الاستاذ عوض على
13-01-2012, 10:11 AM
مستشار الإمام الأكبر لـ "الجمهورية":
الأزهر بدأ استعادة دوره.. قبل الثورة
الشيخ الطيب استقال .. لكن المجمع رفض
بكر مصباح - احمد فتح الله
يظل الأزهر القبلة التي يؤومها الناس كلما ضاقت صدورهم. وأحدقت بالبلاد المشكلات وهو قدر هذه المؤسسة التاريخي منذ المماليك مروراً بالحملة الفرنسية والإحتلال الإنجليزي وثورة 1919 وثورة يوليو ثم ثورة 25 يناير..
لذا فإن الحوار مع رموز هذه المؤسسة الكبيرة من الأهمية بمكان خاصة في ظل ظروف الوطن التي يمر بها والتغيرات الجذرية التي تعتري التركيبة السياسية والتخوفات التي يتهامس به الناس أحياناً من صعود التيارات الدينية التي لا ولاية للأزهر عليها والدكتور محمود عزب مستشار الامام الأكبر واحد من الرموز الذين يدلون بدلوهم فيما يدور من فاعليات متتابعة ومتسارعة علي الساحة الوطنية.. لذا كان حوار الجمهورية معه..
* ماذا تقول لمن رفض تهنئة الأخوة المسيحيين ورفضوا حضور قداس أعياد الميلاد؟
* * من المؤسف أن تفرض الظروف الراهنة مثل هذه الأسئلة فنُضيع وقتنا وجهدنا في أمور غير مقبول الحديث فيها. لأنها محسومة في الإسلام الذي يقبل التعدد وحق الإختلاف. والذي يقرر الأصول بشكل غير قابل للمساومة ¢لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ¢..¢وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةي فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَي كُلِّ شَيْءي حَسِيبًا¢ صدق الله العظيم إن الإسلام عندما دخل مصر منذ 14 قرناً من الزمان. لم يمس الفاتحون معابد الفراعنة ولا كنائس الأقباط بأي سوء وهذا جميل تاريخي يليق بالإسلام وبالمسلمين الذين دخلوا لإنقاذ المصريين من بطش الرومان لذا استدعي عمرو بن العاص البطريرك بنيامين القبطي الأرثوذكسي الذي كان مضطهداً ومختبئاً في الصحراء من إضطهاد البيزنطيين له. وأرجعه الي منصبه كزعيم للمسيحيين المصريين.. والخلافة الإسلامية في العهد العباسي كان يجمع الخليفة في مجلسه رئيس اليهود ورئيس النصاري الجسليك ورأس الجالوت. وقد شهد المسلمون إزدهارها يرجع الي التقدم والعلم والإسلام يتسع ويجمع تحت رايته كل من يساهم في بناء الحضارة الإسلامية ويساهم في إنماء العلم والحياة العلمية. والشهرستاني في كتاب الملل والنحل يشيد بالرهبان النصاري الذين ساهموا في ترجمة العلوم من اللغات اليونانية والفارسية الي اللغة العربية وساهموا في إنشاء العلم وهم جزء لا يتجزأ من الحضارة الإسلامية. وعندما يأتي بعض المسلمين في القرن الحادي والعشرين ويثيرون ما يفكك الأمة وما يمس السلام الإجتماعي في وقت لا يعتدي أحد فيه علينا ولا يضطهدنا في ديننا فهذا يعارض الاسلام.
