مشاهدة النسخة كاملة : البرلمان بين الإلغاء والإبقاء


راغب السيد رويه
10-07-2012, 03:38 AM
البرلمان بين الإلغاء والإبقاء


أصدرت المحكمة الدستورية العليا بتاريخ 14/6/2012 الحكم بعدم دستورية بعض نصوص القانون رقم 38 لسنة 1972 فى شأن مجلس الشعب , المستبدلة بالمرسومين بقانون رقمى 108و 120 لسنة 2011 , وبعدم دستورية نص المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 123 لسنة 2011 بتعديل بعض أحكام الأخير , وبسقوط نص المادة الثانية من المرسوم بقانون المشار اليه ,
وانتهت فى أسباب حكمها إلى أن " انتخابات مجلس الشعب قد أجريت بناءً على نصوص ثبت عدم دستوريتها , ومؤدى ذلك ولازمه – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن تكوين المجلس بكامله يكون باطلاً منذ انتخابه , بما يترتب عليه زوال وجوده بقوة القانون اعتباراً من التاريخ المشار إليه دون حاجة إلى اتخاذ أى إجراء آخر , وكان للحكم بعدم دستورية النصوص المتقدمة , وإنفاذاً لمقتضى الإلزام والحجية المطلقة للأحكام الصادرة فى الدعاوى الدستورية فى مواجهة الكافة , وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة طبقاً لصريح نص المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا ............. "
وبذات التاريخ نشر هذا الحكم فى الجريدة الرسمية , وبتاريخ 16/6/2012 أصدر المشير حسين طنطاوى رئيس المجلس العسكرى القرار رقم 350لسنة 2012 والذى ينص على أنه " نفاذا لحكم المحكمة الدستورية العليا الصادر يوم 14 يونيه يعتبر مجلس الشعب منحلآ اعتباراً من الجمعة 15 يونية . "
ومنذ اللحظة الأولى للنطق بهذا الحكم , ثارت حوله العديد من المشكلات والتناقضات , بعضها يستند إلى أسس قانونية , والبعض الآخر يركن إلى أيد لوجيات سياسية ترتبط بشكل أو بآخر بمعطيات المناخ الثورى التى بموجبها استرد الشعب كافة سلطات الحكم فى الدولة , بحيث أصبحت إرادته فى حل من كل القيود التى فرضها نظام ما قبل الثورة , وتخلص من كل وسائل الرقابة والوصاية التى فرضت عليه من قبل أى سلطة كانت , وكان مؤدى ذلك أنه وحده صاحب القول الفصل فى تقدير صحة أو بطلان أى عمل من أعمال السيادة التى استردتها إليه الشرعية الثورية .
أما من الناحية القانونية , فوفقاً للمادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 , والتى جرى نصها على أن " أحكام المحكمة الدستورية العليا فى الدعاوى الدستورية وقرارتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة , وتنشر الأحكام والقرارات المشار إليها فى الفقرة السابقة فى الجريدة الرسمية وبغير مصروفات خلال خمسة عشر يوماً على الأكثر من تاريخ صدورها , ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالى لنشر الحكم , فإذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقاً بنص جنائى تعتبر الأحكام التى صدرت بالإدانه استناداً إلى ذلك النص كأن لم تكن , ويقوم رئيس هيئة المفوضين بتبليغ النائب العام بالحكم فور النطق به , لإجراء مقتضاه . "
ووفقاً لما استقر عليه قضاء النقض فى شأن نفاذ أحكام المحكمة الدستورية العليا الصادرة فى الدعاوى
