هنا: قصر المدّة التي تتم خلالها الفتنة.

"ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ" (يوسف: 49).
وهي تعني اليسر والرخاء.

"حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ" (لقمان: 14).
وهي تعني الحبّ والفرح بالوليد خلال فترة الرضاعة.

الحَـوْل

الحول يعني العام الذي يتمّ فيه فعل الشيء بلا انقطاع، فمعناه يختلف عن معنى السنة ويختلف كذلك عن معنى العام لأن السنة والعام هي فترات زمنية يقع خلال أيّ جزء منها الحدث أو الفعل، وليس شرطاً أن يكون الحدث أو الفعل مستمراً خلالها.
أما الحول فيكون الحدث أو الفعل فيه مستمراً بدون انقطاع

ولننظر إلى الآيتين اللتين ورد فيهما ذكر الحول:

"وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَولِِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ" (البقرة: 240).
وهي تعني أن يكون المتاع طوال العام مستمراً بدون انقطاع.

"وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ" (البقرة: 233).
وهي تعني أن الرضاعة مستمرة بلا انقطاع طوال العامين "وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ" (لقمان: 14).

مما سبق يتبين لنا الفروق الجوهرية بين معنى السنة ومعنى العام ومعنى الحول وأنّه يجب أن يتم فهمهم على النحو الصحيح حتى نتدبّر آيات القرآن ونفهمها على أحسن وجه

وأرجو أن يكون الفرق قد أصبح واضحا
*****

(مجمّع من أكثر من مصدر مع الإضافة والحذف والتعديل)

مسلمة متفائلة
22-11-2011, 10:08 PM
سبحان الله .. إنها بلاغة القرآن الكريم
بــــــوركتم

Mr. Medhat Salah
22-11-2011, 10:35 PM
بارك الله فيك