مشاهدة النسخة كاملة : بالربانية تنكشف الغمة وتنهض الأمة


abomokhtar
13-03-2012, 02:58 AM
من وراء الأزمات؟

إن من يدقق النظر ويجيد الربط بين الأحداث حاضرها وماضيها، ويطبق قاعدة البحث الجنائي أنه إذا أردت أن تعرف الجاني فابحث عن صاحب المصلحة سيجد الآتي:



- هناك مجموعة قابعة في السجون الآن تحاكم، هذه المجموعة من مصلحتها شيوع الفوضى وإفشال الثورة لأنها ترى نجاح الثورة وسيادة القانون وتحقيق الاستقرار يجعلها تقترب من حبل المشنقة أو من الأحكام الرادعة.



- وهناك مجموعة من المنتفعين كانوا يتبوءون المناصب وما زال الكثير منهم في منصبه، تضخمت ثرواتهم وعز نفوذهم، يرون نجاح الثورة تهديدًا لمصالحهم خاصة بعد أن لفظ الشعب المصري كل من يشتم منه رائحة الحزب الوطني وجرائمه.



- وهناك مجموعة لها رؤى فكرية أو مصلحة فردية ركبوا الثورة وكونوا هالة إعلامية جعلتهم يصدقون أنفسهم ويظنون أنهم أصحاب الثورة وأنهم ملاك البلد وأنهم النخب وأهل الرأي ففجعهم وعي الشعب واختياره في المجالس النيابية والنقابات.



- وهناك آخرون أرادوا لمؤسسة ما أن يكون لها سيادة فوق الشعب، ولكن الشعب أكد لهم أن أنغام ثورة 25 يناير عزفت على لحن اسمه: الشعب يريد...



- وهناك قوى خارجية أدمن أن ترى مصر راكعة لاهثة وراء الفتات الذي يلقونه إليها في مقابل أن يكون لهم الكلمة وأن تصبح مصر بشعبها ولاية تابعة لهم أو سوقًا كبيرًا يحصدون هم رسومها.



- ومن حسن الطالع أن تكون هذه الفئات الخمس موجودة في جزيرة العرب وما حولها عند قيام ثورة التوحيد على أيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فبين قائل: اجعل لنا الأمر من بعدك، وآخر يقول أتريد أن تسوي بيننا وبين سفهائنا وعبيدنا، وثالث يقول عندما أيقن أنه رسول الله وسئل ماذا تفعل معه؟ فقال: عداوته ما بقيت، ورابع يقول: كذاب مضر أحب إلينا من صادق ربيعة، وكثير منهم قالوا هذا ما وجدنا عليه آباءنا.



والسؤال الثاني الذي يطرح نفسه: ما هو المخرج من هذه الأزمات؟

والحل لهذه الأزمات وغيرها يكمن في "الربانية" فبالربانية تنكشف الغمة وتنهض الأمة، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أروع مثل وخير أسوة حيث نجده صلى الله عليه وسلم عندما اشتدت به أزمة الطائف وكان منهم ما كان إذا به يتوجه إلى العلي الخبير بكليته قائلاً: "اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربي، إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني؟ أم إلى عدو ملكته أمري؟ إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بي غضبك، أو يحل علي سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك" الرحيق المختوم، وفي بدر حيث كانت المعركة غير متكافئة من المنظور البشري فوقف الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو في الليل حتى سقطت بردته من على كتفيه وهو يقول: "اللهم إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد في الأرض بعد اليوم" ثم أخذ يدعو عليه الصلاة والسلام ويبتهل إلى الله، فأتى أبو بكر فرد عليه البردة وقال: كفاك مناشدة لربك يا رسول الله! فوالله لينجزن الله لك ما وعدك.



وهكذا فعل رسول الله طوال حياته فكان دائم اللجوء متخلقًا بالربانية في كل مواقفه، وكان أصحابه من بعده على نفس العهد حتى كان سيدنا عمر يوصي قواد الجيش إننا لا ننتصر على عدونا بكثرة عدد ولا عدة ولكنا ننتصر عليهم بطاعتنا لله وبمعصيتهم هم لله فإن تساوينا غلبونا هم بالعدة والعتاد، ثم كان صلاح الدين الأيوبي الذي كان يتفقد جنوده فإذا وجد أهل خيمة يقومون بالليل يصلون قال: من هنا يأتي النصر، وإذا وجد أهل خيمة نائمون أو يتسامرون يقول: أخشى أن نؤتى من هاهنا، ووجدنا ذلك مع الحسن البصري حينما دعاه الحجاج لي***ه وقد أعد له نطعًا واستدعى له السياف وأقسم لحاشيته قائلاً: لأروينكم من دمه، فلما دخل عليه قال له تقدم يا أبا سعيد وأثنى عليه وأجلسه بجواره وطيبه واستفتاه في مسألة وصاحبه حتى باب القصر مودعًا إياه، فتبعه الحاجب وقال له: يا أبا سعيد والله ما دعاك الحجاج إلا لي***ك فماذا قلت بالله عليك؟ فقال: قلت يا مؤنسي في وحشتي ويا ملاذي عند كربتي اجعله نقمته علي بردًا وسلامًا كما جعلت النار بردًا وسلامًا على إبراهيم. ولعل سائلاً يقول وما علاقة الربانية بما نحن فيه وهل سنجد لذلك أثرًا في حياتنا وحلاًّ لمشكلاتنا؟



أثر الربانية في حياتنا

1- محبة الله ورضاه عن عبده وذلك يجعله ييسر لعبده كل عسير "كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي عليها ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذ بي لأعيذنه" من حديث قدسي رواه البخاري



2- إتقان العمل: فالعبد الرباني يتقن عمله ويجوده ابتغاء مرضات الله لأنه يعلم أن الله يحب المحسنين ويسعى لتطبيق قول الرسول الكريم: "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه" رواه الطبراني وصححه الألباني؛ فيتقن الشرطي عمله والمعلم عمله والطبيب كذلك وخابز الخبز وغيره.



3- اتقاء المحارم: فالرباني يتحرى الحلال في كسبه وفي إنفاقه، فلا يغش ولا يغل، (وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) (آل عمران: من الآية 161).



4- زيادة الرزق والبركة: فالرباني يتق الله في عمله وسعيه وفي سره وجهره وذلك مفتاح كل خير (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ (96)) (الأعراف).



5- انتشار الفضيلة: فالرباني يعلم أن الله أمره بالفضيلة ونهاه عن الرذيلة فهو يحب دائمًا تنفيذ أمر الله واجتناب نهيه

وهكذا ترى الربانية تسري في خلايا الفرد وتضخ في دمه حتى يتطهر فيطهر وتتفشى في حياة الناس فيسود الحب والأمن والرخاء وتنكشف الغمة وتنهض الأمة. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
http://www.ikhwanonline.com/new/Article.aspx?ArtID=103318&SecID=391