د/ايمن محمود البتشتى
21-11-2011, 08:43 PM
القيود الموضوعية لممارسة حق الإضراب
بمناسبة ما أثير في الآونة الأخيرة من إقدام بعض أعضاء هيئة التدريس بالجامعات المصرية وبعض النقابات علي الإضراب, ونظرا لأن هذا الإجراء خطير ويحتاج إلي تحديد موقف الدستور والقانون منه الذي أورد العديد من القيود التي تحافظ علي النظام العام حتي يظل الإضراب حقا مشروعا بمراعاة تلك القيود فإذا ما تجاوزها عدد غير مشروع, بيد أن مبدأ الحرية النقابية يرتبط بإحدي الوسائل المؤثرة والفعالة لتحقيق تلك المطالب والمصلحة, ويتمثل في حقهم في الإضراب عن العمل, ونظرا لخطورة ما يرتبه الإضراب من آثار قد تؤثر علي كيان المجتمع مما يضر بالنظام العام, وذلك إذا ما أسيء استخدامه, مما قد يبعث علي الفوضي والإضطراب الأمر الذي يستلزم معه وضع بعض القيود التي تكفل موضوعية وشرعية الإضراب.
ويقصد بالإضراب امتناع العاملين عن الاستمرار في عملهم لفترة زمنية مؤقتة بقصد تحقيق مطالب يسعون لبلوغها أو احتجاجا منهم علي بعض الأوضاع التي تمس وتنقص من مصالحهم, وهو بهذا المعني يمثل امتناعا جماعيا متفقا عليه بين مجموعة من العاملين عن العمل فترة مؤقتة لممارسة الضغط حتي يمكن الاستجابة لمطالبهم.
ويستفاد من ذلك أن الهدف من الإضراب في حقيقته هو أنه وسيلة للتعبير عن الاستياء من أوضاع معينة غير صحيحة, وقد يترتب عليه تصحيحها, من ثم يكتسب العمال حقوقهم المعطلة والمسلوبة, إلا أنه من ناحية أخري قد يؤثر ذلك سلبا علي مصلحة بعض الأفراد بسبب تعطل المرافق العامة نتيجة لهذا الإضراب, ولا يمكن نكران ما للإضراب من تأثير مباشر علي الرأي العام في المجتمع, فضلا عن المساس بالحياة الاقتصادية والإضرار بمصلحة أمن الدولة, ومن ثم فإن بعض الدول تنظر إليه بعدم القبول والارتياح, بينما تري معظم الدول في الإضراب حقا مشروعا من حقوق الإنسان مع ضرورة وضع عدة ضوابط حتي لا يساء استعمال هذا الحق.
استحدث المشرع المصري في قانون العمل الجديد رقم12 لسنة2003 مشروعية حق الإضراب السلمي للعمال ونظم أحكامه بمقتضي المواد من192 حتي195 وذلك بحسبان أن هذا الحق من الحقوق الإنسانية للعمال علي المستوي الدولي ووفقا للاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي اقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في1966/12/16 ووقعت عليها مصر في1967/8/4 ووافق عليها رئيس الجمهورية بالقرار رقم537 لسنة1981 بعد موافقة مجلس الشعب عليها, ولاشك أن إقرار المشرع المصري لحق الإضراب للعمال يعد تعبيرا عن إرادة المجتمع الدولي المتمثلة في الاتفاقية المذكورة, والتي أصبحت ملزمة لمصر.
إذا كان المشرع المصري قد أباح للعمال حق الإضراب إلا أنه قد أحاطه بالعديد من القيود التي تحول دون الإضرار بمصلحة المجتمع أو الحياة الاقتصادية أو الإخلال بأمن البلاد أو التخريب لأموال الدولة, ذلك أن ممارسة حق الإضراب, ولئن كان حقا وثيق الصلة بالواقع الاجتماعي والمهني والاقتصادي في المجتمع الذي يمارس فيه, إلا أنه يتعين أن يحاط بسياج من القيود التي تستهدف أساسا حماية النظام العام في الدولة حتي يمكن التوفيق بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة, وكذا بين ممارسة حق الإضراب وضرورة حماية النظام العام, ويمكن تحديد القيود الواردة علي حق العمال في الإضراب في قانون العمل الجديد فيما يلي:
القيد الأول: يتمثل في أنه يلزم أن يكون الإضراب سلميا, ومن ثم فإنه لا يجوز استخدام القوة بشأنه أو إحداث أضرار بالمنشآت أو الممتلكات أو تخريبا لأموال الدولة أو إخلالا بالنظام العام أو الآداب العامة, كما لا يجوز فيه الهتافات المعادية للنظام الحاكم أو التحريض علي النيل من أمن البلاد, والهدف من اشتراط المشرع لأن يكون الإضراب سلميا يتمثل في الحفاظ علي استقرار البلاد, وعدم المساس بأمنها ومصالحها العليا.
