mohammed ahmed25
29-04-2012, 10:48 AM
الكاتب و المؤرخ / محمد الهامى
خلاصة المعركة القائمة في مصر
في مصر ثلاثة أطراف قوية لا غير: العسكر والإسلاميون والتيار العلماني، العسكر يمتلكون قوة السلاح، والإسلاميون يمتلكون القوة الشعبية، والتيار العلماني يملك قوة الإعلام!
وخلف المشهد تظل أمريكا فاعلة بالاشتراك المباشر سياسيا مع العسكر، وإعلاميا مع التيار العلماني الذي هو بالأصل ليس إلا أصواتا إعلامية عالية!
وتظل المجموعات الشبابية والثوار قوى موجودة على الساحة، ولكنها محدودة وضعيفة التأثير في السياق العام!
الشعب يريد التحرر من الاستبداد..
في الطريق إلى هذا التحرر تقف بعض الرغبات حجر عثرة، فالعسكر إن لم يحكموا بأنفسهم فهم يريدون حكما على الطريقة الباكستانية أو التركية أو الجزائرية بحد أدنى، والعلمانيون -في التحليل الأخير- يريدون حكما يظلون نجوما في سمائه وهم متقبلون لاستمرار حكم استبدادي عسكري بهذا الشرط ويرون في التيار الإسلامي تهديدا لهم، والإسلاميون انقسموا: فمنهم من رآها لحظة فارقة إن لم تؤسس لحرية حقيقية فهي بداية المذبحة القادمة، ومنهم من اتخذ الطريق الإصلاحي الرسمي فهو يتحرك دائما تحت السيطرة موقنا أنه ليس بالإمكان أبدع مما كان ولا يطمح إلا للحفاظ على الوجود!
بالنسبة للإسلاميين:
مشكلة التيار الإصلاحي أنه لا يتعلم من التاريخ، يظن دائما أنه أذكى ممن سبقه أو أن خصمه أغبى ممن سبقوه، أو أن الزمن تغير وأتى بفوارق مؤثرة، وهو عامة لا يستيقظ إلا على المذبحة ويترك ميراثا رائعا من المذكرات الشخصية أقلها يعترف بالخطأ وأكثرها يحمل المسؤولية للآخرين.
ومشكلة التيار الثوري أنه استيقظ متأخرا، وما زال يحاول جمع شتات نفسه وتنظيم أموره، وتنسيق الفئات التي تنضم إليه في كل يوم، وهو بإمكاناته المحدودة يحارب في كل الجبهات: العسكر دفاعا عن الحرية، والإعلام دفاعا عن الإسلام، والإصلاحيين دفاعا عن الثورة! وهو رغم هذا يحقق نتائج أفضل من المتوقع، ولكنها تظل أقل من المطلوب..
واستطلاع الأحوال في أطراف المعركة الثلاثة يؤدي إلى توقع مزيد من التوتر والمواجهة في الأيام القادمة!
***
العسكر
تستقر في الذهنية العسكرية ثوابت عميقة زاد ترسخها بطول فترة الحكم العسكري لمصر، منها أنهم: يرون أنفسهم الأحق بحكم هذه البلاد والتي لا يصلح لها شخص مدني (المدني عندهم هو من يفتقر إلى الحزم والضبط والقدرة على السيطرة) بل هي تحتاج إلى رئيس "مقاتل" (واللفظ لأحد المرشحين العسكريين للرئاسة).
والعلاقة بين العسكر والإسلاميين عدائية راسخة، فالجيش هو أحد أهم المناطق المحرمة على الإسلاميين، بل والمحرم على من فيها أن يكون له أدنى صلة أو شبهة بواحد من الإسلاميين، وتبلغ القطيعة إلى الحد الذي يُمنع فيه الملتحون والمنتقبات من مجرد الدخول إلى الأندية العسكرية ولو لحضور حفل زفاف!!
