aymaan noor
03-04-2012, 03:55 AM
ترشيح خيرت الشاطر
لم يكن سهلاً على جماعة الإخوان المسلمين أن تتخذ قرارا بترشيح خيرت الشاطر لرئاسة الجمهورية، لكنه بدا لها أقل الخيارات المتاحة أمامها سوءا، ومع ذلك فقد وضعت الجماعة نفسها بهذا القرار فى موقف لا تحسد عليه وأصبحت أمام مقامرة غير مأمونة العواقب يرى البعض أنها قد تؤدى إلى الإطاحة بكل ما حققته من مكاسب حتى الآن وربما تقضى عليها فى النهاية، مما يدل على أن الجماعة تبدو فى وضع يتسم بالارتباك الشديد. ويعود هذا الارتباك، فى تقديرى، إلى سوء معالجتها منذ البداية لموضوع ترشح الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح، من ناحية، وافتقادها، من ناحية أخرى، رؤية استراتيجية تضبط إيقاع حركتها وعلاقتها سواء بأجهزة السلطة أو بالنخب السياسية المعارضة.
كانت الجماعة قد أعلنت فى وقت مبكر أنها لن تقدم على ترشيح أحد من صفوفها للمنافسة فى انتخابات الرئاسة القادمة، وهو قرار أرادت به الجماعة فى ذلك الوقت أن تبعث برسالة تطمين إلى كل من يهمه الأمر فى الداخل والخارج تأكيدا لاستراتيجية معلنة تقوم على «المشاركة لا المغالبة»، ولعدم نيتها فى الاستيلاء على السلطة، ومن هنا تعاملها مع قرار الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح المنفرد بترشيح نفسه فى الانتخابات الرئاسية بشىء من الاندفاع والغلظة.
فلكى لا يبدو هذا القرار كأنه جزء من مناورة سياسية تستخدم «لعبة توزيع الأدوار»، سعت الجماعة لإثناء الدكتور أبوالفتوح عن قراره بالترشح، وعندما فشلت لم تتردد فى فصله من الجماعة للتأكيد على جدية موقفها المعلن من الانتخابات الرئاسية. وبمضى الوقت تبين للجماعة أن قراراتها الخاصة بالتعامل مع قضية أبوالفتوح لم تكن مدروسة بالقدر الكافى. فقد أدت هذه القرارات ليس فقط إلى إصرار أبوالفتوح على المضى قدما فى خوض الانتخابات الرئاسية كمرشح مستقل وإنما أيضا إلى تشجيع مرشحين «إسلاميين» آخرين للنزول إلى ساحة الانتخابات الرئاسية، مما وضع الجماعة أمام مجموعة من الخيارات بدت جميعها سيئة:
الخيار الأول: التصويت لصالح أحد المرشحين من خارج التيار الإسلامى، وهو خيار قد يفقد الجماعة مصداقيتها. ففى حالة فوز المرشح «غير الإسلامى» الذى صوتت الجماعة لصالحه سيتخذ هذا التصويت حجة عليها من جانب بقية فصائل التيار الإسلامى، والتى لن تتورع فى هذه الحالة عن اتهام الجماعة بإفشال «المشروع الإسلامى»، وهو ما قد يعرض الجماعة إلى تآكل وزنها النسبى داخل صفوف هذا التيار. أما فى حالة فوز أحد المرشحين الإسلاميين، فسيعد هذا الفوز إما تمردا على قيادة الجماعة، خصوصا إذا كان الفائز هو عبدالمنعم أبوالفتوح وتبين أن فوزه جاء بسبب انشقاق تم داخل صفوف الجماعة، وإما دليلا إضافيا على فقدان الجماعة مكانتها ووزنها النسبى داخل هذا التيار.
الخيار الثانى: التوجيه بالتصويت لصالح أحد مرشحى التيار الإسلامى، وهو ما قد يؤدى إلى وضع الجماعة فى حرج بالغ. ولأن الجماعة لا تستطيع أن تصدر توجيها صريحا بالتصويت لعبدالمنعم أبوالفتوح بعد أن قامت بفصله، فسوف يكون عليها أن تبرر تفضيلها المرشح الذى قررت الانحياز إليه، وهو ما قد يضعها فى مواجهة مع هذا الفصيل أو ذاك من الفصائل الإسلامية المتنافسة. بعبارة أخرى يمكن القول إن هذا الخيار ينطوى على مخاطر عديدة قد تشمل انقساما محتملا داخل صفوف الجماعة، أو أزمة محتملة مع فصيل إسلامى آخر، أو كليهما.
الخيار الثالث: عدم تحديد موقف رسمى معلن للجماعة وترك حرية الاختيار للأعضاء ليقوم كل منهم بالتصويت لمرشحه المفضل استنادا إلى معايير يحددها بنفسه ولنفسه. غير أن هذا الاختيار ينطوى على سابقة خطيرة قد تؤدى إلى زعزعة إحدى الركائز التى تقوم عليها جماعة اعتاد أعضاؤها على السمع والطاعة لما تقرره القيادة. وحين تكون قيادة الجماعة فى وضع يجعلها تبدو عاجزة فيه عن اتخاذ قرار فى موضوع بالغ الأهمية، تصبح صورتها معرضة للاهتزاز لدى أتباعها وهو ما يولد لدى القيادة ميلا غريزيا لرفض هذا النوع من الخيارات.
الخيار الرابع: أن تتقدم الجماعة بمرشح من بين صفوفها. ورغم ما ينطوى عليه هذا الخيار من تناقض ظاهرى مع مواقف معلنة سابقة، إلا أنه بدا للجماعة أقل الخيارات المطروحة سوءا. فهل هو كذلك فعلا؟ للحديث بقية..