الدستورية أنه " ولئن كان يترتب على الحكم بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة عدم

جواز تطبيقه من اليوم التالى لنشر الحكم وفقاً لنص المادة 49 من القانون 48 لسنة 1979بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا , إلا أن عدم تطبيقه – وعلى ما ورد بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون – لا ينصرف إلى المستقبل فحسب , وإنما ينسحب على الوقائع والعلاقات السابقة على صدور الحكم بعدم دستورية النص , على أنه يستثنى من الأثر الرجعى الحقوق والمراكز التى استقرت عند صدوره بحكم حاز قوة الأمر المقضى , او بانقضاء مدة التقادم . "
نقض مدنى – الطعن رقم 1630لسنة 58 قضائية – جلسة 13/3/1991
وباستعراض ما تقدم , فإن للأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية فى الدعاوى الدستورية أثر رجعى ينسحب على الوقائع والعلاقات السابقة على صدورها , إلا أنه يستثنى من هذا الأثر الرجعى الحقوق والمراكز القانونية التى استقرت , والحقوق والمراكز القانونية إما أن يكون استقرارها لاحقاً على نشوئها , تكتسبه بأمر خارج عنها كحكم غير صادر بالإدانه يحوز قوة الأمر المقضى , أو بانقضاء مدة التقادم , وإما أن تكون مستقرة بذاتها منذ لحظة نشوئها مثل أعمال السيادة ومنها المسائل التى طرحت للإستفتاء الشعبى , وقد استقر قضاء النقض على أن " المسائل التى طرحت على الإستفتاء الشعبى تعتبر من أعمال السيادة لأنها تتعلق بصميم سيادة الحكم التى تمس مصالح عليا للبلاد , وقد استهدفت حماية الوطن وأمنه الداخلى ودفع الأخطار عن وحدته الوطنية وسلامه الإجتماعى ."
نقض مدنى – الطعن رقم 1596 لسنة 48 قضائية – جلسة 6/1/1983
ومن ثم فإنه لما كان مجلس الشعب هو النتاج الطبيعى لاقتراع شعبى عام , فإن كل ما يتعلق بوجوده وصحة تشكيله يكون من أعمال السيادة التى تتأبى على رقابة القضاء , ويكون بذلك مركزة القانونى مستقراً بذاته منذ لحظة نشوئه , ولا سيما أن الإعلان الدستورى المؤقت للبلاد والإعلانات الدستورية المكملة التى صدر الحكم المذكور فى ظلها لم تعطِ مكنة حل البرلمان لأى سلطة من سلطات الحكم فى الدولة , وهو ما يجعل وجود مجلس الشعب يشكل مركزاً قانونياً مستقراً يدخل فى نطاق الإستثناء الوارد على الأثر الرجعى لحكم المحكمة الدستورية , الأمر الذى لايمكن معه أن يمس حكم المحكمة الدستورية الصادر بحله , وجوده الذى يشكل مركزاً قانونياً مستقراً ويكون المجلس بذلك قائماً من الناحية الواقعية والقانونية .
ومن ناحية أخرى , فإنه لما كان قضاء محكمة النقض قد استقر على أن " أحكام وقرارات المحكمة الدستورية العليا الملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة هى وعلى ما تقضى به المادة 49من قانون إنشائها رقم 48 لسنة 1979 التى تصدر فى الدعاوى الدستورية وطلبات التفسيرفحسب , ولأن تعيين المحكمة الدستورية لجهة القضاء المختصة بنظر الدعاوى لا يكون ملزماً وفقاً لحكم المادة 31 من القانون سالف الذكر, إلا إذا كان بناءً على طلب كل ذى شأن فيها , وهو ما لا يتوافر فى النزاع الراهن ."