وكانت مهمة الأجهزة الاستخبارية العسكرية معتمدة على تنقية الصفوف ممن قد يكون على اقتراب نفسي من الفكر الإسلامي، فذلك هو الخطر الكبير الذي يوضع في سلم الأولويات الحاكمة لعمل هذه الأجهزة.. وبهذا كان العداء للإسلاميين محميا بالمراقبة والمتابعة والفحص!
القيادات العسكرية الحالية دخلت إلى الجيش في عهد عبد الناصر، وتولت مراكزها الأولى في عهد السادات، وترسخت في حكم مبارك.. هذه العهود الثلاثة لم تر في الإسلاميين إلا أعداء! ولا ريب في أن التكوين النفسي للقيادات المتحكمة لا يرى فيهم إلا هذا.
وإذا أضفنا إلى هذا ما حدث من تغير جوهري بعد توقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل بما نتج عنه حالة سكون راقد على الجبهة العسكرية، ثم انهيال المعونة الأمريكية بما نتج عنها من امبراطوريات اقتصادية عسكرية خارج سلطة الدولة، وبما نتج عنها من علاقات شخصية وودية ورسمية.. إذا أضفنا هذا إلى سياق الرؤية علمنا أن الإسلاميين يمثلون –في نظر القيادات العسكرية- تهديدا حقيقيا! لأنهم جمعوا بين المشكلتين: العداء لإسرائيل وأمريكا (بما يهدد حالة السكون الحربي) وطلب دولة حقيقية مستقلة (بما يهدد وجود نفوذ عسكري أو اقتصاد عسكري خارج سلطة الدولة)!!
ومنذ شهور والحديث في الكواليس يدور صراحة وبوضوح حول رفض واستحالة وجود رئيس إسلامي، وأما الحديث حول ميزانية عسكرية فهو يُقال علنا في وثائق يحيى الجمل وعلي السلمي وغيرهم!
العسكر يرون في الحرية تهديدا حقيقيا، وهم لا يقبلون برئيس ذو شخصية قوية أصلا، فضلا عن أن يكون إسلاميا!
***
العلمانيون
الفكر العلماني يتعارض جذريا مع الإسلام، والعلمانيون أصلا نشأوا في بلادنا بدعم من العسكر، منذ عهد محمد علي الذي استنبت حوله طبقة لا جذور لها لكي يقضي بها على الزعامات الشعبية (والتفاصيل تجدها عند الجبرتي والشيخ محمد عبده) حتى نجح في هذا بالفعل، وكانت سياسة محمد علي هي التي أدت إلى دخول البلاد في التبعية الغربية الضمنية حتى جاء الاحتلال الصريح، فاستمرت هذه الطبقة مرتبطة بالرؤية والفكر والمصالح الغربية، ولما ذهب الاحتلال كان قد وضع هؤلاء في مواطن التأثير ونوافذ الإعلام حتى وصلنا إلى اللحظة الحاضرة: النخبة في واد والشعب في واد آخر تماما، فلا كأنه يعرفهم وكأنهم منه!
وفي حالة المعركة يقف العلمانيون دائما –إلا النادر منهم- في صف الحكم المستبد ضد الحرية طالما ستأتي بالإسلاميين، وتعمل الصحف والفضائيات في تشويه التيار الإسلامي بكل ما استطاعت من قوة، وبكل ما أوتي الشيطان من افتراء (لا شك يعينها في هذا أخطاء حقيقية تقع من الجانب الإسلامي، ولكن العداوة الأصيلة لا تتوقف عند وقوع أخطاء كما لا تشيد بالمزايا والمواقف الوطنية)..
ولا يتوقف الأمر عند شيطنة الإسلاميين، بل يتعداه للتحريض والاستعداء، يغري العسكر بسحق الإسلاميين صراحة (راجع في هذا: إبراهيم عيسى، ممدوح حمزة، هشام البسطويسي، أبو العز الحريري، حسام عيسى، تهاني الجبالي... وقائمة طويلة، وليس الغرض الاستقصاء!).. فالقوم لا يهمهم لا وطن ولا استقرار ولا حرية!
