aymaan noor
20-11-2011, 11:38 AM
الديمقراطية الليبرالية وإشكالية السلطة
يعطي امتلاك السلطة وممارستها للإنسان الفرد أو جماعة مردودا إيجابيا يصب في أكثر من حاجة من الاحتياجات الأساسية للفرد أو الجماعة, ربما يكون أهمها الشعور بتقدير الذات واعتراف الآخر أو الآخرين بهذا التفوق الذي يدعيه هذا الفرد أو تلك الجماعة.
وعبر مسيرة الإنسان علي الأرض شكلت فكرة السلطة ومن يحق له امتلاكها وممارستها مصدرا لكل الصراعات في أدني المستويات وأعقدها, وكما يري هيجل فإن المحرك الأساسي للتاريخ ليس العنصر الاقتصادي كما ادعي الماركسيون لاحقا بل هو فكرة الاعتراف الذي يرتب الإنفراد بالسلطة ويخلع علي من يملكونها آيات التقديس والاحترام أو الخوف والرهبة, وحتي إلي ماقبل عصر النهضة في أوروبا وماتبعه من ظهور الأفكار التنويرية والليبرالية ظلت السلطة الزمنية( السياسية) والسلطة الدينية مجتمعتان في مؤسسة واحدة, أو تجمعهما علاقة تحالف وثيقة حتي في حالة انفصالهما ظاهريا. وأدت الأفكار العلمانية التي ترافقت مع بدء عصر الحداثة إلي فصل السلطتان فصلا واضحا ولم تعاني أوروبا المسيحية كثيرا من تبعات هذا الانفصال بعد أن تحددت مجالات عمل كل منهما, فأصبحت السلطة الزمنية( السياسية) هي المسئولة عن إدارة المجتمع والحفاظ علي تماسكه وتقنين خياراته بينما لقي للسلطة الروحية( الدينية) الحق المعنوي في تحديد السلوك الأخلاقي للفرد. وبغض النظر عن ظهور إشكالية التداخل بين السلطتين بالنسبة للفرد الذي قد ينزع مثلا إلي الإيمان بمبدأ يتناقض مع المبادئ المستقرة لليبرالية والنظم الديمقراطية, وبغض النظر عن تحول بعض الأفراد لمحاولة حشد المجتمع نحو تحدي السلطة السياسية إنطلاقا من مبادئ دينية.. بغض النظر عن ذلك فإن مسيرة الإنفصال بين السلطتين الدينية والسياسية مرت بنجاح في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية وإن لم تندثر تماما مع احتمالات وقوع حوادث متفرقة في هذه المناطق ينحو مرتكبيها في اتجاه تطبيق المبادئ الدينية علي حساب القانون المدني, من ذلك مثلا الجرائم التي ترتكب ضد الأطباء الذين يفتتحون عيادات لاجهاض النساء الراغبات في التخلص من حملهن في ظل سماح القانون المدني بذلك.
لقد قدم نموذج الدولة الديمقراطية ــ الليبرالية الحل الأكثر قبولا لفكرة ممارسة السلطة عبر المجتمع بكل فئاته إنطلاقا من مبدأ الحرية الفردية كأساس لبناء مؤسسات الدولة والحكم, ورغم ذلك بقت بعض مظاهر الاحتكاك قائمة بين السلطة الروحية أو الدينية وبين السلطة السياسية أو الزمنية, حيث تتبني الكنيسة مثلا معايير أخلاقية تريد تطبيقها في المجتمع مثل الزواج داخل الكنيسة بشروط محددة ووضع قيود علي الطلاق ورفض بعض الحريات التي اتاحتها المجتمعات وتخالف الأعراف الدينية مثل الحق في الإجهاض بالنسبة للمرأة, وغيرها.
وكما ذكرنا لاتولد هذه الاحتكاكات توترا عاليا في المجتمعات الغربية حيث يمكن حل هذه الصراعات في إطار ديمقراطي يعطي الحق للمقترعين كافة من أفراد المجتمع لتحديد موقفهم من هذه الطروحات من خلال عمليات التصويت في الانتخابات والاستفتاءات التي تتم دوريا أو وفقا لما تمليه قواعد الديمقراطية في كيفية حسم الأمور الخلافية.
ماحدث في أوروبا علي مدي أربعة قرون من بناء متدرج لنموذج إدارة السلطة بشكل ديمقراطي يضمن مشاركة واسعة لأفراد المجتمع في صناعة القرارات التي تحكم حياته, قابله علي الضفة الأخري في معظم بلدان الشرق حالة من التعثر تحولت إلي معضلة حقيقية بسبب الفشل في الفصل الناجح للسلطة السياسية عن السلطة الدينية, بل إن بناء الدولة الحديثة في معظم المجتمعات الشرقية أتي متوافقا من حيث الشكل فقط مع نموذج الدولة القومية في أوروبا الغربية دون أن يمتد إلي جوهرها وتسبب ذلك في مزيد من التعقيدات حيث يؤدي تشوه الحداثة إلي تشوه موازي في وعي المنضويين تحت لواءها ويخلق مسيرة مترددة قابلة للتراجع في أي لحظة نحو الماضي الذي لم يكن يفصل بين السلطة الدينية والسلطة السياسية.
إن ما ندعوه بـ السلطة الدينية المتركة علي المشاع أي تلك التي لا يحدد المجتمع من له الحق في امتلاكها ولاتحدد الدولة أسلوب مواجهة استغلال هذه السلطة بشكل يتعارض مع دولة القانون الافتراضية, هو التجسيد الفعلي لأزمة فشل مجتمعات الشرق أو أغلبها في التقدم نحو الحداثة بوتيرة ثابتة. وتجسد الفتاوي الدينية التي انتشرت كظاهرة واسعة النطاق في العقود الأربعة الأخيرة الأزمة في عنفوانها, حيث أدي صعود الأصوليات الدينية في كثير من المجتمعات التي تأخذ بأسلوب الحكم الديمقراطي شكلا إلي محاولة أغلب المهمشين من النخب المتواجدة في هذه المجتمعات لمقارعة الإنفراد بالسلطة السياسية من قبل قلة قليلة في هذه المجتمعات بحلق سلطة دينية موازية بدأت في ممارسة نفوذها علي الأفراد لتنتقل تدريجيا إلي محاولة فرض تصوراتها علي المجتمع ككل بالعنف, ويعتبر نموذج حكم الرئيس المصري أنور السادات(1970 ــ1981) مثالا متكاملا علي أزمة السلطة في مصر والمجتمعات الشبيهة بها. فمن المعروف أن الرئيس السادات بدأ فترة حكمه وهو يواجه شبه تمرد من قواعد حكم سلفه الرئيس جمال عبد الناصر, وقد عمل الرئيس السادات علي مواجهة هذا التمرد من قبل الناصريين واليساريين وبعض الليبراليين باطلاق الجماعات الإسلامية لتغيير المجتمع وفق رؤاها الخاصة وعدم التعرض لانشطتهم طالما أنها لاتتناول بالنقد نظام حكمه أو شخصه, وفيما يبدو كان الرئيس السادات واثقا بإمكان إعادة الاسلاميين إلي حدودهم المقبولة في مرحلة لاحقة بعد أن ينتهوا من مهمة تخليصه من منافسيه, غير أن العملية تطورت بشكل درامي لتصل إلي قيام الأصوليين باغتياله بعد أن كانوا قد نجحوا في سنوات السبعينات في فرض إرادتهم علي المجتمع عبر إصدار الفتاوي التي تحد من حريات الأفراد وتؤلب فئات الشعب ضد بعضها البعض, فانتشرت في ذلك الوقت فتاوي تحريم الفنون وتحديد الزي الذي يجب أن ترتديه المرأة, وفتاوي تحديد المعاملات التجارية والمالية وغيرها, وعلي حين كانت الدولة تتصدي عبر الأزهر لفتاوي قد تهدد الحكم ذاته مثل جواز تكفير الحاكم أو تهدد الاقتصاد القومي مثل تحريم فوائد البنوك, إلا إنها لم تكن تحرك ساكنا أمام الفتاوي التي تحد من حرية الفكر والاعتقاد والحريات الشخصية, ومن ثم شهدت مصر اغتيال الدكتور فرج فودة علي يد الاسلاميين عام1992, وشهدت لاحقا ايضا أصدار الحكم بتكفير د. نصر أبو زيد, كما استجابت بعض مؤسسات الدولة التعليمية لضغوط التيارات الأصولية, فألغت كليات الفنون الجميلة التدريس باستخدام الموديل العاري عام1972, ومنعت الإذاعة عدد من الأغنيات التي رأت فيها خروج علي الدين والأخلاق, وغضت الطرف لفترة عن عنف التيارات الأصولية في مواجهة الأنشطة الترفيهية لطلبة الجامعات, أدي كل ذلك إلي استقرار يقين الكثيرين من المحرومين من المشاركة في السلطة السياسية علي أن السلطة الدينية وسلطة إصدار الفتاوي هي سلطة بلا صاحب او متروكة علي المشاع لينهل منها من يشاء, وأصبح عجز بعض أفراد النخبة أو بعض الطامعين في ممارسة السلطة والشعور بتقدير الذات بالمفهوم الهيجيلي