القيد الثاني: ويتمثل في أنه يلزم أن يكون إعلان الإضراب السلمي وتنظيمه من خلال منظماتهم النقابية, ومن ثم فلا يجوز إضراب العمال بمفردهم, ومن تلقاء أنفسهم دون اللجوء إلي منظماتهم النقابية, إذ يلزم الحصول علي موافقة المنظمة النقابية التي يتبعها العمال المقبلون علي الإضراب سواء من حيث الإعلان عنه أو تنظيمه, وذلك حتي تتمكن المنظمة النقابية من الرقابة علي الدوافع الحقيقية للإضراب, وما إذا كان يمارس في ظل القيود والضوابط التي نص عليها القانون من عدمه, وللتأكد من عدم الخروج علي أحكامه.
القيد الثالث: يتمثل في أنه يلزم أن يكون الهدف من الإضراب السلمي للعمال الدفاع عن مصالحهم المهنية والاقتصادية والاجتماعية, وذلك في الحدود وطبقا للضوابط والإجراءات المقررة قانونا, ويترتب علي ما تقدم أن المشرع المصري استهدف من الإضراب الدفاع عن المصلحة المهنية والاقتصادية والاجتماعية, ومن ثم فإذا استهدف الإضراب أغراضا أخري أو سياسية فإنه يضحي غير مشروع, وهذا ما استقر عليه مجلس الدولة الفرنسي منذ حكمDehaen ــ والأحكام اللاحقة له ــ والذي قام علي أنه ولئن كان حق الإضراب معترفا به في فرنسا منذ عام1946 إلا أن هذا الحق يمكن أن ترد عليه القيود بسبب مقتضيات سير المرافق العامة.
القيد الرابع: ويتمثل في وجوب قيام اللجنة النقابية بإخطار كل من صاحب العمل والجهة الإدارية المختصة قبل إجراء الإضراب بمدة معينة, وقد فرق المشرع بين الإضراب الواقع من عمال المنشأة ذات اللجنة النقابية, وبين الإضراب الحادث من عمال المنشأة التي لم يكن بها لجنة نقابية, ففي الحالة الأولي فإنه عند اعتزام عمال المنشأة ذات اللجنة النقابية الإضراب في الأحوال التي يجيزها القانون, أوجب المشرع علي اللجنة النقابية ــ بعد موافقة مجلس إدارة النقابة العامة المعنية بأغلبية ثلثي عدد أعضائه ــ إخطار كل من صاحب العمل والجهة الإدارية المختصة قبل التاريخ المحدد للإضراب بعشرة أيام علي الأقل, وذلك بكتاب مسجل بعلم الوصول.
وفي الحالة الثانية فإنه إذا لم يكن بالمنشأة لجنة نقابية يكون الإخطار باعتزام العمال الإضراب للنقابة العامة المعنية, وقد أوجب المشرع علي النقابة العامة المعنية بعد موافقة مجلس إدارتها بأغلبية ثلثي عدد أعضائه القيام بالإخطار المشار إليه, وقد أوجب المشرع في كل الأحوال ضرورة أن يتضمن الإخطار الأسباب الدافعة للإضراب, حتي يمكن للدولة بسط رقابتها علي تلك الأسباب, وما إذا كانت تستهدف الدفاع عن المصلحة المهنية أو الاقتصادية أو الاجتماعية, ومن ثم يكون الإضراب مشروعا بمراعاة القيود الأخري أم كانت تلك الأسباب تهدف إلي أغراض سياسية وحينئذ يكون الإضراب غير مشروع, كما يتعين كذلك أن يتضمن الإخطار المدة الزمنية المحددة للإضراب.
