مشاهدة النسخة كاملة : من جوامع الكلم النبوي . . . .الحلال بيِّن والحرام بيِّن


فكري ابراهيم
01-01-2012, 10:57 PM
بسم الله الرحمن الرحيم


السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــه ،،



الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين



من الأحاديث الجامعة التي يذكرها أهل العلم ،

ويولونها المزيد من العناية والاهتمام ،


حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الحلال بيِّنٌ وإن الحرام بيِّنٌ ، وبينهما أمور مشتبهاتٌ لا يعلمهن كثير من الناس ، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعِرضه ، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام ، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ، ألا وإن لكل ملك حمىً ، ألا وإن حمى الله محارمُه ، ألا وإن في الجسد مضغةً إذا صلَحت صلَح الجسد كله ، وإذا فسَدت فسَد الجسد كله : ألا وهي القلب)[ رواه البخاري: 1/90/50 ومسلم: 8/290/2996].


فهذا الحديث قاعدة عظيمة من قواعد الشريعة ، وأحد الأحاديث التي يدور عليها الدين وقد عده بعض أهل العلم ثلث الإسلام أو ربعه ، ويعنون أن الإسلام يدور على ثلاثة أحاديث أو أربعة منها هذا الحديث .


فقوله صلى الله عليه وسلم : (إن الحلال بين وإن الحرام بين) يعني أن الحلال والحرام الصريح الواضح قد بُيِّن أمره للناس بحيث لا يحتاجون معه إلى مزيد إيضاح وبيان ، وليس لهم عذر في مخالفة الأمر والنهي بدعوى نقص البيان وعدم الوضوح ، فإن الله عز وجل قد أنزل على نبيه الكتاب ، وبين فيه للأمة ما تحتاج إليه من أحكام ،


قال تعالى: {ونزَّلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء} (النحل 89)


وقال تعالى في آخر آية من سورة النساء بعد أن ذكر فيها كثيرا من الأحكام الشرعية:{ يبين الله لكم أن تضلوا والله بكل شيء عليم }(النساء 176).

وقال عز وجل: { ومالكم أن لا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه وقد فصل لكم ما حرم عليكم} ( الأنعام119) .


وهذا هو مقتضى عدل الله ورحمته بعباده فلا يمكن أن يعذب قوما قبل البيان لهم وقيام الحجة عليهم ،


ولذلك قال سبحانه : {وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون} ( التوبة 115) .


وما لم يرد بيانه مفصلاً في كتاب الله تعالى فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد بينه في سنته تحقيقا


لقوله تعالى: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم} (النحل44).


ولكن هناك أمور تشتبه على كثير من الناس ، فلا يعرفون حكمها هل هي من الحلال أم من الحرام ؟ ،


وأما الراسخون في العلم فلا تشتبه عليهم ، ويعلمون من أي القسمين هي ، وهذه هي الأمور المشتبهات


التي قال عنها صلى الله عليه وسلم ( وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس ) .


ثم قسَّم النبي صلى الله عليه وسلم الناس بالنسبة إلى هذه الأمور المشتبهة إلى قسمين :




القسم الأول: من يتقي هذه الشبهات ويتركها ، طلبا لمرضاة الله عز وجل ، وتحرزا من الوقوع في الإثم ، فهذا الذي استبرأ لدينه وعرضه ، أي طلب البراءة لهما ، فحصل له البراءة لدينه من الذم الشرعي ، وصان عرضه عن كلام الناس فيه ، وفيه دليل على أن من ارتكب الشبهات ، فقد عرض نفسه للقدح والطعن ، كما قال بعض السلف : "من عرَّض نفسه للتُّهم فلا يلومنَّ من أساء الظن به" .