إلي الاغتراف من هذه السلطة ومحاولة بناءالنفوذ والقوة وحتي الثروة من خلالها, ولفترة من الوقت لم تكن الدولة تنظر إلي هذا التوجه علي أنه توجه مرفوض كلية الأمر الذي زاد من إقبال المهمشين علي تبني الفكر الأصولي خاصة مع انتشار أجهزة الكاسيت ومن بعدها الفيديو ثم الفضائيات, والتي اعتبرت وسيلة سهلة لممارسة سلطة موازية لسلطة الدولة الرسمية. وإذا كانت المواجهات العنيفة بين الدولة فريضة وبين التيارات الاصولية في سنوات الثمانينات والتسعينات قد انتهت بهزيمة التيارات المتطرفة وتراجعها عن استخدام العنف المسلح ضد الدولة والمجتمع, إلا أن هذه الهزيمة قادت هذه التيارات نفسها لمحاولة احتلال الفضاء الإعلامي لنشر فتاويها بغية التأثير في سلوكيات المجتمع وإظهار قدرتهم علي السيطرة علي الناس والادعاء بأنها تمثل الاختيار الحقيقي للمجتمع, ولأن مجال المشاركة في السلطة السياسية ظل ضعيفا إلي حد كبير فقد كانت المعارك حول استغلال السلطة المتروكة علي المشاع تتزايد في حجمها وحدتها, وأدت شدة التنافس بين التيارات الأصولية نفسها إلي ظهور فتاوي مفرطة في غرابتها ومسيئة إلي الدين الإسلامي طمعا في أن يفوز من يصدر الفتاوي المتشددة أو الشاذة في جذب أكبر عدد من الجمهور لسماعه والانصياع له, وخلال السنوات الثلاث الأخيرة أي منذ عام2007 ظهرت فتاوي من نوعة بركة بول الرسول وإرضاع الكبير, وطلاق الزوجين اللذين مارسا الجنس معا عاريين تماما وضرورة إعادة عقد قرانهما مرة ثانية, وكان السؤال يفرض نفسه: هل يوجد قانون يمكن أن يحاسب هؤلاء؟ والإجابة بالطبع لا فالسلطة التي يمارسونها هي سلطة علي المشاع يمكن لأي شخص استخدامها دون رادع من قانون حيث لم يجرم أي شخص افتي بالفتاوي التافهة علي ما اقترفه من إساءة للديانة الإسلامية, كما بقت الحدود غامضة بين جريمة التحريض عبر اصدار الفتاوي وتلقي شخص ما هذه الفتوي لتنفيذها مثل فتاوي جواز قتل السائحين الإسرائيليين في مصر إبان حرب لبنان الثانية عام2006. كان اقصي ما يمكن ان يتعرض له مصدري مثل هذه الفتاوي الحرمان من الظهور في الإعلام دون اعتبار لكيفية محاسبة شخص تلقي مثل هذه الفتوي وبادر إلي تنفيذها عمليا. ناهيك عن الأثر المدمر لهذه الممارسات علي تنشأة الأجيال الشابة التي يستقر في ذهنها أن الحاجة إلي التمييز وتحقيق الذات وممارسة السلطة تمر عبر تلقي بعض القشور الدينية ثم استخدامها لإصدار الفتاوي, وتحقيق الذات عبر خلق اتباع يؤمنون بولاية مصدر هذه الفتوي أو ذاك.
إن السلطة المتروكة علي المشاع هي أخطر سلطة علي الإطلاق لإنه لايوجد قانون لمحاسبتها كما هو الشأن في مواجهة السلطات المدنية أو الزمنية والكثيرين يسيئون استخدام مقولة من اجتهد واصاب فله أجرين ومن أخطأ فله أجر واحد حيث يحفزهم فهمهم القاصر لها علي استمرار إصدار الفتاوي الخطيرة في تأثيراتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية بل والحضارية, وحتي المملكة السعودية التي كانت أول من تشجع لإصدار قانون يحظر علي أي فرد خارج هيئة كبار العلماء أو من يتم لهم الإذن بالفتوي ممن تري هيئة كبار العلماء أنهم قادرين علي الاستطلاع بها.. حتي هذا القرار لن يحل المشكلة, وستبقي السلطة المتروكة علي المشاع قائمة ومؤثرة لأن المسلم قد يتبني فتوي تصدر عن أي شخص مسلم آخر في أي بلد كان, كما ان حالة الشك وعدم الثقة في السلطات الحاكمة عموما والتي تعتبر حالة عامة من معظم البلدان العربية والإسلامية ستؤدي عمليا إلي مزيد من الغضب والحنق من جانب أغلب الجمهور ضد الأنظمة التي تحكمه والتي لاتمنعه فقط من المشاركة السياسية بل تصادر منه السلطة الأخري التي ينهل منها لتعويضه عن حرمانه من المشاركة في السلطة السياسية. وفي كل الأحوال بدون مزيد من الليبرالية والديمقراطية في المجتمعات العربية والإسلامية سيبقي الحال علي ماهو عليه فإما أن تؤدي عملية إستيلاء الدولة علي السطلة المتروكة علي المشاع إلي عودة تيارات العنف الأصولي مجددا. وبشكل أكثر شراسة, أو تؤدي إلي مزيد من التحديات نحو تفكيك السلطة السياسية نفسها وتوجيه الضربات الموجعة لها بجبهة واسعة تتشكل من تحالف بين أصوليين وليبراليين ويساريين يشتركون جميعا في معاناتهم من الحرمان من ممارسة السلطة والشعور بتقدير الذات.
منقول
aymaan noor
26-11-2011, 02:06 PM
السياسة من الميادين إلى المؤسسات
ابتكر التنظير السياسى المؤسسات حتى يمكن وضع ضوابط على سلوك الفاعلين السياسيين حتى لا تنفلت الأمور وتصل إلى درجة الصراع السياسى العنيف. بل توقع التنظير السياسى أن يكون هناك تدافع بين القوى السياسية المختلفة داخل المؤسسات من أجل تقسيم السلطة وتحقيق التوازن والرقابة بينها حتى لا يحدث التدافع خارجها وصولا إلى الثورات.
كلما ازداد النظام السياسى استبدادا سعى إلى ألا يكون هناك تدافع من الأصل، وإنما علاقة تراتبية أبوية تسلطية يصدر فيها الأعلى أوامر للأدنى وعلى الأدنى أن يسلم للأعلى بحقه فى إصدار القرارات بلا تعقيب إلا «تمام يا افندم» وهذا ما يسمى بعسكرة الحياة السياسية، فيبدو الأمر أنه لا فرق بين علاقة رئيس الجمهورية بمجلس الشعب وعلاقة وزير الدفاع بأى وحدة من وحداته العسكرية.
حين يخرج الناس على هذه التقاليد التراتبية ويسعون إلى التعبير عن مصالحهم ومطالبهم فإنهم لا يجدون مؤسسات مستعدة للتفاعل معهم لأنها كلها مؤسسات مصممة لتعمل بأوامر من أعلى إلى أدنى. إذن ما العمل؟ الحل الوحيد المتاح هو الخروج على هذه المؤسسات وتدميرها لإتاحة المجال لإنشاء مؤسسات بديلة عنها تقوم بمهام التشاور والحوار والرقابة والتدافع السياسى المنضبط وفقا لقواعد سياسية ترتب على الجميع التزامات متبادلة.
...
نجحنا فى الطلعة الأولى، لكننا لم نقم بالعبور بعد. لأن من قام بالطلعة الأولى هم شباب مصر الغد الذين يريدون مؤسسات سياسية ديمقراطية، ولكن من يقوم بمهام بناء المؤسسات الجديدة هم ممن اعتادوا على «عسكرة» الحياة السياسية. ولهذا سيتم الصراع السياسى فى الشارع والتدافع وصولا إلى بناء مؤسسات دولة ديمقراطية. عملية قيصرية بلا «بنج» نشهدها ونشارك فيها، ولكن لا بد منها، وإلا سنعود إلى ما كنا عليه وتضيع البلاد بالفعل.
كانت هناك أوامر من المجلس الأعلى إلى المجلس الوزارى، ولأنه لم يكن هناك تدافع حقيقى بين هؤلاء وأولئك، أصبح هناك تدافع أعنف فى الشارع. والنقاش الآن هو بشأن من يستطيع أن ينقل النقاش من الشارع إلى المؤسسات. وسيتلخص النقاش فى شخص وصلاحيات رئيس الوزراء الجديد.
سيادة المشير لا يريد رئيس وزراء جديدا لديه خاصيتان: لا يريد شخصا لديه شرعية مستقلة غير شرعية «تمام يا افندم.» ولا يريد شخصا لديه أجندة سياسية مستقلة عن أجندة المجلس الأعلى. الدكتور محمد البرادعى مستعد ولكنه مستبعد وفقا لهذا المعيار من وجهة نظر المجلس الأعلى. ولم يعد سرا أنه أمكن صباح الخميس الماضى إقناع السيدين عبد المنعم أبو الفتوح وحمدين صباحى أن يقوم أحدهما بتشكيل الحكومة ويكون الآخر نائبا له بحيث تمثل جميع القوى السياسية والثورية فيها بلا إقصاء. وهى تضحية كبيرة من رجلين شريفين لإنقاذ البلاد والعباد.
