مشاهدة النسخة كاملة : مثوبة الله ليست في كلمات تقال ومظاهر تقام


abomokhtar
24-07-2012, 11:28 PM
بقلم/ تراجي الجنزوري
http://egyig.com/Public/articles/road/9/images/431258450.jpg

التدين الحق في النفوس قبل النصوص.. وأن يكون حالا قبل أن يكون شعارا
وإن تدينا يجعل صاحبه خالي الوفاض..منتوف الريش..لا يجد ما ينتعل به.. لهو تدين مزيف وعندنا سبعون صناعة تتعلق بالبترول واستخراجه والانتفاع بمشتقاته.. لا نعرف منها شيئا.. فهل تخدم عقيدة التوحيد وما يبنى عليها بهذا العجز المهين؟
هب.. أنه قيل لكل شيء في البلاد الإسلامية:
عد من حيث أتيت.. النتيجة سيمشي الناس حفاة عراة.. لا يجدون – من صنع أيديهم – ما يكتسون.. ولا ما ينتعلون.. ولا ما يركبون..ولا ما يستضيئون.. وربما يصل بهم الأمر أن يموتوا جوعا ً.. حيث أن بلادهم ليس لديها القدرة على الاكتفاء الذاتي من الحبوب.
أيها الأحبة..
إن الله لا يقبل تدينا ً يشينه هذا الشلل.. وإن إسلامنا الذي ننتمي إليه ليرفض هذه الطفولة التي تجعل غيرنا يطعمنا ويداوينا.. ويمدنا بما شاء إذا شاء وقت شاء.
فنحن في سباق الحياة مهزومون.. حيث شوهنا معنى التدين فانهزمنا بجدارة.. فارتفاع الأمم وانخفاضها يرجع إلى قوانين صارمة وأقدار جادة.. وسنن الله لا تحابي أحداً.
واجب علينا أن نمتلك ناصية الحياة بعلم واقتدار.. عندها نقدر على نصرة الحق الذي نعتنق.. أما قبل ذلك فهيهات هيهات.
فسوف يسبقك الدهاة والشطار.. وكما قيل: "لن تكون الكلمة من الرأس حتى تكون اللقمة من الفأس".
فمن المستحيل إقامة مجتمع ناجح الرسالة إذا كان أصحابه جهالاً بالدنيا.. عجزة في الحياة.. فالصالحات المطلوبة.. تصنعها فأس الفلاح وإبرة الخياط.. وقلم الكاتب.. ومشرط الطبيب.. وقارورة الصيدلي.
إن مجتمعا ناجح الرسالة.. يصنعه الغواص في بحره.. والطيار في جوه.. والباحث في معمله.. والمحاسب في دفتره .
الحياة الناجحة.. يصنعها المسلم صاحب الرسالة وهو يباشر كل شيء.. ويجعل منه أداة لنصرة ربه وإعلاء كلمته.
أيها الأحبة..
إنه لفشل زريع مازلنا ندفع ثمنه باهظا ً عندما خبنا في ميادين الحياة.. وحسبنا أن مثوبة الله في كلمات تقال ومظاهر تقام وشعارات ترفع وهتافات تردد.
أيها الكرام.. "ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب"
إن الكدح لله لابد وأن يتجاوز المسجد.. ليتناول الحقل والمصنع والمرصد والدكان والديوان والبر والبحر والجو.. لابد وأن يشمل كل ما يكتب ويسمع.
الإسلام رسالة توجب على معتنقيها أن يجعلوا مجتمعهم أجدر بالحياة.. وأقدر على النجاح.. وكل ما يعين على ذلك فهو دين.
فبالنظر إلى العبادات السماوية نجد أن أداءها لا يستغرق في اليوم والليلة سوى نصف الساعة.. وتعاليمها لا تستغرق سوى صفحة أو صفحتين.. ثم يبقى الزمن بعد ذلك فسيحا ً.. والمجال رحبا ً واسعا ً لفهم الحياة واكتشاف طاقاتها وتسخير ما بها كلا ً وجزءً لخدمة الدين.
واعلم.. أن كل جهد يبذل في ذلك يسمى شرعا ً عملا ً صالحا ً.. وجهاداً مبرورا ً.. وضميمة إلى الإيمان تؤهل المرء لرضوان الله.
ولعلك تجد أستاذا كالدكتور أحمد زويل فهم هذه القضية فهما ً عميقا ً وجعلها مثالا ً واقعا ً في حياة الناس.. وكذلك الدكتور فاروق الباز.. فقدموا أمثلة حية للتدين الحق في هذا المجال.
أيها الأحبة..
إن هذا الدين جد لا يحتمل الهزل.. وحزم لا يحتمل التمييع.. وحق في كل نص فيه.. وفي كل كلمة فيه.. فمن لم يجد في نفسه هذا الجد وهذا الحزم.. فما أغنى الدين عنه والله غني عن العالمين.
إن إقامة دين الله تعالى تتطلب مقادير عالية من اليقين والإخلاص ونقاوة الصلة بالله تعالى.. كما تتطلب خبرة رحبة بالحياة والناس والأصدقاء والخصوم.. ثم حكمة تؤيدها العناية العليا في الفعل والترك.
فواجب على كل مؤمن أن يكون عالما بزمانه.. حافظا ً للسانه.. مقبلا ً على شانه.. وذلك هو التدين الحق .
لذلك لا يعد في الدعاة رجل قليل البضاعة في التاريخ السياسي للإسلام.. أو التاريخ التشريعي له .
لا نستطيع أن ننظم في سلك الدعاة امرءً لا يعرف عن العالم المعاصر شيئا ً..ولاعن الفلسفات التي تحكمه.. ولا أسرار رجحان الإسلام عليها.
أيها الأحبة..
شتان لا سيان.. بين التدين الحق والتدين المزيف.. فبينهما بعد المشرقين .
فلنسع جاهدين بأن نجعل تديننا تدينا ً حقا ً