***
الإسلاميون
الإسلاميون مضطرون للوجود في وجه الأزمة لكثير من الاعتبارات منها: أنهم أصحاب الشعبية الأولى وربما نقول الوحيدة، كما أنهم الطرف المسحول دائما والمسحوق دائما والمهدد الأول بالتصفية والذبح في حال فشل الثورات، وهم قوم لا سند لهم من الخارج لا الإقليمي ولا الدولي، وهم أصحاب مشروع ورسالة لا يقف أمام تنفيذها إلا الحكم الاستبدادي!
التجربة الإسلامية حافلة بالمذابح، ليس في عهد عبد الناصر ولا السادات ولا مبارك فحسب، بل في كل الدول التي حكمها انقلاب عسكري، منذ باكستان وجمهوريات وسط آسيا شرقا، وحتى المغرب العربي غربا، ومن القوقاز والاتحاد اليوغوسلافي شمالا حتى أواسط إفريقيا جنوبا.. الحكم العسكري لا يسمح بوجود طرف قوي آخر، والطرف القوي في كل البلاد الإسلامية هم الإسلاميون!
وكما سبق في الحالة المصرية، فإنهم حُرِموا حتى من دخول نوادي القوات المسلحة فضلا عما كان ينزل بهم في المحاكمات العسكرية والسجون الحربية.. ثقتهم في العسكر صفر، بل وتحت الصفر، ويستوي في هذا الإصلاحيون والثوريون إلا قليلا من مشايخ لا عهد لهم بالسياسة فيخدعهم من يقابلهم بالحفاوة ويُظهر لهم بعض التدين!
الثوريون يعرفون أن فشل الثورة يعني عودة عهد عبد الناصر (ثمة أنباء تتسرب على فترات من أنه يجري بناء سجون جديدة تتسع لخمسين ألفا، ربما لا تكون صحيحة فالسجون في مصر كثيرة، وسواء صحت أو لم تصح، فهذا لا يغير من الواقع كثيرا) ولذا يعرفون أن معركة الثورة هي معركتهم المصيرية الفاصلة!
الإصلاحيون يظنون أن التفاهم والمساومة واكتساب الأرض شبرا شبرا يحقق لهم الغاية بدون الدخول في اشتباك، ورغم أن الأيام اضطرتهم في أكثر من موقف للتظاهر وإعادة إرسال رسائل "القوة الشعبية" إلا أن غاية مناهم ألا يضطروا لإعادة ثورة جديدة.. لعل الله يوفقهم ولا يكررون سيرة السابقين!
وما أبدته الأيام للإسلاميين من مفاجآت "علمانية" بانقلاب من كانوا يظنونهم "رفاق النضال" يجعلهم لا يستطيعون الاعتماد إلا على أنفسهم فحسب (حتى المجموعات الثورية الشبابية كان موقفها من استبعاد حازم أبو إسماعيل والشاطر من سباق الرئاسة سيئا ومفاجئا
إلى أبعد أحد).. وبعضهم يخشى من أن "أنفسهم وحدها" ليست كافية فلهذا يُحجِم، ويحاول الوصول إلى توافق وتفاهم مع الآخرين.. غير أن حصاد العام الماضي لا يبشر بخير على الإطلاق في هذا المسار
الخلاصـــــــــه
الإسلاميون الآن بين منزلتين: إما أصحاب الأخدود، وإما أصحاب طالوت.. وكلاهما منزلة محمودة عند الله، ولكن التعلم من الأخطاء ومن التاريخ واجب، والتقصير في هذا ذنب!
أصحاب طالوت انتصروا رغم أنهم فقط (313 فردا) في معركة غير متكافئة على الإطلاق، ولم يضرهم أن باقي القوم تساقطوا عبر الطريق.. إن النصر مع الصبر، وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله
مجموعات الشباب الإسلامي الثائر، عليهم مسؤولية تاريخية حقيقية.. فهم يكتبون التاريخ! إن اجتماعهم واتفاقهم والتنسيق بينهم وتوزيع المهام قد صار ضرورة وفرضا عينيا عليهم!
خلاصة المعركة القائمة في مصر
في مصر ثلاثة أطراف قوية لا غير: العسكر والإسلاميون والتيار العلماني، العسكر يمتلكون قوة السلاح، والإسلاميون يمتلكون القوة الشعبية، والتيار العلماني يملك قوة الإعلام!
وخلف المشهد تظل أمريكا فاعلة بالاشتراك المباشر سياسيا مع العسكر، وإعلاميا مع التيار العلماني الذي هو بالأصل ليس إلا أصواتا إعلامية عالية!
وتظل المجموعات الشبابية والثوار قوى موجودة على الساحة، ولكنها محدودة وضعيفة التأثير في السياق العام!
الشعب يريد التحرر من الاستبداد..
في الطريق إلى هذا التحرر تقف بعض الرغبات حجر عثرة، فالعسكر إن لم يحكموا بأنفسهم فهم يريدون حكما على الطريقة الباكستانية أو التركية أو الجزائرية بحد أدنى، والعلمانيون -في التحليل الأخير- يريدون حكما يظلون نجوما في سمائه وهم متقبلون لاستمرار حكم استبدادي عسكري بهذا الشرط ويرون في التيار الإسلامي تهديدا لهم، والإسلاميون انقسموا: فمنهم من رآها لحظة فارقة إن لم تؤسس لحرية حقيقية فهي بداية المذبحة القادمة، ومنهم من اتخذ الطريق الإصلاحي الرسمي فهو يتحرك دائما تحت السيطرة موقنا أنه ليس بالإمكان أبدع مما كان ولا يطمح إلا للحفاظ على الوجود!
بالنسبة للإسلاميين:
مشكلة التيار الإصلاحي أنه لا يتعلم من التاريخ، يظن دائما أنه أذكى ممن سبقه أو أن خصمه أغبى ممن سبقوه، أو أن الزمن تغير وأتى بفوارق مؤثرة، وهو عامة لا يستيقظ إلا على المذبحة ويترك ميراثا رائعا من المذكرات الشخصية أقلها يعترف بالخطأ وأكثرها يحمل المسؤولية للآخرين.
ومشكلة التيار الثوري أنه استيقظ متأخرا، وما زال يحاول جمع شتات نفسه وتنظيم أموره، وتنسيق الفئات التي تنضم إليه في كل يوم، وهو بإمكاناته المحدودة يحارب في كل الجبهات: العسكر دفاعا عن الحرية، والإعلام دفاعا عن الإسلام، والإصلاحيين دفاعا عن الثورة! وهو رغم هذا يحقق نتائج أفضل من المتوقع، ولكنها تظل أقل من المطلوب..
واستطلاع الأحوال في أطراف المعركة الثلاثة يؤدي إلى توقع مزيد من التوتر والمواجهة في الأيام القادمة!
***
العسكر
تستقر في الذهنية العسكرية ثوابت عميقة زاد ترسخها بطول فترة الحكم العسكري لمصر، منها أنهم: يرون أنفسهم الأحق بحكم هذه البلاد والتي لا يصلح لها شخص مدني (المدني عندهم هو من يفتقر إلى الحزم والضبط والقدرة على السيطرة) بل هي تحتاج إلى رئيس "مقاتل" (واللفظ لأحد المرشحين العسكريين للرئاسة).
والعلاقة بين العسكر والإسلاميين عدائية راسخة، فالجيش هو أحد أهم المناطق المحرمة على الإسلاميين، بل والمحرم على من فيها أن يكون له أدنى صلة أو شبهة بواحد من الإسلاميين، وتبلغ القطيعة إلى الحد الذي يُمنع فيه الملتحون والمنتقبات من مجرد الدخول إلى الأندية العسكرية ولو لحضور حفل زفاف!!
وكانت مهمة الأجهزة الاستخبارية العسكرية معتمدة على تنقية الصفوف ممن قد يكون على اقتراب نفسي من الفكر الإسلامي، فذلك هو الخطر الكبير الذي يوضع في سلم الأولويات الحاكمة لعمل هذه الأجهزة.. وبهذا كان العداء للإسلاميين محميا بالمراقبة والمتابعة والفحص!
القيادات العسكرية الحالية دخلت إلى الجيش في عهد عبد الناصر، وتولت مراكزها الأولى في عهد السادات، وترسخت في حكم مبارك.. هذه العهود الثلاثة لم تر في الإسلاميين إلا أعداء! ولا ريب في أن التكوين النفسي للقيادات المتحكمة لا يرى فيهم إلا هذا.
وإذا أضفنا إلى هذا ما حدث من تغير جوهري بعد توقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل بما نتج عنه حالة سكون راقد على الجبهة العسكرية، ثم انهيال المعونة الأمريكية بما نتج عنها من امبراطوريات اقتصادية عسكرية خارج سلطة الدولة، وبما نتج عنها من علاقات شخصية وودية ورسمية.. إذا أضفنا هذا إلى سياق الرؤية علمنا أن الإسلاميين يمثلون –في نظر القيادات العسكرية- تهديدا حقيقيا! لأنهم جمعوا بين المشكلتين: العداء لإسرائيل وأمريكا (بما يهدد حالة السكون الحربي) وطلب دولة حقيقية مستقلة (بما يهدد وجود نفوذ عسكري أو اقتصاد عسكري خارج سلطة الدولة)!!
ومنذ شهور والحديث في الكواليس يدور صراحة وبوضوح حول رفض واستحالة وجود رئيس إسلامي، وأما الحديث حول ميزانية عسكرية فهو يُقال علنا في وثائق يحيى الجمل وعلي السلمي وغيرهم!
العسكر يرون في الحرية تهديدا حقيقيا، وهم لا يقبلون برئيس ذو شخصية قوية أصلا، فضلا عن أن يكون إسلاميا!
***
العلمانيون
الفكر العلماني يتعارض جذريا مع الإسلام، والعلمانيون أصلا نشأوا في بلادنا بدعم من العسكر، منذ عهد محمد علي الذي استنبت حوله طبقة لا جذور لها لكي يقضي بها على الزعامات الشعبية (والتفاصيل تجدها عند الجبرتي والشيخ محمد عبده) حتى نجح في هذا بالفعل، وكانت سياسة محمد علي هي التي أدت إلى دخول البلاد في التبعية الغربية الضمنية حتى جاء الاحتلال الصريح، فاستمرت هذه الطبقة مرتبطة بالرؤية والفكر والمصالح الغربية، ولما ذهب الاحتلال كان قد وضع هؤلاء في مواطن التأثير ونوافذ الإعلام حتى وصلنا إلى اللحظة الحاضرة: النخبة في واد والشعب في واد آخر تماما، فلا كأنه يعرفهم وكأنهم منه!
وفي حالة المعركة يقف العلمانيون دائما –إلا النادر منهم- في صف الحكم المستبد ضد الحرية طالما ستأتي بالإسلاميين، وتعمل الصحف والفضائيات في تشويه التيار الإسلامي بكل ما استطاعت من قوة، وبكل ما أوتي الشيطان من افتراء (لا شك يعينها في هذا أخطاء حقيقية تقع من الجانب الإسلامي، ولكن العداوة الأصيلة لا تتوقف عند وقوع أخطاء كما لا تشيد بالمزايا والمواقف الوطنية)..
ولا يتوقف الأمر عند شيطنة الإسلاميين، بل يتعداه للتحريض والاستعداء، يغري العسكر بسحق الإسلاميين صراحة (راجع في هذا: إبراهيم عيسى، ممدوح حمزة، هشام البسطويسي، أبو العز الحريري، حسام عيسى، تهاني الجبالي... وقائمة طويلة، وليس الغرض الاستقصاء!).. فالقوم لا يهمهم لا وطن ولا استقرار ولا حرية!
***
الإسلاميون
الإسلاميون مضطرون للوجود في وجه الأزمة لكثير من الاعتبارات منها: أنهم أصحاب الشعبية الأولى وربما نقول الوحيدة، كما أنهم الطرف المسحول دائما والمسحوق دائما والمهدد الأول بالتصفية والذبح في حال فشل الثورات، وهم قوم لا سند لهم من الخارج لا الإقليمي ولا الدولي، وهم أصحاب مشروع ورسالة لا يقف أمام تنفيذها إلا الحكم الاستبدادي!
التجربة الإسلامية حافلة بالمذابح، ليس في عهد عبد الناصر ولا السادات ولا مبارك فحسب، بل في كل الدول التي حكمها انقلاب عسكري، منذ باكستان وجمهوريات وسط آسيا شرقا، وحتى المغرب العربي غربا، ومن القوقاز والاتحاد اليوغوسلافي شمالا حتى أواسط إفريقيا جنوبا.. الحكم العسكري لا يسمح بوجود طرف قوي آخر، والطرف القوي في كل البلاد الإسلامية هم الإسلاميون!
وكما سبق في الحالة المصرية، فإنهم حُرِموا حتى من دخول نوادي القوات المسلحة فضلا عما كان ينزل بهم في المحاكمات العسكرية والسجون الحربية.. ثقتهم في العسكر صفر، بل وتحت الصفر، ويستوي في هذا الإصلاحيون والثوريون إلا قليلا من مشايخ لا عهد لهم بالسياسة فيخدعهم من يقابلهم بالحفاوة ويُظهر لهم بعض التدين!
الثوريون يعرفون أن فشل الثورة يعني عودة عهد عبد الناصر (ثمة أنباء تتسرب على فترات من أنه يجري بناء سجون جديدة تتسع لخمسين ألفا، ربما لا تكون صحيحة فالسجون في مصر كثيرة، وسواء صحت أو لم تصح، فهذا لا يغير من الواقع كثيرا) ولذا يعرفون أن معركة الثورة هي معركتهم المصيرية الفاصلة!
الإصلاحيون يظنون أن التفاهم والمساومة واكتساب الأرض شبرا شبرا يحقق لهم الغاية بدون الدخول في اشتباك، ورغم أن الأيام اضطرتهم في أكثر من موقف للتظاهر وإعادة إرسال رسائل "القوة الشعبية" إلا أن غاية مناهم ألا يضطروا لإعادة ثورة جديدة.. لعل الله يوفقهم ولا يكررون سيرة السابقين!
وما أبدته الأيام للإسلاميين من مفاجآت "علمانية" بانقلاب من كانوا يظنونهم "رفاق النضال" يجعلهم لا يستطيعون الاعتماد إلا على أنفسهم فحسب (حتى المجموعات الثورية الشبابية كان موقفها من استبعاد حازم أبو إسماعيل والشاطر من سباق الرئاسة سيئا ومفاجئا
إلى أبعد أحد).. وبعضهم يخشى من أن "أنفسهم وحدها" ليست كافية فلهذا يُحجِم، ويحاول الوصول إلى توافق وتفاهم مع الآخرين.. غير أن حصاد العام الماضي لا يبشر بخير على الإطلاق في هذا المسار
الخلاصـــــــــه
الإسلاميون الآن بين منزلتين: إما أصحاب الأخدود، وإما أصحاب طالوت.. وكلاهما منزلة محمودة عند الله، ولكن التعلم من الأخطاء ومن التاريخ واجب، والتقصير في هذا ذنب!
أصحاب طالوت انتصروا رغم أنهم فقط (313 فردا) في معركة غير متكافئة على الإطلاق، ولم يضرهم أن باقي القوم تساقطوا عبر الطريق.. إن النصر مع الصبر، وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله
مجموعات الشباب الإسلامي الثائر، عليهم مسؤولية تاريخية حقيقية.. فهم يكتبون التاريخ! إن اجتماعهم واتفاقهم والتنسيق بينهم وتوزيع المهام قد صار ضرورة وفرضا عينيا عليهم!