المصدر (http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=333577&IssueID=2459)
لم يكن سهلاً على جماعة الإخوان المسلمين أن تتخذ قرارا بترشيح خيرت الشاطر لرئاسة الجمهورية، لكنه بدا لها أقل الخيارات المتاحة أمامها سوءا، ومع ذلك فقد وضعت الجماعة نفسها بهذا القرار فى موقف لا تحسد عليه وأصبحت أمام مقامرة غير مأمونة العواقب يرى البعض أنها قد تؤدى إلى الإطاحة بكل ما حققته من مكاسب حتى الآن وربما تقضى عليها فى النهاية، مما يدل على أن الجماعة تبدو فى وضع يتسم بالارتباك الشديد. ويعود هذا الارتباك، فى تقديرى، إلى سوء معالجتها منذ البداية لموضوع ترشح الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح، من ناحية، وافتقادها، من ناحية أخرى، رؤية استراتيجية تضبط إيقاع حركتها وعلاقتها سواء بأجهزة السلطة أو بالنخب السياسية المعارضة.
كانت الجماعة قد أعلنت فى وقت مبكر أنها لن تقدم على ترشيح أحد من صفوفها للمنافسة فى انتخابات الرئاسة القادمة، وهو قرار أرادت به الجماعة فى ذلك الوقت أن تبعث برسالة تطمين إلى كل من يهمه الأمر فى الداخل والخارج تأكيدا لاستراتيجية معلنة تقوم على «المشاركة لا المغالبة»، ولعدم نيتها فى الاستيلاء على السلطة، ومن هنا تعاملها مع قرار الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح المنفرد بترشيح نفسه فى الانتخابات الرئاسية بشىء من الاندفاع والغلظة.
فلكى لا يبدو هذا القرار كأنه جزء من مناورة سياسية تستخدم «لعبة توزيع الأدوار»، سعت الجماعة لإثناء الدكتور أبوالفتوح عن قراره بالترشح، وعندما فشلت لم تتردد فى فصله من الجماعة للتأكيد على جدية موقفها المعلن من الانتخابات الرئاسية. وبمضى الوقت تبين للجماعة أن قراراتها الخاصة بالتعامل مع قضية أبوالفتوح لم تكن مدروسة بالقدر الكافى. فقد أدت هذه القرارات ليس فقط إلى إصرار أبوالفتوح على المضى قدما فى خوض الانتخابات الرئاسية كمرشح مستقل وإنما أيضا إلى تشجيع مرشحين «إسلاميين» آخرين للنزول إلى ساحة الانتخابات الرئاسية، مما وضع الجماعة أمام مجموعة من الخيارات بدت جميعها سيئة:
الخيار الأول: التصويت لصالح أحد المرشحين من خارج التيار الإسلامى، وهو خيار قد يفقد الجماعة مصداقيتها. ففى حالة فوز المرشح «غير الإسلامى» الذى صوتت الجماعة لصالحه سيتخذ هذا التصويت حجة عليها من جانب بقية فصائل التيار الإسلامى، والتى لن تتورع فى هذه الحالة عن اتهام الجماعة بإفشال «المشروع الإسلامى»، وهو ما قد يعرض الجماعة إلى تآكل وزنها النسبى داخل صفوف هذا التيار. أما فى حالة فوز أحد المرشحين الإسلاميين، فسيعد هذا الفوز إما تمردا على قيادة الجماعة، خصوصا إذا كان الفائز هو عبدالمنعم أبوالفتوح وتبين أن فوزه جاء بسبب انشقاق تم داخل صفوف الجماعة، وإما دليلا إضافيا على فقدان الجماعة مكانتها ووزنها النسبى داخل هذا التيار.
الخيار الثانى: التوجيه بالتصويت لصالح أحد مرشحى التيار الإسلامى، وهو ما قد يؤدى إلى وضع الجماعة فى حرج بالغ. ولأن الجماعة لا تستطيع أن تصدر توجيها صريحا بالتصويت لعبدالمنعم أبوالفتوح بعد أن قامت بفصله، فسوف يكون عليها أن تبرر تفضيلها المرشح الذى قررت الانحياز إليه، وهو ما قد يضعها فى مواجهة مع هذا الفصيل أو ذاك من الفصائل الإسلامية المتنافسة. بعبارة أخرى يمكن القول إن هذا الخيار ينطوى على مخاطر عديدة قد تشمل انقساما محتملا داخل صفوف الجماعة، أو أزمة محتملة مع فصيل إسلامى آخر، أو كليهما.
الخيار الثالث: عدم تحديد موقف رسمى معلن للجماعة وترك حرية الاختيار للأعضاء ليقوم كل منهم بالتصويت لمرشحه المفضل استنادا إلى معايير يحددها بنفسه ولنفسه. غير أن هذا الاختيار ينطوى على سابقة خطيرة قد تؤدى إلى زعزعة إحدى الركائز التى تقوم عليها جماعة اعتاد أعضاؤها على السمع والطاعة لما تقرره القيادة. وحين تكون قيادة الجماعة فى وضع يجعلها تبدو عاجزة فيه عن اتخاذ قرار فى موضوع بالغ الأهمية، تصبح صورتها معرضة للاهتزاز لدى أتباعها وهو ما يولد لدى القيادة ميلا غريزيا لرفض هذا النوع من الخيارات.
الخيار الرابع: أن تتقدم الجماعة بمرشح من بين صفوفها. ورغم ما ينطوى عليه هذا الخيار من تناقض ظاهرى مع مواقف معلنة سابقة، إلا أنه بدا للجماعة أقل الخيارات المطروحة سوءا. فهل هو كذلك فعلا؟ للحديث بقية..
المصدر (http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=333577&IssueID=2459)