مشاهدة النسخة كاملة : ألف سبب وسبب للحب


abomokhtar
28-02-2012, 07:23 AM
بقلم: علي السيار
بعدما انتهيت من خطبة الجمعة جاءني شاب تبدو على وجهه علامات الجدية والحزم قائلاً: حضرتك قلت ألف سبب وسبب يجعلنا نذوب عشقًا وحبًّا في الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، لكنك لم تذكر لنا الأسباب، وأريد أن أعرفها.



فكان عنوان الخطبة التالية: نحبك يا رسول الله..



* نحبك لأن الله أحبك وفضلك على العالمين، والله يحب عباده جميعًا، فكيف بسيد ولد آدم، فقد قال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)) (الأحزاب).



قالوا صلاة الله للعبد لأنه على منزلة عظيمة أو يقوم بعمل عظيم ومن ثم طالبونا بالصلاة على النبي لأننا بذلك نقوم بعمل عظيم يحبه الله ويرضاه فنستحق صلاة الله علينا.



* نحبه صلى الله عليه وسلم؛ لأن الكون كله أحبه، وكان يأنس به ويتمتع بنوره وعظمته ويسلم عليه:



فهذه غزالة تبكي ولدها بصوتها الرخيم فقد وقعت في يد أعرابي ورضيعها جوعان، فيمر الحبيب فيطلب منه أن يتركها وهو لرجوعها ضامن، فتذهب وترضع الوليد وتعود تسلم على الحبيب محمد فيطلقها الرجل.



وهذا كافر صنديد يقول له: يا محمد لست مؤمنًا بك ولا بالذي جئت به، فهل من شيء يصدقك، فيمر حيوان الضب فيقول له" "يا ضب مَن أنا؟" فيقول: أنت محمد صلى الله عليك وسلم.



وهذا ركانة يتعجب من كرمه فيقول أو أعجب من ذلك يا ركانة، فيشير للنخلة أن تعالي فتأتي تخط في الأرض تسلم على الحبيب محمد.. وهذا بعير شارد من صاحبه يطأطئ رأسه حبًا وإجلالاً وشوقًا يشكو ظلم صاحبه لمحمد.. وهذا حجر يعرفه قبل البعثة يصلي ويسلم عليه كلما مرَّ به.. وهذا قمر منير يهفو لضوئه وينشق له.. وهذه نجمة في السماء تعرفه وتُرسل له أشواقها وحبها.. و"هذا جبل أحد نحبه ويحبنا".



* نحبه صلى الله عليه وسلم لأن الصحابة أحبوه، فهذا أبو بكر عطشان يقول شرب النبي حتى ارتويت، وينزل جبريل فيرى ثياب أبي بكر ويقول ما له أبو بكر فقير؟ فيقول النبي: "كان عنده مال كثير فأنفقه علي"، فيقول جبريل: إن الله يقرئ أبا بكر السلام ويقول أنا عنه راض فهل هو راض عني.



وهذا خباب بن عدي يقولون له قبل أن يُصلب ويقطعون جسده، هل تحب أن يكون محمد مكانك ونتركك؟ فيقول: والله لا أحب أن يشاك بشوكة مكانه بين أهله في المدينة، فيسطر على صفحات كتب الحب والعشق أحلى وأجمل سطور الحب والنور.



وهذا صحابي يرى عمه الكافر يعبث بلحية النبي وهو يتفاوض معه، فيضربه بظهر سيفه على يده ضربة موجعة فينسى الرجل ويعاود العبث فيتلقى الضربة فيقول: من هذا؟ فيقول الحبيب: "هذا ابن أخيك" فيقول: ما زلت أدفع الدية عنه إلى الآن، والله ما رأيت أحدًا يحب أحدًا كما يحب أصحاب محمد محمدًا.



وهذا رجل يصيح وقد فرغوا من وضع جسد النبي، ويريدون أن يواروا بقلوبهم وشرايينهم التراب على الحبيب، فيصيح الرجل خاتمي فيقولون ليس وقته، يقول خاتمي فيخلوا له فيحتضن جسد الحبيب محمد مكلومًا باكيًا ليعلن للآخرة قبل الدنيا أنه أرسل قلبه ليدفن مع حبيبه الغالي محمد.



* نحبه صلى الله عليه وسلم؛ لأن جبريل يحبه والملائكة الأطهار

* نحبه صلى الله عليه وسلم؛ لأنه كان جميلاً، والله يحب الجمال، ونحن نحب الجمال، كان جميلاً في هيئته وخلقته، وقد قالوا وقالوا عن ذلك.