القيد الخامس: يتمثل في حظر المشرع علي العمال الإضراب أو إعلانه بواسطة منظماتهم النقابية بقصد تعديل اتفاقية العمل الجماعية أثناء مدة سريانها, واتفاقية العمل الجماعية هي اتفاق ينظم شروط وظروف العمل وأحكام التشغيل, ويبرم بين منظمة أو أكثر من المنظمات النقابية العمالية, وبين صاحب عمل أو مجموعة من أصحاب الأعمال أو منظمة أو أكثر من منظماتهم, كما حظر المشرع كذلك علي العمال الإضراب أو إعلانه بواسطة تنظيماتهم النقابية خلال جميع مراحل وإجراءات الوساطة والتحكيم.
القيد السادس: يتمثل في أنه يحظر الإضراب أو الدعوة إليه في المنشآت الإستراتيجية أو الحيوية التي يترتب عليها توقف العمل فيها الإخلال بالأمن القومي أو بالخدمات الأساسية التي تقدمها للمواطنين, ويختص رئيس مجلس الوزراء بتحديد المنشآت المشار إليها, والقصد من هذا القيد هو الحفاظ علي النظام العام في الدولة, وحتي لا تتأثر مصلحة الأفراد سلبيا بسبب تعطل المرافق العامة, ويراعي أنه يترتب علي الإضراب المذكور احتساب مدته إجازة للعامل بدون أجر.
وقد صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم1185 لسنة2003 بشأن تحديد المنشآت الحيوية أو الإستراتيجية التي يحظر فيها الإضطراب عن العمل أو الدعوة إليه وهي: منشآت الأمن القومي والإنتاج الحربي والمستشفيات والمراكز الطبية والصيدليات والمخابز ووسائل النقل الجامعي للركاب( النقل البري والبحري والجوي) وسائل نقل البضائع ومنشآت الدفاع المدني ومنشآت مياه الشرب والكهرباء والغاز والصرف الصحي ومنشآت الاتصالات ومنشآت الموانيء والمطارات .
وربما يكون قصد المشرع من تضييق النطاق علي الأماكن التي يحظر فيها الإضراب المحافظة علي النظام العام, وعدم تعطيل المرافق العامة, وتلك مصلحة عامة تعلو علي المصالح الخاصة.
.
بقلم : المستشار د. محمد عبد الوهاب خفاجي
نائب رئيس مجلس الدولة
بمناسبة ما أثير في الآونة الأخيرة من إقدام بعض أعضاء هيئة التدريس بالجامعات المصرية وبعض النقابات علي الإضراب, ونظرا لأن هذا الإجراء خطير ويحتاج إلي تحديد موقف الدستور والقانون منه الذي أورد العديد من القيود التي تحافظ علي النظام العام حتي يظل الإضراب حقا مشروعا بمراعاة تلك القيود فإذا ما تجاوزها عدد غير مشروع, بيد أن مبدأ الحرية النقابية يرتبط بإحدي الوسائل المؤثرة والفعالة لتحقيق تلك المطالب والمصلحة, ويتمثل في حقهم في الإضراب عن العمل, ونظرا لخطورة ما يرتبه الإضراب من آثار قد تؤثر علي كيان المجتمع مما يضر بالنظام العام, وذلك إذا ما أسيء استخدامه, مما قد يبعث علي الفوضي والإضطراب الأمر الذي يستلزم معه وضع بعض القيود التي تكفل موضوعية وشرعية الإضراب.
ويقصد بالإضراب امتناع العاملين عن الاستمرار في عملهم لفترة زمنية مؤقتة بقصد تحقيق مطالب يسعون لبلوغها أو احتجاجا منهم علي بعض الأوضاع التي تمس وتنقص من مصالحهم, وهو بهذا المعني يمثل امتناعا جماعيا متفقا عليه بين مجموعة من العاملين عن العمل فترة مؤقتة لممارسة الضغط حتي يمكن الاستجابة لمطالبهم.
ويستفاد من ذلك أن الهدف من الإضراب في حقيقته هو أنه وسيلة للتعبير عن الاستياء من أوضاع معينة غير صحيحة, وقد يترتب عليه تصحيحها, من ثم يكتسب العمال حقوقهم المعطلة والمسلوبة, إلا أنه من ناحية أخري قد يؤثر ذلك سلبا علي مصلحة بعض الأفراد بسبب تعطل المرافق العامة نتيجة لهذا الإضراب, ولا يمكن نكران ما للإضراب من تأثير مباشر علي الرأي العام في المجتمع, فضلا عن المساس بالحياة الاقتصادية والإضرار بمصلحة أمن الدولة, ومن ثم فإن بعض الدول تنظر إليه بعدم القبول والارتياح, بينما تري معظم الدول في الإضراب حقا مشروعا من حقوق الإنسان مع ضرورة وضع عدة ضوابط حتي لا يساء استعمال هذا الحق.