لكن سيادة المشير يفضلها حكومة أليفة بلا أنياب سياسية، حتى يسهل توجيهها. ولكن لنتذكر أنه إن لم يحدث تدافع حقيقى داخل المؤسسات فسيكون هناك تدافع خارجها فى الميادين.
كل الاحترام للدكتور كمال الجنزورى ولتاريخه، ولكن البدائل المتاحة أوسع من الدكتور الجنزورى، ولو كان قد اعتذر عن المنصب، فهو عين العقل بالنسبة له ولنا. ولو كان كل ما حدث فى الأسبوع الماضى من تظاهرات واعتصامات سيترجمه سيادة المشير أنه من أجل استبدال رئيس وزراء بيروقراطى برئيس وزراء بيروقراطى آخر أشطر منه، إذن هذا دليل آخر على أن هناك فجوة إدراكية هائلة عند المجلس الأعلى بشأن القضية الأكبر التى تحكمنا وهى مركز الثقل فى عملية صنع القرار السياسى فى الباقى من المرحلة الانتقالية.
المجلس العسكرى نجح فى تسعة أشهر أن يفقد شرعيته عند الكثيرين بكفاءة استثنائية بما يدل أنهم، والحديث عن السيد المشير تحديدا، لديهم حس سياسى ضعيف لأقصى درجة، كالفيل الضخم العجوز الذى يدرك بصعوبة ويتحرك بصعوبة. ولكن المزعج أن الحكومة السابقة صارت على نفس منهج المجلس العسكرى، فقامت بفض اعتصام حوالى 200 شخصا بقتل 40 شخصا وجرح 1500 شخص كمن أصلح حنفية فى شقة بتدمير كل مواسير المياه فى العمارة كاملة. ويا لها من كفاءة استثنائية.
والغريب أن المجلس العسكرى حين يقرر أن يغير الحكومة يفكر بنفس المنطق السابق. إذن ما الحل؟
أولا، تشكيل حكومة إنقاذ وطنى كاملة الصلاحيات، تعبر عن جميع أطياف المجتمع المصرى بلا هيمنة أو استبعاد، مع اقتراح أن يرأسها أى من السادة، محمد البرادعى، عبدالمنعم أبو الفتوح، حمدين صباحى.
ثانيا، تشكيل مجلس مدنى للتعاون مع المجلس العسكرى فى إدارة ما بقى فى الفترة الانتقالية التى تنتهى قبل 30 يونيو، والأفضل عندى أن تتم انتخابات الرئاسة كما اقترح بعض الأصدقاء فى 25 يناير المقبل، لأن كل يوم فى ظل إدارة المجلس العسكرى هو خصم أكيد من قدرات مصر الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
ثالثا، لا بد من تشكيل لجنة تحقيق جنائية مستقلة للتحقيق فى جريمة قتل المصريين ومحاسبة المسئولين عن تلك الجرائم.
رابعا، الوقف الفعلى للمحاكمات العسكرية للمدنيين فورا والإفراج عن المعتقلين السياسيين. خامسا تطهير وزارة الداخلية وإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية، والتوقف عن شيطنة المصريين لدى العاملين فى الأجهزة الأمنية حتى لا نرى مرة أخرى هذا الغل الذى يتعامل به بعض الضباط وبعض الجنود مع المتظاهرين. سادسا، تطهير مؤسسة الإعلام الرسمى ثم إلغاء وزارة الإعلام بالكلية وتشكيل مجلس وطنى للإعلام. سابعا، المحاكمة الجادة لمبارك ورموزه بتهمة الخيانة العظمى لما أنتجوه لنا من نظام سياسى فاسد قائم على عسكرة تعيق قدرتنا على الانطلاق.
...
كلمة أخيرة لأهلنا ممن يرون كل هذا التدافع وكأنه تدمير للبلاد. الحقيقة أن العكس هو الصحيح، بإذن الله. لا ينبغى أن نبالغ فى المحافظة والرجعية لدرجة أن نفقد قدرتنا على الحلم والفعل السياسى. نجيب محفوظ فى الثلاثية روى لنا أن السيدة أمينة استاءت من أولادها الذين كانوا يتظاهرون ضد الإنجليزى ويريدون منهم الرحيل. وكان سر اعتراضها أننا ولدنا لنجد أنفسنا نعيش مع الانجليز، وأصبحوا «عِشرة والِعشرة لا تهون إلا على ولاد الحرام». هذا منطق مغلوط. المجلس العسكرى له مهام محددة، وأن يكونوا قد حكمونا لفترة سابقة، فهذا ماض له مميزاته وله عيوبه. أما الآن فعليهم أن يبدأوا فى نقل الحكم إلى حكومة مدنية فعلا، وليست إدارة تابعة لهم برئاسة رئيس وزراء أقرب إلى «شاويش» تم تعيينه بأمر عسكرى.
نريد رئيس وزراء حكومة الثورة فعلا، وليس جندى مجند فلان الفلانى ثابت مكانه فى مقر مجلس الوزراء. نريد أن تنتقل الثورة إلى مؤسسات الحكم، وليس أن تكون عملية الحكم فى الميادين والشوارع عبر التظاهر والاعتصامات
منقول
غاربله
26-11-2011, 10:41 PM
صدقنى لن يفهم كلامك احد
فنحن كتب علينا
ان نعيد المشهد الف مره ولانفهمه
كتب علينا ان نعيش فى وطن كل ابناؤه يريدون ان يعيشوا فقط
المهم ان هناك نفس يخرج واخر يدخل
لاامن فالبلطجه على ودنه (علينا ان نحافظ على ذلك)
الاسعار نار (علينا نثبت على ذلك )
لاجديد سوى موعناه فى البنزين فى السولار فى البوتجاز
ضاقت صدور العباد ولعنوا الثوره والثوار
بالله عليكم ما الجديد اللذى اضفه العسكر سوى قتل المعتصمين والمتظاهرين
تسويف وقرارات خاطئه والعوده فيها
ثم قرارات والاصرار عليها
انا لااتهم احد ولااؤيد احد انا ادعوكم الى التعقل
ادعوكم الى قراءه الاحداث
ويارب نفهم اننا جميعا فى مركب واحد ندعوا الله ان ينجينا جميعا ومن قبلنا مصر ليست لنا بل لاولادنا
اللهم استجب وتقبل يارب العالمين
aymaan noor
02-12-2011, 02:32 AM
نحو ثورة فى المفاهيم السياسية السائدة
حديثنا اليوم يدور حول ما سميناه «ثورة سلمية لتصحيح المفاهيم السياسية والدينية السائدة» وهو التصحيح الذى لا يستغنى عنه لتحقيق التغيير السياسى الجوهرى الذى نادت به ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011، وبغير تحديد عناصر هذه الثورة السياسية وإصلاحها إصلاحا جذريا تتعرض الثورة كلها للضياع والانتكاس.
والمفاهيم الكبرى الأساسية التى تتكون منها «الثقافة السياسية» للمجتمع الديمقراطى مفاهيم ثلاثة هى:
1ــ الشورى والمشاركة السياسية لجموع المواطنين.
2 ــ سيادة القانون وما تقتضيه من إقامة العدل، وتحقيق المساواة.
3ــ الاعتراف بحقوق الأفراد وحرياتهم فى مواجهة بعضهم البعض وفى مواجهة سلطان الحكم فى الجماعة، واعتبار هذه الحريات هى الأصل القانونى والسياسى العام، واعتبار القيود عليها مجرد استثناءات تمليها الضرورة فى أضيق الحدود (وهو أصل يستند إلى أن إطلاق حريات الأفراد وفى مقدمتها حريتهم فى الاعتقاد والتعبير، يعد مقدمة ضرورية لتعظيم منافع الحياة السياسية المنظمة وتقليل الآثار السياسية السلبية لحكم الفرد واستبداده).
أولا: الشورى والمشاركة السياسية:
- ودون إطالة أو تحليل نظرى طويل نبادر فنقرر أن ممارسة الشورى وتحقيق المشاركة الفعالة والجدية لجموع المواطنين فى اتخاذ جميع القرارات التى تمس مصالح أفراد الجماعة فرع منطقى يتفرع عن اعتبار الشعب صاحبا للسيادة واعتبار الحكام، أفرادا ومؤسسات، مفوضين من جانب الشعب لإدارة شئون الجماعة تحت رقابته وسلطانه. ثم إن هذه المشاركة حين يتم تنظيمها.. هى الضمان الأكبر لترشيد القرارات السياسية والاجتماعية عن طريق النشاط المنظم لمؤسسات المجتمع السياسية والتشريعية والتنفيذية.