نسبية السياسة
* بم تعلق علي إستخدام الدين في الدعاية الإنتخابية وتسخير المساجد في ذلك؟
* * أنا لا أدعو الي الصدام والأزهر الشريف ليس طرفاً في صراع أو خلاف وليس مذهباً دينياً وليس حزباً سياسياً. فالأزهر مدرسة عليا فوق الجميع يدّرس حق الإختلاف والتعدد والإسلام الوسطي يقف من جميع المذاهب والاراء علي مسافة واحدة. أثناء الإنتخابات قال شيخ الأزهر يُختار لكل مجال من هو أهل له وكفء له. ومن السياسة الشرعية في تاريخ الإسلام أن يختار للحرب الأقوي وإن لم يكن الأتقي. إذن الأزهر ينادي بإحترم المعايير التي يختار من أجلها الإنسان. فنختار للسياسة أهل السياسة المعروفين بالبلاء الحسن فيها والخبرة وبالعلم وفي الإقتصاد الأمين الذي يفهم في علم الإقتصاد. هذا رأي الأزهر الشريف وقيم الدين اعلي من قيم السياسة لأنها قيم مطلقة عليا سماوية لا تتغير آما السياسة فمتغيرة حسب المعطيات ولا يصح أن يُوضع المطلق الإلهي الثابت في خدمة النسبي المتغير الذي يخضع للإستراتيجية أو التكتيك.
* لماذا لا نجد حوارا بين المناهج الفكرية الإسلامية في إطار الأزهر الشريف مثل السلفية والإخوان والجماعة الإسلامية والشيعة؟
* * حدث هذا والأزهر الشريف كان يستعد لذلك وبدأ به قبل الثورة. فأنشأ مركزاً للحوار بالازهر الشريف مع كل مختلف بهدف الإتفاق علي القيم العليا المشتركة التي تدعو الي العدالة والحق والخير والجمال والعلم ومقاومة الفقر والجهل والمرض أياً كان مذهب الشخص أو عقيدته والإتفاق عليها لتفعيلها وإرسائها.. وبعد الثورة أعلن الأمام الأكبر أن الأزهر مفتوح للحوار وجاء اليه الاخوان المسلمون والسلفيون وأتفق معهم علي خطاب ديني فعال يرجع الي الاصول الثابتة والصحيحة للقران والسنة المتفق عليها. ووافق الجميع وقبلوا وقالوا أنهم سوف يعملون تحت راية الأزهر. وجاء بعد ذلك الاقباط العلمانيون بقيادة الاستاذ نجيب ساويرس وحاورهم الأزهر ثم جاء المثقفون رجالاً ونساءاً مسلمين ومسيحيين وعقدت أكثر من 6 لقاءات للحوار حول شكل الدولة وصدرت وثيقة الأزهر. وبعد صدورها بفترة كبيرة دعا شيخ الأزهر مرشحي الرئاسة ورؤساء الاحزاب وقرأ الوثيقة عليهم وقال أنها إستشارية وليست إجبارية لأن الأزهر مكان علم وينشد توافق الجميع في النهاية. ورسالة الأزهر التجميع في زمن تخشي فيه الفرقة وهذه هي الإجتماعات لم يحدث بها صدام واحد. الأزهر يقوم برسالته الوطنية علي أعلي مستوي.
دور الأزهر
* ماذا ننتظر من الأزهر خلال الفترة القادمة؟
* * للأزهر دور تاريخي وقد حاول استعادته قبيل الثورة واستعاده بالفعل بعد الثورة وهو بشكل أدق هو بيت الأمة المصرية كلها. بصرف النظر عن الدين أو المذهبية أو التوجه الفكري. ويظهر في اللحظات الفارقة. وقد ظهر في الحملة الفرنسية وفي ثورة 1919 والثورة المصرية ثم ظهر في حرب السويس ثم ظهر في 25 يناير ومازال مستمراً وهو مصمم علي هذا الدور. لان ما يهمه هو تجميع الأمة المصرية كلها بكل طوائفها. وفي وثيقة الأزهر هناك توصية بالبحث العلمي الذي سوف يكون طريق مصر علي طريق المستقبل.
* ما علاقة الأزهر بالمجلس العسكري وهل هناك مشورة أو إستئناس من المجلس العسكري بأرائكم؟
* * الأزهر كطرف أعلي من الجميع يؤكد ويدعو الجميع الي إتباع أفضل السبل السلمية الصحيحة للمرور بهذه الفترة الإنتقالية ولإتاحة الفرصة لتحقيق أهداف الثورة الحقيقية. ويتدخل في اللحظات الفارقة مثلما تدخل في احداث شارع محمد محمود وصرخة الأزهر كانت بنداء الي المجلس الأعلي والداخلية في عدم المساس بحق التظاهر السلمي وكذا شباب الثوار بالتظاهر السلمي ودعاهم الي أن يتمسكوا بثورتهم وأن يخرجوا من بين صفوفهم كل من يرونه غير لائق وغير ملتزم بأهدافهم. والأزهر يتدخل مباشرة لدي المجلس العسكري إذا أستدعي الامر.