استحدث المشرع المصري في قانون العمل الجديد رقم12 لسنة2003 مشروعية حق الإضراب السلمي للعمال ونظم أحكامه بمقتضي المواد من192 حتي195 وذلك بحسبان أن هذا الحق من الحقوق الإنسانية للعمال علي المستوي الدولي ووفقا للاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي اقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في1966/12/16 ووقعت عليها مصر في1967/8/4 ووافق عليها رئيس الجمهورية بالقرار رقم537 لسنة1981 بعد موافقة مجلس الشعب عليها, ولاشك أن إقرار المشرع المصري لحق الإضراب للعمال يعد تعبيرا عن إرادة المجتمع الدولي المتمثلة في الاتفاقية المذكورة, والتي أصبحت ملزمة لمصر.
إذا كان المشرع المصري قد أباح للعمال حق الإضراب إلا أنه قد أحاطه بالعديد من القيود التي تحول دون الإضرار بمصلحة المجتمع أو الحياة الاقتصادية أو الإخلال بأمن البلاد أو التخريب لأموال الدولة, ذلك أن ممارسة حق الإضراب, ولئن كان حقا وثيق الصلة بالواقع الاجتماعي والمهني والاقتصادي في المجتمع الذي يمارس فيه, إلا أنه يتعين أن يحاط بسياج من القيود التي تستهدف أساسا حماية النظام العام في الدولة حتي يمكن التوفيق بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة, وكذا بين ممارسة حق الإضراب وضرورة حماية النظام العام, ويمكن تحديد القيود الواردة علي حق العمال في الإضراب في قانون العمل الجديد فيما يلي:
القيد الأول: يتمثل في أنه يلزم أن يكون الإضراب سلميا, ومن ثم فإنه لا يجوز استخدام القوة بشأنه أو إحداث أضرار بالمنشآت أو الممتلكات أو تخريبا لأموال الدولة أو إخلالا بالنظام العام أو الآداب العامة, كما لا يجوز فيه الهتافات المعادية للنظام الحاكم أو التحريض علي النيل من أمن البلاد, والهدف من اشتراط المشرع لأن يكون الإضراب سلميا يتمثل في الحفاظ علي استقرار البلاد, وعدم المساس بأمنها ومصالحها العليا.
القيد الثاني: ويتمثل في أنه يلزم أن يكون إعلان الإضراب السلمي وتنظيمه من خلال منظماتهم النقابية, ومن ثم فلا يجوز إضراب العمال بمفردهم, ومن تلقاء أنفسهم دون اللجوء إلي منظماتهم النقابية, إذ يلزم الحصول علي موافقة المنظمة النقابية التي يتبعها العمال المقبلون علي الإضراب سواء من حيث الإعلان عنه أو تنظيمه, وذلك حتي تتمكن المنظمة النقابية من الرقابة علي الدوافع الحقيقية للإضراب, وما إذا كان يمارس في ظل القيود والضوابط التي نص عليها القانون من عدمه, وللتأكد من عدم الخروج علي أحكامه.
القيد الثالث: يتمثل في أنه يلزم أن يكون الهدف من الإضراب السلمي للعمال الدفاع عن مصالحهم المهنية والاقتصادية والاجتماعية, وذلك في الحدود وطبقا للضوابط والإجراءات المقررة قانونا, ويترتب علي ما تقدم أن المشرع المصري استهدف من الإضراب الدفاع عن المصلحة المهنية والاقتصادية والاجتماعية, ومن ثم فإذا استهدف الإضراب أغراضا أخري أو سياسية فإنه يضحي غير مشروع, وهذا ما استقر عليه مجلس الدولة الفرنسي منذ حكمDehaen ــ والأحكام اللاحقة له ــ والذي قام علي أنه ولئن كان حق الإضراب معترفا به في فرنسا منذ عام1946 إلا أن هذا الحق يمكن أن ترد عليه القيود بسبب مقتضيات سير المرافق العامة.
