aymaan noor
06-01-2012, 01:57 PM
التأريخ للثورة المصرية
ثورتنا لم تصبح تاريخا بعد. ولكنها بحاجة لأن نحدد بوصلتها وكأننا نتحدث عنها بمنطق ما الذى نتمناه لها بعد عدة سنوات منها. هذه الثورة هى ثورة: العيش والحرية والعدالة الاجتماعية.
وأهدافها نابعة من تلقائية شعارها الذى يحمل مضمون مطالبنا الجماعية حين أيدنا هذه الثورة المباركة.
هى ثورة العيش بمعنيين متلازمين. هى ثورة العيش أى الخبز الذى هو مؤشر أنها ثورة من أجل الحد الأدنى من مقومات الحياة التى بدأنا نستشعر خطرا أن سياسة الدولة فى تفضيل القصر المشيد والترف المعيب على حساب البئر المعطلة والخبز القليل يمكن أن تفضى إلى انهيار المجتمع فى غفلة من الدولة التى انشغلت بحسابات قيادتها على حساب احتياجات شعبها.
وهى ثورة العيش بمعنى «العيش المشترك» والحياة الكريمة بعد أن أحس المصريون أنهم أصبحوا شيعا، وسيظلون كذلك إلى أن يتخلصوا من جرثومة التخلف التى ضربتهم فى مقتل ومزقتهم كل ممزق.
إذن هى ثورة العِيش والعَيش، ثورة مقومات الحياة الفردية ومقومات الحياة الجماعية. وهما لا ينفصلان يقينا.
وهى ثورة الحرية بمعناها: الحرية «فى» والحرية «من».
هى الحرية «فى» الاختيار وهى الحرية «من» القيود. وهما ليسا وجهين لنفس العملة كما قد يبدو. الحرية «فى» أن نتخذ قراراتنا مستشعرين أننا أصحاب الوطن لأننا بالفعل أصحابه الأصليون. وهى الحرية «من» الاستبداد والاستغلال. هى حرية من أن يفرض مستبد علينا رؤيته، سواء كان الاستبداد باسم الأقلية أو الاستبداد باسم الأغلبية. وهى حرية من أن يستغل الغنىُ الكادح. وهذا المفهوم الدائرى والمركب للحرية لا يستقيم إلا إذا نفذنا منه إلى «العيش» بمعنييه السابقين وإلى «العدالة الاجتماعية».
أغنياء الدول الاسكندنافية أقل ثراء من بعض أغنياء مصر، والغنى ليس عيبا أو خطأ، ولكن المسئولية الاجتماعية لرأس المال لا تنفصل عن الحاجة لزيادة رأس مال المجتمع بصفة عامة. والعدالة الاجتماعية هى أرقى أنواع العدالة حيث تبدأ من العدالة القانونية المكتوبة على الورق انتهاء بالمساواة الفعلية بين جميع المواطنين وتكافؤ الفرص.
إن أى شعار يتضمن فى مكوناته: «العيش، والحرية، والعدالة» هو فى جوهره أعمق من شعارات الثورة الفرنسية: «الحرية، والإخاء، والمساواة».
الحرية إن بالغنا فيها ستؤدى إلى الفوضى، والمساواة إن بالغنا فيها ستؤدى إلى الجمود. أما العدالة، فلا مجال للمبالغة فيها، لأنها تعبر عن التوازن المطلوب بين الحرية والمساواة وصولا إلى الكرامة الإنسانية.
هناك ثورات أخرى، أقل عظمة وقيمة ونبلا من ثورتنا، لكن أصحابها قاموا بها، وشرفوا بالانتماء إليها، فجعلوها نقاط تحول للبشرية جمعاء. هذه لم تكن ثورة ضد مبارك، وإنما ضد المباركية، لم تكن ثورة ضد العسكر، وإنما ضد العسكرتارية، لم تكن ثورة ضد مستبد، وإنما ضد الاستبداد، لم تكن ثورة ضد فاسدين، وإنما ضد الفساد. أو هكذا ينبغى أن تكون.
إن اجتمعت المعانى السابقة فى أذهاننا ستكون ثورة سياسية وفكرية وأخلاقية، وهى بحق أعظم ما فعله مصريون فى تاريخهم السياسى الطويل. ولكل ثورة بداية، ونبل البداية بارز وظاهر. ونبل الغاية لا يضمن بالضرورة نبل كل الوسائل. ولكل فعل إنسانى ما له وما عليه. المهم ألا نفقد البوصلة، وأن نمارس النقد الذاتى دون التقليل مما أنجزنا ودون الانحراف عما نريد. وأن نتذكر ما الذى نريده فى المستقبل من حاضرنا.