* كيف ينظر الأزهر الي حالات تعطيل الإنتاج والمصالح الحيوية للبلاد وقطع الطرق والتي نعيشها كل يوم؟
* * كل بيانات الأزهر تدعو الي العودة الي الإستقرار والإنتاج ولكن هذا لا يعني رفض التعبير عن الرأي الحر بشكل سلمي. الأزهر ينادي يومياً بضرورة عودة الأمن كاملاً للشارع المصري ليتيح للأمة أن تنتقل بطريقة غير مخلة.
الأوليات في الإسلام تحرم قطع الطريق وترويع الآمنين ولهذا نحتاج في الأوقات الإستثنائية الي التذكير دائماً بذلك وكأن الأمة أصبحت لا تعي شيئاً. الإسلام دين السلام وهو الأمن والأمان وعلي كل مواطن مصري أن يطبقه علي نفسه والأزهر كمدرسة عليا تؤكد علي هذه البديهيات إن كانت تحتاج الي تأكيد.
قانون جديد
* قيل ان قانون الازهر الجديد ينص علي ان يكون منصب شيخ الازهر بالانتخاب بعد خلوه.. لماذا لا يقوم شيخ الازهر باجراء الانتخابات في عهده وتكون سابقة له؟
* * من يقول هذا لا يعلم أن شيخ الازهر منذ ان قامت الثورة. اجتمع بمجمع البحوث الاسلامية واعلن انه سيتخلي عن مشيخة الازهر لينتخب الازهر غيره. لكن مجمع البحوث الاسلامية رفض وقال له وبالاجماع هذا من قبيل التولي يوم الزحف لأن البلد في خطر. ولابد ان تقود المسيرة حتي تستقر الاوضاع.
لكني أؤكد ان انتخاب شيخ الازهر لن يكون في الشارع. ليكون هوي لاصحاب المصلحة الفردية الصغيرة ويكون من حق اي شخص ان يترشح لمشيخة الازهر. شيخ الازهر كبير العلماء ينتخبه كبار العلماء. والازهر يدرس الان بدقة قانون 103 لسنة 1961 لاعادة النظر في كل التفاصيل. منها استقلال الازهر الاداري والمالي وغيره. ونادي شيخ الازهر قبل الثورة بإصلاح التعليم وعودة البرامج القديمة الفعالة التي ترسخ حق الاختلاف والتنوع. ثم الاهم اعادة تكوين هيئة كبار العلماء التي ينتخب منها شيخ الأزهر.
* هل هيئة كبار العلماء ستحل محل مجمع البحوث الاسلامية؟
* * هيئة كبار العلماء لا تنفي وجود مجمع البحوث الاسلامية. ولكن لكل منهما اختصاص. مجمع البحوث الإسلامية والعلمية. وهيئة كبار العلماء ضرورية وستكون الوحيدة التي لها حق انتخاب شيخ الازهر.
* هل ينص القانون ان تكون هيئة كبار العلماء من استاذة الازهر ولهم مؤلفاتهم.. أم ينضم اليها بعض الدعاة من خارج الازهر؟
* * لا.. لا داعية ولا إمام اوقاف وان كان من خريجي الازهر. الهيئة تتكون من كبار العلماء. وهناك شروط لابد ان تتحقق في هذا العالم لينضم الي هيئة كبار العلماء.
