abomokhtar
16-02-2012, 05:46 PM
بقلم/ هشام النجار
الملزوم لا ينفك عن لازمه.. فإذا أُزيل الحاكم الظالم الفاسد زال ظلمه وفساده, وبعد عام من الثورة هناك ظلم وفساد وجيوش الظلام لا زالت تحارب وتسفك الدماء.. وتهاجم المؤسسات السيادية.. وتحاصر أركان الدولة.. وهذا له معنى من اثنين:
فإما أن مبارك لا تزال لديه القدرة على الفعل والتأثير في مجريات الأحداث.. وهو ما يفسر لنا لغز إصراره على البقاء في مصر وعدم الهروب رغم المخاطر.. ومعه نفهم هذه الحيوية والنشاط التي لا يزال يتمتع بها جسد الفساد.. فالقلب مازال حياً ينبض ويعمل بكفاءة.. يضخ الدماء والدعم والطاقة.
وإما أنها نتيجة طبيعية ومنطقية للسقوط المدوي للطاغية.. فبعد كسر باب إمبراطورية الفساد قابلتنا موجات العفن ومخزون الفساد والجشع المخبوءة في أعماق الإمبراطورية المتشعبة والمتشابكة المصالح.
وهو المشهد الذي يتكرر دوماً بعد زوال الطغاة ورؤوس الاستكبار.. يلخصه مبارك في عبارته الشهيرة "أنا أو الفوضى".. وبعد زوال صدام حسين ظهرت غيلان الشيعة التي ابتلعت أهل السنة وهم أكثر ظلماً وديكتاتورية.. تماماً كما ظهر المُلالى بعد زوال حكم الشاه في إيران بعد الثورة الخومينية وأيضاً كانوا أكثر ديكتاتورية وظلماً.
والديكتاتور اليوغسلافي "جوزيف بروز تيتو" الذي كان نموذجاً للديكتاتور الظالم الذي يطيح بخصومه السياسيين دون مبالاة قال في وداع موته – وقيل أنه أسلم قبل موته -:
"لقد وضعت حجر الرحى على فم بئر الأحقاد.. فإذا انزاح غطاؤه خرجت كل الثعابين والروائح الكريهة منه.. فحافظوا على هذا الغطاء مسمراً إلى الأبد".
لكن عفواً هنا أُزيح مبارك الطاغية ولم يمت وهو على عرشه كديكتاتور يوغسلافيا.. وخُلع غطاء البئر الذي انبعثت من فوهته رائحة القيح.. وانطلقت عصابات الفساد وطارت خفافيش الظلام.. وهاجت وماجت الثعابين والذئاب والوحوش والحيات.
الحالة في مصر بعد سقوط رأس الفساد والاستبداد وعائلته تبدو أكثر تعقيداً وخطورة.. فالعواصف عاتية والريح شديدة والموج هائج.. والثعابين والحيات خرجت من جحورها لتدافع عن ثرواتها وتحمى مكتسباتها الحرام.
عصابات مبارك تأبى الاستسلام وتناهض مسار التغيير والإصلاح.. وتقاتل من أجل نشر الفوضى.
عصابات وشِلل في كل مكان تنشر الجريمة والخوف والخراب وتقطع الطرقات.. وتخنق الحياة.. وتسفك دماء الشباب.. وتبتز الوطنيين الشرفاء.. غايتها قمع الثورة وتجفيف منابعها وقتل روح المقاومة لدى المصريين والثوار.. ليرضخوا ويقبلوا مرة أخرى بعيش العبيد.
وليس أمام المصريين سوى المواجهة وتطهير البلاد ومؤسسات الدولة.. وفى مقدمتها مؤسسة الشرطة من الفساد ومن أذناب مبارك.
لا فائدة من أنصاف الحلول وهلاكنا في الهروب من المواجهة.. كما هلك ابن نوح الذي ظل يعلو على الأرض ويقترب من الشاطئ مبتعداً عن الطوفان.. وظل يصعد لئلا يصله الماء ويطاله بعد انفجار الطوفان.. ولكن المياه علت وأدركته وأغرقته.
أما النبي الحكيم الملهم نوح عليه السلام.. فيعلم أن النجاة في مواجهة الطوفان وفى خوض غماره في عمق الأمواج الهائجة المتلاطمة.. وليس في الهروب منه إلى صخور الشاطئ كما فعل ابن نوح.
فإذا أبقينا على مبارك وأبنائه وزوجته يسرحون ويمرحون ويتواصلون مع صبيانهم وبلطجيتهم خوفاً منهم.. وإذا أبقينا على زبانية العادلي خوفاً منهم.. تكسرت ضلوعنا على صخورهم وأغرقنا الطوفان.
