مشاهدة النسخة كاملة : كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثاً


abomokhtar
19-03-2012, 07:27 AM
لم أكن أود أن أكون قاسيا لهذا المدى في وصف تململ الحركة الإسلامية.. واهتزاز بنيانها بقوة.. بعد أن وضعها الظرف التاريخي علي المحك الحقيقي في التعامل مع الواقع بآليات الاختيار واتخاذ القرار.
فضلا ً عن الاحتكاك الفعلي المباشر بالمشكلات والأحداث.. بعد أن قضت ردحا ً من الزمان تتعامل مع الواقع من أبراجها العاجية.. تنظيرا ً وتأطيراً.. او شرحا ً وتفسيرا ً علي أساس أنها تمتلك الحلول المثالية الربانية!!.. للتغلب علي معضلات ذلك الواقع!!
وما أن منّ الله عليهم وأهلك عدوهم.. وكدنا أن نري "وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ* وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ".. متحققا فيهم, وبعده تأتي مرحلة الاستخلاف "عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ".
إذا بهم ينخرطون في معركة تكسير عظام لا تبقي ولا تذر!!.. لا يذكرون لبعضهم فضلا!!.. ولا يظنون بأنفسهم خيرا ً.. ويدّعون جميعا إدراكهم "أن اللحظة فارقة" وهم علي الأرض يضيعون اللحظة ويبددون الفرصة!!.
ولكأني أتخيل - مسافراً مصريا ً- لا ينتمي لأي من الأحزاب والجماعات الإسلامية التي تملأ الساحة اليوم.. ولكنه في نفس الوقت يعتز بإسلامه ويتمني أن يحكم الإسلام ومن يمثلونه.. وقد جلس بجواره أحدهم فحذره من التصويت لمرشح الرئاسة "د/ عبد المنعم أبو الفتوح" لأنه أولاً:-
لا يقول أنه مرشح إسلامي.
بالإضافة إلي أنه مفصول من جماعة الإخوان المسلمين.
فضلا ً عن تأييد العلمانيين والليبراليين له.. مما يثير الكثير من الشكوك حول مدي تمثيله للفكرة الإسلامية.. فضلا عن أن يكون رئيسا لدولة الإسلام.
فيتركه وقد عقد العزم علي ألا ينتخب هذا الرجل المدعي !!.
فيجلس بجواره آخر ويتبادلا أطراف الحديث الذي لم يعد إلا السياسة ومصر ومستقبلها وأحوالها.. فيحذره بشدة من أن يصوت للدكتور سليم العوا:
فهذا الرجل من دعاة التقارب بين السنة والشيعة.. ويجاهر علانية من أنه لا مانع من التعامل.. بل والتعاون مع إيران!!.
بالإضافة إلي أن كثير من المشايخ قد حذروا منه.. وبعضهم خمن أنه قد يكون شيعيا ً مستترا ً بمبدأ التقية!!.
فيتركه وقد عقد العزم علي أن يصوت لشارون ولا يصوت أبدا ً لهذا العوا!!.
فيأتي آخر ويتكرر الحوار فيتفقان علي أن شعب مصر شعب مسلم متدين بالفطرة.. ولا يصلحه إلا الإسلام.. ولكن يحذره أن ينخدع بالخطاب الحماسي للأستاذ حازم صلاح أبو إسماعيل!!:
"فنحن قد جربنا الزعماء الحماسيين الذين أوردونا المهالك "!!.. "إحنا مش عاوزين نجيب رئيس يهيج علينا الأمريكان !! نختاره النهارده وأمريكا تحتلنا بكرة".
فيبقي الرجل وقد أيقن أننا بثورتنا قد أضعنا الرئيس المؤمن مبارك الذي حمي مصر من أن تحتلها أمريكا وإسرائيل!. وكذا وقف حائلا ً بيننا وبين إيران.. فيعاهد الله ألا ينتخب إلا أحمد شفيق !!.
أردت أن أورد تلك المقدمة لكي نتبين مدى الاضطراب الذي نسببه لعوام المسلمين المحبين للإسلام.. فندفعهم دفعا لاختيار أعدائنا الذين يعدون العدة من الآن للانقلاب علي الإسلاميين.. بعد آن أفاقوا من صدمة اكتساح الإسلاميين لكل شيء في مصر.
إذا بهم يرون كيانا مهترئا ً ثقوبه بادية من كل جانب.. بدت رؤوسه وقد تضاءلت هممها أمام طموحات وإمكانيات شبابها.. فأدركوا الخلل وعرفوا من أين تؤكل الكتف!!.. بعد أن سهل مهمتهم ذلك الانقسام الحاد بل والتشرذم الذي يحياه أصحاب المشروع الإسلامي.
ولقد حذرت من قبل من سيناريو 54 الذي قد يتبناه أي مرشح للرئاسة حتى وإن لم يكن ذا خلفية عسكرية.
فلا تغرنكم مقاعد في برلمان يجهد الإعلام نفسه في تصويره علي أنه مكلمة تشغله مشاكله الداخلية عن مشاكل جماهير الناس!!.. مما يسهل علي الرئيس غير الإسلامي القادم أن يتخذ القرار الحاسم بحل المجلس ادعاءً بتصحيح المسار – بأن يكون الدستور أولاً- وعندها لن يكون لدينا "عبد القادر عوده" فقط.. بل مئات من أمثال "عبد القادر عوده" الذي كان عضوا في الهيئة التأسيسية لدستور ثورة يوليو.. وكان يقف علي المنصات وفي المحافل بجوار محمد نجيب وعبد الناصر و....