والقسم الثاني: من وقع في هذه الشبهات مع علمه بأن هذا الأمر فيه شبهة ، فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من فعل ذلك فقد وقع في الحرام ، بمعنى أن الإنسان إذا تهاون وتسامح في الوقوع في الشبهات ، وأكثر منها ، فإن ذلك يوشك أن يوقعه في الحرام ولا بد ، وهو لا يأمن أن يكون ما أقدم عليه حراماًَ في نفس الأمر ، فربما وقع في الحرام وهو لا يدري .


ثم ضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثلا لمن يقع في الشبهات ، وهو أن كل ملك من ملوك الدنيا له حمى يُضرب حول ملكه ، ويُمنع الناس من دخوله أو انتهاكه ، ومن دخله فقد عرض نفسه للعقوبة ، فمن رعى أغنامه بالقرب من هذا الحمى فإنه لا يأمن أن تأكل ماشيته منه ، فيكون بذلك قد تعدى على حمى الملك ، ومن احتاط فابتعد ولم يقارب ذلك الحمى فقد طلب السلامة لنفسه ، وهذا مثل حدود الله ومحارمه ، فإنها الحمى الذي نهى الله عباده عن الاقتراب منه أو تعديه ،


فقال سبحانه : { تلك حدود الله فلا تقربوها } (البقرة 187) ،


وقال : { تلك حدود الله فلا تعتدوها } (البقرة 229) ، فالله عز وجل قد حدَّ للعباد حدودا بين فيها ما أَحَلَّ لهم وما حَرَّم عليهم ، ونهاهم عن الاقتراب من الحرام أو تعدي الحلال ، وجعل الواقع في الشبهات كالراعي حول الحمى أو قريبا منه يوشك أن يدخله ويرتع فيه ، فمن تعدى الحلال ووقع في الشبهات ، فإنه قد قارب الحرام وأوشك أن يقع فيه .



ثم ختم النبي صلى الله عليه وسلم الحديث بذكر السبب الذي يدفع العبد إلى اتقاء الشبهات والمحرمات أو الوقوع فيهما ،


ألا وهو صلاح القلب أو فساده ، فإذا صلح قلب العبد صلحت الجوارح والأعمال تبعا لذلك ، وإذا فسد القلب فسدت الجوارح والأعمال ، فالقلب أمير البدن ، وملك الجوارح ، وبصلاح الأمير أو فساده تصلح الرعية أو تفسد ، فإذا كان القلب سليما حرص العبد على اجتناب المحرمات وتوقي الشبهات ، وأما إذا كان القلب فاسدا قد استولى عليه اتباع الهوى والشهوات ، فإن الجوارح سوف تنبعث إلى المعاصي والمشتبهات تبعا له ، فالقلب السليم هو عنوان الفوز عند الله عز وجل قال تعالى : {يوم لا ينفع مال ولا بنون * إلا من أتى الله بقلب سليم} (الشعراء 88-89) .



ففي هذا الحديث العظيم حث للمسلم على أن يفعل الحلال ، ويجتنب الحرام ، وأن يجعل بينه وبين الحرام حاجزا وهو اتقاء الشبهات ، وأن يحتاط المرء لدينه وعرضه ، فلا يقدم على الأمور التي توجب سوء الظن به ، وفيه أيضا تأصيل لقاعدة هامة من قواعد الشريعة ، وهي قاعدة سد الذرائع إلى المحرمات وتحريم الوسائل إليها ،


وفيه كذلك تعظيم أمر القلب ، فبصلاحه تصلح أعمال الجوارح وبفساده تفسد ،


نسأل الله أن يصلح قلوبنا وأن يثبتها على دينه



وصلى اللهم على سيدنا محمد وآلة وصحبة آجمعين

Dj7aMo
10-01-2012, 01:11 PM
جزاك الله خيرا

مسلمة متفائلة
19-01-2012, 07:51 PM
وعليكم السلام ورحمة الله

نسأل الله أن يصلح قلوبنا وأن يثبتها على دينه

اللهم آمــــــين

بـــــــوركتم

د.عبدالله محمود
20-01-2012, 03:41 AM
بارك الله فيك ، وجزاك خيراً