التركة ثقيلة
* متي يعود دور الدعاة وتنتهي ظاهرة انصاف الدعاة؟
* * منذ اكثر من ثلاثين عاما حدث انفلات في الدولة في اشياء كثيرة. فالدولة ركزت علي أمن الحاكم والنظام فقط. واهملت الادارة الجيدة لشئون الحياة. وفي بعض الاوقات ضربت الدولة البعض بالاخر فنشأ خطاب ديني غير قائم علي أُسس سليمة او من مصادر صحيحة. وفي المقابل نشأ خطاب ديني مسيحي متشدد. مثل بعض الخطاب الإسلامي المتشدد.
الامام الاكبر ومن قبل ثورة يناير اتفق مع وزارة الاوقاف علي عقد دورات تدربية لرفع كفاءة الأئمة في المساجد. والتنبيه عليهم باحترام الاسلام الوسطي التعددي بالحكمة والموعظة الحسنة. ومراعاة الوطن لان حب الوطن من الايمان. لكن خلفنا اكثر من ثلاثين عاما من الانحراف ولن نستقيم في يوم وليلة.
لجان رصد
* لماذا لا نسمع عن بيت العائلة إلا عند وجود ازمات ولماذا لم ينه حالة الاحتقان الطائفي؟
* * هذا ليس صحيحا. بيت العائلة مشروع اطلقه الامام الاكبر في آخر ديسمبر بعد الاعتداء علي كنيسة سيدة النجاة في بغداد. وقبل احداث كنيسة القديسين. وهو مشروع حيوي لهيئة مصرية عُليا وليس مجلس مصالحة. يتكون من مجلس امناء ومجلس تنفيذي.
له هدفان: الاول اصلاح الخطاب الديني الاسلامي والمسيحي مما اصابه من العطب. والتركيز علي القيم العليا المشتركة التي تؤمن بها الانسانية كلها كالسلام والعدل والعلم. والرجوع للقرآن الكريم كمصدر للاسلام والكتاب المقدس كمصدر للمسيحية. لتكون العدالة في الاسلام كذا وكذا.. والعدالة في المسيحية كذا وكذا.. المسيحية دين المحبة والاسلام دين الرحمة.. وبث هذا الخطاب في وسائل الاعلام والمساجد والكنائس. ومن هنا يفهم التلميذ المسلم والمسيحي ان الدين يدعو للعدالة.
الهدف الثاني معالجة مشاكل الاحتقان الطائفي التي ترسبت نتيجة الظروف السلبية. فالدولة ظلت لعقود تتعمد ترك اشكال الصدام الصغيرة وكانت تلبس الاشياء قناع الدين. فالبلد الذي لا يوجد به ديمقراطية حقيقة لابد ان ينمو فيه التطرف الديني والصدام.
يقوم بيت العائلة بمناقشة المشاكل الحقيقة بدون تضخيم او تقليل. ودراستها دراسة موضوعية للقضاء علي الاسباب الداخلية الموجودة. لاشك ان هناك تآمر علي مصر وان كنا لا نحبذ ان نحمل كل مشاكلنا علي شماعة المؤامرة. بيت العائلة يجتمع باستمرار لبحث المشاكل ويقوم بحلها مثلما حدث في كنيسة امبابة. وهناك لجان رصد في المناطق الساخنة لتفادي المشاكل. ولابد من توافر الوقت الكافي لاننا نحل مشاكل ضاربه بجذورها في التاريخ.
* ما رأيك الشخصي في مرشحي الرئاسة ذوي الخلفية الاسلامية؟
* * رأيي الشخصي ولا يمثل الازهر وكمواطن مصري.. اتمني ان يتكون مجلس رئاسي ويضم اكثر من شخص. ويمثل كل التيارات لتحقيق التوازن لفترة انتقالية عام اوعامان حتي يضع الوطن قدمه علي الطريق الصحيح.