- وأول ما يتمثل فى المشاركة الشعبية حق الشعب فى إقرار التشريعات التى تنظم الحياة العامة ووضع ضوابطها الملزمة للحكام والمحكومين، وعلى رأس هذه التشريعات «الدستور» الذى يبين هيكل السلطة ويحدد المؤسسات المختلفة التى تدير أمور الجماعة، بتفويض من الشعب صاحب السيادة، وتوصف هذه السلطة التى تتولى وضع الدستور بأنها السلطة التأسيسية Pouvoir Constiuant تمييزا لها عن السلطات التى تنشئها نصوص الدستور والتى تعتبر هيئات «مؤسَّسَة (بفتح السين)، كما تمثل ــ بعد ذلك ــ فى وضع التشريعات التى تفصل ما أجمله الدستور، وحقه فى متابعة نشاط السلطة التنفيذية التى يتعامل معها أفراد الشعب فى حياتهم اليومية، كما تشمل أخيرا حق الأفراد فى الالتجاء إلى القضاء المستقل عن سائر السلطات، لتصحيح ما قد تقع فيه السلطة التشريعية أو إحدى الجهات الإدارية المكونة للسلطة التنفيذية من خروج على حدودها الدستورية، كما تشمل حق الأفراد فى طلب التعويض المادى والأدبى عما عساه يلحق هؤلاء الأفراد من أضرار مترتبة على هذا الخروج.
والآليات الأساسية والفعالة لوضع المشاركة الشعبية موضع التطبيق العملى تشمل عدة أمور أهمها:
1ــ بناء نظام انتخابى يكفل وصول الأفراد والجماعات إلى صناديق الانتخاب والاستفتاء، وممارسة حرية الاختيار والإدلاء بالرأى فى البدائل المطروحة، بعيدا عن كل صور التدخل من هيئات الحكم فى سير عملية الانتخاب أو سعيا إلى التحكم فى نتيجتها، ترغيبا أو ترهيبا أو تزويرا سافرا أو مستترا لإدارة الناخبين واختيارهم.. ومن هنا كانت الرقابة القضائية على العملية الانتخابية وإجراءاتها فى مراحلها المختلفة ضمانا أساسيا لجدية المشاركة الشعبية وفاعليتها.. بغيرها تئول «المشاركة الشعبية» إلى شعار كاذب يجهض قاعدة الأساس التى يقوم عليها كل نظام ديمقراطى.
2 ــ ولقد شهدت العقود الخمسة الأخيرة تقدما ملحوظا فى مدى مشاركة منظمات المجتمع المدنى فى الرقابة على نزاهة العملية الانتخابية وشفافيتها، كما شهدت تقدما نسبيا موازيا فى السماح لمنظمات حقوقية دولية بمراقبة تلك الانتخابات، وإن كانت بعض النظم لا تزال عاجزة عن فهم أسباب هذا التطور ولا تزال ــ لذلك ــ ممتنعة عن قبوله زعما بأن المراقبة الدولية تمثل تدخلا غير مقبول فى الشئون الداخلية للدول التى يراد إخضاعها لتلك الرقابة، وهو اعتراض نتوقع ــ من جانبنا ــ زواله فى مستقبل غير بعيد ــ خصوصا ــ إذا تم الاتفاق على أن تكون هذه الرقابة رقابة متبادلة يتم التراضى عليها فى إطار اتفاقات دولية ثنائية أو جماعية.
ثانيا: سيادة القانون:
- وإذا كان القانون الذى تقوم الممارسة الديمقراطية على سيادته وإنفاذ مضمونه هو ــ وفقا للتعريف المستقر فى سائر النظم السياسية «مجموعة القواعد المجردة التى تنظم العلاقات بين الأفراد والمؤسسات المختلفة التى تمارس السلطة داخل المجتمع»، فإن الدولة القانونية هى تلك التى تكون الحكومة فيها «حكومة قانون لا حكومة أشخاص تعلو إرادتهم على إرادة المشروع وما تقرره القوانين «وهو المبدأ الذى عبر عنه الفقه الدستورى فى كثير من الدول بأن النظام الديمقراطى لا تكتمل أركانه الأساسية إلا إذا كانت الحكومة، قانونا وفعلا حكومة تخضع جميع قراراتها وتصرفاتها لقواعد قانونية مقررة سلفا بعيدا عن مشيئة من يتصادف شغلهم لمواقع السلطة السياسية فى الجماعة «a government of laws not of men».
- ومن العناصر الأساسية الضامنة لسيادة القانون أن يكون مضمون القانون محققا لحد أدنى من الاستقرار والثبات فى حياة الناس ومعاملاتهم وعلاقاتهم، فلا يفاجئهم التشريع بقواعد لم تكن قائمة ولا متوقعة وقت تصرفهم.. وإذا كان التعبير القانونى لهذا المبدأ هو ما يسميه التشريع والفقه «مبدأ عدم رجعية القانون»، فإن التسمية السياسية الدقيقة له ألا يصدر القانون مفاجئا للمخاطبين به، وأن يكون هؤلاء المخاطبون «متوقعين» للقاعدة القانونية وقادرين على ترتيب أوضاعهم وتنظيم مستقبلهم على أساسها وإلا اختل نظام المجتمع كله وصارت علاقة الأفراد بالقانون ونظرتهم إليه أشبه بنظرة «الطير للصائد منها بنظرة الجندى القائد»، ومن الضرورى أن ننبه إلى أن هذا العنصر المهم من عناصر سيادة القانون يقتضى ــ على سبيل المثال ــ أن يمتد الالتزام به إلى السلطة القضائية وهى تنظر فى طلبات فسخ العقود أو إبطالها، وأن تلتفت إلى أن مفاجأة أصحاب المشروعات وأصحاب الحقوق بإبطال عقود وتصرفات مضت على إبرامها والعمل بنصوصها سنوات طويلة نتيجته اللازمة أن يهتز كيانهم الاقتصادى، وأن تحيط بهم قيود ومحاذير توقعهم فى شباك منصوبة وهم يرون ما بنوه فى سنوات فى ظل أوضاع وضوابط تشريعية موضوعية أو إجرائية ينهار أمام أعينهم انهيارا بتجاوزهم إلى مئات وآلاف ممن تعاملوا معهم وارتبطوا بهم، وهذا كله هو ما يعبر عنه فى الفقهين الدستورى والقانونى بمبدأ ضرورة إمكان التوقع فى التعامل مع القوانين Predictability.
- ويستمر نظر الدارسين للقانون الدستورى المقارن أن هذا المبدأ الأساسى العام مبدأ سيادة القانون قد عبر عنه فى إطار تراثنا العربى الإسلامى قول الله تعالى مخاطبا نبيه (صلى الله عليه وسلم) «فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر»، وهو ما يعنى أن الرسول (صلى الله عليه وسلم)، وكل حاكم من بعده يكشف بما يصدره من قرارات عن القواعد القانونية الملزمة للأفراد، ولا ينشئها من عنده، وأكدت آيات قرآنية أخرى هذا المبدأ الدستورى بقوله تعالى «من يطع الرسول فقد أطاع الله»، كما يبلغ الوضوح فى إقرار هذا المبدأ «الجوهرى» ما يشير إلى أن الحاكم وإن كان له دور فى التشريع، فإنه يظل ــ طوال الوقت ــ ملتزما بطاعة هذا التشريع وتنفيذ أحكامه، شأنه فى ذلك شأن سائر الناس الذين يتوجه إليهم التشريع بالخطاب الملزم ذلك «ولو تقول علينا بعض الأقاويل. لأخذنا منه باليمين. ثم لقطعنا منه الوتين. فما منكم من أحد عنه حاجزين».
(سورة الحاقة الآيات من 44 إلى 46).
- ويتفرع عن سيادة القانون ويرتبط بها ارتباطا وثيقا مبدأ آخر مؤداه «توفير المعاملة القانونية والفعلية المتماثلة للأوضاع المتماثلة بحيث يمتنع التمييز ــ أى تمييز ــ بين أصحاب تلك الأوضاع المتماثلة، وهو المعنى الذى عبر عنه الفقه الدستورى والقانونى فى كثير من الدول بمبدأ «الحماية القانونية المتكافئة» Equal Protection of the laws، وهو ما يترتب عليه بطلان أى تمييز قانونى أو فعلى يستند إلى ما يخالف «أصل المساواة بين جميع أفراد البشر» ومن قبيله إقامة التفرقة والتمييز على أساس من الأصل أو الجنس أو اللون أو الدين أو العقيدة» وهو ما كانت تمنعه المادة 40 من الدستور المصرى الصادر عام 1971 والتى لا تزال نرى فى عبارتها الواضحة التى جاءت بها ما يصلح لاستمرار الأخذ بها فى ظل الدستور الدائم الذى يتوقع الاتفاق عليه وإنفاذه بعد الانتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة.
- وهذا التفسير الواضح لمبدأ سيادة القانون يتممه ما استقر عليه الفقه والقضاء فى مصر وفى أكثر الدول الديمقراطية المعاصرة من أن القيمة الحقيقية لهذا المبدأ الذى يعبر عنه بمبدأ «المشروعية» أو خضوع جميع أعمال الدولة ومؤسساتها للقانون، هذه القيمة لا تتحقق ولا تكتمل إلا إذا قامت على إنفاذها والتحقق من احترامها سلطة قضائية مستقلة ترد كل محاولة للخروج على أحكام القانون ومضمون قواعده.