القيد الرابع: ويتمثل في وجوب قيام اللجنة النقابية بإخطار كل من صاحب العمل والجهة الإدارية المختصة قبل إجراء الإضراب بمدة معينة, وقد فرق المشرع بين الإضراب الواقع من عمال المنشأة ذات اللجنة النقابية, وبين الإضراب الحادث من عمال المنشأة التي لم يكن بها لجنة نقابية, ففي الحالة الأولي فإنه عند اعتزام عمال المنشأة ذات اللجنة النقابية الإضراب في الأحوال التي يجيزها القانون, أوجب المشرع علي اللجنة النقابية ــ بعد موافقة مجلس إدارة النقابة العامة المعنية بأغلبية ثلثي عدد أعضائه ــ إخطار كل من صاحب العمل والجهة الإدارية المختصة قبل التاريخ المحدد للإضراب بعشرة أيام علي الأقل, وذلك بكتاب مسجل بعلم الوصول.
وفي الحالة الثانية فإنه إذا لم يكن بالمنشأة لجنة نقابية يكون الإخطار باعتزام العمال الإضراب للنقابة العامة المعنية, وقد أوجب المشرع علي النقابة العامة المعنية بعد موافقة مجلس إدارتها بأغلبية ثلثي عدد أعضائه القيام بالإخطار المشار إليه, وقد أوجب المشرع في كل الأحوال ضرورة أن يتضمن الإخطار الأسباب الدافعة للإضراب, حتي يمكن للدولة بسط رقابتها علي تلك الأسباب, وما إذا كانت تستهدف الدفاع عن المصلحة المهنية أو الاقتصادية أو الاجتماعية, ومن ثم يكون الإضراب مشروعا بمراعاة القيود الأخري أم كانت تلك الأسباب تهدف إلي أغراض سياسية وحينئذ يكون الإضراب غير مشروع, كما يتعين كذلك أن يتضمن الإخطار المدة الزمنية المحددة للإضراب.
القيد الخامس: يتمثل في حظر المشرع علي العمال الإضراب أو إعلانه بواسطة منظماتهم النقابية بقصد تعديل اتفاقية العمل الجماعية أثناء مدة سريانها, واتفاقية العمل الجماعية هي اتفاق ينظم شروط وظروف العمل وأحكام التشغيل, ويبرم بين منظمة أو أكثر من المنظمات النقابية العمالية, وبين صاحب عمل أو مجموعة من أصحاب الأعمال أو منظمة أو أكثر من منظماتهم, كما حظر المشرع كذلك علي العمال الإضراب أو إعلانه بواسطة تنظيماتهم النقابية خلال جميع مراحل وإجراءات الوساطة والتحكيم.
القيد السادس: يتمثل في أنه يحظر الإضراب أو الدعوة إليه في المنشآت الإستراتيجية أو الحيوية التي يترتب عليها توقف العمل فيها الإخلال بالأمن القومي أو بالخدمات الأساسية التي تقدمها للمواطنين, ويختص رئيس مجلس الوزراء بتحديد المنشآت المشار إليها, والقصد من هذا القيد هو الحفاظ علي النظام العام في الدولة, وحتي لا تتأثر مصلحة الأفراد سلبيا بسبب تعطل المرافق العامة, ويراعي أنه يترتب علي الإضراب المذكور احتساب مدته إجازة للعامل بدون أجر.
وقد صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم1185 لسنة2003 بشأن تحديد المنشآت الحيوية أو الإستراتيجية التي يحظر فيها الإضطراب عن العمل أو الدعوة إليه وهي: منشآت الأمن القومي والإنتاج الحربي والمستشفيات والمراكز الطبية والصيدليات والمخابز ووسائل النقل الجامعي للركاب( النقل البري والبحري والجوي) وسائل نقل البضائع ومنشآت الدفاع المدني ومنشآت مياه الشرب والكهرباء والغاز والصرف الصحي ومنشآت الاتصالات ومنشآت الموانيء والمطارات .
وربما يكون قصد المشرع من تضييق النطاق علي الأماكن التي يحظر فيها الإضراب المحافظة علي النظام العام, وعدم تعطيل المرافق العامة, وتلك مصلحة عامة تعلو علي المصالح الخاصة.
.
بقلم : المستشار د. محمد عبد الوهاب خفاجي
نائب رئيس مجلس الدولة