إن "اللحظة الفارقة" التي يتغني بها الجميع تكاد تضيع من أيدينا.
فتفتت الصوت الإسلامي في انتخابات الرئاسة القادمة يصب حتما ً في مصلحة أعداء الفكرة الإسلامية.
لقد أيقنت من تجليات أحداث المرحلة السابقة أن من يتصدرون الساحة الإسلامية علي أنهم علماء الأمة ليسوا إلا وعاظا ً.. أو علي أحسن الأحوال أوعية علم كما حدث النبي صلي الله عليه وسلم عن أن ".. مثل ما أرسله الله به من الهدي والعلم ..... فكان منها أرضاً فقط حفظت الماء ولم تنبت عشباً أو كلأَ".. ليشرب غيرهم وينبت غيرهم.
تذكرت - وأنا اسمعهم ينقلون كلاما ً في السياسة الشرعية أو في الأصول عن الشاطبي أو القرافي أو العز ابن عبد السلام - بيتا ً أورده الدكتور محمد عناني في ترجمته لإحدى روايات الأديب العالمي شكسبير:
اخشي أن يكون غرامك أبياتا تنشدها لكن لا تعرف معناها
وبذكر العز ابن عبد السلام سلطان العلماء وليس سلطان الوعاظ!!.. لما أشار بعض أمراء المماليك بفرض ضرائب علي العامة لمواجهة الأخطار وقف شامخاً ليقول" لا حتى يخرج الأمراء والقواد ما عندهم ".. ووعاظنا من اجل الأمراء والقواد يريدون أن يحملوا فقراء المسلمين – في تدليس وعدم وعي إن أحسنا الظن – للاستغناء عن حقوق لنا وفق ترتيبات سياسية لا يحسنها هؤلاء الوعاظ.
ولو أحسنوها لدفعوا هؤلاء الجالسين علي عرش مصر أن يلوحوا بمراجعة الاتفاقية وقت أن لوح الأمريكان بمنع المعونة.. ولكنه منطق الوعاظ لا منطق العلماء.
عودا ً إلي هؤلاء الذين يتصدرون الساعة علي أنهم علماء.. وما اعتقد إلا أنهم إما أوعية علم يأخذون أجر نقلها إلي من هم افقه منهم.
أو أنهم أناسا قد تجاوزتهم المرحلة!!.. فقد أبقي عليهم النظام السابق كأدوات تسكين ت*** الثورة في نفوس الشباب الذي آوي إليهم بعد أن لفحهم هجير جاهلية مبارك.
فحذروهم من كل أشكال المواجهة مع الحاكم الظالم وكتموا عنهم "سيد الشهداء حمزة ورجل قام إلي إمام جائر....." "وكتموا عنهم أن ابني هذا سيد شباب أهل الجنة..." ولم يخبروهم لماذا رغم أنه خرج علي الإمام بالسيف وليس بالكلمة.. لأنه ترك الشورى وعدل إلي ولاية العهد.
وأنا أخاطب شباب الحركة الإسلامية اليوم لا تتركوا هؤلاء ليضيعوا اللحظة التاريخية من أيدي المسلمين.. لا تتركونهم يحرمونكم شرف هذه اللحظة.. كما حرموكم من قبل شرف المشاركة في هدم دولة الظلم.
قولوا لهم لقد "ماتت العصمة بموت النبي صلي الله عليه وسلم".. قولوا لهم لقد حفظنا منكم "كل يؤخذ منه ويرد".. وسوف نطبقها اليوم ونرد من كلامكم كل ما من شأنه أن يفقدنا اللحظة التاريخية.
وأود أن اطرح اليوم مبادرة "الحفاظ علي اللحظة التاريخية من الضياع" وليقم عليها الفضلاء من أبناء الحركة الإسلامية وقادتها "ولنضع مرشحي الرئاسة الإسلاميين أمام مسئوليتهم التاريخية وليتركوا النرجيسة.. وليروا اللحظة كما نراها".. سنقول لهم نحن قد انتخبناكم بثلاثتكم.. والكرة الآن في ملعبكم حتى لا تحملوا جموع المسلمين بأنانيتكم على ضياع اللحظة التاريخية التي مات من اجلها الآلاف وعذب من اجلها أجيال.
لا أريد أن أقول لهم كما قال عمر رضي الله عنه للستة نفر الذين اختارهم ليكون منهم خليفة المسلمين.. ولكن أقول أن اضعتموها اليوم من المسلمين ففي أعناقكم دماءً ذكية ستراق.. وفي أعناقكم هوة سحيقة ونفق مظلم ستدخلون فيه قومكم !!.. أراه ويراه كل من درس تاريخ هذه الأمة.. أقول لهم لا تبدلوا نعمة الله.. ولا توردوا قومكم دار البوار.
إن مشتركا ً تاريخيا ً بيننا وبين ما خلق الله من الأمم.. لماذا لا نستفيد منه أن قادة أمريكا العظام إبان حرب الاستقلال منهم جورج واشنطون وتوماس جفرسون قد تداولوا الحكم فيما بينهم.. فأصبحوا آباء مؤسسين لأكبر إمبراطورية في العصر الحديث.
أفلا تطمعون أن تكونوا طليعة عودة أمة الإسلام !!.. وهذا لن يكون إلا باتفاقكم.. وإدراككم الحقيقي لأهمية اللحظة التاريخية وفداحة الكارثة.. إن أضاعها تشرذمنا وجهل قادتنا ومقدمينا.
http://www.egyig.com/Public/articles/essay/9/32058536.shtml