- والواقع أن هناك علاقة تأثير وتأثر متبادلين بين العناصر الثلاثة التى يقوم عليها النظام الديمقراطى وهى مبدأ المشاركة الشعبية ومبدأ سيادة القانون، ومبدأ توفير الحقوق والحريات وما يحيط به من ضمانات تعزز الاستقرار السياسى والسلام الاجتماعى، فإذا غابت الشورى أو أجهضت بتزوير الانتخابات أو تزييف إرادة الناخبين وحريتهم بالضغط عليهم ترغيبا أو ترهيبا وإذا جرى تمييز قانونى أو فقهى غير جائز تعذر قيام سيادة القانون بعناصرها التى عددناها، ووجدت السلطة التنفيذية مداخل وثغرات تدخل منها إلى فرض إرادتها على أفراد المجتمع جميعا.
ثالثا: أما العنصر أو المكون الثالث للنظام الديمقراطى:
- فهو تصحيح النظر إلى دور «الحريات» فى تحقيق نهضة المجتمع، وتوظيف علاقات التنافس والتدافع بين مؤسسات الدولة وأفراد المجتمع لتحقيق تلك النهضة التى يتحقق بها فى النهاية تقدم المجتمع كله.
- ومن الأمانة الواجبة أن نقرر أن الثقافة السياسية السائدة فى أكثر الدول العربية والإسلامية لم تلتفت إلى أهمية الدور الذى تلعبه الحريات العامة وفى مقدمتها حرية الاعتقاد وما يتبعها من حرية التعبير فى تحقيق الاستقرار والسلام الاجتماعى فضلا عن تحقيق التنمية بجوانبها السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
- نعم.. إن خطاب أكثر الحكام والساسة والأكاديميين وقادة الأحزاب والجماعات السياسية فى العالم العربى كله لم يخل أبدا من عبارات تدعى الانحياز للحرية ولسيادة القانون بصورها المختلفة، ولكن الممارسات العملية، والوجدان الجماعى فى تلك الدول ظل ــ معظم الوقت ــ مكتفيا بإعلان هذا الانحياز دون أن يترجمه إلى مواقف عملية من شأنها أن تحقق ثمراته الكبرى النافعة بل إن سنوات القهر والاستبداد التى وضعت كثيرا من الحكام فى مقام التقديس والارتفاع فوق كل صور المساءلة قد دفعت كثيرا من المحكومين إلى حالة من حالات الدفاع عن النفس عن طريق نفاق أولئك الحكام والإغضاء عن خطاياهم وأخطائهم فسكتوا مضطرين عن كشف الظلم الذى تعرض له آلاف منهم كما سكتوا عن نقد سياسات كان مقطوعا أنها تفسد المجتمع وتغتال فرصته فى التقدم وتحقيق النهضة.. كما تؤجج نيران الاستقطاب الحاد بين فئاته المختلفة. وعلى الساحة الدولية أدى هذا كله إلى تهميش دور مصر وتراجعه فى العوالم الثلاثة التى تنتمى إليها. العالم العربى والعالم الإسلامى والقارة الأفريقية، وآن لنا جميعا أن ندرك أن هذه النتائج الكارثية ترتبط ارتباط مباشرا بإهدار قيمة الحرية وتجاهل وظيفتها فى ترشيد حركة المجتمع نحو مزيد من النهضة والتقدم فى ظل نظام قانونى ثابت الجذور ينزل على حكمه جميع الحكام والمحكومين.
http://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=20102011&id=db4959fc-bd9a-4e69-a269-9ae0ed2dc786
aymaan noor
03-12-2011, 10:56 PM
مصر إلى أين: مصر من التسلطية شبه الليبرالية إلى الديمقراطية المعادية لليبرالية؟
البعض بدأ يفكر بمنطق: «نار مبارك، ولا جنة الإسلاميين». أو «الإسلاميون قادمون، إذن أنا مهاجر». ولا شك أن البعض يخشى، بصدق وبلا ادعاء، أن التسلطية شبه الليبرالية التى كانوا يعيشون فيها ستنزوى وتتراجع لصالح ديمقراطية معادية لليبرالية. وبالمناسبة هما يتساويان فى النزعة نحو انتهاك حقوق الإنسان لكن لأسباب مختلفة، فالتسلطية شبه الليبرالية تفترض أن الإنسان له حقوق، ولكنها معطلة وقابلة للانتهاك لأن الحقوق متعارضة مع الاستقرار السياسى. أما الديمقراطية المعادية لليبرالية، فهى تنتهك الحقوق والحريات باعتبار أن ديكتاتورية الأغلبية لها الحق فى أن تقرر كم ونوع الحقوق التى يتمتع به الجميع، فالحقوق أصلا مكتسبة بقرار من الأغلبية وليست طبيعية يولد الإنسان بها عند هؤلاء.
وأرجو ابتداء أن أوضح أن الليبرالية المقصودة هنا ليس معناها «عشق الرذيلة» أو «احتراف الشذوذ» وإنما مساحة من التسامح السياسى مع الحرية الشخصية التى تضمن أن يظل الإنسان آمنا من تغول السلطة أو تدخلها فى الحياة الخاصة للمواطنين طالما أن هذه الحياة الخاصة لا تنعكس سلبا على استقرار الأوضاع السياسية وبما يهدد سلطة الدولة أو يهدد النظام العام. أما الديمقراطية التى أقصدها فى العبارة السابقة فهى الديمقراطية الإجرائية التى تركز على الإجراءات والعمليات التنافسية والرقابية مثل التصويت وتشكيل الأحزاب وطرح الثقة بالحكومة، وليس على قيم التسامح السياسى واحترام الحقوق والحريات. وعادة ما يقصر البعض الديمقراطية على الإجراءات، ولكنها لا ينبغى أن تتوقف عندها بل تمتد للقيم العامة التى تضمن أن هناك حقوقا طبيعية ومتساوية لا يمكن أن تخضع لإرادة الأغلبية.
إذن نظام مبارك وفر لقطاع واسع من المصريين مساحة من الحرية الشخصية، يخشى البعض أنها الآن ستضيع لأن الإسلاميين سيرفعون شعارات «أسلمة» المجتمع والدولة وفقا لفهمهم للشرعية بخلق مناخ معاد لهذه الحريات الشخصية. والسلاح الأمضى الذى سيستخدم فى هذا المقام، من وجهة نظر المتخوفين، هو السلاح التشريعى بحكم السيطرة على نسبة عالية مقاعد البرلمان. وهنا يتخوف البعض من صدور قوانين تفرض زيا معينا أو تهدد المألوف من بنية النظام المصرفى أو تقلل من فرص السياحة والاستثمارات. ويضاف إلى هذه المخاوف، ما يخشاه المسيحيون المصريون من أن يكون انهيار جدار التسلط فى عهد مبارك على حساب حقوقهم لأن خلف هذا الجدار لم توجد ثقافة المواطنة الكاملة أصلا.
***
رغما عن أننى لا أشارك الكثير من المتخوفين جل مخاوفهم، لكننى أتفهمها. نحن بانتظار مولود جديد، وبعض المؤشرات تؤكد أن جزءا من نوعه ووزنه وصفاته ستتحدد أثناء عملية الولادة نفسها التى نحن بصددها الآن. كما أن مناخ التشكك يجعل الناس فى حالة استعداد تلقائى للهجوم المبالغ فيه على الآخرين أوالتبرير المبالغ فيه للأخطاء. ولا شك أن الإدارة الحاكمة أخفقت فى قرارها بتأجيل موعد الانتخابات على نحو رفع من فرص فريق ضد فريق، رغما عن أنها كانت تريد العكس تماما، أو على الأقل هذا ما أعلنته. ومع ظهور نتائج المرحلة الأولى للانتخابات، ارتفعت حدة الاستقطاب على نحو ينذر بأن المستقبل يسير فى اتجاه «حروب أهلية سياسية» حول دلالات الديمقراطية الإجرائية وحدود الليبرالية السياسية. وهل من معه الأغلبية يقرر أى وكل شىء؟ أم هناك من الحقوق والحريات الطبيعية والالتزامات المتبادلة على الجميع بما لا يخضع بأى حال لقرار الأغلبية؟
للصندوق الانتخابى احترامه، ولكن لحقوق الإنسان حرمتها. ولا ينبغى أن يظن البعض أن الأول بديل عن الثانى.
إن مثلث القيم السياسية الذى يحكم النظم السياسية يتضمن أضلاعا ثلاثة: الحرية، المساواة، السلطة. هناك نظم ترفع من قيم السلطة والمساوة على حساب الحرية (الصين مثالا)، وهناك من يرفع قيم السلطة على حساب الحرية والمساواة (الدول العربية قبل عصر الثورات العربية).
وهناك الدول التى تسعى إلى أن تحقق درجة من التوازن بين القيم الثلاث، وهى عادة التى تقترب من قيمة العدالة بما يضمن للسلطة مكانتها وقدرتها، وللحقوق والحريات مساحتها، وللمساواة والمواطنة مجالها، ولا يمكن لدولة تحقق نهضة فعلية إلا إذا كانت على وعى بأن النهضة كسفينة تتحرك على نهر من القيم السابقة، وإن جف النهر من قيمه، فالسفينة ستتعثر، وسيتقاتل الراكبون داخلها أو يقفزون منها.
