مشاهدة النسخة كاملة : الصـــــراع بــــــين الحـــــــــــــق و البـــــاطــــل


mohammed ahmed25
27-06-2012, 09:24 PM
منقول من::صيد الفوائد::
::::::::::::::::::
إن الحمد لله؛ نحمد, ونستعينه, ونستغفره, ونتوب إليه, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا, وسيئات أعمالنا . من يهده الله؛ فلامضل له, ومن يضلل؛ فلا هادى له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم , أما بعد ,,
فإن كل ما في الدنيا من أهواء, وأعمال, وآراء : متردد بين الحق والباطل, والهدى والضلال, والخطأ والصواب ؛ ومسألة الحياد في أمر الحق والباطل ؛ مسألة غير واردة , وحين يقول إنسان : أنا محايد بين الحق, والباطل ؛ يصنف في دين الله وشرعه في قائمة أهل الباطل , ولذلك يقول الله جل وعلاه : { فَذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ ...}سورة يونس ,
والحق والباطل بينهما صراع منذ أن خلق الله الإنسان, قال عز وجل: { يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى ( 117 ){ سورة طه ومنذ تلك اللحظة ابتلى الإنسان بكيد الشيطان, وصراعه معه, ومازال الشيطان يكيد لآدم حتى أهبط لهذه الدنيا, وهنا انتقل ميدان الصراع إلى هذه الأرض , يقول الله عز وجل : } بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ... ( 36 ) {سورة البقرة , وبعد هبوط آدم وحواء إلى الأرض ؛ ظلت أجيال من الناس على الهدى قرون طويلة يتوارثون الهدى والإيمان عن أبيهم آدم عليه الصلاة والسلام كما جاء في تفسير قول الله جل وعلا في سورة البقرة : } كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ ... ( 213 ) {سورة البقرة , قال ابن عباس : ( كان بعد آدم عشرة قرون كلهم على الهدى فاختلفوا فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين ) وهكذا جاء في قراءة ابن مسعود وأبى بن كعب ( كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فاختلفوا فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ ) وهذا أحد الأوجه في تفسير الآية, وبناء عليه نستطيع أن نقول : أن الأجيال التالية لآدم ظلت وفية للحق و للتوحيد الذي تلقته عن آدم عليه السلام حتى أثر فيهم هذا الشيطان؛ فانحرفوا عن التوحيد, واندرست معالمه, فاحتاج الأمر إلى بعثة نبي يجدد الإسلام والتوحيد فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين .

mohammed ahmed25
27-06-2012, 09:28 PM
وبعد بعثة هؤلاء الرسل عليهم السلام صارت الخصومة بين الرسل وأتباعهم, وبين أعداء الرسل من الشياطين و أتباعهم, ولذلك يقول الله تعالى : } وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ ... ( 31 ) {سورة الفرقان , فما من نبي يبعث إلا ويتصدى له أعداء من المجرمين, يضعون العراقيل في طريقه ويعترضون عليه بمختلف الوسائل,يقول الله جل وعلا: } وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ ( 112 ) وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ ( 113 ) {سورة الأنعام , وبعد بعثة النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم انحصرت الخصومة بين أتباع النبي صلى الله عليه وسلم وبين أعدائه , فالنبي صلى الله عليه وسلم كان له أعداء كثيرون من المجرمين,ومن الأكابر: } وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجَرِمِيهَا لِيَمْكُرُواْ فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ( 123 ) { سورة الأنعام ,وما أبو جهل, وعتبة, وأبو لهب, وشيبة, وغيرهم إلا أمثلة ,ونماذج لأعداء الرسل عليهم السلام, ثم الدين يحاربون دعوته صلى الله عليه وسلم عبر العصور إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها .

وبالمقابل بعد وفاة صلى الله عليه وسلم أصبح أولياءه : هم العلماء الذين ورثوا هديه , وتراثه , يقول النبي صلى الله عليه وسلم :[ إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ ] رواه أبو داود, والترمذي, وابن ماجه, والدارمي, وأحمد . و بين الله عز وجل أن هذه الأمة سيوجد فيها من يحمل الرسالة , فكلما جاء جيل قيض الله تعالى منهم من يحمل الراية , ويقيم الحجة على أهل هذا العصر , ولهذا يقول الله عز وجل في محكم التنزيل : } وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ ( 181 ) { سورة الأعراف , والاسم الخاص الذي ميز الرسول صلى الله عليه وسلم به هؤلاء هو : الطائفة المنصورة , قال صلى الله عليه وسلم :[ لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي مَنْصُورِينَ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ ] رواه الترمذي,وابن ماجه, وأحمد . يهدون بالحق, وبه يعدلون .

ويقابلهم أعداء الرسل يحاربونهم ويضعون في طريقهم الأذى , والشوك , فلا يضرونهم إلا بالتعب والجهد { لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأَدُبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ } سورة آل عمران.

mohammed ahmed25
27-06-2012, 09:36 PM
وأريد أن ألقي الضوء على بعض المسائل المهمة التي وردت في شأن الخصومة بين الحق والباطل في الآيات, والأحاديث :
المسألة الأولى: وهى مهمة للمسلم في هذا العصر: حركة الصراع بين الحق والباطل و فيها ملاحظات :
الملاحظة الأولى: هي الرابطة الوثيقة التي يتناصر بها أعداء الرسل : يقول الله تبارك وتعالى : { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ } كل هؤلاء مصنفون في عداد أعداء الأنبياء , ثم قال تعالى : } يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ... ( 112 ) { سورة الأنعام ويقول الله جل وعلا: } الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ { سورة التوبة , ويقول سبحانه: } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ ... (51 ) { سورة المائدة , فأعداء الرسل, أعداء الإسلام يتناصرون بمقتضى العداوة وقد يكون بينهم من الخلاف, والصراع الشيء الكثير لكنهم حين يواجهون الإسلام يكونون صفاً واحداً ....فاليهود والنصارى مثلاً : بينهم عبر التاريخ خصومات طويلة , ومع ذلك يقول الله عز وجل : } بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ ... (51 ) { سورة المائدة ,يعنى في حرب الإسلام , ومواجهته , وكما قال القائل :
وليس غريباً ما ترى من صارع هو البغي لكن الأسامي تجدد
وأصبح أحزابا تناحروا بينها وتبدوا في وجه الدين صفاً موحد
فهم حين يكون العدو هو الإسلام؛ ينسون خصومتهم الداخلية, والفرعية, ويوحدون الوجهة ضد الإسلام وأهله , فهذا أمر ملحوظ في ولاية أعداء الرسل بعضهم لبعض . و هذا يوجب على حملة الإسلام أنه لابد أن يكونوا أولياء بعضهم لبعض أيضا , وهناك فرق أساسي : بين ولاية الكافرين , وولاية المؤمنين : فولاية الكافرين مبناها على التعصب والهوى؛ لذلك يقول الله عز وجل: }الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ ... ( 67 ) {سورة التوبة , وكلمة : }مِّن { يقابلها الآية في الأخرى : }وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ ( 71 ) { سورة التوبة , وبادي الرأي قد يخيل للإنسان أن كلمة : { مِّن } هنا أبلغ , فكيف عبر الله تعالى عن علاقة المنافقين بأن بعضهم من بعض وأما علاقة المؤمنين , فقال : } بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ { هل معنى ذلك أن علاقة المنافقين ببعض أقوى من علاقة المؤمنين ؟ كلا, وإنما السر _ والله تعالى أعلم فيما ظهر لي _ : أن علاقة المنافقين ليست مبنية على منهج , وطريق صحيح يتوالون فيه , بل مبنية على الهوى , والتوافق على الباطل . وأما أهل الحق : فولايتهم مبنية على الحق , فهم أولياء لبعض في الحق , ولذلك لو تخلى أحد منهم عن الحق ؛ تخلوا عن ولايته ، وكذلك لو أخطأ إنسان لما كانت ولايتهم له موجبة لموافقته في الخطأ , ولذلك قال : } بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ { فهي ولاية نبوية على بصيرة , وليست عمياء على مجرد الهوى .
إنه لابد في كل عصر _ وفى هذا العصر بالذات وقد رأينا جميعاً كيف يتوالى أعداء الإسلام على حربه _ من التعاون بين المسلمين على البر والتقوى كما قال الله تبارك وتعالى : } إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ ( 4 ) { سورة الصف , هل تجد أبلغ من هذا الوصف والتشبيه . والبنيان المرصوص لا يمكن أن يجد فيه أحد ثغرة ينفذ منها , أو يتسلل .
والرسول صلى الله عليه وسلم يقول : [ الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ ] رواه البخاري، ومسلم, والنسائي, وأحمد .
فالواجب أن لا ينشغل المؤمنون بعضهم ببعض ؛ فإن الحاجة ماسة وداعية إلى أن يجتمع أهل السنة والجماعة تحت الراية الواحدة التي تجمعهم : مهما اختلفت اجتهاداتهم في المسائل الفقهية، و الأمور العملية, ومهما اختلفت اجتهاداتهم في الدعوة إلى الله جل وعلا, ومهما اختلفت بلادهم وآراؤهم, فهذه القضايا ليست مدعاة إلى أن يتفرق أهل السنة والجماعة . وأما إذا كان الخلاف خلافا عقدياً مبنيا على أصول , فهنا لابد من توضيح الأمر, لئلا يلتبس الحق بالباطل على الناس .
أما أن نتخذ من هذه الخلافات الجزئية الفرعية التي لا تؤثر سبباً للتفرق والخصومة والتنافر, وأن ينشغل بعضنا ببعض , فهذا ليس من الحكمة التي أمر الله تعالى بها.هل من الحكمة أن ينشغل المؤمنون والدعاة والصالحون _ مثلاً _ بالخلاف حول سنة من السنن, أو حول مسألة فقهية , ويتركوا أمرا هم يجمعون على أنه باطل وضلال ؟ ! هناك أشياء كثيرة يتفق أهل السنة والجماعة على أنها : منكرات وضلالات , بل منها ما يتفقون على أنها كفر بالله العظيم .. فلماذا لا يكون هناك تعاون في محاربة هذه الأشياء التي يتفق الجميع على أنها كفر أو ضلال, أو باطل, أو ما أشبه ذلك ... وهذا لا يعنى أننا نمنع الكلام في الأمور الفرعية , كلاً … لا مانع أن يتكلم الإنسان في قضية فرعية , أو في مسألة خلافية, فيبين الراجح من المرجوح بالأدلة, لكن الشيء الذي أقصده : أن لا يتحول هذا الأمر إلى سبب يوجب عدم التعاون بين المؤمنين في أمور يتفق الجميع على أنها يجب أن تقاوم , وتحارب .
وهناك كلمة يقولها البعض , وهى تحتاج إلى شيء من الإيضاح , فبعض الدعاة يقولون أحياناً : يجب أن يعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه , ونتعاون فيما اتفقنا عليه . وأقول: هذه الكلمة تحتاج إلى إيضاح فلا يجب قبولها, أو ردها بدون أن تحدد : ففي قضايا العقيدة أو الأحكام التي فيها الأدلة واضحة ,ثم يأتي إنسان فيقول فيها برأى من غير اجتهاد فلا يعذر في ذلك . وكذلك التعاون فيما اتفق عليه, فهذا صحيح في إطار أهل السنة والجماعة .
أما مع الطوائف الضالة, فلا, ولابد من وضوح الراية , وتميز المنهج , وليس من المعقول مثلاً: أن أقول : يجب أن نتعاون مع الرافضة فيما اتفقنا معهم فيه, فنتعاون معهم _ مثلا _ في حرب الشيوعية, فهذا غير صحيح, فلابد من وضوح الراية حتى يكون عند الناس تمييز بين الحق والباطل, فداخل إطار أهل السنة والجماعة يمكن أن يتعاون الجميع فيما اتفقوا عليه .