* ترددت أنباء عن استبعاد المستشار طارق البشري عن لجنة صياغة قانون الأزهر؟
* * لم نستبعد احد وقانون الازهر يدرسه اكثر من مستشار في اكثر من مجال. وشيخ الازهر علي رأس العمل لدراسة كل الجوانب. وسيري الازهر ما هو الاصلح حتي نخرج بقانون سليم يتناسب ومكانة الأزهر وقامته وتاريخه.
http://www.algomhuria.net.eg/algomhuria/today/ahbab/detail00.asp
الأزهر بدأ استعادة دوره.. قبل الثورة
الشيخ الطيب استقال .. لكن المجمع رفض
بكر مصباح - احمد فتح الله
يظل الأزهر القبلة التي يؤومها الناس كلما ضاقت صدورهم. وأحدقت بالبلاد المشكلات وهو قدر هذه المؤسسة التاريخي منذ المماليك مروراً بالحملة الفرنسية والإحتلال الإنجليزي وثورة 1919 وثورة يوليو ثم ثورة 25 يناير..
لذا فإن الحوار مع رموز هذه المؤسسة الكبيرة من الأهمية بمكان خاصة في ظل ظروف الوطن التي يمر بها والتغيرات الجذرية التي تعتري التركيبة السياسية والتخوفات التي يتهامس به الناس أحياناً من صعود التيارات الدينية التي لا ولاية للأزهر عليها والدكتور محمود عزب مستشار الامام الأكبر واحد من الرموز الذين يدلون بدلوهم فيما يدور من فاعليات متتابعة ومتسارعة علي الساحة الوطنية.. لذا كان حوار الجمهورية معه..
* ماذا تقول لمن رفض تهنئة الأخوة المسيحيين ورفضوا حضور قداس أعياد الميلاد؟
* * من المؤسف أن تفرض الظروف الراهنة مثل هذه الأسئلة فنُضيع وقتنا وجهدنا في أمور غير مقبول الحديث فيها. لأنها محسومة في الإسلام الذي يقبل التعدد وحق الإختلاف. والذي يقرر الأصول بشكل غير قابل للمساومة ¢لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ¢..¢وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةي فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَي كُلِّ شَيْءي حَسِيبًا¢ صدق الله العظيم إن الإسلام عندما دخل مصر منذ 14 قرناً من الزمان. لم يمس الفاتحون معابد الفراعنة ولا كنائس الأقباط بأي سوء وهذا جميل تاريخي يليق بالإسلام وبالمسلمين الذين دخلوا لإنقاذ المصريين من بطش الرومان لذا استدعي عمرو بن العاص البطريرك بنيامين القبطي الأرثوذكسي الذي كان مضطهداً ومختبئاً في الصحراء من إضطهاد البيزنطيين له. وأرجعه الي منصبه كزعيم للمسيحيين المصريين.. والخلافة الإسلامية في العهد العباسي كان يجمع الخليفة في مجلسه رئيس اليهود ورئيس النصاري الجسليك ورأس الجالوت. وقد شهد المسلمون إزدهارها يرجع الي التقدم والعلم والإسلام يتسع ويجمع تحت رايته كل من يساهم في بناء الحضارة الإسلامية ويساهم في إنماء العلم والحياة العلمية. والشهرستاني في كتاب الملل والنحل يشيد بالرهبان النصاري الذين ساهموا في ترجمة العلوم من اللغات اليونانية والفارسية الي اللغة العربية وساهموا في إنشاء العلم وهم جزء لا يتجزأ من الحضارة الإسلامية. وعندما يأتي بعض المسلمين في القرن الحادي والعشرين ويثيرون ما يفكك الأمة وما يمس السلام الإجتماعي في وقت لا يعتدي أحد فيه علينا ولا يضطهدنا في ديننا فهذا يعارض الاسلام.