إذن على الجميع، أغلبية وأقلية، أن يعى القيم العظمى الحاكمة لدولتنا: دولة عادلة (أى قائمة على المساواة بين المواطنين مع احترام تفاوت القدرات وتفاوت الحاجات) ومدنية (غير لاهوتية وغير عسكرية)، ديمقراطية (لا تستبد فيها الأقلية الحاكمة بالأغلبية المحكومة)، متسامحة (لا تستبد فيها الأغلبية القوية بالأقلية الضعيفة)، وناهضة (بتمكين الأفضل فى كل مكان ومجال بغض النظر عن الدين والسن والجنس).
بهذا المعنى هى دولة تحترم الشريعة وتحترم الشرعية. تحترم الشريعة التى أمرنا بها المشرع الأكبر (سبحانه وتعالى) بألا تصطدم بما هو موضع إجماع شرعى وفقهى، وألا تصطدم مع ما هو موضع توافق وطنى.
الشريعة من الله، والشرعية من البشر. إن ادعى حزب أوشخص أنه يحكم بشريعة الله ضد شرعية البشر فقد اختار المتاجرة بالشريعة دونما اعتبار للشرعية وانتهينا إلى حكم لاهوتى هو أصلا خارج عن صحيح الشريعة التى تأمرنا بالشورى والمبايعة والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر (بالحكمة والموعظة الأحسن) كضمان لرضى المحكومين الحر أو على الأقل قبولهم. ومن أراد أن يحكمنا بلا شرع وإنما فقط بشرعية البشر، فقد اختار علمانية لا تناسبنا حتى لو ناسبت غيرنا. ولهذا لا نريدها لاهوتية بلا شرعية أو علمانية بلا شريعة.
وهو ما ينبغى أن يترجمه الدستور، والأهم تتوافق عليه العقول والقلوب.
إن دستورنا القادم لا بد أن يكون أكثر ديمقراطية ومدنية ومساواة وحرية وتأكيدا على قيم المواطنة واحترام القانون والشفافية والمساءلة والتداول السلمى للسلطة واحترام الكفاءة وضمان تعدد مراكز صنع القرار مع وجود ضمانات ألا يخرج أى منا على الشرعية أو الشريعة.
نحن أمام امتحان وفرصة كى يجتمع المصريون من إسلاميين وغير إسلاميين على ما يحقق للفريق الأول احترام شرع الله، وتضمن للفريق الثانى ألا يخرج علينا من يدعى حكما بشرع الله دونما اعتبار أن الشرعية الانتخابية محكومة باحترام حقوق الإنسان الأساسية كما قررها الشرع الشريف ومواثيق حقوق الإنسان العالمية. إن دساتير العالم الحديثة مليئة بالاجتهادات الرائعة التى تستحق أن نستفيد وأن نتأمل منها. وبدلا من هذا الاقتتال السياسى والاغتيال الفكرى الذى يمارسه البعض فلنجتهد فى الإطلاع على النظم السياسية فى دول أخرى سبقتنا إلى ما نحن فيه: أرجو أن نطالع دستور مثل الهندى وهو أطول دساتير العالم حجما، ويليه البرازيلى، ونتعلم من دستور اليابان وإندونيسيا كيف جمعوا بين «الأصالة والمعاصرة» فلكل أمة ثوابتها وإن شئتم قولوا «شريعتها» سواء كانت سماوية أو غير سماوية. واجتهدت فى أن تجمع بين هذه الثوابت وبين الآليات المدنية والسياسية التى تضمن أن لا تضيع الثوابت أو أن تكون الثوابت سببا فى الجمود أو التطرف.
***
لا نريد أن نندم بأن قمنا بثورتنا، لا نريد أن نستبدل التسلطية شبه الليبرالية بالديمقراطية المعادية للحقوق والحريات المصونة بالتفسيرات العاقلة والمتزنة لنصوص الشريعة والمتفقة مع ما وصلت إليه الإنسانية من اجتهادات فى هذا المقام. مرحبا بالإسلاميين فى مقاعد السلطة، ولكن الحوار الهادئ والقدرة على الوصول إلى ما يضمن التوافق على المساحة التى تحظى باحترام الشريعة والشرعية، ليس صعبا أو بعيد المنال. ولكن عفوا المتشنجون يمتنعون، فهم يضرون ولا يفيدون، يفسدون ولا يصلحون.
http://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=03122011&id=429405f2-b482-445c-9984-eff2063b92cd
ممدوح مصطفى الانصارى
03-12-2011, 11:02 PM
(مرحبا بالإسلاميين فى مقاعد السلطة، ولكن الحوار الهادئ والقدرة على الوصول إلى ما يضمن التوافق على المساحة التى تحظى باحترام الشريعة والشرعية، ليس صعبا أو بعيد المنال. ولكن عفوا المتشنجون يمتنعون، فهم يضرون ولا يفيدون، يفسدون ولا يصلحون).
رؤية تستحق النتظر والتقدير
أ/رضا عطيه
03-12-2011, 11:30 PM
بارك الله فيك
علينا يا أخى الكريم أن نفرق بين السلفيين وبعض الوهابيين
فالسلف الصالح حين فتح مصر
لم يجبر غير المسلم على دخول الإسلام
لم يتخلصوا من ملايين الأثار بدعوى أنها أصنام
لم يهدموا كنيسه
لم يضعوا خريطة لتغيير عادات وتقاليد المصريين واحتفالاتهم
فهل حرمت هذه الأعياد إلا فى هذا العصر
فهل حجبت الأثار إلا فى هذا العصر
الوهابيه والتى خرج من رحمها المتشددين فى كل بقاع العالم
هم من يجب علينا أن نخشاهم
فلا نحرم الأغلبية من حقوقهم بسبب قلة وافدة تأخذ أوامرها من شيوخ المملكة
ومن لديه دليل أن الفاروق عمر بن الخطاب رضى الله عنه
أمر الفاتح الجليل عمرو بن العاص رضى الله عنه
بهدم الهرم مثلا ليعرضه علينا
أليس هؤلاء هم خير سلف رضى الله عنهم
هذا الشعب المصرى بطيبة خاطره وحفظه لربه فى قلبه
لديه القدره بأمر الله دائما على عزل كل منهج لم ينبت من طمى نيله
ظلمنا القلوب الرحيمة والودودة لجميع خلق الله
بسبب قلة وافده متشدده ومتعصبه
ومادونهم هم منا ونحن منهم
ويعيشون بيننا خادمين للناس بإخلاص
لايريدون جزاءا ولاشكورا
وأملهم فقط رضا الله وعفوه
ربنا يهدينا جميعا إلى خير البلاد والعباد
جزاكم الله خيرا
aymaan noor
04-12-2011, 11:08 PM
(مرحبا بالإسلاميين فى مقاعد السلطة، ولكن الحوار الهادئ والقدرة على الوصول إلى ما يضمن التوافق على المساحة التى تحظى باحترام الشريعة والشرعية، ليس صعبا أو بعيد المنال. ولكن عفوا المتشنجون يمتنعون، فهم يضرون ولا يفيدون، يفسدون ولا يصلحون).
رؤية تستحق النتظر والتقدير
جزاك الله خيرا أستاذى الفاضل و بارك الله فيك
فى انتظار ماتسفر عنه الأيام فى أول تجربة ديموقراطية حقيقية تمر بها البلاد
فلانتينو البوابة
04-12-2011, 11:24 PM
حسب قرائتى عن الوهابية انهم ذوى فكر متعصب مثل عدم الصلاة على النبى بعد الاذان وعدم التوسل بالنبى والابتعاد عن كل ما هو جديد
هؤلاء نقمة موضوعة فى الارض
محمد.فوكس
05-12-2011, 11:28 PM
سمعت كلام من الاستاذ بكار بتاع حزب النور السلفي.
الكلام ده مصيبة انه عايز ينسب الحكم العسكري من بداية انقلاب 52 لليبرالية و اليسار.
بالذمة هل عبد الناصر يمثل اليسار .. و المهزلة الكبرى انه يقول على السادات ليبرالي.
و يكمل ثم يقول حكم الليبراليون و اليساريون فلماذا لا نعطي فرصة للمسلمين (قال المسلمين و ليس الاسلاميين يعني احنا كفرة).
اولا ده ينم عن جهل تااااااااااااااام بالليبرالية و اليسارية لان الليبرالية لا يمكن ان تكون غير ديمقراطية بالعكس و السلفيين يطعنون في الديمقراطية دائما.
ثانيا لو كان مبارك ليبرالي (و ده كلام يهلك من الضحك) فلماذا قام الشباب و اللي كان معظمهم اقرب لليبرالية بالثورة عليه.