المصدر (http://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=06012012&id=dffecac7-7b63-488c-84c0-5f1eaea9fbe1)
ثورتنا لم تصبح تاريخا بعد. ولكنها بحاجة لأن نحدد بوصلتها وكأننا نتحدث عنها بمنطق ما الذى نتمناه لها بعد عدة سنوات منها. هذه الثورة هى ثورة: العيش والحرية والعدالة الاجتماعية.
وأهدافها نابعة من تلقائية شعارها الذى يحمل مضمون مطالبنا الجماعية حين أيدنا هذه الثورة المباركة.
هى ثورة العيش بمعنيين متلازمين. هى ثورة العيش أى الخبز الذى هو مؤشر أنها ثورة من أجل الحد الأدنى من مقومات الحياة التى بدأنا نستشعر خطرا أن سياسة الدولة فى تفضيل القصر المشيد والترف المعيب على حساب البئر المعطلة والخبز القليل يمكن أن تفضى إلى انهيار المجتمع فى غفلة من الدولة التى انشغلت بحسابات قيادتها على حساب احتياجات شعبها.
وهى ثورة العيش بمعنى «العيش المشترك» والحياة الكريمة بعد أن أحس المصريون أنهم أصبحوا شيعا، وسيظلون كذلك إلى أن يتخلصوا من جرثومة التخلف التى ضربتهم فى مقتل ومزقتهم كل ممزق.
إذن هى ثورة العِيش والعَيش، ثورة مقومات الحياة الفردية ومقومات الحياة الجماعية. وهما لا ينفصلان يقينا.
وهى ثورة الحرية بمعناها: الحرية «فى» والحرية «من».
هى الحرية «فى» الاختيار وهى الحرية «من» القيود. وهما ليسا وجهين لنفس العملة كما قد يبدو. الحرية «فى» أن نتخذ قراراتنا مستشعرين أننا أصحاب الوطن لأننا بالفعل أصحابه الأصليون. وهى الحرية «من» الاستبداد والاستغلال. هى حرية من أن يفرض مستبد علينا رؤيته، سواء كان الاستبداد باسم الأقلية أو الاستبداد باسم الأغلبية. وهى حرية من أن يستغل الغنىُ الكادح. وهذا المفهوم الدائرى والمركب للحرية لا يستقيم إلا إذا نفذنا منه إلى «العيش» بمعنييه السابقين وإلى «العدالة الاجتماعية».
أغنياء الدول الاسكندنافية أقل ثراء من بعض أغنياء مصر، والغنى ليس عيبا أو خطأ، ولكن المسئولية الاجتماعية لرأس المال لا تنفصل عن الحاجة لزيادة رأس مال المجتمع بصفة عامة. والعدالة الاجتماعية هى أرقى أنواع العدالة حيث تبدأ من العدالة القانونية المكتوبة على الورق انتهاء بالمساواة الفعلية بين جميع المواطنين وتكافؤ الفرص.
إن أى شعار يتضمن فى مكوناته: «العيش، والحرية، والعدالة» هو فى جوهره أعمق من شعارات الثورة الفرنسية: «الحرية، والإخاء، والمساواة».
الحرية إن بالغنا فيها ستؤدى إلى الفوضى، والمساواة إن بالغنا فيها ستؤدى إلى الجمود. أما العدالة، فلا مجال للمبالغة فيها، لأنها تعبر عن التوازن المطلوب بين الحرية والمساواة وصولا إلى الكرامة الإنسانية.
هناك ثورات أخرى، أقل عظمة وقيمة ونبلا من ثورتنا، لكن أصحابها قاموا بها، وشرفوا بالانتماء إليها، فجعلوها نقاط تحول للبشرية جمعاء. هذه لم تكن ثورة ضد مبارك، وإنما ضد المباركية، لم تكن ثورة ضد العسكر، وإنما ضد العسكرتارية، لم تكن ثورة ضد مستبد، وإنما ضد الاستبداد، لم تكن ثورة ضد فاسدين، وإنما ضد الفساد. أو هكذا ينبغى أن تكون.
إن اجتمعت المعانى السابقة فى أذهاننا ستكون ثورة سياسية وفكرية وأخلاقية، وهى بحق أعظم ما فعله مصريون فى تاريخهم السياسى الطويل. ولكل ثورة بداية، ونبل البداية بارز وظاهر. ونبل الغاية لا يضمن بالضرورة نبل كل الوسائل. ولكل فعل إنسانى ما له وما عليه. المهم ألا نفقد البوصلة، وأن نمارس النقد الذاتى دون التقليل مما أنجزنا ودون الانحراف عما نريد. وأن نتذكر ما الذى نريده فى المستقبل من حاضرنا.
المصدر (http://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=06012012&id=dffecac7-7b63-488c-84c0-5f1eaea9fbe1)