فهل من ربان يقود سفينة الوطن في مواجهة هذا الطوفان الجائح؟.. حتى إذا بلعت الأرض حياتها وثعابينها وغيض الماء وقُضى الأمر وأقلعت السماء.. ساعتها فقط تستوي سفينة الوطن وتستقر محفوفة بعناية الله.. وقيل بُعداً للقوم الظالمين.
http://www.egyig.com/Public/articles/recent_issues/9/29378568.shtml
الملزوم لا ينفك عن لازمه.. فإذا أُزيل الحاكم الظالم الفاسد زال ظلمه وفساده, وبعد عام من الثورة هناك ظلم وفساد وجيوش الظلام لا زالت تحارب وتسفك الدماء.. وتهاجم المؤسسات السيادية.. وتحاصر أركان الدولة.. وهذا له معنى من اثنين:
فإما أن مبارك لا تزال لديه القدرة على الفعل والتأثير في مجريات الأحداث.. وهو ما يفسر لنا لغز إصراره على البقاء في مصر وعدم الهروب رغم المخاطر.. ومعه نفهم هذه الحيوية والنشاط التي لا يزال يتمتع بها جسد الفساد.. فالقلب مازال حياً ينبض ويعمل بكفاءة.. يضخ الدماء والدعم والطاقة.
وإما أنها نتيجة طبيعية ومنطقية للسقوط المدوي للطاغية.. فبعد كسر باب إمبراطورية الفساد قابلتنا موجات العفن ومخزون الفساد والجشع المخبوءة في أعماق الإمبراطورية المتشعبة والمتشابكة المصالح.
وهو المشهد الذي يتكرر دوماً بعد زوال الطغاة ورؤوس الاستكبار.. يلخصه مبارك في عبارته الشهيرة "أنا أو الفوضى".. وبعد زوال صدام حسين ظهرت غيلان الشيعة التي ابتلعت أهل السنة وهم أكثر ظلماً وديكتاتورية.. تماماً كما ظهر المُلالى بعد زوال حكم الشاه في إيران بعد الثورة الخومينية وأيضاً كانوا أكثر ديكتاتورية وظلماً.
والديكتاتور اليوغسلافي "جوزيف بروز تيتو" الذي كان نموذجاً للديكتاتور الظالم الذي يطيح بخصومه السياسيين دون مبالاة قال في وداع موته – وقيل أنه أسلم قبل موته -:
"لقد وضعت حجر الرحى على فم بئر الأحقاد.. فإذا انزاح غطاؤه خرجت كل الثعابين والروائح الكريهة منه.. فحافظوا على هذا الغطاء مسمراً إلى الأبد".
لكن عفواً هنا أُزيح مبارك الطاغية ولم يمت وهو على عرشه كديكتاتور يوغسلافيا.. وخُلع غطاء البئر الذي انبعثت من فوهته رائحة القيح.. وانطلقت عصابات الفساد وطارت خفافيش الظلام.. وهاجت وماجت الثعابين والذئاب والوحوش والحيات.
الحالة في مصر بعد سقوط رأس الفساد والاستبداد وعائلته تبدو أكثر تعقيداً وخطورة.. فالعواصف عاتية والريح شديدة والموج هائج.. والثعابين والحيات خرجت من جحورها لتدافع عن ثرواتها وتحمى مكتسباتها الحرام.
عصابات مبارك تأبى الاستسلام وتناهض مسار التغيير والإصلاح.. وتقاتل من أجل نشر الفوضى.
عصابات وشِلل في كل مكان تنشر الجريمة والخوف والخراب وتقطع الطرقات.. وتخنق الحياة.. وتسفك دماء الشباب.. وتبتز الوطنيين الشرفاء.. غايتها قمع الثورة وتجفيف منابعها وقتل روح المقاومة لدى المصريين والثوار.. ليرضخوا ويقبلوا مرة أخرى بعيش العبيد.
وليس أمام المصريين سوى المواجهة وتطهير البلاد ومؤسسات الدولة.. وفى مقدمتها مؤسسة الشرطة من الفساد ومن أذناب مبارك.
لا فائدة من أنصاف الحلول وهلاكنا في الهروب من المواجهة.. كما هلك ابن نوح الذي ظل يعلو على الأرض ويقترب من الشاطئ مبتعداً عن الطوفان.. وظل يصعد لئلا يصله الماء ويطاله بعد انفجار الطوفان.. ولكن المياه علت وأدركته وأغرقته.
أما النبي الحكيم الملهم نوح عليه السلام.. فيعلم أن النجاة في مواجهة الطوفان وفى خوض غماره في عمق الأمواج الهائجة المتلاطمة.. وليس في الهروب منه إلى صخور الشاطئ كما فعل ابن نوح.
فإذا أبقينا على مبارك وأبنائه وزوجته يسرحون ويمرحون ويتواصلون مع صبيانهم وبلطجيتهم خوفاً منهم.. وإذا أبقينا على زبانية العادلي خوفاً منهم.. تكسرت ضلوعنا على صخورهم وأغرقنا الطوفان.
فهل من ربان يقود سفينة الوطن في مواجهة هذا الطوفان الجائح؟.. حتى إذا بلعت الأرض حياتها وثعابينها وغيض الماء وقُضى الأمر وأقلعت السماء.. ساعتها فقط تستوي سفينة الوطن وتستقر محفوفة بعناية الله.. وقيل بُعداً للقوم الظالمين.
http://www.egyig.com/Public/articles/recent_issues/9/29378568.shtml