و اذا كان عبد الناصر يساري فلماذا كان يعتقل و يعذب اليساريين و الشيوعيين اكثر من غيرهم؟
و اذاكان السادات رحمه الله ليبرالي فلماذا تحالف مع التيار الديني و لماذا كان اكثر رؤساء مصر استخداما لشعارات دينية؟
للاسف استغلال لعقول من لا يعرفوا ما هي الليبرالية وما هي اليسار و لا يعرفون سوى ان حزب كذا و حزب كذا هي الاسلام.
aymaan noor
09-12-2011, 02:06 PM
عن الديمقراطية:
-**- قال ابن القيم رحمه الله.. "إن الله تعالى لم يحصر طرق العدل وإماراته في نوع واحد وأبطل غيره من الطرق التى هي أقوى منه وأدل وأظهر، بل بين بما شرعه من الطرق أن مقصوده إقامة الحق والعدل وقيام الناس بالقسط، فأي طريق استخرج بها الحق ومعرفة العدل وقيام الناس بالقسط، وجب الحكم بموجبها ومقتضاها، والطرق أسباب ووسائل لا تراد لذواتها، وإنما المراد غاياتها التى هي المقصد"
-**- قال ابن تيمية رحمه الله: "وأمور الناس انما تستقيم في الدنيا مع العدل الذي قد يكون فيه الاشتراك في بعض أنواع الاثم أكثر مما تستقيم مع الظلم في الحقوق وان لم تشترك في اثم، ولهذا قيل: ان الله يقيم الدولة العادلة وان كانت كافرة، ولا يقيم الظالمة وان كانت مسلمة.ويقال: الدنيا تدوم مع العدل والكفر ولا تدوم مع الظلم والاسلام. وذلك ان العدل نظام كل شيء فاذا أقيم أمر الدنيا بالعدل قامت وان لم يكن لصاحبها من خلاق أي في الآخرة وان لم تقم بالعدل لم تقم وان كان لصاحبها من الايمان ما يجزى به في الآخرة"
-**- قال د. مصطفى محمود رحمه الله: "والحق الذي لا مراء فيه أن الإسلام لا يمكن أن يكون خصماً للديمقراطية.. فالانتخاب والبيعة والشورى والاستماع إلى رأى الخصم هو صميم الإسلام.. والتعددية في الرأي أساس في الإسلام.. بينما الإنفراد بالرأي والديكتاتورية والقهر مرفوض من الإسلام جملة و تفصيلاً"
-**- مما كتب د. يوسف القرضاوي:
-- إن أسلوب الانتخابات والترجيح بأغلبية الأصوات، الذي انتهت إليه الديمقراطية هو آلية صحيحة في الجملة، وإن لم تَخْل من عيوب، لكنها أسلم وأمثل من غيرها. ويجب الحرص عليها وحراستها من الكذابين والمنافقين والمُدلِّسين.
-- أما دعوى بعض المتدينين: أن الديمقراطية تعارض حكم الله، لأنها حكم الشعب، فنقول لهم: إن المراد بحكم الشعب هنا: أنه ضد حكم الفرد المطلق، أي حكم الديكتاتور، وليس معناها أنها ضد حكم الله، لأن حديثنا عن الديمقراطية في المجتمع المسلم، وهو الذي يحتكم إلى شريعة الله.
-- جوهر الديمقراطية متفق مع الإسلام، وهذا الجوهر هو أن يختار الناس مَن يحكمهم، ولا يُفرض عليهم حاكم يكرهونه ويرفضونه يقودهم بعصاه أو سيفه. وأن يكون لديهم من الوسائل: ما يقوِّمون به عوجه، ويردونه إلى الصواب إذا أخطأ الطريق، وأن تكون لديهم القدرة على إنذاره إذا لم يرتدع، ثم عزله بعد ذلك سلميا.
-- ولا يعيب الديمقراطية أنها من اجتهادات البشر، فليس كل ما جاء عن البشر مذموما، كيف وقد أمرنا الله أن نُعمِل عقولنا، فنفكِّر وننظر، ونتدبَّر ونعتبر، ونجتهد ونستنبط؟ ولكن يُنظَر في هذا الاجتهاد: أهو مناقض لما جاء من عند الله أم لا يتعارض معه، بل يمشي في ضوئه؟ وقد رأينا الديمقراطية تجسِّد مبادئ الشورى، والنصيحة في الدِّين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتواصي بالحق والصبر، وإقامة العدل، ورفع الظلم، وتحقيق المصالح ودفع المفاسد ... وغيرها.
منقول
aymaan noor
10-12-2011, 11:12 AM
مصر والديمقراطيات الثلاث: الإجرائية.. والشمولية.. والليبرالية
ليست كل الديمقراطيات على قدم المساواة من حيث احترامها لحقوق الإنسان ومن حيث قابليتها للاستمرار. لذا احتاج دارسو الديمقراطية أن يستخدموا صفات متعددة للتفريق بينها؛ فمثلا هناك وصف :
للديمقراطية الإجرائية (وبعبارة أخرى الديمقراطية الشكلية) باعتبار أنها أداة لما يسمى بديكتاتورية الأقلية الحاكمة. كى تكون الديمقراطية إجرائية فهى تحتاج إلى إجراءات الديمقراطية من انتخابات وأحزاب وعملية تصويت، ولكن تظل الحقوق والحريات الأساسية للمواطنين تخضع لإرادة الأقلية الحاكمة. إذن تتواجد مؤسسات ديمقراطية قانونية تتراضى أطراف العملية السياسية على أنها مصدر الشرعية بيد أن من يحكم ينتهك هذه المؤسسات عندما يجد نفسه بحاجة لهذا. وهناك أمثلة معاصرة متنوعة لهذه الديمقراطية الإجرائية (ولها اسم أكثر تعقيدا وهو التسلطية التنافسية) بين صربيا تحت حكم ميلوسفيتش وروسيا تحت حكم يلتسن وبوتين وأوكرانيا تحت حكم كوشما وبيرو تحت حكم فوجيمورى.
وما يجمع هذه النظم أنها تبنت استراتيجية الانفتاح السياسى المحدود أو التكتيكى كمحاولة للتكيف مع الضغوط الداخلية والخارجية بإعطاء بعض التنازلات السياسية الشكلية مع زيادة إنفاقها على الأمن وأجهزة الإعلام واهتمامها بآليات الضبط السياسى.
وتتحول هذه الديمقراطية إلى ديمقراطية شمولية (أو بعبارة أخرى ديمقراطية أصولية)، حين يضاف إلى ما سبق متغيران:
أولا : أن الأقلية الحاكمة مدعومة بأغلبية ثابتة لا تتغير ومنحازة فى دعمها فى مناخ شديد الاستقطاب لأسباب دينية أو عرقية، فكل سينهالى فى *****انكا سيعطى صوته لسينهالى مثله كى يحافظوا دائما على الأغلبية الديمقراطية الشمولية التى تمكنهم من السيطرة التامة على مقدرات الحياة هناك ضد الأقلية من التاميل الذين يتصرفون على نفس النحو ولكن فى الاتجاه المقابل.
ثانيا : وجود «اليمين المتطرف» بقيمه وتوجهاته الدينية (بما يفضى إلى يمينية طائفية) أو بقيمه وتوجهاته العرقية (بما يفضى إلى يمينية عنصرية). وهنا تتحول الديمقراطية نفسها إلى أداة قمع منظم للأقلية سواء العرقية أو الدينية. وهنا تنتفى قيمة الديمقراطية من الأساس لأن هناك انتهاكات ممنهجة لحقوق الأقليات والمخالفين فى الرأى واستخدام أدوات العنف والتشويه وإثارة الرأى العام ضد الأقليات وتخويف الأغلبية من التدخلات الإقليمية والدولية وكبت الحقوق والحريات لأن «الأقلية عملاء للخارج». ولو سأل أحدنا بعض الكرد ممن عاشوا فى ظل حزب البعث العراقى أو حتى فى ظل أتاتورك فسيستويان عندهما فكلاهما «شمولى» من وجهة نظر الكرد ولكن أحدهما شمولى قبيح الوجه وتسلطى التوجه (حزب البعث)، والآخر يرتدى عبائة الديمقراطية (النموذج التركى على عهد أتاتورك) فى تعاملهما مع الكرد. وهو نفس ما كان عليه الأمر عند الديمقراطية الشمولية (أو العنصرية) التى مارسها البيض فى جنوب أفريقيا. بل إن البعض يعود إلى أثينا وسيراكيوز القديمتين ليقول إنهما كانتا ديمقراطيتين شموليتين لأنهما استخدمتا الديمقراطية فى كبت واستعباد المرأة والأقليات دون السماح لهما أى حقوق سياسية على الإطلاق.
