abomokhtar
13-03-2012, 02:19 AM
توحيد الأمة علي خلفية العقيدة هو المطلوب والمأمول والمبتغي ..لكن ليس كل مايتمناه المرء يدركه..وخاصة في ظل أوضاع جديدة لا يمكن قياسها بحال علي أحوال مضت وانقضت كانت الأمة الإسلامية تمتلك وقتها حق وضع السياسات الزمنية الملزمة افعل ولا تفعل للعالم كله...والقياس اليوم علي هذا المثال السابق مع عدم نفي الفارق ،قياس فاسد يقتضي التوريط ،وخاصة في ظل ميزان القوي الذي يميل بدوره للإتجاه المعاكس ،ثمّ إنّ الإجتماع علي أساس العقيدة لا يكون إلا بين أصحاب العقيدة الواحدة ،مع الوضع في الإعتبار أنّ القاعدة الأصيلة التي لا تقبل المجادلة أو المماحلة فضلاً عن كونها قطعية الثبوت قطعية الدلالة قاعدة "لاإكراه في الدين "وقد تواجد مواطنون لا يدينون بالإسلام يشاركوننا العيش علي أرض هذا الوطن ويقاسموننا التمرة والجمرة.ضرورة لا اختياراً..فهل هناك بديل شرعي يصلح سبباً للجمع والإتحاد بين عناصر الأمة علي إختلاف معتقداتهم الدينية والسياسية،ويبقي قاسماً مشتركاً تتوحد خلفه الأمة كلها بكل ألوان الطيف مللاً ونحلاً ،أدياناً وعقائد ؟ بمعني آخر هل تصلح المواطنة مثلاً عاملاً تتوحد الأمة كلها علي أرضيتها بديلاً عن العقيدة نظرا لوجود من لا يدين بالإسلام من الناس؟أعلم أنّ الإجابة عن هذه الأسئلة ليست سهلة ولا ميسورة ...لكنها محاولة متواضعة من بنيات أفكاري أزفها إلي القارئ الكريم ،فإن وجدت قبولاً فإمساك بمعروف ،وإلا فتسريح بإحسان...نعود مرة أخري لنسكب دموع السؤال علي خدود الرمال..لقد هاجر النبي صلي الله عليه وسلم إلي المدينة وقد تنوع سكانها ما بين مؤمنين به ومناؤين لدعوته من الأوس والخزرج فضلاً عن بعض قبائل اليهود التي كانت تشارك الأوس والخزرج في المدينة ...وقد قام النبي صلي الله عليه وسلم بعمل وثيقة حاكمة تحدد طبيعة العلاقات البينية بين الفرقاء علي اختلاف اتجاهاتهم الدينية حتي وسع بعض المعاصرين أن يعتبرها بمثابة دستور حاكم ينظم العلاقة بين سكان المدينة سلماً وحرباً.....وبالنظر إلي بنود هذه الوثيقة وموادها يتبين أنّها اعتمدت مبدأ المواطنة ولم تعتمد مبدأ العقيدة،بل ذهبت إلي الإتفاق علي ميثاق دفاع مشترك عن المدينة يلتزم به الجميع من يؤمن بالإسلام دينا من أهل المدينة ومن لا يؤمن به أصلاً...وتم التوافق بموجب هذه الوثيقة علي التعاقل وهو أن يشارك اليهود المسلمين في تحمل الديات ومغارم الدم....وبالتدقيق والتحقيق يمكن أن تلاحظ أنّ الدفاع عن المدينة موطن الجميع من أي إستهداف خارجي يعتبر عند المؤمنين نوعاً من الجهاد في سبيل الله ،فكيف يسمح لليهود ولغيرهم ممن هو خارج الصف المسلم أن يشارك فيه؟؟!وظلت هذه الوثيقة سارية المفعول،تلتزم بها الأطراف المعنيّة ،والتي شاركت بالتوقيع عليها حتي نقضها اليهود ،بالتأمر والغدر والخيانة كما ذكرت المصادر التاريخية الموثوقة،بل اللافت للنظر أنّ النبي صلي الله عليه وسلم جعل المسلمين بمقتضي هذه الوثيقة أمة واحدة ،ذمتهم واحدة ،يسعي بها أحدهم،ويجير عليهم أدناهم،في الوقت الذي لم يجعل قبائل اليهود أمة واحد،بل جعل كل قبيلة برأسها تحقيقاً لمبدأ العدل كي لا تزر وازرة وزر أخري...بل وصرحت بنود الوثيقة بحرية العبادة لكل الموقعين عليها والمعنيين بها،ولم يكن الرسول مستضعفاً بل كان محاطاً بسيوف بني النجار ودروعهم الحصينة،وعلي هذا لا مجال للقول أنها كانت ضرورة لا اختياراً،استثناء لا قاعدة،فرعاً لا أصلاً،وسيلة لا غاية....لإن إلتزام النبي صلي الله عليه وسلم بها حتي نقضها الأخرون لهو أكبر دليل علي ما ذهبنا إليه..ومن هنا نعود مرة أخري للسؤال ...هل تصلح الوثيقة نفسها كعقد إجتماعي تتوافق عليه الأمة كلها،وهل تتمتع أحكامها بالإحكام الذي لا يقبل النسخ،والتفصيل الذي لايقبل التأويل ،أم أنّ طبيعة المرحلة كانت تقتضي ذلك، وأنّ ّأحكامها لا تتحمل التعميم ؟؟وهنا يمكن القول أنّ بنود هذه الوثيقة كانت لازمة لمرحلتها التي تم إبرامها لأجلها ولا يجوز تعدية أحكامها زماناً ولا مكاناً؟وإن كنت لا أعتقد أنّ أحكامها لازمة غير متعدية...لقد اتحدت أمم رغم اختلاف الدين واللغة وغيرها من عوامل الإختلاف والتباين،ومازالت أمتنا تعني التشرذم والتفت رغم أنّها تملك من عوامل الوحدة ،ومقومات الإتحاد ما لا تملكه الكيانات الكبري التي اتحدت بالفعل،فإلي متي هذا التمزق.؟وحتي متي نظل جزراً منعزلة يكيد بعضها لبعض!!؟
http://www.almesryoon.com/news.aspx?id=108563
http://www.almesryoon.com/news.aspx?id=108563