نسبية السياسة
* بم تعلق علي إستخدام الدين في الدعاية الإنتخابية وتسخير المساجد في ذلك؟
* * أنا لا أدعو الي الصدام والأزهر الشريف ليس طرفاً في صراع أو خلاف وليس مذهباً دينياً وليس حزباً سياسياً. فالأزهر مدرسة عليا فوق الجميع يدّرس حق الإختلاف والتعدد والإسلام الوسطي يقف من جميع المذاهب والاراء علي مسافة واحدة. أثناء الإنتخابات قال شيخ الأزهر يُختار لكل مجال من هو أهل له وكفء له. ومن السياسة الشرعية في تاريخ الإسلام أن يختار للحرب الأقوي وإن لم يكن الأتقي. إذن الأزهر ينادي بإحترم المعايير التي يختار من أجلها الإنسان. فنختار للسياسة أهل السياسة المعروفين بالبلاء الحسن فيها والخبرة وبالعلم وفي الإقتصاد الأمين الذي يفهم في علم الإقتصاد. هذا رأي الأزهر الشريف وقيم الدين اعلي من قيم السياسة لأنها قيم مطلقة عليا سماوية لا تتغير آما السياسة فمتغيرة حسب المعطيات ولا يصح أن يُوضع المطلق الإلهي الثابت في خدمة النسبي المتغير الذي يخضع للإستراتيجية أو التكتيك.
* لماذا لا نجد حوارا بين المناهج الفكرية الإسلامية في إطار الأزهر الشريف مثل السلفية والإخوان والجماعة الإسلامية والشيعة؟
* * حدث هذا والأزهر الشريف كان يستعد لذلك وبدأ به قبل الثورة. فأنشأ مركزاً للحوار بالازهر الشريف مع كل مختلف بهدف الإتفاق علي القيم العليا المشتركة التي تدعو الي العدالة والحق والخير والجمال والعلم ومقاومة الفقر والجهل والمرض أياً كان مذهب الشخص أو عقيدته والإتفاق عليها لتفعيلها وإرسائها.. وبعد الثورة أعلن الأمام الأكبر أن الأزهر مفتوح للحوار وجاء اليه الاخوان المسلمون والسلفيون وأتفق معهم علي خطاب ديني فعال يرجع الي الاصول الثابتة والصحيحة للقران والسنة المتفق عليها. ووافق الجميع وقبلوا وقالوا أنهم سوف يعملون تحت راية الأزهر. وجاء بعد ذلك الاقباط العلمانيون بقيادة الاستاذ نجيب ساويرس وحاورهم الأزهر ثم جاء المثقفون رجالاً ونساءاً مسلمين ومسيحيين وعقدت أكثر من 6 لقاءات للحوار حول شكل الدولة وصدرت وثيقة الأزهر. وبعد صدورها بفترة كبيرة دعا شيخ الأزهر مرشحي الرئاسة ورؤساء الاحزاب وقرأ الوثيقة عليهم وقال أنها إستشارية وليست إجبارية لأن الأزهر مكان علم وينشد توافق الجميع في النهاية. ورسالة الأزهر التجميع في زمن تخشي فيه الفرقة وهذه هي الإجتماعات لم يحدث بها صدام واحد. الأزهر يقوم برسالته الوطنية علي أعلي مستوي.
دور الأزهر
* ماذا ننتظر من الأزهر خلال الفترة القادمة؟
* * للأزهر دور تاريخي وقد حاول استعادته قبيل الثورة واستعاده بالفعل بعد الثورة وهو بشكل أدق هو بيت الأمة المصرية كلها. بصرف النظر عن الدين أو المذهبية أو التوجه الفكري. ويظهر في اللحظات الفارقة. وقد ظهر في الحملة الفرنسية وفي ثورة 1919 والثورة المصرية ثم ظهر في حرب السويس ثم ظهر في 25 يناير ومازال مستمراً وهو مصمم علي هذا الدور. لان ما يهمه هو تجميع الأمة المصرية كلها بكل طوائفها. وفي وثيقة الأزهر هناك توصية بالبحث العلمي الذي سوف يكون طريق مصر علي طريق المستقبل.
* ما علاقة الأزهر بالمجلس العسكري وهل هناك مشورة أو إستئناس من المجلس العسكري بأرائكم؟
* * الأزهر كطرف أعلي من الجميع يؤكد ويدعو الجميع الي إتباع أفضل السبل السلمية الصحيحة للمرور بهذه الفترة الإنتقالية ولإتاحة الفرصة لتحقيق أهداف الثورة الحقيقية. ويتدخل في اللحظات الفارقة مثلما تدخل في احداث شارع محمد محمود وصرخة الأزهر كانت بنداء الي المجلس الأعلي والداخلية في عدم المساس بحق التظاهر السلمي وكذا شباب الثوار بالتظاهر السلمي ودعاهم الي أن يتمسكوا بثورتهم وأن يخرجوا من بين صفوفهم كل من يرونه غير لائق وغير ملتزم بأهدافهم. والأزهر يتدخل مباشرة لدي المجلس العسكري إذا أستدعي الامر.
* كيف ينظر الأزهر الي حالات تعطيل الإنتاج والمصالح الحيوية للبلاد وقطع الطرق والتي نعيشها كل يوم؟
* * كل بيانات الأزهر تدعو الي العودة الي الإستقرار والإنتاج ولكن هذا لا يعني رفض التعبير عن الرأي الحر بشكل سلمي. الأزهر ينادي يومياً بضرورة عودة الأمن كاملاً للشارع المصري ليتيح للأمة أن تنتقل بطريقة غير مخلة.
الأوليات في الإسلام تحرم قطع الطريق وترويع الآمنين ولهذا نحتاج في الأوقات الإستثنائية الي التذكير دائماً بذلك وكأن الأمة أصبحت لا تعي شيئاً. الإسلام دين السلام وهو الأمن والأمان وعلي كل مواطن مصري أن يطبقه علي نفسه والأزهر كمدرسة عليا تؤكد علي هذه البديهيات إن كانت تحتاج الي تأكيد.
قانون جديد
* قيل ان قانون الازهر الجديد ينص علي ان يكون منصب شيخ الازهر بالانتخاب بعد خلوه.. لماذا لا يقوم شيخ الازهر باجراء الانتخابات في عهده وتكون سابقة له؟
* * من يقول هذا لا يعلم أن شيخ الازهر منذ ان قامت الثورة. اجتمع بمجمع البحوث الاسلامية واعلن انه سيتخلي عن مشيخة الازهر لينتخب الازهر غيره. لكن مجمع البحوث الاسلامية رفض وقال له وبالاجماع هذا من قبيل التولي يوم الزحف لأن البلد في خطر. ولابد ان تقود المسيرة حتي تستقر الاوضاع.
لكني أؤكد ان انتخاب شيخ الازهر لن يكون في الشارع. ليكون هوي لاصحاب المصلحة الفردية الصغيرة ويكون من حق اي شخص ان يترشح لمشيخة الازهر. شيخ الازهر كبير العلماء ينتخبه كبار العلماء. والازهر يدرس الان بدقة قانون 103 لسنة 1961 لاعادة النظر في كل التفاصيل. منها استقلال الازهر الاداري والمالي وغيره. ونادي شيخ الازهر قبل الثورة بإصلاح التعليم وعودة البرامج القديمة الفعالة التي ترسخ حق الاختلاف والتنوع. ثم الاهم اعادة تكوين هيئة كبار العلماء التي ينتخب منها شيخ الأزهر.
* هل هيئة كبار العلماء ستحل محل مجمع البحوث الاسلامية؟
* * هيئة كبار العلماء لا تنفي وجود مجمع البحوث الاسلامية. ولكن لكل منهما اختصاص. مجمع البحوث الإسلامية والعلمية. وهيئة كبار العلماء ضرورية وستكون الوحيدة التي لها حق انتخاب شيخ الازهر.
* هل ينص القانون ان تكون هيئة كبار العلماء من استاذة الازهر ولهم مؤلفاتهم.. أم ينضم اليها بعض الدعاة من خارج الازهر؟
* * لا.. لا داعية ولا إمام اوقاف وان كان من خريجي الازهر. الهيئة تتكون من كبار العلماء. وهناك شروط لابد ان تتحقق في هذا العالم لينضم الي هيئة كبار العلماء.
التركة ثقيلة
* متي يعود دور الدعاة وتنتهي ظاهرة انصاف الدعاة؟
* * منذ اكثر من ثلاثين عاما حدث انفلات في الدولة في اشياء كثيرة. فالدولة ركزت علي أمن الحاكم والنظام فقط. واهملت الادارة الجيدة لشئون الحياة. وفي بعض الاوقات ضربت الدولة البعض بالاخر فنشأ خطاب ديني غير قائم علي أُسس سليمة او من مصادر صحيحة. وفي المقابل نشأ خطاب ديني مسيحي متشدد. مثل بعض الخطاب الإسلامي المتشدد.
الامام الاكبر ومن قبل ثورة يناير اتفق مع وزارة الاوقاف علي عقد دورات تدربية لرفع كفاءة الأئمة في المساجد. والتنبيه عليهم باحترام الاسلام الوسطي التعددي بالحكمة والموعظة الحسنة. ومراعاة الوطن لان حب الوطن من الايمان. لكن خلفنا اكثر من ثلاثين عاما من الانحراف ولن نستقيم في يوم وليلة.
لجان رصد
* لماذا لا نسمع عن بيت العائلة إلا عند وجود ازمات ولماذا لم ينه حالة الاحتقان الطائفي؟
* * هذا ليس صحيحا. بيت العائلة مشروع اطلقه الامام الاكبر في آخر ديسمبر بعد الاعتداء علي كنيسة سيدة النجاة في بغداد. وقبل احداث كنيسة القديسين. وهو مشروع حيوي لهيئة مصرية عُليا وليس مجلس مصالحة. يتكون من مجلس امناء ومجلس تنفيذي.
له هدفان: الاول اصلاح الخطاب الديني الاسلامي والمسيحي مما اصابه من العطب. والتركيز علي القيم العليا المشتركة التي تؤمن بها الانسانية كلها كالسلام والعدل والعلم. والرجوع للقرآن الكريم كمصدر للاسلام والكتاب المقدس كمصدر للمسيحية. لتكون العدالة في الاسلام كذا وكذا.. والعدالة في المسيحية كذا وكذا.. المسيحية دين المحبة والاسلام دين الرحمة.. وبث هذا الخطاب في وسائل الاعلام والمساجد والكنائس. ومن هنا يفهم التلميذ المسلم والمسيحي ان الدين يدعو للعدالة.
الهدف الثاني معالجة مشاكل الاحتقان الطائفي التي ترسبت نتيجة الظروف السلبية. فالدولة ظلت لعقود تتعمد ترك اشكال الصدام الصغيرة وكانت تلبس الاشياء قناع الدين. فالبلد الذي لا يوجد به ديمقراطية حقيقة لابد ان ينمو فيه التطرف الديني والصدام.
يقوم بيت العائلة بمناقشة المشاكل الحقيقة بدون تضخيم او تقليل. ودراستها دراسة موضوعية للقضاء علي الاسباب الداخلية الموجودة. لاشك ان هناك تآمر علي مصر وان كنا لا نحبذ ان نحمل كل مشاكلنا علي شماعة المؤامرة. بيت العائلة يجتمع باستمرار لبحث المشاكل ويقوم بحلها مثلما حدث في كنيسة امبابة. وهناك لجان رصد في المناطق الساخنة لتفادي المشاكل. ولابد من توافر الوقت الكافي لاننا نحل مشاكل ضاربه بجذورها في التاريخ.
* ما رأيك الشخصي في مرشحي الرئاسة ذوي الخلفية الاسلامية؟
* * رأيي الشخصي ولا يمثل الازهر وكمواطن مصري.. اتمني ان يتكون مجلس رئاسي ويضم اكثر من شخص. ويمثل كل التيارات لتحقيق التوازن لفترة انتقالية عام اوعامان حتي يضع الوطن قدمه علي الطريق الصحيح.
* ترددت أنباء عن استبعاد المستشار طارق البشري عن لجنة صياغة قانون الأزهر؟
* * لم نستبعد احد وقانون الازهر يدرسه اكثر من مستشار في اكثر من مجال. وشيخ الازهر علي رأس العمل لدراسة كل الجوانب. وسيري الازهر ما هو الاصلح حتي نخرج بقانون سليم يتناسب ومكانة الأزهر وقامته وتاريخه.
http://www.algomhuria.net.eg/algomhuria/today/ahbab/detail00.asp