<<<
يبقى أخيرا ما يسمى بالديمقراطية الليبرالية،
وليس المقصود هنا الأيديولوجية الليبرالية التى يتبناها فصيل دون آخر واتخذت معانى سلبية بحكم ارتباطها بشخصيات معينة مصريا وعربيا. وإنما المقصود هو الموقف الفلسفى والسياسى الذى لا يتضمن أن أحدا ينظر باستعلاء أخلاقى أو سياسى للآخر الشريك له فى الوطن بغض النظر عن الاختلاف العرقى أو الدينى أو الأيديولوجى. وهو ما ضمن لأوروبا والعالم الغربى بدءا من عصر التنوير بصفة عامة، على كل ما فيها من تناقضات، ألا تنهار. فى هذا النموذج يحق للأغلبية بحكم الديمقراطية أن تعتقد وتقرر ما تشاء لأن الديمقراطية هى حماية حقوق الأغلبية من استبداد الحاكم الفرد وتسلط الأقلية الحاكمة أما الليبرالية فهى حماية الأفراد والأقليات (السياسية، العرقية، الدينية) من استبداد الأغلبية. وهذا تطبيق مباشر لتعديلات الدستور الأمريكى العشر الأول والمسماة بميثاق الحقوق المدنية (Bill of Rights) والذى أقر فى عام 1791 بناء على اقتراح جيمس ماديسون الذى اعتبر أن الديمقراطية ستنهار إن لم تكن ليبرالية. ومن ضمن هذه الحقوق الحق فى الاعتقاد والتعبير والتقاضى والتجمع والحركة وأن تكون الدولة محايدة دينيا أى أنها لن تتدخل لصالح دين ضد دين لأن تاريخ أوروبا الذى تعلم منه هؤلاء كان مخضبا بالحروب المليونية التى استمرت لعقود مثل الحروب الدينية فى الفترة من 1618 وحتى 1648. هى إذن تعديلات ليبرالية أُقِرت ديمقراطيا لتضع قيودا على الديمقراطية. فهى ليبرالية لأنها تعطى الأفراد حقوقا ترتبط بهم كبشر بغض النظر عن موافقة الأغلبية عليها أما لا. وقد تم إقرارها ديمقراطيا لأن المواطنين الأمريكيين وافقوا عليها فى تعديلات دستورية تقول إن المواطنين الأمريكيين سيمتنعون مستقبلا عن انتهاك حقوق الإنسان الأمريكى الأساسية حتى لو كان هذا الانتهاك يتم بقرار من الأغلبية، لأنه سيكون قرارا ديمقراطيا غير ليبرالى بما يتناقض مع الدستور وبالتالى سيصبح غير دستورى إلا إذا تم تعديل الدستور بما يسمح بالنيل من هذه الحقوق أو أعيد تفسير نصوصه من قبل المحكمة الدستورية العليا.
ماذا عن مصر؟
المعضلة الاولى : التى تواجهنا فى مصر الآن ثلاثية، ذلك أن القوى الأكثر استفادة من الديمقراطية الإجرائية (أى الإسلاميون)، ينظر إليها معظم الليبراليين على أنها الأقل ليبرالية، بل عندهم هواجس أن الإسلاميين بأغلبية كبيرة فى البرلمان وربما الرئاسة سيحولون الديمقراطية الإجرائية إلى ديمقراطية شمولية. وهو ما يزيد من وقعه بعض التصريحات غير المنضبطة التى تخرج من بعض الرموز السياسية المحافظة دينيا.
الشق الآخر من المعضلة : هو أن بعض القوى التى تزعم أنها ليبرالية تنتقد المواطن المصرى متهمة إياه فى رشده وعقلانيته وقدرته على التمييز وحسن الاختيار بما ينال من قيمة الديمقراطية أصلا. وكأنها تفضل لمصر ليبرالية غير ديمقراطية، أو ديمقراطية موجهة تستبعد غير الديمقراطيين تحت شعار: «لا ديمقراطية لأعداء الديمقراطية» ولكن المعضلة كى نحكم على أشخاص لم يصلوا إلى السلطة بعد أنهم غير ديمقراطيين.
الشق الثالث : أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة أساء كثيرا بأن جعل نفسه «قبيلة من القبائل» وأدخل حساباته الذاتية سواء كمؤسسة أو كأفراد فى معادلة كانت بحاجة لطرف عاقل له مصداقية يرتفع فوق الطرفين ليجمع لهما وبهما شتاتنا الأيديولوجى ويمنع الاستقطاب المصطنع المبالغ فيه الذى نعيشه. وقد نضطر قريبا جدا لأن نختار بين أن ننحاز له أو أن ننحاز للمنتخبين فى البرلمان. وفى هذه الظروف لا بد من الاتفاق، أو على الأقل الإعلان عن عدد من المواقف المبدئية:
أولا: لو كان هناك تعارض بين إرادة المجلس الأعلى للقوات المسلحة وإرادة الأمة ممثلة فى نوابها المنتخبين، فأنا مع إرادة الأمة بلا تردد شريطة ألا يكون هناك نزعة لدى الأغلبية البرلمانية لإعادة إنتاج الاستبداد أو الفساد الذين قامت الثورة للتخلص منهما.
ثانيا: ما أعتقده أننى ضد أى استبداد سواء جاء من شخص له زى عسكرى أو شخص يزعم أنه إسلامى أو يصف نفسه بأنه ليبرالى. والاستبداد هنا صنفان: استبداد الأقلية بالأغلبية أواستبداد الأغلبية بالأقلية. هناك حقوق مقررة للجميع بحكم الإنسانية والمواطنة ولا يجوز الاستبداد بالاتفاق على انتهاكها أو التساهل مع تجاهلها.
ثالثا: لا بد من احترام الشريعة والشرعية معا. الشريعة من الله، والشرعية من البشر. إن ادعى الحاكم أنه يحكم بشريعة الله ضد شرعية البشر فقد اختار المتاجرة بالشريعة دونما اعتبار للشرعية وانتهينا إلى حكم لاهوتى كهنوتى هو أصلا خارج عن صحيح الشريعة التى تأمرنا بالشورى والمبايعة والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر كضمان لرضى المحكومين الحر أو على الأقل قبولهم. ومن أراد أن يحكمنا بلا شرع وإنما فقط بشرعية البشر، فقد اختار علمانية لا تناسبنا حتى لو ناسبت غيرنا. ولهذا لا نريدها كهنوتية بلا شرعية أو علمانية بلا شريعة.
رابعا: الحل أمامنا ولكننا مشغولون فى الصراعات الجزئية وتسجيل المواقف بمنطق الوصاية والإقصاء والتصعيد. الحل هو «وثيقة الأزهر» ومعها المواد الأربعة والعشرون من الإعلان الدستورى ووثيقة التحالف الديمقراطى التى وقع عليها أكثر من أربعين حزبا بمن فيهم القوى المحافظة دينيا والليبرالية، ومعها الترتيبات الإجرائية التى أقرها أغلب المصريين فى استفتاء 19 مارس. وإن التزم الجميع بهذه الوثائق، فستنجو مصر من صراعات كثيرة ومستقبل غامض، ولنبشر أنفسنا بأننا فى طريقنا إلى «نموذج حضارى مصرى» نبنيه بأنفسنا وباجتهادنا. وإن حاد أى منا عن هذا الطريق فهو يفتح الطريق إلى ما لا ينبغى أن يريده عاقل وهو 25 يناير جديدة.
http://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=10122011&id=0c9f03b6-470e-4177-aa8f-8b985f761334
aymaan noor
10-01-2012, 12:42 AM
صدقنى لن يفهم كلامك احد
فنحن كتب علينا
ان نعيد المشهد الف مره ولانفهمه
كتب علينا ان نعيش فى وطن كل ابناؤه يريدون ان يعيشوا فقط
المهم ان هناك نفس يخرج واخر يدخل
لاامن فالبلطجه على ودنه (علينا ان نحافظ على ذلك)
الاسعار نار (علينا نثبت على ذلك )
لاجديد سوى موعناه فى البنزين فى السولار فى البوتجاز
ضاقت صدور العباد ولعنوا الثوره والثوار
بالله عليكم ما الجديد اللذى اضفه العسكر سوى قتل المعتصمين والمتظاهرين
تسويف وقرارات خاطئه والعوده فيها
ثم قرارات والاصرار عليها
انا لااتهم احد ولااؤيد احد انا ادعوكم الى التعقل
ادعوكم الى قراءه الاحداث
ويارب نفهم اننا جميعا فى مركب واحد ندعوا الله ان ينجينا جميعا ومن قبلنا مصر ليست لنا بل لاولادنا
اللهم استجب وتقبل يارب العالمين
جزاك الله خيرا و بارك الله فيك
راغب السيد رويه
10-01-2012, 01:06 AM
جزاك الله خيرا أخى الفاضل
منير عادل سيد احمد
11-01-2012, 07:21 AM
السلام عليكم
كيف حالكم جميعا؟
أنا عايز أسجل فقط اندهاشي من هجوم البعض على التيار السلفي ونسب وقائع ليست منه له أو وضع الكلام في غير سياقه على الرغم من أني واحد من الناس أرى إن السلفيين أكثر ناس واضحين على الساحة السياسية ولايخدعوا ويقولو أرائهم بشفافية كبيرة وغير متلونين بدعوى أن السياسة فقط هي علم اللاأخلاق
أما بالنسبة للتيار الليبرالي على حد علمي أن التيار الليبرالي لم يأخذ حقه في كثير من الدول العالمية ويمكن يكون اليسار أكثر نجاحا وانتشارا.
أتمنى أن نحكم على الآخرين بشيء من المنطقية والعقلانية ودون الاندفاع المتهور
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته