آسر الصمت
11-06-2012, 11:53 AM
فور علمه برجوعي للشرقية .. جاءني علي الفور ليزروني .. عن صديقي الصدوق وأعز الأصدقاء أتحدث .. ولا غرو فهو صديق الطفولة البريئة والأيام الطاهرة الجميلة .. جلسنا سويا في حديقة بيتنا المتواضعة .. واستسلمنا للظلام وأغاني فيروز الملائكية .. وخضنا في تفاصيل طفولتنا وسط أكوام هائلة من دخان سجائره .. ورشفات من قهوتي السادة .. وضحكات وقهقهات طالما افتقدتها في الفترة الأخيرة ..!!
كنا صغارا .. نخبر أسرتينا بالذهاب إلي الدروس ليلا .. ولكننا كنا نهرب ( نزوغ ) إلي بعض حفلات الذكر – أي ذكر الله – للمتصوفة وحفلات استقبال مشايخ الطريقة التي يتبعونها .. ورغم طفولتي لم أكن أمتثل أبدا لبعض تقاليدهم مما جعلني محط استنكار ودهشة الجميع منهم .. !!
...
كان من تلك التقاليد التي خرجت عليها وخرقتها .. تقليد تقبيل شيخ الطريقة .. ( عمو مولانا ) .. كما كان يلقبه صديقي .. إذ صافحه الجميع ذات يوم مقبلين يداه عداي .. فمددت له يدي وصافحته بود واحترام ولكن بدون الانحناء علي يده أو تقبيلها .. ويومها راح مولانا يعظهم ويرد علي أسئلتهم .. وكان رجلا جم الأدب والشفافية وعظيم التواضع والبشاشة .. وهو ما كان يدعو البعض بالقول موجها حديثه لي : ( لو مبوستش إيد مولانا .. متجيش هنا تاني ) .. وأبدا لم أستسلم ..!!
ومن التقاليد التي كنت أخرج عليها أيضا الذكر .. القيام علي إيقاع إنشاد المنشد بالغناء بذكر الله .. مقررا بالتأكيد علي أنه حي .. أي أن الله حي .. وكانوا تارة أخري يغنون صياحا أثناء الذكر أو الرقص المتمايل .. الله .. الله .. الله .. الله .. فكنت أفضل البقاء جالسا كما كنت والاكتفاء بالفرجة والاندهاش والبحث الدائم عن مغزى أن نفعل ذلك وما فائدة ذلك بالنسبة لله .. هل يسره فعلا هذا العمل الغريب في نظري .. وهل يعقل أن يكون إله كل هذا الكون كله مسرورا من مثل هذا العمل الغريب ؟؟؟!!
كان ذلك يحدث بالقرية التي ولدت فيها .. والتي أحادثكم منها الآن .. – والحمد لله أن ذلك لم يعد يحدث – كان يحدث موكبا طويلا يدور حول القرية بالبيارق والدفوف والصاجات والطبل البلدي .. وبعض الرجال يلبسون ملابس ذات ألون غربية غير معتادة .. والموكب يضم رجالا وأطفالا صغارا .. والبعض يرفعون رايات خضراء وأخرى سوداء ... والرجال يصيحون الله .. الله .. الله .. وهم سائرون حول القرية .. وكانت النساء تقوم بإعداد الحلوى والشربات .. ناهيك عن الكميات الكبيرة جدا من الأكل ..!!
كان هذا الموكب هو الاحتفال السنوي .. بمولد سيدهم ( السلطان خضر ) .. وكنت أطرب لصوت الطبول الدفوف والغناء .. بينما رفاقي كانوا يذهبون إلي مقبرة المقبور ..ويقبلون حوائطها سائلين الله النجاح .. ويتصدقون وهم يغادرون ( المقام ) بجنيه أو اقل أو أكثر .. للفقيد السلطان.. الذي تروي عنه الأساطير .. أسخفها وأكثرها خرفا .. أن الفقيد كان يحارب أحد خصومه في معركة شرسة .. قام على إثرها أحد الجنود بضرب عنق السلطان .. فطارت في الهواء .. وظلت تطير وتطوف بلادا وبلادا .. حتى استقرت فوق هذه التبة العالية .. فبنوا فوق رأس الخضر مقاما .. ! ( وكأنك تقرأ أحد أساطير الأثينيين في سنة 400 قبل الميلاد !
كنت رغم سني .. أرفض هذا الخرف .. وكنت دائما ما أسأل نفسي عن مغزى ذلك وفائدته .. وكانت لدي قناعة بأنه لا يمكن أن تكون وراء ذلك فائدة أو مغزى ..
وظللت علي هذه الحالة .. حتى لقبني أستاذ الرياضيات ب ( سقراط الصغير ) .. ومن ثم أصبح الجميع ينادوني سقراطا .. والكل يعلم من سقراط إلا أنا :)
كنا صغارا .. نخبر أسرتينا بالذهاب إلي الدروس ليلا .. ولكننا كنا نهرب ( نزوغ ) إلي بعض حفلات الذكر – أي ذكر الله – للمتصوفة وحفلات استقبال مشايخ الطريقة التي يتبعونها .. ورغم طفولتي لم أكن أمتثل أبدا لبعض تقاليدهم مما جعلني محط استنكار ودهشة الجميع منهم .. !!
...
كان من تلك التقاليد التي خرجت عليها وخرقتها .. تقليد تقبيل شيخ الطريقة .. ( عمو مولانا ) .. كما كان يلقبه صديقي .. إذ صافحه الجميع ذات يوم مقبلين يداه عداي .. فمددت له يدي وصافحته بود واحترام ولكن بدون الانحناء علي يده أو تقبيلها .. ويومها راح مولانا يعظهم ويرد علي أسئلتهم .. وكان رجلا جم الأدب والشفافية وعظيم التواضع والبشاشة .. وهو ما كان يدعو البعض بالقول موجها حديثه لي : ( لو مبوستش إيد مولانا .. متجيش هنا تاني ) .. وأبدا لم أستسلم ..!!
ومن التقاليد التي كنت أخرج عليها أيضا الذكر .. القيام علي إيقاع إنشاد المنشد بالغناء بذكر الله .. مقررا بالتأكيد علي أنه حي .. أي أن الله حي .. وكانوا تارة أخري يغنون صياحا أثناء الذكر أو الرقص المتمايل .. الله .. الله .. الله .. الله .. فكنت أفضل البقاء جالسا كما كنت والاكتفاء بالفرجة والاندهاش والبحث الدائم عن مغزى أن نفعل ذلك وما فائدة ذلك بالنسبة لله .. هل يسره فعلا هذا العمل الغريب في نظري .. وهل يعقل أن يكون إله كل هذا الكون كله مسرورا من مثل هذا العمل الغريب ؟؟؟!!
كان ذلك يحدث بالقرية التي ولدت فيها .. والتي أحادثكم منها الآن .. – والحمد لله أن ذلك لم يعد يحدث – كان يحدث موكبا طويلا يدور حول القرية بالبيارق والدفوف والصاجات والطبل البلدي .. وبعض الرجال يلبسون ملابس ذات ألون غربية غير معتادة .. والموكب يضم رجالا وأطفالا صغارا .. والبعض يرفعون رايات خضراء وأخرى سوداء ... والرجال يصيحون الله .. الله .. الله .. وهم سائرون حول القرية .. وكانت النساء تقوم بإعداد الحلوى والشربات .. ناهيك عن الكميات الكبيرة جدا من الأكل ..!!
كان هذا الموكب هو الاحتفال السنوي .. بمولد سيدهم ( السلطان خضر ) .. وكنت أطرب لصوت الطبول الدفوف والغناء .. بينما رفاقي كانوا يذهبون إلي مقبرة المقبور ..ويقبلون حوائطها سائلين الله النجاح .. ويتصدقون وهم يغادرون ( المقام ) بجنيه أو اقل أو أكثر .. للفقيد السلطان.. الذي تروي عنه الأساطير .. أسخفها وأكثرها خرفا .. أن الفقيد كان يحارب أحد خصومه في معركة شرسة .. قام على إثرها أحد الجنود بضرب عنق السلطان .. فطارت في الهواء .. وظلت تطير وتطوف بلادا وبلادا .. حتى استقرت فوق هذه التبة العالية .. فبنوا فوق رأس الخضر مقاما .. ! ( وكأنك تقرأ أحد أساطير الأثينيين في سنة 400 قبل الميلاد !
كنت رغم سني .. أرفض هذا الخرف .. وكنت دائما ما أسأل نفسي عن مغزى ذلك وفائدته .. وكانت لدي قناعة بأنه لا يمكن أن تكون وراء ذلك فائدة أو مغزى ..
وظللت علي هذه الحالة .. حتى لقبني أستاذ الرياضيات ب ( سقراط الصغير ) .. ومن ثم أصبح الجميع ينادوني سقراطا .. والكل يعلم من سقراط إلا أنا :)