نقض مدنى – الطعن رقم 3212 لسنة 59 قضائية – جلسة 14/2/1991
فإن المشرع – وفقاً لما تقدم – يكون قد فرق بين الدعاوى الدستورية وطلبات التفسير التى تختص بها المحكمة الدستورية العليا وهى تمارس وظيفة الرقابة الدستورية على القوانين واللوائح , وبين الدعاوى الأخرى التى تختص بها بعيداً عن تلك الوظيفة , فجعل الأحكام والقرارات التى تصدر فى الطائفة الأولى ملزمة لجميع سلطات الدولة والكافة دون أن يتوقف ذلك على إرادة جهة أو سلطة بعينها , فى حين جعل الأحكام الصادرة فى الطائفة الثانية – كما هى القاعدة العامة – لا تكون ملزمة إلابناءً على طلب كل ذى شأن فيها , فإذا ما جاوزت المحكمة الدستورية العليا فى الحكم آنف الذكر حدود وظيفتها فى الرقابة الدستورية على القوانين التى قضت بعدم دستوريتها إلى مسائل أخرى لا صلة لها من قريب أو بعيد بتلك الوظيفة , بأن قضت ببطلان تشكيل مجلس الشعب , واعتباره غير موجود , فإن حكمها فى تلك المسائل لا يكون ملزماً إلا إذا طلب صاحب الشأن ذلك , فإذا انتفى ذلك الطلب فلا إلزام للحكم على احد فى هذا النطاق , ولا يكون لجهة أو سلطة الحق فى تنفيذه , ويكون بذلك قرار رئيس المجلس العسكرى باعتبار مجلس الشعب منحلاً نفاذاً للحكم المشار إليه منعدماً لافتقاده إلى السند القانونى الذى يقوم عليه , أحرى بمصدره أن يسحبه نزولاً على إرادة القانون , او أن يدعو الناخبين إلى الإستفتاء على حل المجلس نزولاً على إرادة الشعب كما حدث عقب صدور قضاء المحكمة الدستورية العليا فى الدعوى رقم 37 لسنة 9 قضائية " دستورية " ببطلان تكوين مجلس الشعب , وفى ذلك الخصوص تقول المحكمة الدستورية العليا أنه : " من المقرار أن المحكمة الدستورية العليا – بما لها من هيمنة على الدعوى – هى التى تعطيها وصفها الحق , وتكيفها التكييف القانونى الصحيح , متقصية فى سبيل ذلك طلبات المدعى , وكان المدعى بعد أن صدر قرار رئيس الجمهورية بدعوى الناخبين الى الإستفتاء على حل مجلس الشعب عقب صدور قضاء المحكمة الدستورية العليا الدعوى رقم 37 لسنة 9 قضائية " دستورية " ..................................... "
الدعوى رقم 5 لسنة 12 قضائية " دستورية " – جلسة 4/7/1992
---
بقلم المستشار / عماد محمد أبو هاشم
رئيس نيابة النقض

راغب السيد رويه
10-07-2012, 03:48 AM
انتباه... هذا قرار الرئيس


الخبراء الدستوريون بقدرة قادر ارتفع صريخهم على القانون الذي ضاع، ومستقبل مصر الذي صار مظلما، وينعون "القسم بالثلاثة" الذي أقسمه الرئيس محمد مرسي على احترام الدستور والقانون، وإذا به يصدرُ قرارا رئاسياّ بعودة مجلس الشعب الذي كان منتخبا، وصار منتهكا بجرّة قلم في إعلان دستوري مكمّل، ونتعجب أن تصدر "مؤسسة الرئاسة المعينة المكلفة" ـ المجلس العسكري ـ المؤقتة قرارا بهذا الحجم "حل مجلس الشعب" في 17 يونيو 2012 وشتّان بين المجلسين.
فأين كانت دستورية هذا القرار لدى الذين ارتفعت عقيرتهم بالتطاول على رأس الدولة لدرجة أن أحدهم وصف قرارالرئيس بالبلطجة وهم من هو المستشار "زكريا شلش" واعتبر سيادته كلمة البلطجة حرية رأي متاحة ، واعتقد أنه لم يكن يقدر أن يقولها في العهود الثلاثة السابقة سرا ولا جهرا .
بل وجدنا الصحف الحزبية وصحف رجال الأعمال والفضائيات التي كثرت وباخت تهاجم القرار وبطريقة فجّة يعوزها ميثاق شرف إعلامي محترم، والأسماء التي انبرت في مهاجمة القرار الجمهوري نادت ببطلانه ، ولم نجد أدراكا لديها أن القرار لم يكن موجهاً لحكم المحكمة الدستورية الذي سلق سريعا، ونشر في الجريدة الرسمية لحاجة في نفس يعقوب قضاها، ونقرأن القضاء في المحكمة الدستورية صار مسيّسا ، والقرار اعتمد في صدوره على التالي:
المادة الثامنة من الاعلان الدستوري الذي ينص على أنّه يحقّ لرئيس الجمهورية استدعاء المجالس النيابية المنحلة فى أوقات الضرورة مع تحديد موعد للانتخابات
وهذا ما حدث ... فقد تم استدعاء مجلس الشعب ـ الذي اختاره الشعب ـ بإرادة حرة وحدد موعدا للانتخابات النيابية خلال ستين يوماً بعد الاستفتاء على الدستور.
وأيضا اعتمد على أنّ هناك اتفاقية دولية وقعت مصرعليها نصت على أنه لايجوز حلُّ مجلس الشعب والمجالس النيابية عن طريق السلطات الاستثنائية، ويتم حلّها عن بالطرق القانونية المحدّدة لها بعد استفتاء المواطنين، ولا يخفى على الجميع أن المجلس العسكرى سلطة استثنائية وليست سلطة شرعية بالإضافة إلى أن المجلس العسكري لم يُستفت الشعب فى حله.
نكتشف أن الذين انبروا في مهاجمة "استعادة السلطة التشريعية" يتهمون القرار الرئاسي بأنه انتهاك لسيادة القانون! على غرار "تهاني الجبالي" المحامية والناشطة السياسية الناصرية التي ليس موضوع في كلامها من خلال الإعلام المسيس إلا الدعوة لاستئصال "التيار الإسلامي" بلا مبرر إلا أنها تصاب بحساسية من الإسلام أصلا .
وإذا بحثنا عن تواجدها في الدستورية نجد أنها معيَنة من قبل "سوزان ثابت" زوجة المخلوع نظرا لصلاتها الوثيقة بالنظام السابق والعشق والوله بالديكتاتورية والسلطة التي تقهر، وأيضا كان هناك اليساري السكندري الشهير "أبو العز الحريري" وهو من هواة الشو الإعلامي أيضا، والذي أصبح فجأة ايضا من المدافعين عن أركان الدولة ، و"محمد ابو حامد" من حزب نجيب ساويرس سابقا"المصريون الأحرار" ، والذي اتخذ الحزب معبرا إلى البرلمان على غرار الكثيرين، ولما انتهت المهمة استقال من الحزب وادعى البطولة مرات عديدة أمام الأضواء المبهرة للإعلام والشهرة ، وأيضا المستشار "فاروق سلطان" رئيس المحكمة الدستورية سابقا الذي اشار للحكم الدستوري دون أن يطلع على ما اشرنا إليه من المادة الثامنة من الإعلان الدستوري الذي ينص على أنّه يحقّ لرئيس الجمهورية استدعاء المجالس النيابية المنحلة فى أوقات الضرورة مع تحديد موعد للانتخابات.
ولا أظن أن من انتقد القرارالرئاسي كان يستطيع أن يتكلم بكلمة في وجود النظام السابق أو خلال العهود السابقة وإلاّ نزع عنه الإنعام السامي، ونكّل به فالذي يملك المنح ، يملك المنع ,اما في مناخ الحرية فليقل من يريد ما يشاء و"من أمن العاقبة أساء الأدب"، وهذا مما منحته ثورة 25 يناير للناس كافة، ويبدو أن الحرية لا تلائم الكثيرين، ويصرون أن يعودوا إلى الاستعباد وتكميم الأفواه الذي اعتاده الكثيرون، وصار من يتطاول على رمز الدولة دأب من حرموا كثيرا من حرية التعبيربعدما أخذوا حبوب الشجاعة.
نريد ممن وافق ومن رفض القرارالرئاسي أن ينظر في صالح مصر الجديدة، ولا نشك أن الرئيس سيكون يوما ديكتاتورا لأنه ذاق مرارة الاعتقال مرارا بخلاف من كان يسير جنب الحيط أو داخل الحيط، في ظني أنه لا يفكر الرئيس أن يحرم أحداً من نعمة الحرية، وعلينا كشعب ونحن بصدد استعادة حريتنا، نريد أن نثبت للعالم أننا سلبنا الحرية فظهر فينا أسوا ما يصف الناسُ، وانتزعنا الحرية فحريٌّ بنا أن تكون لدينا صفات رائعة تليق بمصر.