مشاهدة النسخة كاملة : النهي عن المنكر.. الفريضة المظلومة من الجميع


abomokhtar
12-07-2012, 12:13 AM
بقلم د/ ناجح إبراهيمhttp://egyig.com/Public/articles/scholars/9/images/419993890.JPG
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة عظيمة أساء إليها أصحابها بتجاوزهم لأحكامها وانصرافهم عن فقهها العظيم وعدم تفاعلهم الجيد للجمع بين واجباتها الشرعية وواقع مجتمعاتهم.. وأساء إليها أيضا ً من أنكرها ولم يعترف بفرضيتها وأهميتها نتيجة تجاوز البعض والخطأ في ممارستها.
وقد شرع الله فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لرد الظلم ومحاربة الفساد ومقاومة وردع الظالمين "وأطرهم علي الحق أطرا ً" .. وهي تعد حماية داخلية للمجتمع من الظلم والفواحش التي تنخر في جسده .. وشرع الله فريضة الجهاد لحماية المجتمع والدولة من أعدائها الخارجين .
ويعد الإعلامي أو الصحفي الذي يقول للظلم " لا " داخلا ً في هذه الفريضة .. والموظف الذي يحارب الرشوة ينضوي تحت لوائها .. والثائر السلمي الذي يقول للحاكم " لا " ويرده عن ظلمه من أهلها .. وكل الثورات السلمية ضد الحكام الظلمة هي من باب النهي عن المنكر.. وهي من أعلى مراتبه .. فإن قتله الحاكم فهو سيد الشهداء وأعلاهم مكانة وقدرا ً .. قال (صلي الله عليه وسلم) "سيد الشهداء حمزة ورجل قام إلي إمام جائر فأمره ونهاه فقتله".. وقد فسر العلماء العلة في سيادته على الشهداء جميعا ً أن الشهيد في الحرب يدخل المعركة باحتمالين هما النصر أو الشهادة .. أما الثائر أو الداعية أو العالم الذي يواجه الحاكم الظالم ويأمره بالعدل وينهاه عن الظلم فإنه يدخل هذه المعركة باحتمال واحد وهو الموت أو القتل.. لذلك نصبه رسول الله (صلي الله عليه وسلم) "سيدا ً للشهداء" .
ومن أهم القواعد الفقهية للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ما نص عليه جمهور الفقهاء من أن التغيير باليد يكون للحاكم فحسب .. ولا يجوز لآحاد الرعية تغيير المنكرات باليد حتى لا تسود الفوضى ويتقاتل الناس وتعم الفتن .
أما التغيير باللسان فهو للدعاة والعلماء والمفكرين وأرباب اللسان والقلم .
أما التغيير بالقلب .. فهو يعني مقاطعة المنكر فهي لعوام المسلمين جميعا ً.. وتعني أنك إذا لم تستطع إزالة المنكر فزل عنه.. ويلخصه الفقهاء بكلمة رائعة " إذا لم تزل المنكر فزل عنه " .. وهذا يدخل في باب مقاطعة الشعوب لمنتجات الدول التي تبغي في الأرض أو تحتل بلاد المسلمين .. والتغيير بالقلب من أقوى الوسائل للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عكس ما يتصور البعض.. وقد فعله الشعب المصري مرارا ً ومنها على سبيل الحصر مقاطعته للمنتجات البريطانية أثناء الاحتلال الانجليزي لمصر .. ومقاطعته للبضائع الأمريكية أثناء الاحتلال الأمريكي للعراق .. ومقاطعته للسلع الدانمركية أثناء بعد الرسوم الدانمركية المسيئة للرسول (صلى الله عليه وسلم) .
وهذا يتوافق مع مبادئ الدولة الحديثة التي تحظر حمل واستخدام السلاح إلا للشرطة للأمن الداخلي.. والجيش للأمن الخارجي .. ففقهاء الإسلام من السلف الصالح كانوا على أعلي مستوى سياسي قبل أن تخرج للوجود نظريات الدولة الحديثة .
نص فقهاء الإسلام على أنه لا يجوز تغيير المنكر بمنكر أكبر أو أشد منه .. فلا يجوز أن أغير صغيرة بكبيرة .. ولا كبيرة بأكبر منها .. ولا كبيرة بشرك أو كفر .. فلا يجوز تغيير منكر يقوم فيه شخص بتقبيل امرأة لا تحل له بقتله .. فالمنكر صغيرة وقتله من أكبر الكبائر .. ويشبه الفقهاء من يفعل ذلك مثل بمن يغسل الطين من ثوبه بالبول أو الدم .. فهل ندرك ذلك قبل فوات الأوان؟.