* قال البراء‏:‏ كان أحسن الناس وجهًا، وأحسنهم خُلُقًا‏.‏

وسئل‏:‏ أكان وجه النبي صلى الله عليه وسلم مثل السيف‏؟‏ قال‏:‏ لا بل مثل القمر‏.‏ وفي رواية‏:‏ كان وجهه مستديرًا‏.



وقالت الرُّبَيِّع بنت مُعَوِّذ‏:‏ لو رأيته رأيت الشمس طالعة‏.

وقال جابر بن سَمُرَة‏:‏ رأيته في ليلة إضْحِيَانٍ، فجعلت أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى القمر- وعليه حلة حمراء- فإذا هو أحسن عندي من القمر‏.



‏وقال عمر بن الخطاب‏:‏ وكان من أحسن الناس ثَغْرًا‏.

قال ابن عباس‏:‏ كان أفْلَجَ الثنيتين، إذا تكلم رؤي كالنور يخرج من بين ثناياه‏.



كان جميلاً في كل شيء..

كان جميلاً في كلامه طيبًا عذبًا حلوًا فصيحًا.. في التفاتته: كانت حانية صافية ودودة كلها سلام.. في نظرته حيية صدوقة منيرة كالفجر الباسم.. في رائحته وعبقه وطهره كالنور القادم
قال أنس ابن مالك: مَا مَسَسْتُ دِيبَاجًا وَلا حَرِيرًا وَلا شَيْئًا كَانَ أَلْيَنَ مِنْ كَفِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ، وَلا شَمَمْتُ رَائِحَةً قَطُّ أَطْيَبَ مِنْ رِيحِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَقَدْ خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ سِنِينَ فَوَاللَّهِ مَا قَالَ لِي أُفٍّ قَطُّ، وَلا قَالَ لِشَيْءٍ فَعَلْتُ لِمَ فَعَلْتَ كَذَا، وَلا لِشَيْءٍ لَمْ أَفْعَلْهُ أَلا فَعَلْتَ كَذَا.



* نحبه صلى الله عليه وسلم؛ لأنه كان أحسن الناس أخلاقًا.. كان يغيث الملهوف، ويعطي المسكين والفقير والمحروم، ويكرم الضيف، ويعين على نوائب الدهر، كان يعطي كالريح المرسلة، يحنو على الصغير ويحترم ويوقر الكبير، يصل الرحم ويحفظ الجار، ويكون في خدمة أهله، كيف لا وقد قال عنه الله عزَّ وجلَّ (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4))(القلم).



* نحبه صلى الله عليه وسلم لرجولته وشجاعته:

قال الصحابة كنا نتقي به في الحرب.. قال عمر سمعنا صوتًا عظيمًا هرعنا إلى سلاحنا، واتجهنا نحو الصوت فوجدنا الحبيب قادمًا من حيث الصوت يقول: لقد كفيتكموه.



* نحبه صلى الله عليه وسلم؛ لأن الله أخبرنا بحاله معنا وحرصه علينا (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128))(التوبة) وفي الحديث "وأنا آخذ بحجزكم".. أي يحجزنا عن الاندفاع إلى النار كالفراش والهوام بالليل.
* نحبه صلى الله عليه وسلم؛ لأن الله أمرنا بحبه.. فقال الذي ينطق بالوحي: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وماله".



* نحبه صلى الله عليه وسلم؛ لأن الله أمرنا بطاعته.. فقال: (وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا)(النور: من الآية 54).. وقال: (وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ)(الحشر: من الآية 7).



* نحبه صلى الله عليه وسلم؛ لأنه شفيعنا يوم القيامة.

* نحبه؛ لأنه علمنا كيف نعيش الحياة وليست أي حياة: حياة الطهر والحب والسعادة والسلام.

* نحبه صلى الله عليه وسلم؛ لأنه بنى لنا دولة وأي دولة: دولة المجد والحق والنور والخير.
نحبك وألف ألف مرة نحبك يا محمد.. بل ألف سبب وسبب يجعل حبك يستشري في دمائنا، ويملك منا شغاف قلوبنا حبًّا ملأ جميع أركان حياتنا.



فهل نحن صادقون في حبنا.

جاء صديقي الشاب والدموع تملأ عينه، وعلامات الصدق تبين حقيقة حبه للرسول.. وقال لي:

ما هي علامات صدق الحب؟